في كل يوم، نساهم بجهدنا في تقديم إعلام أفضل وأرقى عن بلدنا، تونس
Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia
|
TUNISNEWS
9 ème année, N 3251 du 26.07 .2009
حــرية و إنـصاف:احتجاز رئيس منظمة حرية وإنصاف وأحد أعضائها خارج مدينة سليمان
الجمعية الدولية المساندةالمساجين السياسيين:الأجهزة الأمنية تحي ذكرى إعلان الجمهورية ببنزرت على طريقتها
الحزب الديمقراطي التقدمي: بيان حول محاصرة المجتمع المدني
كلمة:الحكم بالسجن شهرين على ناشط سياسي بتهمة الاعتداء على عون أمن
كلمة:مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس تطالب بإنهاء مسلسل القمع
الحوار.نت:منظمات وأحزاب تونسية: » السلطات التونسية تحاصر المجتمع المدني »
المحتار اليحياوي:تونس: وضع من الإستبداد و جمهورية للذكرى
كلمة:أهالي هنشير الحجاج في باجة، جوع الأبدان وخمسون سنة من النسيان
رضا الرجيبي:سأعـــــــود للحظيرة…..؟
نورالدين الخميري :عندما يكذب الصحفي
جيلاني العبدلي:تونس: وطن وبوليس ورشوة (10):من « بئر مشارقة » إلى « جبل الوسط »
مراد رقية:في شفافية التوجيه الجامعي وفي تساوي الفرص بين حاملي شهادة الباكالوريا
الصباح:أبناء الجيل الثالث للهجرة:اضمحلال الروابط مع الوطن رغم محاولات «التونسة»
الشروق:لماذا لم تنخفض أسعار المحروقات في تونس؟
الصباح :السياحة الداخلية:أسعار من نار… شواطئ احتكرتها النزل وحركة المرور تختنق
مركز الأرض لحقوق الإنسان :من يوقف العمل العبودى فى المناطق الاقتصادية الحرة.
توفيق المديني :أميركا – بريطانيا.. ورطــــة المســـتنقع الأفـغــــاني
ياسر الزعاترة:ماذا يريدون من مؤتمر حركة فتح السادس؟
الخبر :بوتفليقة يحدّد قائمة السجناء المعنيين بالعفو الرئاسي
قدس برس : دعوة البرلمان البريطاني للحوار مع « حماس » يؤكد أنه لا يمكن تجاوزها
كلوفيس مقصود : استفزاز لا يُحتمل لمصر العروبة
إسلام أونلاين:عبد المنعم أبو الفتوح شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر
إسلام أون لاين:تورط إسرائيليين في « عصابة »الحاخامات
غازي دحمان: حجاب المرأة المسلمة كما يتجلى في الثقافة الغربية السائدة
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
التقارير الشهرية لمنظمة « حرية وإنصاف » حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس
أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 03 شعبان 1430 الموافق ل 26 جويلية 2009
احتجاز رئيس منظمة حرية وإنصاف وأحد أعضائها خارج مدينة سليمان
قام أعوان البوليس السياسي اليوم الأحد 26 جويلية 2009 باحتجاز الأستاذ محمد النوري رئيس منظمة حرية وإنصاف والأستاذ الجامعي فتحي الجربي العضو المؤسس بالمنظمة تحت أشعة الشمس الحارقة بالطريق الرابطة بين مدينتي سليمان وقربص عندما كانا متوجهين إلى ضيعة الأستاذ محمد النوري، واحتجزوا الوثائق الشخصية للأستاذ فتحي الجربي ومنعوه من امتطاء سيارة الأستاذ النوري ولم يسمحا لهما بمواصلة طريقهما إلا بعد اتصالات مكثفة بالإدارات الأمنية التي ينتمون إليها. علما بأن منظمة حرية وإنصاف تخضع لمحاصرة مستمرة ويخضع أعضاء مكتبها التنفيذي لمراقبة لصيقة تزداد حدتها نهاية كل أسبوع. وحرية وإنصاف: 1) تدين بشدة احتجاز البوليس السياسي لرئيسها الأستاذ محمد النوري ولأحد أعضائها المؤسسين الأستاذ فتحي الجربي ومنعهما من التنقل كما تدين المراقبة التي يخضع لها أعضاؤها والمحاصرة المستمرة المضروبة على مقرها وتدعو إلى رفعها فورا. 2) تطالب السلطة التونسية باحترام الحريات الشخصية والتقيد بالقانون والوفاء بالتزاماتها في إطار المعاهدات التي صادقت عليها والتي تنص على حماية الناشطين الحقوقيين. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
الحرية لجميع المساجين السياسيين الحرية للدكتور الصادق شورو الجمعية الدولية المساندةالمساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 26 جويلية 2009
الأجهزة الأمنية تحي ذكرى إعلان الجمهورية ببنزرت على طريقتها
شهِدت مدينة بنزرت يوم السبت 25 جويلية 2009 منذ الساعة السابعة صباحاً، محاصرة أمنية مكثفة بأعداد غفيرة من أعوان الأمن السياسي توزّعت إلى مجموعات تراقب الأشخاص والسيارات في مستوى طرقها الرئيسية ومداخلها المؤدية إلى وسط المدينة، كما اُستدعديت، على ما يبدو تحسباً لكل طارىء، فرقة التدخل السريع التي ظل عناصرها داخل شاحنة أمنية على الأقل في إنتظار التعليمات بالتدخل الفوري، وقد إستمرت حالة الحصار والمراقبة إلى ما بعد منتصف النهار. وجدير بالذكر أن السلطات الأمنية ببنزرت صارت لحساسيتها المفرطة، تتأهب عند كل مناسبة وطنية، بالإستعداد لأي «تشويش» أو « شغب » يصدر عن نشطاء المجتمع المدني ببنزرت ، الذين إعتادو أن يُحيُوا، على طريقتهم ، مناسبات وطنية من مثل يوم 15 أكتوبر من كل عام بمناسبة الذكرى السنوية لجلاء القوات الإستعمار الفرنسي عن بنزرت سنة 1963 ، ويوم 20 مارس من كل عام بمناسبة ذكر إستقلال تونس سنة 1956 ، ويوم 25 جويلية من كل عام بمناسبة ذكرى إعلان الجمهورية سنة 1957. ويذكر أنه تعرض في السنة الماضية أعضاء الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين السادة : عثمان الجميلي وخالد بوجمعة وفوزي الصدقاوي والسجين السياسي السابق السيد علي النفاتي ، إلى الإختطاف بعد ظهر يوم 25 جويلية 2008 ، على إثر تجمع سلمي نظمه نشطاء حقوق الإنسان و أحزاب معارضة ، وسط مدينة بنزرت ، إحتجاجاً على إنتهاك أركان الجمهورية ومبادئها ، كما تعرض يوم 28 جويلية 2008 السيد محمد بن سعيد عضو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، فرع بنزرت للإيقاف على نفس الخلفية. وقد شهدت بنزرت خلال محاكمات صائفة 2008 أعمال عنف ضد المحامين الذين حضروا للدفاع عن نشطاء بنزرت كما تعرّض أصدقاء النشطاء وأفراد عائلاتهم خارج حرم المحكمة للمنع من حضور المحاكمات و التعنيف من قبل أعداد غفيرة من قوات الأمن( الأحكام كانت : بين 3 أشهر سجن مع التأجيل وشهرين سجن نافذ). والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين التي تعتقد أن جهود التونسيين يجب أن تنصب للعمل لأجل الدفاع عن مبادىء الحرية والعدالة والقانون والمؤسسات، تلفت إنتباه المراقبين للوضع الحقوقي في تونس أن أعوان الأمن السياسي وفرقة الإرشاد والفرقة المختصة وفرقة التدخل السريع وفرقة الأمن العام« إحتفلوا» وحدهم هذا العام في ذكرى عيد الجمهورية من يوم 25 جويلية 2009 ، بمراقبة محاور مدينة بنزرت وحراسة مداخلها..!
عن الجمعية الهيئة المديرة
الحزب الديمقراطي التقدمي 10، نهج إيف نوهال – تونس بيان حول محاصرة المجتمع المدني
يتابع الحزب الديمقراطي التقدمي بانشغال كبير تشديد الحصار على المجتمع المدني ونشطاء حقوق الإنسان في الأيام الأخيرة، وهي حملة ترمي لإسكات أي صوت مستقل وفرض « الإنضباط »، في إطار الحملة الإنتخابية الرئاسية والتشريعية الإجماعية للحزب الحاكم. واتخذت المحاصرة أشكالا مختلفة اتسمت بالشدة والغلظة في كثير من الحالات، وترافقت مع حملة إعلامية تشويهية استهدفت النيل من سمعة عدد من النشطاء السياسيين والحقوقيين وهتك أعراضهم بعيدا عن أي ضوابط أخلاقية أو روادع قانونية. وشملت هذه الحملة أطرافا مختلفة من مكونات المجتمع المدني نذكر منها: – الإنقلاب المبرمج الذي تعده عناصر معروفة من جهاز الحزب الحاكم للإطاحة بالمكتب المنتخب لنقابة الصحفيين التونسيين وإذ يعبر الحزب عن استنكاره للجوء إلى هذه الأساليب الإنقلابية، يدين الضغوط التي مارسها مسؤولون رسميون على أعضاء في مكتب النقابة لحملهم على تقديم استقالاتهم وإرباك الهياكل الشرعية طبقا لما كشف عنه رئيس النقابة في الندوة الصحفية التي عقدها يوم الجمعة 24 جويلية الجاري. – الحصار الذي يتعرض له أعضاء منظمة « حرية و إنصاف » والذي لم يقف عند ضرب طوق أمني على مقر المنظمة وملاحقة أعضاء مكتبها التنفيذي بل بلغ حد محاصرة منازلهم بأعداد كبيرة من أعوان الأمن بالزيين الرسمي والمدني، ويعبر الحزب بهذه المناسبة عن مساندته لحق المنظمة وسائر مكونات المجتمع المدني في عقد جلستها العامة وتجديد مكتبها التنفيذي، ويُحذر من خطورة استمرار التدخل الأمني في شؤون المنظمات الأهلية. – الإعتداءات المتكررة التي استهدفت في الفترة الأخيرة عددا من النشطاء السياسيين والحقوقيين وخاصة الأساتذة راضية النصراوي وعبد الرؤوف العيادي ومحمد عبو وزهير مخلوف، والحملات التشويهية التي طالت بعضهم في الصحف الصفراء. وتأتي هذه الحملة متزامنة مع ذكرى قيام النظام الجمهوري الذي أفرغ من محتواه مثلما ضُربت القيم والمبادئ التي يكفلها الدستور وتضمنها المعاهدات الدولية التي صادقت عليها الحكومة التونسية. إن الحزب الديمقراطي التقدمي إذ يستنكر هذه الإعتداءات والتدخلات الفظة في شؤون المنظمات، من أجل إخضاع المجتمع المدني وضمه إلى أصوات المبايعة، يعتبرهذه الحملة تصعيدا خطرا لانتهاك الحريات الفردية والعامة وتقهقرا فادحا للأوضاع السياسية في البلاد مما يُؤشر إلى طبيعة المناخ الذي تخطط الحكومة لفرضه خلال الإنتخابات القادمة.
