في كل يوم، نساهم بجهدنا في تقديم إعلام أفضل وأرقى عن بلدنا، تونس
Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia
|
TUNISNEWS
9 ème année, N 3407 du 20.09 .2009
archives : www.tunisnews.net
حرية وانصاه:عبد الله الزواري :محاصرة للمنزل أم إقامة جبرية أم مصادرة لفرحة العيد؟
الجمعية الدوليةلمساندة المساجين السياسيين:الصحفي عبد الله الزواري تحت الحصار
كلمة:القضاء الفرنسي يحقق في تعرض فرنسي من أصل تونسي للتعذيب في معتقل غوانتانامو
كلمة:الداخلية تحقق مع سجين سياسي يقضي حكما بـ38 عاما
المسلم :جامعات تونس تشترط « ذقنا محلوقا ورأسا مكشوفا »
قائمة جامعة قابس للحزب الديمقراطي التقدمي
كلمة:وقفة احتجاجية أمام مقر ولاية جندوبة بسبب عدم تسديد الرواتب
الوطن:الاتحاد الديمقراطي الوحدوي والترشح للانتخابات الرئاسية: قراءة في الحدث والكلمة التي ألقاها الأمين العام للحزب
خالد الحداد:حرب رئاسة القائمات في المعارضة: مؤتمرات موازية… «ذبحان» وفرصة لتصفية الحسابات
السياسية:تساؤلات عميقة ومخاطر حقيقيّة تهزّ المبادرة الوطنية للديمقراطية والتقدّم
في خبر عاجل أبو الهول يحكي قصّة الجامعة العامة للتعليم العالي مع التزكية
معزّ الجماعي:توضيح إلى الرأي العام حول ما نشر من مغالطات في جريدة « العرب » عن « وحيد ابراهمي »
محمد الحمروني: تصويب واعتذار
المؤتمر من أجل الجمهورية:عيد مبارك لتونس والتونسيين
جمعيّة أهل البيت الثّقافيّة تونس: تهاني بعيد الفطر
البديل عاجل:الإصلاح الجامعي… والهروب إلى الأمام…
رياض حجلاوي:هل تكتمل فرحة العيد
القدس العربي:قليل من القبلات في أول أيام عيد الفطر بتونس
الإقتصادية:اكتشاف إصابتين بأنفلونزا الخنازير في مدرسة خاصة في تونس
سامية زواغة:المشهد التلفزي والرّهان التربوي
بسام بونني:بين الإرهاب والجريمة
برهان بسيس:مقايضة الأيام العجاف
طارق الكحلاوي :في أرقام النمو
النفطي حولة:من إمارة طالبان بأفغانستان إلى إمارة حماس بغز فستان
القدس العربي:المعارض المصري ايمن نور يعود للسجن زائرا
مسفر بن علي القحطاني:المواجهات بين الإسلاميين … من البيان إلى السنان
كمال زايت:جدل بين الصحافيين الجزائريين بسبب اطلاق النقابة ‘الحقيبة المدرسية’ لفائدة محدودي الدخل
العرب:ناشدن القرضاوي التدخل لدى بوتفليقة.. جزائريات: السلطة تجبرنا على نزع الخمار عند التصوير
د. راغب السرجاني:قصة الحوثيين
د. فهمي هويدي:أبعد من الاستعباط السياسي
منير شفيق:أمريكا والدرع الصاروخية
عبد الحليم قنديل:هل يغفر لنا الله؟
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
جويلية 2009
الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 01 شوال 1430 الموافق ل 20 سبتمبر 2009 محاصرة منزل الصحفي المنفي في وطنه عبد الله الزواري محاصرة للمنزل أم إقامة جبرية أم مصادرة لفرحة العيد؟
قام أعوان البوليس السياسي على متن 5 سيارات صباح يوم عيد الفطر 20 سبتمبر 2009 بمحاصرة منزل الصحفي المنفي في وطنه السيد عبد الله الزواري بجهة الخريبة بحاسي الجربي معتمدية جرجيس ولاية مدنين، وقد أدى المناضل السياسي السيد منصف بالهيبة زيارة معايدة للصحفي الزواري وعند خروجه من المنزل المذكور تم توقيفه من قبل المحاصرين للمنزل ولم يفرجوا عنه إلا بعد أن استظهر ببطاقة تعريفه الوطنية، أما المناضل السياسي السيد أحمد زكرياء الماقوري فقد تم منعه من الوصول إلى المنزل ومعايدة السيد الزواري. وحرية وإنصاف: 1) تدين بشدة سياسة الاضطهاد التي يمارسها جهاز البوليس السياسي ضد الصحفي المنفي في وطنه السجين السياسي السابق السيد عبد الله الزواري. 2) تدعو إلى وقف كل أشكال الاضطهاد والتعسف التي يتعرض لها السيد عبد الله الزواري واحترام جميع حقوقه التي يضمنها له القانون والدستور. 3) تهيب بالجمعيات والمنظمات الحقوقية في الداخل والخارج وجميع أحرار العالم إلى الضغط على السلطات التونسية لوقف الاضطهاد المسلط على السيد الزواري وعلى جميع المناضلين السياسيين والناشطين الحقوقيين والإعلاميين. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
الحرية لجميع المساجين السياسيين الحرية للدكتور الصادق شورو الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 20 سبتمبر 2009 الصحفي عبد الله الزواري تحت الحصار
تجدد بصورة مكثّفة الحصار البوليسي على الصحفي عبد الله الزواري ، اليوم 20 سبتمبر 2009 حيث تم تطويق محل إقامته ( بحاسي الجربي 15 كلم عن مركز مدينة جرجيس) إبتداءاً من الساعة الثالثة صباحاً بـ 3 سيارات بوليس ونحو نحو 8 أعوان ، كما مُنع السيد أحمد زكريا الماقوري من ركوب سيارة أجرة انطلاقا من مدينة جرجيس، حيث كان يعتزم زيارة عبد الله الزواري بمناسبة عيد الفطر، وتحاصر محل إقامة السيد الماقوري 4 سيارات( ساعة صدور هذا البلاغ )، ويُطلب من زواره الإستظهار ببطاقة الهوية أما السيد منصف بلهيبة الذي نجح في الوصول عند الصباح الباكر إلى عبد الله الزواري في غفلة عن أعوان الأمن ، فقد تعرض لمضايقات متكررة في طريق عودته إلى جرجيس المدينة منها( التثبت في هويته العديد من المرات خلال مسافات متقاربة)، وتحاصر محل إقامته سيارتا بوليس، وتأتي هذه التضييقات للضغط على القائمة الانتخابية لحزب التكتل من أجل العمل والحريات ( الذي ينتمي له الماقوري و بلهيبة ) بهدف إسقاطها ، وكان حصارمماثل قد ضرب حول محل سكنى الصحفي عبد الله الزواري منذ 2009.09.11 إنتهى باعتقاله بعد ظهر يوم الثلاثاء 2009.09.15، حيث تعرّض للتهديد من قبل أعوان أمن الدولة بنشر أفلام بورنوغرافية إن هو لم يتوقف عن كتابة مقالات والإفادة بتصريحات تمسّ من » سمعة تونس » وقد رابط السيد منصف البلهيبة والسيد أحمد الماقوري أمام مقر منطقة الأمن الوطني بجرجيس طوال الـ10 ساعات التي قضاها الصحفي عبد الله الزواري موقوفاً، وقد يَلجأ عبد الله الزواري إلى الإضراب عن الطعام مع رفاقه بلهيبة والماقوري إحتجاجاً على الحصار البوليسي والمراقبة اللصيقة التي تستهدفهم بدون إنقطاع، والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين، إذ تنبه إلى خطورة الحصار المفروض على عبد الله الزواري، فإنها تأخذ تهديدات المسؤولين الأمنيين الموجة له على محمل الجدّ ، وتنبه إلى أن قضية كيدية قد تكون أعدت ضده، في ذات الوقت الذي أعدت فيه أشرطة مفبركة لتشويه سمعته و حمله على الكف عن تقديم: « التصريحات والحوارات الصحفية والمقالات المسيئة لـ »سمعة تونس »» ، وهي تدعو المنظمات الحقوقية المحلية والدولية إلى متابعة ما يجري من إنتهاكات في حق عبد الله الزواري وما يفرض عليه من حالة أمنية مكثّفة منذ 2002 (إبعاد – مراقبة إدارية- مراقبة لصيقة – عزلة).
لجنة متابعة السجناء السياسيين المسرحين
القضاء الفرنسي يحقق في تعرض فرنسي من أصل تونسي للتعذيب في معتقل غوانتانامو
التحرير في السبت, 19. سبتمبر 2009 رفع المعتقل السابق بقاعدة غوانتنامو خالد بن مصطفى شكوى إلى القضاء الفرنسي بشأن تعرضه « للتعذيب وأعمال وحشية » خلال فترة احتجازه التي دامت ثلاث سنوات. وقد تم فتح تحقيق قضائي في هذه التهم من قبل قضاة تحقيق فرنسيين سيجرون للمرة الأولى تحقيقا حول وقائع تعذيب جرت في قاعدة غوانتانامو الأميركية. وكان بن مصطفى قد اعتقل على الحدود الباكستانية-الأفغانية من قبل القوات الباكستانية، وسلّم إلى الأميركيين الذين نقلوه بداية العام 2002 إلى غوانتانامو. ونقل عن الضحيّة شهادته بكونه تعرض خلال اعتقاله للضرب والتعليق في السقف من يديه. وقد أفرج عن بن مصطفى سنة 2005 بعد تدخل من السلطات الفرنسية مع معتقلين آخرين بينهم الفرنسي من أصل تونسي نزار ساسي. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 19 سبتمبر 2009)
الداخلية تحقق مع سجين سياسي يقضي حكما بـ38 عاما
التحرير في السبت, 19. سبتمبر 2009 أفادت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أنّ السجين محمد السعيداني خضع للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر إلى تحقيق أمني داخل سجن المرناقية غرب العاصمة من قبل فرقة من وزارة الداخلية. ويقضي السعيداني أحكاما قضائية جنائية وعسكرية بـ38 عاما بتهم بينها الانتماء إلى منظمة إرهابية والمشاركة في عصابة قصد الاعتداء على الأشخاص والممتلكات، وذلك بعد ترحيله من قبل السلطات الإيطالية لتونس سنة 2001. وأشارت الجمعية إلى أنّ هذا السجين نقل من سجن الناظور ببنزرت إلى سجن المراقية دون أن يُسمح له بنقل أغراضه الخاصة، بدعوى أنها نقلة مؤقتة برغبة من وزارة الداخلية. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 19 سبتمبر 2009)
جامعات تونس تشترط « ذقنا محلوقا ورأسا مكشوفا »
أصدرت عدة مؤسسات تعليمية عليا في تونس قرارا بإجبار الطلاب على التوقيع على إقرار ينص على التزامهم بحضورهم مرتدين « ملابس محترمة »، مشددا على حلق اللحى وخلع الحجاب. وانتقدت لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس ذلك القرار الذي تم إرفاقه بلائحة النظام الداخلي معتبرة إياه حربا محمومة يتعرض لها الحجاب والمحجبات في تونس على يد السلطة الرسمية والتى سخرت كل مؤسسات الدولة وإداراتها لمحاربة الحجاب وغيره من مظاهر التدين. وأورد موقع « السبيل أونلاين » التونسي اليوم السبت نص الإقرار الذي يجبر الطلاب على توقيعه كشرط للالتحاق بالدراسة في عدد من المعاهد العليا والجامعات. وجاء في أحد بنود النظام الداخلي أن على الطلاب « تحجير (تجنب) اللباس الطائفي والإلتزام بالحضور إلى المؤسسة الجامعية بلباس محترم ومظهر لائق.. ذقن محلوق ورأس مكشوف وهندام محترم ». وأكدت لجنة الدفاع عن المحجبات أن ما يحدث للمحجبات في تونس منذ عقود لا يعدو أن يكون سوى حرب حقيقية تستخدم فيها السلطة كل أشكال القمع والإرعاب من خلال أجهزة الدولة ومؤسساتها العمومية. كما طالبت اللجنة السلطات بوقف كل أشكال التمييز بحق المواطنات التونسيات المحجبات، وإلغاء كل المناشير والقوانين التى تنتقص من حق المحجبات في إرتداء الحجاب أثناء الدراسة والعمل وفي الأماكن العامة. ويمنع المرسوم الجديد كافة أشكال اللباس الشرعي للطالبات، ويعتبر اللباس الغربي الذي يكشف ويصف لباسا محترما. وحذّر هذا المرسوم من أن كل مخالفة لهذا النظام الداخلي « يترتب عليها سحب لتسجيل الطالب من المؤسسة بعد سماعه، كما يترتب عليها عند الاقتضاء تبعات قضائية ». كما ضيّق هذا المرسوم على الأنشطة والتحركات النقابية والسياسية بالجامعة بمنح إدارات الكليات صلاحيات واسعة لتقدير المخالفات، فقد نصّت إحدى مواده على « الالتزام باحترام المسئولين بالمؤسسة وكل العاملين بها من أساتذة وإداريين وعمال، وتجنب كل سلوك من شأنه أن يمسّ بحرمة المؤسسة أو يخّل بالنظام أو بسير الدروس بها »، وفي مادة أخرى « حظر الكتابة على جدران مباني المؤسسة وتعليق المنشورات في الأماكن غير المعدّة لذلك ».
(المصدر:موقع المسلم الإلكتروني بتاريخ 20 سبتمبر 2009 )
الإنتخابات التشريعية لسنة 2009 قائمة جامعة قابس للحزب الديمقراطي التقدمي
* عنوان القائمة : الأمل . * اللون : الأصفر . تقدمت جامعة قابس للحزب الديمقراطي التقدمي صباح يوم الأحد 20 سبتمبر 2009 بقائمة « الأمل » للمشاركة في الانتخابات التشريعية لسنة 2009 . و تكونت القائمة من : * رئيس قائمة : – « عبد الجبار الرقيقي (عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي/كاتب عام النقابة الجهوية للتعليم الثانوي بقابس) . * أعضاء : – « مصطفى يحي » (عضو الحزب الديمقراطي التقدمي/كاتب و شاعر) . – « الظاهر المسعدي » (عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي/كاتب عام النقابة الأساسية للتعليم الثانوي بالمطوية ). – » زهير بوعبدالله » (عضو جامعة قابس للحزب الديمقراطي التقدمي/عضو نقابة معمل الداب للكيمياء ). – « عبد السلام الدريدي » (عضو الحزب الديمقراطي التقدمي/عضو النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بالمطوية ) . و عملا بأحكام الفصلين 91و92 من المجلة الانتخابية تسلم رئيس القائمة « الوصل الوقتي » في انتظار المصادقة النهائية . معزّ الجماعي
وقفة احتجاجية أمام مقر ولاية جندوبة بسبب عدم تسديد الرواتب
التحرير في السبت, 19. سبتمبر 2009 اعتصم يوم أمس السبت 19 سبتمبر الجاري أمام مقر ولاية جندوبة وعلى امتداد أربع ساعات أكثر من عشرين عاملة بمصنع اينيتراد للملابس الجاهزة بجندوبـة. وجاء هذا الاعتصام الذي واكبه راديو كلمة ردّا على غلق المصنع الذي بعد طرد نحو ثمانين عاملة منذ مطلع صيف 2009 دون تبرير لعملية الغلق أوتسديد مستحقاتهم القانونية. وأفادت بعض العاملات أنّ العمل بالمصنع يفتقر إلى ادني الشروط الصحية والى ادني الضمانات الاجتماعية كما يتعرضن لإهانات ومعاملة سيئة من قبل رئيسهنّ المباشر إضافة إلى حرمانهن من أبسط الحقوق. وقال عدد من العاملات اللاتي شاركن في الاعتصام إنّ السلط المحلية والجهويـة تجاهلت مطالبهنّ كما لم تتدخل لإنصافهن. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 19 سبتمبر 2009)
الاتحاد الديمقراطي الوحدوي والترشح للانتخابات الرئاسية: قراءة في الحدث والكلمة التي ألقاها الأمين العام للحزب
بقلم: عبد الفتاح الكحولي لا شكّ أن الترشح للانتخابات الرئاسية حدث سياسي من « العيار الثقيل » لأنه أكثر الإجراءات العمليّة ارتباطا بمفهوم « التداول على السلطة » كما يكتسي الحدث أهميته من المكانة التي تتبوّأها مؤسسة الرئاسة في النظام السياسي التونسي. من هنا يكتسب السؤال حول دلالات ترشّح الأمين العام للإتحاد الديمقراطي الوحدوي للانتخابات الرئاسية مسوّغاته. 1 – دلالة الترشح في سياق التاريخ الحزبي الخاص: منذ تدشين مرحلة « التعددية » في الترشح للانتخابات الرئاسية أكتوبر 1999 بمقتضى القوانين الاستثنائية التي فرضتها طبيعة المشهد السياسي التونسي تعامل الاتحاد الديمقراطي الوحدوي مع هذا الاستحقاق الانتخابي وفق منطقين مختلفين فبعد أن اختار منطق « الترشيح الحزبي » ليرشح أمينه العام سنة 1999 انضمّ سنة 2004 إلى ما يسمّى « الائتلاف الرئاسي » ليدعم ترشيح رئيس التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم ويدعو منخرطيه وأنصاره وجمهور الناخبين إلى التصويت له في خطوة عدّها بعض الملاحظين تراجعا عن المسار الذي انخرط فيه الحزب منذ سنة 1999 وفسّرتها قيادة الحزب آنذاك بعوامل داخلية ارتبطت بالوضع التنظيمي للحزب وبعوامل سياسية ترجمت عن نفسها أثناء الحملة الانتخابية في شكل اعتراف بالدور الريادي للرئيس بن علي في خدمة البلاد وتحمّل أعباء إنقاذه بعد أزمة كادت أن تعصف به ومن ثمّ قيادته لمسار إصلاح شامل جعله في نظر الوحدويين الضامن لاستمرار في نسق الإصلاح وفي تحقيق مكاسب جديدة فماذا تعني العودة إلى منطق « الترشيح الحزبي » في سياق التاريخ الحزبي الخاصّ هل تعني تغيّرا في المعطيات الداخلية والوضع التنظيمي أم أنّ الوضع السياسي العام هو الذي فرض هذه العودة؟ لاشكّ أن الكلمة التي ألقاها الأمين العام للحزب بمناسبة تقديم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية أمام المجلس الدستوري تتضمّن جزءا كبيرا من الإجابة إذ شدّد على « الثقة » التي منحها له مناضلو الحزب وكوادره وهي ثقة تعكس حالة الاستقرار التي يمرّ بها الحزب منذ مؤتمره الرابع والتي مكنته من توسيع قاعدته وتصليب بنائه التنظيمي الذي شمل كل جهات البلاد فكان أوّل الأحزاب التي حسمت إشكالية رئاسة القائمات التشريعية بشكل ديمقراطي ومسؤول رغم بعض التوترات التي لم ترتق إلى « حالة اعتراض سياسي حقيقي » داخل صفوف الحزب بقدر ما مثلت « ردّ فعل » ذا طابع ذاتي. كما مكنته مرحلة الاستقرار الطويلة من الشروع مبكرا في النقاش الداخلي المتصل بالخيارات الممكنة للمشاركة في الانتخابات الرئاسية ليحسم الموقف باختيار منطق « الترشيح الحزبي ». فالحالة التنظيمية للحزب أكدت النجاعة العالية في حسم أهمّ الملفات ومنها ملف الانتخابات الرئاسية. كما شدّدت كلمة الأمين العام للحزب على « روح المسؤولية الوطنية العالية » التي حدت مناضلي الحزب وإطاراته في ترشيحه للانتخابات الرئاسية فالمشاركة في هذه الانتخابات تكتسي بُعدا وطنيا يجسده التقدير العالي للمصلحة الوطنية في « هذه المرحلة من تاريخ تونس السياسي » وهي مرحلة تأمل مختلف القوى السياسية أن تكون فاتحة لخطوات مهمة في مسار التحوّل الديمقراطي إذ أكّدت أغلب القوى على ضرورة التقدم في نسق الإصلاح وعلى ضرورة « تفعيل الميثاق الوطني » كما جاء على لسان مسؤولين في التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم مما يعكس وعيا مشتركا بضرورة إقرار إصلاحات سياسية جديدة تقتضيها المرحلة الراهنة . إنّ المصلحة الوطنية في نظر الاتحاد الديمقراطي الوحدوي تقتضي تعزيز روح التنافس السياسي ولكن في إطار من الوحدة الوطنية وتكريس أوّلية الانتماء الوطني من خلال التأكيد على تطوير « العقد المشترك » وصيانة المصلحة العليا في الآن نفسه . فالعودة إلى منطق « الترشيح الحزبي » حكمته عوامل تنظيمية وأخرى سياسية عبّرت عن نفسها من خلال الوعي بضرورة تدشين مرحلة من التنافس السياسي النزيه على قاعدة الالتزام الجماعي بالمصلحة العليا والثوابت الوطنية وروح المسؤولية العالية. الرّهانات المعلنة والواقعية السياسية: تميزت كلمة الأمين العام للاتحاد الديمقراطي الوحدوي بغياب لافت للرهان الانتخابي وهو ما يعكس وعيا حادا بميزان القوة باعتباره المعيار الأساسي في أي رهان انتخابي فبغضّ النظر عن الأسباب والعلل فان « مرشح حزب الأغلبية » يتقدم في الحظوظ على جميع منافسيه تقدما واضحا لذلك اختار الاتحاد الديمقراطي الوحدوي منطق الواقعية ليعلن في كلمة أمينه العام عن رهانين اثنين هما: 1 – الرهان السياسي: يتجسد هذا الرهان في التطلع « إلى المساهمة في فتح الأفق نحو جيل جديد من الإصلاحات » فالاتحاد الديمقراطي الوحدوي يضع نفسه من خلال هذا الإعلان في موقع « المساهم » أو « المشارك » في انجاز حزمة جديدة من الإصلاحات تقتضيها المرحلة ولم يضع نفسه في موقع « البديل » أو الطرف الوحيد الوصي على مستقبل البلاد لإيمانه أن دورة التاريخ الراهنة تقتضي العمل المشترك بين كل الفاعلين السياسيين من أجل ترسيخ دعائم النظام الديمقراطي والوصول إلى حال من الالتزام الطوعي ببنود « العقد المشترك » وأهمها الالتزام بقيم الجمهورية والمعايير الديمقراطية والمصلحة العليا للبلاد. لكن ذلك الوعي بالضرورة القصوى للعمل المشترك لم تمنع الاتحاد الديمقراطي الوحدوي من الكشف عن المحتوى السياسي الذي يميزه ويرسم أمامه أفق فعله السياسي وتصوره لمستقبل البلاد إذ أكد أن مساهمته تندرج في إطار السعي إلى بناء « جمهورية برلمانية تتدعّم فيها أركان النظام الديمقراطي وتسود فيها المساواة بين الجهات والعدل بين الفئات والتواصل بين الأجيال » وهو بهذا الإعلان ينتصر للنظام الجمهوري وللديمقراطية وللبعد الاجتماعي المجسد في العمل على تحقيق المساواة بين الجهات والعدل بين فئات المجتمع وشرائحه المختلفة وفق رؤية مستقبلية تلحّ على مراعاة حق كل الأجيال في الثروة الوطنية فهل يعني هذا الإعلان تراجع الاتحاد الديمقراطي الوحدوي عن تمشيه الواقعي والانخراط في ديماغوجيا سياسية ترتكز على « تحريك الحلم »؟ إنّ الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ينظر إلى الجمهورية البرمانية من منظور الأفق الذي يستدعي الفعل السياسي المتراكم ويتوجّه فهي أفق المراكمة السياسية المشتركة. فاعتبارها تتوخا لمسار المراكمة هو إخلاص واضح لنهجه الواقعي في العمل السياسي ولتطلعه وطموحه في الآن نفسه لأن الواقعية لا تعني عنده نزوعا إلى المحافظة على الواقع بقدر ما تعني تطلعا إلى الأفضل يرتكز على المعطيات الواقعية. ولم يكتف الاتحاد الديمقراطي الوحدوي بالإعلان عن تصوره السياسي لمستقبل البلاد بل أعلن أيضا عن مرجعيته التي يستند إليها وهي مرجعية تؤكد على « التاريخ المحلي » من خلال تشديد الأمين العام للحزب في كلمته على « الرصيد النضالي للحركة الوطنية والتحريرية وفكر رواد حركة الإصلاح الوطني ورجالاتها المخلصون ». والواضح أن هذا الإعلان لم يتضمّن إشارة واحدة إلى « المراجع التقليدية » للحركة القومية. فهل يعني ذلك تحولا حاسما في اتجاه الإعلاء من شأن « المحلي » و »الوطني » للبحث عن « تثبيت الأرجل » على أديم التاريخ الوطني الخاص والتموقع داخل المحدّدات الكبرى التي شكلت معالم هذا التاريخ؟ لا شك أن هذا الهاجس غير خاف في مجمل الخطاب الذي يسوّقه الاتحاد الديمقراطي الوحدوي في مسار بحثه عن معادلة تجمع بين الوطني والقومي فمتغيرات الوضع السياسي ووعي الجمهور إزاء مسألة الانتماء تفرض على هذا الحزب وهو يخاطب مواطنا محدّدا في فضاء محدّد أن يثبت أقدامه في ساحة المنافسة ا لسياسية بتحقيق « مصالحة إستراتيجية » مع انتمائه الوطني في ظل نظام عالمي يقوم على منطق « الدول » فالدولة الوطنية أضحت حقيقة سياسية واقتصادية واجتماعية ونفسية لا يمكن إلغاؤها في مسار التفكير في بناء وحدة عربية. وقد كانت كلمة الأمين العام واضحة في إحلال البعد الوطني « محل المنطلق » بما يعكسه هذا الإعلان السياسي من ضرورة الانخراط في مسار من المراجعة الفكرية لليقينيات التي مثلت الهوية المحددة للتيار القومي من أجل « إعادة بناء الذات » على قاعدة القراءة المتأنية للمتغيرات السياسية وتبدل أحوال العمران. لقد أكد الرهان السياسي للمشاركة في الانتخابات الرئاسية على البعد الوطني ولكنه لم ينف البعدين الوحدوي العربي والإنساني وهو ما يعني أن الفعل السياسي بالنسبة إلى هذا الحزب ينطلق من حقيقة الانتماء الوطني ليُشعّ في اتجاه عربي يدعمه منطق الدورة الراهنة للتاريخ العالمي القائم على السّعي إلى بناء التكتلات الجهوية والإقليمية كما يُشعّ على الإنسانية منتصرا لقضايا الحق والعدل في العالم نافيا الصورة السلبية التي ألحقها البعض بالتيار القومي باعتباره « شوفينيا » مؤكدا على إنسانيته وفق رؤية تعتبر الإنسان هو الغاية وان سعادة البشرية ورقيها المادّي والمعنوي من أهمّ المقاصد. لقد كان الاتحاد الديمقراطي الوحدوي متواضعا في تحديد دوره إذا اكتفى بدور المشارك والمساهم ولكنه كان طموحا في أهدافه وفي رسم آفاق فعله السياسي فجمع بين الواقعية والتطلع جمعا يسمح له بالانخراط الواعي في المسارات الممكنة والحفاظ على حقه في إبداء الرأي ورسم خطوط التمايز والانتساب الشرعي إلى قوة التغيير المتطلعة إلى غد أفضل وهذه الرؤية الواقعية والطموحة والمسؤولة في الآن نفسه تمثل رصيده الذي يسمح له بالانتماء إلى دائرة « المشارك الجاد » ولعل تأكيده على البعد الوطني منطلقا لفعله هو الأساس الذي يرسّخ أقدامه في دائرة المشاركة المسؤولة. 2 – الرهان الحضاري: لقد كانت كلمة الأمين العام للاتحاد الديمقراطي الوحدوي واضحة في تأكيدها على الرهان الحضاري واللافت أن عبارة « دعوة شعبنا » وما ماثلها جسدت « لازمة الخطاب » فقد تكررت في متنه لتؤكد مرة أخرى على « المنحى المتواضع » الذي لا يكلف الحزب أعباء « الوصاية على الشعب » ولا يعني ذلك أن الحزب تحول إلى « حركة دعويّه » تكتفي بالوعظ والإرشاد إذ اقترنت عبارة الدعوة بالتشديد على « العمل معه » بما يعنيه ذلك من سعي قوّته الفعّالة هذا الشعب ذو الخلفيّة الحضارية العربية الإسلامية. وبقدر ما كان الحزب متواضعا في تقدير جهده ودوره كان حازما في الإعلاء من شأن تونس ودورها التاريخي وكأن الخطاب قد انخرط في الجدل الشائع بين المشرق والمغرب منتصرا للدور الذي لعبه المغرب العربي وتحديدا تونس القيروان في إرساء دعائم الحضارة العربية الإسلامية لكنه لم ينقلب إلى سجال عقيم بقدر ما شدّد على إعادة الاعتبار لدور طُمس لأسباب سياسية في جوهرها. إن إعادة الاعتبار لدور تونس الريادي يأتي في سياق الاعتزاز بالانتماء الوطني ليتناغم الرهان السياسي والحضاري في التأكيد على الدور الذي يلعبه الإحساس بالانتماء الوطني وهو ما يعكس وعيا جديدا لفصيل مهمّ من فصائل الحركة القومية في تونس يؤكد على الخلفية التاريخية لأحقية هذا الجزء من الوطن العربي في موقع الفاعل والشريك على الصعيد القومي. ومثلما كان الإتحاد الديمقراطي الوحدوي حازما في الإعلاء من شأن تونس كان حاسما في استبعاد شكل من أشكال تمثل الهوية إذ أكدت كلمة الأمين العام على قيم الحداثة والعقلانية بشكل يقطع مع التمثل الرجعي الماضوي للهوية من أجل تمثل يعتزّ بالذات دون انغلاق أو تقوقع معلنا الانخراط في الجهد الإنساني العام من أجل بناء المعايير المشتركة التي لا تتناقض مع الخصوصية الثقافية. إن هذا الوعي بضرورة الدفاع عن الانتماء الحضاري وفق رؤية تقدمية قد قاد إلى دعوة شعبنا إلى مقاومة « كل تغريب أو تخريب » والتصدي « لكل القوى الساعية إلى انتهاك السيادة الوطنية » كما قاد إلى الدعوة إلى مناصرة خط المقاومة والممانعة والى الانخراط في مسار النضال من أجل « علاقات دولية تقوم على العدل والمساواة واحترام هويات الشعوب وسيادة دولها على أوطانها ». إن الرهان الحضاري يترجم عن نفسه في مهمات سياسية يستدعيها هذا الرهان أساسها الانتصار للقضايا العادلة عربيا ودوليا وبذلك يجسد الاتحاد الديمقراطي الوحدوي بعديه القومي والإنساني تقوده رؤية تستند إلى خلفية حضارية منفتحة على الإرث الإنساني المشترك. استنتاجات: – لقد أعادت كلمة الأمين العام للاتحاد الديمقراطي الوحدوي التذكير بالثوابت المحدّدة لهوية الحزب السياسية ولكنها رسمت في الآن نفسه تمشيا واقعيا يستند إلى « الممكن » فنأت بنفسها عن الخطاب المستهلك يمينا ويسارا لتمنح للجمهور المتلقي أملا للفعل المنتج وإمكانا مفتوحا على تطلعات لا حدود لها تنطلق من رغبة معلنة في طلب الأفضل والأجمل. – إن التأكيد على المنطلق الوطني وعلى المصلحة الوطنية وعلى الأفق الإنساني الرحب وعلى الانتماء الحضاري ذي المنحى التقدمي قد يؤشّر على ضرورة فتح ورشات كبرى للإصلاح الذاتي بالنسبة إلى الأحزاب السياسية في تونس فالدعوة إلى ضرورة إحداث حالة من التوازن بين المطلب الديمقراطي والمصلحة الوطنية العليا يعني دعوة ضمنية إلى إعادة التفكير في السلوك السياسي الراهن وفي الخلفيات النظرية التي تحكمه من أجل إعادة تأهيل المجال السياسي التونسي على قاعدة الالتزام المشترك بالمصالح العليا من جهة والانضباط للمعايير الديمقراطية من جهة أخرى بما يعنيه ذلك من قطع مع ثقافة سياسية قديمة وإرساء ثقافة ترتكز على الحسّ العالي بالمسؤولية وعلى قبول الاختلاف واعتبار الحوار الآلية الأكثر نجاعة في حلّ المشكلات باعتبار الاشتراك في المصير بالنسبة إلى كل أبناء الشعب وفئاته. كما مثلت الكلمة دعوة ضمنيّه موجهة إلى « التيار العروبي » من أجل فتح ورشة الإصلاح الذاتي باعتبار المتغيرات المتسارعة التي تستدعي استئناف النظر في الكثير من الإشكاليات. ولكن يبقى السؤال الملح رغم شرعية هذا الطموح هل أن النخب الحالية قادرة على الاستجابة لهذه التحديات أم أن ورشات الإصلاح تتطلب مزيدا من الانفتاح على نخب جديدة أكثر قدرة على الحراك وعلى مواكبة المتغيرات والقطع مع ثقافة التقليد والصيغ الجاهزة بما تعنيه ذلك من توجه نحو الشريحة الأكثر ديناميكية أي شريحة الشباب؟
(المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد بتاريخ 18 سبتمبر 2009)
حرب رئاسة القائمات في المعارضة: مؤتمرات موازية… «ذبحان» وفرصة لتصفية الحسابات
نعم هي أشبه ما تكون بالحرب، حتى على مستوى المصطلحات المستخدمة فيها تدل على حالة من الصراع العنيف وتؤشر الى وقوع ضحايا وخسائر، تلك هي «حرب رئاسة القائمات لدى المعارضة».حالة من الاستنفار والتأهب للخطة اعتقد جازما أنها «الأصعب» في تاريخ كل أحزابنا المعارضة، إنها لحظة الإعلان عن «قائمة الرؤساء»، وقبل تلك اللحظة «الرهيبة» وبعدها تجري أطوار غريبة من التجاذب والصراع الخفي. لا يوجد شبيه لهذه الفترة داخل الأحزاب السياسية سوى المؤتمرات الحزبية، فكما تساهم تلك المؤتمرات في تصعيد أسماء وتغييب أخرى فإن فترة «الصراع حول رئاسة قائمات التشريعية»، لها نفس المواصفات بل إنها أكثر تدميرا وتحطيما لبنية الأحزاب وتفتيتا لهياكلها. حرب رئاسة القائمات وبمعرفة كواليس الأحزاب وما يجري داخلها فإن الاستعداد لـ «حرب رئاسة القائمة» يبدأ بصفة مبكرة جدا ويمتد مرات لسنوات طويلة يتم فيها قدر المستطاع تأمين الظروف الملائمة لإلغاء أكثر ما يمكن من منافسين محتملين على مقعد رئاسة القائمة، وتوفير مجال واسع للمناورة في اللحظات الأخيرة ولعب أدوار مهمة في سبيل الحصول على المبتغى في آخر المطاف. الذين يعايشون عن كثب سير عمل الأحزاب وما يجري في دواليبها وكواليسها يستشعرون مدى حدة الصراع والتجاذب التي تتواجد في مثل هذه المناسبات الانتخابية، ويحفظ قاموس المصطلحات هذه الايام ألفاظا منها العنيف جدا كلفظة «الذبحان» (من الذبح) والتي ترمز الى إسقاط أحد المترشحين من رئاسة قائمة انتخابية وتم تداول هذا المصطلح بكثافة داخل الوحدة الشعبية الذي «فجرت»رئاسة القائمات العديد من مشاكله، وتناقضاته الداخلية وانعكست حتى على مستوى تركيبة المكتب السياسي (تحوير في المهام) وفي اللغة والأسلوب الذي تم به تحرير أول بلاغ في أعقاب جلسة حسم رئاسة القائمات والذي تحدث عن ضرورات التداول على السلطة في الآجال القريبة والمتوسطة وهو أمر لم يكن معهودا في خطاب هذا الحزب وفي مواقفه السابقة. الى ذلك هناك ألفاظ أخرى أكثر حدة وقسوة في وصف المتساقطين عن رئاسة القائمات ونعتهم بأشد النعوت والأوصاف. هالة وتشعبات الهالة التي تحتلها «رئاسة قائمة انتخابية» والتي تمثل المدخل الأساسي لولوج مجلس النواب والحصول على مقعد به أصبحت اليوم مدخلا لصراعات عنيفة جدا داخل مختلف الأحزاب، ومؤخرا كتب مناضلون في إحدى الجهات الداخلية رسالة احتجاج أدانوا فيها تصرفات أمينهم العام وتوعدوه بعدم ترشيحه ومساندته في الانتخابات المقبلة. كما وصف احد مؤسسي حزب الاتحاد الوحدوي الديمقراطي (السيد عمار زغلامي) عند الفشل في الحصول على رئاسة قائمة، حزبه بأوصاف دونية وقال انه حاد عن مساره وأهدافه. ويوما فيوما تتكاثر الاحتجاجات وأصوات الرفض لرئيس هذه القائمة او تلك، ومعها تتوضّح خيوط للعديد من المؤامرات والمكائد والتي تكشف عن عمليات تصفية للحسابات بين إطارات ومناضلي الأحزاب عمليات يتم فيها اللجوء الى الكثير من الممارسات غير الأخلاقية عوضا عن الاعتماد على المنطق وقوة الحجة والجدل البنّاء. تقييم وآفاق وبحسب حدة ما يجري والذي يبلغ درجة الاستقالة او الطرد او التجميد فإن ما يجري هذه الأيام أشبه ما يكون بـ «المؤتمرات الحزبية الموازية» حيث تخضع قيادة الحزب الى تقييم عسير جدّا وتتم مساءلتها عن التوجهات الحزبية وخاصة في ملف التعامل الديمقراطي والحرص على تأهيل الكفاءات والمناضلين الأكفاء للمقاعد القيادية وتمثيل الحزب في المجالس المنتخبة ومنها أساسا مجلس النواب، كما أن هذه «العواصف» تعيد على نحو ما إعادة صياغة مسار العديد من الأحزاب وتعيد ترتيب «البناء الداخلي» لها على نحو يتلاءم مع طبيعة الوجوه الجديدة الصاعدة ليس فقط من «الحاصلين» على رئاسة قائمة بل كذلك من الذين كان لهم دور حاسم في تحديد قائمة رؤساء القوائم والتحضير لعموم العملية الانتخابية. نعم إنها مؤتمرات موازية فمباشرة اثر الانتخابات وإعلان النتائج ستعرف الأحزاب وضعيات جديدة وستشهد الخارطة السياسية والحزبية في البلاد تغيرات على ضوء ما سيفرزة «السياق الانتخابي» من توزيع لمنابات الأحزاب وحجم تواجدها على مستوى المشهد السياسي الوطني. إنها «تدور» ولكن وإن كانت هذه هي «الصورة» و«المشهد» بما فيها «الآن» من تكتيكات و«حروب» ونزاعات وصراعات البعض منها وكما قلنا في غاية «العنف» فإن الحياة داخل الأحزاب تتواصل ولن تتوقف وستدور «عجلة» هذه الأحزاب من جديد بعد الانتخابات ولكنها وبالتأكيد ستخرج من هذه الانتخابات منهكة خائرة القوى لأنها فقدت مكونات منها ويحتاج أصحاب الكسب والغنائم البعض من الوقت لإعادة ترتيب البيت واستقطاب أناس ومناصرين جدد ووضع تكتيكات جديدة استعدادا لحروب قادمة آتية لا محالة. خالد الحداد (جريدة « الشروق » التونسيّة – 19سبتمبر 2009 )
تساؤلات عميقة ومخاطر حقيقيّة تهزّ المبادرة الوطنية للديمقراطية والتقدّم:
التجديد « تستفرد » بملف رئاسة القائمات التشريعية …تتجاهل المستقلين وتسعى للتدخّل في اختيارات بقية الشركاء
يُواجه الأستاذ أحمد إبراهيم الأمين الأوّل لحركة التجديد المترشّح لرئاسة الجمهورية 2009 تحديات بالغة الأهميّة تهمّ فرض منطق التعامل الديمقراطي وسط حركته وشركائها في إطار المبادرة الوطنية للديمقراطية والتقدّم . وأشارت مصادر مطّلعة لموقع « السياسية » أنّ حالة من التوتّر تجتاح مكوّنات المبادرة احتجاجا على الكيفية الّتي عالجت بها أعلى الهياكل القيادية في حركة التجديد ملف رؤساء القائمات الانتخابية للتشريعيّة المقبلة ، إذ وإضافة إلى تعمّد قيادة التجديد الهيمنة على الدوائر الّتي لها بها أنصار فإنّ أعضاء من هيئتها السياسية يتّجهون إلى فرض أملاءات على بقية الشركاء تهمّ الأسماء الّتي من المفترض أن يقدّمها كلّ من الحزب الاشتراكي اليساري وحزب العمل (حزبان غير معترف بهما) لرئاسة بعض القائمات الانتخابية الّتي استبقاها لهم قياديو التجديد. ويتوجّه متابعون لشأن المبادرة الوطنية عن أحقية أحد أطرافها بالاستفراد بملف اختيار رؤساء القوائم إلى جانب سلوك التدخّل في خصوصيات الشركاء الآخرين إلى جانب التجاهل الّذي يلقاه إلى حدّ الآن المستقلون الّذين انخرطوا في مسار المبادرة منذ انطلاقها وكان لهم دور بارز في تأثيث المشهد السياسي لحركة التجديد إلى حين تقديم الأستاذ أحمد إبراهيم ترشّحهُ لرئاسة الجمهورية يوم الخميس 17 سبتمبر الجاري حيث شهد الموكب لدى المجلس الدستوري حضورا لافتا لوجوه مستقلة عديدة كان يُعتقدُ أنّه سيكون له مكان في مسألة رئاسة القائمات الانتخابية للسباق التشريعي. وأعلم مصدر من حركة التجديد أنّ الهياكل القياديّة للحركة انتهت إلى ضبط قائمة أوليّة لرؤساء القائمات الانتخابيّة من المنتمين لحركة اتجديد وهم على النحو التالي: القيروان: المنصف الوهايبي
زغوان. عادل الشاوش
صفاقس: ثامر إدريس صفاقس. المكي الجزيري توزر: عمر قويدر بنزرت : نورالدين الطرهوني باجة: محمد رؤوف محجوب قابس: حسين الكريمي مدنين: أحمد الورشفاني القصرين: حمادي غيلاني
قفصة: محمد بن عثمان تونس 2: أنور بن نوّة في حين يُنتظر أن يتمّ الحسم كذلك في رئاسة قائمتي المنستير والمهدية لتبلغ حصة التجديد 15 قائمة انتخابيّة مع انفتاح بقية القائمات وعددها 11 على كلّ الاحتمالات وذلك في انتظار رصد الموقف النهائي لبقية الشركاء في المبادرة والّذي يبقى مرشّحا لكلّ الفرضيات بما فيها الانسحاب من المبادرة والتقدّم للتشريعيّة المقبلة في إطار قائمات مستقلة.
