السبت، 30 يونيو 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2594 du 30.06.2007
 archives : www.tunisnews.net
 

 


ا

لمكتب الحقوقي والإعلامي :جمعية الزيتونة بسويسرا: اعتداء بالعنف على الصحفي لطفي حجي يسقطه أرضا ..! الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس:الإعتداء بالضرب على نقيب الصحفيين

توفبق العياشي: الجلسة الانتخابية العامة للمحامين:مشاحنات وصدامات واعتداءات على الصحفيين   وطن: سابقة في تونس:الحكومة التونسية تُقرّر « إحتجاز » 6 آلاف مرتب دفعة واحدة لمواطنين وطن:  حكومة بن علي سبق أن أغلقت سفارتها الدوحة إحتجاجا على القناة.. إعتداء « همجي » على مراسل « الجزيرة » في تونس

ا ف ب: احمد فؤاد نجم يحيي امسية شعرية للمرة الاولى في تونس د. محمد الهاشمي الحامدي :إلى الدكتورة رجاء بن سلامة سلوى الشرفي: إلى صاحب السواك الحار محمد العروسي الهاني: رسالة لنجلي في المهجر عبرة لكل الشباب:شبل شرّف الاسرة و تألق في فرنسا و ابلغ صوت الوطن مواطنون: بعد الاعتداء على زملائهم بالعنف:المعلمون يطالبون بعقد هيئة إدارية مواطنون: الأطباء الجامعيون: إضراب ناجح و تمسك بالمطالب… مواطنون: انتخابات المحامين:كيف يشتغل عقل الصندوق؟ مواطنون: ملاحظات أساسية قبل عيد الجمهورية… الموقف: السلطة تفرض الحصار على المجتمع الموقف: في الجلسة التأسيسية لنقابة الصحافيين:السلطة تريد أن يظل قطاع الصحافة مهمّشا وضعيفا الموقف: السجن يهدد العشرات من أصحاب التاكسفون الموقف: إضراب جديد في اتصالات تونس الجزيرة.نت :دورة تكريم بالموروث الثقافي التونسي:عروض عربية وأجنبية متنوعة بمهرجان قرطاج هذا الصيف الحياة: احتفى بالسينما المصرية ومنح جائزة الاخراج لفيلم بوزيد «آخر فيلم» والتمثيل للطفي عبدلي … موقع الجزيرة.نت :المحكمة العليا الأميركية تتراجع وتنظر قضية غوانتانامو موقع الجزيرة.نت :أميركا تُـبـقـي الطعام الحلال باتفاق بيانات الركاب مع أوروبا رويترز: رئيس مكتب التحقيقات الاتحادي الامريكي يجري محادثات بالمغرب الحياة »:السفارة المصرية في بريطانيا تقيم عزاء وجثمان الراحل يعود غداً الى القاهرة … لندن تفتح تحقيقاً قضائياً في وفاة أشرف مروان د. خــالد الطــراولي :فلسطيننا بدون يافطــات عادل لطيفي :هزيمة الفكر والمفكر رضوان السيد: وجهة نظر أخرى في «الغضب الإسلامي » النجم الثاقب: انقلاب هاديء في قناة الجزيرة موقع إسلام أونلاين.نت :الإسلاميون الأتراك.. الانقسام على المشروع


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


قناة الحوار التونسي الكلمة الحرة قوام الوطن الحر

برنامج حصة اليوم الاحد 1جويلية 2007

 

 
–  نشرة الاخبار الاسبوعية تغطية لاعتصام المعلمين في ساحة محمد علي بالعاصة تحقيق خاص باسرار و ملابسات احتراق الشاب محمد بن غرس الله امام القصر الرئاسي بقرطاج حكاية مواطن: عضو في لجان اليقظة سابقا ينتهي به المقام في وكالة بتربة البي منتدى الحوار التونسي ومواطنون حول ازمة اتحاد الطلبة


المكتب الحقوقي والإعلامي جمعية الزيتونة بسويسرا

بيان إعلامي اعتداء بالعنف على الصحفي لطفي حجي يسقطه أرضا ..!

 
سويسرا في 29-06-2007 تلقى المكتب الحقوقي والإعلامي لجمعية الزيتونة بسويسرا بكل استغراب نبأ تعرض مراسل الجزيرة نات الصحفي لطفي حجي إلى انتهاك لحرمته الجسدية وذلك بالاعتداء عليه بالضرب المبرح من طرف الأمن التونسي الذي ما يزال يمارس دوره الانتقامي ضد الإعلام الحر والنزيه. وكان أثناء  ممارسة مهنته الصحفية في تغطيته لندوة فكرية حول حرية التعبير والمعتقد والتي يعقدها حزب التكتل الديمقراطي  بمقره في العاصمة وهو حزب  تونسي معترف به قانونيا  وما قام به الصحفي السيد لطفي حجي ما هو إلا حق دستوري وقانوني عبر عنه في إطار رسالته الإعلامية التي يفتخر بها . وقد صرح السيد الحجي لقناة الجزيرة بأنه  اسقط أرضا ووقع ركله وشتمه مع مجموعة أخرى ذكر منهم السيد علي بن سالم(كاتب عام فرع رابطة حقوق الإنسان ببنزرت) البالغ من العمر 75 عاما والذي يشكو من أمراض عديدة  وهو من قدماء المناضلين الذين ساهموا في تحرير تونس من الاستعمار. يشجب المكتب الحقوقي والإعلامي  ما تعرض له السيد الحجي ويدين بكل شدة هذه الممارسات الهمجية  واللاحضارية  التي مازل يتعرض لها أصحاب الأقلام النزيهة  في تونس ويدعو كل الأحرار إلى مساندة السيد الحجي  . المكتب الحقوقي والإعلامي  


 
الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس International Campaign for Human Rights in Tunisia icfhrt@yahoo.com

الإعتداء بالضرب على نقيب الصحفيين

 
تعرض نقيب الصحفيين التونسيين لطفي حجي، وعميد المناضلين علي بن سالم رئيس فرع بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والصحفي بقناة الحوار التونسية أيمن الرزقي، الى اعتداء بالضرب من قبل البوليس السياسي، عندما حاولوا الدخول الى مقر حزب التكتل من أجل العمل والحريات للمشاركة في الندوة المشتركة التي ينظمها الحزب مع الحزب الديمقراطي التقدمي حول حرية التعبير والمعتقد. ويأتي هذا الإعتداء في سياق سياسة ثابتة للسلطة ضد حرية الصحافة والإعلام، حيث حجزت يوم الجمعة 22 جوان العدد 411 من صحيفة الموقف، كما تحاصر منذ أشهر مقر مجلة كلمة الالكترونية وتمنع فريقها من الإجتماع،  وتلاحق قضائيا الصحفي محمد الفوراتي، بالإضافة الى تمديد نفي الصحفي عبدالله الزواري الى الجنوب التونسي بعيدا عن عائلته( 500كلم)، و الاعتداء المتكرر على الصحفي سليم بوخذير. وان الحملة الدولية لحقوق الإانسان، اذ تحي صمود الإعلاميين التونسيين وفي مقدمتهم نقيب الصحفيين لطفي حجي ، وفريق صحيفة الموقف، وفريق مجلة كلمة الالكترونية، والصحفي عبدالله الزواري، في مواجهة سياسة التصحر الإعلامي، والإفلات من الرقابة والمسائلة أمام الرأي العام ، فإنها تستنكر اصرار السلطة على نهج سياسة الحصار والعنف ضد قوى المجتمع المدني، رغم التحذيرات المتكررة من مآلات هذه السياسة التي أثبتت التجارب فشلها في مواجهة مطالب الحريات ومنها حرية التعبير. عن الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس علي بن عرفة لندن  في 30 جوان 2007

