الأحد، 27 يناير 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2804 du 27.01.2008
 archives : www.tunisnews.net
 

 


حركة النهضة تطالب بفتح تحقيق في سياسة الإهمال الصحي الحزب الديمقراطي التقدمي: نعي للقائد الفلسطيني والعربي البارزالدكتور جورج حبش المكتب الفدرالي للاتحاد العام لطلبة تونس: بلاغ إعلامي طلبة تونس: أخبار الجامعة ا ف ب: تونس: محاكمة مجاهدين من مجموعة متورطة في مواجهات وات: انطلاق اشغال لجان التفكير المحلية والجهوية للإعداد للمؤتمر الخامس للتجمع الدستورى الديمقراطي رويترز: مجموعة الراشيدية تكرم المغني التونسي الراحل علي الرياحي رويترز: اكتشاف مقبرة تعود للقرن الرابع قبل الميلاد في تونس القبس: زوج تونسي يطلب الطلاق من زوجته لتغلبها عليه في العراك رويترز: كوميدي فرنسي يفتتح مهرجان الضحك بتونس نجيب الشابي: الديمقراطية المؤجلة والشبح الكيني د. حسين الباردي: العقل عقلان: عقل « بُرهاني » (نسبة إلى برهان بسيّس) وعقل إنساني محمد البشير بوعلي : »إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما » محمد العروسي الهاني : تنصّر فئة من الشبان و الطلبة التونسيين حقيقة ثابتة- و اين موقف رجال الدين و الاعلام ركن « في رحاب العدالة » بجريدة « الصباح » :حول الجلسة العامة لمجلس الهيئة الوطنية للمحامين جريدة « الصباح »:عدول الإشهاد: «مهنتنا مهدّدة بالاندثار.. وفي طريقها إلى الزوال» جريدة « الصباح »: تحفظات عديدة حول مشروع القانون التوجيهي للتعليم العالي… ودعوة إلى إرجاء عرضه على مجلس النواب جريدة « الصباح »:حول المحاكمة الظالمة لبن صالح و«جماعته» جريدة « الصباح »:مصر.. البهيّة!! جريدة « الصباح »:حول «ذو القرنين» وأصحاب الرسّ وطن: الجزائر تطارد زميلنا الصحفي انور مالك عن طريق الأنتربول وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب :الأميركيون ضبطوا في العراق لوائح جهاديين أجانب ا ف ب: الجيش الأميركي يضبط لوائح مجندين أجانب فـي تنظيم (القاعدة) بالعراق الجزيرة.نت: تحذير أوروبي من عرض فيلم مسيء للقرآن بهولندا د. رجاء بن سلامة: في الوضعيّات النّكوصيّة وفي أنّ سبب الجنون هو توحّد الأصل بالمصير دلال البزري: أنشودة عربية واحدة… « لا نحتاج دروساً في الديموقراطية »

 


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم وماساة عائلاتهم متواصلة بدون انقطاع منذ ما يقارب العقدين. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين اعتقلوا في العامين الماضيين ف رجا قريبا عاجلا- آمين  

21- رضا عيسى

22- الصادق العكاري

23- هشام بنور

24- منير غيث

25- بشير رمضان

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1 الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش

 


بسم الله الرحمن الرحيم

حركة النهضة تطالب بفتح تحقيق في سياسة الإهمال الصحي

 

تنعى حركة النهضة، بقلوب مطمئنة راضية بحكم ربها ساخطة على الظلم، الشهيد الأخ الطاهر الشاذلي الضحية الثالثة خلال الأسبوعين الأخيرين الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى يوم الخميس 24 جانفي 2008 بعد صراع مرير مع السرطان إثر الإهمال الصحي المتعمد من طرف سلطة السابع من نوفمبر

ـ إن حركة النهضة التي قدمت خيرة أبنائها بين شهيد وسجين ومشرد من أجل أن ينعم وطننا الحبيب تونس بالحرية وأن يتسع لكل أبنائه وبناته ، تعاهد كل شهدائها أنها ستحافظ على المبادئ التي ضحوا من أجلها وأنها ستستمر في نضالها ضد استبداد السلطة حتى تتحقق مطالب الإصلاح الديمقراطي وتطوى صفحة الظلم الأسود الذي عاشته تونس تحث سلطة السابع من نوفمبر

ـ لا تملك إلا أن تجدد الطلب بحملة وطنية تشارك فيها كل الأحزاب والمنظمات الحقوقية والشخصيات الوطنية لانقاذ المساجين المرضى وأن كل توان في هذا الدعم قد يجلب معه ضحايا جدد لسياسية الإهمال الصحي

ـ تشد الأنظار إلى النتائج الخطيرة لسياسة الإهمال الصحي التي بدأت تتوسع  فقد سجلت الحركة استشهاد أربعة إخوة خلال الشهر الأخير والقائمة مفتوحة لا يعلم إلا الله من المرشح المقبل. وأمام تفاقم ظاهرة الوفيات فإن الحركة تطالب بفتح تحقيق جدي مستقل في أسباب هذه الوفيات وتطالب بمحاكمة كل مسؤول سياسي أو إداري أو صحي تثبت مسؤوليته عن كل إهمال صحي لحق بالمساجين

ـ تتقدم لعائلة الأخ الشهيد الطاهر الشاذلي بأحر التعازي وتسأل الله العلي القدير أن يلهمهم جميل الصبر والسلوان وأن يتقبل الشهيد في فراديس الجنان

قال تعالي  » من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا »

لندن

27 جانفي 2008

رئيس الحركة

الشيخ راشد الغنوشي


الحزب الديمقراطي التقدمي

10، نهج إيف نوهال – تونس

الهاتف: 71332194

 

نعي للقائد الفلسطيني والعربي البارز

الدكتور جورج حبش

 

فقدت الأمة العربية وحركة التحرر العربي والعالمي بوفاة القائد الكبير الدكتور جورج حبش علما من أعلامها البارزين. وكان لهذا القائد الذي برز في ساحة النضال الفلسطيني والعربي منذ كان طالبا في الجامعة الأمريكية ببيروت مع ثلة من الشباب التقدمي، دور أساسي في تأسيس حركة القوميين العرب ثم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وشكل على امتداد نحو نصف قرن أحد رموز المقاومة والصمود ليس فقط في الساحتين الفلسطينية والعربية وإنما أيضا في الساحة العالمية، مما جعل الأعداء يضعون الخطة تلو الخطة لمحاولة التخلص منه ونصب الكمائن لاعتقاله، بما في ذلك تحويل وجهة الطائرات المدنية.

 

كما كان القائد الراحل الصوت المرتفع دوما ضد التفريط في الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، وخاصة القدس الشريف، والضمير الرافض لأي تسوية غير عادلة  للقضية  الفلسطينية حتى لُقب عن حق بـ »ضمير الثورة الفلسطينية ».

 

والحزب الديمقراطي التقدمي إذ ينعى هذا الزعيم البطل ببالغ الأسى والحسرة، ينحني إجلالا لروحه الطاهرة، ويتوجه لأفراد اسرته ورفاقه في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ولجماهير الأمة العربية بأحر التعازي، مؤكدا أن كل أبناء الشعب الفلسطيني هم جورج حبش.

 

وإن رحيل الحكيم في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها القضية الفلسطينية وخاصة جراء الحصار الجائر المفروض على أبناء غزة، يفرض على جميع الفصائل رأب الصدوع في الصف الفلسطيني والإحتكام إلى الديمقراطية وتكتيل الصفوف في مواجهة الإحتلال لتجسيد حُلم الوحدة الوطنية الذي نذر القائد الراحل حياته لتحقيقه وبذل في سبيله جسيم التضحيات.

  

تونس، في 27 جانفي ‏2008

 

الأمين العام المساعد

رشيد خشانة


 

بلاغ إعلامي  
 
تونس في 27/01/2008 يتعرض مناضلو الفصيل الطلابي النقابيون الراديكاليون إلى هجمة منظمة من قبل البوليس السياسي في جهات بنزرت –تونس- صفاقس- قابس خلفت عديد المطرودين و المسجونين بتهم كيدية ترجمتها محاكمات جائرة و مجالي تأديب تعسفية لإلجام الأصوات الحرة و الضمائر الحية التي اختارت النضال صلب الاتحاد العام لطلبة تونس  منظمة لها تاريخها و انجازاتها ليصل الأمر إلى السجن (شاكر عواضي-عفيف الهادفي-عصام السلامي-الشادلي الكريمي- حسين بين عون –ربيع الورغي- نزار بوجلال-نجيب الدزيري-علي بوزوزية- عمار العطافي…..),و الطرد(عصام السلامي- ربيع الورغى- حسين بن عون- الشادلى الكريمى- لسعد الكيلانى…..) ومحاولة القتل التي تعرض لها الرفيق علي بوزوزية والمساومة مع عائلات المناضلين بطرق مختلفة.في حين هناك جهات على قياس أصحابها تتآمر و تسرق لتعم الفوضى وتتفشى مظاهر الفساد والمحسوبية و الرشوة في أكثر من مناظرة و انتداب و جهات أخرى احترفت التضليل والكذب وكأن الذاكرة مثقوبة ولا نعلم من هم أعداء الجامعة والبلاد ومن هم أصدقاء الشعب.  المحاكمات و سياسة  ونحن كطلبة ومناضلين ندين تورط البوليس السياسي والإدارة والقضاء ونؤكد أن سياسة مجالس التأديب غير قادرة على إلجام أصواتنا وأن الهروب إلى الأمام وسياسة الانغلاق تعقد المناخ الجامعي و الحل يكمن في فتح حوار جدي و مسؤول لما فيه خير للجامعة و البلاد و أمام هذه الأوضاع و الأحداث الخطيرة و تعامل سلطة الإشراف بسلوكها القمعي تجاه الملفات الطلابية العالقة منط ثلاث سنوات نعلن الآتي: 1- رفضنا المطلق للمحاكمات الجائرة ونطالب بقضاء نزيه . 2- إطلاق سراح رفيقنا المسجون و إيقاف جميع التتبعات بحقه. 3- نندد بالاعتداء الطي تعرض له الرفيق علي بوزوزية . 4- ندعوا مكونات الحركة الطلابية للدفاع عن مناضليها. عاش الاتحاد العام لطلبة تونس
المكتب الفدرالي للاتحاد العام لطلبة تونس المعهد العالي للدراسات التكنولوجية بصفاقس حسام الدين الجلاصي

 


طلبة تونس

WWW.TUNISIE-TALABA.NET

 

السنة الثانية:  العدد رقم 8 ليوم الجمعة 25 جانفي 2008

 

أخبار الجامعة

 

 الحركة الطلابية و أحداث غزة :

 بالرغم من تقلص حضور الطلبة في مختلف المؤسسات الجامعية و الناتج عن الانتهاء من إمتحانات السداسي الأول و رجوع أغلب الطلبة إلى مواطنهم الأصلية فقد بادرت بعض التيارات السياسية إلى تنظيم إجتماعات عامة و تحركات مختلفة مساندة لأهلنا في غزة في مواجهة الحصار و الإجرام الصهيوني و انتظمت في هذا الإطار اجتماعات عامة يوم الخميس 24 جانفي 2008 في مطعم المركب الجامعي بتونس و في المعهد التحضيري للدراسات الهندسية بمونفلوري  ( تونس ) و في المعهد التحضيري للدراسات الهندسية بصفاقس  ….

و قد تطرق المتدخلون إلى واقع الإحتلال الصهيوني و جرائمه ضد شعبنا الفلسطيني و معاناة أهلنا في غزة في ظل الحصار الرهيب الذي يشترك فيه الصهاينة مع العديد من الأنظمة العربية المتخاذلة و دعوا إلى التضامن معهم و  نصرتهم بكل الأشكال المتاحة

وللتواصل مع أهلنا في غــزة يمكنك أن تركب رقما هاتفيا مكونا من الأرقام المذكورة أدناه و تضيف إليها على اليمين ستة أرقام تختارها بصفة عشوائية فستجد على الخط طالبا أو موظفا أو عاملا أو ربة بيت أو طفلا أو شيخا ممن عايشوا  نكبة 1948 ….. فبادر إلى الحديث معهم و إبراز أحاسيسك و مشاعرك تجاههم و تجاه قضيتنا الإستراتيجية ، قضية فلسطين و إذا كان في إمكانك مد يد المساعدة إليهم بشكل أو بآخر فلا تتردد في ذلك… و هذا أقل واجب نؤديه 

الإتصال يكون على النحو التالي :

 

  .  .  .  .  .  .  2  8  2  7  9  0  0

                                    

سارع إلى الإتصال من الآن و لا تؤجل ذلك إلى الغد …. 

 

تلامذة الأقسام النهائية يضربون عن الدراسة :

شهدت العديد من المعاهد الثانوية يومي الخميس 24  و الجمعة 25 جانفي 2008  إضراب تلامذة الباكالوريا عن الدراسة احتجاجا على ما يقولون أنه  » تقليص لفترة المراجعة  » التي تسبق امتحان الباكالوريا و قد تناقل التلامذة و بصفة مكثفة أخبارا عن اعتزام وزارة التربية تقليص الفترة الزمنية المحددة للمراجعة و مما أعطى للخبر بعض المصداقية هو الصعوبات الكبيرة التي يلقاها الأساتذة حاليا لإتمام البرامج الجديدة وشعورالتلامذة بضغط الدروس بسبب حصص التدارك المتكررة التي أرهقت الجميع و خاصة الأساتذة 

و من المعاهد التي أضرب بها تلامذة الأقسام النهائية معاهد  » الوردية  و  » المروج  » و ….

علما و أنه تقرر إجراء امتحان الباكالوريا انطلاقا من يوم 4 جوان 2008 على أن يتم تمكين المترشحين لهذه المناظرة من راحة بيومين مباشرة بعد الثلاثة أيام الأولى من المناظرة  

أما الإمتحان التمهيدي للباكالوريا فسينطلق يوم 7 ماي القادم …

 

إضراب أساتذة التعليم الثانوي : نجاح رغم الظغوطات ….

ذكرت مصادر النقابة العامة للتعليم الثانوي أن نسبة الإضراب الذي تم يومي الإربعاء 16 و الخميس 17 جانفي 2008 بلغت حدود الـــ 68 في المائة و ذلك بالرغم من المضايقات و الضغوطات و حتى التهديدات المبطنة و العلنية التي مارستها السلط الجهوية و المحلية على العديد من الأساتذة في طول البلاد و عرضها لإثنائهم عن المشاركة في الإضراب إلا أن هذا النجاح لا يجب أن يحجب التقصير و حتى التهاون الذي أبداه بعض الممثلين النقابيين في توضيح أهداف الإضراب و خلفياته فعملية التحسيس لم تكن بالشكل المطلوب و لم تمس عددا كبيرا من الأساتذة … هذا من ناحية و من ناحية أخرى يجب التـأكيد على أن العمل النقابي عمل متواصل و ليس مناسباتي فالعلاقة بالقاعدة الأستاذية يجب أن يكون على مدار السنة و خاصة عملية التثقيف النقابي فهي تحتاج إلى مجهود دائم لا يفتر و الإعلام يحتاج إلى مجهود أكبر حتى يكون الأستاذ على اطلاع بما يحصل على مستوى الساحة النقابية 

يبقى أمر أخير مثيرللسخرية و يدخل في باب الضحك على الذقون وهو المتعلق بالنسبة التي أعلنتها وزارة التربية للإضراب حيث ادعت بأنها لم تتجاوز الـــــ 8 في المائة ومن تجول في المعاهد يومي الإضراب يتضح له الفارق الكبير بين الواقع و الرقم المقدم …. و الأمرلا يستغرب ممن يريد القضاء على العمل النقابي …..

 

محاكمات الطلبة :

أصدرت المحكمة الإبتدائية ببنزرت يوم الثلاثاء 22 جانفي 2008 حكمها على الطالب ربيع الورغي عضو الإتحاد العام لطلبة تونس و المطرود من الدراسة بكلية العلوم ببنزرت بسبب نشاطه النقابي و قد تمثل الحكم في ثلاثة أشهر و نصف سجنا و تقول اللجنة الوطنية للدفاع عن المطرودين من الدراسة أن إيقاف الطالب المذكور جاء على إثر  » وشاية كيدية و تهم ملفقة من قبل البوليس السياسي بسبب نشاطه النقابي داخل الجامعة  » …

 

الطلبة و  » اتصالات تونس  » : المهزلة متواصلة ….

 شهد قطاع الإتصالات في بداية السنة الإدارية الجديدة 2008 تطورات إيجابية مهمة في عدد من الدول العربية ( المغرب ، الجزائر ، الخليج … ) و خاصة في مجال الإنترنت ذات السعة العالية و كان آخر هذه البلدان السعودية التي أقرت تخفيضا جديدا لخدمة الخطوط الرقمية تمهيدا لنزول السرعات الجديدة 8 ميغا و 10 ميغا و إلغاء سرعتي 128 كيلو و 256 كيلو

أما في تونس فإن دار لقمان لازالت على حالها حيث تتواصل معاناة الطلبة و المدرسين مع الشبكة العنكبوتية : انقطاعات متكررة ، تدني سرعة الربط إلى مستويات منخفضة جدا تدعو للضحك في تناقض تام مع ماهو مسجل في الإشتراك ارتفاع في المعاليم بشكل يتجاوز مقدرة الطالب و المواطن العادي  ……. ومع ذلك يخرج علينا الرئيس المدير العام لاتصالات تونس يوم الخميس 17 جانفي 2008 ليطلق سلسلة من الوعود الجديدة تتمثل في  » تجسيم برنامج الجودة الشاملة و رفع عدد الخطوط ذات السعة العالية إلى 320 ألف خط في موفى الصائفة القادمة و 450 ألف خط نهاية العام و إصدار عرض جديد في شهر مارس القادم للخطوط ذات السعة العالية ( 2 ميغا ) للحرفاء العاديين على أن تبلغ 4 ميغا و 8 ميغا لاحقا  » ( استنى يا دجاجة حتى يجيك القمح من باجة …. )

ومن يسمع هذا الكلام يظن أن الوضع الحالي جيد لدرجة أنه يسمح بالتوسع في عدد الخطوط و الترفيع في سرعة الربط DEBIT و لكن الواقع المزري للإنترنت و خاصة ذات التدفق العالي و الذي يشتكي منه الجميع تجعل الكثيرين يتشككون في هذه الوعود و يمنون النفس أن يدخل على الخط منافس لـ  » اتصالات تونس  » حتى تتحقق الجودة المطلوبة و الخدمات الراقية مثلما هو حاصل نسبيا في مجال الهاتف الجوال …

و بالمناسبة لم يفت مسؤولي  » اتصالات تونس  » أن يذكروا أن رقم معاملات مؤسستهم خلال عام 2007 بلغ مليار و 200 مليون دينار أي أربعة أضعاف رقم معاملات عام 1997 الذي لم يتجاوز الـ 300 مليون دينار …

 

المدرسة الوطنية للمهندسين بالمنستير : 20 سنة عل التأسيس ….

احتفلت المدرسة الوطنية للمهندسين بالمنستير على مدى أسبوع كامل ( الأحد 13 – السبت 19  جانفي 2008 ) بذكرى مرور 20 سنة على تأسيسها

و قد تخرج منها خلال العشريتين الماضيتين 2412 مهندسا في مختلف الإختصاصات كما سلمت 412 ديبلوما في الدراسات المعمقة و الماجستير و 44 أطروحة دكتوراه و 9 شهادات تأهيل جامعي

وتحتوي المدرسة الوطنية للمهندسين بالمنستير على أربعة أقسام مختصة في النسيج و الطاقة و الكهرباء و الميكانيك

ودرس بها خلال السنة الجامعية 2006 – 2007 ما مجموعه 1031 طالب في حين كان عدد هؤلاء عند افتتاحها خلال السنة الجامعية 1987 –  1988 ما مجموعه 254 طالب 

أما عن أول دفعة من المتخرجين فقد كان عددها 35 مهندسا في حين بلغت في نهاية السنة الفارطة 287 مهندسا

 

معهد الصحافة و علوم الأخبار : وفاة طالبة في المعهد ….

انتقلت إلى جوار ربها يوم الثلاثاء 22 جانفي 2008  الطالبة فتحية المحمدي التي تدرس بالسنة الثانية في معهد الصحافة و علوم الأخبار بالمركب الجامعي بمنوبة و تقطن بمنطقة جعفر الراجعة بالنظر إلى معتمدية رواد في ضواحي تونس العاصمة و قد أغمي عليها في المعهد و سرعان ما تم نقلها إلى قسم الإستعجالي بمستشفى محمود الماطري بأريانة و حقنها إلا أنها لم تفق من غيبوبتها مما أدخل الحيرة على أسرتها التي بادرت بالإتصال بإحدى الطبيبات التي أشارت عليهم بنقلها من جديد إلى المستشفى إلا أن الأجل قد سبق و توفيت – رحمها الله – دون أن تفيق من الغيبوبة و إنا لله و إناإليه راجعون  

و باعتبار أن الطالبة لم تكن تشكو من أي مرض قبل وفاتها فإن عائلتها تنتظر نتيجة التشريح الطبي لمعرفة سبب الوفاة

و موقع  » طلبة تونس  » يدعو زملاء الفقيدة و أهل الخير إلى مد يد العون لعائلتها التي تعيش ظروفا اجتماعية صعبة و ليس لها أي سند أو مورد رزق خاصة أن الفقيدة يتيمة الأب الذي توفي سنة 2004 و الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه

 

و في الختام :

 

صـرخــــــة

 

يا أهلنا فكوا الحصار

عار عليكم أي عار

عار عليكم أن يجوع صغارنا

أنتم أليس لكم صغار

عار عليكم أن تذل نساؤنا

أو ليس فيكم من يغار

يا ويحكم خلت الديار

يا أمة تتجاوز المليار

يا أمة الذهب المقنطر في الحجار

يا أمة الأرقام تختنق الدفاتر من مقاعدها الكبار

يا أمة الشيكات يدفنها الغبار

يا أمة تنسل من شرف القيادة للدعاية و الشعار

يا أمتي قومي انهضي طلع النهار

فكي قيودك كلها أكلتك أضراس الصغار

……………………………………….

