TUNISNEWS
8 ème année, N° 29117 du 18.05.2008
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين : من أجل حملة دولية لمنع تسليم توفيق ميزان (أساتذة المدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس :عريضة جامعية :(تحيين لقائمة الممضين قدس برس:جمعية حقوقية في تونس تنتقد سياسة التمييز في معاملة المساجين السياسيين في البلاد حركة النهضة تنعى أحد رجالاتها المؤسسين:الحاج علي الغيلوفي السبيل أونلاين – التقرير الصحفي الأسبوعي الثامن عشر الحياة:وزير الدفاع التونسي في واشنطن يبحث في تطوير التنسيق الأمني رويترز:اختفاء ثلاثة بحارة قبالة سواحل تونس العرب:7000 يهودي «يحجّون» إلى جربة التونسية هذا العام شينخوا:تونس تستقبل وفد من البنك الدولي الوقت : اعترافاً بإبداع المرأة التونسية في مجال الفن السابع : مهرجان كان السينمائي يكرم مفيدة التلاتلي إيلاف: بعد 8 سنوات من الحجز « الإسلاميون والديمقراطية » لسلوى الشرفي يُبصر النور الحوار نت : حوار مع الأستاذ بن عيسى الدمني محمود البلطي : تعقيب على شهادة السيد علي الحيلي في مركز التميمي للذاكرة الوطنية عماد الدائمي وسليم بن حميدان : أيها المُهَجَّرون التونسيون اتحدوا من أجل فرض حق العودة الى البلاد فاضل البلدي:دعوة إلى فك الاشتباك مراقب : عجيب: لقد حيرتنا نخبنا- بين أنس الشابي وعبد المجيد الشرفي مراد رقية:جامعة التجمع بقصرهلال ومعتمديتهامتآمرتان بامتياز علي الحياة الثقافية المحلية انقلاب 17 ماي2008 واعلان ولادة الشعبة الثقافية نموذجا مهاجر تونسي : قالوا و قلنا الصباح : أغرب من الخيال؟! برهان بسيس : الزوال… بين الأوهام والحقيقة د.محمود الذوادي: تأملات في اللغة والثقافة أستعمل اللغة.. إذن فأنا إنسان د. الحبيب الجنحاني : سقطت الأحلام لأن الدولة الوطنية تحولت إلي القمع والاستبداد الشيخ راشد الغنوشي : قضية فلسطين تدفع الأمة دفعا إلى مزيد من الوعي بالإسلام محمد الحداد:الأحلام الكوابيس… وتأسيس الفكر على أنقاض العنف والمثقف على أنقاض الشهيد توفيق المديني : السودان في مواجهة مخطط التفتيت صالح بشير: لا شرعية عندنا إلا تلك الصادرة من سديم الفوضى إسلام أون لاين : ولد منصور متحدثا لإسلام أون لاين : هل ينجح الإسلاميون في اختبار الحكومة الموريتانية؟ منير شفيق:الحرب على العراق إسرائيلية لا نفطية
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم وللصحفي سليم بوخذير وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين
21- الصادق العكاري
22- هشام بنور
23- منير غيث
24- بشير رمضان
25 – فتحي العلج
|
16- وحيد السرايري
17- بوراوي مخلوف
18- وصفي الزغلامي
19- عبدالباسط الصليعي
20- لطفي الداسي
|
11- كمال الغضبان
12- منير الحناشي
13- بشير اللواتي
14- محمد نجيب اللواتي
15- الشاذلي النقاش/.
|
6- منذر البجاوي
7- الياس بن رمضان
8- عبد النبي بن رابح
9- الهادي الغالي
10- حسين الغضبان
|
1- الصادق شورو
2- ابراهيم الدريدي
3- رضا البوكادي
4-نورالدين العرباوي
5- الكريم بعلوش
|
“الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 18 ماي 2008 من أجل حملة دولية لمنع تسليم توفيق ميزان .. مرة أخرى : لا للتعذيب بالوكالة ..!
توشك المهلة ، التي حددتها السلطات الهولندية لبدإ إجراءات تسليم السجين السياسي السابق توفيق ميزان ، على الإنتهاء يوم الثلاثاء 20 ماي 2008 ..علما بأن مصلحة الهجرة والجنسية بوزارة العدل الهولندية رفضت ، بتاريخ: 11 ماي 2006 ، منحه اللجوء السياسي ، بتعلّة أن حصوله على جواز سفر بعد مغادرته السجن يعد ّ دليلا على أنه لم يعد مضطهدا من السلطات التونسية بسبب نشاطه السياسي ، و قد صادقت المحكمة العليا حكما على قرار الوزارة المبني على معلومات غير صحيحة، وأمهلته في مناسبة أولى مدة 28 يوما لمغادرة البلد ، ثم تم تمديد المهلة بعد حملة نجحت في منحه فرصة يخشى أن لا تكون كافية إن لم تتجند جميع الجمعيات المستقلة و كل الضمائر الحرة لإنقاذه مما يتهدده من مصير .. لا يصعب التكهن به..! علما بأن السيد توفيق ميزان ، وهو مواطن تونسي الجنسية من مواليد 27 سبتمبر1971، بولاية « قبلي » ، تقدم بطلب اللجوء السياسي إلى السلطات الهولندية بتاريخ 19 أفريل 2005، مدعما طلبه بوثائق الهوية وحكم قضائي صدر ضده بتاريخ 12 فيفري 1998 تحت عدد 25702 مدته ثلاث سنوات سجنا نافذة وخمس سنوات مراقبة إدارية تبتدئ بعد انقضاء فترة السجن، كما تقدم ببطاقة خروج من السجن تتضمن موجب الإفراج وهو السراح الشرطي بتاريخ 6 نوفمبر 1999، و إذ تؤكد الجمعية على أن ما تعرض له توفيق ميزان من مراقبة إدارية مستمرة واستدعاءات من البوليس السياسي فضلا عن الحرمان من الشغل و من مزاولة الدراسة هو ما دفعه لمغادرة البلاد بوثائق مفتعلة ، فإنها تعتبر حصوله على الحماية حقا لا يجب المساومة فيه أو التنازل عنه . كما تجدد الجمعية الدعوة للسلطات الهولندية لتغليب صوت العقل و الإمتناع عن تسليم توفيق ميزان للبوليس السياسي التونسي ، مذكرة إياها بمقتضيات المادة الثالثة من اتفاقية مناهضة التعذيب و غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ، التي تمنع التسليم » إذا توافرت أسباب حقيقية تدعو للإعتقاد بأن المنويّ تسليمه سيكون في خطر التعرض للتعذيب » و هو ما تؤكده تقارير كل المنظمات و الجمعيات الحقوقية المستقلة . و إذ تضم الجمعية صوتها لكل المطالبين بمنع تسليم السجين السياسي السابق توفيق ميزان ، فإنها تحمل السلطات الهولندية كامل مسؤولياتها عن كل ما قد يصيبه إذا أصرت على تسليمه باعتبارها ، إن فعلت .. شريكة في التعذيب ..! عن الجمعيـــة الهيئــــة المديـــــــــرة
عريضة جامعية حول اعتقالات طلبة مدرسة المهندسين بصفاقس (تحيين لقائمة الممضين)
نحن أساتذة المدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس و على أبواب الامتحانات النهائية وفي ظل محاولات بعضنا لتدارك التأخير في الدروس ببرمجة حصص إضافية فوجئنا بتوقف الدروس في العديد من الأقسام يوم الاثنين 12 ماي 2008 نتيجة لامتناع الطلبة عن متابعتها بعد أن علموا باعتقال عدد من زملائهم من قبل الأجهزة الأمنية، وبعد التحري والمساءلة والتعرف على نوعية الأسئلة الموجهة للبعض ممن اعتقلوا وأطلق سراحهم لاحقا ومع استمرار الاحتفاظ بعدد من الطلبة رهن الاعتقال: 1- نعبر عن عميق استيائنا من استمرار مثل هذه الحملات التي تربك سير الدروس في المؤسسة الجامعية وتعيقنا من أداء دورنا التربوي على الوجه المطلوب 2- ندعو إلى التخلي عن التعامل مع طلبتنا بهذا الأسلوب الأمني الذي يمس من الحريات الشخصية و يخلق جوّا من الرعب والارتباك داخل الحرم الجامعي. 3- نحذر بأن استمرار هذه الوضعية من الإرباك ونحن على أبواب الامتحانات سينعكس سلبا على سير الامتحانات و نزاهتها وسيجعلها عرضة لتأثيرات خارجية عن عناصر التقييم البيداغوجي السليم للطلبة 4- ندعو إلى الإطلاق الفوري لسراح الطلبة الذين لا يزالون قيد الاعتقال ليلتحقوا بمقاعد الدروس وتوفير الظروف النفسية الملائمة لهم ولبقية زملائهم لإجراء الامتحانات النهائية. 5-نطالب الإدارة بالتحقيق فيما راج بأن الاعتقال استهدف عددا من الطلبة الذين شاركوا في ندوة مفتوحة للحوار نظمتها الإدارة و شهدت مشادات كلامية بين أحد الضيوف وعدد من الطلبة الإمضاءات: (أساتذة تعليم عالي، أساتذة محاضرون، أساتذة مساعدون، مساعدون) محمد بن علي كمون عبد الستار الشعري نبيل دربال عبد المجيد ولها صلوحة اللجمي كمال الزواري فؤاد الحلواني عبد القادر كريشان حسن قوبعة مريد المراكشي محي الدين فراتي منصف زائري محمد المصمودي عبد الرزاق والي منصف الشرفي ماهر بن جماعة محمد الجميل محمد شورى منعم القلال محمد منصف السرباحي بسام الزواري فوزي المصمودي منير بكار محمد شطورو حسين فريد العيادي أحمد السلامي عادل السياري يوسف القرقوري قاسم ساعي راضية القرقوري منجي الفقي منير كمون نايلة المصمودي زبير غربال عبد الرزاق اليانقي فخر الدين دمق محمد شعبان محمد الجمل سامي البرجي أنس كمون نبيل الكشو عارف المعالج أحمد المصمودي محمد صالح عبيد عبد الرزاق ذياب زوبير بوعزيز عبد الحق العيادي الطاهر الفخفاخ جلال بوزيد أنيس العموص حافظ الطرابلسي محمد الجلولي شكري الرقيق عبد الناصر القشوري منير الصامت نورالدين الغمقي عبد الستار القرمازي أحمد بن حميدة سمير بوعزيز عبد الرزاق المزغني نادر الهدار شكري يعيش طارق دمق لطفي الحمامي زياد ادريس طاهر مشيشي العيادي منعم جمال بوعزيز الشادلي البرادعي محمد بوعزيز محمد جمال رويس المنجي اللحياني حمادي الغرياني حسن الحاج عبد الله لطفي كريشان محمد العموري محمد بن الطاهر كمون فتحي الغريبي يسرى بن جماعة منصف الشعبوني محمد بن عمر جمال والي
جمعية حقوقية في تونس تنتقد سياسة التمييز في معاملة المساجين السياسيين في البلاد
تونس – خدمة قدس برس اعتبرت جمعية حقوقية متخصصة في تونس، أن السلطات الأمنية هناك، تميز بشكل كبير بين سجناء الرأي والسجناء الجنائيين، مشيرا إلى أن السجناء الجنائيين يحضون بعاملة أفضل بكثير من المعاملة التي يتلقاها سجناء الرأي. وانتقدت « الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين »، ما وصفته بسياسة المكيالين في معاملة السجناء بما يجعل المحكوم بالسجن من أجل جريمة قتل أو اغتصاب أو فساد مالي في وضعية أفضل من سجين الرأي. وذكّرت الجمعية في بيان تلقت « قدس برس » نسخة منه اليوم السبت (17/5) السلطات المعنية بأنها ملزمة بحكم القانون والدستور والمواثيق الدولية بعدم التمييز بين المواطنين على أساس معتقداتهم أو آرائهم السياسية. ويأتي هذا البيان، ردّا على ما أعلن عبر وسائل الإعلام التونسية منذ أيام، من أنّ إدارة الرعاية التابعة لإدارة للسجون ساعدت على توفير الإحاطة الاجتماعية للمساجين والحفاظ على الروابط الأسرية مع عائلاتهم بتوفير الظروف الملائمة لتأمين زيارة العائلات لأبنائها المساجين دون حواجز. وذكرت في هذا الصدد بعض حالات تدخل الإدارة وصلت حد نقل سجين إلى مقر سكنى عائلته التي انقطعت عنه، إضافة إلى نقل عائلات لزيارة أبنائها. غير أنّ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين نبّهت إلى أنّ حق الزيارة المباشرة، المضمون بقانون السجون ظلّ طيلة عشرية التسعينات حكرا على مساجين الحق العام، فيما يتم إخضاع المساجين السياسيين إلى شتى أنواع المضايقات بما يفرض على عائلاتهم التوجه للزيارة ولتسليم الملابس و »قفة الطعام » في مناسبات مختلفة. ونبّهت الجمعية إلى أنّ إدارات السجون عمدت في الأشهر الأخيرة، وخاصة في سجني المرناقية وبرج العامري بضاحية تونس الغربية، إلى مواجهة العائلات بمماطلة جعلت من التراخيص القضائية والإدارية بمثابة ما وصفته بأنّه « عملة غير قابلة للصرف ». وكشفت الجمعية أنّ السجناء الإسلاميين المنتمين لحركة النهضة يصنّفون تمييزيا دون سند قانوني ضمن فئة (الصبغة الخاصة) في حين يصنّف الشبان المشتبه في انتمائهم إلى التيار السلفي ضمن تصنيف خاص، يحرمهم الكثير من حقوقهم كسجناء. وأكّدت الجمعية أن المطلب الرئيسي يبقى إعلان العفو التشريعي العام، وإفراغ السجون من جميع مساجين الرأي والمساجين السياسيين وإلغاء قانون مكافحة الإرهاب الذي تعتبره لا دستوريا. من جهة أخرى أفادت مصادر من وزارة التربية أنّ خمسة سجناء سيمكّنون هذا العام من اجتياز امتحان الباكالوريا (الثانوية العامة) في قاعات مخصصة داخل السجون التي يقيمون فيها. وتؤكّد مصادر حقوقية نقلا عن مساجين سياسيين أنّهم حرموا من مواصلة دراستهم من داخل السجون منذ بداية التسعينات حتى اليوم، فضلا عن حرمانهم من المراجع المدرسية والكتب الفكرية والثقافية. واقتصر الحق في مواصلة الدراسة واجتياز الامتحانات على التلاميذ والطلبة الذين تورطوا في قضايا المخدرات. (المصدر: وكالة قدس برس انترناشيونال بتاريخ 18 ماي 2008)
بسم الله الرحمن الرحيم
حركة النهضة تنعى أحد رجالاتها المؤسسين الحاج علي الغيلوفي
فجعت حركة النهضة بوفاة أحد رجالاتها المؤسسين الاخ علي الغيلوفي عن سن يشارف الثمانين، بعد أن تعرض لضروب من البلاء، فصبر وصابر ووالى العطاء، داعيا الى الله محتسبا لا تلين له قناة، حتى أتاه اليقين ، نسال الله الرحمن الرحيم أن يتقبله في الصالحين وأن يخلفنا وأهله والمسلمين فيه خيرا ، وأن يجمعنا به في الفردوس على سرر متقابلين. « إنا لله وإنا اليه راجعون » راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة ذ3ربيع الثاني1429
الحياة:وزير الدفاع التونسي في واشنطن يبحث في تطوير التنسيق الأمني
تونس الحياة – أجرى وزير الدفاع التونسي كمال مرجان أمس محادثات في واشنطن مع مسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع تركزت على البحث في وسائل تطوير التعاون في مكافحة الإرهاب على الصعيدين الثنائي والإقليمي. ويرأس مرجان الوفد التونسي إلى الاجتماعات السنوية للجنة العسكرية المشتركة التي بدأت أعمالها أول من أمس في العاصمة الأميركية. وأُفيد أن اللجنة ناقشت برامج التعاون العسكري للفترة المقبلة والتي تشمل إجراء مناورات سنوية مشتركة بين قوات من البلدين. وقالت وكالة الأنباء الرسمية التونسية إن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس ومساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ولش وصفا تونس في محادثات منفصلة أجرياها مع مرجان بـ «الشريك الذي يحظى بالصدقية ويتسم بالجدية في المنطقة». وأضافت أن غيتس أكد أن «تونس تستطيع التعويل على مساندة الولايات المتحدة دائماً»، فيما اعتبر ولش أنها «تلعب دوراً بناء في تعزيز السلام والتسامح والانفتاح في المنطقة»، بحسب الوكالة. (المصدر: جريدة الحياة (يومية – لندن) بتاريخ 16 ماي 2008)
أخبار منوعة
تطور الأسعار سجلت الاربعة أشهر الأولى من سنة 2008 انزلاقا في الأسعار بلغ 4،1 بالمائة وتضخم بلغ 8،5 بالمائة في حين كان الانزلاق سنة 2007- 3،5 بالمائة مقابل 1،3 بالمائة سنة 2006 ونسبة التضخم 1،3 بالمائة مقابل 6،4 بالمائة سنة 2006. لقاء علمي حول مرض الزهايمر في إطار سلسلة لقاءاتها العلمية الشهرية تنظم مدينة العلوم بتونس يوم الجمعة 30 ماي على الساعة الرابعة مساء محاضرة حول «مرض الزهايمر» يقدمها الدكتور طارق مبروك طبيب الأعصاب بالمعهد الوطني للأعصاب. ويعتبر الزهايمر – مرض خرف الشيخوخة – من أكثر الامراض شيوعا وإثارة للقلق مع تقدم الإنسان في السن. وهو مرض يصيب الخلايا العصبية في المخ ويؤدي إلى إفسادها وإلى انكماش حجم المخ إذ يفقد مظهره المتجعد كما يصيب الجزء المسؤول عن التفكير والذاكرة واللغة. سهرة فلكية تنظم مدينة العلوم بتونس يوم السبت 31 ماي انطلاقا من الساعة الثامنة والنصف ليلا سهرة فلكية مجانية، ويتضمن البرنامج رصدا لكوكب زحل باستعمال المراقيب الفلكية وعرضا تفسيريا حول هذا الكوكب الذي يصنف ضمن الكواكب الغازية العملاقة وهو سادس كوكب من الشمس وثاني أكبر الكواكب في المجموعة الشمسية بعد المشتري ويتميز بنظامه الحلقي، ويبلغ طول القطر الاستوائي لهذا الكوكب 536.120 كلم ويزن 68.5 تريليون طن ويبلغ متوسط درجة الحرارة على سطحه (150- درجة). تأهيل المؤسسات السياحية في الجوانب البيئية في إطار النهوض بالمحيط البيئي للمنشآت السياحية الذي أصبح اليوم عنصرا أساسيا في مجال التأهيل والرفع من القدرة التنافسية للقطاع السياحي يجري حاليا بالتنسيق مع وزارة البيئة تكثيف الجهود لادماج المؤسسات السياحية في برامج التصرف البيئي سواء بتمكينها من شهادات المطابقة للمواصفات أو العمل على تدعيم العنصر البشري العامل في الفنادق بمتكونين في المجال البيئي حيث يجري الاعداد لبرنامج تكوين لفائدة 200 شاب من حاملي الشهادات العليا لاقحامهم في النزل قصد السهر على الجوانب البيئية. تصدير 123 ألف طن من الزيت حتى آخر أفريل لازالت عمليات تصدير زيت الزيتون متواصلة على نسق حثيث ناهيك أن ميناء صفاقس التجاري تولى في الفترة المتراوحة بين غرة و30 أفريل الماضي تصدير 11481 طنا أغلبها باتجاه إيطاليا واسبانيا أكبر حرفائنا في هذه المادة باعتبار أن كبار التجار الذين يتحكمون في الاسواق العالمية ينتمون إلى هذين البلدين وبهذه الكيفية تكون صادراتنا قد بلغت 123 ألف طن من الزيت على المستوى الوطني إلى حد يوم 30 أفريل الماضي منها 110 آلاف طن من صفاقس وحدها باعتبارها قطبا فلاحيا كبيرا في مجال الزيتون ونظرا لاستقبالها كميات هامة من الصابة من كل ارجاء الجمهورية وخاصة من الوسط والساحل. و للإشارة فإن عددا من أصحاب المعاصر يحتفظون بكميات محترمة من الزيت لتصريفها في الوقت المناسب إما للتصدير أو للاستهلاك الداخلي حيث يباع الكيلوغرام الواحد من الزيت الصالح للاستهلاك العائلي بخمسة دنانير تقريبا. (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 18 ماي 2008)
اختفاء ثلاثة بحارة قبالة سواحل تونس
تونس (رويترز) – أعلن يوم الاحد عن اختفاء ثلاثة بحارة تونسيين قبالة صفاقس الواقعة جنوبي العاصمة بعد غرق مركبهم الصغير نتيجة هبوب رياح قوية. ونقلت صحيفة الشروق اليومية عن مصادر أمنية القول ان البحارة الثلاثة فقدوا اثناء رحلة صيد بحرية بعد غرق مركبهم المتهالك نتيجة سوء الاحوال الجوية بينما نجا من الغرق بحاران على نفس المركب. واضافت الصحيفة ان الناجيين الاثنين تشبثا بجوانب المركب المتحطم وبعض الاجسام الطافية على سطح البحر. وقامت وحدات خفر السواحل بعمليات بحث عن المفقودين الثلاثة وهم مهذب ذياب ومنجي ذياب وعلي العيساوي منذ يوم السبت لكنها لم تعثر حتى الآن عن اي منهم. ( المصدر وكالة رويتزللأنباء بتاريخ 18 ماي 2008 )
7000 يهودي «يحجّون» إلى جربة التونسية هذا العام
تونس – محمد الحمروني أعلن بيريز الطرابلسي رئيس الطائفة اليهودية في جزيرة «جربة» التونسية أن موعد الحج إلى الكنيس اليهودي بالغريبة سيكون يومي 22 و23 مايو الجاري هذه السنة. وشدد بيريز على أن عدد الحجيج الإسرائيليين سيبلغ هذا العام نحو 1500، إلى جانب آلاف اليهود الآخرين الذين سيأتون من مختلف أنحاء العالم. وينتظر أن تستقبل «جربة» نحو 7 آلاف يهودي من كل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسرائيل، بزيادة تقدر بـ %40 عن السنة الماضية. وأعرب رئيس الطائفة اليهودية عن أسفه لغياب «ربط جوي مباشر بين «جربة» وإسرائيل». وأضاف: «لو كان هناك ربط جوي مباشر لارتفع عدد الحجاج الإسرائيليين إلى 20 ألفا في السنة» لأن اليهود الإسرائيليين مجبرون على السفر لتونس عبر دول أوروبية كما قال. ورفضت تونس إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل رغم وجود مكتب للمثلية الإسرائيلية في تونس. كما رفضت دعوة وزير الخارجية الإسرائيلي السابق سيلفان شالوم لإقامة علاقات دبلوماسية وهي الدعوة التي أطلقها خلال مشاركته سنة 2005 في القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي نظمتها الأمم المتحدة في تونس. ويعتبر اليهود كنيس الغريبة أقدم معبد لهم خارج القدس. ويعيش في تونس أكثر من ألفي يهودي في سلام تام مع جيرانهم المسلمين، ويقيم غالبيتهم في جزيرة «جربة» فيما ظلت أعداد منهم في العاصمة وتقيم بالأحياء التي عرفت تقليديا بأنها يهودية مثل «لافيات» و «حلق الواد»، وكان أعدادهم قبل الاستقلال تقدر بعشرات الآلاف هاجر معظمهم إلى فرنسا. ويتوفر اليهود على مدارس خاصة بهم في «جربة» حيث يعلمون أطفالهم تعاليم الدين اليهودي. وتتخذ السلطات التونسية احتياطات أمنية مشددة للغاية منذ الهجوم الذي استهدف الكنيس سنة 2002 وأسفر عن مقتل 21 سائحا أغلبهم من الألمان وأعلن تنظيم القاعدة حينها عن تبنيه للهجوم. (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 18 ماي 2008)
تونس: استعدادات لاستقبال 1500 حاج إسرائيلي
تونس – صالح عطية : قال رئيس الطائفة اليهودية في تونس، بيريز الطرابلسي، ان آلاف اليهود من مختلف أنحاء العالم بينهم 1500 إسرائيلي، « سيحجون يومي 22 و23 مايو الجاري، إلى جزيرة جربة (جنوب شرقي العاصمة التونسية)، لأداء شعائر الحج اليهودي التي تقام سنويا بكنيس الغريبة اليهودي.. وعلمت « الشرق »، أن الطائفة اليهودية، استكملت جميع الاستعدادات من أجل استقبال أكثر من ستة آلاف حاج يهودي، سيحطون رحالهم من بلدان أوروبية مختلفة، بينها فرنسا وإيطاليا وألمانيا، إلى جانب إسرائيل بالأساس.. وأفادت معلومات دقيقة، أن عدد « الحجاج » اليهود إلى جربة، سيسجل هذا العام زيادة تقدّر بنحو 500 يهودي، فيما كان العدد الموسم المنقضي لا يتجاوز الألف شخص.. وتشكو الطائفة اليهودية في تونس، من غياب الربط الجوي المباشر بين جربة وإسرائيل، الذي يعود إلى عدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين، حيث يضطر اليهود والإسرائيليون إلى السفر باتجاه تونس عبر مطارات أوروبية.. وكانت تونس قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل منذ عدة سنوات على خلفية المجزرة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي، آرييل شارون في فلسطين، التي أدت إلى اتخاذ قرار عربي بالقطيعة الدبلوماسية مع إسرائيل.. وعلى الرغم من المطالب الكثيرة التي تقدمت بها تل أبيب لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، لم تستجب الحكومة التونسية إلى ذلك… الجدير بالذكر، أن شعائر الحج إلى كنيس الغريبة، يجري سنويا في ظل إجراءات أمنية مشددة للغاية، سينا منذ وقوع هجوم على المعبد اليهودي في أبريل من عام 2002 أودى بحياة 21 قتيلا بينهم 16 سائحا ألمانيا، وهو الهجوم الذي تبناه تنظيم القاعدة لاحقا.
(المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 18 ماي 2008 )
تونس تستقبل وفد من البنك الدولي
تونس : اجتمع وزير المالية التونسي محمد رشيد كشيش مع وفد زائر من البنك الدولي برئاسة المدير التنفيذي للبنك جينو الزتا . وافادت مصادر تونسية بان الوفد ابدى استعداد البنك لتكثيف التعاون مع تونس وتنويع مجالاته وايجاد الاليات الضرورية لدفع نسق النمو وتقليص انعكاسات المتغيرات العالمية على التوازنات الكبرى للاقتصاد التونسي .. فيما اكد الوزير التونسي حرص بلاده على متابعة التطورات على الساحة الاقتصادية الدولية واتخاذ الاجراءات الملائمة لمواكبة المتغيرات وان الاقتصاد التونسى تمكن من المحافظة على التوازنات المالية رغم ضغوط الظرف الاقتصادى العالمي بسبب ارتفاع اسعار النفط والمواد الاولية فى الاسواق الدولية .. وقدم ملامح للاجراءات التى اتخذتها بلاده فى هذا الش المصدر وكالة الأنباء الصينية – شينخوا- بتاريخ 17 ماي 2008
بسم الله الرحمان الرحيم إنا لله و إنا إليه راجعون يا ايتها النفس المطمئة ارجعي إلى ربك راضية مرضية عم علي الغيلوفي في ذمة الله..
