(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows (
الاتحاد العام لطلبة تونس
بيان
يهم المكتب التنفيذي للاتحاد العام لطلبة تونس ان يتوجه الى الراي العام الطلابي والديمقراطي بالبلاغ التالي :
تم ابلاغ عضوي الاتحاد العام لطلبة تونس:
* عمار العطافي: عضو بالاتحاد العام لطلبة تونس بكلية العلوم بتونس
* الشادلي الكريمي: عضو لجنة مفوضة بكلية الحقوق بصفاقس
عن طريق استدعائين بقرار احالتهما على المحاكمة وذلك بتاريخ 21 ماي و16 ماي على التوالي يتهمة -مخالفة قرار من يهمه الامر- وعليه فاننا نعلن عن:
– تسائلنا عن طبيعة القرار المخالف وعن المجهول الذي يهمه الامر والذي تسعى السلطة الى عدم الافصاح عنه.
– ان تلفيق التهم وفبركة القضايا لا يعكس الا مواصلة السلطة في نهج محاصرة العمل النقابي والسياسي والتضييق على الحريات.
– ان ما اقدمت عليه السلطة لا يعد الا من قبيل التدخل في الشان الداخلي للمنظمة وذلك باستهدافها لمناضلين ينتمون للطرف الاكثر فاعلية على الساحة الجامعية *النقابيون الراديكاليون* خاصة وان المنظمة بصدد الاعداد لمؤتمرها القادم والذي سيكون موحدا ديمقراطيا ،يخرج الاتحاد من حالة التشتت التي تخبط فيها لسنوات طويلة.
– ان المواصلة في نهج المحاكمات لن يزيد الا في توتير الاوضاع وادخالنا في مغبة رد الفعل بطريقة لا مصلحة لاحد فيها.
– نعبر عن استعدادنا للدفاع عن مناضلينا بشتى الوسائل والطرق.ختاما نهيب بكل القوى الوطنية والتقدمية الوقوف الى جانبنا خاصة واننا عازمون على انجاز مؤتمر منظمتنا الموحد لكل طاقاتها حتى تلعب دورها كرافد من روافد الحركة الديمقراطية التونسية وتساهم في تاطير الطلاب حتى لا يكونوا عرضة لانحراف مزدوج الابعاد تعصبي ديني كان او تفسخي ليبيرالي.
الاتحاد العام لطلبة تونس
عضو المكتب التنفيذي
شاكر العواضي
مطالب بإلغاء عقوبة سجن الصحفيين في تونس
الصحفيون التونسيون ينتقدون أداء بلدهم في المجال الصحفي
رئيس الدولة يتلقى برقيتي تقدير من جمعية الصحفيين التونسيين وجمعية مديري الصحف
تقرير غير حكومي يطالب بالغاء عقوبة سجن الصحفيين في تونس
آلاف اليهود يشاركون في احتفالات دينية بجزيرة جربة التونسية
4 آلاف يهودي يزورون كنيس جربة
تونس – رشيد خشانة
بدأت طقوس الاحتفالات اليهودية بـ «زيارة» كنيس «الغريبة» الذي يعتبر أقدم معلم عبري في القارة الأفريقية، أمس، في جزيرة جربة (500 كيلومتر جنوب العاصمة تونس) بمشاركة ثلاثة آلاف زائر، طبقاً لمصادر تونسية، وأربعة آلاف بحسب رئيس الطائفة اليهودية في الجزيرة بيريز طرابلسي. وكان العدد وصل إلى ستة آلاف في العام الماضي بينهم 500 اسرائيلي.
وأفيد أن 700 اسرائيلي أتوا هذه السنة للمشاركة في احتفالات «الزيارة» التي تستمر إلى الأحد، وهي تتم في الحي اليهودي في مدينة حومة السوق عاصمة الجزيرة. وأتت غالبية اليهود من فرنسا وإيطاليا ومالطا وهم من أبناء أسر يهودية كانت مقيمة في تونس قبل هجرتها إلى فلسطين أو أوروبا في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. ولوحظت إجراءات أمنية مُشددة حول الحارة الكبيرة في ضواحي حومة السوق والفنادق التي يقيم فيها الزوار ومطار جربة – مليتة الذي لا يبعد سوى ثمانية كيلومترات عن وسط المدينة.
وقال الصحافي التونسي عبدالله الزواري المقيم في مدينة جرجيس القريبة من جربة، إن «كثيرين من أبناء الجالية اليهودية أبدوا امتعاضهم من كثافة الحضور الأمني قرب متاجرهم ومساكنهم واعتبروا هذا الحضور في غير مصلحتهم بل يعمل على عزلهم أكثر عن بقية المواطنين، مما يرفع من درجة الاحتقان». وأكد في مقال بثه على شبكة الإنترنت أن الحواجز الأمنية المتنقلة والثابتة شملت المدن القريبة من جربة وخاصة منتجع جرجيس السياحي. وكان التونسي نزار نوار قاد شاحنة تحمل صهريجاً مفخخاً وصدم بها كنيس «الغريبة» في ربيع العام 2003 ما أدى إلى مقتله مع 20 شخصاً بينهم 14 سائحاً ألمانيا. وتبنى تنظيم «القاعدة» العملية.
ولم يُسمح للمراسلين بالانتقال إلى جربة أمس لمتابعة فعاليات «الزيارة»، فيما أتيح للمصورين الصحافيين أخذ صور من انطلاق الطقوس. لكن طرابلسي أكد وجود عدد كبير من الصحافيين بين الوفود اليهودية التي وصلت إلى الجزيرة.
وتقول السلطات التونسية إن استضافة آلاف اليهود سنوياً منذ العام 1994 بعد توصل الفلسطينيين والإسرائيليين إلى «اتفاقات أوسلو»، يعكس تمسكها بالسلام والانفتاح وحرصها على الحوار بين الديانات. وتراجع عدد الزوار اليهود إلى «الغريبة» في أعقاب اندلاع الانتفاضة الثانية ثم بعد العملية الانتحارية التي استهدفت الكنيس، لكن أعداد الزوار عاودت الارتفاع في السنوات الأخيرة. ويختتم وزير السياحة التونسي تيجاني الحداد الاحتفالات الأحد.
(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 5 ماي 2007)
تأجيل منوعة «المحفل» بسبب أحداث صفاقس
سبق أن ذكرنا أن خلية الانتاج التلفزي بصفاقس دأبت منذ أسابيع على تقديم سهرة تلفزية شهرية كل مساء سبت من آخر الشهر او مطلعه وفعلا اعدت هذه المرة منوعة تراثية تناغما مع احتفال تونس بشهر التراث الا أنه تقديرا لمشاعر العائلات الجريحة والمصابة في الصميم تقرر تأجيلها الى موعد لاحق رغم انها جاهزة للبث وتحتوي المنوعة الى جانب اغانيها القديمة والتراثية لابرز اعلام الموسيقى التونسية لخميس ترنان ومحمد الجموسي وعلي الرياحي والهادي الجويني
وغيرهم ممن تركوا بصماتهم في المسيرة الفنية للبلاد على عديد الفقرات والضيوف نخص بالذكر الشاب عماد من فرنسا وهو اصيل بلدة الحامة بالجنوب التونسي وكذلك وردة الغضبان والشاعر الصحبي شعير ومجموعة المحفل بقيادة الفنان رياض الشابي وهو عبارة عن اوبرات صغيرة تضم 32 شخصا تعكس واقعا فنيا تراثيا.
للتذكير فإن الزميلة عائشة بيار هي التي تساهم بصورة واضحة في تنشيط المنوعة وهي التي تولت تنشيط منوعة «ستار اكاديمي» يوم الاثنين الماضي في ظروف عصيبة استوجبت منها ومن معها باستعمال كل الوسائل لتهدئة الخواطر ولدعوة المتفرجين الذين سادهم الخوف والهلع للتمسك بالاعصاب حتى لا يكون الخطب والكارثة اكبر علما وأن الزميل عبد الجبار العيادي هو الذي يقوم باعداد المنوعة ويساهم في اخراجها نظرا لعلاقته الوطيدة بالميدان.
والاكيد أن علامات الحداد ظلت واضحة على العديد من سكان عاصمة الجنوب اثر المصاب الجلل الذي أودى بحياة الابرياء والذين لا ذنب لهم سوى أن التيار جرفهم كما جرف ملايين الناس في العالم العربي ودفعهم للتعرف على هذه الظاهرة الاسطورة لدى الشباب والمراهقين والصغار على وجه الخصوص
الحبيب الصادق عبيد
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 5 ماي 2007)
الشارع الصفاقسي بعد حادثة «ستار أكاديمي»:
الكارثة قضاء وقدر… لكن تحديد المسؤوليات واجب
* الشروق ـ مكتب صفاقس :
الحادثة حصلت بينهم وفي مدينتهم ومسرحهم.. والضحايا من أهاليهم وأقاربهم وأصدقائهم وفلذات أكبادهم.. وأكيد ان وجعهم كان أعمق بحكم الصداقة والمصاهرة والقرابة.
«الشروق» نزلت الى الشارع لتتلمس نبضه بصفاقس ففوجئت بكثير وكثيرات من الذين يرفضون التعليق ولئن علقوا على الحادثة فإن بعضهم رفض الادلاء باسمه كما رفض البعض الآخر وبشكل قاطع ان نلتقط لهم صورا…
السبب واضح في أذهانهم حتى انهم استبقوا نتائج التحقيقات المفتوحة حاليا من الجهات المعنية ليطلقوا الأحكام وليؤكدوا على مسامعنا انهم على يقين جازم بأن سبب حصول الكارثة هو قلة التنظيم والارتجال فيه.
خلود، تلميذة بالمعهد الثانوي قالت لـ»الشروق» الكارثة لا يجب ان تمر هكذا، على المذنب ان يتحمل مسؤوليته، وتحمل المسؤولية لا تعني التشفي، بل تعني الاتعاظ لمزيد الحزم لاحقا.
هكذا علقت خلود لتصطحب صديقتها متسائلة من يتحمل المسؤولية في وفاة أبرياء جاؤوا للترفيه عن أنفسهم في مدينة بات فيها الفعل الثقافي موسميا، وفي مدينة تتهم أكثر من غيرها بقلة المساحات الترفيهية.
التلميذ فهمي الفارسي لا يختلف كثيرا في رأيه عن زميلته خلود فاكتفى بالقول هي كارثة وزلزال هز الجهة.. بل هو «تسونامي» ستار أكاديمي.
الشاب قيس بسباس مجاز ويعمل حلاّقا بقلب المدينة قال الكارثة مرت والموتى دفنوا لكن على الجميع أن يتعض بالدرس، فلا فائدة من تلويك حيثيات الحادثة، بل لا بد من فتح تحقيق لفهم الأسباب الى جانب البحث الأمني لتحديد المسؤوليات.
ويضيف محدثنا ان الكارثة التي حصلت لأول مرة بالبلاد لابد وان تعالج بشكل علمي بعيدا عن الارتجال، هو يرى ان قلة التنظيم له الضلع الاكبر في ما حصل، لكنه مع ذلك لا يستثني اندفاع الشباب المهووس بظاهرة الأكاديميات التي تحولت الى بلية وعادة تم الصاقها في أذهان مراهقينا ومراهقاتنا.
نفس الرأي تقريبا ذهب اليه الشاب لسعد عبيد ـ موظف بمؤسسة خاصة ـ فهو يشدد على ضرورة تقصي الأسباب ليتعض الجميع بهذا الدرس القاسي والمر الذي تعاني المدينة من مراراته اكثر من غيرها من الجهات باعتبار ان الحادثة وقعت هنا بصفاقس والمتضررين من الجهة وشهود العيان منها.
وبلغة اتسمت بالهدوء أضاف لسعد «هو قضاء الله وقدره، لكن فهم الأسباب واجب خدمة لكل الفضاءات الجماهيرية بالبلاد.. فلا يعقل حسب تحليله ان تمر الحادث دون تحليلها لتجنب وقوعها لاحقا.
السيد خالد السوداني لم يواكب السهرة بحكم التزاماته المهنية وهو بالتالي مشتت بين الآراء المتضاربة والمتخلفة، فالبعض حمل المسؤولية لقلة التنظيم والبعض الآخر رأى فيها تهورا من الحضور وفريق ثالث قال ان البداية المبكرة للسهرة هي السبب الرئيسي للكارثة ونتائجها، لكن السيد خالد لم يخرج بموقف واضح باعتباره لم يكن من الحضور ولأنه يرى أن رأي الغائب لا يمكنه ان يكون صائبا في مثل هذه الحالات.
زميله السيد حمادي المانع لا يختلف معه لا في الرأي ولا في التحليل، لكنه يرى أنه علينا ان نتعظ بالدرس لأن الحادثة كان بإمكانها ان تحصل في اي فضاء ثقافي آخر بالبلاد اذا توفرت لها نفس الأسباب، لكن مشيئة الرحمان شاءت ان تحدث في صفاقس وفي فضائها الصيفي الذي بات قبلة للنجوم وعشاق السهر…
السيد محمد ذويب يرى ان قضاء الله وقدره يقف وراء هذه الفاجعة الأليمة التي تكتلت فيها مجموعة من الأسباب مختصرا أفكاره قائلا «لئن تعددت الأسباب فالموت واحد».. ويستطرد السيد محمد قد بالهمس المسؤولية مشتركة، لكن ذلك لا يقلل من مسؤولية المتسبب فيها حتى وإن كانت مجموعة لا فردا.
أما المحامي بصفاقس الاستاذ محمد رمضان ولئن عبّر عن تعازيه الصادقة لعائلات الضحايا فيرى أن رأي الشارع تتحكمه العواطف والأحاسيس لفقدان أعزتهم في ظروف جد أليمة، في حين ان الاحتكام الى العقل والاعتبار من تلك الحادثة يجد في القانون التونسي منطلقا لتقييمه واعطاء الحقوق لأصحابها.
ويضيف الاستاذ ان تحديد المسؤوليات تبقى رهن انتهاء الأبحاث الجزائية التي تمثل الاجراءات التمهيدية لتحميل كل طرف مسؤوليته في الحادث طبقا لمقتضيات الفصل من القانون الجنائي وللمبادئ العامة الجنائية التي تضمن الحقوق المدنية لكل الأطراف.
* راشد شعور
* خلال كارثة «ستار أكاديمي»:
جشعون يسلبون الهـــــــــواتف.. وقوارير ماء تتطاير على المنظمين
* «الشروق» ـ مكتب صفاقس
في اللحظات التي كانت فيها الأقدام تدهس الأجسام، والأرواح ترتفع الى خالقها، كان البعض من الحضور يبحث عن الفرصة المناسبة لالتقاط جهاز هاتف جوال تطاير من بين يدي صاحبه أو صاحبته.
بالفعل هذا المشهد حصل بالمسرح الصيفي سيدي منصور بصفاقس الذي شهد الكارثة يوم الاثنين الفارط، فلقد أعلمنا العديد من الذين حاورناهم في إطار متابعتنا للفاجعة طيلة هذا الأسبوع، انهم تعرضوا الى عمليات سلب ونهب في لحظات التدافع واللخبطة.
مصابون، جرحى من المراهقين والمراهقات، من النساء والرجال من الذين كانوا في المدرج 4 لحظة الكارثة فقدوا السيطرة على أنفسهم وممتلكاتهم فكان الجشعون بالمرصاد لالتقاط الهواتف الجوالة خاصة التي تطايرت وسط الغبار المتصاعد وتساقطت كأوراق الخريف.
ولئن لم نتأكد بعد من أن المتضررين تقدموا بقضايا عدلية في الغرض، فإننا على يقين مما حصل باعتبار أن هذه المعلومات جمعناها من المتضررين الذين آثر بعضهم أن يغض الطرف عن خسارة جهاز هاتف جوال باعتباره «ربح عمره» كما جاء تعليق أحد المتضررين.
الأضرار وبعض السلوكيات المقرفة لم تتوقف عند هذا الحد، بل إن البعض من الحضور ولما علم بإيقاف الحفل وإلغائه عبّر عن سخطه بإلقاء قوارير الماء وبقايا «السندويتشات» سواء على الجماهير أو على «البوديوم» المخصص لطلاب الأكاديمية وللمشرفين والمسيرين.
البعض الآخر تسمّر في الأبواب مطالبا باسترجاع سعر تذكرته غير مبال بما يشهده غيره من لحظات احتضار أو اسعافات أو بما يعانيه البعض الآخر من أوجاع ولوعة على فقدان عزيز عليه جاء ليروح عن نفسه فراحت نفسه الى خالقها.
سلوك مقرف وسخيف عمدت اليه أقلية من الحضور ـ مع التأكيد على لفظ أقلية ـ لكنه حصل فعلا وقد عاينته «الشروق» بشكل مباشر لذلك نسوقه في شكل ملاحظات بعيدة عن الروايات التي لاحظنا أن بعضها جانب الحقيقة كليا، والمجانبة للحقيقة في مثل هذه الحالات أو غيرها هي كذلك شكل من أشكال الاستغلال المقرف للأحداث.
* راشد شعور
(المصدر: صحيفة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 5 ماي 2007)
* تأجيل منوعة «إسهر يا عين» بسبب كارثة «ستار أكاديمي»
* الشروق ـ مكتب صفاقس:
أفادتنا المنشطة التلفزية والاذاعية عائشة بيار بقرار مؤسسة الاذاعة والتلفزة القاضي بتأجيل بث منوعة «اسهر يا عين» الى موعد لاحق وهي المبرمجة في الأصل لسهرة الليلة السبت على الفضائية تونس 7.
ويأتي هذا القرار في إطار تضامن كل المساهمين في تأثيث فقرات المنوعة من وحدة الانتاج التلفزي بصفاقس وعلى رأسها مدير الدار السيد رمضان العليمي الذي كان صاحب فكرة قرار التأجيل.
عائشة بيار وعلى لسان زملائها قالت أن قرار التأجيل يستند الى واقع موضوعي فلا يعقل أن تبث قناة تونس 7 منوعة شبابية ترفيهية يحضر فيها الغناء والرقص أثثها مبدعون من الجهة في وقت تعاني فيه المدينة وجع الكارثة بل ان عائشة نفسها التي كانت حاضرة بالمسرح الصيفي سيدي منصور ومازالت تعاني آثار الصدمة.
ومن المعلوم أن منوعة «اسهر يا عين» تنشيط عائشة بيار هي المنوعة التلفزية الوحيدة التي تعد وتقدم من صفاقس، ولئن مازالت المنوعة في تجربتها الاولى، فإن الزميلة عائشة وكامل الفريق معها نجحوا في تأثيثها بشكل يليق بحجم الجهة وطاقاتها التي غمرت، فجاء هذا البرنامج لتحريك سواكن الإبداع
كراس شروط
تم مؤخرا المصادقة على كراس شروط يتعلق بضبط تراتيب احداث المؤسسات الخاصة للتربية المختصة والتأهيل والتكوين المهني للأشخاص المعوقين وتنظيمها وسيرها.،. وذلك بمقتضى قرار مشترك من وزير الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج ووزير الصحة العمومية ووزير الرياضة والتربية البدنية.
75 اتفاقية تعاون
ناهز عدد اتفاقيات التعاون الثنائي التي وقعتها تونس مع دول عديدة في السنة الماضية نحو 75 اتفاقا استأثرت دول الاتحاد الاوروبي ينصيب الاسد منها بـ31 اتفاقا.
وقد تم ابرام 5 اتفاقيات مع اليابان واتفاقيتين مع الصين وبذات العدد مع الهند وايضا مع كوريا الجنوبية.
في المقابل استأثرت دول المغرب العربي بالعدد الادنى من اتفاقيات العام الماضي وبـ10 اتفاقيات فقط.
التبرع بالدم
تقدر وزارة الصحة العمومية الحاجيات الوطنية للدم بحوالي 160 الف وحدة في السنة.
وقد امكن خلال سنة 2006 جمع 149 الفا و999 وحدة من هياكل نقل الدم.
وتبين من خلال الاحصائيات ان حوالي 11 بالمائة من المتبرعين يتبرعون بدمهم بصفة منتظمة و89% بصفة ظرفية منهم 60 بالمائة يتبرعون لاقاربهم.
