الأحد، 23 يوليو 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2253 du 23.07.2006

 archives : www.tunisnews.net


الجامعة العامة  للتعليم العالي والبحث العلمي: بيان صحفي رويترز: مظاهرة تونسية يوم الاثنين تضامنا مع لبنان والفلسطينيين مركز الإعلام والمعلومات: حركة تونسية تدعو إلى حماية الشعبين الفلسطيني واللبناني من الجرائم الإسرائيلية وات: تجذير الحقوق المدنية والسياسـية ودعم المســار الديموقراطـــــي التعـــدّدي الشروق: حريق هائل بمخزن لمواد التجميل في سوق الحفصية العربية.نت: إطلاق خدمة شكاوى إلكترونية تعالجهموم المواطنين في البلدان العربية الاستــاذ فيصل الزمنـى: انطـلاق الحركة التصحيحيـة بحزب الووحدة الشعبية – الشعبيــة المبـادرة الديمقراطيـة محمد العروسي الهاني: لمسة وفاء في ذكرى عيد الجمهورية المجيد  لروح الزعيم المجاهد الاكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله عبدالحميد العدّاسي: وقفة مع خطبة جمعة د.خالد الطراولي: الجماهير العربية و عقود الغيبة الكبرى إيلاف: أيـن قرطـاج من وجـع لبنان؟ توفيق المديني:خيارات الحرب المفتوحة عبد الله لعماري:أيها الشعب اللبناني العظيم، إنك تزحف تحت النار والدمار نحو النصر التاريخي للأمة. شارل أيوب  :المجد والعنفوان للمقاومين والعار للمتخاذلين برهان بسيس :الــــــدّرس!! أبوبكر الصغير: حزب يجمع القمامة ! حقائق: نشوة  »القيشم » وغيبوبة  »القيشوم » :الإصرار على «الانتحار بدولار» ؟ حقائق: مؤتمر ديمقراطي: »القيشوم » قاهر الخمور ؟ حقائق: الأستاذ محمد الخميلي يتحدث عن ظاهرة الإدمان :لنحصّن أبناءنا ضـدّ التهـميش والتوظيف الإيديولوجي ! حقائق التونسية:الشباب والصحة الجنسية:حوالي 30 ولادة سنويا للمراهقات بالمستشفى الواحد الشروق:الأولياء: نعم للحوار لا لتجاوز الخطوط الحمراء الشباب: لابد من تكثيف الملتقيات الشروق التونسية:رئيس جمعيّة الصحة الانجابية :الشباب التونسي ليس مثقفا في الصحة الجنسية وتوعيته تمر بصعوبات الشروق: 30% من النساء يدخنّ… والسرطان يزحف على الجنس اللطيف الرياض السعودية: تونس تودع شاعرها الكبير الميداني بن صالح الشروق :الشاعر الميداني بن صالح في ذمّة الله: قصّة «القرط» الذي صنع شهرته


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 

 لمشاهدة الشريط الإستثنائي الذي أعدته « الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين »  

حول المأساة الفظيعة للمساجين السياسيين وعائلاتهم في تونس، إضغط على الوصلة التالية:

 

 


 
الجامعة العامة  للتعليم العالي والبحث العلمي تونس في 21 جويلية 2006   بيان صحفي
 

انعقد المؤتمر التوحيدي يوم 15 جويلية 2006 وانبثقت عنه « الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي »الممثل الشرعي والوحيد في صلب الاتحاد العام التونسي للشغل لكافة أسلاك المدرسين والباحثين العاملين بالجامعة التونسية. ولقد انطلق التشاور بين ومع مختلف الأسلاك منذ المجلس القطاعي المفتوح لشهر اكتوبر 2005 الى المجلس القطاعي المشترك بين كل الأسلاك ليوم 15 جوان 2006 مرورا بالمجلس القطاعي للنقابة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي ليوم 15 ماي 2006، فضلا عن الجلسات العامة بجل المؤسسات الجامعية وجلسات التشاور مع قسم النظام الداخلي.

وإننا ناسف لرفض ما بقي من هيكل النقابة العامة للأساتذة والأساتذة المحاضرين الالتحاق بهذا التمشّي أو حتى الجلوس لمائدة الحوار، إلا أن نقابة عامة لا تكاد تجمع 100 منخرط لا يمكن أن تعطّل مشروعا حلمت به أجيال من النقابيين قبلنا ومع ذلك فإننا نناشد هؤلاء الإخوة الالتحاق بنا واخذ مكانهم الطبيعي بيننا وعدم صدّ باب الحوار أمامنا وثقتنا كبرى في اننا سننجح في هذا الإنجاز ونقوده الى شاطئ الأمان والى تحقيق مراميه ومقاصده وهي تتلخص أولا في النهوض بالأوضاع المادية والمعنوية لمختلف أسلاك الجامعيين وثانيا في ترسيخ التسيير التشاركي والديمقراطي الذي تأسست عليه تاريخيا الجامعة التونسية وزاغت عنه تدريجيا خلال العشرية الأخيرة خاصة، وثالثا في الدفاع عن الجامعة العمومية كمكسب ضحّت من اجله المجموعة الوطنية وتطويرها تماشيا مع متغيرات محيطها الوطني والعالمي ومع تطور انتظارات المجتمع والاقتصاد الوطني منها ومع متطلبات مصداقية الشهائد وجودة التكوين وتحسين المردودية.

فالتوحيد لا يمثل غاية في حدّ ذاته بقدر ما يعكس تكريس لمقاربة ديناميكية واستشرافية للجامعة العمومية ولواقع التعليم العالي اليوم الذي يكاد لا يشبه ما كان عليه خلال العشرية الفارطة من حيث تعدد أسلاك العاملين به وتنوع مسارات التكوين وتشعبها مما يستدعي السعي دون إقصاء إلى توظيف مختلف الكفاءات لإنجاز مشروع قوامه جامعة عمومية عصرية ومتطورة ومستجيبة للمقاييس العالمية من حيث شروط الانتساب الى إطارها التدريسي ومن حيث محتوى التكوين وجودته ومن حيث مصداقية التقييم والشهائد. أمام هذه الأهداف تنتفي الحسابات الضيقة والإصرار على عزل مختلف العاملين في الجامعة عن بعضهم والمقاربات الضيقة الأنانية.

إن توحيد التمثيل النقابي ضرورة وطنية حتى يتمكن الجامعيون من مخاطبة سلطة الإشراف بصوت واحد دفاعا عن مصالحهم وعن حقهم في التشاور حول مختلف البرامج والإصلاحات التي تصاغ بدونهم في ظرف دقيق يمر به اقتصاد البلاد يتسّم بسرعة التحولات وتغير القيم الأساسية واحتداد منطق السوق والتنافسية وسلعنة التعليم العالي وتدويل خدماته. إن التوحيد النقابي استراتيجية تنظيمية نقابية تماثلا مع النمط التنظيمي السائد في جلّ جامعات البلدان المتقدمة وفي البلدان المغاربية، كما انه يضع حدّا لحالة شاذة وغريبة داخل الاتحاد العام التونسي للشغل حيث كان يتنافس هيكلان على تمثيل صنف مهني واحد، وكم كانا متناقضان داخل هياكل الاتحاد العام ومتضاربان في التفاوض مع سلطة الإشراف.

إن التوحيد النقابي لا يعني إطلاقا انتصار لمنطق الأغلبية على حساب الأقلية، أو تكريسا لغلبة فئة على أخرى، فالتحديات جسام والمسؤولية ثقيلة ولم نتسابق عليها، إلا انه لا يستهين ويتشبث بها إلا الذي لا ينوي مواصلة المسار النضالي الذي أنجزناه خلال السنوات الأخيرة بل الاتكاء عليها لمآرب أخرى واستعمالات مناسبتية وللتنفّذ والوجاهة. ان المرحلة القادمة تقتضي نكران الذات وتغليب مصلحة القطاع وتحتاج الى تظافر جهود  كل الجامعيين مهما كانت اختلافاتهم ففي تكاتفهم والتفافهم حول هيكلهم النقابي الموحد تحقيق لمطالبهم المشروعة والعالقة منذ سنين. إننا ندخل مرحلة عمل نقابي جديدة بروح ملؤها الانفتاح والتفاؤل معولين على تجند كل الجامعيين للدفاع على مكسب التوحيد وعلى وعيهم بخطورة الانقسام الذي لا يستفيد منه سوى المتحيّنين بهم وبالمكاسب الوطنية. إنها مرحلة التحول النوعي المبني على العمل النقابي الموحد وعلى تصورات طموحة ومجددة لمهنة المدرس الجامعي ولمستقبل الجامعة العمومية، وهي كذلك مرحلة الثبات، تأسيسا على ما تمّ إنجازه في الدفاع عن مطالبنا بشتى السبل والوسائل المشروعة. إننا نمدّ يد الحوار إلى كل الذين مازالت نفوسهم لم تطمئنّ الى هذا المسار التوحيدي وصدورنا رحبة لتقبل آرائهم واقتراحاتهم وتفهم احترازاتهم وتخوفاتهم.

كما ندعو البعض الآخر من الزملاء الذين تجاوزا الخطوط الحمراء بزجّ القضاء في الشأن النقابي الداخلي إلى الرجوع دون هذه الخطوط والعودة إلى حضيرة العمل النقابي الأصيل. كما ندعو سلطة الإشراف إلى طي صفحة الماضي وتدشين عهد جديد من التشاور البنّاء والمسؤول والتفاوض الجدي حول الملفات المطروحة والى إرساء مناخ من الاطمئنان والثقة المتبادلة ومن التواصل والانفتاح لا سيما وان التعليم كان ولا يزال من أكثر المسائل الوفاقية في بلادنا. وأخيرا فإننا نعتز بالسند القوي والواضح الذي لمسناه لدى مختلف هياكل الاتحاد العام التونسي للشغل وخاصة لدى مكتبه التنفيذي وفي مقدمته الأمين العام، إن ذلك يملؤنا ثقة ويمنحنا قوة. 

 
سامي العوادي الكاتب العام للجامعة العامة  للتعليم العالي والبحث العلمي


مظاهرة تونسية يوم الاثنين تضامنا مع لبنان والفلسطينيين

 

تونس (رويترز) – دعا الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يضم كل العاملين في تونس يوم الاحد الى التظاهر يوم الاثنين للتعبير عن التضامن مع الشعبين اللبناني والفلسطيني واستنكار « العدوان الاسرائيلي على غزة ولبنان وللصمت الدولي الرهيب ».   وعبر رئيس الاتحاد عبد السلام جراد عن « وقوف الشغالين في تونس وكافة شرائح المجتمع الى جانب الشعب اللبناني الشقيق ضد الاجتياح الاسرائيلي الذي دمر البنية الاساسية لهذا البلد وقتل الابرياء من اطفال وشيوخ ونساء ».   وينتظر ان يشارك في المظاهرة التي من المقرر ان تنطلق يوم الاثنين السادسة مساء من شارع محمد الخامس بالعاصمة الوف التونسيين وعديد من المنظمات المدنية في تونس.   وقالت الهيئة الوطنية لنصرة لبنان التي كونت خصيصا لدعم الشعب اللبناني والتي تضم حقوقيين تونسيين انه هذه المسيرة « هي تعبير عن استنكار تونس لحرب الابادة التي يتعرض لها لبنان بلدا وشعبا والمطالبة بوقفها فورا وبلا قيد او شرط ».   واطلق الاتحاد العام التونسي للشغل حملة لجمع التبرعات المالية وجمع الادوية وحشد التأييد الدولي لمساندة لبنان من خلال الاتصال بالمنظمات النقابية الاقليمية والدولية.   (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 23 جويلية 2006)


حركة تونسية تدعو إلى حماية الشعبين الفلسطيني واللبناني من الجرائم الإسرائيلية

 

استنكرت حركة التجديد التونسية، اليوم، استمرار لامبالاة الأنظمة العربية بآلام الشعبين الشقيقين الفلسطيني واللبناني، وسكوتها عن استهداف دولة عضو في الجامعة العربية، مما شجع إسرائيل على التمادي في عدوانها وتوسيعه.   وعبرت الحركة في بيان أصدرته اليوم عن سخطها وتنديدها الشديدين بالعدوان الغادر وبالتواطؤ المفضوح لبعض الدول العظمى، وفي طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية.   ودعت القوى الديمقراطية والتقدمية والقوى الحية في البلاد إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية والقومية والوقوف صفاً واحداً مع الأشقاء الفلسطينيين واللبنانيين بما يقتضيه هذا الظرف العصيب.   وأهابت بكل القوى المحبة للسلام في العالم والحكومات والشعوب للعمل على فرض وقف فوري للعدوان الإسرائيلي على الشعبين الشقيقين كحظوة في اتجاه إرساء سلام دائم وشامل في المنطقة، من أهم ركائزه احترام حق الشعب الفلسطيني في بناء دولته الوطنية المستقلة القابلة للحياة.   (المصدر: مركز الإعلام والمعلومات (غزة) بتاريخ 22 جويلية 2006) الرابط: http://www.mic-pal.info/newsdetails.asp?id=42335


وائل كفوري يلغي حفله في تونس

 

وائل كفوري تضامنا مع شعبه الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي غاشم، ألغى المطرب اللبناني وائل كفوري حفلاته في تونس .   وائل كان من المفترض أن يغني مساء الأربعاء في مهرجان سيدي منصور بصفاقس، تليها حفلة أخرى في مدينة بنزرت.   هذا و قد ألغى عدد كبير من الفنانين حفلاتهم وارتباطاتهم تضامنا مع شعبهم وحفظا لصورتهم في أعين جمهورهم ، ومن بينهم النجمة نانسي عجرم ونوال الزغبي وآخرين.   (المصدر: موقع البوابة بتاريخ 23 جويلية 2006) الـرابـط: www.albawaba.com


تونس: نمو احتياطي العملة الأجنبية في يوليو بنسبة 54%

 

تونس ـ رويترز: قال مسؤولون امس ان احتياطيات تونس من العملة الاجنبية زادت منذ بداية العام وحتى يوليو (تموز) بنسبة 54 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي الى 8.21 مليار دينار (6.12 مليار دولار).   وأضافوا أن هذا المبلغ المسجل لاول مرة يعادل 163 يوما من الواردات التونسية مقابل 114 يوما خلال العام الماضي. وأشاروا الى أن الزيادة القياسية سجلت بعد تحويل شركة «تيكوم ديج» الاماراتية مبلغ 3.05 مليار دينار قيمة شراء 35 بالمائة من اسهم اتصالات تونس في اكبر عملية خصخصة في البلاد.   (المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 23 جويلية 2006)


تجذير الحقوق المدنية والسياسـية ودعم المســار الديموقراطـــــي التعـــدّدي

 

تونس (وات) ـ اصدرت الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الاساسية تقريرها الوطني الثامن حول حقوق الانسان في تونس طيلة سنة 2004.   وقدم التقرير صورة متكاملة عن الانجازات والاصلاحات المتصلة بحقوق الانسان في مفهومها الشامل وفي كل ابعادها والتي جاءت مجسمة للمقاربة التونسية القائمة على عدم المفاضلة بين الحقوق المدنية والسياسية من جهة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من جهة اخرى وعلى التكامل بين الديمقراطية والتنمية باعتبارهما تخدمان الانسان وتهدفان الى تحقيق تنمية شاملة ومستديمة.   وقد استعرض التقرير الانجازات التي تحققت في تونس في مجال حقوق الانسان والتي تضاف الى الرصيد الهام الذي تكوّن في البلاد طيلة السنوات الماضية لتكريس هذه الحقوق على ارض الواقع في شموليتها وكونيتها وترابطها في مناخ من التضامن والتكافل والوئام.   واستعرض التقرير ما تم تحقيقه على درب مزيد تجذير الحقوق المدنية والسياسية ودعم المسار الديمقراطي التعددي مشيرا الى ان تونس واصلت العمل على تامين حق كل المواطنين في المشاركة في الشؤون العامة لبلدهم لاسيما وان سنة 2004 شهدت اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية لاول مرة بعد الاصلاح الدستوري الجوهري الذي تم بمقتضى القانون الدستوري عدد 51 لسنة 2002 المؤرخ في 1 جوان 2002 والتي جاءت شاهدا على تعزيز الخيار التعددي مؤكدة مرة اخرى الارادة السياسية الثابتة في تطوير الحياة السياسية والتقدم بالمسار الديمقراطي.   واشار التقرير من ناحية أخرى الى صدور عدد من القوانين من ضمنها القانون الاساسي المتعلق بتنقيح واتمام القانون المتعلق بجوازات السفر والقانون المتعلق بالسلامة المعلوماتية والقانون المتعلق بالخدمة الوطنية والقانون المتعلق بحماية المعطيات الشخصية والقانون المتعلق بتنقيح واتمام المجلة الجنائية بخصوص زجر الاعتداءات على الاخلاق الحميدة وزجر التحرش الجنسي.   كما استعرض التقرير الاجراءات التي تم اتخاذها لمزيد دعم حرية الفكر والتعبير من ذلك انه تم العمل على مزيد تسهيل النفاذ الى خدمات الانترنات وضمان النفاذ الشامل وتوفير التجهيزات الضرورية للمستعملين وتخفيض معاليم استغلال شبكة الانترنات بالمؤسسات الشبابية بنسبة 50 بالمائة ومواصلة توفير اجهزة الحواسيب باسعار معقولة في متناول القدرة الشرائية لجميع المواطنين.   أجهزة الحماية القضائية   وتطرق التقرير الى نشاط الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الاساسية ومن ضمنه قبولها لعرائض المواطنين وسعيها الى ايجاد حلول ملائمة لها بالتعاون مع خلايا حقوق الانسان بالوزارات ومع كافة الهياكل ذات النظر. كما تطرق الى الزيارات الميدانية التي اداها رئيس الهيئة العليا دون سابق اعلام الى عدد من المؤسسات السجنية لمعاينة ظروف اقامة المساجين والوقوف على مدى تطبيق القوانين والمعايير الوطنية في مجال معاملتهم حرصا على تكريس حماية حقوق الانسان وتثبيت مبادئها وتدعيم مجالات الاحاطة والرعاية المقدمة للمساجين.   كما تعرض التقرير الى اجهزة الحماية القضائية اي الى كل من القضاء العدلي والقضاء الاداري والى تعزيز اعمال الحق في التقاضي والمساواة امام القضاء ودعم الضمانات المتعلقة بالمحاكمة العادلة.   وعلى صعيد اعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية استعرض التقرير الانجازات التي تحققت سنة 2004 في اطار الرؤية الشاملة والمتكاملة لحقوق الانسان سواء فيما يتعلق بالحق في الشغل وضمان حق العامل في التمتع بشروط عمل مرضية وعادلة وكذلك فيما يخص تعزيز الحق في التعليم سواء على صعيد التعليم الاساسي والاعدادي والثانوي او على مستوى التعليم العالي فضلا عن تعزيز الحق في الثقافة والترفيه والحق في الصحة وفي السكن وفي الخدمات الاجتماعية وكذلك الحق في بيئة سليمة وفي غذاء كاف.   وفي هذا الاطار اشار التقرير الى صدور القانون الاساسي المتعلق باحداث نظام تأمين على المرض والقانون المتعلق بتنقيح واتمام القانون عدد 83 لسنة 1992 حول الصحة العقلية وشروط الايواء في المستشفى بسبب اضطرابات عقلية.   كما تطرق الى الانجازات التي تحققت لفائدة المرأة التونسية طيلة السنة التي شملها التقرير في المجالين الاقتصادي والاجتماعي مبرزا مكانتها المتميزة في المجتمع ومشيرا الى ان العمل تواصل لمزيد دعم مبدا تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة والمساواة في الحقوق والواجبات حيث اصبحت المرأة شريكا كامل الحقوق تساهم بصورة فاعلة في المسيرة التنموية للبلاد.   كما استعرض ما انجز في ميدان حماية الفئات القابلة للتاثر من اطفال ومعوقين ومسنين من ذلك الشروع في ادماج الاطفال الحاملين لاعاقة بالمدرسة وتكثيف البرامج لفائدة الطفولة وصدور القانون الاساسي المتعلق باحداث مجلس اعلى لرعاية الاشخاص الحاملين للاعاقة وضبط تركيبته ومشمولاته.   وبخصوص التونسيين في الخارج اشار التقرير الى حرص الدولة الشديد على الاحاطة بهم وحماية حقوقهم مستعرضا ما تم اقراره من اجراءات في هذا الاطار لفائدتهم.   هذا وقد ابرز التقرير حرص الدولة على نشر ثقافة حقوق الانسان وبالخصوص جهودها الموصولة في مجال التربية على حقوق الانسان من خلال البرامج التربوية وبرامج التعليم المتخصص.   واشارت الهيئة الى ان هذه المكاسب الهامة تؤكد ان تونس قطعت اشواطا كبيرة على درب النهوض بحقوق الانســــان والحريات الاساسيــــــــة وهي تمثل خير حافز للمضي قدما باعتبار ان مسيرة حقوق الانسان جهد متواصل وعمل دؤوب ورافد اساسي في ما تشهده البـــــــــــلاد من ازدهار ونماء بفضل خياراتها الموفقة.   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23  جويلية 2006)


الخسائر الأولية قدرت بـ200 ألف دينار: حريق هائل بمخزن لمواد التجميل في سوق الحفصية

 

تونس ـ « الشروق ».   أخلى أعوان الحماية المدنية مساء أمس سوق «القرانة» بالحفصية وسط العاصمة من المارة والمتسوقين والتجار الذين اضطروا لاغلاق محلاتهم لكثافة النيران التي نشبت بمخزن لمواد التجميل والعطورات.   وقال شاهد عيان لـ»الشروق» انه فوجئ بانبعاث دخان أسود كثيف من أرجاء الطابق العلوي لأكبر محل لبيع العطورات ومواد التجميل بسوق «القرانة» المعروف بتجارة الملابس المستعملة. وأضاف بأن النيران سرعان ما أتت على المكان فارتفع اللهيب وأصبح يهدّد المحلات المجاورة وخاصة السقف العتيق للسوق الذي تضرر كثيرا، مما استوجب اخلاء المكان من المارة والتجار.   وقد تم الاتصال بأعوان الحماية المدنية الذين حلوا بمكان الحريق في حدود الساعة الخامسة والنصف مساء حيث هرعت سيارة الاطفاء وانطلقت عملية اخماد النيران التي لم تتواصل كثيرا لنفاد المياه، مما اضطر المواطنين والأهالي إلى استعمال خراطيم المياه المنزلية والقيام بعملية الاطفاء ومقاومة الحريق بطرق يدوية، الأمر الذي ادى إلى انتشار ألسنة اللهب أكثر وإلى طول مدّة الحريق الذي تواصل على مدى ساعات في حدود الساعة السادسة والنصف، تم اللجوء إلى شاحنة اطفاء من الحجم الكبير وهو ما ساهم في السيطرة على الحريق.   من جهته قال السيد منصف بن رمضان صاحب المحل المتضرر لـ»الشروق» انه لا يعلم سبب الحريق، وقدر الخسائر الأولية بأكثر من 200 ألف دينار وقال ان الحصيلة النهائية للخسائر لن تتوضح إلا بعد الرجوع إلى الحسابات. هذا دون اعتبار الأضرار التي لحقت بمبنى المحل. ورجحت مصادر معنية لـ»الشروق» «ان يكون سبب الحريق شدة الحرارة مع وجود مواد سريعة الالتهاب بالطابق العلوي للمبنى، وقالت نفس المصادر ان كل الاحتمالات ممكنة وواردة، وهو ما ستكشف عنه الأبحاث لاحقا، إذ تم ابلاغ أعوان الأمن وممثل النيابة العمومية بابتدائية تونس، وفتح بحث تحقيقي للكشف عن كل ملابسات الحادثة.   وما يمكن قوله فإنه لم يتم تسجيل غير خسائر مادية وبعض حالات الاغماء والاختناق نظرا لكثافة الدخان ولطبيعة المواد الكيمياوية المحترقة. وللإشارة فإنها المرّة الثالثة خلال السنوات الأخيرة التي يشهد فيها سوق الحفصية حريقا.   منجي الخضراوي   (المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 23  جويلية 2006)