 

د. عبد الغني التميمي

 


تونس: محاكمة مجاهدين من مجموعة متورطة في مواجهات

 

تونس (ا ف ب) – مثل تونسيان ينتميان الى مجموعة من ثلاثين مجاهدا حكم على اثنين منهم بالاعدام اواخر كانون الاول/ديسمبر لاشتراكهما في مواجهات مسلحة ضد القوات المسلحة في 2006 و2007 امام محكمة الدرجة الاولى السبت في العاصمة التونسية.

 

ويلاحق محمد محمودي (22 عاما) وطارق حمامي (32 عاما) بتهمة الانتساب الى منظمة ارهابية وتلقي التدريب العسكري واستعمال السلاح (كالاشنيكوف وآر.بي.جي) واجتياز الحدود بطريقة غير شرعية مع الجزائر كما جاء في الاتهام الذي تلي السبت في الغرفة الجنائية الرابعة.

 

وقد اعتقل الموقوفان بينما كان في حوزتهما قنابل في 27 نيسان/ابريل 2006.

 

وسبق اعتقالهما المواجهات المسلحة التي وقعت بين أواخر كانون الاول/ديسمبر 2006 وبداية كانون الثاني/يناير 2007 في جنوب العاصمة التونسية وتسببت كما أفادت حصيلة رسمية في مقتل جندي وشرطي واثني عشر مجاهدا.

 

وتقول السلطات التونسية إن النواة الصلبة للمجموعة المؤلفة من ستة أشخاص (خمسة تونسيين وموريتاني واحد) تسللت في 2006 مع أسلحة عبر الحدود الجزائرية بعدما أقامت في أدغال الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي أصبحت فرع القاعدة في المغرب الإسلامي.

 

وجاء في الاتهام أن محمد محمودي وطارق حمامي شاركا في عمليات إرهابية في الجزائر ذبح خلالها دركيان وصودرت أسلحتهما.

 

وخلال استجوابهما رفضا هذه الاتهامات ونفيا الاعداد لاعتداءات في تونس وأكد محمودي أن مروره في الأدغال الجزائرية كان تحضيرا للجهاد في العراق.

 

وتحددت الجلسة المقبلة في الثاني من شباط/فبراير.

 

وأكد المتهمان اللذان مثلا مع اثنين من المهربين انهم « أرغموا » على العودة الى تونس بسبب القصف الذي قام به الجيش الجزائري في جبال ابو غفر (شرق الجزائر) حيث كانوا موجودين.

 

واعترفا بأنهما اجتازا الحدود مع قادة المجموعة الذين قتلوا في المواجهات.

 

(المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية ( أ ف ب) بتاريخ 27 جانفي 2008)

 

 

 انطلاق اشغال لجان التفكير المحلية والجهوية للإعداد للمؤتمر الخامس للتجمع الدستورى الديمقراطي

 

تونس 27 جانفي 2008 (وات) – انطلقت يوم الاحد بكامل جهات الجمهورية اشغال لجان التفكير المحلية والجهوية للتجمع الدستورى الديمقراطي المكلفة بالاعداد للوائح مؤتمره الخامس بعد التحول والتي كان الرئيس زين العابدين بن علي قد اذن في اختتام الدورة العادية الثامنة للجنة المركزية للتجمع المنعقدة يومي 16 و17 ديسمبر الماضي بتشكيلها.

 

وقد اشرف اعضاء الديوان السياسي واعضاء اللجنة المركزية للتجمع على انطلاق هذه الاشغال بمختلف الجهات. وابرزوا بالمناسبة حرص الرئيس زين العابدين بن علي على احكام الاعداد لهذا المؤتمر الخامس للتجمع بعد التحول باعتباره محطة سياسية هامة وموعدا متميزا لمزيد التعبئة والتاطير وللحفز على مواصلة العمل والانجاز من اجل معاضدة جهود الدولة في تنفيذ الاستراتيجيات وبلوغ الاهداف الوطنية المنشودة والارتقاء بتونس الى اعلى المراتب.

 

وذكروا بالخطوات الهامة التي قطعتها البلاد على امتداد عقدين من التحول على درب النمو والتقدم وبالانجازات الرائدة التي تحققت بفضل السياسة الحكيمة والمتبصرة لرئيس الدولة ونظرته الاستشرافية الثاقبة بما مكنها من الارتقاء من بلد من العالم الثالث الى بلد صاعد يتقدم بثقة واقتدار نحو المستقبل ليلتحق بركب البلدان المتقدمة.

 

واشاروا الى الدور الريادى للتجمع باعتباره الحزب المؤتمن على التغيير في تجسيم قيم التحول ومبادئه مؤكدين على ضرورة ان تتعهد لجان الاعداد للمؤتمر الخامس بالتفكير في الطرق الكفيلة بمزيد تدعيم التكوين والتحرك السياسي والاستقطاب والحوار وتعزيز عمل التجمع في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية سيما في ضؤ الانفتاح الاقتصادى وتنامي المشاريع الاستثمارية الاجنبية وتاثيرات التقلبات العالمية لاسعار المواد الاولية.

 

وكانت هذه اللقاءات مناسبة جدد فيها المناضلون التجمعيون مناشدتهم الرئيس زين العابدين بن على الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة لسنة 2009 لمواصلة مسيرة الانجاز والنماء.

 

(المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 27 جانفي 2008)


 مجموعة الراشيدية تكرم المغني التونسي الراحل علي الرياحي

 

تونس (رويترز) – اختارت مجموعة الراشيدية التراثية ان تكرم في حفل اقامته مساء السبت بالمسرح البلدي بتونس المغني الراحل علي الرياحي احد اشهر فناني تونس عبر مختلف الاجيال.

 

وقدمت مجموعة الراشيدية التي يقودها الفنان زياد غرسة عددا من الاغاني والموشحات تكريما لروح المغني الشهير علي الرياحي الذي اشتهر بالعديد من الاغاني من بينها « زينة يا بنت الهنشير » و »عايش من غير امل في حبك ».

 

وتأسست الراشيدية منذ 1934 بهدف احياء وتطوير الفن التونسي الاصيل ولمحاربة المد الثقافي الفرنسي والحفاظ على الهوية التونسية.

 

وقدم خلال الحفل عدد من الاغاني الشهيرة لعلي الرياحي من بينها « يالي ظالمني » و »يعيشها ويحميها » و »انا كالطير في وكري نغني » وسط تفاعل الجمهور الحاضر بالمسرح.

 

ومات الرياحي في 27 مارس اذار من عام 1970 على المسرح البلدي بالعاصمة بعد اصابته بنوبة قلبية اثناء ادائه لاغنية « قتلتني من غير سلاح » ليخلف ذهولا بين محبيه في تونس وخارجها.

 

وقدم المطرب الشاذلي الجابري خلال حفل يوم السبت اغنية « لاشفتك مرة ولا ريتك » وغنت سارة النويري « زينة يا بنت الهنشير » بينما ادى سمير الزغل « ينجيك وينجيني ».

 

ولد الرياحي عام 1912 وبدأ مشواره الفني في 1939 وبدأ بترديد اغاني سيد درويش وصالح عبد الحي وام كلثوم ليتأثر بالفن المشرقي ويمزج الانغام التونسية بالمشرقية في اغانيه التي لا تزال خالدة.

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 27 جانفي 2008)

 


 

اكتشاف مقبرة تعود للقرن الرابع قبل الميلاد في تونس

 

تونس (رويترز) – قالت مصادر رسمية يوم الاحد انه تم اكتشاف مقبرة بونية تعود الى القرن الرابع قبل الميلاد في مدينة سوسة الساحلية المطلة على البحر الابيض المتوسط.

 

ونقلت وكالة الانباء الحكومية « وات » عن المصادر قولها انه تم العثور على المقبرة اثناء أعمال توسيع متحف سوسة الذي يضم مجموعة هامة من الفسيفساء البونية والرومانية.

 

وأنشأ الفينيقيون في العام 814 قبل الميلاد مدينة قرطاج وأسسوا الامبراطوية البونية العظمى التي ارتكز ازدهارها على التجارة. وقد عرفت التجارة تطورا كبيرا باقامة عدة مصارف تجارية كان لها اشعاع بارز على منطقة البحر الابيض المتوسط برمته.

 

وكانت السلطات التونسية رصدت 1.6 مليون دولار لهذه الاشغال بمتحف سوسة احد ابرز المعالم الاثرية في البلاد.

 

يذكر انه تم في 2007 العثور على سرداب دفن روماني بحي بوحسينة في سوسة يحتوي على مقبرتين بهما بقايا هياكل عظمية لثلاثة عشر شخصا ينتمون الى نفس العائلة اضافة الى اواني خزفية ثمينة.

 

ويتابع مختصون من المعهد الوطني للتراث بتونس عمليات ترميم هذا السرداب

 

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 27 جانفي 2008)

 

 

زوج تونسي يطلب الطلاق من زوجته لتغلبها عليه في العراك

 

طلب زوج تونسي في محافظة بنزرت (60 كلم شمال شرق العاصمة) من محكمة تونسية الطلاق من زوجته العملاقة لتغلبها عليه في العراك.

 

وذكرت صحيفة الصباح التونسية إن الزوجة بحكم بنيتها الجسدية الضخمة تعدت علي قرينها بالعنف الشديد وألحقت به أضراراً بدنية إثر نشوب خصام بينهما. وأكد الزوج أمام المحكمة أن زوجته استطاعت التغلب عليه وان الحياة معها لم تعد تطاق .

 

ووجهت المحكمة للزوجة تهمة الاعتداء بالعنف الشديد علي القرين وأجلت النطق بالحكم في القضية. يذكر أن الطلاق في تونس قضائي أي أنه لا يتم إلا أمام المحكمة.

 

ويتعرض 10 بالمائة من الأزواج التونسيين للعنف علي أيدي زوجاتهم وفقا لما ذكرته تقارير صحفية تونسية .

 

(المصدر: صحيفة « القبس » (يومية – الكويت) الصادرة يوم 26 جانفي 2008)

 


كوميدي فرنسي يفتتح مهرجان الضحك بتونس

 

تونس (رويترز) – افتتحت ليل السبت بالعاصمة التونسية الدورة الثانية من مهرجان الضحك الوحيد من نوعه في البلاد بعرض قدمه الكوميدي الفرنسي الشهير ايف لوكوك.

 

ويستمر مهرجان الضحك حتى الثاني من فبراير المقبل وتقام خلاله تسعة عروض من فرنسا وكندا والجزائر وتونس.

 

وقالت دليلة الغرياني وهي عضو باللجنة المنظمة للمهرجان ومدرسة لفنون الضحك متحدثة للصحفيين قبل افتتاح المهرجان « يجب ان تأخذوا الضحك على محمل الجد فهو سلاح ضد امراض العصر« .

 

واكتسب لو كوك شهرة واسعة في فرنسا وخارجها من خلال مشاركته في سلسلة فرنسية شهيرة تتعرض بالنقد والسخرية من شخصيات معروفة على غرار الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك والرئيس الامريكي جورج بوش.

 

حضر عرض لوكوك الذي جمع بين الطرافة والتشويق جمهور غفير من التونسيين والاجانب الذين تابعوا باعجاب مواقف التقليد الضاحكة لعدد من الشخصيات قلدها لو كوك واتقن اداءها معتمدا على خفة الظل والصوت المعبر.

 

وقال المنظمون ان المهرجان فرصة نادرة لاكتشاف المواهب الكبيرة في الكوميديا واتاحة الفرصة لمشاهدة نجوم الكوميديا.

 

وستعود ربع مداخيل المهرجان لجمعية خيرية تعنى بتأهيل التلاميذ الذين يعانون من صعوبات في التعلم.

 

ويلاقي هذ الحدث الفني اقبالا جماهيريا كبيرا رغم ارتفاع سعر التذاكر التي تصل الى 20 دولارا للعرض الواحد.

 

وسيلتقي الجمهور ايضا بالفنان ان رومانوف من فرنسا وجعفر القاسمي من تونس وانطوني كافاناج من كندا وبعزيز من الجزائر.

 

وينتظر ان يجلب الكوميدي التونسي نصر الدين بن مختار الاضواء اليه عندما يقدم مسرحيته « حي الاكابر » في عرض كوميدي ساخر.

 

وحقق بن مختار نجاحا ساحقا في تونس وشد الانظار اليه بعد ان قدم سلسلة تلفزيونية كوميدية انتقد فيها العديد من المظاهر الاجتماعية والسياسية في تونس.

 

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 27 جانفي 2008)

 


 

 

الديمقراطية المؤجلة والشبح الكيني

أحمد نجيب الشابي

 

عندما انقضت الحكومة على حركة النهضة لتجهز عليها مطلع التسعينات بررت هجمتها تلك بضرورة الدفاع عن الديمقراطية من خطر شمولي داهم. وانطلى التبرير ولو بدرجات متفاوتة على القوى السياسية المنافسة، كما انطلى على القوى الدولية التي رأت في النظام التونسي حصنا يحمي حدودها الجنوبية من العنف الأصولي الذي أخذ يستشري في الجزائر آن ذاك، بل أن أوساطا اجتماعية تونسية، ولا سيما من الطبقات المرفهة، شعرت بادئ الأمر بنوع من الارتياح لروية الحواجز الأمنية تنتشر في الأحياء وعلى مفترق الطرقات. مر وقت طويل نسبيا، اقترن بإجراءات مقاومة الفقر في إطار برنامج 2626 وبنشوة الاستهلاك والاقتراض الأسري ، قبل أن تكتشف هذه الأطراف المختلفة بأن الديمقراطية الوليدة كانت أولى ضحايا تلك الحملة الأمنية وأن البلاد وقعت في شراك حالة من نظام الطوارئ، لا تزال تتخبط فيها للعقد الثاني على التوالي.

 

ولما بدأ المجتمع المدني يسترجع عافيته وأخذ المنتظم الدولي يكتشف أن سياسة الإقصاء والقبضة الأمنية لا يمكن أن تؤسس لاستقرار دائم، بل وبات يرى فيها مصدرا لتهديد أمنه الداخلي، ولما بدأ الإسلام السياسي يتمايز مع الاتجاهات الشمولية والعنيفة ويتبنى الخيار الديمقراطي السلمي وأخذت القوى العلمانية تلتقي معه لصياغة ميثاق وطني جديد يؤسس لحياة ديمقراطية متقدمة وبات النظام محجوجا إزاء الرأي العام في بلاده وعرضة للنقد من قبل شركائه في الخارج وخاصة مع اقتراب استحقاق 2009، انطلق مثقفو السلطة في حملة إعلامية مفادها أن الديمقراطية ليست طقوسا أومعتقدات محنطة حول الاقتراع العام والتداول وأنه يمكنها، إن لم تتوفر على شروط اقتصادية وأخرى ثقافية، أن تفتح على فوضى وعنف أهلي كالذي تعيشه كينيا اليوم، في أعقاب انتخابات رئاسية تعددية لم تكن مهيأة لها. ومن الشروط الاقتصادية التي يطرحها مثقفو السلطة أن يبلغ البلد المعني بالانتقال إلى الديمقراطية مستوى من الدخل الفردي لا يقل عن ستة آلاف دولار في السنة.

 

ولو صدق المرء هذا الزعم لعجز عن فهم كيف نجحت الهند في إقامة أكبر ديمقراطية في العالم منذ عقود من الزمن وهو البلد الذي لم يتجاوز فيه مستوى الدخل الفردي 735 دولارا، حسب تقرير الأمم المتحدة حول التنمية البشرية لسنة 2008. والمتصفح لهذا التقرير يكتشف أن اغلب دول العالم الثالث التي نجحت في عملية الانتقال إلى الديمقراطية لم تبلغ عتبة الستة آلاف دولار هذه مثل جنوب إفريقيا (109 5 دولارا) والبرازيل ( 271 4 دولارا) والسنغال( 707 دولارات فقط) وموريتانيا (603 دولارات لا أكثر).

 

ولو سايرنا هذا الرأي فإن تونس التي تتقدم كل هذه البلدان عدا البرازيل وتركيا من حيث مؤشر التنمية البشرية لن تحرز على « شهادة التأهيل الاقتصادي » المزعومة (عتبة الستة آلاف دولار) قبل العام 2025، وذلك اعتمادا على متوسط النمو الاقتصادي المقدر بخمسة بالمائة وعلى معدل النمو السكاني الحالي القدر بنسبة 1،1 بالمائة.

 

ولا يكتفي مثقفو البلاط بهذا الشرط الاقتصادي للتنبيه من خطر التسرع في الانتقال إلى الديمقراطية ويضيفون إليه شروطا ثقافية أخرى، فيعبرون بغاية الجدية والحكمة عن الخشية من أن يسقط الخيار الديمقراطي تحت ركام الزلزال الأصولي لو كتب لبلداننا أن تعيش منافسة سياسية نزيهة. ولا يصمد هذا الزعم على المحك هو الآخر حينما نعلم أن أكبر بلد إسلامي من حيث عدد السكان (إندونيسيا) نجح في الانتقال إلى الديمقراطية بمستوى من الدخل الفردي لا يزيد عن الألف وثلاثمائة دولار وافتك الريادة، بشهادة الأمم المتحدة، في مجال مقاومة الفساد الذي استشرى لعقود طويلة في عهد سوهارتو، كل ذلك رغم ما يعرفه هذا البلد من توتر في أقاليمه بسبب تعدد تركيبته الإثنية والدينية. كما نجح السنغال وموريتانيا في الانتقال إلى الديمقراطية بمعدلات جد متدنية من الدخل الفردي ويتقدم المغرب على نفس الطريق بمعدل لا يتجاوز هو الآخر 711 1 دولارا ويحرز بفضل ذلك التقدم نجاحا لافتا في جلب الاستثمارات الخارجية ونقل الصناعات إليه من الدول الأوربية. كما تشهد الانتخابات في باكستان أن الإسلام الأصولي لم يحصل له أن تجاوز عتبة الـ 12 بالمائة من أصوات الناخبين وتشهد الانتخابات في تركيا (التي لم تصل بعد إلى عتبة الستة آلاف دولار) والمغرب وفلسطين على أن حركات الإسلام السياسي فيها لم تحرز على نتائج ساحقة من شأنها الإخلال بشرط التوازن السياسي الذي يفترض في كل الديمقراطيات خلافا لديمقراطيات الديكور والتي يفوز الحكام فيها بنسب خيالية لا تنزل تحت عتبة التسعين بالمائة من أصوات الناخبين.

 

عبثا إذن يتخفى مثقفو السلطة وراء مظاهر من العقلانية الزائفة ليبرروا تأجيل انتقالنا إلى الديمقراطية والتقليل من شأن المطالبة بانتخابات حرة ونزيهة في سنة 2009 تقطع مع التسلط وما يقترن به من فساد وتفتح باب النمو على مصراعيه في عصر يقوم على منافسة لا ترحم. لقد سبق للقائمين على أمورنا أن شهدوا بنضج الشعب التونسي وأهليته لحكم ديمقراطي منذ عشرين عاما لكننا لم نر حتى اليوم سوى التأجيل تلو التأجيل، مرة باسم البعبع الإسلامي واليوم بالتلويح بشبح حرب أهلية على الطريقة الكينية. إن كينيا لم تسقط في أتون الاقتتال بسبب الانتخابات وإنما بسبب تزييفها من قبل الذين لا يقبلون بالتداول، فالتعدد الاثني أو الديني لم يقم حائلا في وجه بناء الديمقراطية بل قدم في أغلب الأحيان قاعدة اجتماعية للتعدد والتوازن السياسي كما تشهد بذلك تجربة الهند التي تعدد المئات من اللغات المحلية والإثنيات والديانات المختلفة كما تشهد بذلك تجربة اندونيسيا والبرازيل وغيرها من البلدان التي لا تحظى بما تحظى به تونس من انسجام إثني وديني والتي تميز تاريخها الحديث بالوسطية والاعتدال والميل إلى السلم والتي تشهد نهضتها المعاصرة برسوخ تقاليدها التحررية من عهد خير الدين وحتى يومنا هذا كما تشهد تجربة الثمانينات، بدايتها ونهايتها، بأن التجربة التحررية كانت مبعثا للاستقرار وحافز للتغلب على المصاعب الاقتصادية والاجتماعية وأنها هيأت مناخا مواتيا للتصالح والوئام بين النخب ولم تكن أبدا سببا للعنف أو الفوضى.

 

لهذه الأسباب ولغيرها كثير نريد الديمقراطية الآن وهنا، اليوم وليس غدا… وعبثا يحاول البعض ترهيب الناس ببعبع الفوضى، فالتطرف والعنف مصدره الظلم والإقصاء، ولمن ساوره شك في ذلك أو اعتقد أن سياسة القبضة الأمنية كفيلة بإدامة الاستقرار فلينظر إلى عدد الشبان من سن العشرينات القابعين في السجون بتهم الإرهاب وليتأمل في أطوار قضية سليمان وما تنطوي عليه من دروس، لو فعل ذلك لأيقن بأن العود إلى الحق فضيلة.