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 5 ماي 2007)
تعليقات قرّاء « الجزيرة نت » على خبر فاجعة ستار أكاديمي بصفاقس
سارة – تونس
انا لله وانا اليه راجعون. الله ارحمهم واغفر لهم فهم ما زالوا في عنفوان الشباب . اتمني ان تكون هذه الحادثة عبرة لكل الشباب المسلم حتى يبتعد عن هذه السخافات .
rochdi3378
نتعظ بالموتى و لا نشمت بهم
اللهم لا شماتة في الموت، اللهم ارحم من ماتوا من الفتيان و الفتيات، صورة الجسد المكفن وحدها تلقي الرعب في قلب المؤمن، فكيف بما ينتظرنا جميعا يوم يُعرض علينا أعمالنا السيئة.. لكن المسلم لا يشمت بالميت على أي دين كان و لو كان ظالماً، نحن أمّة الأخلاق.. لكن هذه الحوادث بقدر ما هي نتائج طبيعية لأسباب معينة، بقدر ما هي رسائل يعظنا الله بها بالموت الذي تصغر عنده أحلام شباب اليوم المخدوع.
وليد – كندا
اتساءل لو ان الموتى كانو جراء مباراة كرة سخيفة كستراك هل كنا نقرأ مثل هذه التعليقات التى تدين الموتى و تكفرهم الكل ينصب نفسه مفتي و عالم في الدين يكفر ويفتي اين هولاء فعليا من القضية العراقية وفلسطين لماذا لا نشاهدهم على الميدان…نحن العرب ابطال العالم في النفاق. اللهم ارحم موتى المسلمين
قدور – الجزائر
أسأل الله أن يرحم كل مسلم صادق لا منافق وإن مات على معصية. إنتبهوا إلى حقيقة المنافقين الساعين في الأرض بالفساد كيف أوردوا الشباب المهالك ثم وبكل وقاحة يهونون من الحادثة بالقول أن القتلى أطفال وكأن أرواح الأطفال أقل شاننا وقيمة من أرواح زبائنهم الشباب.
ملاك – تونس
الهم اهد شباب المسلمين يا رحمان يا رحيم
الهم اغفر لشباب المسلمين و تقبلهم بالرحمة و الغفران يا رب يا رب, أتوجه لكل أولياء الضحايا بالتعازي و أدعو الله كي يهدي شبابنا و كل الأمة الإسلامية…اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة و إنا لله و إنا إليه راجعون.
Tounsi – حسام الطرابلسي
فرحة شباب تونس تحولت لنكبت و مأتم شبا ب تونس. متعهد الحفلة حسام الطرابلسي نسيب الرئيس هو من يتحمل المسؤولية. ألهم إرحم شبابنا ألهم إغفر له و ارحمه. الهم آته في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة و قه عذاب النار. الهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا. الهم آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار. الهم إنا نعوذ بك من سؤال منكر و نكير. الهم ثبتنا عند السؤال الهم ثبتنا عند الوقوف بين يديك.
ليليانا الطرابيشي – صفاقس
ان سقوط عديد الضحايا الأبرياء بينهم أطفال و شباب في مسرح مدينة صفاقس، في ما سُمّي بحفل فرحة شباب تونس الذي تعهّد بتنظيمه المسمى حسام الطرابلسي من أصهار زين العابدين بن علي رغم علمه بمحدودية طاقة استيعاب المسرح يعد استهتارا بأرواح التونسيين والغريب أن الجزيرة هي أول من بث الخبر الفاجعة بينما واصل تلفزيون النظام بث منوعاته دون استحياء أو احترام لمشاعر ذوي الضحايا.رغم أني اخذ على التونسيين اندفاعهم وراء المهرجانات بطريقة مجنونة …
تونسي لا يخاف إلا الله,
الله أكبر , سبحان الله هناك من يموت في سبيل الله فيوصف بالإرهابي!!! فماذا عن من يموت في سبيل ستار أكاديمي والعياذ بالله!!!!!
الخروصي – سلطنة عمان
لاحول ولا قوة الا بالله ماتوا من أجل الفسق من يتحمل المسؤولية في اعتقادى يتحمل المسؤلية الكل نقول بان في الغرب أنحلت الأخلاق ولكن الانحلال عند العرب
أبو محمد – المرسى – تونس
إنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم نسألك حسن الخاتمة… اللهم لا شماتة … فهم شباب تونس العربية المسلمة … ما أريد قوله في هذه المناسبة الأليمة : 1 – يا شباب تونس أوتتدافعون على المعاصي ؟ لماذا ؟ ومن أجل من ؟ 2- من بين الثمانية آلاف الحاضرين في الحفل ، ما هي نسبة الحضور في جنائز الموتى السبعة ؟ لا أتصور أنها ستصل إلى 0.1 بالمائة. رحمهم الله وغفر لوالديهم. ورحم الله موتى المسلمين …آمين.
ما أدري كيف رايحين يلقوا ربهم أقول لكل من قال مثل هذا كيف ستلاقي ربك أنت أيظا من أعطاك الحق كي تكفر الناس حسبنا الله فيكم.
Hamdi – tunisie
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
ليندا- طرابلس لبنان
لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم. اللي صار حادث و ما لازم يتضخم لهالدرجة و يتهموا الأموات بالكفر. بس ظاهرة شتار أكاديمي صارت بتخوف. حلو الفن كتير بس ما يتلاعب فيه و يصير وسيلة تافهة لكسب الأموال و تغيير العادات العربية.
تونسي – صفاقس
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم انا لله وانا اليه راجعون. كيف نحرر القدس الشريف و نحن غارقون في الملذات و العصيان؟ إن الغناء حرام والتلذذ به حرام. لكن النصر قريب باذن الله.ارجعوا إلى الله شباب المسلمين و فرّحوا قلب نبيّكم بكم .اللهم اغفر لي و لوالدي وللمؤمنين الاحياء منهم والاموات ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا الايمان وهب لنا من لدنك رحمة إنك ولي ذلك و القادر عليه و صلي اللهم على الامين المصطفى وعلى آله وصحبه الاخيار الاطهار
(المصدر : موقع الجزيرة نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 4 ماي 2007)
على هامش الفاجعة
يُمكننا القول بأنّ القيادة التونسية قد جمعت بنجاح بين صنفي الموت: فهي وإن تخصّصت في توفير « الموت البطيء » الذي ظلّت تسلّطه بالأساس وباستمرار على الإسلاميين العزّل، قد أضافت اليوم موتا سريعا ورخيصا لأبنائها الذين جاؤوا لتشجيع « النجوم » الغائرة في دهاليز الرّذيلة.
وقد قرأت أغلب ما جاء من تعليقات على الحادثة الأليمة التي جدّت في مسرح الهواء الطلق بصفاقس، أرض السواعد المفتولة والأدمغة اللاّمعة الخلاّقة والهمم العالية، والتي ذهب ضحيّتها مجموعة من شباب وشابّات تونس نتيجة لتدافع سبّبته سياسة مبرمجة لهدم القيم في تونس خلال حفل أقامته مجموعة من الشباب المائع المميّع المغرور المغرّر به فيما يعرف بــ »ستار أكاديمي ».
وقد شدّني بالأساس ما قاله الأخوان سليم بوخذير ومرسل الكسيبي اللذان جاءا تقريبا على النّقاط الحسّاسة في القضيّة. وإنّي إذ أثمّن ما ذهبا إليه وأسنده وأوافقه، وإذ أثمّن كذلك ما ذهب إليه السيّد محمّد الحمروني وأتأثّر كثيرا للشهادات الحيّة التي وردت في جريدة الصّباح بتاريخ 3 مايو 2007، أرى من الضروري التأكيد في القضيّة على دور الأولياء التونسيين ليس فقط في التصدّي لسياسة التمييع الهادفة إلى التفسّخ الأخلاقي والفراغ الثّقافي، كما بيّن الباحثون الإجتماعيون والكتبة، أو في الوقوف صفّا واحدا أمام هذا الجشع الطرابلسي المنظّم المدعوم من دولة المؤسّسات والقانون، ولكن أيضا – وهذا هو الأهمّ – في ضبط أبنائهم والاستماع إلى قوله سبحانه وتعالى: « يا أيّها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها النّاس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون« . نعم أيّها الأحباب في تونس الحبيبة، نحن مطالبون بحماية أبنائنا وعدم إسلامهم ولا تسليمهم بأيادي ثبت للجميع الآن أنّها آثمة. لا يجوز أن يرسل الأب والأمّ فلذات أكبادهما إلى أماكن تأكّد لهم فسادها وفساد ما فيها وفساد داعيها. وقد تألّمت كثيرا وأنا أرى هذا الخلط المخلّ الوارد في الشهادات: فالكلّ يؤمن بالقضاء والقدر والأغلب يصلّي (وصفاقس، رغم كبرها واتّساع عمرانها وتحضّرها مشهورة بالتزام أبنائها وحسن سيرهم الذاتية في العموم) ومع ذلك يرسل أبناءه إلى هذه الأماكن المشبوهة (مشبوهة بما يحدث فيها، وإلاّ فالفنّ دليل على الإنسانية الرّاقية، فمتى حسنت إنسانية الآدمي أنتج فنّا راقيا ومتى ضمرت فيه إنسانيته أنتج مسخا وضلالا لا تأتيه حتّى الأنعام)، وقد قرأت للرّسول الكريم صلى الله عليه وسلم قوله: « من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة، قيل يا رسول الله وما إخلاصها؟ قال أن تحجزه عن محارم الله« . وروى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا إله إلا الله تمنع العباد من سخط الله ما لم يؤثروا صفقة دنياهم على دينهم فإذا آثروا صفقة دنياهم على دينهم ثم قالوا لا إله إلا الله رُدّت عليهم وقال الله كذبتم« .
ليس المجال للإطالة، وقد أردت فقط التنبيه على ضرورة استعادة دور الأب المسلم في الأسرة ودور الأسرة المسلمة في المجتمع التونسي الذي ما انفكّ يتربّص به ثلّة من أولاد الحرام، ثمّ إنّي أسأل الله أن يتقبّل موتى المسلمين بواسع رحمته وعظيم مغفرته، وأسأله أن يفرغ صبرا على الآباء والأمّهات المكلومين والمكلومات، وأسأل الجميع أن يعتبر بهذه الحادثة ويجعلها فرصة لمراجعة ما بالنّفس وما بالبلاد والعباد، فإنّه يوشك أن يعمّنا – عياذا بالله تعالى – الهلاك، ففي صحيح مسلم عن زينب بنت جحش أنّها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له يا رسول الله أنهلك وفينا لصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث…
عبدالجميد العدّاسي
الإخوة الأحباب فرسان الكلمة الصادقة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكلّ عام وأنتم بخير مرابطين في ميادين الكرامة مناضلين من أجل إعادة تونس عقبة والزيتونة إلى أمجادها القديمة وسلوكها الأصيل القائم على الحريّة والحبّ والإبداع…
مرّت ذكرى يوم التأسيس لهذا الصرح الطيّب، العامل على إشاعة الكلمة الطيّبة الصادقة، دون انتباه منّي ودون توجيه كلمة شكر لكم ولعائلاتكم المجاهدين، غير أنّ ذلك لا يعني منّي جحودا أو انصرافا عنكم لا قدّر الله، فأنا والله من الذين يعزّكم ويجلّكم ويوقّركم ويحترم جهودكم ويدعو لكم، في كلمة جامعة من الذين يحبّكم. (رأيت الحبّ أسمى الأهداف وأنبلها وأعلاه، وراجعوا إن شئتم: ومازال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه) ولقد كبّركم في عينيّ النسق اليومي الذي أتّبعه فالمنشغل فينا بالعمل قد لا يجد فرصة أصلا لتصفّح الصحيفة ناهيك عن الكتابة، وهو ما يبرز دوركم الكبير في إيصال الكلمة الصّادقة ومدى التضحيات الجسام التي تقدّمونها أنتم وعائلاتكم، ذلك أنّني أعلم أنّكم جميعا (وعددكم قليل قليل) تشتغلون بالنّهار وتنكبّون مساء على إعداد مادّتكم الإخبارية لإنارة التونسيين بما يحدث، فجزاكم الله كلّ خيرا كثيرا وثبّت خطاكم وبارك سعيكم وأعادكم غانمين سالمين إلى وطنكم الحبيب وجمع الشمل بكم.
عبدالحميد العدّاسي
كلمة طيّبة
علي بوراوي (*)
ثمة أعمال تولد على فراش من حرير، ويركّز أصحابها الأضواء حولها، ليسحر الجماهير بريقُها، ويملأ الدّنيا ضجيجُها، وتتضخّم سلطة أصحابها، فإذا اختفت لسبب أو لآخر- وهي مختفية حتما-غاب معها كلّ من ارتبط بها، ولم يبق في ذاكرة من عايشها فكرةٌ تخلّدها، أو قيمةٌ ترتبط بها، أو أثرٌ يحيي ذكراها.
وثمّة أعمال أخرى، تنطلق بسيطة في فكرتها، متواضعة في إمكانياتها، زاهدة في الأضواء والأضواء زاهدة فيها، ولكنّها تنحت مكانها في قلوب النّاس بسرعة، وتترك بصماتها الواضحة في فعلهم وفي واقعهم.
ثمّة ناس يعتبرون أنفسهم هبة السّماء لأهل الأرض، فلا يرون أنفسهم إلاّ قادة موجّهين، وأنّهم علية القوم، فيصرّون على أن يرأسوا الهيآت، وأن يتصدّروا المجالس، وتلهج الألسنة بذكرهم. يستميتون من أجل الزعامة وهم أبعد خلق الله عن حظوظها، وأفقر البشر إلى أخلاقها، ويبحثون عن البروز ولو على جثث أقرب الناس إليهم. إذا انتفخت جيوبهم، تنتفخ أوداجهم لتفصح عن سعادة مغرور، ولا يتردّدون في اتهام كلّ من لا يشاركهم فرحتهم الزائفة، ولو كان على حبل المشنقة.
وثمّة رجال جعلوا همّتهم ومبلغ سعادتهم في تحقيق فكرة، وسيادة قيم، غايتها تحقيق كرامة الإنسان، والإرتقاء به في منازل الإنسانية الرفيعة، فإذا بلغهم خبرُ مظلمة، لم ينم لهم جفن ولم يهدأ لهم بال حتى تُرفع. هم لا يتوقّفون عن العطاء، ولا يكلّون من العمل، ويرفضون أن يكافأوا على ذلك أو حتّى أن يذكروا به، لأنّهم يعتبرون عملهم ذاك من طبيعة إنسانيتهم وأحد معاني وجودهم.
هذا الدّخن الخبيث الذي نخر العمل الوطني، تسلّل حتى إلى العمل الإسلامي، فأصبحنا نرى ونسمع عمّن جعل من قضايا الدين والوطن، عنوانا للوجاهة وآلة للزّعامة، وثوبا لإخفاء كثير من أمراض النّفس والسلوك، بل جعله البعض أصلا تجاريا يدخل به سوق الأسهم، ويدغدغ به عواطف النّاس، ويشتري به صمتهم على ما يفعل.
لا أقصد مما سبق شخصا بعينه، ولا هيأة بذاتها، ولكنني أنقل مخاوف جدية تؤرقني منذ فترة، مثلما أرّقت كثيرين غيري، واستباحت أرضنا وديننا وثقافتنا، مستفيدة من عولمة كاسحة متجبّرة، وأحسب أنّنا دخلنا في مرحلة الصّمت الآثم أصحابُه، لو تركناها هكذا طليقة تفعل ما تريد.
ثمّ إنّني أقصد من الفريق الثاني، نفرا من الذين يعملون في صمت، وبعيدا عن الأضواء، ومن هؤلاء الأبطال الذين يقفون وراء « تونس نيوز » التي مرّ على انطلاقتها سبع سنوات، فما وهنوا لما أعطوا وما استكانوا لما أحاط بهم، ولم يتبعوا ما أعطوا منّا ولا أذى.
لقد تسلّلوا إلينا بجرأة، وعملوا بكفاءة، واستمرّوا في العطاء بإخلاص، فنحتوا تجربتهم في قلوبنا، وسجّلوها في تاريخ الشرف التونسي.
سبع سنوات كاملة مضت على انطلاق مشروعهم، وهم يحملون أمانة وطنهم، فيقدّمون إلينا في كلّ يوم وجبة دسمة، لا يقوى على الزهد فيها حتّى الذين جاهروهم بالعداء.
لم تنل من عزمهم ترسانة العراقيل التي حاول خصوم الحرية إحاطتهم بها، ولم ترهبهم تهديداتهم التي يلوّحون بها في الليل والنهار، ولم تخفهم كمائنهم التي استعملوا فيها مختلف الوسائل والأساليب.
ولم تغرهم ابتسامات الذين أثنوا عليهم وربتوا على أكتفهم إعجابا وطمعا، فحافظوا على المشروع نقيّا من كلّ توظيف، بعيدا عن كلّ تحزّب، محصّنا من كلّ متاجر.
هؤلاء الذين رفضوا الشّهرة، وزهدوا في مصالحهم الفردية، فضحّوا بأعزّ ما يملكون من أجل ما يؤمنون به، وجعلوا من تجربتهم منارة تبدّد ظلمة سنوات عجاف، وتعيد بخضرتها الحياة إلى صحرائنا المجدبة، تجب علينا جميعا تحيّتهم، والدّعاء لهم.
هؤلاء الذين أصغوا إلى آهات المعذّبين فنقلوها بأمانة، وصافحوا بعرق الجبين وسهر اللّيالي متاعب الكادحين ولامسوا أوجاعهم، وتفاعلوا معها بصدق، فكسبوا بذلك شجاعة في قلوبهم، ومناعة في أنفسهم.
لم تفزعهم الإنتقادات، ولم تربكهم المزايدات، ولم تحبس أنفاسهم المضايقات، ولم تغرّر بهم كلمات المعجبين، بل حوّلوا كلّ ذلك إلى عناصر محفّزة تثري تجربتهم، وتقوّي رصيدهم.
لقد سمعنا ورأينا كثيرا ممن يعطي القليل بشماله ليأخذ الكثير الكثير بيمينه، وعمّن أباح لنفسه وحتى لغيره، وضع ثقة الناس فيه، وأمانته، في بورصة الأسهم التجارية، ليجني ثمرتها بالدرهم، بدل حسنات الرحمان ورضاه، فضيّع بذلك الأمانة والحسنات معا، وها هو فريق »تونس نيوز » يقدّم الدرس للجميع، لما حازه من مكانة بتواضعه الجمّ، وأخلاقه العطرة.
اختاروا أن تظلّ أسماؤهم نكرة، ومواقعهم مع سواد النّاس، فهفت إليهم قلوب الجميع تبثّ شكاواها وتأتمنهم على أسرارها. وهل ينسى المرء من أصغى إليه في ساعة العسرة؟
قدّموا البرهان أنّ ثمّة طريقا آخر للعمل الجاد والمثمر، أساسه البعد عن الشهرة والأضواء، والإخلاص للقضية، ولربّ القضية قبل ذلك، وأنّ القول بتلازم البطولة مع البروز، كذبة كبرى يجب فضحها ودحرها.
أثبتوا أنّ بإمكان المرء –لو توفّرت النية الصادقة- أن يقف في قلب الأضواء، ويصافح كلّ النّاس، ويبقى رغم ذلك مع سواد الناس، ويدّخر المكافأة ليوم آخر يكون العطاء فيه أوفر وأبقى. وهذا هو ثمن الكلمة الطيبة (كشجرة طيبة، أصلها ثابت وفرعها في السّماء، تؤتي أكلها كلّ حين بإذن ربّها، ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون) سورة إبراهيم 24-25. لهذا فليعمل العاملون، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
باريس في 04/05/2007
(*) صحفي تونسي مقيم في باريس.
أنقذوا وكالة تونس افريقيا للانباء
بقلم: صحافي تونسي
هناك اجماع لدى عدد كبير من الصحفيين والعاملين فى وكالة تونس افريقيا للانباء ممن عايشوها خلال حقبات زمنية مختلفة ان هذه المؤسسة الاعلامية الوطنية العريقة تشهد منذ سبع سنوات تقريبا مرحلة خطيرة لم تشهدها من قبل تنذر بانفجار رهيب قد يعصف بها الى متاهات سحيقة ان لم تقع عملية انقاذ شجاعة لها.