تونس في 26 جويلية 2009 الأمين العام المساعد رشيد خشانة
الحكم بالسجن شهرين على ناشط سياسي بتهمة الاعتداء على عون أمن
sihem قضت محكمة ناحية سيدي بوزيد في جلستها المنعقدة يوم أمس الجمعة 24 بسجن الناشط السياسي سفيان الحرشاني عضو جامعة سيدي بوزيد للحزب الديمقراطي التقدمي بالجهة لمدة شهرين نافذين. وكان الشاب سفيان الحرشاني قد تم اعتقاله مطلع الأسبوع الجاري ووجهت له تهمة هضم جانب موظف، وهو ما نفاه أمام المحكمة معتبرا التهمة كيدية خاصة وأنّها مدبّرة من أحد أعوان الأمن الذي قدّم على أنّه الضحية. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 25 جويلية 2009)
مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس تطالب بإنهاء مسلسل القمع
لطفي حيدوري طالبت مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس بوقف الهجمات والمضايقات ضد الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان. وعبّرت المجموعة، وهي تحالف مكون من 20 منظمة دولية تابعة للشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير » آيفكس »، عن بالغ قلقها إزاء تجاهل السلطات التونسية للأصوات المطالبة بإنهاء مسلسل القمع الذي تفرضه على المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمع عقدها في أكتوبر المقبل. ودعا بيان مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس الصادر بمناسبة احتفال تونس بالعيد الثاني والخمسين لإعلان الجمهورية، الرئيس التونسي لوضع حد لاستخدام القضاء لتصفية الحسابات مع منتقديه. واعتبر البيان عدم القيام بذلك يعكس تصميما على استخدام القمع والتخويف أسلوبا للحكم وحرمان التونسيين الحق في انتخابات حرة ونزيهة. وندّدت هذه المنظمات الدولية بالاعتداءات على الناشطات في مجال حقوق الإنسان والصحفيات ووصفتها بأنّها تجلب العار لحكومة تدعي أنها في طليعة العاملين على تعزيز حقوق المرأة في المنطقة. جدير بالذكر أنّ مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس سبق أن قامت بإيفاد بعثات لتقصي الحقائق و مراقبة حالة حرية التعبير في تونس منذ العام 2005. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 25 جويلية 2009)
منظمات وأحزاب تونسية: » السلطات التونسية تحاصر المجتمع المدني »
تفيد الأخبار والتقارير القادمة من تونس أن السلطات التونسية تطبق حصارا غير منقطع على جميع أطياف المجتمع السياسي والحقوقي ،هذا ما ورد في عدة بيانات لجمعيات وأحزاب تلفت نظر المهتمين بحقوق الإنسان وحرية التعبير إلى أن قوات الأمن لا شغل لها هذه الأيام إلا ملاحقة السياسيين والحقوقيين وضرب حصار كامل على المقرات وحتى المنازل وكأنها في حالة طوارئ غير معلنة وقد أكد بيان للحزب الديمقراطي التقدّمي بإمضاء السيد رشيد خشانة من بين ماجاء فيه: » واتخذت المحاصرة أشكالا مختلفة اتسمت بالشدة والغلظة في كثير من الحالات، وترافقت مع حملة إعلامية تشويهية استهدفت النيل من سمعة عدد من النشطاء السياسيين والحقوقيين وهتك أعراضهم بعيدا عن أي ضوابط أخلاقية أو روادع قانونية. وشملت هذه الحملة أطرافا مختلفة من مكونات المجتمع المدني » كما أفادنا أكثر من مصدر أن المناضليين الإسلاميين والذين قضوا سنوات طويلة في السجن لم يمتعوا بالسراح التام حيث تضرب قوات الأمن علنيّيها وسرّييها طوقا أمنيا ومتابعة لصيقة لهم مما جعلهم لا يقدرون حتى على إعالة أبنائهم . هذا وقد أورد البيان المذكور أدناه أمثلة على الحملة الشاملة والتي مست أطرافا مختلفة من المجتمع المدني منها: » الإنقلاب المبرمج الذي تعده عناصر معروفة من جهاز الحزب الحاكم للإطاحة بالمكتب المنتخب لنقابة الصحفيين التونسيين » و » الحصار الذي يتعرض له أعضاء منظمة « حرية و إنصاف » والذي لم يقف عند ضرب طوق أمني على مقر المنظمة وملاحقة أعضاء مكتبها التنفيذي بل بلغ حد محاصرة منازلهم بأعداد كبيرة من أعوان الأمن بالزيين الرسمي والمدني » وكذلك » الإعتداءات المتكررة التي استهدفت في الفترة الأخيرة عددا من النشطاء السياسيين والحقوقيين وخاصة الأساتذة راضية النصراوي وعبد الرؤوف العيادي ومحمد عبو وزهير مخلوف، والحملات التشويهية التي طالت بعضهم في الصحف الصفراء. » ولو تصفح القارئ الكريم مدى الكم الهائل الذي يتقاطر علينا من البيانات من جمعيات وأحزاب ومنظمات لفهم مدى ما يتعرض له المجتمع من محاصرة على كافة الصعد . مما يجعل المرء يتساءل حول الجدّية حول المحطة الإنتخابية القادمة؟! (المصدر: موقع « الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 26 جويلية 2009)
تونس: وضع من الإستبداد و جمهورية للذكرى
يعود يوم 25 جويلية في مثل هذا اليوم من كل سنة ليطرح على التونسيين قضية النظام الجمهوري و مبدأ السيادة و حكم المؤسسات و دولة المواطنة و المساواة في الحقوق و الواجبات… و غني عن البيان و نحن نحيي الذكرى الثانية و الخمسين لما كان يفترض أن يقوم مقام الإعلان عن قيام النظام الجمهوري في بلادنا البون الشاسع الذي مازال قائما بين الخطاب و الواقع الملموس في هذا المجال. و لئن كان من المتفق عليه اليوم أن يوم 25 جويلية 1957 كان تاريخ سقوط النضام البائد للبايات الأتراك في البلاد التونسية كما أنه تاريخيا نفس اليوم الذي إختارته السلطات الفرنسية لعرض اتفاقية إستقلال البلاد التونسية على مصادقة سلطتها التشريعية بحيث أن إستقلال تونس لم يصبح نافذا و حقيقيا إلا في هذا التاريخ، فإنه من الصعب تصنيف جمهورية الإستقلال سواءا في صيغتها الإولى في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة أو في صيغتها الحالية في عهد الرئيس زين العابدين بن علي في خانة النظم الجمهورية حسب المعايير الثابته و المألوفة لهذا الشكل من تنضيم السلط العمومية. فالجمهورية تعني قبل كل شيئ سيادة الشعب بمعنى عدم الإعتراف بأي امتياز أو أفضلية لفرد أو مجموعة تخولها إحتكار السلطة أو الحصول على نصيب من االثروة يتجاوز ما هو معترف به لكل فرد من أفراد المجتمع. كما تعني سيادة الشعب إخضاع سلطة الدولة لسلطة المواطنة، فالمواطن هو الذي يختار من ينتخبه لفترة محدودة لممارسة السلطة باسمه و هو الذي يحدد ما يطلب من السلطة أن تقوم به و تضطلع بإنجازه و هو الذي يقوم بمحاسبة القائمين بها. كما أن سلطة الشعب عندما يمارسها منتخبيه لا تعني إعطاء هؤلاء تفويضا مفتوحا لممارستها مدة نيابتهم لأن السلطة في النظم الجمهورية ليست سلطة أفراد و لا تمارس إلا من خلاال المؤسساسات و حسب التراتيب و الشروط الموضوعة لعمل هذه المؤسسات بحيث أن تداول الأفراد عليها لا يتيح لهم تغيير طبيعة سير عملها أو الإنحراف بها عن الأغراض المحددة المرسومة لدورها. و لعلنا كلما تقدمنا في استعراض الركائز الحقيقية للأنظمة الجمهورية نلامس مستوى التناقض بين قيم الجمهورية و هذا المسخ من الأنظمة التي خلفها الإستعمار و الذي يشترك معه في القيام على إقصاء الجماهير العريضة من أفراد الشعب عن ممارسة مقومات سيادتها و الإستفادة على قدم المساواة من ثروة و خيرات بلادها. و لئن كانت جمهورية الإستقلال جمهورية بلا سيادة فإنها أيضا جمهورية بلا شرعية و جمهورية بلا قاعدة وطنية حقيقية. فهي جمهورية قائمة على التعتيم و تزييف الحقيقة ومؤسسة على ثقافة التملق و الخضوع و عاجزة على استيعاب القوى الحقيقية الحية و الفاعلة داخل المجتمع و هو ما يجعلها جمهورية سبكت منذ ولاداتها داخل قوالب الإستبداد حتى أصبحت مرادفا للقمع و انتهاكات حقوق الإنسان و محاصرة القوى الحية و معادات القوى الصاعدة و تكميم الأفواه و مصادرة كل مجالات الممارسة الحقيقية للحريات. و من الطبيعي أن نجد اليوم هذا التناقض الكبير بين من يدافعون على جمهوريتهم و من خلالها على امتيازاتهم و احتكارهم للسلطة و بين من يكافحون من أجل جمهورية لا تقوم على إقصائهم و حرمانهم من حقهم المشروع في مواطنة غير مشروطة تتيح لهم التمتع بنفس الوسائل و الضمانات بحقهم في وطنهم و الذي لايمكن لأي شريعة أو قانون إقناعهم بالتخلي عنه أو صدهم على الكفاح من أجل تحقيقه. و لكن الغريب حقا في هذه المرحلة التي نحن بصددها حالة الضبابية التي يهيم داخلها جانب كبير من النخب الوطنية و ما تفضحه من عجزهم عن الإرتقاء من أجنداتهم الفئوية و الحزبية الضيقة إلى أجندة وطنية و تجعلهم يتوهمون إمكانية تغيير الأوضاع عن طريق التلائم مع شروط المحتكرين للحكم و المستبدين بالسلطة و الحال انهم لايمنحون لهم من إعتراف أو مجال للعمل إلا بالقدر الذي يجعل منهم طرفا في خدمة استبدادهم و تواصل احتكارهم. فالجمهورية لا تقوم بالدعوة للمشاركة في انتخابات خارج المقاييس الإنتخابية و معروفة النتائج سلفا و لا يتجاوز دورها إطالة عمر الإستبداد. و الجمهورية لا تقوم على أحزاب يمولها الإستبداد مقابل المحاصصة معه لإعطائه صورة الأنضمة التعددية. و الجمهورية لا تقوم على نظام يحاصر حرية الكلمة و الحق في التعبير والتعتيم الإعلامي و علق مختلف مجالات الحوار الحرحول القضايا الوطنية. و الجمهورية لا يمكن أن تقوم بدون قضاء مستقل يكرس حكم القانون و برلمان تونسي يشرع إرادة الشعب و مؤسسات دستورية ترتقى فوق مستوى الأفراد و المصالح الخاصة و تفتح مجال التداول و المنافسة على ما فيه خير الوطن و المواطنين… بصراحة نحن لا يمكن أن ننسى وضع الإستبداد لنحتفل بذكرى الجمهورية حتى ولو كانت الذكرى الثانية و الخمسين لإعلانها.
المحتار اليحياوي تونس في 25 جويلية (المصدر: موقع نواة الإلكتروني بتاريخ 25 جويلية 2009)
أهالي هنشير الحجاج في باجة، جوع الأبدان وخمسون سنة من النسيان
المولدي الزوابي
قال عدد من أهالي هنشير الحجاج معتمدية باجة الجنوبية إنهم يدفعون ثمن حقهم في التعبير عن عزلتهم وفقرهم والظلم الذي يمارس عليهم منذ أكثر من خمسين سنة. وذكر عدد من أهالي القرية التي يقطنها نحو ثمانين عائلة أنّهم كثيرا ما ناشدوا السلط المحلية والجهوية والمركزية من أجل تعبيد الطريق وتوفير الماء الصالح للشراب لهم ولمواشيهم مصدر عيشهم الوحيد، وقد دفعهم تجاهل الإدارة للاعتصام في أوت من العام الماضي ولمدة تجاوزت الثمان ساعات انتهت بملاحقات لعدد منهم وإيقافهم لمدة ساعات ومحاكمتهم بتهمة تعطيل حرية العمل . ولئن تفاءل عدد من أهالي المنطقة بما تحقق للقرى المجاورة بعد ما خاضوه من تحركات حققت تعبيد بعض المسالك، فهم يعتبرون تجاهلهم تمييزا ضدّهم وتشفيا. ولوح أهالي القرية بأن تاريخ 18 أوت من هذه السنة سيجعلون منه مناسبة للاحتفال بأول اعتصام واحتجاج شارك فيه أكثر من مائة مواطن تحت شمس حارقة بأشكال أكثر فاعلية ما لم تستجب الإدارة لمطلبهم المشروع. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 24 جويلية 2009)
سأعود للحظيرة…..؟
بقلم رضا الرجيبي لقد فكرت وقدرت وتدبّرت ثم قررت أن ألحق بركب إخوتي في مبايعة الكهنوت وأضم صوتي إلى أصواتهم والتحق بالحظيرة فما قاموا به عين الصواب ولكننا حمقى ومغفلين أعمانا حبنا لديننا وغيْرتنا على أعراضنا فخرجنا عن الصراط المستقيم وخالفنا أوامر الكهنوت ما كان علينا أن نفعل,وما ذا يعني أن يحرمونا من التعبير عن آرائنا؟ أليست آراء ظلاميّة لا تصلح للوطن؟ثم إن شعبنا لا يزال حديث عهد بالحرية والديمقراطية التي منّ بها علينا الكهنوت فلا بد من توجيهنا حتّى نبلغ الرّشد…؟ و ماذا يعني أن يُعَـرُّوا بناتنا وينزعوا عنهن لباس الحياء و الحشمة ؟ ألسن شابات قاصرات لا تعرفن ما يصلح للبلاد وللعباد ثم إن هذا اللباس- الشّوليقة- كما قال أحد الجلاّدين ألا يعتبر شهادة تخلّف في زمن ينادي فيه الكهنوت بالتعري والتفسّخ وهتك الأعراض وأن الحجاب ليس من الدين؟؟؟ وماذا تعني ملاحقة الشباب المتديّن وطرده من المعاهد والجامعات بتهمة أداء الصلوات وارتياد المساجد؟؟ الكهنوت محقّ؟؟؟ هذا شباب البلاد لم ير شيئا من مفاتن الدنيا ولم يركع بعد في محراب الملذّات والدّنايا فكيف يدفن نفسه في الصلاة والمساجد وبين صفحات المصاحف ؟إن شبابا هذا شأنه لن يكون قادرا على العمل والبناء والتشييد في فقه الكهنوت لذلك دأب على غلق المساجد والمصلّيات وصدّ السبيل عن روّادها؟؟وفتح الملاهي والخمّارات التي فيها تصقل مواهب الشّباب و يُؤهّل إلى خوض غمار البناء؟؟؟؟ وماذا يعني القضاء على التعليم بجامع الزيتونة العظيم وتفتيته وهو الذي كان رمزا للهويّة وقبلة العلماء والمتعلمين والذود عن الإسلام, وشوكة في نحر الاستعمار وجدارا في وجه حملات التنصير و……؟كلّ هذا كلام فارغ وبعيد عن الواقع,فالجامع اليوم بفضل رعاية الكهنوت أصبح جامعة متفتّحة وبنت عصرها يرتادها « الزّطالون والحشّاشون »و تفرّخ البطّالين…..وتنشر ثقافة الانحلال والعربدة….. وماذا يعني سجن آلاف التونسيين من خيرة أبناء الوطن وتعذيبهم وسلخ جلودهم حتّى الموت أو إصابتهم بإعاقات مستديمة وتنصيب محاكمات لهم قذفت بهم في غياهب السجون لسنين طوال يتجرّعون فيها ويلات الإهانة والإذلال ومحق الكرامة والاغتصاب وقتل الإرادة و…..وإن كتب لأحدهم وخرج حيّا أو شبه حيّ حوصر في رزقه ورزق عياله ومنع من الدّراسة والعمل والتنقل والتداوي والاختلاط بالناس و…… « أووووووه وجّعت لنا رؤوسنا بها الغنّاية » الكهنوت له الحقّ وما فعل ذلك كرها لهم ولا عداء للدين بل فعل ذلك ليربّهم ويعيد لهم رشدهم؟؟كالأب يقسو على أبنائه ثمّ إن أفكارهم ظلاميّة ورجعيّة تناقض الدستور وتهدّد الأمن والوحدة الوطنيّة؟؟؟ فالدين يحميه الكهنوت؟؟ ألم تسمع الآذان في المذياع والتلفاز يصدح في كل وقت صلاة؟؟ألم تر اهتمامه باللباس الشّرعي »الجبّة والسفساري والشّاشيّة »…حل عينك. فعلا ثـُبْتُ إلى رشدي وقررت العودة للحظيرة وكلّي اعتذار للكهنة والكهنوت عن غبائي و سوء ظنّي طوال هذه السنوات….. الآن سأعزّز صفوف النّاكصين وسأهرول أمام باب الكهنوت أقدّم الولاء…وإياكم أن تحدثوني عن المبادئ والوفاء والثّبات,لا تحدّثوني عن شباب قضى في حفر الموت ,لا تحدّثوني عن إخوتي المسجونين المسحوقين في الوطن المبعثرين خارجه,لا تحدّثوني عن أمهات قضين وأملهنّ رؤية أولادهنّ المسجونين لا تحدّثوني عن أبناء كبروا أيتاما وآباءهم وراء القضبان أو وراء الحدود فكل ذلك سلعة كاسدة أمام رضا الكهنوت وحاشيته.
