الأحد، 15 أكتوبر 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2337 du 15.10.2006

 archives : www.tunisnews.net


إسلام أون لاين.نت. ردا على قمع المحجبات.. « قفوا مع عفائف تونس » الجزيرة.نت: وزير الشؤون الدينية التونسي يؤكد رفض بلاده الحجاب النقابة الأساسيّة بكلية الآداب والفنون والإنسانيات: لائـــحة علي بن عرفة: تهافت الخطاب السياسي المعارض للحجاب – تصريح الأمين العام للحزب الحاكم نموذجا الحبيب أبو وليد المكني : ردا على مقال السيد طرشيشي ماذا يريد الإسلاميون من تونس؟ صـــابر التونسي. رسالة إلى « ترشويّـيي » (*) تونس

مراد حجي. شهادات عن لبنان. المقاومة كسبت المعركة بفضل إدارة سياسية وعسكرية مقتدرة وواعية و التفاف شعبي رائد عبدالباقي خليفة: أردت أن أعرفك معنى الظلم لتعرف معنى العدل د.خالد شوكات: إلى الأخ عبد الباقي خليفة.. »حاكموهم محاكمة عادلة وأعدموهم » عبدالحميد العدّاسي: تحرير الإسلام د. أبو خولة: اجتهادات تونسية للإفطار في رمضان حافظ بن عثمان: كفى يا نظام بن علي؟ علي بن غذاهم: لهذا لا نترحّم علي المقبور بورقيبة وات: وزير الداخلية في بن عروس:أصالة تونس وحداثتها تعـززان مشروعها المجتمعي المتوازن الشروق: …واللباس الخليع.. مرفوض أيضا فاضل السالك: غربان المدينة الحزينة الهادي بريك: مستقبل المقاومة بين يدي ذكرى غزوة بدر الكبرى

رش

يد خشانة. اليهود المغاربيون بين الهوية الممَـزّقة والدور المحتمل محمد الحداد: في بعض أسباب «الإسلاموفوبيا» ومسائل الدين رويترز: رجال دين مسلمون يجدون اخطاء في كلمة البابا عن الاسلام رويترز: اسماعيل فهمي في مذكراته: السادات زار القدس ليكون بطلا عالميا فقط


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


شريط وثائقي جديد للجنة الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين حول جريمة الأحكام المكررة في تونس

لمشاهدة الشريط اضغط على هذا الرابط:


  في الأيام الأولى التي تلت « الإستقلال » عن فرنسا كانت الأغلبية الساحقة من جداتنا وأمهاتنا يرتدين « السفساري » و »الملية » و »الحايك » و »الخامة » والبخنوق » و«المحرمة» و«التقريطة»  و«البشكير» وهي أزياء أصيلة تطورت على مدى قرون طويلة وتفننت نساء تونس المسلمات المؤمنات العفيفات في حياكتها وارتدائها والتمسك بها … فماذا فعلت السلطة الحاكمة آنذاك؟ 

لقد نزل كبيرها الحبيب بورقيبة إلى الشارع وإلى الأحياء الشعبية لينزع بنفسه السفساري واللباس التونسي الأصيل عن رؤوس أمهاتنا وجداتنا مثلما هو موثق في لقطة الفيديو التالية المتاحة اليوم للبشرية جمعاء على الإنترنت:
أما اليوم، وبعد انقضاء 25 عاما على إصدار السلطة للمنشور الفضيحة رقم 108 وبعد مرور 50 عاما بالتمام والكمال على « الإستقلال » عن فرنسا، وحينما عادت الحفيدات والبنات (رغم كل ما تعرضن إليه وما مورس عليهن على مدى العشريات الأخيرة) – بكل حرية وعن اختيار واع وبقناعة تامة إلى ارتداء الحجاب وإلى ممارسة فعلية للعفة والستر في إطار عصري يتلاءم مع متطلبات الدراسة والعمل والحياة اليومية العصرية والحديثة، تنتفض السلطة من أعلى هرمها إلى أدنى بوليس فيها وتزعم – دون أن يرف لها جفن – أنها « حريصة على الحشمة والحياء واللباس الأصيل وأنها ضد اللباس « الطائفي » و »الدخيل »  و »المتعصب » وما إلى ذلك من هذا الكلام …

إنه الإفــلاس التاريخي .. إنها المسخرة المثيرة للرثـاء..  وإنها بحق علامــات التخبط الأخيرة لنخبة متسلطة معزولة لم تعد لها أي صلة بمجتمعها ولم تعد تعبر عنه في شيء.. ولدولة كمبرادورية فقدت القدرة على تمثيل مصالح مواطنيها ومواطناتها وأضحت عبئا ثقيلا جاثما على صدورهم…

———————————-


ردا على قمع المحجبات.. « قفوا مع عفائف تونس »

 
تونس – محمد الحمروني- إسلام أون لاين.نت
 
في مواجهة تصاعد « حرب » السلطة والحزب الحاكم على الحجاب في تونس خلال شهر رمضان تعالت الأصوات الحزبية والشعبية الداعية إلى التضامن مع « عفائف تونس » المحجبات؛ لضمان حقهن المشروع في اختيار لباسهن.
فقد دعت « اللجنة العالمية لنصرة الإسلام في تونس » في بيان لها حصلت « إسلام أون لاين.نت » على نسخة منه إلى إرسال خطابات إلى « حاكم تونس » الرئيس زين العابدين بن علي يبين الحكم الشرعي في لباس المرأة « وتحذيره وتحميله مسئولية ما قد ينجرّ عن هذه الفتنة من عواقب وخيمة »، معتبرة أن الحملة بل « الحرب » كما سمتها، على اللباس الشرعي « حرب على الشرع الإسلامي ».
ووجهت اللجنة مناشدة إلى « العلماء والأئمة والدعاة والخطباء والقائمين على المراكز الإسلامية للوقوف مع عفائف تونس ومؤازرتهن، والدعاء لهن بالثبات في محنتهن ».
كما طالبت اللجنة بالعمل على « إصدار فتوى شرعية جماعية تبيّن حكم كلّ من يكره امرأة مسلمة على هتك سترها! وتعميم نشر هذه الفتوى في جميع وسائل الإعلام، وإرسال نظائر منها إلى حاكم تونس وبطانته كوزير الشئون الدينية ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى (رسمي) ورئيس مجلس النواب ووزير العدل ونحوهم ».
ونبهت أيضًا إلى « ضرورة السعي لإطلاع الغيورين على حرمات الدّين من أهل النفوذ والسلطة على هذه المحنة ودعوتهم -في حدود الإمكان- إلى التدخّل لإطفاء نار هذه الفتنة، ونصرة العفائف ».
وفي إطار ردود الفعل الرافضة لحظر ارتداء الحجاب، أعرب الحزب الديمقراطي التقدمي (أبرز أحزاب المعارضة – معترف به) في بيان صدر عن مكتبه السياسي وحصلت « إسلام أون لاين.نت » على نسخة منه عن قلقه العميق إزاء حملة السلطة التي تستهدف على وجه الخصوص « المحجّبات اللائي يتعرضن إلى الإهانة والمضايقة والمنع من مزاولة الدروس بالمعاهد الثانوية والجامعات، وإلى الحرمان من خدمات المرافق العمومية ».
واعتبر الحزب أن « هذه الملاحقات غير القانونية تنال من الحرية الشخصية للمواطن، ومن حقوقه الأساسية في مزاولة التعليم والعمل، والتمتع بالخدمات العامة ويمثل شكلاً من أشكال الاضطهاد الديني ».
 
إجراءات تعسفية متكررة
كما أدانت « رابطة حقوق الإنسان » في تونس « الإجراءات التعسفية » التي تتكرر مع مطلع كل سنة دراسية جديدة، ودعت السلطات إلى الكف عنها ضمانًا لحرية اللباس التي يضمنها الدستور التونسي والمواثيق الدولية.
وأعربت الرابطة في بيان صدر عن فرعها بمدينة بنزرت شمال تونس عن رفضها لما تقوم به عناصر أمنية باللباس المدني من اعتراض سبيل المحجّبات في الطريق العام، وحثهن على خلع الحجاب وتهديدهن بعدم ارتدائه مستقبلاً.
كما نددت الرابطة بقيام المؤسسات التربوية بشنّ حملة على التلميذات والطالبات المحجبات وفرض خلع الحجاب عليهن قبل الدخول إلى الأقسام.
 
انتشار الحجاب
من جانبه اعتبر رشيد خشانة رئيس تحرير جريدة « الموقف » المعارضة أن هذه الحملة « التي يقودها الجناح الاستئصالي للسلطة لن تؤدي إلا إلى مزيد من انتشار الحجاب قياسًا بحصاد الحملات السابقة التي لم تؤدّ إلى تراجع الظاهرة بل عززتها، وستنتج مزيدًا من ردود الفعل لدى الأحزاب والمنظمات الأهلية ».
ورأى في تصريح لـ »إسلام أون لاين.نت » أن هذه القضية « تتصل بالخيارات الشخصية للفرد، وبالتالي فلا دخل للسلطات العمومية فيها من قريب أو بعيد ».
وفي السياق نفسه، قال محمد النوري رئيس الجمعية الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين: إن السلطة تهدف إلى « فرض نمط مجتمعيّ معيّن يرتكز على الدعوة إلى السفور وتحجيم ظاهرة الحجاب؛ بغية تقديم صورة خاطئة للغرب عن المجتمع التونسي.. صورة تخرج التونسي من كل مميزاته الحضارية وهويته وكل ما يربطه بتاريخه ».1
وأشار إلى أن السلطة تعتمد في حملتها على قانون 108 الصادر عام 1981 (المانع لارتداء الحجاب في المؤسسات العمومية)، موضحًا أنه « منشور داخلي وليس له قوة القانون، ويتناقض مع المبادئ القانونية والدستورية، باعتبار أن القانون في تونس لا يمنع ارتداء أي نوع من أنواع اللباس إلا ما كان منافيًا للحياء ».
وحول اعتبار مسئولين أن الحجاب زيّ طائفي قال النّوري: « ليس هناك تحديد قانوني لمفهوم الزيّ الطائفي، وعلى فرض أن هناك طوائف في تونس، فالقانون لا يمنع أي طائفة من ارتداء أزياء خاصة بها، والجميع يعلم أن الأخوات المسيحيات في تونس كن ولا زلن يرتدين لباسًا خاصًّا بهن ويضعن على رؤوسهن غطاء مميزًا، ولم نرَ أي اعتراض على ذلك من طرف الحكومة ».
يُشار إلى أن بداية العام الدراسي في منتصف سبتمبر الماضي اقترنت بإطلاق السلطات التونسية حملة تضييق على الطالبات المحجبات، وإجبارهن على توقيع التزام بخلعه.
وشهدت وتيرة تلك الحملة تصاعدًا كبيرًا مع دخول شهر رمضان، إلا أن قطاعًا كبيرًا من الطالبات تمسكن بارتداء الحجاب.
وبلغت درجة الاحتقان في الشارع التونسي ذروتها مع دخول شهر رمضان الذي شهد تصريحات للهادي مهني أمين عام « التجمع الدستوري الديمقراطي »، الحزب الحاكم، انتقد فيها الحجاب واعتبره زيًّا « طائفيًّا »، الأمر الذي اعتبره المراقبون بمثابة إعلان رسمي عن بدء حملة شاملة على المحجّبات وعلى مختلف أشكال التدين بالبلاد
 
(المصدر: موقع إسلام أون لاين.نت بتاريخ 15 أكتوبر 2006)

وزير الشؤون الدينية التونسي يؤكد رفض بلاده الحجاب

 
لطفي حجي-تونس أكد وزير الشؤون الدينية التونسي أبو بكر الأخزوري موقف الحكومة التونسية الرافض لما أسماه « الزي الطائفي » في إشارة إلى الحجاب. وقال الأخزوري إن الثابت دينيا وتاريخيا أنه لا وجود للباس إسلامي موحد وأن لكل بلد تقاليده في اللباس، معتبرا أن « العباءة السوداء التي برزت في الشوارع التونسية مؤخرا ترمز إلى فرقة يعلم الجميع تحركاتها التي تبطن ما تبطن ». ودعا الوزير إلى ارتداء اللباس التقليدي التونسي الحضري والريفي نافيا أن يكون لارتداء « الزي الطائفي » علاقة بالحرية الفردية لأنه مخالف للمعهود في المجتمع التونسي. وكانت منظمات حقوقية وأحزاب سياسية دانت في الأيام الأخيرة حملة الحكومة التونسية على المحجبات واعتبرتها انتهاكا للحقوق الفردية للمواطنين، ومسا بحرية اللباس التي يضمنها الدستور، وهو ما دفع الحكومة إلى تعميم موقفها عبر تصريحات صحفية ومنابر حوارية أقامتها للغرض.

احتجاج وفي سياق متصل قضت محكمة تونسية صباح أمس بتغريم الطالب عبد الحميد الصغير مائة دينار تونسي حوالي ثمانين دولارا بتهمة الاعتداء على عنصر أمن. غير أن الصغير نفى ما نسب إليه وقال للجزيرة نت إن قوات الأمن اعتدت عليه بالعنف الشديد إثر دفاعه عن زميلاته المتحجبات اللاتي تجمعن أمام كلية العلوم بتونس بعد أن منعتهن قوات الأمن الجامعي من الدخول قبل خلع الحجاب. وأعلن الصغير أنه بدأ إضرابا عن الطعام احتجاجا على محاكمته وعلى منعه من التعبير عن مواقفه بكل حرية. مناشدة من جهة أخرى ناشدت عائلات السجناء المحالين بمقتضى قانون الإرهاب في تونس جميع الهيئات البرلمانية والسياسية والمدنية التحرك العاجل للإفراج عن أبنائها الذين تتهددهم عقوبات قاسية. وذكرت عائلات السجناء في نداء تلقت الجزيرة نت نسخة منه أن أبناءها يتعرضون في السجون إلى الضرب والحبس الانفرادي ويحرمون من تزويدهم بالأكل مما جعلهم في حالة نفسية سيئة دفعت بأحدهم إلى الإلقاء بنفسه من مكتب قاضي التحقيق منذ يومين أثناء التحقيق معه بالمحكمة الابتدائية بتونس. وقدرت مصادر حقوقية عدد السجناء المحالين بمقتضى قانون الإرهاب في تونس والذين تسميهم « ضحايا قانون الإرهاب » بـ400 سجين.

 
(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 15 أكتوبر 2006)

 الاتحاد العام التونسي للشغل    الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي النقابة الأساسيّة بكلية الآداب والفنون والإنسانيات
 
لائـــحة
نحن الأساتذة المجتمعين يوم 05 أكتوبر 2006 بدعوة من النقابة الأساسيّة بكلية الآداب والفنون والإنسانيات، بعد التداول في شأن النقطتين المدرجتين بجدول الأعمال والمتعلقتين بالوضع النقابي العام وبآخر المستجدّات الخاصة بكليتنا:
1-  نحيّي ولادة الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي الهيكل الواحد الموحد لجميع الجامعيين بكل رتبهم وأسلاكهم، 2-  ندعم جهود المكتب الوطني للجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي في نضاله المتواصل من أجل الدفاع عن المطالب المادية والمعنوية للجامعيين، 3-  نعبر عن استعدادنا لمواصلة النضال من أجل تحقيق مطالبنا المشروعة ونطالب سلطة الإشراف بفتح التفاوض في شأنها مع ممثلينا الشرعيين، 4-  نرحب بالمبادرة الداعية إلى التنسيق مع مختلف نقابات التعليم ، 5-  نعتبر مبدأ انتخاب العميد مكسبا جامعيّا ناضلت أجيال من الأساتذة من أجله وننبّه إلى خطورة المساس به، 6-  ندين شديد الإدانة اللّجوء إلى أسلوب التقارير مهما كان مصدرها لحسم الخلافات العلميّة والإدارية 7-  نرفض رفضا قاطعا التشكيك في النزاهة العلميّة والأخلاقية للزملاء وندعو إلى عدم إقحام الخلافات الشخصية في المسائل العلمية والإدارية، 8-  نهيب بجميع الزملاء احترام الهياكل المنتخبة والهيئات العلمية المستقلّة والاحتكام إليها في ما يستجدّ من خلافات لتتمكن من النظر فيها وإبداء الرأي قبل اللجوء إلى أيّ إجراء آخر، 9-  ننبه إلى ضرورة الامتناع عن كل ما من شأنه أن يسيء إلى مؤسّستنا أو يظهرها في صورة غير مطابقة للواقع أو في صورة غير التي هي جديرة بها.  
عن الاجتماع النقابي الكاتب العام عبدالسلام الكـكـلي


ندوة فكرية

ينظم حزب الوحدة الشعبية مساء بعد غد الثلاثاء (17 أكتوبر 2006، التحرير) ندوة فكرية وسياسية حول أنساق الثقافة الوطنية بين الانغلاق والانفتاح، ينشطها الاستاذ برهان بسيس.

 

* مسابقة حفظ القرآن

أشرف السيد بوبكر الأخزوري وزير الشؤون الدينية صباح امس بجامع الزيتونة المعمور على افتتاح فعاليات مسابقة تونس الدولية لحفظ القرآن وتلاوته وتفسيره التي تنتظم تحت سامي اشراف سيادة الرئيس زين العابدين بن علي من 21 الى 26 رمضان وبحضور عدد من سفراء البلدان المشاركة في المسابقة.

وأبرز الوزير بالمناسبة ما يحظى به القرآن الكريم في تونس من عناية فائقة تجلت بالخصوص في الاهتمام الذي أولاه الرئيس زين العابدين بن علي للخطاب الديني واقراره احداث مسابقات قرآنية وطنية ودولية وطبع مصحف الجمهورية وتعصير واعادة الاعتبار الى الفضاءات التي تأوي الساعين الى تلقين كتاب الله العزيز وتفسيره.

 

(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 15 أكتوبر 2006)

 

هبة من اليابان لمدرسة ابتدائية بسيدي بوزيد

 احتفالا بمرور خمسين سنة على إقامة العلاقات الديبلوماسية بين تونس واليابان تم يوم 12 أكتوبر 2006 بسفارة اليابان بتونس تنظيم حفل توقيع عقد هبة تقدر بحوالي  7،71 ألف دينار لفائدة «جمعية العمل على تطوير المدرسة الابتدائية رميليه» التابعة لمعتمدية سوق جديد من ولاية سيدي بوزيد لتحسين وضعية تعليم الاطفال في هذه المنطقة.

 

منتدى تونس للسلام

 في إطار نشاط منتدى تونس للسلام، يلقي المفكر الايطالي المسلم يحيى بللاّفيتشيني نائب رئيس المجموعة الدينية الإسلامية-الإيطالية محاضرة حول موضوع: «الحوار بين الحضارات والتبادل الأوروبي – المتوسطي» وذلك يوم السبت 21 أكتوبر الجاري بالمركز الثقافي لمدينة تونس

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 15 أكتوبر 2006)

 

تهافت الخطاب السياسي المعارض للحجاب تصريح الأمين العام للحزب الحاكم نموذجا

علي بن عرفة – لندن   توالت ردود الافعال ضد تصريح الامين العام للحزب الحاكم الهادي مهنى حول الحجاب، واتجه اغلبها الى التأكيد على قدسية الحرية الشخصية التي كفلتها مبادئ حقوق الانسان، فيما ركزت أخرى على الجانب الشرعي في القضية لتؤكد على المخالفة الشرعية لقانون 108، وتناقضه مع  نصوص الوحي واجماع الامة.

ولكن الخطاب السياسي الذي تعتمده السلطة في مواجهة الحجاب، لا يخلو من تناقضات ومفارقات تحتاج الى الوقوف عندها، للكشف عن طبيعة السياسات الموجهة لشؤون الحكم في البلاد، والتي اورثتنا حالة من الانغلاق السياسي والتفسخ الثقافي والانحلال الاخلاقي لم تشهده تونس على مدى تاريخها. يقول الأمين العام للتجمع الدستوري الديمقراطي »إذا قبلنا اليوم بالحجاب، فقد نقبل غدا بحرمان المرأة من حقها في العمل والتصويت، ومنعها من الدراسة ». فالحجاب اذا هو الخطوة الأولى في اتجاه حرمان المراة من الدراسة والعمل، وبغض النظر عن تجربة المحجبات في العالم الاسلامي من اندونيسيا الى المغرب، التي تناقض هذا التصور- حيث اقتحمت المحجبات ميادين العمل المختلفة وتفوقت في اعرق الجامعات- فإن تصريح  الامين العام للحزب الحاكم يتضمن مفارقة عجيبة عندما يطالب  باستباق الحرمان من الدراسة بالحرمان من الدراسة!!!

واذا كان حرمان المراة من الدراسة بأثر الحجاب مجرد تصور في ذهن مهنى، يفتقر الى البرهان والدليل، فان الحرمان من الدراسة الذي تمارسه السلطة في حق المحجبات، واقعا تعيشه بنات تونس يوميا امام أنظار العالم.

اما التحذير من ان الحجاب سيؤدي لاحقا الى حرمان المراة من التصويت، فإنه مع تناقضه مع تجربة المحجبات في اغلب بلاد الاسلام، يضع الامين العام في مفارقة مع واقع الممارسة السياسية لحزبه في تونس، فواقع الحال يؤكد حرمان الجميع – رجالا ونساء- من المشاركة في الشـأن العام، بل ويتعرضون الى الاظطهاد والعنف، وتشويه اعراضهم – بغض النظر عن الجنس او الانتماء السياسي-  فأي معنى للحديث عن الحرمان من التصويت في ظل هيمنة الحزب الواحد، وتجاوز القانون، وانتهاك الدستور، وتزوير الانتخابات، وقهر المواطنين بمسرحيات انتخابية، وديكور ديمقراطي يزيدهم – رجالا ونساء- احساسا بالغبن في اوطانهم؟.