فى السنوات الاخيرة تحولت » وات » الى ما يشبه الملكية الشخصية للرئيس المدير العام وعدد من كبار مسؤوليها ممن استباحوا هذه المؤسسة الى حدود يخجل المرء من ذكرها وصاغوا مفاهيم جديدة لثقافة المؤسسة والمحافظة على مكاسب مؤسسات الدولة والشعب.
المدير العام يتمتع بصلاحيات لم تتوفر لوزراء هذا الزمان : ثلاث او اربع سيارات فى خدمته، حاجب امى لا يفقه حتى كتابة اسمه لا يترك لا شاردة ولا واردة الا ويتدخل فيها يصول ويجول بامرة المدير العام ويتمتع بحوافز مالية غير قانونية على غرار منحة مرافقة الجمعية الرياضية وهي تغط فى سبات عميق منذ سنتين، تانيث مبالغ فيه للاطار العامل فى الوكالة (70 فى المائة ممن التحقوا بالوكالة فى السنوات الاخيرة هم من الاناث)، تنامي اللجوء الى غير خريجي معهد الصحافة وعلوم الاخبار، محاباة بكل الالوان لحاشية المدير العام واقزامه ، ظهور اجيال جديدة من الوشاة واقمعة التوصيل لبسها اولياء نعمتها احذية فى سيقانهم لضرب كفاءات الوكالة والاقلام النيرة بها، التشغيل بالتوريث وسياسة المكاييل فى توزيع الاعمال والسفرات المهنية والتربصات.
كذلك من المهازل التى تتواصل مشاهدها فى الوكالة المبالغ المسندة للصحفيين عند قيامهم بمهمات عمل داخل البلاد وخارجها والتى تصل فى بعض الاحيان 5 دنانير.
مهنيا الوكالة ابعد ما تكون عن القيام بدورها الاعلامي بعد ان تقاذفتها حسابات خسيسة لمجموعة من المحسوبين على قطاع الاعلام وهو منهم براء يسيرون من على ربوة شمال الهلتن دواليب الوكالة.
وباجماع الكثيرين فان احد اهم اسباب تردي الوضع فى وكالة تونس افريقيا للانباء الى هذا المستوى المخجل مهنيا وعلى صعيد مناخ العمل فضلا عن السلوكات اللامسؤولة للادارة العامة تفاقم ظاهرة ركيكة دخلت فى تقاليد هذه المؤسسة خلال السنتين الاخيرتين هي التمديد لعدد من كبار صحفيي الوكالة وكانهم غير قابيلن للتعويض احدهم فى القسم الرياضي دخل عامه الثالث لم يستح من اتيان سلوكات خسيسة ليواصل اقامته فى 7 نهج سليمان بن سليمان وأخر فى الدسك العالمي يجاهد بكل ما اوتي من قوة وبطرق انتهازية ودنيئة ليقنع اولياء نعمته هنا وهناك باهمية العمل الذي يقوم فى الوكالة وفى جمعية الصحفيين وقطاع الاعلام عموما واشعث كريم فى الدسك الاقتصادي ثور هائج بكل المفردات واخرى سنة اولى تمديد تتجند سيارات الوكالة وسائقيها ساعات وساعات لتامين تنقلاتها وقضائها لحاجيتها الشخصية بين المساحات الكبرى للعاصمة واسواقها.
هذه اشارات لما يحدث داخل وكالة تونس افريقيا للانباء واليكم بعض التفاصيل:
** الدسك الوطني : تصفية حسابات وتنكيل بالكفاءات
فى الدسك الوطنى الذى ساءت الاوضاع به الى مستويات قياسية يواصل المدير العام تصفية حسابات قديمة مع عدد من الصحفيين ممن خالفوه الراي او هو ينفذ اجندة وضعها اولياء نعمته لينكل بهم ويحرمهم من حقوق مهنية بسيطة من ذلك ان احد كبار الصحفيين ممن تركوا بصماتهم سواء فى الوكالة او لدى طلبة معهد الصحافة وعلوم الاخبار على بعد بضعة اشهر من سن التقاعد وهو برتبة رئيس مصلحة فى حين ان بعض الاميين من مهرة الوشاية فى عمر ابنائه تمت ترقيتهم فى اعمار قياسية (افعل ما شئت ايها المدير العام ان ربك موجود).
فى هذا الدسك مجموعة من الصحفيات ممن يتمتعن بتقدير الادارة العامة لا لشيء الا لكونهم على صلة ببعض كبار كوادر الدولة هنا وهناك، فهذه صحفية ترفض العمل فى حصص ما بعد الظهر لانها لا تجد اين تضع ابنائها ( وفى السفرات خارج البلاد تجد لايام وايام من يطمئنها عليهم) وصحفيات متمردات يرفضن القيام بالربورتاجات الميدانية وصحفية رضيت عنها الادارة فوقع تمتيعها بسنوات اقدمية مهنية قضتها فى مؤسسة اعلامية لزوجها واخرى دخلت الوكالة منذ اربع سنوات تقريبا ( قضت منها سنتين ونصف فى عطلات امومة ومرضية ) تريد الحصول على خطة وظيفية.
وككل الاقسام تقريبا تمارس الادارة العامة سياسة خسيسة ( لا من شاف ولا من درى) فضلا عن سياسة المكاييل واللامساوة فى الترقيات والتربصات فبعضهم شارك لاكثر من ثلاث مرات فى تربصات ولم يمض على دخوله الوكالة خمس او ست سنوات والبعض الاخر ما زال حبيس مكتبه منذ عشرين سنة.
فى الدسك الوطنى عاد منذ سنة ونيف احد الطيور المهاجرة وعوض ان يتعظ من الاسباب التى دفعتهم فى مؤسسة الاذاعة والتلفزة التونسية الى طرده واصل النور صبيانياته التى عرف بها منذ سنوات وأضحى لا هم له الا تعكير اجواء العمل بسلوكات اقل ما يقال عنها انها شاذة ولا تليق بالوكالة.
** الدسك العالمي : الغلام والغانية وفن التسيير عن بعد
فى هذا الدسك المسكين والذى يشرف عنه مديره عن بعد وبواسطة الهاتف وجوقة الوشاية منذ ثلاث سنوات يعاني من خروقات مهنية وقانونية لا تحصى ولا تعد بعلم المدير العام وتزكيته.
فى هذا القسم حصلت وتحصل اغرب الغرائب، جواد كريم لئيم منحه اولياء نعمته من غربان السوء صكا على بياض لضرب كفاءات القسم » يتشيف » على الجميع وهو الهزيل على جميع المستويات ولا يفقه الا صحافة الوشاية والصبان والخزعبلات، ذات يوم اراد طبع تقرير حول حرية الصحافة والاعلام لمراسلين بلا حدود لعرفه فى الدسك فبثها الى حرفاء الوكالة مما اثار ضجة كبيرة وشرخا عميقا فى سمعة الوكالة سارعت الادارة لطمسه ومقابل ذلك تمت ترقية الجواد اللئيم اسبوعا فقط بعد هذا الحادث ( الم نقل ان الوكالة اضحت ملكيا شخصيا للمدير العام ومدير التحرير العالمي والاقدمون قالوا اذا لم تستح فافعل ما شئت).
فى هذا الدسك يجازي مدير التحرير العالمي حاشيته وجوقة السوء لخدمات اخرى وفى احيان كثيرة خاصة جدا يخجل المرء من ذكرها : رخص غير مصرح بها ومنح الآحاد بلا موجب والترتيبات الخاصة لمواقيت العمل بل هناك من يتغيب لايام وايام ولا يطل الا يوم الاحد (قلوس) محاباة بلا حساب و ضروب لا مثيل لها من الخروقات غير القانونية التى يحاسب عليها القانون ولو تفتح الجهات المعنية ملف الدسك العالمي لوجدنا اكثر من عنصر على ابواب السجن .
اما راس الافعى السيدة « ها » فحدث عنها ولا تحرج هزيلة مهنيا واخلاقيا تحصلت فى اقل من خمس سنوات على ترقيتين وظيفتين تحضر متى شاءت وتعمل مثلما تريد ( صحة ليها) حولها جمعت عقد فريد من لآلي الوشاية و »القوادة » صحفيات اقتنعن ان الكذب والقوادة والخزعبلات وحدها تؤدي الى الترقيات والسفرات خارج البلاد.
مدير التحرير العالمي حول مكتبه الجانبي الى منتدى للتقطيع والترييش والتكمين واللعب بالنهود واعناق الغواني ( بئس زمن وات التعيس) واكثر من مكان خلف الوكالة وفى سياراتها يشهد بحميمية لحظات جمعته وراس الافعى.
والمهزلة التى تتواصل فصولها منذ سنوات افراغ الدسك من عدد من كبار صحفييه وتجميد البعض الاخر لفسح المجال امام الغلام الكريم والغانية والنرجس الذابل لمزيد التقدم فى السلم الوظيفي، وهذا الغلام الجبان زرعه اولياء نعمته عينا لا تنام واذن لا تكل صلب جمعية الصحفيين وهو برتبة جاسوس « عرفه » فى الدسك العالمي الرئيس السابق للجمعية يعلم كواليسها واخبارها قبل الرئيس الفعلي والحالي للجمعية والحمد لله ان بعض منتسبي مكتب الجمعية تفطنوا للامر واطردوه.
** الدسك الاقتصادي : ثور هائج اسمه الاشعث
بعد ان تنفس عدد من صحفيي هذا الدسك بعد رحيل احد جبابرته برز الاشعث فى هستيريا لا سابق لها ينفث سمومه بين العالمين ويمارس كل طقوس الاساءة والتنكيل بصحفيي هذا القسم مستعينا بزاد كبير من الخبث والانخطاط الاخلاقي وبتواطؤ غير معلن من السيدة « ستراس » والنقابي السابق.
صديقنا الكريم الاشعث سيئ الذكر والسمعة مرابطا ليلا نهارا فى الوكالة طبعا ليس لمصلحة وات بل هو يستغل ممتلكاتها ومعداتها لكتابة » بيجاته الشخصية » وهذه مقاربة اخرى لثقافة المؤسسة كثيرا ما يتسلل الى حانات النزل المجاورة يحتسي من كؤوسها ما طاب له ( خلال اوقات العمل) ولا ياتي الا محمر العينين وهي اساءة لا سابقة لها فى تاريخ الوكالة.
فى الدسك الاقتصادي تتواصل فصول التعامل بالمكاييل محاباة للبعض وتنكيلا بالبعض الآخر فهذه صحفية حظيت بكل التقدير والسفريات والترقيات مقابل خدمات خاصة جدا تتراوح بين الوشاية والخزعبلات الخسيسة ومقاربة الكشف عن اعلى النهدين ( والمعذرة عن هذه المصطلحات)
اما السيدة « ستراس » فتنطبق عليها مقولة ( اذا لم تستح فافعل ما شئت) عجوز متصابية فى الستين من عمرها كل من يعرفها يشهد لها بمحدودية مستواها المهني بارعة فى التنكيل بعدد من الصحفيات باشكال مختلفة لا هم لها سوى الاساءة لزميلاتها واتيان السلوكات الصبيانية من قبيل « الاستحواذ على السفريات الهامة » لها وللخميس الاشعث او كذلك البسمة الهزيلة تختزل فى تصرفاتها كل معاني الخبث والسفالة والصبيانيات.
اما النقابي الفاشل وان يوحي بانه اختار الجلوس على الربوة حتى فى اجتماعات التحرير لا ينبس ببنت شفة او ملاحظة من اجل اظهار حق المظلومين فى هذا الدسك ( على الاقل وفاء لمبادىء العمل النقابي الذى اتفقت عليه كل شرائع الشغل والعمل) فانه آلة لا تتوقف للدفاع عن مصالحه الضيقة. اما الذين يعرفون هذا الرجل جيدا يدركون لماذ لا تتم ترقيته الا بعد كل مفاوضات اجتماعية فمنذ سنتين تقريبا (اي بعد انتهاء اخر جولة من المفاوضات الاجتماعية ) تمت ترقيته فى خطة رئيس دسك، وقبلها بخمس سنوات منح خطة رئيس مصلحة ( اي بعد الجولة السابقة من المفاوضات الاجتماعية) و حسبى الله ونعم الوكيل ايها المنسي.
** الدسك الرياضي…امير موناكو مازال هنا
بنخوة واعتزاز دخل العمر عامه الثالث بعد التمديد ( والمعذرة لاشقائنا اللبنانيين على استعمال العبارة) لا عمل ولا هم يحزنون لا ياتي الا لاخذ الجرائد لا يتوانى فى استغلال كتابات صحفي الدسك والاتجار بها فى صحف ومجلات الخليج ينتقي سفراته هو وصديقته التى لا تفارقه بكل اتقان ولا يترك لباقي صحفيي القسم الا ادغال افريقيا واقامات بيوت الكرتون وازيز الرصاص.
اما صديقته التى لا يتجاوز مستواها التعليمي السابعة ثانوي ولا تفهم فى لغة الرياضة شيئا فهي مبجلة فى كل المحافل وحظها كذلك انها صديقة الادارة العامة، الم نقل ان ادارة « وات » قد تانثت فى كل الاتجاهات منذ سنوات سبع.
وحتى لا ننسى زهو الدسك الذى امتهن خلال الاشهر الاخيرة سياسة ابتزاز خسيسة لتعبئة جموع الصحفيين استعداد للجلسة العامة لجمعية الصحفيين وله نقول لا يغرنك عدد الصحفيين المنخرطين فى الجمعية السنة الماضية والسبب الحاسوب المحمول ولا يجب ان تنطلي اشاعاتك التى لا تنتهي واخرها مشروع سكني جديد لفائدة الصحفيين وانك والجواد الكريم وصالح الزور من ساهمتم فى نفور عدد هام من صحفيي الوكالة من الجمعية.
** والحل….ايقاف التمديد واجراء التغيير
ان الذي سبق ليس الا البعض من اشياء كثيرة حصلت ولا تزال تحصل بين اروقة وكالة تونس افريقيا للانباء وكما تلاحظون وقع التركيز اكثر على اقسام التحرير لانها عصب هذه المؤسسة الوطنية الهامة وهذا لايعني ان باقي الاقسام تعيش الجنة.
ويقيننا مثلما تقدم ان احد اسباب هذا الوضع المزري الذي اصبحت عليه « وات » هو ظاهرة التمديد لذلك وجب ايقاف هذه المهزلة فالكبار الذين تمتعوا بالتمديد لا يلجون الوكالة الا نادرا فسيد الدسك العالمي يسير الدسك بالهاتف وما يقضيه فى مقاهي سنتر ايناس هو والغانية وجوقة السوء اكثر من الذي يقضيه فى مكتبه والغول الرياضي يظهر فى الدسك لمدة ربع ساعة يجمع الصحف وبعض المهاتفات ثم ينصرف.
ان هؤلاء لا اضافة حقيقية لهم فى اداء الاقسام التى يشرفون عليها بل هم عبء ثقيل ساهموا فى بروز شرذمة من غربان السوء وانماط جديدة من الصبيانيات والسلوكات المشينة وبالتالي تعكر مناخ العمل لان بعض الغلمان حظيت بحوافز مهنية ومادية على حساب كفاءات اخرى واعفاء هؤلاء سيقطع دابر هذه المجموعة عن بكرة ابيها.
ايها الاوصياء على هذه المؤسسة الوطنية ارفعوا عنها ايديكم واتركوها وشانها فبها مجموعة من القادرين على السمو بالاعلام الى مراتب عليا لانها اليوم فارغة من محتوى ولا اضافة تقدمها للمشهد الاعلامي الوطني.
امر اخر وجب الاسراع به وهو ضخ دماء جديدة صلب الوكالة فلاول مرة ربما فى تاريخ المؤسسات الوطنية ان يمكث رئيس مدير عام فى منصبه لمدة فاقت السبع سنوات ووقع التمديد له بدوره لسنة اخرى فهل فرغت البلاد من الكفاءات التى بإمكانها الإشراف على وكالة تونس افريقيا للانباء.
قراءة نقدية في مقاربة تونسية حول منزلة المرأة في الإسلام (1 من 3)
أبو يعرب المرزوقي (*)
نشرت الأستاذة رجاء بن سلامة مقالا عنوانه للذكر محل حظ الأنثيين وشبه عنوانه جرح التفضيل في عدة أحياز آخرها في العدد 58 من الطريق الجديد يستحق النقاش لعلتين ظرفية وبنيوية.
فهو يستحقه ظرفيا لتمثيله عينة من المحاولات التي عرف بها تيار التحديث في ما يسمي باختصاص الحضارة من أقسام العربية في كليات الآداب بالجامعة التونسية.
لذلك فسيكون النقاش معه بوصفه عينة من نظائره في الكلام عن الشرع الإسلامي برد علل التشريع البنيوية إلي أسبابه الظرفية. وهو فضلا عن بعده الظرفي يستأصل النقاش بنيويا لاستناده إلي مسلمات تمثل عينة مميزة لما يسمي بالفكر العلماني والتحديثي العربي عامة والتونسي منه خاصة. ويجمع بين الوجهين فنيات العلاج التي يستعملها كلا الفريقين خالية من شروط المعرفة بالموضوع ومن مقومات المنهج الذي يزعمون الاحتكام إليه. ذلك أن هذا المقال يظهر علي سطحه الكثير من شكليات البحث العلمي الأكاديمية التي قد تضفي عليه وعلي أصحابه صفة المعرفة الموضوعية التي تخفي مواقف إيديولوجية صرفة. ومن أهم هذه الفنيات ضربان يشترك فيها الأستاذ محمد الطالبي والاستاذ عبد المجيد الشرفي والأستاذة صاحبة المقال رغم أن أولي حلقات السلسلة تمتاز علي حلقتيها الأخيرتين بشيء من الحذر تلاها تسيب ليس له حد:
والضرب الأول الذي يقدم من منطلق حكم التحديث المسبق يبدو عقليا. إنه الاستعمال السطحي لمقولات فلسفية وتأويلات هرمينوطيقية لما يصفونه بالمسكوت عنه في النصوص والمواقف دون استيفاء شرطي المنهجية التأويلية الفعليين أعني القبول بطبيعة النص والقبول بمحددات الموقف المؤول الحاصلة خلال تاريخ ذلك النص فهما وتأويلا.
والضرب الثاني يبدو نقليا ويتعلق بالاستشهاد الانتقائي بنصوص القرآن والحديث وأسباب النزول المنتخبة دون استقراء تام يمكن أن يضمن شرط الاعتماد الفعلي علي الأصل النقلي إذ لا دلالة للمعطيات النقلية من دون الاستقراء التام قدر المستطاع سواء كانت المعطيات النقلية من التجربة الحسية أو من التجربة النصية.
لذلك فلن يكون نقاشي متعلقا في المقام الأول بمسألة مقادير الإرث وما قد تفيده من ظلم أحد الجنسين أو العدل بينهما أعني بما تصورته الأستاذة موضوع النص التشريعي الذي تجادل فيه ـ لأن المسألة لا صلة لها من قريب أو بعيد بالعدل والظلم ولا حتي بحقوق الورثة ـ بل هو سيقتصر علي مزاعم ربطها هذين الأمرين اللذين ظنتهما ثمرتي النص بمنزلة المرأة الوجودية في الإسلام وعلي مدي فاعلية هذين النوعين من فنيات المنهجية من حيث التمحيص العلمي المتين والفهم الدقيق للمعاني الفلسفية المستعملة. فهذه المعاني يمكن أن تكون فعلا أدوات تحليل وهي قابلة لأن تكون مجرد أدوات تنميق خالية من علامات الاستيعاب إذا ثبت خلوها من الحذر والأمانة في مسائل التأويل الدقيقة خلوا يثبت أنها من مزوقات الحكم التحديثي المسبق لا غير.