عندما يكذب الصحفي
قرأت خبرا بجريدة الصباح التونسيّة بتاريخ 22 جويلية 2009 يتعلّق بمحاولة انتحار شاب تونسي من فوق ساعة 7 نوفمبر بشارع الحبيب بورقيبة ، أورد فيه الصحفي بأنّ الشاب كان مختلا عقليّا ، وأنه طلب من أعوان الأمن تمكينه من مادة مخدّرة (بعض الزطلة) و قارورة ماء . ليختم كلامه بالقول » وبعد مرور أكثر من سبع ساعات نزل الشاب في سلم الحماية وفجأة تمّ إبعاد السلّم عن الساعة وإنزاله شيئا فشيئا وتمّ بذلك القبض عليه وإحالته على الجهات المختصّة » . ونظرا إلى أنّ الخبر يتعلّق بحياة مواطن تونسي من جهة ، وبإعتداء فظيع على أحد إنجازات التغيير في تونس ( ساعة 7 نوفمبر ) ، ارتأيت أن أطرح بعض الأسئلة على الصحفي الكريم والذي يحمل من الأسماء » سحيم ؟؟؟ » أملا في أن تساهم الأجوبة عليها في إزالة بعض الغموض والوقوف على الحقيقة أوّلا : كيف عرفتم سيادة الصحفي بأنّ الشاب كان مختلاّ عقليّا ؟ ولماذا وقع القبض عليه إذا ، وإحالته على الجهات المختصّة إذا كان بالفعل مختلا ؟؟ وألم يكن من الأجدى إحالته على طبيب الأمراض العقليّة لمعالجته ؟؟ ثانيا : لماذا اختار » المختل » عذرا المتهم ساعة سبعة نوفمبر بالذات للإنتحار وهي القريبة من وزارة الداخليّة ؟؟ ولماذا منع المصوّرون من التقاط صور للمشهد ؟ ثالثا : ما الذي دفع » المختل » للإنتحار ؟؟ وكيف تتصورون الموقف لو كان في تمام مداركه العقليّة ؟؟ رابعا : يسعدني جدّا أن أتعرّف على حضرتكم ـ الإسم الحقيقي بالكامل ـ لأني أقوم بدراسة عن واقع الصحافة في تونس وأفتقد للعدد الحقيقي لمجموع الصحفيين المطبلين للسلطة نورالدين الخميري 26 . 7 . 2009
تونس: وطن وبوليس ورشوة (10)
من « بئر مشارقة » إلى « جبل الوسط »
بقلم: جيلاني العبدلي انتقلتُ ذات مساء إلى مدينة بئر مشارقة أين أمضيتُ ليلتي في مراسم لمأتم عائليّ، وفي الغد أفقتُ في غسق الليل مُستبقا حلول الفجر، وقفلتُ مُتوجّها إلى محطة للنقل العمومي، علّي أفوزُ بوسيلة تُمكّنني من العودة إلى مقر سكناي بالمحمدية. انتظرتُ هناك وقتا غير قصير، حتّى قدمتْ سيارةُ أُجْرة من النّوع « لواج » فيها سائقها وعونُ شرطة في زيه الرسمي برتبة عريف أول، فركبتُها، وحمدتُ الله على تلك الفرصة النادرة للنقل في مثل ذلك الإفجار. منذ صعدتُ السيارة، خلوتُ بنفسي في مقعد خلفيّ تحت ستار الظلام الممتدّ، وشددتُ إلى أذنيّ سلْكا سمّاعا لجهاز راديو بحجم الجيْب كنتُ قد اصطحبتُه معي، لأظلّ مُحيطا بالتطورات الميدانية في سياق الاستعداد الأمريكي البريطاني لغزو العراق، وجعلتُ أُنصتُ إلى بعض الإرسال دون أن يشعُر الراكبان بذلك. وبعد مسافة قصيرة قطعتْها بنا السيارةُ، التفت إليّ عونُ الأمن، وحدّق فيّ مليّا ثم أشاح بوجهه عنّي، ثمّ عاد إليّ يسألُني قائلا: » ما دام تصطحبُ راديو، فما جديدُ الأخبار على الجبهة؟ « . قلت له: » مُتظاهرا بعدم الفهم، عفوا، عن أيّ جبهة تسألُني؟ « . قال: » أعني الجبهة العراقية، وهل لنا من جبهة غيرُها؟ « . قلتُ له وأنا أتحاشي الحديث إليه: » آسف سيدي، ليس لديّ مُعطياتٌ جديدةٌ في الموضوع، وموعدُ مُوجز الأخبار للساعة السادسة لم يحنْ بعدُ حتّى نتبين المُستجدّات « . عندها، جعل يُحدّثنا وقد استدار إليّ، في شأن ما تعرّض له القطرُ العراقيّ الشقيقُ منْ مُؤامرات عبر التاريخ، وعمّا يكنّه الأمريكيون من حقد على الإسلام والمسلمين والعرب والمستعربين، وعن غياب الوحدة الصادعة والقوة الرادعة في وجه الصلف الاستعماري المُتجدد. توسّع في الموضوع بإطناب، وفصّل في التحليل بإسهاب، ولمّا لاحظ أنّي كنتُ أتسامعُ وأتشاغلُ، وأتحاشى ولا أتفاعلُ، صمت بُرهة من الزمن، سرعان ما عاد بعدها إليّ قائلا: » ناولْني من فضْلك سيجارة أُدخّنها على نخْب هزائمنا العربية المتكررة « . فقلتُ له: » آسفٌ يا سيّدي، لستُ من المُدخّنين « . فبدا مُتندّرا، وجعل يقُصّ عليّ قصة وضيعة، استرسل يصُمّ بها أذنيّ، مُفادُها أنّ مُواطنا حين استوطن في جهة من الجنوب التونسيّ(لا داعي لذكرها) سأله يوما بعضُ جُلسائه في المقهى، وهم يستغربون من درجة الاستقامة لديه، إن كان يُدخّنُ السجائر؟، وإن كان يشربُ الخمر؟، وإن كان لهُ في النساء حظوظ ومغامراتٌ؟. ولمّا أجابهم بأنْ ليس له في التدخين أو في الخمر أو في النساء حظٌّ مذكُورٌ، تغامزوا عليه، وتلامزوا، وقالوا له مُتندّرين عليه، مُتهكّمين منه: » إذنْ أنت في مُشكلة، بل أنت في مُشكلة كبرى، فحين يُسألُ المرءُ عن فعاله يوم الحساب، ويستغفرُ ربّه عن زلاّته وهفواته يوم الغُفران، ماذا سيكون جوابُك أنت؟، وعلى ماذا سيكون استغفارُك يا تُرى؟ « . وما كاد يُنْهي وضاعتهُ، حتّى بلغْنا قرية « جبل الوسط » أين توقّف سائقُ السيارة نُزولا عند إشارة بعض الحُرفاء الذين تهافتوا، وتدافعوا لاغتنام الفُرصة النادرة للنقل في مثل ذلك التوقيت. كان في مُقدّمة الصاعدين إلى السيارة رجلٌ تقدّمتْ به السنُّ، ونالتْ منه الحياة، استبق غيره للصعود خشْية وُصوله مُتأخرا إلى العمل. كان يدفعُ بين يديه قُفّة غذائه مُترفّقا بها ترفّق أُمّ رؤوم، إذ فيها ما يُسكّنُ جوعهُ من الإصباح إلى الإمساء. وأمام ما اتّسمتْ به حركاتُه من بُطء، خاطبه عونُ الأمن بصرامة يحُثّهُ على العجلة في الصعود، فتهاوى من الإرباك يهُمُّ بالجلوس في أحد المقاعد الوسطى، لكنّ العون صرخ في وجهه يأمرُهُ بإخلاء مقعده والانجلاء إلى الخلف. كان المغلوبُ على أمره غير راغب في تغيير مكانه بدون مُبرّر، وبدا مُضطربا وهو ينظر إلى صاحب السيارة مُتوقعا تدخُّله لإنصافه وفضّ خلافه، لكنّ حفيظة عون الشرطة بلغتْ مداها، وزاد غضبُه فجعل يتوعّدُه بتهشيم رأسه، إذا لم ينزلْ فورا من السيارة، ويتركْ مكانه لراكب غيره. استشعر منكودُ الحظّ جدّية الخطر، وأخذ في النزول وهو يُتمتمُ، مُعبّرا عن ضيقه بهذه المظلمة. لم يرقْ للعون ما سمعه من امتعاض وتظلُّم، ورأى في ذلك استفزازا له واستهتارا به، فاندفع من السيارة نحو الرجل، وما كاد يقتربُ منه حتّى لكمهُ على وجهه لكمة عنيفة صرخ على إثرها المسكينُ صرخة واحدة، وسقط خائر القوى على الأرض يتمرّغُ في الوحل، وقد تلُف غذاؤُهُ، وتناثر زادُه من وقْع قذيفة أصابتْه، وجعلتْ حدّا لجداله مع بوليس. وبعد أن اكتملتْ فصولُ الجريمة، عاد إلينا بطلُنا مُنتشيا بصوْلته، وانطلقتْ بنا السيارة تطوي المسافات، وكأنّ شيئا لم يكن، وعونُ الأمن يُنشّطنا، يُحدّثنا نحنُ معشر الجمهور في درايته الكبيرة بأولئك الأجلاف النازحين، وما لهُم من طباع هجينة في العناد والمكابرة وقلة الحياء، وما يجبُ في حقّهم من شدّة وتأديب حتى يعتبروا في الحياة، ويلزمُوا حدود اللياقة والآداب. أما ضحيتُنا، فما إن غادرتْ سيارتُنا مسرح الجريمة حتّى جمع شتات جُثّته، واستوى في هيأة الجالس على الأرض ينظرُ في ما أصابه من فضْل البوليس، وما أصاب زاده وعتاده للعمل، ولسانُ حاله يقول: » اللهمّ إنّي فوضتُ لك أمري « ، وظلّ الضعيفُ يُلاحقُ بناظريه سيارتنا من بعيد، كأنّي به يلعنُها ويلعنُ من فيها، من المُجرم إلى الشاهد الصّامت على الجريمة. وأما سائرُ الرّكاب، فقد لاذُوا بالصمت، وظلّوا يتبادلون نظرات الاستغراب والإدانة، دون أن يجرؤوا على الكلام، خشْية أن يمسّهُم السوءُ كما مسّ منْ سبقهم منْ بني قريتهم . وأما أنا، فقد اعتبرتُ نفسي شريكا بالصُّموت في تلك الجريمة، ولو أعوزتني فيها الحيلُ. ولم تشفعْ لي حسْرتي حين لم أجدْ طريقة أنتصرُ بها لذلك المظلوم، ولم يشفعْ لي شُعوري بالانقباض من تلك الفعلة الشنيعة التي اقترفها ذاك العون، في حقّ مُواطن بسيط لم يصدرْ منه ما منْ شأنه أن يُعرّضه لمثل ذاك المصير المشؤوم. وفي نهاية المطاف، أرستْ بنا سيارةُ الأجرة في مدينة المحمدية، فغادرتُ شركائي، وفي باطني ألمٌ يُقطّعُ أحشائي منْ وقْع جُرْم لا أظنُّ الجبال لم تهتزّ له، على مُسنّ بسيط كادح، لم يكنْ له في يومه ذاك غيرُ مُلاحقة رغيف خبز ولوْ مع طُلوع الفجر.
