TUNISNEWS
8 ème année, N° 2637 du 12.08.2007
صــابر:الجزء الثاني من المقابلة مع الأستاذين القلوي وعتيق المسرّحين أخيرا سليم بوخذير: بن علي يُصدر أمرا مُفاجئا بسحب الجنسية التونسية من أرملة الرئيس الفلسطيني الراحل سهى عرفات
بوعبدالله بوعبدالله: ردا عن سؤال الأخ خالد الطراولي – الخلاص الفردي اين الخلل؟
د. محمد الهاشمي الحامدي: أولويات تونسية (1)
الاستاذ فيصل الزمنــى: بمنـاسبة عيد المرأة : المحـافظة على الشيئ أصعب من نيلــه
مرسل الكسيبي: خواطر وأفكار بعد الغياب : الوطن والأمة مازالا بألف خير
« البديـل عاجل » قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي:أهم ما جاء في الندوة الصحفية حول الاتحاد العام لطلبة تونس: »المؤتمر القادم لن يكون إلا موحّدا و بعد استكمال الانتخابات القاعديّة »
« البديـل عاجل » قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي:غلق مؤسسة فاعتصام فمواجهة مع البوليس
« البديـل عاجل » قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي:تضييقات على نقابيين
صحيفة « الوطن »:أشرعة الذاكرة
صحيفة « الوطن »:منارات: من المعرفة الاقتصاديةإلى اقتصاد المعرفة
صحيفة « الوطن »:يحدث في جرجيس: خرق فضيع للقانون وللمجال العمومي
صحيفة « الوطن »:سلطة الصورة على ثقافة الشباب العربي:قنوات فضائية عربية أصبحت أشبه بنواد ليلية
جريدة « الشعب » :لنطلق اللسان العربي من عقاله (2 )
جريدة « الشعب » :عبد العزيز بواروي يروي شهادته على العصر:الإتحـاد نشـأ مستقـلاّ وهكذا انسحبت أنا وعاشور
جريدة « الشعب » :على هامش شهادته في مؤسسة التميمي:تصويبا من الاخ عبد العزيز بوراوي وتوضيحات
وات: تعديلات جزئية في أسعار مشتقات الحبوب
وات: الترفيع في الأجر الأدنى المضمون
الصباح: حركة الديموقراطيين الاشتراكيين: هل بدأت مرحلة محاسبة المكتب السياسي والترتيب لما بعد الأمين العام؟
الصباح: في قصر العبدلية بالمرسى: «ريح الشهـوات» لمجمـوعة «أجراس» بعيدا عن السائـد والمألوف
إسلام أونلاين: مصر..الزيات يعلن تأسيس حزب إسلامي
أحمد الخميسي: التعذيب للجميع: مشروع قومي
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows (
بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الثاني من المقابلة مع الأستاذين القلوي وعتيق المسرّحين أخيرا
الأستاذ محمد القلوي خروجنا فرحة منقوصة بعد أن تركنا إخواننا وراءنا في السجن المنع والعقوبات الجماعية سياسة سائدة داخل السجون التونسية إدارة السجون تنسق مع سجناء قضايا الحق العام للتضييق على سجناء الإنتماء قضيت 17 سنة داخل سجن مضيق , وهو أرحم من إكتضاض غرف السجون بالرغم من أنها عقوبة أترقب إجراء عملية جراحية بعد خروجي من السجن إبني حُرم من جواز السفر وعُوقب بجريرة أبيه تضحياتنا الجسيمة لا ننتظر من وراءها جزاءا ولا شكورا من أحد وعلى الشعب التونسي أن يساند مطالبنا في تحقيق حرية حقيقية في البلاد الأستاذ الصحبي عتيق مستهدفون بسياسة تقوم على ثلاثة أضلاع وهي التجهيل والتشريد والتجويع نشكر كل من وقف إلى جانب قضية المساجين السياسيين بتونس زوجتى سندي في محنتي , وقد رسمت صفحات مضيئة في سجل نضال المرأة المسلمة في تونس ننتظر خروج بقية إخواننا من السجن وطي ملف السجن السياسي في البلاد السلطة تترس وراءها الكثير من أعداء الحركة الإسلامية , وهي صاحبة المبادرة في أي إنفراج للوضع في البلاد تلك بعض العناوين نعرض لها ولغيرها في الجزء الثاني من المقابلات التى أجرتها قناة الحوار التونسي في عـ66ــــددها , مع الأستاذين محمد القلوي والصحبى عتيق وبعض أفراد أسرته علــــــــى Google Video http://video.google.fr/videoplay?docid=4698589857229632326 وفي جزئين على dailymotion 1 http://www.dailymotion.com/Saber_ch/video/x2qhmd_tunisierencontre-avec-mgaloui-et-sa_news 2 http://www.dailymotion.com/saber_ch/video/x2qhqa_tunisierencontre-avec-mgaloui-et-sa_news صــابر : سويســرا
السلطات التونسية لم تُعلن أسبابه :
بن علي يُصدر أمرا مُفاجئا بسحب الجنسية التونسية من أرملة الرئيس الفلسطيني الراحل سهى عرفات
تونس – سليم بوخذير
في تطوّر مفاجئ ، أصدر الرئيس التونسي هذا الأسبوع أمرا بسحب الجنسية التونسية نهائيا من أرملة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات سهى ، بعد أن كانت حصلت عليها في خريف 2006 .
و أعلنت النشرة الرسمية للجمهورية التونسية المعروفة بإسم « الرائد الرسمي » أنّ الأمر الرئاسي حمل عدد 1976 و صدر في أغسطس الجاري ، فيما لم تُورد وسائل الإعلام التونسية النبأ .
و جاء في نصّ الأمر الرئاسي ما يلي : » تُسحب الجنسيّة التونسية من السيدة سهى بنت داوود بن جبران الطويل المولودة بالقدس في 17 جويلية – يوليو 1963 المتحصّلة عليها بالتجنّس » .
و كانت حكومة الرئيس بن علي قد منحت الجنسية التونسية إلى السيدة سهى عرفات في سبتمبر – أيلول 2006 .
و لم تُورد الحكومة التونسية أي توضيحات لأسباب أمر الرئيس بسحب الجنسيّة من سهى عرفات هكذا بشكل مفاجئ ولا الهدف من ذلك ، لكن مصادر قانونية قالت إنّ سحب الجنسيّة ينجرّ عنه فقدان أرملة الرئيس الفلسطيني لعديد حقوقها المادية و المعنوية في تونس كمواطنة تونسية .
و عُرفت سهى الطويل عرفات بإقامتها و إبنتها زهوة في تونس منذ رحيل زوجها في 2004 و بصداقتها بحرم الرئيس التونسي ليلى الطرابلسي .
و في 18 أوت – أغسطس 2006 ، كانت أرملة الرئيس الفلسطيني نفت نبأ زواجها من صهر الرئيس التونسي زين العابدين بن علي شقيق حرمه ليلى بن علي .
و قالت في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية وقتها « إن ما نشر من إشاعات عن زواجي من بلحسن الطرابلسي غير صحيح على الإطلاق « .
و مؤخّرا عاد إسم سهى عرفات للتداول الإعلامي في تونس عندما وجّه لها صاحب معهد ثانوي الإتهام بأنّها السبب مع شريكة لها من أصهار الرئيس التونسي في إغلاق السلطات التونسية لمعهده بعد إنشائهما لمعهد خاص منافس له في تونس .
و إتّهم محمد بوعبدلي صاحب معهد « باستور » الثانوي الخاص بتونس وزارة التربية التونسية ب »المحاباة » عندما أصدرت قرار بسحب الترخيص من معهده دون تقديم سبب وجيه .
و قال « إن وزارة التربية التونسية أقدمت على قرار إغلاق معهده مُحاباة منها لسهى عرفات و أسماء محجوب قريبة حرم الرئيس بعد بعثهما لمعهد « قرطاج » المنافس لي » .
على أنّ مصادر إعلامية نقلت بعد ذلك معلومات عن مغادرة عرفات تونس و إنتقالها للعيش في مالطا منذ أسابيع .
و أورد الإعلامي التونسي توفيق العياشي أنّه قد يكون وراء قرارها الرحيل إلى مالطا « خلاف حاد نشب بينها و بين بعض شركائها في مشاريع لها في تونس » .
لكن لا سهى عرفات و لا الحكومة التونسية علّقت على هذه الأنباء.
ملاحظة:
هذا التقرير الإخباري للسيد سليم بوخذير أفردنا به في « تونس نيوز » حيث يُنشر على أعمدتنا بالتوازي مع وسائل إعلام عربية .
ردا عن سؤال الأخ خالد الطراولي
الخلاص الفردي اين الخلل؟
تفاعلا مع ما يكتبه الأخ خالد الطراولي حول الخلاص الفردي وقبل ان يسترسل في كتابته اردت ان اشاركه الحديث لكن من زاوية اخرى
ان الحالة العامة التي تعيشها المعارضة التونسية اسلامية وغير اسلامية من ضعف الأنصار و عدم قدرة على المزاحمة لفرض الراي المخالف وغياب الرؤية الواضحة او الإستراتيجية جعل السلطة تنفرد فتكون هي الأولى ولا احد في المرتبة الثانية , فالكل ينتظر ما تجود به السلطة عليهم. فنحن في بلد السلطة فيه قوية والمعارضة بما فيها الإسلامية ضعيفة كلهم في حال انتظار. والإسلاميون وغيرهم بين خيارين لا ثالث لهما اما انتظار القدر المجهول او التفاعل مع ما تجود به السلطة عليهم
وفي هذا الوضع العام ارتات السلطة التونسية ان تعالج ملف الإسلاميين ابناء النهضة بعيد ا عن كل الضغوطات لأن السلطة ترى ان الإستجابة لي امر تحت الضغط هو مؤشر ضعف قد يجعل المعارض يتمادى في ضغطه فما بالك والحال خال من اي ضغط خارجي او داخلي .
فنحن في ظل سلطة منفردة بالقوة والسيادة لكنها تريد ان تحدث شيئا من التغيير بالأسلوب الذي تراه هي صالح لهذه المرحلة لذلك هي في معالجتها لملف النهضة اختارت اسلوب الخطوة خطوة او القطرة قطرة فلا احد يقول انه هناك تصعيد من طرف السلطة بل هناك سير نحو حلحلة القضية بنفس طويل /20 سنة وقد تزيد/ لأنه لم يقدر احد على تقليص هذه المدة او التغيير من اسلوب السلطة الذي اعتمدته . وقد اختارت السلطة اساليب عديدة لمعالجة هذه القضية رافضة اي حل جماعي لها اي ان السلطة ترفض وهي غير مستعدة لما تطالب به المعارضة / الغير فاعلة/ من عفو تشريعي عام . ويحلم او يتوهم من يظن ان مثل هذا الطلب قد يحصل في تونس . وانا ارى ان اصحاب هذا المطلب يعيشون في عالم اخر قد يكون عالم الخرافات والأوهام.
والذي يؤلمني ان المعارضة الإسلامية هي ايضا فيها من لا يزال متمسكا بالحل العام من خلال المطالبة بالعفو التشريعي العام ومحاكمة رموز السلطة والمطالبة برد الإعتبار وغيرها من المطالب التي تشترك فيها مع احزاب المعارضة التي لم تتعرض لما تعرض له الإسلاميون من استئصال
ومن الإسلاميين من يرى ان القبول باسلوب السلطة في معالجة القضية امر واقعي لا بديل عنه في الحالة التي نحن عليها اليوم . ولا يمانعون في قبول اي شكل من لأشكال التي تقدمها السلطة لحل القضية ولا يرون عيبا فيما يسمى » الحل الفردي « [ خروج من السجن او الحصول على جواز سفر او عودة للشغل او عودة للوطن ] باعتباره في النهاية لا يستثني احدا . خصوصا وان ملف المساجين على وشك ان يغلق نهائيا. وبه تكون قضية المطالبة باطلاق سراح المساجين قد انتهت بصدور العفو تلو العفو عن المساجين طيلة ما يقارب 15 سنة. وبقيت ملفات اخرى منها ملف المغتربين حيث اختارت السلطة معالجته تحت اسم » تسوية الوضعيات »- او ما يحلو لإخواننا تسميته بالخلاص الفردي – لإنهاء هذا الملف .
والعودة ليست امرا ملحا على الجماعة كما هو امر المساجين فليست هناك دوافع عامة اي جماعية للعودة . فدوافع العودة عموما ليست الزامية وهي في نظري دوافع فردية وليست جماعية – ان كانت هناك دوافع جماعية فالرجاء ممن يعارض رايي ذكرها- وان وجدت الدوافع الجماعية فاظن أن من بالداخل اقدر منا على انجازها خصوصا بعد ان اثبتنا نحن فشلنا عن جدارة في المهجر . والعودة ستكون موسمية لا تتجاوز 40 يوما في اقصى الحالات – وقد اعد العدد الكبير من اخواننا في المهجر بيوتا لهذا الغرض فهناك من هو منذ زمان وهو يبني ويشيد المشاريع التي بلغت قيمتها الملاييييييين/ اللهم لا حسد/ مادام اصحاب هذه المشاريع ينفقون الملايين في اعانة اخوانهم ايضا.
اذا العودة دوافعها ذاتية ومكاسبها ذاتية فلماذا نعطيها الصبغة الجماعية .
ولماذا نعترض عن الحل الفرد او تسوية الوضعيات.
الدوافع المباشرة للحل الذاتي او الفردي او تسوية الوضعيات
من وجهة نظري كل حل في غياب العفو التشريعي العام هو حل ذاتي و فردي قابل للإنتشار ليشمل الجميع فيصبح حلا عاما للقضية وعلينا القبول به , ومن لا يستطيع فتح ثقب في الحائط لا يحدث الناس عن فتح باب
1/ اول الدوافع ان هذا الحل مفروض من طرف القوي – السلطة – على الضعيف – المعارضة – وهو الحل الوحيد المطروح على الساحة وغيره مجرد اوهام فانا اختار الحقيقة الواقعية على ان انتظر وهما غيبيا. وانا ارى ان هذا حل لمن يعنيهم الأمر لا يوجد اي مبرر لرفضه ولا ارى فيه ما يمس من مبادئي الشرعية . واللبيب من يرى امامه ويعتبر من الماضي ومن كان جادا في انهاء الأزمة عليه بقبول اي حل ليس فيه مس بعقيدته ودينه والسياسة كلها تنازلات , وعندما يستقيم العود وينضج ثمر التصالح والتسامح فندرك اننا تنازلنا فجنينا مصلحة نبتغي بها وجه الله مصلحة للجميع لا تستثني احدا – والحقيقة نحن ليس لدينا ما نتنازل عنه فلم نعد نملك شيئا , فنحن حفاة عراة الا من لباس التقوى الذي نسال الله ان يديمه علينا
2/ انعدام الحل الجماعي بسسب عدم السعي فيه من خلال توفير مستلزماته التي من اهمها الوضوح في ممارسة الخيار فعندما تعجز الجماعة التي تمثل فرض الكفاية في عملية الإنقاذ ياتي دور الفرد وهو فرض العين.
3/ الحل الفردي هو حل جماعي وان كانت تسميته » فردي » فعندما يتكاثر فرد + فرد + فرد + فرد….. = جماعة فيصبح هو الحل الجماعي والجماعي عندما يتقلص يصبح هو فردي جماعة ينقص منها واحد ثم واحد ثم واحد ثم واحد ….ماذا بقي ؟
4/ انفراد السلطة طيلة 20 سنة بمعالجة ملف المساجين بمفردها قطرة قطرة اي حسب إرادتها من دون اي ضغط او تدخل من الخارج او من ا لمعارضة , فالخروج من السجن هو حل فردي ليس جماعي فرضته السلطة فرضا فما سمعنا ان احدا من اخواننا المساجين رفض الخروج من السجن الا في اطار حل شامل, ما سمعنا ولن نسمع لأنه مخالف للواقع
5/ مارسنا الحل الفردي عند الخروج من البلاد فرارا فلماذا نرفضه في العودة اختيارا لا اضطرارا ؟؟؟؟؟؟؟؟ ما علمت ان احدا منا استاذن عند خروجه من البلاد اي طلب الإذن او انتظر الفرارا في قافلة جماعية بامر جماعي فكل واحد منا فرديا اختار الخروج او الفرار هناك شخص واحد لعلمي / الأخ وليد / اذن له رئيس للحركة / الشيخ اللوز / بالخروج من البلاد كي ياتيه بالبيعة والسمع والطاعة من الفارين لإيقاف النزيف . فقرار الخروج كان فرديا . اذا الحل الفردي ليس بمستحدث او مبتدع عندنا . قد يقول لي البعض الخروج ليس كالعودة اجيبه على السريع قائلا هذا بالنسبة لمن صدرت في حقهم عقوبات بالسجن .اذا الخروج لم يكن بقرار وانما هو اجتهاد او اختيار فردي , والسلطة هي التي دفعتنا اليه لا الحركة .
عوامل اخرى مؤثرة في حالتنا
انا لا ارى اي مانع من معالجة اوضاعنا علنيا بشرط الإلتزام بالضوابط الشرعية والتقيد بها بان نكون صادقين فيما ننقل وان نتحلى بالنزاهة والموضوعية
ان ما مرت به الحركة ليس بالأمر الهين فمن هم بالسجن لا لوم عليهم وانما اللوم على من هو خارج السجن وتوفرت له كل شروط النجاح لكنه لم يسلك سبلها رافضا كل اصوات الإصلاح شعاره » هكه خير من بلاش » فهذا يلام وينتقد سرا وجهرا.
ومن يخلط بين مفهوم الإبتلاء والخطا علينا ان نصوبه فمن اخواننا من يعتبر الخطا في الممارسة هو ابتلاء وقدر[هك خير من بلاش] , فبدل ان يعتقد انه خطا ويبادر للإصلاح مستمعا لأصوات المصلحين يصبح الخطا في منظورصاحبه ابتلاء فيتقاعس عن اصلاحه لأنه قدر. فيصبح من الواجب علينا ايقاف هذا التيار حتى لا يتمادى فيما هو عليه وليعلم ان للإصلاح فرص ان فاتت لا تعود .
نحن اليوم في واقع يفرض علينا تغيير المواقف وتبديلها حسب الظروف والمستجدات بحكمة ومرونة مرتبطة بالضوابط الشرعية اي بشرع الله تعالى ارتباطا وثيقا لا نحيد عنه وكلنا ثقة في الله تعالى فلا يكلف الله نفسا الا وسعها .
واقعنا كاسلاميين يحتاج الى هزة بل الى انقلاب – بدات تظهر بوادره – يهز الكيان ليرجع اليه رشده , نعترف ان جسمنا هو خليط من الأجسام وهذا الخليط قد يستوعبه المجتمع لكن لا يمكن باي حال من الأحوال ان تستوعبه جماعة المفروض ان تكون على ايقاع واحد .
فالإختلاف بيننا عميق واحيانا متناقض, والإختلاف في الراي وفي السياسة ليس بعيب ولا يمكن الغاؤه لكن الإختلاف يجب الا يتحول الى عداوة وكراهية. ونقر ان وضع المهجر مزري ضاعت فيه المودة التي كانت قائمةبيننا وظهرت الأحقاد وهذا مرض وسوء خلق وبعد عن الشرع منا . والإختلاف في الأصل تتم معالجته عبر المؤسسات التي تقاضي وتعطي كل ذي حق حقه لكن في غياب هذه المؤسسات والتشتت يصبح الحل الجماعي ضربا من الخيال والوهم وتنافر الأنفس يزيده وبعدا وغيابا . يصبح المرء ملك نفسه ينجو بها ويسلك بها الطريق الذي لا يتناقض مع شرع الله تعالى.
فالعودة ليست مدخلا للنضال فإخواننا في الداخل هم معنيون بهذه المسالة فمن يرد النضال عليه ان يستقر في المكان الذي يريد ان يحدث فيه الإصلاح. اما من كان في قرارة نفسه عدم افستقرار فلا يدعي ما لا يقدر على فعله
فانا مع احترامي للجميع لا اصدق ان احدا مقيما في الخارج قادر على تغير الواقع الداخلي خصوصا بعد ان ابتعد عنه قرابة 20 سنة . فتونس 1990 ليست تونس 2007 الواقع تغير وعلينا ان نتغير فلننظر الى اعمارنا بل لعمر اصغر واحد فينا فستجده على عتبات الأربعين واشتعل راسه شيبا.