ان مكتسبات المرأة في تونس ومن ضمنها حق التصويت، محل فخر واعتزاز لكل التونسيين، ولكنها للاسف، مثلها مثل كل المفاهيم الحديثة كالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الانسان، مجرد شعارات، أفرغت من قبل نظام الحكم في تونس من مضمونها، وصارت تحيل الى أضدادها نتيجة الممارسة المتخلفة والمخالفة لكل هذه المفاهيم. ومع ازدياد حدة التناقض بينها وبين الواقع، زهد الناس فيها  وأصبحت مجرد شعارات تزين واجهة الاستبداد الذي يجثم على صدورهم ويثقل كاهلهم.

أما القول بأن الحجاب  » سيعيق تقدمنا فنتراجع الى الوراء وننال من احد المقومات الاساسية التي يقوم عليها استقرار المجتمع » فإنه بقدر ما يكشف عن هشاشة التقدم الذي يتهدده الحجاب، يدعونا كتونسيين ان نضع مفهوم التقدم في علاقته بهوية البلاد على بساط البحث. لأن تصور مهنى للتقدم، هو ما يفسر ثقافة التفسخ والانحلال التي تسهر عليها السلطة، من خلال المهرجانات الثقافية التي تنشر ثقافة الميوعة والانحلال، وتقصي الفن الهادف والملتزم. وتحصر التراث الديني في ثقافة الشعوذة وشطحات العيساوية وزيارة الاضرحة، وتجتهد في تمرير التطبيع مع العدو الصهيوني من خلال مشاركة الصهاينة فيها – مشاركة الصهيوني انريكو ماسياس في مهرجان طبرقة- في نفس الوقت الذي كانت فيه الالة العسكرية الصهيونية تدك بيروت، وتهدم البيوت على رؤوس اصحابها. فلا غرابة بعد ذلك ان تظهر » فنانات التقدم » في تونس  بملابس فاضحة، ضمن مهرجانات تشرف عليها وزارة الثقافة، فيما ينتزع الحجاب من على رؤوس حرائر تونس.

ذلك هو التقدم الذي يستنجد مهنى بالاحزاب والمنظمات الحقوقية والمجتمع المدني لحمايته ومواجهة الاخطار الذي تتهدده،ناسيا ان هذه القوى التي يستنجدبها اليوم، تواجه هجمة شرسة من قبل نظام الحكم، ويتم التضييق على انشطتها وملاحقة أعضائها، ومحاصرة مقراتها وحرمانها من عقد مؤتمراتها، والاعتداء على مناضليها بالعنف وفي الطريق العام. ولكن هذه الدعوة من قبل مهنى للمجتمع المدني، هي حلقة جديدة في سلسلة المحاولات البائسة من قبل السلطة، لفك الارتباط بين اطياف المعارضة الوطنية، وابراز قضية الحجاب كقضية سياسية تتعلق بالاسلاميين– المتسترين بالدين-  وحركة النهضة تحديدا، وليست قضية وطنية تندرج ضمن مطلب الحريات، الذي تناضل القوى الوطنية من اجلها.

والواقع ان قضية الحجاب هي قضية سياسية بامتياز، ولكن ليست بالمعنى الذي تروج له السلطة، وانما باستغلال السلطة لهذه القضية كرسالة سياسية الى القوى الخارجية، للتأكيد على جديتها في محاربة الارهاب الذي يتهددها، ويمنعها من اي خطوة في اتجاه تطوير الحياة السياسية في البلاد، والوفاء بالاستحقاقات الداخلية كلإطلاق سراح المساجين السياسيين، واعلان العفو التشريعي العام، والاتجاه نحو المصالحة الوطنية الشاملة، واطلاق الحريات. أما على المستوى الداخلي، فإن قضية الحجاب المتجددة، تهدف الى تجديد حالة الاستنفار ضد الخطر الاصولي، من أجل مزيد من القمع وتكبيل الحريات، وتفكيك التقارب بين الاسلامين والقوى الوطنية، واعادة الفرز الداخلي على أساس ايديولوجي يقصي الاسلاميين. 

و أما الدعوة الى حماية أمن واستقرار المجتمع من خلال منع ارتداء الحجاب، فهي مفارقة اخرى في تصريح مهنى، الذي يدعو الى استخدام العنف ونشر الفوضى، والاعتداء على المواطنين بهدف الاستقرار!!! إن ممارسة العنف والاعتداء على المواطنين،وملاحقة النساء في الشوارع ونزع حجابهن بالقوة، هو الذي يهدد استقرار المجتمع. وقد نبهت الحملة الدولية من أجل حقوق الانسان في تونس بيانها الأخير الى خطورة هذا التوجه، محذرة  من مغبة الاستمرار في هذا النهج الذي بات يغذي حسب قولها « مشاعر الحقد والغضب لدى التونسيين ». ولعل شرارته قد انطلقت- لو لم يتدارك العقلاء الامر وايقاف هذا النهج في الاستهتار بمشاعر المواطنين والنيل من مقدساتهم- مع بداية المواجهات بين قوات الامن وبعض المصلين في جامع حي الحبيب في الضاحية الشمالية للعاصمة.

اما الزعم بان الحجاب   » لا علاقة له بالاسلام الحق الذي دعا الى الاجتهاد والسعي وراء العلم والحداثة  »  فان مهنى بقوله هذا يلبس  لباس البابوية، ليتكلم باسم الاسلام الحق، دون أن يتكرم علينا بدليل واحد من نصوص الوحي. ولكنه رغما عن الجميع، ينتصب في موقع الاجتهاد والسعي وراء العلم والحداثة، بغض النظر عن شروط الاجتهاد وظوابطه، فكل جديد عند مهنى هو اجتهاد حتى لو خالف نصوص الوحي قطعية الورود والدلالة، وكل ما فيه تبعية للغرب فهو من الحداثة حتى لو أنكره أهله .

فالامين العام للحزب الحاكم في حداثته يتجاوز الحداثيين انفسهم، الذين يطرحون في بريطانيا مثلا قضية النقاب – وليس الحجاب – للحوار-  طالب جاك سترو وزير خارجية بريطانيا السابق بنزع النقاب- ولكنهم  لايتحدثون في معارضتهم للنقاب عن الحداثة او الاجتهاد في الدين، وانما يتحدثون عن صعوبة التواصل مع اشخاص يخفون وجوههم بالنقاب، ومع ذلك واجهت هذه الاراء معارضة شديدة – من داخل السلطة نفسها- لتطاولها على الحرية الشخصية للبريطانيات.

 تلك هي الحداثة السياسية الحقيقية التي تتيح للجميع المشاركة من خلال الحوار في كل ما يهم الشأن العام، فيما يريد مهنى وحزبه جر التونسيين لحداثته بأكثر الأساليب بدائية وبربرية، فيغلق في وجوههم المعاهد والجامعات، ويتسلح بكلاب الشرطة وعصى البوليس وميليشيات الاجرام. فأي حداثة هذه التي تعجز معاهدها وجامعاتها عن استيعاب « الاخر »؟ فهل الحداثة غير العلم والمعرفة، و الحرية، والاعتراف بالاخر، وسيادة القانون، واحترام حقوق الانسان، ومساواة جميع المواطنين في الحقوق والواجبات؟  فأين مهنى وحزبه من كل هذا؟  ثم أليس غريبا ان يطرح في بريطانيا موضوع النقاب – وليس الحجاب – للحوار فيما ينتزع الحجاب في تونس بالقوة !!! 

 ان هذا الشذوذ في التعاطي مع قضية الحجاب، ليس شاذا عن سياسة السلطة، التي تعتمد المعالجة الامنية في مواجهة كل القضايا السياسية والحقوقية والاجتماعية، بديلا عن الحوار والمعالجة السياسية، وذلك ما يفسر حالة الانغلاق السياسي – 140 سجين سياسي لاكثر من 16 سنة- وتصاعد وتيرة العنف ضد المعارضين السياسيين، والمناضلين الحقوقين، واصحاب الشهادات العاطلين عن العمل، وحتى الطالبات (انظر القدس العربي بتاريخ 13 أكتوبر).    


ردا على مقال السيد طرشيشي

 ماذا يريد الإسلاميون من تونس؟

الحبيب أبو وليد المكني  

 

كتب السيد الطرشييشي مقالا· في خضم الجدل الدائر هذه الأيام في الساحة التونسية حول الحجاب  أراد من خلاله كما يبدو مناقشة جملة من الأطروحات التي تروج لها « الحركة الإسلاموية  » لينتهي إلى كونها حركة ماضوية مأزومة تمارس خطابا ناريا متشنجا و تعمل من أجل تشويه صورة تونس العهد الجديد و تبشر بأفكار ابتعد عنها التونسيون بعد أن اكتشفوا تهافتها وسوء نية أصحابها ، ولم يتأخر علينا الكاتب المحترم  بتذكيرنا بأطروحة الأستاذ زهير الشرفي حول الحجاب والتي كما يبدو أصبحت وثيقة رسمية تشن الحملات الإعلامية وتعقد المسامرات الرمضانية من أجل إقرارها في النفوس قبل أن يصبح تنفيذها من مشمولات البوليس …

 

و لا يسعنا ابتداء إلا أن نشكر السيد الكريم على مساهمته القيمة  في هذا النقاش  رغم أنه لم يتخل فيها عن الأسلوب الناري الذي شدد على التنديد به في مختلف فقراتها( و ما أخيبك يا صنعتي عند غيري…)، ونقر بحقه في الدفاع عن المبادئ التي يؤمن بها و المصالح التي ستترتب عنها

 و ليسمح لنا السيد الطرشيشي أن نختار من مقاله بعض الفقرات التي نعتقد أننا مؤهلون لمناقشتها و نترك القضايا المتعلقة بالفقه الإسلامي إلى أهل الاختصاص ومعذرة إن خالفنا بذلك الجديد في فكر الحداثة التونسي الذي يسمح لكل الناس بالخوض في مسائل تتعلق بأصول الدين الإسلامي حتى و إن كانوا من اللا أدريين والملحدين و اللادينيين

وسيتركز حوارنا في هذا المقال على المحاور التالية :      

·        خلو مقالاتنا من الدراسات الجادة 

·        التركيز على موضوع الهوية دون دلالات واضحة

·        ادعاء غرابة مفهوم الحجاب عن التونسيات

·        الجدل حول حقيقة احترام الإسلاميين التونسيين  للحرية

1ــ حول خلو مقالاتنا من الدراسات الجادة

استهل الكاتب مقاله بالتأكيد على أن محتوى المواقع القريبة من الحركة « الإسلاموية  » خالية تماما من الدراسات العلمية و الأفكار البناءة وفي مقابل كثرة المادة التي  يراد بها الإساءة لتونس وشعبها ونظامها وصولا إلى قصائد النواح والتظلم المفرط  ، والحقيقة أننا لا نركز على الدراسات العلمية و الفكرية في هذه المواقع لأنها تحاول من خلالها فقط  تقديم مادة إعلامية في مجال قضايا  الحريات خاصة مع إيجاد فضاءات حرية للحوار بين وجهات النظر المختلفة ،ومع ذلك فإنه يكاد لا يخلو عدد من دراسة اجتماعية أو اقتصادية  أو فكرية وأرشيف تونس نيوز أو صفحات الوسط تشهد على ذلك وهي في متناول الجميع

أما إن كان المقصود أن تتحول هذه الفضاءات إلى التعريف بالدراسات الأكاديمية و الفكرية فهذا مجال تخصص له أصحابه و مواقعه و دورياته والإسلاميون لم يتأخروا في الاهتمام بذلك و يمكن أن نذكّر في هذا الصدد بمجلة رؤى وقبلها مجلة الإنسان وموقع النهضة نفسه يحتوي على ركن للمقالات والدراسات هي بالتأكيد غير كافية لملأ الفراغ ولكنها كافية للرد على هذه الشبهة التي يثيرها هذا الكاتب وغيره  ، وفي الأخير لا ندري من أي ناحية جاء اهتمام السيد الطرشيشي بهذا النوع من الدراسات و الصحافة التونسية التي يدافع عنها هي بكل المقاييس و بإجماع قراء اللغة العربية صارت مثالا في الرداءة و السطحية وانتهاك الأعراض وقد شهد فيها في أكثر من مناسبة شاهد من أهلها لا يستطيع الكاتب الكريم رد شهادته لأنه الرئيس التونسي نفسه  مع الاعتذار الشديد للنخبة التونسية التي لا تستحق أن تعبر عنها هذه المطبوعات  و الجرائد  …

2ــ احول التركيز على موضوع الهوية دون دلالات واضحة

قد يكون السيد الكريم على حق في  الإشارة إلى تضخم المادة التي تتناول قضية الهوية في كتاباتنا لأن ذلك يعطي الانطباع وكأن هويتنا العربية الإسلامية في تونس مهددة أو مكشوفة . وقد أثبت المجتمع التونسي كما يشهد الكاتب نفسه  أنه متمسك بشخصيته  الحضارية حريص على تكذيب كل الافتراءات المشاعة عنه شرقا و غربا ولعل انشار مظاهر الصحوة الإسلامية التي تقض مضاجع جماعات متنفذة  في السلطة  منذ سنين دليل على ذلك فتضاعف عدد المساجد التي تضيق بروادها وعودة التونسيات إلى الحجاب هي بلا شك تدعم هذا التحليل رغم أنه لا يروق لبعض النخب اللاأدرية …

فالمبالغة في إثارة موضوع الهوية يترجم في الحقيقة عن جوهر الدعوة الإسلامية في هذا العصر باعتبارها تيارا أصيلا  يؤمن بضرورة القيام على مهمة الدفاع عن الأمة في زمن العولمة المتوحشة  قبل أن يكون اتجاها منافسا للحكام العرب و المسلمين  ، بيد أن الترجمة السياسية لذلك قد لا تكون مطمئنة للقوى الديمقراطية الإسلامية منها و العلمانية لأن التجارب التاريخية في أوروبا قبل الحرب العالمية الثانية وتراث الاستبداد الذي يشكل إرثا ثقافيا بارزا ومكونا أساسيا في لاوعينا الجمعي ، يدعونا إلى التنبه لمخاطر الاستبداد باسم الدفاع عن الهوية و الدين …

3 ــ إدعاء غرابة مفهوم الحجاب عند التونسيين

عندما نتابع الخطاب المعادي للحجاب  بما هو ما اصطلح عليه باللباس الإسلامي عند الإسلاميين و « الزي الطائفي » عند الاأدريين  في تونس نصاب بالدهشة لقدرة هذا الخطاب على الكذب على التاريخ و الحضارة التونسية لمجرد تبرير سياسة يراد بها استئصال خصم سياسي عنيد ،وبقدر حرص الإسلاميين في تونس على إبراز ما يجمعهم ببقية أهل بلدهم بما في ذلك مناضلو اليسار وأنصار الحزب الحاكم هناك حرص من قبل صناع القرار التونسي على إبراز محاور الاختلاف وافترائها ولو أدى ذلك إلى الوقوع في التناقضات والتنكر للشعارات والمواثيق .

والملاحظ أن المراقبين المحليين والدوليين قد سجلوا في هذا الباب ما لا يحصى من الأمثلة ولكن المجال في هذا المقال لا يسمح بالتعرض لذلك حتى لا يتحول جوارنا إلى سجال عقيم ، وإن شئنا أن تعود إلى أصل موضوع الحجاب في الثقافة التونسية الحديثة وهو كتاب الطاهر الحداد  » امرأتنا في الشريعة و المجتمع  » الذي نخشى هذه الأيام أن يقع سحبه من الأسواق . لوجدنا أنه يخصص جزءا لا بأس به لموضوع  حجاب المرأة التونسية  أي حجب المرأة في البيت  ومنعها من التعليم و الوظيفة والمشاركة في الشِؤون العامة ، والأغرب من ذلك أن الحداد قد وجه انتقاده لشكل  » التخليلة والملية و البخنوق و السفساري باعتباره يعبق حركة النسوة   في المدارس والجامعات و الفضاءات العمومية و لو تجاوز الحداد رحمه الله نقذه للشكل ليقترح اللباس المناسب في نظره لما تردد في تصور ما هو بالتأكيد قريب من   » الموديل » الذي  تصر خطب أعضاء الديوان السياسي للتجمع على كونه » زيا طائفيا  » وحضراتهم يمنعونه انتصارا لفكر المرحوم الطاهر الحداد ؟؟!!

ويبقى التساؤل الذي نعبر به عن استغرابنا من حديث السيد الطرشيشي عن غرابة مفهوم الحجاب عن التونسيين . فإذا كان مفهوم الحجاب غريبا عن البلاد و أهلها كما يقولون ، فلماذا يكون أحد المحاور الأساسية في الكتاب التونسي الشهير ؟؟!!  …

4 ــ الجدل  حقيقة موقف الإسلاميين التونسيين من الحرية

وهذه إشكالية لها علاقة بإرثنا الحضاري وخاصة منه ما يرتبط بعصور الانحطاط والاستبداد وقد يكون الإسلاميون في تونس  ليسوا احسن من غيرهم في تمثل قيمة الحرية و تنزيلها قولا وفعلا  في حياتهم بيد أن سجل هذا الغير الذي يحكم البلاد منذ نصف قرن  وذلك الغير الذي  ينتظم في أحزاب المعارضة والموالاة   المعترف بها ليس أحسن بكل  تأكيد ولا أظننا في حاجة إلى التعرض لأحد بسوء حتى يستبين المستور  (!؟)…

يقول السيد الطرشيشي في هذا الصدد : »ولابد من الإشارة إلى أن تعلة الحرية الشخصية ، التي يعتمدها الإسلاميون في تونس لتبرير لباس الحجاب ، هي في الواقع  تعلة تقف عند تبرير مطالبهم  وتنتهي عند ذلك الحد فقط  . فهذه الحرية الشخصية نراها  لا تنسحب على حرية الآخرين التي  لا تتفق مع أصوليتهم ، فارتداء اللباس القصير مثلا  لا يتعلق  في منظورهم بالحرية الشخصية وإنما يتحول إلى خدش للآداب والأخلاق الحميدة واعتداء على قيم الدين والهوية ، فهو ،بعباراتهم،  الفاحشة والتبرج والرذيلة والميوعة ، وهكذا يختفي في رمشة عين  مفهوم  الحرية الشخصية ويتم شيطنة وتأثيم المختلفين عنهم ، والأمر ينسحب على رواد البارات والمتحررين والعلمانيين والمفكرين غير الإسلاميين … »و يدعم رأيه بما يسميه بالمثال المصري « حيث يتم الاعتداء يوميا على النساء السافرات وتوجيه أبشع النعوت لهن باسم الهوية الإسلامية و الستر والأخلاق و العفة « 

وفي هذه الفقرة نرى أننا قد دخلنا  في تقييم المعايير الأخلاقية التي هي جزء من شخصيتنا الحضارية وانتمائنا للإسلام وهذه ليست بدعة ابتدعها الإسلاميون في تونس بل هي معايير التمييز بين الحق والباطل و الحلال والحرام و الصالح والطالح والمفسد والمصلح والبر والفاجر ،هي جزء لا يـتجزأ من نعاليم المذهب المالكي الذي يقدم على كونه يعبر عن أصالة تونس واستقلال فقهها عن المشرق . أم لعلكم في غيابنا قد حذفتم كل ما فيها عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و أبواب الحلال والحرام واستعضتم عنها بفكرة التسامح مع الفجار و التشدد مع الأبرار

ولابد أن نفرق  هنا ،بين  الحرية كقيمة إنسانية تطور مفهومها على مر التاريخ لتصبح عنوانا للحداثة ومبدءا مقابلا للاستبداد بكل معانيه وأشكاله وأحكام الحلال و الحرام كما جاءت في القرآن الكريم والسنة المطهرة والتي يتوزع المسلمون إزاءها بين أشرار وأبرار ، أهل طاعة وأهل معصية ، متدينون و لا دينيون…

أن يكون المبدأ هو حرية المعتقد وفقا لقول الله تعالى : » لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي » وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر  »  لا يعني ذلك أنه ليس من حق الغير مؤمن أن بحتفظ بالمعايير التي على أساسها سيختار أصدقاءه وحلفاؤه ،مثلما سيحتفظ المؤمن بحقه في طاعة ربه والالتزام بأوامره ونواهيه و تقبيح ما قبحه الله و استحسان ما حسنه الله الذي يعبده .و لا تنسى سيدي الكريم أن إطار حوارنا هو المنشور 108 الذي رفع درجته الخطاب الرسمي بشكل عملي إلى قانون يحدد شكل اللباس الذي يتناسب مع  » هوية البلاد « واستقلالها ورفضها لكل ما هو دخيل ويبيح على أساسه حملة مضايقات وانتهاكات في حق المرأة التونسية الملتزمة بالحجاب و ليس الحكم له أو عليه فقط .

 

             أما حديث الرموز التي زخر به مقالك المطول ، فأعترف أنني تعلمت منك الكثير في تفجير معاني الرموز السياسية وتأويل مضامينها و اعتقد أنك ستحتاج لعمر طويل حتى تشرحها للنساء تونس المتحجبات منهم والسافرات ، و أرجو المعذرة إن أسأت في شيء دون قصد .

 

Benalim17@yahoo.fr
 


· نشر المقال في موقع تونس نيوز بتاريخ 13ـ10ـ06


رسالة إلى « ترشويّـيي » (*) تونس

صـــابر التونسي
تحية « ترشوية » وبعد:
 
لقد قرأت كثيرا مما كتبه « التونسويون »(1) من أمثال السيد ترشيشي(2) ولأنه اعتقد جازما أن مقاله سيثير عديدا من الردود و لعل ذلك هوالراي الوحيد الذي ليس فيه مغالطة أو تجن! وإن كان مصاحبا لما كتب وليس من صلبه! فإنني أحمد الله أن تزامن ردي مع مضمون فكرته دون أن يكون ردا على ما كتبه هو بالذات فقد صدر مقالي عن « الحجاب والغرباء » على صفحة تونس نيوز في نفس الوقت مع مقاله.