انتقل إلى رحمة الله تعالى أخونا المجاهد علي الغيلوفي بعد معاناة مع المرض العضال دامت أربعة سنوات… و كانت الوفاة مع الساعة الثالثة صباحا و هو في طريق العودة من المستشفى العسكري بتونس إلى بيته بسيدي بولبابة… و قد ناهز أخونا الثمانين من العمر.. و هو من متقاعدي الجيش التونسي… وقع إيقافه في التسعينات من القرن الماضي في الحملة الشعواء التي شنها النظام التونسي على حركة النهضة قيادة و أعضاء و متعاطفين و كل من اعتز بدينه منهجا للحياة و دافع عنه… و عرف السجون التونسية و فيها قضى عاما كاملا دون جريرة… عم علي رحمه الله تعالى له من البنين خمسة و من البنات تسع… تتم اليوم مراسم الجنازة بمسجد سيدي بولبابة على الساعة الثانية ظهرا (صلاة الظهر) و منها يقع التوجه إلى مقبرة سيدي بولبابة.. تغمد الله أخونا في واسع رحمته و أسكنه فسييح جناته و رزق عائلته و أحبابه جميل الصبر و السلوان.. لتقديم التعازي: ابنه البكر فوزي: 0021698424120 هاتف المنزل: 0021675390607 جرجيس في: 18 ماي 2008 عبدالله الـزواري
الأستاذ بن عيسى الدمني في ضيافة الحوار.نت
حاوره : الهادي بريك ( الحوار.نت ـ ألمانيا ). من هو الأستاذ بن عيسى الدمني : ــ من مواليد : 1956 بمدينة رأس الجبل بالشمال التونسي. ــ متزوج و له أبناء. ــ أستاذ في الفلسفة متخرج من الجامعة التونسية. ــ من مؤسسي حركة النهضة التونسية ( الجماعة الإسلامية ثم الإتجاه الإسلامي سابقا ) ومن قياداتها الأوائل. ــ هو من أوائل من تعرض للتعذيب من الإسلاميين في مخافر وزارة الداخلية و ذلك في شهر ديسمبر/ كانون الأول من عام 1980 تحضيرا لأول هجمة شاملة شنتها السلطة ضد الحركة. ــ يعد الأستاذ بن عيسى من منظري الحركة الإسلامية في تونس. ــ تحمل مسؤوليات تنظيمية وحقوقية وإعلامية كثيرة منها عضوية الهيأة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، و رئاسة تحرير جريدة الفجر (لسان حركة النهضة) قبل وأدها عام 1990. ــ معروف بهدوئه الكبير ودماثة خلقه و اهتمامه الفكري و الثقافي. ــ تعرض للسجن والتعذيب أكثر من مرة بسبب انتمائه لحركة النهضة بدء من محاكمة القيادة عام 1981 حيث قضى في السجن ثلاث سنوات ونيف، و انتهاء بمحاكمة القيادة مرة أخرى من قِبل محكمة أمن الدولة عام 1987 حيث قضى في السجن عامين آخرين تقريبا. نص الحوار : الحوار.نت : أستاذ بن عيسى مرحبا بك ضيفا كريما على موقعنا الحوار.نت. الأستاذ بن عيسى الدمني: أهلا و سهلا. و حمدا لله على سلامتكم. هذه فرصة سعيدة تتيحونها لأشكركم على الجهد الإعلامي الذي تبذلونه. و أسأل الله تعالى أن يسدد خطاكم و يوفقكم. و أنا إذ أكبر في منبركم التزامه بالدفاع عن الحريات الفردية و العامة و عن حقوق المهمَّشين و المضطهَدين في ربوعنا، فإني آمل في أن يظل هذا المنبر متفتحا باستمرار على كل أصحاب الإرادات الخيّرة و العاملين المخلصين من أجل الوطن و الأمة، و من أجل كرامة الإنسان مطلقا. الحوار.نت : بعد فترة تأمل وهدوء طويلة تميزت بإبتعادك عن الحراك اليومي بما قد يسمح لك بمراقبة الوضع العام في تونس من زاوية هادئة هل يمكن أن تطلع قراءنا الكرام ولو بإختصار على أهم محاصيل ذلك التأمل وأبرز خلاصات تلك المراقبة؟ الأستاذ بن عيسى الدمني:قد يخيَّل لمن يستمع لسؤالك أنه موجه إلى إنسان قد استوفى شروط المواطنة، و استكملت بلاده شروط الديموقراطية و الرقي، فرَكَن إلى التأمل الهادئ و مراقبة الأوضاع من بعيد. و الحال أن شيئا من هذا أو ذاك لم يكن: فأنا ما زلت أحلم باليوم السعيد الذي أبلغ فيه مرتبة المواطن الذي يحصل على حقوقه كاملة مثلما يؤدي واجباته كاملة. واقع الحال أنني لم أغادر منزلة « المُساكِن » (cohabitant)، و إن شئت فقل: منزلة « دافع الضرائب » التي أُرغِمت عليها لأكثر من ربع قرن، أي منذ سنة 1981، تاريخ أول حكم صدر ضدي بالسجن بسبب نشاطي السياسي. فمنذ ذلك التاريخ، ظللتُ على مر الأيام و السنين ضحية للتهميش و الإقصاء و الحرمان من الحقوق المدنية و السياسية (و ليس أقلها الحق في مباشرة الشأن العام، و الحق في التنقل إلى الخارج – علما بأن آخر مطلب أودعته لدى مصالح الأمن للحصول على جواز سفر قد مر على تقديمه أكثر من عام، دون أن أتلقى أي جواب عليه إلى حد اللحظة-) علاوة على بقية الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية الأخرى (و أهمها الحق في العودة إلى شغلي الأصلي في ميدان التعليم العمومي). مع الإشارة إلى أن القضايا السياسية التي صدر فيها ضدي أحكام بالسجن ترجع كلها إلى العهد البورقيبي، أي أنه قد مضى على صدور تلك الأحكام أكثر من عشرين سنة؛ و كان من المفروض، فوق ذلك، أن أستفيد قانونيا من « العفو التشريعي » الذي تم سَنه بعد انتخابات عام 1989 الشهيرة. لكنك « تسمع جعجعة و لا ترى طِحنا ». و لا تمثل وضعيتي الشخصية إلا عينة من وضعيات كثيرة مشابهة، تعكس كلها ما آل إليه حال الحريات في تونس راهنا. و إذن فكيف يتسنى لمَن يحيى في ظروف من هذا القبيل، خصوصا إذا كان قد نشأ على قيم التلازم بين الإيمان و العمل الصالح، بين القول و الفعل، أن « يبتعد عن الحراك اليومي » كما تقول، أو أن ينقطع بالكلية إلى التأمل على الطريقة الديكارتية؟ أنا لا أبرِّئ نفسي من أي تقصير عملي. و لكني مع ذلك لست من أنصار استراتيجية الصدام الدائم. و لقد ازددت اقتناعا، بعد المأزق الذي تردت فيه تجربة الإسلاميين و تجربة حركة الإصلاح عموما في تونس (و لست أعني أن نظام الحكم و حلفاءه ليسوا في مأزق)، بأن الحكمة باتت تقتضي ترك عقلية استسهال الأمور و استعجال النتائج و الاستخفاف بالآخرين؛ و الانخراط بدل ذلك في عمل مدني طويل المدى، دون الاستهانة بأيّ طاقة بشرية أو بأيّ جهد مهما بدا أوليا أو ضئيلا. « فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره » و » لا يحقرنّ أحدُكم شيئا من معروف ». لا سيما أننا إزاء واقع قد فعلت فيه قرون الانحطاط و الاستبداد ما نعلم، و أنه ليس من السهل على من يعيش داخل وطنه في الظروف الراهنة أن يمسك بطرفي معادلة الكد المضني من أجل البقاء، و السعي إلى الإصلاح، في ذات الوقت. لكن ما لا يُدرَك كله لا يُترك جله، كما يقال. ثم هل نحن بحاجة إلى التذكير بأن همّ السياسة لا ينبغي أن يشغل عن هموم الثقافة و الاجتماع؟ خصوصا بالنسبة إلى من أوصدت في وجهه أبواب العمل السياسي، بينما ظلت أبوابُ الفكر و باقي أعمال الخير مفتحة كثيرا أو قليلا. على أن السنوات الأخيرة لم تخل من دروس و عِبر أفدتُها: من ذلك، ليس على سبيل الحصر طبعا، أنه قد ترسّخ لديّ اقتناع قديم بأفضلية المنهج المدني القانوني و التدريجي في العمل الإسلامي. فقد أكدت الأحداث أن هذا المنهج المنسجم مع مبادئ الإسلام و مقاصده هو الذي يتساوق مع اتجاه التاريخ و مع خلاصة الخبرة البشرية المعاصرة: حيث نلحظ اليوم توجها كونيا عاما نحو صحوة الشعوب و نجاحها المضطرد في فرض إرادتها على حكوماتها بالوسائل المدنية التي لا تعوزها القوة و الفعالية (و التحولات التي تحصل في هذا الاتجاه في بلدان أوروبا الشرقية و أمريكا اللاتينية مثلا هي مادة ثرية للاعتبار)؛ لا بل إن « العنف الثوري » ليبدو أمام هذا المنهج مغامرة مراهقة. و لقد تابعت بكثير من الاهتمام و التقدير النجاحات التي حققتها عدة حركات إسلامية في العالم بانخراطها في المنتظم القانوني و التزامها معايير الديموقراطية و الأساليب المدنية في التغيير. و أنا لا أتحدث هنا عن نجاحات بالمعنى الحزبي المحدود، أي بحساب المقاعد و المواقع السياسية « المربوحة » فحسب- و إن كانت ذات اعتبار- و إنما أتحدث خصوصا عن نجاحات في التسيير و الأداء التنموي الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي، و ما رافق ذلك من وئام سياسي و انصراف إلى خدمة القضايا الحضارية الكبرى، على نحو ما هو حاصل في بلدان مثل ماليزيا و تركيا و إندونيسيا؛ و بدرجات أقل في المغرب و الكويت و بلدان أخرى تسير على ذات الدرب. و لست أشك في أن تلك النجاحات قد عادت بالفائدة على عموم المجتمعات التي تنتسب إليها تلك الحركات. و لا أخال الأنظمة التي أتاحت المجال لتلك التجارب إلا مرتاحة لنتائجها. و هذا ما كنت أتمنى حدوثه في بلدي منذ زمن، حيث كانت مناداة الإسلاميين بالديموقراطية مبكرة نسبيا، و ارتفعت أصواتهم للمطالبة بتعددية حزبية لا تستثني أحدا، و بضمان نزاهة الانتخابات، و باحترام أحكام صناديق الاقتراع، أيا كان الفائزون، منذ مطلع الثمانينات. لكن جرت الرياح بما لم يشته السفِن، و تم التفويت في أكثر من فرصة تاريخية كانت ستعود على المجتمع كله بنفع عميم. و في مقابل ما ذكرت من صور مشرقة، قدّمت تجارب إسلامية أخرى في العالم أكثر من دليل ميداني على فساد منهج العنف الذي أوقع أصحابه – بسبب تعجلهم و عدم واقعيتهم و خطآِ رؤاهم و اضطراب موازينهم، رغم صدق النوايا في الغالب – في مآزق و فتن تراوحت بين اشتباك شامل مع أنظمة محلية، و أحيانا مع تنظيمات شعبية ذات مصالح مناقضة، (و لا يخفى ما نتج عن ذلك الاشتباك في بعض البلدان من هرج و مرج و محن و عموم بلوى)؛ و بين حروب مفتوحة مع بعض القوى العظمى و أحيانا مع المجتمع الدولي بأسره، دون أن يحرز المشتبكون أي تقدم حقيقي على طريق التغيير، اللهم إلا تغييرا بخلاف القصد. وهذا مآل لا يسر صديقا و لا يغيظ عدوا. (و تُستثنى من المشهد الأخير، بكل تأكيد، حركات التحرر الوطني: فهذه لها أحكامها الخاصة، لأن المحتلّ الأجنبي إذا حل بأرض المسلمين تكون مقاومته، بكل الوسائل الممكنة، فريضة يمليها الدين، و واجبا وطنيا تحميه الشرائع و القوانين الدولية). الحوار.نت : علمنا أنك تخصص للكتابة وقتا غير قليل من حياتك فهلا أطلعتنا على بعض من ذلك : ما هي محاوره وعناوينه وهل سيرى النور قريبا وهل يتضمن ذلك تدوين تجربتك الثرية في الحركة الإسلامية وما شابها من محن وفعل خير؟ الأستاذ بن عيسى الدمني:في الواقع أنا حاليا أخصص من الوقت للقراءة أكثر مما أخصص للكتابة، علّني أواكب الكم المعرفي الهائل الذي ينتجه العقل البشري بشكل متزايد يوميا. و أنا أشعر دائما بأنني في منزلة المتعلم. لكن هذا لم يحُلْ دون نشر بعض الدراسات التي أنجزتها في السنوات الأخيرة. و تتركز مجالات اهتمامي حاليا – بالإضافة إلى المستقبليات – على الفكر الفلسفي الذي هو ميدانُ تخصصي الأصلي، و على الترجمة. و لعل الله ييسر قريبا نشر مادة في هذا المضمار. أما فيما يخص تدوين تجربتي في الحركة الإسلامية، فأنا أقدّر أن ذلك ليس الآن من الأولويات. و على أية حال، فإن هذه التجربة تبقى متواضعة، سواء بالنظر إلى محدودية مداها الزمني أو بالنظر إلى عدم اكتمالها. لكنني مقتنع في المقابل بوجاهة كتابة تاريخ التجربة الجماعية و بضرورة تقويم مسارها العام. الحوار.نت : بعد مضي فترة طويلة نسبيا يلحظ المراقب للشأن التونسي أن التحدي الأكبر ربما هو هو لم يتغير. أي : مشروع إصلاحي إسلامي يتعرض لتحديين كبيرين : عصا الإستبداد من جهة وثقافة علمانية متحكمة في كثير من مواقع السيادة والريادة والتوجيه من جهة أخرى. كيف ترى ذلك وكيف تفسره؟ أم أن تحديات أخرى أكبر شأنا يراها الأستاذ بن عيسى؟ ماهي؟ الأستاذ بن عيسى الدمني:من خلال التجربة الميدانية، و بالرجوع إلى معطيات التاريخ القريب، يتضح أن التحدي الأساسي الذي يواجه المشروع الإسلامي و عموم مشروع الإصلاح في تونس حاليا يكمن في قابلية المجتمع للاستبداد أكثر مما يكمن في الاستبداد ذاته. فأنا أمْيَل إلى الظن أن معضلة الأمة الراهنة لم تعد تكمن في قابليتها للاستعمار، كما كانت في السابق، على نحو ما صور ذلك بحق المفكر الجزائري مالك بن نبي رحمه الله، عندما حلل ظاهرة الاستعمار المباشر. فالشعوب الإسلامية – و لا أتحدث البتة عن بعض أنظمة الحكم أو النخب السياسية الهامشية – قد تطورت روحها التحررية كثيرا منذ ذلك العهد. و الشاهد عل ذلك أنها لم تستقبل المستعمر العائد من بوابة المشرق إلى أرض أفغانستان (في نسختيه: السوفييتية ثم الأمرييكية-الأطلسية) و العراق و الصومال مثلا بالورود، كما كان يحلم، و لا هي استسلمت حاليا لما يرتكبه الصهاينة كل يوم من جرائم قتل و استيطان و حصار و تجويع في فلسطين، و لا انكسرت إرادتها أمام آلة الدمار الإسرائيلية في لبنان. فوقائع المقاومة في كل تلك الربوع في تصاعد مستمر، و نتائجها تبشر بكل خير.. لكن المعضلة الأكبر تبقى قائمة كلما تعلق الأمر بالإصلاح الداخلي، حيث ظلت شعوبنا على العموم قابلة للاستبداد نتيجة لعوامل تاريخية و مجتمعية مركبة رسخت في وعيها الجمعي ثقافة الاحتراز من الفتنة. و ذلك مثلا ما تعكسه عبارات متوارَثة جرت على ألسن العامة و حتى الخاصة مجرى الأمثال كقولهم: » ملكٌ غشوم خير من فتنة تدوم » أو قولهم باللهجة التونسية: « شد مشومك لا يجيك ما أشوَم »… إن حال النظام عندنا لا يختلف نوعيا عن أحوال عموم الأنظمة العربية أو الإفريقية مثلا. لكن نلاحظ أن مستويات الانفتاح السياسي و درجات الانتقال الديموقراطي في ظل كثير من تلك الأنظمة هي أفضل مما هو موجود هنا. إذن، كيف نفسر الفارق إن لم يكن ذلك باختلاف الديناميات الاجتماعية و المدنية؟ أنا أميل إلى أننا في تونس أمام تحد مجتمعي مزدوج يكمن تحديدا في تظافر عاملين اثنين هما: التصالح الشعبي مع ثقافة الخضوع من جهة، و سوء أداء الهياكل المدنية و الجمعوية من جهة أخرى. و لكل ذلك عوامله الاجتماعية – الثقافية و حتى التاريخية: و من المفيد الاستذكار، في هذا الصدد، إلى أن تاريخ تونس الحديث في مجال المقاومة، حتى ضد الاستعمار، لم يكد يعرف ثورات شعبية تصاعدية مسترسلة، بقدر ما شهد انتفاضات متقطعة و محدودة في الزمان و في المكان، و أحيانا في الأثر: (انتفاضة علي بن غذاهم: 1864، انتفاضة الزلاج: 1911، أحداث الشهداء: 9 أفريل/نيسان 1938، الانتفاضة العمالية: 26 جانفي/يناير 1978، انتفاضة مدينة قفصة: 1980، انتفاضة الخبز: 4 جانفي/يناير 1984…). و المستفاد من ذلك أن تاريخ تونس الحديث لم يوفر عنصر التراكم في مجال المقاومة الشعبية في وجهيها: المسلح ضد المستعمر، و المدني ضد السلطة. فالاتحاد العام التونسي للشغل مثلا، و هو التنظيم النقابي العريق عربيا و إفريقياًّ، الذي كان له دور طليعي في التصدي للاستعمار الفرنسي، و قاد واحدة من أهم الانتفاضات في تاريخ تونس المستقلة (1978)، هو الآن أقل فعالية مما كان عليه في السبعينات. و الأمر قد يكون أكثر فداحة بالنسبة إلى جمعيات مهنية و حقوقية و أحزاب سياسية أبلت بلاء حسنا على الصعيد المدني منذ أكثر من ربع قرن، لكنها اليوم تعيش أوضاعا محزنة من التفكك و التراجع. و لا جدال في أن كل ذلك قد خلف رواسب سلبية في الوعي الجمعي. و الملحوظ أن تلك الرواسب قد تزامنت مع انتشار ثقافة الاستهلاك و ما اقترن بها من تنامي عامل الخوف على المستقبل و استفحال الهاجس الأمني في ظل غلاء المعيشة، و أجواء الإحباط و خيبات الأمل المتكررة الناجمة عن كثرة المحاكمات السياسية… مما أنشأ ظاهرةَ وَهَنٍ عام و عزوفٍ عن العمل الجماعي و عن المبادرة و التضحية في أوساط الطبقة الوسطى المتآكلة أصلا. مع العلم أن هذه الطبقة هي التي عليها المعوَّل في أي تغيير أو إصلاح. لكنها حاليا لا تجد مَن يعبر عن طموحاتها و يقود مطالبها الاجتماعية و السياسية بحكمة و شجاعة. فليس من قبيل المصادفة أن تكون ساحة النضال الاجتماعي اليوم خالية من قائد شعبي جامع من وزن الزعيم النقابي الراحل الحبيب عاشور. و كذا الحال بالنسبة إلى الساحة السياسية بعد اعتزال السيد أحمد المستيري إثر انتخابات 1989، و اختيار الشيخ راشد الغنوشي سبيل الهجرة في أواخر الثمانينات، ثم اضطراره إلى البقاء في المنفى. و أنا أزعم أن الساحة الدينية أيضا تشكو من ذات الفراغ: فأين علماء الدين حاليا من جهود الإصلاح، بعد وفاة أعلام فقهية وازنة من أمثال الشيخ مختار بن محمود و الشيخ محمد صالح النيفر و الشيخ محمد الحبيب المستاوي و الشيخ عبد الرحمان خليف و الشيخ محمد الأخوة رحمهم الله جميعا، و غيرهم ممن كان لهم مواقف و مبادرات مشرفة و شجاعة، سواء من داخل السلطة أو خارج دوائرها، و أحيانا ضدها… ؟ و حاصل القول: إن آليات المجتمع المدني باتت، فيما يبدو، فاقدة القدرة على صناعة القيادة، ليس بمعناها المشخص (على ما للأشخاص من قيمة)، و إنما بالمعني الذي يحيل خاصة إلى المؤسسة و إلى روح المبادرة و الإقدام النضالي، بصرف النظر عن الأفراد و الألقاب و المناصب.. و لعل هذا ما جعل كثيرا من الشباب (و بخاصة المتدينين منهم) يبحثون عن نماذج قيادية فوق- قطرية تحضن سَوْرتهم و تشحذ عنفوانهم و تمارس عليهم التوجيه عن بعد – و أيّ توجيه..!–. و لئن كانت السلطة في مختلف مراحلها غير بريئة فيما يتعلق بهذا المآل، فإن للمجتمع المدني مسؤوليته التي لا نزاع فيها. و لنا أن نراجع علماء الاجتماع السياسي لندرك ما يخلفه غياب المثال القيادي من آثار سلبية على حالة الوعي و السلوك و على بنية المجتمع. و نحن هنا أمام تحد يواجه الجميع بدون أيّ استثناء، مما يستدعي كثيرا من التفكير و الجهد لتدارك الأمر. إذ لا أمل في أي إصلاح اجتماعي أو سياسي بدون تمحض جهة تصوغه نظريا و تقوده عمليا، و تفدِم على ما يقتضيه الظرف من مبادرات شجاعة. و لئن كان سبيل العنف في هذا المضمار مرفوضا مبدئيا و عديم الجدوى من الناحية العملية، فإن الأيام قد بينت أن أسلوب « يا كريم متاع الله ! » التسوّلي هو الآخر ليس أقل عقما… و لا حل إذن إلا بتصور نهجٍ مدني في العمل، و رسم سبيل إلى أن تكون قيادة هذا النهج مناضلة ليس للشعب فحسب، و إنما بالشعب أيضا؟ ذلك هو التحدي الاستراتيجي الذي إن لم يتم رفعه عمليا، فإن مناضلي الجماعات العاملة من أجل التغيير و الإصلاح سيكونون، لا سمح الله، « وقود مرحلة » ليس أكثر؛ و ستظل الجماهير العريضة، التي نهض هؤلاء المناضلون من أجلها في الأصل، ملازِمة مواقع التفرج و اللامبالاة. و ربما لن يزيد تضامنها مع ضحايا المرحلة في أحسن الأحوال على المواساة المحتشمة، أو المشي في جنائز الشهداء، بعد أن تكون صروف المحن و عفن السجون قد فتكت بأجسادهم. لست أسوق هذا الكلام تحقيرا للجهود و لا تثبيطا للعزائم و الهمم. فقدْرُ المناضلين و الشهداء يبقى بين الناس رفيعا، و أجرهم عند الله عظيما، ما في ذلك ريب أبدا. و إذا كان الله تعالى يأجر حتى على الشوكة ثصيب المؤمن في حياته، كما في الحديث النبوي، فما بالك بأجر المبتلين و الشهداء في سبيل الإصلاح؟ « إنا لا نضيع أجر المصلحين » (سورة الأعراف، الآية 170) » و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله.. » ( سورة آل عمران، الآية 169). لكن هذا لا يتعارض البتة مع ضرورة البحث عن سبل الصواب و الأخذ بأسباب النجاعة و النجاح وفق موازين الدنيا. و إلا فما معنى قول الرسول صلى الله عليه و سلم: « من اجتهد و أصاب فله أجران، و من اجتهد و لم يصب فله أجر واحد »؟ و ما دمتَ قد أشرت في سؤالك إلى التيار العلماني باعتباره يمثل تحديا راهنا، فأنا لست معك على العموم في أن الثقافة العلمانية، بوجهيها الليبرالي و اليساري، هي اليوم في حالة مد و ريادة تونسيا. بل الملاحَظ أنها في تراجع متزايد سواء على الصعيد الرسمي أو على صعيد الحضور المجتمعي أو في أوساط النخب الجديدة المتعلمة. و ذلك بفعل يقظة روح التدين الشعبي العارمة من جهة، و بفعل تعجل كثير من رموز العلمانية و أنصارها، خصوصا اليساريين منهم، تغيير مواقعهم و التحاقهم بالسلطة، لا سيما بعد 1987، من جهة أخرى. فهؤلاء لم يعودوا مؤهلين لأن ينفردوا بقيادة أي حركة للإصلاح الاجتماعي أو السياسي على المدى المنظور، بعد أن استهلكتهم البيروقراطية و أحرقوا قواربهم و فقدوا كثيرا من الإشعاع الشعبي. هذا لا يعني البتة التقليل من شأن هؤلاء و أولئك. فلعل تونس تنفرد في الوطن العربي بامتلاك أوسع نخبة علمانية و أكثرها عنادا، لأنها تتلمذت في المدرسة الفرنكوفونية المعروفة بتطرفها في هذا المضمار. لكن تلك النخبة لئن كسبت معركة المواقع، منذ العهد البورقيبي، إلا أنها لم تكسب معركة الثقافة و التاريخ. و للحركة الإسلامية دور مؤكد في ذلك. على أن المطلوب حاليا في نظري هو تخلي الجميع عن منطق الشقاق و الصدام الذي لا طائل من ورائه. فالمصلحة الوطنية العليا تقتضي التقارب بين الإسلاميين و غيرهم، و اجتناب أساليب الابتزاز السياسي و الملاحقة الفكرية عن أيّ طرف صدرت، و التركيز بدل ذلك على ما يجمع سياسيا لا على ما يفرّق أيديولوجيا، حتى تستقر لدى الجميع روح التسامح و الاعتدال و إرادة التطور، و ينصرف الكافة إلى رفع التحديات المصيرية التي تواجه الوطن و الأمة. و المدخل إلى ذلك هو الحوار الصريح، و العمل المشترك في حدود الممكن و على قاعدة الحفاظ على الهوية الوطنية، و الدفاع عن الحريات و الحقوق، و إرساء دولة المواطنة و العدالة و المساواة التي لا منجاة لأحد خارجها. الحوار.نت : كيف يرى الأستاذ بن عيسى ظهور الصحوة الإسلامية الجديدة في تونس بعد سنوات جمر حامية وقحط ثقافي شديد الجفاف؟ هل كان ذلك مرقوبا؟ ألا يخشى الأستاذ بن عيسى على الصحوة الجديدة من تنوعها العجيب الذي قد يفضي إلى ما آلت إليه بعض الأوضاع في الجزائر ومصر وغيرهما؟ هل هو مع تأطرها تحت سقف فكري ثقافي محدد أم أن ذلك التنوع هو الأصل الذي لا محيد عنه؟ الأستاذ بن عيسى الدمني:هذه الظاهرة ليست خاصة بتونس. فبإمكانك ملاحظة مثيلاتها و أكثر منها اتساعا في كل بلدان العالم الإسلامي مشرقا و مغربا. و هي من هذا الوجه ظاهرة اجتماعية عامة ذات مضمون ثقافي حضاري، تعكس حالة أمةٍ تبحث عن قيمها المفقودة، و عن سبيل إلى التحرر من واقع الضياع التاريخي الذي تردت فيه منذ قرون. و قد عبرت الأمة في هذا الخضم عن كونها ما تخلت قط عن مراجع استدلالها الحضارية النابعة من إسلامها، و لا هي ضيّعت بوصلتها الاستراتيجية المستلهَمة من تاريخها التحرري، رغم آثار سنين الانحطاط ثم الاستعمار في الماضي، و رغم تسلط الدول الوطنية و تداول الأيديولوجيات، و هيمنة قيم العولمة، و محاولات فرض ثقافة الاستسلام بقوة القذائف الرهيبة المتساقطة على أرض فلسطين و أفغانستان و العراق و لبنان و باكستان و الصومال… في الحاضر. « يريدون أن يُطفئوا نور الله بأفواههم و يأبى الله إلا أن يُتِم نوره » (سورة التوبة، الآية: 32) لا شك أن الحالة الدينية العامة في تونس قد شهدت تراجعا و انكماشا ملحوظين في عقد التسعينات، متأثرة بالأحداث التي وضعت السلطة و « حركة النهضة » وجها لوجه. لكن تلك الأوضاع لم تدم أكثر من سنوات معدودات، ما لبث أن عبّر المجتمع بعدها عن عراقة منبته في ثقافته الدينية، و أكد أن نزاعات السياسة ليست كفيلة بأن « تجفف ينابيع » الإيمان فيه أو بأن تجعل شعبه يوما بمعزل عن معاناة أمته الكبرى و عن توقها إلى الانعتاق و الكرامة؛ لا سيما بعد أن تفاقمت مظاهر استضعافها و تعددت محاولات السيطرة على مقدّراتها من قبل القوى الدولية العظمى، و غدا ذلك محسوسا أكثر فأكثرعلى المستوى الاقتصادي و الاجتماعي المحلي. فما كاد نظام الحكم يعلن « طي صفحة التطرف الديني » في تلك المرحلة، و ما كاد المثقف الفرنسي المولع بتونس فريديريك ميتيران(Frédérique Mitterrand) يفرغ من التبشير عبر الفضائية الفرنسية الخامسة (TV5) بأنه « لم يعد ثمة مِن خطر أصولي في تونس « ،، حتى اكتضت المساجد بروادها أكثر من ذي قبل، و فاضت على أهل البلاد روحُ إيمانٍ غضٍّ لا يلوي أصحابه على شيء، و غدت العين لا تخطئ آثار ذلك حيثما نظرت. و قد ساعد على هذا التحول عوامل ثانوية منها: تطور المبتكرات الاتصالية و انتشار الفضائيات التي وفرت للجمهور العريض عِوضا عما افتقده في ساحة الثقافة و التوجيه الديني المحلي، خصوصا في ظل تطبيق قانون المساجد. فراح الجميع ينهلون المعارف حول دينهم و دنياهم و يتلقفون أخبار المسلمين في العالم، و حتى أخبار بلادهم، بلا واسطة و لا رقيب. فاستأنف الوعي صحوته بعد غفوة اضطرارية عارضة. تسألني: إن كان ذلك منتظرا… ؟ الجواب متوقف على مدى سعة اطلاع المتابعين و استقلال إرادتهم. فكل مَن قرأ التاريخ و فقه سننه و تعرّف إلى المجتمع التونسي عن قرب كان عليه أن يتوقع حصول شيء من ذلك. لكن يبدو أن النزعة الاستئصالية قد هيمنت على نفوس عدد من الساسة و المثقفين في مختلف المواقع، فتعطلت معارفهم و ما عادوا قادرين على النظر بعيدا. و قد تجلى هذا العجز الاستشرافي بالخصوص في كتابات عدد غير قليل من حَمَلة الأقلام التونسيين الذين اكتفوا بالوصف دون التحليل، و راحوا طوال التسعينات يشرحون للرأي العام « كيف هُزم الإسلاميون »، غافلين عما خلفه ضرب « النهضة » من تداعيات سلبية على أوضاع الحريات العامة و على الشأن الديني الخالص، و غير منتبهين لما سينشأ عن ذلك لاحقا من ظواهر و ردود أفعال اجتماعية و ثقافية و سياسية (انظر كنموذج عن ذلك: مقالا بعنوان « Comment les Islamistes ont été vaincu ? » للصحفي رضا الكافي منشور في مجلة « جون أفريك » ( Jeune Afrique) بتاريخ: 11 – 5 – 1999). و إذا كان مردّ هذا التوجه القاصر هو خوف كثير من المثقفين المستقلين و الإعلاميين الحِرَفيين من التعبير عن مواقف قابلة للتأويل و ربما للتوريط السياسي، فإن مردّه بالنسبة إلى بعض المؤدلجين و المنتمين حزبيا هو تقديرهم أن إقصاء تنظيم سياسي ذي خلفية دينية عن الشأن العام، بأسلوب أمني، هو كفيل بأن يريحهم من خصم عقائدي قوي و صعب المراس، و بأن يعفيهم إلى الأبد من معالجة إشكالية العلاقة بين الدين و الدولة، و من ثم بين الدين والمجتمع، وفق تصور ديموقراطي جاد. و قد توخى بعضهم في كتاباته أساليب السب الوضيع و حاولوا تقديم « حركة النهضةّّّ » على أنها أنموذج للإرهاب في العالم الإسلامي، على غرار ما فعل الكاتب القريب من السلطة عبد الله عمامي في كتاب له. فكان هذا الصنف الأخير من الكتّاب خادمين موضوعيين للحل الأمني. و لست أدري إن كانوا قد انتبهوا الآن إلى مخاطر المعالجة الأمنية للقضايا السياسية، و أدركوا أن الإشكالية الأصلية المتهرَّب من معالجتها لم تزل قائمة، و أن التطورات اللاحقة قد أعادتها إلى جدول الأعمال، و زادتها راهنية و تعقيدا. صحيح أن موجة التدين الحالية هي في ذاتها موجة ثقافية، كما أسلفت. لكننا نعلم أن الحدود بين الثقافة و السياسة ليست مقفلة. فمن حيث الإمكان النظري، قد تكون هذه الموجة رافعة لأكثر من ظاهرة سياسية. و الثابت أن أسلوب تعامل كل الفاعلين مع هذا الموضوع هو الذي سيحدد طبيعة ما سيتشكل مستقبلا من تداعيات متصلة بالصحوة، تزيد أو تقل نفعا للمجتمع. لذلك فليس من المصلحة أن ينظر الأطراف السياسيون إلى الصحوة بمنظار أيديولوجي أو حزبي ضيق، أو أن يجعلوها موضوع رهانات سياسية محدودة الأفق. فلا هي في الواقع « مكسب حزبي » للإسلاميين، و لا هي خطر على مستقبل نفوذ الحزب الحاكم، مطلقا. ذلك أنه بالاعتماد على المتابعة الدقيقة و المخالطة اليومية، يمكنني أن أجزم بأن أتباع الصحوة ليسوا متجانسين من حيث الوعي السياسي و لا حتى من حيث الانخراط الفعلي قي الشأن العام. بل المسيَّسون منهم يُعدّون قلة قليلة. أما المتمردون أو الذين استهوتهم النزعة المسماة ب « الجهادية » فهم قلة ضمن القلة. و لعل النبيه قد لاحظ أن « الجبة لا تستر شيخا » في كل الأحوال، كما يقال. بل إن ظواهر سلوكية و هندامية، جرت أحيانا مجرى الموضة، قد خالطت أوجها من هذه الموجة و جعلتها بالتالي في حاجة إلى تقويم و إلى معالجة دينية فقهية خالصة، بعيدا عن أساليب السياسة و عن الاعتقالات و المحاكمات الاستباقية التي قد تحرف صحوة التديّن عن جوهرها الخيّر و تدفع بأصحابها إلى الغلو و التشدد وعيا و سلوكا. و إذا كان حريّا بأهل الذكر في علم الاجتماع الديني و الفلسفة السياسية و بالفقهاء و علماء أصول الفقه و غيرهم من ذوي الاختصاصات المعرفية ذات الصلة، أن يجتهدوا في دراسة هذه الظاهرة و يقوموها باعتماد المفاهيم و المناهج العلمية الصحيحة، فإن المطلوب من الفاعلين السياسيين أن ينظروا إليها باعتبارها مكسبا لهوية البلاد الحضارية و دعما لتماسك نسيجها المجتمعي العام. و ليت السلطة تقتنع بأنه لا بديل عن ترشيد الصحوة و تشريك كل ذوي الكفاءة العلمية و الخُلُق الكريم في ذلك، دون الالتفات إلى انتمائهم الحزبي أو ولائهم السياسي. و لا يخفى ما للمسجد و للإعلام الحر من دور رائد في هذا المضمار. و حبذا لو أُتبِع قرارُ بث « إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم »، الذي كان خطوة في الاتجاه الصحيح، بخطوات أخرى على ذات الدرب، تكون كفيلة بإخراج مساجدنا من العطالة الحضارية، و تمكينها من أداء وظيفتها الاجتماعية على وجه أكمل، تحفيظا لكلام الله و تربيةً للأجيال و ترشيدا لعلاقتهم بدينهم و دنياهم. فأن تكون لنا صحوة دينية راشدة و قائمة بالقسط، لا يتعارض لدي أبنائها الولاءُ لله مع الولاء للوطن، هو أفصل ألف مرة من أن يكون أبناء هذه الصحوة عصاميين لا دليل يهديهم، و شتاتا لا راية تجمعهم، فيظلون بذلك عرضة للاستقطاب من قِبل تنظيمات عالمية متربصة قد تزج بهم في أتون مغامرات عنيفة لا يعلم عقباها إلا الله. وإلى اللقاء مع الجزء الثاني بحول الله
المصدر: موقع « الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ18 ماي 2008)
بسم الله الرحمان الرحيم تعقيب على شهادة السيد علي الحيلي في مركز التميمي للذاكرة الوطنية
بقلم :محمود البلطي
اطلعت على شهادة السيد علي الحيلي والمنشورة بجريدة الصباح بتاريخ 14 افريل 2008 والتي روى فيها قصة احتجازه من طرف الا سلاميين ومجزرة منو بة بطريقة ا قل ما يقا ل فيه تنقصها الموضوعية اولاعملية احتجازالعميد: هذه الحادثة مر عليها الان ما يقارب 27 سنة وارى لزاما علي ان اروي هذه الحادثة كما عشتها خاصة وان علي الحيلي ذكر اسمي فقط في شهادته « وكان اميرهم ويسمى محمود الذي لم يشارك في العملية وقد ساعدته على الترسيم باحدى الجامعات الفرنسية………الخ » ففي سنة 1981 كان الاتجاه الاسلامي بالجامعة يعد اهم قوة سياسية وكانت كلية العلوم بتونس تعد اهم معا قله لذا داب الاتجاه على تنضيم اهم تضاهراته السياسية والثقافية في هذه الكلية ويوم الواقعة واضنها في احدى ايام شهر فيفري….نظم الاتجاه تظاهرة ضخمة دعا اليها جل قواعده الطلابية بمختلف الاجزاء الجامعية وكان التنظيم محكما والحضور ضخما والامور تسير على اخسن ما يرام .. ويبدو ان هناك من الطلبة الجواسيس او الاعوان السريين الحاضرين في التجمع من ابلغوا الداخلية بوجود بعض الطلبة الاسلاميين الذين تتهمهم السلطة بالتحريض على التحركات التلمذية التي شلت جل المعاهد من اقصى شمال البلاد الى جنو بها والتي رفعت فيها شعارات نقا بية وسياسية مطالبة لاول مرة في تاريخ الحركة التلمذية بتكوين نقابة تلمذية حرة ومستقلة على انقاض الشبيبة المدرسية التي اعتبرت وقتها خلية دستورية .. واتهامهم كذالك بالاعتداء على عونين سرببن قبض على الاول بمطعم المركب الجامعي وعلى الثاني بمبيت راس الطابية والذي كان يكنى ب »تل الزعتر « نضرا للنظالات المجيدة التي خيضت من داخله قبضا عليهما متلبسين بمتا بعة المنا ضلين ومعهما اجهزة « تصنت-تصوير-اتصال »وقع محاكماتهما محا كمة علنية امام كل الطلبة ووقع ركلهم ورفسهم من طرف جل الطلبة الحا ضر ين حتى او شكا على المو ت لولا تتد خل الا د ارة لانقا ذهم في اخر لحضة اذا الامو ركانت عادية وما هي الالحضات حتى فوجئ الطلبة با عداد ضخمة من قوات الامن بجميع تشكيلاتها محمولة وراجلة تطوق المركب تطويقا محكما مانعة اي دخول او خروج منه اليه منتضرة اللحضة الصفر للانقضاض على الحا ضرين … في هذا الجو المتوتر واللحضات العصيبة اتخذ قرار احتجاز العميد بدون التفكير في عواقبه المهم نقوم بشيئ يوقف زحف الامن وبعد ذالك ننا قش والفكرة ليست غريبة فهناك من جربها قبلنا « الطلبة الا رانيين عندما احتجزوا اعضاء السفارة الامريكية بطهران » ما هي الا لحضات وبحيوية الطلبة وبحماسهم وقع احتجاز العميد في مكتبه والسيطر ة على المخابر التي تحتوي على مواد قابلة للانفجار ..وبدا العميد مفا وضاته مع غرفة العمليات وطبعا البداية كانت صعبة فالانضمة الدكتاتورية على مر التاريخ لاتؤمن بالحوار والمفاوضات لاتؤمن الا بلغة القوةوالقمع وعندما فشلت لغة التهديد انتقلوا الى لغة المناورة وربح الوقت كالايهام بالانسحاب وذالك بالتراجع لبضعة امتارالى الوراء كذالك هذه السيا سة فشلت والوقت كلما تقدم كان في صالح الطلبة لانه اذا غربت الشمس واقبل الليل فيستطيع الطلبة الافلات من قبضة البو ليس تحت جنح الضلام كذالك اقتحام الكلية مستحيل خاصة وان الطلبة بقوا مرابطين في ساحة الكلية يتا بعون اطوار التفاوض لحضة بلحضة بعد ان تسلحوا باكوام من الحجارة .وبعد ان طلبوا من سائقي الحا فلات ارجا ع حافلاتهم الى المستودعات حتى لا يفكر الطلبة ضعاف النفوس في الانسحاب.. ويبدوا ان الداخلية حسبتها بهذه الطريقة فقرروا الانسحاب واعتراض سبيل الحافلات في اماكن بعيدة نوعا ما على المركب وهذا ما اتم فعلا فاقتادوا بعض الحافلات بعد ان حولوا وجهاتهم الى مراكز الامن .وفي الليل اقتحموا مبيت راس الطابية ونكلوا بكل الطلبة الذين وجدوهم امامهم .. العميد اتخذ موقفا رجوليا وتاريخيا .1:برفضه تقديم قضبة في الموضوع رغم الضغوطات الكبيرة التي سلطت عليه 2:رفضه اعطاء اسماء وحتى اوصاف من احتجزوه رغم معرفته الشخصية لهم 3:في التفاوض مع السلطة كان حازما لانه شخصيا كان ضد تدخل الامن في مشاكل الجامعة وهو مستقل عن السلطة باعتبار ان العميد ينتخب من طرف زملائه الاساتذة الجامعيين حتى رئيس الدولة وقتها لايسطيع اقالة العميد من منصبه قضية بهذا الحجم وبهذه الخطورة لا يمكن تسجيلها ضد مجهول فلقد توصلت السلطة الى التعرف على قيادة الجامعة وقتها فمنهم من قبض عليه ومنهم من فر الى الخارج وحوكموا باحكام قاسية في الحلقة القادمة ..مجزرة منوبة والسلام عليكم younestounes@
أيها المُهَجَّرون التونسيون اتحدوا من أجل فرض حق العودة الى البلاد
عماد الدائمي وسليم بن حميدان يعيش مئات المهجرين التونسيين في المنافي منذ ما يناهز السبعة عشر عاما للكثير منهم وما يفوق ربع قرن كامل لآخرين. محنة طويلة وقاسية اضطرتهم لها محاكمات سياسية صورية وملاحقات أمنية ومضايقات طالت الأهل والأصدقاء في خرق فاضح لدستور البلاد (الفصل 11) وللمواثيق الدولية التي تجرم تغريب الدولة لمواطنيها أو منعهم من العودة إليه. لن نتحدث في هذا النداء عن كارثة الاستبداد التي ابتليت بها بلادنا ولا عن المظالم التي سلطها على عموم أفراد الشعب، تكميما للأفواه وانتهاكا للأعراض وتضييقا للأرزاق ومصادرة للأملاك، فذلك أمر مفروغ منه لا يجادل فيه وطني صادق، ثم إن المجال لا يتسع إليه هنا. ما أردنا التنبيه إليه هو مسؤولية المهجرين أنفسهم عن طول محنتهم وعجزهم عن تحويلها قضية حقوقية وسياسية وطنية تزيد في فضح ممارسات النظام وادعاءاته الكاذبة في مجال الحريات واحترام حقوق الإنسان. سياسة مقصودة أم قعود آثم، احتمالان اثنان لا ثالث لهما. بعض المهجرين يعتبر قضية التهجير ثانوية مقارنة بقضية المساجين وأنه ينبغي التركيز إعلاميا على هذه الأخيرة وعدم التشويش عليها بملفات أخرى. كلمة حق أريد بها تبرير عجز. صحيح أن قضية المساجين السياسيين ذات أهمية قصوى وهي تستوجب تضافر الجهود السياسية والإعلامية من أجل التعريف بها في جميع المحافل المحلية والدولية. ولكن الصحيح أيضا هو التفاف المعارضة التونسية بجميع أطيافها حول مطلب تسريحهم. بل إن تخصص بعض الجمعيات، مثل الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين وجمعية حرية وإنصاف والمجلس الوطني للحريات وجمعية العمل والحقيقة وجمعية التضامن التونسي بباريس وجمعية مناهضة التعذيب وجمعية صوت حر وغيرها من الجمعيات والهيئات، كاف في نظرنا للدفاع عنهم والتعريف بقضيتهم. في المقابل، ظلت قضية المهجرين نسيا منسيا رغم الارتباط التاريخي والسياسي بين القضيتين. فكلاهما من كوارث الاستبداد وجهان لعملة واحدة: سجن هنا وتهجير هناك. إن إغفال قضية المهجرين أو تأجيلها في ساحة الحراك الحقوقي والسياسي لن يخدم قضية المساجين بقدر ما يخدم الاستبداد. فهو يحرم المعارضة الوطنية من ملف حقوقي وسياسي محرج للاستبداد ومن جبهة ضغط قوية باعتبار مساحات الحرية التي تتوفر لها على الصعيد الإعلامي. كما أن الصمت عليها يوفر للاستبداد فرصة ثمينة للاختراق وتفتيت جبهة الصمود عبر ابتزاز بعض المناضلين وتحييد آخرين مقابل عودة آمنة أو جوازات غير صالحة للاستعمال بمفعول الغدر المتوقع. إن صمت المهجرين عن حقهم في العودة الكريمة والمسؤولة يدعم الفرضية القائلة باستحسانهم حياة الرغد والرفاهية التي توفرها الدول الأوروبية وتحولهم من أصحاب قضية إلى كائنات استهلاكية. ثم إن صمتهم سيطيل في آماد محنتهم لأن صاحب الحق أولى بالدفاع عن حقه. وإن كان للسجين عذر في سجنه فليس للمهجر عذر في صمته. ليس أمام المهجرين إذن إلا خيار واحد : الاتحاد والنضال من أجل افتكاك حقهم في العودة الآمنة والتنقل الحر. أما استمرار الصمت فلن يؤدي إلا إلى سقوط الحق بالتقادم أو الانتقال به، في أفضل الأحوال، إلى السجل الذهبي للذاكرة الوطنية.
فاضل البلدي
يؤرقني أن يستمرّ التشابك بين الإسلاميين والنظام، ويزعجني أن يتواصل إهدار الوقت والمال والجهد والطاقات في هذه المعركة أو الخصومة دون أن يكون هناك مستفيد. بل هناك ضرر لحق المجتمع والوطن وحرم البلاد من الاستفادة الإيجابية من آلاف الطاقات : (مربون وأطباء ومهندسون وجامعيون وعمال وإطارات…) وأشاع مناخ الخوف والحقد والعطالة والتوجس والريبة. ورغم مرور حوالي العقدين من الزمن منذ بداية الحملة، لا يزال منطق التشابك هو السائد رغم ما أصاب جسم الحركة الإسلامية من إنهاك وإجهاد. ويغذّي هذا المنطق بساطة الإجراءات المتخذة من طرف السلطة وتراخيها المقصود في إطلاق سراح المساجين وطيّ صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة تقوم على منطق الإدماج في الحياة العامة في أبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والنفسية. كما يغذّي منطق التشابك حرص بعض الأطراف السياسية المنافسة من المعارضة على أن تبقى الخصومة قائمة بين السلطة والحركة الإسلامية حتى لا يستفيد الإسلاميون من المناخ الجديد ويحسنوا استثمار ما تراكم من مكاسب ويبقوا مركبا وأداة لتحقيق مآرب حزبية وفئوية- كما كانوا دائما- وذلك لما تتمتع به تلك الأطراف من ضعف ووهن وعدم قدرة ذاتية على مناجزة السلطة. ولقدرتها على استدراج فعاليات الحركة الإسلامية (المغفّلة) لمنطقها وسلوكها الاحتجاجي والانفعالي، رغم إدراكها -أي المعارضة- لطبيعة الأذى وحجمه الذي أصاب الإسلاميين « وقد كانت تلك الأطراف بالأمس مساهمة فيه ومعينة عليه » وحاجة هؤلاء أي الإسلاميين لزمن طويل ولمناخ استقرار يساعدهم على التعافي وتضميد الجراح وإصلاح البناء والاندماج التدريجي في الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية بالبلاد. ولو حاولنا أن نحلّل ونفهم الأسباب التي تؤخّر حصول مصالحة وطنية، وهل المصالحة ممكنة ومطلوبة لقلنا : 1-إنّ المحنة التي تعرض إليها الإسلاميون قد تركت آثارا نفسية عميقة تحتاج إلى وقت وجهد نفسي حتى تزول آثارها. وتحتاج إلى وقت حتى تتعافى الأبدان من الآثار السلبية للسجون وتستعيد عافيتها وتلقى العناية الصحية الضرورية- وهو أمر لم يحدث إلاّ قليلا- وللسلطان دور كبير فيه لأنّ ذلك من مسؤولياته وواجباته، كما للجمعيات والمنظمات الحقوقية والتطوعية كما لأصحاب المسؤولية في حركة النهضة عبء كبير. وتحتاج إلى وقت حتى تتعافى النفوس وتستعيد توازنها. ولعلّ الجروح النفسية أشدّ وأعظم أثرا على الأفراد وهي لذلك تتطلّب جهدا كبيرا من السلطة قوامها الإرادة المسؤولة والصادقة في تجاوز الآثار ومعالجتها بالتطمين والإدماج الاجتماعي والتعويض المعنوي والمادي واستبعاد منطق التشابك. كما تتطلب جهدا عظيما من الإسلاميين يبدأ بتحميل أنفسهم جزءا من المسؤولية فيما جرى من تشابك وما ترتب عليه من عقوبة أو محنة لأنّ ذلك من حسن التقويم من ناحية، وفيه بعض عزاء من ناحية أخرى من شأنه أن يقلل من الآثار النفسية ويدفع منطق الثأر والانتقام لو توفرت القدرة، ويشيع مفهوم الاحتساب إلى الله لأنّ صاحب الرسالة أو القضية يعتبر أنّ المحن ضرورية وطبيعية في المسيرة. وبقدر ما يكون جريئا وصادقا وموضوعيا في تحديد كسبه وكسب يده فيها (أي مسؤوليته) بقدر ما يكون قادرا على استيعابها وتجاوز آثارها والانطلاق لحسن استثمارها في المستقبل نهوضا بالرسالة ومواصلة للمسيرة وتقييما للتجربة وتأكيدا للدور وإصرارا على الحق في التعبير والمشاركة يوجّهه في المرحلة الجديدة الموضوعية والاعتدال في توصيف الواقع الخاص والعام. 2-على السلطة أن تدرك أنّ الحركة الإسلامية معطى موضوعي في الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية للبلاد وأنّ سلوك المواجهة ومنطق الإقصاء والإلغاء أو التحقير لا يلغيها. نعم قد يضعفها ويهمّشها ويضعف تأثيرها ويعيق امتدادها، ولكن لا يمكن بأية حال أن يقضي عليها. بل إنّ العملية في حد ذاتها تضييع للوقت والجهد وللطاقات من جانب السلطة كما من جانب فعاليات الحركة الإسلامية. وهي بعبارة أخرى نوع من اللغو أو الإصرار على الضلال أي الخطأ… وخير من ذلك أن يتعاطى مع الظاهرة على أنّها واقع وتطور طبيعي في الحياة العامة للبلاد ويمكن أن تكون عامل إثراء حقيقي إذا توفر شرطان. -واحد من جانب السلطة وهو أن تعتبر الحركة الإسلامية معطى موضوعيا ومنافسا فكريا في الجانب الثقافي والسياسي والبرامجي وتتعامل معه على ذلك بمنطق التشريك وإفساح المجال للعمل ضمن القانون وتستبعد معه ومع غيره منطق الإقصاء والمحاصرة والمتابعة الأمنية البليدة. فتغدو الحركة الإسلامية شريكا سياسيا وثقافيا يوحد إمكانياته وثرائه وفعالياته ونضاليته للعطاء والبناء والإصلاح فيسلم المجتمع من إهدار الفرص والإمكانيات في التدافع والتشابك الجالبين للهزات والمعيقين للتنمية. -وآخر من جانب فعاليات الحركة الإسلامية وهو أن يعتبروا ما جرى في الماضي مرحلة غير طبيعية وقد ولّت وانتهت بقطع النظر عن المسؤولية التي هي موزعة بين الطرفين بأقدار متفاوتة. وأنّ المرحلة الجديدة تقتضي قدرا كبيرا من المسؤولية السياسية تقوم على احترام السلطة واحترام الفرقاء والاقتناع بمنطق التدافع السلمي القائم على الحوار والتواصل. ويجدر بالإسلاميين أن يقوموا بمراجعات جريئة يكون فيها تقييم للماضي بحلوه ومرّه ويكون ذلك بأقدار من العلنية توفّر للدارسين وللأجيال خلاصات تعين على التجاوز والتطوير والترشيد إذ أنّ الحركة الإسلامية ليست مملوكة لفئة أو حزب أو تنظيم أو أشخاص بل هي مرحلة وتجربة في تاريخ البلاد والشعب كما غيرها من الأحزاب والتنظيمات والجمعيات والزعامات. وكلّ تجربة أو مرحلة يعتريها النقص والخطأ. وقد يحرمها انغلاقها وتكتمها من الاهتداء للعورات والتفاعل مع الواقع تأثرا وتأثيرا. وما أحوج الإسلاميين لأن يكونوا مثالا في المسؤولية والصراحة والصدق والجرأة إذا كان القصد « إن أريد إلاّ الإصلاح ما استطعت » « وما أبرّئ نفسي إنّ النفس لأمّارة بالسوء ». إنّ ممّا يعين على دفع منطق التشابك حسن الإدراك للواقع الموضوعي وطنيّا وإقليميا ودوليا، وضرورة الانتباه إلى أنّ أعداء الأمّة لا يريدون لبلدنا وغيره من بلاد المغرب أو العروبة والإسلام أو الجنوب عامّة (إفريقيا وآسيا) أن تتمّ فيه يقظة وعي وإرادة نهوض ووعي بالتحديات واستقرار وسلام تساعد جميعا على حسن الانتقال للديمقراطية وحسن استغلال الإمكانيات المادية والبشرية تعود بالنفع على هذه الأوطان والشعوب قبل غيرها. وهذا يقتضي مسؤولية من الحاكم والمحكوم ورغبة عامة في دفع كلّ أسباب التشابك والتوتر والتنافر والتدابر ويقظة دائمة تفسد على الأعداء تدبيرهم ومكرهم. ولنا فيما حدث في أفغانستان والعراق وفلسطين ولبنان والصومال والسودان وكثير من بلدان آسيا وإفريقيا شاهد ودليل. (المصدر: موقع « الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 17 ماي 2008)
عجيب: لقد حيرتنا نخبنا- بين أنس الشابي وعبد المجيد الشرفي
لقد أثار كتاب الطالبي « ليطمئن قلبي » لغطا كثيرا لدى معارضيه وخاصة عبد المجيد الشرفي الذي حاول أن يبرئ نفسه من تهم استهداف أركان الإسلام من خلال ادعائه بعدم وجوب إتباع الرسول في طريقة صلاته وصيامه وحجه وذلك بصريح عباراته التي لا تحتمل التأويل مدعيا أن تناوله للدين لا يخرج من إطار البحث الأكاديمي والعلمي المجرد والبحث ولا يلمس دائرة الاعتقاد الشخصي والإيمان وهو لعمري كلام محير لا يفهمه صاحب عقل ولا يزيد إلا في تبليس إبليس، وكان أولى له أن يخاطب القوم بما يفقهون ويجيبنا بوضوح إن كان يوافق الطالبي بأن المسلم هو الذي تتوفر فيه شروط الإيمان والإسلام كما خطها المشرع سبحانه وتعالى وفصلها النبي المرسل الذي وكله المشرع بتبليغ الرسالة وهو أن الإسلام يشترط إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت والامتثال إلى قول المشرع سبحانه و تعالى « وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا… » حتى لا يصبح كل فرد مصيغا لطريقة عبادته بنفسه، وكل من خالف ذلك وأصر على تبرير مخالفته بالدعوة إلى التخلي عن تلك الأركان أو التفلسف فيها فانتسابه لإسلام لا يعدو أن يكون تعسفا على نفسه وتبليس على جموع المؤمنين وهذا هو لب الموضوع الذي أطمع أن يجيبنا عنه بكل وضوح عبد المجيد الشرفي وأتباعه ممن يصفون أنفسهم بالحداثيين أي هل يؤدي تلك الأركان من صلاة وزكاة وحج ويؤمن بها أم أن منهجه الحداثي يمنعه من ذلك حتى لا يتناقض مع منهجه العلمي الذي يروج له لدى تلامذته؟ نرجو إجابة واضحة من الشرفي حتى تزول الحيرة. من جهة أخرى فإن رد السيد أنس الشابي على الشرفي قد أثار العديد من التساؤلات والحيرة لدى القارئ، فهو يصور الشرفي وتلميذه احميدة النيفر –الذي دافع عنه- تارة بأنه عرّاب السلطة في الإصلاحات التي قام بها محمد الشرفي من أجل الإطاحة بالفكر الإسلامي الصحيح في المناهج التربوية وهو ما خلق جيلا باهتا فاقدا لأي شعور بالهوية والانتماء للأمة ثم يحيلنا إلى مواقف نقيضة حيث يدعي عدم رضاهم عن مجلة الأحوال الشخصية لتحررها المفرط– والتي يعتبرها الحداثويون في الواقع وثيقة مقدسة- عبر ما ينسب إليه وإلى تلامذته من منشورات، ثم تراه مرة أخرى يدعي بأن عبد المجيد الشرفي وتلامذته يروجون لفكر الأصوليين وعتاة المتطرفين –كما جاء في وصف الشابي العلمي جدا- من أمثال يوسف القرضاوي وحسن الترابي وسيد قطب وحتى راشد الغنوشي، وهذا الكلام لا يزيد القارئ إلا حيرة –وهو يعلم موقف الشرفي وجماعته من منهج أهل السنة والجماعة كما ذكر هو نفسه في بداية رده- ويجعله يضيع بين متناقضات تقطع وحدة المعنى والهدف من الرد وكأنه أمام إسقاطات فوضوية من الحجج المتناقضة التي تجعل المقال وكأنه تصفية حسابات حزبية بين مدارس متناحرة لا تثير إلا السخط والاشمئزاز من الواقع التي وصلت إليه ما تسمي نفسها نخب المجتمع، فهل يمكن أن يجيبنا السيد أنس الشابي عن هذا التناقض الذي يحيد به عن المنهج العلمي الصحيح في نسف أو فضح ما جاء به الشرفي وهو موقف يبدو فيه السيد الشابي وكأنه يريد أن يضرب وبكل انتهازية –واستبلاه للقراء-عصفورين بحجر، بدون أي يدرك أبجديات الصيد البديهية وبدون عناء ذكاء والتي تتطلب أن يكون العصفوران على نفس الشجرة وليس في شجرتين متقابلتين مراقب
جامعة التجمع بقصرهلال ومعتمديتها متآمرتان بامتياز علي الحياة الثقافية المحلية انقلاب 17 ماي2008 واعلان ولادة الشعبة الثقافية نموذجا
