الأحد، 2 مارس 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2839 du 02.03.2008
 archives : www.tunisnews.net
 

 


حــرية و إنـصاف: حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي: بـيـان يو بي أي:حزبان تونسيان معارضان ينددان بـ’العدوان الإسرائيلي’ على غزة وكالة رويترز للأنباء:حزب تونسي معارض يستنكر الصمت العربي إزاء ما يحصل في غزة إسلام أونلاين: غــــزة حـزينة… سماؤها تبــكي إسلام أونلاين: كاتب إسرائيلي: العرب منحوا الشرعية لضرب غزة الأستاذ الهادي المثلوثي: استشارة واستفتاء حول مقاطعة الجغرافيين الصهاينة وجغرافيي الجامعات العبرية الامجد اباجي : غزة والدم العربي المستباح النفطي حولة : إلى روح الرضيع محمد المرعي الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:من اضطهاد السّجن ..إلى سجن الإضطهاد ..! صحيفة « أضواء »: الاتحاد الديمقراطي الوحدوي يدعو للحوار بين مكونات الحركة القومية في تونس وات: تعديل أسعار المواد البتروليــة وكالة رويترز للأنباء:تونس ترفع أسعار البنزين لتقليص العجز في الميزانية يو بي أي:تونس ترفع أسعار الوقود لإحتواء إرتفاع أسعار البترول وكالة رويترز للأنباء: »وردة لكل جدة » أول عيد في تونس يحتفي بالجدة الشروق: قضية عدلية ضدّ صحف العار: منع «كاريكاتور» للشيخاوي وهو يحمل حزاما ناسفا وكالة رويترز للأنباء:اختتام مهرجان تكريم رائد المسرح التونسي علي بن عياد  محمد الهادي حمدة:رد على حزب ولد في المهد برلمانيا بدر السلام الطرابلسي: بين السياسة والبورنوغرافيا .. تنعدم المسافات محمد عبدالمجيد: وقائع محاكمة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي  مرسل الكسيبي:دولة تهدي وردة الى كل جدة ولوعة الى كل أم ! غسان الماجري: وجهة نظر:حول إعلان الحزب الديمقراطي التقدمي المشاركة في « انتخابات » 2009  محمد العروسي الهاني:   شكـرا لك يـا خالد شوكات دوما على العهد و الوفاء والعرفان بالجميل والتألق  د. محمد البشير بوعلي: أثر اختلاف مناهج الفقهاء المعاصرين في النزاع بين الإسلاميين 5 / 6 د.خالد شوكات :ثانـوية ابن خلـدون الإسـلامية انجـازات وآفـاق عبد اللطيف الفراتي : بلا ضجيج، نحو الفرقة لا التوحد صالح بشير: … في أن سلطاتنا تؤسّس للعنف والاحتراب الأهليّين د.محمود الذوادي: كشف الحجاب بعدسة العلوم الاجتماعية عما خفي من أثار الاستعمار اللّغوي الثقافي وغاب الشروق: في شهادة تاريخية نادرة: أحد أبرز المحـامين في عهد بورقيبة يكشف أسرار المحاكمات السيــاسية والنقـابية


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم وماساة عائلاتهم متواصلة بدون انقطاع منذ ما يقارب العقدين. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين اعتقلوا في العامين الماضيين ف رجا قريبا عاجلا- آمين  

21- رضا عيسى

22- الصادق العكاري

23- هشام بنور

24- منير غيث

25- بشير رمضان

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش/.

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش

 
 

أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte_equite@yahoo.fr
 

حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل

 
إن  ما يتعرض له الشعب الفلسطيني هذه الأيام من حصار و تجويع و قتل للأطفال و النساء و الرضع و الشيوخ ، حيث فاق عدد الضحايا من المدنيين العزل المئات بين قتلى و جرحى يعتبر من أبشع جرائم الحرب التي عرفتها الإنسانية في عصرنا الحاضر و فاقت بشاعتها جرائم النازية ، و يحصل كل هذا أمام صمت عربي و دولي و تعتيم إعلامي و هو ما شجع الكيان الصهيوني على مواصلة حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل. و حرية و إنصاف 1 – تستنكر ما يحصل في غزة و تدين الجرائم البشعة المرتكبة من طرف الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني الأعزل. 2- تدعوا الشعوب العربية و الإسلامية لمساندة الشعب الفلسطيني من أجل و قف هذه المجازر و دعم نضاله من اجل تحرير أرضه و مقدساته. 3- تطالب الدول العربية المجاورة بفك الحصار فورا عن غزة و فتح الحدود و قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني المحتل. 4- تدعوا الجمعيات و المنظمات الحقوقية و الإنسانية للعمل على وقف هذه المجازر و المطالبة بمحاكمة و عقاب مجرمي الحرب. 5- تهيب بجميع الأحرار في العالم للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني و العمل على وقف هذه المجازر النكراء حالا. 6- تدعوا منظمة الأمم المتحدة و جامعة الدول العربية و منظمة المؤتمر الإسلامي و بقية المنظمات الدولية لتحمل مسؤولياتها التاريخية تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من مجازر نكراء و إبادة جماعية. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري
 


حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي 80 شارع الهادي شاكر، تونس الهاتف: 71841840-71842045 الفاكس: 71842559 E-mail: udu_udu1@yahoo.fr  بسم الله الرحمن الرحيم    التاريخ:02/03/2008    بـــــيــــان  
تصاعدت جرائم العدو الصهيوني في فلسطين عامة وفي قطاع غزة خاصة مخلفة أكثر من 100 شهيد ومئات الجرحى أغلبهم من الأطفال والشيوخ والنساء متجاوزة بذلك كل القوانين والمواثيق الدولية محدثة مجزرة حقيقية لشعبنا الأعزل بدعم أمريكي كامل ووسط صمت عربي رسمي مريب. وإزاء هذا الوضع يعلن الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ما يلي:   1 – أن هذه المجازر المتكررة والمتصاعدة على شعبنا المقاوم والصامد في غزة وعموم فلسطين تندرج ضمن مقدمة الاحتفالات الكيان الصهيوني على طريقته بمناسبة الذكرى الستين لاغتصابه أرض فلسطين وإعلان دولة الإرهاب.   2 – يعتبر الاتحاد الديمقراطي الوحدوي أن ما يرتكب من جرائم حرب هو إصرار دولة الإرهاب الصهيوني على مواصلة نهج الإبادة والتقتيل بدعم مفضوح من الولايات المتحدة الأمريكية وتواطؤ دولي غربي…   3 – يعتبر أن صمت الأنظمة العربية على هذه الجرائم تخل عن الواجب القومي وتشجيع للعدو على الاستمرار في جرائمه ويدعو هذه الدول عامة ولا سيما دول الطوق إلى تحمل مسؤولياتها والتحرك الفوري لحماية شعبنا من حرب الإبادة الممنهجة التي تقودها دولة العصابات الصهيونية، ويدعو الدول العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني لأن تراجع موقفها وتضع حدا لهذه العلاقة التي تجسّر للعدو الصهيوني عدوانه.   4 – يدين الاتحاد الديمقراطي الوحدوي وبشدة كل المواقف التي وضعت إرهاب دولة العصابات الصهيونية وضحاياه العزل  من شعبنا في فلسطين في سلة واحدة انتصارا لسياسة التقتيل وجرائم الحرب وعلى رأسها موقف ما يسمى مجلس الأمن الدولي المرتهن  بيد راعية الإرهاب الأكبر الولايات المتحدة الأمريكية.   5 – يدعو كل الأحزاب والمنظمات والنخب والفعاليات العربية المتمسكة بوحدة الأرض والمصير لترسيخ مبدأ اعتبار الكيان الصهيوني حركة عنصرية إرهابية مقاومته مشروعة في كل مكان وبكل الوسائل المتاحة بما أن حق المقاومة حق مشروع لا يمكن مساواته مع عدوان الاحتلال أو أي عدوان إرهابي آخر، ويدعو بالمناسبة السلطة الفلسطينية إلى تعديل مواقفها بخصوص الصراع مع الكيان الصهيوني لينسجم مع إرادة شعبنا في فلسطين في حق المقاومة والممانعة ويدعو كافة الفصائل الفلسطينية إلى وحدة الموقف والسلاح في مجابهة الاحتلال الغاشم.   عاشت فلسطين عربية مناضلة من أجل الحرية. عاش نضال شعبنا من أجل الحرية والانعتاق.     الأمين العام احمد الاينوبلي

حزبان تونسيان معارضان ينددان بـ’العدوان الإسرائيلي’ على غزة

 
تونس / 2 مارس-اذار / يو بي أي: ندد حزبان تونسيان معارضان بشدة بـ »العدوان الإسرائيلي » المتواصل على قطاع غزة، وبـ »الصمت » العربي الرسمي تجاهه، وطالبا بتحرك عاجل لوقفه. وقال الإتحاد الديمقراطي الوحدوي التونسي(حزب معارض معترف به) إن ما يُرتكب من جرائم في فلسطين عامة وقطاع غزة خاصة يعكس « إصرار دولة الإرهاب الإرهاب الصهيوني على مواصلة نهج الإبادة والتقتيل بدعم مفضوح من أميركا وبتواطؤ دولي غربي ». واعتبر الحزب في بيان، حمل توقيع أمينه العام أحمد الأينوبلي وتلقت يونايتد برس إنترناشونال اليوم الأحد نسخة منه، على أن صمت الأنظمة العربية على « هذه الجرائم »، يعد »تخليا عن الواجب القومي، وتشجيعا للعدو على الاستمرار في جرائمه ». ودعا دول الطوق العربية إلى تحمل مسؤولياتها والتحرك الفوري لحماية الشعب الفلسطيني من حرب « الإبادة المنهجية » التي تشنها إسرائيل، كما طالب الدول العربية المطبعة مع إسرائيل إلى مراجعة موقفها، ووضع حدا لعلاقاتها مع العدو الصهيوني. ومن جهته، أعرب الحزب الاجتماعي التحرري التونسي عن قلقه إزاء تطور الأحداث في قطاع غزة. وناشد الحزب في بيان له نشر اليوم القادة العرب بالتحرك الفوري للضغط على الدول الراعية لمسار السلام لإيقاف العدوان الإسرائيلي. كما ناشد أيضا السلطة الفلسطينية بالتعجيل بحوار وطني فلسطيني-فلسطيني « لإخراج الجبهة الوطنية الفلسطينية من الشقاق والتصدع الذي انزلقت فيه »، محملا كافة الأطراف على الساحة الفلسطينية نفس المسؤولية. وكانت إسرائيل أعلنت اليوم إنها ليست في وارد وقف هجماتها على قطاع غزة التي أسفرت منذ الأربعاء الماضي عن سقوط عشرات القتلى والجرحى بينهم الكثير من الأطفال.


حزب تونسي معارض يستنكر الصمت العربي إزاء ما يحصل في غزة

 
تونس (رويترز) – عبر الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض في تونس عن استنكاره الشديد للصمت العربي الرسمي إزاء « الاعتداء الاسرائيلي » على الفلسطينيين في غزة الذي خلف 61 قتيلا يوم السبت فقط. وقتلت اسرائيل 61 شخصا في قطاع غزة ليصبح يوم السبت أدمى يوم للفلسطينيين منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي عام 2000. وقال الحزب في بيان حصلت رويترز على نسخة منه ان « هذا الصمت يشكل تشجيعا ضمنيا للمعتدي على المضي في غاراته الجوية على الشعب الفلسطيني الأعزل ». ودعا الحزب في بيانه « كل القوى العربية الوطنية والأحرار في العالم الى التحرك العاجل للتصدي لهذه الجريمة الجديدة وممارسة اقصى الضغوط على أصحاب القرار في المجتمع الدولي كي يفرضوا على المعتدي الكف عن جرائمه ». وحث مجلس الأمن الدولي يوم الأحد اسرائيل والنشطاء الفلسطينيين على انهاء كل أشكال العنف في غزة بعد أن أدان الامين العام للامم المتحدة بان جي مون ما وصفه باستخدام اسرائيل « المفرط » للقوة   (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 2 مارس 2008)

 

غــــزة حـزينة… سماؤها تبــكي

 
علا عطا الله   غزة- « الحـزن.. الآه.. الألم.. ».. وكل مُفردات الوجـع تقف عاجـزة عن وصف أنين غـزة فما من لغـةٍ يُمكنها استيعاب حجم صدمـة تلك المدينـة ونكبتها وهي تُودع فلذات أكبادها بالعشـرات. 73 شهيـدا ودعتهم غزة السبت 1-3-2008 بهتافات الغضب وصيحـات الاستنكار على عالمٍ صامتٍ لا يـرى في الدماء النازفـة سـوى أرقام. جـولة لـ »إسلام أون لاين.نت » في شـوارع غـزة صباح اليـوم الأحد 2 مارس كانت كافية لتبيـان ما ألمّ بغـزة من سـوادٍ وفاجعـة. السمـاء بدت وكأنها تُشاطر المدينة الثكـلى دموعها على فلذات أكبادها، فرذاذ المطـر هطل بهدوءٍ حزين ليُصافح عشرات الجثاميـن وهـي تُوارى الثرى.   بقايا حُلم   الشـوارع خاليـة من المـارة والمحـلات التجاريـة أغلقت أبوابها.. الحداد عمّ المكـان، فلا مدارس ولا جامعات.. الجميـع ارتدى الوجـوم وانطوى على نفسـه في البيـت يُلملم جراحه. وعلى عجلٍ سـريع أخذت غزة تُشيّع شهداءها، فالمجازر الإسرائيلية المُستمرة لا تُمهلها الوقت لإلقاء نظرات الوداع ورسم القبلات الأخيـرة، فثلاجات المستشفيات ما إن تفـرغ حتى تمتلئ بأكثـر مما كانت. في كل بيت وحـارة حكاية ألم وبقايا حُلم.. فطائرات الاحتلال الحاقدة تستهدف رضاعات الأطفال والكُراسات والأقـلام وكرة القدم ومآذن المساجد، وكافة تفاصيل الحياة الجميلة. بيوت على ساكنيها هُدّمت.. وعمارات سكنية بلمح البصر تحولت إلى أكوامٍ من التراب كما لو كانت مصنوعة من القش أو الكرتون. داخل تلك البيوت لفظت الأحلام أنفاسها الأخيـرة وتحولت إلى أشلاء.. في كل رُكنٍ وزاويـة بقايا ذاكرة. فشهيدٌ يلحقه آخـر، وأطباء في المستشفيات يُحاولون جاهدين إنقاذ ما يُمكن إنقاذه تحت هول الصدمة من شلال الدم المتدفق. رؤساء أقسام الجراحة في المستشفيات أكدوا أن معظم الجرحى الذين استقبلوهم مُرشحين للموت، وأن المئات منهم مُصابون في كافة أنحاء الجسم. زوايا المستشفيات احتضنت صرخات الرجال والنساء وكاميرات تُسجّل عدد الشهداء والجرحى والدموع. ومنهم من ينتظر سُكان غـزة وهم يُودعون أولادهم طالبوا المقاومة، وفي مُقدمتها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية « حماس »، بتنفيذ عمليات استشهادية في قلب إسرائيل. الشاب خالد، وهو يُشارك في تشييع أقاربه، يردد بغضب: « نقول للاستشهاديين جهزّوا أحزمتكم.. فالدم يجب أن يكـون بالدم.. ورد الصاع بصاعين.. يجب إيلامهم وبشدة ». ما يتمناه خالد يكاد يتكرر على لسان جميع الأهالي الذين اكتوت قلوبهم بحرقة وهم يُشاهدون الأجساد الممزقـة واستهداف البراءة. الوصايا « أوصيك خيرا يا أمي بالأولاد »، و »شقيقي إن بقيت حيـا فأرجوك رفقا بإخوانك »، و »أبي.. أخـتي… ». هذا ما بات يُردده سُكان غزة على مسامع بعضهم البعض، فأمام احتلالٍ توعد بإشعال « محرقـة » أخذ الجميع يسرد وصيته، فرائحة الموت تنتشر في كافة أروقة المكان حتى في غُرف النوم. استيقظت غـزة بعد « السبت الأسـود » ترتدي الدمـع، ولا يُغادر قلبها الحزن، وفي السماء طائرات الموت تحوم، وعلى الأرض دبابات تنتظر صيدا ثمينا لتنقض على لحمـه. غـزة المخنـوقة وهي تستمع لأصوات طائرات الدمار وآلات الرعب، ترفع أكف الدُعاء تبتهل لرب السماء أن يُفرغ على قلبها صبرا فتحتمل.   (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 2 مارس 2008)  


كاتب إسرائيلي: العرب منحوا الشرعية لضرب غزة

صالح النعامي     قال صحفي وكاتب إسرائيلي بارز إن الصمت العربي الرسمي وتعليقات بعض المثقفين العرب على الحملة الإسرائيلية في قطاع غزة ينظر إليه في إسرائيل على أنه « قبول عربي » بتلك الحملة وكأنها تستهدف حركة المقاومة الإسلامية « حماس » وليس كافة سكان غزة. ففي مقال نشرته يومية « ها آرتس » الإسرائيلية اليوم الأحد، لفت تسفي بارئيل، معلق الشئون العربية بالصحيفة، إلى تحميل وزير الإعلام الفلسطيني « رياض المالكي » حركة حماس المسئولية عن توفير المسوغات لإسرائيل من أجل شن حملتها العسكرية على غزة، وتصريح رئيس السلطة الفلسطينية « محمود عباس » بأن العملية أكثر من رد على إطلاق الصواريخ من غزة على البلدات الإسرائيلية المجاورة للقطاع. وأكد بارئيل أن هذين التصريحين فسرا في إسرائيل على أنهما « دعم فلسطيني لما تقوم به إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة ».   الأنظمة العربية   وعن مواقف الدول العربية اعتبر الكاتب الإسرائيلي أيضا أن التعقيب المصري « المتهاون » على العملية، وغياب ردة فعل عربية قوية، يدلل على أن الأنظمة العربية تتعامل مع الحملة كما لو كانت حملة موجهة ضد حماس وليس ضد الشعب الفلسطيني في غزة (نحو 1.5 مليون نسمة). وطالب وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط يوم الجمعة الماضي كلا من حماس وإسرائيل بوقف التصعيد، ووصف العمليات العسكرية الإسرائيلية على غزة بأنها « استخدام مفرط للقوة ». كما لفت بارئيل إلى أن صناع القرار في إسرائيل نظروا إلى تخصيص قناة « الجزيرة » الفضائية مساء السبت حلقة كاملة حول عدم تفاعل العالم العربي مع ما يجري في غزة، كضوء أخضر عربي لإسرائيل من أجل مواصلة حملتها. وأشار إلى أن الانتقادات التي يوجهها المسئولون وبعض المثقفين العرب لإطلاق المقاومة الفلسطينية الصواريخ من غزة على البلدات الإسرائيلية منح إسرائيل شرعية شن حملتها العسكرية.   ارتياح إسرائيلي وبالنسبة لردود الفعل الدولية أعرب مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية، أبراهام أبراموفيتش، عن رضاه عن الموقف الذي أبداه الأمين العام للأمم المتحدة « بان كي مون » حيال العملية التي تطلق عليها إسرائيل اسم « الشتاء الساخن ». ووصف « بان كي مون » في جلسة طارئة لمجلس الأمن استخدام إسرائيل للقوة في غزة بأنه « مفرط وغير متكافئ »، كما أدان هجمات النشطاء الفلسطينيين الصاروخية على جنوب إسرائيل. وأشار أبرامفويتش إلى أنه بالرغم من الصور الصعبة التي تبثها شاشات التلفزة في جميع أرجاء العالم، فإن تلك الصور لم تترجم إلى حملة انتقادات ضد إسرائيل في وسائل الإعلام العالمية. وأضاف أن سفارات وممثليات إسرائيل الدبلوماسية، والتي يبلغ عددها 90، تعمل على مدار الساعة في المجال الإعلامي لتبرير ما يقوم به الجيش الإسرائيلي في غزة. وأوضح أن تعليمات صدرت للسفراء والقناصل الإسرائيليين بأن يركزوا على رسالة إعلامية واضحة، مفادها أن إسرائيل تصر على حقها في توظيف كافة إمكانياتها في الدفاع عن مواطنيها. ولفت مدير عام وزارة الخارجية إلى أن وزارته أرسلت العشرات من الخبراء في مجال الدعاية إلى سفاراتها حول العالم للمساهمة في الحملة الإعلامية التي تبرر العملية العسكرية في غزة.   (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 2 مارس 2008)


استشارة واستفتاء حول مقاطعة الجغرافيين الصهاينة وجغرافيي الجامعات العبرية حماة الاحتلال واغتصاب الأرض وتدمير الإنسان
 
زميلاتي وزملائي أساتذة الجغرافيا من المحيط إلى الخليج تحية الحرية والكرامة   لعلكم تعلمون بموعد انعقاد المؤتمر الجغرافي الدولي تونس 12-15 أوت 2008، ولعل البعض لا يعرف أن الوفد الجغرافي الإسرائيلي سيكون مشاركا في جميع فعاليات المؤتمر وجلساته العلمية. فأي دراسات وبحوث وأي رؤى ومواقف سيقدمها جغرافيو دولة الاحتلال وحروب الإبادة والجدار العنصري؟.   أي خرائط سيقدمها ويرسم عليها مشاريعه الاستيطانية والتوسعية؟. أي موارد وبيئة وعمران وأنشطة اقتصادية سيقدمها أصحاب نظرية إسرائيل الكبرى والأرض الموعودة وشعار « أرض إسرائيل من الفرات إلى النيل ».   عن ماذا سيتحدث جغرافيو الكيان الصهيوني، عن جيشهم الذي لا يقهر أم تفوقهم النووي ودباباتهم وجرافاتهم الهادمة للمنازل والجارفة للبساتين وكل ما هو فلسطيني؟. أم سيتحدثون عن حق الاحتلال في الأمن والبقاء ومبررات الحاجة إلى التوسع والحصول على الموارد بمد الحدود وتقوية النفوذ وكسب التفوق العسكري؟. أم سيتحدثون عن تخوفهم من (الإرهاب الفلسطيني) ورغبتهم في السلام والتعايش بين دولتين واحدة قاتلة وأخرى مقتولة؟.   أيها الجغرافيون المؤمنون بحقوق الإنسان وبحرية وحق الشعوب في تقرير مصيرها والدفاع عن أرضها وسيادتها وكرامتها، ألا ترون فيما يقوم به الكيان العنصري الصهيوني من حروب إبادة وتوسع استعماري ما يدفع إلى مقاومته ومقاطعة علمائه والجغرافيين منهم العاملين على تأصيل الاحتلال وتمكينه من التحكم في مجال توسعه ومصادرة حقوق أصحاب الأرض من الفلسطينيين؟؟.   أيها الجغرافيون وأنتم تعملون على تأصيل الإنسان في المكان وتعملون على تعمير المكان بقيم الحرية والعدل والكرامة والأمن والسيادة الوطنية، عليكم باتخاذ الموقف الإيجابي والحازم ضد المفسدين في الأرض والمخربين للقيم الحضارية المقدسة والمعتدين على حق وأمن الشعب الفلسطيني المستضعف.   ليس المطلوب كثيرا ولا مستحيلا، يكفي إعلان موقف من حضور المؤتمر الجغرافي الدولي الذي اشترط مشاركة الوفد الجغرافي الصهيوني حتى يتم إنجازه بتونس. وللأسف الشديد، قد وجد في بعض فاقدي الإرادة من يقبل بالركوع والتطبيع.   زميلاتي وزملائي الجغرافيون، لا نريد إحراج أحد ولكن من حقنا أن نستشير ونستفتي كل الجغرافيين بحثا عن موقف داعم لجغرافية الأرض المقدسة والمسلوبة، جغرافية الشعب الرازح تحت الاحتلال في انتظار الإبادة والقتل اليومي. فإن كنتم ترون ما يفيد الرفض والمقاطعة فإننا في انتظار اقتراحاتكم كي نعد عريضة موسعة نعلن فيها الموقف الموحد للجغرافيين الأحرار الرافضين للتطبيع. وإنا لشاكرون لإصغائكم ولموقفكم بأي اتجاه كان. ويرجى التكرم بتوزيع هذه المبادرة.   الأستاذ الهادي المثلوثي   عضو هيئة التدريس بقسم الجغرافيا، كلية الآداب والفنون والإنسانيات، جامعة منوبة. تونس في 1 مارس / آذار 2008


غزة والدم العربي المستباح

 
لم تترك اسرائيل للنظام العربي الرسمي لا سراويل ولا ملابس داخلية. انها تقوم  وبصورة متعمدة   بتعريتهم واضعافهم يوما بعد يوم. هذه الانظمة التي  باتت تختفي خلف اجهزة الامن  يوما بعد يوم حتى اختفت تماما من الوجود.انها   لم تعد حتى انظمة معادية لشعوبها  بعد ان صارت اكبر عدوة لنفسها. والا كيف يمكن ان نفسر هذا الصمت الغريب   بعد صور القتل التي  تنقلها وسائل الاعلام من غزة. هذه الانظمة التي تعاقدت مع الشيطان  لم تعد ترى حقائق بسيطة   هو ان الذين يقتلون في غزة ليسوا من حماس  وانما هم الشعب الفلسطيني الذي هو شعب عربي  .   الاحياء التي تقتل فيها هذه الشعوب  يمكن ان تكون احدى ضواحي القاهرة او الرياض او تونس او الجزائر او مراكش.وان هذا  يدل على ان فقدان  السيادة هو قبل كل شئ فقدان القدرة على حماية مواطنها. لقد اعمى  الصهاينة بصائر الانظمة العربية بعد ان صوروا  لها ان الخطر الذي يهددها ويهدد مشروعها هي هذه الحركات الاسلامية. فباتت ترى  الاشباح المهددة في كل مكان.ولكنها في النهاية لم تعد ترى انها انظمة  فقدت  علاقة القوة التي تستمدها من شعوبها وانها اليوم   في عزلة  موحشة  ولن ينقذها شئ من  الخراب الذي سياتي عليها. لقد فقدت هذه الانظمة سرعة البديهة .وتعطلت اجهزة التحليل فيها .ولم تعد ترى ما يفعله بها الصهاينة.حتى صارت غير قادرة على اصدار بيان تنديد    باعمال الوحشية الصهيونية لتحمي ماء وجهها امام   شعوبها. لم تعد قادرة حتى على اصدار  خرقة من الورق تندد  فيها بالتدمير الذي تحدثه  اسرائيل في  الحياة. وصارت تعتمد مباشرة وبدون  حياء على  تتبع خطى الاستراتيجية الاسرائيلية. باتت ترقب ان تقوم اسرائيل  بازالة الخطر الذي يمثله الاسلاميون   في لبنان وفي غزة. اسرائيل هذه التي عملت لسنوات على  دفع المنطقة الى هذه الراديكالية .يترقبون منها ان  توقف خطر حزب الله  وخطر حماس وخطر ايران عليهم. انظمة لم تعد قادرة حتى على اصدار الورق تحولت  رغما عنها الى انظمة من ورق. ولا احد يتعض .هم لا يعلمون ان الطبيعة تكره الضعفاء.وان نظام   ولد دادة الذي اعطى كل شئ لاسرائيل وبدا يضعف  تخلصوا  منه في اربعة وعشرين ساعة  واعلموه في احدى المطارات ان    يجلس في باحة ذلك المطار  وان لا يتحرك لانهم لا يمتلكون حتى  امكانية حمايته الشخصية. هذه الانظمة التي باتت تترقب الاوامر لا تعلم   اللحضة التي يعلن الصهاينة انهم لم يعودوا صالحين للاستعمال. ان استباحة الدم البرئ في غزة هو نعيق  يوحي بنهاية النظام العربي الرسمي القائم على هذا التحالف مع الامريكان. وكل طفل يموت   غدرا في غزة هو  حبل يقطع   ويهدد باسقاط المنطق الذي تستند اليه هذه الانظمة. على الانظمة العربية ان تفهم  انها اذا فقدت    كليا سيطرتها على ايقاف اسرائيل  حتى بمجرد بيان   ورقي فانها تفقد ميثاقها الذي يشدها الى شعوبها.وانها تنحدر الى الهاوية.ولن ياتي احد لانقاذها  وخصوصا  عليها الا تترقب مساندة من الصهاينة. هؤلاء لهم حسابات  تختلف دائما عن حسابتهم. فاسرائيل اعدت نفسها لتعيش    داخل  محيط جغراسياسي معادي .ولا يضيرها ان تقبل   بمجئ انظمة عربية اسلامية متشددة وعدوانية. فهي تعد   اليوم اوروبا لتنزلق الى اليمين المتطرف.وتستعد لاستعمالها في مواجهة العالم الاسلامي. ان الاباحية التي  نراها اليوم على تلفزاتنا  هي ابحاية مدروسة من الصهاينة .انهم يستعملون كل شئ بين ايديهم ويبصقون عليه.مشرعهم الا يتوقفوا   على شئ.وفي ماض بعيد  توجد شهادات انهم باعوا الاف اليهود الى المحرقة والى النازيين حتى يكونوا رعبا لدى يهود اورويا يوجبرونهم على الهجرة لاسرائيل. واذا كانوا يقتلون الاطفال اليوم في غزة   ويضغطون من جهة اخرى على ان لا يتحرك النظام الرسمي  العربي  فهم يستهدفون ذلك النظام قبل كل شئ.  هؤلاء الاطفال الذين ماتوا وخسروا حياتهم  لا تقارن خسارتهم بما خسره النظام الرسمي العربي  الذي بات يتحصن في حصون بالية  خوفا من شعوبه  ومن الرائ العام ولكن هناك لحضة لم يعد ينفع فيه شئ. لا اعتقد ان شخصا مثل عباس او اية نظام عربي اخر بقي  له هامش من المناورة. بعد هذه الجرائم  المهولة   بعد كل هذا القتل في طرقات مدينة  يفترض ان تكون امنة   لم يعد لهذا النظام مكان يختفي فيه ولا خرقة تحمي صدره. انتهى لقد بدا العداد العكسي  يعمل بجدية ضدهم. الامجد اباجي 