وإن ما حبرته سابقا وما سألاحظه في هذه الرسالة السريعة لم يكن من منطلق أنني « إسلاموي » وإن كان ذلك يشرفني ويرفع قامتي! إنما فعلت ذلك من منطلق مجابهة الظلم و مقارعة الإستبداد والوقوف إلي جانب المظطهدين والمظلومين والمستضعفين مهما كان لونهم أو فكرهم وما كتبت على هذه الصفحة وغيرها دليل صدقي من عدمه!

ليتك وليتني وليت الجميع يلتزم  بما قلتَ أن من حق كل تونسي أن يدلي برأيه بعيدا عن السب والتجريح والتشويه!

ولكن « سلطويّـي » تونس يسبون ويجرحون ويشوهون ولا يكتفون بذلك بل يطلقون عصيهم الغليظة على كل من خالفهم!

من حقك أن تعتقد ما تشاء وأن تتبني الفكر الذي تريد أو تعارض الفكر الذي تريد، والمشكلة ليست مع الفكر الذي يرفض الحجاب أو الشريعة ولكن المشكلة في القهر وإكراه الناس على فكر معين وحملهم بعصا السلطة عليه!

المشكلة في الكيل بمكيالين نطالب الإسلاميين بحرية الرأي والتعبير ثم لا نقبله منهم ونمنعهم من الإتصال بالناس وطرح أفكارهم « الباطلة » ونترك للناس حرية قبولها أو رفضها! ما هذه الوصاية المقيتة والحجر على أفكار الناس! كأنكم وحدكم أصحاب الفكر والمنطق والبقية مجرد رعاع وجب حملهم على ما تعتقدون بالقوة!

إني أطالب كل « الترشويين » و »السلطويين » أن يجيبونا لماذا تحارب الكلمة المخالفة في تونس؟!

تطالبون بحق النشر وحق الرد وتمنعون الناس من الإطلاع على الردود والمردود عنه! لماذا يمنع المواطن التونسي في الإطلاع على تونس نيوز والحوار نت و »كلمة » وغيرها من الصفحات العديدة؟؟

وكأنكم تقولون: فلو لا نفر من السلطة نفر ليطلعوا على ما يكتب ويردوا عليه دون أن يسمحوا بمروره لعامة الناس فهم لا يحسنون تمييز الغث من السمين!  غريب هذا الخلط المشبوه بين تونس وشعبها المسلم الذي يستميت  من أجل أن يحافظ على دينه ويحتال لأجل ذلك، وبين الدولة التونسية أو السلطة أداة القمع! ولكن لا غرابة فقد أعلنها الزعيم الراحل بأنه هو النظام والدولة!

إنني أقر بأن السيد « ترشوي » مطلع على كل ما يكتب وأكاد أجزم من ثنايا خطابه على أنها مهمته وعليها يتقاضى أجرا وذلك عندي لا يضيره بالقدر الذي يسعى به إلى تحويل الأبيض إلى أسود! والتزوير من مثل أن الإسلاميين يُكرهون النساء على الحجاب وكأنهم أصحاب سلطة!ثم يبرر القمع والإضطهاد باسم التنوير والتقدم والتحرر ويزعم بأن هامات الإسلاميين قد كُسرت على سكة التحرير والتنوير! وهو يعلم أن هامات الإسلاميين عالية مرفوعة وهم يسجنون سجانيهم الذين فشلوا و جبنوا عن مواجهة أفكارهم فاستعملوا العصا لتكسير قاماتهم وعظامهم دون أن ينالوا من هاماتهم ( مصداق قولي ما خطه عبد الكريم الهاروني من سجنه)

المشكلة ليست مع من يحمل فكرا مخالفا إنما المشكلة مع الذي يتستر بالسلطة وبالدين ـ وإن كان من أعداء الدين ـ ويظهر خلاف ذلك! لماذا لا نتحمل مسؤولية أفكارنا وإن خالفت غيرنا وندافع عنها؟!

ولأوضح ما أقصد أسوق هذا المثال الذي عشته بنفسي ومفاده أن الماركسيين بمدينتي جلبوا يوما محاضرا  ليستقووا بفكره « الواسع » على أبناء جهتهم من الإسلاميين (وذلك حقهم)، حضرت المحاضرة التي كانت حول القضية الفلسطينية مع أحد الإخوة فتدخل بكل أدب وحاور المحاضر بأنه استعمل أدوات التحليل الماركسي استعمالا متعسفا، (مرة أخرة وذلك حقه)، فرد المحاضر بكل حدّة وسلاطة « من أين تعرفني ومن قال لك بأنني ماركسي، عيب عليك إنني لست ماركسيا ولن أكون يوما ما كذلك! (وذلك ليس حقه لأنني) وجدته بعد ذلك في ساحة كلية الحقوق متكلما باسم تيار يساري كبير معروف!!

من هنا لا أستبعد أن يكون السيد « الترشيشوي » هو نفسه محاضرنا السابق بشيء من الخيال الممكن الذي لا أملك عليه دليلا!

إنني أكره الحديث بالتعميم على تحالف اليسار مع السلطة لأن ذلك يظلم فئات يسارية عديدة في قطيعة مع السلطة ومن حقها أن تختلف مع الإسلاميين ومع غيرهم.  ولمن يؤمن بالخلق أقول بأن الله خلقنا مختلفين ولذلك خلقنا!

ولكن التسليم بوجود أطراف يسارية أو أفراد تحالفوا مع السلطة ضد الإسلاميين « العدو » المشترك أمر مسلم به، ومنهم من انسحب ومنهم من لايزال على حلفه حتى تدور الدائرة عليه! هل ينكر أحد بأن السيد محمد الشرفي أو سمير لعبيدي أو منصر الرويسي يساريون؟؟

لم أكتب هذا المقال لأرد ردا تفصيليا على ما كتبه « الترشويون » فقد سبق مني الرد ولكني أشير إشارات سريعة آمل أن تدخل عقولكم!

 

القول بأن تونس لا تزال محافظة على الإسلام من حيث تطبيق قواعده الخمسة، قول صحيح!

 ولكن سلطة تونس تحارب ذلك وتعتبر أمارات السجود على الجباه والركب دليل إدانة ضد المتهمين! كما

يطلبون ممن يشتبه بهم أن يسبوا الله والرسول صلى الله عليه وسلم، ويدوسون المصحف و لا يعاقبون الفاعلين! وقائمة الإنتهاكات طويلة والشهود على ذلك كثر يستحيل عقلا تواطئهم على الكذب!

 

أنكر على السيد الغنوشي أن يقول بأن بورقيبة حاول أن يفرض إلحاده على الشعب، بورقيبة أفضى إلى ما قدم و لكن كيف تفسرون لنا رفضه للصوم وسخريته من جلولي فارس بقوله: يا جلولي صايم تحب تدخل الجنة؟ هو ثمة جنة؟ هو ثمة نار؟ ياسيدي افطر وانا اندخلك للجنة »!!

 

وأما مفهوم الهوية عند « الإسلامويين » التونسيين فلا يستمد من السعودية والحركة الوهابية كما زعم ويقيني أنه يعرف أن زعمه باطل، وإنما يُستمد من علماء تونس الذين شهد بعضهم لبعض بالعلم الشرعي  وهم والحمد لله كثر، ذكرنا بعضهم في مقال « الحجاب والغرباء ». فمن هم العلماء الذين يسندون موقف السلطة في حربها على الحجاب؟ وكذلك إلى من يرجع « المجتهدون الجدد »  باجتهاداتهم؟؟

 

إن الإدعاء بأن الإسلاميين ليس لهم مشاريع ومضامين فكرية إدعاء في محله مصيب لكبد الحقيقة شرط أن تبينوا لنا مضامينكم ومفاهيمكم ومطابقة أعمالكم لأقوالكم!

كما أتوسل إليكم أن تبينوا لي مفهوم: « الإنسان التونسي في فكر الرئيس بن علي » وهو عنوان ندوة أشرف عليها عبد الله القلال بصفاقس يوم 14 أكتوبر الجاري!  لأن كل شيء عندي قابل للفهم إلا هذه!

 

وختاما أدعوكم جميعا إلى كلمة سواء بينا، أن لا نتخذ منا أصناما نعبدها، وأن لا نظلم أحدا لفكره المخالف أو مذهبه وأن لا نمارس الوصاية على شعبنا وأن نجعله حرا في اختياره وأن ندين الإستبداد مهما كان مأتاه وأن نحاسب المفسدين والمرتشين ومن لم يفرق بين المال العام والمال الخاص!

 

والتحية لمن عرف الحق ثم اتبعه وتعسا لمن كابر وغطى عين الشمس بالغربال!
 
(*) جمع ترشيشي والياء ياء إضافة (ونعوذ بالله من الرشوة) (1) على وزن إسلامويّيي وياله من تعبير ركيك (2) صاحب مقال :ماذا يريد الإسلامويون من تونس، تونس نيوز 13 أكتوبر 2006 


بسم الله الرحمان الرحيم

كفى يا نظام بن علي؟

 
  دولة بن علي تختار المساك اللذي يمسك به الحجاب مجال للمعركة و الأهتمام اللذي تجندت له أجهزة النظام الحاكم بشكل غير مسبوق و كأن جميع المشاكل الأقتصادية و الأجتماعية و ما استتبعها من انتشار للفقر و التفقير و التضخم المالي و البطالة قد وقع تجاوزها و يقود هذه الحملة بعض مسوخ الحزب الحاكم و قد تصدروا الفتوى و أن الحجاب ليس من الاسلام و هو لا يعني سوى نساء النبي  ولم نفهم كيف يمنع الحجاب استنادا الى أنه دخيل على ثقافتنا  وعلى ديننا و كأن جداتنا قد لبسنا ملابس العري و الخلاعة حتى لا أطيل أريد أن أطرح أستنتاجات الشارع التونسي اللذي يعاني من حالة غضب غير مسبوقة توعد فيها الكثير بالمواجهة مع هذا النظام و أصبح البعض يذهب الى مذاهب شتى مما يدل أن البلاد على حافة    الأنفجار و أن هذا الشعب لم يعد بالأمكان استبهاله بأي طريقة وأصبح المجتمع التونسي يتندر بهذا النظام السخيف و التافه التي تجندت بعض أطروحات العلمية لبعض عرابيه لدراسة ظاهرة الحجاب ومن ناحية أخرى تعبر هذه السياسة على أفلاس حقيقي وواقعي ملموس لهذا النظام المستبد

هذه بعض الأفكار اللتي تتجول في عقول شعبنا و بصفة غير مسبوقة  لذلك فان نصيحتنا لهذا النظام بالرحيل العاجل وان كان الأمر غير واقعي فعلى شعبنا ترحيل هذا النظام بأي طريقة وليكف من يأملون في أمكانية التعاطي مع هذا النظام  من أحلامهم وليعدوا المجتمع لثقافة المقاومة بدل المهادنة خاصة أن هذا النظام ليس سوى الواجهة الأولى لمعركة الأمة مع الهجمة الأستعمارية على أمتنا وأن العملية ليست استبدال رأس برأس بل لا بد من اجتثاث هذا النظام الفاسد و المستبد

الأمضاء  حافظ بن عثمان أرجو نشر المقال وهو لا يلزم الا شخصي

 

 

شهادات عن لبنان

المقاومة كسبت المعركة بفضل إدارة سياسية وعسكرية مقتدرة وواعية و التفاف شعبي رائد

مراد حجي
 
وجهت جامعة بنزرت للحزب الديمقراطي التقدمي الدعوة في سهرة يوم الجمعة 13 اكتوبر الجاري إلى السيدين عصام الشابى و المولدى الفاهم اللذان زار لبنان في الأيام الأخيرة من العدوان الصهيوني عليه و دلك قصد الاستفادة من شاهد تهما حول أثار الدمار و صمود المقاومة وقيمة الانتصار الذي حققته.

 

أكد السيد عصام الشابى أن الزيارة كانت من اجل التضامن مع لبنان و كذلك حزب الله باعتباره العمود الفقري لهده المقاومة وأضاف السيد الشابى أن الوفد كان محملا بما يقارب النصف طن من الأدوية حجزتها السلط التونسية اللتى رفضت تسليم وصل في الغرض . واعتبر الاستاذ عصام الشابى أن حركات المقاومة في دمشق شريكة في هدا الانتصار على أساس أن طريق المقاومة اللبنانية يمر عبر سوريا فحزب الله الذي تأسس بداية من الثمانينات أقام كل تحالفاته على مقاومة الاحتلال ولم يلتفت إلى مخلفات الحرب الأهلية. في حين أن الأنظمة العربية ألقت سلاحها قبل الدخول في هده المعركة كما أن مجلس الأمن لم يقدم أي نداء لوقف الحرب. وكل من تعاطف مع المقاومة في لبنان نالته آلة الحرب والدمار ولولا التهديد الذي أطلقه نصرالله بضرب تل أبيب إذا ضربت العاصمة بيروت لما توان الصهاينة على ضربها .

 

وقال الشابى أن حزب الله هو الذي يقوم بعملية الاعمار وان ألاف من الأطنان من الأنقاض رفعت رغم أن أثار العدوان بقيت ظاهرة فالدمار كان شديدا وقد أصر حزب الله أن يضع لافتة على مواقع الدمار تؤكد أن هذا من صنع أمريكا لأنه يعتبر وان هذا المشروع امريكى بالأساس. حزب الله هو حزب عقائدي وهو حزب عصري في نفس الوقت يوظف كل التقنيات العصرية دون أن يترك الأمور للاحتمالات مثال قناة المنارالتي لم يتوقف بثها وكانت تبث من استوديوهات مستقلة. ومن عوامل النصر أيضا الشخصية الأسطورية للسيد حسن نصر الله إضافة لكون تجربة حزب الله أنظف تجربة حزبية في لبنان من حيث الأداء والالتزام و صدق القول والفعل.

 

أضاف الأستاذ عصام الشابى أن ميشال عون عند لقائه كان متأكدا من انتصار المقاومة رغم الدمار الرهيب وقد مثل سندا كبير لحزب الله وهو شديد الحرص على هذا التحالف . من جهته رحب السيد المولدى الفاهم بالحاضرين وعبر عن ابتهاجه بمقر جامعة بنزرت للحزب الديمقراطي التقدمي حيث اعتبره انجازا سيعود بالنفع على كل المناضلين في الجهة. وفى حديثه قال أن هذه الأمسية تقام في شهر أكتوبر الذي شهدت فيه تونس السنة الفارطة إضراب جوع مثل شكل من أشكال المقاومة الحقيقية التي أعادت صياغة المشهد السياسي .

 

وأكد المتحدث أن في لبنان هناك التقاء على خط سياسي محدد وليس على أساس طائفي أو ايديولوجى وهذا ما يجد تعبيره في الأمان الموجود بين اللبنانيين على مختلف شرائحهم سوى كانوا مسلمين أو مسيحيين وهذا حسب رأيه ما جعل القوى الخارجية تناور عليه من اجل التفرقة كما أضاف أن سوريا تمثل جبهة الرفض و المقاومة و الصمود و هذا ما شعر به الوفد خلال زيارته لها.

 

وإجابة على تساؤله : لماذا انتصر حزب الله ؟ اعتبر الفاهم أن السبب في ذلك هو أن الحزب موجود في كل خلايا المجتمع لدى المواطن العادي و الفلاح و المدرس…وكل الذين استبطنوا ثقافة المقاومة و الانتصار على عكس المواطن العربي عموما الذي استبطن الهزيمة . و أهمية استبطان النصر هي الفكرة الأساسية التي يخرج بها الزائر إلى لبنان . كما أن الدعاية حول المقاومة و النصر لم تكن كاذبة فحزب الله أدار بوعي و اقتدار المعركة السياسية و العسكرية. وعلى اثر هذين المداخلتين دار نقاش تمحور حول أهمية و قيمة الانتصار الذي حققته المقاومة في لبنان مع التساؤل عن السبل الممكنة لإرساء ثقافة المقاومة في الواقع العربي و تجاوز ثقافة الهزيمة من اجل إفشال مخططات القوى الاستعمارية .
 
كما دار الحوار أيضا في بعض جوانبه حول المقارنة بين المشهد اللبناني و المشهد التونسي و ما آلت إليه حركة 18 أكتوبر بعد عام من قيامها و مدى استجابتها لطموحات الناس و تحولها إلى حالة جماهيرية. وقد رأى البعض أن القضية الأساس في المجتمع التونسي انه لم تتاح أمامه الإمكانيات للتغيير و التجمع السلمي.
 
(المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 15 أكتوبر 2006)


 

أردت أن أعرفك معنى الظلم لتعرف معنى العدل

«  لا يحب الله الجهر بالسوء إلا من ظلم  » قرآن كريم

 »  » فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم «  » قرآن كريم

عبدالباقي خليفة

قرأت رد الدكتور خالد شوكات على مقالي الذي رددت فيه على بعض اطلاقاته وسبه وشتمه المقذع للاسلاميين بدون تفريق . وكما قال لم يكن بيننا سابق معرفة .وهنا أريد أن أضع بين يديه النقاط التالية :

1 )  كنت ولازلت أعتقد بأن هناك من هو أقدر مني على الرد على تلك الاتهامات الخطيرة التي لا يمكن أن تصدر من خصم عاقل ،وما ذكرته من عبارات اعتنى خالد شوكات بتخريجها والتعليق عليها لم تكن سوى عيينة صغيرة من البضاعة التي وردت في مقاله ، بضاعتك ردت إليك .

2 ) مع ذلك لا أجد غضاضة في الاعتراف بأنه كان علي تخفيف حدة الخطاب في الرد وعدم النزول إلى المستوى الذي كان عليه مقاله .

3 ) لقد كان صاحب مقال  » تحرير الاسلام  » وديعا و هو يرد على العبد الضعيف ، متقمصا دور الضحية ، بينما كان في مقاله جلادا بل سيافا يقطع رؤوس الاسلاميين يمنة ويسرة ، و(مارينزا ) جاء ليحررالاسلام والمسلمين ، من سطوة الاسلاميين .

4 ) يلومني لانني وجهت له بعض الكلمات الجارحة ،ولم يدر بخلدي تلك المعاني التي ألبسها إياها من تكفير و ما إلى ذلك . ويشهد الله إني لمت نفسي بعد كتابة عبارة « ضعف بصره « ولكن المقال كان قد أرسل وأنتهى أمره

5 ) هل ترى كلماتي الجارحة بحقك وأنت فرد ،تساوي اطلاقاتك بحق ملايين الاسلاميين في العالم ، وأذكرك و أذكر الجميع ببعض ما قلته عن الاسلاميين حرفيا  » لا يتورعون على الكذب والافتراء والبهتان وتلفيق الأنباء والأخبار والمؤامرات، ولا يقفون عند سقف أو حد أخلاقي في معاركهم أو خصوماتهم « .وقولك  » والله جل وعلا، عند الإسلاميين يغضب لغضبهم وينتقم لانتقامهم ويذبح لذبحهم ويسفك الدماء بأيديهم ويستبيح الأعراض بأقلامهم، كما يفرحه ما أفرحهم ويزهو لطربهم ويسر لمسراتهم، وهو عندهم ساعة ما يشاءون منتقم جبار، وساعة ما يشاؤون رحيم رحمان، وهو – استغفره تعالى- رهن إشارتهم في حلهم وترحالهم وخصامهم ومودتهم، يسارع إلى هواهم، و يبارك من باركوه ويغضب ويخرج من رحمته من أخرجوه – أو خرج بإرادته- وليس من سبيل لنيل رضاه وجنانه إلا عبرهم وبواسطتهم  » فهل هذا فكر ، جدير بأن يكون  » محل نقاش سياسي وفكري رصين » كما ورد في ردك ، وإذا كان كذلك لماذا لا تعتبر الاهانات التي وجهتها إليك وهي تضرب على نفس الاوتار محل نقاش سياسي وفكري رصين بتعبيرك ؟!!!

أنا كاسلامي لا أحمل التصورات التي ذكرتها عن الله ، فلماذا كذبت علي وعلى الاسلاميين من أمثالي ، ثم تأتي لتحاسبني على رد ( من نفس المصدر) رغم استعدادي لسحبه الآن بل أسحبه ، فهل لديك الشجاعة لسحب تلك الاتهامات و كفى الله المؤمنين التنابز بالالقاب .

6 ) أشرت إلى أن عدم الرد على الاتهامات بالعلاقة مع الصهيونية من باب  » وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما « ،ولم تكن تلك الاتهامات صادرة من شخص صادفته في الشارع أو في المقهى أو مقر العمل و إنما في برنامج تلفزيوني يشاهده الملايين ،لا ينفع معه سلاما .ولا يعني هذا أني اتهمك ،  لكن عندما توجه اتهاماتك للاسلاميين وترميهم بكل نقيصة و تنسب إليهم  كل الشرور على طريقة بابا الفاتيكان ،يكون الجزاء من نفس العمل .

7 ) بالنسبة للطابور الخامس لا أتهمك بأنك عميل وخائن فالضمائر لا يعلم ما فيها إلا الله ، رغم أنك اتهمت ضمائر الاسلاميين وضعتهم في قفص الاتهام ونصبت نفسك خصما وحكما . وإنما قد يمثل شخص أو مجموعة أشخاص دور الطابور الخامس سواء عن قصد أو حسن نية  .

8 ) الببغاوات : قد يكون الانسان ببغاءا يردد ما يقوله غيره ، ولكن هناك فرق بين ببغاء مقتنع بما يردده ، وببغاء يردد اقوال الآخرين بحكم الطبيعة أو العمل أو المصلحة ، وأنت أعلم بحال نفسك ، علما بأن اي انسان هو ببغاء في بعض المجالات ، فأنا كصحافي ببغاء أكتب ما يقوله السياسيون عند تغطية الاحداث .

9 ) هذا الرهط : لا أدري كيف فهمت كلمة رهط بأنها تعني أنك من جماعة تستحق التحقير … !!!و في القرآن  » لولا رهطك لرجمناك  » عكس ما ذهبت إليه تماما .