اعود واكرر ان العودة ليست ملزمة لمن ليست له دوافع ذاتية للعودة لأن العودة مسالة ذاتية . فلا تجعلوامن مسالة العودة قضية واتركوها مسالة عادية فهناك مسائل اكثر اهمية من العودة يجب ان تشغلكم .فبقاء الفرد في المهجر هو عون لإخوانه عونا ماديا وحقوقيا واعلاميا, فمن لأسر الشهداء ان عدتم ؟ ومن للفقراء ان عدتم ؟ فمن هو مناضل عليه ان لا يعطي للعودة اي اهمية ولا يجعلها في سلم اولياته او يجعلها تشغل باله او تصرف نظره عما انذر نفسه للنضال من اجله بل يجب الا يجعلها مطلبا من مطالبه .
ومن يجعل من العودة قضية تاتي مباشرة بعد ملف المساجين فارجو من هؤلاء ان يبنوا لي غايتهم الحقيقية من وراء التي تجعل من العودة في سلم اولياتهم او مطلبا ملحا او ماهي القضية الهامة في البلاد التي لا تستلزم العودة.
والله الموفق
بوعبدالله بوعبدالله
بسم الله الرحمن الرحيم
أولويات تونسية (1)
د. محمد الهاشمي الحامدي
* * *
يبدو لي أن التشغيل هو الأولوية الكبرى لتونس في هذه المرحلة. ولمعالجة هذه المشكلة، أقترح إقامة صندوق وطني للتضامن مع العاطلين عن العمل، تتكون ميزانيته من ضريبة طوعية تصاعدية يدفعها كل موظف أو عامل يحصل على مرتب أو مدخول شهري قدره 500 دينار أو أكثر..
* * *
ما هي الأولويات الأكثر أهمية وإلحاحا للقطاع الأوسع من التونسيين في صيف هذا العام 2007 ميلادي 1428 للهجرة النبوية، وقبيل أسابيع قليلة من العودة الدراسية والموسم السياسي الجديد؟
سؤال طرحته على نفسي، ورغبت في الكتابة عنه، لأطرحه على إخوتي وبني وطني من الكتاب التونسيين، قصد تعميق النقاش حوله وتبادل الأفكار ووجهات النظر في كل ما من شأنه خدمة تونس الجميلة وشعبها المبدع النبيل.
* * *
التشغيل في مقدمة الأولويات
* * *
يبدو لي أن التشغيل هو الأولوية الكبرى لتونس في هذه المرحلة. اقتصادنا يحقق الكثير من الإنجازات في ظروف صعبة، ووسط منافسة إقليمية ودولية قوية، ويوفر بذلك الكثير من مواطن الشغل. لكن ذلك ليس كافيا لإدماج عدد كبير من شبابنا العاطل عن العمل في دورة الشغل، وكثير من هؤلاء الشبان من أصحاب الشهادات الجامعية.
كل ما يكتبه العاطلون عن العمل عن معاناتهم صحيح، ومن واجب التونسيين من ذوي الوظائف والأعمال والمشاريع الخاصة ألا يتجاهلوا هذه المعاناة كأنها لا تعنيهم في شيء، وكأنها مسؤولية الحكومة لوحدها.
ومن مصلحة الحكومة ألاّ تحتكر التعامل مع هذه الأزمة التي تهم الوطن وأهله كافة. وعدم الإحتكار يعني واقعيا طلب الآراء والأفكار والمقترحات من الإتحاد العام التونسي للشغل، ومن الأحزاب السياسية، ومن منظمات المجتمع المدني، ومن الكفاءات الوطنية وأهل الدراية والتخصص، ومن الجاليات التونسية في الخارج.
* * *
اقتراح بإنشاء الصندوق الوطني
للتضامن مع العاطلين عن العمل
* * *
بصفتي مواطنا تونسيا، فكرت كثيرا في هذا الموضوع، وأقدم اليوم الإقتراحين الذين توصلت إليهما، متطلعا إلى إثراء النقاش حولهما مع إخوتي وأصدقائي من كتاب المنابر الإعلامية التونسية.
1 ـ الإقتراح الأول هو إقامة صندوق وطني للتضامن مع العاطلين عن العمل، تتكون ميزانيته من ضريبة طوعية تصاعدية يدفعها كل موظف أو عامل يحصل على مرتب أو مدخول شهري قدره 500 دينار أو أكثر.
ـ وتكون قيمة هذه الضريبة عشرة دينارات شهريا، لكل الذين يصل يتراوح دخلهم الشهري من 500 إلى ألف دينار شهريا.
ـ وترتفع قيمة هذه الضريبة إلى عشرين دينارا لكل الذين يتراوح دخلهم الشهري من 1000 إلى 1500 دينارا.
ـ ثم ترتفع إلى ثلاثين دينارا لكل الذين يتراوح دخلهم الشهري من 1500 إلى 2000 دينار.
ـ أما الذين يتجاوز دخلهم الشهري ألفي دينار فيدفعون ضريبة شهرية قدرها خمسون دينارا.
ـ وبالإضافة إلى ذلك، يحصل الصندوق على دخل من حملات تبرع طوعية تنظمها وسائل الإعلام التونسية، ومن تظاهرات ثقافية وطنية تنظم في المدن التونسية أو في المدن الأجنبية التي تقيم فيه جاليات تونسية كثيفة، ويكون عائد هذه التظاهرات للصنوق الوطني للتضامن مع العاطلين عن العمل.
* * *
المغزى الأساسي للصندوق
* * *
المغزى الأساسي لهذا الصندوق في نظري، هو أن كل المتبرعين له، يقولون للعاطلين عن العمل: إننا متضامنون معكم تضامنا كاملا ولن نتخلى عنكم، وسنتقاسم اللقمة معكم، ونتبرع لتلبية احتياجاتكم الأساسية.
كما أننا لا نفعل ذلك من باب الشفقة والصدقة، وإنما من باب الواجب الوطني والشرعي، وأيضا خدمة لمصالحنا الشخصية. ذلك أن أي واحد منا يفقد عمله لأي سبب من الأسباب سيلجأ لهذا الصندوق ويستعين به.
* * *
واجبات الصندوق
* * *
يقوم الصندوق الوطني للتضامن مع العاطلين عن العمل بثلاث وظائف أساسية:
1 ـ يسجل ويدون أسماء العاطلين عن العمل، ويعلن للرأي العام بصفة شهرية أعدادهم، وحركة الزيادة أو النقصان في عدد العاطلين عن العمل.
2 ـ يمنح مساعدة شهرية لكل عاطل عن العمل تساعده في تأمين حاجياته الأساسية من غذاء ولباس وسكن، وتكون قيمة هذه المساعدة 150 دينارا شهريا.
3 ـ ينسق مع كل الهيئات الحكومية المختصة بالتشغيل، ومع القطاع الخاص، ومع وسائل الإعلام الوطنية، لتسهيل تشغيل العاطلين عن العمل، وتحويلهم من مستحقين لمساعدات الصندوق إلى عاملين منتجين منخرطين في الدورة الإقتصادية.
* * *
مجلس أمناء وطني للصندوق
* * *
من أجل ضمان حماسة التونسيين لهذا المشروع، أقترح تكوين مجلس أمناء للصندوق يشرف عليه إشرافا عاما، ويراقب الإدارة التنفيذية المكلفة بالقيام عليه، حتى لا يقول قائل إن الضريبة الجديدة الخاصة به تم توظيفها لمشاريع أخرى من مشاريع الدولة، أو ضاعت في النفقات الإدارية للعاملين في الصندوق.
ويتكون مجلس الأمناء من ممثلين لوزارة الشؤون الإجتماعية والهيئات الحكومية الخاصة بالتشغيل، والإتحاد العام التونسي للشغل، واتحاد الصناعة والتجارة، وعمادة المحامين، وجمعية المحامين الشبان، وجمعية الصحافيين التونسيين، ومن ثلاث شخصيات وطنية مستقلة يختارها رئيس الجمهورية.
ويكون العمل في مجلس الأمناء تطوعيا ومن دون مقابل مادي.
يراقب المجلس الإدارة التنفيذية للصندوق، التي تعينها الحكومة، ويتولى نشر تقرير أدبي ومالي كل عام عن سير أعمال الصندوق.
فإذا نجح الصندوق في الحفاظ على المال العام المتوفر لديه، وإنفاقه في وجوهه الصحيحة، عاد الثناء للإدارة التنفيذية ومجلس الأمناء. وإذا سرقت أموال الصندوق، وضاعت وتبددت، عاد اللوم كله والحساب على الإدارة العام وأعضاء مجلس الأمناء.
* * *
الإقتراح الثاني
* * *
المقترح الثاني الذي أساهم به لإثراء النقاش حول سبل مكافحة البطالة في تونس، هو تكوين آلية دائمة للتنسيق بين الهيئات الحكومية المختصة بالتشغيل، وبين المواطنين التونسيين في الخارج، قصد حث هؤلاء على توظيف أهليهم ومواطنيهم في الداخل في مشاريع صغيرة ومتوسطة.
ومثل هذه الآلية تحتاج للوضوح والشفافية، وأن يكون لها بنك مشاريع مجدية للمواطنين في الخارج الإستثمار فيها، وعلاقة طيبة بوسائل الإعلام للترويج لهذا المشروع.
هذا ما عندي في ما يخص أولوية التشغيل، والله تعالى أعلم.
بمنـاسبة عيد المرأة :
المحـافظة على الشيئ أصعب من نيلــه
الاستاذ فيصل الزمنــى :
نــص المقــــــــــــــــــــــــال
تحتفل المراة التونسية بعيدهـا السنوى بمناسبة ذكرى اصدار القانون المنظم للاحوال الشخصية ببلادنـا .و يتنزل الاحتفـال لهـذا العـام فى ظــــرف تنـامى فيه عـالميا الشعــــور لـدى المسلمين بوقوع استهدافهم و قيام البعض بالترويج لمرحلة الدخول فى المواجهة بين الاديـان ,بمـا جعل العديد من المسلميـن العـالم يعودون الـى الدين فى محـاولة للاحتمـاء و التمترس به من أجل صد المواجهة التى بروا فيهـا أنهـا تستهدفهم .
ان هـذه النظرة للعلاقات بين الاديـان و اعلان الحروب باسم الدين و نذكر على سبيل المثـال لا الحصر الحرب فى أفغانستـان و العــــراق و أخيرا بلبنـان ( يراجع شعـارات حزب الله فى لبنـان العام الماضى و التصريحات الرسمية الامركية الاولى التى تلت اعتداءات 11 سبتمبر بنيو يورك ) كل ذلك يجعل من المسلمين بالضرورة يحتمون بالدين و يعودون له, و ليس بالخـافى أن يتأثر الخطـاب السياسي بالخطـاب الدينى بحيث أن أكثر النظم تقدمية فى البلاد الاسلامية لم يعد بامكـانهـا تغييب الدين عن الخطاب السيـاسي .بل أن الخطـاب الدينى قد صـار أسـاس الخطـاب السياسي … سواءا بشكل صريح أو ضمني … و هو مـا جعل من النصوص القرأنية حـاضرة بشكل معلن أو ضمنى لـدى اتخـاذ القرار السياسي أو استصدار النصوص المنظمة للحياة عمومـا بالبلاد الاسلامية و بخـاصة بالبلاد العربية . بل و أكثر من ذلك فان النظم الحـاكمة بالبلاد الاسلامية و العربية صـارت كثيـــرا مـا ترمــــى بالزندقـــــة و المعـادات للدين كلمـا انتهجت نهجـا تقدميـا .
كمـا أنه فى المقـابل فان التوجهـات الدينية مـا فتأت تتعمق داخل المجتمعات الاسلامية اذ أنهـا تعتبر نفسهـا المسؤولة تـاريخيـا عن حماية الدين و الدفـاع عن الاسـلام .
اننـا لا يمكن أن ننسى أو نتنـاسى أن مجلة الاحوال الشخصية بتونس كـانت و لا تزال محل جدل بين القوى التقدمية و القوى السلفية و ليس أدل عن ذلك من الجدل القـانونى الذى يختزل جدلا دينيـا و مدى تبنى الدولة للدين و الذى قـام فى أواخر الستينات بمنـاسبة صدور قرار مشهور عن محكمة التعقيب التونسية و الذى مكن التونسية التى تزوجت من غير المسلم من ميراث أهلهـا المسلمين . و قد تسلط الاجتهـاد عندهـا على مفهوم كلمة » الموانع الشرعية » التى جـاءت فى مجلة الاحوال الشخصية .هل تعنى الموانع الشرعية الموانع المنافية للشريعة الاسلامية أي الدينية أم القـانونية نسبة للقـانون الوضعى و نذكر أن محكمة التعقيب التونسية وقتهـا قد أعلنت أن كلمة » موانع شرعية » انمـا المقصود بهـا القـانون الوضعى المستقل عن الشريعة الاسلامية و أن القضـاءلا يتبنى الشريعة الاسلامية الا فيمـا تبناه منهـا النص القـانونى .
كمـا أن الرئيس التونسي السـابق و فى دفـاعه عن مجلة الاحوال الشخصية كـان دومـا يعلن أن هـذه المجلة انمـا هي نتيجة اجتهـاد فى النص الدينى بوسـائل معتمدة فقهـا و شرعـا و من ذلك منع تعدد الزوجات بنـاء على المنع القرأانى المؤسس على استحـالة العدل بين الزوجات و ان حرص الزوج على ذلـك .
ان الثورة الاجتمـاعية التى وردت مع اصدار مجلة الاحوال الشخصية بالبلاد التونسية لم تكن لتنجح لو لا توفر ارادة فكرية و سيـاسية سـاهمت فى اعداد البلاد لقبول التوجه الاجتماعى التقدمى فى تلك الفترة .. و بالرجوع الـى مـا قبل سن مجلة الاحوال الشخصيبة .. فانه يتضح للمطلع على الحركـــات الفكرية و الاصلاحية بالبلاد أن رواد النهضة ببلادنـا قد نـادوا بحرية المرأة … و بدون الاقتصـار على الطـاهر الحداد , فان غيره من الرواد قد نـادوا بذلك فمحمود بيرم التونسي عندمـا عير فى كتاباته عن اعجابه بالمرأة الغربية .. قد استبطن الدعوة الـى تحرير المرأة العربية …لتكون قريبة من تلك الغربية التى فتن بهـا .. كمـا أن توجه الكـاتب التونسي علي الدوعـاجى بالنقد للمرأة التونسية انمـا يستبطن كذلك رغبة للنهوض بهـا و الخروج بهـا ممـا هي فيه و كتاب تونس الشهيدة للشيخ الثعالبي قد تعرض فيه لتضحيات المرأة التونسية و مـا تقوم به من نضالات … .غير أن التكريس الواقعى لفكرة تحرير المرأة كـان يحتـاج الى موقع فى سلطة القرار و الارادة السياسية و هو مـا جعل الرئيـــس بورقيبة يتزعم حركة تحرير المرأة بتونس و الدخول فى مرحلة استصدار النصوص اللازمة لذلك … متأثرا بقنـاعـاته و بتكوينه التعليمى و الثقافي الغربي … و هو الذى كـان تزوج امرأة فرنسية فى أول حياته … كتأثره بمعـاناة أمه كامرأة تونسيـة عـانت من القمع الرجـالي حسب تأكيداته المتعاقبة …
لكل ذلك فقد جـاءت حركة الثورة الاجتمـاعية فى تونس الجديدة متأثرة بالمـاضى الفكرى لرواد النهضة بداية من العشرينات من القرن المـاضى مرورا بشعـارات الحركة الوطنية الـى التكريس الفعلي للمكـاسب فى عهد الاستقلال .
ان اعلان القوانين و النصوص لا يكفى عـادة لتغيير الواقع … خـاصة اذا تضـاربت ارادة التغيير بهـذا الواقع مع مخلفـات الاستعمـار … و المفاهيم الدينية المحلية … و الارادات الرجعيـة المحـافظـة . ان النخبة المثقفة التونسية التى درست بأوربا فى أوائل الاستقلال و خـاصة منهـا تلك التى عـاشت ثورة اليســــار بأوربا و تحرك الشباب ضد جملة من القيم السـائدة فى المجتمعـات الغربية و من التونسيين من سـاهم فى الاحداث التى سميت بأحداث » مـاي 68 » و الحي اللاتينى ببـاريس… كل هؤلاء عـادوا الـى تونس يحدوهم أمل الدفع الـى الامـام و منهم من اختـار المعـارضة و العمل و النشـاط خـارج الاطر القـانونية و من ذلك حركة » أفـاق » و » العـامل التونسي » و غيرهم … و منهم من انصهر داخل الحزب الحـاكم باعتبـاره » حزب الامة » كمـا كـان يسميه الرئيس بورقيبة و اختـاروا الدفـاع عن التقدمية و عن المرأة من منـابر » حزب الدستور » …. أمـا الذين اختـاروا المواجهة مع » حزب الدستور » فقد روجوا لقيم أكثر تقدمية و دعوا الـى بعض من الحريات … منهـا مـا تصـادم حتى مع المجتمع التونسي .. أكثر من صدامه بالسلطة فى ذلك الوقت .
الا أن هؤلاء القـادمون من الغرب … سواء كـانوا داخل السلطة أو خـارجهـا .. قد سـاهموا عبر أطروحـاتهم الفكرية و السياسية … و ممـارساتهم الاجتمـاعية فى الدفـــــاع عن جملة من القيم التقدمية و منهـا الدعوة الـى تحرير المرأة و دعم مسـاواتهـا بالرجل .
لقد كـان هؤلاء حسب اعتقـادنـا الشمعة الوضـاءة التى خطت طريق الدفـاع عن المرأة و منع السير الى الوراء.. و منهم من انتصب للتدريس بالجـامعات و كون أجيـال علمهـا أن حق المرأة فى الحياة الكريمة انمـا هو حق مقدس … و منهم من اشتغــــل بالادارة و كرس مبدأ المساوات بين الرجل و المرأة و فتح المجـال أمـام المرأة من أجل الكد و العطـاء و فرض ذاتهـا .
و لذلك فاننـا و اذ نهنئ المرأة التونسية فى عيدهـا … فلا بد لنـا من الوقوف اجلالا لرواد الاصلاح الاجتمـاعى الذين سبقوا الاستقلال كالارادة السياسية التى جسدهـا الرئيس بورقيبـة و منـاضلو اليســــار و التقدمية عمومـا الذين نشطوا فى البلاد خـاصة من الاستقلال الـى نهـاية السبعينات … و هي فترة حرجة اذ أن المكـاسب عندهـا مـا زالت لينة و مهددة بالالتفـاف عليهـا و الرجوع فيهـا .
تعتبر جملة المكـاسب التى تحصلت عليهـا المـــرأة و منهـا الطـــــــلاق القضـائي و منع تعدد الزوجات و الزواج العرفي و حمـاية المرأة لـدى تعرضهـا لجرائم الاغتصـاب و تحويل الوجهة و تشريع الشغل المتعلق بالمرأة و تكريس حقهـا المدنى فى الانتخـاب .. الخ .. الخ .. محل اكبـار و تقدير من النظـام التونسي فى فترة مـا بعد 07 نوفمبر 1987 بل أن السلطة واصلت المشروع محـاولة اكمـال المنقوص من أجل دعم البنـاء الاجتمـاعى و احلال مفهوم حمـاية الاسرة و العنـاية بالطفولة محل تحرير المرأة باعتبار أن فترة تحرير المرأة انمـا هي فترة قد مرت و صـارت من التحصيل الحـاصل و أن الاوان للحديث عن تكريس و حمـاية هـذا التحرير ...
و من ذلك فقد سنت مجلة حمـاية الطفل و نقح تشريع الشغل و كذلك بعض نصوص مجلة الاحوال الشخصية نفسهـا بمـا يتجه و مزيد دعم التوازن الاسري اعتبـارا و أن تحرير المرأة ليس غـاية فى حد ذاته بل أن ذلك يندرج داخل منظومة متكـاملة الغـاية منهـا توفير المناخ السليم للاسرة و لجميع أفرادهـا من بنات و بنون علمـا و أن المجتمع لا ينجح الا بنجـاح خليته الاولى و هي العـائلة .
اننـا و فى الوقت الذى نحنفل فيه بعيد المرأة لا بد لنـا من الوقوف لقراءة واقعنـا و الاعتداد به و محـاسبة النفس و مقـارنة التوجه العـام للمشروع و مـا صـار اليه .
ان الواقع التونسي اليوم لم يعد معه من الممكن مطـارحة تساؤل حــــول خيـار تحرير المرأة فهــــذه قناعة مشتركة و نحن نعتقد أن المؤسسات الجمهورية ببلادنـا قـادرة على حمـاية هـذا الخيـار . لكن أية قراءة للواقع فهي تكشف على أن المدافعين عن المرأة كـانوا فى غـالب الاحيـان من الرجـال و ليسوا من النسـاء … كمـا أن هـــــؤلاء الذين أشرنـا اليهم أعلاه من دعـاة التقدمية سواء كـانوا بالحزب الحـاكم أم بالمعـارضة و الذين عرفتهم البلاد فى بداية الستينات الـى وقتنـا هـذا … و المتأثرين بالغرب … قد بدأت شمعتهم فى الذوبـــــان .. و هو أمر طبيعي باعتبـار عـامل السن من جهة و فتور الاديولوجيا الاشتراكية و اليسارية من جهة أخرى .