لقد تناولت في أكثر من تدوينة سابقة الدور المتميز الذي أصبحت تلعبه جامعة التجمع بقصرهلال على الساحة المحلية ترسيخا للجمود وارساء للرداءة غير المطابقة للمواصفات مما جعلنا نشك وبامتياز في عدم التزام هذه الجامعة بالخطب الرسمية واللوائح والمقررات الصادرة عن السلطة التنفيذية والتجمع الدستوري معا مما يؤكد بما لا يترك مجالا للشك عدم تطابق القول مع الفعل لاطلاق يد هذه الجامعة تصرفا مجافيا لكل القرارات والبيانات للحيلولة الحريصة دون ارساء دولة القانون والمؤسسات ،وتجسيم المقولات العديدة التي نقرؤها على اللافتات في مختلف المناسبات الوطنية والزيارات الخاطفة،ولانرى تجسيما لها على أرض الواقع؟؟؟ تعرضت ضمن التدوينة السابقة الى زيارة كاتب الدولة للداخلية والتنمية المحلية الى مدينة قصرهلال ظهر يوم17 ماي2008 والتي يبدو بأنها كانت زيارة تكريس الأمر الواقع الرديء،وتشريع التصرّف غير السليم للهيئة البلدية الضاربة كل الأرقام القياسية في غياب الانجازات وانعدام المبادرات وتكريس قانون الغاب خصوصا بعد وصول سلسلة البطل أو شامبيون التي تفكر بصفة جدية في شراء صلاحيات المجلس البلدي موافقة ورفضا حتى لرخص البناء في منطقة امتياز المغازة مقابل تمتيع أهالي قصرهلال بتخفيضات هامة على حساب جمالية المدينة وفرض الاكتضاظ المروري أمام واجهتها الممتدة والذي انطلق حتى قبل افتتاحها؟؟؟ ولم تقبلا جامعة التجمع بقصرهلال ومعتمديتها بأن تفوّتا هذه الفرصة تكريسا لهذا الأمر الواقع الرديء المقرف الكريه الذي أصبحت له سلطة القانون من دون رفع لافتات تذكر صباحا قياسا على اللافتات المرفوعة اعلانا عن وصول المسؤول الوطني ظهرا ذلك أنهما لجئتا وباستحياء وتحفظ كاملين الى انجاز انقلاب صامت مدين لهما،وقع التخطيط له منذ مدة بعد ادخال اللجنة-الشعبة الثقافية الى بيت الطاعة التجمّعي؟؟؟ ولم تبدأ مؤامرات جامعة التجمع ضد الهياكل الثقافية وضد العمل الثقافي بمدينة قصرهلال منذ مدة وجيزة،ولكنها انطلقت مع استيلاء أحد الكتاب العامين السابقين على البناية الحالية التي كانت تحمل اسم دار الثقافة والتجمع برغم تأكد مساهمة وزارة الثقافة في بنائها أكثر من ادارة التجمع فحوّلها الى ملكية التجمع رغبة في تحقيق مصالح لا يزال يتمتع بها الى اليوم،فوقع حجز اللجنة الثقافية في المقصورة الخلفية لدار التجمع وأدخلت منذ تلك المرحلة الى بيت الطاعة التجمعي ووقع التعامل معها كحرمة من حريم السلطان في القصور السلطانية؟؟؟ فوقع بكامل الاصرار والترصد تحويل هذه اللجنة الثقافية وببساطة بعد تأبيد هيئتها الخاضعة بالكامل لجامعة التجمع الى شعبة ثقافية مما أعطى للجامعة الحق في التصرف معها باعتبارها احدى ملحقاته تصرف « سي السيّد » في الروايات المصرية من خلال فرض تركيبة هيئتها وتوجيه نشاطها الرفيع والمتميز قياسا على العمل التنشيطي « أحلى جو »لفافا وعمّي رضوان مما يكشف عدم اكتراث هذه الجامعة بمجلة الأحوال الشخصية التي تلغي تعدد الزوجات على اعتبار زواج جامعة التجمع بقصرهلال بكلّ مكوّنات النسيج الجمعياتي بمدينة قصرهلال؟؟؟ لقد كان يوم 17 ماي2008 يوما أسود بامتياز لمدينة قصرهلال بكل المواصفات اذ تميز بحدثين متميزين مثلا حلقة جديدة من حلقات المسلسل المكسيكي لنكبات مدينة قصرهلال واللذين يستحقان دخول موسوعة »غينيس »للأرقام القياسية لا عطاء وتألقا وشموخا وتميزا لأصحابها وبلدانها ،ولكن انحدارا واندحارا واغتيالا لارادة المواطن الهلالي الذي أغتصبت ارادته بفرض مسؤولين غير مسؤولين عن شيء،وهدر كرامته لاطلاق أيدي جامعة التجمع بقصرهلال في تحويل مدينة قصرهلال،مدينة2مارس1934،مدينة الحاج علي صوّة،مدينة الاصلاح والتغيير وكره الرداءة منذ التأسيس الى مدينةأشباح بعد استباحة كرامة متساكنيها والتآمر على حريتهم في الوصول الى مطمحهم المشروع في الحرية والكرامة والنخوة ومحاربة الرداءة المتميزة بتعدد الزوجات في وجود مجلة الأحوال الشخصية،فهل ستشرّع وزارة الثقافة وحماية التراث عبر مندوبيتها بالمنستير هذه المهزلة أو هذه الفضيحة الثقافية المرتكبة باصرار وترصد في وضح النهار؟؟؟ ان متساكني قصرهلال الرافضين للأمر الواقع الرديء المكرّس بسلطة القانون هم على موعد منذ الآن لتفعيل ارادتهم ونزع أغلالهم المفروضة عليهم من خلال السعي الى اعادة الحياة والاعتبار لهياكل المجتمع المدني الحقيقي التعددي الرافض لممارسات « سي السيد »ولتعدد الزوجات في وجود مجلة الأحوال الشخصية استعدادا لانتخابات 2009 و2010 لطرد الرداءة والتسلط الأهوج والرضى بالدون في مدينة الشموخ والتألق والعنفوان رغم كيد الكائدين….وما أكثرهم في هذا الزمن الحرام؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ مراد رقية
اعترافاً بإبداع المرأة التونسية في مجال الفن السابع مهرجان كان السينمائي يكرم مفيدة التلاتلي
يكرم مهرجان كان السينمائي الدولي هذا العام المخرجة التونسية مفيدة التلاتلي التي رأت في هذا التكريم »اعترافا » بإبداع المرأة التونسية في مجال الفن السابع. وأبدت التلاتلي في تصريح لوكالة فرانس برس سعادتها بهذا التكريم »الذي يشكل فرصة هامة للتعريف اكثر بإبداعات المرأة التونسية في مجال الفن السابع وبتطور السينما التونسية التي شقت طريقها بثبات نحو العالمية ». ويحتفي المهرجان الذي يقام من 14 إلى 25 مايو/ أيار الحالي بالمخرجة التونسية بمناسبة الذكرى الأربعين لإنشاء قسم »أسبوعي المخرجين » الذي يعد من اهم أقسام هذا المهرجان الذي سبق ان احتفى بالسينما التونسية. واختارت إدارة المهرجان التلاتلي، التي سبق ان اختيرت عضوا في لجنة تحكيمة في دورة سابقة، للإشراف على طاولة مستديرة بعنوان »مسيرات نساء » تشارك فيها عشرون سينمائية عربية بينهن المخرجة اللبنانية نادين لبكي والمنتجة المصرية ماريان خوري والممثلة التونسية هند صبري والممثلة العراقية عواطف نعيم. كما تشارك التلاتلي في لقاء آخر تحت عنوان »سينما والتزام » ضمن تظاهرة »أسبوع النقاد ». اكتشف الجمهور الفرنسي المخرجة التونسية لأول مرة العام 1994 حين عرض فيلمها الروائي الطويل الأول »صمت القصور » في مهرجان كان الذي منحها جائزة »الكاميرا الذهبية ». وحصدت التلاتلي بعد ذلك نحو عشرين جائزة عن هذا الفيلم الذي يتناول بجرأة نادرة آنذاك معاناة النساء في الخمسينات من أهمها التانيت الذهبي لأيام قرطاج السينمائية وجائزة أفضل إخراج وأفضل دور نسائي في مهرجان دمشق السينمائي العام 1995 و »أكبر جائزة » في مهرجان لندن في العام نفسه. ثم عادت التلاتلي التي درست في الأساس فن المونتاج قبل ان تدخل مجال الإخراج الى مهرجان كان العام 2000 عبر فيلمها الثاني »موسم الرجال » الذي عرض في إطار قسم »نظرة خاصة ». وبعد أن عالجت في فيلمها الأول وضع المرأة والعقلية السائدة مطلع القرن في تونس انتقلت مفيدة التلاتلي في هذا الفيلم الى وصف عصري أكثر للواقع الاجتماعي في بلادها. وهو إنتاج فرنسي تونسي حصل أيضا على أكثر من عشر جوائز منذ بدء عرضه العام .1999 ويروي الفيلم، الذي تدور أحداثه في المنطقة الريفية من جزيرة جربة السياحية، مأساة امرأة لا ترى زوجها سوى شهر واحد في السنة وهو شهر العطلة بسبب عمله في الخارج. وتصف المخرجة الوحدة والاهانات والكبت الجنسي وأغلال التقاليد التي حولت نساء الفيلم إلى سجينات. وكشفت التلاتلي لفرانس برس انها تعمل حاليا على فيلم سيجري تصويره قريبا في تونس بعنوان »الأيادي الصغيرة » حول واقع الفتاة التونسية من خلال نظرة مراهقة. وتعتبر التلاتلي (61 عاما) من رواد السينما التونسية وقد درست في أكاديمية باريس للفيلم عام 1965 قبل ان تعمل مشرفة سيناريو ومنتجة في التلفزيون الفرنسي ما بين 1968 و.1972 وطوال مسيرتها السينمائية التي شهدت أيضا ميلاد الفيلم الطويل الثالث »نادية وسارة » العام 2003 قامت التلاتلي بمونتاج عدد هام من الأفلام العربية التي لاقت نجاحا جماهيريا كبيرا مثل »ذاكرة خصبة » للفلسطيني ميشال خليفي و »حلفاوين » لفريد بوغدير و »نهلا » للجزائري فاروق بلوهة و »باب فوق السماء » للمغربية فريدة بليزيد. وتعرض الدورة الجديدة لمهرجان كان عشرة أفلام تونسية من بينها »باب عزيز »للناصر خمير و »جنون » للفاضل الجعايبي و »الحادية » لرشيد فرشيو. يشار إلى أن المشاركة العربية في مهرجان كان السينمائي الدولي ستشمل مشاركة أربعة أفلام مصرية في سوق المهرجان، وقالت ميسون حافظ المتحدثة باسم المجموعة الفنية المتحدة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إنهم قاموا بحجز جناح مخصص لعرض فيلم »الجزيرة » داخل سوق مهرجان كان والاتفاق على لقاءات مع موزعين فرنسيين وكنديين داخل السوق طلبوا مشاهدته لتقرير مدى امكانية شراء حقوق توزيعه في الخارج. وكتب الفيلم محمد دياب وأخرجه شريف عرفة وقام ببطولته أحمد السقا وهند صبري والنجم محمود ياسين وخالد الصاوي وتدور أحداثه حول تاجر مخدرات في صعيد مصر يتعامل مع الأمن لفترة طويلة لكن ظروفا تغير الأوضاع بينها فيتحدى كلا منهما الآخر لتبدأ مصادمات دموية تنتهي بمقتله. وأضافت حافظ أنه لن يسافر أحد من أبطال الفيلم الذي يحقق نجاحا كبيرا بدور العرض منذ بدء عرضه إلى كان لانشغال الجميع بتصوير أعمالهم الجديدة، إضافة إلى أن الشركة لن تقوم بتنظيم عرض جماهيري للفيلم، وإنما تكتفي بعرضه على الموزعين وشركات التسويق داخل جناحها بالسوق. وأشارت المتحدثة باسم المجموعة المتحدة أن فيلما مصريا ثانيا هو »ألوان السما السابعة » سيشارك في سوق كان من خلال جناحهم الخاص باعتبارهم مسؤولي توزيعه لصالح الشركة المنتجة له »شعاع ». وكتبت الفيلم زينب عزيز وأخرجه سعد هنداوي وشارك في بطولته ليلى علوي وفاروق الفيشاوي وحصل مخرجه على جائزة أحسن مخرج من المهرجان القومي للسينما المصرية قبل أسبوع واحد. ويتناول الفيلم قصة حب رومانسية بين »عاهرة » تسعى للتوبة وراقص »تنورة » ينتمي وجدانيا للفكر الصوفي ويتناول تغير الظروف التي تربط بينهما رغم اختلاف أفكارهما. بينما يعرض فيلم »ليلة البيبي دول » على هامش السوق يوم 16 أيار/ مايو الجاري في عرضه العالمي الأول بحضور صحفيين ونقاد وإعلاميين. ويشارك في بطولة الفيلم محمود عبد العزيز ونور الشريف وليلى علوي والسوريان جمال سليمان وسلاف فواخرجي ومحمود حميدة وعزت أبو عوف وغادة عبد الرازق وعلا غانم واللبنانية نيكول سابا وتنتجه شركة جود نيوز سينما. ويتناول التغيرات التي طرحت على حياة العرب والمسلمين عقب أحداث 11 سبتمبر/ أيلول. كما يشارك في السوق فيلم مصري رابع هو »الغابة » تأليف ناصر عبد الرحمن وإخراج أحمد عاطف وبطولة أحمد عزمي وحنان مطاوع وريهام عبد الغفور وباسم سمرة. ويتناول الفيلم عددا من المشكلات التي يتعرض لها أطفال الشوارع مثل الإدمان والاستغلال الجنسي وسرقة الأعضاء. جدير بالذكر أن إدارة المهرجان اختارت الناقد السينمائي المصري ياسر محب عضوا في لجنة تحكيم قسم »نظرة خاصة » الرسمي في الدورة المقبلة كثالث مصري يشارك كمحكم في المهرجان الدولي بعد النجم الراحل يوسف وهبي والمخرج الكبير يوسف شاهين. (المصدر جريدة الوقت ( يومية – البحرين) بتاريخ 18 ماي 2008 )
يكتبه: كمال بن يونس
القصة « بسيطة جدا » رغم غرابتها وصبغتها المثيرة.. الحادثة ليست منشورة في بعض صحفنا المختصة في الاثارة لاغراض تجارية بحتة.. ولا فيما يسمى « الصحف الصفراء » بأوروبا.. بل في صحيفة لومند Le Monde النخبوية العملاقة.. وفي موقعها الالكتروني.. أمس السبت.. يتعلق الامر بطفلين في الـ12 و13 من عمرهما تابعا مع طفلة يحوم سنها حول الـ10 سنوات.. شريطا جنسيا اباحيا.. ثم قررا تطبيق بنوده (« على بكري ») فاغتصبا الطفلة (وهي قريبة احدهما).. مع تصوير الواقعة بالفيديو..ثم عمما المشاهد على زملائهما في المدرسة طوال أسبوع عبرالهاتف المحمول (يحيا العلم).. الى أن تفطنت ادارة المدرسة وعائلات التلاميذ الى الامر.. فاحيل الطفلان والبنت الى القضاء والى الاطباء النفسانيين.. قد يعلق بعض الكهول على طريقتهم مستغربين ومستنكرين.. هذه القصة التي تبدو أغرب من الخيال نفسه.. رغم صبغتها الشاذة نسبيا.. لكني لا اشاطر هؤلاء وأولائك انطباعاتهم.. لان الامر اصبح يتعلق بسلوكيات « شبه مألوفة » ؟؟. ويكفي أن يفتح أحدنا يوميا مواقع الصحف الالكترونية في عدد من الدول العربية والأوروبية ليكتشف الكم الهائل من القضايا التي تنشر عن ممارسات مماثلة.. مراودة فاغتصاب مع تصوير المشاهد ثم بيعها لشركات صناعة « البورنو « .. أو للخلان » المكبوتين « .. وفي صحف احدى الدول المغاربية هذه الايام متابعات دورية لمنحرفين من السياح الفرنسيين والأوروبيين الذين يفتعلون شبكات « دعارة سرية »… ثم يقومون بتصويرالمشاهد لبيعها.. قبل أن يفتضح أمر بعضهم.. ويحالوا على القضاء..؟ بل ان الاغرب من ذلك ان مثل هذه القضايا تتكرر منذ سنوات.. وتشمل تصوير حوادث اغتصاب مراهقين ومراهقات.. وممارسات مثلية أيضا.. (عاشت التعددية).. الاتحاد الأوروبي قررالتصدي لتجار المال في « صناعة البورنو » عبر فرض قيود على القنوات غير المشفرة.. لكن تشريعاته تجاوزها الزمن بحكم الانتشار السريع للقنوات المشفرة.. والانتشار الاسرع لحيل الغاء تشفيرها مجانا.. وعبر كلمات سر تروج في الانترنيت.. ويلتقطها الاطفال.. ما الحل اذن؟ هل هناك مجال لمحاربة شبكات مليارديرات صناعة البورنو في امريكا أوروبا واسيا؟ من العبث التفكير في مثل هذا الخيار.. لان هذه » الصنعة » أصبحت توفر سنويا للمافيا التي تقف وراءها مليارات الدولارات سنويا.. ولها « رجالة » و »بلطجية » يحمونها.. مثل شبكات المخدرات وتبييض الاموال.. ++ الحل حسب جدتي : »عسوا على أولادكم وبناتكم.. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 ماي2008
بعد 8 سنوات من الحجز « الإسلاميون والديمقراطية » لسلوى الشرفي يُبصر النور
إسماعيل دبارة من تونس:
الإيداع القانوني الذي كان معمولا به سابقا في تونس حرم كتاب « الإسلاميون والديمقراطية » للأستاذة سلوى الشرفي من التوزيع والوصول إلى القراء. و اليوم بعد 8 سنوات كاملة من تأليفه وطبعه، اختارت الدكتورة الشرفي أستاذة علم الاجتماع السياسي بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار أن تقدم كتابها بمنتدى الجاحظ الثقافي بالعاصمة تونس. « الإسلاميون والديمقراطية »، منشورات علامات، ويضمُّ 416 صفحة، يحلل بشكل معمق خطاب حزب النهضة الإسلامي التونسي المحظور حول الديمقراطية والسلطة وحقوق الإنسان بشكل علمي أكاديمي، وذلك في الفترة الممتدة بين سنتي 1973 و1989 أي ما يقارب العشرين عاما وما يبعُد اليوم بقرابة العشرين عاما أيضا. و رغم هذه المسافة الزمنية فإن خطاب إسلاميي حزب النهضة الذين ينادون بالديمقراطية،و كما ذكرت الدكتورة الشرفي لإيلاف » لم يتغير كثيرا بل إنه لم يتغير البتة في مفاهيمه الأساسية. فمنذ بضعة أشهر ( أوت-سبتمبر 2007) كفّرني بعضهم لمجرّد الحديث عن التّمييز في الأحكام بين نشوز المرأة ونشوز الرجل في الإسلام، والبرهنة على ذلك بآية تأديب المرأة الناشز بالضرب من جهة (النساء 34) وآية دعوة المرأة إلى قبول نشوز زوجها ومصالحته من جهة أخرى (النساء 128) وكذلك بسبب الاستشهاد بالطّبري حول واقعة تاريخية تتعلق بخالد ابن الوليد، للتدليل على أن السلطان يزع ما لا يزعه القرآن حسب القول المنسوب للخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان. » الشرفي -كما قالت – لا تزال إلى الآن تتساءل عن الفرق بين المكفّرين ومكمّمي الأفواه من جماعة حجز الكتب ( وتقصد بذلك السلطة الحاكمة التي أمرت بحجز كتابها). فالعبرة ليست بأسماء التّوجهات السيّاسية المعلنة، بل بما تنتجه من معان في خطابها وسلوكها أي بطبيعة الأشياء وليست بشكلها. ذلك أن التكفير سلاح سياسي بحت. وقد شكّل التكفير تاريخيا الغطاء الأيديولوجي لتشريع استخدام العنف في إدارة الاختلاف بين المسلمين. يبحث الكتاب إذن في خطاب حزب النهضة الإسلامي التونسي، وتحديدا في خطابه المتعلق بمفاهيم السّلطة والدّيمقراطية وحقوق الإنسان، وأيضا في نظريّته المعرفيّة التي تشكّل منبع نظريّته السيّاسيّة. و ما جعل الدكتورة الشرفي تركز على تلك الأبواب هو اكتشافها لازدواجية خطاب هذا الحزب أو الحركة، الذي يؤكد من جهة على إيمانه بالديمقراطية كمنهج في الحكم، مع مواصلة الدعوة إلى تطبيق الشريعة ورفض مساواة المرأة بالرجل وتكفير من يختلف معه في الرأي من جهة أخرى. وقد أدت هذا الازدواجية في القول إلى تناقض بين القول والسلوك وهو أمر حتمي. ففي أواخر الثمانينات تم الاعتداء على بعض المُفطرين في رمضان بحجة احترام حرية المعتقد، والاعتداء على مناضلة نسويّة انتقدت حزبهم. كما رفض بعض المنتمين إلى الحزب إدماج مبدأ حرية اختيار الزوج بقطع النظر عن دينه، في ميثاق الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان(منظمة حقوقية معروفة في تونس). وكفّر الحزب في بيان رسمي وزير التربية عصرئذ السيد محمد الشرفي بسبب اختلافه الفكري معه، لذلك تتساءل الكاتبة إذا كان تطوّر خطاب حزب النهضة هو تطور شكلي، أي تكتيكي وبراغماتي فقط، أم أنه حقيقي وعميق. و لم يكن الأمر لا هذا ولا ذاك حسب ما توصلت إليه في كتابها. من كل بُستان زهرة في الكتاب محاولة واضحة وجاهدة للبرهنة على أن خطاب حزب النهضة الإسلامي المحظور هو خطاب انتقائي في أدواته ويضع على قدم المساواة مفاهيم ومصطلحات وتمثّلات لا يجوز الجمع بينها بأي شكل من الأشكال. فالنّهضويون كما تسميهم » الشرفي » يعتقدون أنه يمكن الأخذ بمقولة من كل بستان زهرة. فينتقون من النظرية الديمقراطية الحريات العامة التي تخدمهم سياسيا وينتقون من النظرية الإسلامية الحريات الخاصة، وهم يعتقدون أنهم أرضوا بذلك الله والشعب في نفس الوقت، غافلين على أن لكل مفهوم نظام متناسق من الحقوق والواجبات والأحكام والعقوبات، وأنه لا يمكن التلفيق بين فكر يعترف بشرعية كل الأفكار وفكر لا يعرف للحق سوى وجه واحد، بمجرد العبور على جسر بعض المصطلحات الحديثة في وقت وجيز. و بما أن الديمقراطية، كمفهوم، تحوي نظاما متناسقا من المبادئ والمؤسسات والآليات التنفيذية، فقد اضطر كل من يستعمل هذا المفهوم، كاسم إشارة فقط، أن يعادل كل عناصر براديجم (paradigme) الديمقراطية بعناصر الثقافة القديمة السائدة. فقد عادل محمد عبده الرأي العام بالاجتهاد، وعادل الإسلاميون النّهضويون في تونس الاجتهاد بالتشريع وبسيادة الشعب وبحرية الرأي والتعبير، كما جعلوا من حرية المعتقد بالمعنى الحقوقي الحديث مرادفا لمعنى « لكم دينكم ولي ديني » مع التشبث بفكر التكّفير وبمفهوم المواطنة ألإقصائي والتهميشي لغير المسلمين. لذلك لم يتمكن الخطاب النهضوي المتعلق بخطاب الحريات العامة من التمييز بين الشورى والديمقراطية، وبين الاجتهاد والتشريع وبين حرية المعتقد وأحكام أهل الذمة، كما أنه لم يستوعب التماثل بين كل من التعذيب وأحكام الحدود وحكم الردة واضطهاد أصحاب الرأي المخالف، فهم يندّدون بالتعذيب ويتمسّكون بالعقوبات الجسدية، وهم يندّدون باضطهاد السلطة لهم وقمعها الفكري ولا يرون حرجا في تكفير مخالفيهم. و يعود هذا الخلل المتمثل في عدم الانسجام الفكري، إلى تجاهل، أو عدم المعرفة بشروط التنظير السياسي الذي من المفروض أن يؤسّس على قواعد فلسفية ومعرفية واضحة. ذلك أن تجاهل البناء الفلسفي لنظرية ما يحول دون المرور من المستوى الإيديولوجي إلى المستوى الفكري العميق ويعرقل عملية الفهم والاستيعاب. كما تطرقت الدكتورة الشرفي في تقديمها للكتاب إلى ظاهرة التّقيّة التي يعيشها العالم العربي، حيث توجد شبه قطيعة بين الأسماء والأشياء. والأمر لا يدخل في باب التلطيف، « فنحن لا نخشى عادة تهويل الأمور، وإنما جاءت هذه القطيعة كنتيجة لرفضنا أو خوفنا من إحداث قطيعة معرفية. لذلك نظل نجترّ الأشياء القديمة وفي أحسن الأحوال نخفيها تحت جلباب الأسماء الحديثة. فلا ينقض القديم من أساسه ولا يستوعب الجديد من ينابيعه. » و تضيف: » لن أدّعي أن المسلمين والعرب يختصون بهذه الظاهرة، كما لا يمكنني ادعاء العكس. وإنما أعرف أن فلاسفة عصر الأنوار في الغرب لم يكونوا ليتمكنوا من إنتاج النظرية الديمقراطية لو لم يحدثوا قطيعة ليس مع الكنيسة فقط بل وكذلك مع الإنجيل. فهم لم يختفوا وراء مقولة المسيح « أعط لقيصر ما لقيصر ولله ما لله » لتبرير مبدأ اللائكية، وإنما انطلقوا من نظرة للإنسان كفرد حرّ، مريد، عاقل، سيّد نفسه وسابق عن المجتمع، ممّا يبرّر عدم تحديد حرّيته وفرض قوانين عليه سوى بإرادته الحرة السيّدة. وعلى هذا تأسّست بقية المبادئ، وأهمها المساواة الاستوائية بين الناس، وليست التفاضلية التي تمنح الحقوق والحريات للإنسان حسب جنسه البيولوجي ومعتقده الديني وحالته الاجتماعية والاقتصادية (أحرار وعبيد) وحتى القبليّة (خصّ بعض فقهاء الأحكام السلطانيّة مثل الماوردي، قريشا بمنصب الخلافة) نحن ما زلنا نتغذى من فكر الماوردي ونسميّه ديمقراطية. » إذن يطرح كتاب « الإسلاميون والديمقراطية » إشكالية الازدواجية في القول والازدواجية بين القول والممارسة لحركة النهضة الأصولية. والازدواجية حسب سلوى الشرفي تؤدي إلى الغموض، مما يجعل الفرد يعتقد أنه اختار بحرية وعلى اقتناع، في حين أنه لا حرية بدون معرفة حقيقية ولا إقناع بدون انسجام فكري وسلوكي، وإنما هو مجرد تأثير مبني على مجرد بلاغة تنهل قوتها من صور الجنّة وجهنّم بالنسبة للخطاب السياسي الديني ومن الترهيب والترغيب بالنسبة للخطاب السياسي غير الديني. انتقادات للكتاب وصاحبته البعض من الحضور الكبير بمنتدى الجاحظ اعتبر كتاب « الإسلاميون والديمقراطية » محاولة انتقاديّة محض للتشهير بحركة النهضة التي سبق وأن لجأت إلى العنف في تونس، وليس دراسة أكاديمية تريد المعالجة واستخلاص الأحكام الايجابية والسلبية معا. في حين ذهب البعض الآخر إلى أن استناد « الشرفي « إلى الديمقراطية الغربية وخصوصا إلى فلسفة الأنوار لم يكن في محله كون الفصل بين الدين والسياسة في مجتمع مسلم – كما سبق وأن حصل في الغرب – قد أدى إلى نتائج عكسية تماما وإلى ظهور تيارات أصولية أشدّ تطرفا من النهضة ومثيلاتها. كما أن ازدواجية الخطاب الذي تحدث عنه الكتاب ليس موجودا لدى النهضة فحسب بل لدى كل التيارات الفكرية والسياسية كالقوميين والماركسيين والليبراليين وحتى العلمانيين الذين تنتمي إليهم الكاتبة، فلم تخصيص النهضة بعينها، كما أن التنصيص على أن ما قيل منذ عشرين سنة عن الحركة ينطبق عليها اليوم هو قول لا علمي بالمرة. فالسجال الفكري الذي عاشته الحركة في الثمانينات مع بقية المكونات الثقافية والسياسية بتونس فرض عليها تبني واستعمال عدد من المفاهيم والشعارات التي لم تكن تستعملها من قبل وهو في حدّ ذاته تطور ايجابي. والحركة تدين اليوم صراحة وعلنا تصرفات السلفيين المتشدّدين والإرهاب. أما أن يكون كل ذلك من قبيل التكتيك والبراغماتية وليس من قبيل التطور الجذري العميق كما ذكرت الدكتورة في كتابها فلم يتمكن احد من الجزم بذلك. « الشرفي » من جهتها اعتبرت كتابها دراسة لخطاب معيّن ومخصوص هو خطاب حركة النهضة الأصولية التي ادّعت تميّزها بصفات ليست فيها كالديمقراطية واحترام حرية المعتقد ومساواة المرأة بالرجل وهو ما لم يحصل فعليا، لذا وجب التدخل لكشف ذلك. وتقول لمن اعتبر كتابها استهدافا وملاحقة فكرية للإسلاميين: » الفقرة التالية، وعلى إيجازها، تلخّص الكتاب بأكمله، لذلك اخترتها لان تكون في الغلاف الخلفي لكتابي: « أفتى التحديثيون للديمقراطية بالشورى في أوائل القرن العشرين وأفتى الإسلاميون للشورى بالديمقراطية في أواخره. فلم يتم نقض الشورى من أسسها ولا استيعاب الديمقراطية من ينابيعها. ولا يزال الجدل مستمرا… » (المصدر: موقع « إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ 18 ماي 2008)
مهاجر تونسي قالوا: الحمد لله كرة القدم في تونس ليست حكرا على الرجال ,و فتياتنا يتوجهن الى الملاعب الرياضية قلنا: اما آباؤهن فيتوجهون الى المسابح لممارسة السباحة الايقاعية قالوا: تونس تتاهب لموسم السياحة بالتحذير من الارهاب قلنا: و لتتاهب المساجد لالقاء فلذات اكبادها من الشباب قالوا: بناء مسبح مختلط في كلية الشريعة و اصول الدين قلنا: فعلة لا تليق الا بكلية الشنيعة و اجتثاث الدين قالوا: التونسيون بالخارج يكرهون الوطن الام قلنا: التونسيون بالخارج يكرهون من نصبوا انفسهم على الوطن و لم يتركوا لغيرهم الا اللمم قالوا: الاسلام و العصر برنامج متميز على الفضائية التونسية قلنا: الاسلام و العصر برنامج متحيز على الفضائحية التونسية قالوا: سرقوه في وضح النهار…اعتدوا على شرف ابنته….استولوا على املاكه… قلنا: « كما تكونون يولى عليكم » قالوا: انسحبت جميع الفرق التونسية من دوري الابطال الافريقية قلنا: لا تجزعوا فلسد الفراغ في الصيف سيعلن النظام عن دوري ابطال تونسية بمشاركة افريقية قالوا: فتى تونسي يلقى مصرعه في مخفر بوليس فرنسي لاسباب عنصرية و تونس تفتح ملف قضائي قلنا: الملف القضائي: هل كان ميتنا من المصلين؟ قالوا: رئيسنا في تونس اسم على مسمى… قلنا: زيف العابثين قالوا: ربيع العقربي حوكم غيابيا و هو في عداد الموتى!!! قلنا:هذا ملحق « عذاب ما وراء البرزخ » قالوا: قالوا و قلنا قلنا: فعلوا و ما فعلنا و الى لقاء قريب ان شاء الله…. السلام عليكم
المصدر: موقع « الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ18 ماي 2008)
السبيل أونلاين – التقرير الصحفي الأسبوعي الثامن عشر