 

 

تحافظ على خصوصية المشتكين..وتعنى بأوضاع الاقليات

إطلاق خدمة شكاوى إلكترونية تعالجهموم المواطنين في البلدان العربية

دبي- العربية.نت
أعلنت منظمة حقوقية عربية غير حكومية عن إطلاق مبادرة جديدة تفتح المجال أمام مواطني الدول العربية أن يكشفوا عن الانتهاكات التي يتعرضون له، والهموم اليومية التي تساورهم والتي تنجم عن انتهاكات أو مضايقات يتعرضون لها، وقد تعهدت الشبكة بالرد على جميع الشكاوى التي تردها مع الحفاظ على خصوصية المشتكين وعدم الكشف عنها.
وقالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، التي تتخذ من القاهرة مقرا لها، إن مبادرة « هموم دوت نت »، « جاءت بعد عمل وجهود استغرقت شهورا طويلة من طاقم عمل الشبكة العربية و فريق واسع من المتطوعين ، للتفاعل مع العدد الكبير من الشكاوي التي ترد للشبكة العربية من مصر وأغلب البلدان العربية ، بحيث يسهل على المؤسسات الحقوقية والجهات الرسمية والمتطوعين التفاعل مع هذه الشكاوى ومد يد العون لأصحابها حتى يتم حل مشاكلهم أو يتوقف الانتهاك الذي يطاولهم ».
ووفق بيان الصادر عن الشبكة فإن موقع مبادرة هموم « يتيح لجميع الجهات والأفراد أن يساهموا في التفاعل والرد على الشكاوي التي ينشرها الموقع، مع الحفاظ على خصوصية الشاكي والحفاظ على معلوماته الشخصية ، حيث تقوم الشبكة بتحويل الرد إلى الشاكي ويتم الاتصال الشخصي ».
ونقل البيان عن سالي سامي، مديرة البرامج بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، قولها  » كان لابد أن نفعل شيئا حيال هذا الكم الهائل من الشكاوي التي تصل لنا ، كنا نقوم بتحويلها للمنظمات العربية المختصة ورغم تفاعل العديد من المنظمات مع هذه الشكاوى إلا أن ذلك بقى حل جزئي ، فالعديد من الشكاوي كانت تبقى دون حل ، لذلك قررنا القيام بهذه المبادرة ، كمساهمة منا في دفع الجهات التي بيدها الأمر أو من يستطيع أن يسهم في حل هذه الشكاوي » .
وتهتم المبادرة الحقوقية الجديدة بـ 18 دولة عربية، و »يتم نشر الشكاوى القادمة من أي دولة في القسم الخاص بها  فضلا عن أقسام نوعية تعني بهموم الأقليات والفئات المستضعفة في العالم العربي، و بعض الآليات التي يمكن للضحايا استخدامها لحل شكواهم كما يتضمن الموقع نموذج الكتروني لاستقبال الشكاوى ».
يشار إلى أن الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان من الهيئات الحقوقية الناشطة على الصعيد العربي والتي تغطي أخبار انتهاكات حقوق الإنسان وحرية الصحافة والتعبير في جميع الدول العربية، وتتميز بتنسيقها مع المنظمات الدولية غير الحكومية، كما أنها عضو الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير وهي الشبكة التي تنضوي تحت لوائها أبرز المنظمات الاقليمية والدولية الناشطة في مجال حقوق الإنسان وحرية الصحافة.
 
 موقع المبادرة : http://www.humum.net/
(المصدر:العربية.نت بتاريخ 23 جويلية 2006)


انطـلاق الحركة التصحيحيـة بحزب الووحدة الشعبية

 

 
الاستــاذ فيصل الزمنـى :     اجتمع جملة من منـاضلي حزب الوحدة الشعبية بمـــــدينة الحنشـــــة من ولايــــة صفـاقس و أصدروا البيـان التأسيسي التـالي للحركة التصحيحية بالحزب بعد أن أطلق عليهـا تسمية  » المبـادرة الديمقراطية بحزب الوحدة الشعبية  » و حتى لا يكون الاختلاف من أجل الاشخـاص أو الاسمـاء فقد وضع المنـاصلون المجتمعون وثيقة سموهـا   » بيـان تأسيس المبـــــادرة الديمقراطية لحزب الوحـــــدة الشعبية  » و ذلك لتكـــــون أرضيـــة للعمل المستقبلى من أجل اصـلاح الحزب فى منأي عن الاختلافات الشخصية و المواجهـات  التى لا يمكنهـا الا أن تأتى بأوضـاع لا تختلف عن الاوضـاع الراهنة . و اعتبـارا لمـا يزخر به حزب الوحدة الشعبية من منـاضلين حـاضرين و أخرين استقـالوا … و نظرا لمـاضى الحزب المجيد و احترامـا لجميع المحـاولات الاصلاحية الحـاضرة و السـابقة فان المبـادرة تبقى مفتوحة لكل منـاضلي حزب الوحدة الشعبية من أجل الانضمـام و الاسهـام .  
 
حزب الوحدة الشعبيــة  المبـادرة الديمقراطيـة

 الحنشـة بتـاريخ 08 جويلية 2006   بيـــان تأسيس المبـادرة الديمقراطية  لحزب الوحدة الشعبيـة

 
نحن الممضين أسفل هـذا ممثلي الخلايـا و الجـامعـات و عن المكتب السيـاسي المؤقت لحزب الوحدة الشعبية المعلن عن تشكيله  سـابقا و المجتمعين اليوم بمدينة الحنشة بولاية صفـاقس و بعد اطـلاعنـا على مـا ألت اليه الامور بحزب الوخدة الشعبية خـاصة باعتبـار التراكمـات التى تعلقت بتسيير الحزب و المتمثلة بالاسـاس فى غيـاب الشفـافية الكـاملـة فى التصرف فى الحزب و التى انهت الى تغييب التقرير المـالي للحزب أثنـاء المؤتمر الاخيـر المنعقد بمدينة نـابل بتـاريخ 10 و 11 و 12 مـارس 2006 و بعد الاطـلاع عى أسبـاب قيـام المكتب السيـاسي المؤقت للحزب ببـادرة من عنـاصر الحزب . و بعد متـابعــــة الطريقــــة الغريبة التى تم انجـــــــاز المؤتمر السـابع بموجبهـا و الاخلالات الجوهرية التى شــــــابت عمل التجمع البشري الذى دعى لـه الامين العـام المخلى للحزب و الذى سمي مؤتمرا …. و بعد اطـلاعنـا على الرسـالة التى توجهت بهـا جـامعة نـابل لحزب الوحدة الشعبية الـى السيـد الامين العـام من أجل تدارك أمور الحزب و انقـاذه من التلاشى و الدخول فى المواجهـأت الداخلية .. و اقتنـاعـا منـا بصحة التمشى الذى انطلقت فيه جـامعة نـابل عندمـا أعلنت رادتهـا فى تكوين لجنة لتقصى الحقـائق قصد الوقوف على حقيقة الوضع .و اعتمـادا على حـالة الفوضى التى صار اليهـا الحزب الذى يروم اعـأدة هيكلة جـامعـاته و اعـأدة انتخـابات عنـاصرهـا بعد :  » المؤتمر » …  ان دخول الحزب فى المؤتمر بدون هيكلـة الجـامعـات يجعل من المؤتمر قد انعقد بواسطة مؤتمرين أغــراب عن الحزب و هو لـذلك بـاطل بطلانـا مطلقـا كمـا أن تولى الحزب الان الشروع فى اعـادة الهيكلة بعد انجـاز  » المؤتمر  » يعد محـاولة اصـلاح وضعية الحزب بشكل غير مقبول و هو مـا يفقد جميع الهيـاكل مصداقيتهـا و شرعيتهـا .. و رفضـا منا لمبدأ تكوين المليشيـات الحزبية و مجموعـات الحمـاية بالحزب و انخراطـا فى الحركة السيـاسية السلمية و انصهـارا فى المجتمع المدنى التونسي كايمـاننـا بضرورة دفع النضـال الديمقراطى الـى الامـام بعيدا عن العنف و اعتمـادا على مقومـات العنصر البشري التونسي فقط . فان المجتمعين بمدينة الحنشة و بعد التوجه بالشكر لخلية الحنشة التى استضـافتهم و فتحت ذراعيهـا لدعم عملهم فانهم يؤكدون على دقة الوضع السيـاسي بالحزب و يدعون الجميع الـى تحمل مسؤوليـاتهم فى نفس الوقت الذى يؤكدون فيه أنهم لا يريدون تشخيص الامور و المواجهـات و هم ينأون عن كل ضغينة شخصية قد تكون تخللت عملهم النضـالي و يدعون الجميع بدون استثنـاء الـى الوقوف من أجل تعديل مسـار الحزب قصد تركيز الديمقراطية الداخلية و ايجـاد الاطـار السليم للنشـاط السيـاسي فى اطـار احترام القـانون و المؤسسات و لكن بدون تخـاذل أو انسياق .   ان المجتمعين اليوم بمدينة الحنشـة يضعون هـذه الوثيقـة لتكون قـاعدة للعمـل يلتقى عليهـا جميع المنـاضلين الصـادقين الذين يهدفون الـى نفس مـا تهدف اليه المجموعة محررة هـذا على أن هـذه الوثيقة تبقى قـابلة للتعديل و المراجعة و الاضـافة حسب اتفـاق منـاضلي الحزب و كل الذين يقبلون الانخراط فى هـذا التمشى .    من أجل ذلك فان الحـاضرين يؤكدوم على مـا يلــى : 1 ـ يتبنون مشروع المكتب السيـاسي المؤقت. 2 ـ يثمنون البـادرة المتمثلة فى لجنة تقصى الحقـــــــائق التى أعلنت عنهـا جـامعة نــــابل و يعطونها بعدا وطنيـا لتشمل جميع البلاد دون الاقتصـار على جـامعة نـابل . 3 ـ يعلنون رفضهم جملة و تفصيلا لجميع أعمـال و مقررات المؤتمر السـابع المنعقد بمدينة نـابل أيام 10 و 11 و 12 مـارس 2006 بمدينـة نـابل . 4 ـ يتبنون الوثيقة التى أصدرتهـا مجموعة نـابل و الموجهة الـى الامين العـام بمنـاسبة انعقـاد مـا سمى بأول مجلس المركزى للحزب بعد المؤتمر . 5 ـ يعلنون عن تشكيل  » المبـادرة الديمقراطية  » بحزب الوحدة الشعبيـة و يضعون لهـا كأسـاس للعمل القواعد التـاليــة :  ـ النشـاط داخل حدود الجمهوريـة التونمسية دون سواهـا .  ـ السعي لتكوين جبهة من منـاضلي حزب الوحدة الشعبية من أجل انجـاز المهمة التـاريخية للمرحلة الراهنة  للحزب و المتمثلة فى :  » المؤتمر السـابع الخـارق للعـادة  »  ـ يعتبرون نشـاط المبـادرة داخلي صلب حزب الوخدة الشعبية و مقتصر على منخرطي الحزب .  ـ  يطـالبون المسيرين الحـاليين للحزب بالكف حـالا عن استعمـــــال أموال الحزب و بخـاصة تلك النـاجمة عن التمويل العمومى باعتبـار أنه لا  صفة للمسيرين الحـاليين فى ذلـك الـى غـاية انجـاز المؤتمر السـابع الخـارق للعـادة . 6 ـ تبقى المبـادرة الديمقراطية لحزب الوحدة الشعبية مفتوحة لجميع منـاصلي الحزب.


 

بسم الله الرحمان  الرحيم و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين تونس في 22/07/2006  بقلم المناضل  محمد العروسي الهاني كاتب عام جمعية المحافظة على التراث البورقيبي 
 

لمسة وفاء في ذكرى عيد الجمهورية المجيد 25 جويلية لروح الزعيم المجاهد الاكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله.

 

 إنّ كلمة الوفاء لها أبعاد و معاني سامية و مفهوم نبيل و عميق و مدلول حضاري غزير لا حدود له ففي سنة 1980 عندما كنت رئيسا لشعبة الصحافة الحزبية فكرنا في صلب الهيئة إصدار مجلة ثقافية و سياسية و حزبية تحمل إسم الوفاء و فعلا صدر العدد الأول تصفحه عدد هام من رجال الإعلام و الصحافة و السياسة و الثقافة و  منخرطي الشعبة حوالي 600 منخرطا و علق أحدهم سامحه  الله فقال هل يستمر الوفاء بعد وفاة  الزعيم و كل نفس ذائقة الموت صدق الله  العظيم  إبتسمت  لهذا  الرجل و قلت له ربي يحيينا بخير…   رحل الزعيم بورقيبة و غادر الحكم   فتقلص الوفاء وتراجع شيئا فشيئا و غاب و هج المحبة  و الوفاء و تراجعت الكتابة في الصحافة و الحديث في وسائل  الإعلام حتى الزوال النهائي إلا من رحم  ربك إذا  أشار رئيس الدولة  في مناسبة بذكر خصال الزعيم الراحل بورقيبة تتحدث الصحافة ووسائل الإعلام مواكبة  لنشاط الرئيس و تجسيما لكلامه و  حديثه عن الزعيم هذا في حياته.   أما بعد وفاته فأصبح الحديث في مناسبة وفاته طبعا بعد مبادرة الرئيس   عندما يقوم  الرئيس بن علي بزيارة ضريح الزعيم الحبيب بورقيبة في المنستير و يقرأ الفاتحة  على روحه الطاهرة تتحرك  وسائل الإعلام في تلك اللحظة ثم تصمت  وسائل الإعلام كامل العام و تذكرت كلام صاحبنا في صحافة  الحزب و قلت  في نفسي صاحبنا على  حق… و لكن  و الحمد لله الذين أصدروا مجلة الوفاء عام  1980 مازالوا إلى كتابة هذه اللمسة أوفياء للزعيم الحبيب بورقيبة  و  ثوابت الحركة  الوطنية وقيم النضال البورقيبي و  مبادىء الحزب العتيد حزب التحرير و بناء الدولة و مؤسس الجمهورية التونسية.

25 جويلية عيد الجمهورية المجيد عيد  النخوة لن  ننساه

هذا اليوم الخالد كما نشرت في الحلاقات الثلاثة الماضية أيام 15/17/19 جويلية 2006 بموقع الانترنات تونس نيوز مشكور هذا الإعلامي الإلكتروني العصري الراقي و الديمقراطي و  الله لن  ترى مقالاتي النور و  النشر و  لكن الحمد لله العصر تطور و  العلم تقدم و  الكبت الإعلامي زال و الخوف قبر و  الوفاء إزداد و الحمد لله. و اليوم بمناسبة هذه الذكرى المجيدة 25 جويلية 1957 نجدد العهد والوفاء و المحبة  لروح زعيمنا الأكبر الرئيس المحبوب الحبيب بورقيبة رحمه الله و نقول  له وفي قبره نم  هادئا نم  مطمئنا نم سعيدا نم راضيا فإنّ أبنائكم الاوفياء و بناتكم الوفيات هم  دوما على العهد صامدون و  على ثوابتكم متمسكون و بروحكم النضالية عاملون و بنهجكم  الحكيم سائرون و بنظافتكم معجبون و بزهدكم فخورون و بشخصكم معتزون في الخارج و برصيدكم العالمي و  سمعتكم سعيدون و بمبادئ الجمهورية متمسكون و  بحزبكم الحر متعلقون و بجمعية  الوفاء للمحافظة على  تراثكم مستميتون. و صبرنا إلى حين حتى يأتي الله بقلب حنين يطلق الرسائل  المساجين و يدلي بها للرئيس زين العابدين، ليطلّع عليها و يأخذ القرار في ساعتين:  و كفانا إنتظار دام عام و شهرين: و في باريس التأشيرة تحصلوا عليها  في أسبوعين : وهل فهمنا الإشارتين: أم  نعامة رأسها مغروس في التراب و لا  يهمها الحديث باللغتين: لغة القرآن و لغة المتأدبين: و هل بعد ذلك إشارة إلا إذا تكلمنا بلغة السين: أو نتوجه إلى رفع قضية في الحين: مفادها لمواقع الأنترنات للعالمين: الأول و الثالث في الحين: و أخيرا نرفع شكوى لربّ العالمين لنأخذ حقنا  الشرعي حول وفائنا لقائد الجهادين  و شرفنا إلى آبد الآبدين. و الله ولي التوفيق قال الله تعالي : وقل إعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون. صدق الله العظيم   كلمة من الأعماق

إن غيرتي الشديدة على قيّم الجمهورية و ثوابتها و أصولها هي التي جعلتني أدافع عنها و أتمسك بقيمها و أرفع صوتي ملحا على أن يكون كل العاملين و المحيطين برئاسة الجمهورية في مستوى طموحات المواطن بعيدا عن الحقرة و التهميش و عدم الإصغاء… و نحبذ أن نسمع كلمة لا. غير من الصمت على رسائلنا التي فيها رائحة الحقرة و الإستعباد و بورقيبة الرمزرفع الشعب بإعلان الجمهورية يوم 25 جويلية 1957 كل مظاهر و كابوس الإسعباد الذي كل في عهد البايات و رفع عنا الغبن و الذل و الحقرة و اليوم نرحم على روحه الطاهرة، وهذا الذي دفعنا لتكوين جمعية للمحافظة على إرثه السياسي و الوطني و الذي لا يخوف أحد بل العكس هذا شيء مشرف هذا مع الملاحظ ان عشنا فترة من 1992 إلى 1998 تجسمت فيها كل معاني إبلاغ الأمانة و لمسنا ذلك بصدق قال تعالى: إنّا عرضنا الأمانة على السموات و الأرض و الجبال فأبينا أن يحملنها و شفقنا منها و حملها الإنسان إنه ظلوما جهولا  » صدق الله العظيم.        الخاتمة : هامة وبليغة و عميقة

إنّ من قيم الجمهورية و ثوابتها و أصولها الاخلاقية و المبدأية هو أساسا إحترام رأي المواطن و الإصغاء إليه و تعزيز مكانته و الإهتمام و العناية برسائله و الردّ عنها و الإبتعاد على التهميش و الحقرة تلك هي قيم الجمهورية لا بد من استحضارها في عيد الجمهورية المجيد 25 جويلية 1957 و وإنّ من أوكد الواجبات الوطنية الاهتمام بمشاغل المواطنين و الردّ على رسائلهم كما أشرت في المقال المفتوح يوم 7 جويلية 2006 بموقع الانترنات تونس نيوز حول مواقف رجل واحد مكلف بالكتابة الخاصة لرئيس الجمهورية الحبيب بورقيبة رحمه الله كان المرحوم علالة العويني رئيس الكتابة الخاصة يردّ على رسائل الناس و يدعوهم لمقابلته حسب تعليمات رئيس الدولة و متابعة لقضايا المواطنين و 80 بالمائة النتائج إيجابية. و نرجوا من المسؤولين الحاليين  الرجوع إلى هذه التقاليد الحميدة لمعاضدة رئيس الدولة و مساعدته و صدق إبتهال الشيخ عبد الرحمان السديسي بالسعودية عندما يدعوا اللهم أرزق أميرنا البطانة الصالحة تدله على الخير و تعينه عليه. قال الله تعالى  و لنصبرنا على ما أذيتمونا و على الله فليتوكل المتوكلون. صدق الله العظيم وأن من قيم الجمهورية الإهتمام برسائل المناضلين وإقتراحاتهم الإصفاء إليهم ودعوتهم للحضور في قصر الشعب لأن الجمهورية يسوسها الشعب وهو صاحب السيادة والقول الفصل : وأحترام المواطن ضروري وواجب وطني . ومن أوكد الواجبات في النظام الجمهوري ،؟ وإن في المملكة المغربية الشقيقة المواطن يحضى بعناية المملكة والملك ، فما بالك بالجمهورية التي أسسها بورقيبة على أهداف سامية وغايات نبيلة لخدمة الشعب ، وكم من مواطن بسيط حظي بعناية رئيس الدولة في قصر الجمهورية وأصغى إليه واستجاب لمشاغله تلك هي قيم الجمهورية يجب التدكير بها في عيد الجمهورية ، عسى أن يفهم هده الملاحظات العميقة المحيطين برئيس الجمهورية . قال الله تعالى : »وﺫكر فإن الﺫكر تنفع المؤمنين ». صدق الله العظيم .