(المصدر: موقع السياسية الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 19 سبتمبر 2009)
في خبر عاجل أبو الهول يحكي قصّة الجامعة العامة للتعليم العالي مع التزكية
تونس في 18 سبتمبر 2009 بقلم : أبو الهول ورد بجريدة الموقف عدد 513 ليوم الجمعة 18 سبتمبر 2009 و بركن أخبار حريّات الخبر الآتي : » تغرير : اتّصل بنا عدد من الأساتذة الجامعيين و أعلمونا أنّ الكتاب العامين للمؤسسات الجامعية التي ينتمون إليها طلبوا منهم الالتحاق بمراكز عملهم قصد إمضاء وثيقة إدارية هامة و ذلك على جناح السرعة. و حين اتّصلوا فعلا بهؤلاء الكتاب العامين اكتشفوا أنّ الوثيقة هي عريضة مساندة لمرشح الحزب الحاكم للانتخابات الرئاسية، علما و أنّ الإدارة استغلّت الوضعيّة الإدارية الهشّة لهؤلاء الأساتذة فهم في أغلبهم متعاقدون و نصف متعاقدون و مساعدون غير مترسمين. كما عبّر لنا الجامعيون عن استيائهم الشّديد للتغرير بهم أولا و لاستعمالهم في أغراض لا صلة لها بالجامعة و لا بالجامعيين. » عجبا لأساتذة صاروا يلتجئون لجريدة » الموقف » للتعبير عن مواقفهم أو استياءهم. إنّ مصدر الغرابة أنّه يوجد على حدّ علمنا – إلى أن يأتي ما يخالف ذلك – هيكل نقابي للجامعيين يسمّى » الجامعة العامة للتعليم العالي و البحث العلمي » فلا ندري، إن كان هؤلاء الأساتذة قد تظلّموا إلى هذا الهيكل باعتباره المخوّل للدفاع عنهم و حمايتهم، أو لم يتظلّموا و لكنّ الأكيد أنّه لم يحرّك ساكنا إلى حدّ الآن لحماية كرامة الزملاء و استقلالية الجامعة و حيادها في أيّ صراع سياسي يستخدم فيه الجامعيون كبضاعة في سوق الابتزاز و الابتذال الانتخابوي المزيّف. الأكيد إذا أنّ الجامعة العامة للتعليم العالي و البحث العلمي لا حسّ و لا خبر لها. إمّا أنّها لا علم لها بالأمر لأنّها لا تزال في عطلة في المنستير لا ندري متى تنتهي (…!!) أو أنّها علمت بالموضوع و أغلقت آذانها (يؤكّد العديد من النقابيين الجامعيين من الجهات أنّهم اتّصلوا بالكاتب العام للجامعة أكثر من مرّة ليطلبوا تدخّله و لكنّه أجابهم بأنّه لا ينوي التدخّل و لا يمكن له أن يفعل أيّ شيء …!!). إنّ أصحابنا في الجامعة العامة على قدر كبير من » الاعتدال » و من أصول هذا » الاعتدال » أن لا يثيروا أيّ مشكل يمكن أن يغضب السلطة أوّلا، خاصّة أنّ المسألة تتعلّق بقضيّة حسّاسة تمسّ بمرشّح الحزب الحاكم للانتخابات الرئاسية، أو يغضب المركزية ثانيا، و هي التي ساندت و ثمّنت و دعت العمال إلى التصويت لصالح الرئيس المنتهية ولايته. ألا تستحي جامعتنا الموقّرة من السماح بدوس كرامة الجامعيين و التضحية باستقلالية الجامعة و حيادها عن الصراعات السياسية على مذبح مصالح البيروقراطية ؟ أم أنّ مصالح المتنفّذين داخلها تمرّ قبل مصالح الجامعيين ؟ ألا تستحي من السكوت عن تحويل الجامعة التونسية، على غرار بقية البلاد، إلى مكان للبيعة القروسطية في انتخابات لا رهان فيها ؟ أيّ بلاد هذه التي نعيش فيها و يجبر فيها الجامعيون على الاصطفاف كالخراف لتقديم البيعة و أيّ ديمقراطية هذه التي ينتزع فيها الإمضاء بالمساندة قبل الانتخابات ؟ إنّ موقف الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم العالي و البحث العلمي بخصوص هذه المسألة على غرابته منسجم تمام الانسجام مع موقف المركزية النقابية المتعلّق بالتزكية المنتزعة قصرا و منضبط لقرارات الأمين العام الداعية لإنجاح الانتخابات الرئاسية و التصويت لمرشح الحزب الحاكم. و للتذكير فقد التفّ العوادي الكاتب العام للجامعة الموقرة على قرار المكتب الوطني للجامعة العامة، قبل الهيئة الإدارية الأخيرة للاتحاد، بالدفاع عن استقلالية الاتحاد و عدم التورط في تزكية أيّ مرشح و فرّ إلى المنستير، بعد إغلاق هاتفه الجوّال، حتّى لا يمضي على العريضة الوطنية (جهات و قطاعات) المندّدة بقرار التزكية المتّخذ بدون عرضه للتصويت. مسكينتان جامعتانا. نقصد المؤسسة التعليمية و الهيكل النقابي. فالأولى لم يبق لها غير الاسم بعد أن حكمها الدكتاتور بوعوني، و الثانية، و منذ أن سادها العوادي، نادي موسيقى يعزف على أوتار المركزية تارة و يخرس صوته تارة أخرى إذا أحسّ أنّ ضجيجه سيفسد جوقة السلطة الصّاخبة. المصدر : منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية » الرابط : http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p
توضيح إلى الرأي العام حول ما نشر من مغالطات في جريدة « العرب » عن « وحيد ابراهمي »
نشرت جريدة العرب القطرية في عددها 7770 الصادر بتاريخ 20 سبتمبر 2009 مقالا تحت عنوان » تونس: ناشط في «النهضة» يقاضي وزيري الداخلية والعدل بتهمة التعذيب » وقعه مراسلها في تونس الصحفي محمد الحمروني الذي ذكر أن مساعد وكيل الجمهورية التونسية استمع إلى إفادة الناشط في حركة النهضة المحظورة وحيد براهمي بخصوص الشكوى التي تقدم بها لمقاضاة كل من رفيق الحاج قاسم وزير الداخلية والتنمية المحلية، وبشير التكاري وزير العدل وحقوق الإنسان، وعدد آخر من المسؤولين الأمنيين،(على حد تعبيره)، وذلك بتهمة التعذيب وسوء المعاملة الشديدين. وبحكم كوني من المتابعين لقضية « وحيد ابراهمي » على المستوى الإعلامي والسياسي أريد أن أوضح للرّأى العام الوطني والدولي أن « وحيد » منخرط منذ سنوات في الحزب الديمقراطي التقدمي ورفض الانسلاخ من الحزب رغم ما تعرض له من تهديد وتعذيب خلال فترة إيقافه، ولم ينتم أبدا إلى حركة النهضة المحظورة. لذلك، أعبر عن استغرابي من ما ورد من مغالطة في هذا المقال خاصة أن صاحبه يعلم جيدا أن « ابراهمي » عضو بالديمقراطي التقدمي. وكانت الشهادة التي حررها « وحيد » ونشرتها جريدة الموقف بتاريخ 11 سبتمبر 2009 حول التعذيب الذي تعرض له خلال فترة إيقافه واضحة وتأكد انتمائه لهذا الحزب. إضافة إلى أنّ السيد محمد الحمروني كان مطلعا من خلال عمله في جريدة الموقف على الحملة الإعلامية التي أطلقها الديمقراطي التقدمي من أجل إطلاق سراح ّوحيد ابراهمي » . لذلك أتوجّه بالطلب إلى السيد محمّد الحمروني وإلى هيئة تحرير جريدة العرب القطريّة بتوضيح المسألة وإصلاح هذا الخطأ الذي نرجو ألا يتكرّر حفاظا على مصداقيّة صحيفتكم ورصيد الثقة الذي يضعه فيها قرّاؤها. معزّ الجماعي عضو المكتب الوطني للشباب الديمقراطي التقدمي
محمد الحمروني: تصويب واعتذار
تسرب خطا غير مقصود إلى المقال الصادر بصحيفة « العرب » في عددها ليوم امس والذي تناول الدعوة التي وجهها وكيل الجمهورية إلى الناشط وحيد براهمي للاستماع لإفادته حول مطالبته بمحاكمة وزيري الداخلية والعدل وعدد من المسؤوليتين الأمنيين الآخرين بتهمة التعذيب. وجاء في المقال أن وحيد براهمي ناشط في حركة النهضة المحظورة في حين أن الصحيح هو ان براهمي وكما يعلم الجميع ناشط وعضو بالحزب الديمقراطي التقدمي، وقد تعرض إلى التنكيل الشديد بسبب رفضه الانسلاخ من هذا الحزب ولا علاقة لبراهمي لا من قريب ولا من بعيد بحركة النهضة. ولعل مصدر اللبس في ما حصل هو تضمن التقرير الذي أرسلته إلى الصحيفة لخبرين تعلق الأول بوحيد براهمي بينما تعلق الثاني بعبد الله الزواري الصحفي والقيادي النهضوي المعروف. واني إذ أصحح الخبر أتقدم إلى الزميل والصديق العزيز وحيد براهمي المناضل الديمقراطي التقدمي والى أصدقائي في الحزب وعلى رأسهم الأخت الأمنية العامة ميّة الجريبي بالاعتذار الشديد عن هذا الخطا الذي اكرر التأكيد على انه غير مقصود. وقد أُرسلت نسخة من هذا التصويب إلى الصحيفة. وهذا التقرير في نسخته الصحيحة
شاب يطالب بمقاضاة وزيري الداخلية والعدل بتهمة التعذيب تونس: مراسلون بلا حدود تستنكر ما يتعرض له الصحفي عبد الله الزواري
تونس – محمد الحمروني استمع نائب وكيل الجمهورية التونسية (مساعد النائب العام) صباح أمس الأربعاء 17 سبتمبر الجاري إلى إفادة الشاب وحيد براهمي الناشط بالحزب الديمقراطي التقدمي بخصوص الشكوي التي تقدم بها لمقاضاة كل من رفيق الحاج قاسم وزير الداخلية والتنمية المحلية، وبشير التكاري وزير العدل وحقوق الإنسان، وعدد آخر من المسئولين الأمنيين، وذلك بتهمة التعذيب وسوء المعاملة الشديدين. وحضر مع براهمي عدد من المحامين يتقدّمهم احمد نجيب الشابي المحامي وابرز قيادات الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض. وتواصلت جلسة الاستماع التي تمت بمحكمة تونس العاصمة، نحو ساعة ونصف وتركزت الأسئلة الموجهة لـبراهمي حول الظروف التي دفعته إلى رفع هذه الدعوى وحول ما إذا كانت هناك مبالغات في ما جاء فيها. وفي تصريحات خاصة لـ »العرب » قال براهمي إن غايته الأساسية من رفع هذه الدعوة هي إنصافه وذلك من خلال معاقبة كل المتورطين « أمرا وتنفيذا » في جريمة تعذيبه وهتك عرضه. ووصف ما تعرض له بأنه رهيب بكل المقاييس وقال إنه اخضع في مارس سنة 2007، وخلال إيقافه من قبل مصالح الفرقة المختصة بمحافظة قفصة (450 كلم جنوب العاصمة تونس)، إلى التعذيب وسوء المعاملة الشديدين تمثلا في هتك عرضه وشرفه (شبه مفاحشة) وتعرضه لضروب من الإذلال الجنسي والصعق بالكهرباء وتجريده من ملابسه لساعات طويلة وتعليقه عاريا فضلا عن تكميم فمه وتعصيب عينيه وضربه بشكل مبرح في أماكن حساسة من جسده. ومما جاء في العريضة » …إلى ذلك حرموني من النوم وسكبوا الماء البارد على جسدي العاري وأرغموني على شرب سائلي ووضعوا راسي في إناء من المياه الآسنة والملوثة كما وضعوا راسي في كيس شفاف واحكموا إغلاقه حتى فقدان الوعي وتقيء الدم ». كما جاء فيها أيضا و »بالتوازي مع ذلك حرموني من الأكل ومن وسائل النظافة بما في ذلك ماء الاغتسال ناهيك عن تكبيل اليدين وإكراهي على الركوع لمدد طويلة عاري الجسد … كما هددوني بإحضار والدتي واغتصابها أمامي لإرغامي على التوقيع على محاضر بحث اجهل محتواها ». وفي سياق منفصل نددت منظمة مراسلون بلا حدود بما يتعرض له منذ فترة عبد الله الزواري الصحفي والقيادي بحركة النهضة المحظورة. وقالت المنظمة في بيان حصلت « العرب » على نسخة منه « لقد كنا محقين في إبداء الحذر من بعض الإعلانات الصادرة عن السلطات القضائية بخصوص الزواري، وما يعيشه الصحافي والمناضل عبد الله زواري من وضع ضاغط يؤكد خشيتنا ». وأوضحت المنظمة أن السلطات اعلنت في 2 أوت الماضي إنهاء سبع سنوات من الإقامة الجبرية كانت قد فرضتها على الزواري و18 سنة من ملاحقة القضاء والشرطة له إلا أن الوقائع تظهر أن الصحافي لا يزال خاضعاً لإقامة جبرية حتى ولو كانت مقنعة ». وجاءت هذه التطورات بعد إيقاف الزواري يوم الأربعاء الماضي وإساءة معاملته بشكل كبير من قبل عدد من أعوان الأمن بمنطقة جرجيس الواقعة بأقصى الجنوب التونسي. وفي تصريحات صحفية قال الزواري « لم تكفّ عناصر من قوى الأمن، خلال فترة إيقافي التي دامت عدة ساعات، عن توجيه الشتائم المهينة بحق الناشطين الحقوقيين والمنظمات الداعمة لقضيتي، مثل « هيومن رايتس ووتش » و »مراسلون بلا حدود ». وتابع « وحاولت عناصر الأمن إجباري على توقيع تعهد بالتوقف عن الكتابة كصحفي ومناضل، إلا أنني رفضت الامتثال لأوامرهم، فما كان منهم إلا أن هددوني بإيذائي في نفسي وفي عائلتي ». وكانت عناصر من الشرطة في لباس مدني إعتقلت الزواري بالقوة، ثم اقتادته إلى إدارة أمن جرجيس حيث أوقفته لأكثر من ثماني ساعات، لتعود وتطلق سراحه مساء الخامس عشر من سبتمبر الجاري.
عيد مبارك لتونس والتونسيين
بمناسبة عيد الفطرالمبارك يتقدم المؤتمر من أجل الجمهورية للتونسيين والتونسيات وكل أبناء وبنات الأمة العربية والإسلامية بأخلص التهاني وأطيب التمنيات . ونحن اذ تبتهج بهذه المناسبة السعيدة ونفرح لفرحة أهالينا في الوطن وخارجه فان مشاعرنا وأحاسيسنا تتجه أولا لعائلات الرهائن السياسيين وخصوصا الأطفال حيث نعبر لهم عن عميق تضامننا وأملنا أن يكون هذا آخر عيد دون أحبائهم . أخلص التهاني القلبية نسوقها خالصة لأسرانا في سجون الدكتاتورية وعلى رأسهم المناضل المثال الصادق شورو وسجناء الحوض المنجمي والشباب ضحايا قانون الارهاب سيء الذكر راجين من المولى أن يطلق سراحهم في أقرب الأوقات. كما لا يفوتنا أن نهنئ كل المناضلين من أجل رفع الظلم والطغيان عن بلادنا ونخص بالذكر عميد المناضلين علي بن سالم والرجل الصنديد عبد الله الزواري. أعاد الله هذا العيد على بلادنا وأمتنا بالخير والتقدم وبالانعتاق من أغلال الاستعمار الخارجي والاستبداد الداخلي. عن المؤتمر من أجل الجمهورية منصف المرزوقي
تهاني بعيد الفطر
بسمه تعالى بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك ، نتقدّم بأحرّ التّهاني و أرفع التبريكات إلى شعبنا المسلم في تونس و إلى قواه الحيّة من الأحزاب و النّقابات والجمعيّات الوطنيّة و الىكلّ حرّ و شريف و إلى كلّ مناضل من أجل رفعة تونس و مدافعا عن سيادتنا الوطنيّة. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمع شملنا و يوحّد كلمتنا و يفرّج عن الأسرى و المعتقلين و يعيد وفاقنا و يحمي أمّتنا و يهلك عدوّنا ، آمين ربّ العالمين. عيد سعيد و كلّ عام وأنتم بخير ، عماد الدّين الحمروني جمعيّة أهل البيت الثّقافيّة تونس ١ شوّال ١٤٣٠
الإصلاح الجامعي… والهروب إلى الأمام…
لا يزال الإصلاح الجامعي المتمثل في منظومة « إمد » يثير ردود فعل متباينة. فقد انتهت السنة الجامعية 2008/2009 والصّراع على أشدّه بين وزارة التعليم العالي والمنافحين عن سياستها من ناحية والجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي والنقابيين وهياكل الجامعة (أقسام، مجالس علميّة) من ناحية أخرى. وقد تميّزت هذه الصائفة بحركية لم يعهد الأساتذة الجامعيّون فيما مضى مثيلا لها، واتخذ الجدل أشكالا مختلفة في ظلّ غياب الحوار المباشر بين وزارة الإشراف ونقابة الأساتذة (مقالات ومقالات مضادة، عرائض، ندوات صحفية وتجمّعات متواصلة لأساتذة التاريخ والجغرافيا). والمتابع لهذا الجدل يدرك أنّ البون شاسع بين أطروحات الوزارة وأطروحات النقابة، وأنّ الهوّة بينهما تزداد اتساعا من يوم إلى آخر، وأنّ استخفاف الوزارة بالأساتذة والتقليل من شأن مقترحات الهيكل النقابي واللامبالاة بتحرّكات الجميع أمر جليّ، كما يدرك أنّ هذا الإصلاح وجّه ضربة قاضية للإنسانيات واللغات. والأغرب من هذا وذاك انبراء أساتذة تجمّعيين للدّفاع عن هذا الإصلاح بأسلوبهم الخاص ليُعفوا وزارة الإشراف من الردّ على النقود الموجّهة إليها. فأين تتجلّى نقاط الاختلاف؟ وماذا حملت مقالات النجدة في طيّاتها؟ 1 – نقاط الاختلاف انتهت السنة الجامعيّة وقد حملت معها أخبارا غير سارّة تلقاها الأساتذة من الأنترنيت ودليل التوجيه الجامعي وتمثلت في حذف بعض الشعب (الترجمة)، وإدماج شعب أخرى (التاريخ والجغرافيا)، وتحويل إجازات أساسية إلى إجازات تطبيقية (علم الاجتماع، علم النفس، العربية في المعهد العالي للعلوم الإنسانية بتونس- ابن شرف). وهكذا خلقت وزارة الإشراف وضعا غير مريح نغّصت به عطلة أساتذة هذه الشعب. وظلّت، رغم ذلك، غير مبالية بتبعات هذه الإجراءات وغير مستعدّة لفتح حوار جدّي مع الهيكل النقابي الجامعي للنظر في هذه المستجدّات، واكتفت أحيانا بالردّ على كلام النقابة في الصحافة. ويتبيّن المتابع لهذا الجدل أنّ ما يعقد الأمر هو اختلاف التصوّرات والمفاهيم بين الوزارة والنقابة. ويمكن أن نقتصر على بعض النقاط. أ – مهننة الجامعة أم تشغيل الطلبة؟ ترى الجامعة العامّة للتعليم العالي أنّ هذا الإصلاح أفقد الجامعة وظيفتها المعرفية ودورها في تطوير المجتمع وتحديث عقليته. فكفت عن أن تكون محضنة للفكر النقدي، وعن أن تربّي الناشئة على التحليل العقلاني والتفكير الحر، وتزوّد الطلبة بتكوين أكاديمي متين. وقد حوّلها هذا الإصلاح إلى مدرسة للمهن تُسلّم المتخرّجين فيها شهائد تمكّنهم من الدخول إلى سوق لا شغل فيها وتساعدهم على طرق أبواب ستظلّ موصدة في وجوههم مهما كان اسم الشهادة والصفة التي ستحملها. فقد ألغت الوزارة عديد الإجازات الأساسية وتجاوزت الفصل 11 من القانون التوجيهي للتعليم العالي (مع التذكير بأنّها هي التي وضعت هذا القانون) الذي ينصّ على توجيه ثلثي الطلبة إلى المسالك التطبيقية المهنية في حين يتلقى الثلث المتبقي تكوينا أساسيا، وارتأت أن يكون ثلثا المسالك والإجازات مسالك تطبيقية وليس ثلثي الطلبة. وتُعلّل الوزارة هذا الإجراء بانشغالها بالتشغيلية وضرورة ملائمة التعليم لواقع البلاد وانتشال آلاف الطلبة من البطالة وإتاحة الفرصة لهم لاقتحام سوق الشغل بأسلحة جديدة، وتجاهلت أن البطالة طالت حتى الطلبة المتخرّجين في كلّيات الطبّ والصيدلة والهندسة وأنّ حذف بعض الشعب وتقليص البعض الآخر وإحداث إجازات تطبيقية لن يوفر مواطن شغل إضافية، وأنّ البطالة لن يتمّ التخلّص منها حتى ولو تحوّلت كلّ الإجازات إلى إجازات تطبيقية، وأنّ القضيّة أعمق من رفع شعار برّاق لكنه خُلّب. وهكذا أنهى هذا الإصلاح المشؤوم، باسم التشغيلية وهي كلمة حقّ أريد بها باطل، الدور الكبير الذي اضطلعت به الجامعة التونسية طيلة خمسين سنة، وستكون مضاعفات هذا الإجراء وخيمة والخسارة مضاعفة. فالإصلاح لن يوفّر الشغل والأجيال القادمة ستكون هجينة فلن تحذق مهنة ولن تكتسب معرفة. وقد تُضطرّ الوزارة إلى أسلوب المراوغة كلّما وجدت نفسها محجوجة من قبيل التلاعب بالكلمات. ب- حذف الإنسانيات أم حجبها؟ يبدو أنّ سياسة الارتجال والاعتباطية قادت وزارة الإشراف إلى محاولة إقناع المناهضين للإصلاح بإجراءات هي غير مقتنعة بها أصلا، وإيهام منتقديها بوجاهة برنامج غير وجيه، وإعطاء مشروعية لإصلاح يفتقر إلى أدنى مشروعية. وكلّما بُني مشروع على الارتجالية تميّز بالتعثر والارتباك واحتاج إلى التماسك والانسجام. والدليل على ذلك أنّ وزارة الإشراف أقدمت على حذف بعض الشعب ولمّا تعرّضت للنقد (انظر مقال صالح عطية « بين نقابة الجامعيين والوزارة شدّ وجذب حول التقليص من الإنسانيات » – « الصباح » 11 جويلية 2009) سارعت إلى توضيح الأمر زاعمة أنّ حذف بعض الشعب ليس بالضرورة تخلّيا عنها نهائيّا بل قد يكون حجبا مؤقتا إذا أثبتت التجربة أنّ حذفها غير سليم. فقد ورد بجريدة « الصّباح » بتاريخ 16 جويلية 2009 « توضيح من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا حول التقليص في الإنسانيات: حجب الإجازات ليس حذفها » جاء فيه ما يلي: « وقد أقرّ الإصلاح ضرورة تقييم كلّ الإجازات كلّ أربع سنوات للتيقن من مدى تشغيليّتها واندماج خرّيجيها في سوق الشغل، وسيترتب على نتائج التقييم قرار الاعتماد أو دعوة الفريق البيداغوجي إلى تحيين عروض التكوين إذا ما أثبت أنّ مضامينها فقدت وجاهتها. وإنّ هذه المقاربة الجديدة لعروض التكوين تدلّ على أن حجب بعض الإجازات في سنة ما أو تأهيلها ليس بالأمر النهائي أو بالمكتسب الأزلي. ستكون عروض التكوين بجميع أصنافها محلّ تقييم خلال السنوات القادمة حسب مرجعيّة الجودة الأكاديمية والتشغيلية » (ص7). فهل نستنتج من هذا الكلام أن الجامعة أصبحت مخبر تجارب وان الطلبة فئران هذه التجارب؟ وما مصير الأساتذة خلال سنوات الحجب؟ هذا هو العبث بعينه والتلاعب بمصير مدرّسين وعدم احترامهم. فهل ستحيلهم الوزارة على البطالة الفنية مدّة معيّنة ثمّ تدعوهم إلى الالتحاق من جديد بإحدى الكلّيات وهكذا دواليك؟ إلاّ أنّ أساليب الوزارة في الرّدّ على الرّافضين لهذا الإصلاح متنوّعة. فقد تلازم الصمت وتوعز إلى أساتذة تجمّعيين بالردّ نيابة عنها. 2 – ردود بالوكالة لمّا داست وزارة الإشراف أساليب الحوار وتجاهلت الهيكل النقابي وأصرّت على التعنّت استعانت بأساتذة يقاسمونها الرؤية ويتبنّون أطروحاتها ليجادلوا المعترضين على الإصلاح . وقد انتقينا بعض المقالات باعتبارها عيّنات تكشف كيفية ردّهم. والمقالات التي اعتمدناها هي: أ- محمد نجيب بوطالب: « الإصلاح الجامعي: تخطيط رشيد للدخول إلى المستقبل » – جريدة « الشروق » – الخميس 9 جويلية 2009 ص19. ب- هدى سعادة: منظومة التعليم العالي بين الإصلاح ونقد الإصلاح –جريدة « الصّباح » الثلاثاء 28 جويلية 2009 ص 5. ج- أنور الجمعاوي: فزّاعة التخويف من تجديد التعليم الجامعي –جريدة « الصّباح » -الأحد 16 أوت2009 ص 20. د- فرحات الدريسي: الحراك الطالبي في رحاب الجامعة- جريدة « الصباح » 8 فيفري 2009 ص12. واللافت للنظر هو أنّ هذه المقالات تتشابه في مضامينها ولا تختلف أحيانا إلاّ في كيفيّة صياغتها وإخراجها، وهو أمر مثير للريبة. وكأنّ الكاتب واحد والمخرجين كثر. فمقال نجيب بوطالب مدح لنظام « إمد » وثناء على إيجابياته وإبراز لأفضاله على اقتصاد البلاد ومستقبل العباد، وميزاته لا تعدّ ولا تُحصى. فهو نظام الجودة والمردودية وحركية الطلبة، وهو نظام الكفاءة والتأقلم مع عالم الشغل وتحقيق التكوين التطبيقي المرتبط باحتياجات التنمية والمستجيب لما عرفه عالم الشغل ومنظومات الاقتصاد من تغيّر سريع. وهكذا يبدو هذا الكلام العام صالحا لكلّ النظم التعليمية التي تراجع نفسها بانتظام ماعدا نظام « إمد ». فآفاقه ضبابية ومردوديته غير واضحة والارتباك الذي ساد تطبيقه جليّ. أمّا أنور الجمعاوي فقد محور خطابه حول ثنائية التجديد والمحافظة. فالكاتب يمثل معسكر التجديد الرّاغب في تعصير البرامج وخطابه موجّه إلى معسكر الجمود والشدّ إلى الوراء دون أن يسمّيه، وهو أسلوب يقيه شرّ البلية ويجنّبه التصادم مع أصحاب الرأي الآخر. يقول: « والواقع أنّ متابعة ردود الفعل في الصحافة الوطنية يخبر بأنّ بعضهم يعارض سُنّة التجديد في التعليم العالي ». هكذا أصبح النقابيون جامدين متحجّرين يعارضون تجديد البرامج وأصبح المعسكر المرتبط بالوزارة والمدافع عن سياستها الخرقاء والساتر لعوراتها معسكر التقدّم والتجديد والتطوّر. سبحان الله! وبعد ذلك يعدّد صاحب المقال مزايا هذه المنظومة: تعديد الشعب / تنويع الاختصاصات / استثمار الطاقات الإبداعية للطلبة (فهل هذا يعني أنّ المنظومة القديمة لم تكن تستثمر هذه الطاقات؟ هو يُدين المسؤولين الذين يدافع عنهم دون أن يُدرك ذلك!)، تأسيس نظام تعلّمي تفاعلي بين الأستاذ وطلبته وتكوين جيل كفء معرفيا (العزوزة هازها الواد وهي تقول العام طهمة) / مواكبة الطلب التشغيلي وحاجيات السوق / التكيّف مع مستجدّات العصر التعليمي في البلدان المتقدّمة. وفي كلمة هو إصلاح يجعل بلادنا تنتمي إلى هذا العالم ولا تقع خارجه. هكذا سيجعل هذا الإصلاح بلادنا بين عشيّة وضحاها بلدا متقدّما بلا منازع! وتبدأ هدى سعادة مقالها بمقدمة نظريّة تتحدّث فيها عن أهميّة الإصلاح باعتباره سنّة الحياة. وقد رأت أنّ إصلاح التعليم العالي استجابة للظروف العالمية المتسارعة التحوّل والتغيّر وأنّ هذا المشروع سيمكّن البلاد من الانخراط في مجتمع المعرفة وفي محيطها الجغرافي والمعرفي، ثم نجدها بعد ذلك تَكيل ضروبا من اللوم والشّتم والإدانة والتجريح- بلغة لبقة وبعنجهية ملفوفة في قماش من حرير وكياسة مسمومة- للمحترزين من هذا الإصلاح المرتجل والرافضين للقرارات الأحدية والمندّدين بعدم إشراك النقابة في هذا الإصلاح. ومن الأمثلة الدالة على ذلك قولها: « فلا يمكن أن تُؤجّل القرارات حين يجب اتخاذها إذا ما آن أوانها خوفا من لومة لائم أو انتقاد ناقد »، « لايبقى أمام القافلة إلاّ أن تواصل مسيرتها ذلك أنّ الأهداف الإستراتيجية هي أكبر من أن تقف لمجرّد الوقوف نزولا عند رغبة هذا أو ذاك »، « الفرق بيّن بين من يجتهد وبين آخر يتربّص بهذا الذي يجتهد ». وتختم مقالها بالدعوة إلى الحوار « بعيدا على مهاترات التهديد بالمقاطعة لهذا الإصلاح أو ذاك، الحوارات ممكنة وضرورية في دولة القانون والمؤسسات وفي ظلّ فهم عميق لمعاني الديمقراطية » (كذا !). أمّا فرحات الدريسي فقد جاء خطابه متفقا في جوهره مع خطابات السابقين رغم أن ّعنوان المقال يتعلّق بالطلبة. فقد ركّز على خصائص الإصلاح ولاحظ أن التعليم العالي يشهد حراكا متسارعا من جهات شتّى، وأنّ هذا الحراك هو « انخراط في إرادة الحياة بذهنيّة إبداعية وعقليّة إنتاجيّة ومنهجيّة تنظيميّة ومنطقيّة، وسيساهم هذا الإصلاح في التحديث وتحقيق التنمية المادية والمعنويّة والحماية الذاتيّة والمناعة الوطنية ». وهكذا يبدو هذا الإصلاح منقذ البلاد من تخلّفها وفاتح أبواب الجنّة أمام ضحايا البطالة ورافع البلد إلى مصاف الدول المتقدّمة. نتبيّن، من خلال قراءة هذه المقالات، أنّ أصحابها تركوا موضوع « مهننة الجامعة » جانبا وحوّلوا خطاباتهم إلى حديث عن التحجّر والتقدّميّة ومواكبة العصر، وظهروا بمظهر المدافع الحقيقي عن التعليم والبلاد متصدّين لقوى الجمود والمحافظة. فهم إذن أناس متطوّرون مواكبون للواقع يريدون عصرنة البرامج وجعلها مستجيبة لمتطلبات هذا الواقع المتحرّك الذي يرفض الثبات والجمود. لذا وجبت – حسب رأيهم- مقاومة جيوب التحجّر والتخلّف بكل الوسائل والأساليب. وفي الختام نستطيع أن نقول لقد تبيّن الآن الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وتأكّد استخفاف وزارة الإشراف بقطاع التعليم العالي أساتذة وهياكل نقابية وطلبة، واعتمادها أساليب المراوغة والتضليل، وعزمها على تنفيذ مشروعها رغم كلّ هناته ونقائصة ومعاداته لمصالح الأساتذة والطلبة وتدميره الجامعة وضرب إشعاعها، وهروبها من مواجهة الواقع وتعقيداته. فهذه الوزارة لا تحرّكها العرائض ولا البيانات ، ولا تستفزّها الاجتماعات ولا التجمّعات.فشعارها هو التصامم والتعامي والبَكامة (انظر اللائحة الصادرة عن اجتماع أساتذة التاريخ والجغرافيا المنعقد بكلية 9 أفريل يوم 8/9/2009 – جريدة « الشعب » ع 1039 – السبت 12 سبتمبر 2009 – ص5). وبعد أن تجلّى كلّ ذلك فما على الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي إلاّ أن تضبط برنامجا عمليّا يردّ الاعتبار للقطاع ويحفظ ما تبقى من ماء الوجه. ولعلّ أهمّ نقاط هذا البرنامج هي: أ – حمل وزارة الإشراف على الاعتراف بالجامعة العامّة هيكلا نقابيّا شرعيّا وممثلا وحيدا للأساتذة. ب- إلزام قيادة الاتحاد المسؤولة عن الانخرام الداخلي للقطاع منذ عشر سنوات بفضّ إشكالية الاعتراف بالجامعة مع الحكومة ووزارة الإشراف. ج – مساندة الهياكل النقابية للأساتذة المتضرّرين من هذا الإصلاح مسـاندة فعليّـة وليست شكلية (أساتذة التاريخ والجغرافيا، أساتذة الترجمة وعلم الاجتماع وعلم النفس). د- بلورة برنامج مطلبي يلفّ حوله كل الأساتذة. ولتكن سنة 2010 سنة النضال وردّ الاعتبار للأستاذ وحفظ كرامته.
علي بن صالح
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 20 سبتمبر 2009)
باسم الله الرحمان الرحيم
هل تكتمل فرحة العيد
رياض حجلاوي نسال الله تعالى أن يتقبل صالح أعمالنا من صيام وقيام هكذا ودعنا رمضان وهو ضيف كريم وهل هلال العيد ليملأ القلوب بالفرح وتلتقي العائلات لتتبادل التهاني بقدوم هذا العيد. أتقدم إلى شعب تونس بأحرّ التّهاني بمناسبة قدوم عيد الفطر المبارك أعاده الله علينا باليمن والبركة وقد فُرّج همّنا وأُزيل غمّنا. لقد كان الإفراج على الدكتور احمد العش قبل العيد بأمر من رئيس الدولة عبر العفو الرئاسي خطوة ايجابية في الاتجاه الصحيح أعادت الفرح إلى أبناء الدكتور وأنهت معاناتهم ومعانات أهله جميعا. وبهذه المناسبة أدعو رئيس الدولة أن يستعمل صلاحياته ويصدر عفوا رأسيا على الدكتور الصادق شورو وعلى أبناء الحوض ألمنجمي فتكتمل فرحة العيد لكل أبناء الشعب التونسي.
قليل من القبلات في أول أيام عيد الفطر بتونس
تونس – اضطرت أعداد كبيرة من التونسيين إلى التقليل من التقبيل أو التخلي عنه تماما عند تبادل التهاني بعيد الفطر المبارك. وكان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي ووزارة الصحة العمومية نصحا المواطنين « بتجنب التقبيل والمصافحات الحميمية » لتفادي خطر انتشار العدوى بفيروس (اتش 1 ان 1) المعروف بأنفلونزا الخنازير. وأطلقت وزارة الصحة العمومية حملة عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة للوقاية من انتشار المرض دعت فيها المواطنين إلى تجنب التقبيل أيام العيد الثلاثة والاكتفاء بالمصافحة عن بعد لدرء خطر العدوى بالوباء. وكان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي نصح مواطنيه قبل أيام العيد « بتجنب التقبيل والمصافحات الحميمية » واستبدالها بوضع المرء يده على صدره للتعبير عن الترحيب بالآخر قائلا إن « لمسة على الصدر كافية لإظهار مشاعر الترحيب الحميمية في هذا الظرف بالذات ». وقال مراقبون إن هذه النصائح جاءت بناء على تعود التونسيين (ذكورا وإناثا) الإفراط في تقبيل بعضهم البعض (على وجنتي الوجه) عند تبادل التهاني خلال ايام عيدي الفطر والأضحى. وتتم المعايدة في تونس بتقبيل الآخر قبلتين اثنتين على الأقل أو أربعا وقد يصل العدد إلى ست قبلات إذا كان الصديق أو القريب عائدا من سفر خارج البلاد أو يتم الالتقاء به بعد طول غياب. وأفادت آخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة التونسية في 11 ايلول (سبتمبر) الجاري بأن عدد المصابين بأنفلونزا الخنازير في تونس ارتفع إلى 48 بعد اكتشاف 16 إصابة جديدة. وأكدت الوزارة أن كل المصابين شفوا بالكامل بعد أن تلقوا العلاج اللازم وانه لم يتم تسجيل أي وفيات بالأنفلونزا في البلاد. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 20 سبتمبر 2009)
اكتشاف إصابتين بأنفلونزا الخنازير في مدرسة خاصة في تونس
تونس :الألمانية أعلن مصدر طبي اكتشاف إصابتين بفيروس « ايه إتش 1 إن 1 » المعروف باسم أنفلونزا الخنازير في مدرسة منديس فرانس الفرنسية الخاصة الواقعة في العاصمة تونس. وقال المصدر في تصريحات نشرتها صحيفة « بزنس نيوز » الالكترونية اليوم إن المصابين وهما طالبة ( 11 عاما ) وطالب ( 15 عاما ) يتلقيان العلاج اللازم في منزليهما وأن حالتهما ليست خطيرة. وهذه أول مرة يعلن فيها عن اكتشاف إصابات بأنفلوزا الخنازير بإحدى المدارس في تونس. ومن المقرر أن يستأنف أكثر من مليونين و36 ألف طالب وطالبة دراستهم في المدارس الابتدائية والثانوية العمومية التونسية يوم 22 سبتمبر الجاري. ولم تستبعد وزارة التربية والتكوين التونسية إمكانية غلق الفصل الذي تسجل داخله ثلاث إصابات بأنفلونزا الخنازير وغلق المؤسسة التعليمية عند تسجيل ثلاث إصابات في ثلاثة فصول. وأفادت آخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة التونسية في 11سبتمبر الجاري أن عدد المصابين بأنفلونزا الخنازير في تونس ارتفع إلى 48 بعد اكتشاف 16 إصابة جديدة. وأكدت الوزارة أن كل المصابين شفوا بالكامل بعد أن تلقوا العلاج اللازم وانه لم يتم تسجيل أي وفيات بالأنفلونزا في البلاد.
(المصدر:موقع الإقتصادية الإلكتروني بتاريخ 20 سبتمبر 2009 )
المشهد التلفزي والرّهان التربوي
سامية زواغة ما فتئت الصورة تسجّل حضورا ملحوظا في المجتمعات المعاصرة بل أصبحت قادرة على تكييف سلوك الفرد و الجماعة عبر مسار جديد من التنشئة الاجتماعية بعد أن ارتبطت مرحلة الحداثة و ما قبلها بسحر الكلمة فان المرحلة المعاصرة تركز أساسا على جاذبية الصورة فلا يخلو بيت اليوم تقريبا من وجود جهاز تلفاز يتصل الناس بواسطته مع عوالم أخرى ويستخبرون به عن أحوال الناس في كثير من الأصقاع و العوالم فتعاظمت أهميّة هذا الجهاز واحتلت الصورة القدرة العجيبة على استقطاب العقول بل وضعت نفسها بديلا عن اطر التنشئة التقليدية الأخرى لهذا أصبح من الأهمية بمكان اثارة الجدل حول موضوع التلفزة والصورة وعلاقتهما بالتربية وهذا الحوار هو في نفس الوقت اثارة لجدل عام وشامل حول اكراهات الايديولوجيا والرهان التربوي والأجهزة الإيديولوجية و حول أجيال الطفولة و الشباب البالغين الذين يمثلون شريحة استهلاكية واسعة وقابلة للتشكل والتأثر أكثر من غيرها و هي أيضا استكناه لغايات الممارسة الفنية عامة و تفعيل لأسئلة التلفزة والتربية التي تهم عطب الشخصية وهوية الانسان التربوية وأهداف التسلية وشخصية المتلقي والدور التعليمي للصورة. وهذا الحديث عن التلفزة يقودنا حتما الى الحديث عن المنتوج الذي يقدم للمشاهد بمختلف فئاته العمرية و هو في نفس الوقت حديث عن غايات عديدة ابداعية و جمالية وفكرية وفرجوية و ايديولوجية و تربوية يجسدها الفلم أو المسلسل باعتباره استثمارا لمجموعة من المعارف الفنية (من موسيقى واضاءة وديكور و سيناريو) و الفكرية والمعيشية و التخييلية، الا أن هذه الغايات وخاصة التربوية منها بقيت حبيسة التنظير و لم يعد لها معنى أو وجود اليوم بالرغم من كثافة المنتوج الذي أصبح خاضعا لحاجيات السوق أكثر منه تفكيرا في الجودة .إن المشهد التلفزي مهما كان نوعه يضيف للمتلقي أثرا ما سواء كان ايجابيا أو سلبيا يضاف إلى التراكم العام الذي يحصل لدى الفرد في مشوار حياته مما يجعل من تاريخ المشاهدة عاملا أساسيا في بناء ملامح الهوية الخاصة في بعض أوجه السلوك أو طريقة تنظيم الحياة و التفكير أو ممارسة العلاقات الاجتماعية. إن الحقيقة المؤكدة أن الصورة تؤثر بشكل كبير على تربية الطفل خاصة وعلى توجه سلوكه واهتمامه إلى جانب مؤسسات أخرى كالأسرة والمدرسة والشارع لهذا علينا الاهتمام بخلفيات المشهد التلفزي والصورة المقدمة قبل البث لتأثيرهما الواضح اليوم في بناء شخصية أطفالنا حاضرا وشبابنا في المستقبل بحيث يخضعهم بشكل متكرر لقصف انفعالي يمكن أن يخلف تأثيرات مؤذية و مخلّة بالتوازن خاصة عندما تعرّض هذا الطفل لمداهمات الصورة و عنفها و تعدّ ه كذلك إلى اكتشاف مبكّر للعلاقات الاجتماعية الأكثر بربرية في حياة البشر. وعند هذه النقطة بالذات وفي معايشة قريبة لواقعنا و مشهدنا التلفزي الذي نريد له أن يحقق النجاح والامتياز المطلوب نقف لنتساءل عن إضافة برامجنا في هذا الشهر الذي اعتدنا انتظار مسلسلاته وبرامجه كل عام بلهفة وشغف لا لشيء إلا لأنها تدغدغ واقعنا وتعايش مشاكلنا لنكتشف اليوم على غير العادة أن بعض المواضيع المطروحة في هذه البرامج هي مواضيع بعيدة كل البعد عن قضايا التونسي ابن الفئة المتوسطة الحال هذا بالاضافة الى الأطر التي اختارتها سلط الاشراف ان تكون في السجون، فما علاقة هذه الأطر بشهر رمضان أولا؟، وكيف يفرض علينا إعلامنا أن نقضي سهراتنا الرمضانية في مثل هذه الأوساط ؟، بل أكثر من ذلك كيف تغيب الأخلاق في شهر الدين والقيم ليحضر جو التهكم والسخرية والرّداءة وتكون الضّحية هي الأطفال والشباب معا ؟، فكيف نريد لهذا الطفل وللغته إذن أن تكون ؟ وكل المثيرات التي تحيط به مثيرات خطيرة تستهدف لغته وثقافته وهويته بالأساس وأين نصيب الأطفال من هذه البرامج خاصة وأنهم في جو عطلة مدرسية لماذا نضطرهم لمتابعة برامج ومسلسلات الكبار التي ستضر بنفسيتهم وتنشئتهم فيما بعد و لماذا لا ننسج على منوال « امي تراكي ناس ملاح » وبرنامج « افتح يا سمسم » ؟رغم أن زادنا الإبداعي زاخر وطاقاتنا التخييلية اليوم تستحق الاحترام والعناية. كيف اندثرت هذه الروائع الأصيلة بمثل هذا الشكل و الثمن البخس؟ فلم يعد لبرامجنا معنى وغاية واضحة غير التسلية والتهريج بالاضافة الى غياب التصنيف و الخلط العمري بين مختلف الأجناس والأجيال في حين أننا يمكن أن نجعل من هذه البرامج وسيلة للنفع والتفعيل الايجابي عندما نحسن التعامل معها و نرجع ضرورة إلى متطلبات كل مرحلة عمرية ونصنّف البرامج حسب الموضوع وأثره في نشر قيم العنف أو الجنس غير المناسبة أو التّعابير الصوتية القبيحة. وهنا نؤكد على دور الأسرة في حراسة البوابة و ذلك بوصف اللقطات والمشاهد و توضيحها للطفل وان نبين له الواقع من الخيال لنطور لديه ملكة النقد والحصانة الفكرية في التعامل مع الصورة أي كان مصدرها وننظم دورات تدريبية للأولياء حول التربية على وسائل الإعلام . إذن نخلص أخيرا إلى أن تلفزتنا وبرامجنا وسيلتنا في صنع طلائع المستقبل و صقل أنماط السلوك والتفكير كما أنها قادرة بامتياز على جلب فوائد جمة للفرد إذا وقع التعامل معها بطريقة واعية وممنهجة. (المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد بتاريخ 18 سبتمبر 2009)
بسام بونني – صحفي تونسي مقيم بالدوحة هلّلت صحفنا لتصدر بلادنا قائمة الدول الإفريقية في سلّم الأمن والاستقرار. ولا أرى أنّ هذه المرتبة مفاجئة أو مبالغ فيها. فالتونسي بطبعه مستقرّ في حياته أو هكذا شاءت الأقدار. فحتى عندما يحلّ ببلد آخر وتصيب ذلك البلد مصيبة، يخرج علينا « المصدر المأذون » ليبشرنا بأنّ كلّ أفراد جاليتنا بخير. كلّها كرامات الخضراء، شئتم أيها المغرضون – عافانا الله منكم في هذا الشهر الكريم – أم أبيتم. كما أنّ استقرار البلاد ليس بالجديد بل هو ضارب في القِدم. ولعلّ أفضل صفحات تاريخنا دلالة على ذلك هي نهاية الحملة الصليبية الثامنة والأخيرة على عتبات قرطاج دون إراقة دماء ولو أنّ الصليبيين فرضوا شروطا مجحفة في نصّ المعاهدة التي أطفأت فتيل الحرب لبرهة من الزمن بين العالمين الإسلامي والمسيحي. وبالعودة إلى المرتبة الأولى الإفريقية للاستقرار، فإنها نزلت علينا بردا وسلاما ونحن نحيي الذكرى الثامنة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، تلك الأحداث التي قلبت العالم رأسا على عقب وأضفت شرعية على أفظع التجاوزات في تاريخ القانون الدولي الإنساني وفتحت المجال للحكومات لسنّ تشريعات مثيرة للجدل. وقد ساهمت هذه التشريعات في فرض الاستقرار دون وضع حدّ لأعمال العنف أو القضاء على بؤر التوتر، داخلية كانت أو خارجية. لم تحدْ تونس عن هذه القاعدة التي تكاد تكون كونية، باستثناء بعض الدول التي انغلقت على نفسها منذ عقود كميانمار وكوريا الشمالية أو تلك التي ترزح تحت عبء عقوبات دولية مثل كوبا وإيران وزيمبابوي. ففي العاشر من ديسمبر 2003، أي في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أصدرت تونس قانون « مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال » أثار ومازال كثيرا من اللغط. ودون الدخول في تفاصيل هذا القانون، الذي تمّ تعديله بداية العام الجاري دون وضع حدّ للجدل القائم، مازالت حكومات غربية – ولو أنّ عتبها لا يرفع عنها الحرج هي الأخرى – ومنظمات حقوقية تنتقد توظيف هذا القانون لمزيد التضييق على المواطن، بصرف النظر عن انتماءاتها وتوجهاته السياسية والإيديولوجية والعقائدية. ولعلّ آخر ما قيل في هذا الصدد هو إنّ « تونس تواصل ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان باسم الأمن ومكافحة الإرهاب »، وذلك على لسان منظمة العفو الدولية التي أعدّت تقريرا شاملا على الموضوع خصّت به بلادنا. ما خلُصت إليه المنظمة لا ينفي أنّ بلادنا مستقرّة فعلا، حتى وإن كانت القبضة الأمنية هي الثمن، في كثير من الأحيان. لكن، ما يثير الانتباه أنّ في ظلّ الاستقرار الذي تنعم به بلادنا، تفشّت الجريمة بكلّ أنواعها، من القتل إلى السرقة، مرورا بالاغتصاب والاتجار بالمخدرات والبشر والاحتيال والابتزاز وتبييض الأموال، إلخ … ويكفي الاطلاع على صفحات الحوادث والقضايا أو متابعة ما يحدث في محيطنا اليومي للوقوف على حقيقة أنّ استقرار البلاد لا يعني بالضرورة أمن المواطن. وهذا الاستنتاج ليس خاصّا بتونس فقط بل يخصّ كلّ دول العالم، لا سيما تلك التي جيّشت جيوشا وسنّت القوانين لمجابهة خطر افتراضي حتى وإن ضرب هنا أو هناك بقوّة وشراسة. فالإرهاب ضربة موجعة للحظة واحدة مع تبعات عدّة. أما الجريمة، فتستقي أهميتها من طول عمرها. ودون التقليل من الإرهاب والذي ضرب تونس عام 2002 تبقى الجريمة أكبر خطر يتهدّد العالم في الوقت الحاضر. ويكفي ضرب مثل المكسيك لنقف على حقيقة ضخامة الجريمة كخطر أمام الإرهاب. فهذا البلد لم يعرف في السنوات الأخيرة أعمالا إرهابية بالمعنى الأمني للكلمة، مقابل وقوع 865 قتيلا في شهر جويلية الماضي في حرب بارونات المخدرات !!! دول أخرى تعرف نفس المصير ولو بمستويات أقلّ، نذكر منها إيطاليا وروسيا وتركيا وألبانيا، حيث تغنم الجريمة المنظمة أموالا خيالية على حساب أمن الفرد وحقوقه. أمّا عندما تتحالف الجريمة مع الإرهاب، فيتمّ تركيع نظم سياسية بأكملها. ففي أفغانستان، تموّل بعض الميليشيات عملياتها من تجارة المخدرات. وهو ذات الحال في كولومبيا، حيث تعجز القوات الحكومية عن الوصول إلى مناطق وقعت تحت سيطرة أجهزة ما يسمّى ب »الدولة داخل الدولة ». طبعا، نحن بعيدين عن هذه المشاهد المفزعة. لكن ذلك لا ينفي أن قانون « مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال » لم يحدّ من الجريمة وبالتالي لم يُشعر المواطن العادي بالاستقرار الذي تنعم به البلاد ككلّ. والمطلوب، هنا، هو سنّ قوانين أكثر صرامة مع الجريمة والمجرمين. ذلك هو السبيل الوحيد لكي تكون بلادنا مستقرّة للفرد وللجماعة. إلاّ أنّ التشريعات لن تكون مجدية و لا فعّالة دون قضاء مستقلّ لا يفرّق بين المواطنين.