إلى روح الرضيع محمد المرعي

 
أين الطفولة في براءتك  التي حصدتها صواريخ العدو المنهمرة من طائرات الاف 16؟. هل أصبحت  وأنت الرضيع لخمسة أشهر فقط مجرما إلى هذا الحد حتى تستهدفك طائرات  ومقاتلات العدو ؟ هل جريمتك انك فلسطيني الميلاد والنشأة  والعنوان ؟هل أصبحت إرهابيا إلى هذا الحد حسب الوصفة الأمريكية والصهيونية والرجعية ؟ هل مازلت تسمع لنداء محمد الدرة وهو يستغيث طالبا النجدة مختفيا في حضن أبيه الذي يضمه بإصرار وعناد ليمنحه دفئه ويصد عنه الأيادي الملطخة بالجريمة ؟ وهل سمعت نداء الشهيدة الرضيعة إيمان حجو وهي تستصرخ الضمير العربي ليصحو من غفوته وظلمته؟ فهل من منادي؟ فهل من مجيب ؟ أي لعنة أصابت هذا الجسد العربي الحزين ؟ أي مصيبة حلت بهذا الجسم العربي اللعين؟ أيقتل الرضع فينا بدم بارد ونحن الجمهور العربي تبلدت أذهاننا حتى أصبحنا بلا خجل ولا استحياء نعد الجثث بالأرقام ونصحو على أخرى في الزحام ؟ الم نشيع جثمان النظام الرسمي العربي الذي نعلق عليه عجزنا منذ  بدأت مشاريع التطبيع تغزو أسواقنا وتغتصب عقولنا وتستولي على ما تبقى من ذاكرتنا وهويتنا ورجولتنا والبعض من فحولتنا ؟ الآن انكشفت كل الأباطيل وتعرت الحقيقة العارية وها نحن الجماهير العربية نواجه أنفسنا بأنفسنا . فالحقيقة المرة ككاس الحنظل نتجرعها كل يوم كل حين كل بأس  .. فكل الأنظمة الرجعية تباعا قبضت الثمن مسبقا ولم تنتظر سوق النخاسين حتى تفوز في المزايدة العلنية بامتياز  . فهي التي طبعت حتى تطبعت. وهي التي استبدت حتى تبلدت . وهي الني خانت حتى الخيانة. وهي التي استباحت الأرض والعرض والنسل وأضحت جبانة .آه وألف آه على زمن شقي عربي ارتد إلى الخلف يعدد الهزائم يكرر المواجع يكثر من المضاجع ولا يلملم جراحه. حتى أصبحنا نخالف الغريزة في الانتصار للنوع لحماية النسل. فهذا الجسد تداعت أعضاؤه وتهالكت فلم تعد قادرة على الذود عنه والدفاع عنه صونا للكرامة وللشرف القبلي . فهاهي الينابيع جفت وتجف  وهاهي المشاريع المتعددة الجنسيات تأخذ دورها لأكبر الشركات ت العملاقة الأمريكية والصهيونية فوق الأرض العربية تنهب , تربح ,ترتع  تستغل ,تستأثر ,تسرق ,تسلب خيرات الأمة إمكانياتها مقدراتها مواردها مياهها نفطها طاقتها غذاءها ملحها أديم أرضنا السمراء المكحلة برموش صباياها المخضبة بالحناء والحنان والحب الفائح بعرق  أولادها  عمالها فلاحيها شيوخها نسائها صبيانها شبانها , كل هذا يحصل في واضحة النهار أمام مرأى ومسمع من حكامها الميامين من أمرائها المؤمنين وسلاطينها  المتدينين بل لربما  ذهب الظن إلى أنهم الشركاء في الهزيمة  والرذيلة في الحصار  في الدمار في كل بيت عربي  وأمام كل دار يسلب أهلها يذبحون يقتلون يغتصبون يحاصرون ينتهكون في أعراضهم في كرامتهم في شرفهم بالكلام القبيح  الفاحش و بالعار بل هم الذين ادخلوا زناة الليل لمدينتنا لقدسنا لعروبتنا ليساعدوا الآخرين على القيام بجريمتهم ويتسللون إلى كافة الديار يأخذون منها كل نبض حي فيها كل ظفر ما زال يخدش  كل عصى كل سلاح  يرد كيد  المعتدين وإرهاب المجرمين  بل حاولوا ويحاولون شل إرادة الشعب  باسم التسامح مع العدو حينا وباسم  مكافحة الإرهاب المزعوم الذي اطل علينا في عصر الجريمة الأمريكية الصهيونية في زمن صناع الحروب وتجار السلاح من أمثال رامسفيلد  وبوش  وكونداليزا رايس  في زمن اليمين المتصهين  بعد ما اسقطوا وللأبد جدار برلين أقاموا جدارا عازلا بفلسطين بلبنان بالعراق بقطاع غزة بالضفة الغربية برفح بالسودان بين كل يبت وبيت بين كل زاوية وركن . بل ذهبوا ابعد من ذلك اسقطوا منا نحن الجماهير العربية أسس التضامن والإخوة والنخوة العربية فأسسوا بنيانا وحواجز فينا تقتل حب القبيلة والوطن حب العشيرة والمدن  وهكذا صنعوا فينا حبا آخر هو اقرب للأنانية  والفر دانية منه لميثاق أخلاق قبيلتنا وقبلتنا العربية  فنمطونا  ونمذجونا على قياس اقتصاد العولمة والرساميل المعولم حتى أصبحنا مستهلكين عن جدارة في كل شيء بعد أن كنا مساهمين  ومؤثرين في كل شيء.أرادوا أن يمحوا كل ذاكرة ومجد كل انتصار وتحد.هكذا حكامنا المهزومين شاركوهم بيعنا بالفلس عند صناديق النهب الاحتكاري مقابل سدة الحكم واعتلاء الكرسي وتأبيد الاستبداد حتى يمسى يومنا كأمس من شدة تشابه أيام الضنك والتعاسة والعكس , ولا ننسى الجمهور المهزوم حيث أضحى يفسر كل هزائمه بسبب الحكام والعرش , إلا أن الواقع أدهى وأمر فالكل مفعول به مستفعل مفاعيل .فصرنا نضحك على أنفسنا من شدة الواقع المأزوم واليأس . فكيف يستباح الوطن من طرف اللصوص والقتلة ؟  فكيف تستنزف قدرات أبناء الأمة من طرف العملاء والسفلة ؟ فكيف يتساقط الشهداء بالعشرات في مشهد كئيب يشهد على جرائم العصر التي ترتكب في حق الأطفال الرضع ونحن من وراء الستار نقرا الكتب نفتش عن النظريات عن البدائل الممجوجة بالنفاق نبحث عن ذاتنا في المجلدات  والتراث  والجدل العقيم عن الحرام عن الحلال في الطلاق  نستكشف ماضينا ونحن هم الماضي في الزقاق ؟ فهلا عوضنا منجد النظريات والكلمات الكبيرة والمصطلحات بالأخلاق؟ بكلمة واحدة نسترجع بها رجولتنا وفحولنا الغائبة عنا في الإنفاق  ؟ أين الشرف العربي ؟ أين المروءة ؟  أين العروبة؟ أيها الشارع العربي المخدر باستحقاق . ألا زمت الصمت في زمن الصمت؟ الم تعد تغضب ؟ الم تعد تصرخ في وجه الجلاد والمتملقين والفساق؟ أين غضبك ؟ أين بركانك ؟ أين انفجارك ؟ هل تماهيت مع حكامك الذين جوعوك وضربوك وحبسوك فصرت العبد المملوك في الأسواق ؟  لا وألف لا  لابد من ثورة في الثورة نبني بها جيل الغضب المسكون بالآلام الأبدية  بأحلام الحرية. لا وألف لا لابد من صد العدوان بكل جرأة وشجاعة وكبرياء نستقبل بها أيام العزة والنخوة والنصر . لا وألف لا لابد من تحطيم الحواجز فينا لا بد من الممانعة لابد من المقاومة . لا وألف لا  لابد من التصدي للأعداء لنزرع الأمل في النفوس الأبية والأحلام الوردية. لا وألف لا لابد من رد العداء بكل قوة وبسالة واقتدار نسترجع أيام المد نبدد الظلمة نصحا على الفجر.لا وألف لا لابد من تكسير الحدود الوهمية لابد من الصمود دون تردد ولا خوف ولا مساومة. هذا  زمن التحدي  للخصم فإما  الكرامة كاملة و إلا الشهادة بالدم  فإما أن نخلص لروح محمد المرعي أو نموت مثله دفاعا عن الأرض فإما أن نكون أوفياء  لشهدائنا  أو نسكت صونا للشرف و للعرض .فإما أن نخوض معركة المصير معركة التحرير أو نبقى في العتمة فإما أن نقاتل الأعداء والأوباش أو نظل في الظلمة فإما أن نجاهد في سبيل التحرر والوحدة أو نظل قابعين في العبودية وجوهنا مفحمة. فإما أن نكون أو لا نكون . النفطي حولة : 2 مارس


« شـوهـة » (*)
 
لم يتجرّأ أحد أن يقولها أو يكتبها بالقلم… خصوصا من بين العرب الذين ألقوا المنديل ونكسوا العلم! فقالها الإسرائيليون… … أو قالها نائب وزير دفاعهم بالأحرى… قال إنّ إسرائيل ستنفذ في غزة «محرقة كبرى»!! نعم، تجرّأ على القول بأنّ سياسة بلاده بلغت منتهى القذارة… إذ من يرتكب «محرقة كبرى» لا يمكن أن يكون إلاّ نازيّا بصريح العبارة.   محمّد قلبي    (*) محرقة باللّغة العبريّة   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 2 مارس 2008)  
 


 “ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 02  مارس  2008

من اضطهاد السّجن ..إلى سجن الإضطهاد ..!

 
علمت الجمعية أن السّجين السّياسي السّابق محمد الصالح قسومة لا يزال يتعرض لشتى أنواع المضايقات الأمنية و لم تفلح كل الإتصالات و المكاتبات التي قام بها في إقناع السلط المعنية بوجوب تمكينه من حقوقه كمواطن تونسي يكفل له الدستور الحق في التنقل بحرية ، فبالإضافة إلى المراقبة البوليسية اللصيقة و الإلزام بالإمضاء مرة كل 48 ساعة تصر الدوائر الأمنية في ولاية المهدية ،مع حماس و تفان من رئيس مركز الحرس بالسواسي ، على حرمانه من العلاج و من التواصل مع أفراد عائلته بالتعلل بوجوب الموافقة المسبقة على كل تنقل مهما كان سببه ..! و تذكر الجمعية بأن قسومة يشكو من أمراض عديدة يستوجب بعضها عناية خاصة يستحيل توفيرها في القرية الصغيرة التي يقيم بها ، و أن  قرار  » المراقبة الإدارية  » عدد 17958 الصادر عن وزير الداخلية في 12 نوفمبر 2007 بخصوص محمد الصالح قسومة لا يتضمن في أي من فصوله الأربعة على وجوب الإمضاء ..! ، كما علمت الجمعيّة أن السّجين المسرّح محمد باشا و الذي تمّت محاكمته في إطار ما يسمّى بـ  » مكافحة الإرهاب  » ( حكم صادر عن محكمة الإستئناف بتونس في  القضية عدد 10478  بتاريخ 25 جانفي 2008 ) يتعرض لمضايقات لا تنتهي من أعوان البوليس السياسي برأس الجبل من ولاية بنزرت حيث يتعرض لطلبات غريبة ، و متناقضة أحيانا إذ يطالبه أحد الأعوان بالحضور لمنطقة الأمن بينما يتصل به آخر ليشعره بعدم ضرورة ذلك كما تم إخضاعه مؤخرا لما يشبه الإقامة الجبرية فتم منعه من التحول إلى مدينة منزل تميم  لحضور جنازة زوج خالته ، و بمجرد حصوله على عمل ( سائق بمخبزة ) اتصل أعوان فرقة الإرشاد بصاحب العمل لثنيه عن تشغيله و إعلامه بأنه يتعرض لأخطار بتشغيله  » شخصا خطير  » ..ّ لم يعد خافيا  على كل الملاحظين للسّاحة الحقوقيّة في البلاد أن معاملة المساجين السياسيّين المسرّحين قد شهدت في الآونة الأخيرة تدهورا خطيرا يذكّر بممارسات عشريّة التسعينات السّوداء ، فلم تعد الدّوائر الأمنية تكتفي بعقوبة المراقبة الإداريّة رغم ما تمثله من ظلم و خرق للقانون و اعتداء على أبسط حقوق الإنسان المكفولة بالدستور و المواثيق الدولية  ، و أصبحت مفردات الواقع اليومي للمسرّحين موزّعة بين الإمضاء على دفاتر البوليس السياسي .. و المحاصرة بمقر الإقامة .. و الحرمان من الشغل و التداوي و الحياة العائلية العادية فضلا عن التفكير في أي شكل من أشكال المشاركة في الحياة العامّة ، مما خلق وضعيات أقرب إلى سجن بمواصفات جديدة لا رقابة فيه للقضاء و لا مسؤولية فيه للدولة في إطعام  » السجناء  » أو مداواتهم ..فأي حديث عن إدماج المساجين المسرحين يفقد كل مصداقية إذا استثني منه المساجين السياسيون الذين قضوا أكثر من عشرية خلف القضبان إثر محاكمات غير عادلة و عانوا من الإضطهاد و سوء المعاملة و قساوة ظروف الإقامة مما خلف لأكثرهم أمراضا مزمنة تستوجب علاجا خاصا و عناية مستمرة ، لا تسمح الملاحقة الأمنية بالحد الأدنى منهما . و يبقى التساؤل مشروعا : أي الشرائع تبرّر أن يجبر محمد الصالح قسومة على مقابلة رئيس مركز الحرس عشرات المرات منذ إطلاق سراحه .. بينما  ينتظر أكثر من شهر للسماح له بمقابلة أحد أفراد عائلته ..!؟ عن الجمعيـــــة  الرئيس الأستاذة سعيدة العكرمي

بسم الله الرحمان الرحيم  ألله أكبر  إنا لله و إنا إليه راجعون   » يأ أيتها النفس المطمئنة أرجعي إلى ربك راضية مرضية »
 
انتقل إلى رحمة الله تعالى السيد حميّد الطريقي صبيحة اليوم الأحد 2 مارس 2008، و تنقل الجنازة إلى مقبرة الجلاز و يكون الدفن بها بعد عصر اليوم الأحد.. و بهذه المناسبة نتقدم بأحر التعازي إلى كل عائلة الطريقي داخل البلد و خارجه سائلين المولى عز و جل أن يتغمد « عم حميّد » برحمته و يؤويه فسيح جناته و أن يرزق كافة إخوته و كامل العائلة جميل الصبر و السلوان..   لتقديم التعازي الاتصال بأخينا المنصف الطريقي السجين السياسي السابق:   الهاتف: 0021621830771 جرجيس:02 مارس 2008 عبدالله الــــــــــــزواري
 

الاتحاد الديمقراطي الوحدوي يدعو للحوار بين مكونات الحركة القومية في تونس

 
 علمت « أضواء التونسية » من مصادر مطلعة في الاتحاد الديمقراطي الوحدوي انه يتم الإعداد للانطلاق في حوار مع مختلف مكونات الحركة القومية والوحدوية في تونس. وكانت صحيفة « الوطن » (لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي) نشرت في عددها الصادر يوم 22 فيفري 2008 (العدد 24) « رسالة إلى القوى الوحدوية في تونس » دعت إلى ضرورة الالتقاء والحوار على أرضية جملة من الثوابت والمبادئ الوحدوية. ويرى عدد من المهتمين بالشأن السياسي في تونس أن هذه الدعوة من الاتحاد الديمقراطي الوحدوي للحوار بين مكونات الحركة القومية في تونس خلفيتها سعي « الوحدوي » لتوحيد القوميين في تونس والارتقاء بدورهم في الفعل السياسي والشأن العام بالبلاد. وقالت مصادر مطلعة « لأضواء التونسية » أن هذه الدعوة للحوار وجدت صداها لدى عديد الأطراف وان الترتيبات للانطلاق في النقاش والحوار قد انطلقت في بعض الجهات. ويتساءل عدد من المراقبين للشأن السياسي عن مدى نجاح هذه المبادرة نحو خلق قطب وحدوي في تونس خاصة أن الساحة تعرف عدة مكونات سياسية التقت حول مضامين ذات عمق سياسي.   (المصدر: صحيفة « أضواء » (أسبوعية- تونس)، العدد 477 بتاريخ 2 مارس 2008)


تعديل أسعار المواد البتروليــة

 
تونس (وات) تعلم وزارة الصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة  أنه تقرر تعديل أسعار المواد البترولية للعموم بداية من هذا اليوم الاحد 2 مارس 2008 على الساعة الصفر على النحو التالي:   1/ البنزين الرفيع الخالي من الرصاص 250ر1  دينار/اللتر   2/ البنزين الرفيع 250ر1  دينار/ اللتر   3/ بترول الانارة 690 مليما /اللتر   4/ زيت الديزل الغازوال  50 ج م م 050ر1 دينار /اللتر   5/ زيت الديزل الغازوال  890 مليما/اللتر   6/ الفيول وال الثقيل  340 دينارا/الطن   7/ غاز البترول السائل:       أ/ الحمولة ذات 3 كلغ 750ر1 دينار       ب/ الحمولة ذات 5 كلغ 830ر2 دينار       ت/ الحمولة ذات 6 كلغ 370ر3 دينار       ث/ الحمولة ذات 13 كلغ 200ر7 دينار       ج/ الحمولة ذات 25 كلغ 170ر24 دينارا       ح/ الحمولة ذات 35 كلغ 835ر33 دينارا       خ/ غاز البترول المسيل /الصبة/ 750ر966 دينارا/ الطن       د/ غاز البروبان المسيل /الصبة/ 195ر998 دينارا/ الطن       لقد سجل سعر البترول في الاسواق العالمية رقما قياسيا جديدا تجاوز في الفترة الاخيرة عتبة 100 دولار للبرميل الواحد في حين أن التقديرات المعتمدة في ميزانية الدولة لسنة 2008 ضبطت على اساس 75 دولارا للبرميل الواحد. ويقدر الانعكاس الاضافي لارتفاع الاسعار وفق المعطيات الاخيرة ب 500 مليون دينار بالنسبة للسنة الحالية.    لذلك وفي ضوء هذا الارتفاع الحاد المتواصل الذى تجاوز كل التوقعات تضطر بلادنا لادخال تعديل على اسعار المحروقات في السوق الداخلية. وهو تعديل محدود يراعي الحرص على الحفاظ على المقدرة الشرائية للمواطن والقدرة التنافسية للمؤسسة من جهة وللتخفيف من انعكاسات ارتفاع أسعار المحروقات على التوازنات المالية والمسيرة التنموية من جهة أخرى اذ أنه لا يغطي سوى ربع الانزلاق المتوقع مع الامل أن تشهد الاسعار العالمية بعض الانفراج في الفترة القادمة.    وبذلك تبقى أسعار المحروقات مدعمة بنسب هامة.   80/ مليما للتر بالنسبة للبنزين الرفيع والبنزين الخالي من الرصاص   250/ مليما للتر للغزوال   400/ مليم لبترول الانارة   350/ دينارا لطن الفيول   11/ دينارا و700 مليم لقارورة الغاز صنف 13 كيلو غرام   وهو ما يتطلب تعميق الوعي بما يكتسيه ترشيد استهلاك الطاقة على كافة المستويات.    وبالامكان استيعاب تعديل أسعار المحروقات بالاقبال على استعمال الاجهزة المقتصدة للطاقة واعتماد السلوكيات الملائمة على غرار الحد من سرعة السيارات والعمل بالارشادات والنصائح المتعلقة بتفادي التبذير في استهلاك الطاقة.   (ألمصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 2 مارس 2008)

تونس ترفع أسعار الوقود لإحتواء إرتفاع أسعار البترول

 
تونس / 2 مارس-اذار / يو بي أي: قررت السلطات التونسية رفع أسعار الوقود والمواد النفطية ابتداء من اليوم الأحد،وذلك في خطوة هي الأولى خلال العام الجاري،والثانية في غضون أربعة أشهر. وقالت وزارة الصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة التونسية في بيان لها إن هذا الإجراء يشمل كافة مشتقات المواد النفطية،حيث أصبح سعر الليتر الواحد من البنزين الرفيع والخالي من الرصاص دينارا واحدا و250 مليما(نحو 1.033 دولار أمريكي). وتقول السلطات التونسية إنها إتخذت هذا الإجراء « لإحتواء إنعكاسات الإرتفاع المتواصل لسعر النفط ،الذي تجاوز عتبة 100 دولار للبرميل الواحد،في حين أن التقديرات المعتمدة في ميزانية الدولة للعام الجاري ضبطت على أساس 75 دولار للبرميل الواحد. ووصفت هذا الإجراء بالمحدود « لأنه يأخذ بعين الإعتبار المحافظة على القدرة الشرائية للمواطن ولا يؤثر على القدرة التنافسية للمؤسسات،كما أنه لن يغطي سوى ربع إجمالي الدعم السنوي المقدم للمحروقات ». كما اعتبرت السلطات التونسية هذا الإجراء ضروريا لأنه « يمكن من الحفاظ على الموارد الضرورية في مستوى موازنة الدولة لضمان نسق النمو وتطور الإقتصاد ». وكانت الحكومة التونسية لجأت إلى رفع أسعار المحروقات والغاز السائل ثلاث مرات خلال العام الماضي لتخفيف العبء على دعم الدولة للمحروقات الذي يتوقع أن يتجاوز 500 مليون دينار (413.22 مليون دولار) خلال العام الجاري.