ملاحظة هامة: منذ يوم 13 جوان 2005 إلى اليوم و جهنا 3 رسائل لرئاسة  الجمهورية في خصوص جمعية الوفاء للمحافظة على تراث الزعيم الحبيب بورقيبة و رموز الحركة  الوطنية و رسالة مفتوحة للتذكير عبر موقع الأنترنات يوم 19 جوان 2006 و 6 مقالات  عبر الانترنات نصفها تلمّح و  تذّكر برغبتنا لإنجاز التأشيرة و كل الرسائل مضمونة الوصول لرئاسة الجمهورية و عبر الفاكس الذي  نعرفه و نثق به. و رغم ذلك الصمت هو سيد الموقف و العجيب حتى موقع الأنترنات الذي له تأثير عالمي و دولي و متابعة عالمية هو  الآخر لم يحرك ساكنا للدائرة المحيطة لماذا … إتقوا الله إتقوا الله قال الله تعالى : وأمرهم شورى بينهم صدق الله العظيم  


وقفة مع خطبة جمعة

وقفها عبدالحميد العدّاسي عن صهيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « كان ملك فيمن كان قبلكم، وكان له ساحر فلما كبر قال للملك إنّي قد كبرت فابعث إليّ غلاما أعلّمه السحر، فبعث إليه غلاما يعلمّه، فكان في طريقه إذا سلك راهبٌ، فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه فكان إذا أتى الساحرَ مرّ بالرّاهب وقعد إليه فإذا أتى الساحرَ ضربه، فشكى ذلك إلى الرّاهب فقال: إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر. فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست النّاسَ فقال اليوم أعلم الساحر أفضل أم الرّاهب أفضل. فأخذ حجرا فقال اللهم إن كان أمرُ الرّاهب أحبّ إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضى الناسُ، فرماها فقتلها ومضى الناس، فأتى الرّاهبَ فأخبره فقال له الرّاهب: أي بنيّ، أنت اليوم أفضل منّي، قد بلغ من أمرك ما أرى وإنّك ستبتلى، فإن ابتليت فلا تدلّ عليّ، وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوى الناس من سائر الأدواء، فسمع جليسٌ للملك كان قد عمى فأتاه بهدايا كثيرة فقال: ما ههنا لك أجمع إن أنت شفيتنى، فقال: إنّي لا أشفى أحدا إنّما يشفى الله فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك فآمن بالله فشفاه الله، فأتى الملكَ فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك: من ردّ عليك بصرك؟ قال: ربّي. قال: أوَ لك ربّ غيري؟ قال: ربّي وربّك الله، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دلّ على الغلام، فجيء بالغلام فقال له الملك: أي بنيّ قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل، فقال: إنّي لا أشفي أحدا إنّما يشفي الله. فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دلّ على الرّاهب، فجيء بالرّاهب فقيل له: ارجع عن دينك فأبى، فدعا بالمنشارِ فوضع المنشارُ في مفرق رأسه فشقّه به حتى وقع شقاه. ثم جيء بجليس الملك فقيل له ارجع عن دينك فأبى فوُضع المنشارُ في مفرق رأسه فشقّه به حتى وقع شقاه. ثم جيء بالغلام فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلاّ فاطرحوه، فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال: ( اللهم أكفنيهم بما شئت ) فرجف بهم الجبل فسقطوا، وجاء يمشى إلى الملك فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به فاحملوه في قرقور فتوسطوا به البحر فإن رجع عن دينه وإلاّ فاقذفوه فذهبوا به فقال: ( اللهم أكفنيهم بما شئت ) فانكفأت بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشى إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال كفانيهم الله. فقال للملك: إنّك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال: وما هو؟ قال: تجمع النّاس في صعيد واحد وتصلبني على جذع، ثمّ خذ سهما من كنانتي ثمّ ضع السهم في كبد القوس ثمّ قل باسم الله ربّ الغلام ثمّ ارمني فإنّك إذا فعلت ذلك قتلتني فجمع النّاس في صعيد واحد وصلبه على جذع ثمّ أخذ سهما من كنانته ثمّ وضع السهم في كبد القوس ثمّ قال: باسم الله ربّ الغلام ثمّ رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده في صدغه في موضع السهم فمات. فقال الناس: آمنّا بربّ الغلام، آمنّا بربّ الغلام، آمنّا بربّ الغلام. فأتِيَ الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر قد والله نزل بك حذرُك، قد آمن النّاس. فأمر بالأخدود في أفواه السكك فخدّت وأضرم النيران وقال: مَن لم يرجع عن دينه فأحموه فيها أو قيل له اقتحم، ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبيّ لها فتقاعست أن تقع فيه فقال لها الغلام يا أمّه اصبري فإنّك على الحقّ « . نصّ الحديث صحيح، وهو هنا برواية مسلم رحمه الله تعالى. أورده خطيب الجمعة في مدينتنا، اليوم 21 يوليو، وقد هدف به إلى التذكير بأنّ المعركة بين الحقّ والباطل طويلة، وبأنّ الظلم قديم ومشاهده متجدّدة على مدى الأمكنة والأزمان، ليخلص إلى أن ما يتعرّض له المسلم في فلسطين ولبنان والعراق وفي مختلف البقاع الساخنة إنّما ه جولة من جولات التدافع بين الحقّ والباطل. هذا، ويمكننا ( والكلام لي ) التوقّف عند تردّد الغلام على الرّاهب، لنأخذ منه حرصه على معرفة الحقيقة، فقد عمد إلى جمع المعطيات ومقارنتها وإخضاعها للتجربة، كما فعل ذلك مع الدّابّة الكبيرة التي منعت النّاس الحركة. قلت: والدّوابّ الكبيرة التي تمنع النّاس الحركة اليوم كثيرة متعدّدة بتعدّد الظلمة القابعين على جماجمنا، ولا شكّ أنّنا بحاجة إلى الالتجاء إلى ربّ الغلام وربّ الرّاهب، وذلك بالعمل الصالح وبالدّعاء الصادق الذي لا يكون مستجابا إلاّ بالصدق والإخلاص والصوابية كي يصيب هذه الدّواب في مقاتلها، فيكتب للنّاس الحركة والحريّة. وليس من النجاعة أو الفاعليّة أن يقنع المرء بسماع الساحر، إذ في ذلك تغييب للحقيقة وتثبيت للغة الغاب التي يأباها كلّ سويّ. وقد ساءني في هذا الباب ما ذهب إليه بعض المثقّفين التونسيين من أمثال ( رضا الكافي ) الذي دعا إلى التفكير بالعقول بعيدا عن العاطفة، حيث يقول: فهل هو قادر ( يعني  » حزب الله  » ) على تأخير لحظة الحسم والحاق الهزيمة باسرائيل… ويضيف: سرعة الحسم ( يعني: القضاء على حزب الله، ومضمون ذلك في الجملة المتقدّمة  » لحظة الحسم  » ) ستكون من مصلحة شعب لبنان ووقف للعدوان، والحسم السريع يعني وقف المزيد من الدمار والضحايا، وإمكانية دخول المجتمع المدني وعودة الديبلوماسية لأنّ ذلك ( يعني: إزالة الذريعة ألا وهي وجود حزب الله )يمكن أن يساعد على إعادة صياغة الأوضاع ولجم العدوان الاسرائيلي. قال خطيبنا لكلّ ظالم طاغوت، عبر التاريخ، ساحر أو سحرة: ففي هذه القصّة، قصّة أصحاب الأخدود، ساحر، ولفِرعون سحرة، ولأحفاده من  » المغيّرين  » أو الفاتحين ( والكلام لي ) سحرة تسمّوا بأسماء جديدة كالمستشارين أو  » الصحافيين  » أو  » العلماء  » أو غير ذلك من الأنماط المستحدثة ممّن دأب على التلبيس والتخذيل وصناعة الهزيمة قبل حدوثها كأمثال هذا القاعد الكافي. لا شكّ أنّ الموازين، موازين القوى، مختلّة إلى أبعد الحدود. غير أنّ ذلك لا يعني أبدا مبادرة منّا بالخنوع أو الاعتراف للظالم بامتلاكه الحقيقة. فقد كان الشّابّ وحيدا ولكنّه كان قويّا شاعرا بمعيّة الله الذي أراه عجائبه وقدرته في الدّابّة. ولذلك لم يلذ بالفرار كما نفعل اليوم ( متى نأخذ بالعزيمة ومتى نأخذ بالرخصة موضوع طويل ليس المجال واسعا للخوض فيه ) عندما نجّاه الله من العصابة التي كانت تعتزم رميه من قمة الجبل أو تريد إغراقه في البحر، بل عاد إلى الملك الظالم متحدّيا يعلّمه أنّ الله أقوى منه وأجلّ وأنّه وحده المالك للنّواصي المحدّد للأعمار والآجال والأرزاق. وقد نصح الخطيب في هذا الباب بحفظ دعاء مواجهة الظلمة القساة المتخلّفين:  » اللهم أكفنيهم بما شئت  » وأنا من ورائه أفعل ذلك.كثيرة أشلاؤنا المتناثرة هنا وهناك، كثيرة أرواحنا المزهقَة هنا وهنالك، غير أنّ ذلك لا ينبغي أن يدفعنا إلى التراجع عن السير على طريق الحقّ الموصل إلى رضاء الله وإرضائه. وقد نطق الصبيّ في قصّة الأخدود محفّزا أمّه لمّا لمس منها تردّدا في الصبر على الأذى الذي أعدّه الظالم لها ولقومها:  » يا أمّه اصبري فإنّك على الحقّ « . أحسب أنّ ما نتعرّض إليه في سجوننا وفي لبنانا وفي فلسطيننا وفي عراقنا وفي كلّ ربوعنا، كبير، ولكنّه – مع ذلك – لا يرقى إلى ما اقترفه أصحاب الأخدود في حقّ إخواننا المؤمنين، أتباع الرّاهب وأتباع الشّاب الحكيم الذي أوقع الملك الظالم في معاقرة أكبر جرم ( قتل الغلام ) حرّض النّاس على الإيمان بالله، ربّ الغلام.فقتل المؤمنين وخاصّة الصادقين منهم يزيد من تثبيت هذا الدين، وليس العكس كما يظنّ بعض المشكّكين أو المتشكّكين. وقد بيّن الخطيب – حفظه الله – أنّ النصر بالنسبة للمؤمن يعني رجوعه إلى الله، والله عنه راض. وهو معنى رفيع يزهّد المؤمن في المطالبة ببعض الأشياء التي قد تنقص من قيمة مقاومته للظالمين، وقد تنقِص حتّى من قيمته عند الله ثمّ عند عباده، خاصّة إذا كان ذلك المؤمن مطالبا بإتيان العزائم عوض أخذه بالرخص…
 

 
 

لبنان شهيد العروبة والحريّة والكرامة

أيـن قرطـاج من وجـع لبنان؟

إيمان إبراهيم من بيروت:

 

بيروت تحترق والعدوان الهمجي يمارس حرب إبادة على الشّعب اللبناني، ومهرجان قرطاج يحتفل بافتتاح فعاليّاته، إفرحوا أيّها العرب. حفل الافتتاح لم يكن موفّقاً، فمسرحيّة يابانيّة مأساويّة جعلت الجمهور يغادر الحفل منذ بدايته، أخطأت يا إدارة المهرجان، العرب يريدون أن يرقصوا، أن يغنّوا، فلتحترق بيروت وقبلها غزّة وبغداد.

 

ليلة الخميس الماضي، حين كانت طائرات العدو تقصف الأحياء الآمنة في ضاحية بيروت الجنوبيّة، وتمعن حرقاًً وتدميراً في مطارها، كانت قناة « الديرة » تبثّ مسرحيّة لعادل إمام، إنها ليلة إجازة والعرب يريدون أن يضحكوا، أن ينسوا مآسيهم، وأي مأساة أكبر من الذل والخضوع.

 

ويواصل الطيران المعادي حرب الإبادة، وتواصل قناة « دريم » عرض برامجها الكوميديّة، وتعرض قناة « الأسرة العربيّة » MBC حلقةً معادة من برنامج « دندنة »، حلقة مع الفنانة اللبنانيّة إليسا، ربما تتضامن هذه القناة على طريقتها مع الشّعب اللبناني، أوليست إليسا لبنانيّة؟

 

قبل ثلاث سنوات ونصف، حين أهدى الرّئيس الأميركي بوش أمهات العراق في عيدهنّ صواريخ حقده، توقّف نبض الحياة في بيروت، جنّدت المحطّات اللبنانيّة كل طاقاتها لمواكبة حرب العراق، ألغيت الحفلات الفنيّة، أوقف تلفزيون « المستقبل » عرض برنامج « سوبر ستار » الذي انطلق قبل أيّام على العدوان الهمجي، أقفلت المؤسسة اللبنانيّة للإرسال المنزل الذي كانت تتبارى فيه على عرش الجمال، فتيات من لبنان، فالزمن لم يعد زمن رقص وفرح وجمال، إنّها بغداد تحترق.

 

وحين اندلعت الانتفاضة قبل ستّ سنوات، وأصبح الطفل الشهيد محمّد الدرّة وجع لبنان، الكوفيّة الفلسطينيّة أصبحت شعار تلفزيون « المستقبل » و »المنار »، وغنّى فنّانو لبنان للانتفاضة بأحاسيس صادقة، لن تعيد محمد وسائر الشّهداء، وإن كانت تسهم في مسح ولو دمعة عن وجه طفل يشعر أنّ العالم هجره، وتركه ملقىً على قارعة الموت والحقد والقتل.

 

إنّها بيروت تحترق، ومهرجان قرطاج يحتفل بافتتاح فعاليّاته، ولعلّ إدارته تراجع حساباتها، ففنّانو لبنان لن يتمكّنوا من السفر إلى تونس لإحياء حفلاتهم المتّفق عليها، طريق بيروت الشام مقطوعة، المرافىء محاصرة، والمطار مدمّر، ولعلّ مدير المهرجان يغبط نفسه لأنّه لم يرضخ لمطالب السيّدة ماجدة الرّومي واعتذر منها.

 

لا نستجدي دموعكم فأنتم أولى بها، اذرفوها على كاظم السّاهر لأنّه لن يحيي هذا الصيف حفلاً ضمن فعاليات قرطاج، واستمروا بإرسال عرائض استنكار لاستبعاده من المهرجان. دموعكم لا تفيدنا، فيكفينا أنّ الله معنا.

 

(نص نشر في موقع إيلاف يوم 16 جويلية 2006) على الرابط التالي:

http://www.elaph.com/ElaphWeb/Music/2006/7/163515.htm

 

تعليق  » النسر الأسود » على مدونة « تحت الياسمينة في الليل »

 

أخجل من نفسي ومن عروبتي ومن تونسيّتي..، عندما أقرأ هذا الكلام الموجع. لكن للأسف نحن نعيش في زمن الردّة العربيّة.، جميعنا (أو أغلبنا على الأقلّ ) يتألّم من أجل لبنان وبيروت..، ولكنّنا محرومون وممنوعون من أن نعبّر عن ألمنا وتضامننا بشكل واضح مع اخواننا هناك ..، فلبنان هو اكثر من ان يكون بلدًا عربيًا عاديًا..، لبنان هو مفخرة العرب..، بلد الحريّات وبلد الفنّ والثقافة..، بلد الجمال والعشق..، لبنان رغم الطائفيّة المقيتة ورغم كلّ تاريخه المثقل بالدمار والآلام..هو أقرب بلد عربي الى الحداثة والديمقراطيّة والنظام العلماني..حيث لا أحد يفرض على احد دينًا أو مُعتقدًا بعينه…، ورغم كلّ اوبئة الفساد السياسي والتدخّل الخارجي.لبنان من البلدان العربيّة القلائل الذي تجري فيه انتخابات حقيقيّة..، والذي فيه حريّات اعلاميّة حقيقيّة

 

لبنان هو جمال الجبل وطرابلس والجنوب، لبنان هو فيروز ووديع الصافي ومارسال وملحم بركات واميمة ونجوى كرم وغيرهم من العمالقة…، لبنان هو أيضًا بلد اللهو والإحتراق في متع الحياة ..وهو أيضًا بلد التطرّف..والعنف..لبنان بلد مجنون..يكافح كلّ يوم من أجل ان يبقى منارة مضيئة في قلب المشرق..من أجل ان يبقى ذلك البلد الحرّ الذي يخلب الألباب والأنظار

 

زرت لبنان منذ 5 سنوات..، وجلت في جنوبه تحديدًا..، والى جانب جمال الطبيعة الأخّاذ..، الى جانب طيبة النّاس وبساطتهم هناك..، أحسست بشيء أخر قلّ وان ّ تحسّ به هنا او في ارض اخرى من أرض بني يعرب..أحسست بالعزّة والكرامة..، نعم..لبنان من حقّه ان يفاخر انّه البلد الوحيد الذي هربت منه اسرئيل دون مفاوضات ودون تنازلات ودون ان تترك ورائها سفارة وعلمًا يرفرف ويدنّس سماءه

 

القنابل الإسرائيليّة اليوم لها أكثر من معنى وهدف، منها ماهو سياسي وعسكري ..ومنها ماهو حضاري ..، انّهم لا يقبلون بأن يكون لبنان منافسًا لهم في تلك البقعة من العالم..منافسًا في التقدّم والثقافة والإشعاع الإقتصادي..وخاصّة في مجال الحريّات ..فذلك اكثر ما يخشونه في تلّ ابيب..لأنّهم يعرفون انّه اذا تحرّرت هذه الشعوب من جلاّديها ومن تقاليدها البالية ومن عقدها التاريخيّة..فإنّها لن ترضى بالهوان ..ولن ترضخ مجدّدًا لغطرسة وعجرفة وهمجيّة الصهاينة وحماتهم الأمريكان

 

يحيى لبنان

 

(المصدر: مدونة « الياسمينة في الليل » لصاحبها « النسر الأسود » بتاريخ 19 جويلية 2006 على الساعة 1 و4 دقائق بعد الظهر)

الرابط: http://ta7t-el-yassmina-fillil.blogspot.com/  


الجماهير العربية و عقود الغيبة الكبرى الجزء الأول عندما يعيد التاريخ نفسه في محطات المصير!