ان زمننـا هـذا يتميز بسيطرة توجه العولمـــة التى جعلـــت المـادة و المصلحة الحينية تسيطر على المجتمعـات و المال يطغى على القيم و الربح و الاستغلال يطغى على الفكر ….من جهـة و الصراعـات الدينية التى ذهبت كمـا بينـاه أعلاه الـى تبنى الدين و المغالات فى الممـارسة الدينية و ترويج الفكر الرجعي باعتباره شكل من أشكـال الدفـاع عن الوجود الحضـاري و عن الهوية و الانتمـاء… من جهة أخرى تحل محل الاديولوجيا اليسارية عمومـا فى حد كبيــر …خاصة بعد اندحـار المعسكر الاشتراكى و انتهـاء الحرب البـاردة و كحوصلة لذلك فقد وجد الشباب التونسي و بخـاصة الفتاة التونسية نفسهـا فى وضع صعب تتجاذبهـا صعوبة الوضع الاقتصادي و قلة عروض الشغل …. و صعوبة الانصهـار داخل المجتمع العـامل … خـاصة و أنهـا قد استعدت لذلك بالعلم و المعرفة … من جهة و الدعـاية الرجعية و الدعوة الدينية المتطرفة التى شككت فى المكـاسب التى حققتهـا المرأة و أرجع بعضهـا حل الازمات الحـالية الـى التخلي عن بعض هـذه المكـاسب بل أنهـا صـارت تقدم ذلك كخيار مستقبلي من جهة أخرى .
ان الخطر المتمثل فى الالتفاف على المكـاسب التى تحققت بموجب استصدار مجلة الاحوال الشخصية و غيرهـا ببلادنـا لا يكمن فى اعتقـادنـا فى محـاولة مفقودة للرجل أو للبعض من الرجـال .. للالتفاف عليها و افتكاكهـا من المرأة …بل أن العكس انمـا هو الصحيح فالرجل ببلادنـا كـان دومـا الى جـانب المرأة .. بل أنه و كمـا أسلفنـا القول قد كـان سببا فى اخراجهـا من الوضع الذى كـانت عليه .
ان الملاحظة الاولية لبعض مظـاهر المجتمع تؤكد الاختلاف الذى صـار يميز العـائلة التونسية عبر الزمن … فالمرأة التونسية التى رفعت الشعارات التقدمية فى السبعينات كثيرا مـا تعجز عن نقل جملة هـذه القاعـات لابنتهـا التى تعـانى من الاندمـاج فى العمل …و ترى أن المبادئ التقدمية التى ربتهـا أمهـا عليهـا لم تعد رائجة فى العـالم .. و هي تعيش فتـــرة صعبة لم تعد البلاد قـادرة فيهـا على أن تقدم لشبابهـا مـا يكفى من الزاد الفكري و القناعــــاتى ليمكنهم من الصمود فى وجه دعاة الرجوع الى الوراء.و ان قدرت على ذلك فبصعوبة … و بتعب… فصارت الدعوات الرجعية تصدر عن المرأة نفسهـا فى غـالب الاحيـان … و صرنـا نرى الفكر التقدمى يحـاصر من كل الجهـات … عـالميا و محليــا …
ان النجـاح النسبي الذى حققه بعض الفاعلين فى الحزب الحاكـم فى تونس فى تعطيل المشروع الديمقراطى أو توجيهه بمـا يخدم مصـالحهم و تحويل تحرير المرأة من مشروع حضـاري يهدف الى تخليص نصف المجتمع من المكبلات التى تعوقه عن النشاط العـادى الـى مشروع سياسي يهدف الى قسمة المجتمع و خلق مجال صراع لا فائدة لاحد منه …. كمنع و تعطيـل حركـة القوى التقدمية من النشاط الاجتمـاعى الحر بمـا صـاحب ذلك من تقلص النشاط التقدمى بالجـامعات …. و تقلص مناسبات المحاضرات و النشاطات التقدمية .. و اقتصـار توفير دعم الحضور العـالمى للمرأة التونسية على الحزب الحـاكم أو بعض الجهات الموالية له كبعض أحزاب المعـارضة المعترف بهـا … و هي التى عجزت عن استغلال الامكـانات المتـاحـــــة لهـا و صـارت وبالا على المـــــرأة و ليس مدافعة عنهـا … و منهـا من صـار يدعو بشكل مستراب …و غريب … الى الرجوع الى الوراء … ( الحملة الانتخـابية التشريعية الاخيرة لاحد مرشحي حزب معـارض بمداخلة تلفزية بالجنوب يدعو الى معـالجة ظـاهرة العنــــوسة عند البنات) . قد خلــــق الجو الملائم لازدهـار الرجعية و لضرب المشروع التقدمى عمومـا … و اننـا نرى اليوم شبابـا يتنـازل شيئـاا فشيئـاا عن المقدسات التقدميـة … كأن تروج بعض الفتيات لتعدد الزوجات … أو أن تهـاجم مرأة علنـا نسـاءا أخريات دعـــون الى المســــاوات فى الميــــراث بين المرأة و الرجل ..و تعتبره تهجمـا على الهوية الاسلامية بل اكثـــر من ذلك فان هنـــاك حتى من صـــرن تدافعـن عمـا تعتبــــرنه حـقا للزوج فى ضرب الزوجة و تأديبهـا …الخ .. الخ …
اننـا و فى الوقت الذى نحيي فيه مبادرة السيد رئيس الجمهورية المتمثلة فى دهم جمعية النسـاء الديمقراطيات , فاننـا ندعو الـى مزيد فسح المجـال للناشطـات من النسـاء و المتبنيات للفكر التقدمى لمزيد العطـاء حتى تشكلن ذلك الحصن المنيع الذى تتكسر على أعتابه المشـاريع الرجعية التى تستهدف المرأة التونسية و مكـاسبهـا التى هي مكـاسب المجتمع التونسي عمومـا .
ان كل هـذا يجعلنـا أمـام واقع منذر…… و جب التصدى اليه و الوقوف أمـامه … لكن بشكل يجعل من المجتمع عمومـا يسير الـى الامـام و ليس الـى الوراء و ذلك فى اعتقـادنـا بتحرير المجتمع من جملة المكبلات التى أوثقته عبر السنين … و منهـا فسح المجـال على مصراعيه أمـام مكونات المجتمع المدنى من أجل تكريس الدعـاية للدفـاع عن المكـاسب التقدمية للمرأة … و تمكين سـائر مكونـاته من الامتيازات التى يتمتع بهـا الحزب الحـاكم حتى يمـارس حقه كـامل فى التنظم من أجل مزيد تكريس المكـاسب التقدمية و مزيد تكريس الديمقراطية السياسية حتى يسترجع المواطن( بما فى ذلك المرأة ) تواصله من الهياكل السياسية أحزابا و منظمـات و هياكل ادارية و ذلك بشكل كـامل …. و فى كلمـــــة واحدة فان البلاد تحتاج الان الـى تقوية للجبهة الداخلية التقدمية لتقوية القناعـات لدى الشباب خـاصة و ذلك من أجل مواجهة مساوي العولمة و مساوى المواجهـات المعلنة بين الاديـان و التى يروج لـا من عدة جهـات …
ان التجربة التونسية فى مجـال تحرير المرأة و ارسـاء دعـائم توازن الاسرة تتجه فى اعتقادنـا رويدا رويدا الـى المحـاصرة و ذلك من الخـارج باعتمـاد ترويج الخطـاب الرجعى و مهـاجمة المكاسب الوطنية فى الغرض و استغلال جميع الاحداث من أجل التشهير بالواقع التونسي و تقديم البلاد و كأنهـا بلاد كفر يتجه فتحهـا من جديد … و من الداخل عبر اضعـاف الجبهة الداخليـة و اخراج الشباب من بوتقة النضـال الاجتمـاعى و تبنى القضايا الاجتماعية الوطنية عبر محاولة اضعـاف مؤسسات المجتمع المدنى و قطع التواصل بينهـا و بين الشباب و جعله لقمة سائغة للدعـاية الرجعية العـالمية من كل الجهـات .
من أجل كل ذلك فاننـا ندعو كمـا لم ندعو من قبل الـى أن يكون عيد المرأة لهـذا العـام فرصة من أجل كسر هـذا الحصـار بتمكين شبابنـا من الاحتكـاك بنظيره من التقدمية العـالمية من أجل دعم الشعور لديه بأن هنـاك من يقاسمه التوجــــه التقــــدمى الاجتمـاعى بالعـالم و ذلك عبر دعم مكونات المجتمع المدنى و عدم الاقتصـار على الحزب الحـاكم كتدعيم المطلب الديمقراطى باعتبـاره الطريق الوحيد و الاوحد لتفجير الطـاقات و حمـاية المكـاسب الوطنيــة .
و كل عـام و المرأة التونسية بخير كل عـام و الحركة التقدمية بخير
خواطر وأفكار بعد الغياب : الوطن والأمة مازالا بألف خير
مرسل الكسيبي*- الوسط التونسية + صحف وشبكات:
الحمد لله مجددا على العودة الى مناشطي الاعلامية الطبيعية على صدر الوسط التونسية وعلى دروب الشبكة الافتراضية والصحف الورقية حيث وجدت طريقي الى العمل الدؤوب والشاق منذ مالايقل عن عشر سنوات . الحمد له تعالى أن وفقني الى معرفة الرجال والصادقين من الاخوان والأخوات من خلال تساؤلهم الهاتفي والبريدي ومن خلال مؤازرتهم المعنوية الصادقة ودعائهم لي ولولدي بتمام الشفاء والمعافاة … اخوان لم أعرفهم من قبل ولكنه فضل الله تعالى أن عرفني اياهم من خلال منبر الوسط التونسية وشقيقاتها في الحقل الاعلامي العربي , حيث اكتشفت من خلال صدق العبارة وعمق التضامن الأدبي والمادي أن تونس ودول الجوار المغاربي مازالت بألف خير وعافية مادام الجسد فيها ينبض ايمانا واحساسا بمعاني التازر والتالف والتضامن في أوقات الشدة والمحن . عبارات غمرتني لطفا ومودة ومساندة وتشجيعا, وهو ماجعلني أزداد شوقا الى مواصلة المشوار والى معانقة فضاء فقراء الساحة الاعلامية حيث الكلمة الاليكترونية والورقية التي تحتفل أفقا مكانيا وزمانيا رحبا بالتخلص من أباطرة المال والاعلام … سقط من بين مقلتي قادة كبار يملأون الفضاء السياسي التونسي جلبة وصياحا وتأزيما للفضاء العام من خلال حرصهم على التقدم بصورة اعلامية وريادية منفوخة استثمروا فيها المال العام وشرعية تاريخية أقاموها على ظهور الغلابى والمساكين من خلال شحنهم لحالة الاحتقان … وبالمقابل اكتشفت رجالا من الأجيال الصاعدة ممن لم تغمرهم الشهرة ولم تعم بصيرتهم الأضواء الكاشفة , حيث سجلت لهم مواقف سأشهد بها لهم بين يدي الله تعالى ثم خلقه … رجال هاتفوني أو كاتبوني من تونس وليبيا والجزائر والامارات العربية المتحدة واخرون من المملكة البريطانية المتحدة وفرنسا وألمانيا وايطاليا وهولندا والدنمارك…,والكل أشعرني بعظمة الاسلام والوطن والأمة والمشاعر الانسانية النبيلة بعد أن كدنا نخال بأن مساحة الوطن لاتتجاوز رقعة جغرافية وضع المستعمر القديم بصماتها الجغرافية والسياسية … المحنة كانت فعلا منحة الهية ولعلني لن أنصف كل هؤلاء حتى ولو مررت على ذكرهم اسما اسما وسأعتذر لهم جميعا حتى لاأظلم من غفلت عنه الذاكرة أو أنسانيه الشيطان … وبين جنبات هذه المصافحات كانت الفرصة رائعة وثمينة للتواد والتصافي مع اخوان وأصدقاء تقطعت بيني وبينهم السبل نتيجة محنة المنفى التي طال أمدها غير أن نفقها يبدو بحسب تقديراتي الشخصية والسياسية في طريقه الى النهايات … أحداث كثيرة تابعتها أثناء انقطاعي عن الكتابة طيلة ثلاثة أسابيع ووددت والجسد مرهق والدم ينبض والروح تخفق ألا تمر دون تعليق أو تحليل أو مداعبة ذهنية أو قلمية , غير أن أكثر ماالمني هو عجزي عن تدوين أفكار ورؤى هي بنت الحدث والساعة وهو مايجعل العودة اليها بعد أسابيع من قبيل الأمر المتراكم والصعب … موقفي من موضوع عودة المغتربين السياسيين أو المنفيين الى تونس كان من بين الأمور التي تدفعني الى الخروج من حالة العجز الجسدي أثناء فترة الاعتلال , ونتائج الانتخابات التركية وفوز حزب العدالة والتنمية كان موضوعا اخر يثير في الكثير من الاستفزازات في علاقة للموضوع بأداء الحركة الاسلامية العربية وعلاقتها المتشنجة بالسلطة فعلا وقوة واكراها وسوء تدبير سياسي في كثير من الأحيان … عودة الدب الروسي الى المسرح الدولي من خلال استعادة ذكريات ومؤشرات الحرب الباردة كان قضية أخرى استثارت في روح الكتابة وجماليتها النفسية والأدبية في علاقتها بتطلعات الرأي العام , ولكن للمرض وقوانينه الالهية أحكام سلطانية ملزمة . مشروع شركة اعمار العملاق بالجمهورية التونسية , ونبرة معتدلة جديدة في الخطاب السياسي الرسمي التونسي مع ماتحمله من مؤشرات ودلالات وترقبات ,وخطاب رئيس الجمهورية التونسية الأخير الموجه للقضاة … : قضايا استأنست واستجمعت فيها القوة النفسية والصحية من عند الخالق , فمن الله علي هذا اليوم بكتابة تقرير اخباري مركز عن زيارة الصليب الأحمر الدولي للسجون التونسية, ثم تحرير هذا النص في محاولة للعودة المتدرجة فالقوية والمثمرة الى الساحة الاعلامية والأدبية والسياسية . على العموم هذه بعض الاشارات للقارئ حول ماحدث لي على مدار حوالي شهر ولقد عودت النفس أن تمارس الشفافية في النقل والرواية الشخصيين ولو من باب السيرة الذاتية الموضوعية طلبا لصنف جديد من الاعلام يجمع بين جمال القصة , وروعة الكلمة , ومتابعات الشأن العام التي لاينبغي تحويلها الى قاع اخباري صفصف ,معزول عن كل أثر للقيم والمشاعر الانسانية والوطنية النبيلة . كتبه مرسل الكسيبي بتاريخ 11+12 أغسطس 2007 : reporteur2005@yahoo.de (المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (اليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 12 أوت 2007)
أهم ما جاء في الندوة الصحفية حول الاتحاد العام لطلبة تونس:
« المؤتمر القادم لن يكون إلا موحّدا و بعد استكمال الانتخابات القاعديّة »
عقد عزالدين زعتور الناطق الرسمي باسم اللجنة الوطنيّة من أجل المؤتمر الموحّد ندوة صحفيّة يوم الاثنين 6 أوت 2007 بالمقرّ المركزي للإتحاد بتونس العاصمة في حضور عدد من المؤسّسات الإعلامية، بسط فيها آخر التطوّرات التي شهدها ملفّ الاتحاد العام لطلبة تونس والخطوات المقطوعة في مسار توحيده وتجاوز أزمة التمثيل النقابي التي تعيشها الجامعة منذ سنوات. وبيّن عزالدين زعتور مختلف الأشواط التي قطعتها اللجنة الوطنيّة في التحضير للمؤتمر وخصوصا الاتفاقات الحاصلة في كثير من المستويات السياسية والنقابية وحتى التقنية. وقد أبرز الناطق الرسمي أنّ المؤتمر يجب أن يكون توحيديا حتى يتمكن الاتحاد من مجابهة التحدّيات التي تنتظره و تنتظر الجماهير الطلابيّة من مواقف وطنيّة و خطط عمليّة لإيجاد الحلول لأهمّ المشاكل المادّيّة والبيداغوجيّة التي يعيشها الطلبة. ثمّ عرّج الناطق الرّسمي على الأسباب التي جعلت أغلب الطاقات والمكوّنات النقابيّة والسّياسيّة في الجامعة تتـّفق على استحالة عقد المؤتمر الوطني الموحّد هذه الصائفة باعتبار عدم استكمال توزيع الانخراطات وعقد الانتخابات في أهمّ الأجزاء الجامعيّة الموجودة، وحتى يشارك في هذا المسار كافة الطاقات وأكثر عدد ممكن من الطلبة ليكون هذا المؤتمر على حدّ تعبيره « عرسا للطلبة و للحركة الديمقراطيّة ». من جهة أخرى، نبّه زعتور على ما تقوم به بعض القوى التي كانت في الماضي القريب تدافع عن المسار التوحيدي و فجأة انقلبت على مقولاتها و قرّرت لوحدها عقد مؤتمر في هذه الصائفة بدون عقد انتخابات حقيقيّة. وفي هذا الصّدد قدّم زعتور لممثلي وسائل الإعلام أهمّ الوثائق القانونيّة التي تبيّن بطلان مزاعم بعض أعضاء المكتب التنفيذي والذين اعتبرهم « أقليّة » وشدّد على عدم قانونيّة اجتماع الهيئة الإداريّة التي عقدوها في جويلية الفارط والانتخابات الصوريّة التي أعلنوا عنها من وراء ظهر اللجنة الوطنيّة. وأكد عز الدين زعتور على أن هذا المسار التوحيدي يحظى بدعم أغلب المكوّنات السّياسيّة في الجامعة التي تدعم و تتمسّك بالمؤتمر التوحيدي على قاعدة صندوق الاقتراع وكذلك وجوب تمثيل كلّ الطاقات في هياكل الاتحاد، والتي تتمسّك أيضا بالطابع الديمقراطي والتقدّمي للمنظمة كمنظمة وطنيّة تعنى بالشأن العامّ. كما أكـّد على قانونيّة المؤتمر القادم في نطاق مقتضيات القانون الأساسي والنظام الداخلي للإتحاد قائلا « أهلا بكلّ طالب يروم النضال ويحترم قوانين الاتحاد ». وانتهى زعتور في تصريحه بأنّ الجميع يودّ إنجاز المؤتمر في أقرب وقت ولكن عقده لن يكون إلا بعد انتخابات قاعدية حقيقيّة مؤكدا على ضرورة دعم الاتحاد ودعم هذا المسار التاريخي، مسار التوحيد، من قبل قدماء الاتحاد والحركة الديمقراطيّة والصحفيّين الذين اهتمّوا بكلّ صدق بهذا الملفّ رغم إساءة بعض الأقلام.