يتبع جيلاني العبدلي: كاتب صحفي Blog : http://joujou314.frblog.net Email : joujoutar@gmail.com
في شفافية التوجيه الجامعي وفي تساوي الفرص بين حاملي شهادة الباكالوريا
مراد رقية تعتمد منظومة التوجيه الجامعي الحالية من الناحية المبدئية على نظام التوجيه الآلي المرتكز بالأساس على المعدلات الأصلية المتحصل عليها فعليا خلال مناظرة الباكالوريا،وكذلك على المعدلات المعدّلة بعد اعتبار التنفيل الجغرافي مع وجود ثلاث دورات للتوجيه تتيح لحامل الباكالوريا بأن يطوّع اختياراته من دورة الى أخرى بحسب طاقات الاستيعاب لمختلف مؤسسات التعليم العالي،وكذلك بحسب الوضعيات الاجتماعية أو الصحية أو الابداعية. وبقدر ما تتميز هذه المنظومة الأولى بالشفافية الى حدما(باعتبار المعطيات الألكترونية الحاسوبية) على اعتبار تضمّن الجذاذات المنشورة على الاختيارات المطلوبة،وعلى المقابلة بين معدل المترشح(المترشحة) وبين معدلات آخر التلاميذ الموجهين ضمن كل شعبة حتى يتسنى للتلميذ(ة) التعرف على حدود حظوظه المأخوذة وغير المأخوذة بعين الاعتبار بقدر ما توجد منظومة أخرى موازية لا نراها ولا يتاح لنا أن نراها على شبكة الأنترنات وعلى موقع وزارة التعلين العالي والبحث العلمي لكن نسمع لها من قرب وعن بعد من خلال المحيط الاجتماعي متمثلة في الحاق بعض التلاميذ بشعب لم يتحصلوا عليها بصفة آلية طبيعية لعدن بلوغ معدلاتهم المستوى المطلوب ،ومن بين الجوانب الأخرى لهذه المنظومة الموازية والتي لا يمكن لا للأولياء ولا للتلاميذ الاطلاع على مسار منحها والتصرف فيها المنح المرصودة من بعض الدول الشقيقة والصديقة كالمغرب والجزائر والسنغال والتي برغم الاعلان عن أن الشرط الوحيد ااترشح اليها هو الحصول على معدل14/20 في امتحان الباكالوريا الا أنه ثبت بالتقادم ومن سنة الى أخرى بأن المعدل لا يعتبر المحدد الرئيسي في العملية،ولكن هب العلاقات الخاصة مع سلطة القرار السياسي والاداري والتجمعي؟؟؟ فحبذا لو أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تعوّدنا في كل سنة باصدار قائمات للطلبة الممنوحين باعتبار البلدان المانحة مع ادارج معدلاتهم الحقيقية وليست المعدلة حتى تتحقق المصداقية الكاملة والشفافية المطلوبة من كل مصالح وزارة التعليم العالي والبحث العلمي حرصا على المساواة بين حاملي الباكالوريا الموجهبن داخليا الى مختلف المؤسسات،أو كذلك لل الممنوحين المستفيدين من المنح التي لا بجب بأن تكون الأولوية في الحصول عليها للمتنفذين القريبين من دوائر سلطة القرار بأنواعه؟؟؟؟
أبناء الجيل الثالث للهجرة: اضمحلال الروابط مع الوطن رغم محاولات «التونسة»
تونس ـ الصباح محمد، الياس، نبيل، اسماؤهم عربية ولئن كانت عربية الا انها في الاخير فرنسية أو ألمانية.. هؤلاء هم شباب تونسيون يعيشون بالخارج يقدرون حسب ديوان التونسيين بالخارج بـ25% من جملة اكثر من مليون مهاجر منهم 82% يقطنون بأوروبا حيث توجد لغة اخر وثقافة مختلفة وربما وطن «يأسرهم» هناك فتنقطع بذلك كل الحبال التي تربطهم بوطنهم الاصل. كانت نواقيس الخطر قد دقت مع مؤشرات ظهرت في سلوكات الجيل الثاني ليبدأ هاجس الانفصال عن الوطن الأم ينمو سنة بعد سنة مع الجيل الثالث الذي اصبح الأمر عنده مطروحا بشكل ملح. كان عماد ابن السيد فرج في صغره لا يمانع في العودة الى الوطن لكن والده يقول انه «اصبح الان يرفض العودة الى تونس خاصة بعد وفاة جده الذي كان يحبه ويرغب دائما في رؤيته». وهذا حال الكثير من الشباب الذين تتراوح اعمارهم بين 15 و20 سنة اذ يعتبر السيد سعيد اولاد عبد الله (مختص في علم الاجتماع) ان علاقتهم بأسرهم الموسعة هشة اذ لا تكفي بعض الايام في العطلة لربط صلة وثيقة مع اهاليهم وابناء وطنهم. ورغم ان خدمات الاتصالات الحديثة متوفرة لكن بدورها تبقى وسيلة الطمأنة لا غير. وربما قصة الاخوين فيصل وباديس خير دليل على هشاشة هذه العلاقة مع الأهل فبمجرد وصولهما سرعان ما يشعران بالملل اذ يقولان انهما يحسان بـ«الغربة» في تونس وليس في بلد الاقامة لذلك يغادران على عجل كأنهما هاربان من عقاب. وفي مقابل ضعف الارتباط مع الجذور التونسية فان هؤلاء الشباب يرتبطون بدرجات متفاوتة بالمجتمعات التي يقيمون فيها خاصة لقضاء العطلة او البقاء للعمل. كما يذكر الياس عن اخيه البالغ من العمر 19 سنة والذي رفض المجيء بسبب حصوله على عمل مربح في مكان اقامته بكندا وهو يرفض العودة منذ 3 سنوات.. بل يؤكد اخوه انه حتى اثناء العطل يفضل زيارة اماكن جديدة بكندا. وحسب الدكتور بالعيد فان عديد الاسباب تتضافر لقطع هذه الروابط بين التونسيين بالخارج ووطنهم الاصل ليصل الى نتيجة يسميها «الانبتات». ولعل ابرز المشاهد التي تترجم حالة عدم الرغبة في العودة الى تونس تلك التي يلاحظها الزائر للموانئ المخصصة لاستقبال المهاجرين اذ يطغى الكهول وصغار السن على جموع الوافدين وقلما نشاهد شبابا من الجيل الثالث. حبال تتقطع يعتبر عديد المختصين ان اللغة العربية هي همزة الوصل بين التونسي بالخارج ووطنه فمن خلالها يتواصل مع غيره من ابناء وطنه فكلما استطاع ان يحافظ على لغته استمر تواصله مع تونس. لكن ارقام عديدة تعكس عدم اهتمام هذا الشباب بمفتاح التواصل اذ من بين آلاف الشباب نجد 100 منهم فقط حضروا لتعلم هذه اللغة بمعهد بورقيبة للغات الحية في هذه الصائفة. وربما تفطن أحد الأولياء لهذا المشكل فأخذ ابنيه منذ الصغر الى المدرسة الصيفية بباردو لكن يؤكد المعلم المشرف هناك ان الاطفال لا يرغبون في البقاء لان الصيف ببساطة فرصة للترفيه. ولعل العربية ليست الحبل الوحيد الذي تقطّع اذ من المعروف ان الجيل الاول واغلبية الجيل الثاني يجتمعون خارج الوطن للتعارف ولربط الصلة مع وطنهم خاصة وان أكثرهم يحمل حنينا كبيرا الى كل ما هو تونسي.. لكن يؤكد الدكتور بلعيد ان «الجيل الثالث له الحرية الكاملة في ترك منطقة الاقليات المهاجرة مثله ليختلط باغلبية سكان بلد الاقامة وهو ما يلخصه الدكتور بقوله «انه مشكل تحديد الهوية الذي يواجه هذه الأجيال». محاولة «التونسة» يؤكد مصدر في ديوان التونسيين بالخارج ان الهياكل الرسمية المعنية بالمهاجرين توقن جيدا مدى خطورة المشكل لذلك تقوم سنويا ببرامج تستهدف استقطاب هذه الفئة من الشباب. ولا يقتصر الامر على متابعة هؤلاء في بلد الاقامة من خلال ارسال ملحقين اجتماعيين الى المراكز الديبلوماسية والقنصلية اضافة الى ست عشرة دارا للأسرة تنشط في هذا المجال تتم المتابعة حتى اثناء عودتهم الى تونس. اذ ينظم الديوان سنويا رحلات اصطياف الى كامت تراب الجمهورية مثل رحلة انطلقت هذه الايام الى مناطق ساحلية تضم الطلبة الذين يدرسون اللغة العربية بمعهد بورقيبة للغات الحية وتؤكد لينا وهي احدى المشاركين وهي مقيمة في بلجيكا «انها سعيدة بمشاركتها في التجول في مناطق تونسية هي لا تعرفها اذ معلوماتها عن تونس قليلة جدا لان زياراتها ليست كثيرة الى وطنها الاصل». وتعتبر هذه الرحلات جسرا لتعريف هؤلاء بوطنهم ورغم هذه البرامج يؤكد الدكتور بالعيد «ان ما يقوم به ديوان التونسيين بالخارج لا يمكن ان يحقق نتائج مرجوة فهو بحاجة الى دعم أكبر». لذلك قامت عديد المبادرات الخاصة او غير الحكومية خاصة العمل الجمعياتي حيث صار عدد الجمعيات التي تعنى بالمهاجرين عموما 556 جمعية حسب احصائيات ديوان التونسيين بالخارج منها 75 جمعية تهتم بالأجيال الجديدة. ويؤكد مصدر في ديوان التونسيين بالخارج ان جمعية «باسرال» (passerelle) المتوسطية من ابرز هذه الجمعيات حيث تحصلت الاذاعة التابعة لهذه الجمعية على جائزة احسن اذاعة كرّست الحوار مع الشباب في الخارج لسنة 2008. وتعنى الجمعية بربط الصلة بين الفئات الشبابية فالخارج وبلدهم عبر مساندة الديوان في برامجه والاقتراب من مشاكل الجيل الثالث للهجرة. وتعكس اذاعة هذه الجمعية جدية العمل فيها من خلال اثراء محتوياتها بتقديم برامج ذات طابع تونسي ولها مراسلون في عديد البلدان. ربما تحاول الدولة والجمعيات لملمة الجراح التي ظهرت في جسد العلاقة بين التونسيين الشباب المهاجرين لكن لا يزال الجرح عميقا ويستحق مزيد التفكير. ع. عبيدي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 26 جويلية 2009)
لماذا لم تنخفض أسعار المحروقات في تونس؟
* تونس ـ «الشروق»: رغم تواصل انخفاض أسعار البترول في السوق العالمية فإن المنهجية المعتمدة في نظام تعديل أسعار المحروقات في السوق التونسية لم تسمح، مرّة أخرى بالتخفيض من أسعار البنزين والكهرباء في بلادنا، وهو ما تأكد أول أمس من خلال ما صرّح به وزير الصناعة والطاقة في ندوة صحفية.. حيث أكد الوزير ان العمل سيتواصل بالأسعار المعتمدة حاليا الى موفى سبتمبر، وهذه الأسعار هي 1270مي بالنسبة للبنزين و950مي بالنسبة للقازوال (اللتر الواحد). ومعلوم ان هذه الأسعار انخفضت بـ 50 مي للتر الواحد من الصنفين وذلك في جانفي 2009، وتم إقرار خطة تقتضي اعتماد التخفيض كلما كان الفارق بين معدل سعر البرميل في السوق العالمية خلال الثلاثية السابقة والسعر المرجعي اكثر من 10 دولارات.. ولم يقع بلوغ هذا الفارق لا عند نهاية الثلاثية الأولى من 2009 (جانفي ـ فيفري ـ مارس) ولا عند نهاية الثلاثية الثانية (افريل ـ ماي ـ جوان) وبالتالي تواصل العمل بأسعار جانفي 2009 في انتظار نهاية الثلاثية الحالية (جويلية ـ أوت ـ سبتمبر) وتقويم نتائجها.. رغم تطوّر مواردنا.. ذكر السيد عفيف شلبي وزير الصناعة والطاقة ان السداسية الاولى من سنة 2009 شهدت انتاج 3760 ألف طن مكافئ نفط مقابل 3300 ألف طن م.ن خلال الفترة نفسها من 2008، وهو ما يعني تطوّرا في الانتاج بنسبة 14. ويعود ذلك حسب الوزير الى زيادة في حجم الغاز الطبيعي المتاح بحقولنا بـ 31 وارتفاع انتاجنا من النفط الخام بـ 3 . ومن المنتظر ان يبلغ الحجم الجملي للموارد الوطنية للمحروقات في موفى 2009 حوالي 8.2 مليون طن مكافئ نفط على ان يبلغ سنة 2010 (9.2) مليون طن مكافئ نفط مقابل 6.4 مليون طن مكافئ نفط فقط سنة 2006 . هذا التطوّر في انتاج المحروقات وككل تطوّر في انتاج أية مادة أخرى كان من المفروض ان يكون له انعكاس إيجابي على مستوى الأسعار ما دام الانتاج مرتفعا أي العرض متوفّر (إضافة الى ما يقع توريده) لكن العكس هو الذي حصل حيث لم تنخفض الأسعار الداخلية بعد نهاية السداسية الأولى من العام الجاري.. .. ورغم تراجع الاستهلاك من جهة أخرى، تفيد الاحصاءات ان استهلاك التونسيين من المواد النفطية يسجل من سنة الى أخرى تراجعا… حيث انخفض من 4251 طنا مكافئ نفط سنة 2007 الى 4072 طنا مكافئ نفط سنة 2008 اي بنسبة انخفاض في حدود 4.2. وذكر بيان رسمي من الجهات المعنية ان هذا الانخفاض في الاستهلاك كان على 3 مستويات وهي انخفاض الطلب على مادة الفيول في انتاج الكهرباء بنسبة 51 وفي الاستهلاك الصناعي بنسبة 4.8، إضافة الى انخفاض في استهلاك النفط (المحروقات) بنسبة 17.8 بين 2007 و2008، وكذلك انخفاض طفيف جدّا في استهلاك غاز البترول السائل (GPL) أو غاز القوارير. ويعود هذا الانخفاض حسب المختصين الى سياسة ترشيد استهلاك الطاقة التي تحث عليها الدولة وانخرط فيها المواطن والمؤسسات كما يعود ايضا الى التوجه نحو الطاقات البديلة (الطاقة الشمسية، طاقة الرياح…). معادلات بناء على ما تقدّم ذكره، توجد على الاقل، ثلاثة أسباب تدعو نظريا الى التخفيض في أسعار المحروقات في تونس، وهذه الأسباب هي أولا انخفاض سعر برميل البترول في السوق العالمية وثانيا ارتفاع حجم انتاجنا من الموارد الوطنية للمحروقات (نفط خام + غاز) وثالثا تراجع استهلاك التونسيين من المواد البترولية (كهرباء، وقود، غاز..) غير ان هذا الأسباب الثلاثة لم تؤد سوى الى تخفيض واحد طفيف في أسعار المواد البترولية في بلادنا وذلك مطلع العام الجاري واعتبره المواطن تخفيضا لا يرتقي الى حجم التطلعات بعد ان اصبحت نفقات الطاقة تستحوذ على جزء هام من نفقاته. ويعتبر المختصون ان هذه العوامل الثلاثة لم تؤد الى التخفيض في الأسعار الداخلية للمحروقات لعدة أسباب. ـ أولا: انخفاض سعر برميل البترول في العالم لا