د.خالد الطراولي ktraouli@yahoo.fr
بين ظلم التاريخ وظلمنا للتاريخ هل نتهم تاريخنا في ثقافته وسلوكياته، فنبحث من هنا وهناك عن صور اللامبالاة والانسحاب والركون عند الأجداد، وعن أطروحات الانكفاء في الصومعة عند الفقهاء والمحدثين، وخفوت التنظير السياسي وتضخم فقه الطهارة والنفاس على فقه الخروج والثورة والرفض؟ أم نقول أن كل أمة مهما علا بنيانها واكتمل نضجها اليوم، صاحب تاريخها البعيد والقريب، الغث منه والسمين عند رعيتها ولدى روادها، وأن المشهد الإسلامي في أيامه الخالية، كما روّج لثقافة الرفض والمجابهة، عبر نصوص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقول الحق عند سلطان جائر وعدم التغاضي عن الشأن العام وهمّ المسلمين، وومضات الثورات والخروج المتتابعة فصوله، والذي شكل جزء من هذا الموروث الإيجابي المطموس، نرى هذا المشهد نفسه يفرز عقلية الإرجاء وثقافة التراخي والانسحاب حسب المصدر والأهداف. وما ثقافتنا السلبية التي صاحبت يومنا وليلنا منذ ثلاثة عقود من الزمن أو أكثر قليلا، إلا تعبيرا موثقا لهذا الفصيل السلبي في موروثنا وتواصلا لبنيانه، فلم نكن المبدعين الرواد ولكن تابعين لبعض مظاهر الأجداد، فكنا خير خليفة لشر فرقة وفصيل وتصور! لكن هذا التفسير والتأويل لا يمثل في الحقيقة جوابا شافيا ونهائيا لمعضلة دخول الكهوف التي ارتاءتها شعوبنا منذ خروجها من ربقة الاستعمار، ولكنه يفتح الباب على مصراعيه لسؤال حضاري ومصيري لهذه الأجيال ولغيرها : لماذا حملت الرعية هذا البعد السلبي في تراثنا ولم تتبن حمل الموروث الإيجابي؟، هل هو عجز الكفاءة والطاقة والفهم؟ أم هو ذبول الإرادة أو غيابها؟ أم هو انهيار العزيمة وضياع الأمل؟ أم هو الاستبداد والإكراه والاضطرار؟ أم هو كل ذلك؟؟؟؟   لن نكون ظالمين لهذا التاريخ الطويل العريض إذا طفح البعض من إنائه بمحطات بارزة وأساسية مشوبة باللغط والشطط، لم تكن الجماهير حاضرة في الموعد في عديد اللحظات التاريخية والمصيرية التي شكلت شخصيتها وعقليتها وسلوكها، وصبغت يومها وليلها، والتي أعطت لحضارتها منهجا واتجاها ومذاقا قاست منه بعد حين، وساهم في نكوصها وسقوطها. وسوف نتعرض إجمالا لموعدين حاسمين نعدّهما من أعظم المحطات التي تخلت فيهما الرعية عن أداء دورها وكانت العواقب وخيمة على الفرد والمجموعة والمشروع :   وجاء الحاكم بولاية العهد وغاب عهد الرعية كانت اللحظة الأولى في هذا المسار، لما أراد معاوية بن أبي سفيان استخلاف ابنه يزيد، وتحويل الشورى النسبية التي عليها حال الحكم، إلى هرقلية جديدة، تورث فيها السلطة كما يورث الثوب، يروى بن عبد ربه في العقد الفريد أنه لما أراد معاوية البيعة ليزيد جمع الوفود وطلب من أصحابه أن يتقدموا الخطباء حتى يوجهوا الحديث إلى ما يريد، فتقدم منهم الضحاك بن قيس فقال : « إنه لا بد للناس من وال بعدك والأنفس يُغدى عليها ويراح… ويزيد ابن أمير المؤمنين في حسن معدنه وقصد سيرته، من أفضلنا حلما وأحكمنا علما فوله عهدك واجعله لنا علما بعدك… »، ثم تكلم عمرو بن سعيد فقال :  » .. إن يزيد أمل تأملونه وأجل تأمنونه طويل الباع رحب الذراع إذا صرتم إلى عدله وسعكم وإذا طلبتم رفده أغناكم… »، ثم تكلم يزيد بن المقنّع فقال: » أمير المؤمنين هذا، وأشار إلى معاوية، فإن هلك فهذا، وأشار إلى يزيد، فمن أبى فهذا، وأشار إلى سيفه! فقال معاوية : اجلس فإنك سيد الخطباء. »[[1]] وتم في هذا الموكب « الخاشع » والمهزلة القولية تأسيس أكبر حيف واختطاف للشأن العام، في تاريخ المسلمين ووقع الاعتداء الصارخ على دستورهم غير المكتوب وتم « تنقيحه » ووقع تحييد الرعية وتهيب الفقيه.   غابت الجماهير في أول لقاء كبير بينها وبين التاريخ، منها من غاب خوفا من استبداد ضارب وعقلية فردية زاحفة، وفضلت السكوت والمضي في شأنها الخاص، ولم تعد تعنيها هموم المسلمين شيئا، فدخلت سوقها أو صعدت صومعتها ونالها الصمت والوجوم! ومنها من أوجد لنفسه مبررا شرعيا وفتوى شاردة تشرع للسلطة الفردية، وتؤسس لها جمهورا وفيا لها، حيث الحكم الغشوم خير من فتنة تدوم، وتدعم موقفها الواقف على الأعراف..، فخرج هذا الصنف من التاريخ ودخل الدنيا وظن أنه لم يخرج من الآخرة! ومنهم أفراد حدثتهم أنفسهم بالوقوف أو بالنقد، لكنهم عجزوا عن التفاف الناس حولهم رغم شرعياتهم التاريخية أو العلمية، فخذلتهم الإرادة أو الاستراتيجية أو الرعية أو القوة والمدد.  لما حضرت معاوية بن سفيان الوفاة وابنه يزيد غائب أبلغه رسالة ومما قال فيها  » لست أخاف عليك إلا ثلاثة الحسين بن علي، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر، فأما الحسين بن علي فأرجو أن يكفيكه الله بمن قتل أباه وخذل أخاه، وأما ابن الزبير فإنه خبّ ضب فإن ظفرت به فقطعه إربا إربا وأما ابن عمر فإنه رجل وقذه الورع فخل بينه وبين آخرته يخل بينك وبين دنياك »[ [2]]، وقتل الحسين وخذله أهل العراق والمسلمون من بعدهم، وقتل الزبير وخذله المدد والتخطيط، ومات ابن عمر بعيدا عن السياسة والسياسيين.   هكذا غابت الرعية في أول حراك سياسي هام ومحدد وتركت التاريخ يكتب بدونها! دعنا نجذب الحديث قليلا نحو مناطق الأحلام والفرضيات ونتساءل بحياء ماذا لو رفضت الجماهير كل الجماهير الانصياع لمطلب معاوية، وتقدم الفقيه وتمردت الحجاز والكوفة والبصرة والشام، ماذا يكون حال الحضارة الإسلامية؟، ماذا يكون حال الفرد المسلم وحال مجتمعه؟، كيف يكون تراثنا؟ كيف يكون الأجداد؟ وكيف يكون الأحفاد؟، كيف نكون نحن؟ هل يصح فينا قولة: هذا ما جناه علي أبي وما جنيت على أحد؟   دخل التتار بغداد وخرجت الجماهير من التاريخ يروي بن كثير في تاريخه أنه لما دخل التتار بغداد « ..قتلوا جميع ما قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان ودخل كثير من الناس في الآبار وأماكن الحشوش.. وكان الجماعة من الناس يجتمعون ‘لى الخانات ويغلقون عليهم الأبواب فتفتحها التتار إما بالكسر وإما بالنار، ثم يدخلون عليهم فيهربون منهم إلى أعالي الأمكنة فيقتلونهم بالأسطحة حتى تجري الميازيب من الدماء في الأزقة… وقيل بلغت القتلى ألفي ألف نفس(مليونان)… وكان الرجل يستدعى به من دار الخلافة من بني عباس فيخرج بأولاده ونسائه فيذهب به إلى مقبرة الخلال تجاه المنظرة فيذبح كما تذبح الشاة ويؤسر من يختارون من بناته..  » [[3]] حتى ذُكِر أن الفرد من التتار كان يمسك بالمجموعة من المسلمين ويأمرهم أن يظلوا في مكانهم حتى يأتي بالسيف فيبقون ينتظرون ليجيئ ويذبحهم جميعا!!!  كان هذا المشهد الأليم يصور هذا الخنوع والانسحاب العجيب للجماهير عن أداء دورها في التصدي والرفض والتضحية وخروجها الغريب من التاريخ في محطة حساسة من المشوار الحضاري للمجتمع الإسلامي الذي تواصل نكوص أعلامه وتأكدت بداية النهاية لمشروعه.   إن هذه المحطة الهامة التي غابت فيها الجماهير، ورفضت مؤازرة السلطان وخيرت الفناء، عبرت عن حقيقة جديدة سوف نلقاها عند الأحفاد وهو أن إطار الاستبداد إذا اشتد بركانه واحمر جمره وعدوانه، يمكن أن يقصم الإرادة والعزيمة ويعوّد الجماهير على الخنوع، وترك الساحة، كما يجعلها لا تميز بين مستبد الداخل ومستبد الخارج، وهي تمني نفسها من خلال عدم أداء دورها في الدفاع، على أن يكون القادم الجديد أقل فتكا من القديم.   إن لقاء عجيبا جمع ثلاث عوامل مختلفة، ساهمت في استبعاد دور الجماهير في هذه المحطات المصيرية في حياتها، وانحرفت بالتاريخ والجغرافيا نحو مواطن العجز والتنحي والسقوط ولو بعد حين، استبد الحاكم وتنحى الفقيه وخافت الرعية!    كان الحاكم مستبدا عاتيا جائرا، حتى وإن ظهرت من هنا وهناك ومضات عدل لا تسمن ولا تغني من جوع. غابت المؤسسة، وغاب العدل إلا من بعض الثنايا التي جعلته مكرمة من الحاكم على رعيته! يروي المسعودي في مروجه حديث أحدهم إلى معاوية بقوله : » ..ونحن نخاف جبروتك، فإن كنت تطلق ألسنتنا ذببنا عن أهل العراق بألسنة حداد لا تأخذها في الله لومة لائم وإلا فإنا صابرون حتى يحكم الله ويضعنا على فرَجه فقال له معاوية والله لا يطلق لك لسان ».   وتخلف الفقيه رغم وجود العديد من الوجوه المعروفة، ولعل بعضها خيّر الابتعاد عن السياسة تنظيرا وممارسة، وترك الجماهير وشأنها، وطلق الشأن العام نهاية. والتزم البعض بموقف الحاكم وآزره تأصيلا وحضورا، وعارض البعض الآخر على استحياء، ووقفت جماعة قليلة على منابر من نور، ولكن عددها وتخلف الجماهير عنها، لم يساعدا على تثبيت أمرها وتكوين تيار زاحف يقتلع الاستبداد تنظيرا وثقافة، قبل أن يرمي به سلوكا وممارسة خارج التاريخ. وتمثل دعوة أبي ذر وفقهه الثوري عند البعض والحماسي عند البعض الآخر، المثال الحي لهذا الصنف من الفقهاء الزهاد.   وخافت الرعية والتزمت مغارتها إلا من رحم ربك! كانت اشعاعات فردية تنطلق من هنا وهناك ولكنها لم تشكل أبدا جمهورا واسعا، وقبرت الفكرة بموت أفرادها. وفي قصة حجر وأصحابه وما آلت إليه دعوتهم، دليل على هذا المشوار الأعرج. لقد ساهم الاستبداد ولا شك في تنمية هذا الخوف وتمكنه في نفوس العباد، لكن تغيب الفقيه ورواج أفكار الارجاء وثقافة التخلي والانسحاب، ساهما في اسستاب الأمن للحاكم وخلو الإطار من كل فكر جماهيري ضاغط، والحيلولة دون تكوّن أي تيار جماهيري زاحف.   وسوف نجد هذه العوامل الثلاث تجدد حظورها الباغي وتعيد نفسها، ويعيد التاريخ مشواره في فهم لغز الغياب المتكرر للجمهور العربي في العقود الثلاثة الخالية، من استبداد الحاكم الحالي وتهيّب الفقيه وخوف الرعية:   من المستبد الجائر إلى المستبد العادل يبقى الاستبداد استبداد الحاكم الحالي في ديارنا، أصبح من الحكم المشاع، ومن المسلمات التي فندها الداخل والخارج والتقارير والممارسات والمعاهد والمراكز والمنظمات، حتى لتكاد مجاذبة الحديث حوله تلامس ترف القول، و تعتبر من الحشو الذي تمله العقول والقلوب على السواء. حتى أني أجزم أن حاكم اليوم يعرف في قرارة نفسه أنه مستبد ولا ضير! وليس الطلاء الذي يظهره من هنا وهناك في إنشاء برلمان أو إعداد دستور للبلاد أو حدوث انتخابات، ليس إلا ذرا للرماد وتسكينا للنفوس وتطمينا للجيران ومأسسة للاستبداد.   وإنك لترى في بعض البقاع من يعيد علينا إحياء نظرية المستبد العادل ولو على استحياء، وأصبح من عدل الحاكم على رعيته واهتماما بأمرها أن انشغل عليها حيا ولم ينسها ميتا، فاستخلف عليها أهله وأورثها ذريته، واكتشف العالم تنظيرا جديدا عجزت آلياته وجامعاته أن تبوح به، وخرجنا عليه بالجمهوريات الملكية، مصطلح يشيب له الولدان نظرا، قبل أن يقبرهم ممارسة! فقيه الديار يبحث عن محراب ومنبر   يظهر الفقيه الحالي تحت قبعته أو عمامته طريدا أو صديقا أو مهمشا،فهو صنف من ثلاث: إما فقيه الحاشية ومعارض الديكور، يفتي برؤية الهلال وهو لا يرى القمر ولو كان بدرا ساطعا. أو فقيه متفقه قليل العلم، زهيد البضاعة، لا دراية له ولا رشاد، يفتي في الغلو والتنطع، ولا يرى غير طول اللحية والثوب حجة على الإسلام والمسلمين، فهو في مغارته ولو كان يعيش بين الناس، قبله فريق ولفظه كثير، فساهم بوعي أو بغير وعي في تجزئة مجتمعه أو تهميشه أو انهياره. وإما فقيه عدل رشيد، لم تحتمله أرض السلطان، فهو بين المنافي أو السجون والمشافي، وانقطع عنه حبل الوصال بالناس، فهو إما مغالي أو منسحب أو ناصح على وجل!   شعوب لا رعايا لقد كان مسار المواطنة طويلا في تنزيله منذ الإغريق واستبعاده للنساء والعبيد والصغار داخل منظومته، إلى الثورة الفرنسية وما حملته من حقوق للإنسان وإعطاء المواطنة بعدها الذي نعيشه اليوم أو يلامسه. لم يكن الإسلام بعيدا عن آليات الكرامة والتكريم والتحرير الذي حواها مقدسه ومارسته أيامه الأولى، ولكن الانحراف سريعا ما ضرب ثوابته، واختطف « الراعي » رعيته وحرمها صوتها ودورها وهمش فعلها.   ومن المواطنة ما قتل، ومن المواطنة ما شرّد ونفى! هذه هي حال الفرد في مجتمعاتنا وهو يرنو إلى أن يصبح مواطنا ويعيش مواطنته. قبل مواطننا المسكين خوفا وطمعا دخول الأجنبي دياره ولو على مضض حتى ينال مواطنته، ولو جاءت محمولة على دبابة وبأيد غير بريئة أحيانا! رضي مواطننا المظلوم والحائر بمغادرة الأهل والديار والارتماء في أحضان بلاد جديدة ومجتمعات مختلفة حتى يعيش جانبا من مواطنته المفقودة، سواء كانت في حرية ممنوعة أو في رغيف خبز عجزت ديار الأمس إعطاءه! كان الخوف في هذه العقود العجاف هو الغالب على عقلية هذا المواطن وهو يرى السوط ولم ير الميزان يوما، ورغم ذلك فإن قلة أرادت رفع الرأس وملت الخنوع وشكلت الخميرة الصالحة لما هو آت.. ودخل مواطننا المرفوض والمشرد السجون ورضي بالتضحية بنفسه وأهله وعشيرته ومستقبله، ورأى غرائب ما وراء الأسوار والقضبان، تشيب لها الولدان، حبا لوطنه وسعيا لمواطنته.   ختاما عقود ثلاثة مرت والحاكم العربي في عليائه، ماسك بدرته وصولجانه، يأمر بما يشاء كيف يشاء متى يشاء، ورعيته مغيبة مهمشة طالها الخوف والحيرة، تعلقت بمحطات سوداء من تاريخها، ودخلت الكهف كما دخل أجدادها عندما نادى منادي الحضور وداعي النهوض، ورفضت التململ وتركت الذئاب تأخذ مكانها ولم تحظر في محطات المصير! وظن الجميع أن المأدبة لا يحضرها الكرماء وأن التاريخ يعيد نفسه على استحياء، إلا أن المكنوز الإيجابي لهذا التاريخ وما أكثره، والعناوين النيرة لهذا المقدس الذي تحمله، وتغير الأوضاع خارج الحدود، بدأ ت تنذر بتلبد السماء وتعلن نهاية المسرحية ومغادرة الممثلين وغياب التصفيق وإعلان دخول الحرية والكرامة إلى المنصة، واحتضان المواطن لمواطنته كاملة ولو بعد حين!   إن الشعوب شرقت أو غربت، تحمل في كيانها وفي تاريخها وتراثها، في تقاليدها وأعرافها، في مقدساتها ومعتقداتها، مبادئ وممارسات تتراوح بين السلب و إلإيجاب في تنزيلها. وسقوط شعوبنا في العقود الأخيرة في متاهات الغيبة والغيبوبة الحضارية، ينبع في بعضه من هذا التفاعل مع عوامل السلب التي تحتمي تحت أسترة الخوف والانسحاب والتواكل والانبطاح والتذلل. ولن تكون الاستفاقة تامة ونهائية وممنهجة وسليمة إلا إذا استندت إلى موروثها الإيجابي الذي صقلته السنين والتجارب، وتفاعلت مع متطلبات واقعها ومستجداته بدون عصمة لأفكارها ولا قدسية في تنظيراتها وتنزيلاتها، حتى تكون العقود القادمة عقود الشعوب الواعية والمواطنة الكريمة.    المصدر : موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net [1]  بن عبد ربه « العقد الفريد » تحقيق محمد شاهين الجزء الخامس ص 112، المكتبة العصرية بيروت 1998. 2 المرجع السابق ص 115.      . تاريخ بدون لبنان المتوسط مطبعة 193 / 192 : ص 13 الجزء النهاية و البداية كثير ابن [3] 
 


 

خيارات الحرب المفتوحة

 
 توفيق المديني الحرب الحديثة التي يخوضها العدو الصهيوني ضد لبنان هي بشكلها الحقيقي  تهدف إلى سحق المقاومة الإسلامية ممثلة بحزب الله سحقا نهائيا. في هذه الحرب استغل العدو الصهيوني الفرصة التي تهيأت له من خلال العمليّة النوعية التي قام بها حزب الله  و المتمثلة في أسر الجنود الصهاينة ،إذ إن الحزب كان يريد تحقيق عدة أهداف من ورائها، لعل أهمها: أولا، إعادة إحياء شعبية حزب الله على الصعيد الداخلي من خلال تبنيه قضيّة الأسرى اللبنانيين في السجون الصهيونية ، بوصفها قضية وطنيّة و شعبية في لبنان.و ثانيا، الهروب من الأزمة الداخلية في ظل الاحتقان الطائفي بين السنة و الشيعة عبر إظهار صورة المقاومة على حقيقتها  أمام العالم العربي  و الإسلامي كقوة مقاتلة ضد العدو الصهيوني  ومحو الصورة السيئة التي نشأت عن امتناع شيعة العراق عن مقاومة الاحتلال الأمريكي لتصفيّة المقاومة العراقية الاسلامية والوطنيّة، إضافة الى التجمّعات السنيّة المعزولة إقليميا ودوليا بسبب انتماء المقاومة لها. و ثالثا، مؤازرة  المقاومة الإسلامية في غزة التي يخوض الكيان الصهيوني حرب تصفية ضدها.ورابعا، الرد غير المباشر على التهديد الصهيوني لسوريا،عندما حلقت الطائرات الحربية الصهيونية قبل ما يقرب من عشرة أيام فوق القصر الرئاسي في مدينة اللاذقية على الساحل السوري.
 وهكذا، فإن حزب الله قد اتخذ قراره بالهجوم على المواقع الصهيونية وأسر جنديين صهيونيين ، من تلقاء نفسه، وهو قرار نابع من من حزب الله ومن داخله كنتيجة إستراتيجية داخلية قبل أن تكون استجابة لأجندة خارجية، وإن كان ذلك لا ينفي أن تكون أولويات حزب الله في هذه المرحلة متوافقة مع الأولويات السورية والإيرانية، كما أن الدعم اللوجستي والمادي لا يمكن إنكاره في هذه المرحلة وما قبلها، وبدون هذا الدعم لا يمكن أن نتوقع أن يصل حزب الله إلى قوة الردع التي يملكها الآن. ولم يجد  حزب الله سوى ذلك ليؤكد للداخل اللبناني وللرأي العام العربي على أهمية المقاومة ما بقي الاحتلال الصهيوني في الأراضي العربية، فضلا عن استيائه من النفوذ الأمريكي المتوغل بلبنان منذ خروج القوات السورية. وطبقا لهذه الحسابات الذاتية نفذ الحزب عمليته، وهو يدرك أن اللبنانيين ليس بينهم من يدعم إسرائيل ويعلم حجم قوته على الساحة اللبنانية. ولم يكن أحد يتوقع لا عند حزب الله و لا عند غيره ‘أن يكون الرد الصهيوني على أسر الجنديين الصهيونيين خوض حرب تدميرية شاملة ضد لبنان ، الدولة و المقاومة، بل إن حسابات حزب الله كانت ترى أنه في أسوأ الأحوال سيقوم العدو الصهيوني بضربات انتقامية منتقاة تستهدف مواقع الحزب في لبنان ، ثم تتدخل الأطراف الدولية و الإقليمية فيما بعد لتطلب من الجميع البدء في مفاوضات من أجل تبادل الأسرى .و لتأكيد هذه الحسابات ، أبلغ حزب الله الكيان الصهيوني علنا أنّ نيّته هي عدم التصعيد وأنّ القواعد يجب أن تكون محصورة في هذه اللعبة في ما يتعلّق بالتفاوض حول الأسرى فقط. من الناحية الموضوعية كانت المنطقة حبلى بهذه الحرب التدميرية . هناك تأزم في الوضع الإقليمي جراء إخفاق السياسة الأميركية في التعامل مع قضاياالعراق وفلسطين ولبنان. كما أن الدعم الأميركي للبنان لم يساعد على فك الاشتباك في مسألتي الاحتلال الصهيوني لمزارع شبعا ولإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين.
إن العدو الصهيوني بعد أن تلقى ضربتين موجعتين ومهينتين بالأساس في غزة وجنوب لبنان ، خرج إثر ذلك في حرب تهدف في الأساس إلى استعادة هيبته الضائعة، و « استعادة قوة الردع »، في ضوء تنامي قدرة المقاومين اللبنانيين و الفلسطينيين على أسر جنوده. ثم إن ايهود اولمرت رئيس الوزراء الصهيوني والمؤسسة العسكرية الصهيونية مقتنعان بضرورة تصفية ـ »حزب الله » ومقاوميه في هذه الحرب التدميرية التي شناها عليهم بل على لبنان كله. فأنهى الكيان الصهيوني المرحلة الأولى من هذه الحرب التدميرية الشاملة التي بدأها على لبنان قبل  أيام. لقد تكفل الكيان الصهيوني  بتدمير كل ما بناه اللبنانيون خلال السنوات العشرين الماضية . إنها حرب على مقومات لبنان البشرية و المادية .فلم يبقى في لبنان لا طرق، ولا جسور، ولا مطار، ولا كهرباء. ليس سهلاً أن نعد الخسائر والأضرار والجرحى والشهداء والمعوقين والنازحين ،ولا الديون التي تتجاوز 50 مليار دولار. لكن هل يستطيع اللبنانيون أن يزيحوا موقعهم الجغرافي عن حدود هذا العدو الأكثر همجية أو أن يغيّروا مكوّناتهم التاريخية اتقاء لشر « إسرائيل » وأخطارها!! إن الحرب  الدائرة الآن ليست « حرب الأسرى ». لم تكن كذلك في غزة ولن تكون في لبنان. فلا الثمن الذي يدفعه اللبنانيون  يبرّرها ولا الثمن الذي تدفعه « إسرائيل » يبرّرها مهما اختلفت الخسائر. فالكيان الصهيوني  يخوض هذه الحرب لأول مرة، ووراءه « المجتمع الدولي » يشجعه ويشد بأزره، حتى إن  قمة مجموعة الدول الثماني التي أنهت أعمالها في سان بترسبورغ لم تحركها المأساة الانسانية الهائلة التي فرضت على الشعب اللبناني، بل إنها تبنت الشروط الصهيونية لوقف الحرب على لبنان، حين أكد قادتها على هامش قمتهم ، تمسكهم بالعمل على ضمان أمن « إسرائيل »، إذ حازت فكرة تشكيل قوة دولية « لإرساء الاستقرار »، تتكوّن من ثمانية آلاف عنصر ويوازيها « حزام للمراقبة »، على مباركة واسعة. كما أن  مجلس الأمن الدولي لم يتمكن من مجرد الدعوة إلى وقف إطلاق النار، ما يعني أنه موافق على ما يجري من تدمير صهيوني منهجي لمقومات الحياة في لبنان، بل يعني أيضاً أن مجلس الأمن يتولى إدارة الجانب الديبلوماسي من هذه الحرب لمصلحة الكيان الصهيوني .
وتكمن الاستراتيجية العسكرية الصهيونية  من خلال هذه الحرب التدميرية إلى تصفية البنية العسكرية لحزب الله ،الذي استقدم عددا من الصّواريخ (12 ألفًا، على حدّ قول السيّد نصر الله) لتعزيز ترسانة الحزب الحربيّة،و استعدّ هذا التنظيم لمواجهة النيران الصهيونية عبر إخلاء مواقعه المكشوفة، واستبدالها بمغاور متواجدة في الجبال، أو بأنفاق تحت الأرض ، و طرد حزب الله من مواقعه،و إجبار لبنان على نشر جيشه في كل أنحاء جنوب لبنان ،ونزع سلاح حزب الله بموجب قرار الأمم المتحدة (الرقم) 1559. من وجهة النظر الأمريكية – الصهيونية حزب الله هو »منظمة إرهابية » ، وأنّ ولاءه لطهران يطغى على رغبته في الانخراط في النّسيج اللبناني ليصبح طرفًا سياسيًا شأنه شأن الأطراف الأخرى.ويستند  حزب الله إلى تحالف  إقليمي يمتد من شواطئ غزة الى قلب طهران، مرورا بدمشق ،ويمكن وصف هذا الحلف بأنه تحالف طبيعي لمتضررين من تحولات سياسية جرت في سياق غير طبيعي شهدتها المنطقة بعد مؤتمر مدريد وبعد اتفاق أوسلو،و بعد أن طرحت إدارة الرئيس بوش إقامة مشروع الشرق الأوسط الكبير في عام 2004، الذي يحتل فيه الكيان الصهيوني مركز الريادة. وترى واشنطن و تل أبيب أن حزب الله هو « متعهد للإيرانيين، أو أداة في يد إيران وسوريا  » في منطقة الشرق الأوسط،، بوصفهما  » الدولتين الراعيتين  للإرهاب، والمعارضتين  للسلام، في محور الشر الممتد من طهران إلى دمشق ».  و الحال هذه لا يمكن  إيران أن تتنازل عن هذه الورقة إلا بعد التوصّل إلى اتفاق مع الغرب حول أمنها الخاص، ودورها الإقليمي ، وبالتالي فإنّ الدّعوات إلى إطلاق سراح الجنديين الصهيونيين من دون مقابل، لن تلقى أيّ صدىً. على الرغم من المقاومة الباسلة التي أبداها حزب الله في التصدي للعدوان الصهيوني ، فإن هذه الحرب غير متكافئة. فالفرق بين الطرفين في هذه الحرب المفتوحة أن ثمة طرفا -هو الكيان الصهيوني – يستفيد من وضع إقليمي ودولي مساند.   أما حزب الله ، فإنه من الناحية العسكرية، ، وحتى الدول المحيطة، لا تمتلك الترسانة العسكرية التي تملكها الدولةالصهيونية . فهل يمتلك الحزب القدرة على الصمود طويلاً، أو الاستمرار بالرد على ضربات العدو الصهيوني، الذي  غيّر كل قواعد اللعبة أيضا وتخطّى  كل الخطوط الحمر، ما أذهل حزب الله الذي لم يتوقع تصرّف الكيان الصهيوني هذا؟
يرى المحللون في الشرق الأوسط أن الكيان الصهيوني سيجد نفسه مضطرا إلى استجرار سورية للحرب في حال رفضت الأخيرة تغيير مواقفها من التحالف مع إيران و »حزب الله ». ولا شك أن اندلاع أي حرب بين الكيان الصهيوني وجيرانه العرب أو إحدى الدول الإسلامية كإيران يفترض فيه تدخل الولايات المتحدة كداعم أساسي للكيان في المنطقة. ويبدو أن سورية لا تريد دخول حرب غير متكافئة و مفروضة عليها. كما أن إيران غير مستعدة أن تدخل في مواجهة عسكرية مع الغرب دفاعا عن القضايا العربية.ذلك أن أولوية  النظام الايراني هي استمرارية وجوده ، و الحال هذه فإنه سيبقى خارج المواجهة ويلجأ للحوار والمساومة مستخدماً أوراقاً أخرى مثل العراق وبرنامجه النووي للوصول الى حل وسط مع الغرب. الفرصة التاريخية تبدو مهياة لواشنطن لإقامة مشروعها ، لا سيما أنه المشروع الوحيد المطروح في  الشرق الأوسط الكبير ، و فرض شروطها على معظم الأطراف ، و طريقة تعاملهم مع الغرب  ، في ظل غياب مشروع قومي عربي  تحرري أو إقليمي يطرح المواجهة الجدية مع الامبريالية الأمريكية و الكيان الصهيوني. ذلك أن لبنان أصبح خاضعا بشكل كبير للنفوذ الأمريكي وبالتالي يجب الأخذ بعين الاعتبار إلى أين تريد الولايات المتحدة الوصول بالأمور في أي تشكيل جديد للمشهد اللبناني وهل الولايات المتحدة ترغب فعلا في خلق واقع صراع آخر في الشرق الأوسط شبيه بالواقع العراقي؟. ( المصدر: صحيفة الخليج الإماراتية بتاري 23 جويلية 2006 )

بسم الله الرحمن الرحيم  أيها الشعب اللبناني العظيم،

إنك تزحف تحت النار والدمار نحو النصر التاريخي للأمة

.