(المصدر: « البديـل عاجل » قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 11 أوت 2007)
غلق مؤسسة فاعتصام فمواجهة مع البوليس
غلق مؤسسة = تجويع العمال => اعتصام => تدخل البوليس => اعتداء على العمال = عدم احترام الحرية النقابية
تعرض يوم أمس الجمعة 10 أوت 2007 عمال وعاملات شركة كلودال مودال للنسيج، بضاحية الزهراء جنوب العاصمة تونس، المعتصمين بمقر الشركة إلى الاعتداء الوحشي من قبل أعوان البوليس يقودهم رئيس مركز شرطة الزهراء استجابة لطلب السيدة سندس المكي التي تتولى تسيير المعمل منذ اختفاء صاحبه الأصلي الإسباني الجنسية وبموافقة متفقد الشغل المحلي برادس. كلودال مودال هو اسم شركة نسيج إسبانية تنشط بتونس منذ سنوات عدة وتشغل 150 عاملة وعامل اختفى صاحبها الإسباني الجنسية فجأة شهر مارس الماضي وتعطل نشاطها ووجد العمال أنفسهم في حالة بطالة قسرية، وبالتالي مدفوعين للاعتصام بمقرها دفاعا على حقوقهم المادية والمهنية، وبعد شهر من الاعتصام تم قطع الماء والكهرباء عن المقر خلال شهر أفريل الماضي ودخلت « المعركة » طورا جديدا. وقد علم العمال والعاملات بأن عضو الاتحاد الجهوي المدعو نجيب الرزقي عقد بمقر ولاية بن عروس جلسة تفاوض مع المسيرة سندس المكي، والتي لا تتمتع بأية صفة قانونية ولا تعدو أن تكون رئيسة فريق عمل (cheftaine de chaîne) دون علم ولا مشاركة النقابة الأساسية وهو الأمر الذي أثار استياءهم فتحولوا إلى مقر التحاد الجهوي مطالبين بتمكينهم من فحوى المحادثات ونتائجها. غير أن رفض عضو الاتحاد الجهوي مدّهم بالإعلام حول وضعيتهم شكل منطلقا للتوتر في علاقتهم بالاتحاد الجهوي الذي بات يعتبرهم « نقابة متنطعة » وخاصة الكاتبة العامة السيدة البكوشي نظرا للشعارات التي رفعوها ضد العضو نجيب الرزقي متهمين إياه ببيع ملفهم. لذلك قرروا الاستمرار في الاعتصام بمقر الشركة وصرفت لهم منحة وقتية من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لشهري ماي وجوان 2007. وفيما كانوا ينتظرون منحة شهر جويلية علموا أن اتفاقا حصل يقضي بعودتهم للعمل ابتداء من بداية شهر أوت الجاري، وتبيّن لهم أن هذا الاتفاق الممضى هو الآخر بين عضو الاتحاد الجهوي نجيب الرزقي ومتفقد الشغل برادس السيد عمار الهوش دون علم النقابة الأساسية (على خلفية أنها نقابة متنطعة ينبغي إذن إزاحتها رغم وضعها القانوني وصفتها الرسمية كممثل عن منخرطيها ورغم أنها زادت في عدد منخرطيها في شهر أفريل الماضي غير آبهة بظروف الأزمة) سيكون مرتكزا لطرد البعض منهم بما أنه ينص على الاستغناء عن البعض وقبول البعض كمنتدبين جدد وبصفة وقتية وعلى قاعدة عقود شغل جديدة. ولعل ما أثار غضب العاملات والعمال هو انه لم يتسنى لهم الاطلاع على هذا الاتفاق الذي أضحى رسميا وملزما لهم إلا عن طريق السيدة سندس المكي وليس عن طريق الاتحاد الجهوي ولا عن طريق عضوه المكلف بالملف الذي أمضى على الاتفاق، أي بما يعني أن في الأمر شيء يدعو للريبة والشك. لذلك تمسك العمال والعاملات بعدم القبول بهذا الاتفاق الذي غيب ممثلهم الشرعي المباشر النقابة الأساسية وتحصنوا بمقر العمل مانعين دخول الشاحنات وتشغيل آلات المعمل ريثما يحصل اتفاق جديد بمشاركة النقابة الأساسية يضمن عدم الاستغناء عن بعضهم وعدم عودتهم للعمل كمنتدبين جدد أي باحتساب أقدميتهم مع تمكينهم من أجور الأشهر التي قضوها معتصمين وخاصة شهر جويلية المنصرم. وبما أنهم منعوا إحدى الشاحنات الواردة عن المصنع فقد تدخلت فرقة من البوليس بقيادة رئيس مركز الشرطة بالزهراء لجبرهم على فك الاعتصام وإخلاء السبيل أمام الشاحنات رغم أن وفدا من العمال كان قبل يوم من ذلك اتصل بمنطقة الأمن بكل من حمام الأنف وبن عروس وعرضوا عليهما الوضعية ولقوا هناك اعترافا لهم بحقهم في التصرف كذلك. وقد كان واضحا من تدخل رئيس مركز الشرطة أن المستهدف الأول من ذلك هو الكاتبة العامة للنقابة الأساسية أولا وبعض العضوات الأخريات ثانيا، إذ تم الاعتداء عليها ضربا وركلا بالأرجل أرضا مما تسبب لها في رضوض في رأسها واستوجب نقلها إلى المستشفى الجهوي ببن عروس والاحتفاظ بها تحت المراقبة الطبية طيلة مساء الجمعة 10 أوت الجاري. ويبدو أن هذا التحرك دفع بالسلط وخاصة والي الجهة الذي طلب من العمال العودة فورا للعمل على أن تعقد جلسة يوم الثلاثاء القادم بمقر الولاية وبحضور النقابة الأساسية لعقد اتفاق جديد يوفر حلا معقولا ومقبولا من جميع الأطراف. السؤال الذي يتبادر للأذهان هو لماذا يقع بعث نقابات بالمؤسسات ثم يقع إقصاؤها من التفاوض في ملفاتها التي تخصها هي قبل غيرها؟ وهل إذا كانت نقابة ما على خلاف مع تشكيلة الاتحاد الجهوي أو عضو منها أو كاتبها العام يقع التشفي منها بتحريض متفقد الشغل ضدها وأعوان البوليس ليقع تأديب « المتنطعين » من هذه النقابة ؟ هذا على فرض أن هذه النقابة لها خلاف مع الاتحاد الجهوي وهو ما ليس بواقع الحال؟ ثم هل يقع الانتقام من نقابة ومنخرطيها أي 150 عامل وعاملة لأنهم رفعوا شعارات ضد عضو الاتحاد الجهوي بمثل هذه الطريقة؟ وفي الأخير هل بات لزاما على النقابات أن تناضل ضد الأعراف وضد كبار المسؤولين في الاتحاد معا ؟ أسئلة كثيرة أصبح الكثير من النقابيين يطرحها ويحتار في الإجابة عنها حقا لأن كثير من الأمور قد اختلطت إلى حد مريب ومفجع.
(المصدر: « البديـل عاجل » قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 11 أوت 2007)
تضييقات على نقابيين
علمنا من مصادر نقابية أنّ وزارة التربية وضعت حدّا للتفرّغ النقابي (mise en disponibilité) الذي يتمتع به السيّدان الطيّب بوعايشة، الكاتب العام السابق للنقابة العامة للتعليم الثانوي، وفرج شباح، عضو النقابة الجهوية للتعليم الثانوي بجهة تونس، في إطار تحملهم لمسؤوليات نقابية. ومن المعلوم أن تضييقات الوزارة هذه تتزامن مع مثول عدد من المناضلين النقابيين أمام لجنة النظام التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، وهو ما جعل بعض النقابيين لا يخفون شكهم في تواطؤ عناصر قيادية من الاتحاد مع الوزارة. (المصدر: « البديـل عاجل » قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 11 أوت 2007)
أشرعة الذاكرة
عبد الكريم بن حميدة akarimbenhmida@yahoo.com عبّاسان عباس يهاجم.. عباس يرحب.. عباس يرفض.. عباس يَقبل.. لم يعد المفعول به مهما بحد ذاته. وإنما علينا أن نعرف أن كل ما يأتي من قطاع غزة مهاجم ومرفوض وكل ما يأتي من داخل الكيان الصهيوني مقبول ومرحَّب به. في ضوء هذه المعادلة نستطيع أن نفهم بلا لبس أن محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية يهاجم « الانقلابيين » ويرفض أي شكل من أشكال الحوار معهم، وفي الوقت نفسه يرحب بجدية « إسرائيل » وبأي اجتماع مع ألمرت ورايس ويقبل الاجتماع (أو المؤتمر) الدولي الذي طرحته الولايات المتحدة. غزة إقليم متمرد وجبت معاقبته حكاما ومحكومين. هكذا يرى أبو مازن وكبار مساعديه ومستشاريه، حتى وإن كان يبدي كثيرا من الألم والحزن لما آلت إليه « أوضاع شعبنا في القطاع ». ولقد بدأ بتسليط سيف عقابه منذ الأيام الأولى لأحداث غزة قبل حوالي شهرين. فاهتدى إلى قطع الأرزاق بأن منع تحويل الرواتب عن كل الموظفين الذين يتبعون حركة حماس، ثم قرر في سابقة أخطر عدم دفع مرتبات القضاة في قطاع غزة الأمر الذي أدى إلى إغلاق أبواب المحاكم في وجوه المتقاضين. ويبدو أن السيد عباس قد استفاد من دروس الصهاينة في سياسة العقاب الجماعي، ولعله يمر مستقبلا إلى الوجه الآخر من هذه السياسة بعد أن يكتمل تدريب الأجهزة الأمنية وتحديثها وتسليحها بفضل المساعدات الأمنية التي رصدتها الإدارة الأمريكية لهذه الأجهزة والبالغة ثمانين مليون دولار. أما داخل حركة فتح فيبدو أن محمود عباس يقوم بعملية انتقاء محسوبة عندما يقرر معاقبة أحد المسؤولين ضمنها، فهو قد فصل هاني الحسن كبير مستشاريه السياسيين من منصبه ثم سحب منه بطاقة الـ »VIP » وخفضها من الدرجة الأولى الخاصة بكبار المسؤولين الفلسطينيين إلى الدرجة الثانية الخاصة بالتجار وصغار المسؤولين حيث لا يتمتع بالحصانة الدبلوماسية. وكانت خطيئة هاني الحسن تصريحا صحافيا أكد فيه أن حركة فتح لم تُهزم وأن خطوة حماس كانت ضرورية لوقف مخططات دايتون في قطاع غزة. « لا حوار مع الانقلابيين » هذا هو شعار عباس راهنا، والنصف المكمّل وغير المعلَن لهذا الشعار هو الحوار والتنسيق الدائم مع الصهاينة، وقد ظهرت أولى ثمار هذا التنسيق في مجلس الأمن عندما تمّ إفشال مشروع قطري لتلبية الحاجات الإنسانية في قطاع غزة. وعندما يتباهى أبو مازن بصفقة تحرير 255 أسيرا فلسطينيا فإنه ينسى أن يقول لنا كم فلسطينيا اعتقل الصهاينة منذ إبرام هذه الصفقة؟ مثـلما ينسى أن يقول لنا هل كان يعلم باعتقال 24 مواطنا فلسطينيا في الضفة الغربية في نفس الوقت الذي كان يتبادل فيه القبل مع كوندليزا رايس؟ وفي كل الأحوال فإننا مازلنا نأمل أن تكون هذه الاعتقالات تمّت بعيدا عن الحوار والتنسيق مع الصهاينة. ( المصدر: صحيفة « الوطن »( لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي)- العدد العاشر- 10أوت 2007)
منارات
من المعرفة الاقتصادية إلى اقتصاد المعرفة
من المفاهيم العلمية والتربوية الحديثة والتي بدأت تشيع في الاستعمال اليوم مفهوم اقتصاد المعرفة. وهو مفهوم جديد لا يزال غامضا عند المثقفين والمتعلمين فما بالك عند عامة المواطنين لذلك ارتأيت ان اعرف به ولعل ما يلفت الانتباه أن كلمة اقتصاد تبدو غريبة في صلتها بالمعرفة بقولنا اقتصاد المعرفة ذلك أننا عرفنا ونحن تلاميذ وطلبة وعملة أو موظفين أو فاعلين اجتماعيين المعرفة الاقتصادية تلك المعارف المتنوعة والتي تتصل بالاقتصاد ومجالاته المختلفة من سوق وأنواعها (مثالية وغير مثالية) وعرض وطلب والثمن والادخار والإنتاج والاستثمار الخ… ومن معارف تكاد تكون مخصوصة لا يعرفها حق المعرفة إلا دارسو الاقتصاد وخبراؤه والباحثون المختصون. الخ … كما يمكن لدارسي علوم التربية أن يتعرضوا إلى مفهوم الاقتصاد التربوي ذلك الذي ينظر في دور التربية الاقتصادي من حيث إعداده الكوادر المنتجة في كافة الاختصاصات والقطاعات ولا سيما قطاع الإنتاج الاقتصادي المادي من صناعات مختلفة. فالتربية بهذا المعنى أهم دعامة للاقتصاد لأنها تعلم الأجيال وتعدّهم لتغذية الدورة الاقتصادية بأفكارهم ومهاراتهم واضافاتهم. عند هذا الحد تقريبا عرفنا صلة التربية والمعرفة بالاقتصاد إما أن يصبح مبحث كامل بل توجه عالمي كامل يعرف باقتصاد المعرفة فهذا أمر جديد لم نألفه بعد. فما اقتصاد المعرفة حينئذ؟ ان مفهوم اقتصاد المعرفة وليد جملة التحولات التكنولوجية التي تزامنت مع تحرير الاقتصاد وعولمة المبادلات واعتماد اقتصاد السوق من قبل جل البلدان وسرعة انتشار المعلومة وتيسير النفاذ إليها حتى تحول العالم إلى قرية صغيرة أصبح فيها الواقع الافتراضي وعالم الإنترنيت « قارة سابعة » على حد تعبير جاك أتالي (Attali) وفضاء رحبا يتم في إطاره النصيب الأوفر من المعاملات والمبادلات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية وقد تعددت المصطلحات للتعريف بهذه التحولات التكنولوجية فأطلق عليها البعض اسم الاقتصاد الاتصالاتي أو الاقتصاد اللامادي أو الاقتصاد الجديد وصولا إلى تعريف موحد يسمى باقتصاد المعرفة. إن ميزة هذا الاقتصاد الوفرة في المعلومة والسرعة في الاتصال والكونية في المصادر والانخفاض في التكلفة فيما يحقق ثلاثة مفاهيم اقتصادية أساسية وهي المردودية والفاعلية والنجاعة فيصبح بإمكان الدول الفقيرة وتلك التي في طريق النمو أن تقفز عدة مراحل وتغنم من ثروات علمية وتكنولوجية وثقافية في أوجز وقت. إلا أن الرهان الحقيقي رهان بيداغوجي. كيف يمكن أن نبحر في محيط الانترنيت دون أن نغرق وكيف يمكن أن نشرب من هذا البحر الزاخر والعجيب دون أن نفقد صوابنا!! أن وفرة المعلومات لا تعني بالضرورة توافر المعرفة. أن الرهان غير معقود على توفر المعرفة في حد ذاتها وإن كان أمرا مهما وإنما الرهان الحق في توفير الأدوات المناسبة لتنظيم المعلومات وترشيحها وتقطيرها في صورة مفاهيم ومعارف يمكن تطبيقها عمليا في حل المشكلات. ففي اقتصاد المعرفة تتقدم « المعرفة » على العلم. إن كلمة معرفة مستعملة هنا استعمالا خاصا. المعرفة هنا يراد بها الترتيب المنظم للمعلومات والمفاهيم وكيفية تطبيقها على عمليات الإنتاج في اقتصاد المعرفة .العامل الذي تعلم مرة واحدة مهارة علمية على أساس المعرفة فإنه يكون قد تعلم في الوقت ذاته شيئا آخر مهما.. تعلم كيف يتعلم!! والطالب الذي يدرس بالمدرسة أو الجامعة لم يعد ذلك الطالب الذي يكدس المعلومات والمعارف غالبا ما تكون غريبة عن الواقع والاقتصاد. فقد يتخرج طالب الاقتصاد على جهل بواقع الاقتصاد وخصائصه المحلية فيفشل في التطبيق. إن المفتاح إلى العمل في عصرنا أن يعمل الإنسان بطريقة أكثر ذكاء. كما أن اقتصاد المعرفة يتصل بميادين إنتاج لا مادية كالإعلامية وفروعها والخدمات ومجالاتها المختلفة والصناعة الثقافية من فيديو وأقراص صلبة وأقلام مادتها الثقافة بألوانها المختلفة وشكلها الحوامل الإلكترونية. إننا في تونس خطونا خطوات على هذا الدرب وتفتحت مدرستنا ومعاهدنا وجامعاتنا على الحاسوب. وبدأت أعداد هائلة في استغلاله واستغلال الإنترنيت.. وعملت على تركيز بنية أساسية متطورة للاتصالات بغية ضمان شمولية التغطية لكافة ربوع البلاد وكافة المؤسسات التربوية والاقتصادية ولاجتماعية. إلا أن ما ينقص منظومتنا التربوية أنها مازالت في أغلب هياكلها ومراحلها تفصل بين العلوم النظرية والتكنولوجيا التطبيقية حتى أن خريجي الآداب والعلوم الإنسانية يخضعون بعد التخرج إلى برامج خصوصية للتأهيل المعلوماتي بعد أن افتقدوا هذا التكوين فترة دراستهم. أن المدرسة اليوم بل الاقتصاد الوطني كله ومختلف هياكل المجتمع الاجتماعية والثقافية مدعوة لتوخي بيداغوجيا تعليمية لاقتصاد المعرفة تتحول بها المدرسة ثم المجتمع من دوائر متجاورة غير متعاونة إلى شبكة واحدة موحدة مندمجة يفضي بعضها إلى بعض ويقاسم التكوين النظري التدريب العملي. بهذه المناسبة لماذا قضينا على التدريب التقني والتكنولوجي في مدارسنا الابتدائية بعد أن كان النشئ يتدرب على تكنولوجيا الزراعة والنجارة والكهرباء إلخ.. ولماذا اختصت أغلب جامعاتنا بالتكوين النظري وعاشت عالة على المجتمع ليمولها ويمولها. لم لا تتحول كل الجامعات ألى ورشات تطبيقية إنتاجية توفر ميزانيتها بنفسها وقد تعين الميزانية العامة للبلاد. أما حان الوقت كي نخرج من المنظور الفرنكفوني لكلية القرن التاسع عشر تلك الكلية النبيلة التي تختص بالنظريات والمثل وتعيش عالة على الاقتصاد الوطني وتخرج رؤوسا محشوة وأيادي معطوبة!! ( المصدر: صحيفة « الوطن »( لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي)- العدد العاشر- 10أوت 2007)
يحدث في جرجيس: خرق فضيع للقانون وللمجال العمومي
اتصل الأخ كاتب عام جامعة مدنين للإتحاد الديمقراطي الوحدوي بنسخة من رسالة وجهها المواطن الصادق بعواجة (عامل بالخارج) بعد أن وجهها إلى كل من المسؤولين الآتي ذكرهم: السيد والي مدنين السيد وزير البيئة والتهيئة الترابية السيد وزير الداخلية والتنمية المحلية أرخت هذه الرسالة بتاريخ 10 جويلية 2007 فحواها شكوى من المواطن المذكور بعنوان: « حول حوز طريق عمومي بالقوة »ضد مؤسسة سلطانة السياحية الكائنة بشاطئ صانغو جرجيس التي يتهم الشاكي صاحب هذه المؤسسة باستحواذه بشكل مفضوح وأمام أعين الجميع على طريق عمومية شاطئية واعتدائه على المجال البحري العمومي إضافة إلى اعتدائه على أجواره ومنهم الشاكي بتكديس الأوساخ ومتروكات البحر أمام منزله الكائن بنفس المكان. إن هذه الشكوى تضع الإبهام على نموذج من مشكل مزمن يعيشه سكان جرجيس ويتمثل في خروقات عديدة يقوم بها افراد ومؤسسات خاصة وحتى عامة. في حق المجال البحري العمومي وفي ما يلي بعض نماذج هذه الخروقات: 1- تعمد صاحب مؤسسة سلطانة السياحية المشتكي منها لا إلى الاستحواذ على المجال العمومي فحسب بل غلقه تماما أمام المصطافين وترويع كل من يقترب بكلاب شرسة جعلت للحراسة. 2- سيطرة مؤسسات سياحية عين الجميع على طريق عمومية شاطئية واعتدائه على المجال البحري العمومي إضافة إلى اعتدائه على أجواره ومنهم الشاكي بتكديس الأوساخ ومكتروكات أخرى: نزل صانعو ونزل الواحات البحرية وكذلك نزل « زيطا »… على جانب شاسع من هذا المجال البحري العمومي. 3- سيطرة وزارة الدفاع الوطني على جانب آخر من هذا المجال وسده بسور طويل يحجب انفتاح وسط مدينة جرجيس على البحر. إن هذه النماذج من الخروقات في حق المجال العمومي والتي تحدث في هذه الجهة تمثل مشكلا في وجه أي تهيئة لشاطئ جرجيس الجميل حتى يتناسب مع الطموحات التي تريد أن تجعل من هذه المدينة مدينة منتزها خدمة لجميع الأطراف الاجتماعية إذ من حق عائلات الإطار المشرف على ثكنة جرجيس الاستمتاع والاصطياف ولكن دون حرمان بقية المتساكنين من نفس الحق بإقامة سور طويل وعال يحجب الاستمتاع بالرؤية البحرية التي تستمد منها مدينة جرجيس السياحية جماليتها. إضافة إلى أنه من حق المستثمرين في الحقل السياحي الخواص الاستفادة من الإمكانات السياحية الوافرة لما في ذلك خدمة للاقتصاد الوطني ولكن هؤلاء المستثمرين من واجبهم احترام القانون وعدم خرقه بالاستيلاء على الملك العام والاستئثار به لمصلحة الذات مما يجعل المواطن العادي يشعر بالغبن نتيجة ما يحصل وأمام أعين المسئولين الوطنيين والجهويين والمحليين الذين يبدو وكأنهم عاجزون عن ايجاد الحل للمشكل: فمتى ستسارع السلط المعنية بالتحرك لمنع حالة اللامعقول في شاطئ جرجيس خدمة للجميع وحتى نسير خطوة لا بد منها نحو اقامة المدينة المتنزه المرجو بإزالة الخروقات حتى تتضاعف جاذبية جرجيس كقطب سياحي يندر وجوده على ضفاف البحر مع نعومة الشاطئ وخضرة غابة الزياتين إضافة إلى لطف المناخ وهي عوامل لعمري شديدة الجاذبية يمكن أن تساهم في مزيد من الاستثمار السياحي. ( المصدر: صحيفة « الوطن »( لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي)- العدد العاشر- 10أوت 2007)
سلطة الصورة على ثقافة الشباب العربي
قنوات فضائية عربية أصبحت أشبه بنواد ليلية
حدد الباحث الأمريكي «هارولد لاسول» الوظائف الأساسية لوسائل الاتصال كالآتي:
1 وظيفة إعلامية: جمع ونشر المعلومات داخليا وخارجيا وتزويدها للجماهير. 2 وظيفة دعائية: تفسير المعلومات وتحليلها واتخاذ موقف محدد ليتبناها المتلقي. 3 وظيفة تعليمية أو ثقافية: نقل المعارف والقيم والمعايير والتقاليد من جيل إلى آخر.