 

(المصدر: صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 436 بتاريخ 25 جانفي 2008)

 


 

العقل عقلان: عقل « بُرهاني » (نسبة إلى برهان بسيّس) وعقل إنساني

د. حسين الباردي، محامي لدى القضاء الفرنسي

 

قد تعيش النفوس الضيم حتى     لترى الضيم أنها لا تُضام

 

المتنبي

 

عجبت لأبناء بلدي كيف يتوسّلون « العقل » لإلغاء مُحصّلاته الأكثر بديهية ألا و هي الديمقراطيةّْ. « شاور العقل و اترك غيره هدرا * فالعقل خير مشير ضمه النّادي » قال ضرير المعرة الرائع. و لكن شتان بين عقل الشاعر الفيلسوف و مسخ عقل داعية التأجيل المؤبّد للدمقرطة…

 

إن ما ذهب إليه السيد بسيّس في مقاله المنشورة بجريدة « الصباح » التونسية (9 جانفي 2008) من أّن « آخر التقارير الأممية الصادرة حول حالات الانتقال الديمقراطي و آلياتها الموضوعية حددت لهذه العملية من الشروط أن يتجاوز معدل الدخل السنوي الفردي في مجتمعات التحول نحو الديمقراطية سقف الستة  آلاف دولار » ليدعو لأوّل وهلة إلى الاشمئزاز و الغثيان على شاكلة بطل رواية سارتر التي تحمل نفس الاسم. فكأن صاحب المقال يريد من وراء هذيانه التدليل على أن الفقر و التخلف الإقتصادي لا يقبل بأيّ حال من الأحوال أية مزاوجة مع الديمقراطية. من حسن حظ الإغريق (والبشرية جمعاء بالتبعية) أنهم وُجدوا زمانا قبل أن تُبتدع مثل هذه « المعايير/الآليات الموضوعية » ! والا فلا ديمقراطية و لا هم يحزنون…و لحسن (سوء ؟) حظ التونسيين أن ديباجة الدستور البورقيبي تنصّ (مجرّد النصّ…لا تفهموني خطآ) على أن الجمعيّة التأسيسية سنة 1959 « أسست » دولة « ديمقراطيّة » قوامها سيادة الشعب….دون اشتراطها بــــــدولار واحد (الحقيقة أن « ديتها » أرواح الأبرياء التي أزهقت… و لا تزال !)

 

الغريب في هذا التعليل الإقتصادوي الركيك و الخطير غاية الخطورة (الذي لا يعدو أن يكون في واقع الأمر إلا تبريرا كما سنأتي على ذلك لاحقا) هو أنه يستعمل العقل – و المنطق ضمنا- كي ينفي عالمية المبدأ (بمعنى الأولية و منشأ الشيء…) الديمقراطي و يؤصله في تربة « الدخل الفردي السنوي ». تباعا لذلك فإن ما حصل و لا يزال في كينيا هو نتيجة حتمية لخيار لاعقلاني للديمقراطية !

 

سوف لن نقارع أشباه الحجج الواهية التي أسند اليها صاحب المقال كلامه الفارغ ، بالإحالة الى التجارب التركية و الفلسطينية و اللبنانية و الموريطانية و المغربية ،الخ. التي تدل بدرجات متفاوتة من الصدقية على « قابلية » الشعوب للدمقرطة بغض النظر عن ضعف مستوى عائدها الوطني الخام أو دخلها السنوي الفردي و بصورة عامة بصرف النظر عن المؤشرات الإقتصادية المعتمدة تقليديا لقياس درجة نمو الدول و المجتمعات. ليس فقط لأن المؤشرات إياها موضوعة محل تساؤل داخل الأدبيات الأقتصادية الأكثر جدية و جدّة في الآن (« أمارتيا سن » الحائز على جائزة نوبل للإقتصاد، مثلا.) و لكن لأن الأمر يتعدى حدود الاستدلال الأمبريقي كي يمس بالأصول النظرية الفلسفية و الفلسفية ـ السياسية للفهم القويم للديمقراطية من حيث هي مأسسة السلطان السياسي المشروع نتيجة التنافس التعددي النزيه للقوى السياسية في إطار دولة القانون الفعلية التي يخضع داخلها الحاكم و المحكوم لنفس القواعد.

 

كيف يمكن لإنسان يدعي استعمال العقل و الاحتكام اليه أن يفسر الصراع السياسي (الحرب ليست الا مجرد استمرارا للسياسة بوسائل مختلفة : كارل فان كلاوزفيتز ،في خصوص الحرب ، فقرة رقم 24) الناتج عن تزوير مبرح للإنتخابات بعدم أهلية الشعب الكيني (أو أي شعب ينحو منحاه… بما فيه التونسي) للديمقراطية. هل أن الديمقراطية ، أو بالأحرى الخيار الديمقراطي، هو المسؤول عن التقاتل أم أن التأخير في اعتماد هذا الخيار هو السبب الحقيقي لتفجّر هذا الإحتقان، لجهة أنه أبّد التأخّر (على جميع المستويات) و أعاق حركة الشعب الكيني باتجاه محاربة الأمية و الجهل و الفقر و التخلف…إلخ. هل أن المسؤولون عن هذا الواقع الرديء باستطاعتهم بعدُ الارتقاء بالشعب الكيني إلى درجة « الستة آلاف دولار » التي دونها لاديمقراطية ؟

 

هل الديمقراطية حق بأتم معنى الكلمة أم أنها « إستحقاق » يستوجب « دولارات » كي يمارس ، مثلما كان الشأن غداة الثورة الفرنسية لما قُيّد الحق في التصويت بشروط ماليّة ؟

 

كثيرة هي الأسئلة التي تستدعيها الطريقة العجيبة في « التحليل » المتوخاة من طرف السيد بسّيس. و لكن حسبنا اختصارها كما يلي : هل الديمقراطية وسيلة أم أنها غاية  ؟

 

نحن (خلافا للذي ننقد) نعتبرها ليس فقط وسيلة و غاية في الآن نفسه و لكن أكثر من ذلك كله نعتبر أن الديمقراطية مُكون أساسي من مُكوّنات العدل الذي بدونه لا عٌمران و لا أمن و لا تقدم و لا رُقي و لا حضارة…إلخ. و باختصار شديد فان الديمقراطية هي الترجمة السياسية للـحريـــــة !

 

السيّد بسيّس حاول عبثا إيهام القاريء بثُقب نظره (المنعدم حقيقة) لمّا كتب : « الخدمة الحقيقية للاستبداد هي تلك التي ستتهيّن بالشروط العلمية و الموضوعية لأي تغيير ديمقراطي ناجح تتوفر له عناصر التهيئة العميقة في الإقتصاد و الثقافة و المجتمع » (لاحظ الإستعمال الفج لعبارة « علمية » و الغرض منه الترويع مع إضفاء هالة من « القدسيّة الوضعية » قصد التهويل… فالأمر خطيـــــــــــر ويتطلب « التريث »…. الى ما لا نهاية ــ إنه المقصودــ أو على الأقل لا يحتمل الإنجاز الفوري…)

 

علاوة على أن هذا الكلام (الفارغ، مرّة أخرى !) مردود على صاحبه الذي ، بالتأكيد، لم يقرأ حرفا واحدا من مقالة « إتيين دي لابواييسي » « العبودية المختارة » و لا حتى لم يقرأ كُتيّب إبن بلده و معاصره الحبيب الجنحاني « المجتمع المدني و التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي » … و إلاّ لما hرتكب هذا الجرم « القلمي » في حقّ الكينيين/التونسيين !

 

الإستبداد يا سيّد بسيّس، حسب التعريف القويم الذي وضعه مونتسكيو في « روح القوانين » هو : الحكم الفردي المنبني على « نظام » الرعب : إنه « الخضوع المطلق المنبني على جهل من هو مطالب بالطاعة. والراعي يُفترض فيه الجهل ذاته. هو الذي لا يناقش و لا يشكّ و لا يفكّر ؛ يكفيه أن يريد (يأمر) » ، روح القوانين : الكتاب 4 الفصل 3. هلاّ يوحي لك هذا الإسشهاد بشيء مّا يا سيّد بسيّس ؟؟؟

 

الديمقراطية/الأداة التي تخوّل للجمهور المشاركة في صنع القرار و إختيار الممثّل الجدير/القدير و تحديد المصير عبر « عموميّة » النقاش داخل الفضاءات الشعبيةالحرّة و التعدّدية، تصبح مرهونة في حدّ ذاتها بتوفّر « الشروط العلميّة » ! ما أتعس ديمقراطيتك يا هذا و ما أبعدك عن روح العصر.

 

إننا نكتب ما نحن بصدد كتابته مع تمام الوعي بأنّ ما يُسمى زورا بــ »سيرورة الإنتقال الديمقراطي » ابتُدعت خصّيصا من أجل إرجاء الأخذ بالديمقراطية « هنا و الآن ». و هذه العبارة، التي إختارها الرئيس الفرنسي الراحل، فرنسوا ميتيران،لعنونة أحد كتبه، وردت عديد المرات في المقال موضوع التعليق، و لكن في شكل الحق الذي يراد به باطلا. فالمناشدة بالـــ »هنا و الآن » لدى السيّد بسيّس تستهدف بشكل حصري أولئك الغير مسؤولين (الذين نتشرّف بالإنتماء إليهم) الذين « عبر لعبة الصندوق السلمية و المخيفة » سيودون بنا إلى « المزالق »…. مزالق كينيا/تونس ألا تتذكرون ! إذا ما تمادوا في المطالبة بالمرور عاجلا (لا إلى الديمقراطيّة كما قد يتبادر إلى أذهانكم المريضة المتعطشة للحريّة اللامسؤولة…) إلى « مسار الإنتقال الديموقراطي » !

 

لقد بدأنا هذا الردّ المقتضب بأبيات خالدة للمعرّي و سننهيها بأبيات لا تقلّ خلودا لنفس الشاعر الفيلسوف الذي، بالمناسبة، سيعطي درسا في الفلسفة السياسية  لكل من سوّلته نفسه أن يتتلمذ لدى « مدرسة التقارير الأممية حول حالات الإنتقال الديمقراطي »

 

مُل المقـــــــــــــــــــام فكم أُعاشر أمــــــــــــــة        أمر بغير صلاحها أمـــــــراؤهــــــــــــــــــا

 

ظلموا الرعيّة واستجازوا كيــــــدهــــــــــــــــا

وعـدوا مصالحهـــــــــــــــــــــا و هم أجراؤهــــــــــــا

 

أُذكّر بأن قائل هذه الأبيات الثاقبة « أعمى » و لكنه استطاع أن يرى صلب « الديمقراطية » الحقّ التي عجز الذين « يرون » أن يبصروها، فهم صمٌّ بكم عميٌ… لأن التحزب و الإيديولوجيات الخرقاء ذهبت بأبصارهم الغير منضورة.

 

رُبّ حــــــــــــــــــــــــــيّ رخام القبر مسكنه

و رُبّ ميت على أقدامـــــــــــــــــــــــــه انتصب

 

باريس الأحد 27 جانفي 2008

 


 

 

« إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما »

 
محمد البشير بوعلي – جامعي مغترب أخي العزيز مرسل، لك مني جزيل الشكر على رحابة صدرك ورفعة أخلاقك، فقد انتابني الشعور بالحرج أن أتلقى منك ذلك الرد الراقي بعد رسالتي الأولى إليك. وأرجو أخي أن تعذرني، فقد ضاق صدري بعد طول انتظار والأعناق مشرئبة نحو بارقة أمل تصلح الوضع في بلادنا وتسوّي القضايا العالقة التي طال أمدها. وأحسب أن كثيرين مثلي ينتظرون وهم بين ناريْن: إما البقاء على هذه الحال التي لا ترضي عدوا ولا حبيبا، وإما الرضوخ لما تصر عليه السلطات من تقديم تنازلات وتعهدات والتزامات تُشعر الأبيّ بالذل وتلزمه بالاعتراف بأنه كان مذنبا بل مجرما وعليه تقديم رسوم التوبة طمعا في الغفران. ولا يتم التعامل معنا أبدا باعتبارنا مواطنين يطالبون بحقوقهم الطبيعية التي من المفروض أن يحصلوا عليها بدون مساومات. ولا يخفى عليك أن كل الذين طالبوا بحق الجواز بطريقة عادية رُفضت مطالبهم، وليسوا جميعا من حركة النهضة، فمنهم من كانوا في بلدان تُعتبر عند بعض الأنظمة مشبوهة مثل باكستان أو السودان أو البوسنة، بل أعرف منهم من رُفضت مطالبُهم فقط لأنهم غادروا البلاد لعدة سنوات، فوُضعوا تحت نقاط الاستفهام واعتُبر اغترابهم الاختياري معارضة، ومنهم من عوقبوا بسبب قرابتهم لبعض المعارضين، ولم يكونوا هم يوما معارضين ولا ممن يهتمون بالشأن السياسي مطلقا. و هذا الوضع ليس خافيا على أحد يا أخي مرسل، فأنت لست في حاجة لتنويرك به، ولكن ما أردت الوصول إليه هو أن العمل على تجاوز أخطاء الماضي وآلامه، يجب أن يكون مسعى جميع أطراف النزاع، وإلا فلا فائدة ترجى منه، ولن يكون لمحاولات طرف دون غيره نتيجة في قطع خطوة واحدة إلى الأمام، وخصوصا إذا كان الطرف الأقوى في المعادلة هو المقصر في التوجه نحو الهدف. فلا شك الآن أن الأغلبية الغالبة من صفوف المعارضة تأمل في ما تأمل فيه أنت من تجاوز مآسي الماضي والجنوح نحو الإصلاح، وليس هنالك من المعارضين من هم راضون بالوضع الحالي إلا أقل القليل. كما لا شك أنه يوجد في داخل صفوف السلطة من يأملون في التجاوز ورأب الصدع أيضا، ولكن هؤلاء ليسوا طرفا متمكنا قادرا على توقيع آماله. وهذا ما جعل الجميع تشرئب أعناقهم نحو هرم السلطة وخصوصا في المناسبات الخاصة المتميزة، أملا في ظهور بادرة تحلحل الوضع عن حاله الراكد. وبطبيعة الحال فإن المنتظر إذا طال به الأمد فإنه يتعب، بل بقدر ما يكون أمله أقوى بقدر ما يكون إحباطه أعظم عند عدم تحققه، لأن ذلك هو حال الحالم المتلهف. والنتيجة أن ينقلب الإحباط مزيدا من الكره والسخط المترجم في كيل السباب والشتائم، بل والانقلاب على من لم ينفد صبرُهم بعدُ وظلوا يعلقون آمالا متجددة، ليصبحوا محل استخفاف، إن لم يُتهموا بالتواطؤ والتنكب للمبادئ، لا لأنهم أخذوا موقع الوسط بين موقع المعارضة وموقع السلطة، بل لأن صبرهم لم ينفد مع تطاول آماد الأزمة، ومع استمرار السلطة في موقعها دون حراك. فهذا حالنا، وهذا ما نراه منذ سنوات في مسيرة الطرف المتوسط الذي وجد نفسه بين تلكؤ السلطة وتباطؤها وعدم وضوحها في معالجة القضية رغم خطورتها ورغم الدمار الذي ترتب عليها، وبين طرف المعارضة الذي ظل في موقعه منتظرا تغيرا في موقف السلطة باعتبارها الطرف المقتدر على تغيير المشهد فهي صاحبة القرار وكرة المصالحة في ملعبها. فليست مسيرة أهل « الوسط » الآن -في رأيي المتواضع- إلا مواصلة للمسيرة التي بدأها الدكتور الحامدي منذ بداية تسعينات القرن الماضي بعد الأزمة مباشرة. ولكن مسيرة الدكتور الحامدي لم يُكتب لها النجاح –رغم ثبات أصحابها وصبرهم- لأن السلطة ظلت ثابتة في موقفها ولم تُبد أي مرونة. وحتى ما تمخض عن تلك المسيرة من سجالات في موضوع المصالحة خلال سنة 2005 التي انضم إليها الكثيرون من أبناء حركة النهضة من منتقدي خط قيادة الحركة، فإن السلطة لم تبد تجاههم أي بادرة إيجابية جادة. مما جعل موقف أولئك الإصلاحيين يبدو محرجا، وخصوصا بعد تجاهل طرف السلطة لما كان يدور وكأن الموضوع لا يعنيها، ثم تصريحها بعد خفوت الجدال بثبات موقفها (بيان 7 نوفمبر 2005)، والتصعيد الذي اتخذته وقتها تجاه المحامين والقضاة، مما أشعر الجميع بالفشل التام والإحباط، حتى أن الدكتور خالد شوكات -وقد كان من أكثر المتحمسين لخط التوسط- نفض يديه من مسعى الوساطة، فألمح إلى أن محاولات د. الحامدي -الذي ظل وفيا لا يكل ولا يمل- لا طائل من ورائها، ثم كتب مقالا بعنوان « ليس هكذا تُحكم تونس! ». وقد صدر نداء يركز على الصبغة الإنسانية دون السياسية من قِبل مجموعة من الإخوة المقيمين في أروبا على رأسهم الأخ رضا التونسي، للدفع نحو الصلح والعمل بأسرع ما يمكن للتخفيف من محنة الإخوة في الداخل. ولكن السلطة تجاهلت نداءهم أيضا، فمر النداء الإنساني كصرخة في واد. وكنت شخصيا قد بعثت برسالة إلى الشيخ راشد الغنوشي في نفس الفترة (بالتحديد في 23 ماي 2005) أنتقد فيها صمت الحركة تجاه ما يدور، وأحمّل قيادته نتائج الفشل والإحباط، وأدفع نحو التجاوز والمصالحة، فرد عليّ برسالة مما جاء فيها بالحرف الواحد   » …ما تنصح به أخي العزيز يبدو متماسكا نظريا ويمثل رغبتنا جميعا بل هو مسعانا منذ مؤتمر 95 حتى وصل الأمر من أجل تيسير هذا الخيار وسحب ورقة التخويف بالحركة التي طالما استخدمت للجم حركة التغيير، أن أقدمنا في مؤتمر2001 على خيار لم يقدم عليه حزب وهو الإعلان أننا لسنا طرفا في الصراع على السلطة. ولكن ذلك لم يزحزح السلطة شبرا عن خطة الاستئصال المعتمدة بل هي ماضية في غيها، معتبرة المساجين رهائن للتنكيل وابتزاز الحركة واللعب على هذه الورقة… « . وحتى الذين حاولوا حل مشاكلهم بطريقة فردية بعيدا عن الحركة، ولكنهم اكتفوا بطلب حلها بطريقة عادية كمواطنين تونسيين –بدون إذلال ولا موافقة على شروط مسبقة- فقد تجاهلتهم السلطة ولم تلتفت إليهم، وقبل أيام فقط نشرتم في موقع « الوسط » كلام الأخ المناضل عبد المجيد الميلي – وهو مستقيل من الحركة منذ سنوات- الذي جاء فيه: « كاتبت رئيس الدولة مرات عديدة مطالبا برفع هذه المظلمة واستعادة حقوقي، وبقيت رسائلي دون رد ». وأمثال الأخ عبد المجيد يعدون بالمئات بين أصقاع الأرض، وكلهم ينتظرون بفارغ الصبر… ومع ذلك ظلت الكثير من الأعناق مشرئبة نحو أي بادرة أمل سواءً من هرم السلطة، أو حتى من الدبلوماسيين في السفارات التونسية في أوروبا. ومن ذلك ما سمعناه قبل سنوات من لقاء الأخ عامر العريض بأحد الدبلوماسيين في سويسرا، دون أن يتمخض عن ذلك اللقاء أي أثر على الداخل ولا الخارج. ومن الطبيعي أنّ تكرّر هذه المشاهد سيترك انطباعا بأن النظام ليس جادا في تحريك هذا الملف الثقيل، وإنما هو يناور هنا وهناك لجس نبض الحركة واختبار مواقف أبنائها، إن لم يكن إيجاد مناسبات بث الفرقة بينهم بتلك المحاولات، نظرا لحساسية القضية ودوامها.. فأنا وكثيرون غيري نقدّر موقفك أخي مرسل في مسعى الإصلاح من خلال الموقع الوسط، كما نقدر مساعي السابقين لكم في نفس الاتجاه، ولكن لا يوجد إلى حد الآن أي معطى يشير إلى حرص النظام على تحريك الوضع   « وما تبدو مؤشراته واضحة من خلال التراجع في المحاكمات التي أسس لها بناء على قانون استثنائي صدر سنة 2003 , أو من خلال تبرئة ساحة من أعيد اعتقاله من أبناء حركة النهضة المحظورة من الذين انزعجوا لإخضاعهم لإجراءات قاسية حملت لافتة الرقابة الإدارية »   (كلام الأخ مرسل الكسيبي) لا يكفي لإقناع الكثيرين بأنه مؤشرات جادة طالما أنه لم تتبعها خطوات عملية لتصحيح الوضع وتجاوز مخلفات الأزمة ولو بالتدريج البطيء. كما أن ما « لديك من قناعة بأن « الرئيس بن علي يرغب في معالجة الكثير من الملفات السياسية في بعد تام عن منطق المحاكمات والملاحقات القضائية وهو ما بدا لديك جليا من خلال إعادة الاعتبار والمبادرة لقيادة التجمع الدستوري الديمقراطي وكثير من كوادر الدولة المخضرمين, وهو ما يعني في تقديرك بأن المؤسسة الرئاسية ستقدم على خطوات أكثر انفتاحا وأكثر إصلاحا في المرحلة القادمة »  (كلام الأخ مرسل الكسيبي)  كل ذلك يبقى مجرد طموح يشاركك فيه كثيرون، ونأمل جميعا أن يتحقق. ولكن لنكن واقعيين، فملفنا المثخن لا يحتمل هذا البطء لنظل ننتظر لسنوات أخرى. فالمسألة تحتاج إلى حزم يقتضي الحسم دون تلكؤ ولا تباطؤ، لوقف النزيف على الأقل، كبادرة حسن نية ومقدمة لطي هذه الصفحة المؤلمة من تاريخ بلادنا. لذلك أعود مجددا للقول بأننا في حاجة أكيدة لبادرة حسن نية من الطرف الأقوى الفاعل في القضية، أما الآمال والأحلام فلا تجدي نفعا. وأنا على يقين من أن الذين بادروا بحسن النوايا في1987 بمباركة التحول والنظر وقتها إلى المستقبل بعين طامحة وقالوا: « ثقتنا في الله وفي بن علي كبيرة » لن يترددوا في تكرارها اليوم ونسيان الماضي الأليم لو وضعت السلطة رجلا واحدة في طريق التصحيح. فالله سبحانه وتعالى جعل إرادة الطرفين شرطا في تحقق الصلح بين الزوجين الذين اختصما بعد عيشهما تحت سقف واحد في قوله تعالى: (إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما) (النساء،35)، فكيف لا تكون إرادة السلطة شرطا أهم في الإصلاح السياسي وفي قضية في هذا المستوى من الخطورة! وقد تصالحت الأنظمة السياسية مع معارضاتها في بلدان عديدة، بعد صراع مرير وصل حد الاقتتال المباشر أو حروب العصابات ( كما في السلفادور وفي الجزائر ومصر واليمن…)، وهو ما لم تصل إليه بلادنا بحال، ومع ذلك ظلت العداوة مستحكمة، من الطرفين عندنا بسبب التعنت وخصوصا من طرف السلطة التي ظلت تعتبر الأمر صراعا بين ضدين لا يلتقيان أبدا، والحال أنهما التقيا في 1987 واعترف كل منهما بالآخر… لذلك أرجو يا أخي مرسل من أهل الوسط أن يكون تركيزهم أكثر على الطرف الماسك بطرف الخيط في هذا الصراع المرير، توجهوا إليه بالخطاب لإقناعه بالبداية الفعلية للتصالح دون مماطلة. وإلا فسيبوء سعيكم بالفشل. وما هذه إلا خوطر تلج في الصدر، والله أعلم بالصواب. (المصدر: صحيفة الوسط التونسية (اليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 27 جانفي 2008)

بسم الله الرحمان الرحيم                                                                            تونس في: 27/01/2008

و الصلاة و السلام على افضل المرسلين

الرسالة رقــ385 ـــم على موقع تونس نيوز

 

المستقلة لها دور هام و فاعل في هذا المجال

راجعوا مجلة حقائق الصادرة يوم 21/01/2008

بقلم محمد العروسي الهاني مناضل وطني

 كاتب في الشأن الوطني العربي و الاسلامي

 

في الصميم وضع النقاط على الحروف

تنصّر فئة من الشبان و الطلبة التونسيين حقيقة ثابتة- و اين موقف رجال الدين و الاعلام.