 
بقلم: الأستاذ عبد الله لعماري محام من المغرب tamkine@hotmail.com   هكذا تآمر عليك « العالم المتحضر »، عالم الأعراف الإنسانية والمواثيق والقوانين والمعاهدات، فساق أطفالك ونساءك وشيوخك ومرضاك، إلى مجزرة بشعة، قل مثيلها في تاريخ البشرية، أو لنقل، إنها كانت تقع في عصورالظلمات، أو في الحروب العالمية  التي كان يشعلها الغرب، أو في الفظائع التي ارتكبتها أمريكا في هيروشيما ونكازاكي وأفغانستان والعراق.  واليوم، في عصر ما بعد الأنوار، وهيئة الأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، وهيئات السلام العالمية، يتفرج « العالم الغربي المتحضر »، بل ويتحمس قادته، ويتلهفون أشد ما يكون التلهف، على أن تنتهي مذبحة أطفالك ونساءك وينتهي تدمير بنيانك، بانبطاح رجالك على بطونهم، وغل أيديهم إلى رقابهم، وتجريدهم من أسلحتهم، بل، ونزع حتى ثيابهم وتركهم عرايا كي يدوسهم اليهود الصهاينة الأنجاس، بالجزمات والأقدام القذرة، يعبثون بشرفهم ، ويعربدون فوق هاماتهم، وينتهكون أعراضهم ويغتصبون نساءهم، ويسومون أطفالهم سوء الخسف والهوان، ويصيرونهم إلى غلمان وخدم وعبيد. وشهدت الأرض ومن عليها والسماوات، كيف أن المؤامرة عليك أيها الشعب اللبناني العظيم، وتقتيلك ودك الأبنية والجسور والسقوف فوق رؤوس أطفالك، وزلزلة الأرض تحت أقدام رجالك، وملاحقة الطائرات النفاثة لنساءك حتى وهن لائذات بالطرقات، ومحتميات بالحجر والشجر، وقصفهن والولدان الرضع فوق أذرعهن وظهورهن، بل حتى وهن على أبواب مقرات الأمم المتحدة يطرقنها استجداءا للأمان والنجاة من الخطر، وهي موصدة في وجوههن. وكيف أن هذه المؤامرة، كانت تحاك جهارا ونهارا، وعلنا وبدون تخف أو مواربة، وبدون حياء أو ارعواء ضمير، وبكل وقاحة وصفاقة وصلف، من قبل دهاقنتها في ذلك « العالم الغربي المتحضر جدا »، وهم يحرضون قطعان اليهود الصهاينة المتوحشين على الجرائم الفظيعة ضد الإنسانية، في ميقات حددوه سلفا، هو ميقات اجتماعهم فيما يسمونه باجتماع « الثمانية الكبــار ». وشهد العالم أجمع، وسجل التاريخ، كيف أن هؤلاء « الثمانية الكبار »، جلسوا يتفرجون على هذه المشاهد الكارثية للجرائم ضد الإنسانية في حق الشعب اللبناني، والعالم يتفرج عليهم، وهم يضحكون، ويحتفون بهذه الجرائم ضد الإنسانية، ويزكونها ويباركونها، وينظـّرون لها قانونا جديدا من أغرب ما تفتقت عنه عبقرية قادة « العالم الغربي المتحضر »، في علم القانون ونظرياته، فيسمون الدمار المتواصل بالليل والنهار على المدنيين العزل من الشعب اللبناني: « حق دولة إسرائيل في الدفاع عن نفسها »، ثم يضيفون نظرية جديدة في علوم القانون الدولي، فيسمون الجرائم ضد الإنسانية التي تقترفها الأرمادا الصهيونية وأسراب طائراتها في حق المدنيين: « استعمالا مفرطا للقوة »، في استخفاف سافر وسخيف بالعقول.
ولما كنت أيها الشعب اللبناني العظيم تصلى جحيم النار والدمار، وتتناثر أشلاء أطفالك على الجدران وتتطاير في الأجواء، كان « الثمانية الكبار » الذين يقودون »العالم المتحضر جدا والراقي جدا »، يتابعون مشاهد صراخ الأطفال فوق جثت آباءهم، وبكاء الأمهات الثكلى على ما تبقى من أشلاء ممزعة لصبيانهم، واستنجاد الشيوخ من تحت الأنقاض، يتابعونها وهم يتفكهون ويتندرون، وينعتونك بالقذارة، في جلستهم التي تذكر بالعهود البائدة في ظلمات التاريخ، أيام العتو الروماني، حينما كان أكابر الرومان الطغاة،  يجلسون يتفرجون من علٍ، على حلبة تطلق فيها الأسود الضارية المفترسة على العبيد، ويتلذذون بمشاهد الافتراس والفتك، وتمزيق اللحم البشري.
وما هو ذنبك أيها الشعب اللبناني العظيم، الذي ارتكبته ، حتى استحققت هذا العقاب الجماعي، الذي أذاقك من ويلات هيروشيما، أضعافا مضاعفة، وعلى مدار الليل والنهار؟ في عدوان نذل جبان، وقتل بالجملة، ودمار شامل، ليس لقطعان اليهود الصهاينة منه، سوى التنفيذ، لمخطط إجرامي، بُـيّت بليل، بعواصم غربية،  واختير له التوقيت، هو اجتماع « الثمانية الكبار »، للتزكية والمباركة وإضفاء المشروعية، واختير له الهدف، هو اجتثات المقاومة المسلحة للشعبين اللبناني والفلسطيني، واستئصال روح الممانعة والعناد والإباء والتحدي، وإبادة المقاتلين الأشاوس، ومن بعد ذلك اقتياد النساء والأطفال إلى النخاسة والعبودية والسبي والدعارة في أسواق اليهود الصهاينة، وصولا إلى تحويل مئات الملايين من العرب إلى خدم وحشم وغلمان وقيان بين يدي الرجل الأبيض، رجل الغرب الاستعماري، وانتهاءً باستباحة ثروات بلاد العرب بالنهب والغصب والعسف، واتخاذ أراضيهم وأجواء سمائهم ومياه بحارهم، قواعد ومرابض لطائراتهم، ومرافئ لأساطيلهم، ونقط انطلاق وممرات وجسورعبور، للعدوان على أمم الكون الأخرى، ونشر الخراب والدمار وسفك الدماء.
فماهي جرائرك ؟ أيها الشعب اللبناني الشهيد، حتى استحققت أن تحيق بك لعنة العالم الغربي المتحضر، وحقد قادته، وأن تسّاقط عليك – بأمر منهم وتحريض –    مئات أطنان الحمم وشواظ من نار القذائف المتلظية، والمواد السامة والكيماوية المحرمة، ترمي بها جوا وبحرا وبرا أيادي القتلة الشواذ من اليهود الصهاينة، وبالآليات العسكرية الأمريكية ، وبالنفط العربي المدرار؟  أولى جرائرك، أيها الشعب اللبناني البطل، أنك تجرأت على أن تنجب فوق ثرى بلادك، مقاومة، من أشرس ما عرفته البشرية في الذود عن حياض أرضك، والذب عن كرامتك وعزتك واستقلالك، ومن أشرف وأكرم وأعف وأعقل ما أظلت السماء من مقاتلين ، على مر التاريخ، على شدة بأسهم وقوة شكيمتهم. مقاومة، باركتها المساجد والكنائس، ووهبتها أرصدتها النضالية، وتراكماتها البطولية في الكفاح المسلح، كل المذاهب والمدارس والتيارات اللبنانية، سواء كانت إسلامية أو قومية أو يسارية أو اشتراكية أو شيوعية، وسواء  منها التي نبتت في تربة روحية مسيحية، أو تربة روحية إسلامية. مقاومة، لم يتخلف عن إسنادها أي لبناني، مهما كانت نحلته أو مذهبه أو مرجعيته الفكرية، فمن مقاتل في ثغور الجنوب، مقبل بصدره على الفداء من أجل لبنان، ومن رابض خلف خطوط المواجهة والثغور، مقبل بدعمه ومدده، يحمي ظهر المقاتل، ويؤمّن قاعدته الخلفية في الشمال، ويحرس عمق ميدان المقاومة.
مقاومة تسمت باسْم الله، وعمّدت الدم اللبناني في رحاب تعاليم الله، مواجهة للعنصرية اليهودية الصهيونية المقيتة، وغطرستها وطغيانها وإفسادها في الأرض التي عاثت فيها قتلا واحتلالا وتدميرا. من جرائرك أيها الشعب اللبناني الصامد، أنك قاسمت أهل فلسطين نكبتهم، لما تآلب عليهم « العالم الغربي المتحضر »، فشردهم وهجّرهم من أرضهم، حينما حشد على أرضهم من كل الأصقاع، قطعان اليهود الصهاينة، من شذاذ الآفاق وسلطهم عليهم تقتيلا وتنكيلا بهم واحتلالا لأرضهم ومقدسات المسلمين والمسيحيين، فآويتهم وهم مستضعفون مقهورون، يلملمون جراحاتهم، ويجرون وراءهم أذيال البؤس والشقاء والضعة، واحتضنت ثورتهم الفلسطينية في بيوتك، حتى عظمت وأطبق صيتها الآفاق، ومكنتهم من أن يقيموا على أرضك سلطانا ودولة، فاقت نفوذ دولتك، وعلى أرضك، شيد الفلسطينيون معسكراتهم، ومخيماتهم، وهيلهم وهيلمانهم، ومن على أرضك انطلقت شرارة الكفاح الفدائي الفلسطيني، وعلى ثرى أرضك سالت وديان دماءك، كلما اجتاح الصهاينة مدنك وقراك في مطارداتهم للفدائيين الفلسطينيين، وفي حروبهم من أجل قصم ظهرالثورة الفلسطينية، وتفكيك بنية منظمة التحرير الفلسطينية.
ورغم تدميرك في أتون هذه الحروب، والمجازر التي سلطت عليك، والفتن الداخلية التي أشعلت نارها بين فئاتك وطوائفك، مكائد الصهيونية، ودسائس الغرب الإستعماري، ذلك  » العالم المتحضر جدا »،  لازلت تعاند بكبرياء، وتأبى إلا الوفاء لأهل فلسطين. وما الهبّة الأخيرة لمقاومتك الباسلة، بعملية « الوعد الصادق »، سوى هبّة الشهامة والوفاء والنجدة والغوث لغزة  الذبيحة، وهي تسحق بالآلة العسكرية الصهيونية المدمرة، فقد تحرك حزب الله، في عمليته البطولية التاريخية، لفك الحصار عن غزة، وإيقاف المذبحة الرهيبة للنساء والأطفال، فيما اعتبره القاعدون والمهزومون، والغارقون في الصَّغار والهزال، اعتبروه مغامرة ومخاطرة، وهو في ميزان الله عظيم وثقيل، وفي ميزان التاريخ خالد وتليد، وفي ميزان القيم فدائية وبطولة وشهامة ومجد أثيل. ومن جرائرك أيها الشعب اللبناني الخالد، أنك شيدت فوق أرضك الطاهرة، تلك الأرض التي أقلت أولى الحضارات البشرية، حضارة الفينيقيين، وتعاقبت عليها الأديان والأنبياء والرسل، أنك شيدت قلعة فريدة من التسامح بين الأديان، والتعايش بين المذاهب،  فتساكنت الكنيسة والمسجد في أمان، وتجاورت الطوائف والمذاهب، في نسق مكين من احترام التعدد والاختلاف وتباين الانتماءات. وبهذا النسق المكين الفريد، نسفتَ من الأساس، المشروع الاستعماري الغربي، وصنيعته الصهيونية، الذي كان يريد من لبنان، أن يبقى فقط بؤرة من الاقتتال والتطاحن الطائفي، والتآكل الداخلي.
وأن أساطين الاستعمار الغربي،  المقبورون، سايكس، وبيكو، وألنبي، وبلفور، وغيرهم ممن كانوا يقطِّعون أوصال الشام، وبلاد العرب والمسلمين، ويهيئون لغرس الصهيونية، تلك النبتة الخبيثة المجتثة، على أرض الشام، اختاروا لبنان مسرحا للصراع بين المسيحين والمسلمين، ومعتركا للاقتتال بين الشيعة والسنة، كي تتمكن الصهيونية من رقاب الجميع، وتُخضع مصائرهم لتلاعبها وعبثها واستبدادها.
والآن تكاد أمريكا زعيمة ذلك  » العالم المتحضر » ومعها الكيان الصهيوني، وحلفائهما، تعض أناملها من الغيظ، خيبة وفشلا، وقد تحصن الشعب اللبناني من الإقتتال الطائفي، والتنازع المذهبي، وأرسى ثقافة المواطنة والديمقراطية، والتي في صرحها شمخ لبنان قلعة للتسامح الديني والمذهبي والتعدد السياسي وحرية الاختيار، في تعانق مثالي، ومجتمع تُرضع فيه الأم المسيحية وتلاعب أطفال الأم المسلمة، وتحضن وتناغي الأم المسلمة أطفال الأم المسيحية، دون أن تعلو طائفة على طائفة، أو تعدو طائفة على أخرى. ومن جرائرك أيها الشعب اللبناني الخالد، أنك والشعب الفلسطيني والشعب العراقي والشعب السوري، شكلتم جميعا الصخرة العاتية التي تتحطم عليها العنجهية الصهيونية ويندرس عليها الطغيان الأمريكي، وأطماع ذلك « العالم المتحضر جدا »، وانتصبتم وأنتم تعتنقون عقيدة المقاومة والممانعة والرفض، طليعة الأمة العربية والإسلامية في إفشال مشاريع الإستعباد والإذلال للأمة والاستحواذ على ثرواتها وخيراتها. إن المعركة التي تخوضها أيها الشعب اللبناني العظيم، هي معركة تاريخية ومصيرية، وهي امتداد وتكامل مع المعارك الكبرى في تاريخ الأمة العربية والإسلامية، وفي تاريخ الأمم المتحررة من الطغيان والاستبداد والاستعمار، وهي تصل الحاضر بماضي معارك البطولات، لعبد الكريم الخطابي بالمغرب، في مواجهة الجيوش الإسبانية والفرنسية، وعمر المختار بليبيا، في مواجهة الجيوش الإيطالية، وجبهة التحرير الوطني الجزائرية في مواجهة الإمبريالية الفرنسية، وعز الدين القسام، وعبد القادر الحسيني، في مواجهة عصابات اليهود الصهاينة، وأوليائهم الأنجليز، وجمال عبد الناصر، وحافظ الأسد، وصدام حسين، في مواجهة الجيوش الصهيونية والأمريكية والبريطانية والفرنسية، والإمام الخميني والثورة الإسلامية العظيمة في إيران، في مواجهة الاستكبار العالمي، وعملائه وأذنابه، ومعارك التحرر التي قادها شي جيفارا في أمريكا اللاتينية، وهوشي منه وجياب في الهند الصينية. وهي على خطى الشهداء الأبرار: الشيخ راغب حرب، وعباس الموسوي، وأبو جهاد خليل الوزير، وفتحي الشقاقي، ويحيى عياش، والشيخ أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، وياسر عرفات.
وإن جماهير الشعوب العربية والإسلامية، وهي في أغلال المنع والقمع والمحاصرة، لتغلي مشاعرها بالغضب، وتتطلع بقلوبها وأبصارها وعزائمها إلى صمود الشعب اللبناني، وتراهن على تمنع صفوفه ضد الوهن والتصدع، واحتراس فئاته من الاختراق والخيانة والطعن الغادر لظهر المقاومة. وإن الأمة بكل فئاتها وطبقاتها الاجتماعية، وتياراتها السياسية، ومذاهبها، وأجيالها من كل الأعمار، لترنو بإكبار وتعلق إلى الزعامة التاريخيى التي أنجبها لبنان العظيم في شخص القائد الفذ السيد حسن نصر الله، وقد اخترقت كلماته ومواقفه قلوب الأطفال قبل آبائهم الكبار، وملك أجيال الغد والمستقبل، قبل أجيال الحاضر، وهفت إليه قلوب الشيوخ والرجال، وتمنت النساء الحرائر في العالم العربي والإسلامي أن تلد أرحامهن أشباها للسيد حسن نصر الله، ومن يقفو أثره في الإباء والتحدي والجهاد. إن اليهود الصهاينة وأمريكا ومن خلفهما، ومن في خندقهما، قد تورطوا في الخيبة والهزيمة، منذ اللحظة الأولى من إغراقهم لبنان وغزة في بحر الدماء، وقد فشلت مخططاتهم في تفتيت مكونات الشعب اللبناني ومقومات الشعب الفلسطيني، فأصبحت البنادق كلها موجهة إلى العدو، وسكنت الخلافات والسجالات. وفشلت كذلك مؤامرة الزج بالعالم الإسلامي في صراع مذهبي بين الشيعة والسنة، فعلى الجبهتين اللبنانية والفلسطينية، ارتفع الفارق المذهبي، وامتزج الدم العربي المسلم في مجرى واحد. وفي العالم العربي والإسلامي، ارتفعت الحدود أمام مدرسة المقاومة الإسلامية، بنموذجيها: حماس وحزب الله، فنفذ إشعاعهما إلى كل الفئات والمكونات، بل وإلى كل البيوت، اهتماما وتعاطفا وانجذابا وتجاوبا. وفي المقابل انحسر النزوع نحو التطبيع مع الصهيونية إلى زاوية الزوال والانزواء، وأفلت شمس أمريكا عن العالم العربي والإسلامي إلى الأبد، ولم يعد يربط بين أمريكا والشعوب العربية والإسلامية، سوى العداء والكراهية. وسقط المشروع الصهيوني بأرض فلسطين، فلم يعد لأحفاد الصهاينة مستقبل ولا أمان في أرض أغرقوها في بحر من الدماء، فغدت محرمة عليهم، ووبالا كبيرا. أيها الشعب اللبناني العظيم، إنك تقود العرب إلى نصر تاريخي، وتحرر الأمة من أغلالها.  » وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ».

الدار البيضاء بتاريخ: 22 يوليوز 2006

 

يشرف حركة القوميين العرب أن تنشر مقالة الأستاذ شارل أيوب 

المجد والعنفوان للمقاومين والعار للمتخاذلين

 
 نحن نكتب للتاريخ، نحن نكتب للأجيال التي لم تولد بعد، نحن نكتب للأجيال التي قد ولدت قبل ‏هذا الزمن وقاتلت واستشهدت.‏ خان من خان، سقط من سقط، وهَنَ مَنْ وَهَن، وأما المقاومون فإنهم لمنتصرون.‏ جاءت الوحشية الإسرائيلية، أرعبت الأطفال في المدارس والبيوت، قصفت الأطفال وقتلتهم، أرعبت النساء والشيوخ، ولكن الصمود كان أكبر، ولكن المجاهدين في مارون الرأس كانوا في ‏العز، في المجد، في الخلود، في البطولة، فرمى جنود الاحتلال أسلحتهم أمتعتهم وهربوا.‏ قل للزمان لقد تغيرت يا زمان، لم تعد الهيمنة الإسرائيلية مسيطرة علينا، انتهى زمان ‏الهينمة، وانتصر أبطال المقاومة، وأما دول المجتمع الدولي التي أعطت إسرائيل كل الترسانة ‏المسلحة عجزت عن فتح مطار بيروت أربعة أيام وأخذت رعاياها عبر البواخر من مرفأ بيروت.‏ لم ترد عليهم إسرائيل وسقطوا هؤلاء في العار، خضعوا للإسرائيلي وعجزوا عن فتح مطار ‏بيروت، وطلبوا من عائلات أن تأتي بمأكولاتها عبر رحلة من بيروت إلى قبرص لا تتعدى الأربع ‏وعشرين ساعة.‏ ولم تستطع واشنطن ولا لندن ولا باريس أن تقنع إسرائيل بفتح مطار بيروت لأربعة أيام كي ‏يذهب المسافرون إلى مطار باريس أو لندن، فإذا بإسرائيل تجبر الدول الكبرى لأخذ رعاياها ‏كالماشية في بواخر الذل، والعار، لأن الدول الكبرى صغيرة أمام الصهيونية.‏ الرئيس الأميركي بوش يقول أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، وأي دفاع عن النفس عندما ‏تغتصب إسرائيل فلسطين والأراضي المحتلة، وتأسر المواطنين، ويعتقد الرئيس بوش بأن إسرائيل ‏هي في وضع الدفاع عن النفس، وأي ظلم أكبر من كلام الرئيس الأميركي بوش؟ ثم تأتي فرنسا الحرة، فرنسا التي اعتقدنا بأنها حرة، فرنسا حقوق الإنسان، فرنسا الثورة ‏على الظلم، ولا تتكلم عن الجريمة الإسرائيلية ضد لبنان.‏ انتصر لبنان، انتصر المقاومون، وأما جيش الوحشية التابع لإسرائيل فقد نالته الهزيمة ‏وسقط أمام ضربات الأبطال.‏ يا أيها الأبطال في مارون الرأس، يا أيها الأبطال في عيترون، يا أيها الأبطال في مروحين، كل ‏طفل وطفلة يناديانكم، يفتخران بكم، يشدان على أيديكم، بالله عليكم أيها الملتحفون ‏السماء، يا أيها المفترشون الأرض، ويا أيها المؤمنون بالأرض والحرية والسيادة، بالله عليكم ‏أكملوا، فنحن لا نوصي حريصاً، ولا نزيد من إيمان مؤمن بالقتال ضد عدو وحشي، بل نبلغهم ‏رسالة من دموع أطفال في بلادنا.‏ بالله عليكم ليس لنا إلا أنتم والله، أمام آلة عسكرية وحشية، أمام ألف طائرة عدوة ‏إسرائيلية، أمام عشرة آلاف دبابة وآلية مدرعة.‏ يا أيها الأبطال في مارون الرأس عيترون ومروحين، رفعتم رأسنا، دمرتم الاحتلال، ضربتم ‏الهيمنة، حطمتم الظلم والقيود، غيرتم علامات الأزمنة.‏ لقد كنا نقرأ التاريخ ولا نشارك فيه، واليوم بعد وجود المقاومة، وبطولاتها أصبحنا شركاء ‏في التاريخ، لا بل أصبحنا نكتب التاريخ، أصبحت الصهيونية تقرأ التاريخ.‏ يا أيها الأبطال في جنوب لبنان، يا أيها الأبطال الذين تنظرون إلى فلسطين المحتلة وترون ‏سهل الحولا أمامكم، إننا نفتخر بكم، نحييكم، بالله عليكم خذوا دماءنا، بالله عليكم نفديكم ‏بأرواحنا، بالله عليكم لقد أنقذتم شرف الوطن والأمة، إن لبنان قد ولد من جديد، إن لبنان ‏الحر الحقيقي قد انتصر، إن لبنان العربي قد ولد من المقاومة، إن عهداً تحقق من البطولات لم ‏يسبق له مثيل ولم يولد شيء إلا من دماء المواطنين والمقاومين.‏ أما المتخاذلون، فعار عليكم يا عرب الذل، يا عرب كامب دايفيد، يا عرب وادي عربه، يا ‏عرب العبيد عند أميركا والصهيونية.‏ نقول لكم مثلما قال قائد المقاومة «فكوا عنا»، ويكفيكم عاركم، ولا تحاولوا نقل عاركم ‏إلى عنفواننا.‏ وأما العالم الآخر الذي يدعي حقوق الإنسان، فأين هو من الصهيونية التي تقتل أطفالنا ‏وتأسر مواطنينا، وتدمر لبنان تقتل شعبه، لأنه تم أسر جنديين بسلاحهما، فيما عشرة آلاف ‏أسير مأسورون في السجون الإسرائيلية.‏ العدوان الإسرائيلي انتحر، الظلم الإسرائيلي انتحر وسقط، ولقد حطمنا الآلة العسكرية ‏الإسرائيلية، ويكفينا الخوف في قلوب الصهاينة.‏ لقد تغير التاريخ، وإن عنواناً جديداً قد ظهر وهو:‏ أبطال المقاومة ينتصرون وهم الغالبون، وأما الوحشية والظلم الإسرائيليان فإلى الجحيم.‏                                      حركة القوميين العرب                                                                    « Raouf-b@mail.sy “   E-mail جوال 93042463  00963
 

 
الــــــدّرس!!
 