يجب أخذه كسبب للتخفيض الفوري لأن الدولة ـ حسب المسؤولين عن القطاع ـ تكبّدت طوال سنتي 2007 و2008 نفقات كبرى لدعم المواد البترولية بعد ان تجاوز سعر البرميل على امتداد عدة أشهر 100 دولار، وهو ما جعل الدولة تعتمد منهجية محددة للتخفيض وهي ان يكون الفارق خلال الثلاثية السابقة بين معدل سعر البرميل في العالم والسعر المرجعي في حدود 10دولارات وهو ما لم يتحقق في الثلاثيتين الاولى والثانية لـ 2009 . ـ ثانيا: ارتفاع حجم انتاجنا من النفط لا يجب ان يُفهم ـ حسب المختصين والمسؤولين ـ على ان كامل الانتاج الوطني خاص بالدولة التونسية، اذ ان الشركات المستغلة لحقولنا والتي تقوم بالتنقيب والاستخراج تحصل على نسبة معيّنة مما يقع استخراجه من نفط خام، وينضاف لذلك ارتفاع التكاليف وهو ما يجعل من ارتفاع الانتاج غير ذي آثار كبيرة ولا يمكن ان يؤدي بالتالي الى التخفيض في الأسعار المحلية. ـ ثالثا: انخفاض استهلاك التونسيين من الكهرباء قابله من جهة أخرى ـ حسب الاحصاءات الرسمية ـ انخفاض في حجم صادرات قطاع الطاقة والمحروقات وهو ما أثّر على المردودية المالية للقطاع وأجبر الدولة على الرفع من دعمها لأسعار المحروقات من 600 مليون دولار عام 2007 الى 1216 مليون دولار عام 2008 وجعلها لا تفكّر في التخفيض في أسعار المحروقات في السوق المحلية على الأقل في الأشهر القادمة.. وعلى كل حال فإن المواطن التونسي لا يتقبل بسهولة هذه التبريرات الاحصائىة الرسمية ويعتبر دوما ان من حقه التمتع بتخفيض في أسعار البنزين والكهرباء والغاز بعد ان بذل كل ما في وسعه ليرشد استهلاكه وبعد ان سمع اكثر من مرة عن الانخفاضات المتواصلة لسعر برميل البترول في العالم وعن انخفاض الأسعار الداخلية في أكثر من دولة عربية وعن التطوّر المتواصل في انتاجنا من النفط الخام وخاصة عن تعدد التراخيص المسندة سنويا لمؤسسات وشركات عالمية مختصة للتنقيب في الحقول التونسية. * فاضل الطياشي (المصدر: النشرة الإلكترونية لجريدة الشروق التونسية يوم الاربعاء 26 جويلية 2009)
السياحة الداخلية: أسعار من نار… شواطئ احتكرتها النزل وحركة المرور تختنق
الحمامات: الصباح كثر في السنوات الأخيرة الحديث عن السياحة الداخلية التي إتخذت من أجلها العديد من الحوافز والتشجيعات للدفع بها في إطار تقديم مقاربة تونسية تهدف إلى إدماج التونسي في المنظومة السياحية وفتح الأبواب أمامه للاستمتاع بخيرات البلاد وقضاء العطل في ظروف مريحة وسط أجواء متميزة. وخلال الموسم السياحي الحالي الذي شهد تراجعا في أعداد السياح الوافدين من الخارج راهن المهنيون على المواطن التونسي للتردد على النزل بأسعار قيل أنها منخفضة وفي متناول التونسي المتوسط الدخل وبقدر ما ابتهج الجميع لهذا فإن الواقع مخالف تماما فمثلا في نزل بالحمامات صنف 3 نجوم الليلة الواحدة لا تقل عن 90 دينارا نظام نصف إقامة والأسعار في ارتفاع كلما اقتربنا من شهر أوت الذي تفيد التوقعات أنه سيشهد تحسنا في طاقة الإيواء للسياح الوافدين من الخارج خاصة من أوروبا، فضلا عن بداية توافد الأشقاء الجزائريين والليبيين الذين أنعشوا السياحة في الفترة الأخيرة خاصة بمناطق الاستقطاب المعتادة بكل من الحمامات- نابل وسوسة والمنستير والمهدية وطبرقة… في الواقع لم يتوصل التونسي الى أن يكون طرفا محركا وفاعلا في السياحة الداخلية التي من حقه أن يتمتع بها لقضاء عطله على مدار فصول السنة وخاصة في الفترة الصيفية التي تكون الظرف المناسب للم شمل العائلة لتبقى مع بعضها البعض والتمتع بالراحة والاستجمام بشواطئ البلاد من شمالها إلى جنوبها بأسعار ملائمة وعلى مقاس المصطلح المتداول « في متناول الجميع ». وفي ظل هذه الوضعية التي تحد من تمتع التونسي بالنزل والشواطئ لا بد من أخذ خطوات عملية وترجمة الكلام إلى أفعال كما أن الأسعار المتداولة في المناطق السياحية خلال فصل الصيف مرتفعة جدا، فكيف لبيزا بـ 14 دينارا وقارورة ماء بـ 3 دنانير وقارورة مشروبات غازية بدينارين وأكثر أن تساهم في دعم السياحة الداخلية. خدمات لم ترتق بعد للمستوى المطلوب تبقى الخدمات المقدمة في بعض النزل دون المستوى المطلوب فالعنصر البشري يمثل النقطة السلبية في الخدمات السياحية فأصحاب النزل يعولون على عملة ينقصهم الكثير من التكوين بعد أن أخذوا مواقع المتكوين والمتخرجين من مدارس ومراكز التكوين السياحي وهذه قضية كبرى ففي تواجد عملة يفتقرون للتكوين تأثير على قيمة الخدمات الموجهة للسائح. نقطة أخرى تتعلق بالإطعام الذي لا توليه بعض النزل العناية اللازمة وتقدم وجبات متواضعة في المحتوى مما يجبر السائح على التوجه للبحث عن أطعمة أفضل خارج النزل… وبما أن الخدمات السياحية منظومة متكاملة فلا يمكن التغافل عن التنشيط السياحي الذي لايزال مردوده دون المستوى بل تدنى إلى الحضيض إن لم نقل فقد في بعض النزل وفي ذلك إهدار عدة فرص للترويج والتعريف بتونس في عديد النزل. وهنا نقترح لم لا تتبنى التنشيط السياحي وزارة الثقافة والمحافظة على التراث في إطار آلية تفتح الآفاق أمام خريجي معاهد التنشيط الشبابي والرياضي أو غيرها من المؤسسات الأخرى… فالتنشيط السياحي حلقة هامة في المنظومة السياحية لا بد من إيلائها العناية اللازمة. إحتكار للشواطئ تسبب التكدس الكبير للنزل بجهة الحمامات في تقليص الشواطئ أمام المصطافين، فالنزل تنفرد بمساحات شاسعة من الشواطئ تكاد تكون غير مراقبة من طرف الهياكل السياحية المعنية. فمثلا إذا ما أخذنا الشريط الساحلي الممتدد من منارة الحمامات إلى ياسمين الحمامات نلاحظ الاحتكار الواضح للشواطئ من طرف النزل وهو ما تسبب في قلق للمصطافين من عامة الناس وخاصة العائلات التي تريد أن تتمتع بشواطئ شاسعة ونظيفة… إختناق حركة المرور وتشكو جهة الحمامات من اختناق كبير في حركة المرور منذ الدخول من جانب الطريق السريعة إلى شمال المدينة بمنطقة المرازقة ويمتد الوضع إلى مدينة نابل. فالإكتظاظ سمة بارزة خلال فصل الصيف وهو ما يستوجب اعتماد مثال مروري تسهر عليه الهياكل المعنية على مستوى وزارة التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية وتجنب التعويل على البلديات التي ثبت بالكاشف عجزها عن تصميم أمثلة مرورية تتماشى ومتطلبات الواقع المروري. كمال الطرابلسي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 26 جويلية 2009)
مركز الأرض لحقوق الإنسان 76 شارع الجمهورية شقة 67- الدور الثامن بجوار مسجد الفتح – الأزبكية – القاهرة القاهرة 26/ 7 / 2009
نشرة اعلامية
من يوقف العمل العبودى فى المناطق الاقتصادية الحرة.
فى سابقة خطيرة تقوم بعض الشركات متعددة الجنسيات فى مصر بانتهاكات حقوق العمال بعد صدور قانون المناطق الصناعية باعفاء المؤسسات الصناعية من الامتثال للأحكام القانونية المتعلقة بتنظيم العمل مما حرم العمال بهذه المناطق من حقوقهم فى العمل اللائق والامن . ولا تعبأ تلك الشركات واصحاب الاعمال فى هذه المناطق كثيراً بحقوق العمال ، حيث يتم اجبار العمال على العمل دون عقود ودون التزامات على الشركات وتوقيع استقالات قبل بدء العمل ويحق لصاحب العمل متى يشاء طردهم دون أية مستحقات أو تعويض . كما أن ساعات العمل الطويلة والاجور المتدنية وبيئة العمل غير الصحية وتدهور أوضاع الرعاية الصحية والاجتماعية هى سمات لعلاقات العمل فى هذه المناطق ويصعب على العمال ممارسة أية انشطة نقابية أو المطالبة بحقوقهم نتيجة الممارسات غير القانونية لجهات الادارة الحكومية المتواطئة مع ادارة الشركات واصحاب الاعمال اذ تتبنى الهيئات الحكومية المنوط بها الحفاظ على حقوق العمال دعم وحماية مصالح اصحاب الاعمال والشركات مما ينتج عنه تدهور وتدنى اوضاع العمل بهذه المناطق وليس أدل على ذلك الا تلك الحالات التى استقبلها المركز مؤخراً من شركة ليونى وايرنج سيستمز وهى احدى شركات المنطقة الحرة ويوجد مركزها الرئيسى بألمانيا وتأكد شكاوى العمال انهم يعملون منذ اكثر من خمس سنوات بالشركة التى تنتج ضفيرة الكهرباء بالسيارات . ويعمل به حوالى6000 عامل وكل خمس سنوات تقريباً يقوم المصنع بتغيير معظم العمالة نتيجة اصابة غالبيتهم باصابات فى الظهر وبالانزلاق الغضروفى والتهابات الفقرات بالعمود الفقرى . كما أن معظم العاملين يصابون بالامراض العصبية نتيجة طبيعة العمل الشاق وترفض ادارة الشركة ان تقوم بتشغيل العمال اكثر من خمس سنوات لانهم يكونوا قد اصبحوا غبر لائقين طبياً . وتقوم بعرضهم على القومسيون الطبى الذى يفيد بأنهم مصابون ويحتاجون لعمل خفيف وبعد عدة تقارير طبية تقوم بالتفاوض معهم لطردهم دون حقوق وهذا المسلسل المتكرر والذى اكده كلاً من محمود حامد على ،وعلى مختار خليفة ،وابو بكر على محمود، الذين يعملون بشركة ليونى بالمنطقة الحرة كفنيين على خطوط الانتاج بمرتبات تصل لحوالى 500 جنيه فى الشهر وافادوا بأن القسم الذى يعملون فيه ويعمل به حوالى (35 عامل) يصاب العمال بتأكل فى العمود الفقرى واصابات مزمنة فى الظهر وتقوم الشركة بتجديد العمالة فيه بعد طرد العمالة القديمة دون حقوق ، ويقولوا قمنا بتقديم شكوى لمكتب العمل تحت ارقام 204/205/202 /24/6/2009 كما تقدمنا لقسم مدينة نصر بشكاوينا تحت رقم 17446فى 23/6/2009 لعودتنا للعمل فى اعمال خفيفة وصرف مرتباتنا ومكافأتنا المتأخرة والشئ المؤسف ان المسئولين بالمنطقة الحرة قالوا للعمال « من الافضل ان تتركوا العمل دون ضجة ولا فائدة من الشكاوى لان الشركة لا تخضع لقوانين العمل المصرية « . ويقول العمال ان الشركة تستثمر وجود الازمة الاقتصادية وتضاعف عملنا بالرغم من تخفيض الاجور « انها تستقطع الارباح والحوافز التى كنا نحصل عليها « وما يطبق بشركتنا يطبق بمعظم الشركات المحيطة بنا بالمنطقة الحرة . ويتسأل المركز أية قوانين عمل فى الدنيا لا تعطى للعامل حق تعويضه بعد ان تسبب العمل فى تدهور صحته واصبح وهو فى عز شبابه قعيد الفراش لا يستطيع الحركة .أى جبروت وقوة لهذه الشركات العالمية والمسماة بالمتعددة الجنسيات تعطيهم الحق فى انتهاك حقوق العمال بالرغم من انهم يكسبون ملايين الدولارات بسبب جهود وعرق العمال ويدعون كذباً بأنهم يلتزموا بمعايير العمل الدولية التى تكفل للعامل فرص عمل لائقة وامنة . ويأسف المركز من موقف الحكومة المصرية السلبى تجاه انتهاكات حقوق العمال بالمناطق الحرة والتى اكدها التقرير السنوى للاتحاد الدولى للنقابات الصادر عام 2009 حيث أكد حرمان العمال من حقهم فى التعدد النقابى والدفاع عن انفسهم وحقوقهم فى الانضمام أوتأسيس نقابات مستقلة بسبب قيود القانون وممارسات الحكومة المتعسفة ، واكد بقيام الحكومة بأدوار سلبية تعرقل التفاوض الجماعى خاصة فى القطاع الخاص ، ودورها فى استحالة ممارسة العمال للاضراب بسبب القيود التى وضعتها على ممارسته وابرز التقرير صور للانتهاكات المختلفة التى تعرض لها النشطاء العماليين والنقابيين واعمال القمع والاعتقال والضرب والاهانة والطرد التى تعرضت لها العاملات فى مصر واشار التقرير الى تدهور حقوق العمال المصريين فى المناطق الصناعية حيث لا نقابات عمالية ولا ضمانات ولا رعاية من أى نوع الامر الذى يفرض على الحكومة المصرية ضرورة اتخاذ اجراءات سريعة لوقف هذا التدهور واطلاق حرية التنظيم النقابى وكفالة حق الضمان الاجتماعى والاجر العادل والرعاية الصحية ، ووقف استغلال اصحاب الاعمال والشركات للازمة الاقتصادية وتحميل تبعاتها على العمال. وفى هذا الاطار تقدم المركز بشكاوى عمال شركة ليونى والشركات الاخرى بالمناطق الاقتصادية الحرة لوزيرة القوى العاملة والاتحاد العام للعمال وللمنظمات الدولية العمالية لوقف تدهور اوضاعهم بتلك المناطق وحماية حقوقهم فى الاجر العادل والحرية النقابية والرعاية الصحية والاجتماعية . ويطالب المركز اعضاء مجلس الشعب والشورى ومنظمات المجتمع المدنى ووزير الصناعة والتجارة والخارجية بضرورة التحرك لاصدار قرارتهم لتعديل قوانين العمل بالمناطق الحرة لاجبار الشركات المتعددة الجنسيات ورجال الاعمال على تطبيق معايير العمل الدولية والالتزام بتطبيق اتفاقيات منظمة العمل الدولية حرصاً على حقوق العمال فى فرص عمل لائقة وكريمة وامنة و تأسيس النقابات والروابط باستقلالية وكفالة الرعاية الصحية والتأمين والضمان الاجتماعى لكفالة العمل اللائق للعمال المصريين وتغيير مجتمعنا ومستقبل بلادنا للافضل . للمزيد من التفاصيل يرجى الاتصال بالمركز ت: 27877014- 202+ ف: 25915557-202+ البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org Website www. Lchr-eg.org