الجلسة الانتخابية العامة للمحامين:مشاحنات وصدامات واعتداءات على الصحفيين

    

 
توفبق العياشي _صحفي بقناة الحوار التونسي شهدت الجلسة العامة الانتخابية للمحامين التي انعقدت مساء اليوم بفضائل المشتل وسط العاصمة عديد المشاحنات بين بعض المحامين تطورت الى بعض الصدامات التي وقع تطويقها. وقد انطلقت الشرارة الاولي عندما اتم احد المحامين المستقلين مداخلته في اطار النقاش حول التقرير المالي والادبي للهيئة بعد ان حيى في هذه المداخلة سجين الراي محمد عبو وحمل السلطة مسؤولية تدهور الاوضاع في قطاع المحاماة وعندما هم بالعودة الى مقعده هاجمه بعض المحامين التجمعيين وحاولو الاعتداء عليه بالضرب . وقد عمت بعد ذلك فوضى عارمة قاعة الجلسة وارتفعت الشعارات المطالبة باستقلالية المهنة والمنددة بما يعرف بالخلية و هي التسمية التي تطلق الهيكل الذي يضم المحامين التجمعين. وفي هذه الاثناء هاجم احد المحامين التجمعيين وهو عضو مجلس المستشارين الاستاذ فؤاد الحوات صحفي بقناة الحوار التونسي عندما كان بصدد نقل وقائع الفوضى و حاول الاعتداء عليه بالعنف وافتكاك الة التصوير التي كانت بحوزته مستعينا بزملائه من أعضاء » الخلية » وقد هب أنذاك المحامون المستقلون لنجدة الصحفي. كماتعرض الصحفي بجريدة الموقف محمد الحمروني الى الاعتداء بالعنف الشديد من طرف  قرابة 30عضوا من أعضاء الخلية التجمعية لتتواصل بعد ذلك وقائع الجلسة في اجواء بالغة التوتر حيث شهدت سجالات حادة بين المحامين المستقلين و المحامين التجمعيين…

 

 

سابقة في تونس:الحكومة التونسية تُقرّر « إحتجاز » 6 آلاف مرتب دفعة واحدة لمواطنين

 

 
 تونس – وطن – سليم بوخذير     قرّرت الحكومة التونسية إحتجاز ما لايقلّ عن 6 آلاف من رواتب مواطنيها إبتداء من الشهر الجديد على خلفية ديون لهم زمن الدراسة في الجامعة .    و قالت صحيفة « الأخبار » الموالية للحكومة في عددها الصادر اليوم الخميس 28 جوان 2007 ، إن « أمين المال العام » في وزارة المالية سيتولّى « حجز » 6 آلاف مرتّب لتونسيين بالإعتماد على آلية الإعتراض الإداري و ذلك إبتداء من شهر جويلية القادم .    و تابعت الصحيفة أنّ « حجز » هذا العدد من الرواتب يأتي بعد عدم سداد هؤلاء المواطنين لقروض كانوا نالوها من الحكومة زمن دراستهم في الجامعة .     و تعدّ عملية إحتجاز كلّ هذا العدد من رواتب المواطنين سابقة نادرة في تونس ، فيما لم توضّح الصحيفة إن كانت وزارة المالية قد إعتمدت على أحكام قضائية للّجوء إلى عملية الحجز هذه .  و قالت الصحيفة إنّ وزارة المالية سبق لها أن وجّهت رسائل فردية لهؤلاء المواطنين تدعوهم إلى خلاص قروضهم زمن الدراسة ، لكنّهم لم يستجيبوا .  و تُوجّه المعارضة في تونس إنتقادات شديدة للحكومة بسبب ما تصفه ب « عدم شفافية معاملة جهات نافذة فيها مع المال العام » ، فيما إنتشرت تقارير عن حالات فساد عديدة تورّط فيها أصهار الرئيس التونسي زين العابدين بن علي دون أن تقع محاسبتهم .  المصدر : موقع صحيفة « وطن » (تصدر بأمريكا) بتاريخ الخميس 28 جوان 2007 .  الرابط : http/www.watan.com/index.php?name=News&file=article&sid=1341

 

حكومة بن علي سبق أن أغلقت سفارتها الدوحة إحتجاجا على القناة.. إعتداء « همجي » على مراسل « الجزيرة » في تونس

 

تونس – وطن – سليم بوخذير     إعتدت قوات البوليس السياسي في تونس مساء اليوم الجمعة 29 جوان بالعنف على مراسل قناة « الجزيرة » لطفي حجّي الذي هو في الآن نفسه نقيب الصحافيين في تونس .    و تمّ الإعتداء على الزميل حجّي في نهج أنقلترا بوسط العاصمة في حدود السابعة مساء عندما باغته عدد من أعوان البوليس السياسي الذين كانوا مُرابطين أمام مقرّ حزب التكتّل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات المرخّص له في تونس ، و عنّفوه مانعينه من الدخول إلى مقرّ الحزب لحضور ندوة دُعي لمواكبتها حول موضوع حرية المعتقد .     و سبق لمنظمات حقوقية دولية عديدة أن أدانت إعتداءات سابقة إستهدفت حجّي لمنعه من مواصلة نشاطه الصحفي مراسلا ل »الجزيرة » من تونس .  و قال حجّي لـ »وطن » بواسطة الهاتف إنّ الأعوان سارعوا إلى تعنيفه بقوّة و شرع أحدهم في خنقه و مزّقوا قميصه و سحلوه على قارعة الطريق ، بمجرّد أن رفض الإنصياع لمنعهم من الدخول .  و لم يمنع البوليس السياسي الندوة التي دعا لها الحزب المرخّص له ، لكنه إعتدى أيضا مع لطفي حجّي على حمّة الهمامي الناطق الرسمي لحزب العمال الشيوعي التونسي .      و عُرف لطفي حجّي بتقاريره المحايدة التي ينشرها عن الأحداث التونسية في موقع قناة « الجزيرة » على شبكة الأنترنت و بالأخبار التي ينشرها بنشرات الأخبار على شاشة القناة القطرية على مدار الساعة .  و ندّد حقوقيون في تونس بالإعتداء على حجّي و الهمامي، و وصف الحقوقي التونسي عضو المجلس الوطني للحريات عبد الرؤوف العيادي الإعتداء ب »الهمجي » ، قائلا ل »وطن » إنّ « النظام التونسي يواصل منذ سنوات إطلاقه ليد البوليس السياسي على نشطاء حقوق الإنسان الشرفاء بهدف التشفّي فيهم جرّاء رفضهم السكوت عن إنتهاكات نظام الجنرال بن علي للحريات العامة و للمال العام » .  و سبق لحكومة الرئيس بن علي أن أعلنت في تشرين الأول الماضي قرارها إغلاق سفارتها بالدوحة إحتجاجا على ما وصفته ب »الحملة المغرضة لقناة « الجزيرة » على تونس » . و قال العيادي إنّ « حجّي حالة نادرة في الصحافيين التونسيين الذين تمسّكوا بشرف المهنة الصحفية و كسروا عصا الطاعة للسلطات و واصل تغطية الأحداث التونسية بموضوعية لقناة « الجزيرة » و لذلك لا بدّ من تحرّك كلّ أصحاب الضمائر الحية في العالم معه للتضامن و مع الصحافيين المستقلين في تونس و إطلاق حملة لإثناء السلطات عن مواصلة التحرّش بهم « 
 