بقلم: برهان بسيس   لم يكن ما بثته «الجزيرة» كلقاء خاص مع الأمين العام لحزب الله مجرد سبق صحفي أنجزه بإتقان الإعلامي التونسي المتميز غسان بن جدو  (*) بل كان فعلا درسا في شكل محاضرة لذيذة ألقاها حسن نصر الله في مادة العلوم السياسية..   تجوّل الرجل كما شاء بين المعاني والتحاليل بهدوء وثقة وعمق وتلقائية ودقة وإقناع وسلاسة وفصاحة وعزة وكرامة وموضوعية وتواضع وكبرياء وأشياء كثيرة من الصعب أن تجتمع في خطاب ما بمثل ما اجتمعت في حديث «سماحة السيد» كما يحلو لمريديه تسميته.   لم يتعود الخطاب السياسي العربي في لحظات الحرب أو السلام على نبرة مثل النبرة التي استعملها حسن نصر الله فلا قصائد حماسية ولا تجييش لفظي فارغ ولا وعود وهمية وكذلك لا خنوع ولا ذل ولا انبطاح مغلف بواقعية كاذبة تثير السخرية.   لم يعد نصر الله مشاهديه بتحرير فلسطين ولا بهزيمة إسرائيل وسحقها ولكنه أيضا رفض بقوة استنقاص حجم المقاومة وقدرتها الردعية في إنجاز مهامها الدقيقة في ما رسمته من أهداف.   أعلن انه يريد تحرير الأسرى وأفصح عن ثقة جبارة في انه سيفرض على إسرائيل التفاوض غير المباشر كحل وحيد لها لاستعادة جندييها الأسيرين.   ذهب بعيدا في الرد على طعون فرقاء الداخل دون أن يشتم أو يسيء لأحد بكياسة من قرر أن يكون حزبه القوي سياسيا وعسكريا وشعبيا فقط مجرد شريك في المشهد اللبناني دون أي خلط أو رغبة في الهيمنة والابتلاع بمسؤولية عالية ونضج لا مثيل له في جعل كل الامكانات سلاحا لمواجهة إسرائيل بعيدا عن كل أشكال توظيفها في سياق تجاذبات الداخل اللبناني.   ذروة الدرس ولحظته الدرامية اللذيذة كانت في الكلام الذي خصصه حسن نصر الله لبعض الحكام العرب وخاصة للعواصم العربية التي سارعت لإدانة حزب الله في بداية العدوان الإسرائيلي وتحميله مسؤولية ما يحصل ونعته «بفريق المغامرين».   نصر الله اختار دون حذلقة او تصعيد لغوي كلمة مشتقة من قاموس العامية اللبنانية تكاد تشترك فيها كل اللهجات العربية مخاطبا هؤلاء الحكام: «فكوا عنا» بإحالة غنية على شبكة من المعاني التي يختزنها المخيال الشعبي تجاه قضايا التضامن والتآزر تلك التي تطلب من العاجز ان يعين الضحية على الأقل بالصمت الذي يمثل في ظروف العجز العربي الراهن اضعف أشكال المساندة والدعم في لحظة عزت فيها حتى مواقف الاستنكار والإدانة التقليدية..   لقد جاءنا الزمان فعلا الذي أصبحنا فيه نترحم على مواقف: «ندين» و«نستنكر» تلك التي تبدو اليوم في ظل حديث الإدانة للمقاومة زمنا ذهبيا للمواقف العربية المشرفة..   أوغل نصر الله بكلماته المستهزئة في الجرح العربي وهو يعلن انه لم يعد يطلب من النظام الرسمي العربي سوى الصمت كواجب أدنى يمليه معنى التضامن القومي..   تحدث نصر الله كما شاء مبهرا مقنعا، كبيرا بقوة كلماته وهدوء ملمحه واتزان خطابه، بثقة من لا يحتاج إلى أجهزة تجسس دقيقة ليدرك أن اقرب أقرباء هؤلاء الحكام على عكس رأي أزواجهم أو آباءهم هم مع المقاومة ومع أبطالها.   قوة «سماحة السيد» هذه المرة انه لم يكسب فقط معركة القلوب بل وكسب باستحقاق وامتياز امتحان العقول.   (*) ملاحظة من التحرير: يا ترى.. لماذا أصبح اليوم هذا الصحفي اللبناني المتميز فعلا وحقا (بل منذ أول حديث أجراه مع العلامة محمد حسين فضل الله ونشره في جريدة « الفجر » الله يذكرها بالخير) « إعلاميا تونسيا » يستحق الإطراء من جنابك يا سي برهان؟ نـوّرنـا، الله ينوب عليك.   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 22 جويلية 2006
 


حزب يجمع القمامة !

 
بقلم أبوبكر الصغير (*) boubakersghaier@yahoo.fr   لأول مرة في تاريخ الحروب والصراعات في الشرق الأوسط، لا تتحمس الولايات المتحدة الأمريكية لتنتصر لموقف دولي بضرورة وضع حدّ لحرب وبالتالي وقف إطلاق النار… ذلك ما أكدته تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس، يوم أوّل أمس الأحد والتي اتضح من كلامها وموقفها أنها تطلق العنان بالكامل لإسرائيل، بأن  تفعل ما تريد، وحيث تشاء في الوقت الذي تراه مناسبا، وتحدده هي وحدها وبالأسلحة الأمريكية نفسها… التي أمدّتها وتمدها بها.   قالت رايس وبالحرف الواحد : « إن أمريكا لا تريد وقفا لإطلاق النار يستمر بعض الوقت ثم يقرر، حزب الله أو حماس إطلاق صاروخ على إسرائيل، بعد ثلاثة أسابيع أو شهر… ». وتعيد رايس تلك الجملة التي أصبحت بمثابة كلمة السرّ أو الشفرة الخاصة لكل مسؤول أمريكي يريد الحفاظ على منصبه ويواصل مشواره في صعود السلم السياسي : « إن من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها ». لكن ما هو أخطر في موقف وزيرة الخارجية الأمريكية، وفي السياق ذاته، ما ذهبت إليه بما يفهم منه توجها أمريكيا -وحتى إن كان ذلك بالوكالة من خلال إسرائيل- بضرب إيران وسوريا… وتغيير الأوضاع بالكامل في المنطقة بما قد يكون تطبيقا  لنظرية « الفوضى الخلاّقة ». قالت رايس وبوضوح، بعيدا عن كلّ التقاليد الدبلوماسية التي تطبع عادة مواقف وزراء الخارجية : « إن الشرق الأوسط، لا مكان فيه لأنظمة مثل إيران أو سوريا ! » بات الموقف الأمريكي واضحا معلنا ومعلوما لدى الجميع، لن تتوقف هذه الحرب قبل إنهاء « حزب الله » والقضاء عليه تماما ! بمعنى لن تقبل واشنطن وقبلها حليفتها المدلّلة تل أبيب انتصارا جديدا لهذه « القوة » التي أرّقت الأعداء وربما بعض الأصدقاء كذلك.   إننا اليوم أمام وضع مغاير، وخطر في الآن نفسه. لأّول مرة يستجد أمران مهمان في تاريخ الصراع العربي – الاسرائيلي، هما : أولا، موقف المجتمع الدولي وحتى الأمم المتحدة المتواطئين مع إسرائيل، وهذا الأمر لم يعد يحتاج إلى تأكيد أو برهان. وثانيا، حصول انقسام غير مسبوق في المواقف العربية تجاه العدو (برز ذلك في اجتماع القاهرة) وقد وظفت إسرائيل ذلك أحسن توظيف واعتبرته أحد مبررات مواصلة حربها العدوانية الحالية. إن عنوان المرحلة لا يمكن أن يخرج عن اسم رجل لم يكمل عقده الخامس بعد، انه حسن نصر الله الذي عندما يلتقي بمجموعة من الضيوف أو الصحافيين غالبا ما يفتخر بأن يروي لهم حادثة كان عاشها في طفولته، وتحديدا لما كان عمره تسع سنوات.   يقول نصر الله أن جدته كانت تملك لحافا طويلا أسود، يأخذه منها ويلفه حول رأسه في شكل عمامة (شيخ قبيلة أو حتى آية الله في حوزة علمية) ثم يطلب من بقية رفاقه أن يتجمعوا حوله وأن يعترفوا به كرجل دين وقائد… وبالتالي عليهم أن يقفوا مصطفين للصلاة وراءه. نجح زعيم حزب الله في تأسيس أخطر حركة مقاومة أو تنظيم ثوري وسياسي في تاريخ  الثورات في العالم، لا ينافسه في هذا « الانجاز » إلا منظمة التحرير الفلسطينية. يقول أتباعه أنهم تعلْموا وحفظوا التاريخ جيّدا، كان بالنسبة إليهم أفضل معين، عرفوا واستخلصوا منه الدروس والعبر.   لقد تمكن حزب الله من أن يتحول إلى دولة داخل الدولة، له وزراؤه في الحكومة اللّبنانية وكذلك أتباعه في البرلمان، لا يغيب عن هيئة أو مؤسسة سياسية أو اجتماعية أو ثقافية أو حتى اقتصادية في لبنان. وله وسائل إعلامه الخاصة (قنوات تلفزيونية « المنار »، اذاعة « النور »، صحف).   يقطن حسن نصر الله حيا فقيرا في بيروت الجنوبية بمنطقة تسمى « بالمربع الأمني » يعيش هموم مواطنيه، كما يتولى أتباعه رعاية مصالحهم مهما تعددت وتنوعت، من خلال ما يملكه الحزب من شبكة مستشفيات وجامعات ومعاهد وهيئات تمويلية ودور أيتام بل حتى شركات خاصة في جمع القمامة.   إن حزبا بهذا الحضور الشعبي، وبهذه الخلفية الإيديولوجية الدينية لا نعتقد أنه يطلق « وعدا صادقا » بدون أن يكون وضع حوله كل السيناريوهات الممكنة بما في ذلك حربا لم تبدأ بعد فعلا.   الانتصار في أي معركة هو نصف المهمّة… أما النصف الآخر فهو الحفاظ عليه.   (*) كاتب من تونس وعضو منتدى الصحافة والديمقراطية (روما)   (المصدر: « الجريدة »، العدد 36 بتاريخ 22 جويلية 2006)

نشوة  »القيشم » وغيبوبة  »القيشوم » :

الإصرار على «الانتحار بدولار» ؟

 
ممّ يصنع  »القيشوم » وما هي مكوّناته ؟ كيف يتمّ تحضيره وماهي أنواعه ومشتقّاته ؟ أيّ فرق بينه وبين  »القيشم »؟ وأيّة علاقة له بمادّتي كحول الوقود والعطر الرخيص ؟ لماذا ينتشر  »القيشوم » أساسا في المناطق المنجميّة في الجنوب الغربي بين المهمّشين من الشباب ؟ ولماذا يظلّ  »القيشم » خاصيّة من خاصيّات الواحات يشربه بعض أهاليها من الأعيان والمثقفين ؟ وماهي تأثيراته الصحيّة والنفسيّة والاجتماعيّة على شاربيه وماهي تبعاته ؟ لماذا اهتمّ الأدباء والفنانون بهذه الظاهرة ولماذا أغفلها علماء الاجتماع النفسي والمختصّون في الصحّة ؟ ما هو موقف مختلف مكوّنات المجتمع المدني وأطياف المعارضة والدوائر المسؤولة في السلطة من هذه الآفة وماهي مقترحاتهم لمعالجتها ؟   إنّ تفشّي ظاهرة شرب  »القيشوم » وكحول الوقود والعطر الرخيص في المناطق المنجميّة بالذات لها ما يفسّرها لأنّ الحوض المنجمي موجود على مشارف الواحة المعروفة بتعاطي بعض متساكنيها شرب عصير  »اللامي » بنوعيه العادي والمخمّر. ويشترك مع هؤلاء البحّارة في كلّ من جزيرتي قرقنة وجربة… وقد تفشّى ذلك بين مختلف مكوّنات المجتمع حتّى وصل الأمر إلى الشباب الذي استحال على بعضه الحلم فصار السفر المصطنع أرخص الطرق للهروب من واقع الحرمان والخصاصة… ولئن يقبل بعض أهالي الواحات في قفصة وقبلي وقابس وتوزر والجزر على شرب اللامي الطبيعي المستخرج من النخيل والمسمّى بـ »القيشم » في مجالس مخصصة لهذا الغرض، فإنّ البعض الآخر في مناطق أخرى وخاصّة المنجميّة منها يقدمون على معاقرة  »القيشوم » وهو  »اللامي » الاصطناعي فضلا عن الكحول و  »القوارص »…   مجالس  »القيشم » في الجريد : سخرية حتى الفجر… وأحاديث عن الجنس والسياسة…   خلافا لأهالي الجزر الذين يتحفّظون في الحديث عن عصير  »اللامي » بأنواعه ويتحدّثون كثيرا عن النخلة ومزاياها في مجالات البناء والصيد البحري والصناعات التقليديّة، فإنّ بعض سكّان الواحات يتباهون بمعاقرة  »القيشم » بل أنّهم لا يتورّعون في الحديث عن النخيل ومشتقّاته لا في علاقة بالأدب والفنون فحسب بل بالدّين أيضا… وقد حدّثني أحدهم عن النخلة في القرآن الكريم واستعرض في خشوع بعض الآيات البيّنات من سور النحل ومريم والواقعة، وأخضعني لامتحان لغوي عسير ودرس في التفسير مؤكّدا استعداده لمواجهة تلفزيّة بينه وبين  »رئيس الصحافيين » لاعتقاده أنّه أقدر الناس تحكّما في اللغة… سألني  »الشيخ » هل يستطيع رئيس الصحافيين أن يفسّر الآية الكريمة الواردة في سورة النحل -بعد البسملة – }ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إنّ في ذلك لآية لقوم يعقلون{ (صدق الله العظيم)، مما جعلني أفكّر في الزاد الدّيني لثالوث من رؤساء الجمعيّة مستثنيا صديقي فوزي بوزيان لثقافته الإفرنجيّة، وأخي محمد نجيب بن عبدالله لعلمانيّته، ومرجّحا كفّة أخي وصديقي محمد بن صالح لعلّه يثأر للصحافيين من  »الشيخ » ولإيماني الراسخ بقدرته على كسب الرهان ولو كان عويصا…   دعاني  »الشيخ » إلى مجلسه رفقة بعض الأصدقاء حيث وجدنا  »الشريك » في الانتظار وقد أعدّ الأكل وقلّة  »اللامي » أي القيشم وأواني شرب من الفخّار… شرع الجميع في معاقرة  »القيشم » باستثناء  »الشيخ » الذي انقطع عن شربها مبديا تسامحه إزاء شاربيها، وكان يطلق النّكات ضاحكا من مغامرات بعض الحاضرين في هذا الصدد كأن يتهيّأ لأحدهم أنّ قريبه قد توفّي ويسترسل في البكاء ويعزّيه بعض الندامى… تتالت القلال فانطلق  »الأستاذ » يحدّثنا عن الخمريّات مردّدا بعض الأشعار مؤكدا أنّها للبحتري وابن الرومي، وقد نسبت باطلا لأبي نواس… وكان يصف جلساته الخمريّة مفرّقا بين أنواع الخمر وطرق صنعها وتأثيرها في الأجسام وتلاعبها بالرؤوس ودبيبها ونشوتها… ومن حين لآخر كان  »شريك » الشيخ يقاطعه متهجّما على أبي نواس ناعتا إيّاه بالتخنّث والانحراف الأخلاقي والانحطاط الاجتماعي، وبين الفينة والأخرى كان يرميه شأنه شأن بعض الحاضرين بالإلحاد ومخالفة تعاليم الدّين الحنيف والحال أنّ هذا  »الشريك » كان أكثرهم سكرا…   أمّا الطبيب صديق  »الشيخ » فهو مثقف مولع بالأدب اللاتيني، فقد انبرى بعدما شرب حتّى الثمالة يروي  »للشيخ » أساسا حيثيّات رواية  »ذكريات عاهراتي الكئيبات » لغابريال غارسيا ماركيز التي تحكي شغف رجل تسعيني بعذراء، وكان بعض أعضاء المجلس يستفزّونه سائلين عن فوائد  »القيشم » الجنسيّة : هل يقوّيها أم يضعفها ؟ وتأثيره على الكبد والكلى ؟ كما كانوا يسألونه عن سرّ النشوة الهادئة ولماذا لا يخلّف  »القيشم » أوجاعا في الرأس ولا تنجم عن شربه الثملة ولا يخلّف روائح في الأفواه ؟ وماهي الطرق المستعملة لقياس نسبة الكحول في  »القيشم » ؟ كان الطبيب يبتسم في سخرية مؤكّدا أنّ الخميرة المستعملة في القيشم هي الدواء الناجع للإسهال…   فجأة حصلت مشادّة لكن في كنف اللّياقة حيث ادّعى  »الأستاذ » أنّ داش مستحدثة وأنّ أهاليها قدموا من قفصة وبوزيد الأمر الذي أغضب أحد الحاضرين فأقسم  »أنّ طارق بن زياد داشي وقد أعدّ مؤرّخ ليبي أطروحة دكتوراه في الموضوع نشرتها جريدة العرب في شكل حلقات »… وأصرّ أنّ  »داش » هي المنطقة الوحيدة التي حاصرتها القوى الاستعماريّة بعد الحرب العالميّة الثانية… وقد كانت تلك المشادّة منطلقا لتسييس الجلسة فانقسم الحاضرون بين مؤيّد ومعارض لرموز الجريديّة من السياسيين في بعض أحزاب المعارضة وفي المنظّمة النقابيّة وفي المجتمع المدني كاتّحاد الكتّاب واتّحاد الطلبة والأصول البربريّة لبعض سكّان الجريد حيث طغت النكتة السياسيّة على المجلس الذي انفضّ مع مطلع الفجر.   تلك هي تفاصيل سهرة  »القيشم » وهو  »اللامي الطبيعي » المستخرج من نخلة  »البسر حلو » فماذا عن  »اللامي الاصطناعي » المسمّى  »القيشوم » الذي انتشر في العشريّة الأخيرة خاصّة في القرى المنجميّة ؟   منتديات الحرمان في المناجم :  »قيشوم » اصطناعي… كحول… وعطر رخيص…   خلافا  »للقيشم » الذي ظلّ طبيعيّا في الواحات، وصار نادرا، فإنّ  »القيشوم » الاصطناعي أصبح منتشرا في المناطق المنجميّة. و  »القيشوم » هو شراب المعدمين ممن يعجزون عن شراء الخمر لغلاء سعره بالنسبة للعاطلين عن العمل، وقد تشكّل هؤلاء ضمن مجموعات لها  »منتدياتها شبه السريّة ». يعاقرون فيها  »القيشوم » مقابل ما يعادل الدولار ثمنا للقارورة ذات اللتر والنصف.   السيميائيّون الجدد : الكيمياء في خدمة  »القيشوم »   لئن استخدم الكيميائيّون القدامى السيمياء في الهند والصين لصنع أكاسير الذهب، وخصّصوا بعض هذه الأكاسير في خدمة الطبّ، فإنّ السيميائيّين الجدد وبالأحرى باعة  »القيشوم » حادوا بهذا العلم عن أهدافه ووظفّوه لصناعة  »القيشوم » بل السّموم عافاكم الله… وقد تعددت أنواعه وطرق إعداده وترويجه، وسوف نقتصر في هذا التحقيق على أهمّها بل أغربها :   –  »قيشوم » ممزوج بالغازات السامّة   حينما يتّجه المستهلك المدمن نحو بعض نقاط بيع  »القيشوم » سرّا غالبا ما يسألونه عن كميّة الغاز التي يريدها في القارورة :  »دورة أو دورتان ؟ » وهل يعتزم استهلاكها على عين المكان أم في مكان آخر،  »مروّح » أو  »بايت » ؟ وتطرح هذه الأسئلة لتحديد الكميّات الإضافيّة في  »خلطة القيشوم » وثمنها.   –  »قيشوم » 5 زائد 5 :   تنضاف لهذا النوع مواد محددة وهي : نوعيّات من الحبوب المخدّرة (الكوخرة)، بعض مكوّنات الأملاح، أصناف من الأبخرة، مسحوقات لعظام بعض الحيوانات، نباتات شبه مهجّنة موجودة في بعض المقابر… ويبدو أنّ هذه النوعيّة من  »القيشوم » كانت سببا في وفاة بعض شباب قفصة ممّن تنقلوا إلى سوسة للعمل مع مقاول أصيل الجهة، واشتدّ بهم الحنين إلى  »القيشوم » فجرّبوا بأنفسهم  »خلطة » جديدة فماتوا ساعات قليلة بعد شربها…   –  »قيشوم » ممزوج بروح التين :   كان  »القيشوم » في بداياته يتركّب من  »اللامي » المستخرج أساسا من نخلة  »الذكّار » وتنضاف إليه مواد أخرى… وفي اعتقاد  »الخبراء » في هذا المجال أنّ نخلة  »الدّلة » شجرة مباركة ولا يجوز  »تلقيمها » بل يحرّم أصلا استخراج  »اللامي » منها… وتحوّل  »القيشوم » تدريجيّا إلى عمليّة كيميائيّة مركّبة… وإزاء المخاطر التي تعددت والأضرار التي تنوعت اتّجه أهل  »الحلّ والعقد » في هذا المجال إلى شجرة التين لاستخراج بعض سوائلها مع مواد أخرى تفرزها لصنع نوع جديد من  »القيشوم » شبيه بالبوخة، ويوثّر هذا النوع على حاسة البصر كأن يفقد الناظر التركيز على شيء ما ويرى  »الكاس عشرة » مثلما يقول باعته… يع   –  »قيشوم »  »الضربة القاضية » :   عاد صاحب هذا  »الاختراع » من الجماهيريّة الليبيّة قبيل عيد الإضحى، ووعد حرفاءه القدامى بمستحضر جديد اختار له اسم  »الخروف »… واغتنم فرصة غلق الحانات يوم العيد وأعدّ كمّيات هائلة من المشروب الجديد لأنّ الإقبال عليه سوف يكون كبيرا لتعدد تجاربه وخبرته كمحترف عاد من الخارج… وأبى صاحب  »الاختراع » إلاّ أن يكون أوّل من يذوق الكأس الأولى فسقط مغشيّا عليه ودخل في غيبوبة ولم يستفق منها إلاّ بعد 24 ساعة فغيّر التسمية من  »مشروب خروف العيد » إلى  »قيشوم الضربة القاضية K.O.   –  »قيشوم » هيفاء وهبي… روبي… وشاكيرا…   في حين كانت أغاني الفنّانة الكولمبيّة الجنسيّة، اللبنانيّة الأصل شاكيرا في صدارة الأغاني التي تبثّها الإذاعات والتلفزيونات العالميّة كان  »السيميائيّون الجدد » و »السيمائيّات الرقيقات » يخططون لأنواع جديدة من  »القيشوم »… كان هؤلاء يجمّعون الأشرطة السمعيّة (كاسات) ويقومون بوضعها في مراجل ساخنة جدّا… فتغلي وتغلي وتغلي على نار حامية وتفرز مادّة بنيّة اللون ذات احمرار ومكثّفة يخلطونها بسائل  »القيشوم » ويشربونها… وقد عمد هذا الصنف إلى تطوير المواد المستعملة فأصبح يستعمل أشرطة  »الفيديو » الأكثر رواجا مثل أشرطة هيفاء وهبي و روبي مدّعين لمزيد تسويقها أنّها تبعث دبيبا خاصّا في الأجسام وتخلّف نشوة منقطعة النظير وتحدّ من الكبت الجنسي وتسبب سعادة بلا حدود لشاربي هذا النوع من  »القيشوم »… ولعلّ جديد هذه الصائفة على هامش الأعراس هو  »قيشوم » الألبوم الأخير لشاكيرا الذي يتضمّن الأغنية الأشهر في الأسواق حاليّا :  »أردافي لا تكذب »… ويروى أنّ أحد المدمنين على هذا النوع من  »القيشوم » قد وعد صديقه الذي يستعدّ للاحتفال بزفافه هذه الصائفة بتوفير مجموعة كبيرة من أشرطة  »الفيديو » لشاكيرا كمساهمة منه  »لتحفيل العرس » وكهديّة صديق لأخيه…   –  »قيشوم » صاروخ غنّوش :   سرّ تركيبة هذا النوع من  »القيشوم » تمّ استيراده من منطقة غنّوش بجهة قابس وتطويره… ويشرب عادة عند الإبحار خلسة لأنّه يزيل الخوف حسب إشهار بائعيه… تلك هي بعض أنواع  »القيشوم » التي يستحيل الحصول على دراسة علميّة حول مكوّناته وأخطارها وقد بحثت شخصيّا لدى بعض الجهات الصحيّة وسألت بعض المختصّين من معهد التغذية فلم أعثر على شيء يذكر… ويبدو أنّ مختلف الجهات المعنيّة لا تعير هذا الموضوع أهميّة لتبقى هذه الظاهرة الخطيرة والمخيفة بلا معالجة معوّلين فقط على الأمن والمحاكم لمقاومتها… وقد نظّمت في هذا الصدد عدّة حملات إلاّ أنّها ظلّت غير كافية وسطحيّة وغير ناجعة لاستئصال الداء… – فلسفة  »الزبراطة » الشبّان: الكحول داء ودواء ؟   … »جلد على عظم، شديم، تبدو نتوءات وجهه الدّاكن الشاحب كتضاريس حادّة وعيناه غائرتان، أنفه معقوف طويل، ذقنه ممدد أمرد، قوائمه متلاصقة ضامرة كأطراف مومياء، وقدماه منفرجتان متنافرتان يجرّهما عند السير، تيبّس وبدت عليه التجاعيد رغم أنّه لم يتجاوز الثلاثين… ». تلك هي صورة مكثّفة لمدمن على شرب الكحول أبدع الأستاذ عبد الحميد الطبّابي القصاص المنجمي أصيل بلدة الرديف في نحتها عبر رائعته القصيرة :  »حمينة يرشف نخبه الأخير ». و  »حمينة » هو مثال حيّ  »للزبراطة » في القرى المنجميّة أطردته زوجته القصيرة البدينة المكتنزة لفقدانه  »حرارة الرجال وتوقّدهم ». مات حمينة وقد أفرغ في جوفه كمّيات هائلة من كحول الوقود ولم يمش في جنازته إلاّ  »حفّة » و »فرينك » و »بقبق » و »الشطيربو » وغيرهم من المتسكّعين الذين يقضون كلّ أوقاتهم في تبادل أحاديث التندّر والنكات وإثارة الشغب كلّما بالغوا في شرب كحول الوقود… أمّا زوجته فإنّها لم تأبه لموته حيث كانت  »تلوك العلك وتتعمّد طقطقته لا مبالية بجلب انتباه الآخرين… ».   وخلافا لهؤلاء  »الزبراطة » التقليديين الذين يشربون كحول الوقود على قارعة الطريق وينامون في الشوارع فإنّ  »الزبراطة » الشبّان اليوم مختلفون… إنّهم متعلّمون بل مثقّفون ويعرفون جيّدا تاريخ الكحول وأسرار تركيبتها ولا يهمّهم أن تباع في المتاجر أو يمنع بيعها.. يقول أحد  »الزبراطة الشبّان » إن الروح الجافة حينما تتّحد مع الروح الرطبة فإنّ بعض الأملاح تقوم بامتصاص الماء لدرجة أن الكحول المتبقّي كان يلتهب إذا أشعل ». ويضيف نديمه أنّ أوّل تقرير أوروبّي عن تحضير الكحول وضع في القرن الثاني عشر في شكل شفرة تمّ تفكيكها :  »إذا مزجنا نبيذا قويّا بثلث كميّته من الملح، ثمّ سخنّا ذلك في وعاء مناسب لهذا الغرض، فإننا سنحصل على ماء قابل للاشتعال يحترق دون أن يستهلك المادّة التي سكبناه فوقها.. ». ويؤكّد النديمان أنّ مراحل تحضير الكحول أصبحت معروفة، وفي متناول الجميع منذ القرن الثالث عشر، ولا معنى لمنع بيعها طالما أنّ  »الزبراطة » صاروا يستحضرونها بأنفسهم وطبق معاييرهم الخاصّة… ويعمد بعض هؤلاء إلى جمع الغلال والفواكه التي تسقط من أشجارها ويخضعونها لعدّة عمليّات دون استعمال المواد الكيميائيّة ويقطّرونها في قطّار الزهر ويمزجونها بالكحول ويطلقون عليها عدّة أسماء شرقيّة :  »السويكا » الرومانيّة و »البالينكا » المجريّة… ولأنّ الخمور أصبحت لا تسكرهم اتّجه هؤلاء نحو الكحول التي يعتبرونها  »الداء والدواء » بل  »ماء الحياة »…   غيبوبة العطر الرخيص : رحيل  »السكيردو » و تديّن  »الشقف » كان  »الشقف » صامتا ينتظر على أحرّ من الجمر قدوم نديمه الذي تعهّد بإحضار  »القطعيّة » وتوابعها… في الأثناء حاول بعض أصدقائه جرّه لشرب بعض الخمور المعتّقة  »كالويسكي » إلاّ أنّه رفض وكان عنقه يشرئبّ نحو كلّ دراجة ناريّة قادمة حتّى حلّ نديمه يحمل بعض قوارير العطر الرخيص… قام  »الشقف » بمزجه مع الماء المثلّج وشربه بلهفة في دفعة أو دفعتين… دخل في غيبوبة شأنه شأن صاحبه ولم يكترث بهما بقيّة الحاضرين. ويروى أنّ صاحب مصنع للعطور الرخيصة والشعبيّة بصفاقس سأل بعض موزعيه عن سرّ تزوّد بعض المتاجر الصغيرة في المناطق المنجميّة ودوائرها بكمّيات كبيرة من  »القوارص » ولم يلق الإجابة الكافية التي تشفي غليله…   وذات يوم تكبّد متاعب السفر، واتّجه نحو أوّل نقطة تزوّد، وبعد أن تعرّف عليه التاجر أشار عليه هذا الأخير بل ترجّاه أن يخفّض قليلا في نسبة رائحة العطر الرخيص ويخفف من لونها ويكثّف من بعض مكوّناتها الأخرى، فعرض عليه صاحب المصنع نوعيّة أخرى من  »قوارص اللافوند »، غير أنّ التاجر وبكلّ تلقائيّة رفضها :  »إنّ اللافوند غير صالحة للشرب » آنذاك فقط تفطّن صاحب المصنع لسرّ الإقبال على النوع الآخر من العطر الرخيص أو  »القوارص ».. وقد تسبب شرب العطور الرخيصة في فقدان البعض لأبصارهم،بل أنّ  »السكيردو » مات ضريرا ممّا جعل ربّما  »الشقف » يقلع عن شربها لا خوفا من الموت بل من فقدان البصر. وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ العلاقة مع العطر الرخيص غالبا ما تنتهي بالتديّن..   هكذا نكون قد أتينا على بعض ملامح هذه الظاهرة في بعض جوانبها الطريفة والمأسويّة أيضا أملا في أن تلقى طريقها للدرس العلمي والمعالجة الاجتماعيّة والنفسيّة والصحيّة بعيدا عن التداوي من الإدمان بالشعوذة التي قد تفتح أبوابا أخرى على مصراعيها أمام الضياع والهوس والجنون. فهل نشهد تدخّلا حازما من قبل الدوائر المسؤولة المعنيّة ومختلف مكوّنات المجتمع المدني ؟   سامي العكرمي   (المصدر: مجلة حقائق التونسية بتاريخ 17 جويلية 2006)