أميركا – بريطانيا.. ورطــــة المســـتنقع الأفـغــــاني
توفيق المديني على الرغم من دخول قوات مشاة البحرية الأميركية (أكثر من أربعة ألاف جندي من المارينز) والجيش البريطاني، تساندهم وحدات من الجيش الأفغاني في عمليات حربية واسعة النطاق في ولاية هلمند جنوب أفغانستان، تنفيذاً للاستراتيجية الإقليمية الجديدة التي أقرها الرئيس الأميركي، فإن حركة «طالبان» استطاعت أن تشن عدة هجمات انتحارية مضادة في نورستان بولاية بكتيكا (شرق العاصمة كابول وأماكن أخرى)، علماً أن الحركة تواجه منذ مطلع الشهر الجاري عمليات واسعة تشنها قوات الحلف الأطلسي بهدف هزيمة «طالبان» وحلفائها الإسلاميين، وتحقيق الاستقرار في أفغانستان. لاشك أن الأهداف العسكرية من هذا الهجوم الكبير الذي يشارك فيه عشرة ألاف من الجنود الأميركيين والبريطانيين والأفغان، يكمن في القضاء على الوجود العسكري لحركة «طالبان» في الولايات الجنوبية والشرقية من أفغانستان وعدم السماح لمقاتليها بالتعرض للقوات الدولية العاملة في جنوب أفغانستان، وإخراج مقاتلي الحركة من القرى والبلدات المتناثرة على جانبي نهر هلمند، في سبيل السيطرة على تقاطعات الطرق الاستراتيجية التي تربط البلدات والممرات الاستراتيجية في جبال هلمند من أجل حرمان حركة «طالبان» من الاستفادة من محاصيل المخدرات المنتشرة هناك، حسب قول وزارة الدفاع الأفغانية. وقتل 55 جندياً من قوات حلف الناتو في العمليات القتالية الدائرة ضد مقاتلي حركة «طالبان» في أفغانستان خلال شهر تموز الحالي، وكشفت وزارة الدفاع البريطانية أن 157 جندياً بريطانياً جرحوا في أفغانستان خلال أسبوع، علماً أن 18 جندياً آخرين قتلوا هذا الشهر في هلمند، ما رفع العدد إلى 187 عدد قتلى الجنود البريطانيين منذ نهاية عام 2001، في وقت ينتشر نحو 9 آلاف عسكري بريطاني في أفغانستان وقالت صحيفة «الغارديان» الصادرة الثلاثاء 21 تموز الجاري، أن 46 جندياً بريطانياً أدخلوا إلى المشافي العسكرية الميدانية في أفغانستان للعلاج من الجروح التي أصيبوا بها خلال حزيران الماضي، بالمقارنة مع 24 جندياً في أيار الماضي و11 جندياً في نيسان من العام الحالي… وهذا ما جعل الصحافي البريطاني أدريان هاملتون، يقول في مقالته «حل مشكلة الإرهاب بعيداً من أفغانستان» المنشورة في صحيفة «الأندبندنت» البريطانية، 16/7/2009: والحق أن الزعم أن الحرب في أفغانستان هي حرب ضد الإرهاب مضلل، فالقوات البريطانية خاضت الحرب هذه جراء رغبتها في مساندة الولايات المتحدة الأميركية، غداة الحادي عشر من أيلول 2001، وبدا يومها أن اقتلاع «القاعدة» من ملاذها الآمن هو هدف معقول. الأزمة الراهنة وتعاظم عدد القتلى البريطانيين، مردهما إلى انتهاج سياسة أمنية بائتة تسعى إلى حماية الحكومة الأفغانية، والقضاء على تجارة المخدرات، وإعادة بناء المجتمع الأفغاني، وإطاحة طالبان وهذه أهداف أميركية لا تراعي المصالح البريطانية، وليس المخرج الوحيد من المأزق مضاعفة عدد القوات البريطانية، فربما على القوات هذه أن تخفف من مهمة حماية الحكومة وطرق المواصلات بين المناطق الاستراتيجية، وأن يتولى الأفغان أنفسهم المهمات هذه، وفي وسع بريطانيا سحب معظم جنودها من أفغانستان ونشر وحدة مكافحة إرهاب تسير دوريات على الحدود، أو تحديد موعد للانسحاب من أفغانستان. ومع تصاعد التمرد الذي تقوده «طالبان» في جنوب أفغانستان، تسود مخاوف لدى الحكومة الأفغانية من احتمال مهاجمة المسلحين الانتخابات الرئاسية التي ستجري في 20 أب المقبل، وحمل الأفغان على عدم الإدلاء بأصواتهم، ولاسيما أن سكان ولايات الجنوب الأفغاني يشكلون الرصيد الانتخابي للمرشح الرئيس حامد كرزاي المنتهية ولايته، احتجاجاً على الهجوم الذي تشنه القوات الدولية العاملة في أفغانستان في الولايات الجنوبية، ما يحرم الرئيس الأفغاني العديد من الأصوات. وكانت اللجنة التابعة للأمم المتحدة والخاصة بالإشراف على الانتخابات الرئاسية الأفغانية تحدثت عن إمكان امتناع سكان 13 ولاية في الجنوب والشرق عن التصويت، أو إقبال خجول على الاقتراع نظراً إلى الظروف الأمنية في هذه المناطق وهو ما يقوي فرص الدكتور عبد الله عبد الله وزير الخارجية السابق المدعوم من الحزب الديمقراطي الأميركي، والذي يعتبر عنوان التغيير في أفغانستان، كما كان الرئيس الأميركي باراك أوباما عنوان التغيير في الولايات المتحدة، حسب قول مراسل صحيفة الحياة الصادرة بتاريخ 5 يوليو 2009. ولما كان هناك أكثر من 30000 شاب أتوا من الشرق الأوسط، وأسيا، وأوروبا، تمت أدلجتهم عقائدياً، وتدريبهم عسكرياً من قبل تنظيم «القاعدة» في الفترة الممتدة من 1996 و لغاية 2001، فإن المركز الرئيس للحرب على الإرهاب يكمن في باكستان، ولاسيما أن فروع تنظيم «القاعدة» على افتراض أنه تنظيم مركزي يخطط لشن هجمات على الغرب، منتشرة في عدد كبير من الدول، على غرار اليمن والصومال وشمال إفريقيا وعليه، تنتفي حاجة «القاعدة» إلى ملاذ آمن بافغانستان، ويعتقد المحللون الغربيون أن خسارة باكستان تترتب على الخسارة بأفغانستان ولكن العسكريين يرون أن مصدر الاضطراب بأفغانستان هو الحدود الباكستانية الأفغانية وعليه حري بالقوات البريطانية الانتشار على الحدود عوض السعي إلى السيطرة على ولاية في بلد لم يألف الحكم المركزي ويتمرد على مرابطة قوات أجنبية على أرضه. وتشكو باكستان وهي شنت أخيراً عملية واسعة النطاق لاستعادة السيطرة على مناطقها الحدودية، من أن جهود قوات التحالف على الجانب الآخر من الحدود متواضعة ولا ترجى منها فائدة ولاشك في أن معظم المخططات الإرهابية في أوروبا هي مخططات محلية الإعداد والتنفيذ. تؤكد التقارير العسكرية العالمية استحالة تحقيق نصر عسكري أميركي على حركة «طالبان» وتنظيم «القاعدة» في أفغانستان، ويرى خبراء الاستراتيجية أن الطبيعة الجبلية لأفغانستان وتمرس وصلابة وشراسة المقاتل الأفغاني الذي يقاتل عن عقيدة، كلها أمور تصب في صالح المقاومة الأفغانية ضد القوات الأميركية، وهذه المقاومة جعلت أميركا تغرق حتى أذنيها في المستنقع الأفغاني، ورغم تظاهر الولايات المتحدة بالقوة إلا أنها تشعر بمرارة الهزيمة والمأزق الذي تعاني منه في أفغانستان وتسعى بكل السبل إلى إيجاد طريق للانسحاب بقواتها، ومن أجل تحقيق هذا الهدف قررت الولايات المتحدة الاستعانة بالدول الإسلامية لإنقاذها من ورطتها وورطت باكستان في حرب لاتبدو لها نهاية مع طالبان باكستان، وفي نفس الوقت تنسق مع إيران وتطلب من السعودية الوساطة بينها وبين حركة طالبان لإنهاء تلك الحرب المستمرة منذ سنوات ولم تحقق فيها أميركا حتى الآن شيئاً.
(المصدر: صحيفة الثورة( يومية – سورية)،شؤون سياسية بتاريخ 26 جويلية 2009)
ماذا يريدون من مؤتمر حركة فتح السادس؟
ياسر الزعاترة على مرمى أيام من انعقاد المؤتمر السادس لحركة فتح في مدينة بيت لحم، يبدو من المفيد التوقف عند ما يتوقعه المراقبون من المؤتمر (إذا لم تحدث مفاجآت تحول دون انعقاده)، وما يرنو إليه الذين أصروا على عقده في الداخل، ومن ورائهم الأطراف المعنية بوصوله إلى نتائج بعينها تؤثر على وضع القضية برمتها. من المؤكد أن ميزان القوى السياسي يميل بقوة لصالح تحالف الرئيس الفلسطيني مع محمد دحلان ومن اقتربوا من رئيس الوزراء سلام فياض من حركة فتح، وإن شكك كثيرون في الأمر معتبرين أن التحالف المذكور لا يملك أغلبية بين الأعضاء. والحال أنه لو توفرت حاضنة عربية للمجموعة الأخرى داخل فتح، أعني تلك التي تطالب بالإبقاء عليها ضمن إطارها القديم كحركة تحرر، لكان بالإمكان التأثير في نتائج المؤتمر على نحو يغير مساره، لكن ذلك لا يتوفر من جهة، بينما يتوفر دعم عربي للطرف الآخر، إلى جانب الدعم الأمريكي الإسرائيلي، فضلاً عن حركة المال التي تؤثر تأثيراً جوهرياً في التوجهات والقرارات. وإذا كان من الصعب على المؤتمر تمرير قرارات سافرة تعلن تكريس الحركة حزب سلطة ضمن برنامج دايتون، فإن المطلوب للإبقاء على قدر من شعبيتها في أوساط الناس هو التوصل إلى صيغ تتيح للعناصر والأنصار رفع أصواتهم في وجه من يقول إن الحركة قد انقلبت على نفسها، إذ يتوقع أن يجري التأكيد على حق المقاومة والدولة بكامل تفاصيلها، وكذلك حق العودة. لكن واقع الحال سيمضي في اتجاه آخر، وبالطبع عبر تكريس معادلة جديدة داخل الحركة تمنح قيادتها لمحمود عباس، مع تغييرات في اللجنة المركزية والمجلس الثوري لا تبعد بالضرورة « التيار الثوري » إن جاز التعبير، وإن وفرت حضوراً أكبر لتيار السلطة. بعد حصول محمود عباس على شرعية القيادة سيمضي في الاتجاه الذي يريد، بصرف النظر عن رأي الأعضاء الآخرين، وستبقى أية قرارات أو توجهات تخالف البرنامج الذي يتبناه (رفض المقاومة وتكريس واقع السلطة ـ الدولة) حبراً على ورق، فيما سيجري العمل على تغيير توجهات من فازوا من التيار الآخر، ودمجهم بالتدريج في المعادلة الجديدة عبر المال والمناصب. نقول ذلك مقدماً حتى لا يخرج علينا بعضهم بعد قليل من الوقت قائلين إن المؤتمر لم يغير حركة فتح، ولم يتلاعب ببرنامجها النضالي، متجاهلين أن القرارات ستكون بلا قيمة عندما يمسك بالقيادة من لا يؤمنون بها، وإذا كانت عشرين سنة قد فصلت بين المؤتمر الخامس والسادس، فإن الشرعية التي سيأخذها القادة إياهم ستكون كفيلة بأن يذهبوا بالحركة في أي اتجاه يريدون، بصرف النظر عن بقاء مجموعة هنا أو هناك تصرخ أو تغرد خارج السرب. من أراد أن يحافظ على البرنامج والثوابت، فلينتخب قائداً يؤمن بها، فنحن لسنا في ديمقراطية سويسرية، بل في حركة عالمثالثية يعرف الجميع كيف تدار، وكذلك حجم التدخلات في شأنها الداخلي، وبالتالي فإن تمرير المعادلة القيادية المشار إليها هو عنوان الانقلاب على فتح وبرنامجها، بصرف النظر عن القرارات والعبارات الواردة في أوراق المؤتمر. وإذا كان هؤلاء قد تحدوا إجماع الشعب الفلسطيني في أيام ياسر عرفات بكل هيله وهيلمانه، أعني إبان انتفاضة الأقصى، وقالوا لا للمقاومة المسلحة، فهل يتوقع منهم غير ذلك، والعالم معهم والقيادة والقرار والمال بأيديهم؟. نتمنى من كل قلوبنا أن تكذب توقعاتنا، وأن يتصدر المشهد أناس آخرون من ذلك اللون الذي يؤمن بالمقاومة ويرفض التعاون الأمني، لاسيما أننا ندرك أية مصيبة ستحل بالقضية عندما يمضي بها أولئك نحو مسار لن يفضي إلا إلى استمرار البؤس القائم، أو ما هو أسوأ منه ممثلاً في التوقيع على صفقة نهائية أكثر بؤساً سيدفع الفلسطينيون الكثير من التضحيات كي يواجهوا تداعياتها عليهم وعلى قضيتهم. (المصدر: صحيفة « الدستور(يومية -الأردن) الصادرة يوم 26 جويلية 2009)
مستثنى منهم المسجونون في قضايا الإرهاب وجرائم الخيانة… بوتفليقة يحدّد قائمة السجناء المعنيين بالعفو الرئاسي