 المصدر : موقع صحيفة « وطن » (تصدر بأمريكا) بتاريخ الخميس 29 جوان 2007 .  الرابط :

احمد فؤاد نجم يحيي امسية شعرية للمرة الاولى في تونس

30/06/2007 – 13:30 – تونس (ا ف ب) – احيا الشاعر المصري احمد فؤاد نجم الجمعة للمرة الاولى في تونس امسية شعرية لمناسبة مؤتمر الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين. وعبر الشاعرالمصري الملتزم في بداية الامسية في حضور 500 شخص « عن سعادته بوجوده في تونس بعد ان منع من دخولها عام 1984 » مذكرا « بانه حاضر في كل شبر من المنطقة العربية طالما لا يزال هنالك مستمع للاغنية الملتزمة ». والقى احمد فؤاد نجم على مدى ساعة ونصف الساعة في احد فنادق وسط العاصمة الفخمة خمس قصائد هي « سجن القلعة » و »صباح الخير على الورد » و « نوارة بنتي » و « كلب الست » و »بيان هام » و »اذاعة شقلبان ». وانتقد نجم في القصائد التي القاها الوضع السياسي العربي. وقال نجم في حديث للصحافيين « رغم قلقي الشديد فانا اكثر تفاؤلا من الماضي ». وعزا تفاؤله الى « معركة البقاء التي تقودها المراة العربية » ول « عزرائيل الذي سيبعد عنا الساسة العملاء » حسب ما قال الشاعر المصري الذي اشتهر مع الشيخ الامام عيسي الذي رحل في يونيو/حزيران 1995 بكونهما الثنائي الذي رفع راية الاغنية الوطنية الثورية الملتزمة بقضايا الحرية والبسطاء. وتخللت الامسية فقرات غنائية لفرقة دراويش الشيخ الامام وقراءات شعرية للشاعرين التونسي محمد الصغير اولاد احمد والمصري شاهين ابو الفتوح. واحمد فؤاد نجم احد ابرز الشعراء المصريين المدافين عن القضايا العربية وقد سجن مرات عدة بسبب اشعاره ومواقفه السياسية وشكل مع الشيخ الامام منذ 1962 وحتى منتصف الثمانينات ثنائيا مميزا وكانا نجمي العمل الغنائي السياسي في مصر وفي البلاد العربية. وكانت اشرطة الشيخ امام تستنسخ في بداية الثمانينات ويتم تبادلها خلسة في تونس.