(حديث الجمعة على صحيفة « الموقف » التونسية بتاريخ 18 سبتمبر 2009)
البعـد الآخـر مقايضة الأيام العجاف
بقلم: برهان بسيس التطبيع مقابل الاستيطان هو آخر ما صدر في مقترحات المقايضة المطروحة أمام العالم العربي. مقايضة هذه المرة التي تجر وراءها حماسا أمريكيا من أكثر الإدارات التي يحس العرب تجاه رئيسها بنوع من الارتياح، هذه المقايضة تعتبر الأكثر إهانة وابتزازا وسخفا واحتقارا للموقف العربي عموما والحقوق الفلسطينية خاصة. أوباما الذي اصطدمت ادارته ـ أو هكذا يروّج تهويلا ـ بحكومة ناتنياهو في شكل من الضغط والبرود وتباعد الرؤى يقدم الى العرب نسخة مغلفة لمشروع راية بيضاء مهينة في شكل صفقة سياسية رابحة. مشروع السلام الجديد المطروح أمريكيا هذه الفترة لا يرتقي الى مستوى ما طرحه مشروع خريطة الطريق أيام الرئيس بوش، أو مقترحات الرئيس كلينتون أيام مفاوضات الكامب بين أبو عمار وباراك، وطبعا على مسافة بعيدة جدا من روح أوسلو وبعض اتفاقاتها. لن نتحدث عن المبادرة العربية للسلام، فهي تبدو مشروعا ثوريا غاية في الالتزام، كما لو كانت برنامجا سياسيا لاحدى فصائل المقاومة الفلسطينية، مقارنة بما تطرحه ادارة أوباما اليوم من تطبيع مقابل كسب يتيم مضحك وهو وقف الاستيطان!! والحقيقة فإن الادارة الأمريكية لم تكن لتتجرأ على طرح مثل هذه الصيغ لولا وقوفها على ضعف الموقف العربي ووعيها بأن شحن المنطقة العربية على أصداء التعبئة ضد الخطر الايراني الداهم قد بلغ مداه الأقصى الذي يفرض تغيرات جوهرية في النظرة لمصدر التهديد الحقيقي للأمن القومي العربي تصبح بموجبه ايران العدو الرئيسي الذي ينبغي أن يتحالف في مواجهته العرب واسرائيل. لقد نجحت هذه الرؤية في التأثير على دوائر القرار الرسمي في أكثر من دولة عربية سواء في المحيط الشرق أوسطي أو ما يتجاوزه، اذ ترسّخت قناعة في أوساط عدد من الأنظمة العربية الحاكمة بأن ايران هي العدو الحقيقي بترسانتها العسكرية وطموحها النووي وايديولوجيا تشيعها أكثر من اسرائيل وهو ما يهيئ المناخ حاليا لتقديم أي صيغة هامشية �لاندماج� اسرائيل في محيطها العربي للتفرغ الكامل لمواجهة الخطر الايراني. أصبح وقف الاستيطان أهم اهداف المشروع الوطني الفلسطيني الذي لا يخجل الأمريكان في تحويله من مجرد مطلب تقني تقوم عليه امكانية استئناف مفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين الى مشروع سياسي استراتيجي تتقاضى عبره اسرائيل هدية التطبيع الشامل مع كل الدول العربية. ورغم ذلك وخارج دائرة تفاصيل المتغيرات الدائمة على مسرح دائم المراوحة بين التشويق والملل هو مسرح الشرق الأوسط لا بد من التذكير الدائم أن الخطر الحقيقي على الأمن العربي لا هو ايران ولا اسرائيل التي خبرنا الصراع معها طيلة عقود من الزمن، إنما الخطر الحقيقي على أمتنا هو تخلف مجتمعاتنا، هو فقرنا وأميتنا وأمراضنا في الاقتصاد والثقافة والسياسة، لو نجحنا في هذه المعركة بالذات، حينها فقط لا خوف علينا من ايران ولا من اسرائيل، سواء حاربناها أو صنعنا معها سلاما!!!.. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 19 سبتمبر 2009)
في أرقام النمو
طارق الكحلاوي 2009-09-20 في أحد أكثر الكتب مبيعاً سنة 2003 �العولمة ومعارضاتها� (Globalization and its Discontents) يقول الحائز على جائزة نوبل الاقتصادي الأميركي والأستاذ في جامعة كولومبيا جوزيف ستيغليتز (Joseph Stiglitz) ما يلي: �كتب المثقف الفرنسي بيير بورديو عن الحاجة لكي يتصرف السياسيون مثل باحثين وأن يدخلوا في نقاشات علمية على أسس البراهين والحقائق الصلبة. للأسف، العكس يحدث عادة، عندما يصبح الأكاديميون المنخرطون في صياغة التوصيات الخاصة بالسياسات الاقتصادية مسيسين، ويبدؤون في تطويع البراهين لتتناسب مع أفكار الساسة�، وإذا كان ذلك وضعا معتادا في دول متقدمة في التمرس الديمقراطي فمن الطبيعي أن يكون أكثر بديهية في بقية الدول. من الصعب أن نشهد جدالا حول الوضع الاقتصادي التونسي من دون محاولة لتسييسه، وبطبيعة الحال لا يعني نقد �تسييس� الجدال حول الاقتصاد أن ليس هناك علاقة للاقتصاد بالسياسة، لكنه يعني أنه لا يمكن القيام بتحليل جدي للاقتصاد في سياق يرغب أولا وأخيرا في تأكيد موقف سياسي محدد من وراء ذلك التحليل، ومن ثمة فالتحليل السياسي للاقتصاد هو تحليل انتقائي، يختار معلوماته ولا يتعامل معها تعاملا محايدا، وهنا لدينا نموذجان لهذا النوع من التحاليل، الأول ينتقي المؤشرات الإيجابية ويضخمها بلاغيا إلى درجة تفقد معها معانيها، والثاني ينتقي المؤشرات السلبية ويضخمها أيضا بنفس الطريقة التي تفقد فيها معانيها، هذا عدا أن المؤشرات التي توصف بالإيجابية والسلبية هي ذاتها في حاجة للتدقيق في أحيان كثيرة. من المتاح لأي متتبع أن يركز على ما هو متوفر من معطيات متفق عليها، أو البراهين حسب تعبير ستيغليتز، حتى يمكن أن يفهم الاتجاه العام، في أقل الأحوال، للوضع الراهن، آخر المعطيات التي تصدرت أخبار وسائل الإعلام الرسمية تقرير صادر في إطار برنامج �مؤشر السلام الدولي� يمنح تونس موقعا متقدما نسبيا في قائمة الدول التي تعيش �مناخا سلمياً� ومن ثم مناسباً للاستثمار، رتبة تونس الأولى إفريقياً في القائمة كانت محور تركيز وسائل الإعلام الرسمية. قياس �مؤشر السلام الدولي� نابع من مؤسسة محترمة دولياً وهي �معهد الاقتصاد والسلام� (Institute for Economics and Peace) ولكنها تعرضت لانتقادات من قبل عدد من المنابر الإعلامية (مثل مجلة �الإيكنوميست�) في علاقة بالمعايير التي يعتمدها القياس وحتى جدواه خاصة أن ترتيب الدول يضع عدداً من القوى الأكبر في العالم والأكثر حيازة لاستثمارات دولية مثل الولايات المتحدة في ترتيب متوسط (83)، بل متأخر عن دول مثل تونس (44) والمالاوي (47) والموزمبيق (53) بما يضع تساؤلات حول أهمية المعادلة، المبررة للقيام بهذا المؤشر، بين �السلم� و �الاستثمار�. ولكن ذلك لا يعني أن ترتيب تونس المتقدم إفريقياً في هذه المجالات لا يعني شيئاً، لم تتأخر وسائل الإعلام الرسمية عن الإشارة إلى اقتران هذا المؤشر بمؤشر �منتدى دافوس� حول �التنافسية� هذا العام والذي يضع تونس أيضاً في مقدمة الدول الإفريقية، وبرغم أن هذا المؤشر الثاني دلالة على ما يقدر المناخ الاستثماري التونسي على القيام به فإنه ليس بالضرورة مؤشراً على ما هو قائم فعلاً، وإذا كان من اللازم التركيز على قائمة الدول الإفريقية فإن الاقتصاديات الإفريقية التي توصف بأنها �الأقوى� بحساب �الناتج المحلي الإجمالي� (وهو المؤشر المعتمد عموماً لترتيب الاقتصاديات �الأقوى� في العالم) يضع دولاً، على التوالي، مثل جنوب إفريقيا (1) ونيجيريا (2) والجزائر (3) ومصر (4) في مراتب متقدمة على تونس، برغم تأخرها عنها في قياسات �المناخ السلمي� و �التنافسية�. ولكن من جهة أخرى فإن الترتيب التونسي، بـ �ناتج محلي إجمالي� يزيد عن 39 مليار دولار (أرقام أبريل 2009)، ليس بعيداً في القائمة إذ يأتي في العشرة الأوائل إفريقياً، وبعد دول تتميز بمداخيل هائلة لثروات طبيعية رئيسية مثل النفط والغاز وبموارد بشرية أكثر من حيث الكمّ، ولكن ليس من حيث النوع بالضرورة. وبرغم أنه أصبح نوعاً من الكليشيه، فإنه ليس خاطئا التركيز على معطى الموارد البشرية وبالتحديد التميز النسبي لنوعيتها في تفسير مثل هذا الترتيب إفريقياً، غير أنه من بين أبرز معضلات الاقتصاد التونسي الراهن هي توظيف تلك الموارد البشرية المدربة والمهيأة للشغل خاصة مع التوقعات السائدة بانخفاض معدلات �النمو� (نمو �الناتج المحلي الإجمالي�). وقد صرح هذا الأسبوع الوزير الأول التونسي محمد الغنوشي بأن نسبة �النمو� في تونس هذا العام 2009 ستكون في حدود %3 ولن تتجاوز %3.5 في أحسن الحالات، في حين يمكن أن تبلغ %4 في سنة 2010. هذه النسبة تمثل تراجعا ليس هينا عن نسب �النمو� التي ميزت السنوات الفارطة. إذ عرف الاقتصاد التونسي مثلاً سنتي 2003 و2004 ما وصف من قبل المؤسسات المالية الدولية بأنه �نمو سريع� بنسب تراوحت بين %5.6 و%6، وكان الظرف الزراعي السيئ سنة 2005 وراء تراجع النسبة إلى %4، قبل أن تعود للارتفاع سنة 2006 إلى مستوى %5.5 وتستمر في الارتفاع سنة 2007 إلى %6.3. لكن بحلول سنة 2008 بدأ مؤشر �النمو� في التراجع ليصل إلى %4.5. وبرغم ارتفاع مستوى التضخم في نفس السنة إلى مستوى %5 إلا أنه كان من المتوقع أن ينخفض هذه السنة. والتراجع الحالي في �النمو� لا يجب أن يكون مفاجئاً إذ هو في علاقة مباشرة بتراجع نسب �النمو� عالمياً والتداعيات غير المباشرة لـ �الأزمة المالية� العالمية، ويأتي �تأجيل� مشاريع عقارية ضخمة في محيط مدينة تونس ضمن هذا الإطار، غير أن مشاريع عقارية ضخمة أخرى لم تتأثر بالوضع الدولي وانطلقت بالفعل. كما أن نسب السياح القادمين من الأقطار العربية المجاورة خاصة ليبيا والجزائر والتي فاقت المليون زائر من كلٍ منهما أسهمت في الحد من تقلص �النمو�، خاصة أمام تناقص نسبة السياح الأوروبيين. ولكن حتى نفهم المشكل الحالي وبالتحديد عدم توازن العلاقة بين نسب النمو الراهنة والقدرة على توظيف الموارد البشرية يجب هنا أن نستذكر تصريح السيد الغنوشي في شهر يونيو 2007 والذي كان أشار إلى ضرورة تحقيق نسبة نمو تفوق %6 حتى يمكن تلبية الحاجات الشغلية للمتحصلين على شهادات عليا والتي كانت ستزيد آنذاك بنسبة %94. وبهذا المعنى فإن انخفاض نسبة النمو في السنوات اللاحقة (2008 و2009) تحت نسبة %6 يعني القصور عن تلبية الحاجات الشغلية المتجددة خاصة أمام التدفق المستمر والمتزايد من المتحصلين على الشهادات والمهيئين لسوق الشغل. وقد أشارت أرقام رسمية نُشرت بمناسبة ندوات �الحوار مع الشباب� سنة 2008 أن نسبة البطالة لمن هم أكثر من سن 15 سنة تصل إلى %14. في حين تصبح النسبة أكثر ارتفاعاً عندما يتعلق الأمر بمن هو في عمر يتجاوز السن الدراسية لمرحلة التعليم العالي، إذ تصل نسبة البطالة لمن هم بين سن 25 و29 سنة إلى ما يزيد عن %27. يطرح ذلك سؤالا منهجيا أساسيا وهو العلاقة بين نسبة �النمو� وتحسن الوضع الاجتماعي، وكان أحد أهم رموز المؤسسات المالية الدولية من بين أول من تساءل حول أهمية نسب �النمو� المبنية على ارتفاع �الناتج المحلي الإجمالي�. إذ أكد روبرت ماكنامارا الرئيس السابق لـ �البنك الدولي� أن �النمو� الذي ميز �الدول النامية� في خمسينيات وستينيات القرن الماضي لم يمس وضع %40 من مجتمعاتها. وكانت دراسة كل من إيرما أدلمان (Irma Adelman) وسنتيا موريس (Cynthia Morris) سنة 1973 حول �النمو الاقتصادي والإنصاف الاجتماعي في الدول النامية� وضعت منذ ذلك الوقت ما يكفي من المعطيات والأسئلة التي لا تزال تدعم إلى اليوم من قبل باحثين آخرين، بما في ذلك ستيغليتز نفسه، حول أن �النمو� لا يعني ضرورة تحسن الوضع الاجتماعي للفئات الأكثر فقرا في المجتمع. وبهذا المعنى فإن المؤشرات التي تستحق الاهتمام والتركيز في هذه الحالة ليست فقط وبالأساس تلك المتعلقة بـ �التنافسية� و �المناخ السلمي�، بل تلك المتعلقة بنسب التشغيل وارتفاع الدخل، مقارنة مع ارتفاع الأسعار، في الطبقات الوسطى والفقيرة.
tkahlaoui@gmail.com (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية- قطر) الصادرة يوم 20 سبتمبر 2009)
من إمارة طالبان بأفغانستان إلى إمارة حماس بغز فستان
13سبتمبرأيلول 2009 النفطي حولة (*) : ناشط نقابي وحقوقي من أين سأبدأ حديثي هذا ؟ هل من إمارة طالبان بأفغانستان قبل الغزو والعدوان الأمريكي على سيادة البلاد وأمنها و استقلالها ؟ أم من المواجهات الحادة بين الإخوة الأعداء السياسيين في الصومال الذين ساسوا حتى سيسوا الدنيا والآخرة باسم الإسلام تارة وباسم السلطة دائما حيث حكموا بالجلد على من لا يقوم بالشعائر الدينية وخاصة فريضة الصلاة ؟ أم من آخر خبر عن جلد امرأة مسكينة في ماليزيا باسم تطبيق الشريعة الإسلامية وهي منهم براء ؟ أم ممن حكموا على الصحفية السودانية لبنى حسين في السودان التي تواجه عقوبة الجلد بسبب ارتدائها للبنطلون أم ممن أصموا آذاننا في غزة مطالبين بالحرية للفلسطينيين ولفلسطين و إذا بهما الاثنان سجينان لرؤية فئوية ظلامية وأنموذجا جاهزا منذ القرون الوسطى لا دخل فيه للحرية الفردية ولا حتى الشخصية فما بالك بالحرية السياسية أو الحرية الفكرية ؟ أم من الحوزات العلمية في عراق الجعفري والمالكي المدعومة من الصفويين الجدد بإيران الذين أسسوا للحرب الطائفية الدينية وشرعوها فإذا بها تأتي على الأخضر واليابس فتدخل إرباكا وتعقيدا على مسار حركة التحرر الوطني؟ أم من إسلام بن لادن وأيمن الظواهري الذين كلما انطفأت نارا أشعلوها باسم التعصب الديني فجيشوا أعداء الأمة وتسببوا في العديد من الحرائق خدمة للأهداف الامبريالية والصهيونية ؟ أم من حركة الإخوان المسلمين التي تأسست على يد الشيخ حسن البنا وكيف تعاملت مع الانكليز والقصر الملكي في عهد الملك فاروق وامتداداتها في الوطن العربي حيث دأبت على التعامل مع الاستعمار غايتها ومسعاها هو تطبيق الشريعة مهما كانت الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ؟ أم من حركة التكفير والهجرة التي تفرعت عن حركة الإخوان المسلمين والتي تريد أسلمة المجتمع إيمانا منها بأن المجتمع العربي لا زال يعيش زمن الجاهلية الأولى ؟ أم من حزب التحرير الإسلامي الذي ما زال يؤمن بالخلافة الإسلامية في الباب العالي باسطنبول في تركيا ؟ أم من فتح الإسلام التي أعلنت تمردها العسكري المسلح في نهر البارد في سنة 2007 في المخيمات الفلسطينية بلبنان كحركة سلفية جهادية دينية تكفيرية ترتبط فكريا بالقاعدة ؟ أم من الحركة السلفية في غزة التي أعلنت عن نفسها أخيرا أي في شهر أوت من سنة 2009 منافسا وخصما عنيدا لحماس في عملية إرهابية دموية ذهب ضحيتها العديد من أبناء غزة الأبرياء الذين أصبحوا يذبحون ويقتلون ويحاصرون باسم الدين؟ وانطلاقا من هنا نخصص حديثنا على القرارات الأخيرة التي أعلنت عنها حركة حماس في غزة وكيفية فهمنا و إدراكنا لها كظاهرة أثارت العديد من الردود والتساؤلات نطرحها في هذا النص بين يدي القراء كرؤية نقدية متواضعة تريد لنفسها أن تكون موضوعية و واقعية. ونبدأ بالتساؤل :ألا يكفي أبناء شعبنا الفلسطيني ما يعانونه من حصار جائر و مطبق تنفذه العصابات الإرهابية لصهيونية, ألا يكفيهم تشديد الحصار عليهم بغلق المعابر في رفح و إحكام السيطرة على الحدود المصرية الفلسطينية ؟ ألا يكفيهم الحصار المادي الجائر حتى يحاصرون في آرائهم ونمط تفكيرهم ولباسهم وسلوكهم الشخصي ؟ فهل حكم على شعبنا في غزة أن يعيش بين فكي كماشة بين الإسلاميين ممثلين في حركتي حماس والحركة السلفية التي أعلنت عن نفسها مؤخرا وبين العدو الصهيوني من جهة أخرى؟ ألا يكفي أبناء شعبنا التضحيات الجسيمة التي يقدمها ضد العدو الصهيوني من أجل التحرر من نير الاستيطان البغيض والرد على جرائمه العنصرية الوحشية حتى تنضاف إليه تضحيات أخرى في حرب إيديولوجية دينية بين الفرقاء الإسلاميين تحت شعار تطبيق الشريعة الإسلامية والتعصب الديني ؟ فكيف نفسر إعلان حركة حماس في خطوة غير مسبوقة على فرض الحجاب على المرأة الفلسطينية في صفوف المحامين وغيرهم و إلزام الطالبات على لباس الجلباب أسوة بطالبان وعدم الاختلاط بين الطلبة في المدارس والجامعات ؟ وللجواب على هذا التساؤل الشرعي والمشروع نقول : بما أن حركة حماس هي الامتداد الطبيعي لحركة الإخوان المسلمين العالمية فقرارها هذا ينسجم مع طبيعتها الإيديولوجية الدينية السلفية وبالتالي لا نستغرب منها إقدامها على هذه الخطوة خاصة إذا علمنا أن تاريخ حركة الإخوان وصراعها مع الأنظمة العربية كان تاريخيا وواقعيا من أجل تطبيق الشريعة وفق رؤيتها الضيقة والرجعية المتمثلة في تطبيق الحدود لا غير. إذا تاريخها هو تاريخ تطبيق الشريعة في كل عصر ومصر. وكثيرا هي التجارب التي مرت بها حركة الإخوان المسلمين في الوطن العربي من مصر إلى السودان إلى المملكة العربية السعودية إلى الصومال وفي العالم من باكستان إلى ماليزيا إلى اندونسيا حيث كان همها الوحيد هو إصرارها على تطبيق الشريعة. وما تنظيرات مفكريها كالسيد قطب وأبو الأعلى المودودي ومحمد قطب إضافة إلى مؤسسها التاريخي الشيخ حسن البنا في القول بجاهلية القرن العشرين كنقيض جوهري حسب زعمهم للحكم الإسلامي على قاعدة تطبيق ما جاء في القرآن والسنة إلا دليلا على المرجعية الفكرية الدينية التي تستند إليها رؤيتهم في التمسك بتطبيق الشريعة الإسلامية. حيث يقول السيد قطب في كتابه معالم في الطريق ما يلي : : ( إن اتجاهات الفلسفة بجملتها ، اتجاهات تفسير التاريخ الإنساني بجملتها، اتجاهات علم النفس بجملتها ، ومباحث الأخلاق بجملتها ـ، واتجاهات التفسيرات والمذاهب الاجتماعية منها ، إن هذه الاتجاهات كلها من الفكر الجاهلي ، أي غير الإسلامي ، قديما وحديثا ، ومتأثرة تأثرا مباشرا بتصورات واعتقادات الجاهلية وقائمة على هذه التصورات ، ومعظمها إن لم يكن كلها يتضمن في أصوله المنهجية عداء ظاهريا أو خفيا للتصور الديني بمجمله ، وللتصور الإسلامي على درجة خاصة ، إن حكاية أن الثقافة تراث إنساني محض لا وطن له ولا جنس ولا دين هي حكاية صحيحة عندما تتعلق بالعلوم البحتة وتطبيقاتها العلمية ، دون تجاوز هذه المنطقة إلى التفسيرات الفلسفية الميتافيزيقية لنتائج العلوم ولا التفسيرات الفلسفية لنفس الإنسان ونشاطه وتاريخه ، ولا العقل والأدب والتعبيرات الشعورية ، ولكنها فيما وراء ذلك إحدى مصايد اليهود العالمية ) ( 127 .