 

و قل ربي زدني علما، و هل اتاك نبأ مجموعة ترغب في تكوين جمعية لائكية و وجدت مساحة في الصحافة المكتوبة. و هل اتاك خبر جماعة عبادة الشيطان مؤخرا و هل اتاك حديثا جديدا حول التبشير بالمسيحية في تونس…؟

و هناك مواقع الكترونية تدعوا للديانة المسيح منها موقع اسمه (البشارة كوم) و اقليات تطالب بحقوقها… وقد نشرة مجلة حقائق التونسية في عددها 54 الصادر يوم 21-01-2008 ثلاث صفحات كاملة حول هذا الموضوع  و حديث الاستاذة آمال قرامي حول موضوع تنصّر فئة من التونسيين او خروج فئة اخرى عن دين الاسلام. لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم. و قالت الاستاذة امال قرامي ان ظاهرة تغير المعتقد او عدم الاعتقاد اصلا ظاهرة تعكس واقعا معاشا و لها اسبابها كما ذكرت الاستاذة امال قرامي و كما قالت ان هذه الظاهرة لها نتائج متعددة و لا يمكن في نظرها التمادي في اعتبار هذا الموضوع من المواضيع المسكوت عنها او التقليل من شان هذه الظاهرة او التظاهر بعدم معرفة الاسباب التي تؤدي الى الانسلاخ عن الدين الاسلامي: و لا فائدة في ذكر ما ذهبت اليه الاستاذة في تحليلها لان الابدان و العقول تشمئز من ذكرها…؟

وقدمت الاستاذة امال القرامي معطيات شاملة لا فائدة في ذكرها جملة و تفصيلا. و قد اطلعت على هذه المجلة الاسبوعية و على هذا الخبر المفزع و المبكي و المؤلم الذي لا يبشر بخير في غياب و سبات العوامل التالية: دور العلماء و رجال الدين و الائمة و شيوخ جامع الزيتونة القدامى و غياب دور المجلس الاعلى الاسلامي في بلادنا و ما هو دوره يا ترى و في غياب دور الاعلام المرئي المسموع  و المكتوب و كذلك غياب دور المجتمع المدني المتمسك بالاسلام و دور التجمع الدستوري الديمقراطي حزب الاغلبية و اخيرا غياب رجال التعليم  و كلية الشريعة و اصول الدين بالخصوص و سكوت الاعلام الرهيب.

هل هذه الهياكل و الطاقات و الكفاءات العلمية و الاطارات العليا و رجال العلم و الائمة على علم بهذه الاخبار المفزعة المحزنة ام لا …. و في اعتقادي ان هذا الخبر يدور منذ اشهر و لم نسمع او نقرا او نشاهد احدا من هؤلاء الجحافل من الاطارات التي لها امتيازات مالية هامة و مناصب كبيرة و سيارات فخمة و مكاتب فخمة للغاية و امتيازات متعددة من البنزين و الهاتف المجاني و النور الكهربائي و السفر الى الخارج في الطائرات و بعضها لها الحصانة البرلمانية: فهل هؤلاء القوم تحركوا و كتبوا في الصحف و تكلموا في التلفزة و الاذاعة و الانترنات و في الاجتماعات و هل شاركوا في الحوار لكشف هذه الانحرافات و الخروج عن الدين الاسلامي و القيم وهل اصحاب الرّدة عن الاسلام هم ابطال اليوم ام هم شواذ يرفضهم المجتمع التونسي و لا يرضى بهذه الردة التي هي وصمة عار في بلادنا العربية المسلمة   وهل قام احدهم بتدخل في مجلس النواب الموقر و هل استنكر احدهم بمجلس المستشارين و هل تكلم احدهم في التلفزة و استنكر و هل اخذ احدهم القلم و القرطاس بسرعة و قال هذا عار و خزي و مسخ و سخط على المرتدين و هل شارك احدهم في منابرالحوار التابعة للتجمع الدستوري الديمقراطي وهل حلل احدهم هذه الظاهرة الخطيرة التي من اهم اسبابها و عواملها بعدنا عن الدين الاسلامي و جوهره و روحه و نصه و جائت هذه الردة لاحقة نتيجة الفراغ الديني و نتيجة حذف 75 % من البرامج الدينية و الاسلامية و الوطنية في اطار التعليم الابتدائي و الثانوي علاوة على التعليم العالي. و نتيجة لما قام به وزير التعليم العالي و التربية الوطنية محمذ الشرفي في فترة توليه الاشراف على وزارتي التعليم العالي و التربية و نتيجة الفراغ الوطني و التربية الوطنية ونتيجة هذا الفراغ الخطير ماذا حصل يا ترى في البلاد … منذ 21 سنة ظهرت انحرافات خطيرة ، تسكع في الشوارع ، سطو على المحلات و المساكن قتل في وضح النهار، انحلال اخلاقي خطير، عدم الحشمة و الحياء و التلفظ بالكلام البذيئ  و العراء و البطن العارية و قضايا اغتصاب و مضايقات جنسية و خلع و سطو على البنوك و المؤسسات و الفضائح و السرقات المتكررة في كل الاوساط في مجال السيارات و الشاحنات و الاغنام و الابقار و هذه الظواهر استفحلت منذ 10 سنوات و هذه المؤشرات السلبية نبّها اليها العقلاء و اصحاب الضمائر الحية و كتبت في شأنها شخصيا وكذلك بعض المناضلين و لكن حديثك يا هذا ……….؟

و اليوم ادى الفراغ الديني الى الردة و الخروج عن الدين الاسلامي الحنيف. و قبلها ادى الى الانحراف و حتى المشاركة في تخريب البلاد و زعزعت الامن. و كل الشبان في عمر اقل من العقد الثالث اي في غياب الواعز الديني و الروح الوطنية . و الخطر مازال داهم و العجوز هازها الوادي و هي تقول العام صابة …… و لكن في المقابل في اوروبا و الغرب و امريكا الآن الشبان دخلوا الاسلام و اعتنقوا الديانة الاسلامية و حفظوا القرآن الكريم و نحن في تونس بعضهم خرج عن الاسلام و دخل الظلمات و الكفر. و كذلك نحن في تونس عندما نحس بالخطر في حملة التبشير النصراني بل نواصل الكتابة في مجلة حقائق و من المفروض ان  نتصدى لها حتى لا تحصل هذه العواقب الوخيمة. و لكن عندما نرى مجموعة من اهل الدعوة الاسلامية ما يسميهم البعض (اصحاب القميص الابيض او الهركة كما قال وزير الشؤون الدينية في 25/12/2005 لجريدة الصباح آن ذاك …؟ مع الاسف لا نتحمس لهؤلاء اصحاب الدعوة الاسلامية كثيرا للقيام بواجبها من اجل الدعوة للهداية و الارشاد. و بدون تعليق.

قال الله تعالى:  » و من يتّبع غير الاسلام دينا فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين » صدق الله العظيم

 

محمد العروسي الهاني  

 


كما يقول المثل

يقام في بلادنا مهرجان الضحك في عامه الثّاني… ولا يسعني بالمناسبة إلاّ أن أتقدّم أوّلا لمنظميه بأحرّ التّهاني.أمّا بعد فإنّني لا أعتقد في ضرورة تنظيم هذا المهرجان… لأنّ الضّحك متوفّر عندنا على مدى العام وفي كلّ مكان.نحن نضحك في البيت وفي الشارع وفي مقر العمل… لأنّ «كثر الهم يضحّك» كما يقول المثل. محمد قلبي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 جانفي 2008)


حول الجلسة العامة لمجلس الهيئة الوطنية للمحامين

 
بقلم الأستاذ: المنجي غريبي الجلسة العامّة الّتي دعا لها مجلس الهيئة الوطنية للمحامين لإخبار القاعدة المتعطّشة لجميع المستجدّات في متابعة تسهيل العمل اليومي، وتوسيع تدخّل المحامي وبالخصوص للإعلام عمّا تمّ التوصّل إليه في مطلب التأمين الصحّي، انطلقت على غير العادة في توقيتها المحدّد وتابعها في البداية حوالي خمسائة محام، وانفضّت بعد حوالي أربع ساعات بعدد لم يتجاوز السبعين وذلك يعني أن حضور البداية كان في حدود 10 بالمائة من عدد المحامين وكانت النهاية في حدود نفس النسبة تقريبا من عدد الحاضرين. و منذ البداية، اتّضح من كلمة العميد الافتتاحية أن غاية الاجتماع كانت لتهدئة الخواطر ولطلب التمديد لتقديم أجوبة محمّلة بالجديد، خاصّة وأن الصحافة اليومية استبقت الجلسة العامّة لإعلام المحامين بنتائج آخر جلسة عمل جمعت وزير العدل بعميد المحامين قبل ثلاثة أيام من موعد الجلسة العامّة والّتي إنتهت إلى « اتفاق مبدئي » حول التأمين الصحي بتدعيم الصندوق الحالي الخاص بالمحامين وزيادة مدروسة في معلوم طابع المحاماة ومساهمة رمزية للمحامين. ولن أتعرّض لتفاصيل الجلسة العامّة الّتي تمّت تغطيتها (الصباح 22 جانفي 2008) ولا للجديد بخصوص مشاغل المحامين بخصوص العمل اليومي بمختلف المحاكم ومطلب  » توسيع مجال عمل المحامي » والّتي تعرّض لها العميد بشير الصيد في كلمة الإفتتاح، لأنّها مسألة معاشة ولا تحتاج إلى أي إخبار أو إعلام، وهو ما دعا بعض الأصوات لترتفع منذ البداية مطالبة بالدخول في النقطة الثالثة من جدول الأعمال المتعلّقة بالتأمين الصحي. وما يخرج به المتابع من الجلسة العامّة يتلخّص في الاستنتاجات والملاحظات التّالية: أوّلا: إن مجلس الهيئة الوطنية للمحامين يريد تحقيق هذا المطلب بأي ثمن ويعمل على تجنب أي تصادم قبل تحقيق نتيجة أي صدور أمر جديد أو تنقيح الأمر المنظم للصندوق الحالي يضيف ما وقع الإتفاق بشأنه، والدليل على ذلك قول العميد  » ليس من الصّالح الدّخول من الآن في أشياء أخرى، فهناك حوار وهناك نتائج إيجابية أو على الأقل هناك حوار جدّي.. « . ومن المفارقات أن هاجس التصادم تضعه السلطة في اعتبارها وبدت راغبة في التنصّل من موضوع خلق مع مواضيع أخرى جوّا مشحونا تعمل على تجنّبه ولكن دون ثمن وبأقل ما يمكن من التنازلات .كما انّه من المفارقات أيضا، أن قاعدة المحامين ملّت الإنتظار ونفد صبرها أمام وضعيّة تتعلّق بحاجة ملحّة هي الصحّة، وقد تكون تبعا لذلك مهيّأة لتقبّل أي حل. ثانيا: إن العميد يعتقد أن بعض الأطراف تحاول أن تعرقله لكي لايحقّق أي شيء، لذلك يُعرض عن أي رأي مخالف ويرفض أي تمّش يؤجّل مشروعه، لذلك لاحظ مستغربا »أنا لا أفهم ..لا نقبل أن ترفض السلطة الحوار، ولكن عندما تحاورنا وتستجيب لطباتنا، لا يقبل البعض هذا الحوار ويقولون كلاما غير معقول… » كما،وصل إلى حد سحب الكلمة من أحد المتدخّلين أراد طرح تساؤل بخصوص بعض الشائعات، تتعلّق بالتصرف وبعض المسائل الحسّاسة الاخرى، كما قاطع العميد في أكثر من مناسبة المتدخلين، للتعليق أو الرد على بعضهم . ثالثا: يذكّر العميد باستمرار أنّه على دراية بمختلف التخمينات ويسعى إلى طمأنة القاعدة بكونه حسب حسابا لكلّ شيء، وفي حاجة إلى دعمها،لذلك ختم كلمته قائلا « لقد لاحظنا استجابة ونتمنى أن تتحقّق بعض مطالب المحامين، وإذا لم تف السلطة بما اتفقنا عليه فإن لكلّ حدث حديث، وأطلب من المحامين الحفاظ على الوحدة والإلتفاف حول عميدهم وهياكل المهنة. » رابعا: لقد أبرز باب النقاش الّذي فُتح للمحامين الّذين حضروا الجلسة العامّة أن بعض المتدخّلين التقليدين اختاروا  » الحياد « . فإنّ سجّل حضور كل الحساسيات والتكتّلات، فإنّ بعض الأطراف أحجمت عن التدخّل، أو تدخّل بعض عناصرها بتحسّب كبير.لذلك لا يمكن أن يغيب عن المتابع أن التجمعيين واليساريين غير المستقلين والإسلاميين خيّروا الحياد، ولكن »الحياد الإيجابي » أي منح فرصة لمجلس الهيئة ،دون معارضة علنية ،و يبدو أن العميد بذل كل مساعيه للحصول عليها، لمواصلة التمشّي الّذي اختاره لتحقيق بعض مطالب المحامين. خامسا: برزت بعض التدخّلات من محامي فرع سوسة لتطالب مجلس الهيئة بالتريّث والتثبّت قبل الانخراط في تمشي الصندوق الخاص بالمحامين، دون إخفاء التوجه الدّاعي للإنخراط في الصندوق الوطني للتأمين على المرض، بخلفية « تجنّب إثقال كاهل المحامين وإقتراح حلول لا تحقّق لهم تغطية اجتماعية مساوية لما يتوفّر لنظرائهم من المهن الحرّة من حيث المنافع والخدمات « .و هذا الموقف ليس جديدا، إذ ما فتئ يتبنّاه ويدعو له الأستاذ نصر بن عامر الرئيس السّابق للفرع الجهوي للمحامين بسوسة ويسانده جانب من المحامين، بعضهم أشهروا موقفهم ضمن عريضة، والبعض الآخر من جهات مختلفة لهم نفس الموقف ولكن لا يصدحون به. سادسا: صمت البعض بالحضور أو بالغياب يبقى دائما نقطة إستفهام لا يدخلها البعض في اعتبارهم، ولكنّها تبقى ذات أهمّية كبيرة، ويكفي أن نذكّر بما حصل للهيئة السّابقة عندما عرض مشروع القانون الدّاخلي على التصويت السرّي. وما يمكن ملاحظته أخيرا أن الجلسة العامّة الإخبارية للمحامين الّتي انعقدت في 19 جانفي الجاري ،طغى عليها التحسّب والحسابات، ووجد العميد نفسه إزاء أرضية ذات رمال متحرّكة، يبدو أنه خبرها بالفطرة، ولكن كما هو الحال في كل الأحوال،لا بد من التحسّب من التقلبات المناخية، رغم انه كان من المفروض أن يخرج الموضوع عن كل تخمين ويتقيّد بالعلم الصحيح فقط…
(المصدر: ركن « في رحاب العدالة » بجريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 جانفي 2008)


صفاقس:

عدول الإشهاد: «مهنتنا مهدّدة بالاندثار.. وفي طريقها إلى الزوال» ** مراجعة القانون المنظم للمهنة