بسم الله الرحمن الرحيم

إلى الدكتورة رجاء بن سلامة

 
د. محمد الهاشمي الحامدي دكتورة رجاء: تحية طيبة أقرأ مقالاتك بين الحين والآخر، وأرى أنك كاتبة جديرة بالإحترام والتقدير. ما ينقصك أحيانا في نظري، مع الإعتذار للعبارة، هو إبداء الإحترام اللازم لمخالفيك في الرأي، وهذا ما يتجلى بشكل واضح في مقالك الأخير الذي نشرته بعنوان « كيف تنال تونس رضا الإسلاميّين المعتدلين والأقلّ اعتدالا وكيف تحقّق المصالحة الوطنيّة والإسلاميّة؟  » تأملي في الأمر بقليل من الإنصاف: إنك تصورين مخالفيك في الرأي في صورة كاركاتورية غير أمينة، ثم تهاجمينهم كما يحلو لك. وهذا لا يقدم الحوار الفكري في بلادنا ولا يساعد على تطويره وتعميقه. أكثرية الإسلاميين التونسيين بعيدون عن الصورة التي عرضتها في مقالتك. هذا أولا. ثم إن خلافك ليس مع الإسلاميين فقط، وهم تيار من تيارات الحياة الفكرية في تونس المعاصرة، وإنما مع كثير من المسلمين العاديين، من الدستوريين ومن الديمقراطيين الإشتراكيين والقوميين والليبراليين واليساريين المعتدلين وغيرهم. وأنا أكتب إليك من هذا الموقع، بصفتي كاتبا مستقلا متحمسا لترويج قيم الديمقراطية والتسامح والتعددية، ونصيرا للمرأة، وداعية للتجديد الفكري والثقافي، وللإجتهاد من أجل التوفيق الدائم بين مبادئ الإسلام ومقتضيات حياتنا المعاصرة. أظن أن ما يريده أكثر التونسيين هو أن تعيشي أنت بحرية كاملة، وفي سعادة وهناء، وتعبري عن آرائك دون ذرة خوف. وبالمقابل، فإن الأمل هو أن يكون لديك أنت نفس الشعور إزاء مخالفيك في الرأي من التونسيات والتونسيين. تعلمين أن كثيرا من المنتسبين زورا للحداثة والعلمانية والتقدمية، وأجزم أنك لست منهم على الإطلاق، هم أكثر المتحمسين للديكتاتورية والإستبداد في مجتمعاتنا العربية. ولو كانت السلطة بأيديهم، لقضوا على تسعة أعشار شعوبهم وزعموا أن تلك تضحية ضرورية من أجل الحداثة والتقدم. وأكثر هؤلاء المنتسبين زورا للحداثة والعلمانية والتقدمية ليس عندهم سماحة دعاة الحداثة في الغرب، ولا اعتدال رجال الدين المسيحيين واليهود عند تفاعلهم مع الإسلام دينا وحضارة، وهم في الغالب معادون لنقل التقاليد الديمقراطية الغربية إلى بلدانهم ومجتمعاتهم. عندما قرأت اسمك ضمن قائمة الموقعين على تأسيس الجمعية الجديدة للدفاع عن اللائكية، رأيت في ذلك فرصة لتعميق الحوار حول بعض المفاهيم المهمة المرتبطة بتطور مجتمعاتنا المعاصرة. فأنت كاتبة وأكاديمية ذات خبرة وموضوعية واعتدال، ومع مثلك يمكن الحوار بنزاهة وباحترام متبادل. أقترح عليك بداية بسيطة وعفوية لهذا الحوار المنشود. هذه مجموعة أسئلة وجهتها قبل أيام قليلة لمؤسسي جمعية الدفاع عن اللائكية، أرجو أن تتكرمي بالإجابة عليها، باعتبارك من المؤسسين، وآمل أن تسمح أجوبتك بفتح حوار عميق ومفيد حول اللائكية والديمقراطية والإسلام في حياتنا المعاصرة. الأسئلة هي: 1 ـ ينص الفصل الأول من الدستور التونسي على أن تونس دولة حرة ، مستقلة ، ذات سيادة ، الإسلام دينها ، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها. ما موقفكم من هذا الفصل، وهل من أهدافكم السعي لحذف عبارة « الإسلام دينها » من الدستور؟ 2 ـ في النموذج اللائكي الذي تدعون إليه، من يتولى مسؤولية رعاية المساجد والإنفاق عليها وعلى العاملين فيها؟ 3 ـ في النموذج اللائكي الذي تدعون إليه، من يتولى مسؤولية التعليم الديني بشكل عام، الذي يشمل تحفيظ القرآن الكريم للناشئة، وتدريس الطلاب الراغبين في التخصص في دراسة العلوم الشرعية الإسلامية؟ 4 ـ هل تقبلون أن يكون بوسع التونسيين تأسيس أوقاف للإنفاق على المساجد والتعليم الديني، مثل ما هو شائع في الغرب من تأسيس وقفيات للإنفاق على التعليم الديني والعام والعمل الخيري؟ 5 ـ تشرف الكنيسة في بريطانيا على آلاف المدارس الكنسية، وهي مدارس تدرس المنتسبين إليها البرامج الدراسية المقررة من وزارة التربية، وتضيف إليها برامج دينية متخصصة. هل تقبلون أن تقوم مدارس إسلامية مماثلة في تونس؟ 6 ـ يعتبر المسلمون في كل أنحاء العالم الزكاة فريضة دينية مهمة للغاية، وركنا من الأركان الخمسة للإسلام. هل تقبلون بتأسيس ديوان للزكاة يسهل أداء هذا الركن وتوظيف أمواله للإنفاق على الفقراء؟ 7 ـ في بريطانيا، تعتبر الملكة هي رئيسة الكنيسة. هل ترون مثل هذه الصيغة متوافقة مع نظرتكم للعلمانية أم لا؟ 8 ـ يخصص التلفزيون البريطاني ما يتراوح بين 15 و20 بالمائة من برامجه للبرامج الدينية، وينفق الكثير من الأموال على إنتاجها. هل توافقون على أن يخصص التلفزيون التونسي نسبة 15 إلى 20 بالمائة من برامجه للبرامج الدينية التي تتوافق مع معتقدات الأغلبية الساحقة من المواطنين؟ 9 ـ اعتبرتم الدفاع عن حقوق النساء من أهم أهداف جمعيتكم. هل يدخل ضمن اهتماماتكم مؤازرة النساء المتدينات، الراغبات في ارتداء الخمار، وفي تأسيس المدارس الدينية، وفي المشاركة في الأعمال الخيرية؟ وهل تعتبرون الدفاع عن حقوق النساء في سياق الإحتكاك مع المرجعية الدينية بديلا عن الدفاع عن حقوق النساء السياسية والديمقراطية؟ وهل تؤيدون حق تأسيس جمعيات نسوية تعارض اللائكية في تونس؟ د. رجاء: أرجو منك التكرم بالإجابة على هذه الأسئلة، وتفضلي بقبول فائق مشاعر التقدير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


إلى صاحب السواك الحار

من طرف سلوى الشرفي

 

من بين المشاكل التي يعاني منها شعب اقرأ مشكلة عدم تمكننا من تقنية القراءة، التي تعوقنا عن التواصل و تدفعنا إلى التقاتل. كما أننا نعاني من مشكلة احتقار المعلومة بدليل كثرة مصادر الاستعلامات و ندرة مصادر المعلومات و مراكز وضع الإستراتيجيات في المنطقة العربية. و بما أن العالم يسير وفق منظومات متكاملة فإن الإعاقات تصيب الموالين كما تصيب المعارضين. فنحن نعلم مثلا أن معارضينا مصابون بداء السلطة مدى الحياة.

لذلك لم أستغرب أن يخبط صاحب السواك الحار خبطات عشواء في تعليقه على جانب من الجدل الذي دار بيني و بين الهاشمي الحامدي.

فقد كنت قلت للهاشمي الحامدي حرفيا ما يلي:

« و بما أنني كنت بصدد تحليل ونقد شعوذات بعض الشيوخ الذين تخصصوا في تبرير ختان البنات وما يسمى بجرائم الشرف و تقديم دروس للعريس المسلم ليلة الدخلة و في مطالبتي، كامرأة، بإرضاع زملائي لأتمكن من مواصلة العمل، و في الخلط بين طهارة  الرسول المعنوية و طهارته الدنيوية المحسوسة، وفي إيهام المسلمين الشيعة بأن قتلهم للسنة يعتبر جهادا و العكس بالعكس، و بأن خدمة دكتاتوري سوريا و إيران هي خدمة للإسلام و لقضايا الأمة وغيرها من الشعوذات، فإنني لا أرى مبررا لا للدفاع عن الإسلام و لا للصلاة على النبي. و بما أنك تعتبر أنه من واجبي الخلط بين سلوك و كلام المشعوذين و المنافقين السياسيين و الدكتاتوريين و بين الإسلام، فإنك تكون قد أسأت فعلا إلى الإسلام » انتهى

و يعلم كل من تابع قضية « إرضاع الزملاء » أن الذي اخترع الفتوى اعتمادا على حديث نبوي مستأصل من إطاره، ليس أنا و إنما شيخا من شيوخ الأزهر. و الواضح من كلامي أنني كنت بصدد التنديد بهذه الفتوى المخجلة و المسيئة إلى الإسلام و المسلمين. فتمعنوا في رد صاحب السواك الحار على، شكلا و مضمونا:

 

« بالسّواك الحار (36)

لصابر التونسي

 

… و في مطالبتي، كامرأة، بإرضاع زملائي لأتمكن من مواصلة العمل (سلوى الشرفي) (نقلا عن تونس نيوز) الجهل ظلمات … تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها !!…وأنصح زملاءك بأن لا يُقبلوا على حليبك لأنه ملوّث وحامل لفيروس نقص المناعة الثقافية والمعادي للدين والهوية!! »  انتهى

 

و أعقب على سواكه الحار بالقول: نعم أدب الحوار، و أمر إلى تعليقه الثاني:

 

« بالسّواك الحار (36)

لصابر التونسي

و أخيرا أشكرك على هذا الجدل الذي فتحته معي لأنه سمح لي بفهم بأن حوار الطرشان أقل خطرا من الحوار مع من هو قادر على التحدث بلغة مخاطبه غير أنه يفضل اللجوء إلى لغة الطرشان لتحقيق مآرب سياسية.(سلوى الشرفي)(نقلا عن تونس نيوز) رمتني بدائها وانسلت … إنه منهج كبيركم الذي علمكم « فائدة » التنكر للذات والمبادئ … وتبرير القمع والإستبداد … لتحقيق مآرب سياسية!! »  انتهى

 

و أعقب عليه بالتمني أن يتعلم السؤال عن سيرة الناس قبل شتمهم. و أنوره بإعلامه بأنه إذا كان يقصد بكبيرنا عمي الزعيم المرحوم الأستاذ صالح بن يوسف فإنني أكتفي بما سيستخلصه جميع القراء.