وسيكون نقاشي في مستويين من الخطاب: فهو يبدأ بوجاهة المنهجيات التحليلية والتأويلية ليصل إلي متانة التصورات القانونية والفلسفية. لذلك فلن أناقش الأستاذة في مواقفها العقدية. لن أهتم بتقويمها حق الإله في تحديد منازل المخلوقات أو المفاضلة بينها إذ لا أنوي الخوض في مسألة العدل الإلهي. فعندي أن للجميع الحق في أن يؤمنوا وألا يؤمنوا بأصل العقائد كلها ليس عقلا فحسب (وهذا أمر كلي لا يحتاج إلي دليل) بل وكذلك نقلا (ودليله الآية 256 من البقرة): حرية المعتقد. سأكتفي بمناقشة ثلاث مسائل تصورية تتعلق جميعا بالوصف القانوني والحد الفلسفي لما ورد منهما في النص الذي تجادل فيه الأستاذة ومسألتين منهجيتين أولاهما هي منهجية الترجمة التي استعملتها لصوغ الإشكالة صوغا يمكن من علاجها، والثانية هي منهجية التأويل التي استعملتها لتحديد مقاصد النص بأسباب نزوله وبتاريخ الظاهرة التي يحدد حكمها. ويقتضي منطق العلاج أن أبدأ المناقشة بالمسألتين المنهجيتين. لكن ذلك قد يزعج القارئ غير الصبور أو غير المتعود علي مقدمات العلاج النظري. لذلك فسأبدأ المحاولة بالمسائل الموضوعية الثلاث لأختم بالمسألتين المنهجيتين علي النحو التالي:
المسألة الأولي تتعلق بفهم معني المنزلة الوجودية:
وهل يمكن استنتاج منزلة النساء الوجودية أو منزلة الرجال من قانون الإرث فنعتبرها علة حكم الإرث كما فعلت الأستاذة أم ان المنزلة الوجودية لا علاقة بالملكية فضلا عنها بالإرث من حيث صلته بمقدار الملكية. وبصورة أدق هل يحق لنا أن نستنتج هذه المعادلة: منزلة المرأة الوجودية تساوي نصف منزلة الرجل لذلك فهي ترث نصف ما يرث.
المسألة الثانية تتعلق بفهم النص:
فهل قانون الإرث (بلغة القانون الوضعي) أو حكم الإرث (بلغة الحكم الشرعي) أمر يتعلق بمنزلة الورثة عند الله كما توهمت الأستاذة أم هي في الحقيقة ذات صلة بمنزلتهم عند صاحب الملكية التي ستوزع إما في حياته أو بعد مماته؟ فيكون الاستنتاج السابق مصدره عدم فهم النص في منطوقه بسبب العجل والدجل الباحث عن المسكوت عنه قبل المنطوق به.
المسألة الثالثة تتعلق بفهم معني التفضيل الإلهي:
وأخيرا هل المسألة الناتجة عن حكم الإرث تقبل الوصف بالتفضيل الإلهي وصفا مناسبا عند من يفهم المقصود بالمنزلة الوجودية ويدرس أصناف التفضيل الواردة في القرآن الكريم خاصة بعد حسم سطحية الفنيات الخطابية المستعملة في كلام الأستاذة التي قارنت نصيب المرأة من الإرث بنصيب ابن الزنا.
المسألة الرابعة: منهج الصوغ بالترجمة وشروطه.
المسألة الأخيرة: منهج تأويل المقاصد بأسباب النزول وحدوده.
المسألة الأولي
لو صح ما فهمته الاستاذة من حكم الإرث عندما ظنته محكوما بمنزلة المرأة الوجودية منزلتها التي تعلل كونه علي ما كان عليه ]الرجل: الإرث الكامل = 2 (المرأة : نصف الإرث( [ == ) (منزلة الرجل = ضعف منزلة المرأة =) (منزلة المرأة = نصف منزلة الرجل[( لكان معني ذلك أن المنزلة الوجودية رهينة مقدار الملكية ومن ثم لكان عدم المساواة في الثروة بين البشر رجالا كانوا أو نساء هو المحدد لمنازلهم الوجودية. فلا يبقي عندئذ فرق بين واقع المنزلة الإنسانية محددة بالقدرات الاقتصادية وواجبها محددا بالامكانات الوجودية حتي لو سلمنا بأن للمنزلة الاقتصادية دورا ما فيها. بعبارة تساؤلية مضاعفة أوضح:
هل ينبغي أن تقاس منزلة الإنسان الوجودية بما يملك فتزداد كثافة وجوده بازدياد ثروته أم إن ذلك أمر واقع لا يعبر عن منزلة الإنسان الوجودية بل عن انخرام في نظام المنازل الاجتماعية التي قد تعتبر محددة لمنزلة الإنسان الوجودية عندما ينحصر وجوده في تقديره بالتقويم المادي؟
وهب ذلك مقبولا ـ تسليما بما بات موجودا في مجتمع الفكر التحديث فكر الأغنياء الجدد ـ هل يمكن عندئذ أن تقاس بما يعطيه إياه غيره أو لا يعطيه فتصبح منزلته الوجودية مرتهنة بإرادة غيره وليست بسلطانه علي ما يملك هو بفعله الذاتي؟
لو صح الجواب الإيجابي عن السؤال الأول لكان ذلك يعني أن المساواة الوجودية بين الرجال فضلا عنها بينهم وبين النساء تقتضي أن يتساووا في الملكية. فيكون الرجل الأقل حظا ماديا هو أيضا متردي المنزلة الوجودية وليست المرأة وحدها. وعندئذ سنقع في طريقين مسدودوتين لا مخرج منهما: فلن يبقي بعد ذلك وجود للمساواة الوجودية لتغير الملكية أو لن يبقي للملكية تغير لثبات المنزلة الوجودية. وكلا الأمرين ممتنع عقلا وواقعا. فواقعا لا أحد ينكر أن الملكية تتغير وأن منزلة الإنسان الوجودية تبقي ثابتة اللهم إلا إذا اقتصرنا علي المعيار المادي لتقويم الناس: لأن من يفتقر ماديا لا يفقد الأمل في أن يسترد ثروته وما كان ليفعل لو آل به الفقر المادي إلي الفقر الوجودي إذ يكون قد فقد القدرة علي الاستئناف.
وعقلا حتي لو قبلنا بهذا التقويم فإن المعيار لن يكون الملكية من حيث هي ما صار في الحوز بل القدرة علي تحصيلها في الحوز. فيكون الإنسان تقاس منزلته ليس بما عنده فعلا بل بما يمكن أن يكون عنده ومن ثم فالمهم هو ما يفعله ليكون عنده ما عنده: لذلك كان الأمل هو جوهر الملكية كما يقول ابن خلدون. والحلم بالتملك لا الملكية هو محرك الآلة الاقتصادية في المجتمع الرأسمالي وكان فقدان الحلم بالتملك لا فقدان الملكية هو سبب فقدان الأمل ومن ثم اندحار النظام الشيوعي. وبذلك نميز بين الملكية التي يمكن أن تكون علامة علي الكفاءة في إدارة الرزق بدلالتها علي كيفية تحصيله الدالة عليها. والملكية التي يمكن أن تكون علامة علي الدناءة في اختلاس الأرزاق بدلالة كيفية تحصيله عليها تحصيلا لا يراعي قيما تجعل بعض الجماعات تحكم مثل هذا الحكم حتي لا نعمم لعلمنا أن الملكية صارت في بعض المجتمعات جوهرها اغتصابا وسرقة: وفي كلتا الحالتين فإن الملكية لا تحدد المنزلة الوجودية والمنزلة الوجودية لا يترتب عليها قانون الملكية. لكن من يمدني بمن يلتفت إلي هذا المنطق وبعائد الأمور قل أن يراها الباحثون في المسكوت عنه وهم يتجاهلون المنطوق به تسليما جدليا بأنهم لا يجهلونه!
أما لو صح الجواب الإيجابي عن السؤال الثاني فإن المنزلة الوجودية تصبح منزلة وجودية غير ذاتية لصاحبها بل هي لمن يمده بما سيرثه. فتكون منزلته منزلة مستعارة ممن يهبه إياها خلال وهبه ما يورثه إياه أو يتفضل عليه به: وهذا بحد ذاته نفي لمفهوم التصور الذي يفاد بالمنزلة الوجودية إلا عند القائلين بوحدة الوجود حيث يكون كون الشيء ما هو مجرد كونه حالا من أحوال غيره أعني الجوهر الكلي الذي تكون الجواهر العينية سلوبا قيامه الكلي. فتكون منزلة المرأة والرجل الوارثين علي حد سواء منزلة مستعارة من المالك الذي أمدهم بالكثافة الوجودية التي تتضمنها المقادير المالية التي ورثوها عنه ولا يكون ذا منزلة وجوديه ذاتيه له إلا هو. وعندئذ فمنزلة الرجل أو المرأة تتحدد بغيرها فلا يحددها إلا من يوصي لهم بفتات ثروته وهي تكون عدما حتي أوصي لهما بها كلها. لذلك جاءت الآية لتحديد هذا السلطان بالحد من تحكم المالك في الوصية وفي تقسيم رزقه بحسب ما يظنه من فائدة ممن سيوزع عليهم ملكه وليست في تحديد منزلة من سيصبح ورثة: واعتبرت الآية ذلك فريضة من الله أعني جزءا من العبادات وليست من المعاملات لأنها حد من أحد مقومات الملكية أعني حرية التصرف في الوصية.
لذلك فإنه ينبغي أن نضيف ملاحظة جوهرية تحدد أمرا وسيطا بين الملكية والمنزلة الوجودية دون أن تجعلهما في صلة التحديد المتبادل قصدت ما يترتب علي معني الحرية التي هي مقوم جوهري من مقومات المنزلة الوجودية ومن مقومات الملكية بإطلاق من حيث هي أحد مجالات ممارسة الحرية وأدوات تحقيقها وليس بمقدارها. فهذا المعني جوهري لأنه من مقومات المنزلة الوجودية ومن مقومات الملكية فيكون من ثم أمرا واصلا بينهما وصل الغاية بالوسيلة بشرط أن نفهم أن الحرية وسيلة المنزلة والمال وسيلة الحرية فيكون المال وسيلة الوسيلة وهو من ثم أبعد ما يكون عن المنزلة: وتلك هي العلة التي تجعله لا يكون مصدرا لها إلا عند اللئام في حين أنها دائما مصدره عند الكرام.
من يفهم هذه المعاني ينبغي أن يسأل: هل عامل التشريع الإسلامي المرأة معاملة الرجل في مسألة حرية التصرف في الملكية مهما كان مقدارها أم لا؟ هل ضبطت حرية تصرف المرأة في ما تملك بنفس الحدود التي ضبطت بها حرية الرجل أم لا؟ ذلك أن حرية التصرف في الملكية هي الوجه الوحيد من الملكية، الوجه الوحيد الذي يمكن أن يعد ذا صلة بمنزلة الإنسان الوجودية بخلاف مقدارها: حرية التصرف في الملكية تالية عن الحرية التي هي مقوم جوهري للمنزلة الوجودية. وتلوها عنها هو الذي أوجب الحد من حرية تصرف المالك في التوريث لئلا يكون المال من حيث هو أحد مصادر السلطان دولة بين الأغنياء. إن حرية التصرف في الملكية التي يتساوي فيها الرجل والمرأة في الشرع الإسلامي هي الأمر الوحيد من الملكية، الأمر الوحيد الذي يمكن أن يعتبر ذا صلة وثيقة بالمنزلة الوجودية لأنه يعني أن صاحبه يسلم له الشرع بالرشد وينفي عنه السفاهة بنفس المعايير سواء كان رجلا أو امرأة: كلاهما مثل الآخر في حرية التصرف في ما يملك لأنهما يشتركان بالتساوي في المنزلة الوجودية. أما مقدار الملكية فهو متغير بحكم حوالة الأسواق فضلا عن تحكم شروط أخري سنري بعضها خلال البحث في معاني ما بدا للباحثة دالا علي ظلم وقسمة ضيزي استثارتها إلي حد مقارنتها لغير صالحها مع إرث ابن الزنا.
وكان علي حداثيينا العجلين أن يسألوا السؤال الذي يلهيهم عنه هوسهم العلماني بالعاجل والفاني: ماذا يعني تحديد المنزلة الوجودية بمقدار الملكية خلقيا ووجوديا وما دلالته الانثروبولوجية؟ ولن أجادلهم في حق الرد بالسؤال علي السؤال معاجزين بالقول: ما الذي يحدد المنزلة الوجودية إذا لم تكن الملكية فضلا عن مقدارها سواء كانت آتية من عمل صاحبها أو مما يرثه من آبائه أو أبنائه؟
أجاب القرآن الكريم عن هذين السؤالين في نصوص أخري ليس لها صلة بالملكية لأن المنزلة الوجودية لا صلة لها بها حتي وإن كان للأمرين صلة بالحرية التي هي وسيلة للمنزلة وغاية للمال فيكون المال وسيلة الوسيلة:
وجواب السؤال الأول رهن جواب السؤال الثاني. فالمنزلة الوجودية يحددها القرآن بأمرين يجعلانها مطلقة التساوي بين البشر كلهم فضلا عن الجنسين. ولا علاقة للأمرين بالملكية ولا بالجنس لانهما يتعلقان بمعني الوجود (گtre) لا بمعني المال (avoir) أو بجنس مالكه. والأمر الأول هو وحدة المصدر بالنسبة إلي صاحب المنزلة (خلقا من نفس واحدة ومنها زوجها). والأمر الثاني هو وحدة الفضيلة بالمعني العميق أو الوظيفة بالمعني السطحي بالنسبة إليه كذلك (خلقكم من ذكر وأنثي وجعلكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم). فالمنزلة الوجودية لم تحدد هنا بالجنس ولا بالثروة بل حددت بالمنزلة عند الله ومعيارها حدد بالتقوي في التعارف أي في مداري العمران (الذوق والرزق اللذين يمكن أن يكونا سببا للتعارف أو للتناكر) وفي ما يترتب عليهما من سلطان (وبهما يحصل نظام التعارف أو التناكر) ووحدة الكل (أعني الكيان المادي الروحي أو الجماعة).
ولما كان الظاهر من معيار التقوي هو ما يرمز إليه عادة بالعبادات فإن هذا الرمز هو الذي يحدد طبيعة المنزلة الوجودية في دين من الأديان: فهل يوجد في القرآن الكريم ما يميز الرجل عن المرأة في العبادات؟ أما لو حددت المنزلة الوجودية بالملكية عامة أو بالمقدار فإن النتيجة تكون نفي هذين المحددين الوجوديين: فلا يكون الناس متساوين في البداية ولا في الغاية وإنما هم رهن ما يملكون. وعندئذ تصبح المنزلة الوجودية هي عين الأمر الواقع من الظلم والحيف الناتجين عن التناكر الغالب علي الصراع من أجل الرزق بدل التعارف الشارط للذوق وتكون منزلة نسبية إلي أدوات القوة، وليس منزلة تقاس بمعيار القيم التي يكون بها الإنسان إنسانا: فالرزق أداة في التعارف يصبح غاية في التناكر والذوق غاية في التعارف يصبح أداة في التناكر. ولو صح ذلك لامتنع أن تكون المعاملات هي بدورها يمتاز فيها الواجب عن الواقع: لكن الواجب في المعاملات يمتاز عن الواقع ومن ثم فالحقوق لا تقاس بالملكية بل بالمنزلة الوجودية. ولو صح أن الوارث له حق في ما سيرث غير الحق الذي يحدده الشرع أو وصية المالك لكان كلام الباحثة ذا فائدة: فالملكية هي لصاحب ما سيصبح تركة وهو الوحيد الذي يمكن أن يحمل عليه حق الملكية في هذه الحالة. فالوارث لن يصبح ذا حق إلا بإرادة المالك (الوصية) أو بإرادة المشرع (تحديد انتقال الملكية بعد وفاة المالك بتشريع يحدد من مطلق الحق أي مما كان ينبغي أن ينتقل بالوصية إذا سلما أن الميت يبقي ذا حق علي ما بقي من ملكيته من بعده).
أعلم أن الباحثة ستقول: يكفينا مثاليات، حدثنا عن الواقع. وهنا يجابهنا الصنم الأكبر في فكر التحديثيين الذين يغلب عليهم عدم فهم ما يقولون. فالكلام عن المنزلة الوجودية لا معني له عند من لا يميز بين الواجب والواقع إذ هو عندئذ يجعل الواقع مثالا ويستعمله في وظيفة الواجب: ذلك أن الباحثة هي التي فسرت قواعد الإرث بالمنزلة الوجودية ولم تفسر المنزلة الوجودية بقواعد الإرث إلا عكسا غير واع لما انطلقت منه أعني من قياس المنزلة الوجودية بالثروة الاقتصادية. وهذا العكس غير الواعي الذي قلب وجهة كلامها حال دونها واختيار التناسق في خطابها: كان ينبغي حتي لا يتناقض قولها أن يكون الواقع الاقتصادي ومنه قانون الإرث هو الذي يعلل المنزلة الوجودية وليست المنزلة الوجودية هي التي تعلله. لكنها تتكلم عن شريعة هذا واقع تشريعها في الإرث وهذا نص تحديدها للمنزلة الوجودية فاضطرت إلي استنتاج منزلة وجودية من نصيب المرأة في الإرث ليس لها وجود في القرآن ثم نسبت إليها دور تحديد النصيب في الإرث. لذلك استبدلت المنزلة الوجودية القرآنية التي لم تطلبها في بحثها بالمنزلة الوجودية التي تخيلتها علة لأحكام الإرث وطلبتها مما سمته أسباب النزول وتاريخ الإرث عند العرب. فذهبت إلي قياس دوافع الصحابيات في طلبهن الجهاد بدوافع من تعبر عن مطالبهن في نسخ آية الإرث: طالبن بالجهاد للحصول علي المساواة في الملكية والإرث وليس لأنهن مؤمنات بقيمة الجهاد لذاته أو استكمالا لثمرات المبايعة التي طولبن بها خلال مرحلة التأسيس! العزائم لا تأتي فحسب علي قدر أهل العزم بل هي تقوم بنفس المعيار: فالصَغار يغفل إلا عن الصغائر !
ولما كانت الباحثة تعتبر ما في النص القرآني المحدد للمنزلة الوجودية من المثاليات سعت إلي بديل منه في أسباب النزول وتاريخ الملكية عند العرب لتفسر ما ورد في النص القرآني المحدد لنصيب الإرث بمنزلة وجودية واقعية تناسب ما اعتبرته من ترابط بين المنزلتين: الوجودية والاقتصادية كما تتبين في مقادير النصيب من الإرث. لكن الفكر المجرد والمتجرد كان ينبغي أن يحلل المسألة منطقيا ليدرك أن الأمر لا يخلو من أن يكون منتسبا إلي إحدي الحالتين المضاعفتين التاليتين: فإما أن للنص المحدد للمنزلة الوجودية علاقة بالنص المحدد للنصيب في الإرث فيكون الحال إما أن النصين بينهما تناقض أو أن المسلمين قد طبقوا النص الثاني وأهملوا النص الأول.
أو أن النص الأول لا علاقة له بالنص الثاني فتكون الباحثة قد ربطت بينهما بغير دليل ولم ينحرف المسلمون في التطبيق وينبغي البحث عن فهم آخر لحكم الإرث في غير المنزلة الوجودية.
المسألة الثانية
وهنا نصل إلي جوهر التناقض في موقف المطالبين بالمساواة في الإرث من غير فهم شرطه: إلغاء حرية المالك في الوصية. لم يسأل أحد من المساواتيين عن المساواة فيم تكون؟ هل يمكن أن يوجد قانون يفرض مساواة منزلة الوارثين المحتملين منزلتهم العاطفية لا الوجودية ـ إذ هذه المنزلة ليست نسبية إلي الغيرـ في قلب صاحب الملك عندما يكتب وصيته؟ وهل يمكن للقانون أن يزيل بإطلاق حق المالك في هذا التعيير العاطفي والمصلحي الذي تترتب عليه بنود الوصية المحددة للنصيب من الإرث ولا أقول الفرائض لما في هذه الكلمة من الجلال الذي لا يفهمه من لم يدرك معني تحويل الحد من حرية الوصية المطلقة إلي فريضة أو عبادة؟ أليس المتكلمون في الأمر لا يعلمون فيم يتكلمون: فهل لمن لم يصبح بعد وارثا قبل وفاة المالك حق في ما سيرث بعد أن يصبح؟ حق الوارث أمر يتجدد بعد أن لم يكن. فقبل وفاة المالك لا يتعلق الأمر بحق الوارث في المساواة بل بحق المالك في التصرف الحر في ملكه. لذلك فالحكم الوارد في الآية لا يتعلق بحق الورثة ـ إذ لا حق لهم ـ بل هو يتعلق بضبط حق المالك في التصرف في ما يملك بعد وفاته أعني حق الوصية لئلا يضر بهذا الحق فلا يلغيه بمقتضيات أمرين ذوي دور بعيد سنحللها في المسألة الموالية:
أولهما خلقي واقتصادي هو كيف يبقي المشرع قدر المستطاع علي وحدة الملكية القاعدية التي هي شرط العمران الإنساني السوي أعني العمران الذي لا يتحول إلي مجرد أرقام في اقتصاد خفي الاسم.