إن الوظيفة الثالثة المرتبطة بالثقافة والتي تشمل الاعتقادات والقيم والنماذج السلوكية ومفاهيم الزمان والمكان هي الوظيفة الأكثر تأثيرا وفعلا في عملية التنشئة الاجتماعية لذلك فإن وسيلة كالتلفزيون لها حضورها المتميز في هذه العملية الاجتماعية لأنها الوسيلة الشعبية الأولى بين أفراد الأسرة العربية وخاصة الشباب. ومن الطبيعي أن يتعرض الشاب في المجتمع العربي إلى تحديات وضغوطات بفعل الثقافة القديمة وتضاربها مع الجديدة وما ينتجه هذا التضارب من هوة ثقافية بين الجديد والقديم وتناقضات تتفاوت في انعكاسها على البناء الاجتماعي، إضافة إلى التغيرات السريعة التي تحدث للمجتمع العربي في العديد من الجوانب وما تحدثه من تأثيرات على الشباب وعدم استيعابه للجديد والتوافق معه مما يجعله في أغلب الأحيان غريبا في محيطه وبيئته ويؤدي ذلك إلى خلق العديد من المشكلات الاجتماعية التي تتبلور في انعدام الراحة والقلق والاضطراب والاندفاع نحو العنف وممارسته وهي أعراض طارئة تمثل أصنافا من أمراض التغيّر، كما أن هناك أعراضا أخرى تشمل المضايقات التي تحدث بسبب البيئة الاجتماعية والمادية المشحونة بمظاهر الخوف وما ينجر عنها من هروب نفسي أو انسحاب يتمثل في العزلة والانطواء ومظاهر التوقف عن الإنتاج والشعور بالاكتئاب.. وفي الحقيقة، أن الشباب العربي يعيش مأزقا قد لخصه الباحث العربي «زكي حنوش» « بمجموعة من الظواهر السلبية التي تتعلق بالمحيط الاجتماعي وبمناخ الواقع الذي تسوده جملة من القيم الرديئة والتناقض الثقافي والفوضى الاقتصادية والفقر والفساد الإداري ومظاهر الاستغلال والتسلط والانحراف بكل صوره وأشكاله وأنواعه » مما يجعل هذا الشباب يستمد من هذا المناخ نمط تفكير وأسلوب حياة يومية بحيث يصبح التقليد والمحاكاة لمظاهر الحياة الغربية نمطا اجتماعيا سائدا في الحياة اليومية وسلوكا متحضرا في عملية التثقيف إلى درجة ذهب إليها د. ياسين خضير البياتي حيث يقول « إن الشباب العربي يعاني من إرهاب اقتصادي متمثل في الأزمة الاقتصادية وإرهاب اجتماعي متمثل في الظلم الاجتماعي وإرهاب عدلي متمثل في ضياع الحقوق وعدم تكافؤ الفرص، وهناك التناقض الصارخ في مكونات وقواعد الدليل الثقافي عبر تربية الأسرة وتوجيهها، وتربية وسائل الإعلام وتوجيهها… مما يخلق آثارا بالغة التناقض على يقين الشباب والتزامه الأخلاقي وبالتالي هروبه إلى الحياة الغربية ربما ليس على اقتناع كامل بل كرد فعل وملجأ للتخلص من التوتر والقلق والمعاناة. هذا إضافة إلى التراجع الكبير للقيم التي تربت عليها الأجيال السابقة وتربت على احترامها بل على تقديسها لتحل محلها قيم جديدة روجت لها على نطاق واسع وسائل الإعلام الموجهة في وقت تكون فيه الضغوط الاجتماعية والاقتصادية لا تطاق وكذلك تراجع الانتماء وازدياد الإحباط واليأس إلى جانب ظاهرة انعدام القدوة في الكلمة والتصرف والسلوك واهتزاز القيم حيث تكاد تنعدم القدوة في العلم والمعلم، وفي الإعلام والتربية وفي أولي الأمر وبذلك تنهار الثقة « . فإذا ما نظر الشباب حوله تبدو له الصورة كئيبة من خلال البطالة والتمزق والفقر وسيطرة الأقوى على الأضعف والأغنى على الأفقر وغياب العدل، فتمتلئ الصدور بالحقد والغضب وتدمير كل ما هو قائم وعند هذه النقطة تميل النفوس إلى مسلسل الغضب والانحراف والإرهاب. إن الفجوة الواسعة التي تزداد اتساعا في كل لحظة بين الإمكانات المادية والأفراد وبين مستويات الطموح الاستهلاكي المرتفعة والتي تزداد ارتفاعا من جهة أخرى تؤدي حسب » الباحث على فهمي » إلى: « واحد من الأعراض المرضية المجتمعية أو الفردية على نحو لا فكاك منه، فقد يكون الطريق هو الانحراف المباشر أو غير المباشر في سبيل الحصول على إثراء سريع بأية وسيلة، سواء كان هذا الانحراف واقعا في دائرة التجريم القانوني أو الاستهجان الأخلاقي أو في دائرة المعصية الدينية أو فيها جميعا » وفي الجانب الآخر تظهر ضغوطات الثقافة الوافدة وتأثيراتها الاجتماعية والنفسية والثقافية على الشباب والتي تحتل الأولوية في سلم عمليات التنشئة الاجتماعية في الوقت الحاضر وثقافة التلفزيون وما تحمله من قيم وأفكار وعقائد تتناقض مع الثقافة السائدة: إن الملفت للنظر أن المحطات التلفزيونية العربية أرضية وفضائية تساهم بشكل فعال مع القنوات الفضائية الأجنبية بنشر المادة الأجنبية ذات الطابع الثقافي الهابط والتي لا تتلاءم مع الواقع الاجتماعي وتتعارض مع التنشئة الاجتماعية لمجتمعاتنا العربية ومقوماتها، فهي تكرس منطق الحياة الاستهلاكية وتعرض مقومات الشخصية العربية والثقافية والقومية للمسخ والتشويه والاغتراب الحاد، حيث تتسابق هذه المحطات العربية على إرضاء الجمهور العربي وخاصة الشباب منه واجتذابه لها بأي صورة من خلال المواد الترفيهية وعرض الأفلام والمسلسلات المليئة بالعنف والجريمة والمغامرات العاطفية والإثارة، بل أن بعض القنوات الفضائية العربية أصبحت أشبه بنواد ليلية تقدم لجمهورها أنواع فنون الإثارة الجسدية والغريزية وبمواصفات قد لا نجدها في الفضائيات الأجنبية كما أنها لا تتورع عن تقديم أنواع أفلام دون مقص الرقيب (الذي يستعمل لأشياء أخرى) ودون اعتبار للواقع الاجتماعي ومتطلباته. وباختصار هناك صناعة ثقافية إعلامية لا تعتمد المقاييس الفنية والجمالية بقدر اعتمادها على الجذب والإثارة لتسطيح الفكر والحياة وخلق الوعي المشوه والمبسط وهدر الوقت وإضعاف مشاركة الشباب المثمرة في النشاطات المختلفة. وما يزيد القلق هو نتائج بعض البحوث العربية التي تجمع على أن الإنتاج الأجنبي المستورد يشكل أكثر من نصف ما تبثه التلفزيونات العربية حيث تمثل المادة الترفيهية الجزء الأكبر من ساعات البث اليومي وقد قادت بعض الدراسات الميدانية إلى اكتشاف مفارقة رئيسية وهي ما يمكن أن نسميها بجدلية الجذب والنفور، والإقبال والحذر إزاء المادة الأجنبية. فهي برأي الشباب مؤثرة مفيدة ولكنها لا تعبر عن الواقع العربي وهي أداة تثقيف وانفتاح على الآخر للإطلاع على المعلومات ومواكبة العصر، وهي أداة لتغيير الواقع الاجتماعي وتغير العلاقة بالأبناء على مستوى التربية والتنشئة وتغير تصورات الزواج، وهي مع ذلك لها تأثير على ترسيخ مفهوم الاستهلاك للتقليعات الفردية والحرمان والتبعية… فتحي موسى الحامة ( المصدر: صحيفة « الوطن »( لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي)- العدد العاشر- 10أوت 2007)
لنطلق اللسان العربي من عقاله (2 )
الحبيب حواس
تقديم : قد يتعجب المرء ان يمر موضوع في مثل موضوع اللغة العربية دون جدال، لذا رأينا الالتجاء الى جريدة الشعب التي عودتنا بتواصل الحبر بين قرائها في هذا الموضوع، كما في غيره كأحسن تحسيم لثقافة الاختلاف التي يؤمن بها القائمون على الجريدة وكل المناضلين النقابيين. رأينا حتى لا نطيل المقال المذكور (الشعب عدد 929) إرجاء الملاحق الرافدة الى هذا العدد آملين زيادة الاقناع لمواصلة نقاش نعتبره ضروريا حتى نسمو بلغتنا وبذواتنا خاصة ان الموضوع كاد يكون من المواضيع المسكوت عنها لولا مقال الاخ غسان بن خليفة الذي رأينا من الواجب ابراز أهميته بنقدنا له طمعا منا في كسر الانزواء والتقوقع حول مقولات وآراء توحي بأنها تحظى بالاجماع ولا حاجة لنا بالتالي بوضعها تحت محك المنطق والتحليل، بينما واقعنا في امس الحاجة الى «الشك والاسئلة والحراك ونقاش المسكوت عنه». كما نقول كفى الزعبي، وهي كاتبة من الاردن في مقال لباب «القدس العربي» (3 ـ 2 /6/07) التي تنبه فيه الى الضرر الكبير الحاصل من عرقلة مناظرات الاراء المختلفة لما يتسبب عن ذلك من اضعاف لحاسة النقد في المجتمع وتقترح على النخب الساهرة على الثقافة البدء بنقد نفسها حتى يصح لها نقد المجتمع بمفهوم اتصال اللغة ولا بقوقعة اللغو. الفرانكو آراب والخوف من «إذًا» قد يأتي الواحد بخطاب عربي متماسك ولكنه اذا وصل الى استنتاج فكلمة بDoncب تتسلل الى اللسان عوضا عن «إذًا» التي لا تنقصها سلاسة أو رونقا، لماذا صارت تضيع في ثنايا المخ «إذا» بينما صارت بDoncب كالماء وقد وجد المنحدر الأقوى ليسيل؟ لابد ان للمخ في ذلك حكمة تفرزها خلاياه معتمدة مبدأ الوصول الى النتيجة بأقل مجهود مع جدلية اللذة والشقاء. فاللفظتان وان هما تؤديان نفس المعنى وهو التنبيه الى استنتاج بعد خطاب، وفي العملية كثير من المنطق والمسؤولية، ليستا مترادفتين في الدلالة اذا اعتبرنا المخزون الثقافي الذي يغمر كلا منهما والذي يتأثر بالطبع بتاريخ أهلهما وتطورهما. فعملية الاستنتاج عند الناطقين بالفرنسية. وهم على حالهم من التقدم، عملية مقبولة ومحبذة اجتماعيا، وهي تبقى محفوفة بالمخاطر عند قوم لم يخرجوا بعد من قرون من التخلف والاستبداد. فلا غرابة ان يلجأ صاحب الخطاب المنطقي، وسط مجتمع يتحصن من كلمة «إذا» بالهروب من المسؤولية التي قد تنتج عنها للتحصن هو الآخر منها ـ بصفة بالطبع غير شعورية وتعويضها بمرادفتها الفرنسية ذات المضمون الأرقى، مهما كان الوهم المصاحب لهذا التعويض. من هذا المثال، وبالتوسع نفهم انجذاب المغلوب للغة الغالب ـ مثلما لاحظ ذلك ابن خلدون ـ الى حد انكار التاريخ والنسب احيانا. لما كانت الفصيحة فصحى يقول القرطبي «ألفارو» في القرن التاسع منتقدا ضعف قومه تجاه الثقافة الاسلامية اذ كانوا: «يجدون متعة في قراءة الشعر والقصص العربية، ويقرؤون كتبهم الدينية، لا ليردوا عليها، وانما ليتدربوا على القراءة الصحيحة والأنيقة… والشباب الممتاز لا يعرف غير اللغة والآداب العربية… ويشيدون أينما حلوا بروعة هذه الآداب… يا للتعاسة que dolor ! المسيحيون نسوا حتى لغة دينهم، فمن بين ألف منا لا نجد واحدا يتقن كتابة رسالة لصديقه ولو بلاتينية مهلهلة بينما كثير هم من يكتبونها بالعربية بسهولة وأناقة وتراهم يقرضون الشعر أحسن من الناحية الفنية ـ من العرب أنفسهم». (إ. ليفي بروفانصال: الحضارة العربية في اسبانيا). . Hatiert . Paris.3 in : J. Villegier – P. Duviols : Par El Mundo Hispanico. موقف الأديب فتحي الامبابي، نشرته «القدس العربي» (16 ـ 7 . 05) في وجوب تغيير النحو العربي اجابة عن السؤال التالي: ثمة أخطاء واضحة في روايتك «شرف الله» تتعلق باللغة واحيانا التركيب، لكنك صاحب موقف نظري من مسألة تطوير اللغة، كيف ترى هذا التناقض بين عدم العلم والرغبة في التطوير؟ ـ احدى الطرق الاساسية في كتابتي هي التمثل اللغوي، بما في ذلك تمثل لغة الاشخاص والجماعات والاعراض واللهجات، وهذا من الاشياء الجوهرية بالنسبة لي، وهذه نقطة أولى، اما الثانية ففي رواية «مراعي القتل» كانت الشخصية الرئيسية لفلاح يتحدث العامية، وكان البناء الدرامي لوجودها في النص ضمن تيار الوعي، مما اضطرني لكتابة نص كامل بلغة مهشمة وللمرة الاولى ألاحظ الفارق الواسع بين اللغة العربية الفصحى الكلاسيكية والفصحى الشائعة، كانت بالنسبة لي تربة استطعت ان ارى منها الجمود الشائن للغة الفصحى الكلاسيكية، والفارق الواسع بين انماط التفكير لدى جماعة المثقفين وانعكاسها على اللغة، وكان اكثر المفارقات وضوحا في النحو العربي الكلاسيكي الذي اعتقد انه احد المعوقات الاساسية التي تعوق تشكيل عقل منطقي للمجتمع العربي. اذن ما هي طبيعة مشكلة النحو العربي لديك؟ ـ أولا النحو العربي تم بغرض تثبيت لهجة احدى القبائل العربية منذ 14 قرنا، فلو نظرت لهذه الغاية ستكتشف انك لست امام علم للنحو ولست امام قوانين للغة بقدر ما انت امام تثبيت صورة للنطق، وثانيا من المعروف ان اللغة تتطور وتنمو وجوهر تطورها هو الاقتصاد، وثالثا ان هناك ما يسمى بالقوة القاهرة للأجيال الصوتية، فأنت لديك جبرية عن عدم نطق مجموعة من الحروف مثل القاف والذال، وانا ارى ان هذه الاسباب الثلاثة تحول أطفالنا الى قرود تتعلم بالعصي والتأنيب شيئا يضيع منهم بمجرد الخروج منه، وأستطيع ان اضيف سببا اخر ان كثيرا من المصطلحات النحوية تتسم بالتهافت والابتذال مثل الفعل المضارع، او ان يضعك هذا التهافت بين اختيار المسند اليه او المبتدأ او الموضوع وأخيرا من المعلوم ان اللغة لصيقة جدا بكل المنطق العقلي والبناء النحوي الكلاسيكي والمروجون له في حالة شلل تام. وما هي نماذج البدائل التي تطرحها نحو التطوير الذي تنشده؟ ـ عندما اقوم بإبداء رأيي حول مشكلة من هذا النوع لا يعني ذلك انني املك الحل النهائي للمشكلة لان ذلك في حاجة على جهد مؤسسات، وللأسف ان مجمع اللغة العربية وكلية دار العلوم يعيشون في العصر المملوكي ومن خلال تجربتي في «مراعي القتل» تبينت لي مجموعة من المقاربات مثل امكانية حذف غير المستخدم مثل هن واللائي واللاتي، كذلك ضرورة كتابة العدد بنفس طريقة نطقه وبشكل عام المقاربة بين المكتوب والمنطوق. بالاضافة الى ذلك ضرورة اسقاط علامات الاعراب الخاصة بالنحو مثل الرفع والنصب والجر وخلافه واستخدام السكون وفي هذه الحالة ستظهر المشكلة في جمع المذكر السالم مثل «المصريون… او المصريين» وفي حالات مثل هذه سنختار الطريقة الاقرب للنطق.. وفي هذه الحالة يسقط النحو القديم الكلاسيكي وينهض مفهوم النحو المنطقي المعتمد على المقولات الاوسطية حول الموضوع والفعل والزمان والمكان والصفة. واضرب لك مثلا من امثلة التهافت الاعرابي فعندما تقول «السماء ممتدة» فالاعراب الكلاسيكي يقول ان السماء مبتدأ وممتدة خبر، وانا ارى ان هذا الاعراب يعبر عن التهافت فعلى حين تكون السماء مبتدأ او موضوعا فـ «ممتدة» تكون صفة وقد كتبت حول هذا الموضوع بحثا مطولا منشورا بمجلة قضايا فكرية في العدد المكرس للغة. لزوجان على باب السجن والابنان على باب التشرد حضر الى مكاتبنا المواطن ساسي عبد الحميد الورفلي صاحب بطاقة تعريف وطنية عدد 03662731 الصادرة بتونس في 22 جانفي 2003 وزوجته السيدة هالة بنت سالم بن حسونة صالحي صاحبة بطاقة تعريف وطنية 05139344 الصادرة بتونس في 21 جوان 2005 وهما موظفان بوزارة الداخلية والتنمية المحلية بخطة محافظ شرطة (الزوج) ومفتش شرطة (الزوجة) وقد كانا مرفوقين بابنيهما (نضال 10 سنوات وصالح 20 شهرا)، ليتوجها برسالة تظلّم إلى عناية وزير الداخلية والتنمية المحلية بعد أن سُدّت أمامهم جميع المنافذ وصاروا على باب التشرّد أمام تأزم وضعهم الاجتماعي فبعد احالتهم على التقاعد من أجل العجز البدني غير الناتج عن العمل بداية من 1 سبتمبر 2007 للسيد ساسي ومن 1 ماي 2007 لزوجته وهو تاريخ انقطاع صرف الجراية وامام هذا القرار اصبحت العائلة في مهب الريح كما وصفها الزوجان ومصيرهما السجن جراء الالتزامات المالية البنكية ومعلوم الكراء الى جانب المصاريف اليومية وتكاليف الادوية الأبدية بدون تغطية اجتماعية من صندوق التقاعد لانهما غير منصوص عليهما بنظام التأمين على المرض. يضيف محدّثنا أنه أمام اشتداد أزمته تقدم بقضية استعجالية الى المحكمة الادارية بغية ايقاف التنفيذ لتوفير أبسط مقومات الحياة وقد أدلى بكل المؤيدات غير أن الفصل 39 من قانون ذات المحكمة لم ينصفه وتم رفض المطلبين. كما شرحت لنا السيدة هالة الوضعية الطبية الحرجة التي يعيش فيها كافة أفراد العائلة ذلك ان ابنها الصغير صالح يحمل اعاقة باطنية علاوة على الحساسية ضد حليب البقر ومشتقاته حيث يتناول حليبا خاصا نباتيا لا يباع في الصيدليات ممّا يزيد عن السنة وغذاؤه خاص «خالي من المستحلبات» شأنه شأن أخيه نضال ووالده السيد ساسي (عدم امتصاص الغذاء العادي). وقد طلب منا السيد ساسي والسيدة هالة تبليغ استغاثتهما الى عناية وزير الداخلية والتنمية المحلية طالبين من سيادته التدخّل العاجل بإعادة النظر في وضعيتهما والاذن باعتماد الفصل 62 من القانون عدد 70 المؤرخ في 6 أوت 1982 المتلعق بالقانون الاساسي لقوات الامن الداخلي. الفقرتان (أ) أو (ج) حيث أن الفقرة (أ) تنص على التمديد للزوج ووضعه في حالة عدم مباشرة لمدة سنة قابلة للتجديد مرتين والفقرة (ج) تنص على إرجاعه الى عمله واعادة ترتيبه بسلك اداري تابع لوزارة الداخلية قصد القيام بعمل غير شاق. وتطلب السيدة هالة ارجاعها الى عملها وتقريبها من محل سكناها (المروج الثاني) مع تمكينها من ظروف عمل تتلاءم ووضعيتها العائلية والاجتماعية. وقبل أن يتحامل السيد ساسي على عكازيه وتحمل زوجته ابنها المعوق وأخاه ويغادرا مكاتبنا تمنيا أن يرأف السيد الوزير بحالهما وحال أبنائهما ويُشرّفهم بلقائه ليشرحا وضعيتهم بالتفاصيل والوثائق ويعاين بنفسه وضعهم الصحي. (المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 11 أوت 2007)