أما إذا قصد صهري الأستاذ محمد الشرفي فإني أعلمه أن محمد الشرفي لم يمنعني، وهو وزير للتربية و التعليم العالي، من الموافقة على مواقف الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و جمعية النساء الديمقراطيات المنددة بسجن الإسلاميين و إخضاعهم للتعذيب، و لم يمنعني من التوقيع على عريضة تطالب بحرية التعبير و لم يمنع وكيل الجمهورية من توجيه دعوة لي للمثول أمامه، و لم يمنعني من معارضتي لإخراج الطالبات المحجبات من قاعة الامتحانات و من تأطير أبحاثهن لعدة سنوات و إلى يومنا هذا، و لم يمنع النظام من منع كتبي و أبحاثي و موقعي الإلكتروني من التداول و لا من معاقبتي بعقوبتي التوبيخ و قطع جزء من مرتبي بتهمة تغيبي عن الدروس أيام عطلة نهاية الأسبوع و المولد النبوي و لا من حجز جواز سفري حاليا.

و هكذا، أعزائي القراء، ترون كيف يجازي النظام من علمهم كبيرهم تبرير القمع و الاستبداد لتحقيق مآرب سياسية و معاداة الدين و الهوية منذ اغتيال المرحوم صالح بن يوسف إلى اليوم.

 


بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين تونس في 29/06/2007 الرسالة رقم 256 على موقع الانترنات تونس نيوز

رسالة لنجلي في المهجر عبرة لكل الشباب شبل شرّف الاسرة و تألق في فرنسا و ابلغ صوت الوطن