انتهى معالم في الطريق .ص127:انتهى وهكذا يؤكد السيد قطب على أن كل علوم عصره الاجتماعية والإنسانية هي من الجاهلية لأنها لا تحمل تصورا دينيا ولا تقر بالحاكمية لله زيادة على التحليل التآمري والتعصب الديني لظهور الفكر والفلسفة في الغرب .وكأني بالسيد قطب يعيش في جزيرة نائية بمعزل عن امتداده التاريخي للحضارة العربية الإسلامية العريقة والتي شهدت في زمانها نهضة فكرية وفلسفية وعلمية في كل ميادين الحياة. وكان من بين أبرز فلاسفتها وعلمائها ابن رشد والغزالي وابن باجة وابن الهيثم والخوارزمي والفارابي وغيرهم كثيرون. حتى أن الغرب لا يزال يحتفظ بأعمالهم وبأسمائهم تخليدا لهم. وكل من درس تاريخ الحضارات من المؤرخين إلا وتعرضن لمساهمة الفلاسفة والعلماء العرب في نشر العلم والمعرفة وكل فنون الآداب والثقافة في عصرهم لكل من اختلطوا بهم وشاركوهم في الحضارة الإنسانية وخاصة منهم الأوروبيين. إذا بانحيازه الأعمى للتفسير الديني للتاريخ وإعطاء الأولوية للشريعة وإسقاطها على الواقع الاجتماعي يكون سيد قطب قد نظر« بتشديد الضاد» للقطيعة مع العقل ومع المنهج العلمي في المعرفة في عصره. وكان تأثيره كبيرا على كل الحركات الإسلامية الناشئة. وفي فقرة أخرى من نفس المرجع يقول : «وليس في إسلامنا ما نخجل منه ، وما نضطر للدفاع عنه ، وليس فيه ما نتدسس به للناس تدسساً ، أو ما نتلعثم في الجهر به على حقيقته .. إن الهزيمة الروحية أمام الغرب وأمام الشرق وأمام أوضاع الجاهلية هنا وهناك هي التي تجعل بعض الناس .. المسلمين .. يتلمس للإسلام موافقات جزئية من النظم البشرية ، أو يتلمس من أعمال » الحضارة » الجاهلية ما يسند به أعمال الإسلام وقضاءه في بعض الأمور … إنه إذا كان هناك من يحتاج للدفاع والتبرير والاعتذار فليس هو الذي يقدم الإسلام للناس . وإنما هو ذاك الذي يحيا في هذه الجاهلية المهلهلة المليئة بالمتناقضات وبالنقائض والعيوب ، ويريد أن يتلمس المبررات للجاهلية . وهؤلاء هم الذين يهاجمون الإسلام ويلجئون بعض محبيه الذين يجهلون حقيقته إلى الدفاع عنه ، كـأنه متهم مضطر للدفاع عن نفسه في قفص الاتـهام ! » »- من كتابه « معالم في الطريق. فنجده في هذه الفقرة يؤكد على عدم جدلية فكره باعتباره يحتكم إلى النص المقدس أين تكون الحقيقة كلية ومطلقة فيحاكم الجاهلية ويتهمها بمعاداة الإسلام والعقيدة المسبق والمبطن. فكان ولا يزال هدف الحركات الإسلامية وخاصة منها ذات الأصول الاخوانية يختزل في شعار الإسلام هو الحل وتطبيق الشريعة هو الهدف والغاية. وهكذا تغيب منهجيا المقاصد الأساسية للشرع من حيث هي القطيعة النهائية مع نظام الاستغلال الاقتصادي فتجعل من تطبيق الشريعة البوابة التي تفضي بها مسحة دينية على الواقع الاجتماعي حتى تصل في نهاية التحليل إلى أسلمة المجتمع وبهذه القراءة الدينية لمظاهر المجتمع وأبعاده الاجتماعية والسياسية والاقتصادية يقع تقنين التوجه الرأسمالي للاقتصاد فيتم بذلك تشريع الاستغلال وما يستتبعه من الحيف والظلم الاجتماعيين. وكأن التاريخ بالنسبة إلى هذه الحركات الدينية هو البحث عن شرعنة الواقع باسم الدين حتى تبرر وصولها إلى السلطة السياسية. وما الصراعات السياسية الدائرة من حين لآخر بين الفرقاء الإسلاميين في فلسطين وفي العراق وفي لبنان وفي الصومال وفي السودان وفي أفغانستان التي تأخذ في الكثير من الأحيان شكل الصراع المسلح من أجل السلطة. و ما الانشقاقات ذات الخلفية الفكرية المبنية على الطابع التأويلي للنص الديني التي تحصل في صفوفهم إلا تأكيدا على الاستغلال السياسي للدين والإرهاب الفكري للجماهير باسم الدين. ومن جهة أخرى إذا كان الأصل في الدين كما نفهمه نحن هو في الواقع من أجل حرية الإنسان وخاصة في إطار الرؤية العقلانية والتقدمية لتأويل النص الديني و إذا كان المقصد الأساسي للشريعة هو حرية الإنسان والبحث في كل السبل والطرق المؤدية إلى تحرره من كل العوائق والرواسب الفكرية الرجعية التي تكبله وكل العراقيل والحواجز المادية التي ترهقه وتجعله أداة في يد فرد أو قبيلة أو طبقة أو فئة اجتماعية, فإذا كان هذا الهدف الأسمى من الشريعة هو حرية الإنسان وحركته نحو التقدم فلماذا تستعمل الحركات الدينية السلفية الدين لتقييد حريته والنيل منها.؟ أو بالأحرى لماذا تستغل هذه القوى الدين للحيلولة دون حرية الإنسان التي ما جاء الإسلام إلا لتأكيدها باعتباره ثورة ضد العبودية وكل أنواع استعباد الإنسان لأخيه الإنسان كما جاء على لسان الخليفة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟. وفي نفس السياق لرجل الدولة القوي الخليفة عمر ابن الخطاب وفي باب الاجتهاد نراه يسبق مصلحة المجتمع على المصلحة الدينية فيبطل العمل بالحدود نظرا للظروف الطارئة التي تمر بها الدولة من خصاصة في السنوات العجاف أيام المجاعة والذي يعد انتصارا للنظرة العقلانية الثاقبة والفهم الدينامي للأشياء والظواهر عكس الفهم السكوني الستاتيكي التي دأبت عليه الحركات السلفية الدينية في عصرنا الراهن وعلى رأسها حركة الإخوان المسلمين وامتداداتها في الوطن العربي. إن تقييد حرية الإنسان باسم النظرة الرجعية للدين والتي من ضمنها تلك النظرة الحرفية للنص والتطبيق الآلي للحدود وما جاء من تشريعات يندرج في الواقع في إطار الرؤية اللامنهجية واللاتاريخية للأشياء والظواهر التي تؤمن بها الحركات الدينية السلفية خدمة لمصالحها الطبقية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ولفريق الحكم لهذه الحركات الدينية الرجعية التي احتكرت الدين لتبرير توجهها السياسي والسلطوي. ومن هنا نفهم السياق الفكري والسياسي الحقيقي الذي تتنزل فيه القرارات الأخيرة لحركة حماس. فهل هذا وحده كاف لتفسير ما أقدمت عليه حماس ؟ بالطبع لا . ذلك أن التنافس الشديد بين حركة حماس من جهة والحركة الإسلامية المتميزة بالسلفية الجهادية التي ظهرت أخيرا في غزة في شهر آب – تموز2009 والتي عبرت عن نفسها في التفجيرات الأخيرة لأكبر شاهد على ما نقول .ومن أبرز هذه الحركات جماعة جند أنصار السنة التي ظهرت في أواخر سنة2008 والتي تقول في أدبياتها: «إنها تسعى من خلال الجهاد لإعلاء كلمة الله، ونصرة نبيه، ودفع العدو عن ديار المسلمين. » وتعتبر الجماعة مقربة أيديولوجيا لتنظيم القاعدة كان يقودها عبد اللطيف موسى المعروف بـ«أبو النور المقدسي»، ومن قادتها أيضا أبو عبد الله السوري، وكلاهما قتل على يد حماس .لا يوجد عدد محدد لعناصر الجماعة، ويزعم الإسرائيليون أن عددهم يصل إلى 500، من بينهم مصريون ويمنيون وباكستانيون وأفغان. وينشطون خاصة في خان يونس ورفح على الحدود المصرية، معقل التيار السلفي . ومن هذا المنطلق وجدت حركة حماس نفسها محاصرة بالعديد من الحركات الإسلامية السلفية المتشددة ولدت وانتشرت زمن الحصار.وكان عليها أن تختار بين أحد أمرين إما محاربة هذه الحركات والصراع ضدها على شرعية السلطة واستيعاب مطالبها في تطبيق الحدود أو الانصياع إلى أوامرها لتصبح جزءا من مشروعها ف.فاختارت الأمر الأول رغم ما سيخلفه من انشقاقات وتداعيات لن تكون سهلة بأي حال من الأحوال . ويظل يطاردنا السؤال الذي تأخر كثيرا والمتعلق بطبيعة المرحلة التي تمارس فيها حماس وغيرها من الحركات الوطنية الفلسطينية دورها في النضال الوطني. فإذا كانت طبيعة هذه المرحلة هي التحرر الوطني من نير الاحتلال والاستيطان الصهيوني فهل يكون العمل على توحيد القوى وكل الفئات الشعبية وتعبئتها وراء المقاومة ومشروعها في التحرر الوطني أو تقسيمها على أساس ديني وربما طائفي ؟ ولسائل أن يتساءل أين موقع الفلسطينيين المسيحيين من تطبيق الشريعة الإسلامية ؟ هل هذا هو عامل وحدة أو فرقة وخلاف ؟ وأين موقع بعض اليهود الذين يناضلون ضد المشروع الصهيوني على قلتهم ؟ فهل المرحلة تقتضي حشد الطاقات والجهود وتوحيدها من أجل زيادة كسب الأنصار محليا وقوميا و إقليميا وعالميا أم تعميق الفرقة والخلافات الهامشية التي لا يستفيد منها غير العدو الصهيوني وحلفاؤه ؟ وحتى بالمعنى الإسلامي أليس الإسلام دين تسامح ورحمة وتعايش بين ذوي الديانات المختلفة ؟ فإذا رفض عمر ابن الخطاب العمل على تطبيق الحدود ونحن لا زلنا في فجر الإسلام وفي الدولة الإسلامية فكيف بحركة حماس تشرع ذلك وشعبنا الفلسطيني يعيش أبشع أنواع الحصار والطرد والتهجير والتشريد ؟ ألا يعد ذلك اعتداءا على العقل أولا وعلى الإسلام ثانيا من أجل المحافظة على سلطة وهمية سلطة اوسلو التي رفضتها حركة حماس إلا أنها دخلت من نافذتها في الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة ؟ ألا يفسر ذلك مدى تشبث حركة حماس بالسلطة ولو على حساب الإسلام باسم الإسلام ؟ أم إننا نتجه أمام إمارة حماس بغزسفستان أسوة بإمارة طالبان في افغانستان ؟ (*) ناصري تقدمي المصدر : منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية » الرابط : http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p
المعارض المصري ايمن نور يعود للسجن زائرا
القاهرة ـ بعد أن قضي أربع سنوات خلف القضبان قرر المعارض المصري ايمن نور، زعيم حزب الغد، قضاء أول أيام عيد الفطر في زيارة السجون. وقام نور بزيارة سجن استئناف القاهرة و تبع ذلك بالسير بين أحياء القاهرة الشعبية لمدة ثمانية ساعات سيرا على الأقدام. ورفضت إدارة السجن قيام نور بزيارة بعض سجناء الرأي العام وبعض السجناء من دائرته الانتخابية باب الشعرية. كما مشي زعيم حزب الغد ثماني ساعات بين خمسة من أحياء القاهرة القديمة بدأها بالفجالة مرورا بباب الشعرية و الأزبكية و الموسكي والجمالية و الحسين و الدرب الأحمر وذلك في إطار حملة طرق الأبواب التي كان نور قد بدأها في الانتخابات الرئاسية عام 2005 و التي جاء ترتيبه فيها في المركز الثاني بعد الرئيس مبارك، واستأنفها منذ شهر نيسان (أبريل) الماضى عقب خروجه من السجن. وقال نور إنه قضى سبعة أعياد داخل السجن، مشيرا إلى أنه سيواصل زياراته للسجون خاصة سجناء الرأي العام حيث يتجه الاثنين لزيارة الأديب السيناوي مسعد ابوفجر فى سجن ابوزعبل وكذلك لزيارة منطقة طره (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية-لندن) الصادرة يوم 20 سبتمبر 2009)
المواجهات بين الإسلاميين … من البيان إلى السنان
مسفر بن علي القحطاني تشهد هذه الأيام مواجهات مسلحة وعنيفة في أكثر من مكان، وبقدر ما يشعر معها المتابع، بالحزن لما يجرى من دمار وقتل، فإنه يتعجب من طبيعة هذا الاقتتال وأسبابه، ومن هو صاحب الحق أو الظالم المعتدي في ظل غبار المعارك وضبابية الموقف الشرعي لأطراف النزاع. وهذه المواجهات التي تحتل الصدارة في نشرات الأخبار العالمية هي مواجهات في بعض بلادنا الإسلامية، وليست بين أطراف مختلفي التوجه والديانة، بل هي معارك منطلقها المساجد ودعاتها من الخطباء والوعاظ، و راياتها إعلاء كلمة الله وشعاراتها العمل على تطبيق شرع الله تعالى وفق مذهب أهل السنة والجماعة. وهذا ما يجعل المشهد أكثر قتامة والحراك فيه مشيٌ في حقلٍ من الألغام المتفجرة؛ إما بالتكفير أو التدمير المسيّس بالدين، والشواهد حاضرة وأبعادها وآثارها المتوقعة في أبناء تلك المجتمعات ستكون عميقة ومؤثرة في انتمائهم لأي مشروع إسلامي قادم، والأمثلة على ذلك ليست بعيدة أو غائبة عن المتابع العادي، مثل ما يحصل في غزة بين «حماس» و «جند الله»، أو بين شباب المجاهدين في الصومال والحكومة الصومالية المكونة من كثير من كوادر المحاكم الإسلامية، أو ما يحصل في أفغانستان بين طالبان و بعض الفصائل الجهادية التي قاتلت الروس في الثمانينات الميلادية، كما لا يخفى الحال الدامي في العراق والمواجهات المسلحة بين أطراف المقاومة والقاعدة وجيش الصحوة والتيارات الإسلامية الأخرى، كل تلك الوقائع وغيرها هي انقلاب في طبيعة الاختلاف الذي يقع بين الإسلاميين ويشغل الشارع الإسلامي بالردود والمناقشات التي قد يخرج بعضها عن إطار الأدب الإسلامي في النقد والإنكار، ولكنها في غالبها لا تخرج عن محيط البيان بالحجة والبرهان، أما أن ينقلب الخلاف إلى مواجهات مسلحة وصراعات دامية على تمكين مشروع اجتهادي أو اختيارات بشرية لموقف معين، فهذا ما يدعو إلى الانتباه والتحذير من مغبات تلك المعالجات الجانحة، والمساوئ والمفاسد المترتبة على جميع الأطراف من جراء تلك المواجهات المخالفة، ويمكن أن أبين بإيجاز مكمن الخطورة في هذا التحول السريع نحو التصفيات الإبادية للمخالف في الرؤى والاجتهادات البشرية كما في النماذج التي وقعت في بعض البلاد الإسلامية: أولاً: ليس المقام في هذا المقال بيان من هو صاحب الحق والمخالف من تلك الأطراف المتقاتلة، ولكن من الضروري أن نعرف أن غالبية تلك الاختلافات لها ما يؤيد أصحابها ويستدلون عليه ويشحنون به الأتباع من النصوص والأقوال الفقهية، فالمنطقة التي يتنازعون فيها من الدوائر الرمادية التي لا تعطي لصاحبها القطع في صحة رأيه وصواب اجتهاده، ومع ذلك فهناك ثوابت قطعية لا يجوز الاختلاف عليها كحرمة سفك الدماء، وأن حفظ نظام المجتمع وسلامة أمنه من المقاصد الكلية، وأن الأصل حرمة المسلم على المسلم ولا ينفي ذلك إلا موجبات محددة ذكرتها النصوص وحددت سبل تنفيذها، وأما تسويغ الفوضى والاحتكام إلى السنان والبندقية في تهديد المقابل وإرغام المخالف على قبول وجهات النظر الاجتهادية والتوجهات السياسية لهو من المهددات الخطيرة للشريعة والمجتمعات الإسلامية. ثانياً: إن ما يحصل بين المسلمين من اقتتال هو من الفتن التي نهى عنها النبي (صلى الله عليه وسلم) كما في قوله: «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» متفق عليه، فهي فتنة مصيرها مخيف لكل الأطراف، مهما لبّسناها بلبوس الغيرة والنصرة وإقامة الشرع، بينما هي تحكيم لتوجهات وخيارات لأحزاب ومؤسسات، و يحصل الإشكال الأكبر أن هذه الخلافات كثير منها يمتد إلى أبرياء ومدنيين لا حظ لهم في تلك المواجهات إلا القتل والتدمير لحياتهم ومستقبلهم، وهذا ما يجعل الأمر عظيماً عندما يحصل القتل، والوعيد في الشريعة قد جاء على ما هو أقل من ذلك بكثير، احتياطاً لسلامة المسلمين من الإضرار ببعضهم، فقد قال عليه الصلاة والسلام : «لا يشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده، فيقع في حفرة من حفر النار» متفق عليه. وقال عليه الصلاة والسلام في حديث آخر «إذا مر أحدكم في مجلس أو سوق وبيده نبل فليأخذ بنصالها، ثم ليأخذ بنصالها، ثم ليأخذ بنصالها، أن يصيب أحداً من المسلمين منها بشيء» متفق عليه، ولا أظن أن فقيهاً أو مفتياً يجرؤ على تشريع العدوان على أحد من المسلمين بحجة أن هناك شبهة في الولاء أو مظنة التحالف مع الأعداء، فضلاً أن تلك المسائل لو حدث ما يوجب النظر فيها فإنها من شأن مجامع العلماء لا أفرادهم، فهي من النوازل المدلهمة التي تحتاج ثاقب النظر وتقدير المآلات ورسوخ العلم وإدراك مقاصد الدين وحفظ كيان المسلمين ولو بتحمل أخف الضررين. ثالثاً: أن تلك المواجهات الموجعة بين الفصائل والأحزاب والمنتهية بالفضائع والاحتراب، هي هدر للجهود البانية للوطن في ماضي عهوده، وتضييع لمكتسبات المؤسسين الذين بذلوا الغالي والنفيس في التحرير والبناء، وتحطيم الأمل في نفوس الطامحين من الأجيال الواعدة الحالمة بالعيش الرغيد، واتهام لمشروعات الأسلمة وبناء الدولة التي يدعو إليها أكثر الإسلاميين بالنقص والفشل، فضلاً عن تثويرها للأخوة والجيران، ونزوعهم العاجل لحل خلافاتهم بالقوة والسنان، وتحويل مشاعر المسلمين من التعاطف والتعاون والاتحاد إلى تعميق الحقد والضغينة والتشفي ولو بالضعف والافتراق. إن مؤشرات الجنوح للمواجهة عند الاختلاف بين دعاة الشريعة وحماتها، ينذر بتحول خطير نحو عصر الفتن والاقتتال وعسكرة المجتمع، وفشو الغلو والتطرف والإرهاب، والأخطر من ذلك أنه سيكون حلاً مبرراً لمعالجة الآراء بدلاً من مناقشتها، ويستلهم المنظّرون وطأة الواقع تأصيلاً لذلك الجنوح، وقد يُعدّ حينها دعاة الاعتدال والتسامح والحوار من الضعفاء سفهاء الأحلام، والفتن حين تقبل لا يبصرها إلا العالم الفقيه وحين تدبر يعرفها كل جاهل ويحصد زرعها الجميع، وسنن الله في الأنفس والمجتمعات شاهدة على هذا التدهور والانتكاس، وصفحات التاريخ قد كتبت تلك الصور وروت تلك الأحداث وأخبرت بأن المنتصر منها مهزوم، والقوي فيها موهوم، وما ذهب من أندلسٍ وما ضيعناه من فلسطين لن ترجعه الدموع والأشعار، أو اتهام الماضي وسب الجاني، وصدق الحق تعالى: «وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ».