مؤتمر ديمقراطي:

« القيشوم » قاهر الخمور ؟

 
أنتجت ظاهرة شرب  »القيشوم » في الواحات والمناجم أدبا متنوّعا شمل القصّة والشعر وبعض الفنون ومزج بين السخرية والمأساة… ضمن هذا السياق ارتأى أحد شعراء الجريد (س.ت) تنظيم مؤتمر ديمقراطي للخمور وقد انعقد هذا المؤتمر الشعري برئاسة عمداء الخمّارات وفي كنف التنافس المتكافئ انطلقت الحملة الانتخابيّة وقد أبدع الشاعر في تصوير الحالة الانتخابيّة العامّة التنافس بين البرامج والبرامج المضادّة ونظرا لطول القصيد فإنّه تمّ الاقتصار على بعض المشادّات الساخنة : ‘ولد العنبة » يهاجم  »القيشوم  »و  »البيرة » تعكس الهجوم   مباشرة بعد القرعة، انطلق القيشوم في حملته منشدا : وقال إنّي سيّد النبيذ لنشوتي وطعمي اللذيذ وموطني الواحة والنخيل حيث النسيم الطيّب العليل فهل هناك يا حضور مثلي من حسبي ونسبي وأصلي إزاء ذلك خشي  »الرّوج ولد العنبة » على تدنّي شعبيّته التي صار  »القيشوم » يهددها ممّا وقال في تهكّم وسخرية كذبت يا ابن الجلسات المزرية كيف دخلت حلقة الأسياد وأنت في المذاق كالغدّاد ثمّ استدار قبلة الجمهور وقال إنّي سيّد الخمور فمعدني من عنب معصور وفي البلاد صيته مشهور وفي غفلة من الجميع تدخّلت الجعة قائلة  »للروج ولد العنبة » : إنّي أراك قد كتمت العارا فما ذكرت ضرر البخّاره من اقتفاك ترك السراطا وصار في حياته زبراطا… غير أنّ  »البوخة » حاصرتها وردّت لها الصاع صاعين. مشادة بين  »بنت التين » وسليلة الشعير…   بكلّ ثقة في النفس تدخّلت  »البوخة » مهاجمة الجعة وشرعت في سبّها وشتم أهلها وخاصّة الشعير قائلة : أنا ابنة التين وخير الرّاح ومبعث النشوة في الأرواح لا ثملة أتركها ولا تعب وكلّ من يشربني يرى العجب وضحكت وارتفعت يداها وهللت بالنصر اصبعاها الهجوم والهجوم المضاد بين  »الباستيس » و  »الفدكة »   بعيدا عن التطرّف تغنّى  »الباستيس » بخصاله : وقال من في جمعكم يا ناس يشكّ في لطافة البسباس أنا اللذيذ فائق الطلاوة أنا سليل حبّة الحلاوة أنا الأمير في بلاد الخمر لا أحد هناك يعصي أمري… وبينما كان  »الباستيس » يفاخر الجميع بفضائله حلّت  »الفدكة » سائلة : هل أنت مثلي تقهر  »الميزيريا » والبرد والثلوج في سيبيريا… أسخّن الأبدان دون جمر بلمسة وحكمة في خمري فجأة وصل  »الويسكي » محاطا بأنصاره : أنا القويّ البطل النقيّ يشربني الشريف والغنيّ… لكنّ  »القيشوم » و خلافا لبقيّة المترشّحين تشجّع مقاطعا  »الويسكي » مدينا مواقفه اللاشعبية ومنددا بغلاء سعره قائلا أنا الذي أجمّع الحشود يشربني السيد والمسود… إن قصدتني زمرة الرجال توفّر المصروف للعيال دعوا الكلام الآن للجمهور فهو الذي سيحسم الأمور… الإعلان عن نتائج الانتخابات :من الفائز ؟   بانتهاء الحملة هتفت الجماهير : قيشوم يا عشيرنا الدمدوم يا صافيا يا زهرة المشموم أنت الشراب الدائم الموجود يشربك القلّيل والمصهود وقد أبى الشاعر في نهاية القصيد إلاّ أن يعلن عن نتيجة الانتخابات قائلا : وضمن هذا الحبّ والتأييد تمّ اختيار القيشوم الصنديد وفاز بالوسام والتقليد فشرّف النخيل والجريد   (المصدر: مجلة حقائق التونسية بتاريخ 17 جويلية 2006)

الأستاذ محمد الخميلي يتحدث عن ظاهرة الإدمان : لنحصّن أبناءنا ضـدّ التهـميش والتوظيف الإيديولوجي !

 
الأستاذ محمد الخميلي مناضل حقوقي ونقابي وسياسي ومربّ أشرف خلال حياته المهنيّة على تنشيط عدّة نواد ثقافيّة… كرمز من رموز المجتمع المدني تربطه علاقات صداقة مع مختلف الفئات الاجتماعيّة ومن ضمنها المهمّشين، لذلك أجرينا معه الحوار التالي :   تحمّلتم مسؤوليّات في كلّ من رابطة حقوق الإنسان والاتّحاد العام التونسي للشغل ومنظّمة العفو الدولية. ألا ترون أنّ المجتمع المدني مقصّر في الإحاطة بظاهرة الإدمان على شرب المواد المضرّة بالصحّة كالقيشوم والكحول والعطر الرخيص وغيرها من الظواهر ولا يهتمّون -الناشطون في المجتمع المدني- إلاّ بالسياسة ؟ وكيف تقيّمون الموقف الرسمي من هذه الظاهرة وطرق معالجتها ؟   في بلد مسلم كتونس تعدّ ظاهرة الإدمان من أخطر الآفات المعيقة للتنمية وتفاقمها المطرد له ما يفسّره. فعولمة الليبراليّة لم تُسَلْعِن البشر فقط، بل وصل بها الصلف إلى حدود حَيْوَنَة الآدميين، وفي هذا الإطار هناك استقالة شبه كليّة للمجتمع حيال هذا الغول المارد. فلا المؤسسات الرسميّة من باحثين ودارسين انتبهوا للخطر. ولا الإدارة استخدمت أدواتها وآليّاتها لمحاصرتها، ولا مكوّنات المجتمع المدني أيضا انكبّت على تفحّص هذا الفيروس. فلماذا لا تعنى نوادي الصحّة بدراسة الملفّ مع التلاميذ من خلال الحوار ؟ ولماذا تغيّب مثل هذه الظواهر من برامج أحزاب المعارضة ولوائح المنظّمات ؟ أليس البشر من الكائنات الحيّة التي يجب المحافظة عليها حتّى لا يتطرّق الخضر ومناضلو البيئة إلى خطرها ؟ هل اقتلاع شجرة أخطر من إعاقة المئات من الأطفال والآلاف من الشبّان ؟ إنّ التعاطي مع آفات المجتمع من مختلف الأطراف بمنطق السياسات السياسويّة لا يمكن أن يغيّر من الأحوال شيئا…   كسجين سياسي قديم وعضو في حزب معارض سابقا، وكمرشّح مستقلّ فيما بعد في الانتخابات التشريعيّة تضمّن بيانكم الانتخابي إشارة لهذه الظاهرة المخيفة، ما هي الحلول التي تقترحونها؟   لقد سبق لي أن أشرت إلى خطورة هذه الآفة في بياني الانتخابي سنة 1999، وكنت حينها مثلي مثل الغراب الناعق المنبّه لحدوث الكارثة حيث صار الأطفال يتناولون الأقراص المخدّرة، وشمّ المواد الكيمياويّة المؤثّرة على الأعصاب، وشرب العطور الرخيصة، وتناول دهون تلميع الأحذية، ويحصل في بعض الأحيان أن يحال تلميذ على مجلس التربية، فيسرع الكثيرون إلى اختيار الحلول السهلة والمتمثّلة في طرد الطفل المذنب دون دراسة حالته النفسيّة والاجتماعيّة، وفي الشارع يتحوّل التلميذ إلى مشروع مجرم كلفته من مال المجموعة الوطنيّة كسجين تفوق عشرات المرّات كلفة المتعلّم. ففي المعهد تنفق عليه الدولة ليتعلّم فقط. أمّا في الإصلاحيّات أو السجون فإنّها تنفق عليه من المال العام ليتعلّم ويقيم ويستهلك. أمّا الحلول فيجب أن تنبع من المجتمع ذاته، لأنّه دون وعي الخطر لا حصانة ولا إمكانيّة للتجاوز، فالمثقفون مطالبون بتحصين النشء نفسيّا من الآفة،وهنا بدأت تبرز معالجات في مجال الأدب وخاصّة في أدب أبناء المناجم لظاهرة الإدمان. فالأستاذ محمد الحبيب حامد تعرّض لها في قصصه وبالخصوص في رواية  »موت الظلّ »، وكذلك القصّاص عبد الحميد الطبّابي… أمّا الإحاطة الاجتماعيّة فموكولة للجمعيّات ذات الخصوصيّة وذات الصفات المحليّة لأنّها أقرب من غيرها للمعالجة.   وفي مستوى المجتمع وخاصّة في المجال الشبابي والصحّي فإنّ الوقاية هي أنجع الحلول : عندما نعولم كرة القدم ونفرض احترافا زائفا نقضي على الجمعيّات الصغيرة الهاوية ومن هنا تبدأ الكارثة… عندما يدخل الحدث السجن لأوّل مرّة يتعلّم أشياء كثيرة داخله فيسمع عن  »التحربيش » و غيره !!… وحين تتفاقم البطالة ويتزايد الإخفاق المدرسي وتنهار آخر الحصون، حينها يفوت الأوان وتصعب المعالجة، وتصبح الشعوذة الحلّ الأخير والحلّ الأوحد والحلّ الجذري…   نظرا لدوركم التربوي كأستاذ وكمشرف على عدّة نواد ثقافيّة من خلال مسيرتكم المهنيّة، ألا تعتقدون أنّ أحد الأسباب الرئيسيّة في الإدمان هو الإخفاق المدرسي ؟ وهل أنّ المضامين في البرامج الدراسيّة أصبحت لا تحصّن التلميذ ولا تحميه من مثل هذه الآفات والظواهر ؟   إنّ الإخفاق في الدراسة له أسبابه المتعددة، لكن له كذلك تداعيات منها الإدمان… أمّا المضامين الدراسيّة والتربويّة والطرق والظروف فهي قد تسهم من ناحيتها أحيانا في عزوف الناشئة عن التأقلم في المحيط الموكول له الإحاطة بها، وينحدر الاهتمام بالعمل والثقافة وتتسرّب  »الأميّة » بمفاهيمها الجديدة ومعها الابتعاد عن القيم النبيلة. إذن عندما تكون الظاهرة شاملة يجب تدارسها ومعالجتها بكلّ الشموليّة المطلوبة ومن جميع النواحي، ماذا تعني إجباريّة التعليم وديمقراطيّته ؟ تعني من جملة ما تعنيه محاورة التلاميذ في مشاكلهم وخاصّة منها المسكوت عنها والمغيّبة والمكبوتة، وهكذا نحصّن أبناءنا من العنف والتهميش والتوظيف الإيديولوجي…   يتأرجح مرضى هذه الظاهرة بين الإدمان كداء والتديّن كدواء في غياب المعالجة الاجتماعيّة والنفسيّة والصحيّة لها ما رأيكم في ذلك ؟   أمام استقالة المؤسسات القائمة على المعالجة، ينتصب المشعوذون أنبياء، لهم حلول جاهزة لكلّ المصائب خاصّة وأنّ المهمّش غير قادر على فهم ما يحصل له، وليس بإمكانه أن يأخذ البعد الكافي لدراسة نفسه فيؤطرون بالوعود المغيّبة والأحلام المؤجّلة. فأين كان المتديّنون قبل تفاقم الداء، وهل تحوّل الدّين إلى أداة إطفاء ؟   (المصدر: مجلة حقائق التونسية بتاريخ 17 جويلية 2006)

الشباب والصحة الجنسية: حوالي 30 ولادة سنويا للمراهقات بالمستشفى الواحد

 
* تونس ـ الشروق : رغم غياب الاحصائيات الرسمية التي تبيّن مخاطر الامراض الجنسية وتؤكّد على العناية بالصحة الانجابية فإن هناك بحوثا تشير الى أن معدّل الولادات عند المراهقات بالاقسام الخاصة تتراوح بين 25 و30 ولادة سنويا بالقسم الاستشفائي الواحد وهذا الرقم يدعو الى الفزع وأخذ الاحتياطات اللازمة كما تضاف سنويا 70 حالة جديدة بالسيدا في تونس ولنا ما يناهز ألف حالة حاملة للفيروس الشيء الذي يدفع لليقظة اكثر لا سيما وأن المرض معد. وربّما يزيد الطين بلّة في تونس ان العقلية التقليدية والحياء من الحديث حول هذه المواضيع يمكن ان يزيد في حصيلة الظواهر السلبية للصحة الانجابية رغم ما تبذله الهياكل المعنية من جهود التوعية والتحسيس. «الشروق» طرحت الموضوع وتحدّثت فيه الى الشباب والاولياء والمختصين في الريبورتاج التالي.   * نزيهة بوسعيدي   (المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 23  جويلية 2006)

** الأولياء: نعم للحوار لا لتجاوز الخطوط الحمراء

** الشباب: لابد من تكثيف الملتقيات

 
ليس من السهل الحديث الى الشاب والوليّ التونسي عن الصحة الانجابية والجنسية فلا زالت هذه المواضيع تثير الكثير من الخجل ترجمه محدّثونا في الابتسامة الخجولة وباحمرار الوجه ولأن الموضوع لم يعد يحتمل الصمت جرّاء المظاهر السلبية العديدة التي تصل إلينا من هنا وهناك رغم غياب الاحصائيات فإنه لابد من الحديث الى الشباب والأولياء لكسر جدار الصمت. وذكر سفيان منصور (تلميذ) ان مواضيع الصحة الانجابية تم المرورعليها وذكرها بمادة الاقتصاد عند الحديث عن تحديد النسل لكنه ليس مطروحا بصفة فردية في مادة علمية خاصة كما تم التطرّق اليها بالسنة التاسعة أساسي بنفس الطريقة وأشار الى أن هذه المواضيع لا زال مسكوتا عنها ولا يتم تداول مواضيع تتعلق بالامراض الجنسية لأننا لازلنا صغارا. وأفاد أيمن فنطر محاولا اخفاء خجله أن الامراض الجنسية والصحّة الانجابية هي مواضيع لا يتم طرحها الا بصفة عرضية بين الاصدقاء لكن بالنسبة للعائلة لا أحد يطرح هذا الموضوع امام الاخر والعائلة لم تتناول يوما النقاش حول هذه المواضيع. واعتبر كل من سفيان وأيمن ان الخجل والحياء يمنعان من الخوض فيها رغم مخاطرها وانعكاساتها السلبية العديدة خاصة في ظل كثرة الفضائيات والانفتاح على العالم الخارجي. وساعدت النظارة الشمسية أمين دلهوم (تلميذ) على تجاوز الخجل البادي في عين كل من تسأله حول هذه المواضيع فبدا واثقا من نفسه ملمّا بعديد المعطيات المتعلّقة بالأمراض الجنسية والسبب في ذلك هو الملتقيات التي يواكبها وبعض الدروس التي تم تقديمها بالمعهد. واعتبر أمين ان الوقت حان للحديث اكثر عن هذه المواضيع حفاظا على صحة الشباب ووقايتهم من الامراض الخطيرة لا سيما منها السيدا والزهري وحماية الفتيات من الحمل غير المرغوب فيه. ورأى غازي الفقيه (تلميذ) ان الصحة الانجابية لم تعد مخفيّة على أحد لأن وسائل التوعية والتثقيف موجودة بالمعاهد. وأشار الى أنه حان الوقت للحديث عن هذه المواضيع على مستوى المؤسسة التربوية وكذلك العائلة عوض تلقّي معلومة خاطئة والسقوط في خطإ يصعب اصلاحه. وأفاد انه يتمّ طرح هذه المواضيع ومناقشتها مع الاصدقاء ولكن ليس بالجديّة الكافية وحتى الفتيات ايضا يناقشن هذا الموضوع. واعتبر أن الشباب غير المؤطر هو في حاجة اكثر للتأطير والحديث عن هذا الموضوع وتبسيط المعلومة التي تمنعه من الانزلاقات. ونادى كل الشباب بالتكثيف في الملتقيات العلمية والقيام بحملات تحسيسية بالمعاهد وبالاماكن التي يرتادها الشباب.   الحوار أفضل السبل…   في حديثنا الى الاولياء وجدنا أن الافكار متضاربة منهم من يتحدّث الى أبنائه حول هذه المواضيع الحساسة بين ظفرين ومنهم من يرى فيها عيبا كبيرا و»تطييح قدر» بلغة الشارع. وأفاد عبد الجليل كوساني (موظّف) ان المرحلة الحالية حسّاسة ونعيش حالة انفتاح على جميع الثقافات والفضائيات صارت في متناول الجميع. الشيء الذي يدفعنا الى الاحاطة اكثر بأبنائنا وطرح جميع المواضيع معهم. وعن نفسه قال: «عوّدت ابنتي التي أنهت دراستها الجامعية هذه السنة وابني الذي لازال طالبا على الحوار والنقاش في كل المواضيع وبمجرّد الانتهاء منها تعود علاقتنا علاقة أب بأبنائه حيث الاحترام والتقدير المتبادل وأضاف ان الحديث الى الابناء ينقذهم من السقوط في الخطأ والحصول على معلومات مغلوطة والعيب ليس في طرح هذه المواضيع بل القيام بأخطاء فادحة كالحمل غير المرغوب فيه والاصابة بالسيدا وغيرها. ورأى جمال أن التربية التقليدية تجعل الأم تتحرّج من الحديث الى ابنتها في المواضيع المتعلّقة بالصحة الانجابية ويتحرّج الاولاد كذلك من الحديث الى آبائهم. وقال: «هم يعرفون كل شيء بطريقتهم والانترنات اكثر المعاونين على المعرفة».   (المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 23  جويلية 2006)