10 ) الرويبضة : لا تعني ما ذهبت إليه فلماذا لم تسأل من يفسر لك الكلمة أم أنك تفهم في كل شئ وعلى طريقتك الخاصة ؟!!!

11 ) المخالف بل المناقض للايمان : الحكم على الشئ فرع من تصوره .و في أحكام الشريعة ، يقال هذا عمل كفر ، دون تكفير المعين . فافهم هداك الله

12 ) ذلك الدعي : ادعيت إنك تعرف كل الاسلاميين في العالم بما في ذلك العبد الضعيف لذلك أصدرت أحكامك الاطلاقية عليهم .

13 ) الابواق المفتوحة : عندما تلتقي أسلحة الخصوم على مختلف مشاربهم سواء باتفاق أو لتقاطع المصالح ، لا يمكن للمستهدف سوى أن يضعهم في صف واحد ، و مع ذلك كان الاجدى اختيار تعبير آخر .

14 ) يتفق تماما مع السياسة الاسرائلية ، نفس الرد على النقطة 13

15 ) نفس مريضة حاقدة و معقدة : » لا يحب الله الجهر بالسوء إلا من ظلم « 

16 ) الدجل السياسي : النقطة 13

17 ) لوكان باحثا أو كاتبا يحترم نفسه : أتمنى الاخذ بنصيحتي في المستقبل و أهلا بك صديقا و قد نكون أخوة في المستقبل

ملاحظة : قبل عدة سنوات قدم أحد الليبراليين كتابا لشيخ أزهري ملئ بالافتراءات على الاسلام وطلب منه الرد عليه .وقد تعجب الشيخ من صنيعه ،و بعد تفكير عميق و تشاور عرف السبب وهو أن ذلك الشخص كان يبحث عن الشهرة .وأقصر طريق لذلك سب الاسلام والاسلاميين .

اسمح لي يا خالد شوكات أن أعبر عن شعوري كما عبرت ، وامتلأت غيظا لما رايته إساءة إليك، ولم تشعر بمقدار الاساءة التي وجهتها للملايين من الاسلاميين. كان أحد المؤدبين يعلم أطفال بعض السلاطين القرآن و كان أحدهم وليا للعهد ، وفي آخر يوم ضرب المؤدب ولي العهد ضربا شديدا بدون أسباب ، فكتمها ولي العهد في نفسه إلى أن أصبح حاكما ، و كان أول قضية طرحها هي ما رآه ظلما من شيخه فأحضره و سأله عن سبب ضربه له دون سبب فأجابه ، أردت أن أعرفك معنى الظلم لتعرف معنى العدل .

أخي خالد تعالى نتعاهد على أن لا نظلم الناس و أن لا نوجه السباب لهم و الاحكام الاطلاقية بحقهم سواء كانوا أفرادا مثلك أو أمة مثلنا « وإذا عدتم عدنا  » .


إلى الأخ عبد الباقي خليفة..

« حاكموهم محاكمة عادلة وأعدموهم »

د.خالد شوكات
 
1- اعترف بأن الأخ عبد الباقي خليفة ليس من الذين وجهت إليهم النقد في مقالي « تحرير الإسلام »، بل هي مجرد نقطة مشتركة واحدة بينه وبينهم، أنه حرص على أن يبدأ رده بآيات قرآنية وينهيها بآية واحدة، وما بين البداية والنهاية كلام في منتهى « العسل » والبعد عن أي هجوم أو تجريح شخصي، فقط استعمل كلمات جديدة من قبيل « مارينز » و »الببغاء المقتنع بما يردده » (شكرا على المعلومة، وأظنها سبق علمي لم يكتشفه بعد علماء الحيوان).
 
2- اعترف له أيضا، بأنني لو كنت أدرك مسبقا أنه من « الإسلاميين »، وهذا تقصير مني بلا شك، لامتنعت عن الكتابة، لأنه كان علي أن أجري أبحاثا في سيرة كل واحد من الملايين من الإسلاميين التي أشار إليها، وأتحقق بأنها جميعا على خلق عظيم، فلا ألحق الظلم بها، ولا أقطع رؤوسها يمينا ويسارا، وأكون مع شقيقي « مراد بوبالة » في مزبلة التاريخ.
 
3- اعترف أيضا بأنني أخطئ حين أكتب بالمجان في « إيلاف »، بينما لا ضير أن يكتب غيري من الإسلاميين بغير المجان في « الشرق الأوسط »، والشرق الأوسط وإيلاف على ما أعلم شقيقتان ممولتان من نفس الجهة، ورئيس تحريرهما واحد متتابع، مع فارق بسيط أن توماس فريدمان « الصهيوني إياه، صديقي »، أحد كتاب الشرق الأوسط وليس إيلاف.
 
4- اعترف أيضا بأنني أخطأت أيضا، حين لم أحول مشاركتي في برنامج تلفزيوني يناقش قضية عربية عامة، إلى نقاش شخصي خاص أحول به البرنامج إلى محاكمة ذاتية، في إطار تبرئة ذمتي من العمالة والخيانة وقبض الأموال من الأعداء أمام الملايين، لأنني كنت أثق في أن الملايين قادرة على التمييز، وليس لديها رغبة مسبقة في تثبيت فرية متهافتة يرمى بها كل صاحب رأي مخالف، من قبل ومن بعد.
 
5- اعترف كذلك بأنني ضعيف في اللغة العربية، وأطلب من الأخ عبد الباقي خليفة فتح الله عليه، وزاده في العلم وثبت أجره، أن يفسر لي وللقاصرين من أمثالي معنى « الرويبضة »، حتى تعم الفائدة ويعرف كل متهم في المحاكمة العادلة حقيقة الاتهام الموجه إليه.
 
6- اعترف بأنني لم استوعب الدرس بعد، في إصراري على نقد الحركة الإسلامية، وأعلم أنه لا مجال مع الإسلاميين إلى ردود تتوجه للأفكار، بل إن الردود محورها الأشخاص (الأشرار) دائما، وها أن الأخ عبد الباقي خليفة من سراييفو الجميلة صاحبة الهواء الرطب الذي يلين كل سحنة صحراوية جافة، يأبى إلا أن يكذب السيرة ويقدم البرهان والحجة.
 
7- اعترف بأنه كان علي، باعتباري كاتبا، أن أقدم كشفا مسبقا بممتلكاتي وحسابي البنكي (على غرار المسؤولين الحكوميين وأعضاء البرلمانات غير العربية)، قبل ممارسة النقد والكتابة، ثم الاستعداد الدائم لاستقبال لجان التحقيق المالية، حتى أثبت باستمرار أنني لا أتلقى أموالا صهيونية أو امبريالية نظير ما أكتب، وأن أعلم أنه ليس ثمة في الكون من يمكن أن ينقد الحركة الإسلامية إلا وكان عميلا أو مأجورا، وأتمنى صادقا أن يقبل الأخ عبد الباقي دعوتي لرئاسة لجنة تحقيق من هذا القبيل، على أن يصدر شهادة علنية بالنتيجة، راجيا أن تقبل الشرق الأوسط الغراء، أو أي مواقع أخرى غير امبريالية من نظيرها، نشر تقرير الإدانة.
 
و لا يفوتني في الختام إلا أن أشكر الحركات الإسلامية جميعها، هكذا على الإطلاق، على إتاحتها لي فرصة الاشتهار على حسابها، وأن يلتمس لي الإخوة الإسلاميون العذر في رغبة الشهرة الجامحة هذه، وذلك من قبيل الرفق بضعاف الحال والمرضى والحاقدين، وامتثالا لما جاء في الحديث الشريف.
 
ولأنني مغرم بمتابعة المسلسلات والأفلام والمسرحيات المصرية، على غرار الملايين من العرب والتونسيين، فقد ذكرني رد الأخ عبد الباقي – بارك الله في أمثاله من المدافعين عن الحق المتصدين لمارينز مثلي-، بلقطة من مسرحية « الزعيم » التي قام ببطولتها عادل إمام، حيث يتوجه الرئيس إلى وزيره بالأمر في حق معارضيه « حاكموهم محاكمة عادلة وأعدموهم ».
 
ومني عليكم السلام، وتقبل الله منكم ومنا الصيام والقيام.

للمرة الثالثة تعالى يا دكتور خالد شوكات لميثاق شرف بعيدا عن الجدل البيزنطي

من يحاكم من ؟!!!

عبدالباقي خليفة

انتظرت من الدكتور خالد شوكات ردا غير الذي نشره في نفس اليوم الذي كتبت في ردي الثاني ، و كأنه كان حريصا على ذلك ، وكان ينتظر الرد .لا بأس ،و لكن تعال نرتقي بمستوى الحوار .

1 ) كما تلاحظ لم أصدر هذه السطور بآيات قرآنية لحساسيتك من القرآن و الحديث كما يبدو و أرجو أن أكون مخطئا ( 99 % هل يرضيك )

2 ) يقال عن شخص ما ببغاء لانه يردد كلام الآخرين ، تشبيها بالببغاء ،و لا يعني أن هناك ببغاء مقتنع بما يقول ، فهذا الكلام موجه للمتشبه بالببغاء ،و لا أدري لماذا فهمتها على هذا المحمل ، لو كنت غير عربي لقلت أن اللغات الاخرى تفتقر للتشبيه و الاستعارة التي تتميز بها اللغة العربية ، فهو إذن ليس اكتشافا ولا يحتاج لمرجعية علماء الحيوان .

3 ) التعميم : قال  » أعترف لو كنت أدرك انه من الاسلاميين لامتنعت عن الكتابة ، لانه كان علي أن أجري أبحاثا في سيرة كل واحد « ما هذا يا دكتور خالد ، أكاد لا أصدق ما أقرأ ، كيف تسمح لنفسك بالتعميم ،و أنت لا تعرف سوى عدد محدود من أناس يعدون بالملايين !!! نحن في عصر النسبية ، قال يا أخي ، بعض الاسلاميين وستجد من الاسلاميين من يقف معك و يؤيدك .وإذا كان الشيخ راشد الغنوشي حفظه الله قال مرة أن بعض الاسلاميين خطابهم مخيف ، أو ما يحمل هذا المعنى، فمقالك من نفس النوع ،و تنطبق عليه عبارة  » حاكموهم محاكمة عادلة ثم اعدموهم  » مقالك يفتقر للمحاكمة العادلة التي تطالبنا بها .

4 ) يلاحظ أنك لم تعترف بخطئك في التعميم و لا تزال مصرا على موقفك ، فهل كان مقالك محاكمة للافكار أم للاشخاص ؟ أعد القراءة مرة ثانية . رغم إني ناقشت الافكار التي وردت في مقالك

5 ) الرويبضة : طلبت مني شرحا للكلمة ،و لكني لا أريد العودة لمنطق التنابز بالالقاب، لعلك تتخذ نفس الموقف .

6 ) النقطة السابعة : أمر مؤسف جدا جدا أن ننزل لهذا المستوى

7 ) أما النقطة الثامنة : اللهم إني صائم

8 ) لا أدري من يطالب باعدام الآخر ، أم تحل لنفسك ما تجرم به الآخرين ، أعدك بأنك لن تحاكم بسبب أفكارك ، كما تفعل تجاه الاسلاميين ،و كما يفعل الاستبداد الآن .

9 ) أبشرك بأننا مستبشرون بكل اصناف الابتلاء لانها ستجعلنا مثل ولي العهد الذي ذكرته في ردي السابق  » نعرف معنى العدل ، بعد أن علمنا معنى الظلم  » فهل أنت مستعد لذلك ؟

10 ) إذا كنت تحب الحق فستقتنع به و إذا كنت تحب المراء فليس لدي الوقت الكاف للمراء

11 ) كنت سأذكر آية قرآنية أختم بها هذا الرد و لكني لم أفعل نزولا عند رغبتك فهل أنت راض عني ؟!!!

 


تحرير الإسلام

 كتبه عبدالحميد العدّاسي

 

رغم قناعتي بأنّ ما كتبه الأخ عبدالباقي خليفة – سواء في معرض مناقشة أفكار الأخ  الدكتور خالد شوكات حول موضوع  » تحرير الإسلام  » أو في ردّه على الردّ – هو كاف شاف، وأنّ أيّ إضافة عليه قد تنقص من قيمته. فقد رأيت – بناء على الرّغبة في إبداء الرأي الآخر – المشاركة ببعض ما خالجني قبل صدور الردّ على الردّ من الأخ عبدالباقي، الذي لا أدري كيف تطرّق إلى أغلب النّقاط التي كنت أهمّ بكتابتها ( ربّما لأنّنا – مسايرة لما أعلم به خالد من خلال معرفته الدقيقة بالإسلاميين – نبصّر من الله بما نكتب عندما نريد أن نكتب )…

هذا وقد سبق أن نبّهتُ خالدا من  » الغول  » الذي ظلّ بمعيّته، لا يريه إلاّ ما يرى، وعنيت به يومها  » الدكتور  » الذي حقّر لديه كلّ مَن هو دونه من أهله المسلمين، فلم يعد يحترم فيهم سنّا أو رأيا أو سبقا. غير أنّ الأخ رأى ذلك تجنّيا – ربّما – وأخذ بظاهر الكلام دون الذّهاب إلى مدلوله لأجد نفسي مع آخرين مهدّدا بمساءلة من قبل المدافعين عن خالد ومشاريعه التحرّرية التحريرية… ولكنّي بقراءة هذا المقال المسقِط  » تحرير الإسلام  » أرى أنّ خالدا قد وقع تحت الكثير من المؤثّرات لعلّ من بينها تلك المرفوعة من طرف رأس الصهيونية العالمية التي تقول:  » مَن لم يكن معنا فهو ضدّنا  » والتي جاءت إثباتا وإظهارا لقوله تعالى:  » ولن ترضى عنك اليهود ولا النّصارى حتّى تتّبع ملّتهم « ، وإلاّ كيف يأتي خالد بما عجز عنه غيره ممّن حارب المسلمين: فإن كان غيرُه قد هاجم المتطرّفين والإرهابيين  من الإسلاميين ( وعند بعضهم، كلّ مسلم إرهابي )، فإنّ خالدا قد قال:  »

لقد رأيت طيلة السنوات الماضية، إسلاميين متطرفين ومعتدلين ( ضعوا الخطوط تحت هذين الوصفين )، يفتتحون مقالاتهم أو خطبهم باسم الله وبالصلاة على رسوله الكريم وتلاوة آياته، ثم يسترسلون في إتيان أعراض معارضيهم وخصومهم ، مستبيحين الأنفس والأموال، لا يتورعون على الكذب والافتراء والبهتان وتلفيق الأنباء والأخبار والمؤامرات، ولا يقفون عند سقف أو حد أخلاقي في معاركهم أو خصوماتهم ( ضعوا الخطوط الكثيرة أيضا تحت هذه الأوصاف )، ثم لا يفوتهم بعد كل ذلك، أن ينهوا المقالات والخطب، بالآيات والأحاديث الشريفة، وحمد الله على نعمه والصلاة والسلام على رسوله  » . لينبّه الآخرين ممّن عجزوا على فهم هذه الطينة الإسلاميّة إلى أنّ العالم لن يجد أسوأ ممّا في أخلاق الإسلاميين ولا  في النّاس أوضع من الإسلاميين. قلت: آه لو كانت المحاكم الأروبية تعترف بشكواي ضدّ مواطن  » أروبي « ، لشكوت لها هذا التعدّي الصارخ عليّ، كمسلم يكتب عبر المواقع الإلكترونية وقد يستشهد بآيات القرآن الكريم  وبالحديث الشريف ويصلّي على نبيّه الكريم صلّى الله عليه وسلّم بذكر الصيغة كاملة غير مكتفٍ بحرف ( ص )…

يقول الدكتور في بعض فقرات  » تحرير الإسلام « : ( … أصبحت مقتنعا تماما بأن الحركات الإسلامية لا تملك من برامج التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي يفترض أن تكون أساس التقييم في انتخابات ديمقراطية حقيقية، أي شيء، غير استغلال « اسم الله و الرسول (ص) » في المزاد الانتخابي والسياسي…) وفي هذا، اتّهام واضح للإسلاميين باتّباع نهج العصاة من بني إسرائيل، فهم مثلهم – وإن لم يكتبوا الكتاب  بأيديهم – قد قالوا هذا من عند الله ( وهو من عند الله ) ليشتروا به ثمنا قليلا، قد يتمثّل في الحصول على كراسي متداعية بقبّة البرلمان أو ببعضها في قصور البلديات… ثمّ بعد اتّهام الإسلاميين، يعود خالد إلى التحقير من متّبعيهم من المساكين المتهافتين على الأوهام ليجد نفسه في نفس المقام الذي قال فيه أولئك السابقون: ( … وما نراك اتّبعك إلاّ الذين هم أراذلنا باديَ الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنّكم كاذبين )، دون أن يأتي خالد ولا غيره من الذين قال أنّهم كُثُر على الأسباب التي جعلت الأغلبية  » الأراذل  » من المساكين، المطحونين بالفقر والبطالة واليأس من المستقبل فهو عندما يقول: « …  يقول الإسلاميون للناس من خلالها ( الحملات الانتخابية ) أنهم متفوقون على منافسيهم أخلاقيا، في حين بدا لي ولآخرين كثر أن تفوّق الإسلاميين الأخلاقي المزعوم هذا مجرد أسطورة وأوهام تباع لأغلبية من المساكين، المطحونين بالفقر والبطالة واليأس من المستقبل. » يعترف رغم أنفه وأنوف الكثر بأنّ الأتباع كثيرين، ولكي يقلّل من الشأن يصفهم بالمساكين الفقراء: فلا مشاريع اقتصادية تقام بهم، مطحونين فلا قدرة على التحدّي لهم، يائسين فلا أفق بل ولا حياة معهم في غياب الفاعلين من المثقّفين والدكاترة الصادقين والمفكرين ودعاة الحرية والتنوير الورعين، الذين لم يجرّب عليهم غير الصدق والوفاء بالعهد ( أوَ يُمكن أن أعجب بعد هذا القول من خالد، من كلام مهنّي وغيره من الممتهنين حول الحجاب في تونس )…

مقال  » التحرير من الإسلام  » مليء حتّى بما يشكّك في مقدار إيمان خالد عندما كان يكتبه، فقد أومأ فيه إلى مسائل لا ينكرها أو يقلّل منها إلاّ ناقص إيمان ( والإيمان كما اتّفق علماؤنا يزيد وينقص، وليس المجال للتوسّع في هذا الباب )، وأحسب أنّ ذلك كان بتأثير  » غوله  » وأسأل الله له السلامة والانتباه إلى ما يفسد على المرء حسن التوجّه..

وقد رأيت أن أتوجّه في نهاية هذه السانحة ببعض الأسئلة إلى الأخ خالد، وأريد منه الإجابة عنها – تكرّما – في غفلة من  » غوله « :  

·        عندما تقول أخي: ( فالإسلاميون لا يعرفون الصالح للمواطنين في الحياة العامة فقط، كما هو شأن الأنظمة الحالية، إنما يزيدون عليها بأنهم يعرفون صالح المواطنين في الحياة الخاصة أيضا، أي كيف عليهم أن يضحكوا (إن لم يكن الضحك مميتا للقلب) ويتسامروا ويتناسلوا ويربوا أولادهم وجيرانهم. )، أتشكّ لحظة في أنّ المسلم له دور تربوي دعوي، وأنّ دوره ذلك لا يقف عند حدود بيته بل يتعدّاه انطلاقا من حرصه التواصل مع غيره من المسلمين، واقتناعا بأنّ المسلمين كلّهم إخوة وأنّهم تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم؟ !…

·        عندما تقول: (…  أما المستبد الإسلامي القائم والممكن مستقبلا، فإنما يسجن ويعذب ويسحل و يفتري ويدبر المكائد والمؤامرات لتصفية خصومه، وهو مأجور عليها، يتقرب بأفعاله طاعات لله، ما تزيده جرائمه وفظائعه ومكره إلا أجرا عند الخالق ومكانة )، ألا تشعر بأنّك خدمت أعداء المسلمين بشهادة مجانية ليس لك عليها أيّ دليل، وأنّك قد تقالّيت ما يحدث لإخوانك وأخواتك على أيدي أعداء الله أو على أيدي المسلمين المحاربين للمسلمين في أرض التقاليد، تونس؟!…

·        عندما تفكّر في سوء الخاتمة بقولك: (((… وعندما يكفّر تيار رجلا لا يملك إلا قلمه (( قلت: انظر إلى نفسك كيف تقلّل من قيمة اللسان، والرّسول صلّى الله عليه وسلّم يقول لمعاذ: ألا أخبرك بملاك الأمر كله: كفّ هذا وأشار الى لسانه… فلمّا استفسر: وإنّا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: وهل يكبّ الناس في النار على وجوههم ( مناخرهم ) إلاّ حصائدُ  ألسنتهم )) وهو ما يزال في المعارضة، فإنه حتما سيشنقه لو كان في الحكم، وعندما يتهم تيار كاتبا أو مفكرا بالعمالة للأجنبي، وهو ما يزال معارضا، فإنه سيقطع رأسه إذا كان حاكما.))) ألا تنصح هذا المفكّر المتّهم بالعمالة للأجنبي بالتراجع عن بعض سلوكه، إذ لعلّه كان كما ظنّه هذا التيّار عميلا، فتساعد بالتالي العقلاء من هذا التيار ( فاتني أنّك لا تؤمن – للأسف – بوجود عقلاء، فهم سواء متطرّفهم ومعتدلهم ) بعدم قطع رأسه… وأنت ترى ما آلت إليه سياسة قطع الرّؤوس في العراق وفي غيرها من البلاد؟!…   

            سؤال أخير وهو: هل فكّرت وأنت تكتب هذا المقال بأّمك وأبيك؟! فلعلّك إن فعلت، حرصتَ على أن تكونَ من الأعمال التي لا تنتهي بعد موتهما – بارك الله فيهما وفي جميع آبائنا وأمّهاتنا ورحمهم أحياء وأمواتا – فكنت ذلك الولد الصالح الذي يدعو لهما…

على أنّي في الختام أوافقك فيما ذهبتَ إليه من أنّ: ( مستقبل العرب كما أرى، ليس رهين تحرير الدول من الاستبداد فحسب، إنما رهين تحرير الإسلام أيضا من المستبدين بكلمته وفقهه وتأويله والمتاجرة به، ولعل المهمة الأخيرة أعسر كثيرا من المهمة الأولى )، فقد صدقتَ في هذه ( وربّما في هذه فقط )، فإنّ المتاجرة بالدّين وخاصّة مقابل عرض قليل من أعداء الله زائل، مصيبة كبرى لم يَقتنع بمدى خطورتها إلاّ من قرأ هذه الأيّام عن تحرير المرأة من الحجاب وعن تحرير الأولاد من سطوة الآباء والأمّهات وتحرير الإسلام من المسلمين!…

 

اجتهادات تونسية للإفطار في رمضان

د. أبو خولة (*)

كان لمقال د. خالد شوكات « بورقيبة مجدد إسلامي » المنشور بتاريخ 2-10-2006 وقعا كبيرا على قراء موقع إيلاف، بدليل تعقيباتهم الكثيرة على الموضوع. و قد اثبت الكاتب بصفة مقنعة قدرة باني الحداثة التونسية على التجديد و الاجتهاد في الدين الإسلامي بما يتوافق مع احتياجات العصر و مقتضيات بناء الدولة الحديثة.