جدل بين الصحافيين الجزائريين بسبب اطلاق
النقابة ‘الحقيبة المدرسية’ لفائدة محدودي الدخل
كمال زايت الجزائر ـ ‘القدس العربي’: أثارت المبادرة التي قامت بها النقابة الوطنية للصحافيين بالإعلان عن تسليم حقائب مدرسية مجهزة بمختلف الأدوات الدراسية لفائدة ابناء الصحافيين من أصحاب الدخل الضعيف جدلا بين العاملين في مهنة المتاعب، وسارع بعضهم للإعلان عن عريضة توقيعات لوقف ما اعتبروه ‘مهزلة’ وإساءة للصحافيين ولمهنتهم. وكانت نقابة الصحافيين قد أعلنت عبر الصحف عن مبادرة لمنح حقيبة مجهزة بأدوات مدرسية لفائدة الصحافيين والعاملين في قطاع الصحافة من أصحاب الدخل الضعيف، داعية إلى تسليمها قوائم باسم كل مؤسسة صحافية تضم أسماء المعنيين بهذه المساعدة في أقرب وقت ممكن. وذكرت النقابة أن عملية ‘ الحقيبة المدرسية’ تتم بالتنسيق مع وزارة التضامن الوطني التي تقوم بتوزيع الإعانات على العائلات المعوزة في شهر رمضان وفي الدخول الدراسي، إذ توزع في كل سنة ‘قفة رمضان’ (أطعمة ومواد غذائية) وحقيبة مدرسية للعائلات المحتاجة. وجاء رد فعل عدد من العاملين في مهنة المتاعب غاضبا، معتبرين أن هذه المبادرة سابقة في تاريخ العمل النقابي، وأنها بأي حال من الأحوال لا تشرف أصحابها ولا تشرف المهنة في حد ذاتها. وشدد المعارضون على أنه كان من الأولى على النقابة أن تعمل على استعادة حقوق الصحافيين المهضومة، ومن ضمنها الحصول على راتب محترم يضمن العيش الكريم لهم ويمكنهم من شراء الأدوات المدرسية لأبنائهم وبناتهم بأنفسهم، دونما حاجة إلى صدقة أو حسنة من أحد. واعتبروا أن النقابة أخطأت الهدف مرة أخرى، فبينما تخوض النقابات التونسية والمغربية معارك ضارية من أجل حرية الصحافة، تحولت نقابة الصحافيين الجزائريين إلى هيئة لتوزيع الصدقات والتبرعات، وذلك بعد أن كانت تنظم الدورات الكروية وحتى عروض الأزياء. وقال شافع بوعيش الصحافي بجريدة ‘لوتون’ (خاصة صادرة بالفرنسية) ان ما فعلته النقابة إهانة وإساءة لكل الصحافيين، وخاصة أولئك الذين دفعوا حياتهم ثمنا من أجل هذه المهنة، مشددا على أن ‘الطاهر جعوت وعمر أورتيلان وسعيد مقبل الذين اغتالتهم أيادي الإرهاب لا يستحقون هذه الإهانة’. وأضاف أن النقابة تعترف بتصرفها هذا بالواقع الهش والمزري الذي يعيش فيه الكثير من الصحافيين، وأنها بدل أن تقدم على تغيير هذا الوضع وتسعى لانتزاع حقوق ومكاسب للذين يفترض أنها تدافع عنهم، فإنها راحت تكرس هذا الواقع من خلال تحويل الصحافيين إلى شحاذين لدى وزير التضامن. وتساءل عن نظرة الناس والأحزاب والساسة وهم يرون الصحافيين يقفون في طوابير من أجل الحصول على الصدقة التي تتبرع بها وزارة التضامن الوطني، مؤكدا ان ذلك سيقلل من قيمة المهنة في نظر الكثيرين. وشدد على أنه في الوقت الذي كان يجب أن نخوض معارك حرية الصحافة والدفاع عن المهنة، تحولت النقابة إلى جمعية خيرية تتصدق على الصحافيين في حين أن هذا بعيد كل البعد عن مهمتها وسبب وجودها. وأوضح بوعيش أن حرية الصحافة وقضايا المهنة هي آخر ما تفكر فيه هذه النقابة ‘التي لا تستفيق من سباتها ولا تصرخ دفاعا عن حرية التعبير إلا لما يتعرض أصحاب الصحف إلى متابعات قضائية، في حين أنها تغض الطرف لما يتعلق الأمر بحقوق الصحافيين’. وذكر أن نقابة الصحافيين تعاني من مشكلة تمثيل لأن الأغلبية الساحقة من الصحافيين غير منخرطين فيها ولا يعترفون بها، كما أنها لم تعقد أي مؤتمر منذ تأسيسها عام 1998، وهي تسير منذ ذلك العام بدون شرعية قانونية. وأشار إلى أنها لا تملك حتى مقرا خاصا بها ككل النقابات في جميع القطاعات بينما يمتلك فرع الاتحاد الدولي للصحافيين مقرا بدار الصحافة بالعاصمة، مشددا على أن النقابة التي تقبل بوجود مالك جريدة ضمن قيادتها لا تصلح لأن تكون نقابة’والكارثة أن هذا الشخص لا يدفع رواتب صحافييه ولا يصرح بهم كموظفين في مؤسسته الإعلامية أمام الجهات الرسمية’، حسب بوعيش. مبالغات من جهته قال كمال عمارني الأمين العام للنقابة الوطنية للصحافيين أن ردود الفعل الغاضبة مبالغ فيها بشكل واضح، مشددا على أن المبادرة لا تستهدف الصحافيين لوحدهم وإنما كل العاملين في قطاع الصحافة ‘وبالتالي فإن القصد لم يكن الإساءة أو الإهانة بقدر ما هو محاولة لمساعدة من يحتاجون لتلك الحقائب، علما أن الدخول الدراسي تزامن هذا العام مع شهر رمضان وعيد الفطر’. وأكد على أن قيام النقابة بمبادرة من هذا النوع لا يعني بأي حال من الأحوال أنها تخلت عن واجبها ومهمتها المتمثلة في الدفاع عن الصحافيين، مؤكدا أن النقابة كانت دائما حاضرة للدفاع عن الصحافيين دون تمييز بينهم. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية � لندن) الصادرة يوم 20 سبتمبر 2009)
ناشدن القرضاوي التدخل لدى بوتفليقة.. جزائريات: السلطة تجبرنا على نزع الخمار عند التصوير
2009-09-20 الجزائر – حسين بوجمعة
أقدمت مجموعة من النساء الجزائريات، وتحديدا من ولاية غليزان (حوالي 300 كلم غربي العاصمة الجزائر)، على توجيه رسالة إلى الشيخ يوسف القرضاوي، يلتمسن منه التدخل لدى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، من أجل إلغاء قرار وزارة الداخلية الصادر سنة 1997، الذي يحضر على الإدارات المحلية، قبول الصور الشمسية للنساء بالخمار والرجال باللحى في بطاقة الهوية وجواز السفر ورخصة السياقة. وجاء في الرسالة، التي وقعتها 26 امرأة، ونشرتها صحف محلية أمس، �نحن مجموعة من النساء والأخوات من ولاية غليزان بالجزائر، نعاني من مشكلة خطيرة ترتبط بعقيدتنا وأخلاقنا وثوابتنا، حيث إننا تقدمنا إلى مصالح دائرتنا من أجل استخراج بطاقة الهوية وكذا جواز السفر. وقدمنا ملفاتنا، ولكننا فوجئنا برفض هذه الملفات، والسبب هو اشتراط صورة شمسية للنساء المحجبات بدون خمار على الرأس، وبأن هناك تعليمات تلزم تقديم الصور الشمسية في ملفات الهوية وجواز السفر بدون خمار بالنسبة للنساء وبدون لحية بالنسبة للرجال�. وأضفن النسوة الجزائريات، يخاطبن الشيخ القرضاوي بالقول: �شيخنا الفاضل، لما تحظون به من مكانة في العالمين العربي والإسلامي، ولما يكنه لكم رئيس الجمهورية الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة من احترام وتقدير، نطلب من فضيلتكم التدخل العاجل لدى الرئيس من أجل إلغاء هذه التعليمات الظالمة، ونحن في هذه العشر الأواخر المباركة�. كما طلبن النسوة من الشيخ القرضاوي إصدار فتوى في القضية، من أجل التعامل مع الوضع في حال �إصرار السلطات على التمسك بهذه التعليمة�. يشار إلى أن قضية الصور الشمسية للرجال دون لحى والنساء دون خمار، سبق لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين أن أثارتها، بعد لجوء مواطنين من ولاية غليزان تحديدا العام الماضي. لكن تراجعت المصالح الإدارية لولاية غليزان عن تطبيق التعليمة، وهو ما أثنت عليه الجمعية في بيان أصدرته لاحقا. كما أصدرت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين فتوى �تمنع على المرأة المحجبة كشف شيء من جسدها باستثناء الوجه والكفين�. في سياق ذي صلة، أفاد بيان للرئاسة الجزائرية، أمس أن الحكومة الجزائرية قررت اعتماد �جواز السفر البيومتري (الإلكتروني)� خلال السداسي الأول من سنة 2010. وأفاد البيان، الذي صدر عقب استقبال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لوزيرب الداخلية نور الدين يزيد زرهوني أمس الأول، في إطار سلسلة اللقاءات الانفرادية التقييمية التي دأب بوتفليقة على إجرائها مع أعضاء الطاقم الحكومي، في رمضان من كل سنة �أن بطاقة التعريف الوطنية البيومترية الإلكترونية، ستصبح عملية خلال الفترة 2010-2011 . بينما يرتقب رقمنة السجل الوطني للحالة المدنية في سنة 2013�. (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية � قطر) الصادرة يوم 20 سبتمبر 2009)
قصة الحوثيين
أصبحت قصة الحوثيين قاسمًا مشتركًا في معظم وسائل الإعلام في السنوات الخمس الأخيرة، وهي من القصص المحيرة حيث تتضارب فيها التحليلات، وتختلف التأويلات، وتضيع الحقيقية بين مؤيِّد ومعارض، ومدافع ومهاجم! فمن هم الحوثيون؟ ومتى ظهروا؟ وإلى أي شيء يهدفون؟ ولماذا تحاربهم الحكومة اليمنية؟ وما هو تأثير القوى الخارجية العالمية على أحداث قصتهم؟ هذه الأسئلة وغيرها هي موضوع مقالنا، والذي أرجو أن ينير لنا الطريق في هذه القصة المعقَّدة.. تحدثنا في المقال السابق « قصة اليمن » عن تاريخ الحكم في اليمن بإيجاز، ورأينا أن الشيعة الزيدية كان لهم نصيب في الحكم فترة طويلة جدًّا من الزمن تجاوزت عدة قرون، وأنهم ظلوا في قيادة اليمن حتى عام 1962م عندما قامت الثورة اليمنية. وأوضحنا الفرق بين المذهب الزيدي الذي ينتشر في اليمن، والمذهب الاثني عشري الذي ينتشر في إيران والعراق ولبنان، والذي فصَّلناه بشكل أكبر في عدة مقالات سابقة: « أصول الشيعة » و »سيطرة الشيعة » و »خطر الشيعة » و »موقفنا من الشيعة ». وذكرنا في المقال السابق أن نقاط التماسّ بين الشيعة الزيدية والسُّنَّة أكبر من نقاط التماس بين الشيعة الزيدية والاثني عشرية الإمامية، بل إن الاثني عشرية الإمامية لا يعترفون أصلاً بإمامة زيد بن علي مؤسِّس المذهب الزيدي، وعلى الناحية الأخرى فإن الزيديين لا يقرون الاثني عشرية على انحرافاتهم العقائديَّة الهائلة، ولا يوافقونهم على تحديد أسماء اثني عشر إمامًا بعينهم، ولا يوافقونهم في ادّعاء عصمة الأئمة الشيعة، ولا في عقيدة التقيَّة، ولا الرجعة، ولا البداءة، ولا سبّ الصحابة، ولا غير ذلك من البدع المنكرة. وقلنا كذلك إنه لم يكن هناك وجود للاثني عشرية في تاريخ اليمن كله، إلا أن هذا الأمر تغيَّر في السنوات الأخيرة، وكان لهذا التغيُّر علاقة كبيرة بقصة الحوثيين. جذور القصة بدأت القصة في محافظة صعدة (على بُعد 240 كم شمال صنعاء)، حيث يوجد أكبر تجمعات الزيدية في اليمن، وفي عام 1986م تم إنشاء « اتحاد الشباب »، وهي هيئة تهدف إلى تدريس المذهب الزيدي لمعتنقيه، كان بدر الدين الحوثي -وهو من كبار علماء الزيدية آنذاك- من ضمن المدرِّسين في هذه الهيئة. وفي عام 1990م حدثت الوَحْدة اليمنية، وفُتح المجال أمام التعددية الحزبية، ومن ثَمَّ تحول اتحاد الشباب إلى حزب الحق الذي يمثِّل الطائفة الزيدية في اليمن، وظهر حسين بدر الدين الحوثي -وهو ابن العالم بدر الدين الحوثي- كأحد أبرز القياديين السياسيين فيه، ودخل مجلس النواب في سنة 1993م، وكذلك في سنة 1997م. بدر الدين الحوثي تزامن مع هذه الأحداث حدوث خلاف كبير جدًّا بين بدر الدين الحوثي وبين بقية علماء الزيدية في اليمن حول فتوى تاريخية وافق عليها علماء الزيدية اليمنيون، وعلى رأسهم المرجع مجد الدين المؤيدي، والتي تقضي بأن شرط النسب الهاشميّ للإمامة صار غير مقبولاً اليوم، وأن هذا كان لظروف تاريخية، وأن الشعب يمكن له أن يختار مَن هو جديرٌ لحكمه دون شرط أن يكون من نسل الحسن أو الحسين رضي الله عنهما. اعترض بدر الدين الحوثي على هذه الفتوى بشدَّة، خاصة أنه من فرقة « الجارودية »، وهي إحدى فرق الزيدية التي تتقارب في أفكارها نسبيًّا مع الاثني عشرية. وتطوَّر الأمر أكثر مع بدر الدين الحوثي، حيث بدأ يدافع بصراحة عن المذهب الاثني عشري، بل إنه أصدر كتابًا بعنوان « الزيدية في اليمن »، يشرح فيه أوجه التقارب بين الزيدية والاثني عشرية؛ ونظرًا للمقاومة الشديدة لفكره المنحرف عن الزيدية، فإنّه اضطر إلى الهجرة إلى طهران حيث عاش هناك عدة سنوات. وعلى الرغم من ترك بدر الدين الحوثي للساحة اليمنية إلا أن أفكاره الاثني عشرية بدأت في الانتشار، خاصة في منطقة صعدة والمناطق المحيطة، وهذا منذ نهاية التسعينيات، وتحديدًا منذ سنة 1997م، وفي نفس الوقت انشقَّ ابنه حسين بدر الدين الحوثي عن حزب الحق، وكوَّن جماعة خاصة به، وكانت في البداية جماعة ثقافية دينية فكرية، بل إنها كانت تتعاون مع الحكومة لمقاومة المد الإسلامي السُّنِّي المتمثل في حزب التجمع اليمني للإصلاح، ولكن الجماعة ما لبثت أن أخذت اتجاهًا الرئيس اليمني علي عبد الله صالح معارضًا للحكومة ابتداءً من سنة 2002م. وفي هذه الأثناء توسَّط عدد من علماء اليمن عند الرئيس علي عبد الله صالح لإعادة بدر الدين الحوثي إلى اليمن، فوافق الرئيس، وعاد بدر الدين الحوثي إلى اليمن ليمارس من جديد تدريس أفكاره لطلبته ومريديه. ومن الواضح أن الحكومة اليمنية لم تكن تعطي هذه الجماعة شأنًا ولا قيمة، ولا تعتقد أن هناك مشاكل ذات بالٍ يمكن أن تأتي من ورائها مظاهرات ضخمة للحوثيين وبداية الحرب وفي عام 2004م حدث تطوُّر خطير، حيث خرج الحوثيون بقيادة حسين بدر الدين الحوثي بمظاهرات ضخمة في شوارع اليمن مناهضة للاحتلال الأمريكي للعراق، وواجهت الحكومة هذه المظاهرات بشدَّة، وذكرت أن الحوثي يدَّعِي الإمامة والمهديّة، بل ويدَّعِي النبوَّة. وأعقب ذلك قيام الحكومة اليمنية بشنّ حرب مفتوحة على جماعة الحوثيين الشيعية، واستخدمت فيها أكثر من 30 ألف جندي يمني، واستخدمت أيضًا الطائرات والمدفعية، وأسفرت المواجهة عن مقتل زعيم التنظيم حسين بدر الدين الحوثي، واعتقال المئات، ومصادرة عدد كبير من أسلحة الحوثيين. تأزَّم الموقف تمامًا، وتولى قيادة الحوثيين بعد مقتل حسين الحوثي أبوه بدر الدين الحوثي، ووضح أن الجماعة الشيعية سلحت نفسها سرًّا قبل ذلك بشكل جيد؛ حيث تمكنت من مواجهة الجيش اليمني على مدار عدة سنوات. وقامت دولة قطر بوساطة بين الحوثيين والحكومة اليمنية في سنة 2008م، عقدت بمقتضاها اتفاقية سلام انتقل على إثرها يحيى الحوثي وعبد الكريم الحوثي -أشقاء حسين بدر الدين الحوثي- إلى قطر، مع تسليم أسلحتهم للحكومة اليمنية، ولكن ما لبثت هذه الاتفاقية أن انتُقضت، وعادت الحرب من جديد، بل وظهر أن الحوثيين يتوسعون في السيطرة على محافظات مجاورة لصعدة، بل ويحاولون الوصول إلى ساحل البحر الأحمر للحصول على سيطرة بحريَّة لأحد الموانئ، يكفل لهم تلقِّي المدد من خارج اليمن. اليمن لقد صارت الدعوة الآن واضحة، والمواجهة صريحة، بل وصار الكلام الآن يهدِّد القيادة في اليمن كلها، وليس مجرَّد الانفصال بجزء شيعي عن الدولة اليمنية. أسباب قوة الحوثيين والسؤال الذي ينبغي أن يشغلنا هو: كيف تمكّنت جماعة حديثة مثل هذه الجماعة أن تواجه الحكومة طوال هذه الفترة، خاصَّة أنها تدعو إلى فكر شيعي اثني الحوثيين في اليمن عشري، وهو ليس فكرًا سائدًا في اليمن بشكل عام، مما يجعلنا نفترض أن أتباعه قلة؟! لذلك تبريرات كثيرة تنير لنا الطريق في فهم القضية، لعل من أبرزها ما يلي: أولاً: لا يمكن استيعاب أن جماعة قليلة في إحدى المحافظات اليمنية الصغيرة يمكن أن تصمد هذه الفترة الطويلة دون مساعدة خارجية مستمرة، وعند تحليل الوضع نجد أن الدولة الوحيدة التي تستفيد من ازدياد قوة التمرد الحوثي هي دولة إيران، فهي دولة اثنا عشرية تجتهد بكل وسيلة لنشر مذهبها، وإذا استطاعت السعودية محاصرة بالشيعة من كل الجهات أن تدفع حركة الحوثيين إلى السيطرة على الحكم في اليمن، فإنّ هذا سيصبح نصرًا مجيدًا لها، خاصة أنها ستحاصر أحد أكبر المعاقل المناوئة لها وهي السعودية، فتصبح السعودية محاصَرة من شمالها في العراق، ومن شرقها في المنطقة الشرقية السعودية والكويت والبحرين، وكذلك من جنوبها في اليمن، وهذا سيعطي إيران أوراق ضغط هائلة، سواء في علاقتها مع العالم الإسلامي السُّني، أو في علاقتها مع أمريكا. وليس هذا الفرض نظريًّا، إنما هو أمر واقعي له شواهد كثيرة، منها التحوُّل العجيب لبدر الدين الحوثي من الفكر الزيديّ المعتدل إلى الفكر الاثني عشري المنحرف، مع أن البيئة اليمنية لم تشهد مثل هذا الفكر الاثني عشري في كل مراحل تاريخها، وقد احتضنته إيران بقوَّة، بل واستضافته في طهران عدة سنوات، وقد وجد بدر الدين الحوثي فكرة « ولاية الفقيه » التي أتى بها الخوميني حلاًّ مناسبًا للصعود إلى الحكم حتى لو لم يكن من نسل السيدة فاطمة رضي الله عنها، وهو ما ليس موجودًا في الفكر الزيدي. كما أن إيران دولة قوية تستطيع مدَّ يد العون السياسي والاقتصادي والعسكري للمتمردين، وقد أكّد على مساعدة إيران للحوثيين تبنِّي وسائل الإعلام الإيرانية الشيعية، والمتمثلة في قنواتهم الفضائية المتعددة مثل « العالم » التسليح الإيراني للحوثيين و »الكوثر » وغيرهما لقضية الحوثيين. كما أن الحوثيين أنفسهم طلبوا قبل ذلك وساطة المرجع الشيعي العراقي الأعلى آية الله السيستاني، وهو اثنا عشري قد يستغربه أهل اليمن، لكن هذا لتأكيد مذهبيَّة التمرد، هذا إضافةً إلى أن الحكومة اليمنية أعلنت عن مصادرتها لأسلحة كثيرة خاصة بالحوثيين، وهي إيرانية الصنع. وقد دأبت الحكومة اليمنية على التلميح دون التصريح بمساعدة إيران للحوثيين، وأنكرت إيران بالطبع المساعدة، وهي لعبة سياسية مفهومة، خاصة في ضوء عقيدة « التقية » الاثني عشرية، والتي تجيز لأصحاب المذهب الكذب دون قيود. ثانيًا: من العوامل أيضًا التي ساعدت على استمرار حركة الحوثيين في اليمن التعاطف الجماهيري النسبي من أهالي المنطقة مع حركة التمرد، حتى وإن لم يميلوا إلى فكرهم المنحرف، وذلك للظروف الاقتصادية والاجتماعية السيئة جدًّا التي تعيشها المنطقة؛ فاليمن بشكل عام يعاني من ضعف شديد في بنيته التحتية، وحالة فقر مزمن تشمل معظم سكانه، لكن يبدو أن هذه المناطق تعاني أكثر من غيرها، وليس هناك اهتمام بها يوازي الاهتمام بالمدن اليمنية الكبرى، ويؤكد هذا أن اتفاقية السلام التي توسَّطت لعقدها دولة قطر سنة 2008م بين الحكومة اليمنية والحوثيين، كانت تنص على أن الحكومة اليمنية ستقوم بخطة لإعادة إعمار منطق ة صعدة، وأن قطر ستموِّل مشاريع الإعمار، لكن كل هذا توقف عند استمرار القتال، ولكن الشاهد من الموقف أن الشعوب التي تعيش حالة التهميش والإهمال قد تقوم للاعتراض والتمرد حتى مع أناسٍ لا يتفقون مع عقائدهم ولا مبادئهم القبائل اليمنية . ثالثًا: ساعد أيضًا على استمرار التمرد، الوضعُ القبلي الذي يهيمن على اليمن؛ فاليمن عبارة عن عشائر وقبائل، وهناك توازنات مهمَّة بين القبائل المختلفة، وتشير مصادر كثيرة أن المتمردين الحوثيين يتلقون دعمًا من قبائل كثيرة معارضة للنظام الحاكم؛ لوجود ثارات بينهم وبين هذا النظام، بصرف النظر عن الدين أو المذهب. صعوبة جبال اليمن على الجيوش النظامية رابعًا: ومن العوامل المساعدة كذلك الطبيعة الجبلية لليمن، والتي تجعل سيطرة الجيوش النظامية على الأوضاع أمرًا صعبًا؛ وذلك لتعذر حركة الجيوش، ولكثرة الخبايا والكهوف، ولعدم وجود دراسات علمية توضح الطرق في داخل هذه الجبال، ولا وجود الأدوات العلمية والأقمار الصناعية التي ترصد الحركة بشكل دقيق. مظاهرات لانفصال جنوب اليمن خامسًا: ساهم أيضًا في استمرار المشكلة انشغال الحكومة اليمنية في مسألة المناداة بانفصال اليمن الجنوبي عن اليمن الشمالي، وخروج مظاهرات تنادي بهذا الأمر، وظهور الرئيس اليمني الجنوبي الأسبق « علي سالم البيض » من مقره في ألمانيا وهو ينادي بنفس الأمر. هذا الوضع لا شك أنه شتَّت الحكومة اليمنية وجيشها ومخابراتها؛ مما أضعف قبضتها عن الحوثيين. سادسًا: وهناك بعض التحليلات تفسِّر استمرار التمرد بأن الحكومة اليمنية نفسها تريد للموضوع أن يستمر! والسبب في ذلك أنها تعتبر وجود هذا التمرد ورقة ضغط قوية في يدها تحصِّل بها منافع دولية، وأهم هذه المنافع هي التعاون الأمريكي فيما يسمَّى بالحرب ضد الإرهاب، حيث تشير أمريكا إلى وجود علاقة بين تنظيم القاعدة علي سالم البيض وبين الحوثيين. وأنا أرى أن هذا احتمال بعيد جدًّا؛ لكون المنهج الذي يتبعه تنظيم القاعدة مخالف كُلِّية للمناهج الاثني عشرية، ومع ذلك فأمريكا تريد أن تضع أنفها في كل بقاع العالم الإسلامي، وتتحجج بحججٍ مختلفة لتحقيق ما تريد، واليمن تريد أن تستفيد من هذه العلاقة في دعمها سياسيًّا واقتصاديًّا، أو على الأقل التغاضي عن فتح ملفات حقوق الإنسان والدكتاتورية، وغير ذلك من ملفات يسعى الغرب إلى فتحها. وإضافةً إلى استفادة اليمن من علاقتها بأمريكا، فإنها ستستفيد كذلك من علاقتها بالسعودية، حيث تسعى السعودية إلى دعم اليمن سياسيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا لمقاومة المشروع الشيعي للحوثيين، واستمرار المشكلة سيوفِّر دعمًا مطَّردًا لليمن، ولعل الدعم لا يتوقف على السعودية، بل يمتد إلى قطر والإمارات وغيرها. وبصرف النظر عن الأسباب فالمشكلة ما زالت قائمة، والوضع فيما أراه خطير، ووجب على اليمن أن تقف وقفة جادة مع الحدث، ووجب عليها كذلك أن تنشر الفكر الإسلامي الصحيح؛ ليواجه هذه الأفكار المنحرفة، وأن تهتم اهتمامًا كبيرًا بأهالي هذه المناطق حتى تضمن ولاءهم بشكل طبيعي لليمن وحكومتها. ويجب على العالم الإسلامي أن يقف مع اليمن في هذه الأزمة، وإلاّ أحاط المشروع الشيعي بالعالم الإسلامي من كل أطرافه، والأهم من ذلك أن يُعيد شعب اليمن حساباته وينظر إلى مصلحة اليمن، وأن هذه المصلحة تقتضي الوحدة، وتقتضي الفكر السليم، وتقتضي التجمُّع على كتاب الله وسُنَّة رسوله r، وعندها سنخرج من أزماتنا، ونبصر حلول مشاكلنا. ونسأل الله أن يُعِزَّ الإسلام والمسلمين. د. راغب السرجاني