 
صفاقس – الصباح: يوجد بالولاية 99 عدل إشهاد مباشر للعمل من بينهم 56تخرجوا من المعهد الاعلى للقضاء منهم ست عشرة امرأة، وتوجد عشرغرف عدول إشهاد بكامل الجمهورية بحيث توجد غرفة بمركز كل محكمة استئناف تضم وجوبا جميع عدول الاشهاد الذين يعودون إليها بالنظر … حاليا أصبح معظم أصحاب المهنة من الشباب ذكورا وإناثا، هؤلاء ما فتئوا يدافعون عن مهنتهم ويسعون إلى تحديثها وتطويرها وتحسينها على جميع المستويات، إن على مستوى القانون أو على مستوى الخدمات وذلك بما يتقدمون به من مقترحات عملية على الجهات المتخصصة وما يقومون به من جليل الاعمال وما يطرحونه من رؤى وأفكار، لعل أبرزها: بعث جمعية وطنية لعدول الاشهاد وهو مطلب أساسي مازالوا يناضلون من أجل تحقيقه وتجسيمه على أرض الواقع، وكذلك توسيع مجال تدخل عدل الاشهاد وتدعيمه وحمايته من المنافسة الشديدة التي يتعرض لها من بعض القطاعات الاخرى وضرورة توضيح اختصاصاته وإبرازها وحمايتها، فالعديد من المتخرجين حديثا من المعهد الاعلى للقضاء يلاقون الكثير من الصعوبات، لذلك من الضروري أن تكون التعيينات مدروسة بصفة متوازنة بين مختلف الولايات والجهات ومبنية على أسس علمية، فضلا عن ضرورة متابعة المتخرجين الجدد على الصعيد العملي وتوفير أحسن الظروف لهم أي بعدم الاكتفاء بتعيينهم وتكوينهم، ومن مطالبهم تدعيم الحجة العادلة وتكريس علويتها على الكتب الخطي وذلك من خلال إكسائها بالقوة التنفيذية إلى جانب قوتها الثبوتية حتى تكون أكثر نجاعة وبالتالي توفير ضمانات أكبر للمتعاملين بالحجة العادلة وتطويرها وجعلها مواكبة لمثيلاتها في العديد من الدول الاخرى، ومن بين المسائل التي تشغل بال العاملين بهذا القطاع مراجعة القانون المنظم لمهنة عدول الاشهاد (القانون عدد 60 لسنة 1994المؤرخ في 23 ماي 1994) وذلك بالاستعانة بالهياكل المهنية على غرار الغرف وبالتنسيق معها حتى تكون عملية المراجعة ناجعة وبناءة وأكثر فاعلية، ومن مشاغلهم المطالبة بالاهتمام بهم والاستماع إليهم، وبالرغم من المراسلات المتكررة التي تم توجيهها إلى سلطة الاشراف فإنها بقيت دون رد ولم تلق أي تجاوب فآخر اجتماع لوزير العدل وحقوق الانسان برؤساء غرف عدول الاشهاد يعود إلى ثماني سنوات خلت، لذلك فإنهم يرون أن القطاع مهدد في وجوده ومهدد بالاندثار وفي طريقه إلى الزوال… ونظرا لكثرة هذه المشاغل والقضايا والصعوبات سعينا إلى الاتصال بأهل المهنة للحديث معهم في مختلف هذه النقاط وفي جوانب أخرى عديدة. الصعوبات التي تعترض المرأة في القطاع في البداية تطرقت الاستاذة استبرق بنصالح (عدل إشهاد) إلى مسألة التعيينات المتعلقة بالمرأة في مختلف الولايات بصفة عامة في هذا القطاع، فهي تتعرض إلى عديد الصعوبات عندما يتم تعيينها في غير ولايتها، فإذا كانت عزباء تكون أقل ضررا من المتزوجة إذ بإمكانها تدبير شؤونها أما إذا كانت متزوجة فالامر يختلف خاصة إذا كان لها أبناء فأمورها لا تستقيم، عندئذ كيف يمكن أن تتصرف؟ وللتذكير فإنه ليس بوسعها طلب النقلة إلا بعد سنتين؟ وأشارت إلى أنه بعد النقلة يفقد عدل الاشهاد كل ما بناه وكونه من حرفاء خلال السنتين، لذا وجبت مراعاة المرأة المتزوجة بالخصوص عند التعيين، وتعرضت الاستاذة فاطمة شطورو عدل إشهاد إلى الصعوبات التي تعترض المرأة، فترى وجود إشكالية عند تحرير عقد الزواج، وتتمثل في عدم تقبل المواطن في صفاقس أن يكون عدل الاشهاد امرأة، ففي الريف يتم قبولها أكثر، وذكرت بأنه يوجد في هذه الربوع عدول إشهاد زيتونيين يقومون بعملية الاشهار الخاصة بالزواج وهذا لا يمكن أن يحصل باعتبارأن الاشهار يتم في المساجد، ولكن الحل يكمن في أن تختار المرأة التي تقوم بوظيفة عدل الاشهاد زميلا ذكرا للعمل معها في مثل هذه الحالات، وذكرت لنا أنه لم يسبق للمواطن أن طالب عند إبرام عقد الزواج بعدل إشهاد ذكر وعدلين إناث أو أربعة عدول من جنس الاناث ولم تعترض المرأة هذه الاشكالية باعتبار أن العدل في هذه الحالة عند تحرير العقود هو موثق، وفيما عدا ذلك لا تعترضها صعوبات عند تحرير العقود . الحجة العادلة وطرح الاستاذ وديع مقني عدل إشهاد أيضا بعض التساؤلات المتعلقة بالتعيينات منها ما هي المقاييس والمعايير التي يتم بمقتضاها التعيين؟ وعلق قائلا على ذلك « أعتقد أنه لا وجود لاي مقياس. »،  » لماذا لا تستشير وزارة الاشراف الجهات المعنية ؟، كـأن تستشير الغرف مثلا وأصحاب المهنة، هي تقوم بهذا العمل دون الاستعانة بالاحصائيات المحينة،فلا وجود لاية جهة تنسق معها عند التعيينات وتحدث الاستاذ محمد الطرابلسي عدل إشهاد، عضو مكلف بالعلاقات بغرفة عدول الاشهاد بصفاقس عن علوية الحجة العادلة على الكتب الخطي بصفة عامة فقال:  » الحجة العادلة يتلقاها مأمور عمومي أي عدل إشهاد، لذلك فهي تتميز بعلويتها فلا يمكن الطعن فيها إلا بدعوى الزور، على عكس الكتب الخطي الذي يحرره الاطراف أو كاتب عمومي ويتم إمضاؤه في البلدية، هذا على المستوى القانوني، لكن على المستوى العملي والمستوى الواقعي لا نجد هذه العلوية ولا نراها تعترضنا، باعتبار أنه مثلما تكون حجة عدل الاشهاد نافذة مثلما هي حجة الكاتب العمومي نافذة، تكون حجة الاطراف نافذة، فالعلوية غير موجودة إلا على مستوى النصوص، أما بالنسبة إلى إكساء محررات عدل الاشهاد بالقوة التنفيذية فإنه مطلب نرجو أن يتحقق بالرغم من أننا سنواجه اعتراضات من عديد القطاعات لاسيما قطاع المحامين، لان هؤلاء ليس من مصلحتهم أن هذه الحجج لا تثير نزاعا باعتبار أن كتب الاشهاد ينفذ مباشرة إذا تم إكساؤه بصبغة تنفيذية في حالة وقوع نزاع دون أن تمر بمرحلة تقادم، وهذا بطبيعة الحال لا يخدم مصلحة المحامين، إلا أنه من الناحية العملية سيطور المسألة وسيكرس علوية كتب عدول الاشهاد، على غرار ما هو معمول به في بلدان مجاورة مثلا موريتانيا والجزائر وغيرهما فهو سند تنفيذي لتحقيق أكثر جدوى وأكثر ضمانات بالنسبة إلى المتعاملين وكذلك تخفيف العبء على المحاكم ويتمثل دور المحكمة في الرقابة في هذا المستوى. أهمية القطاع و تدخل الاستاذ هشام الفراتي عدل إشهاد أيضا وعضو بالغرفة مكلف بالاعلام، فبين أهمية القطاع بالنسبة إلى الدولة فأشار إلى الاهمية المباشرة ومكانة عدالة الاشهاد في منظومة التسجيل والجباية،والجباية المحلية بصفة خاصة، فأكد على أن عدل الاشهاد له أهمية بارزة ومساهمة فعالة باعتباره جامعا للضرائب بمقتضى القانون، فلا يخفى على أحد أهمية المداخيل والموارد المالية المتأتية إلى خزينة الدولة من معاليم العقود المحررة من قبل عدول الاشهاد وما يلاقيه هؤلاء من عناء أحيانا عند المساهمة في إبرام تلك العقود لان هذه الاخيرة لا تأتي من فراغ فهي تقوم على الاعتبار الشخصي والذاتي لعدل الاشهاد،فهو الذي ييسر التعاقد، وهنا يتبين للجميع أن المداخيل التي تحققها الدولة فيها مجهود لعدل الاشهاد، وباعتباره مساعدا رئيسيا لمصالح المالية فهو عنصر فعال لجلب مداخيل هامة لخزينة الدولة، فهو يساهم في اقتطاع التسجيل على غرار  » التواكيل  » والاستجوابات والكفالات ولاسيما العقود الناقلة للملكية التي تحقق مداخيل جبائية هامة للدولة، وهو كذلك مطالب بالحصول على وصل خلاص الاداء البلدي عند تحرير عقد البيع، حينئذ هو مراقب لهذه العملية قبل البلدية، والسؤال المطروح في هذا الباب هو: « ألا يعد تدعيم الاختصاصات الاحتكارية وتدعيم خطة عدل الاشهاد تدعيما للموارد المالية للدولة؟ » توسيع مجالات تدخل عدول الاشهاد و طالب الاستاذ معز كريشان عدل إشهاد عضو بلجنة التأديب بالغرفة بمراجعة القانون المؤرخ في 23 ماي 1994، وذلك بطرح استشارة بمبادرة من وزارة العدل في هذا الخصوص وتشريك الهياكل المنظمة والغرف ومساعدي القضاء وخبراء من وزارة العدل لتطوير القانون وتحيينه خاصة أن القانون قد صدر منذ أكثر من عشر سنوات حصلت خلالها تغييرات عديدة في العالم حتى يواكب عدل الاشهاد مختلف التطورات في المحيط المتوسطي نظرا للتعاون مع الاتحاد الاوروبي، لذلك فإن الضرورة تكون ملحة للقيام بهذا التحيين، خاصة أن هناك تعاونا دوليا مع الاتحاد الدولي لعدول الاشهاد، وأشار إلى أنه من خلال تجربة العديد من الزملاء أن هناك فجوة كبيرة تحول دون هذا القطاع والقيام بدوره على أحسن وجه ضمن المنظومة القضائية وفي كل الحالات هناك سعي إلى تحقيق مصلحة المواطن والحفاظ على المهنة. وتدخل الاستاذ محمد الفخفاخ عدل إشهاد وأمين مال الغرفة للحديث في موضوع اعتبره هاما جدا وهو توسيع مجال تدخل عدل الاشهاد وتدعيمه وحمايته من المنافسة الشديدة التي يتعرض لها وضرورة توضيح اختصاصات عدل الاشهاد وإبرازها وحمايتها، وللتذكير فإن عدل الاشهاد في الدول العربية وحتى الاجنبية يدعى  » الموثق » أو كاتب العدل أي يتم توثيق العقود والتصريحات وفق الفصل الثاني عشر من قانون المهنة الذي يشير إلى تلقي تصريحات الاطراف أو السلط التي ترغب في تدوين ذلك في حجة رسمية أو ما تسند له قوانين خاصة في اختصاص معين مثل عقود الزواج وتحرير صكوك الرسوم العقارية، وهذا لا يكفي لان هذا الاختصاص جاء في المطلق لكن عدل الاشهاد يكتب معه المحامي والكاتب العمومي وفي عقد الزواج يحرر معه ضابط الحالة المدنية وفي إدارة الملكية العقارية يكتب معه محررو إدارة الملكية العقارية والمحامون، وفي عقود الرهن تشتغل معه البنوك، فهل بقي قطاع آخر لم يتدخل للكتابة معه؟ حينئد، ما هي الاختصاصات الحصرية لديه؟ هي تقريبا أربعة فقط وغير متداولة بكثرة وهي: عقد الهبة في المقام الاول، والتنصيص على الرهن في النصوص غير المسجلة حسب الفصل 276 من مجلة الحقوق العينية، وتحرير الفرائض بالاعتماد على حجة الوفاة المنصوص عليها في الفصل 12 من قانون المهنة، وأشار إلى إمكانية تعيين خبراء وهو أمر غير قانوني باعتبار أن القانون نص على أن عدل الاشهاد هو الوحيد الذي يقوم بهذا العمل، هذا بالاضافة إلى التسجيلات، وحجج الوفيات بالنسبة إلى المتوفين قبل سنة1964، فماذا بقي له بعد ذلك…؟، لقد شبه محدثنا عيش عدل الاشهاد في غابة، الجميع يسعى إلى افتكاك اختصاصاته أو يتدخل معه، وهذا أمر غريب باعتبار أن الجهات المتخصصة تشترط الحصول على الاستاذية والمشاركة في مناظرة وطنية كتابية وشفوية، ثم الدخول إلى المعهد الاعلى للقضاء للخضوع إلى التكوين ثم إلى تربص في مجال المهنة، في المقابل ماذا تم منحه؟ وختم تدخله بالقول  » المطلوب منحنا اختصاصات حصرية، وبالمناسبة أرجو أن يتم بعث غرفة وطنية لعدول الاشهاد. » توحيد الاجور وطالب الاستاذ وديع مقني أن يكون عدل الاشهاد الموثق الوحيد في المنظومة القضائية،لان هناك من يقوم باختصاصات غير اختصاصاته، أما الاستاذ عبد المجيد الفقي عدل إشهاد وكاتب مساعد بالغرفة فتطرق إلى ضرورة تنقيح القانوق عدد 84 لسنة1992 والصادر بتاريخ 6 أوت 1992 والمتعلق بأجرة محرري العقود بإدارة الملكية العقارية بهدف توحيد الاجور كإجراء أولي واستعجالي بين سلك عدول الاشهاد وسلك محرري العقود بإدارة الملكية العقارية وذلك بالترفيع في تعريفة هذا السلك أي تعريفة محرري العقود وجعلها مماثلة لتعريفة عدول الاشهاد، خصوصا أن الفقرة الاخيرة من الفصل الخامس من القانون عدد 64 لسنة 1991المؤرخ في 29 جويلية1991والمتعلق بالمنافسة والاسعار والواقع تنقيحه وإتمامه بالقانون عدد60 لسنة 2005المؤرخ في 18 جويلية 2005 ينص على ما يلي: « .. يمنع عرض أو تطبيق أسعار مفرطة الانخفاض بصفة تهدد نشاطا اقتصاديا، ونزاهة المنافسة في السوق ». وحاول الاستاذ أسامة الزوش عدل إشهاد وكاتب عام الغرفة في النهاية الحديث عن مطلب أساسي يتمثل في الدعوة إلى بعث جمعية وطنية لعدول الاشهاد لان السعي ما زال متواصلا إلى تحقيق ذلك على أرض الواقع وذكر محدثنا أن عدم التوصل إلى تحقيق ذلك هو مشكل يؤرق الجميع بالرغم من الجهود المبذولة والاتصالات المكثفة من قبل بعض الغرف الجهوية والحرص الواضح منها على قيام هذا الهيكل الوطني، فما هذه الاضافة التي يمكن أن تقدمها هذه الجمعية الوطنية للقطاع؟ هذه الجمعية هي هيكل وطني يضم جميع الغرف الجهوية، وبالتالي فإنه يضم كافة عدول الاشهاد بالجمهورية التونسية ويعمل على حماية مصالح القطاع والدفاع عنها وخاصة تطوير القطاع خدمة للصالح العام، وينتقل بالقطاع من حالة الركود والجمود إلى حالة تتسم بالحركية والفاعلية والديناميكية وتحويل القطاع بالتالي إلى قطاع معاصر بنسبة مائة بالمائة، زيادة عن كونه يمثل البلاد التونسية في المللتقيات والمؤتمرات الدولية والاقليمية . وأضاف قائلا: » بصفتي كاتبا عاما للغرفة أقول بأننا أرسلنا العديد من المراسلات في السابق أو حاليا إلى سلطة الاشراف وكل الجهات المعنية إلا أنها بقيت دون رد إلى يوم الناس هذا، فسلطة الاشراف يقتصر اهتمامها على المحاماة وبدرجة أقل القضاء دون غيرهما، وكأن قطاع عدول الاشهاد غير تابع لوزارة العدل وحقوق الانسان ». وقال  » القطاع مهدد في وجوده، فلقد أصبح في طريق الزوال ».: هذا كم هائل من المشاغل والهموم والمشاكل والمطالب، فهل ستعرف وضعية عدول الاشهاد طريق الانفراج؟ محمد القبي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 جانفي 2008)


في ندوة صحفية للجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي:

** تحفظات عديدة حول مشروع القانون التوجيهي للتعليم العالي… ودعوة إلى إرجاء عرضه على مجلس النواب ** ضرورة إحداث مجلس أعلى للتعليم العالي والبحث العلمي… وإلى تمثيلية كل الأصناف الجامعية داخله

 
تونس ـ الصباح: يمثل مشروع القانون التوجيهي للتعليم العالي والبحث العلمي الاهتمام الاول في الوسط الجامعي ووزارة الاشراف خلال هذه الايام، على اعتبار انه سيمثل نقلة في الحياة الجامعية على كل الاصعدة، وخطوة جديدة في تنظيم التعليم العالي ومؤسساته. وقد جاء هذا القانون بعد قانونين سابقين تم اعتمادهما منذ الاستقلال، وبعث الجامعة التونسية، حيث دام اعتماد القانون الاول 30 سنة، والقانون الثاني 20 سنة. القانون التوجيهي الجديد الذي تمت صياغته خلال الاشهر الاخيرة سوف يطبع الحياة الجامعية بطابع جديد يشمل سير الجامعة وتسييرها والبحث العلمي، وغيرها من الجوانب الاخرى التي تتصل بالحياة الجامعية، وبالتالي سيكون الارضية الجديد التي تتحرك الجامعة على قاعدتها في المستقبل. لكن يبدو ان الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي لها جملة من التحفظات حول جوانب عديدة منه، وحول الاساليب التي تمت صياغته بها، وخاصة عدم مشاركة الجامعيين وممثليهم في صياغته. ولكل هذه الابعاد دعت الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي ممثلة في كاتبها العام السيد سامي العوادي وبحضور الامين العام المساعد لاتحاد الشغل السيد محمد السحيمي امس الى ندوة صحفية، حضرها ممثلو الصحافة الوطنية لابراز جملة المآخذات حول هذا القانون. فما هي ابرز مشاغل الجامعة بخصوص القانون التوجيهي للتعليم العالي؟ السحيمي والعوادي في افتتاح الندوة الصحفية تولى السيدان سامي العوادي كاتب عام الجامعة ومحمد السحيمي الامين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل في بداية الندوة الاشارة الى اهمية القانون التوجهي للتعليم العالي، وتقديم بسطة عن القوانين السابقة التي حكمت الحياة الجامعية لـ 50 سنة. وافاد السحيمي في هذا الجانب ان التعليم يكتسي عموما وعلى الدوام احد مشاغل الاتحاد، حيث كان الاخير له اهتمام خاص به على اعتبار ان التعليم يمثل نقطة القوة الاساسية في بلدنا، خصوصا في مرحلة العولمة الحالية التي تتسم بجملة من التطورات والتحولات التي تشهدها كل القطاعات ومن بينها التعليم وتوجهاته. وافاد في هذا الصدد ان القانون الجديد للتعليم العالي طرح على المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وابدى بشأنه عديد الملاحظات التي ستمثل وثيقة اساسية في مواقف الجامعة القادمة والاتحاد العام التونسي للشغل عامة وابرز السيد محمد السحيمي ان المشكلة تكمن اساسا في كيفية تقدير مشاريع من هذا القبيل وكيف تتم الاحاطة والتحيين عبرها وكذلك الصعوبات التي تحصل في كل مرة في مثل هذه القرارات. كما ابرز ايضا العلاقة الصعبة التي تجمع بين وزارة الاشراف والجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي، باعتماد الوزارة على بعض الاطراف النقابية الاخرى وذلك فقط لتهميش ممثلي القطاع. ودعا في الاخير بصيغة تمني ان يؤخذ برأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي في هذا الموضوع الحساس؟ تساؤلات حول القانون التوجيهي للتعليم العالي ابرز السيد سامي العوادي ان مجلس النواب سينظر في هذا القانون يوم الثلاثاء القادم وذلك للمصادقة عليه. وبين ان القانون يكتسي اهمية كبرى باعتبار ما يترتب عنه من اعادة نحت لملامح منظومة التعليم العالي وهيكلتها وتقسيم الادوار ومهام المتدخلين، ومن تأثير على ظروف العمل وآداء المنظومة ككل بحثا وتدريسا. كما سيضيف هذا القانون عنوانا يتعلق بمسائل التقييم والجودة والاعتماد. لكنه يؤكد ان جملة هذا التصور لم يحض بتشريك كل الاطراف في صياغة بنوده وعناوينه، بل كالعادة انفردت الوزارة بالراي والصياغة، ولم تدع أي طرف جامعي الى المشاركة فيه رغم المراسلات المتعددة التي وجهتها الجامعة للوزارة قصد المشاركة في صياغة القانون. وحول جانب الانفراد بالراي الذي تمارسه الوزارة وانعدام التشاور اشار الكاتب العام للجامعة ان صياغة هذا القانون تمت بتجاهل كامل للجامعة، دون حتى الاهتمام بالملاحظات التي تم توجيهها للوزارة، وسيعرض على مجلس النواب في صياغته الاولى، ودون الملاحظات الجوهرية التي عبر عنها المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول هذا القانون. وبخصوص التساؤلات الجوهرية التي تولت الجامعة ابداءها فانها تتركز حول عديد الفصول الواردة بالقانون وتتمثل في الاتي: ـ حول العنوان الاول المتعلق بالاهداف الاساسية والتنظيم العام ومن خلال الفصل الثالث للقانون فان ارساءه وقع دون الاستناد الى نصوص قانونية، بل عبر منشور وزاري فحسب وهي تتساءل حول قانونية هذا الفصل. ـ كما تتساءل الجامعة طبقا لفصول القانون حول وضعية المعاهد العليا للدراسات وضرورة ادماجها في الجامعات كبقية المؤسسات الجامعية لوضع حد لعزلتها الحالية. ـ بخصوص الجامعات ومن خلال الفصل 9 من القانون تتساءل الجامعة كيف تصنف الجامعة على انها مؤسسة عمومية ذات صبغة علمية وتكنولوجية، والحال ان تصنيفها القانوني تعدها مؤسسة عمومية ذات صبغة ادارية تلحق ميزانيتها ترتيبا بميزانية الدولة. كما تبدي الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي جملة ملاحظات حول فصول القانون الجديد نذكر منها الفصل 10 و12 و14 و22 و24 و26 و35 و45 وهي تتعلق باستقلالية الجامعة في اداء وظائفها البيداغوجية والعلمية ومدى حقها في انتخاب من يشرفون عليها الذي لم يكرس الا بشكل محدود جدا. كما تتساءل عن عقود التكوين والبحث وضرورة اعتماد مبدإ الرقابة اللاحقة على المخابر والوحدات. كما تتساءل حول تغييب التنصيص في القانون الجديد على احداث مجلس للجامعات. انتظارات لم يجب عنها القانون التوجيهي ويختتم السيد سامي العوادي كاتب عام الجامعة مداخلته بالقول: « هذه جملة التساؤلات التي نسوقها بعد اطلاعنا على مشروع الوزارة للقانون المشار اليه والتي تنم على مخاوف من اصدار قانون لا ينسجم مع روح العصر المنادية بالتشاور والشراكة والحوار، ولا مع خصوصيات الجامعة، وان املنا كبير في ان النواب سيولون الموضوع ما يستحق من العناية والإثراء. واننا لا نسعى من خلال هذا التمشي الا الى ان يكون القانون التوجيهي الجديد في مستوى طموحات كافة المتدخلين في القطاع. علي الزايدي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 جانفي 2008)


حول المحاكمة الظالمة لبن صالح و«جماعته»