عبد العزيز بواروي يروي شهادته على العصر:
الإتحـاد نشـأ مستقـلاّ وهكذا انسحبت أنا وعاشور
إعداد: سالم الحداد نعود مرّة أخرى إلى شهادات الأخ عبد العزيز بوراوي على منبر مؤسّسة التميمي حول تاريخ الاتحاد وعلاقته بالحزب والحكومة والخلافات التي حصلت بينهما وأدّت إلى أزمات 57 و 65 و 78 و 85 وقد افتتح الدكتور عبد الجليل التميمي الحلقة السادسة من شهادة السيد عبد العزيز بوراوي مؤكدا على أهمية التعرف على التجربة النقابية بكل ما شهدته من انتصارات وانكسارات من خلال شهادات حية يقدمها بناتها بما لهم وما عليهم. وبلا شك أن الأخ عبد العزيز بوراوي هو أحد هؤلاء البناة، وقد عاش تجربة لا تخلو من إشكالات ما زالت محل جدل بين النقابيين والمؤرخين، ويشرف المؤسسة أن تقدمه في الحلقة السادسة من شهادته حتى يلقي الأضواء على هذه الإشكالات، كيف عاشها؟ كيف تعاطى معها؟ كيف يقيمها الآن بعد أن هدأت العواصف وصارت ملكا للتاريخ ؟ هذا ما سنعرفه من خلال الحلقة السادسة، ولعلنا بذلك نساهم في بلورة الحقيقة التاريخية حول عدد من النقاط منها: دور الاتحاد في تحرير الوطن وبنائه والمصادمات التي عرفها مع السلطة والتجاذبات التي وقعت في صلب القيادة في عدة محطات مفصلية والمعاناة التي تجرع مرارتها النقابيون. دور الحزب عند تأسيس الاتحاد استهل الأخ بوراوي شهادته في الحلقة السادسة بالتأكيد على ضرورة رفع لُبْس حصل حول دور الحزب الدستوري لديوان السياسيب في تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل، فأكد أن هذا الحزب ليس له أي دور في التأسيس، وأن تأسيس اتحاد النقابات لعمال الجنوب كان بتأثير حشاد وليس هناك أي اتصال به وبالتالي فالنشأة كانت مستقلة، لكن هذا الحزب قام بدور إيجابي لما أرسينا أرضية للتعاون في مرحلة الكفاح الوطني، كان ذلك على مستوى تكوين النقابات الأولى بعد التأسيس وعلى مستوى النضالات التي قمنا بها. وبخصوص الانتخابات التشريعية التي جرت سنة 1981 قال الأخ عبد العزيز بوراوي اتخذنا قرار المشاركة في الجبهة الوطنية بشكل ديمقراطي هيكلي، ولم يكن قرارا فرديا ولم يمله علينا أحد. ويذكر هنا أنّ الاتحاد شارك في تلك الانتخابات في إطار جبهة مع الحزب الاشتراكي الدستوري وبقية المنظمات وحصل منها على 27 مقعدا. وبخصوص المجلس الوطني وقرار رفع الاستثناء قال الأخ بوراوي لقد عملنا بعد مؤتمر قفصة على انجاز قرارات المؤتمر وفي مقدمتها رفع الاستثناء عن الأخ الحبيب عاشور ولهذا الغرض اتصل الأخ الطيب البكوش بوصفه الأمين العام بالرئيس بورقيبة مرتين وطرح معه الموضوع، وكان جوابه سأفكر في الموضوع، وقد تمّ رفع الاستثناء على مراحل حيث تم أولا تمكين الأخ الحبيب عاشور من الاستشفاء بقربص ثم نُقل إلى مسقط رأسه بقرقنة حيث كان يتمتع بحريته كاملة. قبيل انعقاد المجلس الوطني، وقع استدعاؤنا كمكتب تنفيذي صحبة عاشور والسيد محمد مزالي إلى قصر قرطاج ، وهناك أشاد بورقيبة بعاشور ثم أعلمنا: أنه قرر رفع الاستثناء عنه على أن يكون وجوده بالاتحاد شرفيا قائلا له:ب أنت تعبت وعليك أن ترتاح، وهذا ما لم يقبله عاشور فاتجه إلى بورقيبة قائلا : لماذا تحرمني من المشاركة، إني مازلت قادرا على أداء دوري. وهنا تدخلتُ، فطلبت من بورقيبة أن تكون هذه الخطوة شاملة ويكون التصالح كاملا. ثم تدخل الأخ الطيب البكوش قائلا سيدي الرئيس أرجو أن تتركوا لنا معالجة هذا الأمر، فانفعل بورقيبة ورد بقوة هل أنا رئيس الجمهورية أم أنت؟ من الذي يتخذ القرار؟ وخشية أن يتأزم الموقف تدخلت من جديد وقلت : إن هذا القرار يهم الوطن وأطلب من عاشور أن يقبل مقترح السيد الرئيس، وكان هدفي هو التخلص من الموقف الحرج، وهذا ما لم يُفهم وقد لا يكون واضحا. وأخيرا اتجه بورقيبة إلى مزالي قائلا : احرر بلاغا برفع الاستثناء ثم تحولنا إلى نزل أملكار حيث رتبنا أمورنا واتفقنا على الإجراءات التي سنقوم بها قبل أن نلتحق بالمجلس الوطني للاتحاد الذي كان بصدد الانعقاد، وهناك كانت الفرحة عارمة. وكان هناك إشكال قانوني ، فالقانون الأساسي لا يخول للمجلس الوطني تحويره ، لذا اتخذنا قرار إحداث منصب رئيس للاتحاد وتركنا للمؤتمر مهمة التحوير والإقرار. ومنذ تلك اللحظة صار للاتحاد رأسان: الرئيس عاشور والأمين العام الطيب البكوش. النقابة الموازية – الاتحاد الوطني للشغل: لماذا؟ وكيف ؟ ما أن اعتلى عاشور كرسي الرئاسة في الاتحاد حتى بدأت ردود الفعل ومخاطر ازدواجية المسؤولية، فقد استغل مهمته الجديدة لتصفية الحسابات بطريقة تصاعدية حيث أوعز لأنصاره في الاتحادات الجهوية وبقية الهياكل بتنقية الهياكل من خصومه وتغيير موازين القوى لفائدته. وكانت البداية من الاتحاد الجهوي بالقصرين والاتحاد الجهوي بسوسة، وقد أخذت هذه التحويرات ـ في ظاهرها ـ صبغة ديمقراطية تستند إلى توفر الأغلبية، لكن خلفيتها التصفوية لم تكن خافية على أحد ، وقد اعترضنا على هذه الممارسات ورجونا من عاشور أن يضع لها حدا خوفا من تداعياتها السلبية . وأبدى تفهما لكنه لم يترجم ذلك على المستوى العملي، واستمر ذلك الصنيع طيلة سنة ونصف. كما وظفت ميزانية الاتحاد بمكيالين، فهي تُنفق بسخاء على الأنصار لتسهيل مهمتهم وتُحجب على الخصوم لعرقلتهم. وكان الهدف هو تغيير موازين القوى بخلق أغلبية مريحة تساعده على التخلص منا على المستوى المركزي في المؤتمر القادم. وأفظع ما وقع كان للأخ الناجي الشعري الذي كان قد أصدر بيانا اتهم فيه عاشور باستعمال العنف اللفظي وقرر سحب ثقته منه لمنع عاشور من الدخول إلى دار الاتحاد فوجه له عاشور أفظع الشتائم. وإزاء هذا الوضع انقسم المكتب التنفيذي إلى فريقين: ـ فريق رافض لسلوك الحبيب عاشور الفردي ولعمله التصفوي وضم ثمانية:الطيب البكوش عبد العزيز بوراوي ، الصادق بسباس، عبد الرزاق غربال ،خير الدين الصالحي، مصطفى الغربي ، عبد الحميد بلعيد، الناجي الشعري. ـ فريق موال له وضم خمسة:الحبيب بن عاشور ،خليفة عبيد، حسين بن قدور، الصادق علوش، خيرالدين بوصلاح. وهكذا كنا في أغلبية على مستوى المكتب التنفيذي، فاجتمعنا سرا وتدارسنا الوضع ومما قاله الأخ الطيب البكوش :ب هذه فرصة يجب استغلالها لإصلاح الوضع بالاتحاد بكل الوسائل القانونية المتاحة وقررنا الامتناع عن الحضور حتى نخلق فراغا حول عاشور مع تواصل تحمل مسؤوليتنا في صلب الاتحاد وكلفنا الطيب البكوش بالدفاع عن موقفنا في غيابنا لدى الهياكل. كما أعددنا بيانا شخصنا فيه الأزمة من حيث التجليات والأسباب منذ عودة عاشور. وقد بدت مظاهر الأزمة في : ـ تفكك الوحدة النقابية. ـ سوء التصرف في ميزانية الاتحاد. ـ دوس قانون الاتحاد. وتعود أسباب الأزمة إلى: ـ السلوك الفردي لعاشور وهذا ما ورد على لسانه في جريدة Le Monde التي صرح لها قائلا : « إما أن أكون عرفا Patron أو لا أكون » وفي هذا دوس للقانون الأساسي للاتحاد. ـ استخدام عناصر لخدمة أهدافه الشخصية. ـ تنصيب عناصر في بعض المواقع كجامعة النسيج. ـ استخدام العنف اللفظي لإهانة زملائه مثلما حصل مع ناجي الشعري وهذا ما لم أعهده من عاشور. ـ الاتصالات الفردية مع بعض المنظمات الوطنية أو الأجنبية دون الرجوع إلى الهياكل وبهذا استحال العمل معه داخل المكتب التنفيذي. وكان الأخ الطيب البكوش هو الذي صاغ البيان ولكنه اعتذر عن إمضائه قائلا الأفضل ألا أمضي معكم حتى لا أكون في موقع الخصم والحكم في نفس الوقت وهذا ما أثار غضب خير الدين الصالحي الذي هم بمقاطعة الاجتماع قائلا ها قد بدأ التلاعب وحتى أحافظ على تلاحم المجموعة اقترحت أن نحرر محضر جلسة داخلي يمضيه الطيب البكوش فوافق ثم أخذ النص ليصلح أخطاءه اللغوية ولم نعرف مصيره إلى اليوم. الهيئة الإدارية تطرد السبعة عندما علم عاشور بالبيان الذي أمضاه السبعة من أعضاء المكتب التنفيذي اعتبره تمردا عليه، فدعا الهيئة الإدارية إلى الاجتماع دون أن يوجه إلينا الدعوة . أثناء المداولات تباينت الآراء بين مُطالب بالرفت بصفة نهائية ومُطالب بالتجميد (البكوش). أما عاشور فكان يلح على تجريدنا من الصفة النقابية وطردنا نهائيا. وأخيرا وقع طردنا تطبيقا للفصل11 من القانون الأساسي المتعلق بمخالفة الخيارات العامة للمؤتمر لا حسب الفصل 18 الذي يسمح بالتوقيف لا بالرفت. في البداية لم يكن في نيتنا أن نؤسس نقابة موازية لكن أمام هذا الإجراء التعسفي قررنا ألا نستسلم، واعتبرنا القرار مرفوضا شكلا ومضمونا وطرحنا على أنفسنا : ما العمل؟ فاستأنسنا بالتجارب السابقة وخاصة بتجربة الاتحاد التونسي للشغل التي خضناها مع الحبيب عاشور نفسه ضد أحمد بن صالح سنة 1956 ، ورغم ذلك لم تتّخذ الهياكل قرارا بالطرد ضدنا رغم تمردنا على المركزية النقابية، وعلى العكس من ذلك كانت هناك دعوة للتهدئة. أما اليوم فالأجواء كانت متوترة و سُدّت أمامنا كل الأبواب ووجدنا أنفسنا أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الاستسلام أو التصدي ، فاخترنا الثاني، لكن من أين سيكون التصدي؟ هل من داخل المنظمة أم من خارجها؟ إن المواجهة من الداخل مستحيلة ، فالهياكل معبأة ضدنا، لذا فالحل الوحيد لا يكون إلا من خارجها. عقدنا ندوة صحفية في منزلي حضرها الأخ الطيب البكوش تحدثنا فيها عن الظروف التي أدت إلى هذه الأزمة وأعلنا عزمنا على بعث نقابة موازية فدستور البلاد لا يتضمن أي نص يمنع ذلك. مَنْ وراء التصعيد ؟ هناك تيار يساري راديكالي تسرب إلى الاتحاد العام التونسي للشغل هدفه السيطرة على المنظمة، وقد سعى إلى ذلك من خلال عزل عاشور عن رفاقه، وإبعاد هؤلاء عن الساحة النقابية حتى يتفرد به ويبعد هو الآخر ، وقد ورد في أحد المناشير السياسية لهذا التيار الراديكالي ا كيف نزيح التيجاني ونبقي عاشور؟ مزالي لم يوعز ولم يشجع لكنه سكت عنا عندما قررنا التأسيس كلفنا خير الدين الصالحي بإبلاغ رغبتنا إلى السيد محمد مزالي الوزير الأول آنذاك فلم يتحمس لمشروعنا بل إنه أظهر معارضة قائلا :ب لقد كنت نقابيا في التعليم الثانوي وناضلت في صلب الاتحاد ويعز عليّ اليوم أن تتكون نقابة موازية لضرب الاتحادب ولم يبد أي استعداد لتشجيعنا لكنه سكت عنا. شرعنا في تكوين هياكل نقابية انطلاقا من النقابات الأساسية فالفروع الجامعية فالاتحادات الجهوية فالجامعات إلى المركزية النقابية التي تشكلت في فيفري 1984وضمت السبعة المطرودين مع ثمانية آخرين. وبعد أن ظهر الاتحاد الوطني كمنظمة موازية بدأت الحكومة تتعامل معه فمنحته بعض الإلحاقات في إطار التفرغ وتسلمنا مقر نهج الجزيرة على سبيل الكراء ولكنها رفضت أن تمتعه بالاشتراكات المخصومة مباشرة من الأجور مثل الاتحاد العام التونسي للشغل، وطلبت من الشُّعب أن تتريث وألا تلتحق بمنظمتنا. لكن في سنة 1985 توتر الوضع الاجتماعي، حيث تقدم الاتحاد العام التونسي للشغل بالعديد من المطالب رفضتها السلطة، فتصاعدت وتيرة الإضرابات، فطلب مزالي توقيفها، فرفضت ذلك قيادة الاتحاد العام . ومما زاد الطين بلة أن البلاد تعرضت لتحديين. ـ عملية طرد العمال التونسيين من ليبيا ، فاعتبرها النظام التونسي ضربة موجهة إليه لتعجيزه وإنهاكه، واستغل توتر العلاقات مع ليبيا ليرفض الزيادة، فازدادت العلاقات سوءا ، فوقعت بعض المساعي الحميدة قام بها السيدان : الشاذلي العياري وحمودة بن سلامة ، لكنها آلت للفشل. ـ الغارة التي شنها الطيران الصهيوني في غرة أكتوبرعلى مقر قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في حمام الشط، وذهب ضحيتها العديد من الفلسطينيين والتونسيين وهذا ما جعلنا مرنين في مطالبنا، فقد أكدنا على الرفع من المنح العائلية ومنحة الأجر الوحيد آخذين بعين الاعتبار الظروف التي تمر بها البلاد خاصة بعد طرد عمالنا من ليبيا، في حين تمسك الأخ عاشور بالمطالب التي قدمها دون أن يراعي المستجدات، وأعلن عن سلسلة من الإضرابات في مختلف القطاعات. وقد آل هذا التوتر إلى وضع عاشور تحت الإقامة الجبرية ثم أعدت له الحكومة ملف إدانة وأحالته على العدالة صحبة ابنه ثامر واتهمتهما بالتلاعب بممتلكات الاتحاد بما في ذلك شركة التأمين ونزل أملكار الشرفاء ودورهم في إطار هذا المناخ المتوتر، ظهرت مجموعة من النقابيين الدستوريين سماهم مزالي « الشرفاء » (وهي من الأسماء الأضداد، فالشرفاء تاريخيا، عرفوا في الدولة العباسية، وينتسبون إلى عائلة الرسول، وقدمت لهم الكثير من العطايا والخدمات احتراما لنسبهم واتقاء لمعارضتهم، أما شرفاء الحركة النقابية فهم الذين خذلوها ووضعوا أنفسهم في خدمة الحكومة لتدجينها حتى تتحول إلى عربة مجرورة للحزب الحاكم والسلطة). وكانت بداية ظهورهم في مدينة المنستير حيث شجع الوالي منصور السخيري مجموعة من العناصر الدخيلة على العمل النقابي ، في مقدمتهم على الأشعل،على مهاجمة دار الاتحاد الجهوي وافتكاكها، وعلى منوالها نسجت هذه العناصر في بقية الولايات وصولا إلى المقر المركزي بساحة محمد علي، وشكلت مكتبا للتنسيق، ثم عقدت مؤتمرا في 29 أفريل 1986أسموه مؤتمر التصحيح. وكان موقفنا من الصراع بين قيادة المؤتمر 16 والشرفاء الذين يدعمهم النظام هو ملازمة الحياد. ومع نهاية 1985 وبداية 1986تواجدت في الساحة النقابية ثلاث تشكيلات نقابية : الاتحاد العام التونسي للشغل (الشرعي المنبثق عن المؤتمر 16) الاتحاد العام التونسي للشغل (الشرفاء المنبثق عن المؤتمر التصحيحي) الاتحاد الوطني التونسي للشغل. نداء رئيس الدولة للتوحيد لتجاوز هذه التعددية وجه رئيس الدولة نداء للوحدة النقابية سنة 1986 بمناسبة الاحتفال بذكرى تأسيس الاتحاد 20 جانفي، وفي غرة ماي دعا رئيس الحكومة الأطراف الثلاثة للعمل على تجسيد هذا النداء، فتجاوبنا معه من حيث المبدأ وحضرت الاجتماع الذي تغيب عنه المكتب التنفيذي للمؤتمر 16 وبذلك فشل هذا المشروع منذ البداية. وشاءت الظروف أن يعزل بورقيبة محمد مزالي يوم 8 جويلية 1986 عن رئاسة الحكومة وأن يسندها إلى السيد رشيد صفر ويحرمه من متابعة محاكمة عاشور التي تمت في ديسمبر1986 وكان مزالي قد لاذ بالفرار في زي تاجر جربي عبر الحدود التونسية الجزائرية مقتفيا أثر أحمد بن صالح ، في شهر سبتمبر 1986 خوفا من أن يحال على المحاكمة التي قال عنها: « إنها محاكمة صورية وهو يعرف كيف تدار المحاكمات »، لذلك وأمام احتلال الشرفاء لمقرات الاتحاد وامتناع قيادة المؤتمر 16 عن الحضور والمشاركة وأمام تعطل الحياة النقابية ، أصبح لزاما علينا أن نفكر ما العمل ؟ وهكذا وقع الاتصال بالحكومة التي كان على رأسها رشيد صفر وكان متعاطفا مع الاتحاد وحاول فض الإشكالات المطروحة، فتمّ الاتفاق على تكوين لجنة تتكون من 12 عضوا، 4 عن كل تشكيلة نقابية تعد لعقد مؤتمر استثنائي ، غير أن قيادة مؤتمر 16 رفضت ذلك، لكنها في نفس الوقت انقسمت بين مؤيد للوحدة ورافض لها. وقد انضم للحل كل من : الصادق علوش والحبيب بن عاشور وحسن حمودية ومصطفى الكنزاري مع حضور ابن رميلة وإسماعيل السحباني الذين وافقا في الأوّل ثم تراجعا. جرت هذه الاستعدادات في 19 ديسمبر1986وأصدرنا بيانا أكدنا فيها عزمنا على عقد مؤتمر جديد يضم الأطراف الثلاثة: الشرفاء ، والاتحاد الوطني والمنشقين عن المؤتمر 16 وهذا ما أنجزناه في شهر جانفي من سنة1987بحضور الرئيس بورقيبة ، وفعلا تشكل مكتب تنفيذي يتكون من :عبد العزيز بوراوي ، الصادق علوش ، الحبيب بن عاشور ، المنصف قمر، خليفة عبيد، على الأشعل، مصطفى الكنزاري، خير الدين الصالحي ، عبد الستار الشناوي ، حسن حمودية، بلقاسم الحمايدي، محمد العليمي وعبد الرزاق غربال، أما إسماعيل الآجري فقد عينه بورقيبة قنصلا. ووجدنا كل التشجيع من السيد رشيد صفرعند ترؤسه للحكومة. تحول 7 نوفمبر والحركة النقابية في نفس اليوم الذي حصل فيه التغيير اجتمع المكتب التنفيذي وأصدر بلاغا دعم فيه حركة التغيير وكنا أول من بادر من المنظمات التونسية، واعتبرناها حركة إنقاذ لتونس التي كانت على شفا حفرة من الانهيار، غير أن الإذاعة حذفت منه فقرة بالرغم من أننا أخذناها من بيان 7 نوفمبر. بدأت الاتصالات عبر السيد حامد القروي بالفصائل النقابية، فرفضت قيادة المؤتمر 16 عقد مؤتمر توحيدي مع القيادة الموجودة آنذاك وصدرت لائحة وقعها 61 إطارا في الغرض. وفي يوم الثلاثاء 4 أفريل 1988دعاني الرئيس الزين بن على لقصر قرطاج فوجدت عنده الحبيب عاشور وفي اللقاء المشترك ذكرنا الرئيس بأن الوضع لاقتصادي في البلاد متأزم ولا يمكن أن يستمر هكذا، وهو في حاجة إلى مجهود النقابيين ، وأريد منكما الحل، فتعانقنا وتصالحنا بحضور الرئيس، ودار الحوار التالي : ـ بوراوي : اقترح أن ننسحب أنا وعاشور من الساحة النقابية ونترك المجال لغيرنا ـ الرئيس كيف وأنت أمين عام ؟ ـ الأخ الحبيب عاشور: إن صحتي لم تعد تسمح لي بتحمل المسؤولية ـ الرئيس : أريد حلا ـ بوراوي: نكوّن لجنة لإعداد مؤتمر توحيدي جديد ـ الرئيس كيف ؟ ـ بوراوي : نكون اللجنة ونسند رئاستها إلى الأخ خير الدين الصالحي ـ عاشور: نضيف علي بن رمضان ـ بوراوي: نصدر بلاغا حول هذا الاتفاق . وهنا دعانا الرئيس إلى الفطور وكان ذلك بحضور السيد الحبيب عمار وزير الداخلية آنذاك، وطلب تسمية أحد الشوارع باسم عاشور ـ عاشور : كيف وأنا مازلت على قيد الحياة. ـ الرئيس: ذلك ممكن جدا وقد وقع في العديد من البلدان. وتولى السيد عبد الحفيظ الهرقام صياغة البيان الذي أشرت إليه. تعقيب من الأخ الصادق بسباس والأخ محمد عزالدين كان انسحاب السبعة في البداية من المكتب التنفيذي لا من الاتحاد ولم نفكر في تأسيس نقابة موازية والحبيب عاشور هو الذي أحدث القطيعة. أمّا فيما يتعلّق بالشغور فإذا كان محدود 1 أو 2 أو 3 يمكن تعويضهم من طرف الهيئة الإدارية أما إذا كان يهم أكثر من الثلث فلا يتم إلا من خلال المؤتمر،وهنا يكمن انتهاك القانون الأساسي. الاتحاد الوطني رفض الوحدة مع الشرفاء، كنا نعتقد أن الوحدة ستعود مع ,1988 وأن الشرفاء لا مستقبل لهم . الطيب البكوش أخذ المحضر لمعالجة أخطائه اللغوية ولم يرجعه. وبدوره تدخّل الأخ محمد بن عزالدين فقال انّ الاتحاد ليس له مليشيا بل تصدى لمليشيا الحزب وأضاف أنّ الاتحاد بعد 1960 صار يقوده الشيوعيون والخونة والبكّايا وأنّ عاشور في مؤتمر بنزرت لم يغدر ولم يكن خبيثا والظروف كانت أقوى منه. أسئلة وملاحظات في نهاية هذا العرض تقدم الحاضرون (باحثون، أساتذة، رفاق لبوراوي وصحافة) تقدموا بمجموعة من الملاحظات والأسئلة منها: ـ إن عاشور لا تختلف ممارسته في الاتحاد عن ممارسة بورقيبة في الحزب بما في ذلك استعمال المليشيا. ـ ليس هناك أمين عام لم توافق عليه السلطة. ـ الاتحاد الوطني ما كان له أن يوجد لولا موافقة السلطة كما يقع الآن مع الجامعة العامة للشغل، فهو لم يسمح لها بعقد ندوة صحفية ولكنها سمح لها بتوزيع المناشير الملتهبة. ـ الخلاف بين النقابيين بدأ في السجن قبل أحداث قفصة حول عدة مسائل منها : تصرف عائلة عاشور في ممتلكات الاتحاد. ـ إن العاشورية ظاهرة طغت على الاتحاد في حياته و بعد مماته وأوضحها ممارسة إسماعيل السحباني. ـ الطيب البكوش تخلى عن السبعة بعد أن اقتنع بأن النظام يحركهم. ـ إن كل التداعيات السلبية التي حدثت للمنظمة الشغيلة كانت نتيجة مباشرة للتنازلات التي قدمها المكتب التنفيذي عندما اتصلت به السلطة في السجن على إثر حادثة قفصة عن طريق عبد الرحمان تليلي بعد أن عجزت عن تطويع الحبيب عاشور، فكان التحالف مع المنصبين وكان القبول برفع الاستثناء عن الأمين العام وكانت العودة إلى أحضان الحزب والدخول في الجبهة الانتخابية ثم كانت سياسة التصفية التي مارسها عاشور على رفاقه الذين تخلوا عنه وقت الشدة وهذا ما أضعف المنظمة في الثمانينات. ـ هل تعرضتم لضغط السلطة بعد 7 نوفمبر للخروج من الساحة النقابية؟ ـ ما رأي السيد بوراوي في التعددية وهو الذي عاش التجربتين الأحادية والتعددية. بعض الردود يمكن اعتبار العديد من الملاحظات قراءة للأحداث ولكل منا الحق في تقديم القراءة التي اقتنع بها. ـ إن تأسيس الاتحاد الوطني كان اضطرارا وليس اختيارا، لم نكن راغبين في هذا التأسيس أو في إضعاف منظمتنا، ومع ذلك فهذه العملية أفقدتني العديد من الأصدقاء، وما زالت تهمة الانشقاق عن المنظمة الشغيلة والتخلي عن رفيق الدرب، تلاحقني. ـ عاد الوئام بيني وبين عاشور بفضل ابن علي الذي كان يرى في قوة المنظمات قوة للبلاد. ـ الطيب البكوش تعامل بصفة ديمقراطية وهو رجل مثقف ولكنه لم يكن صادقا معنا وناور عندما رفض الإمضاء ولم يدافع عنا. ـ لقد انسحبنا من الساحة النقابية باختيارنا ولم نتعرض لأي ضغط. وفي الأخير أنهى الأخ بوراوي حلقاته الست بكلمة عاطفية جد مؤثرة وكأنه يودع الحياة النقابية اتجه فيها بالشكر إلى مؤسسة التميمي التي وفرت له هذه الفرصة التاريخية النادرة ليرفع عن نفسه كابوسا طالما صعب عليه حمله، وليقدم تجربة نقابية بما لها وما عليها لمناضل لم يدّع العصمة ولا المثالية، غير أنها تجربة صادقة وأشهد اللّه على ما قال. (المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 21 جويلية 2007)
على هامش شهادته في مؤسسة التميمي:
تصويبا من الاخ عبد العزيز بوراوي وتوضيحات
اتصلنا من الأخ عبد العزيز بوراوي برسالة هذا نصها: الى عناية الاخ الكريم الاستاذ محمد بن صالح رئيس تحرير جريدة «الشعب» تحية أخوية وبعد، فتبعا لما اشعرتكم به هاتفيا ارجو من اخوتكم نشر التصويبات التالية المتعلقة بالربورتاج الذي انجزه الاخ سالم الحداد مشكورا لدى مؤسسة التميمي (الحلقة السادسة) والتي نشرت بجريدة «الشعب» عدد 927 بتاريخ 21 جويلية 2007 بصفحتي 18 و 19 منه. أما التصويبات فهي الآتية: 1 ـ ص 18 العمود الثالث الفقرة بعنوان: النقابة الموازية ـ الاتحاد الوطني لماذا وكيف؟ الجزء الاخير: الصواب: … يخلق أغلبية مريحة تساعده على التخلص مما يريد في المؤتمر الوطني القادم. وتكريسا لهذا المنحى كان اجتماع المكتب التنفيذي يوم 10 نوفمبر 1983 القطرة التي افاضت الكأس حيث انفجر الخلاف بين اغلبيته ورئيس الاتحاد الذي انهال على الاخ ناجي الشعري شتما وتهديدا بالعنف وبعبارات يندى لها الجبين. 2 ـ العمود الرابع من نفس ص 18 ـ الفقرة 4 (اعادة). الصواب: … فغادرنا قاعة الاجتماع وتوجه ثمانية اعضاء من المكتب التنفيذي (وهي الاغلبية) يتقدمهم الاخ الطيب البكوش الامين العام الى منزل احدهم وكنت من بينهم وتدارسنا الوضع وكان هذا الاخير اكثر حماسا للمقاطعة ولاتخاذ مواقف حاسمة وقررنا: 1 ـ مقاطعة اجتماعات المكتب التنفيذي مع الاستمرار في تحمل المسؤوليات النقابية الاخرى. 2 ـ عقد اجتماع موسع مع بعض اعضاء الهيئة الادارية. 3 ـ اصدار بيان نقابي داخلي يتضمن التفسيرات الضرورية لما يجري من خلافات نابعة من تصرفات خطيرة على الوحدة النقابية قام ويقوم بها الحبيب عاشور. 3 ـ في الفقرة الاخيرة من نفس ص 18 من العمود 4. الصواب: … السلوك الفردي لعاشور وهذا ما ورد في مجلة «جون افريك» «Jeune Afrique» قائلا «أما أن أكون «عرفا» «Patron» أو لا أكون» فالمقصود هو التأكيد على القرار الفردي. (مع حذف كلمة وهذا دوس للقانون الاساسي غير مفيد في هذا المقام) والباقي من هذه الفقرة بالعمود 5 (الفقرة الاولى منه بدون تغيير الى الفقرة الموالية 2). 4 ـ الفقرة 2 من العمود 5 من نفس ص 18. الصواب: … فانجزنا البيان النقابي الداخلي المذكور وتعهد الاخ الطيب البكوش بإجراء اللمسات الاخيرة عليه وطبعه بوسائله الخاصة ـ وقررنا تكليفه بالدفاع عن القضية لدى الهيئة الادارية التي لم نُدع اليها وقررنا عدم الحضور في اشغالها لكن الاخ الطيب البكوش امتنع عن امضائه معنا نحن السبعة معللا… بأنه لا يجوز ان يكون الخصم والحكم لدى اجتماع الهيئة الادارية وانقاذا للموقف اقترحت اعداد محضر جلسة داخلي يتضمن محاور البيان ويمضي عليه الاخ الطيب البكوش فوافق على ذلك بحماس، لكنه وعد بإمضائه بعد اطلاعه على المحضر المذكور في اليوم الموالي ولم يمضه بتاتا. 5 ـ العمود 6 ـ الفقرة الاولى من ص 18. الصواب: … وقع طردنا قسرا استنادا على الفصل 11 من القانون الاساسي للاتحاد العام التونسي للشغل الذي ينص على ان للهيئة الادارية الحق في اتخاذ القرارات التي تراها صالحة وذلك في اطار الاختيارات العامة للمؤتمر ـ فهل ان الرفض والطرد لاعضاء من المكتب التنفيذي يعتبران من اختيارات المؤتمر؟ في حين ان الفصل 18 من هذا القانون هو الذي يرجع اليه النظر في مثل هذه القضايا لا غير فوقع القفز عليه عمدا وتحديا لكل النقابيين المؤمنين بالعدل والديمقراطية وبالتالي فهذا القرار الجائر يمثل سابقة خطيرة ولا يشرف اصحابه. 6 ـ العمود 2 ـ الفقرة 2 من ص 19 ـ بعنوان الشرفاء: الصواب: اعادة الفقرة كما يلي: في هذا المناخ المحقون اذن منصور السخيري والي المنستير انذاك ثلة من الدستوريين النقابيين باقتحام مقر الاتحاد الجهوي للشغل بالمنستير ومن ثمة نسجت على منواله سلط جهوية اخرى وتحولت الجماعة الى الاتحاد العام واقتحموا احد المقرين المركزيين للاتحاد العام على مرأى ومسمع من الشرطة وذلك بنهج اليونان عدد 9 وبارك هذا العمل الوزير الاول انذاك امام الجلسة العامة لمجلس النواب ووصف اصحابه بالشرفاء. 7 ـ العمود 1 ـ 2 ـ 3 ـ 4 من ص 19 بعنوان تأسيس الاتحاد الوطني. الصواب: حذف هذا العنوان لأني لم أتفوه بهذا الكلام بل اكدت بأن تأسيس الاتحاد الوطني كان اجراء اضطراريا لما انسدت كل أفق المصالحة والتراجع وكان القرار قاعديا واتحادات جهوية وجامعات مهنية. 8 ـ العمود 4 الفقرة 2 من ص 19: بعنوان تحول 7 نوفمبر. الصواب: بعد ان حذفت الاذاعة الفقرة الثانية من الديباجة التي اكد فيها المكتب التنفيذي الاشادة بكفاح الزعيم الحبيب بورقيبة قبل وبعد الاستقلال وبناء الدولة اعلمت الدكتور حامد القروي مدير الحزب انذاك ووعدني بالبحث في الموضوع (انتهت الفقرة). 9 ـ العمود 4 بعد الفقرة 3 من هذا العنوان (التحول). الصواب: (وبعد كلمة دار الحوار التالي): بعد حوار بناء في البحث عن ايجاد الحلول الناجعة لانقاذ هذا الوضع الاقتصادي والاجتماعي اللذين وصفهما الرئيس بالموروثين وباعتماده على مساعدة المناضلين مثلنا (عاشور ـ بوراوي) . 10 ـ في نفس السياق وقبل الفقرة الاخيرة اكمال ما يلي: الصواب: وبعد انتهاء المحادثات كلف السيد الرئيس السيد عبد الحفيظ الهرقام الملحق الصحفي بالقصر الرئاسي بمساعدتنا على اصدار البلاغ المشترك الذي امضينا عليه (انتهى). (المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 11 أوت 2007)
تحسين المقدرة الشرائية للأجراء وذوي الدخل المحدود:
الترفيع في الأجر الأدنى المضمون
زيادة في المساعدات المقدمة للعائلات المعوزة والمسنين والمعوقين
تونس (وات) ـ جاء في بلاغ صادر عن الوزارة الاولى انه تجسيما لما أذن به الرئيس زين العابدين بن علي بخصوص الترفيع في الاجر الادنى المضمون وبعد التشاور مع المنظمات المهنية المعنية تقرر أن تكون الزيادات كالآتي:
1ـ الزيادة في الاجر الادني المضمون لمختلف المهن (نظام48 ساعة) بـ8 دنانير و528 مليما ليرتفع من 231 دينار و296 مليما الى 239 دينارا و824 مليما
2ـ الزيادة في الاجر الادنى المضمون لمختلف المهن (نظام40 ساعة) بـ7 دنانير و107 مليما ليرتفع من 200 دينار و721 مليمأ الى 207 دنانير و828 مليما
3
ـ الزيادة في الاجر الادنى الفلاحي المضمون بـ250 مليما في اليوم ليرتفع من 7 دنانير و129 مليما الى 7 دنانير و379 مليما
4ـ الزيادة في الاجر الادنى للعملة الفلاحيين ذوي الاختصاص بـ270 مليما في اليوم ليرتفع من 7 دنانير و579 مليما الى 7 دنانير و849 مليما
5ـ الزيادة في الاجر الادنى للعملة الفلاحيين ذوى الكفاءة بـ290 مليما في اليوم ليرتفع من 7 دنانير و984 مليما الى 8 دنانير و274 مليما.
وتدخل هذه الزيادات التي ينتفع منها حوالي 280 ألف عامل حيز التنفيذ بداية من غرة جويلية 2007.
ومن جهة أخرى ووفقا لاصلاح نظام التقاعد الذى تم اقراره سنة 2001 سيتم الزيادة في جرايات التقاعد في النظام العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بنسبة تساوى نسبة تطور الاجر الادنى وينسحب هذا الاجراء على حوالي 324 ألف متقاعد وذلك بداية من غرة جويلية 2007.
وعلى صعيد اخر وتجسيما لرعاية الرئيس زين العابدين بن علي للعائلات المعوزة وفاقدي السند وعملة الحضائر تعلم الوزارة الاولى أنه تقرر:
1ـ الزيادة في المساعدة المقدمة من قبل ميزانية الدولة لفائدة العائلات المعوزة بـ10 دنانير لترتفع الى 150دينارا في الثلاثية وينسحب هذا الاجراء على حوالي 115 الف عائلة.
2ـ الزيادة في المساعدة المقدمة من قبل ميزانية الدولة لفائدة المسنين والمعوقين بـ10 دنانير لترتفع الى 150دينارا في الثلاثية ويسحب هذا الاجراء على حوالي 7 آلاف مسن ومعوق معوزين غير قادرين على العمل.
3ـ الزيادة في المنحة المقدمة لعملة الحضائر الذين يشتغلون بصفة ظرفية بـ200 مليم في اليوم.
وتدخل هذه الاجراءات حيز التنفيذ بداية من غرة جويلية 2007 مع العلم أنه تم صرف أو اتخاذ الاجراءات لصرف القسط الثالث من الزيادات في الاجور لفائدة الاجراء في القطاعين العمومي والخاص وذلك في اطار الزيادات المقررة ضمن الجولة السادسة من المفاوضات الجماعية.
وبذلك يتواصل نسق تحسين المقدرة الشرائية لكافة أصناف الاجراء وذوي الدخل المحدود تكريسا للتلازم بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي.
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 أوت 2007)
تعديلات جزئية في أسعار مشتقات الحبوب
تونس (وات) تشهد أسعار الحبوب ارتفاعا حادا في الاسواق العالمية تجاوزت نسبته 50 في المائة بين بداية سنة 2007 ونهاية جويلية المنقضي جراء تقلص الانتاج العالمي وارتفاع الطلب على هذه المواد واعتبارا الى أن جزءا هاما من حاجياتنا من الحبوب يتم تغطيته عن طريق التوريد سجلت نفقات الصندوق العام للتعويض بعنوان دعم المواد الاساسية تطورا هاما فاق كل التوقعات حيث ينتظر أن تناهز 542 مليون دينار مقابل تقديرات بـ340 مليون دينار في بداية السنة علما وأنه يتوقع أن يتواصل المنحى التصاعدي للاسعار العالمية خلال المدة القادمة بما قد يسبب ضغوطات اضافية على الصندوق.
وازاء هذا الوضع جاء في بلاغ عن وزارة التجارة والصناعات التقليدية أنه تقرر ادخال تعديلات جزئية على أسعار مشتقات الحبوب بداية من يوم الاحد 12 أوت 2007 تصبح بمقتضاه أسعار البيع للعموم على النحـــو التالي:
– الخبز الكبير: الحفاظ على السعر القديم (240 مليما) مع التخفيف في الوزن من 450 الى 400 غرام.
– الخبز الصغير: الحفاظ على السعر القديم (190 مليما) مع التخفيف في الوزن من 250 الى 220 غراما.
– السميد زيادة بـ30 مليما في سعر الكيلوغرام.
– العجين الغذائي والكسكسي زيادة بـ60 مليما في سعر الكيلوغرام.