 
بقلم محمد العروسي الهاني مناضل دستوري الحديث عن النعمة أمر الله بها وقال في محكم كتابه و أما بنعمة ربك فحدّث صدق الله العظيم و نعمة الذرية الصالحة هي نعمة إلاهية يمنحها الله سبحانه و تعالى لعباده الصالحين و قال تعالى المال و البنون زينة الحياة الدنيا صدق الله العظيم. في 17 اكتوبر 1977 و أنا منهمك في العمل السياسي و الحزبي و الإعداد لتنظيم الندوة الوطنية للصحافة الحزبية يومي 7 و 8 نوفمبر 1977 جاءني خبر من أهلي للعودة حالا فأسرعت فورا و حملت أم الأبناء إلى المستشفى الحبيب ثامر بالعاصمة و في نفس اليوم 17 أكتوبر 1977 رزقنا الله بمولود جديد اخترت له اسم محمد الحبيب محبة و تعظيما لسيد البشر محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم و كان حلوله و بزوغ نجمه بركة على الأسرة كاملة و بميلاده أنعم الله علينا بإتمام المسكن و العام الموالي بآداء فريضة الحج و نشأ الإبن السادس في بيئة مسلمة ووطنية و في جوّ عائلي مع أخوته الذكور أكبرهم يفوقه 12 سنة و تأثر محمد الحبيب الهاني بفصاحتي العربية و لغة التخاطب في الأسرة و الجوّ العائلي و مرح الجدة كما تأثر بأشقائه في الحفظ و اللغة العربية و الشعر و تلاوة القرءان الكريم و الرياضة و الآداب و دخل عام 1983 المدرسة بحي بوصفارة بحمام الانف و قبلها بخمسة اشهر و على وجه التحديد يوم 9 أفريل 1983 الذي يصادف يوم عيد الشهداء الابرار رافقني الإبن محمد الحبيب إلى روضة الشهداء بالسيجومي بالعاصمة لمشاهدة الزعيم المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله و فعلا كان إبني محظوظا و في الصف الأول معي و عند مصافحة الزعيم و الترحاب به من طرف الإطارات الدستورية و المناضلين شهد معي نجلي الصغير إبن الخامسة و النصف فأبى سيادته إلا أن يرفعه إلى حضنه و يقبله و عندما همّ الزعيم برفعه سرعت برفع نجلي و قدمته إلى الزعيم بورقيبة فقبله و قال له حرفيا  إقرأ على روحك و هذه القبلة تذكرها عندما تكبر يا محمد الحبيب و لا زلت محتفظا بالصورة في منزلي و شاءت الاقدار الإلاهية و رعاية الله أن يكلل جهد هذا الشبل الصغير فيحصل على شهادة الباكالوريا عام 1997 شعبة الآداب بمعدل ممتاز أهلّه في التوجيه الجامعي إلى كلية الطب و فرحت الاسرة و بعد ان زاول في كلية الطب دراسته لمدة شهرين و جد صعوبة في كلية الطب و أراد إعادة التوجيه الجامعي في نفس العام و كنت رافضا طلبه متمنيا أن يزاول تعليمه في كلية الطب و لكن الشبل كان واقعيا اكثر من اللزوم و قرر مصيره بالعقل لا بعاطفة الابوين الكريمين و حنانهما و في عام 1997 تحصل على إعادة التوجيه و دخل كلية الحقوق و العلوم السياسية بأريانة و في 2001 تحصل على الإجازة في الحقوق و سافر إلى فرنسا لمزاولة التعليم العالي المرحلة الثالثة تعليم عالي و تحصل عام 2002 على شهادة الدراسات المعمقة في الحضارة الإسلامية و زاول دراسته في جامعة السربون بباريس الذي تخرج منها الزعيم بورقيبة و تحققت رؤية الزعيم بورقيبة و في عام 2003 تحصل على شهادة الماجستير في القانون الخاص و سجل في الجامعة لمواصلة الدراسة للحصول على الدكتوراه منذ عام 2004 إلى اليوم و تقدم في البحث اشواطا هامة و الآن يعمل كمنشط إذاعي في الإذاعة الدولية بفرنسا إذاعة مونت كارلو و في مجال الثقافة و نجح و تألق في البرامج الإذاعية و أصبح صوتا معروفا و محبوبا و مشعا و ممتازا ووضعت إدارة الإذاعة الفرنسية ثقتها فيه فأصبح يتجول في البلدان و الدول العربية و زار تونس 4 مرات متوالية عام 2006 – 2007 في مهرجان دوز العالمي 2006 و مهرجان الأغنية 2007 و ملتقى الحضارات و الأديان أفريل 2007 بتونس و كذالك الندوة الإقليمية الخاصة بالإستثمار الخارجي في العاصمة خلال شهر جوان الجاري و تألق في إبلاغ صوت تونس في العالم و كان سفيرا في مجال عمله الإذاعي في ميدان الفكر و الثقافة و التاريخ و التراث و قام بعديد الانشطة في تونس و اجرى حديث هام مع السيد محمد عزيز بن عاشور وزير الثقافة و التراث و مع السيد التيجاني الحداد و زير السياحة و الصناعات التقليدية و كان متحمسا لوطنه رافعا صوته في العالم ووجد التقدير و الاحترام و التشجيع من طرف المسؤولين في إذاعة مونت كارلو و خاصة اللبنانيين الأفاضل و السيدة المسؤولة و كذلك من الصحافين و الاجانب و رجال الفكر كما وجد الدعم و التشجيع من تونس و من وكالة الاتصال الخارجي و من إذاعة الشباب 21 و من التلفزة التونسية في برنامج نسمة الصباح و كذلك في صحيفة الشروق التي اجرت معه حديث و كل وسائل الإعلام التونسية نوهت بتألق و نجاح محمد الحبيب الهاني الذي هو ايضا شاب شاعر و كاتب  و ملحن و له دواوين شعرية ممتازة و جريدة الشعب مشكورة نشرت خبر إصدار ديوانه الأول مع صورة تاريخية مع الزعيم الحبيب بورقيبة و هو يقبله كما أسلفت عام 1983 و الشاب محمد الحبيب الهاني ناشط في مجال الشعر و الادب و القصة و كان عضوا ناشطا في مجال الغرفة الفتية ثم رئيسا لها بحمام الشط متطوعا للعمل الاجتماعي السلوك و الاخلاق و التربية كان متواضعا يحب الخير للجميع له علاقات واسعة مع اصدقاؤه و زملاءه و مدافعا على مشاغلهم و يلح في قضاء حاجتهم . و كان داخل الاسرة محبا لوالدته حبا عميقا إلى حدّ البكاء و يحترم كل أفراد العائلة و يقدّر اشقاءه و يعطف عطفا شديدا على شقيقتيه الاصغر منه و عندما يحصل على خمسة دنانير ينفقها عليهن و يعشق جدته للأب و يعطف على جدته للام رحمة الله عليهن و كان يقدرني و له حياء و هو خجول للغاية. النوادر و الطرائف كان و هو طالب في كلية الحقوق و العلوم السياسية يطلب بحياء المصروف اليومي و نظرا للظروف نسلمه مبلغا متواضعا يتسلم المبلغ و يبتسم و ذات يوم ذهب معي إلى مكتب البريد لسحب الحوالة المالية لمرتبي وقد طلبت منه تعمير مطبوعتين لإرسال حوالتين ماليتين لنجلي في المغرب و الجزائر يزاولان تعليمهما هناك و بعد إرسال الحوالتين دهش إبني محمد الحبيب و قال لي يا ابي ماذا تبقى لمصروف الاسرة قلت له تبقى لنا وجه الله يا بني العزيز تنهد و قال لي اليوم عرفت الحقيقة بارك الله في عمرك يا والدي … و من يومها أدرك قيمة المبلغ الذي أعطيه إليه هذه لمحة خاطفة عن مسيرة إبني محمد الحبيب الهاني الذي تربى على التواضع و القناعة و الاخلاق و الحب و هو يعشق تونس و تاريخها و رموزها و مفكريها و أدبائها و أعلامها و زعمائها و كل الرموز في السياسة و الادب و الشعر و التاريخ و الثقافة و الشىء من مأتاه لا يستغرب…قال الله تعالى : قال ربي أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ و على والدي و أن أعمل صالحا ترضاه و اصلح لي في ذريتي أني تبت إليك و اني من المسلمين . صدق الله العظيم الوطنية الصادقة كانت متغلغة في وجدانه و احاسيسه و تجري في عروقه مجر الدم و عندما يحدثك بحماسة الوطني الغيور رغم انه صغير و يضرب لك الامثال المؤثرة. و قد اعلمني مؤخرا في زيارته إلى تونس خلال شهر جوان الجاري أنه إلتقى في باريس يوم 20 مارس 2006 الذي يصادف الذكرى الخمسين لعيد الاستقلال 20 مارس 1956  إلتقى بشخصية في باريس معارضة و من باب التربية الوطنية و الإسلامية و الاخلاق صافح هذا الرجل الذي يحترمه و قال له أهنئك بالعيد الوطني للاستقلال 20 مارس 1956 اجابه الرجل بسخرية و عدم الإكتراث بماذا تهنئني لا يهمني عيد الإستقلال و ماهو هذا العيد و انفعل الرجل فإندهش إبني الصغير و قال لا حول و لا قوة إلا بالله كنت أعتقد أنّ هذا المواطن المثقف الذي أصدر كتاب جديد في فرنسا سوف يفرح و يشكرني على تقديم التهاني بعيد الاستقلال الذي لم اعشه و لم احضره لاني شبل صغير و كنت أنتظر جوابا مشجعا و إكبار من طرف صاحبنا … و علق إبني قائلا على مراد الله إذا كانت هذه أفكار رجال المعارضة فأين الوطنية يا ترى و بدون تعليق بعد هذه القصة قلت لإبني العزيز هذه عينة واحدة من عينات متنوعة تنكرت لنعم الاستقلال و مكاسبه و بعضهم يتحدث عن الوطنية و اردف إبني جملة واحدة و الله يا أبي الفرنسي لا يهاجم بلاده و لا يتنكر لإستقلال دولته و لا يتجاهل تاريخها أو يشتم نظامها خارج الحدود و تلك هي الوطنية و الله الهادي إلى سواء السبيل ملاحظة هامة : يقولون نواصي و عتب و البعض من الذرية منذ ميلاد الإبن محمد الحبيب الإبن السادس ماشاء الله وسع الله أبواب الرزق و كان ختانه مع شقيقه محمد الخامس يوم 30 جانفي 1980 ليلة المولد النبوي الشريف على صاحبه أفضل الزكاة و أزكى السلام فيه سعادة حيث أنعم الله على جدته للاب بآداء فريضة الحج لعام 1980 و حجت أمه عام 1984 و تم تعييني عامها في سلك المعتمدين و أكرم الله علينا و أرزقنا ببنتان عام 1980 و عام 1982 كلها بفضل الله و بركة هذا الإبن الذي كان يوصيني دوما عند ختم القرآن بالدعاء له و يؤكد على تلاوة سورة الرحمان عروس القرآن.
 