والثاني خلقي بيولوجي هو كيف يحرر المشرع حركة تبادل النساء من حركة تبادل المال تشجيعا للتزاوج الخارجي وتقليلا من التزاوج الداخلي الذي كان يمكن أن ينجر عن خروج إرث المرأة بقدر يجعل الأسرة تبقي عليها للإبقاء عليه.
لا أظن الأستاذة قرأت الآية الحادية عشرة من النساء الآية التي تحللها قراءة كاملة فهي تقف من نصها قبل غايته التي تحدد المبدأ الأساسي الذي يدور عليه الكلام ولا يتصل بأحكام الإرث إلا بصورة عرضية. ذلك أنها لو فعلت لفهمت أن الأمر لا يتعلق بالإرث أو بمنزلة الورثة عند الله بل بتعديل منزلتهم عند صاحب الملكية عند التفكير في توزيعها بين أقربائه لئلا يبني وصيته علي ظنونه: …آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما (النساء غاية الآية 11 منها).
من كان يبحث عن فهم هذه الآية في صلتها بأحكام الإرث فعليه أن يفهم موضوعها أولا والمبدأ الذي تضعه ثانيا: عليه أن يبدأ بالمنطوق قبل العجلة التي أجاءته إلي المسكوت عنه. فالمعلوم أن المالك له صلة بما يملك وبمن سيوصي له مما يملك. والصلة الأولي هي حق الملكية أعني حرية التصرف في ثمرة عمله. والصلة الثانية هي صلته بمن يمكن أن يفيده بما يملك حسب ظنه أو علمه المظنون بما أفاده به في حياته أو بما سيفيده به بعدها: وهو جزء من حق التصرف في الملكية. لكن الوارث لا صلة له بالملكية ذاتها بل صلته بمالكها فحسب خاصة إذا لم تكن الملكية ثمرة لعمل كل أفراد الأسرة وخاصة للرجال منهم في النظام القديم: وهي صلة قرابة أو صداقة ولا علاقة لها بالملكية إلا إذا كان شريكا. لذلك فلا حق للوارث في ما يملك المالك ما دام حيا: الإرث حق بعد الوفاة بمقتضي إرادة المالك (الوصية) أو إرادة المشرع (الحد من حق حرية التصرف في الوصية) وهو حق لا وجود له قبلها.
لذلك فمحدد الحسم في المسألة أمران لا يتصلان بحق الوارث: الأول هو علاقة المالك بما يملك والثاني هو علاقته بمن سيختاره لينقل إليه ما يملك. والعلاقة الثانية هي التي تحدد عملية النقلة. أما العلاقة الأولي فهي بمنأي تام عن المنقول إليه. وموضوع الآية هو محاولة تخليص هذه العلاقة من تحكم المالك الذي يبني تفضيله لوارث عن وارث يبنيه عادة علي العلاقات العاطفية وعلي الظنون المتصلة بنوايا من يمكن أن يختاره المالك ليرث ملكه. الكلام يدور إذن حول محددات إرادة المالك في توزيع ملكه: هل يكفي لتحديدها علم المالك بعلاقة من يمكن أن يورثهم ملكه بحسب ما يدركه مما يتصوره من نفع له؟
أحكام هذه الآية تتصل بمسألة الإرث من هذا الوجه لا غير وهي تريد أن تؤطر إرادة المالك أو حرية تصرفه في ما يملك حتي لا تكون مطلقة الحرية بمجرد الاعتماد علي الظن: إنها إذن حد من حرية المالك في الوصية وليست تحديدا لحقوق الورثة إذ ليس للورثة حق بل ليس لهم وجود قبل أن يحددهم نص قانوني (يحد من حرية تصرف المالك في الوصية) أو وصية المالك. لذلك فلا حق لمن سيصبح وريثا ما لم تحدده وصية أو شرع يحد من الحرية المطلقة في الوصية. وبهذا الحد تختلف التشريعات في أحكام الإرث: فالتشريعات الحديثة (الفرنسية علي وجه الخصوص لكون الأستاذة اختارت منها حكم ابن الزنا وللناس في ما يختارون من الصور أسرار) تكاد تلغي هذا الحق بأن تجعل للجماعة فيها الحق الأول بتوسط الضريبة علي نقل الملكية وهو ما لا يقره الشرع الإسلامي.. والنص القرآني لا يحدد حقوق الورثة بل يحد من حق المالك في الوصية لئلا يحرم البعض لمجرد الظن. الفريضة التي تشير إليها الآية هي إذن فريضة الحد من حرية المالك المطلقة في المفاضلة بين أبنائه وآبائه عند تقسيم ماله. ويؤيد هذا الفهم الحد من حرية الوصية في التشريع الإسلامي عند ضم الحديث للقرآن: فالوصية للورثة ممنوعة والوصية لغير الورثة لا تتجاوز ثلث ما سيصبح تركة.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 4 ماي 2007)
بســــم الله الرحمن الرحيم
إلى شرفاء المجتمعات المدنيّة المغاربيّة
و إلى روح الشهيد قاصدي مرباح
والى النفسيّة التلمودية للسيد « ساركوزي »
أنطاكيا، في 5/5/2007
يشرفني و يسرني أن أعلن دون إستئذان من صاحب الشأن أن من جعل الحكومة الإشتراكيّة السابقة لمملكة السويد تعدل عن إرسال قوات سويديّة إلى جنوب لبنان و التساهل التخزيني والمروري و العسكري للقوة المستكبرة من الإدارة الأمريكية الحالية ،هو تقرير مدني وسياسي شامل صادر من جوهرة اليسار العالمي و درّة من درر الوطن المغاربي العزيز الدكتور منذر صفر وبعض رفاقه الأجلاّء.
أرسل الدكتور منذر صفر إلى البرلمان السويدي تقريرا لم تعرف دولة السويد و لا المجتمع المدني و الأمني فيها مثله نظيرًا من حيث الصراحة و الصدق في التقنية الدراسيّة و المحبّة، الشيء الذي جعل السيد رئيس الوزراء الاشتراكي السابق يعدل عن المواصلة في الحديث لإرسال قوات سويّدية إلى جنوب لبنان رغم طلب ملحّ من اللوبي الصهيوني المتربع على كاهل الشعب السويدي الأصيل، الذي لا تعرف الإمبرياليّة إلى نفسيته و تركيبته سبيلا.
صدر هذا التقرير من باريس يوم29 من شهر أوت من السنة الفارطة وتم تسليمه من طرفي في يوم31/8/2006 إلى اللجنة الإعلامية في البرلمان السويدي إبان رجوعي إلى السويد قادما من باريس بصفتي عضوا استشاريا و محللا في الإستراتيجيا الأمنية في اللجنة الإعلاميّة التابعة للبرلمان السويد.
طوبى للأمة و للوطن المغاربي بوجود أمثال الدكتورمنذر صفر و طوبى لسلالة كليم الله من التوراتيين الأصحّاء، الذين ساهموا في كل عمل يكشف للعالم الصهيونية و التلمودية وخطورتهما على كل موسوي في العالم .و طوبى للسويد بوجود رئيس وزراء اشتراكي مثل الرئيس الوزراء السابق الذي لا همّ له إلا إلغاء التبعيّة المبطنة للإمبريالية العالميّة والمحافظة على الأصالة السويدية و نقاوة النفسية الوطنية وقوميّة الفيكينك السامية.
الشـــاذلي العيّـــــــــادي
الحزب الاشتراكي الدستوري التونسي
عضو شرفي في التجمع الوطني الجمهوري الجزائري
إعلامي و خبير في الشؤون الأمنيّة
ملاحظة: أضع نفسي تحت تصرف القضاء السويدي المرموق في كل شأن
بسم الله الرحمن الرحيم
وصف المتقين والمفلحين
بقلم: د. محمد الهاشمي الحامدي
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم: « ألم. ذلك الكتاب لا ريب فيه. هدى للمتقين. الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون. والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك. وبالآخرة هم يوقنون. أولئك على هدى من ربهم. وأولئك هم المفلحون ».
من أحرف الهجاء العربية المتداولة بين الناس، المتاحة للأديب والشاعر والخطيب، وللعباقرة من البلغاء والفصحاء، يتشكل أعظم كتاب في تاريخ الكون كله. كتاب من عند الله الكبير المتعال، خالق الخلق والأكوان، ومجري الريح والسحاب، مسيّر الشمس والقمر والنجوم، مقلب القلوب والليل والنهار، العليم بخائنة الأعين وما تخفي الصدور.
ذلك هو الكتاب المقدم على كل الكتب. هو وحده في مقام عال ومكانة سامية مخصوصة. لا يجوز للعاقل أن يقارن بينه وبين سائر ما كتبه البشر منذ فجر الخليقة، لأنه لا يجوز مقارنة الخالق إلى المخلوق.
كتاب من عند الله لا ريب في تمامه وكماله، ولا شك في مصدره. ها هم عباقرة العربية في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وفي كل عهد بعده، يواجهون التحدي جيلا من بعد جيل. من كان بوسعه أن يأتي بكتاب مشابه فليفعل، فإن مادته اللغوية، وأحرف الهجاء التي يتشكل منها، هي أحرف اللغة العربية، التي يكتب بها كل المبدعين في الشعر والأدب والبلاغة.
لكن هيهات. فما من أحد شك وعاند وأراد الإتيان بمثله إلا فشل فشلا مخزيا، وأصبحت بعض الفقرات المأثورة عنه مادة للسخرية أو أضحوكة في كتب النوادر والطرائف.
وهكذا فنحن أمام أمر غاية في الجدية والرفعة والسمو، لا ريب فيه ولا شك، مصدره ربنا وخالقنا ورب الناس أجمعين في كل زمان ومكان.
إن الناس ينصتون لوسائل الإعلام إذا صدر بيان هام من الملك أو الرئيس أو رئيس الوزراء. فما بالك إذا صدر الحديث والخطاب والتوجيه من ملك الملوك، ورئيس الرؤساء، وسيد الوزراء، الذي إليه يرجع الأمر كله، وبين يديه يوم القيامة يقف جميع الناس على حد سواء ليروا أعمالهم ولينالوا الجزاء العادل عما قدموا في دنياهم.
لننصت جميعا إذن، باهتمام وأدب وسعادة. اهتمام وأدب لأن الذي يتحدث إلينا سيدنا وربنا وخالقنا. وبسعادة لأننا محظوظون بحديثه إلينا، ومكرّمون بتوجهه بالخطاب إلينا فردا فردا دون تمييز. لك الحمد يا مالك الملك أن خاطبتنا بقرآنك الكريم وبيّنت لنا الصراط المستقيم الذي يقود إلى رضاك.
هذا الكتاب العزيز الصادق الذي لا ريب فيه أنزل « هدى للمتقين ». إن القرآن الكريم دستور الهداية والنجاح والسعادة للناس كافة. هذه هي وظيفته الرئيسية الكبرى.
أما المتقون فهم أفضل الناس وأعلاهم درجة ومقاما وهم أكرم الناس عند الله تعالى خالق الناس. والقرآن الكريم دستور الهداية الذي أوصلهم لهذا المقام الرفيع.
فما هي صفات من نال هذا المقام الرفيع؟ ما هي صفات المتقين؟
إنهم يؤمنون بالغيب. يوقنون بوجود الله تعالى من دون أن يروه. يرون آياته في الوجود كله فيعرفون أنه الخالق المدبر مالك الملك، ويشهدون بأنه وحده الجدير بالعبادة من دون شريك. ويؤمنون بملائكته وكتبه ورسله جميعا، ويصدقون بكل ما جاء في كتابه العزيز.
هذا الإيمان قاعدة السعادة والهداية والفوز في الدارين. به تتضح الصورة الحقيقة للحياة الدنيا، باعتبارها محطة اختبار للإنسان، ودار سعادة أولى لمن اختار أن يحياها بهدي القرآن الكريم، تمهيدا للحياة المقبلة، الأخروية الخالدة، الأعظم شأنا من الأولى بما لا يقاس أصلا من قريب أو بعيد.
ثم إن من صفات المتقين إقامة الصلاة: « ويقيمون الصلاة ». هؤلاء المؤمنون الغيب، الذين يشهدون أن محمدا عبد الله ورسوله وأنه خاتم الأنبياء المرسلين، يهديهم إيمانهم للمسابقة إلى الطاعة والعبادة وأداء الفرائض، وفي المقدمة منها إقامة الصلاة بأحسن الوجوه والأحوال.
إنهم يؤدون صلواتهم على طهارة، باطمئنان وخشوع، يراعون أحكامها الميسرة المبينة في الكتاب والسنة، يأتونها مسرورين، يقيمونها في أوقاتها، ويقاومون نزغ الشيطان الذي يحاول بث الكسل في نفوسهم عنها، أو عن سننها ومستحباته.
الصلاة عمود الإسلام وركن من أركانه الخمسة. والمتقون الذين تمدحهم هذه الآيات الكريمة هم أولئك الذين يولون الصلاة ما هي جديرة به من احترام ومكانة في نفوسهم ومواقيتهم، فيكون الجزاء أن صلواتهم تناهم عن الفحشاء والمنكر، وتزين لهم فعل الخيرات، وترتقي بهم درجات عليا في مراتب الطاعة ليدخلوا في هذه الطبقة السعيدة الكريمة، طبقة المتقين.
ثم تبين الآيات صفة أخرى من صفات المتقين: « ومما رزقناهم ينفقون ». إنها كناية عن الزكاة، التي هي أيضا من أركان الإسلام الخمسة، وبيان لأهمية التصدق والكرم والإنفاق سبيلا لنيل رضا الله عز وجل.
المتقون ينفقون مما آتاهم الله من الرزق الحلال الطيب، يساعدون الفقير، ويدخلون السرور لقلوب الأقارب والجيران والأغراب من أهل الفاقة والحاجة، فيحصل من ذلك التكافل الإجتماعي بين بني البشر، وتسمو نفس المنفق بإدراكه أن المال مال الله، وأنه إن أنفق منه على أوجه الخير نال رضا خالقه واستحق وعده الصادق بزيادة الخير والفضل للمنفقين والمتصدقين والشاكرين.
« والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هو يوقنون ».
تسلط هذه الآية المزيد من الضوء حول صفات المتقين، وتبين أنهم الذين اختاروا، في كل زمان ومكان، ومن كل جنسية وقومية ولسان، اختاروا عن قناعة وإرادة حرة الإيمان بالقرآن الكريم وبالدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وجعلوا ذلك تماما وإكمالا لإيمانهم بمن سبقه من الأنبياء وبما نزل إليهم من الكتب.
تدل الآية أن من يستحق الدخول في عداد المتقين ليس الإنسان الذي يؤمن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وحده وينكر نبوة عيسى وموسى وإبراهيم وبقية الرسل عليهم الصلاة والسلام.
وليس هو الذي يؤمن بالنبي موسى صلى الله عليه وسلم وحده وينكر نبوة محمد وعيسى وإبراهيم وبقية الرسل عليهم الصلاة والسلام.
وليس هو الذي يؤمن بالنبي عيسى صلى الله عليه وسلم وحده وينكر نبوة محمد وموسى وإبراهيم وبقية الرسل عليهم الصلاة والسلام.
وليس هو الذي يؤمن بالنبي إبراهيم صلى الله عليه وسلم وحده وينكر نبوة محمد وعيسى وموسى وبقية الرسل عليهم الصلاة والسلام.
المتقي هو من يؤمن بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم من وحي وهدي وتعاليم، ومن مقتضيات وشروط تمام وصحة هذا الإيمان: الإيمان بنبوة الأنبياء والرسل السابقين لنبي الإسلام، صلى الله وسلم عليهم جميعا، وبما أنزل إليهم.
ومن صفات المتقين أيضا: « وبالآخرة هم يوقنون ».
حياة لم يروها ومع ذلك يوقنون بها من دون لمحة ريب ولا ذرة شك. يعرفون أنها الحياة الباقية والأبدية فيعملون لها ويسعون من أجل السعادة والفوز فيها. هذه صفات المتقين كما وردت في الآيات الإفتتاحية لسورة البقرة. ليس في الأمر أسرار وطلاسم مخفية. وليس في الأمر محاباة. إنما هي قواعد واضحة، وشروط دقيقة وميسرة، من أوفى بها دخل في عداد المتقين، واستحق أن يكون من المشمولين بالفضل الكبير العظيم الذي تبينه الآية اللاحقة:
« أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون ».
أولئك هم الذين يسيرون في طريق الإيمان والتقوى والسعادة على بينة وعلم ونور. ومن ترك نهج هؤلاء فقد ضل السبيل. فقد يقصد الإنسان أحيانا مكانا وغاية لكنه يضل الطريق ويتيه ولا يصل إلى قصده. وما أكثر الذين يقصدون مرضاة الله بغير ما شرع الله، أو بترك واجبات وتعاليم أساسية شرعها الله وبعث نبيه محمد صلى الله عليه وسلم لتبيانها وشرحها للناس.
إن المتقين « الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون. والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك. وبالآخرة هم يوقنون » ليسوا فقط على هدى من ربهم، وإنما هم أيضا المفلحون، الفائزون، النائلون قصدهم ومرادهم.
وأي فوز أعظم من أن يدخل الإنسان في عداد المفلحين بميزان خالقه، المتصرف في أمر الدنيا والآخرة، الحكم العدل، الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
كل فوز غير هذا الفوز ثانوي وبسيط، وكل فلاح غير هذا الفلاح ثانوي وبسيط. يستطيع الإنسان أن يفوز بأعلى الألقاب العلمية، أو يبني أعلى القصور والأبراج، أو يملك المليارات في حساباته البنكية. ويحق له أن يفرح بهذا المكسب وذاك. لكن أين هذه المكاسب من الدخول في عداد المتقين المهتدين المفلحين؟ ها هنا سعادة الدنيا وأمان النفس واطمئنانها. وها هنا وصفة الأمان والفوز والنجاح في الحياة الآخرة التي نقترب من العبور إليها مع كل لحظة تمر، وكل ساعة، وكل يوم.
هل نسينا الأجيال التي سبقتنا فوق هذه الأرض، وبنت القصور من قبلنا وجابت القفار والبحار، ثم ودعت وسافرت؟ أين هم الآن؟
إنهم هم جميعا، وجيلنا نحن، وكل الأجيال التي ستأتي من بعدنا، على موعد صادق ثابت، يوم الحساب الأكبر، يوم القيامة، اليوم الذي يجمع فيه الله عز وجل الخلائق جميعا من كل عصر، ليريهم أعمالهم ويحاسبهم على ما قدموا.
بهذا الميزان الصحيح في النظر للأمور يعرف الإنسان الفلاح الحقيقي.
إنه فلاح المتقين.