ندوة دراسية حول الشيخ محمد الشاذلي النيفر بمناسبة الذكرى العاشرة لوفاته نظم « بيت الحكمة » يوما دراسيا بمناسبة مرور 10 سنوات على وفاة الشيخ محمد الشاذلي النيفر رحمه الله . وكتبت جريدة « الصباح » التونسية بتاريخ 14 ماي 2008 عن الندوة. وقد تحدث نجل الشيخ الشاذلي النيفر , الطاهر النيفر في مداخلته عن جوانب متعددة في شخصية ابيه العلامة الراحل , وقال أنه بالإضافة إلى كونه عالما وفقيها , فإنه كان أيضا ناشطا سياسيا وساهم في جهود النضال الوطني لنيل الإستقلال ,وقد ذكرمثالا على ذلك , وهو حمله لعريضة صادرة عن رموز الحركة الوطنية التونسية لإبلاغها للجامعة العربية , وكذلك سفره سنة 1951 مع الرئيس السابق الحبيب بورقيبة لتبليغ صوت تونس في أحد المؤتمرات الإسلامية التى إنعقدت بباكستان . أما عن الجانب العلمي فقد تحدث كل من الأساتذة طه السويح , ومحمد الحبيب الهيلة عن الشاذلي النيفر كمحدث بارز , خصوصا في جهوده الكبيرة في مجال الإعتناء بالسنة النبوية الشريفة, إعتبارا لقيمة وضخامة مؤلفاته ودراساته حول علوم السنة النبوية وأعلامها مثل عنايته بموطأ الإمام مالك رحمه الله , ومدونة الإمام سحنون وتقديمه لكتاب « المعلم بفوائد الإمام مسلم » بأجزاءه الثلاثة . لكن أهم مداخلة هي تلك التى قدمها الأستاذ مصطفى الفيلالي , فقد أشار في سياق حديثه عن حيثيات أشغال المجلس التأسيسي التى إنعقدت لوضع دستور الجمهورية التونسية على إثر إلغاء النظام الملكي والتى حضرها الشيخ الشاذلي النيفر بوصفه عضوا بالمجلس , والذي بادر بإقتراح الفصل الأول من هذا الدستور الذى نص على عقيدة ولغة الدولة التونسية المستقلة , وقد إقترحها على النحو التالي :”تونس دولة عربية اسلامية » , ورغم إعتراض كل من الباهي الأدغم وأحمد المستيري خاصة على كلمة إسلامية , وذلك حسب زعمهم إحتراما لشعور المواطنين التونسيين الغير مسلمن , إلا أن بورقيبة حسم المسألة بإقتراحه الصيغة التى لا تزال إلى اليوم مثبتة في الدستور . سماسرة في تونس يعرضون على الفلاحين اسعارا مغرية لشراء محصول القمح والشعير ظهر نوع جديد من المضاربين والسماسرة في تونس , الذين قرروا إستغلال الأزمة العاليمة التى أدت لإرتفاع أسعار الحبوب . وبحسب صحيفة « الشروق » التونسية اليومية بتاريخ 12ماي 2008 , فالسماسرة , قرروا ممارسة نشاطاتهم في اشد القطاعات حساسية وذلك قبل أقل من شهرين من إنطلاق موسم الحصاد . فقد اتصل بعض السماسرة ببعض الفلاحين وعبروا لهم عن رغبتهم في شراء محاصيلهم الزراعية من القمح والشعير بصفة مسبقة , مقابل اسعار مغرية بلغت حدّ 90 دينار تونسي للقنطار الواحد بالنسبة للقمح و 70 دينار بالنسبة للشعير . ودعا صاحب المقال إلى التصدى من الآن وبقوة لهؤلاء المضاربين , إضافة إلى ردع ومعاقبة الفلاح الذى يقبل بهذه العروض المقدمة من السماسرة لأن السمسرة والمضاربة ستصبح خطيرة جدا إذا ما إستهدفت الغذاء الأساسي عكس بقية القطاعات والمنتوجات الأخرى التى يمكن ن تكون عرضة لهذه الممارسات دون أن يشكل ذلك خطرا كبيرا على المستهلك . سفير السودان في تونس يتحدث عن خفايا أحداث أمدرمان قال السفير السوداني في تونس الأستاذ عبد الوهاب الطماوي , في مقابلة له نشرتها صحيفة « الشروق » التونسية بتاريخ 12 ماي 2008 , أن حركة « العدل والمساواة » بدارفور وضعت مسلحيها تحت إمرة القيادة التشادية . وأضاف أن القوات الأمنية السودانية تمكنت من إحباط الإختراق منذ الساعات الأولى لوصول المتمردين إلى أمدرمان , كما تم إعتقال أعداد كبيرة منهم والتحقيق معهم ,وقد إعترف بعضهم بأنه قدم من التشاد . واوضح السفير السوداني أن كل الشعب السوداني شارك في كشف ودحر المؤامرة , وأن كل الأحزاب السياسية سواءا كانت مشاركة في الحكومة أو كانت في المعارضة شجبت هذه العملية , والإستثناء الوحيد هو إستدعاء الدكتور حسن الترابي للتحقيق معه على خلفية علاقته بقائد التمرد « خليل إبراهيم » , وكذلك اسمه وبعض القيادات « المؤتمر الشعبي »الذى يتزعمه في الوثائق التى عثر عليها مع المتمردين حسب قوله . النائب البريطاني السابق جورج قالوي :أشعر بالخجل لدور بريطانيا في الماساة الفلسطينية في حوار له بموقع الجزيرة نت بتاريخ 14 ماي 2008 , أكد السياسي البريطاني ما سبق وأن ردده , وهو شعوره بالخجل من الدور الذى لعبته بريطانيا في المأساة الفلسطينية . وفي إجابته على سؤال حول إمكانية حل قريب للصراع الفلسطيني مع الإحتلال أجاب غالوي بالنفي , وذلك بسبب الأزمة السياسية التى يعيشها الكيان الصهيوني على خلفية تهم الفساد التى يواجهها « رئيس الوزراء ايهود اولمرت » , وكذلك بسبب حالة الإنقسام التى تعيشها الحالة الفلسطينية . وعن الأحداث التى تشهدها الساحة اللبنانية , اعتبر غالوي ان هناك مؤامرة صهيونية – أمريكية للسيطرة على العالم العربي وإستغرب كلام القادة العرب عن تخوفهم من سيطرة ايران على المنطقة . وحول خسارة كين ليفغستون لمنصبه كمحافظ مدينة لندن , أرجع غالوي ذلك إلى تراجع شعبية حزب العمال الذى ينتمي إليه , وكذلك لصداقته بالشيخ يوسف القرضاوي ,وأيضا لعلاقته الغير جيدة باليهود البرطانيين . فتوى للسيستاني تحرّم زواج الشيعية من سني « خوفا من الضلال « ورد في موقع « قناة العربية » , بتاريخ 12 ماي 2008 أن موقع المرجع الشيعي الأعلى على السيستاني يحتوى على فتوى تحرّم زواج الشيعية من السني « خوفا من الضلال » بحسب فتواه . كما وردت فتوى تحرّم صلاة الشيعي وراء إمام سني . وقد أعربت جمعية الحوار الحضاري التى أسسها الكاتب الإسلامي أحمد الكاتب عن إستغرابها لوجود مثل هذه الفتاوي , وطالبت الجمعية في رسالة وجهتها للسيستاني بتوضيح الأسس التى بنى عليها حكمه ؟ , وعمّا اذا كان يحكم ببطلان زواج الشيعيات من أهل السنة ووجوب طلاقهم ؟ وكيف يمكن للسنّي أن يهتدي ويحافظ على زواجه من الشيعية ؟ وماذا يجب أن يقول أو يعمل او يعتقد ؟. علما أن أحمد الكاتب , هو عبد الرسول عبد الزهرة عبد الأمير الآري , من مواليد كربلاء سنة 1953 , درس في حوزة الشيعة العلمية , في كربلاء بين عامي 1967 و 1973 , ثم انتقل إلى الكويت حيث عمل مدرّسا هناك لينتقل بعده إلى طهران بعد قيام الثورة الإيرانية سنة 1979 , وعمل رئيسا لتحرير القسم العربي في الإذاعة الإيرانية عام 1979 , ثم عمل بعدها استاذا للفقه والأصول في حوزة القائم في طهران , حتى عام 1991 حيث انتقل إلى لندن وصدر له خمسة عشر كتابا في الفكر الشيعي . قوات التحالف تقرّ بجعل القرآن هدفا لمرمى جنودها في العراق ورد بالموقع الإلكتروني « لقناة العربية » بتاريخ 15 ماي 2008 , تقرير كتبه الصحفي حيان نيوف , يتضمن تأكيد قوات التحالف في العراق حصول إطلاق نار على القرآن الكريم « كهدف عسكري » في احدى معسكرات التدريب التابعة لها . وكانت هيئة علماء المسلمين في العراق قالت في بيان لها أن قوة تابعة لقوات الاحتلال الأمريكي مؤلفة من 3 مدرعات وسيارة من نوع همر وضعت نسخة من القرآن الكريم في ميدان للرمي قرب مركز للشرطة بمنطقة الرضوانية , يوم الأحد 11 ماي 2008 وأطلق أفرادها النار عليه. واضاف « أكّد شهود عيان من أبناء المنطقة أن هذه القوة قامت بهذا الفعل الشنيع أمام حراس مركز الشرطة وتركت المصحف في مكانه وعليه آثار الإطلاقات النارية وقد كتبوا على إحدى صفحاته عبارات نابية. توقع زيادة 6000 « حاج » يهودي لكنيس الغريبة هذا الموسم حسب موقع وكالة الأنباء الفرنسية بتاريخ 15 ماي 2008 فإنه يتوقع وصول 600 يهودي من ضمنهم 1500 يحملون الجنسية » الإسرائيلية » لزيارة كنيس الغريبة بجزيرة جربة وذلك يومي 22 و23 ماي القادمين. وقد أكد هذه المعلومات منظم « الزيارة » » وهو ابن رئيس الجالية اليهودية بجربة المدعو رينيه الطرابلسي , وسيكون من ضمن الحضور هذه السنة كبير حاخامات برلين ابراهيم هاوس , كما ستشهد هذه السنة ولأول مرة مشاركة 100 « حاج » من كندا. كما أكد رينيه الطرابلسي أن عدد « الحجاج الاسرائيليين » كان سيتضاعف 3 مرات لو كانت هناك رحلات مباشرة بين تونس و » إسرائيل ». علما أن جزيرة جربة يقطنها حوالي 1000 يهودي تونسي مقابل 100000 منذ حوالي 50 سنة. رئيس الإستخبارات العسكرية « الإسرائيلية » يتحدث عن التهديدات التي تواجه » إسرائيل » كتب الصحفي زهير أندراوس في صحيفة القدس العربي بتاريخ 16 ماي 2008 أن رئيس الإستخبارات العسكرية الاسرائيلية الجنرال عاموس يدلين قال أن » إسرائيل » تواجه 5 تهديدات وهي : إيران وسورية وحزب الله وحماس والجهاد العالمي. ووفق رئيس الاستخبارات العسكرية فإن المقاومة الفلسطينية مازالت تطور الأدوات التي بحوزتها وأضاف أنه خلال سنتين ستكون بأيدي المقاومة الفلسطينية الصواريخ التي تطال مدينة بئر السبع في جنوب الدولة العبرية. وقال بأن إيران تقوم بتطوير صواريخ باليستية تحمل رؤوسا نووية تصل الى أوروبا وأيضا الى المحيط الاطلسي وبتالي فانها ليست مشكلة إسرائيلية فقط بل مشكلة عالمية. أما فيما يتعلق بحماس فقال بان الحركة تسعى لبناء جيش على غرار تجربة حزب الله. أما السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس فقال انها في طريقها الى الإختفاء عن الخارطة السياسية وانه بعد ذلك ستكون الفوضى ومن ثم سيطرة حماس على مقاليد السلطة في الضفة أيضا. صحوة عرب « إسرائيل » تحت هذا العنوان كتب مبعوث صحيفة « لوموند » الفرنسية الصحفي ميشال بول ريشارد , بتاريخ 16 ماي 2008 يقول بأن النفس الاحتجاجي لدى عرب » إسرائيل » تزايد , فقرروا المطالبة بحقوقهم , خاصة بعد أن أحسوا بتعاظم قوتهم وانهم أكثر تنظما. وعرب « إسرائيل » يعدون اليوم 1,5 مليون نسمة أي 20 بالمائة من سكان » إسرائيل » . ونقلا عن يوسف جبارين الأستاذ بجامعة حيفا ومؤسس المركز العربي للقانون والسياسة بأم الفحم فإن 300.000 لاجئ فلسطيني داخلي هجروا من قراهم ولم يسمح لهم بالعودة لبيوتهم. ويعتبر مقتل 13 متظاهرا فلسطينيا في شهر أكتوبر 2000 كانوا يشاركون في تحرك احتجاجي سلمي تضامنا مع ضحايا الانتفاضة الثانية أحد اهم أسباب الصحوة التي يعرفها عرب « إسرائيل » ويضيف أحد طلبة مدينة حيفا قائلا : » لقد انتهى زمن العربي المطيع , سوف نضع حدا للتمييز نريد المساواة في الحقوق والتكافؤ في الفرص نحن ضد دولة « إسرائيل » كدولة خاصة باليهود لأن تخصيص هذه الدولة فقط لليهود يتنافى والديمقراطية. أما الطالب أحمد فقد اعتبر أن إغتصاب فلسطين هي « أكبر عملية اغتصاب لأرض في التاريخ ». الأمم المتحدة تنتقد حظر الحجاب في فرنسا حسب موقع « أرابنت5 » بتاريخ 15 ماي 2008 , فإن مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة انتقد القانون الفرنسي الذي يقضي بحظر ارتداء الزي الديني في المدارس بما فيه الحجاب الإسلامي . وأصدر المجلس تقريرا اعتبر فيه أن القانون أدى الى اثارة العداوة ضد الحجاب مشيرا الى أن القانون الفرنسي أدى الى عدم التسامح الديني بحق النساء اللواتي يرتدين الحجاب الإسلامي خارج المدرسة والجامعة واماكن العمل . المصدر : السبيل أونلاين , بتاريخ 18 ماي 2008
البعد الآخر الزوال… بين الأوهام والحقيقة
بقلم: برهان بسيس ماذا بعد بلوغ الدولة سنتها الستين بعد التأسيس؟ هل أن إسرائيل ذاهبة إلى حتفها أم أن هذا المصير هو عبارة عن أماني العقل العربي المتفائل تحت وقع ألم الهزيمة والإحباط؟ الاستقلال عند الاسرائيليين والنكبة عند الفلسطينيين والعرب فتحت هذا الشهر أبوابا واسعة للنقاش والتحليل حول مستقبل الحالة الكائنة في قلب الشرق الاوسط وآفاق تمدّدها المستقبلي. ما يجلب الانتباه في غمرة هذه المطارحات هو سيطرة الاندفاعات اللاعقلانية في خطاب النخب العربية التي أسست خطابها حول نكبة فلسطين على نفس مقولات العاطفة الجيّاشة حول الحق العربي المسلوب، تلك التي بالرغم من شرعيتها وشرعية محملها التاريخي لجرح الذاكرة وقسوة الظلم فإنها غير قادرة على بلورة خطاب عقلاني وموضوعي يتحسّس بعمق أسباب الهزيمة العربية وأسرار القوة الإسرائيلية. هل لأننا نتمنى زوال الكيان المغتصب ستزول اسرائيل؟! هل سيزول هذا الكيان بمواكبة الخطاب الشبيه بالصواريخ الكلامية التي ما فتئ الرئيس الإيراني أحمدي نجاد مواظبا على إطلاقها؟! هل زوال هذا الكيان رهين انطباعات سطحية لعديد المثقفين العرب المتفائلين صدقا بانتصارات «الوعد الإلاهي» في لبنان وصواريخ المقاومة النازلة على رؤوس سكان المستوطنات؟ بغض النظر عن قضايا الإرادة الدولية والدعم الأمريكي والغربي واستحقاقات التوازنات الاستراتيجية الدولية فإن بقاء اسرائيل أو زوالها ليست قضية جمل منمّقة في خطاب أماني ثورية حالمة أو قصيدة شعرية تهدى للضحايا والمضطهدين إنها مسألة تحقيق وتأمل في الشروط الحضارية والثقافية للبقاء أو الزوال. علينا كنخب عربية أن نطرح أسئلة الوجع على ضمائرنا قبل طرحها على الضمير اليهودي… أي قوة سحرية خلقت من شتات يهودي قادم من آفاق اجتماعية وحضارية وثقافية شديدة الاختلاف مجتمعا منسجما تحكمه دولة مدنية بمؤسسات حديثة وقوانين نافذة تحاسب رئيس الوزراء إذا أخطأ وتضمن الاختلاف وحرية التعبير داخل المربع الذاتي للمجتمع والدولة في اسرائيل. ألا ينبغي أن نخاف على لبنان من الزوال قبل أن نتفاءل وهما بزوال اسرائيل؟! إن حجم الانقسامية التي تأسست عليها الكينونة الاجتماعية لاسرائيل بحكم نشأتها على قاعدة تجميع الشتات من مختلف الآفاق أقوى بكثير من الانقساميات السائدة مذهبيا وطائفيا في عديد المجتمعات العربية ومنها لبنان والعراق، ورغم ذلك لم نستمع يوما إلى أي صنف من أصناف الاحتكاكات العنيفة بين أي من الطوائف المكونة للنسيج الاجتماعي الاسرائيلي بفضل نجاح العقل اليهودي المؤسس في بلورة هوية مواطنة مدنية صرّفت التعبير عن نفسها من خلال تهيكلات حديثة كالأحزاب السياسية. القيمة التي تكاد تكون مقدسة تلك التي يعطيها المجتمع الاسرائيلي لأشياء مثل العلم والعمل والقانون هي ما أسس للقوة الاسرائيلية الضاربة التي صرفتها الصهيونية إلى غطرسة وتجبّر وجرائم في حق الفلسطينيين ورصيد من القوة الاستراتيجية التي تعطي لاسرائيل أسباب تفوّقها الراسخ على العرب. نزع الأوهام من العقول عملية أليمة لكنها سرعان ما تعطي نتائجها الايجابية حين تضعنا كأصحاب حق تاريخي لا يمحى على الطريق الحقيقي لنصر تصنعه قيمه الحقيقية في الثقافة واستعداد المجتمع وليس التمادي وراء بشائر خاوية من أي مقدمات عدى الأوهام المتسرّبة من وطأة الهزيمة. (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 18 ماي 2008)
تأملات في اللغة والثقافة أستعمل اللغة.. إذن فأنا إنسان
بقلم: د.محمود الذوادي نطرح هناتأملات حول اللغة والثقافة والعلاقة الرابطة بينهما،من جهة، وحول اللغة كأداة إعجازفي القرآن الكريم وكرمزأول لكسب الجنس البشري وحده دون غيره من الأجناس الأخرى رهان تاج صفة الإنسانية،من جهة ثانية. إنها حصيلة من الأفكار ساعدت على ميلادها محاولة بحوثناالتعمق أكثر في خفايا وأسرار مانسميه عالم الرموزالثقافية الذي بدأنا التعرف عليه والغوص في أعماقه منذ ما يقرب من عقدين من الزمن.أتاح لنا السير على هذاالدرب اكتشاف معالم جديدة مستحدثة الصنعة غريبة النزعة،كما يقول ابن خلدون،في دنيا الرموزالثقافية كمايتجلى ذلك في كتبنا ودراساتنا ومقالاتناالعديدة باللغات الثلاث:العربية والإنكليزية والفرنسية. معنى مفهوم الثقافة يكثرالحديث اليوم عن الثقافة في المجتمعات البشرية بمعانيها العديدة المستعملة مثل ثقافة النخبة المفكرة وثقافة النخبة السياسية والثقافة البيئية والثقافة الغذائية وثقافة السياقة وثقافة المزج اللغوي وغيرهامن الإستعمالات السائدة لكلمة الثقافة في مجتمعات عصرالعولمة. نود هنا أن نركزعلى العلاقة الرابطة بين الثقافة بصفتها خاصية إنسانية مميزة للجنس البشري، من ناحية، وملكة اللغة المميزة هي الأخرى للإنسان عن غيره من الكائنات والأجناس الأخرى، من ناحية ثانية. نستعمل هنا مصطلح الرموزالثقافية كمرادف لكلمة الثقافة.ويعني كل منهما عندنا العناصرالتالية: اللغة والفكروالدين والمعرفة/العلم والأساطيروالقوانين والقيم والأعراف الثقافية وغيرهامن العناصرغيرالمادية التي يتصف بهاالإنسان وحده. دوراللغة الحاسم في إنسانية الإنسان عند التساؤل عن أهم عنصر في منظومة الرموز الثقافية يقف وراء ميلاد منظومة الرموز الثقافية المميزة للجنس البشري، فإن اللغة البشرية المكتوبة والمنطوقة على الخصوص تكون هي وحدها المؤهلة لبروز منظومة الرموز الثقافية / الثقافة كما عرفناها أعلاه. فيصعب إذن تخيل وجود بقية عناصر الرموز الثقافية كالدين والعلم والفكر، مثلا، بدون حضور اللغة البشرية في شكلها المنطوق على الأقل. ومن ثم، جاءت مشروعية اعتبارنا أن اللغة هي أم الرموز الثقافية جميعا. يحظى موضوع اللغة باهتمام كبير بين الباحثين. فقد ذهب عالم النفس بنكر Pinker إلى القول بأن اللغة هي غريزة في الإنسان مثلها مثل قدرة الإنسان الغريزية على المشي. أي أنها شيء متجذرومبرمج في الطبيعة البشرية. وهذا ما يفسر نجاح كل الأطفال بكل سهولة على استعمال وحذق اللغة. فلو لم تكن المقدرة اللغوية أمرا غريزيا مبرمجا في عمق صميم الطبيعة البشرية لفشل عدد غيرقليل من الأطفال في تعلم اللغة كما يفشلون في تعلم القراءة مثلا. وبعبارة أخرى، فالقدرة على استعمال اللغة مسألة ديمقراطية متاحة لكل الناس في الظروف العادية ولايحرم منها إلا نزر قليل من الناس لأسباب خلقية أو لأسباب عارضة في حياتهم. إن حرمان هؤلاء من استعمال اللغة لايؤدي بالضرورة إلى عجزهم على امتلاك، بدرجات مختلفة، بقية عناصر المنظومة الثقافية كالتفكير وممارسة العلم والمعرفة والتدين والتأثربقيم وتقاليد المجتمع. تمثل ملكة اللغة هذه الغريزة البشرية مخزونا مركزيا وأساسيا في طبيعة الإنسان. ولهذا المخزون وجهان: 1- استعمال اللغة المنطوقة والمكتوبة و2-الإستعداد والقدرة على استعمال بقية مكونات منظومة الرموزالثقافية. إن حضورالوجهين للملكة اللغوية هوبالطبع الوضع المثالي لتمكين أفراد الجنس البشري من كامل تمتعهم بما هوموجود على هذه الأرض ومن ثم التأهل الكامل للعب دور السيادة/الخلافة في هذا العالم. يرى العالمان نوبل W.Noble وديفدسن I.Davidson أن اللغة هي أداة التفكيرالرمزي عند الإنسان. فهي التي تمكنه من صياغة المفاهيم والأفكارونشرها بين الآخرين. ففي نظرهما وقع الإنفجار الثقافي الكبير The Big Cultural Bangفي دنيا الإنسان بواسطة اللغة. فبها استطاع بنو البشرأن يبتكروا الفنون والتقنيات الجديدة للتعامل مع محيطهم. وهكذا تتجلى مركزية اللغة بوجهيها في تشكيل هوية الإنسان هذا الكائن الفريد على أديم هذه الأرض. ومن هنا، تأتي مشروعية القول بأن اللغة هي المصدرالذي لاينضب في قدرته على مد الكائن البشري بتاج صفة الإنسانية على مرالعصور. غياب اللغة في أشهر تعريف للثقافة ونظرا لمركزية ملكة اللغة ا في نشأة منظومة الرموز الثقافية أو الثقافة بتعبير علمي الأنثروبولجيا والاجتما ع على الخصوص، فإن وصف القدماء للإنسان بأنه حيوان ناطق وصف مشروع جدا لأن اللغة المنطوقة والمكتوبة هي أكثر ما يميز الجنس البشري عن بقية الأجناس الأخرى ويعطيه السيادة عليها بواسطة منظومة الرموز الثقافية/ الثقافة. ورغم مركزية ملكة اللغة في هوية الإنسان وبالتالي في بروز منظومة الرموز الثقافية / الثقافة في المجموعات والمجتمعات البشرية، فإن أ شهر تعريف لمفهوم الثقافة في العلوم الاجتماعية الغربية المعاصرة لا يذكراللغة كعنصر مركزي وأساسي في صلب منظومة الثقافة . فقد عرف عالم الأنثروبولوجيا البريطاني إدوارد برنارد تيلر ( 1871) الثقافةCulture بأنها(ذلك الكل المعقد الذي يتضمن المعرفة والعقيدة والفن والأخلاق والتقليد وأي مقدرات وعادات يكتسبها الإنسان كعضو في المجتمع). يتمثل قصور هذا التعريف الكلاسيكي للثقافة في كونه لا يشير إلى اللغة ولا يعطيها الصدارة في مكونات منظومة الثقافة /الثقافة والحال أن اللغة هي منشئة ظاهرة الثقافة نفسها كما بينا. أي أ ن هناك علاقة عضوية جدا بين اللغة ومنظومة ثقافتها عند بني البشر. ومن ثم، يجوز الحديث عن قصور تعريف تيلر لمفهوم الثقافة بسبب أنه لا يذكر بكل وضوح صدارة اللغة في تعريفه للثقافة البشرية، ذلك الكل المعقد. الإنسان كائن ثقافي بالطبع يتبين مما سبق أن معلم الرموز الثقافية/ الثقافة هو بيت القصيد في هوية الكائن البشري. أي أن هيمنة هذا الأخير على بقية الكائنات الحية الأخرى وسيادته عليها يأتي من الجا نب غير المادي في هويته المزدوجة (الجسد +الرموزالثقافية) أي من الرموز الثقافية/ الثقافة. وأن ملكة اللغة هي مصدر تميز الجنس البشري عن سواه بمنظومة الثقافة. فالإنسان، إذن، ليس حيوانا ناطقا فحسب كما قال قدماء الفلاسفة بل هو أيضا كائن رموزي / ثقافي بالطبع. وبعبارة أخرى، فتميز الكائن البشري عن سواه من الكائنات الأخرى بالقدرة على استعمال اللغة في شكليها المنطوق والمكتوب على الخصوص أهله بطريقة مشروعة لكي يكون وحده مخلوقا رموزيا / ثقافيا بالطبع . وبمصطلح العلوم الاجتماعية الحديثة، يسهل القول بأن علاقة الارتباط قوية جدا بين ملكة اللغة عند بني البشر، من جهة، وحضور ظاهرة الثقافة في المجتمعات الانسانية، من جهة ثانية. أستعمل اللغة إذن فأنا إنسان إن التحليل السابق يثبت العلاقة الوثيقة بين اللغة والثقافة حيث تكون اللغة هي السبب الرئيسي لبروزظاهرة الثقافة الواسعة والمعقدة عند الجنس البشري.فملكة اللغة والثقافة الناتجة عنها هما،إذن، سمتان مميزتان للإنسان. أي أن هاتين السمتين هما مصدرإنسانية الإنسان.إذ بدونهما يفقد الإنسان إنسانيته، من ناحية، ومشروعية سيادته/خلافته في هذا العالم، من ناحية أخرى. وهكذا يتضح أن اللغة في شكليها هي المفتاح الأول الذي يمنح الإنسان وحده صفة الإنسانية. فيصح، إذن، القول بهذا الصدد على الطريقة الديكارتية : أستعمل لغة ،إذن، فأنا إنسان.فلا معنى للحديث عن أسباب تكريم الإنسان في هذا العالم بدون الرجوع في المقام الأول إلى هبة ملكة اللغة التي يتميزبهابنوالبشر. فاستعمال اللغة هوالعلامة القمة على كسب رهان شرف الإنسانية لدى الجنس البشري. الإعجاز اللغوي البياني المتحدي للعرب واعتمادا على الملاحظات السابقة حول مركزية اللغة في أنسنة أفراد الجنس البشري من كل المجموعات البشرية والشعوب والحضارات،فإنه يسهل فهم العبرة من الإعجاز البياني للقرآن الكريم.ويجوزالحديث هنا عن صنفين من الإعجازفي القرآن لاصنف واحد كماهومعروف ومتداول. فمن المسلم به أن القرآن الكريم يمثل معجزة لغوية بيانية متحدية للعرب منذ مجيء الإسلام. فالآيات القرآنية تتحدث عن ذلك بكل وضوح: « أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين »/العنكبوت 50ـ51 « وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فآ توا بسورة من مثله / البقرة 23 » ثم يشيرالقرآن إلى صفة الإعجاز العام في القرآن:اللغوي وغير اللغوي « قل لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا »/الإسراء 88. فالإعجاز اللغوي البياني القرآني الذي جاءت به الرسالة المحمدية يختلف، مثلا،عن الإعجاز الذي تجلى في رسالة السيد المسيح والمتمثل بعضه في ما تذكره هذه الآية القرآنية « ورسولا إلى بني إسرائيل اني قد جئتكم بآية من ربكم اني أخلق لكم من ا لطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحي الموتى بإذن الله… » آل عمران 49. يتمثل الفرق بين الإعجازين في كون أن الثاني ذو طبيعة مادية بينما الأول ذوطبيعة رمزية/لغوية بيانية. وبعبارة أخرى، فالإعجاز اللغوي البياني القرآني هو من نوع الإعجاز الخاص الموجه إلى العرب في كل من مكة ويثرب/المدينة . ففي الإعجازالبياني القرآني يلتقي أمران: أهمية البيان اللغوي في ثقافة العرب ومركزية اللغة كرمز لإنسانية الإنسان. أي أن اختيارالقرآن للإعجاز البياني ليس صدفة وإنما هوأمر مقصود بالكامل.إذ هويمس الخاص بما للبيان اللغوي من بالغ الشأن عند العرب ويمس الجانب العام والمتمثل في مدى مركزية اللغة في هوية الجنس البشري باعتبارها عنوان ورمز إنسانيته.. الإعجاز القرآني الرمزي الكوني العام واللغة كما بينا هي،إذن، تأشيرة الجنس البشري لكسبه وحده صفة الإنسانية ومن ثم السيادة/الخلافة في هذه الأرض. فالدلالة الرمزية لاختياراللغة كمعجزة القرآن الأولى أمر واضح المعالم على مستويين، كمارأينا. ويتصف بحكمة تدعو إلى كشف الحجاب أكثر عن عبرها. فالإعجاز اللغوي البياني القرآني يمس أهم عنصر تتلخص فيه معالم تجليات إنسانية الإنسان،ألا وهي ملكة اللغة.لا يأتي الإعجاز هنا حول مسألة جانبية أو هامشية في حياة ومصير بني البشر بل يتجسد الإعجاز في قمة هرم ميزات الإنسان وعنوان إنسانيته الكبير، ألا وهي اللغة البشرية. ولهذا الإعجاز اللغوي البياني ثلاث دلالات رمزية إنسانية عامة موجهة لكل الناس وليست خاصة بالعرب: 1ـ إعجاز دائم مدى الدهر وليس بالظر في والمؤقت كإعجاز عيسى وموسى. تمثل القامة العالية للنص القرآني تحديا للآخرين على مر العصور في جمال بلاغة تعبيره بأسلوبه الخاص الذي ليس هو شعرا أو نثرا وإنما هو قرآن، كما أكد ذلك طه حسين. فإعجاز النص القرآني إعجاز يتصف بالاستمرارية وحتى الخلود لأنه ضرب من الإعجاز الرمزي الذي تتجاوز قوة حضوره وتحديه للغير العوامل الظرفية للتاريخ والزمان والمكان. 2ـ يجوز القول بأن الإنسان هوالكائن المعجزة واللغز الكبير على هذه الأرض بسسب انفراده بالسيادة في إدارة ما يجري في هذا العالم. أي أنه لاتوجد منافسة حقيقية له من طرف أي من الكائنات والأجناس الحية الأخرى في مسألة إدارة شؤون هذه الدنيا. ويمثل انفراد الإنسان في استعمال ملكة اللغة المصدرالأول في خلق الإنسان الكائن اللغز والمعجزة، كما بينا. فاللغة البشرية هي بهذا الأعتبارأم المعجزات في دنيا الإنسان. وهي بالتالي أسمى علامة على إنسانية الإنسان. 3- ومن خلال ما ورد في 2 فإنه يصبح مفهوماومشروعا أن يتخذ القرآن من الإعجازاللغوي البياني أداة التحدي الأولى للعرب وللناس أجمعين على مرالعصور. ففي تبني الإعجاز اللغوي البياني كوسيلة لتحدي العرب والآخرين تذكرة قرآنية بأن مشهد هذا النوع من الإعجاز تمثله اللغة أرقى ما يتميز به الإنسان وأعز ما أهله بحق لأخذ مسؤولية تسيير شؤون هذا العالم ورفض بقية المخلوقات بمافيها معالم الطبيعة الكبرى على تبني هذه المسؤلية كما يعبرالقرآن الكريم على ذلك » وعرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ». وهكذا يمكن القول بأن الإعجاز اللغوي البياني القرآني لا يقتصر على مجرد التحدي الخاص للعرب في الفصاحة والبلاغة، وإنما هو يتجاوز ذلك إلى التأكيد على الجوانب الرمزية في المجابهة مع العرب على مستوى اللغة والفصاحة والبيان. وهي جوانب لا يشار إليها لا من قريب ولا من بعيد لدى من كتبوا المؤلفات المرجعية حول الإعجاز اللغوي البياني في القرآن الكريم. فلا ذكر عندهم لما نسميه هنا بالإعجاز اللغوي الرمزي. يتمثل هذا الأخير في جعل اللغة رمز إنسانية الإنسان وأرقى مهارته. إنها الميدان الذي تحدت فيه آيات القرآن كلام العرب من شعر ونثر. وبعبارة أخرى، فالإعجاز اللغوي البياني القرآني يقع، من جهة، على مستوى بلاغة وفصاحة صياغة الكلام العربي في النص القرآني. وهذا إعجاز خاص موجه للعرب. ومن جهة ثانية، يتضمن الإعجازاللغوي البياني القرآني إعجازا رمزيا كونيا عاما أكثرأهمية من الإعجازالخاص. يتمثل هذاالنوع من الإعجاز في اختياراللغة وحدها دون غيرها من الوسائل في تجسيد حدث الإعجازفي المحيط المكي والمديني. وهو اختيار يشيربكل وضوح بأن الإعجاز البياني القرآني يتخذ من اللغة أعز ميزة رمزية كرم بها الإنسان فأعطيت له وحده وبكل مشروعية السيادة والخلافة في هذا العالم. فالنص اللغوي البياني القرآني المعجز يمثل في نفس الوقت إشادة بينة وعالية بمدى الأهمية القمة لرمزية اللغة في تشريف الإنسان على هذه الأرض. ومن المؤكد أن التلويح إلى الدور الرمزي للغة كعلامة على إنسانية الإنسان وعلو مكانته في هذا العالم هما أبلغ من مجرد الإعجاز اللغوي البياني الخاص في النص القرآني والموجه إلى العرب كماأوضحنا ذلك في هذه التأملات الفكرية لهذا المقال. عالم اجتماع / تونس الموقع الإلكتروني:www.romuz.com (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 18 ماي 2008)