و حسنا فعل د. خالد شوكات بالرجوع للكتاب الصادر مؤخرا عن الكاتب و الإعلامي التونسي المعروف، لطفي حجي، بعنوان « بورقيبة و الإسلام: الزعامة و الإمامة » ، و الذي يمثل شهادة موثقة -و من داخل تونس- على إمامة بورقيبة في الإسلام و باقتدار، على اعتبارها إمامة مكملة لزعامته السياسية الفذة التي تعتبر استثناء في تاريخ العالم العربي الإسلامي الحديث. و نأمل تعميما للفائدة أن يعيد السيد لطفي حجي نشر كتابه القيم بدار الساقي أو دار الطليعة ببيروت. كما نأمل أن تقوم المواقع العربية و الإسلامية التنويرية نشره على شبكة الإنترنت. فهذا العالم البائس -مسقط راس الأصولية و التيارات السلفية العقيمة- هو في اشد الحاجة اليوم للتعرف على حقيقة الاجتهادات البورقيبية الموفقة، التي انتشلت و بجرة قلم -يوم 13 أغسطس 1956 الأغر – تاريخ صدور مجلة الأحوال الشخصية التونسية- المرأة من حالة الدونية و الاستعباد، بالغاء فاجعة تعدد الزوجات وبتوفير الحماية الازمة لها في حال الطلاق. و لهذا العمل أهمية خاصة عندما ندرك أن قوى التخلف و النكوص إلى الماضي، و الحقد الدفين على المرأة و غير المسلم، قد اختزلت قراءة الإسلام في قراءة حرفية للنص المقدس، جعلته في تناقض مع مقتضيات العصر الحديث و قيمه الإنسانية التي استبطنها الضمير الإنساني الجماعي، في وثائق و معاهدات، في مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و باقي العهود الدولية ذات العلاقة.

ليس من باب الصدفة أن بدا د. خالد شوكات مقاله باجتهاد بورقيبة بخصوص إمكانية الإفطار في رمضان بكل ما في ذلك من صدمة للرأي العام التقليدي، الذي تنطبق عليهم مقولة  « أنا وجدنا آباءنا على ملة و أنا على أثرهم لمقتدون ». جاء في المقال: « في شهر رمضان من سنة 1960، احدث الزعيم الرئيس الحبيب بورقيبة -رحمه الله- صدمة غير مسبوقة لدى الرأي العام، التونسي و العربي و الإسلامي، عندما اقدم على شرب كاس عصير أمام جمهور قاعة « البلماريوم » في تونس العاصمة، مبيحا الإفطار لشعب يخوض الجهاد الأكبر ضد التخلف ». والحقيقة إن اجتهاد بورقيبة هنا و دعوته للعمال و طلبة العلم بجواز الإفطار جاء بناء على سابقة فتح مكة عندما أمر الرسول (ص) اتباعه بالافطار مطالبا إياهم « افطروا لتقووا على عدوكم ». و قال بورقيبة مخاطبا الشعب « و أنا أقول لكم افطروا لتقووا  على عدوكم الذي هو التخلف، فمقاومة التخلف هي الجهاد الأكبر ».

و لعل الاجتهاد البورقيبي في عديد المجالات التي عادت بالخير العميم على الشعب التونسي هي التي تفسر الحقد الدفين لقوى السلفية و الأصولية و التخلف. و لا بد من التذكير نما برفض مؤسس حركة النهضة الأصولية التونسية، راشد الغنوشي، لمجرد الترحم على موت الزعيم الحبيب بورقيبة يوم وفاة هذا الأخير عندما طالبه محمد كريشان بذلك على قناة الجزيرة، و رفض الغنوشي مدعيا أن دينه ينهاه عن ذلك، مما أثار غضبا كبيرا في الأوساط الشعبية التونسية التي استبطنت مقولة « اذكروا موتاكم بخير ».

مع تقدم المجتمعات على طريق الحداثة، لا يمكن لعملية الاجتهاد التونسية أن تتوقف. لذا أود الإشارة إلى المقال الذي نشره المفكر الإسلامي  يوسف الصديق، في الأول من رمضان المبارك لهذه السنة، بصحيفة « لوموند » الفرنسية، طالب فيه بجواز الفطر عملا بالآية الكريمة  » و على الذين يطيقونه فدية طعام مسكين، فمن تطوع خيرا فهو خير له » (البقرة 484). فهذه الآية قائمة و لا يوجد دليل مقنع عن نسخها. و الجدير بالذكر هنا الكم الهائل من التناقضات بخصوص النسخ في القران، بما فيه من ينكر وجود ذلك المبدأ أصلا. لذلك ينقل ابن جرير الطبري عن عكرمة و الحسن روايتيهما  » فمن شاء منكم أن يصوم صام، و من شاء منكم أن يفتدي بطعام مسكين افتدى و تم له صومه ». كما ينقل الطبري عن ابن طاوس قوله « فمن تطوع خيرا فهو خير له » ، أي ما معناه و بصريح  العبارة  » إذا زاد المفطر المطيق للصيام في مقدار الفدية من نصف صاع حبوبا إلى صاع كامل و من مسكين واحد إلى مساكين عدة فهو خير له ».

تكمن أهمية الاجتهاد اليوم في مسالة جواز الإفطار في رمضان في وجود عدة عوامل، مثل الفقر، وانفتاح الشباب على العولمة ووجود اقليات إسلامية هامة تعمل بالخارج قد تفرض عليها ظروف العمل و الدراسة الإفطار.

كما هو معروف، يعيش اكثر من نصف المسلمين اليوم تحت خط الفقر في الدول ذات الكثافة السكانية المرتفعة مثل باكستان، بنغلادش و إندونيسيا، بالإضافة لمسلمي أفريقيا جنوب الصحراء، حيث تبلغ نسبة الفقراء الذين يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم 4،13 % بباكستان، 36% ببنغلادش، 15.7 % باليمن، 25% بموريتانيا، و 7.5 % بإندونيسيا. و يسري هذا على الأطفال الذين يتضورون جوعا حيث تبلغ نسبة الأطفال دون الوزن السوي لأعمارهم 26% بإندونيسيا، 38% بباكستان، 48% ببنغلادش، و 48 % بالسودان…(المصدر: تقرير التنمية البشرية للعام 2005). أليس من الأفضل في هذه الحالة أن يقوم القادرون ماديا من المسلمين على دفع فدية للجمعيات الخيرية لمقاومة المجاعة، أو للصندوق العالمي للتضامن التابع للامم المتحدة، أو لسكان قطاع غزة المنكوب، حيث يقتات البعض من المز ابل؟ أليس من الأفضل توجيه هكذا أموال لــ »صندوق الفدية العالمي لاطعام الجياع » ، الذي بإمكانه أن يساعد المؤسسات الرائدة و في مقدمتها  « مؤسسة بيل و ليندا جايتس الخيرية » التي تعمل جاهدة لمقاومة الأمراض المزمنة عند فقراء اسيا و إفريقيا، بأموال مؤسس عملاق برمجيات الكمبيوتر العالمي بيل جايتس؟

تكمن أهمية هكذا اجتهاد في التحديات الجديدة التي تفرضها العولمة. ففي جمهورية إيران « الإسلامية » ، على سبيل المثال، قفزت نسبة المفطرين في رمضان من 15% سنة  اندلاع الثورة في 1979لى 98% سنة 2004 حسب الإحصائيات الرسمية المصرح بها! و إذا كان الآمر كذلك،  أليس من الأفضل دعوة هؤلاء المفطرين -في كل الأحوال- لدفع الفدية دعما للفقراء؟

كما توجد مشاكل كبرى للمسلمين المقيمين في الخارج الذين لهم التزامات للدراسة و العمل قد تفرض عليهم صعوبات في الصيام اكبر بكثير من الصعوبات التي كان يتعرض لها المسافر في الجزيرة العربية أيام نزول القران و التي احل الإفطار على أساسها.

في هذا المجال، كتب مؤخرا الاستاذ شوقي أمين مراسلة من باريس يصف فيها المتاعب الناتجة عن الصيام للتلامذة المسلمين في المدارس الفرنسية جاء فيها: « اصبح  شهر رمضان يمثل معضلة حقيقية لمسئولي المدارس و حتى وزارة التربية، و كذلك الأساتذة و المدرسين الذين باتوا يشتكون من قلة تركيز بعض تلامذتهم في الأقسام (الفصول المدرسية) بسبب الصيام إلى جانب غياباتهم المتكررة. صدر في تقرير سنة 2004 عن المفتش العام للتربية الوطنية أوضح بشكل صريح أن شهر الصيام مناسبة تثير التوتر في المدارس الفرنسية، مبينا أن  الاساتذة يشتكون  من التعب الكبير و الإرهاق الذي يطال التلامذة المسلمين بسبب الصيام إلى درجة انه يضطرهم إلى النوم في قاعات المكتبات أو قاعات الاستراحة. كما عبرت نقابات التعليم عن قلقها من تفاقم حالات الإغماء الكثيرة التي عادة ما تطال الفتيات  الصائمات فضلا عن غياب التركيز و إهمال الدروس (صحيفة القدس العربي، 13-10-2006).

و الحقيقة أن هذه المتاعب التي يسببها الصيام للتلامذة و الطلبة في فرنسا ما هي  إلا  غيض من فيض مما يحصل في العالم العربي و الإسلامي. لقد سبق لحسنين هيكل ان كتب في الأهرام سنة 1969 أن شهر رمضان يكلف مصر 100 مليون ساعة عمل، حيث تنهار الإنتاجية و الانتفاج فيما يزداد الاستهلاك و التبذير. و حسبنا أن كل هذا يصب في المحصلة النهائية في صالح الاجتهاد البورقيبي بجواز عدم الصيام للضرورات التنموية و العلمية و الاقتصادية، و ذلك عملا بالقاعدة الفقهية القائلة « الضرورات تبيح المحضورات » ، حيث لا ضرورة اكثر إلحاحا في عالم اليوم من التنمية و متطلباتها.

بالإضافة لما سبق، هناك فوائد صحية هامة في استبدال الصيام بالفدية. فمن الثابت علميا انه على الإنسان في المناطق الباردة أن يشرب كاس ماء كل نصف ساعة للوقاية من أمراض قاتلة مثل كسل الكلى و سرطان البروستاتة. و يتضاعف هذا إلى كاسي ماء كل نصف ساعة في المناطق و الفصول الحارة (حالة معظم المسلمين اليوم)، مما يعني أن عديد المرضى في العالم العربي الإسلامي يلقون بأنفسهم في التهلكة عندما يصومون عن شرب الماء ساعات طويلة.

و حيث أن الإسلام دين يسر لا عسركما ورد في حديث شريف، أهيب بالمجتهدين من المسلمين بالعمل على تطبيق آية سورة البقرة آنفة الذكر مساعدة للفقراء و رحمة للعالمين، و رفقا بصحتهم و باقتصادهم القومي الذي لا يمكن أن تقوم له قائمة إلا بدعم الإنتاج و الإنتاجية، في ضل منافسة عالمية لا ترحم. و شكرا للدكتور  خالد شوكات الذي أتاح لنا هذه الفرصة الثمينة للنقاش. و شكرا لايلاف التي كسرت قلم الرقيب إلى الأبد، و لن تقوم له قائمة بعد اليوم. و كل عام و الجميع بخير. 

(*) بريد إلكتروني: Abuk1010@hotmail.com


لهذا لا نترحّم علي المقبور بورقيبة

علي بن غذاهم
تعقيبا علي ردّ الاخ  الحبيب ابو وليد المكني  بخصوص  ماكتبته  حول الدّيكتاتور التونسي بورقيبة  صانع  بؤس وشقاء  ومهانة  الشعب التونسي  اورد الملاحظات التّالية : 1- اخي العزيز بخصوص  استعمال الاسم المستعار   يعلم الله انّني لم اكن لافعل  ذلك الاّ نزولا عند رغبة والحاح  اسرتي التي دفعت فاتورة باهضة  طوال العشرية السوداء  لا لجرم  ارتكبوه سوي  معارضتي   لنّظام  العهد التّعيس في تونس وانت وغيرك يعرف ان ازلام الدّكتاتور  » لا يرقبون في مؤمن الاّ ولا ذمّة  » وبدوافع التشفّي والانتقام ارتكبو كلّ ما لا يتصوّره  العقل  ولا زالوا  من ابشع الجرائم والانتهاكات  والارهاب النفسي والمادّي  في حقّ اسر بريئة  بل وتجاوزوا ذلك  الي دائرة اوسع تشمل كل العشيرة والاقارب والانساب دون رقيب اوحسيب بل انّ وزير الارهاب الدّاخلي سابقا عبد الله قلاّل قد اقسم في بداية العشرية السوداء بان يجعل اسر المعارضين  يتسوّلون في الشّوارع ؟؟ المشكلة الاكبر هو انّ تلك الاسر لم تجد من تلجا اليه  يآزرها ويكّفف دموعها غير اللّه  في وفت كانت الجمعيات الحقوقية والاحزاب السياسية في تونس  وفي الخارج مصابة  بالخرس والعمي تجاه مظلمتهم  واحزانهم  بل ان البعض تواطأ مع الدّيكتاتورية  تصفية لحسابات  سياسية  مع  خصم استعصي مقارعته  بالفكر  والحجّة كما انّ  العبرة  بمحتوي ما يكتبه المرأ من افكار وليست العبرة بالاسماء  ويوم  ترفع الغمّة وتقبرالدّيكتاتورية  ستعود الامور الي  طبيعتها ونلتقي للنقاش في طاولة مستديرة علي الهواء مباشرة علي قناة تونس الحرّة  التي ستبني  علي انقاض  قنات  7 الخشبية !! 2- بخصوص ماذكرته حول  اجرام  الديكتاتور  بورقيبة  في حق الديمقراطية والاسلام في تونس كان في الحقيقة اشارات خفيفة  استندت فيها علي  وقائع  ملموسة  مؤرخة  وليست محض خيال ولا اري اي وجه من وجوه المبالغة في ما ذكرت لنأخذ مثلا ديباجة الدّستور التونسي  الذي وضعه بورقيبة  بنفسه  حيث ياكّد اوّل بند فيه ان تونس دولة الاسلام دينها, في كلّ دولة في العالم هناك مبادئ اساسية تمثّل  مرجعية  فكرية او دينية تجمع عليها الشعوب  وتلتزم الدّولة والشعب باحترامها  وقد اقر ّبورقيبة من خلال الدستور ان الاسلام  هو المرجعية الاساسية الفكرية والدّينية  لشعب تونس  ودولته  وبالتالي فانّ اي مسّ  بالاسلام  هو  انتهاك للامن القومي  للبلد وتهديد للسلم الجمعي  فيه   وهذا بالضبط ما وقع فيه الدّيكتاتور بورقيبة بمجرّد استيلائه  علي مقاليد الامور وتفرّده بالحكم  بعد تصفيته  لخيرة رجالات الحركة الوطنية احترام الاسلام و اللّغة العربية وضمان  الحقوق والحرّيات  الفردية  والسياسية والدفاع عن حرمة واستقلال الوطن  مبادئ  قام  عليها التعاقد او العقد السياسي  بين  الشعب التونسي انذاك و الحاكم  الذي انيط به  ادارة شؤون البلاد وهنا يطرح السؤال   هل احترم  الدّيكتاتور بورقيبة اي بمدأ من المبادئ المذكورة او غيرها من المبادئ التي تضمّنها الدستورالذي وضعه هو بنفسه  ؟؟ 3- ان يرتدّ  بورقيبة دينيا  كشخص  فاليذهب الي الجحيم  فهو حرّ  وان يرتدّ  فكريا وسياسيا  كشخص  فهو كذلك حر امّا ان يرتدّ كمؤتمن علي امور بلد وشعب باكمله فهذه هي الطّامة الكبري  والطامّة الاكبر هي ان يحاول اجبار ابناء الشعب  وبناته  بالقوّة علي الردّة  مستعملا مكره  تارة وعصي الدّولة المؤتمن عليها طورا 4- النظام المسخ الديكتاتوري  الذي  يحكم بالحديد والنّاراليوم في تونس هو باكورة  انتاج  العهد البورقيبي   وحصاد مازرعه  المقبور بورقيبة  وعصابته من افكار وممارسات  طوال اكثر من 30 سنة من الدّيكتاتورية  والظّلم و  القهر 5_ من الذي خلق  العنف والارهاب  في تونس غير بورقيبة  من اوّل يوم استولي فيه علي الحكم  في تونس عبر  تصفيته كل رموز الحركة الوطنية  الشرفاء وعلي راسهم الشهيد صالح ين يوسف رحمه الله ؟؟ ومن انشا المليشيات والعصابات الحزبية التي كانت تغدر  المناظلين النقابيين والسياسين  وتنتهك حرمات بيوتهم  وعائلاتهم  وترهبهم محاولة تكميم افواههم  اليس بورقيبة وعصاباته الامنية والحزبية ؟؟
 من امر الجيش بارتكاب المجازر في حق مواطنين عزّل  تظاهروا   تعبيرا عن رفضهم للزّيادات في اسعار الخبز ؟؟
 من المسؤول عن ذلك الاعلام  الخشبي المحنّط المهزلة  الذي لا شغل له غير مدح الدّيكتاتور والتسبيح بحمده ليلا ونهارا ؟؟ من المسؤول عن تدمير السلطة القضائية  في تونس وتحويلها  الي ادات  امنية لتصفية الخصوم السياسيين   وتحويل القضاة  الي  رجال امن يطبقون الاوامر لا القانون ويسقطون في مستنقع الرشوة والمحسوبية  والفساد ؟؟ من الذي حوّل المؤسسة الامنية  من مؤسسة  تسهر علي امن وسلامة  وكرامة المواطن والوطن  الي  الي ملشيات  ارهابية  تضم ّ  اشباح ووحوش بشرية  تنتهك كرامة  المواطن  وتشتغل بإذلاله وترهيبه  والدوس علي حرماته   والاستلاء علي امواله  ؟؟ من الذي  اسسّ للدّكتاتورية  والتعصّب  والارهاب والشمولية السياسية   حتّي اضحي  رفض الانخراط في حزب الدستور  جريمة يعاقب مرتكبها بحرمانه من جميع الحقوق  من منح مدرسية وجامعية  وحقالعمل  وجواز السفر ,,,؟؟ من الذي فرّط في استقلال الوطن  عبر السماح  لمخابرات  العدو الصهيوني الموساد وغيره من الجواسيس   بان تسرح وتمرح في بلدنا دون رقيب اوحسيب ؟؟  من الذي  تورّط في تصفية  القادة الفلسطنيين وعلي راسهم المناضل ابو جهاد  ؟؟ اليسوا  ضبّاط امن بورقيبة ؟؟ من الذي احتقر المجاهديين في تونس الذين نذروا ارواحهم وانفسهم  لنصرة الدّين والوطن ؟؟  من الذي اطلق عليهم تسمية « فلاّقة ّ »واحتقرهم ولم يمنحهم حتي ما يسدّ رمقهم  ويحفض كرامتهم  غير الخائن بورقيبة ؟؟ من الذي كرّم المستعمر الفرنسي المجرم الارهابي   قاتل اجدادنا وجدّاتنا ومغتصب بلدنا  ومنتهك حرماتنا  عبر جعل لغته اللغة الرسمية الاولي  بلدننا  وحشر بلدنا في منظّمة الفرنكفونية  الاستعمارية  وربط حبال الود معه ودماء شهدائنا لم   تجف بعد ؟؟
لماذا لم يطالب الخائن بورقيبة فرنسا بالاعتذار والتعويض علي اقلّ تقدير ؟؟ هل  المحارق التي ارتكبها  الاجرام الاستعماري الفرنسي  في بلدنا  اقلّ شأنا من المحرقة  التي يتحدّثون عليها  بحقّ اليهود في المانيا ؟؟؟

وزير الداخلية في بن عروس:

أصالة تونس وحداثتها تعـززان مشروعها المجتمعي المتوازن

 

* تونس ـ وات

 

أشرف السيد رفيق بلحاج قاسم عضو الديوان السياسي ووزير الداخلية والتنمية المحلية مساء الخميس ببن عروس على منبر حوار نظمته لجنتا تنسيق التجمع الدستوري الديمقراطي ببن عروس وزغوان.