بعد الاعتداء على زملائهم بالعنف:

المعلمون يطالبون بعقد هيئة إدارية

 
تجمع عشرات المعلمين بقيادة الكاتب العام لنقابة التعليم الأساسي السيد محمد حليم يوم الخميس الماضي بالمقر المركزي للاتحاد العام التونسي للشغل رافعين شعارات تطالب بمحاكمة المعتدين على زملائهم في الاتحاد الجهوي بالقصرين. وكان هؤلاء المحتجون قد قاموا باعتصام منذ الصباح الباكر أمام وزارة التربية والتكوين بشارع باب بنات وتوجهوا مع منتصف النهار إلى مقر الاتحاد بعد أن قطعوا مسافة طويلة في مسيرة تضامنية مع زملائهم. وقال أعضاء النقابة الذين تجمعوا داخل ساحة الاتحاد أنهم متمسكون بمطلب انعقاد هيئة إدارية لتوضيح موقف القيادة النقابية من الاعتداء الهمجي الذي قامت به قوات البوليس على النقابيين ورجال التربية يوم 14 جوان الجاري بمقر الاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين أثناء اعتصام هؤلاء من أجل مطالب نقابية. وتعود أسباب الاعتداء إلى يوم 13 جوان الجاري حيث توجهت مختلف الهياكل النقابية للتعليم الأساسي وعدد غفير من المدرسين والمدرسات إلى الإدارة الجهوية للتعليم بولاية القصرين بطريقة سلمية وذلك بغرض توصيل لائحة احتجاج إلى المدير الجهوي ضد القرار الوزاري المتعلق بحركة النقل والذي تم من خلاله إقصاء الطرف النقابي. إلا أن الإدارة الجهوية كانت في تلك الآونة تحت سيطرة العشرات من أعوان البوليس الذين تولوا الاعتداء على النقابيين والمربين بالعنف الشديد والذي انجرت عنه أضرار جسمية حادة لعدد من النقابيين والمدرسين. وهو ما جعل الهياكل النقابية لقطاع التعليم الأساسي تدعو المدرسين إلى اجتماع عام يوم الغد 14 جوان بمقر الاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين وأثناء الاجتماع تمت محاصرة مقر الاتحاد الجهوي بأعداد غفيرة من قوات البوليس الذين تلقوا الأمر باقتحام مقر الاتحاد والاعتداء على النقابيين والمربين المجتمعين بالضرب بواسطة العصي والأدوات الحادة ممّا أدّى إلى إصابة العشرات منهم والذين تم نقلهم إلى المستشفى الجهوي بالقصرين فيما نقل البعض الآخرون إلى المستشفى الجامعي بولاية صفاقس نظرا إلى الإصابات الخطيرة التي تعرضوا لها. وقد توجه في اليوم الموالي أربعة أعضاء من المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل لحضور اجتماع عمالي كبير بدار الاتحاد الجهوي بالقصرين للتعبير عن استعداد الشغيلة للدفاع عن منظمتهم والنضال من أجلها وعن وقوفهم إلى جانب زملائهم الذين تعرضوا للاعتداء من أجل حقهم النقابي في الدفاع عن مطالبهم. الصحبي صمارة (المصدر: صحيفة « مواطنون » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 25 الصادرة يوم 27 جوان 2007)

الأطباء الجامعيون: إضراب ناجح و تمسك بالمطالب…

 
نفذ الأطباء و الصيادلة و أطباء الأسنان الاستشفائيون الجامعيون يوم 20 جوان الجاري بكافة المستشفيات الجامعية إضرابا ناجحا شهد مشاركة مكثفة من الإطارات الطبية و تجاوزت نسب نجاحه 90% بكل من تونس الكبرى و صفاقس و المهدية و المنستير، و 60% بسوسة. و قد اجتمع حشد هائل من الأطباء الجامعيين تجاوز 350 جامعيا بكلية الطب بتونس مؤكدين مرة أخرى على تمسكهم بمطالبهم التي رفعتها النقابة العامة. إجتماع الأطباء الجامعيين بكلية الطب يوم 20جوان حضره السيد المنصف الزاهي الأمين العام المساعد المسؤول عن الوظيفة العمومية و السادة قاسم عفية عن أعوان الصحة و سامي السويحلي عن أطباء الصحة العمومية و كذلك السيد سامي العوادي عن أساتذة التعليم العالي. و كان الأطباء الجامعيون قد حملوا الشارة الحمراء منذ يوم 18 جوان الجاري و عبروا في مداخلاتهم عن أسفهم الشديد من عدم استجابة سلطة الإشراف لمطالبهم رغم المرونة التي أبداها المكتب الوطني للنقابة العامة و قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل. للتذكير فإن الإضراب الذي تم تنفيذه يوم 20 جوان الجاري كان من المزمع تنفيذه في 5 جويلية 2006، إلا أنه ألغي نظرا لإبداء سلطة الإشراف استعدادها للمفاوضات و دراسة مطالب الجامعيين. إلا أنه بعد سنة كاملة من المفاوضات و الاجتماعات الماراطونية مع الوزارة فإن هذه الأخيرة لم تبد أي استعداد جدي لحل ما يعانيه أهل القطاع من مشاكل بل وصلت حد غلق باب التفاوض و أعلنت رفضها الرسمي لحل أي إشكال قبل السنة القادمة 2008، رغم أن العديد من القطاعات تحصلت بعد المفاوضات على نسبة من الترفيع في المنح كمدرسي التعليم الابتدائي و الثانوي و أعوان المالية. و للتذكير فقط فإن المطالب التي تقدمت بها النقابة العامة للأطباء و الصيادلة و أطباء الأسنان الاستشفائيون الجامعيون تتمثل في تحسين منح التأطير و البحث و الاستمرار و المناظرات و مراجعة المنح التي لم تحين منذ سنة 2000. إيمان المداحي (المصدر: صحيفة « مواطنون » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 25 الصادرة يوم 27 جوان 2007)