 


تونس ترفع أسعار البنزين لتقليص العجز في الميزانية

 
تونس (رويترز) – قالت الحكومة التونسية يوم الاحد انها رفعت سعر البنزين بنسبة 4.16 بالمئة للمرة الثالثة في اقل من عام لخفض العجز في ميزانية الطاقة في ظل استمرار ارتفاع اسعار النفط العالمية بشكل غير مسبوق. وأضاف بيان لوزارة الصناعة والطاقة ان سعر البنزين الخالي من الرصاص والبنزين الممتاز ارتفع الى 1.250 دينار للتر (1.05 دولار) من 1.200 دينار. وتخطت اسعار برميل النفط في الاسواق العالمية حاجز 102 دولار الاسبوع الماضي لاول مرة. وتعود آخر زيادة في اسعار البنزين في تونس الى شهر أكتوبر تشرين الاول الماضي. وكل ارتفاع قدره دولار واحد في سعر البرميل يؤدي الى عبء اضافي في ميزانية الدولة يبلغ نحو 35 مليون دينار (29 مليون دولار.) وأطلقت تونس حملة واسعة لترشيد استهلاك الطاقة وتوسيع استغلال شبكة الغاز الطبيعي واللجوء للطاقات المتجددة بعد الارتفاع المستمر في أسعار النفط العالمية وتضاؤل انتاج البلاد من النفط نتيجة تقادم الحقول.   (الدولار يساوي 1.19 دينار تونسي)   (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 2 مارس 2008)

« وردة لكل جدة » أول عيد في تونس يحتفي بالجدة

 
تونس (رويترز) – تكرم تونس يوم الاحد الجدة تقديرا لدورها في تنشئة الاجيال باحياء عيد لها لاول مرة. بهذا تصبح تونس من اول البلدان المحتفية بالجدة التي لاتزال تحافظ على دور بارز في الاسرة التونسية بينما اقتصرت الاعياد في أغلب المجتمعات الاخرى على الاحتفاء بالام والاب. وتصل نسبة المسنين في تونس الى 9.5 في المئة من مجموع السكان البالغ عددهم نحو 10 مليون نسمة. وتضمن الاحتفال الذي أعدته وزارة الشؤون الاجتماعية بعيد الجدة المقام تحت شعار « وردة لكل جدة » برامج تنشيطية للجدات داخل اسرهم وبمراكز رعاية المسنين وتنظيم منابر حوار بمراكز الطفولة حول علاقة الجدة بأحفادها. وقالت وزارة الشؤون الاجتماعية بتونس ان الاحتفال بالجدة « يكرس ايمان تونس بالمسؤولية المشتركة بين جميع افراد الاسرة في ضمان الاستقرار العائلي في اطار التوافق والاحترام المتبادل من أجل بناء أسرة متماسكة. » ورغم التقدم السريع الذي يشهده المجتمع التونسي فان الجدة لاتزال تحتفظ بدور مهم في مساعدة الاباء في تربية الناشئة. ولاتزال صورة الجدة متربطة بتلك السيدة العجوز الطيبة التي تحب أحفادها وتغرقهم حنانا وعطفا وتحكي لهم قبل النوم حكايات خيالية   (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 2 مارس 2008)


وردة لكل جدّة تونسية

 
تونس – الحياة      يحتفل التونسيون اليوم وفي التاريخ ذاته من كل سنة، بعيد الجدّة. ويتضمن برنامج الاحتفال الذي أعدّته وزارة شؤون المرأة والأسرة والطفولة والمسنين تحت شعار «وردة لكل جدة»، برامج تنشيطية للجدات وكبار السن مع عائلاتهم أو في مراكز رعاية المسنين، وإهداء وردة لكل جدة وتكريم بعضهن لتميزهن في المجتمع. وستقام نشاطات حول التماسك الأسري والترابط بين الأجيال، وتنظم زيارات إلى مراكز رعاية المسنين في مختلف أنحاء البلاد، ونشاطات في مؤسسات الطفولة حول علاقة الجدة بأحفادها. كما تساهم جدات في عدد من اللقاءات مع الأطفال لسرد الحكايات والغناء والطرائف والرقص. وتشهد تونس تطوراً في عدد كبار السن، اذ تشير الإحصاءات الديموغرافية الى أن نسبة المسنين 9.5 في المئة من مجموع السكان، ومن المنتظر أن تصل إلى 19.8 في المئة عام 2034.   (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 2 مارس 2008)

قضية عدلية ضدّ صحف العار: منع «كاريكاتور» للشيخاوي وهو يحمل حزاما ناسفا

 
علمت «الشروق» أن وكيل أعمال لاعبنا ياسين الشيخاوي رفع قضية على الصحف الألمانية التي كانت تهجمت على لاعبنا. وتهدف هذه القضية الى ردّ الاعتبار لياسين الشيخاوي خاصة وان الموضوع تم تحميله ما لا يحتمل وتم تأويله بشكل غير موضوعي وألصق بلاعبنا تهما وحكايات لا أصل ولا صحة لها. وساهم هذا التحرك في إيقاف هجمة «كاريكاتورية» على لاعبنا كانت تسعى اى تصويره وهو يحمل حزاما ناسفا داخل ملعب.   * عبد السلام ضيف الله   (المصدر: صحيفة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 1 مارس 2008)  

اختتام مهرجان تكريم رائد المسرح التونسي علي بن عياد

 
تونس (رويترز) – اختتمت مساء السبت بضاحية حمام الشط أنشطة المهرجان المخصص لإحياء الذكرى السنوية السادسة والثلاثين لوفاة علي بن عياد رائد المسرح التونسي بتكريم عدد من المسرحين في تونس. يعتبر علي بن عياد الذي ولد عام 1930 وتوفي في 1972 أحد أبرز المسرحيين التونسيين تمثيلا واخراجا وطيلة مسيرته استطاع أن ينتزع اعجاب المشاهدين في تونس وخارجها من خلال ابداعاته في السينما والتلفزيون. وخلال الحفل الختامي عرضت مسرحية « حر الظلام » من إنتاج شركة مسرح الناس من تونس ووزعت الجوائز على مسرحيات شاركت في مسابقات المهرجان. وكرم المهرجان دليلة مفتاحي ومحمد بن عثمان ومحسن الزعزاع اعترافا باسهاماتهم في تطوير المسرح التونسي واشعاعه. وعرضت خلال مهرجان علي بن عياد الذي عرف بمقولته الشهيرة « المسرح معبد بالنسبة لي » عدة مسرحيات من بينها « جمر ورماد » و »حرف الياجور ». كما نظمت على هامش المهرجان ورش حول تقنيات الاضاءة في المسرح إضافة لندوات فكرية حول « الهيكلة والتنظيم في المهن الدرامية ». واشتهر علي بن عياد بعدة أعمال مسرحية من بينها « كلو من عيشوشة » (1960) و »مدرسة النساء » (1963) و »لعبة كاركوز » عام 1971 إضافة لمشاركته في عدة أفلام من بينها فيلم « الحب الضائع » وهو إنتاج تونسي مصري.   (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 2 مارس 2008)
 


رد على حزب ولد في المهد برلمانيا

 
أصدر حزب الخضر للتقدم بيانا رفض فيه ترشح الأستاذ أحمد نجيب الشابي للرئاسة من الآن كما رفض تصنيف تموقعه السياسي ضمن الموالاة و رفض كذلك الترفيع في سقف السياسية للمعارضة إلى السماء.وقبل مناقشة المضامين السياسية لبيان هذا الحزب نودّ التوقف عند الحقائق التالية: ـ أن حزب الخضر للتقدم ولد في المهد برلمانيا حيث انشق أمينه العام عن الحزب الاجتماعي التحرري وهو نائب عنه في البرلمان منذ الانتخابات الرئاسية و التشريعية 2004 و بما أن حزب الخضر للتقدم تأسس بعد الانتخابات المذكورة فهو ليس حزبا برلمانيا بالضرورة لأنه لم يشارك في الانتخابات و عليه يعتبر خرقا للقانون تمتعه بالتمويل العمومي للأحزاب السياسية و لسنا ندري ان كان الأمين العام لهذا الحزب سيزكي مرشح السلطة لرئاسيات 2009 بالقائمة التي دخل بها المجلس أم بلوحة حزب الخضر غير البرلماني، بل قل هل سيكون أمين عام هذا الحزب من المترشحين للرئاسة وهو حزب غير برلماني ؟ ـ أن حزب الخضر للتقدم ولد في سياق بناء السلطة لحجة إغلاق الباب أمام التشكل السياسي و القانوني لحزب تونس الخضراء الذي يتزعمه الأستاذ عبد القادر الزيتوني و الذي يمثل في تقديرنا مظهرا من مظاهر الامتداد الوطني للحركة البيئية الكونية اعتبارا لطرحه للقضايا البيئية الوطنية من زاوية سياسية في علاقة بالاجتهادات و المقاربات صلب الحركة البيئية الأوروبية باعتبارها تاريخيا منشأ الاقتران بين العمل السياسي و إشكاليات البيئة و المحيط، وتعكس التسمية التي اختارها المؤسسون تعلقا باللون المميز للمخيال الجماعي و المزاج الشعبي التونسي بينما نشأ حزب الخضر للتقدم بقرار رسمي و بقي سجين ملف التأسيس يناطح بالوكالة. ـ أن الحكم يتحمل وحده كامل المسؤولية القانونية و السياسية و الأخلاقية عن حالة « العبث القانوني » ( المعذرة من القانونيين على هذه الصيغة فشرّ البليّة « القانونية » ما يدمّر المنطق) حينما يفرغ القانونية من محتوى الانضباط للتشريع الجاري به العمل على هنّاته ( قانون الأحزاب و رهن التمتع بحق التّنظم لسلطة التقدير السياسي للحكم و قانون التمويل العمومي للأحزاب السياسية و بدعة الحزب البرلماني)و ينزع لاعتماد معيار التوافق أو عدم التوافق مع الحكم في خياراته و توجهاته السياسية فأنت قانوني و معترف بك ما دمت تقرّ و تعترف بالامتياز الذي منحه الحكم لنفسه في كونه مرجع الاختيار سواء تعلق الأمر بالمرشحين للانتخابات الرئاسية و التشريعية أو قيادات و مواقف الأحزاب و الجمعيات ووسائل الإعلام و إن كنت من المصرّين على أن الاختيار للشعب ولو لم يعجب الحكم فأنت غير معترف بك حتى و إن كنت قانونيا وهي حالة شاذة و استثنائية و الخلل فيها لا يتعلق بمن يتمسك باستقلاليته في إطار ممارسة حقوقه و حرياته باعتباره اكتسبها من عضويته في المنتظم الوطني و إنما يكمن في الحكم الذي يودّ ليّ عنق الواقع السياسي التونسي و تسييره بأجندته الحزبية الضيقة التي لا تعترف بحقوق و حريات الشعب التونسي و قواه الوطنية و الديمقراطية و التقدمية يجسّدها إدمانه المعالجة الأمنية للقضايا السياسية و في مقدمتها العفو التشريعي العام و الحق في التنظم الحزبي و الجمعياتي دون أي وجه من وجوه الإقصاء أو الاستثناء. وبالعودة للمضامين السياسية لبيان حزب الخضر للتقدم فيما يتعلق برفضه ترشح الأستاذ الشابي لرئاسيات 2009 من الآن نقول أن لكل طرف سياسي الحق المطلق في دعم هذا الترشّح أو حجب الدعم عنه ولكن ليس من حق أي طرف يرفض ترشح الأستاذ الشابي من الآن مثلما صرح بذلك بيان الخضر دون رفض شلال حملة مناشدة الرئيس الحالي التي انطلقت منذ شهر نوفمبر 2006 من مؤسسات دستورية وما لم يعلن حزب الخضر للتقدم عن رفضه لحملة مناشدة الرئيس الحالي للترشّح لرئاسيات 2009 فإننا سنعتبره داعما لها حتى إشعار آخر وهو ما يدعو العديد من المراقبين لتطورات الوضع السياسي التونسي إلى تصنيف هذا الحزب و أشباهه ضمن « الموالاة »مع أننا لا نعتقد في دقة المصطلح و مدى قبضه على اللحظة السياسية التي يعيشها هذا الرهط من الأحزاب حيث المفهوم من مجلوبات الملف اللبناني و مكونات الموالاة اللبنانية مجموعة من الأحزاب و الشخصيات الحاكمة ضمن معادلة التوازنات الطائفية المحكومة بالتقاء أو عدم التقاء المصالح المحلية و الإقليمية و الدولية بينما « موالاتنا » لا تحكم ( نستثني في هذا التقييم من ّالموالاة ّالتونسية حركة التجديد وعدة مناضلين في عدة جهات تنتمي لهذه الأحزاب وهم يعرفون أنفسهم فعذرا على عدم تسمية من أعرف منهم) بل يمكننا القول أن أشد القوانين و التشريعات انتهاكا للحقوق و الحريات قد صدرت وهذه الأحزاب تحت قبة البرلمان ولعل أخطرها القانون الصادر في 10 ديسمبر 2003 ( لاحظ الدلالة الرمزية لتاريخ الإصدار و لسان حال المشرّع متوجّها لجماعة حقوق الإنسان:إنّا أصدرناه قانونا في عيدكم فموتوا بغيضكم) و الذي يحاكم بمقتضاه اليوم المئات من الشباب التونسي المتديّن لغايات سياسية خارجية وهو شكل من أشكال الاستقواء بالأجنبي لذا فإن أبلغ تسمية متداولة هي أحزاب الديكور الديمقراطي. ولعل ما يلفت اهتمام قارىء بيان حزب الخضر هو رفضه الترفيع في سقف المطالب السياسية للمعارضة و ليس للمرء أن يقول هنا إلا إن لم تستح فقل ما شئت فهذه مسألة تخصّ المعارضة فهل تفتي أحزاب الديكور الديمقراطي في سقف المطالب و أحزاب المعارضة و شخصياتها المستقلة في المدينة؟ إن المهام السياسية المطروحة للإنجاز لا تحددها رغبة هذا الطرف السياسي أو ذاك و إنما يطرحها الواقع السياسي نفسه بكافة تمظهراته السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و تنزيلا على السياق الخصوصي التونسي فإن مسار الانتقال للنظام السياسي الديمقراطي ببلادنا(وهو في اعتقادنا الحق الشعبي المضمون دستوريا و تشريعيا و سياسيا في تغيير الحاكم) وتجاوز نظام الحكم الفردي القائم يشكل مهمة المهمات من الناحية الاستراتيجية و تكتيكيا ينهض البرنامج المرحلي على تعبئة كل القوى السياسية المؤمنة بالتغيير الديمقراطي من أجل خلق رأي عام وطني و دولي ضاغط على الحكم لحمله على التسليم بمطالب المجتمع الدنيا ممثلة في المطالب الستة لهيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات و ليس هناك في اعتقادنا علاقة مباشرة و تحديدية بين تبني الاستراتيجية المتوافقة مع حركة تاريخ المجتمع التونسي ومحصلة تطور علاقات القوة بين مكونات حالة الصراع السياسي و الاجتماعي و ذلك لأن القوة السياسية تبنى بالنوعي القائم على الرؤية السياسية الثاقبة و المنخرطة في مجرى التغيير و تستكمل بالكمي من خلال خوض المعارك السياسية بكفاحية عالية ولعل القوة الكمية الظاهرة لدى الحكم و حلفائه في الداخل و الخارج تستند في حقيقتها على مناوأة التطلع الشعبي للتغيير الديمقراطي بينما يقوم الرصيد المعنوي و السياسي للمعارضة الديمقراطية على تمثيل الحق و علو الهمة في نشدانه و تجشّم مشاق تجسيده في المؤسسات و التشريعات على قاعدة الولاء الطوعي كمدخل لتشرّبه ثقافيا و لو كان الاختلال المزمن في ميزان القوى يبرر للبعض تبني استراتيجية التوسل و رفع قائمة مطالب تغيير الوضع للجهات المسؤولة عن تدهور الوضع نفسه لألغي العقل و لنسف المنطق في التاريخ و لقضّى الفلاسفة أعمارهم في تفسير العالم بينما كان يجب تغييره. محمد الهادي حمدة ـ نفطة

بين السياسة والبورنوغرافيا .. تنعدم المسافات

بدر السلام الطرابلسي essalembader@yahoo.fr فاجأني ذات خميس  صاحب مركز عمومي للانترنت بمنطقة العمران الأعلى بقوله  » إنّ تركتك تبحر في المواقع السيّاسية المحظورة بالطبع فسأسمح كذلك بالدخول للمواقع البورنوغرافيّة « !! كنت حينها بصدد البحث عن بعض المعلومات في إحدى المواقع الإخباريّة المعلقة. وإرسال إحدى المقالات التي سبق وأن نشرتها بجريدة  » مواطنون « . صعقني حينها كلام الرجل خاصة وأنّه وظّف هذه العبارة كحجة قويّة من أجل ان يمنعني من مواصلة البحث الذي بدأته والمقال الذي لم أرسله بعد. رغم ذلك، ناقشته في الأمر، وأوضحت له بان العمل الذي أقوم به لا يخالف القانون ويدخل في إطار حق كلّ مواطن في البحث واستقبال ونشر المعلومة والفكرة وبمختلف الوسائل الممكنة وبانّ المقال الذي كنت بصدد إرساله قد نشر سابقا في جريدة مرخّص لها وتباع في الأكشاك…وعندما لم يجد أيّ مبرر آخر أعلمني بأنّه تلقى تعليمات من عناصر الأمن بأن يراقب الحواسيب تحسبا لتسرب أيّة معلومات  » محظورة  » وبأنّ يتصل بهم إن لزم الأمر. المؤسف في الأمر أولا هو أن تتحوّل مقاهي الأنترنات في تونس إلى مراكز لشرطة المراقبة على المعلومة والمؤسف في الأمر ثانيا هو أن تدرج المواقع السياسية التي تتناول الشأن العام في تونس في خانّة المواقع التي تروج للإباحيّة وتجارة الجسد ( البورنوغرافيا ). والمؤسف في الأمر ثالثا هو أنّ الرقابة لا تقتصر على الصحف المستقلة عن السلطة والمواقع الإلكتونيّة السياسيّة التي لا يمكن الولوج إليها من تونس إلا بالالتواء على الرقابة بل طالت حتى  الجمهور الذي يقرا هذه الصحف ويبحر في تلك المواقع ليتحوّل مسؤول مركز للانترنات على مخبر متطوّع وصاحب الكشك  إلى مخفّ بارع للصحف المغضوب عليها ومستهلك هذه الوسائل الإعلامية إلى شرطي سادي يجلد ذاته ألف مرّة قبل التفكير في استخدام هذه الوسائل « الشيطانية »!!  طبعا أنا لا أعمّ هذه الملاحظة على كلّ المتصرفين وباعة الصحف وباقي الجمهور بل على أغلبهم. وهذا في حدّ ذاته يعتبر إنهيارا!  انهيارا للوعي الجماعي للجماهير الذي استبطن الرقابة والرقابة الذاتية حتى تحوّلت إلى سلوك يومي يرافقه في كلّ مكان وزمان.  انهيارا للمنظومة الإعلامية في تونس وتخلّفها عن نظيراتها في البلدان المتقدّمة في عصر يشهد ثورة معلوماتية تجاوزت الحدود الجغراسياسية في مختلف دول العالم و تتعثّر في بلادنا  بسبب سياسة المنع والرقابة على المعلومة والفكرة وما ينجرّ عنها من انحسار للإنتاج المعرفي والعلمي والثقافي بشكل عام . إنّ سلوكا أمنيا مماثلا للقائمين على المنظومة المعلوماتية في تونس لن يحصد إلّا مزيدا من الفشل والتخلف عن أمم العالم الأخرى. وحتى لا نذهب بعيدا فلننظر غربا لنرى أنّ الشقيقة المغرب قد خطت خطوات محترمة في تحرير المعلومة وجعلها في متناول الجمهور العريض. خطوات تنقطع لها أنفاسنا في تونس في خضمّ نضالنا من أجل منظومة إعلامية حرّة . ولن ينقطع النفس..! المصدر: جريدة مواطنون ( أسبوعية-تونس) الصادرة بتاريخ  28 فيفري 2008