وأوضح الوزير في تعقيبه على التدخلات في هذا اللقاء الدور الريادي للتجمع الدستورى الديمقراطي ومكانته المتميزة في تاريخ البلاد مبرزا المسؤولية الجسيمة التي يتحملها في دفع وتقدم مسيرة التغيير بقيادة الرئيس زين العابدين بن علي وأكد ما تقتضيه هذه الرسالة من جهد ونضال متواصل للتعريف بالانجازات والمحافظة عليها ومزيد تنميتها واثرائها مشيرا في هذا السياق إلى المكاسب الجمة التي تحققت منذ التغيير في اطار تنمية شاملة ومتكاملة لا اقصاء فيها ولا تهميش للفئات أو الجهات أو الأجيال بما مكّن تونس من أن تتبوأ مراتب مشرفة في كافة المجالات ولا سيما على صعيد القدرة التنافسية وفق آخر تقرير للمنتدى الاقتصادي بدافوس الذي منح تونس الرتبة الأولى عربيا وافريقيا والرتبة الثلاثين من جملة 125 بلدا.

 

وأشار عضو الديوان السياسي في هذا السياق الى مميزات منوال التنمية في بلادنا الذي يرتكز على التلازم الوثيق بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي ويهدف بالأساس الى الارتقاء بنوعية حياة المواطن في مختلف الجهات ودعم قدرته الشرائية وضمان كرامة عيشه. وقد مكنت هذه الخيارات من دعم الطبقة الوسطى للمجتمع والتقليص من درجة الفقر الى حوالى 4 بالمائة وهو ما أكدته تقارير مختلف الهيئات الدولية والأممية المختصة المعروفة بخبرتها ومصداقيتها بما يدحض ادعاءات بعضهم ممن اتخذوا من المغالطة أسلوبا للتضليل.

 

ولاحظ الوزير أن هذه النجاحات التونسية لا تروق للبعض ممن يسوؤهم أن تتقدم مسيرة بلادنا على درب العزة والرخاء والازدهار مضيفا أن المجتمع التونسي بلغ من النضج والرشد ما يؤهله لكشف وتفنيد كل الأباطيل والاشاعات التي يروّج لها المناوئون والظلاميون المتسترون بالدين وإفشال كل المحاولات التي من شأنها المس بمصالح البلاد والتشكيك في مكاسبها وهويتها.

 

وبعد أن أشار الوزير الى الرعاية الموصولة التي ما انفك يحيط بها الرئيس زين العابدين بن على الدين الإسلامي الحنيف والقائمين على شؤونه حلل الثوابت والأسس التي بنى عليها سيادة الرئيس مشروعه الحضارى والتي من أهمها مبادئ التضامن والتكافل وقيم العلم والعمل والتفتح والوسطية.

وأضاف : إن بلادنا لها اليوم من خصوصيات الجمع بين الأصالة والحداثة والاعتدال والتسامح ما يعزز مشروعها المجتمعي المتوازن.

 

ولاحظ في هذا السياق أن تونس ترفض كل أشكال التطرف الدخيلة على مجتمعنا والتي لا علاقة لها بتقاليدنا وتعاليم ديننا الحنيف بما في ذلك الزي الطائفي الذي هو عنوان لفئة متحجرة ومنغلقة ورمز لانتماء سياسي يتستر بالدين وهو منه براء ويرمي في الحقيقة الى العودة بواقع المجتمع الى عصور غابرة وتجريد المرأة من حقوقها المكتسبة وأكد في المقابل أن التمسك بارتداء لباسنا الوطني الأصيل يجسم حرص بلادنا على تكريس ثقافتنا والحفاظ على تقاليدنا الراسخة وصيانة مكاسب المرأة ومكانتها مضيفا أن المجتمع التونسي وفي مقدمته المرأة لا يقبل التفريط في حقوقها الثابتة بمجلة الأحوال الشخصية والمعززة باصلاحات عهد التغيير الرائدة.

 

واختتم الوزير الاجتماع بالتأكيد على الدور الهام لمناضلي ومناضلات التجمع في التوعية بمخاطر التعصب والتطرف بمختلف أشكاله ومظاهره ومزيد الاحاطة بمشاغل المواطنين وتعريفهم بمكاسب التغيير واختياراته  مبرزا أهمية اشعاع التجمع في مختلف المنظمات والجمعيات من خلال الحضور الديمقراطي والفاعل لمناضليه والعمل الدؤوب من أجل الحفاظ على ثوابت بلادنا وخياراتها المميزة بما يؤهلها الى اللحاق بمصاف الدول المتقدمة بقيادة صانع التغيير الرئيس زين العابدين بن على.

 

(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 15 أكتوبر 2006)


 

…واللباس الخليع.. مرفوض أيضا

 

في غمرة الحديث عن ظاهرة اللباس الطائفي وضرورة صدّها ووقف انتشارها والاستعاضة عنها باللباس التونسي الذي يوفر الحياء والحشمة ولكن «بمفردات» تونسية يبرز تساؤل آخر يخص اللباس الخليع وبعض مظاهر التبرّج والتعرّي.. ويقول التساؤل وماذا عن هذا الصنف من اللباس؟

 

بكل تأكيد السؤال في محلّه وهو يستوجب فعلا وضع النقاط على الحروف.. وأولى هذه النقاط تهم مفهوم الوسطية والاعتدال الذي ترفع شعاره تونس.. بشكل يمنع التطرف في هذا الاتجاه أو في الاتجاه المعاكس.. وكما أن الزي الطائفي باعتباره دخيلا على عاداتنا وتقاليدنا مرفوض، فإن الزي الخليع والعري والمس بالأخلاق الحميدة وخدش الحياء مرفوض هو الآخر.

 

أما ثانية هذه النقاط وهي على مستوى الممارسة هذه المرة فتتمثل في عديد الاجراءات والخطوات التي اتخذت للتصدي لمثل هذه المظاهر … حيث انتظمت قبل أشهر حملة دامت أسابيع وخصصت لمقاومة كل مظاهر التفسخ الاخلاقي.. وركّزت في ما ركّزت عليه على مظاهر العري والتبرّج. وعلى مقاومة كل أشكال وتقليعات اللباس الوافدة من مجتمعات غربية لها عاداتها وتقاليدها والتي تخل بمظاهر الحياة والحشمة.. وذلك بهدف إعادة من جرفهن تيار التقليد الأعمى الى الجادة.. وصون الأخلاق الحميدة من أية مظاهر يمكن أن تخدشها أو يمكن أن تشكل استفزازا في مجتمع عربي ـ اسلامي يرفع شعار الوسطية والاعتدال.. ويعتبر اللباس أحد التعابير الثقافية والحضارية واحد عناوين الانتماء التي يجب في كل الأحوال أن تنسجم مع منظـومة القيم التي يتبناها المجتمع.

 

هذه الحملة لم تقف عند هذا الحد.. بل تعدّته الى تعديل أوقات عمل الملاهي والعلب الليلية وتقنين فتح المقاهي وذلك بهدف حماية شبابنا ومراهقينا من أيّة مخلفات قد تحدث نتيجة الارتياد العشوائي لهذه الأماكن التي تفرضها ضرورات كوننا بلدا سياحيا ويؤمه سنويا ملايين السياح يخلّفون مليارات الدولارات تضخ في شرايين اقتصادنا الوطني…

 

وبهذا، فإن الحديث عن الزي الطائفي وضرورة التصدي لانتشاره والاستعاضة عنه بلباسنا الوطني المتأصل في كل الجهات والأرياف والقادر على صيانة قيم الحشمة والحياء، هذا الحديث يكتمل بالحديث عن الزي الخليع المتبرج وعن مظاهر العري وخدش الأخلاق والحياء وعن السعي المتواصل للتصدي له وحماية المجتمع من شروره هو الآخر.. وهذا التوجه ينسجم بالكامل مع شعار الوسطية والاعتدال الذي نرفعه في تونس.. ومع انحيازنا الكامل لخصوصياتنا الثقافية والحضارية كبلد عربي اسلامي يرفض الانغلاق والشدّ الى الوراء تماما كما يرفض القفز في المجهول والتنكر لعاداتنا وتقاليدنا ولمقومات أصالتنا.

 

(المصدر: بطاقة « نقطة نظام » بدون توقيع في صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 15 أكتوبر 2006)


غربان المدينة الحزينة

إلى كل الغربان التي تنعق في وطني وتبكي على أطلال الأوطان

خيم الليل على المدينة … وعوى الذئاب بعض أطلال الوحوش تجثم على المدينة وتفرض شرعة الغاب أغفت بعض النسور الكسيرة جفون الخوف علها تنام صوت المآذن والكنائس وطلقات الفرسان … أخرست … وصمت المكان حفيف الشجر تحت الأقدام الوحوش تخاله المرتجفة  صوت الأهوال في صمت المدينة الحزينة وقف غراب على أطلال الصمت الرهيب امتد وهج الظهيرة إلى لقمة عيشة فعمت البصيرة أخذ يردد بقايا سمفونية تهرأت من طول الزمان هنا … المدينة الحالمة هنا … المدينة الآمنة هنا عز الأوطان هنا … وطن الإنسان هنا … وجه الجنان الخالدة وأمثلة الشهامة … والرجولة وطيب المقام غراب الشؤم … ينذر بالوبال الجميع هنا غبي وخائن للأوطان وهو وحده رمز التجذر والمثال أقلام جافة … من الكلام تحفر في واد الغربان جرفت التربة … والأحجار وحصدت أوراق التوت والمرجان خلفها دف… جارية وبهلوان والبقية ممن لم يتبعوه يرميهم بالنيران غراب الشؤم  ينعق بالخراب ويدعي النصح بالبرهان.
 
فاضل السالك « عاشق البحر » ماي 2006


 

مستقبل المقاومة بين يدي ذكرى غزوة بدر الكبرى

الحلقة الرابعـــة والاخيرة

 

الشرط السابع : إعداد القوة بكل معانيها ومظاهرها فريضة مفروضة على الامة قاطبة وعلى كل عضو في الامة نصيبه منها :

 
من بركات زماننا علينا ـ رغم ضراوة العدوان فيه علينا ـ أنه جلى لنا كثيرا من الحقائق الثابتة لوجودنا وتجددنا تجلية عملية لا تخطئها عين . لو كنا اليوم نعيش في عصور الازدهار الاسلامي والرخاء مبسوط على جنباتنا يبعث الهيبة في الناس من حولنا .. لما كنا ندرك أمره سبحانه إلينا بإعداد القوة وأداء الامانات والحكم بين الناس بالحق والشهادة على الخلق وغير ذلك من الفرائض الغائبة اليوم في حياتنا . وقديما قال الشاعر  » وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر « . لقد تحدثت في الحلقة الفارطة عن نظرية تكافل الاجيال الاسلامية في كنف هذه الامة الواحدة العظيمة من خلال ما جادت به سورة الحشر وإستنبطه الفاروق عمر عليه الرضوان . لما كانت الامة تعيش أزهى مراحل قوتها وتجددها في عصر الخلافة الراشدة وبعدها بقليل كان الناس يومها يخططون وفق نطرية تكافل الاجيال لسعادة أعقابهم ممن يأتي من بعدهم وهو ما حمل الفاروق عليه الرضوان على إبتكار إجتهاد جديد في تخميس غنائم أرض سواد العراق . أما يوم إنحطت الامة وإنتكست فإن سلفنا يومها ضيع أمانة كفالة الاجيال اللاحقة فلم يتجاوز جهده في أحسن الحالات إصلاح وضعه الحاضر فلما عاجلتهم مطارق الهدم من كل صوب وحدب ورثنا نحن اليوم تراثا ماديا مهترئا مجزأ بعد توحد مستضعفا بعد هيبة . وبذلك يكون توقفنا عند الامر بإعداد القوة وسائر شروط النهضة التي حفل بها التوجيه القرآني توقفا ينضح بطعم خاص هو طعم المرارة دون ريب . مثلنا في ذلك مثل ولد عق أباه ثم شرد بعيدا عنه فلما أحاطت به الذئاب من كل صوب وحدب ونالت منه نيلا غائرا وخشي على نفسه الهلاك ذكر بعض وصايا أبيه له في مثل تلك الحالات أو رجع إلى نفسه وثوبه ورحله فألفى بقية من زبور قديم تفصل له الاتجاه العام لحياته وكيفيات التعامل مع أهم تضاريسها فرحا وترحا . لا شك في أن شعور ذلك الولد العاق سيكون مزدوجا بين المرارة لفرط ما فرط في تراث أبيه وبين البهجة لتدارك أمره قبل فوات الاوان .
 
إعداد القوة دفاعا عن النفس هو في الحقيقة شعور فطري بدافع أكبر غرائز الانسان ـ غريزة حب البقاء ـ وليس من عادة القرآن الكريم أن يأمر بما هو فطري غريزي جبلي في الانسان يأتيه بدافع الضرورة . لم يأمرنا مثلا بالاكل والشرب واللباس والاحتماء من القر والحر وغير ذلك بسبب كونه سبحانه فطرنا على ذلك بما هو أسبق إلينا من الدين والاسلام . ولكن لما كان الامر متعلقا بالامة قاطبة ـ أي بضرورات الجماعة وخياراتها ـ كان لا بد من ترتيب أمر ونهي حتى لا يفرط عضو فينا في ذلك . أغلب المسلمين اليوم يحيون بدينهم في مستوياتهم الفردية وفق تعاليم الاسلام أمرا ونهيا وبذا يتحقق لهم تبعا لذلك ضرب من السعادة ولكن الذي ينقصنا هو تفعيل الارادة الجماعية لحفظ وجودنا الجماعي وتجديده . ولك أن تعلم مرة أخرى أن همة القرآن الكريم بذلك بلغت ما لم يبلغه الليل ولا النهار ولا الشمس ولا القمر وذلك حين عكفت على مخاطبة الناس أجمعين ـ سيما الامة الاسلامية ـ بضمير الجمع ولم تفرق في ذلك بين أمر بتقوى وصيام وبين أمر بإعداد قوة وأداء أمانة . ذلك أبلغ درس من المنهج القرآني الكريم يدل على منزلة الجماعة في الاسلام : فهي مقصد المقاصد وكلية الكليات ومبدأ المبادئ وفريضة الفرائض. تلك مرارة أخرى أجد علقمها في حلقي ورب الكعبة كلما تعرضت لها في القرآن الكريم . مرارة تنبع من كون هذه الامة تستأثر بدستور خالد يغدق عليها بأبهى صور الجمال والكمال والجلال والقوة والعظمة والوحدة والقوة والهيبة والشهادة والعلم والخلود ولكن الواقع المعيش في عقودنا هذه يحشر الامة في زوايا التخلف والاستضعاف والتأخر والقهر والتجزئة والاحتلال وإبتزاز الخيرات .
 
قال سبحانه مخاطبا الامة بأسرها بصيغة الجمع  » وأعدوا لهم ما إستطعتم لهم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون وإن جنحوا للسلم فأجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم « .
 

القوة في الاسلام :

 
1 ــ وردت كلمة قوة نكرة لتشمل كل ضروب القوة الممكنة روحيا وعقليا ونفسيا وبدنيا وماليا وماديا ومدنيا وعسكريا وفرديا وجماعيا وسياسيا وإجتماعيا وخلقيا وعلميا وعمليا.

2 ــ إعداد القوة يقصد منه صد أي هجوم محتمل فإذا كان معنويا قوبل بذات السلاح وإذا كان ماديا قوبل بالمواجهة . ولذلك كان أمر الاعداد  موجها  » لهم  » هم .
3 ــ مرد ذلك هو قانون الزوجية الذي بنى عليه سبحانه كونه وخلقه وهو قانون طبيعي ثابت في كل مظهر من مظاهر الكون والحياة والنفس . الزوجية تلد التدافع ضرورة . 
4 ــ إعداد القوة بكل معانيها ومظاهرها يطلب من الجماعة بأسرها ليأتي كل واحد منا ما يناسب أوضاعه : فالمؤسسات القيادية في الدولة فريضتها إعداد القوة العسكرية ومؤسسات المجتمع فريضتها إعداد مظاهر القوة الاخرى علمية وفكرية وثقافية وإجتماعية وسياسية ومالية .
5 ــ وظيفة القوة بكل معانيها ومظاهرها لها صورتان : صورة مادية مباشرة تقوم على تحصين المجتمع ضد الهجومات المادية والمعنوية وصورة معنوية غير مباشرة تقوم على بث الهيبة في صدور كل من يتربص بأهل ذلك المجتمع وتلك القوة سواء ممن ظهر أو إستتر . وظيفة القوة هي : الارهاب النفسي في صدور أولئك مما يجعلهم يحجمون عن أي هجوم منتظر. فإذا ما حصل الهجوم على المجتمع الاسلامي سيما عسكريا وماديا فإن وظيفة تلك القوة تتعدى مسألة بث الارهاب النفسي إلى الدفاع المادي المباشر بما يقذف الرهبة في صدور المعتدين مجددا بما أدبتهم تلك القوة .
6 ــ الاعداء المتربصون بالمجتمع الاسلامي فطرة ثلاثة أصناف : عدو الله وعدو الناس المسالمين وجبهة النفاق  » آخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم « . عدو الله هو من يمارس الاضطهاد والعدوان ظلما على غير المجتمع الاسلامي يستضعف أقواما آخرين من غير المسلمين طمعا في ثرواتهم أو في شيء من ذلك القبيل . أما عدو الاسلام فهو من يحارب مجتمعه وأهله ظلما وعدوانا . أما جبهة النفاق فهي مجموع القوى التي تلتقي عند التآمر الكيدي الخفي ضد الاسلام وأهله سواء من داخل المجتمع الاسلامي أو من خارجه . قوة المجتمع الاسلامي بكل مظاهرها وصورها يجب أن تعد بقدر المستطاع لمواجهة هؤلاء جميعا وذلك بسبب أن الاسلام إنما جاء لتحرير الانسان ـ كل إنسان مطلقا ـ من كل ضروب الاستعباد بقطع النظر عن دينه ولونه ومكانه . وكما قيل بحق  » الاسلام لا ينظر إلى دين المظلوم « . ومعلوم أن خير قوة تواجه بها حركة النفاق من داخل المجتمع الاسلامي هي الحرية المبسوطة لكل الناس من جهة والحرص على وحدة الصف الداخلي برغم تنوعه وإختلافه من جهة أخرى .
7 ــ السبيل إلى إعداد القدر المستطاع من تلك القوة بتلك الوظائف والاتجاهات هو الانفاق في سبيل الله سبحانه . ولذا جاءت الاية معقبة على الامر بالاعداد مباشرة بسبب أن العلاقة وطيدة حميمية مطردة بين الاعداد وبين الانفاق . ذلك يعني أن القوة الاقتصادية تيسر سبل القوة المادية والمدنية وهذه بدورها تيسر سبل القوة العسكرية . قوى متلازمة بعضها مع بعض .
8 ــ ثم ختمت الايات بالجنوح إلى السلم لتؤكد أن القوة الكفيلة بإرهاب المحاربين وزرع الخوف في صدور المعتدين .. هي التي تصنع السلم وتثبت السلام . وإنما تعدو الذئاب على من لا كلاب له كما قال الشاعر الحكيم . حق إمتلاك القوة إذن بكل معانيها وصورها حق طبيعي للفرد والجماعة من كل ملة ودين وطائفة بل هي فريضة مفروضة في حق أمة الاسلام لا تعذر يوما واحدا عن التأخر عنها فإذا حصل توازن قوى بين الناس والشعوب والامم هاب الناس بعضهم بعضا وبات للسلام مكان مقدر .
9 ــ تنبع فريضة إمتلاك القوة بكل أنواعها وصورها بالنسبة للمسلمين بصفة خاصة بسبب أن الحق الذي شرفوا بحمله لن تدعه سهام الباطل حتى تتناوشه ويقع ذلك سنة إجتماعية لا يبعثها مؤمن ولا يحجبها كافر وكذلك بسبب أن ذلك الحق لا مضاء له بين الناس لو كان مستضعفا أعزل إذ به تناط فريضة نشر العدل بين الناس . قيم الحق والعدل والحرية أي المقاصد العظمى للاسلام لا بد لها من قوة تحميها وتعبد طريقها لتحيي النفوس وتعمر الارض وتنشر البديل الانساني الاسلامي شامخا قويا مهابا بين الناس أما التغني بالافكار فلا يجدي كبير نفع .
 
علاقة الاسرى في بدر بفريضة القوة :
 
عوتب عليه الصلاة والسلام بشدة في سورة بدر من لدن ربه سبحانه في قضية فداء الاسرى وذلك بالرغم من أنه عليه الصلاة والسلام إستشار فيها وزيريه أبي بكر وعمر عليهما الرضوان ولما إختلف تقديرهما وكان رأيه عليه الصلاة والسلام أميل إلى رأي أبي بكر الداعي إلى الفداء بدل القتل لم يتردد لحظة واحدة في إستخدام قانون الشورى الملزمة فقضى برأي الاغلبية ولكن جاء الوحي يؤيد ما ذهب إليه الفاروق عمر عليه الرضوان فقال  » ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الارض  » . لذلك العتاب علاقة وطيدة بنظرية الاسلام في القوة بكل صورها ومعانيها وذلك على معنى أن قتل أسرى بدر في أول مواجهة عسكرية مفتوحة بين المسلمين والمشركين المعتدين في بدر هو علامة قوة للجماعة الاسلامية يومها لن تستقبلها المجموعة الدولية يومها سوى برفع منسوب تقديرها لهذه الجماعة الجديدة . تكاملت هنا الاشياء بشكل عجيب جدا : فمن ناحية عاتب الله سبحانه نبيه عليه الصلاة والسلام على قبول الفداء عتابا شديدا حتى لو كان ذلك بالطرق الشورية وذلك ليعلمه ويعلم الناس من بعده درسا آخر من دروس القوة المعنوية وأثرها في إحلال السلام بين الناس بما تبثه من هيبة للاسلام وأهله في صدورهم ومن ناحية أخرى تأخر الوحي الكريم عن البيان فلم يتنزل حتى أبرم عليه الصلاة والسلام عقد الفداء مع الاسرى وكان يمكن للوحي أن يقطع الطريق على ما إعتبره  » إرادة للدنيا  » في ذات آيات العتاب ولكنه لم يفعل ليعلمه عليه الصلاة والسلام ويعلم الناس من بعده بأن طريق الشورى في الجماعة الاسلامية ثابت من ثوابت هذه الامة وهي شورى مفروضة ملزمة وأروع دليل على ذلك أنها إنسحبت على النبي الاكرم المؤيد بالوحي عليه الصلاة والسلام ومن السماجات التي يلجأ إليها أدعياء الشورى من المسلمين اليوم ـ بل من الاسلاميين ـ إعتبار صوت المسؤول مضاعفا . سماجة سخيفة من السماجات القديمة التي تتحايل على الديمقراطية بإسم المصلحة . خلاصة العلاقة هي : الشورى ضرب من ضروب القوة المعنوية التي لا بد للجماعة الاسلامية من الاخذ بها ونشدانها تماما كما تنشد القوى المادية والعسكرية .
 