سقطت الأحلام لأن الدولة الوطنية تحولت إلي القمع والاستبداد
د. الحبيب الجنحاني الباحث وأستاذ التاريخ الاقتصادي والاجتماعي ل لراية الأسبوعية: ما زلنا نناضل من أجل المواطنة لأن المفهوم السائد في الدول العربية هو مفهوم الرعايا
تونس – الراية – إشراف بن مراد: الدكتور الحبيب الجنحاني باحث وأستاذ التاريخ الاقتصادي والاجتماعي في الجامعة التونسية، نشر عددا من الكتب في تونس والرباط والقاهرة وبيروت ودمشق والكويت وعمان.. وهو خبير غير متفرغ بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم سابقا. من بين مؤلفاته نذكر المجتمع العربي الإسلامي: الأسس الاقتصادية والاجتماعية ، المجتمع المدني والتحوّل الديمقراطي في الوطن العربي ، العولمة والفكر العربي المعاصر ، دراسات في الفكر العربي الحديث .. الراية التقت الدكتور الحبيب الجنحاني للحديث في عدّة قضايا منها الحرية والعولمة وصدام الحضارات.. فكان الحوار التالي: وأنتم المختصون في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي في العالم الإسلامي. هل تعتقدون أنّ إعادة قراءة التاريخ يمكن أن تفيد الحاضر؟ – أعتقد أنّ إعادة قراءة التاريخ تفيد الماضي والحاضر والمستقبل لكن بشرط أن تعاد هذه القراءة حسب مناهج البحث الجديدة التي تطورت تطورا كثيرا وخاصة خلال الثلاثين سنة الماضية في المجتمعات المتطورة بالخصوص. ولذا من الطبيعي جدّا سواء بالنسبة إلي التاريخ الاقتصادي والسياسي (وهو اختصاصي الأكاديمي) أو بالنسبة إلي أي نصوص أخري، من المهم جدا ومن المفيد أن تعاد قراءة هذه النصوص وأن تستنطق من جديد حسب هذه المناهج. وذلك ليكون تاريخنا في الماضي أقرب إلي الموضوعية والحقيقة التاريخية التي وقعت في القرون الماضية لأننا أحيانا نتحدث عن حقائق تاريخية ولكن تقدم البحث والمناهج يثبت أن هذه الحقائق لم تكن دقيقة وواضحة والنظرة إليها لم تكن سليمة بل كانت متأثرة بظروف معينة. ومن ثمّة فإنّ إعادة النظر فيها حسب هذه المناهج يجعلنا نصل إلي أقرب ما يكون إلي الحقيقة التاريخية هذا بالنسبة إلي الماضي. كما أنّ معرفة حقائق الماضي معرفة دقيقة تفيد الحاضر لأنّنا مثلا نقرأ بعض النصوص التي تسعي إلي تفسير مظاهر معينة في حاضرنا العربي والإسلامي بالعودة إلي الماضي ولكن التثبت يؤكد أنّ الماضي الذي يستشهد به هو في الحقيقة ليس دقيقا وليس صحيحا في بعض الأحيان. فكيف يمكن أن نفسر مظاهر في حاضرنا بناء علي مقولات مبتورة أو مشكوك فيها في الماضي. ولذا فإنّ إعادة قراءة هذه النصوص تفيد أيضا الحاضر لكن بشرط أن تكون وفق منهجية نقدية جديدة تستفيد مما وصلت إليه المناهج الحديثة في البحث. أطلق العالم الأزهري الشيخ حسن العطار في مطلع القرن التاسع عشر صيحة فزع قائلا إنّ بلادنا لابدّ أن تتغير أحوالها ويتجدد بها من المعارف ما ليس فيها . لماذا لم يتحقق الحلم؟ ولم لم تنجح حركات التنوير العربية في إرساء أسس الدولة المدنية؟ – في الحقيقة، هذا سؤال كبير جدير بالدراسة والبحث، لكن يمكن أن نوجز الحديث فيه فالشيخ الأزهري قال هذا الكلام في مطلع القرن ال 19 وهو أستاذ رفاعة رافع الطهطاوي والذي شجعه وساعده علي السفر إلي باريس وكتب نصوصا تنويرية خاصة وأنها صادرة من علماء دين في ذلك الوقت وهم علماء أزهريون وأهم نص كتبه هو رحلته في باريس الابريز في تلخيص باريز لأنه أراد أن يطلع الرأي العام العربي والإسلامي في ذلك الوقت علي مظاهر التقدم في أوروبا لأنّ مظاهر التقدم لم يكن يعرفها إلا قلة خاصة أولئك الذين رحلوا إلي أوروبا. وقد قلت في إحدي الدراسات إنّ الهدف الأساسي للكثير من المثقفين العرب الذين كتبوا ووصفوا رحلاتهم إلي أوروبا ومنهم الشيخ الطهطاوي وخير الدين باشا التونسي وفارس الشدياق… هو تقديم صورة مشرقة للغرب لأنّ الشعوب العربية والإسلامية عرفت الوجه السلبي للغرب عبر الحملات الاستعمارية. لذلك فإنّ النخبة القليلة التي زارت أوروبا أرادت أن تطلع العالم العربي الإسلامي علي الوجه المشرق للغرب المتمثل في احترام المواطنة والحقوق في المؤسسات الدستورية ووجود برلمانات تراقب عمل الدولة والحكومة حيث إن الكتابة كانت هادفة ثم تواصلت حلقات التنوير وكان الحلم الأكبر ربما ليس بناء الدولة المدنية بالمعني اليومي الحديث لكن الحلم ببناء الدولة الحديثة التي تقوم علي المؤسسات الدستورية. ثم تلت ذلك مرحلة أخري وهي مرحلة حركات التحرر الوطني فظهرت هنا الأحزاب السياسية من أجل العمل علي استقلال البلدان العربية وتحريرها لأنّ الاستقلال هو الخطوة الأساسية لبناء الدولة الوطنية ولذا فإنّ النخب والأحزاب ركزت جهودها بالأساس علي حركات التحرر الوطني من التبعية للأجنبي. طبعا التيارات الفكرية الحداثية موجودة ولكنها امتزجت وانصهرت في حركة التحرر الوطني لأنّ تحقيق حلم الدولة الحديثة لا يمكن أن يتم في ظلّ التبعية والاستعمار. ثم جاءت بعد ذلك مرحلة بناء الدولة الوطنية غداة الاستقلال في المغرب العربي أو في المشرق وأقطار الخليج علي أساس ما ناضلت من أجله الأجيال السابقة. وهنا تشعر من خلال كتابات رواد الفكر أنّ الاستقلال السياسي لم يكن هدفا في حدّ ذاته بل هو الخطوة الضرورية الأساسية لتحقيق الحلم الذي بدأ منذ مقولة حسن العطار والداعي إلي تجديد المجتمع. لكن مع الأسف خاب الظنّ وسقطت الأحلام لأنّ الدولة الوطنية الحديثة التي أسست غداة الاستقلال تحوّلت في جلّ الأحوال إلي دولة قامعة ومستبدة ولذا لم تتحقق أحلام التنويريين العرب. ومن المؤسف أن نقول هذا بعد مرور قرن ونصف القرن ونحن في بداية الألفية الثالثة مازال الكثير من القضايا مطروحاً، علي سبيل المثال تأثر هؤلاء الرواد بالغرب وتحدثوا عن فكرة المواطنة ونحن الآن مازلنا نناضل من أجل المواطنة لأن المفهوم السائد في الدول العربية مفهوم الرعايا. رغم أننا نستعمل مصطلح المواطنة في خطاباتنا الرسمية لكن هذا المفهوم أفرغ من محتواه لأنّ القضية ليست مرتبطة بالتعبير فنحن عندما نقول مواطن فإننا نتحدث عن حقوقه وعن احترامه واحترام الرأي المخالف. لقد أدّي فشل الدولة إلي انحسار وتقلص الفكر التنويري الحداثي لتظهر تيارات أخري مغالية ومتطرفة لم تكن موجودة وضعيفة أثناء بروز الحركات التحررية. لكن خيبة الأمل والوسائل القمعية التي استعملتها أنشأت هذه التيارات لسببين سبب داخلي تحول الدولة الوطنية إلي دولة قامعة وسبب خارجي هو أنّ هذا الغرب مازال يعامل هذه البلدان معاملة التبعية والسيطرة بل رجع الغزو العسكري المباشر كما نعيشه اليوم في العراق وفي بلدان أخري.. مع الأسف، نستطيع أن نقول أصبح التيار التنويري الحداثي العقلاني اليوم في الفضاء العربي الإسلامي بين المطرقة والسندان مطرقة النظم الاستبدادية في جلّ الأحوال وسندان الحركات المتطرفة التي تكفر وترفض الآخر جملة وتفصيلا لأنه لو نعود إلي البداية نلاحظ أنّ الرواد التنويريين فرقوا وميزوا تمييزا واضحا بين وجهي الغرب الغرب المستعمر الذي قاوموه في الداخل والغرب المتقدم والمتمدن الذي حاولوا أن يقلدوه وأن يستفيدوا منه ، بينما الآن نجد تيارات متطرفة ترفض الغرب جملة وتفصيلا. وهذا لا يصح.. كيف ترون دور المثقف ضمن هذه المنظومة وعلاقته بالسلطة؟ – أحيانا نحمل المثقف أكثر مما يستطيع، وهذا ليس تبريرا ولكن لا ننسي أنّ المثقف هو ابن بيئته ويعيش في ظروف معقدة في مجتمعه فهو لا يعيش في برج عاجي بل إنّه خاضع للضغوطات السياسية والاجتماعية.. ومع ذلك هذا لا يعفيه من مسؤوليته باعتباره يمثل الرأي المستنير ويستطيع أن يدرس الأحداث ويتنبّأ بالمستقبل انطلاقا من الحاضر ولكن لا بدّ أن نقول إنّ هذا الدور ازداد تعقيدا في السنوات الأخيرة وأبرز أسباب هذا التعقيد هو حرمانه من مناخ الحريات العامة.. فالمثقف قد أدي دوره في المجتمعات المتقدمة لأنّ له منابر متعددة في الصحافة ويتكلم بحرية ويحترم. لكن في جلّ الحالات في الأقطار العربية هو مقموع ولا تسمع كلمته بل إن دوره في كثير من الأحيان خصّص لتزيين المحافل أي مجرد ديكور وكل مثقف يحترم نفسه لا يقبل أن يكون ديكورا. طبعا، لقد أصبح دوره هنا معقدا جدا إلي جانب كونه بين المطرقة والسندان مطرقة النظم السياسية وسندان الحركات المتطرفة التي تكفره لأنه عقلاني وحداثي وتتهمه بأنه ارتمي في أحضان الغرب. وليس من الصدفة أنّ العلاقة بين المثقف والسلطة السياسية في المجتمع العربي الإسلامي هي علاقة متوترة في جلّ الأحيان علي الرغم من أنها كانت من المفروض أن تكون علاقة تعاون وتكامل فصاحب القرار السياسي يستفيد من آراء النخبة والنخب تسهم بالتعاون معه في تحقيق خطوات نحو التقدم والحداثة ونحن أحوج ما نكون إلي هذه الخطوات.. ولكن في كثير من الأحيان يطلب منه أن يكون مبررا لسياسة ليس له فيها ناقة ولا جمل، إذ يطلب منه أن يكون بوقا لتمرير سياسة ولو كانت خاطئة. وهنا كل مثقف يحترم نفسه لا يقبل هذا الدور وسيحاول حسب إمكانياته المتواضعة أن يسهم في تطور مجتمعه أو ينعزل ويصبح مهمّشا وفي هذا خسارة كبري للمجتمع ككل.. يعد مفهوم الحرية من أكثر المفاهيم التي لها دلالات متعددة. فإلي أي حدّ يتأثر هذا المفهوم بطبيعة الفكر الإسلامي وبالمذاهب الدينية؟ – لقد كان لي شرف الإسهام في تقرير الأمم المتحدة للتنمية الذي صدر سنة 2004 عن موضوع الحرية في الوطن العربي. وقد أسهمت بدراسة عن مفهوم الحرية في التاريخ العربي الإسلامي لأنّ المفهوم الحديث للحرية التي تحدث عنها المفكرون الغربيون دخل في الفكر العربي الإسلامي حديثا أي مع نهاية القرن 18 ومطلع القرن 19. . لكن في التراث العربي الإسلامي كان هنالك ما يوازيه الإنسان حر وبذلك هو مخير وليس مسيرا وبالتالي هو مسؤول عن أفعاله.. ثم ظهر مفهوم الحرية إضافة إلي مفاهيم أخري كالوطن وهي مفاهيم برزت في نصوص رواد الحركات الإصلاحية ابتداء من القرن 19 والقرن 20 بصفة خاصة.. لكن من حسن الحظّ أنّ مفهوم الحرية التي انتشرت في الغرب كان هو الأساس الذي انطلقت منه حركات التحرر الوطني في الوطن العربي. ومع ذلك مازلنا في الفضاء العربي الإسلامي بعيدين عن مفهوم الحرية كما هو متداول في الغرب رغم تفطن بعض الاصلاحيين إلي هذه النقطة فقد تفطن خير الدين باشا مثلا إلي ذلك من خلال كتابه أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك لأنّ خير الدين تميز بأمرين فقد كان مصلحا مفكرا كما أنه باشر السلطة السياسية فقد وصل إلي منصب الوزير الأكبر في تونس ثم الصدر الأعظم في اسطنبول وهو ما ساعده لأن يتفطن إلي أنه لا يمكن أن يتقدم المجتمع دون الحريات العامة لذلك تحدث عن هذه الحريات كحرية التعبير، النشر، القول.. أما اليوم فنحن مازلنا في هذه المرحلة إذ لم نصل إلي مفهوم الحرية الذي وصل إليه الغرب. من هذا المنطلق، بعد أن كنت أكتب عن حقوق الإنسان والديمقراطية. أصبحت أركّز علي الحريات العامة إذ كيف نستطيع أن نصل إلي الديمقراطية والحريات العامة مقموعة. يقولون إنّ إسرائيل ديمقراطية فكيف يمكن أن نفهم الديمقراطية الإسرائيلية؟ ولما فشل العرب إلي الآن في التصدي للمشروع الصهيوني؟ – منذ تأسيس دولة إسرائيل (وهي تحتفل هذه السنة بمرور 60 سنة من تأسيسها) فشل العرب في التصدي للمشروع الصهيوني. ويعود هذا الفشل إلي الوضع المتردي والمتخلف للبلدان العربية وهي حقيقة لا يمكن إنكارها. ثم إنّنا لما نتحدث علي المشروع الصهيوني لا ننسي أنّه مشروع غربي فالمشروع الصهيوني نشأ في الغرب في ظروف تاريخية معينة. فقد أراد الغرب بعد الحرب العالمية الثانية التكفير عن الذنوب النازية والفاشية التي ارتكبها بالتضامن مع هذا المشروع علي حساب الأمة العربية لذلك فإن ّ كل من يتكلم اليوم عن هذا المشروع يقمع ويحاكم ويمنع.. وهو ما يؤكد أنّ هذا المشروع ليس خاصا بالإسرائيليين أو اليهود بل هو مشروع مرتبط بالفكرة الرأسمالية الإمبريالية للغرب. فقد نجحت الصهيونية في الالتحام بأهداف الإمبريالية التوسعية العالمية وما تحالفها مع المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الأخيرة إلاّ علامة من علامات هذا التحالف الذي بدأ مع نهاية القرن 19. وبما أنّ الأقطار العربية لم تتحرر من التبعية نحو الخارج فإنها لا تستطيع أن تقف في وجه هذا المشروع. وهنا أصل إلي الشق الثاني من السؤال المتعلق بالديمقراطية الإسرائيلية فمن ملامح المشروع الصهيوني هو هذا الوجه الديمقراطي الذي تظهر به إسرائيل نحو الخارج ولذا هي أنشئت في قلب الوطن العربي باعتبارها تمثل نموذج الغرب الديمقراطي. ولكن في الحقيقة كشفت الأحداث أنّ هذه الديمقراطية هي ديمقراطية مزيفة وشكلية لأنها ديمقراطية خاصة بالإسرائيليين في بلدهم وهي ديمقراطية مرفوضة وعرجاء ذات طابع عنصري والدليل علي ذلك أنّ عرب 48 وهم الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية يقمعون ويعاملون كدرجة ثانية وهم خارج الديمقراطية لانها مقتصرة علي اليهود ولأنّ إسرائيل هي دولة دينية. كما أنّه لا يمكن أن تؤسس الديمقراطية بمفهومها الحديث علي أسس دينية أسطورية توراتية قديمة وهذه نقطة الضعف القاتلة في النظام الإسرائيلي والذي زاد الطين بلة في الأيام الأخيرة هو الإعلان عن أنّ إسرائيل دولة اليهود إذن التأكيد علي طابعها العنصري.. ولكن الغرب يسكت عن كل هذا. ومع الأسف أنّ ما جعل هذه الديمقراطية الإسرائيلية تشع وتبرق هو وجود النظم الاستبدادية في المنطقة العربية. ولكن هذه الديمقراطية المزيفة انكشف أمرها حتي في الغرب نفسه إذ أصبح العديد من المفكرين الأوروبيين من أصل يهودي ينددون بهذه السياسة وبهذه الديمقراطية المزيفة. من بين كتبك نذكر العولمة من منظور عربي ، كيف تنظرون إلي هذه الظاهرة وأين يتموقع العرب في عصر العولمة؟ – لقد كتبت هذا الكتاب وظاهرة العولمة مازالت في بدايتها إذ نشر في القاهرة سنة 2000. لكن خلال السنوات الأخيرة ظهرت قضايا أخري في تفسير العولمة. لقد حاولت في هذا الكتاب أن أناقش كيف فهم بعض المفكرين العرب ظاهرة العولمة من خلال نماذج مختلفة وتبيّنت أنّ جلهم مع الأسف فهمها فهما خاطئا أو فهمها فهما بعيدا عن العمق وعن الظاهرة نفسها. لكن الأمور تغيرت بعد ذلك وأنا أعتّز أني تنبهت إلي أنّ الظاهرة في حدّ ذاتها ايجابية لأنها تمثل مرحلة جديدة بلغها المجتمع البشري. فمن أبرز مظاهرها أنها أسقطت الحدود بين البلدان وقلّصت المسافات ومن مزاياها أيضا التقدم العلمي. لكن ألا يمكن أن نقول: إنها أصبحت تهدد الخصوصية والسيادة الوطنية؟ – هذا اللّب الايجابي لا يمنع من وجود بعض المظاهر السلبية وهنا نعود إلي مكر وذكاء الليبرالية المتطرفة الجديدة التي استغلت الظاهرة لفائدتها من أجل تراكم رأس المال. وهنا ظهرت الجوانب السلبية للعولمة.. وهو ما يفسر دعوة عديد التيارات إلي عولمة بديلة للحدّ من هذه الظواهر السلبية. لكن هناك تيارات في بلداننا العربية الإسلامية ترفض العولمة جملة وتفصيلا وهذا لا يصحّ. هل يمكن أن نعتبر صدام الحضارات من إفرازات العولمة؟ – يعتبر صدام الحضارات من الإفرازات السلبية للعولمة المقترن بهيمنة الشمال علي الجنوب ترافقت مع بروز ايديولوجية جديدة فبعد انتصار الغرب الرأسمالي علي المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة حاول أن يخلق عدوا جديدا لأنّه معروف عن الرأسمالية أنّها لا بد لها أن تخلق عدوا ولو كان وهميا.. ومن هنا بدأ التنظير إلي أن هذا العدو الجديد أطّل برأسه من الجنوب أي أساسا من العالم الإسلامي وجاءت أحداث 11 سبتمبر 2001 لتعطي الأرضية لظهور هذه الإيديولوجية الجديدة التي تبناها المحافظون الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية وصادف أن وصل المحافظون الجدد مع الرئيس الأمريكي جورج بوش إلي مركز صنع القرار في البيت الأبيض. كيف يمكن أن نتمسك بثقافة الحوار أمام ما نعيشه من هيمنة القطب الواحد من جهة والتشتت داخل منطقتنا العربية من جهة أخري؟ – في الحقيقة، ليس هناك بديل عن الحوار فنحن لابدّ أن نؤمن بالحوار لأنّ الصدام لا يخدم بلداننا ومجتمعاتنا خاصة وأننا في حالة ضعف.. وهنا لا بدّ أن نحدّد استراتيجية للحوار أي كيف نتحاور ومع من نتحاور لأنّ الحوار أصبح بمثابة الموضة الجديدة فالكل يعقد ندوات حول الحوار إلي حدّ أنّ الأمر انقلب إلي مهرجانات جوفاء. فكالعادة ليس هناك استراتيجية موحدة فنحن مشتتون إذ تعقد الحوارات هنا وهناك وتصرف عليها أموال طائلة ولكنّ النتائج ضعيفة جدا.. وهنا أذكر بالمناسبة قبل أكثر من ربع قرن موضة أخري هي الحوار العربي الإسلامي الذي وصل إلي زقاق مسدود لأنّه لم تكن هناك استراتيجية. قام بعض المفكرين والمثقفين في تونس مؤخرا بالدعوة إلي إنشاء جمعية للدفاع عن اللائكية. فهل يمكن للدولة أن تستغني حقا عن الدين؟ – أعتقد أنّ هذه القضية هامشية في مجتمعنا العربي الإسلامي، إذ لا يمكن أن نتحدث عن فصل الدين عن الدولة في مجتمعنا بل إني أدعو إلي فصل الدين عن السياسة والفرق بينهما شاسع. لأنّي أري أنّ من مهمة الدولة أن تشرف علي المساجد والمؤسسات الدينية وأن وتنفق عليها.. إذ لا يمكن للدولة أن تستقيل من هذه المهام.. لكن المهم هو فصل الدين عن السياسة أي أن لا يستغل الدين السياسة وكذلك لا تستغل السياسة والسلطة الحاكمة الدين لفائدتها. يقول الدكتور محمد صالح الهرماسي لا مستقبل للعرب خارج الثقافة العربية الإسلامية . فأين ترون مستقبل العرب؟ – طبعا لا يمكن لمستقبل العرب أن يكون خارج الثقافة العربية الإسلامية إذ لا يمكن بناء المستقبل خارج المنظومة التي نعيشها. ومن ثمة فإن تطوير هذه الثقافة وغربلتها أصبح أمرا حتميا لأنه لا يمكن أن نقوم بقطيعة معرفية مع الثقافة العربية الاسلامية.. إننّي من أنصار توظيف الجوانب المشرقة في الثقافة العربية الإسلامية لخدمة الحاضر والمستقبل.. فنحن نحترم هذه الثقافة بجميع جوانبها. لكن هناك جوانب علينا أن نحتفظ بها كتراث وجوانب اخري مضيئة نحاول أن نحييها وأن نستفيد منها في معركتنا من أجل الحاضر للتقدم في المستقبل. ماذا تقولون للقاريء العربي، خاصة بعد الخلافات العربية العربية بخصوص عدد من القضايا المهمة؟ – الخلافات أمر يحدث وحدث في الماضي فقط أقول لقاريء لالراية، التي لي معها علاقات قديمة منذ نشأتها الأولي، أن يكون متفائلا مهما كانت الظروف سيئة ورديئة فلا بدّ من التفاؤل حتي يتمكّن الجيل الحالي من تجاوز جميع الأخطاء التي ارتكبها النظم السياسية العربية خلال نصف القرن الماضي.. المهم هو أن نؤمن أنّ الأمة العربية رغم مشاكلها هي أمة تتحدي وتعرف كيف تتغلب علي الصعوبات لأنّ التاريخ العربي القديم والحديث يبرهن علي أنّ العرب قد يخسرون بعض المعارك ولكنّهم لا يقبلون الهزيمة. (المصدر: جريدة الراية (يومية – قطر) بتاريخ 17 ماي 2008
الشيخ راشد الغنوشي : قضية فلسطين تدفع الأمة دفعا إلى مزيد من الوعي بالإسلام