وقائع محاكمة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي

 
محمد عبدالمجيد قاعة المحكمة كانت مكتظةً بصحفيين عرب وأجانب، ورجالُ الأمن يتحركون بعصبية كأنهم يخشون أن يقفز الرئيس زين العابدي بن علي من قفص الاتهام إلى منصة الحكم ليُصْدر حكما باعدام كل من تجرأ وشاهده خاننعا ذليلا خلف قفص حديدي ينتظر عدالة غابت سنوات طويلة فحَرّكَتها إرادةُ الشعب، وتنفست روحُ أبي القاسم الشابي الواثقة بأن الشعبَ إذا أراد الحياةَ فلابد أن يستجيب القدر. كان المتهمُ يختلس النظر بين الحين والآخر لعله يعثر بين الحاضرين على مُنقذ أو شاهد زور أو خائف يخشى أن يعود الرئيس إلى القصر وتسعفه ذاكرته بتَذَكُر وجوه كل الحاضرين .. الشامتين بانتهاء عهده. دخل القاضي مرفوع الرأس وتبدو على محياه علائم غضب لم تخفها ملامحه العربية المشوبة بحمرة وجه تغطي الرأسَ فيه شعيراتٌ شقراءٌ فلا يدري المرءُ إن كان تونسيا قحا أم هو نصف فرنسي. علائم الغضب انعكست بدورها على مستشاريه اللذين تقدما إلى المنصة بنفس خطوات رئيس المحكمة. يحاول المتهم أن يتأمل ملامحهم لعله يستبق المداولة بتمنيات حُكم بالبراءة، لكن يبدو أن شريطا طويلا من جرائم عهد أغبر جعلته يتراجع عن التفرس في وجوه هيئة المحكمة. كانت تونس كلها تتنفس داخل القاعة، والتاريخ يُشَمّر عن ساعديه لكتابة صفحة ستتذكرها أجيالٌ قادمة، ويحكيها آباءٌ لأبناءٍ وأحفادٍ كأنهم جميعا اشتركوا في محاكمة الطاغية. بصوت جَهُوري مفاجيء أعلى مما أحدثته مطرقةُ رئيس المحكمة، سأل القاضي: اسمُك وتاريخُ ميلادِك وصِفَتُك؟ المتهم: زين العابدين بن علي من مواليد 3 سبتمبر 1936 في حمام سوسة، وأنا رئيس الجمهورية! القاضي: لقد فهمنا أن شيطان بغداد يقول نفس الكلام وهو الذي انتهى به طغيانه وجبروته إلي جحر للجرذان، ثم قاعة محكمة في حراسة سيد البيت الأبيض، فهو يريد أن يتماسك أمام قوى الاحتلال، أما أنت فقد كنت مستبدا وأزاحك عن الحكم تونسيون وطنيون لا تساندهم واشنطون ولا تحميهم أسلحة اليانكي وأحذية الجنود الأمريكيين. القاضي: متى وكيف تَسلّمت الحُكمَ؟ المتهم: بعد عودتي من الولايات المتحدة الأمريكية، وتَدَّرُبي على أيدي أجهزة أمنها واستخباراتها، وثقة الأمريكيين بي كرجل المرحلة المقبلة خاصة أنني كنت مسؤولا عن ملف حركة النهضة الإسلامية التي يتزعهما راشد الغنوشي، قام الرئيس بورقيبة بتعييني وزيرا للداخلية تأكيدا منه على أهمية الضرب بيد من حديد ضد المناهضين لحكمه. ثم وجدت، سيدي القاضي، أن الرجل العجوز الذي لا تُمَكِنُه صحته من القيام بأي واجبات فكرية أو جسدية يُصِرّ على أنه رئيسٌ مدى الحياة ويقتل حُلمَ كل الطموحين وأنا منهم، فأنقلبت عليه، ونقلته إلى مقر إقامة جبرية. القاضي: لكنك كنت جزءا من النظام، وتوليّت منصبَ مدير عام الأمن الوطني وهو منصب خَوّلَك لأن تصبح عمليا وزيرا للداخلية بحكم عدم قدرة الوزير آنئذ ضاوي حنابلية على القيام بأعباء حماية الأمن الداخلي.  واستدعاك بورقيبة مرة ثانية بعدما قضيت أربع سنوات سفيرا لتونس لدى بولندا لتتولى الأمن الوطني على إثر ثورة الخبز التونسية والتي أتت بعد سبع سنوات من ثورة الخبز المصرية ، أليس كذلك؟ المتهم: كان من الطبيعي أن أثب على الحكم بعدما ضعف الرئيس مدى الحياة، وتكونت شللية حوله بقيادة المرأة الأقوى في تونس .. السيدة وسيلة بن عمار، وأنا خريج مدرسة الاستخبارات الأمريكية وأعرف تماما أن حماية غربية تتولى مهمة اسنادي ، وأن أمريكا كانت تدفعني لكي تحل محل فرنسا في تونس الخضراء. القاضي: قَدّمت غداة استيلائك على السلطة برنامجا طموحا عن الديمقراطية والحرية والمساواة والأحزاب والنقابات، وخدعت الجميع حتى راشد الغنوشي نفسه ثم انقلبت عليهم مرة أخرى لتُحوّل هذا البلد الطيب إلى سجن. ألم تفكر في رفع المعاناة عن شعبك الذي عانى كثيرا من طغيان واستبداد الحبيب بورقيبة؟ المتهم: لقد حاولت، سيدي القاضي، أن ألعب دور الديمقراطي الغربي العاشق للحرية، لكنني لم أتقن الدور جيدا، فالمستبد الغليظ كان داخلي، وصراخ الموجوعين في السجون والمعتقلات كان يمنحني متعة اذلال الآخرين، فعملي كان كله تقريبا باستثناء سنوات الدبلوماسية في المغرب وبولندا مزيجا من السادية والتسلق على كتف النظام والتزلف للغرب. لم يكن من الممكن أن احتفظ بالسلطة المطلقة دون زنازين تحت الأرض تسمع السماواتُ العلا صراخَ مَنْ فيها، وفعلا تحوّل التونسيون في وقت وجيز إلى عبيد تحت حذائي، أفعل بهم ما أشاء، ويمنحونني طاعة واستجداء وخنوعا كأنهم رقيق جلبتهم لي سفن تجوب أعالي البحار وعلى متنها هذا الصيد الثمين. القاضي: نظامك معروف بأنه الأكثر مراقبة للتونسيين في الخارج، ولدى أجهزة استخباراتك أسماء كل المغتربين والمعلومات اللازمة عنهم ونشاطاتهم وهو أرشيف عفن لا يعادله إلا الملفات التي تحتفظ بها الاستخبارات الأردنية لنشاطات العرب والأردنيين في الداخل والخارج وهي ملفات لا تموت ولا تتلف ولا تتعرض لحريق، مصادفة، لماذا ضاعفت مراقبة مواطنيك في الخارج؟ المتهم: لأن التونسيين لديهم وعي سياسي كبير فإذا تنفس التونسي عبيق الحرية في مظاهرة في باريس أو تولوز أو بروكسل أو لوزان فإن مناهضته للاستبداد تتجه فورا لنظام الحكم في بلده، وهذا ما عاناه الحبيب بورقيبة منهم فقررت أن استبق التمرد بملفات المترقب وصولهم إلى كل منافذ الوطن حتى لو اصطحبهم العقيد القذافي معه إلى قفصة! القاضي: لقد قمت باستغلال أحداث الحادي عشر من سبتمبر الأمريكية لتثبيت دعائم حُكمك بحجة محاربة الإرهاب، ألم يكن يكفيك أنك قمت بتحويل تونس إلى سجن كبير؟ المتهم: نعم، سيدي القاضي، فقد جعلت من المادة 123 من قانون القضاء العسكري غطاء للقبضة النارية التي أحْرِق بها خصومي، وتعتمد المادة على تهمة ( خدمة تنظيمات ارهابية تعمل بالخارج وقت السلم ) وهي كما ترى هلامية مطاطة نصنعها نحن الطغاة، ويتولى كلابنا من زبانية السلطة وساديي المعتقلات وذئاب التحقيق الأمني التفسير في قبو تحت الأرض تماما كما يفعل أكثر زملائي الزعماء العرب. القاضي: كيف تصنف سجونك ومعتقلاتك مقارنة بشقيقاتها العربيات؟ وهنا رفع المتهم رأسه، وانبسطت أسارير وجهه معبرة عن فخر واعتزاز بسجون ومعتقلات تملأ الوطن كله، وقال ضاحكا: لعلي، سيدي القاضي، أثرت حفيظة وغيرة زملائي الزعماء العرب، فــ( بيوت الأشباح ) السودانية التي كان جعفر النميري وعمر حسن البشير يفتخران بها في عهدين منفصلين أكثر رحمة من سجوني وحتى من مراكز الاعتقال المتناثرة من حدودنا مع الجزائر إلى حدودنا مع الجماهيرية العظمى. ويمكن لليبي أن يتحمل التعذيب في سجون العقيد رسول الصحراء فالنهاية ستكون بتصفيته واطلاق صحيفة الزحف الأخضر عليه صفة واحد من الكلاب الضالة، وأن يقضي المغربي ربع قرن منسيا في تزمامارت المخيف، وللسوري أن يجرب جحيم تدمر فلا يخرج حيا ولا يكترث لرجائه مَلَكُ الموت أن يقبض روحه، وللأردني الجفرة مع ملف من الاستخبارات لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، وللمصري أن يجهر بالدعاء مع عشرين ألف معتقل في سجون الرئيس حسني مبارك ولن تصل صرخاتهم للسماء الرابعة، وقس على هذا في وطننا العربي الكبير الممتد من جوانتانامو إلى أبو غريب. إذا كان الملك الحسن الثاني، رحمه الله، قد عَلّمَ المغاربة كيفية الزحف على بطونهم والتذلل له، فإنني علمت التونسيين أن يبتسموا وهم يتلقون الصفعات. القاضي: كراهيتك للاسلاميين لم يعرفها أي نظام عربي آخر اصطدم معهم، حتى تدمير مدينة حماة اثر معركة الحياة والموت بين الاخوان المسلمين ونظام الرئيس حافظ الأسد لم تجعل الاستخبارات السورية الأكثر رعبا في الهلال الخصيب كله تطارد أي فتاة محجبة أو شخصا يصلي بانتظام، أما أنت فأسلوب في كراهية الاسلاميين ليس له نظير، كيف حدث ذلك؟ المتهم: ما فشل فيه أتاتورك كان يمكن أن ينجح فيه زين العابدين بن علي. كنت أريد أن أجتث الفكر الديني من جذوره، وأجعل المتمسك بالاسلام يخشى ذكر الله لئلا ينزل عليه مقتي وغضبي. كان الدبلوماسي الذي لا يعاقر الخمر يُستدعى إلى تونس، فقد أعطى اشارة بأن بذرة للتدين قد تنبت فجأة فتنتصب شوكة في حلق نظامنا الحاكم. كانت أجهزة أمني تراقب البيوت عند صلاة الفجر، ومن يستيقظ عدة مرات وتشي أضواء نافذة مسكنه بأن التزاما متشددا بتعاليم الاسلام ستخرج من هذا البيت فإن رجال أمني قادرون على استدعاء هذا الذي يقوم الليل لله، أن يستيقظ أمام ضابط التحقيقات فربما نكتشف في صدره قلبا يتعاطف مع بن لادن أو الظواهري، وفكرا متأثر براشد الغنوشي. القاضي: لم يسلم الليبراليون واليساريون من قبضتك وزبانية معتقلاتك، ما أسباب خصومتك معهم؟ المتهم: إنهم، سيدي القاضي، متأثرون بمنظمات حقوق الإنسان، وأكثرهم من المثقفين والشعراء والكتاب والإعلاميين والأكاديميين، وقد فرضنا عليهم قيودا شديدة، وحجرنا على حرية التظاهر والاجتماع والسفر للخارج، وتعرضوا لكل أنواع التعسف والاضطهاد ، وسلطنا عليهم رجالنا يخربون بيوتهم ويسرقون أمتعتهم ويطاردونهم في كل مكان. القاضي: كيف كان موقفك الأخلاقي من الغزو العراقي للكويت؟ المتهم: حاولت من بعيد افشال القمة العربية التي عقدت في القاهرة، واعتذرت عن الحضور لأنني كنت متعاطفا تماما مع الرئيس العراقي صدام حسين، وأوحيت لاتحاد الكتاب التونسيين باصدار بيان تهنئة لعودة الكويت للوطن الأم العراق. القاضي: ولماذا غضبت على الدكتور منصف المـرزوقي عنـدما حضـر مؤتمـر الكراهية في أوسلو في 25 أغسطس عام 1990 ؟ المتهم: لقد علمتُ أنه ألقى كلمة هامة، وأدان الغزو العراقي للكويت، وطالب بانسحاب فوري غير مشروط، فأوعزت إلى وسائل اعلامي، وهي كمعظم وسائل الاعلام الرسمية في العالم العربي، تتلقى التوجيهات، وينظر رؤساؤها ومديروها إلى الأرض خوفا وسمعا وطاعة، ثم يتحولون إلى ببغاوات تسب وتلعن وتشتم وتتهم من يحل عليه غضب الزعيم العربي. كنت أعلم أن الدكتور منصف المرزوقي رفض الغزو والعنصرية وأدان صدام حسين واسرائيل وألقى مُداخلة رائعة عن الحضارة العربية واشراقاتها، وعندما عاد اتهمناه بأنه حضر مؤتمرا صهيونيا في العاصمة النرويجية، وتحول الاعلاميون والكُتّاب إلى ذئاب تنهش لحم الرجل الذي كانت حقوق المواطن التونسي هَمَّهُ الأولَ والأكبر. القاضي: ولكن كراهيتك له أعمق من ذلك بكثير، فهو أكبر منك علما وخلقا ومباديء رفيعة وثقافة، وقد دفع من حريته وكرامته ثمنا باهظا من أجل الدفاع عن كرامة المواطن في تونس، ألهذا السبب تحمل له الضغينة؟ المتهم: ربما لأنه ساوى نفسه بي وظن أنه يملك الحق في الترشيح لرئاسة الجمهورية، فأحببت أن ألقنه درس الأسياد للعبيد، لكنه للحق صلب عنيد يملك عزة نفس وكرامة على الرغم من أنني رئيس الدولة الذي تخضع له الأعناق. القاضي: يؤكد كل المحكوم عليهم بتهم باطلة أنهم تعرضوا للتعذيب، وانتزعت منهم الشهادات بالقوة، وفشل الادعاء في تقديم أدلة ادانتهم، ومع ذلك لم يُسمح لأحد أن يستأنف أو يعترض، وحتى وسائل الإعلام تم منعها من حضور عشرات المحاكمات التي لفقتموها ولم تتقوا الله في أوطانكم، هل لديك دفاع؟ المتهم: إنها، سيدي القاضي، مسألة صراع على السلطة، ولم يكن من الجائز أن يضعف نظامُ حكمي من أجل تلميع وجه تونس أو عدم اغضاب منظمة العفو الدولية أو الحصول على شهادة حسن سير وسلوك من هيومان رايتس. هؤلاء الغوغاء عبيدي الذين أملك حق دفنهم أحياء لو أردت، وليحمدوا ربهم أنهم عاشوا في ظلي، وأكلوا وشربوا وناموا دون أن أنصب لهم المشانق أو أقوم بتصفيتهم كما فعل أخي العقيد معمر القذافي في سجن أبو سليم عندما قتل 1200 مواطن ليبي في وجبة واحدة، أو أخي رفعت الأسد الذي تفضل، مشكورا، بدفن أكثر من 700 سوري في حفرة كبيرة بالقرب من سجن تدمر بعد تصفيتهم، ولم يتركهم للطيور الجارحة في الصحراء. القاضي: الغدر من شيمتك، فقد بدأت برئيسك ومعلمك وزعيمك الحبيب بورقيبة، وجعلت الغدر سياسة تونسية تتناقض تماما مع طبيعة شعبنا، حتى ترقب وصول العائدين التونسيين أصبح سمة ملتصقة بنظامك، فلماذا لم تترك هامشا أخلاقيا للمناورة؟ المتهم: لأن الخديعة إذا أصبحت هوية للنظام الحاكم يسري على اثرها الرعبُ في أوصال كل مواطن في الداخل والخارج، فنحن اعتقلنا عائدين كثيرين ظنوا أنهم في أمان، بل إن أكثرهم يحملون جنسيات دول أوروبية. هناك آخرون تلقوا رسائل مطمئنة من الأمن الوطني مثل جابر الطرابلسي الذي سلم نفسه للسلطات في ايطاليا، فلما عاد إلى وطنه قمنا بتأديبه بمحاكمة عسكرية لم نسمح للصحفيين بحضورها وحكمنا عليه بالسجن ثمانية أعوام. هل رأيت، سيدي القاضي، على وجه الكرة الأرضية نظاما يرسل رجال أمنه لاختطاف متهمين من داخل قاعة المحكمة قبيل نطق الحكم؟ إنه نظام حكمي الذي بصق على عدالة المحكمة، وأخرج المتهمين في تنظيم الحزب الشيوعي، وذهب بهم إلى محكمة أخرى تابعة لأمن الدولة وأصدرت حكما جائرا عليهم بتهمة تحريض الجمهور على مخالفة قوانين البلاد القاضي: لماذا وضعت عددا كبيرا من أعضاء حزب النهضة الإسلامي قيد الحبس الانفرادي في ظروف قاسية وتعسفية ومجحفة ومهينة على الرغم من أن السجن العادي وهو أيضا ظلم كان عقابا وتقييدا لحريتهم؟ المتهم: لأن الحبس الانفرادي، سيدي القاضي، لفترات طويلة يؤثر على القدرات النفسية والعقلية للمغضوب عليهم، وتصل الرسالة إلى كل المعارضين فيزداد الشعب خوفا من نظام حكمي، وقدرة على الخنوع، ورغبة في الطاعة العمياء. سجوننا تقع تحت سلطة وزارة العدل، ونحن غالبا ما نمنع الزيارة فالعقوبة لدي جماعية، وينبغي أن تنسحب على الأهل بمنع الزيارة، أما الذين يضربون عن الطعام في أي سجن تونسي فيتعرضون لكافة أنواع الضرب والانتهاك والتعذيب وقد ينتهي الأمر إلى الحبس الانفرادي. ولا مانع أن يتذكرهم ملك الموت كما حدث مع عبد الوهاب بوساع الذي أضرب عن الطعام، ثم لحق به الأخضر الصديري وكان الاثنان متهميّن بالانخراط في نشاطات حزب النهضة. أما حبيب السعدي فقد قمنا نحن باستعجال عزرائيل لاصطحابه قبيل موعد اطلاق سراحه. القاضي: وماذا عن المفرج عنهم بعد قضاء فترة العقوبة؟ المتهم: أنا، سيدي القاضي، لا أقبل التوبة، ومن يكون غضبي من نصيبه يصبح مطاردا ما بقي له من عمر، والمفرج عنهم لا يجدون عملا، ويتم استدعاؤهم لقسم الشرطة للتحقيق بين الحين والآخر ولتذكيرهم أن الحرية الظاهرة هي أيضا سجن مبطن، وأن تونس كلها تقع تحت حذائي. القاضي: قسوتك في تعذيب أبناء شعبك تتحدى كل غلظة الملك المغربي الراحل الحسن الثاني الذي وضع أسرة محمد أوفقير في سجن معزول عن العالم، ثم قَسّم الأسرة َإلى قسمين متجاورين لم تشاهد الأمُ خلال ثمان سنوات بعضَ أبنائها ويفصلها عنهم جدارٌ امعانا في الاذلال، وأراك فعلت نفس الشيء، أليس كذلك؟ المتهم: إذا كان الملك المغربي الراحل من نسل الشياطين فإنني أتحداه في قبره أن يكون قد فعل بشعبه أكثر مما فعلت أنا. أما بالنسبة للتفرقة بين أبناء العائلة الواحدة فقد تم الافراج هنا في تونس السجن عن عبد الله زواري بعدما قضى أحد عشر عاما خلف القضبان، لكن الرجل المفرج عنه أراد الالتقاء بعائلته، وزبانية سجوني قرروا أن يغادر العاصمةَ بدون رجعة إلى الجنوب، فأصر صاحبنا أن يجتمع بأسرته لكن عدالة قضائنا كانت له بالمرصاد فحكمت عليه بالسجن ثمانية أشهر. القاضي: يبدو أنني أمام طاغية لا مثيل له، تحكمه نوازع عدوانية وكراهية شديدة لشعبه، واستئثار بالسلطة يتفوق على لذتها لدى كل طغاة العالم. هل كان رجال أمنك وحمايتك يراقبون الانترنيت أيضا؟ تبسم زين العابدين بن علي وعرف أنه دخل دائرة أكثر الطغاة مراقبة ورصدا لكل تحركات أبناء شعبه وقال بفخر: نعم، سيدي القاضي، فالتطور العلمي المدهش الذي تعكسه الشبكة العنكبوتية لم يمنعني من جعله في خدمتي، فنحن نراقب البريد الالكتروني، ونعتقل من يتصفح مواقع سياسية، حتى الكاتب زهير يحياوي الذي نشر مجلة ساخرة على الانترنيت باسم مستعار عثرنا عليه، وأحلناه لمحاكمة سربعة، وقامت قوة أمنية بتفتيش بيته بدون إذن النيابة، وحُكم عليه بالسجن لمدة عامين. يحدث أحيانا، سيدي القاضي، أن يعود تونسي مقيم في فرنسا أو كندا أو ايطاليا لسنوات طويلة، ويظن في مطار تونس الدولي أنه في مأمن فيكتشف عبقرية رجال أمني الذي يلقون القبض عليه لأنه اشترك، مثلا، في مظاهرة بباريس ضد نظام حكمي، أو أرسل من كندا رسائل بالبريد الالكتروني باسم مستعار وانتقد فيها نظام حكمي، أو حضر واشترك في ندوة للمعارضة في مدينة صغيرة وظن أن استخباراتي لا تملك عيونا تخترق الحجب. القاضي: لماذا إذن لم تظهر عبقرية رجال أمنك واستخباراتك عندما قامت أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية بتصفية القيادات الفلسطينية على أرض تونس العربية؟ المتهم: ولماذا نحمي هذه القيادات؟ إن اسرائيل لا تمثل خطرا على تونس، ونحن نتعاون مع أمريكا وأنا ،كما قلت سابقا، تعلمت وتدرّبت في مدرسة الاستخبارات الأمريكية فلا تظنن، سيدي القاضي، أنني أحتمي بواشنطون وأُعَرّض أمنَ اسرائيل إلى الخطر! القاضي: أين كنت تأمر باعتقال أبناء شعبك؟ المتهم: أنا أفضل دائما سجون بنزرت وتونس والمهدية وصفاقس، أما سجن قفصة فله وضعية خاصة وفيه يتم منع المحكوم عليهم من الاجتماعات في الفناء أو داخل قاعات الطعام أو حتى صلاة جماعية، فنظام حكمي لا يحرمهم فقط الحرية الدنيوية لكننا نمنعهم من الصلاة الجماعية خشية أن تزداد الصلابة وقوة الإيمان، ويتماسك المعتقلون. إنني، سيدي القاضي، أملك كلابا بشرية تقوم على حراسة المعتقلين وتستطيع أن تبهجني وتسعدني بفنونها الراقية في اذلالهم، فهناك حرمان من الدواء، ومنع من زيارة الطبيب، وتحديد الموضوعات التي يحق للمعتقل أن يتحدث فيها مع أهله خلال الزيارة، ونادرا ماتكون هناك زيارات، أما الكتاب فهو عدوي اللدود، وخصمي الدائم، وهو الذي يعيد الروح للذين نحاول أن نسلبهم إياها، لذا نمنعهم من المطالعة الفكرية. القاضي: ماذا كانت توجيهاتك في حال الاضراب عن الطعام الذي يلجأ إليه المعتقلون كحل أخير لرفع بعض الغبن والظلم عنهم؟ المتهم: بعضهم كان ينجح في الاتصال بمحامين ولجان حقوق الانسان وهذا يرجع إلى العائلة وقوة اتصالاتها واصرار أفرادها على ايصال قضية المعتقل المضرب عن الطعام إلى الصحافة الأجنبية مثلما حدث مع عبد المؤمن بالعانس من الحزب الشيوعي العمالي وتوفيق الشايب من حركة النهضة، وهناك آخرون اضربوا ولم يكترث لهم إلا القليل مثل عبد اللطيف بوحجيلة وفتحي كرعود وأحمد عماري وشكري القرقوري والبشير عبيد وعبد الله إدريسة والبشير بوجناح. هناك اضرابات كانت تقلقني كثيرا لأنها أكثر سرعة في الوصول إلى الرأي العام الدولي وأعني بها الاضرابات الجماعية مثلما حدث في 11 يونيو 2000 وفي 10 يوليو ، ثم اضراب 8 نوفمبر والذي شمل سجون الهوارب وسوسة والناظور وصفاقس والمهدية والمسعدين. إنني أراهم حشرات لا تساوي أي قيمة تُذْكَر ولكنني كنت مضطرا للتعامل معهم بطريقة مختلفة أمام الرأي العام الغربي، خاصة الفرنسي الذي توسط رئيسه من قبل في معتقل تونسي كان يحمل الجنسية الفرنسية وتمكن رجال أمن المطار من القبض عليه رغم أنه لم يمارس أي نشاطات سياسية في العشر سنوات التي سبقت اعتقاله. القاضي: عندما يكون الاضراب عن الطعام حلا وحيدا فإننا نفهم أن الظروف التي تجعل المعتقل يضحي بحياته لابد أن تكون قاسية وقاهرة ولا يحتملها بشر فيرى الموت حلا نهائيا وحيدا يخرجه من عذاب الوطن السجن، ألم يكون بين جنبيك قلب يَرق ويضعف بين الحين والآخر لمواطنيك ورعاياك وأبناء بلدك؟ المتهم: لو أنني، سيدي القاضي، احتكمت إلى العواطف لما تمكنت من الاحتفاظ بالسلطة كل هذه السنوات. كنت أعرف ما يدور في السجون والمعتقلات، وأتابع تفاصيل مشاهد التعذيب والاغتصاب وانتهاك الحرمات ، وأكاد أسمع صرخات المعتقلين وهم يتعرضون للتنكيل والضرب والركل والحرق والاهانة، لكن شهوة السلطة قادرة على التسلل لمسارب النفس، والتوجه إلى القلب والعقل، ثم التحكم في المشاعر وجعلها جامدة كجلمود صخر، أو حجر لا ينبجس منه ماء. القاضي: في بداية فترة حكمك وعدت أبناء شعبك بأنك وفقا للدستور لن تجدد لولاية ثالثة، والآن يبدو أنك كباقي الطغاة التصقت بكرسي الحكم، لماذا لم توف بوعدك وتترك الحُكمَ لغيرك بعد الفترة الثانية التي بدأت عام 1994؟ انفجر المتهم في ضحكات هستيرية متوالية اضطرت القاضي أن يطرق بشدة بمطرقته طالبا منه الهدوء. هدأ المتهم قليلا ثم قال ساخرا : ألم أقل لك، سيدي القاضي، منذ لحظات بأن شهوة السلطة تستطيع أن تتحكم في كل همسة ولمسة وفكرة وعاطفة، ويمكنها أن تُغَلّظ قلبً أكثر الرجال رقةً فتجعله ذئبا لا تهتز فيه شعرة لو افترس بين أنيابه قطيعا كاملا؟ كيف أترك الحكم والكرسي والسلطة والقصر ورقاب العبيد والمال ثم أعود مواطنا عاديا؟ جنون هذا أم رومانسية حالمة؟ وهل تظن، سيدي القاضي، بأن حَرَمي المصون السيدة ليلى بن علي كانت سترضى وستخضع لرغبتي لو أنني عرضت عليها هذا الأمر؟ كانت ستتهمني بالجنون. لقد فهمتُ في أول يوم خضعت لي تونس كلها لماذا اختصر الحبيب بورقيبه الطريق فجعل من نفسه رئيسا مدى الحياة وهو المناضل العنيد في شبابه الذي دفعته الرومانسية وحب الوطن وكراهية الاستعمار الفرنسي أن يهب عمره لشعبه من أجل الاستقلال . ليتك شعرت، سيدي القاضي، ولو لبرهة واحدة بما يشعر به الطاغية عندما يأمر، وينهى، ويتفوه بكلمة فتسمعها الآذان قبل أن يدفعها اللسان. الاستبداد لا يتحقق إلا عندما يثمل من كأس العبودية التي يشرب منها الرعايا طواعية. والسادية تحقق قمة لذتها عندما تلتقي بأسفل درجات المازوخية، فتخضع الرقاب، ويخفض أبناء الشعب رؤوسهم وأصواتهم فلاتسمع إلا همسا. القاضي: لكنك مزيف وكاذب وتعلم جيدا أن نتائج الانتخابات الهزلية في تسعينيتها العربية الخالصة والتي لولا الخوف من سخرية كل وسائل الإعلام الأجنبية لجعلتها مئة بالمائة كما فعل الرئيس الأسير صدام حسين. ألم تقم بتزييف إرادة الشعب التونسي؟ المتهم: أرجوك، سيدي القاضي، فقد فضحتني أكثر مما يجب، وحتى الآن فاتهاماتك لي قد تصل بالحكم علي إلى الاعدام عدة مرات أو السجن بعدد سنوات عمر سفينة نوح. ثم إنني لم آت بجديد، فنحن أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، وما ينطبق على زملائي الزعماء العرب ينسحب علي تماما. أكثرهم مزورون، ومزيفون، وتخرج من قصورهم صناديق الاستفتاء أو الانتخاب جاهزة بالنسبة التي يحددها الزعيم. الرئيس الأسير صدام حسين كان يرى أن أقل من 100% تعتبر اهانة له، وتقليلا من شأنه، وهو يفضل أن يسخر من الشعب في صناديق الاستفتاء عن أن يبحث الشعب عن معارض واحد قال لا للقائد المهيب. والرئيس حسني مبارك يفضل نسبة 96% ويترك هامشا لمثقفي القصر للتحرك والادعاء بأن الرئيس سعيد بالمعارضة والتأكيد على نهج التعددية. والرئيس عبد العزيز بوتفليقة قرر منافسوه كلهم الانسحاب من مسرحية الانتخابات، فاستمر صوتا وحيدا مدعوما من جنرالات الجيش ورؤوس الفساد في اتفاق جنتلماني يصمت هو بمقتضاه على اغتيال الوطن، وتتركه مافيا العسكر على رأس السلطة. والعقيد الليبي الذي يتهم شعبه بأنهم كالماعز يكاد يقسم بأنه سيحول الليبيين لمتسولين في شوارع تشاد والنيجر وتونس، ويدعي أنه لا يحكم لكنه القائد الروحي للثورة، لذا فهو لا يحتاج لانتخابات واستفتاء وصناديق جاهزة تخرج من خيمته الملونة. والرئيس اللبناني المشبع بمشاعر الحرية وهي التي تجري في روح اللبناني فتضحى توأما لها يقرر على استحياء يخفي خلفه صوتا قادما من القصر الجمهوري بدمشق أن يمد في عمر وجوده بقصر بعبدا ثلاثة أعوام جديدة أسوة بالزملاء في مهنة الزعامة العربية. والرئيس السوداني عمر حسن البشير لا يحتاج لصناديق تخرج من قصره وبها أصوات أبناء وادي النيل الطيبين فيكفي أن يشير إليهم ببيوت الأشباح فيتحول شمال السودان إلى مُلْكٍ خاص يفعل به ما يشاء ! هذه نماذج لبعض زعمائنا العرب، فهل أنا المذنب الوحيد؟ القاضي: هل قامت جهات أجنبية بتسليمك بعض رعاياك؟ المتهم: نعم فقد قام أخي العقيد معمر القذافي بتسليمي مجموعة من المتهمين متجاوزا كل الأخلاقيات في منح ضيوفه الأمن والأمان ما داموا على أرض الجماهيرية العظمى. القاضي: على بن سالم الصغير .. هل تتذكر هذا الاسم؟ المتهم: معذرة، سيدي القاضي، فلا تسعفني ذاكرتي باسماء كل الذين علّمَتْهم وأدّبَتْهم سجوني التي ما شاء الله تستطيع أن تبتلع في جوفها وأقبيتها وزنازينها كل التونسيين في الداخل والخارج. القاضي: أنت كاذب، وأرى في عينيك شيئا تخفيه، لكنه في الحقيقة ليس تقريع الضمير. علي بن سالم الصغير هو السجين السياسي الذي أقفلت مخابراتك في وجهه كل أسباب العيش الكريم بعد خروجه من السجن الذي دخله ظلما وعدوانا وبغيا، فلم يجد عملا، ولم يستطع شراء الدواء، وطاردتموه في كل مكان فقرر في أحد الأيام التاريخية المشؤومة في زمن زين العابدين بن علي أن يعرض ولديه للبيع، وبدلا من أن يبكيك ضميرك على أحد رعاياك إن كان لا يزال حيا، فإن هذا الضمير الذي لم يستيقظ قط راح في سبات مرة أخرى، وتم اعتقال الرجل المسكين وعاد إلى السجن ومعه المحامي نجيب حسني فعدالتك لم تتحمل أن يدافع عن الرجل محام وفقا للقانون مهما كانت درجة الظلم والعدل فيه. والآن هل أحدثك عن المواطنين الذين أصابتهم أجهزة أمنك الظالمة ونظامك المستبد والارهابي بالجنون؟ المتهم: كفاك، سيدي القاضي، فلو تذكرت سجلي الحافل بالجرائم بتفاصيله فإن جماهير الشعب التونسي ستقتحم قاعة المحكمة وتأخذ بثأرها مني سحلا في شوارع تونس. القاضي: هل أُذَكّرك بفيصل قربوع ومنير الأسود وعبد العزيز البوهالي؟ إنهم ثلاثة من رعاياك اصابتهم  لوثة عقلية من جراء القمع والاضطهاد والسجون والتعذيب! وهل تتذكر السيدة حياة المدنيني؟ المتهم: نعم، سيدي القاضي، إنها السيدة التي تخضع للمراقبة الأمنية وعليها أن تبلغ الشرطة في كل يوم أنها لم تغادر صفاقس ولم تتجرأ في عهدي على زيارة زوجها شكري القرقوري المعتقل في سجن تونس. القاضي: وهل كنت تشعر بلذة وأنت تبالغ في اضطهاد أبناء شعبك؟ المتهم: حاولت العثور على طريق آخر لاجبار رعيتي على الخضوع الكامل لنزواتي ومزاجي ورغباتي فلم أجد غير اسهل الطرق التي سلكها جل طغاة الدنيا .. أي القمع بكل أشكاله. القاضي: وهل تسعفك ذاكرتك باسم علي الرواحي؟ المتهم: أليس هذا هو الرجل الذي اعتقلناه اثر عودته من ليون بفرنسا حيث يعيش مع أسرته، وألقيناه في غيابات السجن تسع سنوات كاملات، ولم يزره أحد قط خلال أعوام السجن الرهيب لأن عائلته كلها في فرنسا، وبعد خروجه أجبرناه على الذهاب لقسم الشرطة للتوقيع في كل يوم؟ القاضي: أرى أن ذاكرتك تضيف متعة لساديتك في قهر أبناء شعبك، والآن كيف كنت ترى الاعلان العالمي لحقوق الإنسان؟ المتهم: كنت أدوس عليه بحذائي، فهو مكتوب للأحرار، أما أبناء بلدي فهم ملكية خاصة بي تماما كما كان الأمريكيون يملكون رقيقهم الذين جلبهم التجار والنخاسون من أفريقيا السمراء. الاعلان العالمي لحقوق الانسان لا يستحق في نظري قيمة الورق المنشور أو المنثور فوقه مهتديا بكرامة البشر. القاضي: الرئيس الحبيب بورقيبة كان أيضا مستبدا وطاغية وملأ سجون تونس بعشرة آلاف معتقل، فلما أزحته أنت عن الحكم زادت متاعب وعذابات وأوجاع التونسيين أضعافا مضاعفة، فكان هناك أكثر من ثلاثين ألف مواطن يعانون الظلم البَيّنَ في سجون كئيبة وغير آدمية تنفر منها الحشرات. هل لديك تبرير لانفجار القسوة في تعاملك مع رعاياك حتى بدا الأمر كأنك تنتقم من التونسيين؟ المتهم: ليست كراهية بقدر ما هي مشاعر تغوص في أعماقي وملَكتْ عليّ كلَ كياني وهي أنني أرفع مقاما وأكثر شرفا ونقاءَ دمٍ من هؤلاء المتخلفين الرعاع. لعلي لا أبالغ، سيدي القاضي، لو قلت لك أن احساسا بأنني نائب الله على الأرض ينتابني فأطالب بعبودية كاملة غير منقوصة من شعبي. أعني من عبيدي! القاضي: لماذا كانت تحدث حالات وفاة لمواطنين خلال استجوابهم في مراكز التوقيف؟ المتهم: لم يكونوا يتحملون الوجبة الأولى من التعذيب التي تسبق الجحيم الحقيقي في سجوني ومعتقلاتي مثل بدر الدين الرقيعي الذي أوقفه رجالي في 2 فبراير 2004 ولم يتحمل الرجل سبعة ايام وسبع ليال من التعذيب المستمر ففاضت روحه بين أيدي كلاب أمني. القاضي: لكن بيان الشرطة ذكر أن الرجل انتحر. المتهم: إننا، سيدي القاضي، لا نختلف عن معظم الأنظمة العربية فالانتحار اكليشيه جاهز في معظم أقسام الشرطة العربية وقد تفوقت فيها علينا أجهزة الأمن المصرية فهي الطريقة التي يفضلها أخي الرئيس حسني مبارك لاعطاء مزيد من جرعات الرعب لشعبه حتى يستأنسوا المذلة ويستعذبوا الخنوع ويتقدم ابنه جمال مبارك بخطى ثابته ناحية قصر العروبة حاكما وحيدا وفرعونا لم يهبه النهر الخالد لأرض الكنانة. القاضي: حدثني عن نتائج انتخابات 24 أكتوبر 2004، أليست تلك وصمة عار في جبين نظامك؟ المتهم: كنت أعلم عندما حددتُ النتائجَ سلفا أن أصدقائي في الغرب وأمريكا سيستلقون على أقفيتهم من الضحك وهم يعرفون أنها مسرحية هزلية ودراما مأساوية يختلط فيها البكاء بالضحك، والدموع على شفاه مبتسمة، ومع ذلك فالغرب كله صامت وعلى استعداد لأن يغمض العين عن كل جرائمي ما دامت هناك مصالح بيضاء تحميها أجساد سمراء سَخّرَها لهم رجالهم الطغاة في قصور العالم الثالث. ألم يقلب الغربُ الدنيا عاليها سافلها لأكثر من عقدين من الزمان على قائد ثورة الفاتح من سبتمبر العظيمة باعتباره ارهابيا ومجرما تصفويا يطارد الأبرياء، ويزرع الرعب والفزع في القلوب، فلما قرر تسديد ثمن جرائمه من أموال شعبه، وقام بتسليم الوثائق والأسرار والملفات الخاصة بكل المنظمات العربية والاسلامية والأفريقية وقوى النضال إلى أجهزة استخبارات الغرب وأمريكا، تحول فجأة إلى وديع وطيب وتائب، واستضافت خيمته زعماء أوروبيين ومعهم عقود شركات تبحث عن المال ولو كان في أفواه الجائعين في العالم الثالث؟ القاضي: أنت تصور كل التونسيين على أنهم خاضعون لارادتك، وخانعون لأوامرك، ومستكينون لنزواتك، ومطيعون لكلاب قصرك وأمنك، وهذا ليس صحيحا بالمرة. اين الحقيقة؟ المتهم: لقد قضيت فترة حكمي كلها أكذب على الشعب، أما الآن فأنا مضطر لأجهر بحقيقة أمام عدالتكم وهي أن القوى المعارضة في الداخل والخارج سببت لي أحيانا كثيرة أرقا وقلقا واضطرابات نفسية لم أكشف عنها لأحد باستثناء سيدة تونس الأولى لأنها تشاركني في سحق هامات أبناء هذا البلد. نعم، سيدي القاضي، كانت هناك معارضة قوية لنظام حكمي، والتونسيون بحكم قربهم من أوروبا، ونسبة التعليم المرتفعة، ومتابعة الكثيرين لقضايا الثورة والتمرد والحرية في الناحية الأخرى من الأزرق الكبير، قاوموا استبدادي، ودفعوا ثمنا غاليا لطغياني، وسددوا من دمائهم لتحرير وطنهم من نظام حكمي. القوى الفكرية والثقافية والسياسية والفنية رفعت صوتها عاليا، ومنهم الدكتور منصف المرزوقي والسيدة سهام بن سدرين والصحفي توفيق بن بريك والقاضي مختار يحياوي. القاضي: ماذا عن المادة 39 التي تحظر على رئيس الدولة التمديد لأكثر من مرة واحدة؟ المتهم: إنه الدستور، سيدي القاضي، وهو لا يشكل لي أكثر من خربشة ديكة، وأنا فوق الدستور، وقبل الوطن وأحصل على نسبة لو أرسل اللّهُ نبيا للتونسيين فقط لما حصل عليها. كنت قد أزمعت أن أظل رئيسا مدى الحياة لولا وقوفي الآن أمام عدالتكم. القاضي: ألم تكن خائفا من أي انقلاب على القصر يدبره أحدُ أعْوانِك؟ المتهم: لقد أقْصَيّت كُلَّ الأصوات الحرة، وأزحت من يتوسم فيهم التونسيون شجاعة وشرفا ونزاهة، وجعلت المقربين والأصدقاء يحيطون بي كما يحيط الصقليون بالأب الروحي في مشهد مافيوي تصغر بجانبه اخطبوطيات كل الطغاة الآخرين. القاضي: ما هي أهم قوى المعارضة لنظام حكمك؟ المتهم: أظن أن النهضة لراشد الغنوشي كانت الأقوى في التسعينيات، ثم العصبة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، والمجلس الوطني للحريات في تونس، والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، وجمعية المحامين الشباب، والاتحاد العام لطلاب تونس، هذا غير عشرات المواقع على الانترنيت التي استقطبت معظم التونسيين في الخارج، أما في الداخل فقد وضعنا نظاما صارما للدخول على مواقع الانترنيت ولو اشترك تونسي في حوار سياسي باسم مستعار وهو يقيم في مكان ناء في قرية مجهولة فإن أشباح رجال أمني قادرون على الوصول إليه. القاضي: لكنهم غير قادرين على الوصول إلى نشاطات الموساد في بلدك، أليس هذا صحيحا؟ المتهم: ربما لأنني لم اعتبر الموساد في يوم من الأيام خصوما لي، أو أعداء لنظام حكمي، ولو أرادت اسرائيل تصفية أحد الارهابيين على أرض تونس فسيغمض رجال الاستخبارات التونسية العين عنهم، لكن لا مانع من بيان إدانة شديد اللهجة لامتصاص النقمة الشعبية. القاضي: كم عدد التونسيين الذين غرقوا في البحر وهم يتكدسون في مراكب قديمة وبالية ويحملون معهم حلم الهجرة والهرب من القمع والفقر والوطن السجن؟ المتهم: لكن المصريين والليبيين والمغاربة يبعثون لقاع البحر أو بطون الأسماك أكثر مما نفعل نحن! القاضي: إنني أحدثك عن التونسيين من رعاياك وأنت تحكم بلدا صغيرا يستطيع في موقعه الجغرافي وكفاءات أبنائه أن يجعل من تونس بلدا تستقطب العمالة لا أن تطردها. كيف كان رد فعلك عندما تضامن مئات من المثقفين والمفكرين وقدموا عريضة تطلب منك أن لا تجدد لولاية رابعة؟ المتهم: هذه المعارضات السخيفة لا تثنيني عن عزمي، ولم أحد قيد شعرة عن تخطيطي لاستعباد واستغفال واحكام الطوق على رقاب التونسيين حتى يقوم ملك الموت بزيارتي. القاضي: من اين كنت تستمد الحماية التي جعلتك بمنأى عن غضب الشعب طوال سنوات الذل والقهر التي وقعت فيها تونس الخضراء في قبضتك الحديدية؟ المتهم: لم يكن الأمر بمثل تلك الصعوبة التي تتصورها، سيدي القاضي، فهناك مئة وثلاثون ألف شرطي، وعشرات الآلاف من الخلايا الحزبية والتي تشبه شبيبة الحزب الوطني الديمقراطي في مصر والتي كونها جمال مبارك لتحميه من غضب الشعب، وهناك تقسيمات أمنية ومنظمات تنضوي تحت مسمى الجاسوس النائم وهي التي تُبَلّغ عن أي تونسي يرتفع صوت انفاسه أكثر مما يتحمل النظام. ولا تنس، سيدي، أن شبكة أمنية قمعية منسوجة بهذه البراعة تستطيع أن تسيطر على عشرة ملايين تونسي حتى لو دفن المواطن رأسه في مخدعه واحتمى بالعزلة في غرفة مغلقة.وهنا بدا الارهاق واضحا على وجه القاضي، وشحب قليلا، وضاقت أنفاسه، وخانت صلابتَه دموعٌ تأمّل فيها المتهمُ وعرَف أن حكما قاسيا وعادلا سيصدر بعد قليل. نظر القاضي إلى المتهم بازدراء واحتقار وغضب شديد، ثم صاح بصوت حشرَجته تنهيدةُ حزنٍ قائلا: الحُكم بعد المداولة! وخرج مسرعا من الباب المجاور للمنصة قبل أن يلحق به مستشاراه فالدموع كانت غزيرة! ولأول مرة في تاريخ تونس لا تتملك الحيرة ُأياً من مؤرخيها وهو يستعد للكتابة عن مذبحة وطن في عهد زين العابدين بن علي.   (المصدر: موقع تونس أونلاين.نت (ألمانيا) بتاريخ 1 مارس 2008) الرابط: http://www.tunis-online.net/arabic/modules.php?name=News&file=article&sid=3329