الشرط الثامن : أمام الامة الاسلامية عقبات ثلاث لابد من إجتيازها بنجاح قبل التمكين : الايمان والهجرة والجهاد .

 
يعبر الاسلام عن ذلك في مواضع أخرى بــ : الاسلام والايمان والاحسان . الايمان دوما واحد ولكن الاسلام قد تتغير صورته فقد يكون مقصورا على الاركان المعروفة وقد يضاف إليها شرط الهجرة في صورة ما إذا تعذر أداء تلك الاركان أو بعضها بسبب غياب الحرية الكافية أو حصول حد من الفتنة والاكراه وكذلك الامر بالنسبة للاحسان قد يكون مقصورا على تجويد العبادة في كل مظاهرها وصورها علاقة للانسان بنفسه وربه والناس من حوله أقارب وأباعد وقد يضاف إليه شرط آخر وهو الانخراط في الجهاد والمقصود منه هو الجهاد القتالي المفروض بسبب حصول الفتنة والاكراه ضد المسلمين أو ضد غيرهم من الناس المسالمين حتى على غير دينهم أو بسبب وقوف قوة مادية في وجه إندياح الدعوة إلى قيم الاسلام بالكلمة الحسنة حوارا بين الشعوب والامم والثقافات في كنف السلم والتآخي والتعاون .
 
على مستوى المسلمين أفذاذا يتعرض بعض الناس لامتحان الهجرة أو الجهاد أو لكليهما مرة أو مرات وقد لا يتعرض بعضهم لشيء من ذلك وعندها تتنزل فريضتا الاسلام والاحسان . لا ينجو مؤمن أبدا من ذلك سنة مسنونة وإبتلاء من الرحمان سبحانه لعباده : فإما أن يتعرض المؤمن ـ فردا أو جماعة ـ إلى إمتحان الاسلام بعد الايمان بما يلون سائر حياته بلون طاعة المولى سبحانه أو أن يتعرض إلى إمتحان الهجرة لو عز ذلك وإما أن يتعرض ذات المؤمن إلى إمتحان الاحسان بعد الايمان بما يجعل منه مصلحا إيجابيا في مجتمعه يعيش لغيره هداية وإغاثة أو أن يتعرض إلى إمتحان الجهاد لو تفاعلت حلقات الاحسان وإصطدمت بعقبة المنافقين والاعداء بصفة عامة من أقارب وأباعد .
 
من لم يتعرض من المؤمنين أبدا لا لامتحان إسلام أو هجرة أو لعقبة إحسان أو جهاد فليس له من دعوى الايمان بعد حظ الدعوى ما يذكر . من هان على ربه حتى أعرض عن ترشيحه للامتحان لا خير فيه . أما من إمتحن بذلك الثلاثي المتلازم العجيب فنجح حتى مع إخفاقات وتداركات فقد فاز .
 
عادة ما تتنزل إمتحانات الاحسان والهجرة والجهاد على الجماعة بأسرها بسبب كونها فرائض جماعية أو كفائية إن شئت قلت رغم أن مفهوم الواجبات والفرائض الكفائية تشوش بما فيه الكفاية في أذهان كثير من الدعاة والمصلحين والوعاظ فضلا عمن سواهم .
 
إمتحانات الايمان والهجرة والجهاد هي من تنسج علاقات الولاء والبراء في الامة الاسلامية داخليا وخارجيا :
 
من الاشارات القرآنية العظيمة جدا هنا أنه سبحانه حدد تلك العلاقات تحديدا صارما فلم تتردد تلك التوجيهات في قطع علاقة الولاء بين المسلمين الذين إجتازوا إمتحانات الايمان والهجرة والجهاد معا وبين إخوانهم الذين إجتازوا إمتحان الايمان فحسب وفي ذلك يقول سبحانه  » وإن إستنصروكم في الدين  فعليكم النصر إلا  على قوم بينكم وبينهم ميثاق « . ولك أن تلاحظ معي رفعة قدر ومنزلة العقود في الاسلام وهو الامر الذي خصص له الوحي سورة كاملة من السبع الطوال وهي سورة العقود كما كان يسميها الاصحاب الكرام . الميثاق في الاسلام مقدس قدسية الايمان والصلاة والخلق . الولاء بين الامة بعضها ببعض موصول دوما إلا ولاء يحل حراما أو يحرم حلالا أو ينتهك حدا ولكنه ولاء مقيد دوما بإجتياز الامتحانات الثلاثة في صورة ما تعرضت الامة أو بعضها لشيء منها كما حدث مع المؤمنين بمكة الذين لم يهاجروا معرضين أنفسهم لفتنة الاكراه من جهة ولفقدان نصرة إخوانهم المتمكنين بسبب مواثيق مبرمة مع غير المسلمين من جهة أخرى . كثير من حديث الدعاة عن الاحكام الشرعية الخاصة بالهجرة وجوبا وإباحة ونسخا وما في حكم ذلك يجب مراجعته قطعا مع هوس النسخ الذي تقلد المتأخرون سيفه فحولوا الشريعة به شبيهة بشريعة موسى أو عيسى عليهما السلام أغلب ما فيها منسوخ . حري بأولئك جميعا إنتاج فقه أصولي جديد معاصر يراعي تطورات الزمان والمكان والحال سواء بالنسبة للامة أو لمن حولها قوة وضعفا وجماعة وتجزئة وحاجة وضرورة ومصلحة . وكذلك أمر البراء حيال الكيانات خارج دائرة الامة الاسلامية حتى وهي في حالة تصدع وتجزئة فإنه براء عقدي نفسي لا علاقة له بالبراء السياسي وأروع دليل على ذلك هو ذات الايات في آخر سورة بدر التي تقطع الولاء مع جزء من الامة لم يهاجروا من مكة وهو ذات الولاء الذي تنسجه الجماعة الاسلامية بقيادة النبي الاكرم يومها عليه الصلاة والسلام مع طرف من أطراف الميثاق المبرم بين تلك الجماعة ضد ذلك الجزء من الامة الذين لم يهاجروا في صورة حصول حرب وحاجة إلى نصرة . معنى ذلك أن فكرة الولاء والبراء في الاسلام ثابتة الاصول مرنة التنزيل بحسب الاطراف الممضية على الميثاق وبحسب المصالح المتغيرة .
 
وأكتفي بذلك القدر من الشروط الكبرى لمستقبل مقاومة الامة لاعدائها وأذنابهم فيها داخليا وسياسيا وخارجيا وعسكريا وذلك بالرغم من أن شروطا أخرى مهمة جدا أدنى حظا بطبيعة الحال تنضح به سورة بدر الكبرى ـ سورة الانفال ـ يجدر الوقوف عندها وليس يمنع من ذلك سوى الخشية من الاسهاب والخوف من الاطناب . والله تعالى أعلم وهو الهادي سواء السبيل .
 
وإلى مصافحات تالية في محاور قابلة تقبل الله صيامكم وصلاتكم وقيامكم وأستودعكم من لا تضيع ودائعه ودائعه .
 
الهادي بريك ــ ألمانيا


اليهود المغاربيون بين الهوية الممَـزّقة والدور المحتمل

تونس – رشيد خشانة
 
تتقاذف اليهود المغاربيون أمواج شـدّ وجذب جعلت هويتهم رجراجة وممزقة. فهم مُـشدّودون لأوتاد متباعدة: أحدها، نداء المشروع الصهيوني المُحرِّض على الهجرة إلى فلسطين، وطرفها الآخر، الحنين إلى الوطن الأم، حيث تركوا ذكريات الصِّـبا والشباب. أما ثالثها، فالمهاجر الأوروبية التي حضنتهم بعد موجتي الهجرة الرئيسيتين في 1948 و1967 فجنحوا لاستيطانها والاندماج فيها.
 
 مواطنون من درجة ثانية
 
 مع حصول تقارب سياسي، ما انفكت علاماته تطفو على السطح بين الدولة العبرية وأكثر من بلد مغاربي خلال السنوات الأخيرة، تنامي دور يهود شمال إفريقيا الذين لعِـبوا دور همزة الوَصل وكانوا في قلب الاتصالات بين الجانبين.
ولم تكن تلك الوساطة ترمي فقط إلى تهيِـئة الأجواء للخطوات التطبيعية المُعلنة لاحقا، وإنما شكّـلت أيضا فُـرَصا للعودة إلى المدن والأحياء التي شبّ في غبارها أطفال يهود أصبحوا بعد هجرة آبائهم إلى فلسطين مواطنين إسرائيليين.
وعلى رغم أن اليهود العرب يُصنَّـفون في الدولة العبرية بوصفهم مواطنين من الدرجة الثانية، بالنظر لأنهم من « السفارديم » (اليهود الشرقيين)، فإن بعضهم نجح في تسلّـق سلِّـم السياسة وارتقى إلى مناصب رفيعة، مثل الأمين العام الأسبق لحزب العمل الإسرائيلي نسيم زفيلي (من أصل تونسي) ووزير الخارجية الأسبق ديفيد ليفي (المولود في المغرب) وخلفه سيلفان شالوم (المولود في تونس).
وتزامن تنامي دور هؤلاء مع وصول العلاقات الإسرائيلية مع البلدان المغاربية إلى أوجِـها بدءً من إقامة علاقات دبلوماسية مع كل من الرباط وتونس في أواسط التسعينات، وربط اتصالات بعيدا عن الأضواء الإعلامية مع ليبيا والجزائر في الفترة نفسها، وصولا إلى التطبيع الكامل الذي اتَّـخذ طابعا استعراضيا مع موريتانيا في أيام الرئيس المخلوع معاوية ولد الطايع.
ويمكن القول أن هناك علاقة مُـتشابكة بين اليهود الذين بقوا في البلدان المغاربية وأولئك الذين هاجروا إلى فلسطين في فترات مبكِّـرة، إذ تكاملت الحلقتان لدى دفع مسار التطبيع المغاربي – الإسرائيلي بشكل لافت.
ولوحظ أن هذين الدورين استمرّا بنفس التكامل، حتى بعد تجميد التطبيع بُـغية المحافظة على جُـسور غير مُعلنة على نحو ما فعل الوزير المغربي السابق سيرج بيرديغو، الذي رتَّـب زيارات مسؤولين إسرائيليين إلى المغرب، وعضو مجلس المستشارين التونسي روجي بيسموث (وهو يشغل أيضا منصبا قياديا في اتحاد الصناعيين)، الذي أرسِـل في مهمة لإسرائيل، ورئيس الجالية اليهودية الليبية في بريطانيا رفائيل لوزون (الذي كان يسكن في طبريا قبل الانتقال إلى لندن)، والذي كشف في حوار صحفي أنه هو الذي نسَّـق مع مُـواطنه رفائيل فلاح، لترتيب زيارة مجموعة من « الحجاج » الليبيين للقدس في مطلع التسعينات من القرن الماضي… للصلاة في المسجد الأقصى.
وصرّح جوزيف سيتروك، كبير أحبار فرنسا بمناسبة زيارة إلى تونس عام 2004 أن الحكومة التونسية « عملت الكثير للمساهمة في إيجاد حلٍّ للخلاف الإسرائيلي – الفلسطيني، وأن الوقت حان للخروج بموقف علني واتخاذ مبادرات جريئة (في مجال التطبيع الثنائي) »، مما كشف أهمية الدور الذي يقوم به للوساطة بين الجانبين.
أما بيسموث، فأدّى زيارة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون في مستشفى « هداسا » في القدس المحتلة، وصرّح لإحدى الفضائيات أنه أتى مُـوفدا من حكومة بلده خصِّـيصا لعيادته، ما أثار ردود فعل مستهجنة في تونس.
 
خمس هجرات كبرى
إلى جانب دور الوساطة هذا للتقريب بين إسرائيل ودولهم الأصلية، يلعب اليهود المغاربيون أدوارا سياسية وإعلامية واقتصادية وثقافية مهمّـة في المهاجر الأوروبية، وخاصة فرنسا.
والمُلاحظ أن غالبية اليهود المغاربيين اختاروا الاستقرار في نهاية المطاف في فرنسا بعدما غادروا مَـواطنهم الأصلية إلى فلسطين في موجات متوالية عبر ميناء مرسيليا تحت تأثير الدعاية الصهيونية، غير أن كثيرا منهم لم يستطيعوا التأقلم مع البيئة المختلطة هناك، فقفلوا عائدين إلى فرنسا.
وتزامنت الهجرات الكُـبرى مع إنشاء إسرائيل عام 1948 واستقلال تونس عام 1956 والجزائر في 1962 وحرب يونيو عام 1967، التي تعرّضت خلالها محلات اليهود للاعتداء في تونس وطرابلس وبنغازي، ثم حرب أكتوبر 1973 التي أبصَـرت آخر موجةَ هجرةٍ جماعيةٍ من شمال إفريقيا.
وعلى سبيل المثال، تَـراجع عدد اليهود في جزيرة جربة التونسية، التي كانت تضم أكبر تجمُّـع لليهود والمدارس التلمودية خارج العاصمة تونس، إلى أقل من ألفي شخص حاليا، بعدما كان العدد يتجاوز خمسة آلاف في الستينات، أما في الجزائر فتُعتَـبر أكبر موجة مُغادرة تلك التي أعقبت الاستقلال، إذ شعر اليهود بأن مصيرهم مُـرتبط بمصير الجالية الفرنسية التي شدّت الرحال إلى الوطن الأم.
وعزا المؤرِّخون هذا الارتباط إلى أن اليهود المغاربيون استفادوا من « مرسوم كريميو » (décret Crémieux) الصادر عام 1870، والذي مَـنحهم حق حمل الجنسية الفرنسية مع ما ترتَّـب على ذلك من امتيازات وظيفية واجتماعية لم يكن يتمتّـع بها مواطنوهم المسلمون في ظل الاحتلال الفرنسي.
وبموجب ذلك المرسوم، كان الموظف الحائز على الجنسية الفرنسية يتقاضى راتبا يزيد عن مواطنه التونسي أو المغربي أو الجزائري بنسبة الثلث. ولعل هذا ما يفسِّـر تشبُّـث أكثرية اليهود المغاربيين بجنسيتهم الفرنسية حتى بعد الاستقلالات وتفضيلهم العيش في ضواحي باريس أو مرسيليا أو « الخليج اللازوردي » على المدن المغاربية أو إسرائيل، التي لم يستطيبوا العيش فيها.
صُنّـاع قرار
من هنا، اكتسب أبناؤهم مواقع بارزة في المجتمع الفرنسي أسْـوة بجوزيف سيتروك، كبير أحبار فرنسا (وهو أيضا رئيس مجمع الأحبار الأوروبي) والخبير الاقتصادي جان بول فيتوسي، ورجل الإعلام الراحل سيرج عدة والمغني ميشال بوجناح، المنحدرين من أصول تونسية أو جزائريي الأصل أمثال مدير مجلة « نوفال أوبسارفاتور » جان دانيال، والفيلسوف جاك دريدا والأكاديمية هيلين سيكسو، والمؤرخ بنيامين ستورا، مؤلف كتاب « المنافي الثلاثة » عن تاريخ اليهود الجزائريين، الصادر هذا الشهر عن دار النشر الفرنسية « ستوك ».
وينقسم هؤلاء إلى ألوان متباعدة في موقفهم من إسرائيل. ففيما لم يتوانَ سيتروك عن حضّ اليهود على تلبية النداء الذي كان توجَّـه به إليهم أرييل شارون العام الماضي للهجرة إلى دولة إسرائيل، قائلا لوسائل الإعلام « إني أشجِّـعهم على ذلك، وأعتبره اختيارا صائبا »، عارض آخرون (وإن بَـقوا قلة قليلة) أي دعم يُقدَّم لدولة تمارس الاحتلال والاغتيالات.
وتناغمت الأصوات اليهودية المنتقدة في فرنسا مع شخصيات يهودية أخرى رفعت عقيرتها من داخل البلدان المغاربية مرارا بالانتقاد للدولة العبرية، وخاصة خلال الحرب الأخيرة على لبنان، أسوة بالرسالة القوية التي نشرها الوجه النقابي والسياسي التونسي المعروف جورج عدة (والذي وقف دائما إلى جانب منظمة التحرير الفلسطينية)، والروائي المغربي ادمون عمران المالح، الذي وقّـع مع مواطنه الناشط الحقوقي اليساري سيون أسيدون مقالا شديد اللهجة نشراه في صحيفة « لوموند » لمعارضة الحرب التي استهدفت لبنان.
وفي هذا الإطار، لوحظ أن أندري أزولاي، مستشار الملك محمد السادس دعا مؤخرا، بصفته عضوا في فريق الأمم المتحدة الذي أحدثه كوفي أنان لتقديم أفكار حول محاربة سوء الفهم بين الحضارات، إلى اعتماد رؤية سياسية لقضية التحالف بين الحضارات، واقترح أزولاي في الاجتماع الأول للفريق بنيويورك، الذي حضره أيضا الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي والمتخصص بالحضارة الإسلامية في جامعة جورج تاون جون اسبوزيتو ووزير الخارجية الفرنسي الأسبق هوبير فيدرين، ما سمَاه « قراءة جديدة وموضوعية للعناصر السياسية التي كانت وراء وقوع المآسي التي تضعف روابط الغرب بالعالم الإسلامي وتضعهما في حالة مواجهة »، مُشيرا إلى ضرورة « مساءلة الوقائع، وخاصة ما يتعلّـق منها بالملف الفلسطيني الذي يُـعتبر ملفا رئيسيا لم تستطع المجموعة الدولية إلى حدّ الآن تنفيذ القرارات التي اتخذتها بشأنه ».
نداء الوطن؟
لكن اللافت، أن كثيرا من يهود شمال إفريقيا المقيمين في أوروبا صاروا حريصين في السنوات الأخيرة على زيارة بلدانهم الأصلية، وكتب بعضهم مقالات وروايات عن اللقاء مع موطن الجذور. غير أن تلك اللقاءات ظلّـت مجرّد زيارات، ولم يخطِّـط أحد منهم للعودة النهائية إلى الموطن الأصلي.
وفي هذا الإطار، يقوم رئيس الجالية اليهودية الليبية رفائيل لوزون منذ فترة بحملة مكثفة للضغط بشتَّـى الطرق على المؤسسات التابعة للدولة الليبية (من ضِـمنها نشر مجموعة من المقالات في بعض المواقع الليبية على شبكة الانترنت) للمطالبة بالسَّـماح لليهود بالعودة إلى ليبيا و »فتح ملف جديد » في العلاقات بين الجانبين، بعد دفع تعويضات « عمّـا لحِـق بهم من أذى وطرد »، على حد تعبيره، وهو يستدل على وجاهة مَـطلبه بأن الجزائر والمغرب وتونس سمحت لليهود الذين هاجروا منها بالعودة إليها سياحا وزوارا.
وغير بعيد عن ليبيا، عاد وزير الخارجية السابق شالوم إلى بيت والديه في مدينة قابس التونسية وسط إجراءات أمنية مشدّدة واحتجاجات واسعة من النشطاء بمناسبة رئاسته الوفد الإسرائيلي إلى القمة العالمية لمجتمع المعلومات، التي استضافت تونس شوطها الثاني في أكتوبر الماضي.
وربط مراقبون بين هذه الظاهرة وتقدّم مستوى التطبيع العلني والخفي في السنوات الأخيرة، مستدلِّـين على ذلك بالزيارة المنظمة سنويا لكنيس « الغربية » في جربة منذ أواسط تسعينات القرن الماضي، والتي انطلقت في أعقاب توقيع الفلسطينيين والإسرائيليين على اتفاقات أوسلو.
ويشارك في تلك الطقوس آلاف اليهود، الذين يأتي قِـسم منهم من الدولة العبرية، ومن ضمنهم رجال دين إسرائيليون ونواب في الكنيست ووزراء سابقون ووفود إعلامية تمثل محطات إذاعية وتليفزيونية إسرائيلية.
لكن تفضيل اليهود الجزائريين والمغاربة والتونسيين الإقامة في فرنسا واليهود الليبيين السكن في إيطاليا أو بريطانيا، لا يعني أن أقساما كبيرة منهم لم تستقِـر في الدولة العبرية وتربط مصيرها بها نهائيا مع المحافظة على خصوصياتها الثقافية والاجتماعية. فالليبيون على سبيل المثال مازالوا يقيمون في تجمّـعات سكنية تمثل مناطقهم الأصلية في ليبيا، فتجد مثلاً يهود طرابلس ويهود مصراتة ويهود بنغازي ويهود زليتن مُـتجاورين في السكن.
كذلك ما زالت الأسر المغاربية في إسرائيل تُـحافظ على عاداتها في الأكل والطبخ والزواج، وهي تُصر على الارتباط بعضها بالبعض الآخر بواسطة المصاهرة. وهناك صحف ومتاحف ومراكز دراسات ولوبيات خاصة بهم، من بينها صحيفة تمثل الجالية اليهودية الليبية ومتحفان (إضافة لمركز دراسات وتوثيق عن اليهود التونسيين). كما شكّـلوا روابط خاصة بهم مثل « رابطة يهود ليبيا »، التي عقدت أول مؤتمر لها في نيويورك عام 1979، والثاني في إسرائيل عام 1982 والثالث في روما عام 1989.
دور مستقبلي؟
 
وهناك من يتنبّـأ بدور أكبر لليهود المغاربيين والمنحدرين من أصول عربية عموما، في أي تسوية مقبلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ولا يخفي كثير من هؤلاء قناعتهم بأن ذلك الدور آت لا محالة، انطلاقا مما وصفه رفائيل لورزون بـ « فشل السّـاسة العرب والإسرائيليين في تحقيق السلام وإيجاد حلول للصراع العربي الإسرائيلي ».
ويعتقد لوزون، مثل كثير من اليهود المغاربيين، أن « السلام لن يتحقَّـق إلا بإعطاء فُـرصة لليهود العرب ليقوموا بدورهم السياسي. فاليهود الأوربيون والروس سيْـطروا على السياسة (الإسرائيلية) وفشلوا في إيجاد طريقة للتواصل مع الناس في المنطقة، واليهود العرب أكثر معرفة بالمنطقة من غيرهم ».
لكن مسارات الذين ارتقوا إلى سدّة الحكم من اليهود العرب، أمثال وزير الحرب الأسبق بنيامين بن اليعازر وسيلفان شالوم وديفيد ليفي، أثبتت أنهم يختارون دوما معسكر الصقور، لا بل كانوا عتاة الصقور، فيما شكّـل الناخبون الآتون من البلاد العربية قاعدة الأحزاب المتشدّدة، وفي مقدمتها « الليكود ».
 