أبعد من الاستعباط السياسي
د. فهمي هويدي نحن مقبلون على مرحلة حاسمة فى مسلسل الاستعباط السياسى. وإذا كنت فى شك من ذلك فارجع معى إلى وقائع المؤتمر الصحفى الذى عقده وزير الخارجية المصرى مع نظيره الإسبانى يوم الثلاثاء الماضى 8/9، ذلك أن السيد أحمد أبوالغيط قال إن مصر ترفض معادلة التطبيع مقابل تجميد الاستيطان. لكنه توقع تحرك بعض الدول العربية باتجاه التطبيع إذا اتخذت إسرائيل «خطوة كبيرة» تجاه الفلسطينيين، تعكس استعدادها للتفاوض الجاد. وهو يشرح فكرته قال إن المطلوب اليوم موقف عربى مصمم على أن تتوقف إسرائيل بالكامل عن عمليات الاستيطان وفى القدس الشرقية، وأن تقبل بالبدء الفورى للمفاوضات مع الفلسطينيين، على أساس خريطة الطريق ومفهوم الدولة الفلسطينية، وفى هذا الصدد أشار إلى قرار مؤتمر وزراء الخارجية العرب فى اجتماعهم الأخير بالقاهرة الذى أبدى استعدادا «للنظر والبحث فى الإجراءات (التطبيعية) التى يمكن اتخاذها فى مواجهة خطوات إسرائيلية». فى المؤتمر ذاته قال وزير الخارجية الإسبانى ميجيل موراتينوس إن بلاده تدعم جهود المبعوث الأمريكى جورج ميتشيل الساعية إلى إقناع إسرائيل بتجميد الاستيطان، وفى حال التزام الدولة العبرية بذلك، فإننا نرغب فى أن يكون هناك اتجاه من الدول العربية إلى تحسين علاقاتها مع إسرائيل، وكان الوزير الإسبانى قد صرح عقب اجتماعه مع عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية بأن الأوروبيين يتطلعون إلى أن تشهد الفترة المقبلة وضع أساس جيد للمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين عبر وقف الأنشطة الاستيطانية، مضيفا أن هناك حاجة أيضا إلى جهد كبير لبناء الثقة (الحياة اللندنية 9/9). قرائن الاستعباط فى هذا الكلام كثيرة. فوزير الخارجية المصرى يتحدث عن رفض القاهرة لمقايضة التطبيع بتجميد الاستيطان، وفى الوقت ذاته يتحدث عن إجراءات تطبيع عربية إذا اتخذت إسرائيل «خطوة كبيرة». وهذه الخطوة محصورة فى التجميد الذى يمهد للمفاوضات، الأمر الذى يثير السؤال التالى: ما هو المرفوض إذن؟ من دلائل الاستعباط أيضا أن السيد أبوالغيط تحدث عن «خطوة كبيرة تتخذها إسرائيل» لا تستهدف سوى الاستعداد للتفاوض الجاد. وهى كارثة إذا لم يكن الرجل يعلم أن الحكومة الحالية بتطرفها المعلن (الآخرون يضمرون التطرف) لا تستطيع أن تتخذ أى خطوة باتجاه الفلسطينيين يمكن توصف بأنها «كبيرة»، وستكون الكارثة مضاعفة إذا صدق أن إسرائيل مستعدة لأى «تفاوض جاد». أما أم الكوارث فتتمثل فى القبول بصفقة الاستيطان الذى تتلاعب به إسرائيل علنا الآن، مقابل بدء التطبيع وإطلاق المفاوضات، فهذا التجميد الموهوم الذى يصور بحسبانه إنجازا سياسيا، لن يتم، ولكن سوف يستمر التلاعب به، وهو فى نهاية المطاف رمزى ومؤقت. بمعنى أنه يوقف الجديد لمدة تسعة أشهر فقط، ويضفى شرعية على ما تم إنشاؤه، رغم بطلانه من الناحية القانونية، والنتيجة المطلوبة هى أن تبدأ مفاوضات عقيمة لا أمل فيها، فى حين يلزم العرب أنفسهم بخطوات تطبيعية محددة، تمثل تنازلا عن آخر ورقة بيدهم فى دفاعهم عن القضية الفلسطينية، وهو ما يعنى أن الإسرائيليين سوف يكسرون آخر حاجز فى المقاطعة، وأن الفلسطينيين سيجلسون معهم على طاولة المفاوضات لكى يأكلوا الهواء! فى تجل آخر من تجليات الاستعباط تحدث وزير الخارجية الإسبانى عن «تحسين» علاقات العرب مع إسرائيل، وعن الجهد الكبير المطلوب «لبناء الثقة»، وهو كلام لا يخلو من تدليس، فضلا عن أنه يتجاهل أن هناك احتلالا وحصارا وهدما لبيوت الفلسطينيين ونهبا لأرضهم. أعنى أنه يدعى العمى عن أن هناك قاتلا وقتيلا، وأن القتيل اعترف بحق القاتل فى الوجود، وجرم مقاومته حتى اعتبرها إرهابا، وقدم فى «المبادرة» تنازلا عن حق العودة، وكل ذلك لم يشفع له، ولايزال مطلوبا منه أن يقدم المزيد من التنازلات لكى ينال الرضا ويعزز الثقة. لماذا لا يتحدث وزير الخارجية المصرى بمثل ما تحدث به نظيره التركى، حين قال إن المطلوب اتخاذ خطوات لتعزيز الثقة من جانب الإسرائيليين وليس العرب؟.. سأترك الإجابة لك، لأننى أخشى ألا يمثل الاستعباط تفسيرا كافيا لهذا الموقف. (المصدر: موقع البشير للاخبار الإلكتروني بتاريخ 19 سبتمبر 2009)
أمريكا والدرع الصاروخية
منير شفيق لقد بُرّرت خطة زرع صواريخ مضادة للصواريخ في بولندا وتشيكيا بأنها موجهة للخطر الآتي من الصواريخ النووية الإيرانية. وهي الحجة التي رفضتها روسيا رفضاً قاطعاً وباتاً، واعتبرت أنها تستهدفها وتستهدف أمنها القومي، وزادت في التأكيد على هذا التقدير، بأنها ستردّ عليها بزرع صواريخ متوسطة المدى في منطقة كالينين الروسية. وبهذا كانت خطة زرع الصواريخ والرادارات في بولندا وتشيكيا مدعاة لتوتر العلاقات الروسية- الأميركية في عهد إدارة جورج دبليو بوش، كما في عهد رئاسة بوتن لروسيا. واستمر التوتر مع مجيء الرئيس الأميركي أوباما الذي وعد في لقاء القمة الأخير مع الرئيس الروسي ميدفيديف ورئيس وزرائه بوتن بإعادة دراسة الموضوع مع تأكيده بأن خطة زرع الصواريخ المضادة تلك ليست موجهّة ضد روسيا. من يعرف ألف باء في الاستراتيجية العسكرية لا يشك في أن المستهدف الأول في خطة الصواريخ الأميركية تلك هي روسيا وليست إيران. فالأسباب التي ادّعتها إدارة بوش، ومن بعدها إدارة أوباما، بأنها موجهّة ضد إيران ولا تستهدف الأمن القومي الروسي، ولا تحدث تغييراً في ميزان القوى العسكري في أوروبا (المركز الأول للصراع الأميركي-السوفييتي في الحرب الباردة)، كانت غير صحيحة، ولا يمكن تسويقها روسياً ولا حتى أوروبياً. أوروبا لم تكن مقتنعة تماماً بوجاهة زرع تلك الصواريخ في القلب من قارتها، ولا سيما مع استراتيجيتها الرامية إلى احتواء روسيا، ما بعد الاتحاد السوفييتي، وليس استفزازها وتوتير العلاقات بها. فقرار زرع تلك الصواريخ لم يكن قراراً أطلسياً (من حلف الناتو) وإنما كان قراراً أميركياً صرفاً. ثمة تيار استراتيجي قوي داخل الولايات المتحدة لم يكن مقتنعاً بوضع الأولوية في الاستراتيجية الأميركية لمنطقة الشرق الأوسط فيما التهديد المستقبلي الأكبر للسيادة الأميركية العالمية يأتي من روسيا والصين. وقد تعززت هذه المواقف مع استعادة روسيا لدورها كدولة كبرى في عهد الرئيس بوتين كما مع القفزات الكبرى التي حققتها الصين في السنوات العشر الأخيرة اقتصادياً وعسكرياً وعلمياً. من هنا يُفهم اضطراب إدارة بوش في التعامل مع روسيا والصين خلال تركيزها «شبه المطلق» على «إعادة بناء الشرق الأوسط الكبير»، ولا سيما بعد أن أخذ مشروعها الشرق أوسطي بالإخفاق. وبدت حروبها في العراق وأفغانستان كما في لبنان وفلسطين في مأزق حقيقي يلوّح بالفشل وبنتائج سلبية عليها. ومن ثم كان لا بد من محاولة إعادة التوازن جزئياً من خلال زرع صواريخ مضادة للصواريخ في أوروبا كما مشروع إعادة تسليح تايوان. على أن الاستراتيجية لا تحتمل أن تضع أولويتين على قدم المساواة، إذ لا بدّ من أن تكون لإحداهما الغلبة على الأخرى وإلا فُقِدَ التركيز المطلوب، ولا سيما من جهة عزل «العدو رقم 1». كان من المفترض لأية إدارة أميركية قادمة بعد إدارة بوش أن تصحّح أولويات الاستراتيجية في تحديد مصادر الخطر الأشد على الهيمنة الأميركية أو المصالح الأميركية العليا. وذلك بعد أن فشلت إدارة بوش فشلاً ذريعاً. وأفادت كل من روسيا والصين ودول أخرى فوائد جمّة من ذلك. ولكن الذي حدث مع إدارة أوباما كان الإبقاء على الأولوية للمنطقة التي يُسمّيها الغرب ظلماً بـ «الشرق الأوسط». وقد يكون السبب في ذلك مؤقتاً بينما تعالج الورطات الأميركية في العراق وأفغانستان ومع الفلسطينيين والعرب والمسلمين. وهو ما أبقى الاضطراب في الاستراتيجية الأميركية بين زرع الصواريخ في أوروبا أي التأزيم الشديد مع روسيا، فيما التركيز على إعطاء الأولوية لحل الإشكالات في «الشرق الأوسط». لقد اشتدّ هذا الاضطراب مع بوادر الفشل الأميركي في أفغانستان والعراق، والتعثر في «حلّ الدولتين» (حتى الآن). ومع الأولوية التي أخذ يحتلها البرنامج النووي الإيراني. الأمر الذي ذهب بالقرار الأميركي إلى استرضاء روسيا بالتخلي عن المشروع الصاروخي الأميركي في أوروبا من أجل المساومة معها في الموضوعين الإيراني والأفغاني على الخصوص. من هنا قد لا يكون من قبيل المصادفة أن يأتي القرار الأميركي بالتخلي عن المشروع الصاروخي في بولندا وتشيكيا مع بدء المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي (الفارق بين التوقيتين أقل من أسبوعين). فهذا القرار يُخبّئ وراءه السعي لعقد صفقة كبرى مع روسيا ضد إيران، وليس كما أعلن عن أسباب اتخاذه. فالأسباب الأميركية التي أُعطيت لتسويغ قرار زرع الصواريخ المضادة للصواريخ وراداراتها في أوروبا لم تشهد الأسباب الحقيقية، وكذلك ما يُعطى اليوم من أسباب للتخلي عنها ليست الحقيقة. (المصدر: صحيفة « السبيل »(يومية -الأردن) الصادرة يوم 19 سبتمبر 2009)
هل يغفر لنا الله؟
عبد الحليم قنديل لا نريد أن نصدم أحدا، ولا أن نسيء إلى المشاعر الدينية للمسلمين، ونحن منهم، بل نرنو إلى لحظة عظة وتدبر. ولا يخالجنا أدنى شك في أن أغلب هذه الأمة صامت وصلت وقامت وأفطرت على ظن طاعة الله ورسوله، وأدت زكاة عيد الفطر قبل أن تشرق شمسه. وربما لا يخالجنا شك ـ في المقابل ـ في أنه لن تقبل لها صلاة ولا صيام ولا زكاة، وأنها أمة منكوبة روحيا، لا يغتفر الله لعصاتها، ولا يستجيب لتقاتها، والسبب في اعتقادنا المتشائم بسيط، وشرحه في هذا الفصام النكد بين فرائض المسلمين التي تؤدي آليا، وواقع المسلمين الذي يتدهور ذاتيا. إذهب إلى أي بلد عربي أو إسلامي، ولن تجد لسنة الخلق تبديلا، المساجد ممتلئة عن آخرها، والساحات مفتوحة على مدد الشوف لأداء صلاة العيد، والزينات والأنوار معلقة وبالألوان، وبقايا موائد الرحمن على الأرصفة وفي الفنادق الكبرى والصغرى، وصيحات المآذن متلاطمة، وكأنك أمام جماعة من التقاة أخلصت لوجه لله، بينما لا دليل واحدا يصدق القول بالعمل، فصيحة ‘الله أكبر’ تملأ الدنيا من حولك، بينما الذين يطلقونها في حال آخر، وأقرب إلى قطيع من الأغنام، يدعون الخوف من الله وحده، بينما قلوبهم غلف، ويخافون ـ حقا ـ من سلاطين وحكام جرى فرضهم على الرقاب، يموتون في جلودهم خيفة أن يقولوا ‘لا’، بينما الظلم يحكم ويعظ ، وبينما وجود الحكام في ذاته ذروة الظلم، فلا يوجد حاكم في بلد عربي واحد ـ ربما باستثناء موريتانيا ـ جرى انتخابه بطريقة ديمقراطية مقبولة، وقد تتعدد أوصاف الحكام، فهنا ملك وهنا أمير وهنا رئيس في وضع الملك، كلهم يحكمون بالحق العائلي، وكأننا خلقنا لهم ميراثا ومتاعا، فوجودهم في ذاته مخالف لشرع الله وشريعة الناس، بينما الناس الصائمون القانتون المصلون كأنهم أصيبوا بالخرس، يسكنهم الرعب، ويخشون المعارضة، إذا قامت مظاهرة عدوها جنونا، وإذا سمعوا عن إضراب حسبوه بطرا وكفرانا بنعمة السيد الحاكم، وإذا دعوتهم إلى نفرة تثاقلوا إلى الأرض، وإذا قال لهم كاتب : مالكم كيف تقعدون ؟، قالوا : هذا ماوجدنا عليه آباءنا، وإنا لأحذية السلاطين عابدون، وإذهب أنت وصحبك فقاتلا، إنا هاهنا نائمون (!)، فهل تكون هذه حالنا، ونزعم أننا مسلمون ؟!، نعبد الواحد القهار، ولا نخشى من دونه، وهم في غيهم سادرون، يعبدون الحاكم القهار، وإن لهجت ألسنتهم بذكر الله، يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، يخادعون أنفسهم، ويكذبون على الله، هكذا يسلك العوام ويسلك المشايخ أيضا، يحدثونك عن سيرة النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وعن ظلم قومه من ذوي القربى، وعن هجرته إلى الحق، بينـــما هم يوالون الباطل، ويختمون الأدعيــــة والفتاوى بطلب طول العمر للسلطان، ويصدمون عينيك وأذنيـــك في كل اتجاه، فهم على منابر المساجد، وفي صلوات الجمعة والأعياد، وفي الفضائيات التي ينفق عليها سلاطين البتــــرول، ويملأون ساعات الإرسال والاستقبال بكلام معاد ومكرور، يحــــدثونك عن الصـــدر الأول للإسلام، وينسون البطن الأخــــير، ويدعون أنهم يقاومون الكــفر، وليست مصادفة أن هؤلاء الذين يمولون فضائيات المشايخ، ويضيفون فضائيات الفتـــنة الدينية، وينشرون الفرقة بين مسلمين شيعة ومسلمين سنة، وبين المسلمين وأهل الكتاب من المسيحيين العرب بالذات، ليست مصادفة أن هؤلاء الذين ينفقون المال لخدمة دين الطاعة والتسليم للحكام، هم أنفسهم الذين يمولون فضائيات الفيديو كليب وهز البطن وتأوهات الليل وآخره، ورغم تناقض الذقون الكثيفة في جانب، ومسابقات التعري على الجانب الآخر، فالعملية واحدة، والهدف هو ذاته، والنتيجة هي الإلهاء عن واجب الوقت بدين الوقت أو بفتنة الوقت. ثم ماذا تفيد ـ والحال كالحال ـ صلاتنا وصيامنا وقيامنا وإفطارنا؟، ماذا يعني انخلاع الطقس عن النفس ؟ في المأثور الإسلامي عبارة فريدة، وهي إعمل لآخرتك كأنك تموت غدا، واعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، فالآخرة في الإسلام ليست على هذا الانفصال والفصام النكد مع الحياة الدنيا، والدنيا في الإسلام هي مزرعة الآخرة، والقيم الإسلامية الكبرى كالتوحيد والعدالة والمساواة وأولوية المصلحة والجماعة، كلها ليست كلمات نتغنى بها والسلام، بل عمارة نقيم بها الحياة الدنيا على الصورة التي يريدها الله، والأمر بالمعروف هو سنة الله، وليس الصلاة والصيام مع موالاة المنكر، فلا صلاة ولا صياما يقبل ممن يوالي أو يسكت عن السرقات العامة، ونظم دنيانا السياسية والاقتصادية ـ أنى نظرت ـ تسرقنا جهارا نهارا، كلها نظم سرقة بالإكراه، تضع يدها في جيبك، وتشهر في وجهك مطواة قرن غزال، تماما كقطاع الطرق، وقد تلحظ أن هذه النظم في حال الانتفاخ ذاته، وأيا ما كان اسمها ورسمها، انتفاخ بالمال وانتفاخ بالسلاح، انتفاخ بالنهب العام، وانتفاخ بالكبت العام، تريليونات الدولارات في جيب الحاكم وأهله وحاشيته ومحاسيبه ومحازبيه، وخازوق أمني متضخم متورم يجلس الحاكم على قمته، تريدون مثالا ؟، لا أحدثكم بما تعرفون عن حكام البترول وتريليوناتهم المتسكعة في مصارف أوروبا وأمريكا، وعن القصور والجواري وخصيان العصر من مشايخ الإسلام وأزلام الإعلام، وتلك ظاهرة فاشية في البلدان الافقر بعد البلدان الأغنى بمصادفات البترول، خذوا عندكم ـ مثلا ـ بلدا كمصر، وهي أكبر دولة عربية، وحاضرة العالم الإسلامي بامتياز، وهي بلد محدود الموارد، ولا نهاية للسرقات العامة فيه، والنتيجة : أن تحولت مصر إلى سكن لأفقر شعب، وإلى محط لأغنى طبقة في المنطقة، فطبقة أمراء مصر الجدد أغنى من طبقة أمراء الخليج، طبقة أمراء الخليج هبة البترول، وطبقة أمراء مصر الجدد هي هبة الأرض، وبفوائض المال الحرام تشتري الصحف والفضائيات والمشايخ أيضا، وفي مصر المسروقة ـ أيضا ـ أزهر وشيخه ومفتي وطبقة رجال دين أثقل من الهم على القلب، ومساجد لاتفرغ من روادها، وبصورة قد لاتصادفك في بلد إسلامي آخر، المشكلة : أن التدين الظاهر قد تحول إلى بضاعة مضافة لخزائن السرقات العامة، فالمشايخ إما يسكتون أو يمالئون، والناس يصلون ويرتشون بالسلاسة نفسها، يذهبون إلى صلاة الفجر ‘حاضر’، ويفتحون الأدراج والجيوب لتلقى الرشاوى عند صلاة الظهر، وينهضون إلى صلاة العيد كأنهم ذاهبون للقاء الله، والله برئ منهم ومما يفعلون، وقس على ما يجري في مصر ما يجري في غيرها. نعم، هذه أمة لا يغـــتفر الله لمذنبــــيها، وهم غالب أهلها الآن، فالله الرحمن الرحيم يغفر كل ذنــــب إلا أن يشــــرك به، وقد أشرك هؤلاء حكامهم الظالمين السارقين في الطاعــــة والعـــبودية، واتخذوا من أمريكا وإسرائيل أربابا مع الله أو من دونــــه، فهل يقبــــل الله صــلاة أو صياما ممن يحالفون إسرائيل ويتبعون هوى أمريكا ؟، هل يقــبل الله عبادة ممن سلوا صيامهم بلقاء قادة إسرائيل؟، ويقيــمون معهم علاقات المودة، ويتبادلون السفراء، ويوقعون الاتفــــاقات، ويدفعون جزية البترول والغاز، ويحاصرون أهلنا في فلسطين، ويسكتون عن تهويد القدس، وهل يقبل الله صلاة أو صــــياما ممن يسكــتون عن خيانات الحكام ؟، وهل يكفي الدعاء ؟ وماذا نقول لله يوم نلاقيه ؟ هل نقول أننا وجدنا حكامنا على أمة، وإنا على آثارهم لمقتدون؟ !، لو كنا نعبد الله حقا، ولو كانت صلاتنا له تحررنا حقا من قعودنا وهواننا، لو كنا كذلك، لتحولنا من قطيع قرود إلى أمة من الناس الأحرار، وتحولت صلواتنا إلى تظاهرات براءة من ظلم وسرقة وخيانات الحكام، وتحولت مساجدنا إلى ملاذات إعتصام بكلمة الله إلى يوم يرحلون، وحمتنا خشية الله من خشية الحكام. ولأننا لانفعل، فقد حق علينا غضب الله، وانقطع عنا رجاء المغفرة، وذهب ثواب صلاتنا وصيامنا، وتقطعت أنفاسنا في سباق إلى عذاب جهنم لا إلى نعيم الجنة. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 19 سبتمبر 2009)