دولة تهدي وردة الى كل جدة ولوعة الى كل أم !

 
مرسل الكسيبي (*)   لأول مرة وبتاريخ الثاني من مارس 2008 قررت السلطات التونسية احياء عيد الجدة بتكريم هذه الأخيرة عبر اهدائها وردة اعتراف بما قدمته من تضحيات عظام … في تونس المحروسة تبلغ نسبة الشيخوخة 5و9 من نسبة السكان وهي نسبة جد مرتفعة وتقترب كثيرا من نسبة توزيع الهرم الديمغرافي على الشرائح العمرية بدول أوربا والغرب عموما , بل ان هذه النسبة وهو الأخطر في الأمر مرشحة الى اكتساح رقم 19 بالمائة من النسبة العامة للسكان التونسيين سنة 2034  … تكريم الجدات أمر يبهجنا في كل الحالات وهو حدث لايستحق كل هذه الدعاية الاعلامية المسربة الى وسائل الاعلام ووكالات الأنباء الدولية , على اعتبار أن المفارقة التونسية العجيبة تكمن في ترويع الأمهات وتكريم الجدات !   ترويع الأمهات وترهيبهن ظاهرة لامستني أنا شخصيا حين فقدت والدتي الفاضلة – رحمها الله تعالى- أواسط التسعينات في ظل مارأته من حيف وجور ومداهمات على مدار الليل والنهار نتيجة حقد بعض أجنحة الدولة على مواطنيها الذين رفضوا الصمت في قضايا تتعلق بجوهر قيمة احترام حقوق الانسان والحريات الأساسية …   الوالدة تغمدها الله بواسع رحمته توفيت تحت وقع الفاجعة السياسية متأثرة بسرطان الكبد الذي نخر جسدها في ظرف زمني وجيز وفي وقت مبكر من عمرها , وهو ماحول جنازتها الى مشهد شعبي حافل والى شهادة تاريخية على قهر دولة عنفية تصف نفسها مخادعة بالنموذج الرائد في التحديث …!   لو قدر لعشرات الالاف من التونسيين والتونسيات من سجناء الرأي والمنفيين رواية حالات الهلع والترهيب التي أصيبت بها عوائلهم مابين سنة 1990  وسنة 2008  نتاج استمرار حالة القمع والترهيب الداخلي  لتحولت الوردة المذكورة الى وردة باكية وذابلة وشاحبة بين يدي كل أم وجدة …,   فالأمهات اللواتي أطال الله في أعمارهن وقد شهدن محنة التسعينات هن جدات اليوم في تونس وهو مايعني ألا بلسم شافي لجراحهن غير اقرار أعينهن بعودة أبنائهن الى التراب الوطني في أجواء من الترحيب والحرية , أما اللواتي ابتلي أبناؤهن بمحنة الاعتقال السياسي فلن بشفى لهن جرح الا بعد سن عفو تشريعي عام وتمتع أبنائهن بحقوق المواطنة كاملة غير منقوصة …   أما اللواتي أكرمهن الله بالشهادة على حقبة من القهر والظلم واصطفاهن الله سبحانه الى رفيقه الأعلى فلن تمثل لهن الوردة مواساة دنيوية مادمن قد أكرمن بما هو خير وأبقى …   الوردة المذكورة اذا كانت وردة سلطوية أي من ألوان السلطة ورائحتها القهرية , فهي وردة بلا لون ولارائحة حتى تكفر السلطة عن ظلمها لأمهات تونس وجداتها المكلومات في فلذات أكبادهن اللذين غادروا الحياة تحت اثار التعذيب أو اثار الاهمال داخل السجون والمعتقلات أو حتى بعد مغادرتهم السجن وهم يشهدون ماساة تجويع عوائلهم وتطليق نسوانهم أحيانا وتشرد أبنائهم في ظل سياسة الانتقام الجماعي من الفروع والأصول في هرم البناء العائلي للمعارضين التونسيين …   دولة التحديث الجوري والقوانين القمعية ذات الطابع اللادستوري كما هو الحال مع قانون الترهيب لا الارهاب , لاتحتاج اليوم الى السخرية من عقولنا وعقول المئات من الآلاف من التونسيين والتونسيات عبر ورود مغشوشة ليس لها من وظيفة غير تزويق الواجهة الخارجية التي أثبتت المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان والمئات من المحاكم الغربية المستقلة زيفها في ظل مايعلمه العالم الحر عن الواقع الحقوقي التونسي الملوث برصيد ضخم من التعذيب ومصادرة أبسط الحقوق البشرية المكفولة بنص الدستور والمواثيق العالمية لحقوق الانسان …   مشهد الوردة المهداة الى جداتنا الفضليات لن يكون ذا بال ومعنى الا بعد الغاء قانون الترهيب الصادر سنة 2003 واخلاء السجون من معتقلي الرأي وعودة المنفيين الى وطنهم العزيز ورفع القيود عن الحياة العامة وايقاف حملات الاعتقال العشوائي واستئناف الحياة السياسية الطبيعية في ظل اعلام حر وشفاف مع اصدار قانون عفو عام تكفر به السلطة عن حقبة حقوقية جائرة من تاريخ تونس المعاصر  , وبعدها فلنوزع الورد والياسمين على كل عوائل التونسيين وشرائحهم العمرية المختلفة لأن للعيد عندها معنى حقيقي ثمنه حرية وكرامة التونسيين والتونسيات . حفظ الله شعب تونس من بوائق الورد المغشوش …!   (*) رئيس تحرير صحيفة « الوسط التونسية »   (المصدر: مدونة مرسل الكسيبي بتاريخ 2 مارس 2008) الرابط: http://morsel-reporteur.maktoobblog.com  

وجهة نظر:

حول إعلان الحزب الديمقراطي التقدمي المشاركة في « انتخابات » 2009:

دعم « ثقافة المشاركة » أو دعم ثقافة الحسابات الضيقة ؟

 
قرر »الحدت » ( الحزب الديمقراطي التقدمي ) المشاركة في المهزلة المنتظرة لسنة 2009، من موقع « نضالي » تحت شعار دعم « ثقافة المشاركة ». وذلك مهما كان حجم هذه المهزلة ومهما كانت ظروفها. وتبدو هذه « الثقافة » في الظرف الراهن أقرب الى عقلية « العبرة بالمشاركة » عند الكوارجية في حال الهزيمة. نقول ذلك لأن إعلان « المشاركة » هو في نفس الوقت إعلان هزيمة للحركة الديمقراطية التونسية وإعلان أول انتصار لبن علي استعدادا لموعد 2009 .   وإننا نسأل إخواننا ورفاقنا في « حدت »، والحيرة متمكنة بنا كالحمّى، لماذا هذا التسرع في « المشاركة » في انتخابات لا واقع لها ولا وجود، ألهمّ في أبواق دعاية الديكتاتورية وعلى أعمدة صحافتها المبتذلة؟ لماذا هذا التسرع كي تظهروا كأول من يعطي مصداقية سياسية لموعد 2009 ؟!   مع ان كل الأحداث الأخيرة تأكد أن نظام بن علي ليس في جرابه إلا القمع والمحاكمات، وكل الدلائل تشير إلى انه سيجعل من موعد 2009 مناسبة أخرى لتجديد الديكور والتمديد بكل عنف في أنفاس نظام الرئاسة مدى الحياة . ومع أن جميعنا يدرك أن صناديق 2009 لن تكون أحسن من صناديق « الحوت » في سوق سيدي البشير!   ان « الانتخابات » المقبلة لا يتوفر لها لا المناخ السياسي الملائم ولا الضمانات القانونية لمشاركة أي طرف من المعارضة، ألهمّ أولائك الذين يحبذون إيهام أنفوسهم وإيهامنا بالمشاركة، بل لن يتوفر لها حتى الشروط الشكلية لجعلها انتخابات شكلية.   إعلان المشاركة من قبل « حدت » ليس له من انعكاس عملي في الظرف الراهن غير كونه يمثل أول خطوة يقوم بها حزب معارض في اتجاه تشتيت الحركة الديمقراطية وهو يضع بقية أطرافها أمام الأمر الواقع : وهو إعلان ينذر بتبخر أمل توحيد الحركة الديمقراطية التونسية ضد بن علي بمناسبة موعد 2009 ويعزز فكرة المتشائمين منا بأن وحدة الحركة الديمقراطية هي من قبيل الأوهام والهث وراءها من قبيل الهث وراء السراب. بهذا المعنى أيضا يمكن القول أن إعلان المشاركة في مهزلة 2009 من قبل « حدت » يمثل أول مكسب لبن علي وأول تسويق لبضاعته!   إعلان « المشاركة » هو أيضا تجاوزا لهيئة 18 أكتوبر وللوحدة داخلها، حتى أنها بدت لا حول لها ولا قوة واكتفت بقبول دور منظم للنقاشات وتقريب وجهات النظر وأعلنت رسميا أن توحيد الحركة الديمقراطية توحيدا سياسيا بمناسبة موعد 2009 ليس من مشمولاتها.   صحيح أن هيئة 18 أكتوبر ليست بجبهة سياسية. ولكن توحدنا حول الانتخابات القادمة ليس مشروط بقيام الجبهة السياسية، بل ان مثل هذه الوحدة قد تخطو بنا اليوم خطوة أخرى الى الأمام وتمهد طريق لقيام هذه الجبهة . ثمّ ان « حدت » هو مكون سياسي من مكونات هيئة 18 أكتوبر وهو بصفته تلك مطالب كبقية الأطراف بتطوير وبتفعيل آفاقها. لكن « حدت » اختار طريق الابتعاد عن العمل الجماعي وفضّل طريق المصلحة الفئوية.   وإذا ما عملت باقي الأطراف الديمقراطية بمنحي « الحدت » فإننا سنشهد سباقا للبرامج وللزعامة، أي سباق نحو إفلاس الحركة الديمقراطية إفلاسا كاملا.وبالمقابل لا ندري الى حد الآن من من مشمولاته توحيد المعارضة ضد الديكتاتورية!   بن علي يحكم البلاد منذ أكثر من عقدين من الزمن ولازالت أحزابنا وأطرافنا الديمقراطية على حالها من التشرذم والتشتت. لذلك نقول أن ما ينقصنا اليوم ليس  » ثقافة المشاركة » وإنما ثقافة الوحدة.   لنجادل الآن إخواننا ورفاقنا داخل « الحدت » وخارجه الداعين الى  » المشاركة ». بكل روية. دون مزايدة من هو الأكثر تجذر ونضالية ضد بن على، « المشارك » ام « المقاطع ».هل هناك حقّا مبررات للمشاركة أسلم من مبررات المقاطعة، عدى الحسابات الخاصة بتزعم حركة المعارضة ؟   يقول دعاة « المشاركة » أنهم يتقدمون » للانتخابات » القادمة من موقع نضالي واحتجاجي، فهل يعني ذلك أن « المقاطعة » أقل نضالية أو أقل احتجاجا أو لنقل أقل ضجيجا من « المشاركة »؟!   أن « المشاركة » حتى تحت يافطة النضالية، مثلها مثل كل المشاركات السابقة التي تمت تحت هذه اليافطة، تقر عمليا بأنه هناك انتخابات فعلية في تونس، بما أنها تدعو الشعب التونسي مثلها مثل السلطة الى المساهمة فيها. أما الصياح بأن الانتخابات ليست ديمقراطية فيغدو من قبيل التناقض او من قبيل « إلي ما يلحقش النخلة إيقول صيش ». فيبقى الاحتجاج من باب الجزئيات وغير مسموع.   وفي هذا المجال يمكن التذكير بأن المشاركات السابقة لم تكن إلا جزءا من الديكور ولم تساهم في فضح الديكتاتورية.   أمّا المقاطعة على محدوديتها فإنها من الناحية السياسية كانت سليمة ومن الناحية العملية ساهمت في فضح الديكتاتورية وعزلها تدريجيا.   لذلك نعتقد أن « المشاركة » في الظرف الراهن تكسو عورة الديكتاتورية عوض أن تعريها حتى وإن ادعت النضالية   من الناحية العملية هل « المشاركة »، لنقل النضالية،هي أكثر براقماتية أو أكثر مقدرة على لف الناس أو اقل عزلة عن الناس من « المقاطعة »؟   يعتقد الكثير أن فاعلية المقاطعة من الناحية العملية محدودة. هذا الاعتقاد صحيح. ولكنه على لسان دعاة المشاركة هو من قبيل « حق أريد به باطل ». فمحدودية المقاطعة تعود الى واقع الديكتاتورية وغياب أبسط الحريات والقمع المسلط على كل عمل معارض. ثانيا ليست « المشاركة » النضالية في هذا الوضع أحسن حالا. ليست أقل محدودية من المقاطعة.   ان افتراض « المشاركة » أكثر إيجابية وأقدر عمليا على لف الناس حولها من « المقاطعة » قائم على وهم ان بن على سيوفر للمشاركة او يترك لها أكبر مساحة للاحتجاج. ولكن ما الذي سيجبر بن على على ذلك؟! أي القبول بترك مساحات للإعلام والتنظيم والتظاهر لرفاق « المشاركة » النضالية وهم في مقدمة الفاضحين له ولسلطانه؟!   هنا مربط الفرس : يفترض البعض ان « المشاركة » هي سلوك سياسي أقل راديكالية من المقاطعة ويتوهمون أن بن على سيوفر لهم مساحات أكبر للنشاط أو ان يجازيهم بليونة ومرونة سياسية او ان يفرضوا عليه ذلك بمجرد « المشاركة » . حتى الآن ليس لنا علم بان رأس الديكتاتورية قد أصيب بالاختلال العقلي! ولكن قد تكون ذاكرة أخواننا ورفاقنا من دعاة « ثقافة المشاركة » مصابة بالنسيان. لنتذكر المشاركات السابقة، حتى من ساند من المعارضة الكرتونية ترشح بن علي للرئاسة واكتفى ببعض المقاعد في التشريعية لم يغنم إلا خمسة دقائق على شاشة التلفاز وفي بعض الجهات كان نصيبه من مليشيات بن على « التهريس ». في الواقع لن توفر لنا « المشاركة » أكثر مما ستوفره لنا المقاطعة ولن يكون صوتها أعلى أو أقدر على الوصول لعامة الناس.   لذلك نقول أنه من الناحية العملية ليست « مشاركة » « الحدت » أكثر إيجابية او اقدر على تشريك الناس من « المقاطعة ». والعكس أيضا صحيح، ليست المقاطعة في حد ذاتها أقطر على لف الناس حولها من « المشاركة ». لذلك نضع المشاركة بين ظفرين ونعتقد أن « الحدت » لم يعلن في الواقع عن المشاركة في « الانتخابات » القادمة بقدر ما أعلن عن مطالبته بالمشاركة. ففي ظلّ غياب الحريات غيابا كاملا وفي ظلّ مسرحية أدوارها الأولى والأخيرة حكر على البوليس ولجان الأحياء وميلشيات الحزب الحاكم والتاكسيات الصفراء، لن تتوفر أي مساحة لأي مشاركة من أي نوع كان، أكثر ممّا سيتوفر »للمقاطعة ». زيادة على ان المقاطعة النشيطة ستوفر مساحاتها الخاصة غصبا عن بن علي وعن زبانيته. كما تتفوق دعايتها بأكبر حرية وبإمكانية أكبر للتخلص من كل رقابة ، وخاصة التخلص من مرض الرقابة الذاتية( autocensure ) الذي يمكن أن يصيب جسد كل « مشاركة » قانونية لحزب قانوني في وضع قمع وغياب الحريات.   وإذا ما ترك لنا بن علي هذه المساحة او تلك فإنه أصلح بحالنا ان نسأل أي فاتورة علينا أن ندفع.   هل « مشاركة » حدت » هروب من انعزالية أو عزلة المقاطعة؟   صحيح ان من حقّ كل مواطن وكل زعيم وكل ممثل لهذا الطرف السياسي او ذاك الترشح للانتخابات الرئاسية والتشريعية، كما ان ممارسة هذا الحق ليس في حد ذاته ممارسة انعزالية. ولكن كل ممارسة سياسية يجب ان توضع في الإطار السياسي العام وما يتطلبه من ضرورات .فالدعوة الى ضرورة « ان يتقدم كل تونسي يأنس في نفسه الكفاءة للمنافسة على رئاسية 2009 « ( أنظر بيان « نداء للترشح من أجل بديل ديمقراطي » ) هو في تعارض تام مع واقع الديكتاتورية ويفترض توفر نظام ديمقراطي يضمن حقوق الجميع. بينما همنا في الظرف الراهن ليس في قلة الزعماء، بل في انفصالهم عن الحركة الاجتماعية وفي عجزهم عن التوحد في جبهة سياسية معادية للديكتاتورية   لذلك نعتقد ان موقف وممارسة « حدت » محكومة بحسابات ضيقة وأقرب الى سلوك الإنعزالية منه الى العمل الجماعي، فهو لا يراعي مصلحة المعارضة في التوحد ضد الديكتاتورية . ان توحيد الحركة الديمقراطية على قاعدة برنامج نضالي يقطع نهائيا مع الاستبداد ومؤسساته هو أوكد وألحّ المهام. أما سباق التزعم فهو رحي بلا طحين.   أما المقاطعة فهي الأقرب إلى وعي وإحساس وقناعات الشعب التونسي في الظرف الراهن. فالمقاطعة « السلبية »، أي بدون مواجهة وبدون تضحية هي التي مثلت سلوك الشعب التونسي خلال « الانتخابات » السابقة. وهذا السلوك يعود الى قناعته ووعيه، وهو في ذلك على صواب أكثر من دعاة « ثقافة المشاركة »، أن الحساء الذي يقدم له مسموم. فهل سندعوه نحن اليوم الى استهلاكه؟! وسلوك المقاطعة « السلبية » الذي مارسه شعبنا هو أيضا نوع من الرفض والمقاومة للدكتاتورية واستبدادها. شعبنا اليوم على مسافة أميال من أوهامه السابقة واعتقاداته في 7 نوفمبر وإمكانية التغيير والتحول الديمقراطي عل يد بن علي. لذلك علينا ان نتوجه الى شعبنا ونقول له انه كان ولازال محقا في مقاطعته للانتخابات السابقة ولكن ذلك لا يكفي للتخلص من بن علي واستبداده ونهب لصوصه.   ان الدعوة الى المقاطعة النشطة والواعية هي في الواقع إنصاف للمقاطعة الحقيقية والجماهيرية التي مارسها شعبنا، وان كانت في شكل سلبي، وهي أيضا تجاوز لهذه السلبية بما أنها تدعوه الى التخلص من الديكتاتورية.   لسنا الآن في حاجة الى فضح بن على فهو مفضوح، في الداخل والخارج، ولسنا الآن في حاجة الى كشف زيف انتخاباته فهذا الزيف مكشوف، في الداخل والخارج، فما هو المعنى السياسي « لثقافة المشاركة » يا أهل الثقافة؟! نحن الآن وشعبنا في حاجة الى بديل للفاشية، بديل ديمقراطي يغلق الباب أمام كل فاشية مهما كان لونها. بديل يقام لا داخل « مهسهسات » الديكتاتورية بل على أنقاضها. ودورنا كديمقراطيين هو إقناع وتوعية شعبنا بضرورة ذلك.   ان السؤال الوحيد المطروح اليوم على قوى المعارضة الديمقراطية، حسب رأينا، هي أي السبل والتكتيكات الأسلم والأجدى لتعميق عزلة بن على وتشديد الخناق حول سلطته ؟ الإجابة الأولى عن هذا السؤال هي وحدة المعارضة في جبهة سياسية واحدة، ومبادرة « حدت » الأخيرة بإعلانه « المشاركة » في انتخابات بن علي هي من وجهة النظر هذه خطوة الى الوراء . والإجابة الثانية هي تحويل المقاطعة « السلبية » لشعبنا الى مواجهة نشطة للديكتاتورية.   كشيوعيين نحن مقتنعون بأنه لا ديمقراطية إلا على أنقاض سلطة بن علي ومؤسساته لذلك نناضل من أجل انتخابات حرة ومن أجل جمعية تأسيسية تمثل الشعب وتصوغ باسمه قواعد النظام الجديد.أما بعض الكراسي في باردو فلا تستهوينا. وتكتيك المشاركة أو المقاطعة وكل تكتيك نعتبره مرهونا بهدف إسقاط الفاشية. ولسنا من دعاة المقاطعة في كل مكان وزمان ولكننا أيضا لسنا من دعاة « ثقافة المشاركة » مهما كانت الظروف. ونرى أن كل تخطيط سياسي في الظرف الراهن يجب أن يهدف الى تعميق عزلة الديكتاتورية أما على مستوى الحركة الديمقراطية فنحن نسعى الى توحيدها ومدّ أطرافها بعمود فيقري كي يكون في مقدورها ان تنتصب كالرجل الواحد في وجه الاستبداد والفاشية.   غسان الماجري   (المصدر: « البديـل عاجل » عن قائمة مراسلات موقع حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 29 فيفري 2008)


بسم الله الرحمان الرحيم                                                              تونس في 02/03/2008 والصلاة والسلام على أفضل المرسلين                                                بقلم محمد العروسي الهاني الرسالة رقم 409                                                            مناضل كاتب في الشأن التونسي و العربي والإسلامي                                                                                        على موقع الحرية                                                                                          