حدّد مرسومان رئاسيان صدرا في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، أمس، تفاصيل العفو الرئاسي الذي أصدره رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ47 للاستقلال الوطني. ينص المرسومان على إجراءات عفو جماعية لفائدة بعض الفئات من المحبوسين المحكوم عليهم نهائيا، مستثنى منهم قضايا التخريب و الإرهاب وجرائم الخيانة والتجسس والتقتيل والقتل العمدي وقتل الأصول والتسميم والضرب والجرح العمدي المفضي للوفاة »، وكذا مختلسو الأموال العمومية أو الخاصة والرشوة واستغلال النفوذ والفرار وتزوير النقود والتهريب والمتاجرة بالمخدرات ». ويوضّح المرسوم أنه: »يستفيد عفوا كليا للعقوبة الأشخاص المحبوسون المحكوم عليهم نهائيا الذين يساوي باقي عقوبتهم 12 شهرا أو يقل عنها »، فيما »يستفيد الأشخاص المحبوسون المحكوم عليهم نهائيا تخفيضا جزئيا من عقوبتهم ». ويشرح المرسوم: »ثلاثة عشر شهرا إذا كان باقي عقوبتهم يساوي ثلاث سنوات أو يقل عنها »، وأربعة عشر شهرا إذا كان باقي عقوبتهم أكثر من ثلاث سنوات ويساوي خمس سنوات أو يقل عنها »، وخمسة عشر شهرا لأكثر من خمس سنوات ويساوي عشر سنوات أو يقل عنها »، وستة عشر شهرا لأكثر من عشر سنوات ويساوي خمس عشرة سنة أو يقل عنها »، وأخيرا »سبعة عشر شهرا لأكثر من خمس عشرة سنة ويساوي عشرين سنة أو يقل عنها ». وتطبق إجراءات العفو المنصوص عليها في هذا المرسوم على العقوبة الأشد في حال تعدد العقوبات ». وتضمن نفس العدد مرسوما ثانيا خاصا بالعفو عن المساجين المتحصّلين على شهادات في التعليم أو التكوين »المحكوم عليهم نهائيا الذين نجحوا في امتحانات شهادة التعليم المتوسط أو البكالوريا أو التخرّج من الجامعة أو تحصلوا على شهادات النجاح في أحد أنماط التكوين ». و ذلك وفق شروط تتعلق بباقي عقوبة كل سجين مستفيد. الجزائر: عاطف قدادرة (المصدر:صحيفة الخبر الجزائرية يومية مستقلة بتاريخ 26 جويلية 2009)
دعوة البرلمان البريطاني للحوار مع « حماس » يؤكد أنه لا يمكن تجاوزها
الناصرة (فلسطين) – خدمة قدس برس رحبت حركة المقاومة الإسلامية « حماس » بدعوة لجنة الخارجية في البرلمان البريطاني بفتح حوار معها، مؤكدة أن ذلك جاء بعد قناعة البرلمان البريطاني أنه لا يمكن تجاوز حركة « حماس » وتهميشها، مشيرة إلى أنه لا يوجد فيها معتدل ومتشدد وأن قرارها واحد. وكانت لجنة الخارجية في البرلمان البريطاني قد أوصت في تقرير لها الحكومة البريطانية بضرورة فتح حوار مع من أسمته « المعتدلين » في حركة « حماس »، منتقدة استمرار مقاطعها وفرض حصار عليها. وقال الدكتور إسماعيل رضوان القيادي في الحركة لـ « قدس برس » تعقيباً على هذا التقرير: « هذه الدعوة البريطانية تأتي في سياق التأكيد على أنه لا يمكن تجاوز حركة « حماس » بأي حال من الأحوال أو القفز عن هذه الحركة وتهميشها ». وأضاف: « اليوم يدرك العالم بأسره ومن اشتركوا في فرض الحصار والمقاطعة على حركة « حماس » عدم جدوى هذه المقاطعة ولا جدوى من تجاوز حركة « حماس » وأن أي حراك على الساحة الفلسطينية وفي منطقة الشرق الأوسط لن يكتب له النجاح دون المرور عبر بوابة حركة « حماس » وخاص أنها فازت في الانتخابات التشريعية وحظيت بدعم سياسي كبير وهي الفصيل الأول على الساحة الفلسطينية ». وأكد القيادي في « حماس » على أنه ليس في حركته معتدل ومتشدد، مشيراً إلى أن قرارات ومواقف حركة « حماس » واحدة وتصدر عن مجالسها الشورية ويلتزم بها جميع أبناء الحركة وهي حينما تعبر عن رؤية تعبير عن رؤية جماعية. وأشار إلى أن هذه الدعوة « تكتسب أهمية كبرى كونها تخرج من البرلمان البريطاني الذي عرف بدوره المؤثر على الساحة العالمية والساحة الأوربية »، مجدداً قوله: « أن هذا يؤكد حقيقة أصبحت ثابتة انه لا يمكن تجاوز حركة « حماس » ولابد من التعاطي معها لضمان أي توافق على الساحة الفلسطينية أو في الشرق الأوسط ». واعتبر رضوان أن هذه الدعوة ستكون عامل ضغط على كل الأطراف الأوروبية التي طالما همشت حركة « حماس » وفرضت الحصار على الشعب الفلسطيني والمقاطعة على حكومتها التي شكلتها. وقال القيادي في « حماس »: « نحن نؤكد لجميع المراهنين أن رهاناتكم على انتهاء حركة « حماس » أو اندثار شعبيتها وقوتها لن تفيد ولن تحقق أهدافها وأن من يريد أن يحقق السلم العالمي وكذلك من يحقق رد الحقوق إلى أصحابها لابد له أن يتعاطى مع هذا الواقع الشرعي مع وجود حركة « حماس » ومع تعاطيها في الإطار الذي يحفظ حقوق شعبنا الفلسطيني وكرامته ». (المصدر: وكالة قدس برس (بريطانيا) بتاريخ 26 جويلية 2009)
استفزاز لا يُحتمل لمصر العروبة
– بقلم كلوفيس مقصود منظر استفزازي يراد لنا اعتياده. منظر بمثابة محاولة لالغاء الذاكرة التاريخية للعرب خصوصا ان ثورة 23 يوليو جعلتنا نشعر بحضورنا المميز وبأن ما بدا مستحيلا تحقق ولو الى حين… اي خطوة جبارة نحو خميرة وحدة عربية – الجمهورية العربية المتحدة. مناسبة ثورة تموز في مصر يفترض الاحتفال بها بتقويمها واستيعاب معناها وتحريضنا على استعادة مفاعيلها الايجابية ونقدها حتى اذا ما اتيح للأجيال العربية الصاعدة فرص استرجاع المبادرة في مسيرة النهضة والتوحد يكون الرصيد لثورة تموز كون الكرامة القومية هي اكثر من شعور بل واقع ملهم يعزز الالتزام ويستنفر انبل القيم ويسعى الى انجازها سياسات ومشاريع توسع رقعة المساواة بين الاوطان وداخلها، كما يمكننا اختراق الحواجز التي تعطل العدالة الاجتماعية وممارسة استقلالية الارادة. وبالتالي نستطيع معاودة مسارات الحرية والتنمية وتأمين حقوق الانسان ومناعة الاوطان. اجل ان مشهد اشتباك ايدي نتنياهو وبيريس مع السفير المصري في هيرتسيليا اسرائيل « لقطع قالب الحلوى » لمناسبة ذكرى ثورة تموز كان بمثابة تصميم على استبدال المعنى بنقيضه، حلم الوحدة بكابوس التمدد الاستيطاني وتهويد القدس واحتمال « الترانسفير » للعرب وراء الخط الاخضر، حسم احتكار اسرائيل للسلاح الذري في المنطقة، حسم نهائي يحول دون حق اللاجئين في العودة، ومن ثم ترجيح « التعاون الاستراتيجي بين مصر واسرائيل » على اي علاقات قومية مع الدول العربية خصوصا في ضوء ما ورد في كلمة نتنياهو « ان في الوسع اقامة سلام دافىء »، وهذا السلام « سيحقق ازدهاراً يتجاوز الخيال »؟! ثم قال نتنياهو: « أود أن أرسل أفضل تبريكاتي: الى الرئيس مبارك وأعرب له عن تقديري العميق لزعامته والتي تحفظ جوهري الأمن والاستقرار، ليس بين الدولتين فحسب بل في المنطقة بأسرها »، « ثم أضاف: « نحن نقدر جهود الرئيس مبارك في مصارعة المتطرفين من أجل تحقيق الهدوء في الشرق الاوسط »، وأكمل « ان السلام مع مصر هو حجر الزاوية في مساعي تحقيق السلام مع كل جيران اسرائيل… وفي الوسع تحقيق سلام دافئ جداً الى أبعد حد ». و »اذا تشابكت أيدي مصر واسرائيل وخبرتهما ومواهبهما يمكن تحقيق تجاوز كل خيال ». وحيال صورة تشابك أيدي مجرمي الحرب مع المضيف وتقطيع « الحلوى » عقب مجازر غزة وتصعيد عمليات الاستيطان والجزم ان القدس هي العاصمة الابدية لاسرائيل اضافة الى الخروق لجميع قرارات الشرعية الدولية وللحقوق المنبثقة منها لفلسطين الوطن ولحقوق الانسان في كل فلسطين التاريخية، كيف يمكن الذاكرة من جهة والحالة الراهنة الرضوخ لهذا الاستفزاز ولما تنطوي عليه هذه الصورة من سلب لطاقة الاجيال الصاعدة من طموحات مشروعة، اضافة الى محاولة سلخها عن جذورها وتعطيل امكاناتها صناعة مستقبلها؟ ما يستولد الحزن الشديد ان هذا الاستفزاز الصفيق لا يواجهه ردع أو تفنيد لوعود كاذبة وتزوير لحقائق ثابتة وتستير على ممارسات عدوانية وسلوكيات عنصرية ومحاولات دؤوبة لاخضاع مصالح العرب وحقوقهم لأولويات اسرائيل في المنطقة واستدراج مصر وغيرها الى مصيدة خانقة، من شأنها إلهاء العرب بالتوجس من ايران والاطمئنان الى اسرائيل والاستمرار في استعمال « حقها » في تصنيف العرب « متطرفين او معتدلين » حتى تبقى دولنا وأوطاننا بمعزل بعضها عن بعض، فاقدين بذلك مرجعية موثوقة، « وتبقى اسرائيل بوصلة تخطط وتوجه بموازاة استمرار تجاوزاتها الفاقعة »، وامعانها في وصف كل مقاومة لاحتلالها بأنها « ارهاب وتمرد » على حصر حق الملكية لها. اجل هذا ما توحيه الصورة التي اشتبكت فيها ايدي بيريس ونتنياهو والملطخة بدماء الآلاف من الشهداء، وهذه الصورة قد تكون باكورة مسيرة الاستسلام لقدر كتب لنا من قبل المشروع الصهيوني. لكن صورة تشابك الايدي وقطع الحلوى لا شك مطلقاً انها تشكل استفزازاً لشعب مصر على الأخص. فمصر هي المسؤولة عن عدم تكرار مثل هذا المنظر باعتبار ان مصر هي الوطن الام، وهي الحاضنة لتعبئة شعوبنا، وهي القادرة على تسريع استعادة الشعب الفلسطيني حقوقه وردع امعان اسرائيل في سحق هذه الحقوق، ومصر هي ساحة التلاقح بين تجارب اقطار الامة في شمال افريقيا وآسيا العربية، ومصر الثورة ساهمت في ارساء استقلالية الارادة وعدم الاكتفاء بمظاهر السيادة. مصر الثورة ارست بذور التمرد على الظلم وجعلت احتمالات الوحدة واعدة، ومصر مصدر غزير لثقافتنا القومية، ولارادتنا الجماعية للتحرير، وهي متداخلة في كيان كل دولة في امتنا العربية، مصر الثورة هي احتمال قادم، مصر الثورة، مصر العائدة الى دورها، الى عروبتها، الى رسالة ثورتها، هي المسؤولة عن محو صورة التشابك لنستعيد جميعاً آفاق الكرامة التي عشنا لحظتها، واستمرت على رغم الاحباطات التي ميزت تجاربها ومعاناتها وشرعية دورها وطموحات شعبها وآماله وكذلك طموحات الامة، مصر الثورة في حيوية عملية استذكار عناصرها تجعلها نقيض الصورة التي اريد منها جعل مصر نقيض ثورة تموزها. صورة تشابك ايدي بيريس ونتنياهو في هيرتسيليا استفزاز لا يحتمل. لكنه تحريض على استرجاع مصر ثقافة ثورتها كي تحتفل باستيلاد اهم منجزاتها العام القادم. بالكرامة وتجديد الافتخار بالعروبة. واذا تم ما نرجو فيلتحم الجرح الموجع وتستعيد مصر الريادة في انضاج ما رسمته وحققته ثورة يوليو… ولم يتم… والأهم الا تبقى « الصورة في هيرتسيليا » عالقة! وان يبقى الأمل مرادفاً للواقعية العربية.
http://www.annahar.com/content.php?priority=8&table=main&type=main&day=Sun
الإسلاميون » إخوان مسلمون
عبد المنعم أبو الفتوح شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر
تورط إسرائيليين في « عصابة »الحاخامات
صحف إف بي آي:- إسلام أون لاين .نت واشنطن- كشفت التحقيقات المتواصلة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) في قضية غسيل الأموال وتهريب أعضاء بشرية المتهم فيها حاخامات يهود بولايتي نيويورك ونيوجيرسي عن تورط إسرائيليين في القضية، فيما وصف القائم بأعمال المدعي العام بنيوجيرسي الحاخامات المتهمين بأنهم « زعماء عصابات » . وكشفت وثائق -قالت صحيفة « جيروزاليم بوست » الإسرائيلية في عددها الصادر اليوم الأحد 26-7-2009 إنها اطلعت عليها- أن جزءًا من ملايين الدولارات المستخدمة في هذه العمليات جاء من مصادر إسرائيلية لم تحددها الصحيفة، موضحة أن ثمة امتدادًا « نشطا » لهذه الشبكة في إسرائيل، غير أن المتحدث باسم جهاز الشرطة الإسرائيلية أكد عدم اشتراك جهات في بلاده بأي نوع من التحقيقات في هذه القضية، رافضا الإدلاء بمزيد من التعليقات. يأتي هذا فيما كشف مكتب التحقيقات الفيدرالي أن الشخص الثاني بعد المتهم الأول الحاخام الأمريكي إلياهو بن حاييم في هذه الجرائم، هو مواطن إسرائيلي ساعد على تبييض الأموال وتوسّط بينه وبين جهات طلبت تبييض أموالها. وبحسب صحيفة « يديعوت أحرونوت » الإسرائيلية فإن « شبكة الحاخامات تحوّلت عمليا إلى بنك كبير ومطلوب لتنفيذ عمليات تبييض أموال، بالتحايل على قانون أمريكي يكفل للمعابد والمنظمات الدينية تسهيلات في الضرائب وحرية نسبية للعمل بعيدا عن أعين إف بي آي ». وقدر محققون في « إف بي آي » أن حجم تبييض الأموال في هذه القضية بلغ ثلاثة ملايين دولار، غير أن مصدرا في الشرطة الفيدرالية قال: « ما زال من السابق لأوانه تقييم حجم الخديعة، وأخشى أن تكشف الأيام القادمة عن ارتفاع المبالغ التي تم تبييضها كما كان في قضية مادوف (ملياردير أمريكي يهودي أدين بالاحتيال) »، بينما قال مصدر ثالث في الشرطة إن حجم هذه العمليات المشبوهة يصل إلى عشرات ملايين الدولارات. البداية وبدأت القضية -بحسب تفاصيل عرضتها صحيفة « نيويورك تايمز » الأمريكية- « بتهم تحايل مصرفي وجهت ضد أحد أفراد الجالية السورية اليهودية المنعزلة في مدينة ديل بولاية نيوجيرسي في مايو 2006، ويدعى سلمان دويك، وهو مقاول عقارات متعثر وناشط في العمل الخيري، بتهم توقيع شيك بدون رصيد قيمته 25 مليون دولار ». ونقلت الصحيفة عن أشخاص عدة اطلعوا على تفاصيل القضية قولهم إن « دويك بعد أن ألقي القبض عليه أصبح مخبرا فيدراليا وظهر كمقاول عقارات غير سوي يقدّم رشاوى نقدية من أجل الحصول على موافقات حكومية إلى أن تضخمت القضية لتصبح فضيحة سياسية تضاهي قضايا الفساد الأكثر بروزا التي وقعت خلال الأعوام الأخيرة في نيوجيرسي ». وقد