 
بقلم: الاستاذ علي بالرايس عقدت مؤسسة التميمي جلسة حول محاكمة المناضل الوطني الكبير الدكتور احمد بن صالح و«جماعته» باشراف احد المحاكمين والمتنكرين بعد ذلك لبن صالح السيد الطاهر قاسم وقد شهدت الجلسة خلطا كبيرا بين الحديث عن المحاكمة الظالمة وبين سياسة الستينات التي ارست البنية الاساسية وحررت المرأة ونشرت التعليم واعتنت بصحة المواطن وشؤونه الاجتماعية واصلحت الاف الهكتارات وزرعت ملايين الاشجار المثمرة وخاصة اشجار الزيتون في القيروان والشمال واحيت اراضي سيدي بوزيد والتي لا يمكن اطلاقا تقييمها موضوعيا في ساعات واطلب من الاخ والصديق الاستاذ الدكتور عبد الجليل التميمي ان يخصص حلقات دراسية يحضرها اهل السياسة والاقتصاد والاجتماع امثال احمد بن صالح ومصطفى الفيلالي والشاذلي العياري واحمد المستيري ومنصور معلى وعلية العلاني والزعنوني والدكتور عبد الرحمان عبيد المختص في المسألة «البنصالحية» وبعض ولاة الستينات الممتازين يتقدمهم المناضل الوطني الكبير الاستاذ الهادي البكوش تسودها الموضوعية العلمية وتتجنب فيها تشنجات الجهلة والمتهورين. ونعود الان للمحاكمة الظالمة لانوه بمداخلة الاستاذ البشير الخنتوش الذي اعرفه منذ كنا طلبة في الستينات ولم يتناقض اطلاقا في رأيه الذي ابداه هو طالب شاب ثم محام انها فعلا مهزلة مضحكة مبكية ان يتنكر رئيس دولة لسياسة رسمها وقادها وتطرف اكثر من بن صالح في تأييدها لينسف الى الابد مصداقيته كزعيم ورئيس الدولة وليكون هو اول ضحايا هذا التنكر بأن اصيب بمرض عضال لم يشف منه ابدا حسب ما ذكره احد اقرب الناس اليه وهو الشاذلي القليبي في كتابة: الشرق والغرب السلم الصعب. ثم اني كطالب اشهد بأن الاغلبية الساحقة من طلبة ذلك الوقت وقفت بكل شهامة وانفة وعزة نفس ضد المهزلة وطالبنا مرات عديدة في اجتماعات اشرف عليها اعضاء من الحكومة باطلاق سراح بن صالح و«جماعته» وحررنا عشرات العرائض وامضينا عليها وسلم احدها الاخ محمود مفتاح الى الاخ مصطفى الفيلالي مدير الحزب انذاك طالبا منه تسليمها لرئيس الجمهورية واذكر للتاريخ وبعد ان حرر بن صالح نفسه ـ حسب عبارة الدكتور عبيد الذي لا يقبل كلمة فرار ـ خطب الاخ الكريم محمود مفتاح في اجتماع طلابي حاشد اشرف عليه السيد محمد المصمودي وطالب باطلاق سراح السيد الطاهر قاسم وفعلا لم تمر على هذا الطلب ايام حتى تدخل السيد المصمودي وتم اطلاق سراح قاسم قبل اتمام العقاب. هذا اذكره للتاريخ اما المحاكمة المهزلة فهي عبرة لابد ان نوضحها للاجيال الحاضرة والقادمة حتى تعلم ان الحق ينتصر ولا يهزمه الباطل المسنود بالقوة ولكن الحق هو المنتصر في اخر المطاف فاعضاء المحكمة اهانهم بعد ذلك نفس الرجل الذي كلفهم بها فمنهم من عزله بعد الغاء الوكالة العامة للجمهورية ومنهم من فضحه في خطاب امام الطلبة وبث على الشعب في الاذاعة والتلفزة حول ضلوعه في اغتيال قريبه وابن بلدته المناضل صالح بن يوسف ومنهم من سجنه اثر المواجهات التي دارت بين اتحاد الشغل والحكومة وفي الاثناء كان بن صالح يعامل من طرف الرئيس الجزائري بومدين كوزير او اكثر ويلتقي به على انفراد اكثر من ثلاث ساعات ويستشيره ويكلفه بمهام. واذكر ايضا ان احد الشعراء الطلبة ابديت له المي الشديد متسائلا: كيف يحاكم احمد بن صالح والهادي البكوش وابراهيم حيدر من طرف هؤلاء الذين لا علاقة لهم اطلاقا بالمعرفة؟ فأوحى له المي بقصيدة عصماء عنوانها الحلاج وبيت القصيد فيها: «حياتكم أفيون وعقلكم عاطل»، «فحكموا المجنون وحاكموا العاقل» اقول لابنائي وبناتي تمسكوا بالحق ولو انهزم فهزيمته مؤقتة لان الاقزام في المرتفعات هم دونكم قدرا واقل منكم علما وحكمة وخلقا سيتحكمون في امور حياتكم بقوة ارتفاعهم عنكم وان لم يكونوا اطول قامة ولا اعظم نفسا لكنكم تبقون العمالقة ويبقون الاقزام ساندوا الحق ما استطعتم فهو جهاد كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم افضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر. وقبل النهاية اقول ان سبب هذا التسلط وهذه المظلمة في عهد الزعيم الراحل بورقيبة هو تأليه الاشخاص وعدم ارساء دولة المؤسسات والقانون واحترام الرأي المخالف التي في غيابها يلتف حول الحاكم مرتزقة ثم وبسرعة البرق ينقلبون ويفرون اذا تهاوى الصنم وسقط. وللتاريخ اقول ان بعض الذين ظلمهم بورقيبة ساهموا في تأليهه وفي عدم المطالبة باحترام القانون والدستور المقدسات كافطار رمضان الذي اذكر اني كنت تلميذا مقيما في معهد بنزرت نصومه من الثامنة مساء الى الثامنة مساء دون سحور او حتى الافطار عند اذان المغرب في الساعة الخامسة وكان المسؤولون انذاك يتباهون بالتدخين امام الناس وفي الشوارع وكذلك فعلها بعض اساتذتنا سامحهم الله في الساحة وفي القسم على مرأى ومسمع منا جميعا بينما يحترمنا الفرنسيون ولا يدخنون امامنا في رمضان. فدارت عليهم الدوائر وكانوا ضحية هذا التأليه فكانت المحاكمة الباطلة التي اوجدت بعد التهمة اي ضد مبدإ لا رجعية في القانون وكل ما هو مبني على باطل فهو باطل كما وضحت ذلك في الابان لوزير العدل انذاك السيد محمد السنوسي في اجتماع شعبي عقد بمقر بلدية بنزرت وتألمت كثيرا وانا الطالب كيف يؤيد الوزير وهو استاذ قانون هذا الخرق الفاضح للقانون وقد جازاه بورقيبة ايضا بعزله بعد استعماله الة لخرق القانون الذي يدرسه فصار يقول ما لا يفعل وفقد ايضا مصداقيته للحصول على «جرد وزارة» زالت بسرعة البرق. درة المتوسط رفراف – جانفي 2008 (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 جانفي 2008)


مصر.. البهيّة!!
 
بقلم: برهان بسيّس سقط جدار المعبر وزحف المحاصرون في غزة نحو مدن الحدود المصريّة للتزوّد بحاجتهم من مواد الحياة. المشهد الآن يشبه حلما قوميا وحدويّا انهارت فيه الحدود وسقطت خلاله بوابات الفصل بين شعبين عربيين لتلتقي ارادتين رفضتا الموت تحت الحصار. لكن المشهد في حقيقته بعيدا عن الاحلام والطوباويات هو كما يصفه المحلّلون «وضع استثنائي».. نتج عن حالة الفوضى التي سادت حدود غزة مع مصر تحت وقع الحصار الإسرائيلي. لا بد من الإقرار ان موقف القيادة المصريّة خلال هذه الأزمة جدير بالتنويه فالرئيس مبارك كان واضحا في التعبير عن رفضه الوقوف صامتا أمام تجويع الشعب الفلسطيني. فالبرغم من كل الضغوطات ومختلف ألوان الإبتزاز التي تحاصر القاهرة فإن مصر وبقرار من قيادتها هي من سمحت بإزالة الحاجز الحدودي في رفح ووافقت على تدفق الفلسطينيين نحو مدنها ذهابا وعودة. اختارت مصر أن تكون وفيّة لتقاليدها القومية المشرفة رغم حساسية الظرف ودقة الموقف لتفتح أبوابها أمام الفلسطيني المحاصر ولتواظب على مجهود لم الشمل الفلسطيني عبر دعوتها لفرقاء الصف والقضية الى الركون للحوار والتواصل خدمة لمصلحة القضيّة الفلسطينية. أعتقد ألا أحد يقف على حدود الإحراج والضغوط والحسابات المعقدة كما تقف مصر على التماس الحارق للقضية الفلسطينية وكم كان سهلا على جمل الشعارات الجوفاء وخطابات «الرفض الثوري» استهداف مصر بتهم «التسليم» و«الخيانة» و«التآمر»، تلك الإستعارات التي استقرت في ركن من القاموس السياسي والإعلامي العربي منذ توقيع السادات اتفاقية الكامب مع اسرائيل. لكن يغيب عنا احيانا ان قدر مصر بحكم الموقع والتاريخ ومعادلات الجيو ـ سياسة ان تبقى الحاضن الرئيسي للطموح الوطني الفلسطيني مهما علت نبرة الإنتقادات لمواقف قيادتها. تلك الإنتقادات التي لم تقتنع الى الان ان المرحلة قد تغيّرت وان مصر عبد الناصر العظيمة الحالمة لا يمكن ضرورة اعادة انتاجها مهما كان الظرف ومهما تعقدت المرحلة. في ذروة المقاطعة لحماس بقيت القاهرة العاصمة الوحيدة التي تستقبل قيادات هذه الحركة لتناقشهم وتتبادل معهم الرأي وتحاول تقريب وجهات النظر بينهم وبين سلطة رام الله. الخط بين القاهرة وكل القيادات الفلسطينية بقي دوما مفتوحا مهما كانت دقة الظرف في ثقة متبادلة واضحة طالما عبرت عنها معظم الفصائل الفلسطينية المعنيّة بالفعل والتأثير على مجريات القضيّة الفلسطينية ميدانيا في ما يبدو مفارقة غريبة حين لا يكفّ البعض عن شتم القيادة المصريّة بنعوت «التسليم» و«التآمر» في حين لا يفوت خالد مشعل او اسماعيل هنيّة فرصة للكلام دون التعبير عن الثقة في دور مصر في لم الشمل الفلسطيني او لعب الأدوار الإيجابية لفائدة القضيّة الفلسطينية. واهم من يعتقد ان دماء عبد الناصر قد جفت عن التدفق في قلب السمراء البهيّة.. مصر النابض قلبها عروبة مهما تعقلنت او كانت أكثر واقعيّة!!
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 جانفي 2008)


حول «ذو القرنين» وأصحاب الرسّ

 
بقلم: محمد الحبيب نويرة (*)
أطالع أحيانا ما يكتب أيام الجمعة حول ما يتصل بالدين في جريدة الصباح، وقد لفتت نظري كتابات الشيخ محمد قاسم، فشدّت انتباهي، وخطر لي أن أعلق على بعضها فأبتدئ بما قاله يوم الجمعة 26 أكتوبر 2007 حول شخصيات ذكرها القرآن، ذو القرنين ومن هو؟ فقال: «هناك ثقة لا ريب فيها بما ترويه أمهات التاريخ المعتمدة قديما وحديثا» وحبذا لو ذكرها أو بعضها… «لقد جاء في مقال «الأستاذ إبراهيم العدوي بمجلة «منبر الإسلام» المصرية عدد 7 عام 1398 صفحة 28 ما يلي: أكدت التحقيقات التاريخية الصحيحة في تاريخ اليمن أن «ذا القرنين هو الملك الحميري» شمهرين عش» الذي أشار إليه بعض مؤرخي العرب كابن بطوطة وهو الذي ورد ذكره في العصر الحديث» فهل تأكد الشيخ مما نقله عن العدوي، وعن التحقيقات التاريخية الصحيحة التي تأكّدت؟، وأين ورد ذكر الملك شمهرين في العصر الحديث؟ «فأسلوب الفرقان يشير إلى ذي القرنين بأنه مؤمن بالخالق الواحد… وأنه في مصر عاش في عهد الطاغية فرعون» إني لم أفهم كيف يكون ذو القرنين الملك العظيم في اليمن عاش في مصر مع فرعون؟ ثم ألا يعلم الشيخ أن «فرعون» ليس عَلمًا على شخص معين بل هو لقب حمله المئات منذ الألف الرابعة إلى المائة الرابعة قبل الميلاد؟ ففي عصر أيّ من هؤلاء عاش ذو قرني الشيخ؟ علما وأن الفراعنة كانوا يحملون أسماء حقيقية تميز أحدهم عن الآخر «خوفو» و«تحتمس» و«أخناتون» و«حتشبسوت» و«رمسيس» مثلا. ويستمر الشيخ قائلا: «فاتخذ – شمهرين – جانبي صدغيه جداول لشعره اتقاء من ضربات السيوف فسُمّي بذي القرنين أي الضفيرتين» – أولا لا يقال جداول بل جدائل، فالأولى جمع «جَدْوَلٌ»، وهو النهير الصغير، والثانية جمع جديلة وهي «الضفيرة». وثانيا صحيح أنّنا نطلق على ضفائر الشعر اسم القرون ولكن هذه العادة المنتشرة ومازالت عند البدو الرّجال إلى الآن في جزيرة العرب يشترك فيها الآلاف من الأشخاص أو أكثر، فلكي تصير علما على شخص مُعيّن يجب أن تتميز بأمر ما. وفي التاريخ هناك بعض من قادة الحروب كانوا يلبسون خوذات تحمل قرني ثور أو كبش وممن اشتهر بذلك «الاسكندر المقدوني» كما ورد في «المنجد»، الا أنّ الشيخ العلامة محمد الطاهر ابن عاشور يميل إلى أنّ لقب «ذو القرنين» يقصد به أحد أباطرة الصين لأنّ كثيرا مما ورد حول هذه الشخصية التاريخية تنطبق على أحد قادة تلك البلاد، من ذلك «ياجوج وماجوج»، وسور الصين العظيم – أي السد – وذهابه غربا إلى أن وصل الى عين حمِئَة، بينما الاسكندر ذهب شرقا. ويقول الشيخ «إن كلاّ من العهد القديم والجديد لم يُومي إلى الاسكندر» والجواب على ذلك هو أن العهد القديم سابق والعهد الجديد لم يعتن بشؤون الدنيا كثيرا. ثم يقول: «إن المنجم المؤرخ أبوبكر البيروني يقول في كتابه «الآثار الباقية» إن ذا القرنين اليمني لُقّب ملكا بعد هلاك فرعون ودوخ العالم بداية من بلده اليمن، ودخل بجيوشه ساحل البحر الأحمر ومرّ بشمال إفريقيا، تونس ومراكش». فهذه تخمينات، لا مصدر لها والتاريخ لم يثبت من ذلك شيئا. ويستمر الشيخ في نقله: «ويذهب الشيخ أحمد مصطفى المراغي في تفسيره أنّ ذا القرنين من ملوك التبابعة حكم الحميريين منذ عام 115 إلى عام 552 ميلادي، وقوم «تُبّع» خضعوا لصاحب القرنين كما هو الحال لدي قوم نوح، وأصحاب الرسّ وثمود، وعاد وإخوان لوط، وأصحاب الأيكة» فهذا غثيان وخلط عجيب، والشيخ مغرم بإدخال الآيات القرآنية كلّما عنّ له ذلك بدون مناسبة ولا ارتباط بالموضوع المتحدث عنه، فالتاريخ الذي ذكره 115/552م قريب جدا وما جرى في تلك الفترة مدون ومعروف وليس ما قبل التاريخ. ويستمر الشيخ قائلا: «ان ياجوج وماجوج كما ورد في تفسير المراغي كانوا يسكنون شمال آسيا وهي مقرّ لأنبياء الله». والذي نعلمه وورد في التوراة والانجيل والقرآن وكتب التاريخ أنّ أنبياء الله جميعا كان موطنهم جنوب غرب آسيا لا شمالها وفي جزيرة العرب بالذات بما فيها بلاد الرافدين وبلاد الشام، فديار بكر في جنوب شرق تركيا الحالية وديار مضر في جنوب غربها، وقل ربّ زدني علما. حول أصحاب الرسّ في القرآن الكريم قال الشيخ: «لفت نظري ما جاء بجريدة الصباح يوم 26/10/2007 مما له صلة بأخبار قوم الرسّ الذين خضعوا للتبابعة ضمن أقوام آخرين» كثمود وعاد واخوان لوط ونسب ذلك للشيخ أحمد مصطفى المراغي في تفسيره، ثم يقول الشيخ: «ويقول الصحابي قتادة في تفسير المراغي – الرسّ هم أهل قرية سَدوم أكبر قرى قوم لوط في اليمن كما ذهب أبوعبيدة فهم الرّساس أو الفلجُ». سَدُوم وعَمُّورة قريتان كانتا في جنوب بلاد الشام وليستا في اليمن. فسيدنا ابراهيم الخليل خرج من «أور» جنوب بلاد الرافدين مصطحبا معه أفراد عائلته ومنهم ابن أخيه لوط فصعدوا شمالا بمحاذاة نهر الفرات الى أن وصلوا إلى «حاران جنوب غرب تركيا حاليا لا حرّان، التي في جنوب الشام ثم نزلوا مع نهر الاردن وذهبوا إلى مصر حيث أهديت لابراهيم جارية هي هاجر ثم رجعوا إلى الشام وقد كثرت خيرات ابراهيم ولوط وتشاجر دعاتهما فافترقا وهناك في جنوب الشام كانت إقامة لوط وتعرضه للامتحان مع قوم سدوم وعمورة اللتين دُمّرتا ولم يبق لهما أثر، ولم يذهب الى اليمن لا ابراهيم ولا لوط (اقرأ التوراة) والذي يجب علمه هو أن سكان تلك البلاد كانوا كنعانيين وابراهيم وقومه عبرانيون. ويمضي الشيخ فيقول: «وكما يستفاد من كلام علامتنا محمد الطاهر ابن عاشور في بيانه للرسّ في تحريره وتنويره» لم يقل الشيخ ابن عاشور في الرسّ سوى ما قيل في الكلمة ومعانيها المحتملة وانهم من جملة أقوام آخرين عوقبوا لتكذيبهم الرسل – سورة ق الآية 12 وسورة الفرقان الآيـة 38 وجاء الشيخ ابن عاشور بأقوال كثيرة لمن سبقه من المفسرين وكلها تخمينات وتخيلات، ونأى الشيخ ابن عاشور بنفسه عن الخوض في معناها مع الخائضين، وخلاصة ما قاله هو: «وأما أصحاب الرس فقد اختلف المفسرون في تعيينهم، واتفقوا على أن «الرس» بئر عظيمة أو حفير كبير، والأكثر على أنه من بلاد اليمامة (في نجد قرب الرياض حاليا) ويسمى فَلْجًا بفتح فسكون اسم بلد كما قال ياقوت (تعليق رقم 1 صفحة 28 من تفسير الشيخ التحرير والتنوير جزء 19 طبعة الدار التونسية للنشر. أما صاحبنا الشيخ قاسم فقال تعليقا على كلمة «الفلج» «وهنـا أقول لعل كلمة «الفَلْجِ» دلالة لغوية على أنهم عصبيون، أعمتهم بصيرتهم فلا يدرون الفرق بين الحق والباطل» وفي المنجد فَلَجَ فَلْجًا الشيء شقه، فلج المحراث الأرض، وفَلِجَ فَلَجًا أصيب بالفالج وهو تباعد ما بين قدميه أو يديه أؤ أسنانه فهو أفلج والفالج داء يحدث في أحد شقّي البدن فيبطل إحساسه وحركته. وإلى هذا التفسير الأخير ذهب شيخنا قاسم حيث قال: «ان الفلج دليل على أنهم عصبيون، حيث أنه من المعروف طبيا أن الفالج يصاب به الانسان عادة عقب انفعال شديد يؤثر على أعصابه، فالمفسرون الذين يستند اليهم الشيخ في كتاباته ليسوا بأحسن منه هو في هذا المجال. ثم جاء الشيخ بقصة خيالية عن «العبد الأسود لا مجال للخوض في تفاصيلها وما فيها من تناقضات وختم مقاله هذا بقوله: «وهنا نصل في أخبار الرس إلى مواعض وعبر…» نحيل القارئ المهتم للاطلاع عليها ولا شيء فيها والسلام. (*) سفير متقاعد )وشقيق الوزير الأول الأسبق الهادي نويرة، التحرير) (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 جانفي 2008)


الجزائر تطارد زميلنا الصحفي انور مالك عن طريق الأنتربول

 
أصدرت السلطات الجزائرية مذكرة توقيف تتعلق بالكاتب الصحفي الجزائري المقيم بباريس أنور مالك، حيث تلقى مكتب شرطة الأنتربول هذا الأمر في ديسمبر من السنة الماضية، ويعود سبب هذا الإجراء المتخذ إلى مقالاته المثيرة للجدل التي نشرتها صحيفة « وطن » وتناقلتها مواقع وصحف مختلفة، التي يفضح فيها الفساد وتورط الكثير من المسئولين السامين في الحكومة الجزائرية وعلى رأسهم وزير الدولة بوقرة سلطاني الذي يترأس حركة مجتمع السلم « حمس » التي أسسها الراحل محفوظ نحناح، وهي أحد شركاء ما يعرف بالإئتلاف الرئاسي الذي يضم إلى جانب حركة الراحل محفوظ نحناح كل من حزب جبهة التحرير الوطني وحزب التجمع الوطني الديمقراطي، وأيضا جاءت مذكرة التوقيف بعد التقرير الذي أصدرته اللجنة العربية لحقوق الإنسان حول التعذيب في سجون الجزائر، الذي تناولت بالتفصيل وبالأسماء مساجين تعرضوا للتعذيب في السجن من قبل عناصر المخابرات الجزائرية، وتعرض التقرير لشهادة الصحفي أنور مالك الذي كشف تورط وزير الدولة بوقرة سلطاني شخصيا في التعذيب، وقد دفع التقرير إلى إنكار الوزير لكل ما نسب له سواء عن طريق الصحف الجزائرية أو حتى عبر التلفزيون الرسمي… وفي إتصال مع الكاتب أنور مالك فقد ندد بهذا الأمر الذي ان دل على شيء فإنما يدل على إستغلال السلطات الجزائرية للأنتربول من أجل تكميم الأفواه المعارضة، وهو ما حدث أيضا مع العقيد المنشق محمد سمراوي لما ألقت عليه السلطات الإسبانية القبض بناء على مذكرة توقيف اصدرتها السلطات الجزائرية، وأكد الكاتب أنور مالك أنه لم يتلق أي أمر رسمي من قبل الأنتربول في فرنسا، أما عن التهم التي قد توبع بها فأكد أنه لا يعلم أي شيء لحد اللحظة، لكنه صرح بأن التهم ستكون بلا شك تهما مفبركة دأب النظام على تلفيقها للناس وخاصة المعارضة في الخارج، واكد أن ما جرى يعود اساسا للمقالات التي كتبها أو التي سوف يصدرها مستقبلا في كتاب يكشف حقيقة ما جرى في الجزائر خلال الحرب الأهلية، والسلطات على حد قوله إستبقت الأحداث من أجل تخويفه لأنها تعلم علم اليقين أن الكاتب يحوز على معلومات مهمة وخطيرة بحكم وظيفته السابقة في جهاز الحكم… ونحن في « وطن » نشجب هذا الإجراء المتخذ حيال زميلنا ونناشد كل المنظمات الدولية بتدعيم موقف الكاتب الصحفي ومساندته في محنته هذه التي هي ضريبة من ضرائب مهنة المتاعب بلا شك… (المصدر: صحيفة « وطن » (اليكترونية – الولايات المتحدة) بتاريخ 26 جانفي 2008) الرابط: http://watan.com/modules.php?name=News&file=article&sid=6438
 

 


 

الجيش الأميركي يضبط لوائح مجندين أجانب فـي تنظيم (القاعدة) بالعراق

 

برلين (ا ف ب) – افادت مجلة   « در شبيغل »   في عدد يصدر غدا ان الجنود الاميركيين عثروا في احد المعسكرات في العراق على لوائح مجندين اجانب في تنظيم القاعدة فيها اسماء اربعة المان.