ذكرى عيد ميلاد الحزب الجديد 1934/03/02

                                                 إلى أسرة التحرير الأفاضل الرجاء المحافظة على الأسلوب النظيف وشكرا على جهودكم و ذكائكم                                                                                     فــي الصميـــم                                                           شكـرا لك يـا خالد شوكات دوما على العهد و الوفاء والعرفان بالجميل والتألق

 
بكل فخر ونخوة وغبطة وسرور طالعت اليوم في موقع تونس نيوز الإعلامي الذي تأسس من اجل الكلمة الصادقة ورفع إعلاء شأن الإعلام الالكتروني العصري الذي شجع الأقلام على قول الحقائق بشجاعة وجرأة مع المحافظة على روح التسامح والسمو الأخلاقي والأخلاق العالية ودون هتك أعراض الناس هذا الموقع الممتاز أحببناه ونشرنا فيه مقالاتنا الغزيرة دون أن نشير بكلمة واحدة لمس أعراض الآخرين نعم نذكر الإيجابي ونعم للإشارة إلى ذكر السلبي ولكن بروح عالية وصدق وامانه وان مقالاتي منذ البداية تندرج ضمن هذا الإطار ودور موقع الانترنات هام وبارز للعيان وفي هذا النطاق يسعدني أن أعود للمرة الرابعة منذ يوم 2007/04/18 لأنوه بمبادرة الدكتور خالد شويكات التاريخية ورسالته التي نشرها اليوم على موقع تونس نيوز 2008/02/29  معبرا عن رغبته وسروره وفخره بالانضمام إلى جميعة الوفاء للمحافظة على تراث الزعيم الحبيب بورقيبة التي تأسست يوم 2005/06/01 في تونس بفضل إردة مجموعة من المناضلين الصادقين الأوفياء لنهج زعيمهم المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة ووفائهم لروحه الطاهرة ومحافظتهم على تراثه الوطني الغزير باعتبار الجمعية رافد من روافد الجمعيات الوطنية التونسية التي تساعد النظام وتعمل على أرسى ثقافة الوفاء والتسامح والصفح والعرفان بالجميل وأن الإخوة المؤسسين الأوائل من الوجوه البارزة وقد ذكرت في رسالة سابقة أن أسماء الاوائل المتحمسين لهذه المبادرة هم الإخوان محمد الصغير داود ومحمد العروسي الهاني وعمر بن حامد وكل من سن سنة حميدة كتب الله له أجرها والحمد لله وأعود للحديث عن مبادرة الدكتور خالد شويكات رجل الوفاء وعنصر من عناصر النضال الوطني وابن بار وفي لنهج الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة رحمه الله وكان دوما على عهد الوفاء وأن مبادرته الجديدة تعبر من جديد على مدى وهج الوفاء والعرفان بالجميل لصانع مجد تونس وبطل تحريرها ومحررالوطن والمرأة وقائد الجهادين بودن منازع…ولا شك أن رسالة الدكتور خالد شويكات ستجد كل الترحاب والامتنان من طرف أعضاء الجمعية عندما يطالعونها…كما لا يفوتني ذكر تألق هذا الشاب الوطني الاصيل الذي تألق يوم 2007/04/18 في حوار قناة العربية حول ملفات زمن بورقيبة وكان الحوار الأخير خلال شهر أفريل 2007 الذي يصادق ذكرى وفاة الزعيم الراحل بورقيبة وذكرى تأسيس أول حكومة وطنية عام 1956 برأسته. وقد تألق الدكتور خالد شويكات في هذا الحوار وتدخله الممتاز كان راقيا ورفيعا وذات مستوى عالي وأبرز مناقب الزعيم ودافع بكل صدق وإخلاص وشجاعة وايمان على فترة زمن الزعيم الراحل ونجح في المناظرة التلفزية واعجب الشعب التونسي بهذا المستوى الرفيع والتألق الإعلامي ونال إعجاب الجميع مما جعلني أخصّص له مقالا كاملا منوها بأسلوبه الرائع ووفائه الدائم وقلت لا غرابة فالابن هو شبل الأسد فهو من الهمامة سيدي بوزيد ووالده مناضل ومقاوم صعد الجبال دفاعا عن الوطن وحبا للزعيم قدوة وضمير هذه الأمة وقد شكرته على هذا الوفاء الخالص وفي مناسبة اخرى وجها رسالة إلى سيادة الرئيس زين العابدين بن علي كلها وفاء وتقدير وحبا للوطن واشفاقا عليه من الانتهازيين فكانت رسالة أخرى معبرة تستحق كل التنويه وشكرا يا خالد الذكر وأتمنى أن يكون شباب تونس والنخبة المثقفة على هذا المستوى الرفيع من الوفاء والعرفان بالجميل. وأعتقد أن الوفاء ليس عيب والعرفان بالجميل ليس انحراف أو تذلل أو وفاء أعمى بل هو من شيم المناضلين الذين لا يتنكرون لماضيهم ومن تتنكر لماضيه فسوف يأتي يوم ويتنكر لحاضره…؟ « ولمثل هذا فليعمل العاملون » صدق الله العظيم  قال الله تعالى : » هل جزاء الإحسان إلا الإحسان » صدق الله العظيم. محمد العروسي الهاني  – هـ : 22 022 354   ملاحظة: ان رسالة الدكتور خالد شوكات ستبقى خالدة في الاذهان و راسخة في القلوب لانها صادرة من اعماق رجل مؤمن بالمبادئ البورقيبية ،  و شبل من اشبال النضال الوطني و ان شاء الله اتعرف على هذا الشبل العظيم حتى يمتد جسر التعاون و الاخوة و روابط المحبة بين ابناء تونس في الداخل و الخارج و الف شكر يا خالد فقد اثرت رسالتكم في عقولنا و مهجتنا و الله ولي التوفيق.


 

لسبيل أونلاين بسم الله الرحمان الرحيم

أثر اختلاف مناهج الفقهاء المعاصرين في النزاع بين الإسلاميين 5 / 6

إعداد : د. محمد البشير بوعلي المبحث الثالث الحل المقترح : مراجعة مفهوم الفقيه

 
1 – مآل محاولات الإصلاح التقليدية : لقد اجتهد بعض الدعاة والفقهاء المخلصين للعمل الإسلامي والمهمومين بواقع الأمة المتردي في عرض بعض المقترحات لتجاوز الخلافات بين عموم الحركات والتنظيمات الإسلامية المتنافرة، وبين الاتجاهين التقليدي والتجديدي منها خصوصا. بعضها جاء عاما في المجال الدعوي، وبعضها ركز على الجانب الفقهي . ومن نماذج تلك المحاولات الإصلاحية –على سبيل الذكر دون الحصر- مقترح الشيخ الداعية أبو الفتح البيانوني (1)، وهو مقترح عام للمّ شمل فصائل العمل الإسلامي وتجاوز خلافاتها ومنازعاتها فيما بينها. ومقترح الداعية صلاح الصاوي، وهو مقترح منهجي أورده في إسهاب تحت عنوان « قواعد كلية لمواجهة فتنة التفرق » (2)، ومقترح الشيخ محمد الغزالي، وهو أيضا شامل لساحة العمل الدعوي (3) . وهذه المقترحات والمحاولات الإصلاحية وغيرها كثير (4) مما نجده في كتب الدعاة والمفكرين، سواء العاملين منهم بشكل دعوي فردي أو المنتمين إلى الاتجاه التجديدي، هي مع جدّيتها وإخلاص أصحابها وحرصهم على تجاوز مظاهر الفرقة، ليس من المنتظَر أن تحقق نتيجة إيجابية، لأسباب عدة منها : أن تلك الدعوات والمحاولات صادرة من طرف واحد، وهو الاتجاه الوسطي التجديدي، في حين أن الطرف الآخر أي الوهابيين، ليس لديهم أدنى استعداد للاستجابة أو التنازل أو حتى قبول فكرة المراجعة والإصلاح ابتداءً. والإصلاح الذي لا تسعى إليه ولا تحرص عليه كل الأطراف المتنازعة لا يمكن أن يتحقق بحال . أن خصائص منهج السلفيين التقليديين قد تغلغلت في نفوس أصحابه علماءَ وعامةً، عبر قرون عديدة، منذ زمن بعض تلاميذ الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه إلى اليوم، وقد أصبحت سمة مميزة لهم، وهم متمسكون بها ولا يمكن أن يتزحزحوا عنها، لأنهم يعتبرونها من تعاليم الإسلام. أن أنصار الفصيل الوهابي يعتبرون أن ما هم عليه هو الحق المطلق الذي لا حق غيره، وأن كل ماعداه باطل منكر. فلا يمكن أن يركنوا للرأي المخالف طالما أنه في نظرهم باطل. (5) رفض الوهابيين لمبدأ « الإعذار » (6) الذي يعتبره علماء وأنصار الاتجاه الوسطي التجديدي قاعدة أساسية في عملهم الدعوي عموما والفقهي خصوصا، حتى سموها بـ »القاعدة الذهبية » (7) . والذي يقرر ابتداءً أنه لا استعداد عنده لإعذار الطرف الآخر في مواقفه واجتهاداته، لا يمكن أن يركن إلى المصالحة وقبول الرأي المخالف عمليا. لذلك فإن تلك المحاولات لا يمكن أن تحقق الوحدة المطلوبة ولا أن تخمد مظاهر التنافر والنزاع المستتب داخل الساحة الإسلامية لأجيال قادمة. وستبقى دعوات نظرية حبيسة كتب ومقالات أصحابها لا حظ لها في واقع المسلمين الذي تزيد حالته سوءا بمرور الأعوام، طالما أن وضع المسلمين وما هم عليه من تدهور وذل وانهزام يشهد به القاصي والداني، لم يغير شيئا من تصلّب المواقف، ولم يكن مبررا كافيا لبعض أطراف النزاع لمراجعة منهجها وسلوكها، ولا حتى أبدت استعدادا للتسامح والركون إلى هدنة ولو مؤقتة، في انتظار مرور الزوبعة التي تعصف بالعالم الإسلامي وتهدد مصير الأمة جمعاء. لأنه لا مقام عند أولئك لفقه الواقع وترتيب الأولويات في مواجهة المصاعب والتحديات. ومن ثَم فإن الحكمة تقتضي عدم الاكتفاء بمحاولات التوفيق بين الفرقاء الحاليين، بل لابد من التماس حل جذري كفيل بتجاوز الوضع الذي تتخبط فيه الأمة، دون استعجال للنتيجة المطلوبة، طالما أن مؤشرات كثيرة تدل على أن وضع المسلمين الحالي سيستمر على ما هو عليه لأجيال، والمشاهد أن بعض الفقهاء أنفسهم يشرفون على هذا الوضع الرديء ويسهمون في صياغته -بقصد سليم- بلوائح التضليل والتبديع والتكفير. وليس هناك من حل بديل كفيل بأن يكون جذريا وتأسيسيا غير الدعوة إلى مراجعة مفهوم الفقيه، مراجعة كفيلة بتجاوز المفهوم التقليدي للفقيه المعاصر، الذي لم يعد صالحا لتوجيه المكلفين لما فيه مصالح عامة المسلمين، والعمل على بناء الفقيه الجديد المقتدر على مواجهة قضايا العصر وخدمة قضايا أمته. 2 – تضييق مجال اجتهاد الفقيه من الإطلاق إلى التخصص: مع أن آماد تاريخ التشريع الإسلامي قد تطاولت، وشهدت خلال أطوارها المتعددة والمتعاقبة تحولات وتطورات مشهودة معروفة للجميع. إلا أنه مع كل ذلك فقد ظل مفهوم الفقيه نفسه القائم بعملية الاجتهاد الفقهي وتقرير الأحكام الشرعية ثابتا لم يتغير ولم يتزحزح عن مكانته في الساحة الفقهية وحدود تحركه في دائرتها. بل ظل الفقهيه هو الفقيه كما كان عليه في طور المرحلة المذهبية –حيث كانت مظاهر الحياة يسيرة- إلى اليوم في عصر التخصص في مختلف مجالات العلم والمعرفة –حيث تعقدت مظاهر الحياة وتشابكت- ظل مؤهِّلا نفسه للاجتهاد في كل مجالات الحياة متدخلا في كل باب من أبوب الفقه وفي كل فرع من فروعه وكل نازلة من نوازله الفردية والاجتماعية وحتى الدولية. مع أن كل ذلك مما يستحيل على الفرد أن يُلم به مهما أوتي من علم ومهما عمل على توسيع مداركه المعرفية (8) . لذلك كثيرا ما نرى مظاهر الارتباك بادية على بعض اجتهادات الفقهاء المعاصرين وخاصة فيما له صلة بالمجالات العلمية التجريبية (9)…كما لاحت احتجاجات صادرة عن المتخصصين في المجالات التجريبية الذين تضطر المجامع الفقهية إلى استدعائهم للاستفادة من خبراتهم العلمية في تقرير الأحكام الشرعية، ثم تصدر الأحكام باسم الفقهاء الشرعيين دونهم. ومن مظاهر قصور حركة الفقه الإسلامي المعاصر ما ارتبطت به من اختصاص صفوي، وهي صفة سلبية علقت بالاجتهاد الفقهي منذ قرون طويلة لأسباب ظرفية عارضة، وليست صفة أصيلة فيه. مع ذلك فقد ظلت مرتبطة به إلى اليوم، ولم يستطع الفقهاء التخلص من ربقتها رغم إقبالهم المتزايد على ساحة الاجتهاد، ليس بدافع التواضع العلمي فحسب، وإنما بفعل التهيب من جلالة مقام الفقيه في تصور الإسلاميين الموروث، بحيث صار أكثر الفقهاء اليوم لا يدخلون ساحة الاجتهاد الفقهي إلا في حالة تنكّر، ويتورعون عن الظهور بوصفهم الحقيقي كفقهاء. وهذه حقيقة عبّر عنها الشيخ حسن الترابي بقوله: أن « الحاجة قائمة اليوم ملحة للاجتهاد، والمجتمع المسلم منفتح لتلقي الفقه المتجدد والمتصدون لذلك يتكاثرون، وإن كان أكثرهم يؤثر التقية ويواري في اجتهاده، فيقول إنه مفكر لا فقيه أو باحث لا يجتهد، أو أنه يرى رأيا لا يصدر عن فتوى، وينبش في التراث على شفيع لرأيه الغريب، وما أثرى التراث وأجمعه لاحتمالات الرأي ومسالكه » (10) . وهذا بالتأكيد وضع سقيم ينبغي على الفقهاء قبل غيرهم السعي إلى تصحيحه، فالفقيه بالمعنى الصحيح ليس هو ذلك الطالب النجيب الذي تخرّج بتفوق من أحد معاهد أو كليات الشريعة الإسلامية التقليدية، ثم ارتقى درجات معلومة في مراتب تلك العلوم، حتى وصل بحفظه الجيد مرتبة الاجتهاد وأُجيز فيه. لأن ذلك قد آل منذ القديم إلى حصر مجحف لفئة الفقهاء واقتصار الفقه على مجال معين من مجالات المعرفة، ولو كان صاحبه جاهلا للمعارف العقلية والعملية الأخرى، نائيا عن الواقع ومتطلباته وما يدور فيه. بل الاجتهاد أوسع من ذلك، إذ يحق لصاحب كل علم أن يجتهد في حدود تخصصه (11) إذا توفرت فيه شروط معينة « فأستاذ الاقتصاد (مثلا) يستطيع أن يجتهد في مسألة ما في مجال تخصصه إذا أحاط بكل ما ورد فيها من نصوص، وما تعلق بها من اجتهادات، إذا كان لديه المعرفة بأصول الاستدلال وقواعد التعارض والترجيح وغير ذلك » (12) . وفي مقابل ذلك التضييق الذي أغلق أبواب الاجتهاد الفقهي في وجوه الكثيرين من أهله، فقد فُتحت أبوابه مشرعة أما بعض أصحاب الاختصاصات الشرعية الضيقة، كأهل الحديث ممن لا علم لهم بغير معرفة مراتب الحديث النبوي رواية لا دراية، الذين اندفعوا في تقرير الأحكام باسم الشرع دون إلمام بنصوص الشرع، ولا معرفة بطبيعة القضية موضوع الدراسة وظروفها وملابساتها ولا غير ذلك مما تقتضيه شروط الاجتهاد الفقهي المعلومة. « فبعض هؤلاء المشتغلين بالحديث يستوعر تدبّر القرآن ودراسة دلالاته القريبة والبعيدة، ويستسهل سماع حديث ما، ثم يختطف الحكم منه فيُشقي البلاد والعباد » (13) . وهذا الذي تشهده الحركة الفقهية المعاصرة هو بالتأكيد تخلف عن ركب الواقع ومتطلباته، بل هو انتكاسة حتى عن المستوى الذي ارتقى إليه النشاط الاجتهادي في بعض مراحل تاريخ التشريع الإسلامي الماضية. حيث نجد الفقهاء منذ القديم قد تحدثوا عن « تجزئة الاجتهاد » ولم يروا فيه بأسا. في حين أن فقهاءنا اليوم يجتهدون بإطلاق، دون مراعاة لمقتضيات التخصصات المعرفية، ولا حتى التزام بباب من أبواب الفقه دون غيره. باستثناء القليل ممن ألزموا أنفسهم –ميلا مع قدراتهم ومجالات بحوثهم الأكاديمية- بمجال واحد من مجالات الفقه كفقه الأسرة أو الزكاة أو باب البيوع في المعاملات المالية أو النشاط المصرفي الإسلامي… والملاحظ أن هؤلاء قد أفادوا وتعمقوا أكثر من غيرهم ممن ساحوا في مختلف دروب الفقه ومسائله. يقول الشيخ يوسف القرضاوي –في سياق تأكيده أن الاجتهاد في هذا العصر أيسر مما كان عليه في الماضي-: « .. وإذا قلنا بتجزؤ الاجتهاد كما هو رأي الأكثرين، فالأمر أسهل وأسهل. فهناك من العلماء من عكفوا على فقه الأسرة أو الأحوال الشخصية وتفرغوا له، وأتقنوه، ونفذوا في أعماق مسائله، فالاجتهاد في هذا المجال ميسور لهم بلا نزاع. وآخرون تفرغوا لفقه المعاملات المالية أو الجانب الاقتصادي في التشريع الإسلامي، وعنوا بكل ما يتعلق به أو بجانب معين منه، فهم أقدر على الاجتهاد فيه. وغيرهم اهتم بالفقه الجنائي أو الإداري أو الدستوري، فهم مجتهدون فيما تخصصوا فيه. وهذا مشروط -بالطبع- بوجود المؤهلات العلمية العامة التي تمكنهم من فهم ما تخصصوا فيه، وإتقانه وهضمه » (14) . وهذه تجربة لابد من الاستفادة منها من خلال حصر دائرة اجتهاد كل فقيه بمجال تخصصه الدراسي، ليكون فقيها في باب من أبواب فقه الشعائر(العبادات) دون غيرها، أو فقيها في المعاملات المصرفية وحدها، أو في الفقه الجنائي، أو طبيبا فقيها في الطب أو فقيها مهندسا أو فقيها في الفلك، أو فقيها في علم الاجتماع أو علم النفس أو فقه السياسة… (15) أو غيرها من الاختصاصات العلمية والمعرفية التي من شأنها أن تتكامل مع معارف المسلم الشرعية التي يتربى عليها ويتشربها في بيئته المسلمة وفي صفوف الدراسة. ——————————————————————————————————– الهوامش : 1 – انظر: محمد أبو الفتح البيانوني، وحدة العمل الإسلامي بين الأمل والواقع، دار عمار، عمان، ط1، 1988م، ص91 وما بعدها. 2 – انظر: صلاح الصاوي، ، جماعة المسلمين، القاهرة، دار الصفوة، 1413هـ، ص97 وما بعدها. 3 – انظر: محمد الغزالي، هموم داعية، ص22، 23. 4 – منها ما جاء في كتاب « معالم الوحدة في طريق الأمة الإسلامية »، عمر يوسف حمزة، وأحمد عبد الرحيم السايح، الدار المصرية اللبنانية، ط1، 1993، ص62 وما بعدها. وما جاء في كتاب « الوحدة الإسلامية، أسسها، وسائل تحقيقها »، مؤسسة الجريسي، الرياض، 1410هـ، ص46 ما بعدها. 5 – يقول الإمام محمد أبو زهرة: « وإنه يُلاحظ أن علماء الوهابيين يفرضون في آرائهم الصواب الذي لا يقبل الخطأ، وفي آراء غيرهم الخطأ الذي لا يقبل التصويب…وهم في هذا يقاربون الخوارج الذين كانوا يكفرون مخالفيهم ويقاتلونهم » انظر: محمد أبو زهرة، تاريخ المذاهب الإسلامية، القاهرة، دار الفكر العربي، دت، ج1، ص256. 6 – يقول الشيخ عبد العزيز بن باز: « نعم يجب أن نتعاون فيما اتفقنا عليه من نصر الحق والدعوة إليه والتحذير مما نهى الله عنه ورسوله، أما عذر بعضنا لبعض فيما اختلفنا فيه فليس على إطلاقه، بل هو محل تفصيل… » انظر: من أقوال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، إعداد زياد بن محمد السعدون، الرياض، دار الوطن، 1413هـ، ص93. 7 – يقول موسى الإبراهيمي تلميذ الشيخ سعيد حوى: « تمتلك جماعة « الإخوان السلمون » المنهج المتكامل لاستيعاب جميع الجهود الإسلامية العاملة في الساحة تحت شعارها الذهبي القائل: « نتعاون فيما نتفق عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما نختلف فيه »انظر: موسى إبراهيم الإبراهيمي، الفقه الحركي في العمل الإسلامي المعاصر، عمان، دار عمار، ط1، 1997م، ص300 . وانظر أيضا في بيان أصل هذه القاهدة ومعناها وأهميتها: يوسف القرضاوي، فتاوى معاصرة، ج2، ص131. 8 – جاء في مقال للشيخ جمال الدين عطية قوله: » إن المجتهد المعاصر ينبغي في رأينا أن يكون متخصصا، وأن يُعَدّ إعدادا خاصا للدواعي التالية: المجتهد المطلق لم يعد موجودا، كما لم يعد من المنتظر وجوده. وإنما الذي يوجد الآن أو يُتصور وجوده هو المجتهد الجزئي، أي الذي يتمكن من استنباط الحكم في مسألة دون غيرها، أو في باب فقهي بعينه دون غيره. وهذا المجتهد المتخصص لابد لوجوده ولقيامه بمهمته من إعداده إعدادا تخصصيا، لا في الجانب الشرعي فحسب، وإنما في جانب التخصص الذي يتجه إليه، سواء في الاقتصاد أو الطب أو الاجتماع أو علم النفس أو غير ذلك من المجالات »، انظر: موقع: إسلام أون لاين، مقال بعنوان: »توسيع مجال الاجتهاد.. آفاق وعقبات »، بتاريخ: 25 /02/2003م، ص9. 9 – مثل أحد الفقهاء المعاصرين الذي أفتى بجواز نقل الخصيتين من شخص إلى آخر بناءً على اعتقاده أن الخصيتين ليستا إلا مضخّة للمني ولا علاقة لهما بإنتاجه، فلما نبّهه الأطباء إلى أن الخصيتين هما مصدر المني والحيامن، تراجع عن حكمه معتذرا بجهله لذلك وأنه ليس مجال اختصاصه. 10 – حسن عبد الله الترابي، قضايا التجديد (نحو منهج أصولي)، الخرطوم، معهد البحوث والدراسات الاجتماعية، ط1، 1990 ص234. 11 – وليس في ذلك مخافة لقوله تعالى{ولولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم}(التوبة 122) انظر تفسير ابن قيم الجوزية لهذه الآية في « إعلام الموقعين »، بيروت، دار الكتب العلمية، ط2، 1993م، ج2، ص178، 179. 12 – يوسف القرضاوي وآخرون، فقه الدعوة ملامح وآفاق، من مقال للقرضاوي بعنوان « الاجتهاد والتجديد بين الضوابط الشرعية والحاجات المعاصرة »، سلسلة كتاب الأمة، جمع وتقديم عمر عبيد حسنة، ص161. 13 – محمد الغزالي، السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث، بيروت، دار الشروق، ط1، 1989م، ص26. المصدر : السبيل أونلاين , بتاريخ 02 مارس 2008

   