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 15 أكتوبر 2006)


في بعض أسباب «الإسلاموفوبيا» ومسائل الدين

محمد الحداد (*)    
 
لا يكاد يمرّ أسبوع إلاّ وتنفجر حادثة من الحوادث التي توصف بالإساءة للعرب أو الإسلام أو كليهما، ويبدو هذا الوضع مرشّحا للاستمرار فترة طويلة. ولا شكّ أنّ للعرب وللمسلمين أيضا إساءات بحقّ الآخرين لا ينتبهون إليها أو أنّهم لا يشعرون بها أصلا. ولا يوجد حوار حقيقي يمكّن من عرض وجهات النظر بدقّة وصراحة، فأغلب مبادرات الحوار تنظّم للمجاملة دون التصدّي بعمق للقضايا المطروحة. والمهمّ أن لا تصبح هذه الحوادث حجّة إضافيّة يستعملها أصحاب نظريّات صدام الحضارات ودعوات الانغلاق على الذات. ولا ننسى أن الخطاب السائد عندنا هو أيضا خطاب معاد للغرب بدرجة غير معقولة، ولو ترجم للغربيّين ما يقال عنهم في خطب السياسة والدين ودروس المعاهد والجامعات وما يتردّد من أحاديث في المقاهي والأماكن العموميّة لاحتجوا بدورهم على «الغربوفوبيا» التي بلغت من قوّتها عندنا أن أحد مثقفينا المشهورين فكّر في جعلها علما، فكتب «مقدّمة في علم الاستغراب» متيمّنا بمقدمة ابن خلدون في علم العمران، وهذا الفارق بين القدامى الذين كانوا ينتجون المعرفة والمعاصرين الذين ينتجون الترهات. فقد كان من الأجدر التفكير في دعم العلوم التي تفيدنا في التنمية ومعالجة أعراض الفقر المادي والفكري بدل ترسيخ نزعة استعداء الآخرين. لكن الحقيقة أنّنا استعدينا الآخرين فنلنا ما أردنا، إذ أصبحنا هدفا لهم جميعا. و حالة الحماية التي حظينا بها في السابق قد ارتفعت الآن، إذ يصرّ كثيرون في الغرب على ردّ الصاع بالصاع أو بالصاعين ويضغطون على الجهات الرسميّة إذا أرادت تعطيل ذلك بالحجج التي كانت مستعملة في السابق، مثل مراعاة مصالح العلاقات بين الدول. وفي الغرب رأي عام يتجرّأ على كلّ القضايا الداخليّة فمن سيمنعه عن الكلام في القضايا التي تتعلّق بالعرب والمسلمين؟
وما كان متاحا بالأمس لم يعد ممكنا اليوم لأنّ ظروفا قد تغيّرت بدون رجعة. ونذكر من هذه الظروف ثلاثة. أولاّ، كانت أوروبا في النصف الثاني من القرن الماضي مثقلة بعقدة الذنب الاستعمارية، وكان لحركات التحرّر ونجاح دعوات الاستقلال في العالم الثالث أثر كبير في الوعي الغربي الذي تراجع من دعوى تمدين الآخرين ونشر الحضارة بينهم إلى التسليم بمبدأ استقلال الشعوب وحقّها في تقرير المصير، فتحوّل الاستعلاء إلى شعور بالذنب ومحاولة للتكفير عنه. فلذلك تمّ القبول بعدم التكافؤ بين المواقف. فكان الخطاب المعادي للغرب يقابل بالتجاهل أو بالاعتذار عن الماضي، ولا يقابل في الغالب بخطاب من صنفه. وإذا تعمّقنا أدركنا أن عقدة الذنب قد خلقها الغرب لنفسه من خلال مثقّفيه ولم نكن نحن الذين رسخنا ذلك فيه. وقد تغيّر موقف بعض مثقّفيه اليوم وأصبح يشبه مواقف بعض مثقفينا ممّن يستعملون استعداء الغرب بضاعة رائجة يعوّضون بها عن قلّة بضاعتهم المعرفيّة. ثانيا، كانت أوروبا تسعى إلى تقوية الطابع العلماني لمجتمعاتها، فكانت تنظر بعين الرضا لاقتحام الإسلام الديار المسيحية وتحوّل المجتمعات الأوروبية إلى مجتمعات متعدّدة الديانات، وترى في الإسلام عنصرا من عناصر إضعاف الكنيسة دون أن يتحوّل إلى عنصر إضعاف للمجتمع وللعلمانية، ظنّا منها أن تطور عدد المسلمين سيبقى محدودا، وكذلك الدور الذي يضطلعون به في تلك المجتمعات. فليس من المبالغات القول إنّ العلمانيّين في الغرب هم الذين أكدوا عقدة الذنب بفتحهم لملفات سابقة للفترة الاستعماريّة أيضا، مثل الحروب الصليبيّة التي عرفنا تفاصيل أحداثها من خلال بحوث مؤرخين غربيّين، هم الذين كشفوا ما استعملناه لاحقا للمجادلة والإدانة. هل كنّا قادرين أن نجنّد باحثين للغوص في تاريخ الكنيسة واستخراج الوثائق التي تكشف التاريخ المعادي للإسلام؟ ثالثا، كانت الثقافة السائدة في المجتمعات الأوروبية في النصف الثاني من القرن الماضي قد أصبحت من صنع تيارات ما بعد الحداثة، وهي ثقافة تقوم على مبدأ النسبيّة وتسعى إلى إعادة الاعتبار لكلّ المهمّشين وتحمّل الطرف القويّ أي الغرب كلّ مصائب الدنيا وتوجّه سلاح النقد لذاتها قبل الآخرين بل دونهم أيضا. وقد انتهت ثقافة ما بعد الحداثة وانتشرت اليوم فلسفات جديدة قائمة على الاستعلاء بالقيم الغربيّة واعتبارها قيما كونيّا، ومع ما في الأمر من شطط أحيانا فإنّنا لا نقدر على رفض ذلك تماما لأنّنا نحتاج إلى الديمقراطيّة وحقوق الإنسان والعقلانيّة والعلم وندرك أنّنا لا نقدر عليها دون استلهام من الثقافة الغربيّة. وحتّى الذين نسمعهم يعلون الصوت بشتم الغرب نرى أصواتهم لا تبلغ الأتباع إلا باستعمال الفضائيات والانترنت وغيرهما من المخترعات الغربيّة، وإذا أصاب أحدهم صداع من كثرة الصراخ والتهريج طلب الدواء من ترسانة المخابر الغربيّة ولم يعد إلى التراث يستحضر وصفات القدامى. هذه بعض حقائق ينبغي أن تقال أيضا في موضوع «الإسلاموفوبيا» الذي يبقى مع ذلك موضوعا للإدانة لأنّه وجه من وجوه تكريس الكراهية بين البشر.
 
(*) كاتب وجامعي من تونس
 
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 15 أكتوبر 2006)


رجال دين مسلمون يجدون اخطاء في كلمة البابا عن الاسلام

 

باريس (رويترز) – إنتهز رجال دين مسلمون كبار دعوة البابا بنديكت السادس عشر لاجراء حوار صريح وبعثوا اليه برسالة مفتوحة سردوا خلالها اخطاء وردت في كملته في الاونة الاخيرة عن الاسلام التي اثارت احتجاجات في جميع انحاء العالم الاسلامي.
وقال العلماء الثمانية والثلاثون ومنهم مفتون من العالم الاسلامي ورجال دين يقيمون في بريطانيا والولايات المتحدة انهم يقبلون أسف البابا عن الضجة التي احدثتها تصريحاته وأيضا ما عبر عنه من احترام لكل المسلمين.
والرسالة التي صيغت بشكل مهذب تحدت أستاذ علم اللاهوت السابق في تخصصه ومنحته درجات ضعيفة لاساءته فهم القرآن واخفاقه في استخدام الالفاظ بشكل صحيح واستشهاده بمصادر غامضة وربما متحيزة.
وقالت مجلة اسلاميكا وهي مجلة دولية تصدر مرة كل ثلاثة شهور وتعني بشؤون المسلمين « الرسالة تمثل محاولة للحوار مع البابا على اسس دينية من اجل معالجة المفاهيم الخاطئة الواسعة النطاق عن الاسلام في العالم الغربي. » ونشرت المجلة الرسالة المفتوحة من خلال موقعها على الانترنت يوم السبت.
وقال مدير التحرير محمد خان لرويترز ان نسخة من الرسالة ستسلم الى سفير الفاتيكان يوم الاحد في عمان بالاردن حيث يوجد مكتب للمجلة هناك.
وكان البابا اقتبس خلال كلمة ألقاها في اوائل سبتمبر ايلول قولا للامبراطور البيزنطي مانويل الثاني باليولوجوس جاء فيه ان الاسلام شر وغير عقلاني وانتشر بحد السيف.
وأثارت الكلمة احتجاجات في العالم الاسلامي وتعرضت عدة كنائس لهجمات في الشرق الاوسط وقتلت راهبة ايطالية في الصومال. وقال بنديكت انه لا يتفق مع التصريحات التي اقتبسها عن الامبراطور البيزنطي.
وكان من بين رجال الدين مفتون من مصر وسلطنة عمان واوزبكستان واسطنبول وروسيا والبوسنة وكرواتيا وكوسوفو ورجل دين شيعي والامير الاردني غازي بن محمد بن طلال وأكاديميون يقيمون في الغرب.
وقالوا ان بنديكت اخطأ عندما جادل بأن احدى ايات القرآن والتي تحث على حرية الديانة كتبت عندما كان النبي محمد ضعيفا سياسيا وان « الاوامر …المتعلقة بالجهاد » كتبت عندما كان قويا.
وقالوا ان الاية نزلت عندما كان محمد يحكم في المدينة وأراد ان يمنع الذين اهتدوا الى الاسلام من اجبار اولادهم على ترك المسيحية او اليهودية واعتناق الاسلام.
وانتقدت الرسالة ايضا تفسير البابا للجهاد قائلين ان الجهاد يعني الكفاح في سبيل الله ولا يعني بالضرورة استخدام القوة.
كما دحضوا الفقرات التي قال او أشار فيها الى ان الاسلام غير عقلاني وقائم على العنف والانتشار بالقوة.
وقالوا لو كان محمد قد اراد تحويل جميع الناس عن ديانتهم بالقوة ما بقيت كنيسة او معبد يهودي في العالم الاسلامي.
وتساءلوا كيف يجادل بنديكت بالقول بأن العنف ضد الطبيعة الالهية في حين لجأ اليه المسيح لابعاد الصيارفة عن المعبد في القدس.
وقالوا كان من الافضل القول بأن القسوة والوحشية والاعتداء تتعارض مع ارادة الله واضافوا ان المفهوم الاسلامي للجهاد يدين هذه الاشياء ايضا.
واعترفت الرسالة بأن بعض المسلمين يستخدمون العنف من اجل تحقيق احلام مثالية لكنهم قالوا ان هذا يتعارض مع التعاليم الاسلامية وادانوا بوجه خاص مقتل الراهبة الايطالية في الصومال.
وانتقد رجال الدين الاسلامي البابا بنديكت ايضا لانه استند في وجهات نظره عن الاسلام على كتب لاثنين من الكتاب الكاثوليك قائلين ان على المسيحيين والمسلمين ان يأخذوا بعين الاعتبار الاراء الحقيقية لمن يتحاورون معهم وليس فقط اراء من ينتمون اليهم.
 
من توم هينيجان
 
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 14 أكتوبر 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)


 

اسماعيل فهمي في مذكراته:

السادات زار القدس ليكون بطلا عالميا فقط

 

القاهرة (رويترز) – في الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لاغتيال الرئيس المصري السابق أنور السادات تلقي مذكرات دبلوماسي مصري بارز أضواء على زيارته للقدس التي يرى أنها « حطمت » دور مصر تجاه الفلسطينيين كما تنفي أن يكون كسر الحاجز النفسي بين العرب واسرائيل من بين أهداف مبادرة السادات.
ويسجل اسماعيل فهمي الذي استقال من منصب وزير الخارجية اعتراضا على « حركة السادات المسرحية » التي فوجيء بها العالم يوم 19 نوفمبر تشرين الثاني 1977 أن رغبة السادات في أن « يصبح بطلا عالميا » أدت الى عزلة مصر عربيا وعزلة السادات داخل بلاده مشيرا الى أن غالبية المصريين استقبلوا مصرعه على أيدي متشددين اسلاميين بلا مبالاة كأنهم يتحررون من وهمه.
ويضيف في كتاب (التفاوض من أجل السلام في الشرق الاوسط) أنه لم يكن « باعثا على الدهشة أن تتم تصفية السادات في النهاية على يد مجموعة طائفية. وبينما كان معظم المصريين على غير استعداد للذهاب الى هذا الحد (الاغتيال) فان غالبيتهم كانت تشارك القتلة تحررهم من وهم السادات وليس هناك دليل أفضل من اللامبالاة الشديدة التي استقبل بها الشعب حادث مصرع السادات. كانت محاولة متعمدة لتناسي أن السادات كان موجودا من قبل. »
وكان السادات يجلس في السادس من أكتوبر تشرين الاول 1981 في منصة عرض عسكري حين اغتالته رصاصات متشددين اسلاميين وكان الى جواره نائبه حسني مبارك الذي تولى بعده الحكم.
وطرحت مكتبة دار الشروق بالقاهرة طبعة جديدة من مذكرات فهمي بمقدمتين احداهما لعمرو موسى الامين العام لجامعة الدول العربية الذي قال ان فهمي « سوف يظل علما من أعلام الدبلوماسية العربية. كان الوزير حقا » والثانية لمحمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذي يعتبر الكتاب « شهادة تاريخية ».
والكتاب الذي يقع في 405 صفحات كبيرة القطع شهادة على أربع سنوات قضاها كاتبه وزيرا للخارجية بين عامي 1973 و1977 حتى استقال قبل يومين من ذهاب السادات الى القدس وهي رحلة لا يراها « بداية محاولة تحقيق السلام في الشرق الاوسط بل على العكس من هذا لقد كانت تحركا غير رشيد في لعبة معقدة وطويلة للسلام… لم يكن غريبا أن تبدأ اسرائيل ولاول مرة بعد زيارة السادات للقدس وتحت راية السلام بالعربدة في الضفة والقطاع والقدس. وضد العراق. ثم تغزو لبنان غزوا كاملا. »
وفي رأيه أن السادات حقق لاسرائيل الحلم الصهيوني الذي بدأ بوعد وزير الخارجية البريطاني ارثر جيمس بلفور عام 1917 بانشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
ويضيف أن السادات بتوقيعه معاهدة السلام مع اسرائيل في مارس اذار 1979 « حول الحلم الصهيوني ووعد بلفور الى حقيقة » مشيرا الى أن اسرائيل نجحت عن طريق المعاهدة في تأمين جبهتها الجنوبية الملاصقة لمصر حيث أصبحت شبه جزيرة سيناء « منزوعة السلاح ».
وعلى عكس كثيرين لا ينطلق فهمي (1922 – 1997) في حكمه على السادات من الحماسة للرئيس المصري الاسبق جمال عبد الناصر بل يتهم الاخير باضعاف الجيش الذي « أصبح بحلول عام 1967 مؤسسة سياسية بدلا من أن يكون الة حرب محترفة » كما يحمل عبد الناصر مسؤولية اعاقة الملاحة في خليج العقبة حيث ردت اسرائيل بهجوم مفاجئ في الخامس من يونيو حزيران 1967 واستولت على هضبة الجولان السورية وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية العربية وشبه جزيرة سيناء المصرية التي استعادتها مصر بموجب معاهدة السلام مع اسرائيل عام 1979 وانسحبت القوات الاسرائيلية من قطاع غزة في سبتمبر أيلول 2005.
ويسجل أن السادات حينما أبلغه بفكرة الذهاب الى القدس أثناء وجودهما في رومانيا ذكره بأن أمام مصر ورقتي ضغط هما الاعتراف باسرائيل وانهاء حالة الحرب وأن مجرد الذهاب الى القدس سيصب في مصلحة اسرائيل التي ستملي شروطها في ظروف ستعزل فيها مصر عن محيطها العربي.
ويشير الى أن مناقشته مع السادات في ذلك اللقاء استغرقت ثماني ساعات وذهب بعدها الى استراحته حيث كان ينتظره مدير مكتبه أسامة الباز ومحمد البرادعي المستشار القانوني بوزارة الخارجية وبعد أن أبلغهما ما قاله السادات « انفجر أسامة الباز قائلا.. هذا جنون. لا شك أن الرجل غير متزن. لا بد من منع ذهابه الى القدس حتى لو استعملنا القوة. »
ويعمل الباز مديرا لمكتب الرئيس مبارك للشؤون السياسية منذ أكثر من 25 عاما.
وينفي فهمي أن يكون السادات صاحب نظرية في مبادرته التي جعلته نجما عالميا بل يصفه بالمراوغ عندما « ادعى » أن بعض النظريات التي « اخترعها » الإعلام الأمريكي يبرر الرحلة.
فعلى سبيل المثال أشاع الإعلام أن السادات أراد كسر الحاجز النفسي الوهمي بين إسرائيل والعرب.
ويقول فهمي إنه لم يسمع من السادات قبل الرحلة ما أطلق عليه نظرية الحاجز النفسي.
ويعلق « لو وجد من يحتاج إلى العلاج النفسي فهم العرب الذين عانوا هزيمة تلو هزيمة على أيدي الإسرائيليين فمعنويات الإسرائيليين ارتفعت مرات أما معنويات العرب فهي التي تحتاج إلى بعض الإصلاح. فلو احتاج الحاجز النفسي أن يرفع فعلى القائد الإسرائيلي أن يرفعه ليظهر حقا أنهم يريدون السلام. »
كما يروي واقعة ذات دلالة وهي أن سناء حسن زوجة السفير المصري في كندا آنذاك تحسين بشير زارت إسرائيل مع المشرف على رسالة للدكتوراه كانت تعدها حول مسألة الشرق الأوسط وجمعت مواد علمية كما حاورت سياسيين وعندما علم السادات خير زوجها بين تطليقها أو ترك العمل في الخارجية فطلقها السفير.
ويروي أن السادات لم يكفه طلاقها بل أمر بسحب الجنسية المصرية منها وحرمانها من جواز السفر وبعد شهرين كانت زيارته لإسرائيل.
ويقول إن معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل « أظهرت أن السادات قد استبعد منظمة التحرير الفلسطينية والشعب الفلسطيني من قاموسه » في حين كان الإسرائيليون يخشون طوال المفاوضات أن يطالب الجانب الأمريكي بتنفيذ البند الذي يشير إلى عدم جواز الاستيلاء على أراض أجنبية بالقوة كما نص قرار مجلس الأمن رقم 242 « واعترف (موشي) ديان بأنه لو فعلت الولايات المتحدة ذلك لكان الموقف الإسرائيلي قد أصبح ضعيفا للغاية… لم يحصل السادات على شيء من أجل الفلسطينيين مقابل الاعتراف بإسرائيل وصنع السلام معها. »
ويقول إن المعاهدة التي وقعها السادات تضر بالأمن المصري واصفا السلام الناشئ عنها بأنه هش ولا يمكن أن يدوم ما لم يحدث على المعاهدة تعديلات جذرية مشيرا إلى أن المعاهدة « وضعت بشكل يمنع مصر من ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء. السادات وقع وثيقة وضعت شروطا قاسية على مدى تحرك الجيش المصري وقواته في سيناء. »
وتكررت مطالبات أحزاب مصرية في الفترات الأخيرة بإعادة النظر في معاهدة السلام.
ويورد فهمي ما يعتبره تنازلا آخر بالغ الأهمية حصلت عليه إسرائيل وهو إدراج مادة يقول أحد بنودها « وتتعهد الأطراف بألا تدخل في أي التزامات تتعارض مع هذه المعاهدة… وبإرغام السادات على التوقيع على هذه البنود التي تعد بمثابة إنكار للتضامن العربي فإن الأسرائيليين حققوا أكثر من مجرد عزل مصر. »
ويضيف أن إسرائيل بدعوى الأمن قامت بغزو لبنان عام 1982 وتطالب بجنوب لبنان وكل مجال لبنان الجوي وأنها تحت ستار حماية أمنها لا تحترم حدود أي دولة عربية مستشهدا على ذلك بقصفها المفاعل الذري العراقي الذي دمرته في يوليو تموز 1981.
 
من سعد القرش
 
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 15 أكتوبر 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.