رئيس جمعيّة الصحة الانجابية : الشباب التونسي ليس مثقفا في الصحة الجنسية وتوعيته تمر بصعوبات

 
تحدّث الدكتور المنصف بن ابراهيم رئيس الجمعيّة التونسية للصحة الإنجابية لـ»الشروق» عن الشباب التونسي ووعيه بالمخاطر الجنسية، وتحدّث عن الصعوبات التي تمرّ بها الجمعية في التوعية والتحسيس والحدّ من انتشار عديد المظاهر السلبية لا سيما منها الحمل غير المرغوب فيه والسيدا كما تحدّث عن البرامج والاجراءات التي قامت بها الجمعية لأجل الحدّ من هذه الظواهر. وأفاد أن الشباب التونسي ليس مثقّفا بالدرجة الكافية في مجال الصحة الانجابية ولا زالت أمور كثيرة غامضة في مخيّلته ويبحث عنها عن طريق السؤال فيحصل في عديد الأحيان على إجابات مغلوطة وخطيرة. وقال: «إن الحديث عن الأمراض الجنسية والصحة الانجابية بصفة عامة في صفوف الشباب ليست بالسهلة وتتطلّب جرأة كبيرة في الطرح والخروج من دائرة الصمت والمسكوت عنه. وأضاف أن الجمعية تقوم حاليا بالخطوات الأولى والبداية دائما صعبة وتحتاج للكثير من الدعم من جميع الهياكل وبقية أطراف المجتمع المدني. وقامت الجمعية في عديد المناسبات بتظاهرات تثقيفية تحسيسية وتلاقي مساندة ودعما ماديا في بعض الأحيان من أعلى هرم في السلطة لكن عقلية التونسي لن تتغيّر بين عشيّة وضحاها. وأشار الى أن البعض اتهمنا عند القيام بعمليّات تحسيسية بالمبيتات الجامعية بأننا لا نساهم في توعية الفتيات بقدر ما نطلعهن على أشياء غامضة لديهم يمن أن تدفعهن الى الرغبة والى التجربة وما الى ذلك. وأفاد أنه مهما كانت الصعوبات فالجمعية عازمة على تبليغ رسالتها ومن ذلك تنظيم الملتقيات التحسيسية وآخرها اهتم بتكوين الاعلاميين في مجال الصحة الانجابية كما تعمل بالتنسيق مع بعض الهياكل الأخرى للوصول الى الشباب لا سيّما منهم فاقدي البصر. وذكر أن الجمعية أمضت اتفاقيّة اطارية مشتركة مع الاتحاد الوطني للمكفوفين. وضبطت من جهة أخرى مشروعا حول الصحة الجنسية والانجابية لفائدة الشباب فاقدي البصر يتمثّل في تبادل المعلومات حول الصحة الجنسية والإنجابية لفائدة هذه الفئة لفائدة فئة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و29 سنة لمدّة 3 سنوات. وأوضح أن الجمعية ستنفّذ هذا المشروع في 10 مراكز موزّعة على القيروان، صفاقس، الصرين، فصج، تطاوين، مدنين وتونس وهي مراكز تابعة للاتحاد الوطني للمكفوفين والى وزارة التربية والتكوين. وقال: «هذه الأنشطة التوعويّة التثقيفيّة ستعتمد «مقاربة المثقّف النظير» باعتبارها مقاربة حديثة ومتطوّرة تساهم بشكل كبير في نقل المعلومة وانتشارها بسرعة ومرونة من قبل الشاب الى نظيره الشاب. وتعمل الجمعية في هذا الاطار بالتنسيق مع اللجان الجهوية المعنيّة بالمشروع على انتقاء مجموعة من الشبان الأكثر حماسا والأكثر قدرة على التواصل والاقناع لكي يتولّوا فيما بعد تثقيف أقرانهم عبر الاتّصال الشخصي والتوجيه. وأضاف من جهة أخرى أن الجمعيّة ستركّز على تقديم الخدمات عبر بعث «10 خلايا انصات» يشرف عليها طبيب وقابلة من الجمعية يتولّون عملية الانصات والارشاد والتوجيه كما يقدّمون خدمات مختصة بالتعاون والتنسيق مع إدارة مراكز المكفوفين وكذلك اللجان الجهوية المعنية. وذكر أن الجمعية ستعمل من خلال هذا المشروع على تجهيز مراكز المكفوفين بأجهزة اعلامية وربطها بشبكة الأنترنات إضافة الى احداث موقع واب خاص بهم وذلك لأجل إدماجهم في المنظومة العالمية لتكنولوجيا الاتصال المنبثقة عن توصيات القمة العالمية لمجتمع المعلومات المنعقدة بتونس خلال شهر نوفمبر 2005 والتي أقرّها رئيس الدولة في إطار المقاربة الوطنية لادماج المعوقين. وخلص الى القول بأن الجمعية ستعنى بإعداد مواد تثقيفية خاصة وملائمة لهذه الفئة بطريقة براي للمكفوفين (كتيّب حول الوقاية من الأمراض المنقولة جنسيا، مطوية حول الوقاية من الحمل) مع العلم أنها ستسعى الى تحديث هذا الانتاج وتطويره عبر البحث عن أفكار وتصوّرات جديدة تتلاءم من الاحتياجات الخاصة لهذه الفئة وذلك بالاعتماد على المسؤولين داخل المراكز وكذلك على المكفوفين الشبان أنفسهم. وأشار الى أن البرنامج يهدف الى تحسين معلومات 1800 شاب وشابّة في مجال الصحة الجنسية الانجابيّة. وذكر أن التجربة مع التجربة مع المعوقين توازيها تجربة أخرى مع تلامذة التكوين المهني حيث تمّ الانطلاق بـ5 ولايات. وختم بأن الصحة الانجابية والتثقيف في المواضيع ذات العلاقة بالجنس هو هاجس الجمعية وذلك لوقاية الشباب من الأمراض   (المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 23  جويلية 2006)

30% من النساء يدخنّ… والسرطان يزحف على الجنس اللطيف

 
* تونس ـ الشروق :   بدأ سرطان الرئة يزحف شيئا فشيئا على النساء في تونس بسبب ارتفاع نسبة المدخّنات الى 30 اضافة الى انعكاسات التدخين السلبي. وكان سرطان الرئة يقتصر على الرجال ويستفحل لديهم ليحتلّ المرتبة الاولى وذلك بسبب كثرة اقبالهم على التدخين لكن ظاهرة التدخين لم تعد تقتصر على الرجال فقط بل انتشرت ايضا في صفوف النساء بصورة واضحة حتى ان آخر الدراسات التونسية بيّنت رغم ان النساء المدخّنات في العموم لا يصرّحن بذلك ان النسبة مرتفعة جدا وتحتاج الى التوعية والتحسيس لايقافها. وأفاد الدكتور محمد زقيّة رئيس رابطة السل والامراض الصدريّة ان هناك دراسة تونسية أجريت بالمعاهد التونسية بيّنت ان الفتيات اللاتي تتجاوز أعمارهن 16 سنة يدخنّ بنسبة 27 ومن سنّ العشرين فما فوق بنسبة 30. وقال: «أنه اضافة الى تدخين السجائر هناك ايضا ظاهرة تدخين الشيشة في صفوف الفتيات ويعتقد البعض خطأ ان الشيشة ليس لها مضار والعكس هو الصحيح لأنها تحتوي على الكثير من أكسيد الكربون». وأضاف الدكتور أن سرطان الرئة لدى المرأة في تزايد بينما يتراجع لدى الرجال لأنهم بدأوا يقلعون عن التدخين بينما تقبل النساء عليه. وأوضح ان هناك دراسة عالمية بيّنت هذه النتائج خاصة بالبلدان المتقدّمة (أمريكا، أوروبا). وذكر الدكتور أنه لابد من أخذ الاحتياطات اللازمة من تفشّي ظاهرة التدخين لدى النساء لأنه يؤثر سلبا على صحتهن بظهور سرطان الرئة كما يساهم في الاسراع في شيخوخة الجلدة وزوال مظاهر الجمال بصفة مبكّرة بالاضافة الى الاضرار بالجنين لدى المرأة الحامل. وخلص الى القول بأن الرابطة تنكب على اعداد برامج العودة من ملتقيات وندوات تحسيسية لشهر أكتوبر القادم.   صمت   أفاد الدكتور فرحات بن عيّاد رئيس الجمعية التونسية لمكافحة السرطان ان نسبة سرطان الرئة لدى النساء هي نسبة ضئيلة جدا حيث لا تتجاوز 2 وأضاف ان نسبة المدخّنات من النساء في تراجع في تونس لأنهن أكثر وعيا من الرجل بخصوص عملية الاقلاع عن التدخين وأفاد أنه لابد من تكثيف التوعية والتحسيس في اتجاه الاقلاع اكثر فأكثر عن التدخين.   نزيهة بوسعيدي   (المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 23  جويلية 2006)


تونس تودع شاعرها الكبير الميداني بن صالح

 
تونس – مكتب الرياض – الحسين بن الحاج نصر   ودعت تونس أمس شاعرها الكبير الميداني بن صالح والرئيس السابق لاتحاد الكتّاب التونسيين عن سن تناهز 76 عاما اثر مرض عضال.   وكان الميداني بن صالح رحمه الله الذي ووري التراب في مسقط رأسه مدينة نفطة من شعراء الجنوب الفطاحلة الذين أثروا الساحة التونسية والعربية «عربدة» شعرية.. حيث عاش مختلف الصراعات ببساطة وشهامة «البدوي» وكبرياء المثقف وتواضع المسؤول وفطنة السياسي وشراسة المناضل الوطني المخلص.. كان مزيحا «صاخبا» من كل هذا وذاك.. صخب مسيرته التعليمية التي بدأها في كتاتيب نفطة وأنهاها بالسربون مرورا بالعراق.. فجاءت إبداعاته واسهاماته المتعددة جلية في إثراء الساحة الشعرية والفكرية الوطنية والعربية بخطاب شعري حديث مضموناً وأسلوباً.. خلد انطلاقته ب «قرط أمي» سنة 1969 ثم «تبر الزمان» والليل والطريق ثم «زلزال في تل أبيب» سنة 1974 وهي مسرحية شعرية و«مذكرات خماس والصوت الخالد والوحام والأقنعة وألحان وأناشيد وتونس الإشعاع وأقباس في كهف الظلمة وفي رحاب المتولي وكنت أروي نزيفي والعديد من المنشورات الأخرى.   ساهم في تأسيس اتحاد الكتّاب التونسيين ثم تولى رئاسته سنة 1991 وأيضاً ساهم في تأسيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.. تولى عضوية المجلس الاقتصادي والاجتماعي التونسي ومجلس المستشارين.   تحصل على عديد من الأوسمة والميداليات الذهبية الوطنية وكذلك الجائزة الوطنية للآداب والعلوم الإنسانية و«الدرع الذهبي» للثقافة العربية من دمشق.   وكان تغمده الله برحمته قد تبرع بمكتبته الزاخرة المكتنزة بآلاف الكتب الى مكتبة مسقط رأسه نفطة ومن ضمن ما تبرع به أول إصداراته قرط أمه الذي خلّد فيه وصية الأم الحنون التي عز عليها أن يسافر لطلب العلم فارغ الجيب فأهدته قرطها لبيعه وعن ذلك قال:   ورنت لي   ودموع العين تجري   خذه يا بني   خذه سافر   ولتكن شهماً مغامر   حارب الجهل   وكن للفقر قاهر..   تغمد الله الشاعر الكبير الميداني بن صالح برحمته.   (المصدر: صحيفة الرياض السعودية الصادرة يوم 23 جويلية 2006) الرابط: http://www.alriyadh.com/2006/07/23/article173797.html

الشاعر الميداني بن صالح في ذمّة الله:

قصّة «القرط» الذي صنع شهرته

 
* تونس ـ الشروق : غيّب الموت صباح أمس الجمعة 21 جويلية الشاعر الميداني بن صالح عن سن 67 عاما بعد صراع مع المرض الذي لم يمهله طويلا. وبرحيل الشاعر الميداني بن صالح يكون الأدب التونسي قد خسر واحدا ممن طبعوا تاريخه في الخمسين عاما الاخيرة اذ عرف الميداني رحمه الله بحروبه» مع بعض معاصريه التي كانت لها أبعاد سياسية وشعرية كما عرف بعفويته وطرافته واقباله اللامحدود على الدنيا… واشتهر الميداني بن صالح بحكاية القرط الذي باعته والدته الزهرة الأرقش رحمها الله التي حوّلها الى رمز من رموز الشعر التونسي بل الى أسطورة شعرية. كان الميداني بن صالح شاعرا يعيش الشعر ولا يكتبه فقط. ولد الميداني بن صالح في واحات نفطة ورغم رحيله المبكّر عنها لطلب العلم في جامع الزيتونة وفيما بعد الى العراق وباريس لمواصلة تعليمه العالي في التاريخ ظلّ الميداني مشدودا الى واحته والى نخلته التي حوّلها الى لحن حياة ورمزا لوجوده. كانت واحات نفطة المطلّة على صحراء مترامية الاطراف هي منبع الالهام الشعري للميداني الذي كتب «مذكراته خمّاس» و»قرط أمي» وأهداها الى أصدقاء طفولته «اليالة» في نفطة وفي رحال المتولي «استحضارا لطفولته اذ كان يعتز دائما بأنه واحد من فقراء نفطة وكان الميداني رحمه الله يتعجّب أحيانا بدعابة كيف استطاع ذلك الصبي الفقير «اليّال» الذي كان يفلح الارض ويجمع «الحشيش» و»البلح» في واحات نفطة ان يكون واحدا من الذين يضبطون ايقاع الحياة الثقافية.   بداية الرحلة   ومن المكوّنات الاساسية في شعر الميداني بن صالح القرآن الكريم الذي حفظه في الكتاب كما كان لحلقات الذكر في زوايا نفطة تأثير كبير على طفولته وكانت الرموز الصوفية تحضر كثيرا في شعره.   بدأت رحلة الميداني الحقيقية عندما حصل على الشهادة الابتدائية من المدرسة العربية الفرنسية في نفطة في الاربعينات وبعدها توجّه على ظهر حمار الى المتلوي ومن هناك بدأت الرحلة الكبرى على متن قطار قديم الى العاصمة…   في جامع الزيتونة المعمور كان الميداني احد تلاميذ الشيخ محمد العروسي المطوي الذي ستربطه به علاقة وطيدة فيما بعد. عندما حصل على العالمية من الجامع الاعظم اول الخمسينات عيّن معلّما في قرية جمنة وبعد فترة قصيرة لم تتجاوز الموسمين حمل حقائبه ورحل من جديد في اتجاه بغداد التي درس في كلية آدابها التاريخ وهناك التقى الشيخ محمد العروسي المطوي الذي كان سفيرا للمملكة التونسية وفي نفس الوقت التقى برموز وقيادات حزب البعث العربي الاشتراكي الذي استقال منه في أواخر الثمانينات.   عاد الميداني الى تونس وتخلّى عن مشروعه لمواصلة التعليم في باريس التي أقام فيها لفترة قصيرة واستقرّ في تونس وانخرط في التدريس والعمل النقابي والسياسي.   وفي سنوات السبعينات الصعبة كان الميداني واحدا من وجوه المعارضة انتخب في الجامعة القومية للتعليم (كانت تجمع التعليم الابتدائي والثانوي) وتم إيقافه أثر أحداث 26 جانفي 1978 كما كان أحد مؤسسي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان واتحاد الكتاب ورابطة القلم الجديد… وبعد التغيير في 7 نوفمبر 1987 كان الميداني بن صالح من المثقفين الذين انخرطوا بقوّة في مشروع التغيير ولعب دورا أساسيا في تأسيس الاتحاد الديمقراطي الوحدوي الذي استقال منه بعد فترة قصيرة وأعلن استقالته من العمل السياسي ككل.   وتم اختيار الميداني بن صالح ضمن القائمة الوطنية لمجلس المستشارين في صائفة 2005 .   انتهت الرحلة   كانت رحلة الميداني بن صالح مليئة بالتحدي والطموح… كان رجلا لا يهدأ… دائم الحركة سريع الغضب… متسامح… ودود وكان في كل ذلك واحدا من ا لشعراء الذين طبعوا الحركة الثقافية بطابع خاص. لكن الموت هو القدر الإنساني الذي لا مهرب منه. رحمه الله الميداني بن صالح ورزق أبناءه وأحفاده جميل الصبر والسلوان «إنّا لله وإنّا إليه راجعون».   * إعداد: نورالدين بالطيب   بن علي يعزّي أسرة الفقيد   * قرطاج ـ (وات): على اثر وفاة الشاعر الميداني بن صالح وجه الرئيس زين العابدين بن علي إلى أسرة الفقيد برقية تعزية ضمنها أخلص مشاعر التعاطف والمواساة. وأشار رئيس الدولة في هذه البرقية إلى انتاج الميدان بن صالح الغزير وابداعاته الأدبية واسهاماته المتميزة في اثراء الحياة الفكرية والثقافية الوطنية والعربية.   ماذا قالوا عن الراحل؟   ** عبد اللّه مالك القاسمي: ظاهرة ثقافية   رحم اللّه الميداني بن صالح.. كان ظاهرة ثقافية بامتياز ومشهدا اجتماعيا كبيرا ولم يكن مع الأسف مسألة إبداعية أو فكرية مهمة لأنه أهدر طاقاته كلها تقريبا في الاشتغال بالتنظيمات السياسية والنقابية والثقافية.. فهو كان يتحرّك كثيرا خارج النصّ بينما كان قليل الحركة داخل النصّ.. رحم اللّه الميداني بن صالح.   ** منصف المزغني: نغمة ناشزة   رحمه اللّه الميداني فقد كان شاعرا استطاع أن يكون نغمة ناشزة جميلة في لحظة كان الشعر في تونس الستينات يعاني من قيود كثيرة فرضها البروتوكول التقليدي وكان الشاعر الوجداني الذكي الذي لا تستطيع التعامل معه إلا إذا اقتربت من مناخاته الجريدية الميدانية الخالصة الطرافة والظرافة ولعلّه من المفارق القول أن هذا الشاعر طمح الى أن يكون جماهيريا عبر قصائده الوطنية والقومية ولكنه لم ينجح جماهيريا إلا بفضل خصوصياته الشخصية من خلال ديوانه الجميل «قرط أمّي» لم تتح لي فرصة التعرّف الكبير على الميداني بن صالح الانسان إلا في الألفية الثالثة فقد كان بيني وبينه جدار عازل مبني بإسمنت سوء التفاهم ولقد اكتشفت فيه المحاور المناور الذي يبحث عن التحديات كما اكشتفت فيه الخبير بالمجتمع الأدبي.. رحم اللّه الميداني.   ** سمير العيادي: فقيد العروبة المخلص   برحيل الميداني بن صالح تفقد العروبة واحدا من آخر أبنائها البررة وجنودها المخلصين الذين كانوا دائما في طليعة من يذود عن قيمها السامية عن لغتها الثرية عن تراثها النيّر وعن قدراتها التقدمية المكبوتة من قبل أعدائها في الداخل والخارج من قبل الجهل والعنجهية والطغيان.كان صوتا نبها فزعا وسيظلّ كذلك مادام الناس يحفظون أشعاره التي أنمّت فينا نحن جيل الطليعة الأدبية في تونس حسّا مرهفا بضرورة التغيير والبحث في منابع الفكر الانساني عما يفيدنا في حداثتنا المنشودة.   كان لي ولأترابي من الشعراء والقصاصين المربي وذا الصدر الرحب والأخ الأكبر الرؤوف والصديق المشاكس على الإطلاق والآن أقول لك بعد رحيل محمد العروسي المطوي والميداني بن صالح ومن سبقهما ألا يحق لنا أن نقول ذلك البيت العظيم لنزار قباني:   ما للعروبة تبدو مثل أرملة                 أليس في كتب التاريخ أفراح   ** الوزير يعزي العائلة… وحافلة الى نفطة   * تونس (الشروق) أدّى الأستاذ الدكتور محمد العزيز بن عاشور وزير الثقافة والمحافظة على التراث زيارة الى بيت الميداني بن صالح لتقديم العزاء لأبنائه والعائلات القريبة والمتصاهرة كما خصّصت الوزارة حافلة لنقل الكتاب الى مدينة نفطة حيث يدفن الراحل تنفيذا لوصيته وذلك اليوم السبت الى جانب والدته الزهرة الأرقش ووالده وأسلافه.   ** اتحاد الكتاب التونسيين ينعى الميداني بن صالح   ينعى اتحاد الكتاب التونسيين لكافة أعضائه وللأدباء والمثقفين في تونس والبلاد العربية وفاة الشاعر والأديب الأستاذ الميداني بن صالح الذي وافاه الأجل المحتوم يوم الجمعة 21 جويلية 2006 بعد حياة مليئة بالعطاء الإبداعي الثري والنضال في سبيل حرية الرأي والاختلاف. وقد عرف المرحوم في الساحة الوطنية والعربية بمواقفه الشجاعة وبتبنيه للقضايا العربية ودفاعه المستمر عن الخصوصية الوطنية. كما كان للمرحوم إسهامات عديدة في عمل الجمعيات والمنظمات الوطنية ومنها رئاسته لاتحاد الكتاب التونسيين لسنوات طويلة.   رحم اللّه الفقيد وأسكنه فراديس جنانه ورزق أهله وذويه وكافة الأسرة الثقافية جميل الصّبر والسلوان.   (المصدر: صحيفة الشروق الصادرة يوم 22 جويلية 2006)


Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.