اعتبر قيادي إسلامي تونسي أن ما يهدد العالم العربي والإسلامي من تشظّ وانقسامات سياسية حادة يصل بعضها حد الفتنة والتقاتل والتقوى على الأخ بالعدو، هو سبب ونتيجة طبيعية لضياع فلسطين باعتبارها قلب الإسلام، وحمل مسؤولية ذلك إلى النظام العربي الرسمي الذي انقلبت المعايير لديه فأصبح يأخذ شرعيته من الاستقواء بإسرائيل بدلا من الدفاع عن فلسطين. قلب الأمة وأكد زعيم حركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي في تصريحات خاصة لـ »قدس برس » أن النكبة لا تتعلق بفلسطين وحدها وإنما تمس العالم العربي والإسلامي كله، وقال: « لا شك أن فقدان فلسطين هو نكبة ليس فقط لشعب فلسطين وحدها وإنما نكبة للأمة وللإسلام ولعلاقات الغرب بالإسلام وللقيم الإنسانية العالمية، وهو مؤشر على ضياع مكانة الأمة وتهديد مباشر لقلب الإسلام الذي حدد القرآن جغرافيته « من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى »/سورة الاسراء/، ووقوع أحد هذين الركنين تحت قبضة الأعداء يعني أن القلب مصاب، ولذلك لا عجب أن يتم اجتياح العراق وأن يأخذ العالم العربي طريقه للتشظي – بعد الذي اصاب القلب- فتندلق أجزاء الجسم حروبا أهلية ونزاعات مسلحة..في العراق ولبنان واليمن والصومال والجزائر والسودان..، ». وانتقد الغنوشي ما تناقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية من أن الرئيس المصري حسني مبارك قد قدم التهنئة للإرهابي رئيس العصابات الصهيونية بمناسبة « الذكرى الستين لقيام الكيان الإسرائيلي اللقيط، معتبرا ذلك منتهى حال الهوان والخزي والعار ونذيرا بشيرا بنهاية النظام العربي وتمام انفصاله عن الأمة. وقال: » غير ان المشهد العام تختلط فيه الألوان، فهو من جهة مجلل بالهوان واستطالة الأعداء على الإسلام والمسلمين، وتسابقهم إلى النيل من مقدسات الامة دون ان يحرك الحكام المنبتون عن الامة ساكنا، حتى بلغ هوانهم حد تهافتهم على مد خطوط التواصل مع مغتصبي فلسطين فرفعت أعلام الخزي في أكثر من عاصمة عربية. وما منهم إلا من يقدّم لنفسه، متحينا كل فرصة للظفر بوصل بليلى، عبر معانقة أو مصافحة لصهيوني أو دعوته الى ندوة أو ..إذا ما أمكن ذلك في الجهر فليكن في السر، على مذهب أبي نواس في الخمر: ألا فاسقني خمرا وقل لي هي الخمر ولا تسقني سرا إذا أمكن الجهر. وأشار الغنوشي إلى أن موقف الخزي هذا ليس من شأنه إلا يعمق ويوسع حالة السخط الشعبي على الحكام والهوة بينهم وبين شعوبهم أكثر، وشبههم بحال عدد من الامراء ابان الاحتلال الصليبي، إذ كانوا يمدون الصليبيين بالميرة والذخيرة على غرار ما يفعل مبارك من امداد الكيان الغاصب بالوقود بما يشبه المجان، بينما أهل غزة يغروقون في الظلام وفي المجاري بسبب قطع الصهاينة عنهم امدادات الطاقة التي تتلقاها من مصر. وبقية العرب الذين من الله عليهم بأعظم كنوز الطاقة يتفرجون، ينتظرون الاذن من الأمريكان والصهاينة يخشون غضبتهما. وقال: « لكن المشهد العام لا يلخصه الحكام، فهم في أغلبهم مثل إسرائيل مغتصبون لثروات الأمة يستمدون شرعيتهم من القمع ومن الدعم الخارجي. سيستمر ذلك الى أجل غير بعيد، الى أن تتعافى الأمة وتتجمع نضالاتها فتنتج حكاما منها يشبهونها (وأولي الأمر منكم) يحملون عقائدها ويحسون بإحساسها ويعبرون عن إرادتها ويعيشون عيشتها ولاؤهم لله ولدينه ولأمته، قادة أفذاذا من نوع صحب محمد عليه السلام ونورالدين وصلاح الدين وقطز..وأمثالهم، فتستعيد الأمة وحدتها ومجدها وكرامتها وما ضاع من أرضها ومقدساتها.. والأعمال التحضيرية جارية وتتقدم كل يوم ومنا هذه الصحوة الاسلامية العارمة وهذه المقاومات الباسلة المتصاعدة. إن الحكام بسياساتهم القمعية وولائهم للأعداء وبعدهم عن الامة ودينها هم جزء من المشكلة، بل هم المشكلة الاعظم في طريق نهضتها (مشكلة الأمة أن الدولة ضد الامة). إن مما يبشر بالخير أن شعوب أمتنا هي اليوم أكثر وعيا بالإسلام وتمسكا به، وهي أوعى بعصرها وبسبل الدفاع عن حقها، وهي أشد نقمة على الحكام بسبب هذه السياسات التي عمقت الهوة معها،ولن يمضي وقت طويل تجتاح موجة الديمقراطية الكاسحة هذه المنطقة المنطقة المتبقية بين أمم العالم راسفة في قيود الاستبداد، بإذن الله. أما شعب فلسطين فهو لم يمت وهو ديمغرافيا يتزايد أكثر من أي شعب آخر، وهو بمقاييس العقيدة أحسن اسلاما وأوعى بعصره وأشد من أي وقت مضى تصميما على استعادة حقوقه لا بالاستجداء وإنما بالمقاومة المتصاعدة. إنهم ليسوا هنودا حمرا وهم طليعة لآمة المليار ونصف تحتضن في سويداء القلوب قضيتهم، حتى لا تكاد تجتمع الأمة بكل تياراتها على أمر كما تجتمع على هذه القضية المباركة القضية الفرقان بين منتم للأمة وبين منحاز لأعدائها. ومن هنا نستطيع القول بأن فلسطين أرض مباركة وقضية مباركة وشعب مبارك أقامه الله والأمة من ورائه ظهير لحراسة هذه المثابة وهو أعلم بخلقه، وكأن الله أراد بالامة خيرا بامتحانها بهذا التحدي رحمة بها واستفزازا لنخوتها وتوحيدا لصفوفها ونقمة على أعدائها، رحمة: باعتبارها أكبر بوتقة توليد لطاقات الجهاد والاستشهاد وأقوى عامل لتحشيد الطاقات نصرة للقضية المباركة، ونقمة على أعدائها وعلى قوى النفاق والتخاذل والفساد، لدرجة أن قوى التخاذل من الحكام والنخب الفاسدة والقوى الدولية المتواطئة ضائقة ذرعا بهذه القضية باعتبارها تمثل تهديدا للاستقرار ومفجرا للانتفاضات والمسيرات ولمحتلف صنوف الجهاد، حتى أنه قد غدا متداولا لدى الخبراء الدوليين أنه دون حلّ لهده القضية فإن المنطقة كلها مهددة بالانفجارات ، وسوق مزيد من المياه الى مجاري الأصولية » لأنه في حال استمرار هذه القضية دون حل فإنها ستكون ـ كما يقول البعض ـ عاملا لاستفزاز الأمة وتقوية « الأصولية » فما أعظم بركة هذه القضية ، لدرجة أنها لو لم تكن لوجب أن تكون فالامم الكبرى لآ تستنهضها غير التحديات الكبرى. صراع وجود وأكد القيادي الإسلامي التونسي أن ما يعرف بالصراع العربي ـ الإسرائيلي هو صراع وجود وليس صراع حدود. وقال « واضح أن الكيان الصهيوني يستهدف الأمة بأكملها، والصراع مع هذا الكيان السرطاني هو صراع وجود وليس صراع وجود. محكوم على الجسم الإسلامي إما أن يحشد كل قواه لمقاومة هذا السرطان حتى يلفظه مثبتا أن قوى الحياة فيه لا تزال فعالة كما أماط عنه من قبل الجسم الصليبي الدخيل في نفس المنطقة، وإلا فإن الجسم الإسلامي يسيستمر في حالة التفكك والتشظي التي يعيشها الآن بأثر هذا السرطان المراهن في بقائه ونمائه حتى يسيطر وهو الدخيل الضئيل على الجسم، على دفعه الى المزيد من التشظي والتحلل. وهذا ما يحصل في لبنان وفي العراق وفي السودان وفي اليمن وفي الجزائر وفي الباكستان وأفغانستان..بل في كل أعضاء جسم الأمة في صور مختلفة… طالما ظل هذا الجرثوم حالا في جسم الأمة فإن الأمة ستظل تتفكك » وليس لها من طريق لاستعادة التماسك والفعالية إلا عبر الانخراط في مقاومته. أما مسالمته فهي والانتحار سيان ويوم تتمكن الأمة من إماطة هذا الاذى الخطير يمكن أن تنفسح أمام أعضاء الكيان الدخيل المنفك فرص العيش في ظل الأمة كما كان لعصور طويلة. هو لا يعي اليوم أنه ينهض بالنسبة للامة بدور الوسيط الكيمياوي أو ذكر النحل. الظالم سيف من سيوف الله يضرب به الله من شاء، ثم يكسره. وأشار الغنوشي إلى أن استمرار القضية الفلسطينية في الوجود يوحد قوى المقاومة في الأمة بل حتى على الصعيد الانساني للتخلص من سرطان الاحتلال ومن محنة الاستبداد، ومن كل قوى الطغيان والنهب في العالم وقال: « نستطيع أن نقول في ذكرى النكبة الستين أن هذه القضية تدفع الأمة دفعا إلى مزيد من الوعي بالإسلام وتوحيد صفوفها خلف المقاومة للتخلص من الاحتلال الإسرائيلي ومن النخب الفاسدة، ولا بد أن يأتي يوم تتخلص فيه الأمة من هذه الهوة بين الحكام والشعوب لتنتج حكاما منها يعبرون عن إرادتها ويكفوا عن دور الاستقواء عليها بالأجنبي وحتى بالاسرائيلي والامريكي، وعندئذ سيكون هذا الوجود الإسرائيلي قد حقق غرضه في تحقيق نمو الأمة ». مسلك استثنائي وحذر الغنوشي قوى المقاومة ضد الاحتلال من أي استدراج للتورط في استخدام سلاحها في حسم الصراعات السياسية في الداخل، واعتبر أن انزلاق حزب الله إلى هذا الأمر يمثل بالتاكيد خصما من رصيده في الأمة، التي هي البحر الذي يغرف منه التأييد. وجلّ هم العدو أن يعزله عن هذا العمق والمدد. وقال: « لا شك أنه كلما توجه سلاح المقاومة إلى حسم صراعات داخلية كلما كان ذلك خصما من رصيد المقاومة، فلا أحد يعتبر أن ما أتاه حزب الله في لبنان يزكي رصيده في لبنان أو في الأمة، فالأمة مجبولة بفطرتها على النفور من الفتنة، فهل كانت هناك ضرورة لما أقدم عليه حزب الله؟ على كل حال الحسم في فلسطين تم تبريره بأنه لمواجهة خطة دايتون، لكن دايتون اللبناني- إذا كان موجودا- حتى الآن لم نطلع عليه، والى أن يثبت وجوده سنظل نعتبر خروج سلاحه الى حارات بيروت وترويع الآمنين والسيطرة على المؤسسات وتحريق بعضها بما أجج المشاعر الطائفية داخل وخارج لبنان سنظل نعتبره خطأ استدرج اليه الحزب يضره ولا ينفعه وقد كان يسعه وقد استهدف من الحكومة التابعة بقرارات غبية متواطئة مع العدو أن يكتفي بالامتناع عن التنفيذ وهو عليه قادر وتصعيد ما اعتاد من عصيان مدني . وبالتالي فإن المسلك غير المعتاد بتوجيه سلاح المقاومة إلى الداخل لحسم قضايا سياسية داخلية لا نجد له مشروعية تبرره، متوقعين من الحزب أن يكف عنه وينتهي باعتباره استثناء، وبالتالي فإن الامة تضغط باتجاه دعوة جماعات المقاومة إلى تصويب سلاحها مستديرا صوب اتجاهه الطبيعي. إن حركات المقاومة كما هي مستحقة لولاء الأمة ودعمها ومنها ولا شك حزب الله مستحقة للنصح والترشيد باعتبارها حركات بشرية غير معصومة. وفي الحديث » انصر أخاك ظالما أو مظلوما . قالوا كيف ننصره إذا كان ظالما ؟ قال تردونه الى الحق » وذلك جزء من الولاء الواجب لهذه الحركات المرابطة على الخط الاول في الذب عن الامة. وأكد الغنوشي أن هناك مخاوف من امتداد الصراع الطائفي المذهبي بين السنة والشيعة، لكنه اعتبر أن الصراع الجوهري في المنطقة هو بين قوى التحرر وقوى الاستكبار والاستعمار، وقال: « هنالك تخوف له مبرراته لدى دول المنطقة وحتى لدى الشعوب من تصاعد النفوذ الإيراني في المنطقة والتنازع الطائفي، ولكن هذا لا يدعو إلى الضرب على هذه الوتيرة واعتبار أن الصراع في المنطقة هو صراع طائفي مذهبي بين السنة والشيعة، فهذا جزء صغير من الصراع وفرع عن الصراع الجوهري، فجوهر الصراع في المنطقة هو بين مشروعين: بين الاحتلال والقوى الدولية والاقليمية الداعمة له وبين قوى المقاومة على امتداد المنطقة والامة والعالم، هذا هو الخط الرئيس، الذي ينبغي الحذر من التشويش، مهما بدا ذلك مغريا » ينبغي الحذر من سوق الماء الى طواحين الأعداء. ودعا الغنوشي إيران وحزب الله إلى عدم الانزلاق إلى دعم هذه المخاوف بتعميق الصراع الطائفي والعودة إلى الخطاب التوحيدي، كما حذر جماعات سنية ودولا من التقاط الفرصة لتأجيج المشاعر الطائفية وتغذية أسباب الفرقة في الأمة فليس ذلك يخدم لا سنة ولا شيعة وإنما هو الاندراج ضمن المخطط الاسرائيلي المراهن على ضرب الكل بالكل حتى تتحول اسرائيل والادارة الامريكية المصهينة صديقا وحليفا مقابل ايران وحزب الله عدوا.. الاستمرار في الضرب على وتيرة الصراع الطائفي وتجاهل جوهر الصراع، لا يأتي ذلك إلا جاهل أو عدو. وقال إن « الذين يضربون على وتر المذهبية تخشيدا ضد حزب الله كأنهم يعتبرون القوى الحليفة له من موارنة وأرمن ودروز وزعامات سنية وطنية معروفة، قد أصبحوا شيعة، مقابل ذلك فإن السنة هان أمرها حتى غدا يدافع عنها شخصيات هشة مثل الحريري وحتى سفاح صبرا وشاتيلا سمير جعجع وبيار جميل بل حتى جورج بوش. ياللخيبةـ. لا ينبغي أن نستمع لهذه الأصوات التي تنفخ في كير الصراع الطائفي، لكن ندعو إيران وحزب الله أن لا يغتروا بقوتهم الذاتية لدرجة التعالي على جمهور الأمة والاستطالة عليه والاستهانة به، فليس لهم بعد الله من من قوة ودعم إلا ما يستمدوه من الامة أعني جمهورها وهم السنة كان ذلك بالامس واليوم وسيبقى كذلك ما بقي اسلام ان شاء الله. جمهور الأمة هذا أبعد ما يكون عن الطائفية مهما علت أصوات الطائفيين، ساعته معدلة على الولاء للأمة فكل من يناصرها تواليه بصرف النظر عن مذهبه ودرجة تدينه وتجافي وحتى تعادي كل من يوالي أعداءها مهما أظهر من زخارف تدين زائفة فعلى صخلاة العدو يمتحن الرجال وتمتحن الجماعات والدول. وبهذا الميزان الذي لا يخطئ إذا اختلط عليك الامر فابحث عن اسرائيل والإدارة الأمريكية في أي صف هما ففي الجهة المقابلة ستجد الحق والصواب في كل شؤون السياسة، ولذلك بلغت شعبية حزب الله ونفوذه الاوج في الأمة ورفعت صوره في العواصم السنية بسبب ما بذله في مواجهة أعداء الأمة، وما حصل منه في لبنان مؤخرا من اجتباحه للمناطق السنية في بيروت الغربية لا يشبه حزب الله الذي عرفته الامة ووالته وأحبته وليس من شانه إلا أن يصب للزيت على النار، نار الصراع المذهبي وهو خصم من أرصدته، والإمام الخميني رحمه الله دخل قلوب المسلمين من خلال رفعه لقضية فلسطين ووحدة المسلمين، ولذلك لا بد من عودة حزب الله لموقعه في الامة متجنبا أي مسلك يعزله عن الأمة وهو ما نحسبه فاعله » على حد تعبيره. (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ17 ماي2008)
الأحلام الكوابيس… وتأسيس الفكر على أنقاض العنف والمثقف على أنقاض الشهيد
محمد الحداد (*) لنتصور شخصا مرهف الإحساس يقف على ربوة متأملا، أو يخرج إلى الصحراء مفكرا، أو ينفرد بين الغابات باحثا عن الحقيقة، لنتصوره لا يعيش عالمنا الذي ضاق بالبشر فلم تعد فيه فرصة للخلوات، لكنه يعيش قبل قرون طويلة منا، عندما كان سكان المعمورة متواضعي العدد والحدود الفاصلة بينهم ضعيفة والشرائع والأفكار التي تحكمهم متقاربة، ينظر هذا الشخص إلى ما عرفه عن التاريخ وما اختبره من واقع البشر، فيرى الظلم والخطأ والانحراف، يبدو له أن بالإمكان إعادة الأشياء إلى ما يفترض أنها أوضاعها الأصلية، يحلم بعالم قائم على العدل والخير والصفاء، يتقدم للناس مصلحا ومقوما لشأنهم… إذا افترضنا أن هذا الشخص الطيب يجد له أتباعا فإن من العسير أن نفترض أن الناس جميعا يتبعونه ويسيرون في طريقه، سينقسم الناس حوله وبعده بين مساند ومعاد، وتصبح له شيعة وأتباع يقابلهم خصوم ومشككون، وتقوم بين هؤلاء وأولئك منازعات وحروب وتتحول الأحلام إلى مناضلات والحقيقة إلى عنف. وتبقى ذكرى الطيب الثائر عالقة بالأذهان، لكنها تتحول أيضا إلى مسار ملطخ بإكــراهات التاريخ ودنس الوقائع العنيدة. ذاك كان مصير الأحلام الطيبة واليوتوبيا في القديم، وبعضها ما زال يحتفظ ببريق وإثارة. ولم يعد لأصحاب النوايا الطيبة اليوم من فرصة للاختلاء في الصحارى والجزر المعزولة، لكنهم قد يغلقون على أنفسهم مكاتبهم ويجلسون طويلا يخطون أفكارهم على أوراق بيضاء فيبدو لهم ممكنا أن يعيدوا صياغة الكون من جديد، مع أن الكون غير صفحاتهم العذراء وصياغته غير صياغة الحروف وتركيب الاستعارات. لا شيء يمنع الإنسان من أن يحلم، فالحلم خاصة الإنسان وهو من أسباب خيره وشقائه في آن واحد. لكن الأحلام الموغلة في الطيبة تتحول إلى كوابيس إدا أرادت أن تعاند تعقد الوقائع وأن تجعل الناس جميعا يعتنقون حلما واحدا مهما كان لذيذا. وإذا عجزت تلك الأحلام على أن تجد طريقها للتنفيذ في القديم عندما كانت الفرص سانحة، فكيف تكون اليوم ممكنة التطبيق؟ احذروا من كل من قام يزعم أنه سيملأ الأرض خيرا وعدلا فهو سيملأها عنفا وسيزيد من معاناة البؤساء ومن حاجة المحتاجين. قديما طرح أفلاطون السؤال التراجيدي الأكبر للإنسان: إدا كان أمامك أن تقتل أو أن تُقتل فماذا تختار؟ الجواب الطبيعي: إني لا أرغب في أن أقتل ولا أن أُقتل. لكن السؤال يلح ويفرض نفسه: فإذا كان لا بد من هذا أو ذاك؟ يجيب أفلاطون: أفضل أن أُقتل على أن أقتل. قرار سقراط بأن يرضى بالموت كي تنتصر الحقيقة ويرفض الفرار كي لا تعم الفوضى في المدينة، ذاك كان قرار تأسيس الفكر على أنقاض العنف. بطولة المثقف الشهيد أصبحت تنافس بطولة المحارب المغوار. دعنا نستعيد السؤال بصياغة أكثر عصرية وأقل درامية: إذا كان أمامك أن تختار بين التخلي عن جزء مما تعتبره الحقيقة وبين أن تساهم في تأجيج العنف بين البشر باسم الحقيقة فماذا تختار؟ ستجيب: لا أرغب في التخلي عن شيء من الحقيقة ولا أن أتورط في مسؤولية العنف. تسأل: فإذا كان لا بد من هذا أو ذاك؟ هنا تبدأ مسؤولية المثقف. القطاع الأكبر من الثقافة العربية يعيش في زمن الأحلام، الكثير من المثقفين يظن أن دوره أن يدافع عن الحقائق المطلقة ويبشر بها، قد يتقلب من حقيقة إلى أخرى لكنه لا يتساءل هل يمكن أصلا لشخص أن يمتلك الحقيقة كلها. لم يفهم أن العالم دخل طور النسبية مند زمن بعيد. يقول الفيلسوف الإيطالي جياني فاتيمو إن أهم انقلاب فكري ينبغي أن يحدث اليوم يتمثل في الانتقال إلى «الفكر الضعيف»، أي الفكر الذي يحاول إيجاد الحد الأدنى وليس الحد الأقصى من إمكانيات الحقيقة. القطاع الأكبر من الثقافة العربية يعوض عن الفقر المعرفي برفع شحنات العنف. يكفي أن ننظر كيف يتجادل المثقفون بين بعضهم البعض لنرى أنهم صورة مكررة من العراك السياسي السائد. ما زلنا أقرب إلى الحطيئة من فاتيمو. ما زلنا نأمل بأن نتحد على قول واحد ونحلم بحلم واحد ونتكلم لغة واحدة. سننتظر طويلا، طالما لم نقبل بالاختلاف حقيقة من بين الحقائق التي تحكمنا. الوحدة ثمنها العنف، والأحلام الطيبة قد تتحول إلى كوابيس والعالم ليس صفحة بيضاء نرسمها كما نريد. بين أن أتنازل عن جزء مما يبدو لي الحقيقة لأعيش مع الغير أو أتمسك بالحقيقة كلها كما تبدو لي فأكون مساهما في تأجيج العنف بين البشر، فإني أعاند نفسي لاختار الحل الأول. (*) كاتب تونسي (المصدر: ملحق « تيارات » بصحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 18 ماي 2008)
السودان في مواجهة مخطط التفتيت
توفيق المديني لم يكن الهجوم الذي قاده متمردو دارفور من «حركة العدل والمساواة» على العاصمة السودانية الخرطوم مفاجئاً، إذ استهدف الاستيلاء على السلطة من قبل المتمردين، الأمر الذي جعل الحكومة السودانية تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع نجامينا بعدما اتهمت الرئيس التشادي إدريس ديبي بدعم التمرد. ومساعدة المعارضين السودانيين.. إنّها توترات جديدة بعد أن عمل الرئيس التشادي ادريس دبّي، وهو من «الزغاوة» شخصياً، وسيطاً للرئيس عمر البشير عام 2003 من أجل الحصول على وقفٍ لإطلاق النار مع جيش تحرير السودان. وفي الواقع، يدعم الرئيس إدريس دبّي حركة التمرد في دارفور التي تضمّ العديد من المحاربين من إثنيّة «الزغاوة» التي ينتمي إليها. فعلى الرغم من إبرام الحكومة السودانية مع بعض الفصائل من دارفور اتفاق السلام الموقّع بتاريخ 5 أيار (مايو) 2006 في أبوجا (نيجيريا)، فإن هذا الاتفاق لم يمنع من انفجار حركات التمرّد في دارفور، التي يمكن تصنيفها على النحو التالي: 1-حركة تحرير السودان، بقيادة السيد عبد الواحد النور، المؤسّس «التاريخي. وينضوي فيها بشكل رئيسيّ اثنية «الفور» وتنشط بصورةٍ خاصة على منحدرات جبل مرّة البركاني الواقع في وسط دارفور. 2-حركة تحرير السودان-فصيل مينّي ميناوي: المنشق عن حركة تحرير السودان الأصلية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005، بمناسبة انعقاد مؤتمر هسكانيتا. ويتألّف بالكامل تقريباً من «الزغاوة» (اثنية المينّاوي) وهو الوحيد الذي وافق على توقيع اتفاقية أبوجا للسلام في أيار (مايو) 2006. وإثر هذا الاتّفاق، ووصول رئيسه إلى مركز مستشار لشؤون دارفور، تحوّل فصيل مينّي ميناوي إلى أداةٍ سياسية وحتى عسكرية لحكومة الخرطوم. وقد أدّى هذا الانقلاب في المواقف إلى انشقاق قسمٍ كبير من مقاتليه. وهو معروفٌ أيضاً باسم جيش تحرير السودان- مينّي ميناوي. 3-الحركة من أجل العدالة والمساواة: وهي حركة ملتبسة لأنها مرتبطة بصورة وثيقة بجناح الترابي في حركة الإخوان المسلمين. تتألف حصراً من «الزغاوة» وهي بقيادة السيد خليل ابراهيم. لعبتها معقّدة، لاسيمّا بالنسبة لنظام الرئيس ادريس دبّي في التشاد (فقد حاربت مع وضدّ دبّي وفق الظروف). تستفيد الحركة من تمويل الإخوان المسلمين وتمارس نفوذاً لا يتناسب مع نسبة قواها المسلّحة الحقيقية على مجمل قوات التمرّد ونجحت خصوصاً في ابتلاع قوّات الخلاص الوطني مالياً. وأعلن الرئيس السوداني عمر حسن البشير، وقف التفاوض مع حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور، وتعهد بتجميع كل القوى السياسية للوصول الى أمن يشمل كل ربوع وتراب السودان، قائلا :إنه لن يفاوض خليل ابراهيم وكل من باع نفسه للشيطان، وأضاف قائلا: إن هؤلاء العملاء ينفذون أجندة خارجية، وتساءل البشير عن الذي اشترى لهم هذه العربات، ومن الذي اشترى لهم السلاح، ومن الذي مولهم لكي يروعوا المواطنين ويحلموا باحتلال الخرطوم؟! وكانت مخاطر التدويل التي تقبع في خلفية الصراع الدارفوري، قد ازدادت بدخول الأزمة التشادية على الخط، فكل ما يحدث هناك تكون له انعكاساته في دارفور بسبب التداخل القبلي والحدودي بين الدولتين، في وقت تضاعف الحكومة السودانية مساعيها لابعاد شبح التدويل عن القضية «الدولية».. فدارفور طبقا للمراقبين دُوّلت منذ اكثر من عام، فضلا عن وصفها بمنصة الانطلاق لكل حركات التغيير في تشاد، ما يعني تجاوز الشأن الداخلي إلى دولة اخرى، بما يؤسس لذرائع جادة لاعتبار ما يدور في المثلث الإفريقي «دارفور تشاد وإفريقيا الوسطى» شأنا دوليا. ويرى محللون سياسيون انه أيا كانت نتائج الصراع التشادي المسلح فانه ستكون له آثاره السلبية في دارفور. فإذا انتصرت الحكومة التشادية فإنها ستدعم حاملي السلاح في دارفور في وجه الحكومة السودانية، وإذا انتصرت المعارضة التشادية المسلحة فإنها من موقعها كسلطة جديدة ستدعم الحكومة السودانية في وجه الحركات الدارفورية، وبالتالي فإن أجواء عدم الاستقرار في المنطقة مرشحة لمزيد من التصعيد والمزايدات. وقامت الولايات المتحدة الأميركية بدور كبير في المسار السوداني ونجحت في تطويع المنظمة الدولية لخدمة أغراضها الاستراتيجية في المنطقة العربية ومن بينها السودان، ولاسيما بعد صدور قرار مجلس الأمن (1706 ) القاضي بنشر قوات دولية في دارفور. وناشد السودان الدول العربية والإسلامية مناصرته ضد ما أسماه بالاستعمار الجديد. وبدت الخرطوم وحيدة عقب إصدار القرار بعدما كانت هنالك تكهنات تتوقع أن يقف أصدقاؤها، خصوصاً الصين، موقفاً أكثر قوة ضد المشروع، لكن القرار أجيز بموافقة اثنتي عشرة دولة، واكتفت دول الصين وروسيا وقطر بالامتناع عن التصويت. ولعبت الجماعات المسيحية في الولايات المتحدة دوراً لحث الكونجرس الأميركي للضغط على حكومة السودان وإصدار قانون «سلام السودان» عام 2003 والذي يقضي بفرض عقوبات على السودان في حالة عدم امتثاله لهذا القانون وتحقيق السلام في كافة أرجاء السودان، وأيضا تحقيق مطالب سكان الجنوب بترسيم الحدود بين الشمال والجنوب في منطقة «ابيي». ووصفت الحكومة السودانية قرار المجلس1706 بأنه اشعال فتنة وحرب، ويعقد الأوضاع الانسانية في دارفور، وحملت المنظمة الدولية مسؤولية افشال السلام والاستقرار في المنطقة بأسرها «اذا ما أصرت على تنفيذ القرار». وأعلنت الحكومة السودانية استعدادها لمواجهة أي «تدخل أجنبي» غداة رفضها قرار مجلس الأمن بإحلال قوات دولية محل قوات الاتحاد الإفريقي في إقليم دارفور، وطالبت الاتحاد بالبدء في سحب تلك القوات. خلاصة القول، إن الحكومة السودانية في ورطة مع الاتحاد الإفريقي ومع الأمم المتحدة ومع الفصائل الدارفورية المقاتلة، والأمم المتحدة في ورطة لأنها أصدرت قراراً من مجلس الأمن لا يبدو وارداً التراجع عنه، ومن الصعوبة فرضه بالقوة، بل ان فرضه بالقوة يتنافى مع الهدف المنشود وهو حفظ السلام لكونه سيزيد من فوضى السودان.. والاتحاد الإفريقي هو الآخر بين محنة العجز عن القيام بالدور الكامل لحفظ السلام والاتهامات الموجهة إليه بالتخاذل. السودان لايزال يعاني من تبعات حرب طويلة ومكلفة في الجنوب، ومعضلة إنسانية لامتناهية ومتنامية في دارفور، فضلاً عن مشاكل أخرى في البلد. وكان تاريخ المشكل السوداني ولايزال هو تاريخ طويل من الإهمال والتهميش عمدت إليه الحكومات المتعاقبة للأقاليم السودانية المختلفة.. فالصراعات السودانية لها جذور تاريخية عميقة، منها ما هو من مخلفات الاستعمار البريطاني- المصري، ومنها ما هو نتاج سياسات غير حكيمة في تناول الشأن السوداني- السوداني، لكن منها كذلك ما هو نتاج الطبيعة الإثنية والدينية المتعددة للبلاد والتي كانت دائماً ذات أبعاد متعددة، أحياناً قبلية، وأحياناً دينية (مسلمين، مسيحيين، احيائيين) بالاضافة إلى أبعاد إثنية (أفارقة، عرب… إلخ). كما أن أزمة السودان تتجسد في أزمة ديموقراطية و«أزمة حادة في الهوية». ففي السودان أن يصف شخص نفسه بالأخلاق العربية يعني أنه أعلى شأناً من السودانيين ذوي البشرة الأدكن. فالإرث الاستعماري الذي خلق تقسيمات عنصرية بين ما يعرف بالمسلم «العربي» في الشمال والمسيحي والإحيائي في الجنوب والمسلم «الإفريقي» في الغرب استمر مع الأسف بدرجات مختلفة مع الحكومات السودانية المختلفة، إضافة إلى استمرار التهميش والمعاناة لدى السودانيين في جنوب وغرب وشرق وشمال البلاد. وقد نتج عن ذلك نظام طائفي غير معلن مبني على أساس اللون والدين والعرق. والحالة هذه فإنه لإيجاد مخرج لأزمة دارفور، يتطلب الأمر حكومة مرنة ومستعدة تماماً للتفاوض مع حركات التمرد الأخرى، والعمل بجد على سد الهوة الفاصلة، وهذا يتطلب من جهة الإقرار بمشروعية المطالب والعمل على تلبيتها وتوفير الحلول اللازمة، كما يتطلب من جهة الحركات المسلحة نوعا من البراغماتية وعدم التعصب. كاتب من تونس (المصدر صحيفة أوان (يومية كويتية) بتاريخ 18 ماي 2008)
لا شرعية عندنا إلا تلك الصادرة من سديم الفوضى
صالح بشير (*) ليس للشرعية في بلداننا من مناط قائم معلوم مُجمع عليه. وذلك لعمري (إن التمسنا لقولنا «شرعية» في عتيق المفردات) من البدائه المبتذلة. فالشرعية، في منطقتنا، لا تجسدها ولا تنهض بها مراتب أو مؤسسات، من دولة أو سواها، بل هي سائبة، يستحوذ عليها كل من ادعى «مقاومة» أو انتدب نفسه لـ»تحرير»، حسبه أن يبادر، محرِّرا أو مقاوِما، حتى يعلق كل قانون مستتب، حتى يتجاوز كل سلطة قائمة، حتى يبطل كل نظم مرعية، طوعا أو إكراها، وحتى يرسي حالة استثناء، تكون له فيها الكلمة الفصل، وهو المتسامي الصادر عن مبدأ أعلى، خارق للعاديّ وللمطّرد، جابّ لكل ما عداه. «حزب الله» اللبناني مثال كلاسيكي على ذلك، و«تنظيم القاعدة» أيضا. فالأول يبادر بالحرب أو بما يستدرج الحرب، شأن ما فعله في صائفة 2006، دون أن يرى في ذلك لزوما لاستشارة الدولة اللبنانية (ناهيك عمن يمثلون طوائفها وفئاتها)، سالبا تلك الدولة ما يُفترض أنه، وفق القوانين والأعراف الدولية، إحدى صلاحياتها الأولى والتكوينية، مستندا إلىص تلك «الشرعية» التي يراها مطلقة، تؤسس الإجماع بمجرد التعبير عنها ومزاولتها فعلا، ولا تتطلبه شرطا مسبقا. ثم إنه أعاد الكرة في الفترة الأخيرة، اجتياحا لبيروت كاد يفضي إلى الحرب الأهلية، استنادا إلى نفس تلك «الشرعية المطلقة»، وهذه، تخوله، في نظره، مماثلة خصوم الداخل بأعداء الخارج، فتجوّز بذلك «مقاومتهم».