وبذلك ورغم الضغوط المسلطة على صندوق التعويض تكون التعديلات محدودة ولا تغطي الا جزءا من جملة نفقات الدعم الاضافية المتوقعة خلال السنة الجارية وهو ما يعكس التقيد بسياسة التدرج ومراعاة المقدرة الشرائية للمواطن.
وتجدر الاشارة في هذا الاطار الى أنه بالرغم من هذه التعديلات يواصل صندوق التعويض تدعيم أسعار المواد الاساسية بمقادير هامة تفوق 210 مليمات بالنسبة الى الكيلوغرام من العجين الغذائي والكسكسي و197 مليم للكيلوغرام من السميد و100 مليم للخبز الكبير.
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 أوت 2007)
حركة الديموقراطيين الاشتراكيين:
هل بدأت مرحلة محاسبة المكتب السياسي والترتيب لما بعد الأمين العام؟
اجتماع مرتقب للمكتب السياسي للحركـة يـوم 25 أوت
تونس – الصباح
في تطور لافت للنظر صلب حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، عقدت اجتماعات مكثفة في غضون الأيام القليلة الماضية، في جهتين اثنتين من الجهات المهمة في النسيج التنظيمي للحركة، وهما إقليم الجنوب وجهة الشمال..
الاجتماع الأول، الذي التأم بمقر جامعة قفصة، ضم ممثلين عن جامعات توزر وقفصة وقبلي ومدنين وقابس وصفاقس والقصرين، بحضور إطارات قيادية في مستويات مختلفة من الحركة، بما في ذلك بعض أعضاء المكتب السياسي ورئيس المجلس الوطني، السيد رضا عباس، وكان من بين الحضور، بعض الأسماء المحسوبة على مجموعة السيد إسماعيل بولحية من أعضاء جامعة قابس، فيما كان معظم الذين حضروا الاجتماع، من الكتلة المحسوبة على السيد مواعدة..
ورغم أن هذا الاجتماع قد انعقد على هامش جنازة لأحد مناضلي الحركة بجهة قفصة، إلا أن عدد الحضور وحجمهم داخل الحركة، يعكس تنظيما مسبقا من مناضلي الحزب في إقليم الجنوب الذين حرصوا على التحرك والتعبير عن رأيهم وموقفهم بخصوص مجريات الأمور صلب حركتهم..
وتمخض الاجتماع الذي استغرق نحو الثلاث ساعات، عن جملة من الملاحظات والقرارات أهمها:
قرارات هامة..
1) القيام بتقييم شامل للمجلس الوطني للحركة الذي التأم في شهر جويلية المنقضي.. وهو أول تقييم تجريه قيادات في الحركة منذ انعقاد هذا المجلس، في الوقت الذي كان على المكتب السياسي القيام بهذا العمل قبل أي هيكل أو إطار آخر صلب الحركة..
2) انتقد المجتمعون البطء الذي وصفوه بـ « المتعمد » في هيكلة الجامعات على الرغم من قرار المجلس الوطني الإسراع بالهيكلة..
3) الإشارة بشكل واضح إلى «الدور السلبي» للقيادة الحالية للحركة، حسب وصفهم.
4) دعوا إلى ضرورة متابعة مقررات المجلس الوطني الأخير وتطبيقها، سيما فيما يتعلق بهيكلة الجامعات قبل موفى ديسمبر القادم..
5) طالبوا بالإسراع بتشكيل لجنة وطنية للبدء في إعداد المؤتمر القادم للحركة، وهو القرار الذي اتخذه المجلس الوطني الأخير..
6) طالبوا بالقطع مع منطق المجموعات والحساسيات داخل الحركة، والعمل على احترام النظام الداخلي في مستوى إدارة الحزب، وبخاصة في مجال انتظام اجتماعات المكتب السياسي، الذي كان قرر مؤخرا الاجتماع بشكل شهري بعد أن كان قد تعود الاجتماع بصورة أسبوعية على امتداد الأشهر القليلة الماضية على الرغم من غياب الأمين العام..
وناشدوا المكتب السياسي للحركة، البحث عن صيغة أو آلية، من شأنها ضمان اجتماعاته دوريا، سيما في ضوء استمرار تغيب الأمين العام السيد بولحية عن الحركة بسبب وضعه الصحي..
لكن معلومات مؤكدة من الحركة، كشفت بأن بولحية عاد للظهور مجددا ضمن أروقة الحركة، بشكل شبه يومي ولمدة ساعة من الزمن، بصورة فاجأت عديد الأعضاء في المكتب السياسي..
اجتماع جهة الشمال..
من جهة أخرى، اجتمع عشرات من كوادر الحركة وقياداتها (أعضاء في المكتب السياسي) وممثلون عن جامعات بنزرت وباجة والكاف وسوسة، قبل بضعة أيام بأحد مدن الشمال، حيث ناقشوا الوضع الراهن للحركة، وقرروا الخطوات التالية :
** إعداد وثيقة داخلية لتشخيص وضع الحزب من النواحي التنظيمية والسياسية والهيكلية، وتقديم مقترحات وبدائل للخروج من حالة الوهن والغموض الذي باتت عليها الحركة منذ المؤتمر التوحيدي في العام 2004. ومن المقرر أن توزع هذه الوثيقة على جميع الجامعات، بغاية كسر « التمييز » الذي تمارسه القيادة في تعاملها مع الجامعات داخل جهات الجمهورية، حسب وصف بعض قيادات الحزب..
** ممارسة ضغوط قانونية وأدبية على المكتب السياسي، لكي يقوم باجتماعات دورية، والعمل على تطبيق توصيات المجلس الوطني..
** مطالبة المكتب السياسي بتعيين لجنة وطنية لإعداد المؤتمر القادم للحركة المقرر في النصف الأول من العام القادم (2008)..
** دعوة كل المسؤولين في الجهات لتحديد تواريخ مؤتمراتها، تنفيذا لقرار المجلس الوطني الذي أذن بإتمام هيكلة الجامعات في أفق شهر ديسمبر من العام الجاري.. كما تمت دعوة الجامعات المهيكلة، إلى عقد اجتماعاتها بصفة دورية للنظر في أنشطتها على مستوى الجهات، حتى لا يبقى نشاط الحركة مقتصرا على بعض الجهات القريبة من العاصمة فحسب..
فراغ قانوني..
ولا شك أن هذه الاجتماعات التي بدأت بجهتي الجنوب والشمال، ربما اتسعت لتشمل جهات أخرى في غضون الأيام القليلة المقبلة..
وتأتي هذه التحركات من داخل كوادر حركة الديمقراطيين الاشتراكيين وقياداتها المركزية والجهوية، على خلفية الفراغ القانوني الموجود في مستوى النظام الداخلي، الذي يبدو أنه شجع على مثل هذه الاجتماعات، خصوصا وأن بنود هذا النظام لا تتضمن تنصيصا على خطة نائب للأمين العام، بما يوفر انتقالا سلسا للأمانة العامة في صورة وجود شغور لأسباب صحية أو غيرها، مثلما يجري حاليا صلب الحركة باعتبار تدهور صحة الأمين العام السيد إسماعيل بولحية..
بالإضافة إلى تحفظ العديد من المناضلين والقيادات صلب الحركة، على أسلوب إدارة الحزب من خارجها، أي « عبر الهاتف من بيت الأمين العام » على حد تعبير أحد قيادات الحركة..
وعلمت « الصباح »، أن عدة أعضاء في المكتب السياسي، أعربوا عن «امتعاضهم من تصرف الأمين العام» مؤخرا، عندما استقبل السفير الأمريكي بمقر الحركة من دون إعلام أعضاء المكتب السياسي، حيث لم يحضر الاجتماع، سوى السيدين الطيب المحسني والصحبي بودربالة، وهو ما اعتبرته قيادات في المكتب السياسي، شكلا من أشكال الانفراد بالرأي والتصرف في حركة يفترض أن تقدم المثال على ممارستها الديمقراطية داخليا قبل المطالبة بها في الحياة السياسية..
وتؤشر هذه التحركات والاجتماعات المسجلة، إلى تطورات مرتقبة خلال الفترة المقبلة..
والسؤال المطروح هو : ماذا سيكون رد فعل المكتب السياسي للحركة الذي من المقرر أن يجتمع يوم الخامس والعشرين من الشهر الجاري؟
صالح عطية
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 أوت 2007)
في قصر العبدلية بالمرسى:
«ريح الشهـوات» لمجمـوعة «أجراس» بعيدا عن السائـد والمألوف
بعد انطلاقة صعبة، ذلك أن الجمهور كان متململا إزاء الدقائق الأولى للعرض، تمكنت مجموعة «أجراس» من شدّ اهتمام جمهور قصر العبدلية، جمهور قليل بحكم طاقة الاستيعاب لكنه جمهور من طراز خاص، ذلك الذي يأتي أساسا للاحتفاء بالعرض قدمت إذن مجموعة «أجراس» بقيادة الفنان عادل بوعلاق عرض «ريح الشهوات» في سهرة الجمعة.
العرض يدخل في إطار مشروع فني متكامل تتبناه المجموعة منذ تكوينها سنة 1999 ضمن مشروع يتعامل مع العرض على أنه عملية تواصل مع الجمهور بعيدا عن العلاقة الأحادية المألوفة.
عدة عناصر فنية تجتمع في العرض الواحد، الموسيقى، الغناء، الشعر والرقص التعبيري دون أن ننسى الاشتغال على الأزياء.
فكرة العرض مستمدة من الصحراء والهدف الدفع إلى الأمام بثقافة أهل الجنوب من غناء وشعر إلخ… لكن العرض في روحه ككل عرض عصري تستخدم فيه تقنيات العصر ويكون بذلك عادل بوعلاق لم يتخل عن حلمه المتمثل في المزج بين مختلف الأنماط الموسيقية إنطلاقا من فلسفته (وهو صاحب تكوين فلسفي) التي تقوم على أن الإنسان متعدد لكن الجوهر واحد… نقطة التقاطع تتمثل في تلك المعاناة التي يعيشها الإنسان من أجل الحياة.
جانب موسيقي مميز
بعد لوحة كوريغرافية تم فتح المجال للشعر البدوي ومشهد ممسرح لحالة من اللوعة، هي بكائية بأتم معنى الكلمة، لا نستطيع أن نقول أنه من السهل على الجمهور تقبلها… لكن قوة العرض بلا تردد تكمن في الجانب الموسيقي… كانت مختلف الآلات الموسيقية ممثلة بشرقيها وغربيها.. هناك مهارات واضحة من حيث العزف الفردي والجماعي… والبحث في هذا المجال كان واضحا… مجموعة «أجراس» تقترح موسيقى بعيدة عن الابتذال… هناك اشتغال على تقنيات الآداء كما أن هناك إنسجاما بين مختلف الآلات، فكان الجمهور إزاء مقطوعات من طراز عال أحيت فيه الرغبة في الاستماع.
بعد «ريح الشهوات» تعددت اللوحات «فزعة» (مستمدة من التراث الموسيقي بالجنوب)، شتات… جدلية محمود درويش، حرية وأجراس…
وأهدت المجموعة الجمهور فقرة جديدة بعنوان «زغردة» كانت بالخصوص فرصة للوقوف على المهارات الفردية في العزف للمجموعة التي بها عناصر نسائية ورجالية.
الأصوات أيضا كانت طيبة… لكن الغناء كان عنصرا ضمن مجموعة عناصر أخرى ولم يكن بالضرورة العنصر الأساسي.
بحث شامل
عملية البحث شملت أيضا مسألة دخول عناصر المجموعة إلى القاعة ووقوفهم على الركح… العملية كانت ممسرحة وفيها اشتغال على الحركة وعلى تعابير الوجه.
ومن الواضح أن هذه المجموعة تتوق إلى اقتراح عرض بديل تتوفر فيه مختلف عناصر الفرجة… عرض يسمح للطاقات الكامنة في الجسد في البروز أمام الجمهور… عرض يستفز الجمهور ويدفعه نحو التساؤل… لكن كأننا بفضاء العبدلية وخاصة المسرح يضيق بعروض كهذه تتطلب فضاء واسعا نسبيا..
فعدد عناصر المجموعة مرتفع… وهي تحتاج بحكم شمولية المشروع وتعويله على أكثر من عنصر للفرجة إلى مساحة تسمح بتقديم لوحات كوريغرافية في ظروف أفضل وتفسح المجال للشباب لتفتيق مواهبهم في مجال الرقص التعبيري لكن بالنسبة لقائد المجموعة، لا يتوقف الأمر عند مسألة مساحة الركح، خاصة وأنه ظل كامل السهرة واقفا أسفل الركح حاملا عوده جاعلا من المكان المحيط بالركح مواصلة له، إنما يتعلق الأمر بقلة الفرص المتاحة لمجموعته للعرض.
فقد كان عرض الجمعة لمجموعة «أجراس» الموسيقية بقصر العبدلية في إطار مهرجان قرطاج الدولي (الدورة 43) متنفسا حقيقيا للمجموعة.
فهي تقريبا لم تقدم سوى عرض واحد خلال هذه الصائفة الأمر الذي دفع بقائد المجموعة عادل بوعلاق إلى توجيه اللوم إلى المشرفين على المهرجانات، لوم وإن كان استعمل فيه صاحبه كلمات منتقاة، فإنه كان فيه غضب.
الفنان عادل بوعلاق اعتبر أن المشروع الموسيقي الفني الذي يقوده هو تجربة متقدمة وربما هي تتعالى أو تتجاوز ما هو سائد اليوم بالساحة الفنية.. مشددا على أنه لا شيء يمكنه أن يقف حائلا دون طموحات الشباب.
حياة السايب
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 أوت 2007)
مصر..الزيات يعلن تأسيس حزب إسلامي
بسيوني الوكيل
أعلن منتصر الزيات محامي الجماعات الإسلامية في مصر اليوم السبت عن تأسيس حزب مدني جديد ذي مرجعية إسلامية يحمل اسم « الاتحاد من أجل الحرية »، تمهيدا لعرضه على لجنة شئون الأحزاب. وقال الزيات خلال مؤتمر صحفي لإعلان البيان التأسيسي للحزب: « إن مرجعية هذا الحزب ستكون إسلامية رغم أنه سيكون حزبا مدنيا معتدلا »، وعن الهدف من تأسيس الحزب قال: إنه « يهدف إلى أداء حقيقي ونضال سلمي يرغم السلطات المختصة على فتح آفاق واسعة للعمل السياسي، بعد أن صار تغيير الواقع أمرا ضروريا ». وعن إمكانية الموافقة على حزبه الجديد قال الزيات: « نحن نحاول ونؤمن أن الحقوق تنتزع ولا تمنح، ودورنا كمجموعة يعد ضمن حلقات النضال التي تواجهها القوى السياسية في مواجهة الفساد، ونحاول الإصلاح على طريقتنا وليس وفق رؤية النظام، ورغم إيماننا بالتدرج في الإصلاح، لكننا غير مقتنعين بطريقة الحكومة ومنهجها في ذلك ». وكان منتصر الزيات محامي الجماعات الإسلامية في مصر أعلن خلال ندوة « المراجعات من الجماعة الإسلامية إلى تنظيم الجهاد » التي عقدت في 30-6-2007 بالقاهرة، عن بدء تأسيس حزب إسلامي يجمع أبناء التيارات الإسلامية، لكنه لن يكون ناطقا باسم أحد من الجماعات الإسلامية. وأوضح في وقتها أنه سيتقدم بأوراقه للجنة شئون الأحزاب والإعلان عنه رسميا خلال شهر، مشيرا إلى أن الحزب لن يضم أحدا من « قيادات » الجماعة الإسلامية أو تنظيم الجهاد. لا فرصة لأحزاب إسلامية وتعليقا على إعلان الزيات تأسيس حزبه قال د. ضياء رشوان الخبير في شئون الجماعات الإسلامية: « لا مستقبل لأحزاب إسلامية في مصر. وتجارب الماضي تؤكد ذلك، فالدولة رفضت حزب الشريعة الذي قدم أوراقه المحامي ممدوح إسماعيل، ولا تزال ترفض تأسيس حزب الوسط برئاسة أبو العلا ماضي لأن جذوره إسلامية ». وأضاف رشوان: « لا فرصة للأحزاب الإسلامية، فالأصل أن الدولة تحظر قيام الأحزاب عموما. وإذا كان الأصل هو الحظر العام، فما بالك إن كان أصحاب الطلب من الإسلاميين. ستصبح الآمال معدومة ». بحسب صحيفة الحياة اللندنية. ولا تعد محاولة الزيات هي الأولى للإسلاميين في مصر لتشكيل حزب سياسي إسلامي، فقد سبقها عدة محاولات، على رأسها إنشاء « حزب الإصلاح » ثم « حزب الشريعة »، كما أن المرجعية الإسلامية كانت أساسا لـ »حزب الوسط » الذي يسعى مؤسسوه منذ 11 عاما لترخيصه. ولكن السلطات المصرية ترفض الترخيص بحزب سياسي لأي طرف إسلامي.
(المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 11 أوت 2007)
التعذيب للجميع
مشروع قومي
أحمد الخميسي عام 1829 كتب محمد علي باشا في خطاب منه إلي الدواوين أنه : » طالما أغدق النعم .. ولكن ذلك كله لم يجد نفعا.. ولم يبق والحالة هذه إلا استعمال النبوت في تقويم ما اعوج من أحوال « . وعلى مدى نحو مائتي عام لم تهدأ رقصة النبوت ، ولا تراجع ظله عن نوافذ البيوت ، بل وأكسبه الزمن قوة ، وجبروتا ، وحنكة في تحطيم الضلوع والأبدان ، حتى أن السنوات العشر الأخيرة شهدت موت 114 مواطنا تحت التعذيب أي بمعدل مواطن كل شهر تقريبا ! وفي عام 2003 توفي أحد عشر شخصا من بين المعتقلين السياسيين تحت ضربات النبوت الذي لا يميز بين إنسان صاحب فكرة ، أو إنسان بسيط دفعه الجوع إلي السرقة . ففي أواخر عام 2005 سرق أحمد متولي معزة في كفر صقر ، فألقت الشرطة هناك القبض عليه ، وأرادت أن تسجل عليه سرقات أخرى لكي لا تظل عالقة دون فاعل في دفاترها ، وهكذا وقع أحمد متولي بين أيادي المعذبين الذين واصلوا ضربه ليعترف بما لم يفعله ، فأخذ يكرر أنه لم يسرق سوى معزة حتى لفظ أنفاسه . ورغم أن مصر هي إحدى الدول التي وقعت على اتفاقية مكافحة التعذيب المعلنة في 1987 ، إلا أن ذلك التوقيع المهذب المتحضر لم يمنع سماعنا منذ أسبوع بخبر تعذيب مواطن بإشعال النار في بدنه داخل قسم الشرطة في سيوه ! ثم نشرت الصحف في أول أغسطس الحالي قصة نصر أحمد عبد الله وهو مواطن بسيط يعيش من عمله في محل نجارة بقرية » تلبانة » بالمنصورة ، اتجه رجال الشرطة إلي منزل شقيقه بحثا عنه ، فلم يجدوه ، فضربوا زوجة شقيقة وبناته الأربع ، ثم اقتادوا نصر أحمد عبد الله إلي مركز الشرطة وراحوا يضربونه دون تهمة محددة إلي أن نقل إلي المستشفى و توفي فيها . وهاج أهل قريته وحطموا نوافذ وأبواب قسم الشرطة ، فظهر أكثر من ثلاثين سيارة أمن مركزي خرج من جوفها مئات الجنود الذين حاصروا القرية بالقنابل المسيلة للدموع ، وعادوا يجرجرون خلفهم أكثر من سبعين شابا نحو قسم الشرطة كما في الرسوم الفرعونية التي يسير فيها العبيد مقيدين بسلاسل ! لا يدهشني التعذيب ولا التنكيل بالبشر، لأن مصر لم تعرف وقتا ولا مكانا خلا من التعذيب على امتداد تاريخها ، لكن الكذب هو الذي يثير الدهشة والغيظ ، الكذب ونحن نبتسم كالملائكة على شاشة التلفزيون وننصح الجميع بقراءة الكتب، بينما نحن نخمد الأنفاس في اللحظة ذاتها ، الكذب ونحن نهمس برقة أن المعرفة طريق الحضارة، بينما نكتم صراخ الناس خلف ظهورنا . لماذا لا تقر الدولة صراحة بأن » التعذيب للجميع » هو مشروعها القومي الناجح والمنتشر؟ إعلان كهذا سيحذف من التعذيب نصفه : أي الكذب، فلا يبقى سوى أن يتجلد البدن وهو يواجه ما يحدث . أحمد الخميسي . كاتب مصري Ahmad_alkhamisi@yahoo.com