ثانـوية ابن خلـدون الإسـلامية انجـازات وآفـاق

 
د.خالد شوكات* تعد ثانوية ابن خلدون الإسلامية في روتردام، بحسب الكثير من المتخصصين في الدراسات الإسلامية المعاصرة، أهم انجاز حققته الأقلية المسلمة في هولندا، منذ نشوءها قبل نحو نصف قرن، وذلك لعدة اعتبارات لعل أهمها تحقق هذا الانجاز في المجال التربوي، الذي يعتبر أهم مؤشرات التنمية البشرية، فضلا عن الدور الاستثنائي الذي ما فتئت تلعبه هذه المؤسسة التعليمية، سواء داخل الأقلية المسلمة من خلال مسؤوليتها المباشرة في تأهيل ما يقارب ألف طالب مسلم سنويا، يشكلون مادة المستقبل الرئيسية، أو داخل المجتمع الهولندي من خلال مسؤوليتها غير المباشرة في بناء عقلية إسلامية منفتحة ومتسامحة ومسؤولة ومتضامنة مع بقية القوى الاجتماعية الهولندية في بناء حياة مشتركة متعددة. لقد كانت ثانوية ابن خلدون الإسلامية في روتردام، التي تأسست مع مطلع القرن الحادي والعشرين، وتحديدا سنة 2000 ميلادية، أول ثانوية إسلامية حكومية في أوربا، وربما في الغرب، فهي وإن كانت ذات هيئة إدارية خاصة، فإنها تتمتع بتمويل حكومي شامل، جعلها أهم مؤسسة إسلامية مشغلة، حيث تتيح فرص عمل لما يقارب مائة مدرس ومدرسة وإطار تربوي، غالبيتهم من أبناء الأقلية المسلمة، كما جعلها أيضا واحدة من أكثر المنظمات فاعلية وتقريرا في حاضر ومستقبل الوجود الإسلامي في هولندا. وتقدم مدرسة ابن خلدون الثانوية الإسلامية في روتردام، منذ تأسيسها قبل سبع سنوات، كأي مدرسة ثانوية هولندية أخرى، عامة أو دينية، خدمات تعليمية شاملة، تسع تخصصات متعددة، من بينها التعليم العلمي التحضيري (VWO ) والتعليم الثانوي العام (HAVO ) والتعليم التكويني المتوسط بكافة فروعه (VMBO ) و الطريق التعليمي المساعد (LWOO )، ويستفيد من وجودها 810 طالب، يزاولون تعليمهم في ثلاث مقرات مختلفة تابعة لها، توجد جميعها في الضواحي الجنوبية لمدينة روتردام. إن تقدير وتقييم حقيقة الانجاز الذي تمثله ثانوية ابن خلدون الإسلامية في حياة أبناء الأقلية المسلمة، لا يمكن أن يستكمل عناصره إلا من خلال الوقوف على ثلاث تحديات رئيسية واجهتها هذه المؤسسة التربوية الرائدة، وسعت هيئتها الإدارية – ولا تزال- لتذليلها وإيجاد حلول فعالة للمشاكل المنبثقة عنها، وهذه التحديات هي كما يلي: تحدي التأسيس: الطريق إلى نيل الاعتراف الحكومي: على الرغم من وجود شبكة من المدارس الابتدائية الإسلامية في هولندا منذ مطلع تسعينيات القرن العشرين، إلا أن إنشاء مدرسة ثانوية إسلامية لم يكن أمرا سهلا على الراغبين في ذلك من أبناء الأقلية المسلمة، حيث تطلب تحقيق الإنجاز تذليل الكثير من الصعوبات، من ضمنها: عدم وضوح بعض النصوص القانونية الخاصة بالتعليم الإسلامي. تردد البيئة السياسية في القبول بتمديد تجربة التعليم الإسلامي إلى المستوى الثانوي. تقدير بعض الناشطين المسلمين أن الوقت لم يحن بعد لإنشاء ثانوية إسلامية. تقدير البعض أيضا أن الأقلية المسلمة لا تتوفر على الكفاءات اللازمة والضرورية القادرة على إدارة وتشغيل مؤسسة ثانوية إسلامية. انقسام الأقلية المسلمة على نفسها، مذهبيا وطائفيا واثنيا و وطنيا.  لقد كان على الهيئة الإدارية لمدرسة ثانوية ابن خلدون الإسلامية إيجاد حلول مقنعة لهذه المشاكل جميعا، وقد بلورت في سبيلها إلى ذلك مجموعة من الرؤى والأطروحات التي شكلت في مجموعها الأرضية الفكرية والتربوية للمؤسسة الوليدة، وهو ما يمكن إجماله في النقاط التالية: إشارة الدستور الهولندي صراحة إلى حق الأقليات الدينية والقومية في إنشاء المدارس بأنواعها، وإلزام خزينة الدولة بالإنفاق الشامل على التعليم بنوعيه العام والخاص (الديني)، وهو ما ذلل الصعوبة القانونية باعتبار الدستور القانون الأعلى في البلاد. إقناع الأحزاب والقوى السياسية الهولندية، وخصوصا الممثلة منها في البرلمان والمؤسسات السياسية، بأهمية التعليم الإسلامي في مساعدة المجتمع الهولندي على إدماج الأقلية المسلمة في سياقه، وإعانته على الرفع من مستوى عيش المسلمين الهولنديين، وتوفير قنوات للحوار والتواصل الإيجابي بين مختلف مكوناته. إقناع أكثر ما يمكن من أبناء الأقلية المسلمة، بأن مجابهة التخلف التعليمي هو أهم وسائل مجابهة التخلف العام، وأن الوقت ليس مبررا كافيا لعدم إنشاء مدرسة ثانوية إسلامية، بل إن الأفضل هو إنشاء هذه المدرسة وربح الوقت في الارتقاء بمستواها، وإتاحة المجال أمام عشرات الأطر التعليمية المسلمة لتطوير كفاءاتهم من خلال العمل فيها، فهذه الأطر عادة ما تجد صعوبة في إيجاد فرص عمل مناسبة. إثبات وجود مئات الكفاءات التربوية المسلمة، سواء على مستوى التدريس، أو على مستوى الإدارة والإشراف ووضع البرامج التعليمية الملائمة، فقد اعتمدت المدرسة منذ إنشائها على هذه الكفاءات، وتجاوزت عن وعي عدم توفر الكثير منها على الخبرة الكافية، حيث راهنت على أن وظيفة المدرسة لا تنحصر فقط في تكوين الطلبة، إنما في تكوين المدرسين أيضا. وأخيرا، فقد كان من الأهمية بمكان أيضا، أن تبلور الهيئة الإدارية للمدرسة، خطابا إسلاميا شاملا، لا يفرق بين المسلمين بحسب انتماءاتهم الوطنية أو المذهبية أو الطائفية، فطلبة مدرسة ابن خلدون اليوم هم هولنديون و أتراك وعرب وأمازيغ وصوماليون وأكراد وهنود واندونسيون وسوريناميون وباكستانيون وأفغان وغيرهم، وسنة وشيعة وغيرهم، ومالكية وأحناف وشافعية وحنابلة وغيرهم، والأمر نفسه يمكن أن يقال عن الإطار التدريسي والإداري، ولئن كان المسلمون حقيقة منقسمون على أنفسهم، فإن ثانوية ابن خلدون قد نظرت إليهم باستمرار كفئة واحدة، وجعلت من القيم القرءانية والنبوية المرجع الوحيد الموحد في بناء المناهج التربوية. وإن الإشارة إلى تحدي التأسيس، ليس إشارة إلى تحد طرح في الماضي فحسب، بل إن هذا التحدي ما يزال مطروحا إلى اليوم بعد ما يزيد عن سبع سنوات من النشأة، فالنقاش السياسي والقانوني حول جدوى وأهمية المدرسة ما فتئ يحتد، والاتهامات المغرضة من داخل الأقلية المسلمة وخارجها ما تزال تكال، ولا شك في أن جدية ومثابرة القائمين على المدرسة والتفاف أبناء الأقلية المسلمة حولها سيظل يشكل دائما أهم رد على هذا النقاش وهذه الاتهامات. تحدي الممارسة: توحيد الأقلية المسلمة ووضع البرامج الإسلامية إن تذليل عقبة التأسيس وانتزاع الاعتراف القانوني، لم يكن في حقيقة الأمر، إلا إحالة على تحد أكبر، هو تحدي العمل الميداني، الذي يمكن إيجاز بعض مظاهره كالآتي: وضع برامج تعليمية لكافة المستويات وتخصصات، تستند إلى مرجعية تربوية وثقافية إسلامية. إيجاد الكفاءات الكافية واللازمة لوضع وتطبيق هذه البرامج. تحقيق التناغم والانسجام بين القيم التربوية الإسلامية والقيم الثقافية الهولندية. استقطاب أعداد كافية من الطلبة من أبناء الأقلية المسلمة، بما يضمن النصاب اللازم الذي تشترطه القوانين الهولندية المنظمة للتعليم، وبما يضمن استمرارية تدفق الإنفاق المالي الحكومي. تحقيق نتائج دراسية ايجابية، بما يضمن مساندة الجهات التعليمية الحكومية ذات الوظيفة الرقابية. إتباع سياسة علاقات عامة متوازنة، بما يبعد المدرسة عن أية مشاكل سياسية طارئة، وينأى بها عن النزاعات والصراعات أيا تكن مرجعيتها، والحيلولة دون تحول المؤسسة إلى موضوع للمزايدة الإعلامية، خصوصا في ظل ما شهدته السنوات الأخيرة من أجواء مشحونة بالاتهامات والاتهامات المضادة. و لا تزعم الهيئة الإدارية للمدرسة أنها استطاعت إيجاد حلول نهائية لكافة المشاكل والتحديات المطروحة عليها، غير أنها تؤكد عزمها على الاستمرار في التصدي لهذه المشاكل بكل حزم وجدية ومرونة، وقد اهتدت من خلال تبنيها لنظرية « التطور من خلال الممارسة » إلى ملامح حلول بالمقدور تلخيصها كما يلي: * الاعتماد على منهج الخلط البناء بين مناهج تعليمية هولندية مبتكرة ومناهج إسلامية جرى تطويرها محليا بأقل قدر ممكن من المجازفة، وما يزال العمل مستمرا لوضع المزيد من المناهج الخاصة، بما يراكم تراثا تربويا إسلاميا معاصرا غير مسبوق. * استقطاب كفاءات مسلمة وتطعيمها بكفاءات هولندية، بما يضمن الجمع بين مقاربتي الخبرة والهوية، حيث يشكل الاعتماد على أحد المقاربتين دون الأخرى تضييعا لعنصر لا يمكن للتعليم الإسلامي أن يكون ذا فعالية بدونه. و تجدر الإشارة هنا، إلى أن تحقيق هذه الموازنة قد جرى باستمرار في إطار المتاح، فتكوين المدرسين يظل تحديا مطروحا ليس على ثانوية ابن خلدون فحسب، بل على قطاع التعليم الهولندي بشكل عام. * لقد جرى التأكيد باستمرار على أن مدرسة ابن خلدون الثانوية، هي مؤسسة تربوية هولندية ذات مرجعية إسلامية، بما يعني أنها تضع نفسها رهن إشارة المجتمع الهولندي في خدمة قضاياه والدفاع عن مصالحه والعمل على المشاركة في بناء مستقبل أفضل لأبنائه، وهي بالتالي مؤسسة تربوية تسعى إلى تكوين ناشئة مؤمنة بقيم الحوار والتسامح والإنسانية، نابذة لأي نوع من أنواع التطرف أو العنف أو التمييز أو العنصرية. * لقد قامت الهيئة الإدارية لمدرسة ابن خلدون الثانوية الإسلامية، طيلة السنوات الماضية، دون كلل أو يأس، بتنظيم عشرات الأنشطة التوعوية والأيام المفتوحة وحلقات الحوار والتواصل مع أبناء الأقلية المسلمة، من خلال المساجد والمراكز الإسلامية والجمعيات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، وذلك بهدف توعية المسلمين بأهمية إرسال أبنائهم إلى الثانوية الإسلامية، وتحقيق التكامل بين المدارس الابتدائية الإسلامية وثانوية ابن خلدون. * كما حرصت الهيئة الإدارية لثانوية ابن خلدون على ضمان جودة موادها التعليمية، وحصول غالبية طلبتها على نتائج مدرسية مقدرة، مما بوأ المدرسة مكانة محترمة في النسيج التعليمي الهولندي، وضمن لها مساندة معقولة من لدن مؤسسات الرقابة والتفتيش. تحدي الاستمرارية: برج « ماركوني بلاين » منارة الأمل: إن المشاريع الرائدة لا بد وأن ترتبط بالضرورة بالأحلام الكبيرة، ومن هذا المنطلق فإن مجابهة الهيئة الإدارية لثانوية ابن خلدون الإسلامية، بشكل يومي لعشرات التحديات والمشاكل والاتهامات، لم يكن سوى محفزا على مزيد من البذل والعطاء والتشبث بالطموح، ودافعا للمطالبة بالمزيد من الحقوق، وعاملا على الخلق والابتكار. لقد كان العمل بمقولة « خذ وطالب »، أحد أهم أسرار النجاح الذي حققته ثانوية ابن خلدون خلال السنوات الفائتة، فنيل بعض الحقوق لا يعني التنازل عن بقية الحقوق، ومنح المدرسة مقرات في الضاحية الجنوبية البعيدة نسبيا عن مناطق سكن المسلمين، لم يكن مبررا للتقاعس عن إنشاء هذه المؤسسة، فالانطلاق من مقرات في أطراف المدينة، خير من عدم الانطلاق، والتواجد جنوب مدينة روتردام، لم يحل يوما دون مد البصر إلى شمالها، حيث سعي الهيئة الإدارية إلى تقريب المدرسة من مجموعاتها المستهدفة، وتيسير الأمر على الطلبة وأولياء أمورهم. و ترنو الهيئة الإدارية اليوم، إلى تجاوز عقبة إيجاد مبنى تعليمي للمدرسة في ضواحي مدينة روتردام الواقعة شمال نهر الماس، من خلال إقامة مجمع متكامل، سيأخذ من ناحية البناء شكل البرج الشامخ على ضفاف النهر، وسيأخذ من الناحية القانونية شكل الوقف لصالح المدرسة، كما سيأخذ من حيث المحتوى آلية الجمع بين المؤسسة التعليمية ومؤسسات تربوية واجتماعية وثقافية وتجارية في سلة واحدة. إن مجمع أو برج « ماركوني بلاين » التابع لمدرسة ثانوية ابن خلدون الإسلامية، هو مشروع وضعت أسسه الهيئة الإدارية للثانوية، يهدف إلى إهداء مدينة روتردام وهولندا والعالم نموذجا حضاريا إسلاميا يقوم على إقامة الأبراج لا العمل على هدمها، وتحقيق مساهمة إسلامية حضارية تجعل الأقلية المسلمة قادرة على رفع رأسها والافتخار بصرح تشرئب إليه الأعناق عاليا. و تتطلع إدارة ابن خلدون إلى أطراف عديدة محلية ودولية للمساعدة على انجاز هذا الصرح، الذي سيمسح ما يناهز 12 ألف متر مربع، وسيضم المرافق الآتية: – حضانة للأطفال. – مكتبة وميدياتيك ومركز للمعلومات. – محلات تجارية ومكاتب إدارية. – ثانوية ابن خلدون الإسلامية. – قاعة رياضية متعددة الاختصاصات. – مسجد – مستوصف. – مركز للمساعدة الاجتماعية والقانونية ومأوى للمسنين. – مركز ثقافي واجتماعي (بيت للحي). إن هذا الطموح المستقبلي الإيجابي، هو نداء صادق من أجل مساهمة إسلامية بناءة في مجال الحوار الحضاري والإنساني، بعيدا عن لغة الإقصاء والتهميش والحروب والصراعات، ورسالة يمكن أن توجهها الأقلية المسلمة في هولندا إلى الغرب والعالم الإسلامي، ضد اليأس و لصالح اندماج بناء وعادل وفعال.   (*) أحد المساهمين في تأسيس الثانوية


بلا ضجيج، نحو الفرقة لا التوحد

 
عبد اللطيف الفراتي (*)   مرت قبل أسبوعين أو ثلاثة الذكرى التاسعة عشرة لتوقيع وثيقة الاتحاد المغاربي المعطل، مرت بلا ضجيج، فهي كالعبء الذي لا يريد أحد أن يحمله، وهو إذ يذكره، ويذكر الآمال التي صاحبت انطلاقته، فإنه كالإبرة تخز الجرح الناتئ، فتزيده ألما لا يحتمل.   مرت الذكرى وكأن كل الأطراف المسؤولة، تريد ألا تتذكرها، فتعمد فقط كإحساس بواجب إلى تبادل رسائل الأمل في قيام اتحاد يجمع الأقطار الخمسة، ولكنه مات ولا ينتظر سوى شهادة إعلان الوفاة والتصريح بالدفن.   ليس هذه نبرة تشاؤم، فاتحاد المغرب العربي لم تجتمع قمته صاحبة القرار النهائي كبر أو صغر شأنه منذ 14 سنة، ولا بت في انضمام من عدم انضمام مصر التي تقدمت بطلب لدخول اتحاد المغرب العربي منذ1994 ، وما زالت تنتظر، لا يدري المرء ماذا تنتظر؟.   وإذا كانت الأمانة العامة للاتحاد قائمة في الرباط، والاتحاد موجودا على الورق، فلسبب بسيط جدا يتمثل في ألا أحد من الأعضاء الخمسة يريد أن يتحمل وأد هذه المؤسسة التي صاحبت ولادتها العسيرة منذ اجتماعات زيرلدا الجزائرية في صائفة1993 برعاية المغفور له الملك فهد بن عبدالعزيز، الذي استطاع أن يسوي النتوءات التي كانت تبدو غير قابلة للتسوية بين الدول الخمس التي سيتأسس بها الاتحاد المغاربي بعد ذلك بأشهر.   وفي مراكش وفي اجتماعات ماراطونية بين الملك الحسن الثاني والرئيس بن جديد والرؤساء بن علي والقذافي وولد الطائع أعلن في17 فبراير عن ولادة اتحاد دول المغرب العربي الخمس المغرب والجزائر وليبيا وتونس وموريتانيا.   ولم تكن هذه أول محاولة لربط عربات قطار الدول المغاربية في ما بينها، ففي سنة 1958 اجتمع ممثلو الأحزاب التي قادت أو ستقود إلى الاستقلال في تونس والمغرب والجزائر بمعية ولي عهد ليبيا، واتفقوا على إقامة وحدة مغاربية، وفقا للآمال المنبثقة بين طلبة شمال إفريقيا في باريس في مطلع ثلاثينيات القرن الماضي، وأجلوا تلك الوحدة لما بعد استقلال الجزائر الذي حصل في 1962، غير أن ذلك الاستقلال تبعته مشاحنات بين الرباط والجزائر انتهت بحرب سميت حرب الصحراء، ما أجل قيام أي وحدة، وفي منتصف الستينيات وبعد تجاوز تلك الحرب وتداعياتها الخطيرة في إبانه، أمكن قيام تعاون ليس في مستوى الآمال ولم يشمل سوى الناحية الاقتصادية، واستبعدت منه كل آفاق سياسية حقيقية، وقامت اللجنة الاستشارية الدائمة للمغرب العربي ومقرها في تونس بمشاركة ليبية جزائرية تونسية مغربية، واستبعدت منها موريتانيا التي لم تكن تعترف بها المغرب بل تطالب بضمها إليها، ولا تعترف أيضا بها الغالبية العظمى من الدول العربية، ولكن وفي سنة1969 ، وإثر انقلاب العقيد القذافي، انسحبت ليبيا بدعوى أن أي وحدة مغاربية لا تنصهر في الوحدة العربية إنما تمثل مسعى انفصاليا يعطل الوحدة العربية، وإذ انضمت موريتانيا التي كانت في الأثناء قد نالت اعتراف المغرب والدول العربية، فإنها لم تكن بالحجم الليبي ولا خاصة الحجم الجزائري الذي جمد مشاركته دون الانسحاب، فيما سمي آنذاك بزعامة أحد الرجال الأقوياء في الحكم الجزائري الوزير بلعيد بن عبدالسلام، الذي كان يؤمن بالجزائر الكبرى، في مواجهة المغرب الكبير.   ولذلك تعطلت مسيرة المغرب العربي حتى الاقتصادية التكاملية، حتى إنشاء اتحاد المغرب العربي في فبراير 1989 وعودة الأمل والروح لوحدة مغاربية مأمولة.   ولكن وسرعان ما تراجع الأمل، ومنذ ما قبل منتصف التسعينيات من القرن المنقضي، طلب المغرب تخفيف سرعة بناء الاتحاد وأجهزته، وذلك كرد فعل على عودة الجزائر للمناداة باستقلال الصحراء الغربية، وعقد استفتاء لذلك الغرض، بعد أن كان عهد الشاذلي بن جديد الرئيس الجزائري قد أقحم القضية الصحراوية في الإطار الوحدوي واعتبر قيام الوحدة المغاربية امتصاصا لكل المشاكل الحدودية، ما اعتبره المغرب خطوات على الطريق الصحيح، ومقدمة صحيحة لبناء مغرب عربي ترفع أو تزال فيه الحدود.   وأمام هذا الوضع تعطلت مسيرة المغرب العربي، بصراحة من قبل المغرب والجزائر، فالأولى تعتبر الصحراء الغربية جزءا لا يتجزأ من ترابها، واقع تحت سيادتها بحكم التاريخ وجملة العوامل الأخرى التي تقدمها، كأساس لمطالباتها، ومن جهتها فإن الجزائر التي تمثل السند الكبير « للجمهورية الصحراوية » المستقرة على أرضها، تعتبر المطالبات الصحراوية قضية تحرير وطني، وأنها في إطار مسانداتها لقضايا التحرر الوطني لا يمكنها أن تخذل من يطالب باستقلاله مما تسميه بالدول الإفريقية.   ووراء كل هذه الأوضاع أسباب استراتيجية عميقة الأثر، فالجزائر تريد منفذا إلى الأطلسي وقيام دولة صحراوية تابعة وموالية من شأنه أن يوفر لها هذا المعبر الآمن إضافة إلى أنه يقطع المغرب عن امتداده لإفريقيا ما وراء الصحراء، التي تصبح موضوعيا مجالا واسعا للجزائر دون غيرها من الدول الشمال إفريقية، وهذا بالذات ما ترفضه المملكة المغربية التي كانت لها عبر التاريخ خاصة في زمن دولة المرابطين امتدادات عميقة نحو العمق الإفريقي، الذي ترى أن فصله عنها ماديا عبر دولة تابعة لمنافستها الجزائرية من شأنه أن يقطع بعديها الجغرافي والتاريخي نحو هذا الامتداد الحيوي.   ومن هنا فإن هذا التنافس الجيوسياسي هو الذي يقوم اليوم حاجزا أمام انطلاق بناء المغرب العربي وتحقيق وحدته أو اتحاده الذي بات حتمية لا تاريخية ولا تفرضه فقط وحدة اللغة أو الدين، ولكن تفرضه المصالح الحيوية للمنطقة في زمن التكتلات الإقليمية، وفي زمن العولمة.   وبدل هذا التوجه السليم، نجد المنطقة المغاربية مندفعة في سباق تسلح خطير لا يؤذن بكبير تقارب، ففي الأشهر الأخيرة عقدت كل من الجزائر وليبيا صفقات سلاح تبلغ قيمة كل منها10 مليارا دولار أو أكثر، كما عقدت المغرب صفقات أسلحة بنصف هذا المقدار، وإذا عرفنا أن هذه الدول لا يهددها أي خطر خارجي مهما كان، فللمرء أن يتساءل لماذا هذا التسليح الذي يأكل جزءا لا يستهان به من إمكانيات هذه الدول التي تحتاج لكل فلس لتحقيق تنميتها.   وللمرء أن يتساءل إن لم يكن هذا السلاح موجها إلى صدور بعضنا البعض لا إلى صدور عدو خارجي لا وجود له؟.   (*) كاتب من تونس   (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 2 مارس 2008)

… في أن سلطاتنا تؤسّس للعنف والاحتراب الأهليّين

 
صالح بشير (*)   قد لا تعدو الحرب الأهلية، وفق بعض تعريفاتها (التي لا تدعي استيفاءً جامعا مانعا)، أن تكون قنوطا ويأسا حيال العنف «الشرعي» أو الرسمي، المناط أمره إلى الدولة، أو ارتيابا به، من قبل فئات، مكوّنات، تتمايز بانتماء خصوصي ما، تتوجس أو تستشعر أن العنف «الشرعي» ذاك يقصر عن حمايتها وقد يستهدفها، فهي لذلك تأخذ أمر الدفاع (وهو دفاع قد يكون هجوميا) عن نفسها بيدها، فتنزع أو تعمد إلى «عسكرة» وجودها.   إن صح هذا التعريف (وهو، تكراراً، لا يدّعي استيفاء)، يكون النزاع الأهلي بعدا تكوينيا وبنيويا في الدولة وفي الكيانية العربيتيْن المُحدثتيْن، وتلك فرضية نطلقها، بطبيعة الحال، على وجه التعميم الغالب لا على سبيل الحصر الجازم. لا يعود ذلك فقط إلى ما هو مشترك من سمات بين تينك الدولة والكيانية وبين دول وكيانيات من قبيلها في أرجاء العالم أو في التاريخ، تأخذ بالاستبداد هويةَ حكم وتتوخى الإدماج القسري وسيلة لإنشاء «الأوطان» وصونها، بل ربما عاد أساسا وفي المقام الأول، إلى مواصفات خصوصية وفارقة، تستحضر إخفاقا تاريخيا موروثا، استأنفته دول المنطقة العربية المعاصرة، فقامت بـ»تحديثه» دون أن تتجاوزه أو تقطع معه.   ينعقد الإخفاق ذاك على موضوعة العنف، منزلته ومرجعياته وأحقية مزاولته وتولّيه وسبل تنظيمه وتقنيه وتوظيفه وتصريفه في العلاقة بين الحاكم والمحكوم. إذ لم تهتدِ الدولة، والحياة السياسية في الفضاء العربي-الإسلامي استطرادا أو منطلقا، إلى وسيلة لـ»تدجين» العنف وضبطه، بالرغم من حضوره الطاغي، أداة امتيازية لإقامة السلطان وإدامته. لذلك ظلت تلك الدولة عندنا… دولة، أي تدول وتزول، حتى حدد ابن خلدون عمرها الافتراضي بثلاثة أجيال (أي نحو قرن أو ما يزيد عليه عقدا أو عقدين)، هي فترة ذواء عصبية من العصبيات وعنفها المؤسس، تعقبها عصبية أخرى، وذلك على العكس من نظيرتها الغربية (التي استوت أنموذجا للدولة الحديثة)، والتي تقوم على فكرة الثبات والاستمرارية، كما يدل اسمها في اللغات الأوروبية (state بالإنكليزية، état بالفرنسية، stato بالإيطالية…الخ) وهي كلها مشتقة من كلمة status اللاتينية، التي تفيد معنى الاستتباب والثبات والاندراج في بقاء يطول، مؤسسة تنفكّ عن دورة الحياة «البيولوجية»، إن جازت العبارة، تتجاوزها فلا تتماهى معها ولا تحاكيها.   آية تلك الاستمرارية وإكسيرها «احتكار العنف الشرعي» من قبل الدولة، إن نحن اعتمدنا ذلك التعريف الشهير الذي سكّه الألماني ماكس فيبر وأضحى مرجعيّا. احتكار العنف، بإناطته بتلك المرتبة المتعالية المتمثلة في الدولة، يضمن، أقله نظريا، حياده، أي عدم مصادرته وتوسله من قبل فئة على حساب المجموعة (التحليل الماركسي يدحض ذلك بطبيعة الحال ولا يقره، ولكن ذلك موضوع آخر)، و»شرعيته» تضمن القبول به من قبل الجماعة وارتضاءه، وسيلة لإحلال الأمن والاستقرار. أي أن المقاربة تلك، لا تخرج العنف من المجتمع فعلا أي مزاولةً، إلا كي تعيد إدراجه فيه مبدأً وتقنينا.   والأمر هذا ليس من مكتسبات الحداثة ومن منجزاتها، وإن كانت قد ذهبت فيه شأوا أبعد، بل هو نتاج جهد ضارب في القدم في أوروبا. فمنذ العصر الوسيط، كان الفكر السياسي-اللاهوتي الغربي قد صاغ، على ما بينت دراسة بديعة للمؤرخ الألماني إرنست كانتوروفيتش، مبدأ «جسديْ الملك»، القائم على القول بأن للعاهل جسديْن، واحدا فيزيائيا، خاضعا للدورة البيولوجية، يدركه الفساد والفناء، والثاني اعتباريا، أو سياسيا إن شئنا، وهذا لا يفنى، بل ينتقل، على منوال تناسخ الأرواح ربما، من عاهل إلى الذي يخلفه. وقد أوردت الدراسة المذكورة مثال قضية نظرت فيها إحدى المحاكم، بطلها أحد ملوك بريطانيا، استولى على أرض، فكان لا بد من تبين بأي صفة من صفتيه أقدم على «فعله» ذاك: بوصفه جسدا فيزيائيا (أي لمصلحته الخاصة) أم بوصفه جسدا اعتباريا (ما قد يفترض دوافع تتعلق بالمصلحة العامة). هذا ناهيك عن التجمعات السكانية التي قامت، منذ العصر الوسيط، على هامش العالم الإقطاعي، وتمكنت تدريجيا، حتى أفضت إلى ظهور البورجوازية، كان عليها أن تتصدى لمسألة العنف وتقنينه، تفاوضا وبلورة قانونية، إن في علاقاتها بين أفرادها داخلها أو في علاقتها مع السادة الإقطاعيين، وذلك كان أيضا شأن المدن-الدول التي قامت، خصوصا في إيطاليا، لا سيما تلك التي اعتمدت منها نظاما جمهوريا.   أما الفضاء العربي-الإسلامي، فقد كان له تاريخ آخر مع العنف العام. فهو مع اعتماده والغلو في ذلك، أداة لتأسيس الممالك والذود عنها، خصوصا منذ أن أضحى «الملك عضوضا»، أخفق في حل مشكلته، بحيث يمكن القول إن الدولة لم تتمكن أبدا من «احتكار العنف الشرعي» ومن امتلاكه. صحيح أن العنف وامتلاك ناصيته، مؤسس للدول، عصبية صاعدة، إن أخذنا بالأنموذج الخلدوني، ولكن العنف ذاك هو عنف ما قبل الدولة، لا يلبث قيام هذه الأخيرة واستواؤها أن يفضي، حسب الأنموذج إياه، إلى فقدانه، كأنما العنف النقيض الناجز للدولة مع أنه أداة اجتراحها، وهو لذلك يبقى، بمعنى من المعاني خارجا عنها، ليس صلاحية من صلاحياتها، ناهيك عن أن يكون صلاحيتها الحصرية، بحيث كثيرا ما يصار إلى ممارسته بواسطة التفويض، إما إلى قبائل حليفة، يناط بها أمر استحصال الضرائب والجبايات أو مجابهة المناوئين، أو إلى مجموعات عرقية طرفية، من سكان الجبال النائية القصية غالبا، أي من خارج النصاب الاجتماعي القائم، يتم استقدامهم مقاتلين، ومعلوم الدور القتالي الذي تولاه الأتراك (منذ العصر العباسي) والغز والأكراد والشركس والألبان الأرناؤوط في ما بعد، أولئك الذين أشار المؤرخ الفرنسي فرنان بروديل ذات مرة إلى دورهم العسكري البارز في العهد العثماني، وهم الذين تأتت منهم أسرة محمد علي في مصر وأسرة البايات الحسينيين في تونس. المشكلة أن القبائل ولاؤها ملتبس أو مشروط، ودورها العسكري ارتزاقي أو في عداده، هذا إن لم تتقوّ شوكتها فتطمح إلى الملك، في حين أن مقاتلي الأعراق، وإن اكتسبوا جاذبيتهم من وقوعهم خارج ولاءات وعصبيات ما قبل الدولة المحلية، إلا أنهم كثيرا ما يستولون على الحكم لحسابهم، على ما يدل قيام السلطنات المملوكية، التي حكمت العالم العربي الإسلامي خلال الفترة الأطول من تاريخه. وفي الحالتين، بقي العنف العام برانيا، غير شرعي، لا تضبطه ضوابط قانونية، حتى عندما تتمكن السلطة، سلطة الأمر الواقع، من احتكاره. فلم تظهر أولى المحاولات لإقامة جيوش نظامية، أجهزة تدين بالولاء للدولة، إلا في عهد محمد علي في مصر، في أواخر القرن الثامن عشر، وفي عهد المشير أحمد باشا باي في تونس، في الثلث الأول من القرن التاسع عشر، وقد فشلت المحاولتان.   مشكلة العنف الشرعي تلك، ورثتها السلطات «الحديثة» في المنطقة برمتها وبحذافيرها… فهذه أيضا سلطات أمر واقع، تزاول عنفا برانيا، أي تتولاه، بـ»تفويض» ليس معلوما مأتاه، قوة من خارج النصاب القائم، هي المؤسسة العسكرية في الغالب، وهذه كثيرا ما تتماهى مع أقليات، عرقية أو مذهبية، من سكان الجبال ممن أقبلوا على الانخراط في الجيش، وسيلة لكسب العيش ثم للاستحواذ على الحكم، وفق أنموذج مملوكي راسخ معلوم. فهي إذن مؤسسة عسكرية لا تدين بالولاء للدولة، بل تجعل هذه الأخيرة تدين لها بالولاء. وهي كذلك سلطات لا تتوانى عن استنهاض القبيلة، تفوض لها شيئا من صلاحيات «الدولة»، عندما ترى ذلك مناسبا على ما فعل صدام حسين مع العشائر و»والنشامى» وعلى ما يفعل الاحتلال الأميركي في العراق إياه.   لكل ذلك، فإن السلطات تلك تؤسس للحروب الأهلية وتبتثعها. فهي عندما تخفق في احتكار العنف، أو عندما تحتكره على نحو غير شرعي، إنما تشرع الباب واسعا أمام «خصخصة» العنف، عنف الطوائف والفئات والإثنيات التي لا تتعرف على نفسها في الدول القائمة.   … وهذا أيضا من عوامل الاستعصاء الديموقراطي في مناطقنا.   (*) كاتب تونسي   (المصدر: ملحق « تيارات » بصحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 2 مارس 2008)