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أفضل المرسلين
تونس في: 05/05/2007
بقلم محمد العروسي الهاني
مناضل دستوري
رئيس شعبة الصحافة الحزبية سابقا
الرسالة 224 مكرر
على موقع الانترنت تونس نيوز
الحلقة الثانية
إعجاب رائع وإهتمام واسع وتعاليق ممتازة على الحوار الأخير بقناة العربية
في الحلقة الأولى الصادر يوم 24/04/207 بموقع تونس نيوز مشكور هذا الموقع على اهتماماته الكبيرة بالحركية والنشاط في البلدان العربية وقضايا المجتمع العربي وحركات التحرير الوطني ونشر المعلومات على تاريخ الأمة العربية ومن بينها تونس. وقد أخذ نصيب الأسد التاريخ الوطني التونسي بقيادة وزعامة الحبيب بورقيبة وخاصة الحلقات التي بثتها قناة العربية مشكورة ووجدت الدعم والنشر والاهتمام والتبليغ في موقع تونس نيوز والتعليق على كل الحوارات وخاصة ما ورد في المقال الصادر يوم 24/04/2007 من شكر السيد الأستاذ الفاضل خالد شويكات على ما تفضل به من شهادات رائعة وصريحة وواضحة لا لبس فيها هذه الشهادة الرائعة زادت في قيمة ووزن هذا الشاب التونسي أصيل ريف الهمامة الأشاوس الذين إذا عاهدوا الله وعاهدوا الوطن اخلصوا. وبهذه المناسبة الكريمة وفي ذلك الحلقة الثانية أود أن أتقدم بخواطر ومقترحات حول دعم التراث البورقيبي وإبراز الحقائق ودحض الإشاعات وتفنيد الافتراءات الكاذبة التي أحيانا يعتمدها بعضهم للتقليل من شأن العملاق ذات الحجم والوزن الثقيل الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة والسلاح لدحض هذه الافتراءات والحسد والمكائد لا يكون إلا تضافرت الجهود من كل المتحمسين لنهج الزعيم الحبيب بورقيبة والأوفياء لخطه أمثال محمد الصياح والباجي قائد السبسي وخالد شويكات ومصطفى الزعنوني والطاهر بلخوجة واحمد القديدي وأعضاء جمعية الوفاء بباريس للمحافظة على تراث بورقيبة بباريس وأعضاء جمعية الوفاء التونسية التي تأسست منذ جوان 2005 وإن أحد مؤسسيها وهذه الجمعية لا زالت لحد هذه الساعة الثامنة من صباح يوم 25/04/2007 بعد خطاب الرئيس في يوم الجمعيات 23/04/2007 قلت هذه الجمعية لم تتحصل على التأشيرة رغم توجيه 8 رسائل وكتابة 13 مقال بموقع الإنترنت ولا أعتقد إطلاقا أن موقع تونس نيوز يعمل في الخفى بل العكس كل المسؤولين في العالم يطالعون مقالات تونس نيوز لأنها واقعية وصادقة وجادة وصريحة ولها إشعاع عالمي ومصداقية وسياسة الموقع لا إقصاء ولا تهميش قلت كتبت 13 مقالا حول حقنا في التأشيرة القانونية لتكوين جمعية الوفاء للمحافظة على التراث البورقيبي وأشرت في مقالاتي إلى ضرورة دعم الجمعية وخاصة في المقال الصادر يوم 04/04/2007 وطلبت في المقال المشار إليه أن يطلع رئيسنا عليه حتى يبادر كعادته بأخذ قرار حكيم يوم ذكرى وفاة الزعيم بمناسبة زيارة الرئيس لمدينة المنستير يوم 06/04/2007 للترحم على روح الزعيم الأكبر ولكن أعتقد أن المقال المشار إليه لم يطلع عليه الرئيس والدائرة القريبة كان عليها القيام بكل ما يجب من معاني الأمانة الأخلاقية والوطنية والدينية والحضارية والإعلامية في إطار الوفاء للقيم والثوابت والعهد الذي خصصه الله بالذكر في محكم التنزيل القرآن الكريم قال الله تعالى وأوفوا بالعهد أن العهد كان مسؤولا. صدق الله العظيم. وفي إطار الوفاء الدائم للزعيم الراحل وتكريسا للحوارات العميقة بقناة العربية وتبعا للنقاش الذي جرى يوم 19/04/2007 حول الحلقات الخمس المتوالية على إمتداء شهرا كاملا من 19 مارس إلى 19 أفريل 2007 وتجسيما لوفاء المشاركين في الحوار التلفزي أتقدم بالمقترحات التالية:
أولا: العمل بكل صدق على نشر ما دار من حوارات طيلة الشهر في قناة العربية وتوزيعه على الجالية التونسية بأوربا وخاصة التونسيين المهاجرين في فرنسا وهولندا ولندن وأمريكا وكندا وبلجيكا وسو يسرا حتى يتشبعون بالفكر البورقيبي الصحيح.
ثانيا: العمل على مزيد إيلاء العناية اللازمة لجمع مبالغ مالية هامة من المعجبين بالزعيم الحبيب بورقيبة وفكره النير قصد بعث محطة فضائية تلفزية مخصصة لبث توجيهات الزعيم بورقيبة وأفكاره النيرة وهذا ليس بالعسير ولا بالعزيز على أبناء تونس في المهجر وخاصة أمثال الأستاذ خالد شويكات.
ثالثا: التركيز على التعريف الشامل بتراث الزعيم الراحل وتنظيم ندوات عالمية في أوسع مجالات الفضاء الإعلامي الحر سواء في الدول العربية المخصصة للإعلام الحر مثل العربية والجزيرة والشارقة أو قنوات أجنبية مثل التلفزيون الفرنسي الأكثر حرية وشمولية.
رابعا: تنظيم حلقات حوار متطورة بالتعاون مع جمعية الوفاء للمحافظة على تراث بورقيبة بباريس خاصة وعلى رأسها الرجل الفاضل رئيس الجمعية الفرنسي الشهم الكريم الصافي النزيه الذي ليس له عقد أو مركبات الغرور أو مركبات النقص وذلك لمزيد التعريف بمناقب وخصال الزعيم مثلما عرف بها الأستاذ الفاضل خالد شويكات يوم 19/04/2007 في الحوار بقناة العربية.
خامسا: السعي بكل جدية لإقامة التمثال الخالد لرمز التحرير وباني الدولة العصرية الحديثة في قلب عاصمة النور باريس بساحة الزعيم بورقيبة رحمه الله والتركيز على إحداث مجلة شهرية بالعربية والفرنسية تخصص لإبراز مواقف وبعد نظر الزعيم وبصماته وخصاله ومميزاته الفكرية والموهبية وطرق معالجته للقضايا الشائكة والعويصة وخاصة زهده في منافع ووسخ الدنيا وبالتالي نظافته الشاملة.
سادسا: دعوة الحبيب بورقيبة الابن نجل الزعيم لألقي محاضرة تاريخية حول العملاق الكبير وتسليط الأضواء على جوانب كبيرة من شخصية الزعيم المجاهد الاكبر.
سابعا: التركيز في جمعية المحافظة على تراث بورقيبة بباريس والمعجبين بخصاله على دعم الموارد المالية لنشاط الجمعية وبإقرار نسبة مساهمة مالية شهرية لا تقل على 5 أورو أي حوالي 9 دنانير تونسية لتغطية نشاط الجمعية وإذا إعتبرنا أن عدد المهاجرين خمسمائة ألف بفرنسا من تونس نأخذ منهم 100ألف فقط يساهمون مساهمة مالية كل شهر بخمسة أورو يكون المجموع حوالي 500 ألف أورو شهريا يكفي لبعث فضائية إعلامية حرة تهتم بالتراث البورقيبي.
ثامنا: الإعداد للإحتفال يوم 25/07/2007 بمناسبة مرور 50 سنة على إعلان النظام الجمهوري تكون هذه الخمسينية مناسبة للجالية التونسية لإبراز أهمية الذكرى وأبعادها الحضارية والوطنية وللرد على إفتراءات المعرضين أمثال راشد الغنوشي الحاقد على نظام بورقيبة العملاق.
أعتقد أن هذه الإقتراحات والخواطر ستجد الدعم والإهتمام من طرف أبناء الجالية التونسية بالمهجر وخاصة في فرنسا وهولندا العاصمة التي يعيش فيها الأستاذ خالد شويكات وأمثاله وأني على يقين من نجاح وتفعيل هذه الخواطر في المهجر لأن المبادرة هناك أكثر حرية وأكثر فاعلية وأكثر ديمقراطية وليس هناك رقابة ولا ضغوط ولا خوف ولا ريبة ولا خوف على الخبزة ولا على المنصب ولا على خبزة الأولاد ولا أين جلس فلان وفي أي مقهى وأين تحدث وماذا كتب في تونس نيوز حتى أحدهم قال لزميلي في الجمعية أنت تجلس في مقهى مع فلان والله لو كان الإهتمام لمصالح البلاد والرد على رسائل المناضلين والإهتمام بمشاغل أبنائهم أفضل من ذلك وأعتقد أنه حان الوقت أكثر من أي وقت مضى لمزيد الإهتمام بفحوى رسائل المناضلين والرد عليها وإعانة رمز البلاد لأنه بكل صدق يسعى لتكريس العناية والإهتمام بشؤون المناضلين والمواطنين ولكن يحتاج إلى مزيد إبلاغ الأمانة بصدق وعدم إخفاء الحقائق عليه أقول هذا بصراحة وقد أشرت في مقالي يوم 11/04/2007 حول التعليق على إحياء ذكرى وفاة الزعيم الراحل يوم 6/04/2007 قلت لو بلغ إلى علم الرئيس أن هناك أمام الروضة جحافل من الفلكلور الشعبي لأذن بإلغاء كل مظاهر المزود والطبل والمزمار والبندير لأن المناسبة مجعولة للترحم والخشوع وتلاوة الفاتحة. أما الأشياء الأخرى لها زمنها ووقتها وبدون تعليق، كفى من تجاهل مشاعر البورقيبيين: قال الله تعالى: إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب. صدق الله العظيم.
محمد العروسي الهاني
ملاحظة هامة: هل الحلقات المتوالية بالعربية تركت تأثيرا في نفوس الحاقدين أم دار لقمان كعادتها ولا ينفع العقار فيها أفسده الدهر وهل خجل الغنوشي من كلام شويكات خالد وهل خجل الصغير والحناشي مع شهادة التميمي أم كلامك يا هذا … وعلى من تقرأ في زبورك يا داود …
وهل خجلت تلفزتنا من شقيقتها أم عجوزة لا يهمها ….
وهل استفاق الغنوشي أم ما زال في حسده وكبريائه وحقده أم ماذا يا ترى. الذي يقرأ الملاحظة يفهم المقاصد من المقال إذا كان القلب حي وبصير.
شكرا لخالد الذي أعطاني الفرصة قال تعالى: فليضحكوا قليلا وليبكو كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون. صدق الله العظيم. وقال تعالى: إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون. صدق الله العظيم. وقال تعالى يا أيها الذين ءامنوا إتقوا الله وقولوا قولا سديدا. صدق الله العظيم
وقال الله تعالى وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب حمل ظلما. صدق الله العظيم.
وقال رسول البشرية صلى الله عليه وسلم: أكرموا عزيز قوم ذل. وقال: أذكروا موتاكم بخير.
أين هذه الأقوال من تصريحات راشد الغنوشي الذين يدعو لسماحة الإسلام والله الهادي إلى سواء السبيل.
ام اقوال الغنوشي كلام في سراب
و التاريخ لا يرحم يا غنوشي
محمد العروسي الهاني
هاتف :22022354
حول الذاكرة النقابية:وهذه شهادة اخرى لعبد العزيز بوراوي
اعداد: سالم الحداد
في الحلقة الرابعة يواصل السيد عبد العزيز بوراوي ـ على منبر مؤسسة التميمي للبحث العلمي ـ تقديم شهادته التاريخية حول مسيرة الحركة النقابية في تونس. وقد غطت هذه الحلقة الفترة الممتدة من سنة 1969 ، نهاية فترة التعاضد إلى مجزرة 26 جانفي 1978.
اعتذر المتدخل عن الإلمام بكل جزئيات هذه الفترة لطولها من ناحية ولتزاحم أحداثها من ناحية أخرى قائلا: سأكتفي بالتركيز على أهم المحطات المفصلية وما تخللها من تحولات ذات دلالة تاريخية تعكس الظروف التي حفت بالحركة النقابية. وتتمثل أهم هذه المحطات في:
1 ـ نهاية التعاضد وانتعاش المنظمة النقابية
لابد من الإشارة إلى أن قيادة الاتحاد لم تكن مناهضة لمبدإ التعاضد، لقد سبق للمنظمة النقابية أن أسست العديد من التعاضديات ذات الصبغة الاجتماعية قبل أن تتبنى الحكومة المشروع التعاضدي ، لكننا ناهضنا الطريقة التي طبقت التعاضديات والتي لم تستفد منها أية شريحة اجتماعية بما في ذلك الطبقة الشغيلة.
وقد انتهت هذه التجربة إلى الفشل وآلت بالزج بأحمد بن صالح والبعض من أعضاده في السجن وتشكيل حكومة جديدة برئاسة الهادي نويرة. وقد قام الاقتصاد في تونس على ثلاثة قطاعات : الخاص والعمومي والتعاضدي ، غير أنه وقع الإخلال بالتوازن بين هذه القطاعات في العشريتين، فقد طغى في الستينات الخيار التعاضدي وعلى العكس من ذلك كانت السبعينات التي شجعت فيها الدولة اقتصاد السوق. فالأزمة تكمن في اختلال التوازن في العشريتين.
ورغم هذا الاختلال لا يجب أن نحكم على التجربة التعاضدية حكما سلبيا ، فلأول مرة عرفت بلادنا سياسة التخطيط الاقتصادي الذي أخرجها من العفوية إلى الرؤية المستقبلية، وركز العديد من مؤسسات القطاع العام.
2 ـ المنعرج الاقتصادي
كانت البداية مع شهر أفريل 1970 عندما عين بورقيبة السيد الهادي نويرة رئيسا للحكومة وهو المعروف بحماسه لاقتصاد السوق منذ أمد بعيد ، وقد ساعده على نجاح خطته أربعة عوامل:
أ ـ الطبيعة التي جادت بأمطارها فمنذ أواخر 1969 ورغم الخسائر الكبيرة التي تسببت فيها الفيضانات فإن الحصيلة كانت إيجابية حيث استرجع القطاع الفلاحي حيويته.
ب ـ ارتفاع أثمان المواد الأولية المصدرة وخاصة الفسفاط والبترول حيث تضاعف سعر هذه المواد أربع مرات تقريبا.
ج ـ سن قانون أفريل 1972 وهو الذي شجع الاستثمارات الخارجية
د ـ وقوف المنظمة الشغيلة إلى جانب حكومة السيد الهادي نويرة وقد تجلى ذلك خاصة في مؤتمر الحزب الذي انعقد في مدينة المنستيرسنة1971 .
وبذلك تحققت زيادة هامة للعمال منذ بداية السبعينات حيث كان السيد نويرة متفهما لمطالب الشغالين.
3 ـ إعادة بناء الاتحاد
لقد سبق للسيد بشير بلاغة أن عقد المؤتمر الحادي عشر للاتحاد العام التونسي الشغل في جويلية 1969 غير أن ذلك لم يعمر طويلا ، فبمجرد أن وقع التخلي عن النظام التعاضدي حتى وجهت الدعوة للأخ الحبيب عاشور للعودة على رأس الاتحاد، فاجتمعنا وقررنا أن يكون رجوعنا مستندا لإرادة عمالية، وهذا ما أنجزناه في 29 مارس1970 حيث انعقد المؤتمر الثاني عشر الذي شرّع عودتنا ، فقمنا بإعادة ترتيب البيت النقابي. وكانت اللائحة العامة التي أصدرها المؤتمر تشيد بالتحولات وتؤكد على ضرورة توفر تنمية شاملة تقوم على التوازن بين القطاعات. وقد كانت لهذه العودة نتائج إيجابية على مستويات:
ـ تحسين الوضع الاجتماعي للشغالين:
ـ المنظومة التشريعية
بدأنا بالتفاوض حول المنظومة الشغلية وتولاها السيد الصادق علوش الذي كان له إلمام بقوانين الشغل وكانت المفاوضات عسيرة، ودامت 6 أشهر.
لقد كان الفصلان 52/51 من مجلة الشغل العقبة أمام الأطراف الاجتماعية فهما يمنعان الأطراف الاجتماعية من حق التفاوض في الأجور فهو من مشمولات الحكومة. فقد تم إلغاؤهما وبذلك فسح المجال للتفاوض حول العقد الإطاري المشترك ثم العقود القطاعية التي تتعلق بالقطاع الخاص ( وتعود إلى سنة1936 التي وقعت في عهد حكومة ليون بلوم الاشتراكية وعلى غرارها ظهرت اتفاقية القصبة في تونس) والقوانين الأساسية المنظمة لقطاع والدواوين والشركات الوطنية الوظيفة العمومية التي لم تتغير منذ 1959 واحتفظت الحكومة بتحديد الأجر الأدنى الصناعي SMIG والأجر الأدنى الفلاحيSMAG ، كما طورنا النصوص القانونية الخاصة بالوظيفة العمومية التي لم تتغير منذ 1959 فقد وضعنا 30 عقدا قطاعيا مشتركا وحورنا 65 قانونا أساسيا لتحسين قيمة الرقم القياسي.
حرصنا على الترفيع في قيمة الرقم القياسي الذي تستند الأجور والذي لم يتغير منذ أمد بعيد كان ذلك نتيجة للتجاوب بين الاتحاد من ناحية والحكومة وبقية الأطراف الاجتماعية من ناحية أخرى مما مكننا من تحسين المقدرة الشرائية للعمال.
4 ـ استرجاع الاتحاد لمكانته على المستوى النقابي العالمي
بعد أن كانت صورة الاتحاد مهزوزة خاصة لدى النقابات الأوروبية والأمريكية التي لنا معها علاقات تاريخية، بدأنا نسترجع مكانتنا ونحتل مواقعنا في المنظمة الدولية للشغل التي تتكون من منظمات الأعراف والمنظمات العمالية والحكومات كما أعدنا ربط العلاقات مع النقابات العربية والإفريقية.
5 ـ القضية الفلسطينية من أهم مشاغل المنظمة النقابية
لقد احتلت القضية الفلسطينية حيزا هاما من مشاغلنا السياسية بالرغم من أن الأوساط الصهيونية في الجامعة الدولية للشغل كانت تعترض على تناول هذه القضية باعتبارها قضية سياسية ، وتعده انحرافا بالجامعة عن مهامها النقابية الاجتماعية. وبقدر ما وجدنا تجاوبا مع نقابات الكتلة الشرقية فإننا كنا نجابه برفض نقابات الكتلة الغربية التي تغلغلت فيها الصهيونية. وتواصل عملنا في هذا الإطار إلى سنة 1977 حيث نجحنا في تمرير لائحة تدين إسرائيل التي تمارس سياسة الإرهاب على الشعب الفلسطيني . وأذكر أنه وقعت مشادة كلامية حادة بين الأخ الحبيب عاشور ورئيس الوفد الصهيوني الذي قال: سنوجه لك استدعاء لتأتي إلى إسرائيل لترى ان ليس هناك لا تعسف ولا إرهاب ، فرد عليه عاشور : نعم سآتي، لكن ليس لزيارة النزل والكيبتزات وأكل الكسكسي والكعابر ولكن لزيارة المعتقلات والسجون عندما تفتحونها وتمكنونني من زيارة المساجين والاطلاع على ما تمارسونه من تعذيب. ومع ذلك فإننا نفرق بين اليهود الذين ليس بيننا وبينهم أية عداوة والدليل على ذلك أن التشكيلة الحكومية في تونس بها وزير يهودي ، أما الصهيونية فهي حركة استعمارية توسعية .
6 ـ اتفاقية جربة الوحدوية
في 12 جانفي 1974 أبرم الرئيس بورقيبة مع القائد معمر القذافي اتفاقية الوحدة بين البلدين وكان رئيس الحكومة السيد الهادي نويرة متغيبا في زيارة لإيران ولم يكن موافقا على هذه الاتفاقية .أما موقفنا كمنظمة نقابية فإننا رفضنا الأسلوب الذي أنجزت به، فكيف يمكن إقامة وحدة بين بلدين وشعبين دون استشارتهما، كيف نوافق على وحدة تبنى من فوق.
وقد اعترضت الجزائر على هذه الاتفاقية خاصة وأن بورقيبة سبق أن رفضا عرضا وحدويا تقدمت به الحكومة الجزائرية وقال بومدين قولته الشهيرة : «لا نركب القطار وهو يمشي» كما تصدت الدول الغربية لهذه الاتفاقية مما أجبر بورقيبة على التراجع. لكننا كمنظمة حافظنا على علاقتنا الطيبة مع المنظمات العمالية في القطر الليبي ، كنا نتعاون ونتبادل الزيارات وكان الإخوة الليبيون يأتون للتكوين والتربص.