واضافت المجلة ان الرجال الاربعة المتحدرين من منطقة ساكس السفلى (شمال)، اعلنوا انهم عبروا تركيا وسوريا قبل التسلل الى العراق.

 

وتابعت در شبيغل ان اثنين منهم رضوان بن يوسف ن. (25 سنة) وزياد ب. (30 سنة) من اصل تونسي اختفيا الربيع الماضي من مبنى الطلبة حيث كانا يسكنان في برونسويك دون ان يعثر لهما على اثر. وكان زياد ب. يعيش منذ عشر سنوات في المانيا ورضوان ن. منذ 2003.

 

وقال تونسي ثالث اسمه نضال ك. للقاعدة انه طبيب وانه مستعد لتنفيذ عمليات انتحارية.

 

وافادت المجلة ان الشرطة الجنائية الالمانية واجهزة الاستخبارات الداخلية ترى ان اكثر من ثمانين شخصا غادروا المانيا منذ 2003 متوجهين الى العراق لاغراض ارهابية، ويبدو ان نصفهم التحق بتنظيم اسامة بن لادن.

 

من جانب اخر، اضافت المجلة بشان تفكيك خلية اسلامية الاسبوع الماضي في برشلونة (اسبانيا) يشتبه في انها كانت تعد لاعتداءات، ان الشرطة الجنائية الالمانية تدرس حاليا العلاقات المحتملة التي قد تكون اقامتها مع   اشخاص   في المانيا، دون مزيد من التفاصيل.

 

وافادت صحيفة الباييس امس استنادا الى   شاهد قيد الحماية  ، ان الخلية كانت تخطط لسلسلة من الاعتداءات الانتحارية في اسبانيا وفي بلدان اوروبية اخرى بما فيها المانيا.

 

(المصدر: صحيفة « الراية » (يومية – قطر) الصادرة يوم 27 جانفي 2008)


 

الأميركيون ضبطوا في العراق لوائح جهاديين أجانب

 
برلين (ا ف ب) – افادت مجلة « در شبيغل » في عدد يصدر الاثنين ان الجنود الاميركيين عثروا في احد المعسكرات في العراق على لوائح مجندين اجانب في تنظيم القاعدة الارهابي فيها اسماء اربعة المان. واضافت المجلة ان الرجال الاربعة المتحدرين من منطقة ساكس السفلى (شمال) اعلنوا انهم عبروا تركيا وسوريا قبل التسلل الى العراق. وتابعت در شبيغل ان اثنين منهم رضوان بن يوسف ن. (25 سنة) وزياد ب. (30 سنة) من أصل تونسي اختفيا الربيع الماضي من مبنى الطلبة حيث كانا يسكنان في برونسويك دون ان يعثر لهما على اثر. وكان زياد ب. يعيش منذ عشر سنوات في المانيا ورضوان ن. منذ 2003. وقال تونسي ثالث اسمه نضال ك. للقاعدة انه طبيب وانه مستعد لتنفيذ عمليات انتحارية. وافادت المجلة ان الشرطة الجنائية الالمانية واجهزة الاستخبارات الداخلية ترى ان اكثر من ثمانين شخصا غادروا المانيا منذ 2003 متوجهين الى العراق لاغراض ارهابية ويبدو ان نصفهم التحق بتنظيم اسامة بن لادن. من جانب اخر اضافت المجلة بشان تفكيك خلية اسلامية الاسبوع الماضي في برشلونة (اسبانيا) يشتبه في انها كانت تعد لاعتداءات ان الشرطة الجنائية الالمانية تدرس حاليا العلاقات المحتملة التي قد تكون اقامتها مع « اشخاص » في المانيا دون مزيد من التفاصيل. وافادت صحيفة الباييس السبت استنادا الى « شاهد قيد الحماية » ان الخلية كانت تخطط لسلسلة من الاعتداءات الانتحارية في اسبانيا وفي بلدان اوروبية اخرى بما فيها المانيا. (المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب بتاريخ 26 جانفي 2008)

 


 

تحذير أوروبي من عرض فيلم مسيء للقرآن بهولندا

 

عبّر وزراء العدل بالاتحاد الأوروبي عن مخاوف من تجدد التوتر مع العالم الإسلامي إذا نفذ النائب الهولندي اليميني المتطرف غيرت فايلدرس مشروعه بث فيلم قال إنه سيُحرق أو يمزق فيه القرآن ويظهر الإسلام في صورة مسيئة.

 

واعتبر وزير العدل في لوكسمبورغ لوك فرايدن أن « حرية التعبير لا يمكن أن تكون مطلقة », محذرا من أن عرض الفيلم سيترك انعكاسات تجب مواجهتها.

 

ورأى فرايدن أن الواجب الأخلاقي يفرض تنبيه الرأي العام إلى ضرورة عدم المبالغة في استخدام حقوقهم الأساسية, مشيرا إلى أن هذا العمل « يفتقر إلى المسؤولية ».

 

من جانبها قالت وزيرة العدل الألمانية بريغيت زبرياز إنه جرى الاتفاق على استمرار الاتصالات بشأن هذه القضية.

 

من جهة ثانية نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول أوروبي رفض كشف هويته أنه من الضروري تفادي تكرار ما جرى في أزمة الرسوم المسيئة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

 

وكان النائب الهولندي وزعيم حزب الحرية غيرت فايلدرس قد أعلن أنه يعد فيلما مناهضا للإسلام, وقال إنه سيثبت فيه أن القرآن « كتاب رهيب وفاشي ». وتخشى وسائل إعلام ومراقبون في هولندا أيضا أن يقوم بإحراق أو تمزيق القرآن.

 

يذكر أن فايلدرس يعيش تحت حماية الشرطة منذ اغتيال المخرج ثيو فان خوخ في أمستردام في نوفمبر/ تشرين الثاني 2004 طعنا بسكين وذلك بعد إخراجه فيلما يندد بما يراه قمعا للنساء في الدول الإسلامية.

 

وقد بث فيلم قصير على الإنترنت يعرض صورا ثابتة متتالية للنائب الهولندي كتب عليها « الله أكبر »، وأخرى يظهر فيها وسط هدف ملون كتب عليه « هنا يرقد » ونقاط مثل عينه ورأسه وفمه التي حددت أهدافا للرصاص.

 

يأتي ذلك وسط تقارير أخرى لوسائل إعلام هولندية الأسبوع الماضي تشير إلى أن الفيلم يمكن ألا يكون موجودا من الأساس.

 

(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 26 جانفي 2008  نقلا عن وكالات الأنباء)

 

 

 


 

 في الوضعيّات النّكوصيّة وفي أنّ سبب الجنون هو توحّد الأصل بالمصير

د. رجاء بن سلامة (*)

 

النّكوص مفهوم مستعمل في التّحليل النّفسيّ أساسا، وقد عرّفه فرويد مقسّما إيّاه إلى ثلاثة أنواع كثيرا ما تتداخل في الحالة الواحدة : نكوص موضعيّ أي متعلّق بالأنظمة المختلفة للجهاز النّفسيّ، فالحلم مثلا نكوص موضعيّ، حسب فرويد لأنّ أفكار الحلم تظهر في شكل صور حسّيّة تأتي النّائم على نحو شبه هلوسيّ. والكبت هو نفسه يدخل في باب النّكوص الموضعيّ، لأنّه انتقال من الشّعور إلى اللاّشعور. وهناك نكوص زمنيّ ويعني عودة الذّات إلى مراحل سابقة من تطوّرها، سواء تعلّق ذلك بالمراحل اللّيبيديّة، أو بعلاقة الموضوع، أو بالتّماهيات، ومثال ذلك حالات العصاب الحصاريّ التي يرى فرويد فيها قابليّة للتّراجع من المرحلة الجنسيّة إلى المرحلة الشّرجيّة، وهناك أخيرا نكوص شكليّ ويعني الانتقال إلى مستويات في التّعبير أو السّلوك تُعدّ أدنى، من حيث درجة التّعقّيد ومن حيث التّمييز والتّنظيم.

ولا بدّ من بعض التّدقيقات الأوّليّة حتّى لا نستبيح هذا المفهوم ولا نستعمله كما اتّفق. فليس كلّ نكوص مرضيّا، بل توجد وضعيّات تراجعيّة تنتجها الذّات بصفة ظرفيّة، لتعود بعد ذلك إلى الحاضر والواقع. مثالنا على ذلك وضعيّة النّكوص الظّرفيّ المتمثّلة في الحلم نفسه، ووضعيّة النّكوص الجزئيّ المتمثّلة في التّذكّر، ووضعيّة النّكوص « المفتعل » التي يتمّ إنتاجها داخل الإطار التّحليليّ نتيجة استلقاء المحلّل على السّرير واستسلامه إلى التّذكّر والتّداعيات الحرّة. وحديثنا عن النّكوص وعزلنا لبعض حالاته لا يعني أنّ كلّ شكل من أشكال العودة إلى الماضي نكوص، ولا يعني أنّ ماضي الإنسان لا يبقى حاضرا فيه بشكل من الأشكال، إضافة إلى أنّنا لا يمكن  اليوم أن نتبنّى تطوّريّة آليّة تخضع إليها جميع الذّوات، ويميل التّحليليّون المعاصرون إلى تغليب طابع الوظائف المتراتبة على المراحل المختلفة التي يفترض أنّ الذّات البشريّة تمرّ بها في حياتها النّفسيّة.

وبعد هذا التّقديم يمكن أن نتحدّث عن النّكوص لا باعتباره مجرّد عودة إلى الوراء فحسب، بل باعتباره عودة إلى الوراء مع اختلال للعلاقة بالزّمن وبالمصير مرتبط بتنظيمات مرضيّة. وسنخصّ بالذّكر النّكوص الزّمنيّ المرتبط بمسألة ما يعرف بعلاقة الموضوع، أي علاقة الذّات بمن (أو بما) تتّجه إليه مشاعرها ودوافعها، وهي علاقة تكشف عن بنية شخصيّتها.

والفرضيّة  التي لا  ندّعي استنباطها، بل نريد إبرازها من خلال تراثنا ومن خلال واقعنا الرّاهن هي أنّ السّبب الرّئيسيّ للاختلال النّفسيّ الجذريّ هو توحّد الأصل والمصير والعجز عن التّفريق بينهما عجزا يجعل الذّات في وضعيّة تبعيّة إلى الأصل وصوره ومواضيعه. هذه الوضعيّة هي وضعيّة نكوصيّة بالضّرورة، لأنّها تجعل الذّات منشدّة إلى الأصل، وتجعلها منشدّة إلى تبعيّة مرتبطة بالأصل. فالنّكوص كما تعالجه الدّراسات الأخيرة في التّحليل النّفسيّ نكوص إلى وضعيّة تبعيّة، ووضعيّة عجز عن الانفصال عن الأصل وعدم نهوض بعبء المصير، وكأنّه رفض لقذف الأرحام بما فيها ورفض لكل انفصال تكوينيّ، ورغبة في العودة إلى لحمة أصليّة. هذا النّكوص لا تعود بعده الذّات إلى حاضرها وواقعها وإلى العالم، بل تبقى منغمسة في عالمها الخاصّ، لاهثة وراء حلم مستحيل، ساعية إلى موضوع مفقود لا تعترف بفقده، فهو غير مفقود وغير موجود، وهذا ما يؤدّي بها إلى الرّغبة في الموت بصيغ مختلفة.

سنبرز هذه الفرضيّة عبر مثالين مختلفين كلّ الاختلاف، قد يستغرب القارىء الجمع بينهما، لكن قد يتبيّن له ما بينهما من تناظر نسبيّ يوضّح مسألة النّكوص والفرضيّة المرتبطة به.

-الوضعيّة النّكوصيّة للذّات العاشقة العاجزة عن العشق، كما تصوّرها آداب مختلفة، منها الأدب العربيّ.

-الوضعيّة النّكوصيّة للذّات التي تعبّر عنها الأصوليّة الدّينيّة، وتعتبر علامة مرضيّة جماعيّة انتشرت في العصر الحديث خاصّة.

العشّاق العرب شخصيّات مخيّلة، حتّى وإن كانت تاريخيّة، ولكنّ أخبارها تُمشهد أزمة من أزمات الذّات البشريّة عندما تُمتحن بالعشق، أي بحبّ موضوع آخر غير الموضوع الأوّل، وهو الأمّ. وهي شبيهة من حيث الأزمة التي تمشهدها بحالات كثيرة تعيش بيننا اليوم ويستكشفها التّحليل النّفسيّ.

فالنّصوص القديمة في عقلناتها الواعية، والدّراسات التّقليديّة أيضا، تريد أن تقول لنا إنّ هؤلاء العشّاق أحبّوا حبيباتهم حبّا جمّا، وأنّهم مُنعوا من حبيباتهم، فأدّى بهم ذلك  إلى الموت أو الجنون، أو تقول إنّهم امتنعوا عن إشباع شوقهم لأنّهم أرادوا العفّة. ولكنّ نصوص أخبار العشّاق نفسها، إمّا في لحظات من لحظات الوعي التّاويليّ النّادر، أو في لحظات سهو تطفح على سطحها مظاهر اللاّعشق داخل العشق المفرط، أو في أشعار « تزيد فيها قريحة قائليها على عقولهم » كما يقول النقّاد القدامى، تقول لنا أمرا آخر. تقول لنا إنّ هؤلاء العشّاق لم يحبّوا معشوقاتهم بقدر ما أحبّوا ألم عشقهم، ولم يُمنعوا من حبيباتهم بل تفنّنوا في جعلهنّ ممنوعات وفي الدّوران حولهنّ باعتبارهنّ ممنوعات، وهذا هو المعنى الدّفين لعفّتهم، فهي متعة بالمنع وتنظيم للمنع.

والسّرّ في ذلك يعود إلى طبيعة الأزمة التي تمشهدها أخبار هؤلاء العشّاق، وتتمثّل في أنّ صورة المرأة الأولى، وهي الأمّ، كانت حاضرة كلّ الحضور، ولم ينفصل عنها العشّاق، فسقط ظلّها على الحبيبة الأخرى، وغشّى عليها حضورها النّابي فبصمها بالتّحريم. وبعبارة أخرى فإنّ أزمة هذه الذّات، ولنسمّها الذّات العذريّة، هي أزمة ناتجة عن عدم فاعليّة الإخصاء الرّمزيّ الذي يقطع الحبل السّرّيّ حقيقة، ويفصل الذّات عن الأمّ، ويفصل الأمّ عن الذّات ويجعلها تقبل بفقدانها. ولذلك يلجأ العاشق إلى إخصاء نفسه، بمنع الحبيبة وبالانكفاء النّرجسيّ على الذّات وبالرّغبة في الموت والسّعي الحثيث إليه وتجسيده واقعيّا بالانتحار أحيانا. إنّها علاقة بالموضوع تتّسم كما يقول فرويد بشدّة التّثبيت fixation على الموضوع مع قلّة توظيفهinvestissement  في الوقت نفسه، أي  أنّها تعلّق بالحبيبة وليس حبّا لها، وهناك فارق بين التّعلّق والحبّ.

وما نفترضه في هذا الصّدد هو أنّ الذّات العذريّة ذات طبيعة ذهانيّة ماليخوليّة، وليست ذات طبيعة عصابيّة كما هو مقرّر في بعض الدّراسات الغربيّة عن الحبّ الكرطوازيّ، وهو النّظير الغربيّ للحبّ العذريّ عندنا. والماليخوليا، كما حدّدها فرويد هي الشّكل المرضيّ للحداد، أو هي بالأحرى رفض للحداد على موضوع مفقود وعجز عن إتمام الحداد عليه، ويكون هذا الموضوع شخصا، ولكنّه قد يكون نموذجا أو فكرة. ومن خصائص الوضعيّة الماليخوليّة أنّ المتعلّق يستبطن المتعلّق المفقود، ويتماهى معه تماهيا تامّا، وكثيرا ما يسعى إلى التّلاشي لتدمير هذا الموضوع المستبطن وتدمير نفسه، فيكون في حالة انهيار متواصل، وعجز عن الخروج من هذه الحالة، ومتعة خطيرة بها في الوقت نفسه.

ولعلّ أفضل تعبير عن الماليخوليا نجده على لسان قيس صاحب لبنى عندما يقول إنّه « قضى حياته وجدا على ميت ». مات قيس بعد أن ماتت لبنى، نتيجة عجزه عن عيش الحداد عليها ونسيانها، كما يفعل النّاس الذين يفقدون حبيبا، ولكنّه مات قبل أن يموت، وأمات ليلى قبل أن تموت فعليّا. لا يمكن أن يحبّها لأنّها صنو للمرأة المحرّمة، ولكنّه لا يمكن أن يسلوها لأنّه مشدود إلى صورة المرأة المحرّمة، ولذلك فضّل أن يبقيها ميتة بين جوانحه، وأن يتماهى معها فيموت بموتها. يقول قيس في رثاء للبنى بعد موتها، تبيّن فيه أنّه رثاها قبل موتها باعتبارها مستحيلة :

ماتت لُبينى فموتُها موتي          هل تنفعنْ حسرتي على الفوْتِ

وسوف أبكي بكاء مكتئب          قضى حياة وجدا على ميت (كذا)

 

وقد نجد مسرحة للوضعيّة النّكوصيّة الماليخوليّة في بعض مشاهد النّكوص الواقعيّ، المتمثّلة في ملازمة الأمّ في الكبر، أو في تحوّل العاشق الرّجل إلى طفل صغير تحمله أمه، كما هو الحال في قصّة عروة بن حزام، وهو خبر غريب لم تكد تنتبه إليه الدّراسات الضّخمة التي ألفت عن العشق عند العرب :

يقول ابن أبي عتيق : « واللّه إنّي لأسير في أرض عذرة، فإذا بامرأة تحمل غلاما جزلا، ليس يحمل مثله، فعجبت لذلك، حتّى أقبلت به، فإذا له لحية، فدعوتها، فجاءت، فقلت لها : ويحك! ما هذا؟ فقالت : هل سمعت بعروة بن حزام؟ فقلت : نعم. قالت : هذا واللّه عروة. »

وننتقل الآن إلى المثال الثّاني عن الوضعيّة النّكوصيّة التي تختلّ فيها التّجربة الزّمنيّة ويتوفّر فيها العامل الأساسيّ للاعتلال النّفسيّ وهو اتّحاد الأصل بالمصير. بنية الذّات هنا لا يجسّدها الأفراد فحسب بل تجسّدها المجوعات، وهي ترتبط بعلاقة الموضوع وبوضعيّة ماليخوليّة ناتجة عن فقدان المثال والنّموذج، وعدم التّسليم بفقدانه واستحالته. فهناك تناظر نسبيّ بين العودة إلى رحم الأمّ والعودة إلى رحم « الأمّة »، أي الأصل الجماعيّ المخيّل، بين انشداد العاشق الماليخوليّ لصورة الأمّ انشدادا يجعله يرفض المرأة الأخرى، وانشداد الأصوليّ إلى صورة الأمّة انشدادا يجعله يرفض الحاضر، ويرفض قسطا هامّا من مكتسبات الحداثة على أنّها مناقضة لصورة الأصل-الأمّة.

 

ولكنّ ما يجعل الوضعيّة التّراجعيّة الأصوليّة أكثر خطورة، وأكثر عنفا هو ما يلي :

1. الموضوع الذي يتمسّك به الأصوليّ نموذج، وهو كما في الماليخوليا يتمسّك به رغم استحالته، إلاّ أنّ فحوى هذا المثال هو الأصل الجماعيّ كما تمّ تخييله، أي أنّ الأصوليّ منشدّ إلى الأصل انشدادا مركّبا، فهو يطرح انشداده النّفسيّ الفرديّ على الأصل الجماعيّ. وفي الحالات الفرديّة للكثير من مرتكبي جرائم الإرهاب ما يثبت هذه التّركيبة النّرجسيّة.

2. الماليخوليا العشقيّة حالة فرديّة منكفئة على ذاتها إلاّ في تعبيراتها الأدبيّة التي تمشهد أزمة الذّوات وتنفتح على التّجربة الجماليّة، وليست إيديولوجيا سياسيّة فحواها رفض الحاضر والرّغبة في التّطابق مع الأصل.

3. العناصر المرضيّة التي تحوّل الشّوق إلى شوق إلى الموت وتدمير ذاتيّ، تنفتح في الوضعيّة الأصوليّة على إيديولوجيا الجهاد، لكي يتحوّل الموت البطيء إلى رغبة في الشّهادة، ويتحوّل الانتحار أيضا إلى جهاد يستهدف الأعداء، وهذا ما يوضّح إلى حدّ ما ظاهرة الإرهاب الإسلاميّ اليوم من حيث الذّوات الفاعلة فيها، لا من حيث السّياق الجغراسياسيّ العالميّ الذي تتنزّل فيه.

 

 إنّها نفس الوضعيّة التّراجعيّة وقد ترجمت إلى لغة الرّعب القداسيّ المنتج لأحلك أنواع العنف السّياسيّ.