أما الثاني، أي «تنظيم القاعدة»، فقد تحول من تيار كان من فولكور الحياة السياسية في المنطقة، هامشيا قصيا بدائي الخطاب، حتى قياسا ببقية حركات الإسلام السياسي، إلى تنظيم يحتل موقع الصدارة، حظي وربما لا يزال يحظى، بتعاطف شعبي حقيقي وواسع، وأضحى قوة ماثلة الوجود تفرض على سائر التيارات الأخرى أن تتحدد قياسا إليها، اعتراضا أو تزكية، ناجزتين أو بهذا القدر أو ذاك، وامتد تأثيره واستفحل، بل استحوذ على تمثيل الإسلام السياسي وربما الأمة الإسلامية في اعتقاد العالم، الذي ما عاد ينظر إلى تلك الأمة إلا من زاوية «تنظيم القاعدة». كل ذلك لأن هذا الأخير، ارتكب فعلة 11 أيلول (سبتمبر)، وهي في نظره فعل «جهاد» و»مقاومة»، تصدُر بدورها، وبصفتها تلك، عن «شرعية مطلقة»، مكتفية بذاتها ليس لها أن تأخذ أي ظرف أو واقعة، بعين الاعتبار، تستمد من سطوتها تلك ما يخولها إرساء حالة استثناء على صعيد الأمة والكون. هما مثالان أقصيان عن ظاهرة هي من السمات الملازمة والتكوينية، الضرورية (بمعنى غير العرضية) لاجتماعنا، ما انفكت تتبدى، بأشكال متفاوتة ومتباينة، من الحرب الأهلية الجزائرية طوال العقد الأخير من القرن الماضي، إلى عراق أيامنا هذه، إلى حالات أخرى كثيرة، متفاوتة الفداحة، علما بأن التفاوت ذاك يتعلق بـ»الكمّ» أكثر مما يعني النوع. يعود بنا ذلك إلى طرح موضوع طالما تناولته الأقلام والألسن، هو الذي دأب على تشخيص ما يعتبره الكثيرون «أزمة فقدان للشرعية» تعاني منها كيانات العرب (قياسا إلى وحدةٍ مفترضة) وأنظمتهم، وسائر مؤسساتهم مهما كانت. والحال أن التعليل هذا يلوح، لدى التمعن فيه، سهلا ينزع إلى التبسيط، يحيل واقعا بالغ التعقيد إلى سبب أوحد، يُتوخّى مبدأً. إذ ليس صحيحا أن كل الكيانات وكل الأنظمة وكل المؤسسات عديمة مقومات الشرعية، إن اعتمدنا تلك المعتادة منها، بحيث ربما كان السؤال الأسلم والأجدى والأكثر نفاذا، هو: لماذا تخفق مقوّمات الشرعية تلك، متى ما توافرت، في إضفاء الشرعية، التي تبقى من نصيب قوى الانشقاق (وهذه ليست رديف «المعارضة» ضرورة)، تستحوذ عليها وتستنهضها أنى شاءت؟
ذلك أنه ليس صحيحا أن الكيانات القائمة في المنطقة ناجمة عن مبضع أعمله كل من سايكس وبيكو في أعقاب الحرب الكونية الكبرى، حسب «سرديّة» أضحت البارديغم المفسر «للتجزئة» العربية، يتبناها حتى من لم يكن معنيا بها واقعا وتاريخا. وذلك أمر لافت بليغ الدلالة يفيد بتحول تلك الواقعة العينية، المحددة زمانا (انهيار الإمبراطورية العثمانية) ومكانا (بلاد الشام) إلى مقولة إيديولوجية تدّعي الشمول. بين بلاد العرب كيانات تاريخية، لم تقطع مع أمة الإسلام ثقافة وعقيدة، ولكنها استوت منذ أمد طويل حيزا «وطنيا» (مع ما في اعتماد هذه العبارة من مخاطر إسقاط مفهوم راهن حديث على واقع سابق ما قبل حداثي)، يصح ذلك، مثلاً، على مصر، كما على المغرب وتونس. فهذه الأخيرة مثلا، عندما سنت في 1846، أي قبل حلول الاستعمار بنحو أربعة عقود، قانونا يحظر الرقّ، أفردت بندا يقضي باعتبار كل عبدٍ يفد إلى البلاد من خارجها، حراً، ما لا يعني فحسب إرهاصا بفكرة الحرية بمعناها الحديث، بل كذلك إرهاصا بفكرة الوطن، لا تقتصر على اعتباره مجرد حيز ترابي أو مجال غلبة. أما الأنظمة، فليست من ناحيتها، عديمة مقوّمات الشرعية كلها، إذ لم تتمكن كلها اغتصاباً وسلطاتِ أمر واقع. بعضها يكتسب شرعية تاريخية لا جدال فيها، استمدها من استمرارية طال أمدها فاستتبت ما لم يأت ما ينقضها، أو لأنه نتاج حركة وطنية، قارعت الاستعمار وظفرت بالاستقلال وبدولته تاليا، وبعضها يكتسب شرعية دينية، بل منها من تتضافر لديه مقومات الشرعيتين أو مصادرهما، شأن العرش المغربي، الذي قاد حركة التحرر من فرنسا ويحوز في الآن نفسه على «إمارة المؤمنين»، فهو «قائد» و«إمام». وربما ذهبنا أبعد وسحبنا الأمر على مؤسسات ليست سلطوية بالمعنى المباشر، إذ هل من شك، مثلا، في أن مؤسسة كـ«الأزهر الشريف»، حائزة على كل مقومات الشرعية، التاريخية والدينية، ولكنها تظل عرضة للتجاوز من قبل كل من قد يتولى الإفتاء، تنطعا وتطاولا، مستمدا من صفة «جهادية» أو «مقاوِمة» يدعيها شرعية يراها هو، ويراها أتباعه المفترضون، ناجزة في ذاتها ولذاتها وبمجرد النطق بها؟
ما يمكن استخلاصه من كل ذلك، أن المشكلة ليست في انعدام الشرعية، على ما درجنا على القول، بل في أن مقومات الشرعية، حتى متى ما وجدت وتوفرت، لا تفي في إضفاء الشرعية. وذلك أدهى وأنكى من مجرد انعدام الشرعية (فالانعدام ذاك قد يكون قابلا للتلافي والاستدراك)، لأنه يفيد بلاشرعية فكرة «المؤسسة» في ذاتها، ومهما كانت، كيانا أو دولة أو سواهما، ويحيل إلى الفوضى وقواها التهديمية. لعل ذلك ما يفسر أن خطاب التحرر الوطني، كما صيغ أثناء الحقبة الاستعمارية، يبقى ساريا طاغيا إلى اليوم، لم تهتد «نخبنا» إلى اجتراح سواه، ولم تفعل مختلف التيارات السياسية، من يسارية وقومية وإسلامية، غير استعادة مقولاته الأساسية وإن اختلفت الصيغ وتنوعت. ذلك أن الخطاب ذاك، لا يزال قابلا للتوظيف، ناجعا، في نسف الأنصبة القائمة، تُرفض، كيانات وأنظمة وهيئات، بواسطة مماهاتها بالعدو الخارجي، فإذا هي صنيعة له أو عميلة أو سائرة في ركابه. وهكذا، ووفق المنطق هذا، لا يمكن لشرعية أن تتطابق مع مؤسسة، قائمة أو ستقوم، ولا يمكن للمعارضة إلا أن تكون فعل نقض وانشقاق، عنيف مبرم، وهو ما لا يتورع عنه حتى الساعون إلى الديموقراطية يطلبون المشاركة من ناحية ويتفوهون بخطاب القطيعة والتخوين من ناحية أخرى. وهو أيضا ما تغذيه بطبيعة الحال أنظمة، هي من حيث «الثقافة السياسية» من نفس الطينة. … «ثقافة سياسية»؟ قد لا يصح القول هذا على شأننا العام، إذ هو دون السياسة، بمعناها الحديث، بل قد لا يعدو أن يكون استعادة رثة لما كان قد شخصه ابن خلدون، عصبية حاكمة تتربص بها أخرى طامحة في الحكم، حيث لا «شرعية» إلا لمن اكتسب أدوات العنف، تسلطا أو انقلابا، أي لا شرعية إلا تلك الصادرة من سديم الفوضى، وحيث يتعذر اجتراح شرعية «مدنية»، إن جازت العبارة، مجمع عليها. (*) كاتب تونسي (المصدر: ملحق « تيارات » بصحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 18 ماي 2008)
هل ينجح الإسلاميون في اختبار الحكومة الموريتانية؟
ولد منصور: انتقالنا من المعارضة إلى السلطة ليس مغامرة لم نقل إننا لن ندخل حكومة بسبب رفضنا للعلاقة مع إسرائيل
حاوره في نواكشوط: سيد أحمد ولد باب
ولد منصور متحدثا لإسلام أون لاين
أخيرا شكل الرئيس الموريتاني سيد محمد ولد الشيخ عبد الله حكومته الثانية بعدما واجهه من الحكومة الأولى من مصاعب وعراقيل خلال الأشهر الماضية، مفجرا الكثير من المفاجآت، لعل أبرزها يتمثل في إشراك التيار الإسلامي في موريتانيا بحقيبتين وزاريتين مهمتين مع وعود بالمشاركة في المناصب الإدارية الأخرى، فاتحا المجال أمام بقية القوى السياسية المعارضة للدخول في التشكيلة الوزارية وفق التمثيل البرلماني، وهو ما شكل سابقة في تعاملات السلطة في موريتانيا مع معارضيها بعد سنوات من المواجهة بين الطرفين. دخول الإسلاميين إلى الوزارة الجديدة بحقيبتي الشغل والدمج والتكوين ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي -بعد رفضهم وزارة العدل الأولى بروتوكوليا والأهم ميزانية- رأى فيه البعض خطوة متأنية في مسيرة جديدة من عمر التيار قد تكون لها تداعياتها السياسية على النسيج الداخلي لموريتانيا إيجابيا بعد أن ظل الأخير خارج السلطة خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وظل مصدر إزعاج للأنظمة المتعاقبة وخصوصا على مستوى الشارع. محللون سياسيون لم يستغربوا الدخول المفاجئ للتيار الإسلامي في أول وزارة سياسية تشكل منذ الانتخابات الأخيرة، وذلك بحكم التوجه الجديد للحركة الإسلامية في موريتانيا والذي انعكس على مستوى الخطاب السياسي والدعوى والعلاقة مع بعض مراكز القوى في المجتمع والسلطة في آن واحد. فالرئيس سيد محمد ولد الشيخ عبد الله القادم للسلطة من خارج الصراع السياسي لا يرى في الإسلاميين ذلك الخطر الذي طالما بشر به رؤساء آخرون، ومن آخرهم رئيس المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية الذي تعامل معهم كأمر واقع رافضا منحهم الشرعية السياسية بحجج قانونية قال الكثيرون إنها غير مقنعة. كما أن الرؤية السياسية لبعض قادة المؤسسة العسكرية النافذين (قائد الأركان الخاصة العميد محمد ولد عبد العزيز ومدير الأمن العميد محمد ولد الغزواني) جنبت التيار الإسلامي خطر المتابعة والمواجهة رغم التصعيد الأمني غير المسبوق مع جماعات إسلامية أخرى حسمت أمرها وقررت تحيكم السلاح في الداخل وهو ما ألقى بظلاله على العلاقة بين الطرفين، ودفعت الأخير (التيار السلفي الجهادي) إلى النأي بنفسه عن الجميع. التيار الإسلامي -تأكيدا منه على أهمية الخطوة السياسية- دفع باثنين من أبرز قادته الحاليين (محمد محمود ولد سيدي وهو أستاذ تعليم عالي، وحبيب ولد حمديت مسئول التنظيم في الحزب) مكملين تشكله.. قال ولد الشيخ عبد الله إنه يريدها سياسية بامتياز لكنها قادرة أيضا على تنفيذ برنامج طموح تعهد به للناخبين. مراسل إسلام أون لاين.نت في موريتانيا التقى محمد جميل ولد منصور رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية برئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (الإخوان المسلمون) وأجرى معه الحوار التالي: من المعارضة إلى السلطة *ما الذي جد ليقنعكم بالتحول من المعارضة إلى السلطة في هذا التوقيت؟ – الذي جد هو: أن رئيس الجمهورية مباشرة ومن خلال الوزير الأول كذلك طلب منا واقترح علينا المشاركة في الحكومة. أننا طرحنا جملة من المسائل والنقاط باعتبارها أولويات لكل عمل حكومي جاد يتقاطع فيها برنامجنا مع برنامج رئيس الجمهورية تتركز على المحافظة على المرجعية الإسلامية للبلد أو الطابع الإسلامي لموريتانيا حسب برنامج الرئيس، وعلى نشر اللغة العربية وتعزيز مكانتها، وعلى محاربة الفساد وتجذير الإصلاح وتوسيع دائرته، وعلى التركيز على هموم المواطن الغذائية والمعيشية، وعلى تعزيز مكانة موريتانيا عربيا وإفريقيا وعالميا.. وهي جملة من الأمور اعتبرناها نقاطا مهمة قد حصل الاتفاق عليها باعتبارها أولويات للعمل الحكومي القادم. *ما هي المناصب التي عرضت عليكم في التشكيلة الوزارية الجديدة؟ – نحن بعد أن وافقنا على الدخول في الحكومة دخلنا في مفاوضات تفصيلية حول الحقائب والأشخاص والبرنامج.. قدموا وقدمنا واقترحوا واقترحنا تنازل كل طرف للآخر في العدد وتكييفه في النوع حتى استقر الأمر على أن نتولى في الحكومة الحالية حقيبتين مهمتين هما: حقيبة التعليم العالي والبحث العلمي. حقيبة التشغيل والدمج والتكوين. وسنبذل جهدنا من خلال الأخوين الفاضلين الذين توليا هذه المهمة ومن خلال ما نرجو أن يقدمه غيرهم من الوزراء من أجل تحقيق أمور إيجابية لصالح الموريتانيين في هذين القطاعين. مهدئات للحركة الاحتجاجية
تحديات كثيرة تواجهاا الحكومة الجديدة
*هل هذه مهدئات للحركة الاحتجاجية المتصاعدة أم شركاء في الحكومة؟ -التشغيل والدمج والتكوين حقيبة نحن مَن طلبها وحصلنا عليها ولا يقلقنا أن صاحبها يتولى المفاوضات مع النقابات فنحن سنسعى جهدنا من خلال الأخ المعني أن نكون أمناء في هذا الحوار، وأن نكون أمناء في طرح هموم هذه الشريحة « الشغيلة »، وسنسعى جهدنا لأن نتوصل معهم ومن خلال توجيهات القيادة في هذا البلد الذي يلتزم فيه الوزير المعني بتوجيهاتها إلى حلول للمشاكل المطروحة.. البعد عن المشاكل والهروب عنها ليس حلا، لكن الإقدام عليها قد ينجح ونكون وفقنا ونسأل الله ذلك، وقد نفشل وينبغي أن نعترف بذلك فكل عمل بشري معرض للاحتمالين. أما ما يتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي فقد تسلمناه بعد هدوء الإضرابات فيه وليست القصة قصة مهدئات، نحن أخذنا ما نُقدّر أننا قادرون على تسييره.. قد يكون عرض علينا ما هو أهم بروتوكوليا ومكانة لكننا اعتذرنا، وقد يكون عرض علينا ما هو أهم ميزانية ولكننا اعتذرنا، فنحن لا نحب أن نتقدم إلى ما لا نقدر عليه أو لا نعرفه.. هذا تقديرنا وجهدنا. *ماذا عن تداعيات القرار على الوضع العام داخل الحزب أو التيار الإسلامي عموما؟ لا أخفيك أن قطاعا من هذا الحزب وهذا التيار متحفظ إلى درجة الاحتجاج على هذا الموقف، ولا أخفيك أن الموقف تطلب نقاشا وحوارا وتفصيلا داخل المكتب السياسي للحزب، ولا أخفيك أنه اتخذ لا بالإجماع ولا بالتوافق وإنما بالتصويت، وكان الفارق عشرة أصوات في اتخاذ القرار، لكن هذا أمر طبيعي جدا فأي موقف سياسي بهذا الحجم من الصعب أن يكون موقفا توافقيا أو إجماعيا، لكن حقيقة -وهي مناسبة لحمد الله على ما تحلى به الإخوة داخل الحزب من مسئولية- الأمر مر بطريقة شورية لا لبس فيها؛ استشارة فحوار فنقاش فمحاولة للحصول على إجماع فتصويت فحسم.. وبالتالي أعتقد أن الأمر سيكون عامل قوة للحزب رغم وجود بعض ممن مازال في نفسه أمور من هذه القضية، وخصوصا في قطاعات معينة، لكن ولله الحمد ونحن في اليوم الثالث للقرار نحس بأن أفراد الحزب وإخواننا في الحزب كانوا على مستوى من المسئولية، ويمكن القول إن ذلك فاجأنا في بعض الأحيان. تحالف الإسلاميين والسلطة الحالية
الرئيس الموريتاني ولد الشيخ عبدالله
* لكن تحالف الإسلاميين والسلطة الحالية قد تكون له ضريبة في الأوساط الشعبية في موريتانيا؟ – لكل موقف ضريبة ولكل اختيار استحقاقات ونتائج ولذلك نحن نتصور أن موقفا مثل هذا الموقف قد يضرنا في بعض الأوساط لكنه قد ينفعنا في أوساط أخرى.. لكن على العموم الحزب بنخبته وبقاعدته الأساسية لا أعتقد أنه سيتضرر لا من هذا القرار ولا من غيره لو اتخذ.. مسئوليتنا -كما كنا في المعارضة معبرين بقوة عن آمال الناس وهمومهم- أن نكون في الحكومة ناقلين لهذه الهموم مدافعين عنها مطبقين لما نليه منها، نحل من خلالها المشاكل ونكون على مستوى الحزب بنفس اللغة وبنفس الخطاب، وبالمناسبة كان خطابنا متميزا في المعارضة بمسئوليته، وكنا معارضة ناصحة والآن قد نكون مساندة نقدية.
العلاقات مع إسرائيل
* العلاقات مع إسرائيل تصبح مسألة شائكة خاصة في ظل مشاركتكم في الحكومة..مطلوب التعليق؟ – أولا: نحن نريد أن نوضح أمورا منها أننا لم يطلب منا في تاريخنا الدخول في أي حكومة قبل هذه المرة حتى نشترط أو نتحفظ للأمانة. ثانيا: نتحدث دائما عن العلاقة مع « إسرائيل » وسنواصل الحديث عنها، لكن لم نقل في يوم من الأيام إننا لن ندخل حكومة بسبب رفضنا للعلاقات الموريتانية الإسرائيلية أو أن قطعها شرط لمشاركة حكومية في نسبة مقدرة من الأولويات نقتنع بها والآخرين. المسالة الثالثة أن هؤلاء القوم يقولون ضمن ما يقولون إن هذه العلاقات وجدت قبلهم وإن أمرها سيطرحونه في الوقت المناسب ويسكتون، ونحن نقدر أن هذه العلاقات ينبغي قطعها والفورية مطلوبة في ذلك.. نحن لم نتنازل عن هذه الموقف.. نحن دخلنا في شراكة حكومية بناء على تقديرات تقوم على أولويات اتفقنا عليها في معظم الأمور. صحفي موريتاني yahoo.fr
(المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 14 ماي2008)
الحرب على العراق إسرائيلية لا نفطية
منير شفيق (*) منذ انتشار التفكير «الاقتصادوي» لدى أكثر الماركسيين، وانضمام جحافل من المنظرين الجدد إلى «الاقتصادوية» في تفسير أهداف الحروب والسياسة، اعتبرت حرب العدوان على العراق حربا من أجل النفط. وبهذا، استبعدت الأهداف الأخرى أمام التركيز على الهدف النفطي، علما أنه افتراض لم يقم الدليل عليه، لا من جهة وضعه في سياق الحروب التي شنتها إدارة بوش من أفغانستان إلى فلسطين إلى لبنان والصومال، أي في سياق الاستراتيجية العليا التي أعلنتها الإدارة الأميركية في سبتمبر 2002 حول استراتيجية الأمن القومي الأميركي، والآن يكاد النفط لا يذكر فيها، ولا من جهة وضع الهدف النفطي لحرب العراق في إطار السياسات التي مورست بعد الاحتلال، وجميعها تقريبا لا علاقة لها بالسيطرة على النفط، هذا إذا لم تصبّ في اتجاه معاكس ضد تلك السيطرة عمليا. وهو ما لا يفعله غير أحمق إذا كان هدفه النفط، أو صاحب أهداف أخرى غير النفط أعطاها الأولوية. فلو كانت السيطرة على نفط العراق هي الأولوية للحرب والاحتلال، لكان من المفترض الحفاظ على الدولة، وعدم حل الجيش والأجهزة الأمنية وتشكيل المجلس السياسي على أسس قلبت الدولة والمجتمع رأسا على عقب وذهبت بالعراق نحو التقسيم وفقا للتقسيم الذي بني على أساسه المجلس السياسي. إن الذي حدث في العراق بناء على السياسات الأميركية كان بعيدا كل البعد عن السيطرة على النفط. فعلى سبيل المثال، الفيدرالية الجنوبية والوسطى التي تحتوي على القسم الأعظم من احتياط النفط ومراكز استخراجه ذهبت إلى أيد لا سيطرة سياسية أو عسكرية أميركية عليها. فخلال السنوات الخمس الماضية كان النفط نهبا للميليشيات والفساد. والتفسير الوحيد الممكن لحل الدولة والجيش وتقسيم العراق وفقا لتوزيع الحصص في المجلس السياسي هو إنهاء العراق كبلد عربي مركزي، وهو هدف إسرائيلي بامتياز، ولا يستطيع المحافظون الجدد أن يغسلوا أيديهم من تبنيه وجعله أولوية في الاستراتيجية «الأميركية» التي تبنوها. وهذا الهدف تضمنته الشروط الشهيرة التي حملها وزير الخارجية السابق كولن باول إلى سوريا. وهو الهدف الذي عبرت عنه الحرب الإسرائيلية-الأميركية التي شنت في ربيع 2002 لضرب الانتفاضة وتفكيك خلايا المقاومة والإطاحة بالرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات. وهو هدف الحرب (المشتركة عمليا بين الكيان الصهيوني وإدارة بوش) ضد لبنان والمقاومة في يوليو/أغسطس 2006. وهو هدف للاستراتيجية التي حملها مشروع الشرق الأوسط الجديد. إنه مشروع استهدف تجزئة مجموعة من الدول في المنطقة، كما استهدف إعادة صوغ المجتمعات العربية والإسلامية بما ينسجم مع «الانفتاح» المطلوب سياسيا وثقافيا وأيديولوجياً على الكيان الإسرائيلي، ومن ثم قبول وجوده وسيطرته على فسيفساء الدول الجديدة «الشرق الأوسط الجديد»، بل تقبُّل سرديته حول الصراع الفلسطيني والإسرائيلي كما العربي والإسلامي-الإسرائيلي. ثم هل هنالك ما هو أبلغ من النتائج الواقعية التي حلّت بأسعار النفط من 26 دولارا للبرميل إلى 126 دولارا (والحبل على الجرار)، بسبب الحرب على العراق أو بسبب الاستراتيجية الشرق أوسطية ككل؟ فأميركا اليوم أبعد ما تكون -قياسا لما قبل عهدي إدارة بوش- عن السيطرة على النفط أو وضعه في إطار مصالحها النفطية. إن الحروب عموما تشن على ضوء الاستراتيجية العليا للدولة أو الدول التي تشنها. وهذه الاستراتيجية العليا تكثف المسائل المتعلقة بالجيو-سياسة والنفوذ وموازين القوى العسكرية. أما المصالح الاقتصادية فتتحقق لاحقا إذا أمكن للاستراتيجية العليا أن تحقق هدفها السياسي. ولهذا مثلا حاربت أميركا عشرات السنين ضد فيتنام والصين، وقاطعت الأخيرة اقتصاديا لأكثر من 20 سنة (أضرار اقتصادية على الاقتصاد الأميركي أيضا) مقابل تحقيق أهداف الاستراتيجية العليا. من يفهم أو يفسر الحرب التي شنت على العراق بوضع الأولوية للهدف النفطي يخطئ مرتين: الأولى بحق الوقائع والنتائج والحقيقة كما أشير أعلاه، والثانية أنه يغطي عمليا الهدف الإسرائيلي الذي حمله المحافظون الجدد وجعلوه أولوية للاستراتيجية الأميركية. ولهذا، فما ينسب من أخطاء لأميركا بعد احتلال العراق ليست أخطاء وإنما سياسة واستراتيجية. (*) كاتب ومفكر فلسطيني (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 18 ماي 2008)