7 ـ تعكر صفو العلاقات بين الحكومة والاتحاد
تراوحت العلاقة بين المنظمة والحكومة بين التعاون والتصادم ، ففي سنة 1971انعقد مؤتمر الحزب الاشتراكي الدستوري بمدينة المنستير وكان جناح الهادي نويرة أقليا فالأغلبية كانت متماشية مع الفريق اللبرالي بقيادة أحمد المستيري، وقد وقف الاتحاد إلى جانب حكومة الهادي نويرة الذي كان يطلق عليه في ذلك الوقت بالجنرال لكن دون جنود.
لكن هذه العلاقات لم تلبث أن تعكرت بعد أن قوي ساعد المنظمة الشغيلة مع سنتي 1975 و 1976 وبدأت تبرز عدة مكائد ضد الاتحاد وضد الهادي نويرة في نفس الوقت، وكانت إدارة الحزب وراءها، فالتصادم بينهما سيضعفهما معا حتى تتاح الفرصة لقوى أخرى وقد تجلى ذلك في عدة محاولات منها:
أ ـ محاولة تأسيس نقابة موازية:
في هذا الاتجاه عملت إدارة الحزب على بعث منظمة نقابية موازية سميت «الجامعة العمالية للشغل FOT من أبرز عناصرها محمد بن سعد ، ومحمد صالح الراجحي ومحمد منور العبيدي. وقد تراجع هؤلاء واعترفوا بذلك سنة 1978 وكشفوا عن اتصال إدارة الحزب بهم وتشجيعهم وقدموا رسالة في ذلك إلى حاكم التحقيق يوم 30 جوان 1978.
ب ـ محاولة استبدال عاشور بفرحات الدشراوي على رأس الاتحاد
لما تزايدت المطالب العمالية واشتد عود الاتحاد بدأت تظهر حملات التشكيك ضد القيادة النقابية فشنت عليها إدارة الحزب حملة إعلامية وبدأ التراشق بالتهم، وفي ذاك الظرف استقبل بورقيبة فرحات الدشراوي الأستاذ الجامعي الذي كان عضوا بالمكتب التنفيذي 29 أكتوبر1975 وقدم له كتابه (الخلافة الفاطمية بالمغرب) . كان ذلك وعاشور في الندوة الدولية في جينيف، غير أن ما فهمه النقابيون هو أن هناك من يعد طبخة تستهدف استبدال عاشور بفرحات الدشراوي على رأس الاتحاد ، فلما علم بالأمر عاد بسرعة لتونس في 7 نوفمبر 1975، واتصل بالهادي نويرة ثم بالرئيس وعادت الأمور إلى مجاريها.
8 ـ تأزم العلاقة مع النظام الليبي
ما أن هدأت الأزمة التي ظهرت إثر اتفاقية جربة الوحدوية التي أبرمها بورقيبة والقذافي حتى ظهرت أزمة جديدة كانت نتيجة لعاملين :
أ ـ إهمال الاتفاقية التي أمضاها أحد الوزراء لحقوق العمال الفلاحين العاملين في ليبيا.
ب ـ الخلاف حول الجرف القاري بين البلدين.
وقد سافر الأخ الحبيب عاشور إلى القطر الليبي في 14 ماي 1977 ومكن العمال التونسيين من حقوقهم وسواهم في الأجر بالعملة الليبيين وأتاح لهم تحويل جزء هام من أجورهم إلى تونس ، كما اقترح عليه العقيد تقاسم الثروات البترولية للجرف القاري ، غير أن هذا اللقاء كان بحضور محمد المصمودي وزير الخارجية السابق الذي لم يكن على وفاق مع السيد الهادي نويرة ، كما عاد الحبيب عاشور في طائرة خاصة وضعها القذافي تحت تصرفه.
إن نجاح الأمين العام في مهمته من ناحية وحضور المصمودي وتخصيص طائرة له من ناحية أخرى اعتبرها رئيس الحكومة عوامل استفزاز وتحد له ولحكومته.
9 ـ الكفاءات تدعم صفوف الاتحاد
في هذه العشرية بدأت صفوف الاتحاد تتدعم بالكفاءات العلمية والمثقفة التي أنتجتها الجامعات التونسية والتي انسدت أمامها الآفاق السياسية في البلاد ووجدت في الاتحاد متنفسا لها ومجالا حيويا لبلورة طاقاتها الإبداعية، فكانت هذه النخبة عامل إثراء وتجديد للمنظمة الشغيلة ، فكونت مكتبا للدراسات المعمقة، بدأنا بالدراسات الاجتماعية ثم توسعت إلى الدراسات الاقتصادية والمالية والفلاحية. وكنت أقوم بالتوفيق بين رؤى التيارات المتباينة وشكلت هذه الدراسات الأرضية التي اعتمدناها في عملية التفاوض، وقد كان السيد الهادي نويرة يعشق الأرقام فكنا نجابهه بالأرقام . ومن الكفاءات التي أثرت الاتحاد بالدراسات يحضرني بعض الأسماء منها حسين الديماسي ورضا قريرة.
قد ساعدنا ذلك على إعداد ملفات وتقارير قدمناها للمؤتمر الرابع عشر الذي انعقد في مارس 1977 كانت الدراسات تعد بالفرنسية وقد بذل الأخ الطيب البكوش مجهودا إيجابيا في ترجمتها وجعلها في متناول الشغالين. كان عملنا جماعيا ومنظما وقد عملت الدراسة التي قمنا عنوان « من أجل تنمية أسرع وتوزيع أعدل» كما أعددنا كتيبا حول فلسطين. وبهذه الكفاءات استطعنا أن نعد المؤتمر 14 إعدادا جيدا في مارس1977.
10 ـ الميثاق لاجتماعي 19 جانفي 1977
بعد أن توترت العلاقات بين الاتحاد و النظام أرادت الحكومة أن تضع حدا للمطالب العمالية وأن تكون في مأمن من الإضرابات حتى توفر السلم الاجتماعية لنجاح مخطط الإقلاع الاقتصادي ( 1977ـ1981 )، فاقترحت أن يقع إبرام ميثاق اجتماعي ينظم الزيادات ، فطرح السيد محمد الناصر وزير الشؤون الاجتماعية ثلاث نقاط كانت محل اتفاق بيننا ، غير أننا فوجئنا يوم التوقيع باحتوائه على 13 بندا ومع ذلك أقنعت عاشور بالتوقيع عليه في 19 جانفي1977 . وأهم ما تحقق هو زيادة مهمة بـ 33 من الأجر الأدنى بالإضافة إلى الزيادة في المرتبات وتعهد الاتحاد بالزيادة في الإنتاج وعدم المطالبة بالزيادة في الأجور إلا إذا ارتفعت الأسعار بنسبة 50 وقد دعونا عدة وفود نقابية أوروبية وعربية وإفريقية لحضور التوقيع وفي مقدمتهم الأمين العام للجامعة الدولية للنقابات الحرة مما أعطى للميثاق أهمية كبيرة.
وقد علق محمد الصياح على هذا الميثاق قائلا: « لولا هذا الميثاق لكنت عرّفت النقابيين ماذا يفعل الحزب».
11 ـ المؤتمر الرابع عشر مارس 1977
انعقد هذا المؤتمر في جو حماسي واستعد له النقابيون كامل الاستعداد وكان للكفاءات الجامعية التي التحقت بالاتحاد دور حيوي في إثرائه بما قدموه من دراسات معمقة ساعدتنا على تحليل واقعنا الاقتصادي وتقديم رؤى بديلة. وأفرز تشكيلة استطاعت في مجملها أن تتحمل مسؤولتها في ظروف صعبة.
ازدادت العلاقات توترا بعد الميثاق ، فالأسعار لم تتوقف عن الارتفاع والأجور تجمدت فرد عليها العمال بمزيد من الإضرابات. وحاولت القيادة النقابية أن تخفف من التوتر فاقترحت على الحكومة أن تقدم بعض الزيادات لـ 10مؤسسات كبرى كانت متضررة أكثر من غيرها لكن الهادي نويرة رفض ذلك.
من المناوشات الصحفية إلى ساحة البرلمان
عند مناقشة الميزانية في البرلمان كان رد الوزير الأول على الموقف النقابي جارحا ومهينا حيث وسم النقابيين بالسذاجة وهددهم قائلا «سنرد الصاع صاعين» ففاجأتني هذه اللهجة الحادة من الوزير الأول الذي عهدناه هادئا متزنا. وهذا ما استفزني. ومما جاء في ردي إني أقترح حذف الكلمات غير اللائقة حتى لا يصدق علينا قول الشاعر:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وحاول الصادق المقدم أن يتحاشى المزيد من التوتر فرفع الجلسة ، وفي فترة الاستراحة طلب مني بعض الزملاء الاعتذار فرفضت وأخبروا عاشور بأن بوراوي «هلكها» وبقيت علاقتي بالسيد نويرة على غير ما يرام إلى أن توفي رحمه الله.
12 ـ الفتنة : المليشيا وإدارة الحزب
انطلقت الفتنة من إدارة الحزب الاشتراكي الدستوري التي كانت تحيك المخططات قصد إبعاد عاشور عن الهادي نويرة، وحتى ينهكوا الاثنين معا أوهموا نويرة بأن عاشور يطمح للخلافة ويسعى إليها. فظهرت المليشيا الحزبية مع نهاية 1977 ، وكانت تأتمر بأوامر إدارة الحزب مهمتها في تلك الفترة ترويع الشعب ومضايقة النقابيين واعتدت على دور الاتحاد في توزر والقيروان وسوسة ، وبلغ بأحد عناصرها المعروفة أن هدد الأخ الأمين العام بالقتل، وقد واكبت هذه الهجمة الترويعية حملة إعلامية شنتها إدارة الحزب على القيادة النقابية مدعية أن الأزمة تكمن داخل الاتحاد
13 ـ اجتماع المجلس الوطني
عندما تأزمت الأوضاع قرر المكتب التنفيذي تعبئة قواعده فدعا إلى انعقاد المجلس الوطني في 8 جانفي في أملكار 1978 فحضر 300عضو، وقدمت الإطارات الجهوية والجامعية تصوراتها حول الأزمة وكيفية التصدي لهجمة النظام. وقد أتى أعنف خطاب من صفاقس من الكاتب العام للاتحاد الجهوي المرحوم عبد الرزاق غربال، واعتبر الحزب كلمته دعوة إلى العصيان المدني . وفي هذا المجلس أعلن الأخ الحبيب عاشور استقالته من الديوان السياسي كتعبير عن استقلالية الاتحاد العام التونسي للشغل، كذلك فعل خيرالدين الصالحي فاستقال من اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي الدستوري، أما أنا فلم أكن متواجدا في أي هيكل من هيكل الحزب منذ أن قدمت استقالتي في الستينات.
14 ـ الهيئة الإدارية وقرار الإضراب العام
اجتمعت الهيئة الإدارية يوم 22 جانفي وقررت مبدأ الإضراب العام وأوكلت مهمة تحديد موعده إلى المكتب التنفيذي. في نفس اليوم قدم الصديق أوتو كرستون إلى تونس وقام بمساع من أجل إعادة فتح باب الحوار مع الحكومة، لكن الهادي نويرة رد قائلا: «فليتراجع الاتحاد عن قراره ثم ننظر» وبذلك انسدت كل سبل الحوار فبدأ الهيجان يسيطر على ساحة محمد علي . واجتمع المكتب التنفيذي يوم 23 جانفي وقرر الإضراب العام ليوم 26 من نفس الشهر باستثناء الماء والضوء.
وفي غياب عبد الرزاق غربال الذي تم إيقافه بتهمة التحريض والثلب بعد الخطاب الذي ألقاه في المجلس الوطني ، كلفني المكتب التنفيذي بالتحول إلى صفاقس لمتابعة الاستعدادات لإنجاحه لما لهذه المدينة من وزن تاريخي واجتماعي بالنسبة للمنظمة، وقد شن العمال في هذه المدينة إضرابا جهويا يوم 25 جانفي احتجاجا على إيقاف الكاتب العام للاتحاد الجهوي بالإضافة إلى الإضراب العام المقرر ليوم 26 جانفي.
وكنت متخوفا من وقوع العمال في الاستفزازات التي يمكن أن تعمد إليها المليشيا أو أجهزة الأمن فقمنا بعملية توعوية تأطيرية وانضم إلينا مجموعة كبيرة من الطلبة قصد تعزيز صفوفنا . كان الجيش في انتظارنا لكن العمال كانوا منضبطين، وهذا ما جنبنا سقوط ضحايا وقد شهد لفائدتي أحد العمال لدى الهادي نويرة «لولا بوراوي لماتت 200 روح» وهذا ما جعل الحكم الصادر عليّ خفيفا لا يتجاوز 6 اشهر فقط.
بداية من 26 جانفي عرفت مصيري فهيأت عائلتي ولما دعتني الشرطة استنجدت بالبرنس رفيقي في السجن . وهناك لم يتعرض أي عضو من أعضاء المكتب التنفيذي للتعذيب لكن كانوا عرضة للتطاول والاستفزاز . أما الإطارات الوسطى فقد أسيء إليهم وعذبوا وأهينوا. وأذكر من بين هؤلاء صالح برور محمد شقرون وإسماعيل السحباني وسعيد قاقي. لقد تعامل معهم البوليس بكل قسوة. ووجدنا حسن المعاملة من الحراس الذين كانوا على دراية كافية بالأوضاع السياسية والاجتماعية.
15 ـ المناقشة
بوراوي عضو في المحكمة الشعبية يحاكم أمينه العام ابن صالح
إن أهم سؤال أحرجه ولكنه استحسنه هو التالي: كيف يسمح السيد عبد العزيز بوراوي ـ وهو المؤسس للاتحاد العام التونسي للشغل والمناضل الوطني ـ لنفسه أن ينتصب عضوا في محكمة (المحكمة الشعبية التي حاكمت أحمد بن صالح في بداية السبعينات) صورية يعرف مسبقا أن أحكامها جاهزة بجانب بعض العناصر المعروفة بإجرامها السياسي ليحاكم الأمين العام لمنظمته الذي حرص على أن ينجز المشروع الاجتماعي والاقتصادي الذي أقرته المنظمة الشغيلة في مؤتمرها السادس سنة 1956
أرحب بهذا السؤال لأنه يطرح حدثا مهما في حياتي، غفلت عنه سيمكنني من توضيح موقف كان ومازال محل لبس لدى النقابيين والموطنين:
ـ اعتبر أن علاقة أحمد بن صالح بالاتحاد قد انتهت يوم أن وقع الإساءة إلى العمال في لقمة عيشهم واحتواء المنظمة النقابية في منتصف الستينات وزُج بأمينها العام في السجن وفر أحمد تليلي وأهنت شخصيا.
ـ عندما وقع إيقاف التعاضد كون البرلمان لجنة لتقصي الحقائق كنت من ضمنها صحبة محمد الفيتوري وغيره للنظر في النفقات وفي كيفية تسيير المؤسسات، وانطلاقا من معرفتي بهذه الوضعية وقع الإصرار على إقحامي في المحكمة. وقد رفضت في البداية، لكن الأخ محمد بن عزالدين دفعني إلى القبول قائلا : الأفضل أن تكون أنت بالذات موجودا ، فمن الذي سيتصدي للأفاعي الموجودين في هذه المحكمة؟ وهي التي تتكون من :محمد بن فرحات رئيس ومحمود شرشور ومحمود زهيوة والبشير زرق عيون وبوراوي أعضاء قارين ، وهذا ما شجعني على القبول.
وأشهد للتاريخ أن رئيس المحكمة محمد فرحات لم يضغط علينا بل كان يتقبل كل اقتراحاتنا وقد تكون هناك صداقة مع ابن صالح، لكن البشير زرق العيون كان يضغط علينا ويستعجلنا لإصدار الحكم بالإعدام قائلا: إنها محكمة تاريخية والرئيس ينتظر الحكم بفارغ صبر. وكانت المسألة المطروحة: هل ابن صالح مذنب أو غير مذنب أو غير مذنب coupable ou non coupable وكان هناك إجماع على أنه مذنب لكن هناك ظروف تخفيف وقد تعدد هذه الظروف ولعل أهمها هو ما أصررت عليه شخصيا وهو : أنه لم يكن وحده المسؤول على هذا الفشل ، فالوزراء ـ بما في ذلك ـ الباهي الأدغم كاتب الدولة للرئاسة الذي كان يزيل الحدود بين الممتلكات و «يقول في قلبه الله يغفر ويسامح» ـ وكذلك الولاة كلهم شاركوا في الوصول بنا إلى هذه النتيجة «موش وحدو» وانتهينا إلى الحكم عليه بعشر سنوات سجنا. والآن عندما تعود بي الذاكرة إلى ما قمت به أشعر بالارتياح.
تعقيب مصطفى الزعنوني وزير الاقتصاد في السبعينات
دخلت حكومة السيد الهادي نويرة منذ 1970 وتوليت وزارة الاقتصاد وطوال هذه الفترة لم أكن منشغلا بالسياسة ، فاهتماماتي اقتصادية بالدرجة الأولى، وقد هيمن على فترة السبعينات القطاع الخاص كما هيمن القطاع العام في فترة الستينات. وقد أنعش اقتصاد السوق الحياة الاقتصادية ، لكن القطاع العمومي مازال حاضرا وقويا مثل: مصانع الإسمنت، وشركة الفولاذ وشركة السكة الحديدية ، وأقمنا السدود،واقتنينا باخرة الحبيب وغيرها كثير.
وقد شهدت البلاد انتعاشة اقتصادية بفضل عدة عوامل عالمية ومحلية ومن أهمها السلم الاجتماعية في النصف الأول من السبعينات، وأمكن لنا أن نحقق زيادات هامة في الأجور بداية من الأجر الأدنى وقد بلغت نسبة النمو أعلى درجة عرفتها تونس وهي تتراوح بين 7 و 8 في المائة. وكان السيد الهادي نويرة يرفض الإضرابات ويعتبرها معرقلة لعملية التنمية. وحتى يتجنب موجات الإضراب عقد مع المنظمة الشغيلة الميثاق الاجتماعي في جانفي1977 ، وكان يأمل أن يضع حدا للإضرابات بعد أن حقق زيادة بـ 33 في المائة وتكون الظروف أمامه ملائمة لإنجاز المخطط الخماسي (77 ـ 81) غير أن هذا الميثاق لم يضع حدا لتوتر الوضع الاجتماعي ، فسرعان ما تطور الصراع بين الحكومة والاتحاد العام إلى أن وقعت الأحداث المؤلمة في 26 جانفي 1978 ولا بد أن ألاحظ هنا أن الكتاب الأزرق الذي صدر عن الحكومة التونسية في هذا الغرض لم يكن كله صادرا عن وزارة الاقتصاد فلنا فيه 50صفحة الأولى أما البقية فهو من إعداد إدارة الحزب ، ولا أتحمل مسؤولية إلا ما أشرفت على إعداده بنفسي .
وعلى المستوى السياسي، فإن الوضع لم يتغير كثيرا عما كانت عليه البلاد في الستينات باستثناء حرية الصحافة التي توسع هامشها وازداد عدد الصحف ، ولكن ليس هناك تعددية حزبية. وباختصار هناك تحرر اقتصادي دون أن يكون مقترنا بحرية سياسية وهناك توجه سياسي لا يحتم ارتباط التطور الاقتصادي بالديمقراطية السياسية.
ولم تكن جماعة أحمد المستيري في نظري ديمقراطية، فالمناداة بها كانت سبيلا للحكم. أما الوحدة مع ليبيا، فهي قرار ارتجالي فوقي ، وكانت الحكومة التونسية متخوفة من ليبيا والجزائر. وقد انزعج نويرة من حضور المصمودي مع الحبيب عاشور والقذافي ومن التصريحات التي أدلى بها . وعندما سافر الوزير الأول إلى موسكو طلب من كوسيغين عدم تمكين ليبيا من المعدات العسكرية الخطيرة . وقد صدم السيد الهادي نويرة عندما صرح السيد الطاهر بلخوجة بأنه لا يقحم قوى الأمن في الصراع مع الجماهير وهو وزيره للداخلية، ولذا بادر بإقالته عندما كان غائبا في باريس. ولم يكن الهادي نويرة يستطيب أفكار الجامعيين وأحيانا كان يوجه لهم الشتائم.
(المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 5 ماي 2007)
فيلم «كلمة رجال» لمعز كمّون يثير ظاهرة «الزواج العرفي»
تواصل قاعات السينما بتونس وهي «المونديال» بوسط العاصمة و «أميلكار» بضاحية المنار و «الهمبرا» بالمرسى، للأسبوع الرابع على التّوالي عرض الشريط السينمائي التونسي الجديد «كلمة رجال» للمخرج معز كمّون. وسط إقبال جماهيري كبير يعد بالآلاف، شجّع منتج الفيلم حسن دلدول على أن تستمر عروضه خلال الأسبوع القادم.
ويحكي الفيلم قصة ثلاثة أطفال: عبّاس وساسي وسعد تجمع بينهم صداقة عميقة ومعطّرة ببراءة الطفولة يعيشون في قرية نائية بالجنوب.. تفرّق بينهم أقدار الحياة، ليلتقوا من جديد بعد 30 سنة في المدينة. ويصبح سعد الذي كان إماما في جامع صغير أحد أكبر تجّار الملابس القديمة «الرّوبافيكا» بعد فوزه في لعبة «البروموسبور»، وساسي ناشر مفلس، وسعد أستاذ جامعي أطرد من عمله بتهمة التحرّش الجنسي بإحدى طالباته.
ويثير الفيلم بجرأة كبيرة عدّة مواضيع اجتماعية هامّة وخطيرة لم يتطرّق إليها في السينما التونسية من قبل، وشبه مسكوت عنها في المجتمع التونسي منها انتشار ظاهرة الزّواج العرفي والخيانة الزوجية والتفكّك الاجتماعي. كما يتعمّق في إبراز بعض التغيّرات الاجتماعية السلبية التي تمس القيم الإنسانية الإيجابية التي كانت سائدة من قبل. إضافة إلى أنّ الفيلم يكشف بصراحة عن أسباب تردّي الوضع الثقافي ويقدّم صورة واقعية عن الممارسات اللاّإبداعية التي تسوده. ويعري الفيلم بعض الممارسات الخطيرة التي تحدث في الجامعات ومنها تقديم الأطروحات المشكوك فيها..
علما أنّ شريط «كلمة رجال» مقتبس عن رواية «بروموسبور» المتوّج بجائزة «الكومار الذهبي» للرّوائي التونسي المتميّز حسن بن عثمان. وأنجز الموسيقى التصويرية وأدّى أغنية جنريك النهاية للفيلم الفنّان القدير لطفي بوشناق.
ويشارك في الفيلم نخبة من أبرز نجوم التمثيل في تونس منهم جمال ساسي وفتحي المسلماني وجميلة الشيحي ورمزي عزيز ولطفي الدزيري ونجوى زهير وهاجر حناشي وسوسن معالج وعبد المجيد الأكحل وسفيان الشعري.
ويحسب للمخرج الشاب معز كمّون في تجربته السينمائية الأولى مع الأشرطة الطويلة ابتعاده عن الطّابع الفولكلوري الذي تعاني منه السينما التونسية، وتعامله بمنتهى الواقعية والجدّية مع الواقع التونسي المعاصر بلغة سينمائية فيها الكثير من الابتكار والإبداع.
(المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 5 ماي 2007)
الأزمة السياسية في تركيا يمكن ان تضر بمسيرة انضمامها للاتحاد الاوروبي
بروكسل ـ من ايميلي بوتولييه ـ ديبوا: قال محللون ان الازمة السياسية في تركيا وخصوصا تدخل الجيش في العملية الانتخابية، يمكن ان تضر بمسيرة انقرة الطويلة للانضمام الي الاتحاد الاوروبي اذ انها تعزز موقف معارضي انضمام تركيا للاتحاد. وتمر تركيا بازمة سياسية حادة بلغت ذروتها الجمعة الماضي، مساء الدورة الاولي للانتخابات الرئاسية في البرلمان حين اصدر الجيش بيانا اتهم فيه الحكومة بالتشكيك في اسس الجمهورية وفي مقدمتها العلمانية.
وقالت المفوضية الاوروبية التي تندد باستمرار بالعلاقة بين الجيش والمجتمع المدني، الاربعاء اذا كانت دولة ترغب في ان تصبح عضوا في الاتحاد الاوروبي فان عليها ان تحترم مباديء الديمقراطية واحترام حقوق الانسان والحريات الاساسية ودولة القانون وغلبة السلطات الديمقراطية المدنية علي العسكر . وقال ديدييه بيون من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس لا يمكننا نحن الاعضاء في الاتحاد الاوروبي قبول تدخل الجيش في اللعبة السياسية. هذه مسألة مبدئية لا يمكن التفاوض بشأنها . غير انه اضاف انه لا يجب تضخيم القضية. ومع الجيش التركي اطاح باربع حكومات منذ 1960، يشكك بيون في في قرب حدوث انقلاب جديد وتوقع ان يتم التوصل الي حل مؤسساتي للخروج من الصراع الحالي.
ورأي كاتينكا باريش من معهد الاصلاحات الاوروبية في لندن انه اذا لم يحدث انقلاب عسكري واذا اقتصر الامر علي خلاف بشأن اسم الرئيس المقبل، فانه لا يوجد اي سبب يحمل الاتحاد الاوروبي علي وقف او ابطاء مفاوضات انضمام تركيا الي الاتحاد الاوروبي التي بدأت في تشرين الاول (اكتوبر) 2005.
ورغم كل ذلك فان الخبراء بهذه المفاوضات الصعبة التي يمكن ان تستمر بين عشرة اعوام و15 عاما يعتبرون انه من المحتمل ان يستغل هذه الازمة بعض المسؤولين الاوروبيين المعارضين اصلا دخول تركيا الي الاتحاد الاوروبي.
وتوقع بيون ان تقوم القوي المناهضة باستخدام هذه الاحداث الجارية حاليا بتأكيد ان البلاد غير مستقرة تماما وبالتالي لا يمكنها الاندماج في الاتحاد الاوروبي ، داعيا الي اعادة الامور الي حجمها الحقيقي .
واضاف يجب الا ننظر الي الاحداث علي انها ابيض او اسود بالاسلاميين الذين يسعون الي الاطاحة بالنظام الدستوري الجمهوري من جهة والعلمانيين الذين يدافعون بشراسة عن هذا النظام جهة اخري .
واوضح ان معسكر العلمانيين غير متجانس وفيه من يؤيد انقلابا عسكريا.
وقال النائب الاوروبي عن الخضر المتخصص في شؤون تركيا، جوست لاجنديجك لا داعي للذعر. لسنا ازاء ايران جديدة. انه مجرد خصومة بين اولئك الذين يريدون تغيير تركيا وانصار الوضع القائم مثل الجيش. واعرب عن اسفه ازاء الصورة المبهمة التي يتم الترويج لها بين الشعوب الاوروبية التي تناهض اغلبية بينها اصلا انضمام تركيا.
ورأي كيرستي هوجس المتخصص في العلاقات بين الاتحاد الاوروبي وتركيا البلد الكبير العلماني ذي السكان المسلمين في غالبيتهم، ان تضخيم المسألة سيضر بالتأكيد بموقف الناس في اوروبا. انه وضع معقد لا يمكنهم فهمه بالضرورة .
ورأي بعض المختصين ان الانتخابات التشريعية المبكرة يمكن ان تشكل استئنافا للاصلاحات التي يطالب الاتحاد الاوروبي بها بعد عشر سنوات من الجمود المرتبط جزئيا بالحملة الانتخابية.
وقال كاتينكا باريش ان من شأن ذلك اعادة الامور الي نصابها وتمكين البلاد من التقدم باتجاه ما يجب القيام به .
(ا ف ب)
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 5 ماي 2007)
تركيا نحو معركة حاسمة: هل علم رئيس الأركان ببيان الجيش؟
أزمة تركيا مرشحة لتفجير صراع بين العسكر والحزب
سليم نصار(*)
وصِفت تركيا في أكثر من كتاب بأنها «جانوس» القارات، نظراً الى أهمية موقعها الاستراتيجي واطلالتها الجغرافية على أوروبا والشرق الأوسط معاً.
ويعرف تمثال «جانوس» في الأساطير الرومانية، بأنه إله البدايات، والرأس الذي يضم وجهين يتطلع كل واحد منهما الى جهة مختلفة.
وكان من الطبيعي أن يشغلها هذا الموقع الحساس بصعوبة المفاضلة بين ما رسمه لها مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك سنة 1922… وبين ما تفرزه المتغيرات السياسية والاجتماعية على أرض الواقع. وفي كل مرة كان النظام يتعرض لتجربة التغيير، كان الجيش الذي نصبه أتاتورك حامياً وحارساً لإرثه العلماني، يتدخل لفرض التوازن الداخلي المطلوب. وبسبب التناقض القائم بين أهداف العسكريين والسياسيين، استمرت الحكومات المتعاقبة في تلطيف الأجواء مع الجنرالات بقصد تعديل المواد الدستورية المحظورة. علماً بأن الدستور لا يسمح للعسكريين بالتدخل في الشؤون السياسية، ولكنهم اجتهدوا في تفسير مفهوم «الأمن القومي» مثلما يحدث في غالبية دول العالم. فالمادة التي تحصر مسؤولية التصدي لأي تمرد مسلح، داخلياً كان أم خارجياً… هذه المادة تعرضت للتعديل بحيث أصبحت مهمة الجيش موسعة تشمل كل الحركات السياسية التي يعتبر تطبيقها خطراً على النظرية العلمانية. أي النظرية التي تعتمد مبادئ أتاتورك قاعدة اساسية دائمة منذ أكثر من ثمانين سنة.
منذ مطلع الخمسينات تعرضت تركيا لأربع محاولات تغيير في طبيعة النظام، كان الجيش يتدخل بقسوة لمنع تحقيقها. والثابت ان عدنان مندريس، زعيم «الحزب الديموقراطي» كان اول رئيس حكومة جرب سنة 1950، خلق تيار سياسي مناهض للنظام المهيمن على شؤون البلاد. وربما أعانه على دحر الحزب الجمهوري الحاكم في الانتخابات، شوق المواطنين الى الخروج من تحت وصاية ورقابة الزعيم الذي يحكمهم من القبر حتى بعد وفاته سنة 1938. وبسبب انفتاحه على الولايات المتحدة وأوروبا، وبناء قاعدة شعبية واسعة، استطاع مندريس الاستمرار في الحكم ثلاث دورات. وقد ساعده خلال السنوات العشر صديقه جلال بايار الذي تولى منصب رئيس الجمهورية، وسعى مراراً وتكراراً الى اجراء مصالحة بين مندريس والمؤسسة العسكرية. وبدلاً من التجاوب مع رغبته اعتقله الجيش وحاكمه مع صديقه عدنان مندريس بتهمة الخروج على خط المؤسس وتعاليمه. وكانت النتيجة ان أعدم مندريس!
مؤرخو فترة الحرب الباردة يسجلون خلاف رئيس الوزراء بولند أجاويد مع المؤسسة العسكرية، بأنه خلاف عقائدي، نظري لم يترجم مواقفه اليسارية الى واقع. والسبب ان اجاويد المريض لم يعارض ملاحقة الزعيم الكردي عبدالله اوجلان، ولم يعترض على غزو الشطر التركي من جزيرة قبرص. ومعروف ان انقرة قدمت خلال تلك المرحلة أفضل الخدمات للادارة الأميركية التي رأت في وصول شحنات صواريخ سوفياتية الى الشطر اليوناني قفزة استراتيجية خطرة قد تنقل نفوذ موسكو الى مياه المتوسط الدافئة. واستغل الوزير هنري كيسنجر وجود بولند اجاويد في المستشفى لينسق مع رئاسة الأركان التركية حول عملية انزال قواتها في قبرص ثم اتبعها بتنفيذ عملية اخراج الملك قسطنطين من أثينا واستبداله بالعسكر اليوناني.
خلاف المؤسسة العسكرية مع زعيم «حزب الرفاه» نجم الدين أربكان، أربك الحكومة التي انضم اليها عبدالله غل كنائب للرئيس. ويبدو ان التحديات المتواصلة التي قام بها اربكان قد ازعجت الجنرالات الذين اتفقوا على محاصرة نشاطاته ودفعه الى الاستقالة بحجة نشر مبادئ اسلامية معادية لنظام أتاتورك العلماني (1998). وعندما عوقب اربكان بحل حزبه وعزله في الإقامة الجبرية، تردد في حينه أن تهديده بقطع علاقات التحالف مع اسرائيل كان السبب الحقيقي وراء اقفال مكاتب «الرفاه».
كل هذه الدروس تعلمها عبدالله غل عقب انتقاله من «حزب الرفاه» الى «حزب الفضيلة» الذي تعرض ايضاً للحل على أيدي العسكريين بحجة مناهضة العلمانية. لذلك خرج من هاتين التجربتين بقناعة مفادها ان العمل الحزبي يجب ألا يصطدم بالثوابت التي يعتبرها الجيش خطاً أحمر. وبناء على هذه المسلمات اتفق مع رجب طيب أردوغان على تأسيس «حزب العدالة والتنمية» – صيف 2001 – وانما على مبادئ المرونة والاعتدال. ومن هذا المنطلق اتفق الصديقان على تخطي مختلف العوائق التي تحول دون تحقيق هدفهما في ضرورة منع الجيش من الهيمنة على القرارات السياسية. وقد نجحا الى حد كبير في تطمين الجنرالات الى سلامة مواقفهما عقب فوزهما بالانتخابات (خريف 2002). وعندما حاول العسكر تهميش رئيس الحزب اردوغان، ومنعه من مواصلة مهمته كرئيس للوزراء بسبب حكم سابق بتهمة التحريض على الحقد الديني، قدم المنصب لبديله عبدالله غل. وفي هذه المرة ايضاً طرح اردوغان اسم غل ليتولى منصب رئاسة الجمهورية خلفاً للرئيس احمد نجدت سيزر. وقال في خطاب أمام الكتلة البرلمانية لحزبه: «في ختام مشاوراتنا اخترنا أخي عبدالله مرشحاً عن الحزب ليصبح الرئيس الحادي عشر للجمهورية التركية». وبذلك يكون اردوغان قد تخلى عن ترشيح نفسه عقب تظاهرة قام بها العلمانيون بتحريض من الجيش لقطع الطريق على «حزب العدالة والتنمية» وحجة المعارضة ان أردوغان سيلغي العلمانية ويهمش العسكر وينشر الأصولية الاسلامية في تركيا.
في تعليقه على انتخابات الرئاسة، قال أردوغان ان المحكمة الدستورية وجهت طلقة قاتلة الى الديموقراطية في تركيا. لذلك قرر اعلان المواجهة المكشوفة، وطلب من البرلمان الموافقة على اجراء انتخابات عامة مبكرة للتغلب على الأزمة. ودعا الحزب الى تحديد يوم 22 تموز موعداً للاحتكام الى الشعب. ويرى المراقبون في هذا الاخراج التفافاً على قرار المحكمة الدستورية، وإيذاناً بفتح معركة الصراع السياسي بين الجيش الذي تؤيده الحركة العلمانية الاتاتوركية و «حزب العدالة والتنمية» الذي تسانده القوى الشعبية المحافظة.
يتساءل الصحافيون في انقرة عن الاسباب الحقيقية التي أدت الى انفجار النزاع في وقت تستعد تركيا للانضمام الى الاتحاد الأوروبي؟
بعضهم يقول ان أردوغان تجاهل وعده بفصل الدين عن الدولة بدليل ان الحكومة علقت على مداخل الحدائق العامة لوحات تحظر شرب الكحول. كما حددت في بعض المسابح توقيتاً يفصل الذكور عن الإناث. في حين يسمح العسكريون باستهلاك المشروبات الكحولية، ويعتبرونها جزءاً من مظاهر الحياة العصرية، خصوصاً أن اتاتورك كان مولعاً بشرب العرق. والمعروف ان معظم زوجات الوزراء الذين ينتمون الى «حزب العدالة والتنمية» محجبات، بمن في ذلك زوجات اردوغان وغل ورئيس البرلمان بولند ارينج.
ولكن، هل تستدعي هذه المظاهر تأليب الشارع ضد الحزب الحاكم في وقت يسعى رئيسه الى تطبيق الشروط المطلوبة للانضمام الى عضوية الاتحاد الأوروبي؟
يقول الديبلوماسيون في أنقرة، ان الأزمة بين العسكر والحزب الحاكم بدأت منذ أكثر من سنتين، أي منذ باشر أردوغان والمجلس النيابي تقليص صلاحيات المجلس العسكري ومجلس الأمن القومي وكل الهيئات النافذة التي تستخدم لتقوية وصاية الجيش. وفي بداية سنة 2003 أحكمت وزارة المالية قبضتها على نفقات الجيش وقررت تخفيض النسبة العالية من اربعين في المئة الى 25 في المئة. وفي خطوة لاحقة اعتبرتها رئاسة الاركان نوعاً من التحدي، قررت الحكومة اعادة عدد كبير من الضباط المفصولين الى مناصبهم، لأن التهم لم تكن مقنعة. وهي تهم من النوع الذي يتعلق بالتدين، وبالسماح للزوجات بارتداء الحجاب. وفي تحليل آخر يرى المطلعون ان قرار كشف النزاع اتخذه الفريقان لاسباب مختلفة. ذلك ان الحكومة لمست تلكؤ الجيش في تقديم الملفات المطلوبة لتسريع عملية الانضمام الى الاتحاد الأوروبي. ثم تأكد لها ان القيادة العسكرية تعمل سراً على عرقلة الانضمام الى الاتحاد لأن ذلك يضعف من نفوذها السياسي ويقلص دورها كقوة مراقبة.
على الجهة الأخرى، يشاع ان الجيش شجع المحكمة على التحقيق مع اردوغان بتهمة تعظيم شخص متهم هو عبدالله اوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني، فقد تحدث عنه بلغة الاحترام «السيد» أوجلان، الأمر الذي يعرضه للمحاكمة حسب المادة 215 من الدستور التركي. ويبدو ان شكوك العسكر حول نيات رئيس الحكومة بدأت تظهر منذ زيارته لمدينة ديار بكر وقوله أمام تجمع كردي: «ان القضية الكردية في تركيا، هي قضية الديموقراطية، وهي قضيتي وسأحلها بالطرق السلمية».
ولدى البحث عن الحل الذي وعد به اردوغان، تبين للعسكر أنه يسعى الى عقد تسوية سلمية مع أكراد العراق، تماماً كما حاول سلفه نجم الدين أربكان الذي فتح حواراً مع أوجلان بواسطة «الحركة الاسلامية» اللبنانية. وربما تصور أن التسوية مع الأكراد ستريحه مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، وتمنع الجيش من استغلال هذه المشكلة بهدف السيطرة على أمن الحدود. والطريف أن حكومة أردوغان سمحت لأكثر من 150 شركة تجارية تركية بالعمل في شمال العراق على أمل أن تتم المصالحة التاريخية بين أنقرة واربيل. وهذا ما يفسر غضب قيادة الجيش التي كلفت الجنرال يشار بويوكانت بتحذير المتمردين الأكراد، وتهديدهم بشن عملية عسكرية واسعة.
خلاصة القول إن الحزب الحاكم رمى الكرة في ملعب العسكر بعدما ألغت المحكمة الدستورية دورة التصويت الأولى بشأن ترشيح عبدالله غل للرئاسة.
ومن المتوقع أن يصار الى اجراء أربع دورات، بدءاً من غد الأحد، اضافة الى تمرير اقتراح في البرلمان يقضي بتحديد موعد انتخابات عامة في 22 تموز (يوليو) المقبل. وهذا يعني أن حكومة «حزب العدالة والتنمية» قررت ألا يكون مصير قادتها مثل مصير مندريس أو أربكان، وانها مستعدة لمجابهة الجيش في الشارع، تماماً مثلما فعل الخميني وأنصاره. ويرى المراقبون أن اردوغان لم يعد مهتماً بوجهه الأوروبي، وأنه حالياً يدفع الجيش الى التخلي عن إرث أتاتورك، بانتظار ما تفرزه الانتخابات المقبلة. أي الانتخابات التي يعتبرها المراقبون، انقلاباً أبيض، ضد العسكر الذي حكم تركيا مدة ثمانين سنة باسم العلمانية!
(*) كاتب وصحافي لبناني
(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 5 ماي 2007)