وضعت السلطات خطتين منفصلتين، تتعلق إحداهما بغسل أموال ذات صلة بحاخامات وأعضاء الجالية اليهودية السورية في بروكلين ومدنية ديل، والأخرى مرتبطة بفساد سياسي ورشى شملت مسئولين عوام معظمهم في نيوجيرسي وهوبوكن، وكان دويك هو الرابط الواضح بين الخطتين، وساعد المحققين على اختراق شبكة موسعة تمارس غسيل أموال تضم حاخامات في بروكلين وجيرسي. ويعد دويك شخصية معروفة داخل الجالية السورية اليهودية، ولم يكشف دويك يوما عن أنه يواجه تهما بممارسة تحايل مصرفي، وبدلا من ذلك كان يقول لأهدافه في شبكة غسل الأموال، ومن بينهم ثلاثة حاخامات في بروكلين واثنين في نيوجيرسي، إنه مفلس ويحاول أن يخفي أصوله، حسب ما أفاد به أشخاص مشاركون في القضية. وفي المقابل، قبلت الأهداف شيكات مصرفية قدمها دويك إلى الجمعيات الخيرية التي يشرفون عليها وكانوا يقتطعون رسوما ويعيدون الباقي له نقدا. وقال الادعاء إن الكثير من الأموال التي قدموها له كانت من إسرائيل، وأن بعضا من هذه الأموال في المقابل جاءت من أحد المصرفيين السويسريين. وأضاف أنه بصورة مجملة تم تبييض 3 ملايين دولار لصالح دويك منذ يونيو 2007. ويشير المدعون إلى أن القضية تحولت إلى التركيز على الفساد السياسي بعد أن قام أحد الرجال المتهمين بغسيل الأموال ويدعى موشيه التمان من مونسي بولاية نيوجيرسي ويعمل مقاولا في مقاطعة هودسون، بتقديم دويك إلى مفتش مباني ذي علاقات سياسية في نيوجيرسي. ووفقا للتحقيقات، فقد تزعم هذا التنظيم الحاخام إلياهو بن حاييم من بلدة ديل في ولاية نيوجرسي، الذي تلقى من جهات مختلفة شيكات قيمة كل منها 160 ألف دولار، ويتم إيداعها مباشرة في صناديق معاهد دينية يهودية تسمى « ييشيفاه » ومعابد يهودية وجمعيات خيرية بالولايات المتحدة. وكان بن حاييم يصرف هذه الشيكات ويحوّل الأموال نقدا إلى الجهات التي طلبت تبييض الأموال ويحصل مقابل ذلك على عمولة بقيمة 10 في المائة من مبالغ الشيكات. وتبيّن من وثائق الشرطة أن الحاخامات نفذوا خلال العامين الماضيين آلاف عمليات تبييض الأموال غير القانونية. زعماء عصابات من جهته، أعرب رالف مارا، القائم بأعمال المدعي العام في ولاية نيوجيرسي الأمريكية عن أسفه لقيام زعامات دينية بأدوار « زعماء العصابات » مشيرا إلى أنهم « مافيا بالغة التنظيم وبات الفساد أسلوب حياة بالنسبة لهم وجعلوا من أنفسهم سلعة للبيع مع تجردهم من أي رباط أخلاقي »، وأضاف أن « هذه العصابات تمارس نشاطات إجرامية واسعة النطاق وراء واجهة الاستقامة الدينية »، بحسب صحيفة « هاآرتس » الإسرائيلية. وقد نالت الاعتقالات في هذه القضية 44 شخصا من بينهم حاخامات يهود أمريكيون مقربون من حزب شاس الإسرائيلي ومسئولون في منظمات وجمعيات خيرية ودينية يهودية في ولايتي نيوجيرسي ونيويورك الأمريكيتين ومجموعة مسئولين في مناصب عامة ومرشحين لعضوية مجالس بلديات ورئاسة بلديات وشركاء لهم. (المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 26 جويلية 2009 )
حجاب المرأة المسلمة كما يتجلى في الثقافة الغربية السائدة
السبت, 25 يوليو 2009
غازي دحمان * ثمة ظاهرة في العالم الإسلامي بدأت في العقدين الأخيرين تثير انتباه علماء الاجتماع الغربيين، خصوصاً أولئك المهتمين بقضايا العالم الإسلامي، أو المهتمين بالظواهر الاجتماعية المختلفة عموماً. وهي ظاهرة عودة الحجاب بكثافة في الوطن العربي، ولاسيما في المجتمعات التي كان للاستعمار تأثير اجتماعي وثقافي كبير فيها. لقد أخذت هذه الظاهرة تفاجئ زوار المدن العربية في الحزام الشمالي من الوطن العربي: مصر، وسورية، ولبنان، وتونس، والجزائر، والمغرب. وصارت تمثل لغزاً مبهماً أمام أعين المراقبين الخارجيين، ذلك أن هؤلاء الفتيات هنَّ في متوسط العمر، ومن المنتميات للأجيال الحديثة، فضلاً عن أنهنَّ قطعنَ شوطاً كبيراً في مضمار التعليم، والأهم أنَّ هؤلاء الفتيات قد تحجبنَ بإرادتهنَّ الحرة، بل وفي كثير من الحالات ضد رغبات آبائهنَّ. مثار الاستغراب حسب عالم اجتماع غربي هو لويس بيك يعود لكون الحجاب كان لقرون عدة يرمز إلى «اضطهاد» المرأة العربية المسلمة، وإلى المركز «المتدني» الذي كانت تحتله في المجتمع، وفق النظرة الغربية السطحية. عالم اجتماع غربي آخر هو نيكي كيدي يَردّ أسباب الاستغراب والإثارة إلى كون ظاهرة الحجاب قد جاءت إلى المجتمع العربي بعد حركة نسائية نشطة شهدتها المنطقة خلال النصف الأول من القرن المنصرم. وكان السفور أثناءها رمزاً لتصميم النساء على «التحرر من الأغلال». ويضيف أنَّ تلك الحركة نجحت فعلاً في صوغ قوانين للأسرة وللأحوال الشخصية في المنطقة. هذه التساؤلات وغيرها دفعت علماء الاجتماع الغربيين إلى ربط هذه الظاهرة بالحداثة بمفهومها الغربي العلماني، متسائلين إن كانت هذه القضية تمثل نكسة ضد الحداثة. مستندين في ذلك إلى تصنيفات، كثيراً ما تكون مقطوعة الصلة بمثل هذه الظواهر، ومختزلين الحداثة بشكل ظاهري سطحي وهو السفور والملابس العصرية والاختلاط الحر مع الجنس الآخر واللقاء «الرومانسي» بين الجنسين. عالم اجتماع بريطاني هو جودي مابرو لخّص النظرة الغربية لظاهرة الحجاب وفق قراءة فيها شيء من الموضوعية في كتابه «تصورات الرحالة الغربيين عن النساء في الشرق الأوسط». يقول مابرو: «شكلت النساء المسلمات حديثاً موضوع نقاش كثيف في الصحافة الغربية، تحديداً حين طالبت قلّة قليلة من الفتيات في فرنسا وإنكلترا بحقهن في ارتداء غطاء الرأس في المدرسة. ولقد عكس السجال الطويل الذي دار في فرنسا، والآخر المقتضب الذي دار في إنكلترا، تلك النظرة الغربية المتأصلة التي ترى أنّ السبب الأوحد لاضطهاد النساء المسلمات هو دينهن. إذ إنه ، يضيف مابرو، طالما اعتقدت أوروبا أن النساء المسلمات يعانين من الاضطهاد ما لا تعانيه غيرهن من النساء، فهذا ما وصفته كتب الرحلات الغربية والأدب الغربي. وما صوّره الفن الغربي على مر فترة مديدة من الزمن، لذا فقد أُخذ الأمر على أنه واقعة لا شك فيها، ويمكن للجميع أن يروها متجلية في الحجاب، وفي مؤسسة الحريم. هاتان الظاهرتان لا تزالان تثيران اليوم ردود فعل قوية شأنهما في وقت مضى». ويرى أنّ «الحجاب هو الذي يطلقه الغرب على كل وشاح يغطى به رأس المرأة، وهو تعبير يمكن أن يضلّل ويسوق إلى تعميمات زائفة ومغلوطة، لذا سرعان ما طفت على السطح مجموعة من الأفكار الخاطئة عن الإسلام والنساء المسلمات». ومن الأمثلة التي يوردها مابرو على ذلك أنَّ مراسلاً للـ «غارديان» قام بتحقيق عن حالة تلميذتين في «أولتر بخشام» ارتدتا غطاء الرأس فطلب مقابلة والدهما لاقتناعه أن الإسلام دين يهيمن فيه الرجال، وأنَّ النساء المسلمات كائنات سلبية لا حول لها ولا قوة. غير أنَّ إحدى الفتاتين قالت له : إنَّ والدها مشغول، وعرضت عليه أن تساعده هي نفسها. ويقول هذا المراسل: من ثم فقد ساعدتني فاطمة طوال 40 دقيقة كاملة، ومع أنها لم تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها فإنَّ طلاقتها وثقتها بنفسها لو وجدتا في أي شخص في ضعف سنها لكانتا لافتتين للانتباه، فهي سيدة تعرف نفسها وتعرف ما تريد. ( الغارديان 19 كانون الثاني/ يناير 1990). مثال آخر يسوقه مابرو، ففي أيار (مايو) 1989 تضمَّن برنامج تلفزيوني عن أفغانستان مقابلة أجراها رجل أيضاً مع بعض الفتيات في جامعة كابول، وحين أعربت الفتيات اللواتي يعشن في مدينة أنهكتها الحرب في رغبتهنَّ الجامحة في السلام، وعن استعدادهنَّ لقبول التسويات إذا ما كانت ضرورية لتحقيقه، أصيب المحاور البريطاني بصدمة. فقد كان واثقاً من أنَّ هؤلاء الصبايا اللاتي ترعرعن في فترة الحكم الشيوعي لا بد أن يجدن مكانة النساء أكثر أهمية من السلام. وحين طرح عليهن السؤال: «أأنتن مستعدات حقاً لارتداء الحجاب؟ أجبنَ جميعاً أنهنَّ مستعدات إذا ما كان لذلك أن يسهم في إحلال السلام في البلاد». مثال آخر يضيفه مابرو موضحاً الرؤية الغربية لموضوع الحجاب والمرأة المسلمة عموماً. «يقول: نشرت مجلة «ماري كلير»، وهي مجلة للأزياء في بريطانيا مقالاً بعنوان «جزيرة العرب خلف الحجاب» في أيلول (سبتمبر) 1988. يصفه مابرو «بأنه يعزف على وتر افتراضات بالية ورثها عن الرحالة الغربيين بخصوص النساء الشرقيات». ومن المقال: «غالباً ما تأتي خبرة الغربيين بالحجاب من رؤيتهم زمراً من النساء القصيرات المتسربلات من الرأس إلى أخمص القدمين بنوع من الكتان الأسود الفاحم، وهن يطفنَ على مهل في متاجر المدن الكبرى. ومع أنَّ هؤلاء النساء يبدينَ بمثابة الشيء الشاذ والغريب وهنَّ يركبنَ ويترجلنَ من سيارات الليموزين التي تراها متوقفة بانتظارهنَّ أمام محلات «الماربل آرش لماركس وسبنسر في لندن « إلاَّ أنهنَّ قد يكنَّ في بلادهنَّ ساحرات الجمال وغامضات وفاتنات ومدهشات مثلما نجد تلك الصحراء القاحلة في شبه الجزيرة العربية». يرى مابرو: أنَّ كاتب المقال المذكور لا يُعنى بهؤلاء النساء إلا بوصفهنَّ موضوعات جنسية. كما يرى في مكان آخر أن أسباب وصف الأوروبيين للمرأة المحجبة بالتخلف والبؤس إنما هو نتاج للمركزية العنصرية والإيمان بتفوق العنصر الأوروبي». وفق هذه الرؤية كثيراً ما يدرس علم الاجتماع الغربي هذه الظاهرة بناء على نظرة سطحية هشة. فضلاً عن كونها، كما أسلفنا، مقطوعة الصلة بظروفها وأبعادها ومضامينها الحقيقية. وهو ما عبر عنه الفكر الغربي في التجمعات العالمية التي نُظمت لدرس قضايا المرأة في العالم، كـ «المؤتمر العالمي للسكان والتنمية» الذي عقد في القاهرة في أيلول (سبتمبر) 1994، و «المؤتمر الرابع للمرأة» الذي عقد في بكين في أيلول 1995. لقد تعامى الفكر الغربي تماماً في هذه المؤتمرات عن حقيقة أنّ النسق الاجتماعي في كل دولة يخلق أوضاعاً خاصة بها تسمح بإباحة حقوق للمرأة قد لا تتناسب مع دول أخرى لها نسق يتفق مع ظروفها، ومن ثم يختلف تناول قضية «تمكين المرأة»، وهو المصطلح الذي يسود حالياً، من مجتمع لآخر بحسب المعايير التي تشجع بها تقاليد كل مجتمع. وهنا نعود لنتساءل مع عالم الاجتماع المصري سعد الدين إبراهيم حول حقيقة هذه الظاهرة ومدى أثرها على تطور المرأة وتخلفها كما تدَّعي تصنيفات علم الاجتماع الغربي. وحسب إبراهيم في كتابه «النظام الاجتماعي العربي الجديد»: «أنه إذا كانت الحداثة تعني السفور والملابس العصرية والاختلاط الحر مع الجنس الآخر واللقاء الرومانسي بين الجنسين، ففي هذه الحالة تمثل الفتيات المحجبات نكسة لقضية الحداثة؛ أما إذا كانت الحداثة من ناحية أخرى تعني اكتساب العلوم الحديثة والتكنولوجيا والإنسانيات، وإذا كانت تعني أيضاً الالتزام، ففي هذه الحالة تعدّ الفتيات المحجبات حديثات بكل المعاني». ويصف الدكتور ابراهيم فوائد الحجاب بما يتناسب مع المنطق الغربي الفلسفي فيقول «إنّ هؤلاء الفتيات يؤكدنَ على واحد أو أكثر من المعاني التالية: هوية أصيلة في مواجهة تقليد أساليب الحياة الغربية، اعتراض على ما يبدو أمامهنَّ سلوكاً منحرفاً أو فاسداً في المجتمع، والحرص على السمعة الأخلاقية. إنهنَّ بكل بساطة ينتقينَ من محتويات حقيبة الحداثة، ويأخذنَ من الحداثة ما تحتويه من علم وتكنولوجيا، ومن التزام بمستقبل مهني، ثم يتركنَ بقية هذه المحتويات، يحدوهنَّ شعور وقناعة عميقة بأنَّ ما اخترنه من هذه الحقيبة إنما يتسق مع تراثهنَّ ومع تعاليم الدين الحنيف، ومع الأصالة. ويختم إبراهيم معلقاً: هذا هو سبيلهنَّ لكي يفرضنَ بعض النظام على عالم يبدو لهنَّ مفعماً بالفوضى والاضطراب». بقي أن نذكر مثالاً أورده المفكر الأفريقي فرانز فانون عن المرأة الجزائرية أيام الاستعمار الفرنسي: «إن حجابها وسفورها كانا جزءاً لا يتجزأ من تأكيدها لذاتها القومية والثقافية والحضارية. فعندما شجع الاستعماريون الفرنسيون النساء الجزائريات على السفور عمدنَ إلى التمسك أكثر بالحجاب كرمز للمقاومة، وعندما تطلبت المقاومة سفور بعض النساء للتسلل داخل صفوف المستعمرين الفرنسيين وزرع المتفجرات في الأحياء السكنية الأجنبية تخلت بعض النساء عن الحجاب». * كاتب فلسطيني (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 25 جويلية 2009)