إنّ الأصل معطى هامّ في حياة الفرد والمجموعة، لا يمكن تناسيه ولا الإعراض عنه ولا نقضه ولا إنكاره. ولكنّه في الوقت نفسه مستحيل لا يمكن لنا إلاّ تذكّره والاقتراب منه دون الولوج إلى هوّته السّحيقة. أمّا الرّغبة في العودة إليه وفي التّطابق معه، وأمّا جعل المصير مرادفا له، فسقوط في دوّامة الاعتلال ينجرّ عنه انفلات لدوافع الموت لدى الذّوات الفرديّة والجماعيّة. وهذه الطّاقة التّدميريّة الكامنة في اتّحاد المصير بالأصل تعود في النّهاية إلى أنّه ذو طبيعة رهقويّة  incestuelذاتيّة تخصّ الموضوع المحرّم، أو سياسيّة تخصّ أصل المجموعة.

فالأصل الجماعيّ نظير للموضوع المحرّم، لا ينجرّ عن الالتحام به إلاّ الدّمار والجنون، كما تدلّ على ذلك وقائع تدمير السّياسيّ، والحروب الأهليّة الطّاحنة عندما يحرّكها لدى الذّوات نشدان الصّفاء والهويّة الخالصة والعودة المحض. 

 

(*) باحثة –تونس، حاصلة على دكتوراه الدّولة في اللّغة والآداب والحضارة العربيّة، أستاذة محاضرة بكلّيّة الآداب والفنون والإنسانيّات، منّوبة، تونس، عضو في جمعيّة « الفضاء التّحليلنفسيّ الفرنسيّ التّونسيّ » ، عضو مؤسّس لجمعيّة « بيان الحرّيّات بفرنسا ».

 

من مؤلّفاتها :

– نقد الثّوابت، دار الطّليعة، بيروت 2005

– بنيان الفحولة، دار بترا، دمشق، 2005

– العشق والكتابة: قراءة في الموروث، كولونيا، دار الجمل، 2003

– صمت البيان، القاهرة، المجلس الأعلى للثّقافة، 1999؛

– الموت وطقوسه من خلال صحيحي البخاريّ ومسلم، تونس، دار الجنوب، 1997.

 

(المصدر: موقع « الأوان » بتاريخ 27 جانفي 2008)

الرابط: http://www.alawan.info/DisplayDetail.aspx?pid=206

 


 

تحديث الإسلام والفكر الإسلامي مشروع أركون بين العرب والآسيويين

 
عبدالرحمن الحاج (*)
التجربة النقدية للمفكر الجزائري محمد أركون كما تصفها كتاباته تمثل أحد مشاريع «تحديث» الإسلام الجديدة، غير أنها ظهرت نهاية السبعينات ومطلع الثمانينات، أي في وقت كان الفكر اليساري والماركسي سائداً، وكل المشاريع النقدية وإعادة القراءة للإسلام والتراث الديني الإسلامي كانت تتم في إطار رؤية أيديولوجية مستحكمة، وهي – في العموم – تقوم على نقض الإسلام وتراثه، وليس على بناء مشروع لتحديثه وأنسنته، حتى ولو زعمت ذلك، ثم هي تستند الى منهج ماركسي يقرأ التاريخ والتراث على طريقة قص الرؤوس لتلائم العمائم التي يلبسونها، في حين أن دراسة أركون تقوم على فكر ليبرالي قادم من أوروبا الغربية، الفكر الذي فارق العالم العربي منذ بدء المد اليساري الماركسي الثوري في الخمسينات والستينات من القرن المنصرم. مشروع محمد أركون بهذا المنظور يمثل مشروعاً مهماً، كونه يستأنف البحث على أرضية المعرفة الغربية الليبرالية المتنوعة والدراسة الاستشراقية الأوروبية، ومن الطبيعي أن يحظى هذا المشروع باهتمام كبير نسبياً في الأوساط العلمية الأكاديمية والثقافية العربية، وقد كتب عنه عدد من الرسائل والأطروحات الجامعية يتجاوز العشرة، فضلاً عن المؤلفات الفردية والمقالات النقدية، غير أن هذا الاهتمام في العالم العربي كان عابراً، يُتسم بالنخبوية، ولا يضرب بجذوره في أوساط أكثر جماهيرية، ربما بسبب لغته المتعالية وأدواته المنهجية المعقدة، لكن المثير في الأمر أنه في الوقت الذي بقي مشروع أركون «قولاً بين الأقوال» المتكاثرة في العالم العربي التي تلوكها النخبة المثقفة، فإنه حظي باهتمام استثنائي في جنوب شرقي آسيا، لا سيما أندونيسيا، وفي الجامعات والكليات الإسلامية بالتحديد، وربما كان السبب في ذلك الحاجز اللغوي بين النصوص الدينية والتراث الإسلامي المكتوب بمجمله بالعربية وبين لسان أهل المنطقة الناطق بالمالايوية، إضافة إلى ذلك ساعدت الحكومة العلمانية في نشر أنماط من الفكر التحديثي في سياق مكافحتها الأصولية الدينية المتشددة، في حين كانت دول أخرى في جنوب شرقي آسيا (ماليزيا) قائمة على حماية الإسلام وتراثه وليس محاربة الفكر الديني، الأمر الذي حال دون تمكن الفكر الأركوني وأشباهه من اقتحام النخبة العالمة والمثقفة فيها. لاحظ أركون وهو يعدّ لتسجيل أطروحته للدكتوراه في السوربون أن حصول نزعات عقلانية في التاريخ الإسلامي واقع لا يمكن ان ينفيه أحد، إلاّ أن المشكلة تكمن في اعتبارها نزعات عابرة غير قابلة للدراسة التاريخية والسوسيولوجية على النحو الذي حصل في أوساط البحث الاستشراقي؛ لأن الاستشراق خصوصاً الفرنسي استمّر خاضعاً إلى «الموضوعية التاريخية المتعالية» (على حد تعبير ميشيل فوكو) التي يولدها المفهوم الحظي والتراكمي للتاريخ، إذ لا يبدو الحاضر إلاّ استمراراً للماضي. وإذا كان أركون قد لاحظ ذلك، فإن اهتمامه بالأنسنة العربية يعود إلى رغبته في تثبيت تاريخٍ آخر «للحداثة» – كما سيدعو إلى ذلك لاحقاً في سياق نقده المركزية الأوروبية – يمر عبر الحضارة العربية الإسلامية، ويتكثَّف في ثقافة متوسطية، وبالتالي حدَّد هدف دراسته الأولى في إثبات النزعة الأنسية العربية الإسلامية (من خلال كتاب مسكويه والتوحيدي). وجد أركون في مدرسة الحوليات الفرنسية – التي كان قد عرف أحد مؤسسيها (لوسيان فيفر) في مطلع الخمسينات في الجزائر – نظرة جديدة الى التاريخ مكنته من «إعادة قراءة النزعة الأنسية على أنها لحظة تاريخ أصيلة وليست عابرة على مسار تاريخ خطي»، فالتاريخ أصبح ينظر إليه من منظور كلي، وكما يؤكد أركون فإن تأثره بالحوليات الفرنسية كان «لأسباب نفسية وعلمية محددة». وإذا كانت مهمة إثبات نزعة الأنسنة العربية كنزعة أصيلة مهمة أولية في بحث أركون، فإن تفسير توقف هذه النزعة كان المهمة اللازمة لذلك، إن الإجابات الاستشراقية السهلة وليدة علل المنهج الاستشراقي التاريخوي نفسه، ما وضع أركون أمام ضرورة استخدام مناهج جديدة للقيام بتحريات عميقة مقنعة في تفسير الفشل الذي انتهى إليه التيار الإنسانوي العربي في وقت كانت منهجية الاستشراق لا تسمح بإدخال المنهجيات أو الإشكالات الجديدة التي كان يُسمع صداها خارج جدران الأقسام المحافظة والتقليدية في السوربون. وكان مفكرون ثوريون كبار قد شغلوا بها الساحة الثقافية الفرنسية، والمفارقة أن في الوقت الذي نظَّرت البنيوية الى موت الإنسان وانحلال الذات الإنسانية (فوكو) استخدمها أركون لإنجاز بحثٍ عن النزعة الإنسانية!. وإضافة إلى نزعة أركون المتمردة (كما يؤكدها في عدد من حواراته وكتبه) فإن ضيق المنهج الاستشراقي وحصاره العلمي جعله يجد في فتوحات المعرفة في أواسط الخمسينات ما يساعده في إنجاز دراسته، التي وبسبب ذلك حالت دون إمكان إقامته مناقشات أكاديمية حول موضوع الفلسفة الإنسانية إلاّ مع فئة نادرة من الباحثين. في الواقع إن بحث الأنسنة في الفكر العربي عند أركون سرعان ما تحول إلى مشروع فكري؛ فهو من جهةٍ يسمح بالتفكير في استعادة «نزعة الأنسنة» وإيقاظ الوعي الإسلامي بذاته، ومن جهة أخرى أسس هذا البحث لعلاقة متوترة بالمستشرقين ومناهجهم الكلاسيكية، ما وضع أركون أمام تطورات محتملة لم يتوقف عن الدخول فيها. تأكد أركون في تجربته ببحث الأنسية العربية من عدم كفاية «القواعد الأكاديمية المعترف بها في البيئات العلمية» الاستشراقية الكلاسيكية، والتي يجد أن إصرار «الإسلاميات» – بما هي «خطاب غربي حول الإسلام» يهدف إلى «العقلانية» في دراسة الإسلام – عليها يرجع إلى أن معظم ممارسيها بقوا متضامنين مع الرؤيا التاريخية والعرقية – المركزية، التي تمثل استمراراً لحضور الممارسة في عهد الاستعمار التي كانت قد خضعت للنموذج الديكارتي الذي يدعو الى المعادلة الآتية: «أن تفهم أو أن تعرف = أن تتأهب للشيء من أجل السيطرة عليه»، ولهذا السبب يعزو أركون عدم خضوعها لأي تأمل منهجي. في إطار الإسلاميات التطبيقية يتحدث أركون عن «سوسيولوجيا للإسلام»، و «عصر جديد للثيولوجيا»، و «مقاربة تاريخية للتراث»، و «الأنثربولوجيا الدينية»، و «إعادة قراءة القرآن»، و»الأنثربولوجيا التطبيقية»، لتدشين «تأصيل وتجذير للإسلام في أرض المعرفة الوضعيّة». وهكذا وجد نفسه مشرعاً على الدخول في دراسات كبرى للعقل الإسلامي تمتد من لحظته المعاصرة إلى لحظة انبثاقه؛ فالإسلاميات التطبيقية – إذ تقوم بدراسة الفكر الإسلامي المعاصر تمسُّ المشاكل الحارقة للمجتمعات الإسلامية، وحاجاتها الراهنة وتناقش مفاهيم الحداثة الغربية ذاتها لإغناء الإشكالية المتعلقة بالحداثة. لقد حاول أركون من خلال نقده الاستشراق ودعوته الى مشروع «الإسلاميات التطبيقية» فتح طريق جديد، وميادين مهملة أو منسيّة في البحث عن الفكر العربي الإسلامي، لكنه لم يلبث أن وجد نفسه أمام النتيجة المنطقية للإسلاميات التطبيقية وهي «نقد العقل الإسلامي»، مستفيداً من مصطلحات الفيلسوف الفرنسي فرانسوا فورييه في كتابه «إعادة التفكير في الثورة الفرنسية» الذي كان أول من استخدام مصطلح «نقد العقل» من أجل هدف تاريخي. وكما وجد نفسه أمام مشروع جديد، وجد نفسه وقد تحوّل من مجرد مؤرخ للفكر الإسلامي إلى دور «المثقف المفكر» (كما يصف نفسه) الحداثي الذي ينظر إلى الإسلام على أنه «لم يعد النظام المرجع الذي لا يمكن تجاوزه، بل هو حاجز يمنع اكتساح حركة عصرية مكروهة ومرغوبة في آنٍ واحد»، ويناضل – بحسب تعبيره – من أجل فتح العقليات المغلقة وتحريرها من «السياج الدوغمائي». كانت «إعادة قراءة القرآن» قبل مشروع «نقد العقل الإسلامي» مجرد استكشاف لقدرة القرآن «في إطار العصرنة والتحديث [على] إكمال مهمته كمرجع تشريعي عالٍ» لكنها تتحول في نقد العقل إلى «نقد تاريخي» على شاكلة النقد التاريخي الأوروبي للأناجيل، والطريف في الأمر أن لا يحيل أركون هذا التحول الجديد إلى نضوج فكرة نقد العقل الإسلامي، وإنما إلى كتابات دانييل روس عن الأناجيل! إن مشروع نقد العقل الإسلامي يرتكز – كما يقول أركون نفسه – على «روح الحداثة» او «القول الفلسفي للحداثة» كما أوضحها الفيلسوف الألماني يورغن هابرماز، هذه الحداثة يراها أركون وحدها القادرة على زحزحة الموضوعات التقليدية نحو إشكالات جديدة، وعلى زحزحة العقائد الراسخة والمسلَّم بها في التنظيرات التقليدية والأرثوذكسية، لتصبُّ في النهاية في العلمنة التي يعتنقها أركون عقيدة «بالمعنى الإيماني لكلمة عقيدة» على حد تعبيره، والتي تصبح هدفاً بحد ذاتها في مشروعه كله وإن كانت تتجلى في «مجابهة السلطات الدينية التي تخنق حرية التفكير في الإنسان، ووسائل تحقيق هذه الحرية»، أي بصورة لا تكون العلمنة بدورها سلطة عليا جديدة تحدد لنا ما ينبغي التفكير فيه وما لا ينبغي التفكير فيه، إنها تتركز فقط في حاجة الفهم والنقد داخل توتر عام في الإنسان. المشكلة أن مشروع أركون قائم على «ممارسة علمانية للإسلام» بمعنى إعادة قراءة الإسلام من منظور علماني مادي قائمة على وضعنة كل التراث الثقافي والديني من أجل أن تدخل الإسلام في الحداثة، والتحول – على غرار المسيحية – إلى «دين الخروج من الدين» لا إلى «الخروج من الدين» على حد تعبير مارسيل غوشييه! لا شك في أن النزعة الوضعية التي يستند إليها أركون في مشروعه تتحول في شكل واضح إلى أيديولوجيا «تحديث» تنمّط التراث الإسلامي وفق عمامة جديدة مرة أخرى لكنها هذه المرة ليبرالية، ولأن العرب أتخموا بالأيديولوجيا فإنه ما عاد ممكناً للمشاريع الأيديولوجية أن تأخذ مدى واسعاً كما كان الحال في الخمسينات والستينات، في حين أن مسلمي جنوب شرقي آسيا لم يستطيعوا أن يلمسوا جيداً الأيديولوجيا الملساء في مشروع أركون، فأخذوا بسحرها على رغم انهم اكتووا بنار الدكتاتوريات. (*) كاتب سوري (المصدر: ملحق « تراث » بصحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 26 جانفي 2008)

 


أنشودة عربية واحدة… « لا نحتاج دروساً في الديموقراطية »

دلال البزري

 

لا أحد من بيننا يحتاج الى دروس في الديموقراطية. لا أحد تنقصه «المعرفة» الديموقراطية أو الطريقة الديموقراطية أو «الصدق» الديموقراطي. الأطراف جميعها تؤمن بانها ديموقراطية… بالعمق ديموقراطية… من المسؤول الى المعارض.

 

المسؤول اولا: يلعب بنار الفوضى المفهومية التي تسبّب بجزء لا بأس به منها؛ فيبخّر اقواله وافعاله بـ»أزهى عصور الديموقراطية». هكذا… ومع الوقت يصدق لعبته. لذلك، عندما تتم مساءلته عن خروقاته لأبسط حقوق «رعاياه»، تراه ينتفض، ويردّ بعنجهية: «نحن لا نحتاج الى دروس في الديموقراطية!».

 

«الفاتح من سبتمبر»: العقيد معمر القذافي، ماذا قال إثر الاحتجاجات الشعبية والرسمية على زيارته لباريس… بسبب مدحه للارهاب وخرقه لحقوق الانسان في ليبيا؟ ببساطة: «انتم في فرنسا من يحرق حقوق المهاجرين!».

 

فتحي سرور، رئيس البرلمان المصري، كيف يردّ على تقرير البرلمان الاوروبي الذي يدين انتهاك النظام لحقوق الانسان والاقليات واستمرار عمله بقوانين الطوارىء وبحبسه للنائب ايمن نور، مرشح الرئاسة في الانتخابات السابقة؟ يثير ما اثاره القذافي حول «حقوق المهاجرين»، ثم يضيف انه «بمقدرو مجلس الشعب المصري ان يصيغ تقريرا مضادا حول انتهاكات حقوق الانسان في اوروبا». (والتقرير من ضمن بنود اتفاق بين البرلمانين، المصري والاوروبي، في اطار مراقبة فعالية المساعدات المخصصة لتنشيط حقوق الانسان في مصر). وهذا فيما وزير الثقافة السوري لا تحرجه التساؤلات حول المواءمة بين الاحتفال بالثقافة وزجّ المثقفين السوريين جماعةً في السجون. فهو يجيب عن ذلك براحة تامة: «وهل توجد دولة في العالم ليس فيها سحون او محاكم او محاكمات؟».

 

هذا عن سلطات بلادنا، وقد بات أمرها شائعاً، يسهل تعرية كذبته «الديموقراطية». افعال على الارض، يصعب عدم القاء الضؤ عليها؛ فهي مرتبطة بصاحبها المسؤول او الوزير او الرئيس… وهؤلاء كلهم معرّضون للنظر.

 

ولكن ماذا عن بعض المعارضات؟

 

طبعا من التقليدي التفكير بأن المعارضة مقدسة، بريئة سلفا من كل عيب. وعذرنا في ذلك انها «محرومة» من السلطة الرسمية. الحرمان يعطيها حصانة. والعمر الطويل للمعارضات، لـ»معارضاتنا»، اطال عمر هذا التفكير التقليدي، فتكونت اثناءه معارضات تبني سياستها على قاعدة: « لا احد يعلمنا دروسا في الديموقراطية. فنحن معارضة…!».

 

واكثر الحالات تجسيدا لهذه «العنجهية الديموقراطية» حالة المعارضة اللبنانية. فهامش «الحرية» الذي اتاحته الوصاية السورية غير الديموقراطية لحزبها الطليعي، «حزب الله»، وللتشكيلات العسكرية الأصغر منه، اتاح لهذه «المعارضة» ان تبني دويلتها ومؤسساتها؛ ما اثار غيرة بعض «المعارضات» العربية الاخرى التي تنظر الى «حزب الله» بصفته نموذجاً يُحتذى.

 

والحال انها «معارضة» ذات أقلية برلمانية. تملك قيادتها الالهية المؤطرة مذهبيا ترسانة صواريخ لا تتوقف عن التشدّق بعدم قدرة اسرائيل في التغلب عليها. ولديها «خريطة طريق» واضحة نحو ما تسميه «إعادة تكوين السلطة» غير الاستئثارية في لبنان؛ ولازمة خريطتها: «نحن لا نحتاج الى دروس في الدستور والديموقراطية!».

 

نقاط «خريطة الطريق نحو الديموقراطية» بحسب «معارضة» هي في غنى عن دروس في الديموقراطية»: شلّ الحكومة. إغلاق ابواب البرلمان. رفض انتخاب رئيس الجمهورية. وشرطها واحد: ان يضمن لها حصة متساوية مع الاكثرية، او الثلث المعطل (اي الذي يسمح لها ببتر الحكومة حينما تشاء،ثم تصرخ بعد ذلك «حكومة غير وطنية!»).

 

إبتزاز يعني… وشعار: عدم استئثار الاغلبية بالسلطة.

 

ليس هذا فحسب. «خريطة الطريق» الى الديموقراطية، الى المشاركة والحكومة الوطنية، ومنع الاستئثار بالسلطة… لا تستوي من دون التوقف عند محطة مفصلية منها: خطاب لحسن نصر الله، من قبيل خطابه الاخير، بمناسبة العاشر من محرّم.

 

العالم الذهني نفسه: استغراب، مثل المسؤولين الرسميين، من تلقّيه دروسا في الديموقراطية. اذ يقول «كيف يحدثنا بعض المسؤولين العرب عن الاكثرية والاقلية وانظمتهم هي انظمتهم التي يعرفونها. لا اكثرية ولا اقلية ولا ديموقراطية»…

 

لا احد يعطينا دروسا في الديموقراطية! والمشهد في هذه النقطة بالذات من نقاط خريطة الطريق نحو الديموقراطية والمشاركة والحكومة الوطنية يعطي ثقة هائلة لقائلها. ثقة تضخّها حشود سوداء رافعة قبضتها وصارخة «بالروح بالدم نفديك يا…!»؛ أو «بالدم الحسيني، بالقلب واليدين… بايعناك نصر الله يا حفيد الحسين!». حشود تبتهج بالاشلاء والدماء والرؤوس المقطوعة… تفرح باستدراج العدوان… تبايع «حفيد رسول الله». تلك هي واحدة من اهم محطات «خريطة الطريق الى الديموقراطية» بحسب من لا يحتاج… ايضا الى دروس في الديموقراطية. نفق من الغبار والرطوبة والاستشهاد المستديم.

 

الخلاصة الاولية: المشترك في هذا العالم العربي المديد ان لا احد… مهما بلغت درجة اسوداد رصيده… لا احد يحتاج الى دروس في الديموقراطية. كلٌ ينعم بأبهى العصور الديموقراطية. اين الخلَلْ اذاً؟ في الغرب واميركا واوروبا واسرائيل؟ ولكن مشكلة هؤلاء انهم اعتادوا على توزيع شهادات حسن سلوك ديموقراطية تبعا لمصالهم مع هذه الدولة او تلك. آخر تقليعة ترضي الضمير الاوروبي الديموقراطي: الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي المنجذب للشخصانية الشرقية عائدٌ من رحلة مثمرة الى الشرق الاوسط يعلن «ما هو اهم من الكفاح من اجل الديموقراطية (في هذه البلدان) هو الكفاح من اجل التعددية، الذي يبدو لي هو الأهم…».

 

كم نحن في الحقيقة وحيدون!

 

(المصدر: ملحق « تيارات » بصحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 26 جانفي 2008)

 


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.