كشف الحجاب بعدسة العلوم الاجتماعية عما خفي من أثار الاستعمار اللّغوي الثقافي وغاب

 
بقلم: د.محمود الذوادي  (*)   أولا: دراسات ما بعد الفترة الإستعمارية:   نشأ منذ فترة حقل جديد في الدراسات الأكاديمية يدعى بالدراسات لما بعد الفترة الإستعماريةpost-colonial studies  بالنسبة لمعظم مجتمعات العالم الثالث. فهي دراسات تهتم، من جهة، بالمعالم الجديدة التي عرفتها وتعرفها المجتمعات المستقلة، ومن جهة ثانية، يركز هذا الميدان الجديد من الدراسات على مخلفات الحقبة الإستعمارية في تلك المجتمعات الجديدة العهد بالإستقلال.    إذ أنه يصعب تصور التحرر من كل الآثار الإستعمارية بمجرد نيل الشعوب استقلالها. ويبرز هذا الأمر خاصة في مدى استمرار حضور معالم الإستعمار اللغوي الثقافي بدرجات مختلفة في المجتمعات النامية.   ثانيا: حال اللغة العربية بتونس بعد الإستقلال:   نلقي الضوء على علاقة التونسيين ومجتمعهم باللغة العربية (اللغة الوطنية) منذ حصول تونس على استقلالها من فرنسا في عام 1956. ولوصف معالم استمرار الإستعمار اللغوي الفرنسي في المجتمع التونسي بعد أكثر من نصف قرن من الإستقلال نتبنى المنهجية التالية:   1) نقوم بجرد مواقف التونسيين اليوم كأفراد ونخب سياسية وثقافية وجماعات ومؤسسات وطبقات إجتماعية من اللغة العربية/ لغتهم الوطنية.   2) نحلل انعكاسات تلك المواقف على شخصية ا لتونسيين وثقا فة مجتمعهم.   يوجد اليوم بين أغلبية التونسيين موقف جماعي عام ينادي ويرحب بالتفتح على لغة وثقافة الآخر الغربي على الخصوص. ويحتل التفتح على لغة فرنسا وثقافتها الصدارة. وتفيد الملاحظات الميدانية لعلاقة التونسيين – بعد أكثر من خمسة عقود من الإستقلال – باللغة العربية بأن هذه الأخيرة ليست لها المكانة الأولى لا في قلوب ولا في عقول ولا في استعمالات الأغلبية الساحقة منهم. يرى علم النفس الإجتماعي أن مثل هذا الموقف الجماعي من اللغة الوطنية ليس بالموقف الطبيعي في الظروف العادية بين المجتمع ولغته. فمن المؤكد أن علاقة التونسيين باللغة العربية كانت علاقة طبيعية وحميمية قبل مجيء الإستعمار الفرنسي عام 1881. ومن ثم، فعلاقة الناس ومجتمعاتهم بلغاتهم ولغات الآخرين ليست بالأمر الثابت والمستقر بل هي تتأثر بعوامل خارجية وداخلية في المجتمعات البشرية. وهكذا يجوز القول وبكل مشروعية بأن الموقف غير العادي المشوب بالسلبية لأغلبية التونسيين اليوم من اللغة العربية هو وليد للإحتلال الفرنسي الذي بذل جهودا كبيرة في نشر لغته في المجتمع التونسي المستعمر لإحلالها محل اللغة العربية قدر المستطاع. إن علاقة الغالب بالمغلوب ساعدت على غرس حالة الإغتراب بين التونسيين ولغتهم الوطنية، من جهة، وبث موقف التحقير للغة العربية والشعور بمركب النقص بينهم إزاء استعمال اللغة العربية أو الدفاع عنها، من جهة ثانية.   إن حالة الإغتراب هذه التي نشرها المستعمر الفرنسي بين التونسيين ولغتهم الوطنية وجدت ظروفا داخلية مناسبة ساعدت على بقائها لأكثر من نصف قرن بعد استقلال تونس. تتمثل هذه الظروف في المقام الأول في موقف السلطة السياسية لفترة الإستقلال من الإرث اللغوي الثقافي الإستعماري الفرنسي. هناك مؤشرات عديدة تفيد أن القيادة السياسية البورقيبية للعقود الثلاثة الأولى من الإستقلال كانت ترحب باستمرار بقاء ذلك الإرث الإستعماري في المجتمع التونسي، أي أن تلك القيادة لا تكاد تعتبر ذلك الإرث اللغوي الثقافي الفرنسي معلما من معالم الإستعمار. وبعبارة أخرى، فقد نادت القيادة البورقيبية بالتحرر من الإحتلال الفرنسي السياسي والعسكري والفلاحي، فتحصلت تونس على ذلك، لكن هذه القيادة لم يعرف عنها أنها دعت أو كانت متحمسة للتحرر من الإستعمار اللغوي الثقافي الفرنسي. ومن ثم، يجد المحلل لخطاب التونسيين في عهد الإستقلال غيابا كاملا لمفردات الإستقلال أو الجلاء اللغوي الثقافي. والناس، كما يقال، على دين ملوكهم، فإن النخب السياسية والثقافية والمتعلمة والطبقات الإجتماعية العليا والمتوسطة على الخصوص في عهد الإستقلال تبنت هي الأخرى موقفا جماعيا لا ينظر إلى الإرث اللغوي الثقافي الفرنسي على أنه، في حقيقة الأمر، ضرب من الإستعمار. وباستمرار هذا الموقف الجماعي بين معظم التونسيين إلى يومنا هذا، تفهم وتفسر أسباب استمرار حالة الإغتراب بين التونسيين واللغة العربية التي عمل ونجح المستعمر الفرنسي في غرسها في شخصية التونسيين وفي مؤسسات مجتمعهم، وبالتالي فلا غرابة ، كما ذكرنا، أن لا تحتل اللغة العربية المكانة الأولى في قلوب وعقول واستعمالات التونسيين بعد أكثر من خمسة عقود من الاستقلال.   ثالثا: معالم الإغتراب بين التونسيين واللغة العربية :   نقيس حالة اغتراب التونسيين مع اللغة العربية بالمؤشرات التالية:   1-غياب شعور عفوي قوي ومتحمس اليوم لصالح استعمال اللغة العربية لدى أغلبية التونسيين.   2- غياب اعتراض معظم التونسيين على كتابة شيكاتهم باللغة العربية، من ناحية، وتعجبهم وسخريتهم ممن يكتبونها باللغة العربية، من ناحية أخرى.   3- لا يخجل بعض التونسيين من تأبين موتاهم باللغة الفرنسية.   4- لا يكاد يشد انتباه أغلبية التونسيين غياب اللغة العربية في كتابة اللافتات في المغازات وغيرها من الفضاءات العامة « إنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور ». ومن ثم لا يكاد يحتج أحد على ذلك ويطالب بكتابة اللافتات باللغة الوطنية. تفيد الملاحظة الميدانية أن الأغلبية الساحقة من ملايين التونسيين تلوذ بالصمت إزاء الدفاع عن لغتها الوطنية وجعل حضورها واجبا في كتابة اللافتات.   5- غياب علاقة ودية وحميمية بين معظم التونسيين ولغتهم العربية، أي أنه لا يوجد عند أغلبية التونسيين ما نسميه بالتعريب النفسي الذي يمنح اللغة العربية المكانة الأولى في قلوب وعقول واستعمالات التونسيين. إن غياب التعريب النفسي هو السبب الرئيسي لضمور التعريب الكتابي والكلامي بين أغلبية التونسيين اليوم.   6- إن الملاحظ لسلوكات التونسيين اللغوية على مستوى الكتابة والحديث يكتشف وكأن اللغة العربية ليست لغة وطنية عندهم كما ينادي بذلك دستور بلادهم.   7- من المعروف جدا أن اللغة العربية ليس لها حضور أو هي لغة ثانية أو ثالثة في عدد كبير من اجتماعات التونسيين المهنية أو في الندوات العلمية التي تنظم بين  لتونسيين فقط بالمجتمع التونسي.   8- تفيد الملاحظة الميدانية للسلوك اللغوي بالمجتمع التونسي أن التونسيات أكثر انجذابا من الرجال لاستعمال اللغة الفرنسية. وبالتالي فإنه ينتظر أن يكون تعاطفهن  المتحمس لاستعمال اللغة الوطنية ضعيفا. وبغياب مثل ذلك التعاطف مع اللغة الأم (اللغة العربية) عند أغلبية الأمهات التونسيات تتضرر، في منظور العلوم الإجتماعية، علاقة أطفالهن وبالتالي علاقة الأجيال الصاعدة باللغة العربية، لغتهم الوطنية.   9 – نتيجة لمعظم تلك المؤشرات يلاحظ الباحث وكأ نه كتب على أغلبية التونسيين فقدان الشعور بالراحة النفسية شبه التامة كامل حيا تهم عند استعمالهم للغتهم الوطنية/اللغة العربية.   10- تؤكد كل المؤشرات السابقة على علاقة التونسيين باللغة العربية وجود موقف جماعي تحقيري لديهم إزاء لغتهم الوطنية. يعتبر علم النفس الإجتماعي أن مثل ذلك الموقف هو بوابة واسعة لبث وغرس جذور ومعالم أمراض مركبات النقص عندهم.   11-إن دراسات العلوم الإجتماعية تجمع أن هناك علاقة وثيقة بين اللغة والهوية الجماعية للشعوب. ومن ثم، فالإختلال في هاته العلاقة بين التونسيين واللغة العربية – كما تصفه المؤشرات هنا – هو مصدر أساسي لخلق شخصية أو هوية تونسية مضطربة ومرتبكة.   رابعا: قراءة المؤشرات بعدسة العلوم الإجتماعية:   يرى فريق من علماء الأنثروبولوجيا والإجتماع أن ثقافة المجتمع (لغته، عاداته، قيمه، تقاليده الدينية، الخ…) تؤثر تأثيرا كبيرا في تشكيل المعالم المميزة للشخصية القاعدية La Personnalité de Base لأفراد ذلك المجتمع. تساعد هذه الرؤية العلمية، مثلا، على تفسير اختلاف نماذج الشخصيات القاعدية لمجتمعات متجاورة جغرافيا.   مما لاشك فيه أن السلوكات اللغوية التونسية الواردة في المؤشرات السالفة الذكر هي معلم بارز من معالم ثقافة المجتمع التونسي المعاصر. وهذا يعني أن الإرث اللغوي الثقافي الإستعماري لا يزال يمثل واقعا رئيسيا متجذرا في ثقافة الحياة اليومية للتونسيين وذلك بعد أكثر من نصف قرن من الإستقلال. وبعبارة أخرى، فإن ذلك الإرث اللغوي الثقافي الإستعماري الفرنسي أصبح عنصرا أساسيا في تشكيل الشخصية القاعدية التونسية لعهد الإستقلال، وذلك بسبب العلاقة الوثيقة بين الثقافي (اللغوي) والنفسي المشار إليها في مقولة علماء الأنثروبولوجيا والإجتماع المعاصرين بخصوص تأثير العوامل الثقافية في بناء الشخصيات القاعدية للمجتمعات. ومن ثم، فاستمرار الإرث اللغوي الثقافي الإستعماري القوي يمثل أرضية صلبة لوجود واستمرار الحضور الواقعي الملموس لمعالم الإستعمار النفسي الخفي الذي لا تدركه أو لا تود الاعتراف بوجوده أغلبية التونسيين وذلك لسببين على الأقل: (1) أن هذا النوع من الإستعمار أصبح جزءا مكينا من التركيبة النفسية لشخصية الأفراد. ومن ثم، لا يكاد هذا الوضع النفسي يسمح لهم بالنظر إليه عن بعد وبالتالي بكثير من الموضوعية. (2) أن الإعتراف به عند القلة القليلة أمر مؤلم لمن يعايشه، إذ هو يحدث إحراجات وتوترات وصراعات وانفصامات في شخصية الأفراد بسبب إزاحة الستار عن الوجه الآخر للطبيعة الحقيقية للإستعمار اللغوي الثقافي/النفسي. يساعد هذان العاملان على فهم وتفسير أسباب استمرار صمت أغلبية التونسيين حتى على مجرد طرح موضوع الإستقلال/التحرر اللغوي الثقافي. بينما نادوا وتحصلوا على الجلاءات الثلاثة: العسكري والسياسي والفلاحي. إن تحليلنا في هذا المقال، وخاصة الجزء الأخير منه، يعين على إدراك أسباب تبني التونسيين لسياسة المكيالين في مشروع الإستقلال والتحرر من الإستعمار الفرنسي برؤوسه الأربعة، إنها سياسة تبقي حتما استقلال المجتمع التونسي منقوصا وذلك في أعز جوانب استقلال وتحرر الشعوب ألا وهو التحرر/الإستقلال اللغوي الثقافي.   (*) عالم اجتماع  mthawad@yahoo.ca   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 2 مارس 2008)

 


في شهادة تاريخية نادرة: أحد أبرز المحـامين في عهد بورقيبة يكشف أسرار المحاكمات السيــاسية والنقـابية

* تونس ـ الشروق : قدّم الأستاذ البشير خنتوش على منبر مؤسّسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات شهادة تاريخية هامة جدا متعلّقة بسير قطاعي القضاة والمحامين خلال فترة حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، باعتباره كان أحد أبرز المحامين الذين ترافعوا في أكبر القضايا السياسية والنقابية والحقوقية التي عرفتها البلاد خاصة في سبعينيات وثمانينات القرن الماضي، وقال المتحدث في هذا الصدد أن نضاله ذلك كلّفه العديد من المضايقات والصعوبات «كنت دستوريا مطرودا من الحزب بقرار من بورقيبة وتم اختطافي خلال مؤتمر المنستير سنة 1971 والذي أعتبره مؤتمر الغموض وليس الوضوح وكان في محفظتي ملف عن قضية جنائية كما تم تهديدي بالقتل في مناسبتين!».   * متابعة: خالد الحدّاد   وتحدث خنتوش عن رفضه سنة 1985 أن يقبل التنصيب على رأس عمادة المحامين خلفا للعميد منصور الشفي عندما تم اقصاؤه من مهامه كنتيجة للاضراب الذي تمّ سنة 1985 من جمعية القضاة، وهو الاضراب الذي كان ناجحا بنسبة تصل الى 99 بحسب رأي المتحدّث وعلى الرغم من أن السلطة حينها تقول إنّه اضراب فاشل، وقال خنتوش لقد تحرّك المحامون لدعم القضاة وقدّم الشفي تصريحا لمجلّة «المجلة» قال فيه «عندما يكون الحديث عن المسائل النقابية والسياسية لا يمكن الحديث عن استقلالية القضاة» كما مكّنت هيئة المحامين المكتبة الخاصة بالمحامين لنشاط جمعية القضاة بعد اغلاق مقرّها، كما صدرت أحكام بالعزل من القضاء لقاضيين وتسليط عقوبات بالايقاف عن العمل لفترات متفاوتة لعدد آخر. وقال خنتوش إنه تم اتخاذ قرار بإقصاء منصور الشفي بعد ابلاغ بورقيبة بفحوى التصريح الصحفي لمجلّة «المجلة» واعتبر المتحدّث ذلك القرار غير شرعي وأنه تم اقتراحه من قبل وزير العدل آنذاك محمد صالح العياري لخلافة الشفي وتم الاتصال به من رئاسة الجمهورية لكي يكون «عميدا منصّبا» لكنه رفض ذلك مطلقا وتمّت مطالبة الشفي بالتراجع عن تصريحه الصحفي.   * بن علي وأضاف  المتحدث: «للتاريخ تدخل وزير الداخلية آنذاك زين العابدين بن علي وأقنع بورقيبة بضرورة التخلي عن تلك القرارات ومن بينها عزل العميد الشفي وانتهى الأمر…». كما ذكر خنتوش أنه «باقتراح من الوزير الأول رشيد صفر كلّمني محمود المسعدي رئيس مجلس النواب وكنتُ آنذاك نائبه وقال لي أتّخذ قرار أن تكون رئيس لجنة البحث والتحقيق في قضية محمد مزالي بأمر من رئيس الدولة» وقال خنتوش «رفضت ذلك رفضا مُطلقا!». كيف أنا في مجلس النواب أي في سلطة تشريعية وأنا محام ولست كذلك في سلطة تنفيذية، كنتُ حينها عضوا في الديوان السياسي وعبّرت عن موقفي بكل صراحة فغضب صفر وقال الرئيس قرّر. فقلت له: «أنت تفرض عليّ هذا يا سي رشيد… طيّب سأبدأ بك أنت، فأنت وزير الاقتصاد وهناك عديد الأمور غير واضحة في هذا المجال!! ويستدرك المتحدث من باب الامانة تدخّل وزير الداخلية زين العابدين مرّة أخرى وكلّم الرئيس بورقيبة وأقنعه بالتراجع عن القرار تأكيدا لاستقلالية القضاء وهيبة المحاماة، كما تدخل بن علي مرّة ثالثة لما تم حشر اسمي في ملف سياسي آخر (الاسلاميين) وتعييني عضوا في لجنة تحقيق رفضت لنفس السبب وتدخل بن علي وانتهى الموضوع عند هذا الحد.   * مرّة أخرى ويُواصل المتحدث ذاكرا التدخلات التي قام بها وزير الداخلية آنذاك مناصرة للقضاء والمحامين، إذ وفي غضون المحاكمة التي تعرّض لها المحامي جمال الدين بيدة عضو الهيئة الوطنية للمحامين عندما وقعت مشادة بيني وبين رئيس المحكمة في قضية نفقة رفع على اثرها رئيس المحكمة تقريرا ضد بيدة في المسّ بهيبة القضاء فحُكم عليه بـ 6 أشهر سجنا مع النفاذ العاجل، يقول خنتوش «تدخّلنا لدى وزير الداخلية الذي كان يلتقي الرئيس صباح كل يوم وتم انهاء المشكلة وخرج بيدة من السجن!». وواصل خنتوش حديثه عن بن علي في اطار المواقف السياسية البارزة قائلا «كنتُ في جلسة مع بن علي فقلت له «سي أحمد بن صالح مظلوم، فقال لي: نعم هو مظلوم… وهو أستاذي!». ويقول خنتوش انه بعد 3 أيام من تغيير 7 نوفمبر 1987 (أي يوم 10 نوفمبر) اتصلت بالسيد الرئيس وقلتُ له: هل مازلت على العهد بخصوص بن صالح، فقال: نعم مازلت على العهد بخصوص بن صالح…» وفعلا تم الاتصال به والعفو عنه وعاد الى البلاد.   * (يتبع)   * بورقيبة احترم كل الاجراءات القانونية عند طلاقه من وسيلة وما ذكره بلخوجة ومزالي عارٍ من الصحة!: عندما قال بورقيبة: «أكبر المعارضين موجود في فراشي»!   في إطار الحلقة الثانية من سيمينار الذاكرة الوطنية الخاص بالشهادة التاريخية للاستاذ البشير خنتوش تم الكشف عن حقائق مهمة بخصوص ملف طلاق الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة من وسيلة بن عمّار، حقائق اوضحت التزام المعني باحترام كل الاجراءات القانونية عند طلب الطلاق. وبدأ الاستاذ خنتوش، شهادته بالقول: «من العيب المساس بسمعة بورقيبة في خصوص قضية خاصة وشخصية..». وأضاف: «ما قاله الطاهر بلخوجة من ان طلاق بورقيبة تم بمجرد بلاغ من رئاسة الجمهورية وما ذكره محمد مزالي من ان بورقيبة طلّق وسيلة حينما كانت بأمريكا، عار من الصحة، وأشار في هذا الصدد قائلا: «من يهون عليه تزييف ما نعرفه من الأحداث والوقائع يهون عليه تزييف ما لا نعرفه!». وأفاد الخنتوش انه هو المحامي الذي كلّفه الرئيس بورقيبة بتقديم قضية الطلاق من وسيلة وقال انها القضية رقم 18870 وان أول جلسة كانت يوم 16 جويلية 1986 وان صدور الحكم تم يوم 11 أوت 1986 . وأضاف: «الشاهد التاريخي» ان منصور السخيري وسعيدة ساسي اتصلا به وطلبا منهم تقديم قضية طلاق الرئيس بورقيبة من وسيلة وأكدا له ان هذه هي رغبة بورقيبة وانه يرغب فيه شخصيا لكي يأخذ هذا الملف. وقال الخنتوش: «قلتُ لهم لا أقبل قضية بهذا الشكل وارفض هذه الطريقة في «طلب الطلاق بالوكالة» لأنها ليست قانونية… ورغم محاولتهما معي لأكثر من سنة لاقناعي فقد تمسّكت بموقفي!!». ولما اعلم السخيري وسعيدة بورقيبة بالأمر استدعاني وقال عند بداية اللقاء: «تريد رؤية حريفك… أليس كذلك!». وشاطرني الرأي، وقال لي: «قُم بالاجراءات التي يقول بها القانون… فقلت له: اي نوع من الطلاق تريد… للضرر أو إنشاء!؟» فقال: «لا للضرر ولا حاجة لي بدفع الغرامة… ثم انا متضرر فهناك تصريحات ضدّي من وسيلة في مجلة «جون افريك» وهناك استعمال لصلاحياتها ووضعيتها كزوجة للرئيس للإثراء!». وأضاف خنتوش ان هناك قائمة في اقرباء وسيلة الذين أثروا بصفة غير شرعية كما ان هناك تسجيلات «تنتقد» فيها وسيلة بورقيبة وتمسّه في عديد الحالات!! وقال خنتوش  ان مما قاله بورقيبة انه فتح ذات يوم احدى خزائن وسيلة المخصصة للاحذية فوجد عددا كبيرا منها ومن ارقى الاصناف والنوعية فقال لها: «هل فتحت لي معملا؟!». وأفاد خنتوش ان بورقيبة قد تفطّن الى تسجيل لوسيلة لا يليق حتى بالعلاقة الزوجية، وأضاف انه سأل بورقيبة: تقوم بالتسجيل! فقال: «نعم يفعلون ذلك… هذا أمر غير مستغرب! «ويجيك عجب!» وأكد المحامي خنتوش ان الأسباب الموضوعية للطلاق كانت موجودة وتم ضبط كل ذلك في عريضة الدعوة المقدمة للمحكمة. وانتهى خنتوش الى انه سأل بورقيبة، عمّا اذا كان احبّ وسيلة فأجاب بعد ان سكت لفترة: «فعلا لقد احببتها!» واضاف خنتوش ان وسيلة كانت تقول انها احبّت في بورقيبة «الزعيم» فقط!.   * تأكيدا لنظافة يديه، قال بورقيبة عام 198: سأكرّس بقية حياتي لمقاومة الفساد   نوّه المحامي بشير خنتوش بنظافة يد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة وقال انه لا اختلاف في ذلك الأمر. وقال خنتوش ان العديدين قاوموا وكافحوا من اجل مقاومة الفساد في فترة الحكم البورقيبي وقال: «من العيب ومن غير الوطنية ان تأتي فئات معيّنة لتستغل مواقعها بشكل سافر وعلى حساب البيئة الوطنية التي تربينا فيها!». وأشار المتحدث الى ان الرئيس بورقيبة لم تكن له املاك ولا عقارات ولا ارصدة مالية وانه خطب يوم 21 أكتوبر 1985 في اجتماع حزبي وقال: «سأقضّي بقية حياتي لمقاومة الفساد…». وعدّد المتحدث بعض قضايا الفساد التي فُتحت بشأنها ملفات عدلية وقال: «المليارات ذهبت سدى ومن أموال المجموعة الوطنية، قروض لا تحصى ولا تعدّ دون ضمانات والبعض تسلم أموالا من البنوك بالمليارات دون حتى تقديم مطلب قرض على أساس انه قريب لوسيلة، وأبرز تلك القضايا المتعلقة بشركة «ستيل» وتونس الجوية وقضية UIB  ومن اطرف تلك المظاهر ما تمّ ذكره في قضيّة تونس الجوية من كراء منزل بمعلوم شهري يساوي 12 ألف دينار وخلاص أداء سيارة مسؤول شركة «ستيل» من أموال الشركة! وأكد خنتوش ان كل هذه القضايا كانت موجودة ولم تكن هناك اية مظلمة على الاطلاق لكنه استدرك ليقول ان منصف ثريا كان مظلوما وبريئا من تهم الفساد!» وأفاد المتحدث في شهادته على نظافة يد بورقيبة انه قال قبل وفاته: «زيتوناتي في منزل حرب أعطيوهم لصندوق 26/26!».  (المصدر: جريدة «  الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 2 مارس 2008)

 

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.