انتخابات المحامين كيف يشتغل عقل الصندوق؟

 
سمير بوعزيز -1- على هامش الحملة الانتخابية للمحامين كثرت التأويلات و التقديرات لما ستسفر عنه الانتخابات بالنسبة للفروع وللهيئة الوطنية و خاصة العمادة. و هذه الانتخابات، رغم أنها قطاعية، فإنها تمثل مجالا لمنافسة بين السلطة، عن طريق مرشحيها أو الموالين لها، و المعارضة، باعتبار من ينتمون إليها. و من المغالطة أن يقدم أي مشارك، أو مساند أو متابع، رأيا بصيغة حازمة ذلك أن هذه الانتخابات ديمقراطية و ليس لأحد أن يعدها في « مكتب مغلق » مسبقا و يكون بمقدوره أن يعلن النتائج قبل الفرز و التصويت، بل و قبل الحملة الانتخابية، أصلا!! قد يقال أن ديمقراطية قطاع داخل وضع عام غير ديمقراطي أمر لا يستقيم، أقول إنه أمر مؤثر دون شك لكنه يكون مُخلّا تماما بمبدأ تساوى الفرص، و قد يكون مانحا فرصا أقل للمتسبب الرئيسي في تعثر مسار ممكن من أجل الديمقراطية. -2- لا نعتقد أن للسلطة مرشحا ثابتا و محددا لعمادة المحامين، إلى حد الآن، وهي تراقب أداء المنتمين لحزبها و من يمكن التعويل عليهم من « المستقلين »، و »المعتدلين »، و « غير المتحزبين ». و بين هؤلاء منافسة من نوع خاص بحثا عن تزكية تمنح لهم مجموعة أصوت الموالاة التي يقع العمل على عسكرتها للحظة الحسم. و مهم بالنسبة للسلطة هذا الغموض، فلو ثبت أن أحدا هو مرشحها لتضاءلت حظوظه بما سيلاقيه من حملة منافسيه المعارضين و حتى من منافسيه داخل دائرته. و غير مستغرب أن يكون مرشحو السلطة قد تلقوا كلهم تطمينات بالدعم الكامل حتى تكون نسبة الأداء في الحملة عالية (و هذا ما لم نسجله فعلا). -3- لا يمكن التفكير في انتخابات المحامين خارج الاستحقاقات الكبرى و أهمها الانتخابات الرئاسية و التشريعية لسنة 2009 التي يتطلب التحضير لها –بالنسبة للسلطة- وضع كل الأمور بأيديها، و غلق « أبواب الريح » التي يمكن أن تعصف بما تعد له فلا سبيل لقطاع أو فئة قادرة لامتلاك أسباب الاحتجاج أو الاحتراز أو التشويش على ما تعده حتى تستمر أكثر. و هذا يحتمل وجهين لتقدير من ستعول عليهم داخل هذا القطاع: المستقلين (لاعبو الأدوار الكبرى)، و المنتمين للحزب الحاكم. فإذا عولت على الفئة الأولى كان التقدير أنها تجهز واجهة تقيها اتهامات الهيمنة الحزبية على القطاع، و تعلن أن القطاع في مأمن من خطر « التسييس » و يمكنها أن تمرر المشاريع التي تريد بالاتفاق مع « هياكل شرعية » انتخبها المحامون. وقد أكدت التجارب أن « المرتزقة » يكونون أكثر كفاءة، وكلما كانوا على رأس هياكل و مؤسسات كان وضع السلطة أكثر راحة لتعلن عدم التدخل فيما سيكون من مواجهات بين أهل القطاع. و التقدير الثاني أنها ستعول على أحد أبناء حزبها، و هذا أمر تؤكده طبيعة المتحكمين أكثر في القرار من حرس الحزب الحاكم الذين يدفعون إلى الهيمنة الكاملة حتى لا يخرج الأمر من أيديهم، فليس هناك مجال للمقامرة. -4- يقدر عدد المحامين المنتمين للحزب الحاكم بـ 1200 محام، و هذا العدد يفترض أنه يحسم الانتخابات قبل بدايتها، و لكنه لم يحسم الانتخابات السابقة و لا التي قبلها. و هذا الأمر يعبر عن أزمة حقيقية في الحزب الحاكم. فليس للمنتمى إليه ما يدافع عنه، إنه يدافع عن مصالحه الشخصية والذاتية بكل المقاييس « الضيقة ». ثم إنه ليس بمقدور السلطة أن تقدم امتيازات لكل هذا العدد الكبير، فهي تعطي لمجموعة ضيقة تعمل على التعبئة والتجنيد. على هذا الحزب أن يراجع حساباته، وألاّ يدّعى امتلاك الأغلبية. حيث ينافسه مرشحون لا تنضبط لهم غير بعض العشرات و لكنهم قادرون على أن يحظوا بمئات الأصوات. -5- المحامي ليس أجيرا عند الدولة، و هذه ورقة ضغط محروم منها الحزب الحاكم. و في نهاية الأمر يكون « عقل الصندوق » مختلفا عندما ينفرد المحامي بمصالحه في الخلوة. السلطة مررت عديد المشاريع ضده خلال السنوات الأخيرة، و بدأ المحامون يستشعرون خطورة وضعهم الاجتماعي، و ليس لهم من حصانة. لذلك سيبحثون عن حماية بإيجاد هياكل مهنية قوية وقادرة للتصدي  والدفاع عنهم. -6- الاختيار صعب، والمحامون يريدون من يحقق لهم مطالبهم، و غير كافية الممانعة الصارمة في هذه الظروف، يريدون أن يبقى باب الحوار مفتوحا. وهم، كغيرهم،  يعرفون أن السلطة لا تستجيب تحت الضغط. و يعمل البعض على ترويج مغالطة كبرى تتمثل في كون السلطة ستحقق جملة من مطالب القطاع في حال انتخاب مرشحيها، وهناك عمل كبير تقوم به المنتديات الجهوية داخل لجان التنسيق لتسويق هذه القراءة، مقابل أبلسة المترشحين المعارضين للنظام. -7- إن حيرة « عقل الصندوق الانتخابي » راجعة لطبيعة سلوك السلطة المتشددة تجاه الجميع. و إن انتخب المحامون مرشحا مواليا للنظام سيخسرون إمكانية « الممانعة » و ستمرر قوانين كثيرة ضد مصالحهم…  و إن هم انتخبوا مرشحا معارضا سينتظرون مدة نيابية « مغلقة » و سيكون الحوار صعبا. و ستعاقب السلطة صندوق هذه المرة، و ستقول: نلتقي في الموعد المقبل، وأنتم .. أقرب للرضوخ! و لكن لا أحد يعلم، كيف ستكون البلاد في « المرة القادمة »!! (المصدر: صحيفة « مواطنون » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 25 الصادرة يوم 27 جوان 2007)


ملاحظات أساسية قبل عيد الجمهورية…

 
أنهى الحزب الحاكم أشغال لجنته المركزية يوم 16 جوان الجاري ببيان ختامي أعلنت من خلاله كوادر التجمع تمسكها برئيس الجمهورية مرشحا مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية القادمة أواخر سنة 2009. والجدير بالذكر أن التجمع  انطلق في حملة ترشيحه للرئيس بن علي مباشرة إثر فوزه في الانتخابات الرئاسية 2004  دون الإعلان عن ذلك. ومع بداية العام 2006 نشطت جلسات لجان الحزب الحاكم وهياكله الوسطى مسرّبة رغبة كوادر الحزب الملحة في التمسك بترشيح الرئيس في الانتخابات القادمة. ورغم الحملة المبكرة جدا التي انطلق فيها التجمع برفع لافتات المناشدة كالعادة وتناوله هذه القضية محورا لكل اللقاءات والمؤتمرات التي تعقدها مختلف المنظمات الموالية ومختلف المؤسسات المستفيدة فإن الأمر ليس بالغريب في تونس طالما وأننا نعرف جيدا جوهر التفكير السياسي للحزب الحاكم وطرق ممارسته لهذه السياسة. إن الغريب في المسألة هو ما تشهده الساحة السياسية من إقصاء عنيف لكل مظاهر المعارضة السياسية الفعلية والتعامل معها بقوة الردع التي لا تخضع لقانون البلاد ولا تحترم دستورها. فقد عملت السلطة على تقوية حزامها من المعارضة الشكلية ومتعتها بالإمتيازات،  وفرضت على المتطلعين إلى صنع بديل ديمقراطي حقيقي خطوطا حمراء محاصرة مقرات الأحزاب والمنظمات والجمعيات ومغلقة كل مداخل الحوار إلى الحد الذي أصبحت معه المعارضة المقبولة والنشاط الجمعياتي المسموح به هو الذي يمر فقط من بيانات المعاضدة والمديح والشكر للإنجازات التي تقول هذه السلطة أنها حققتها في كل المجالات! لقد استغلت السلطة أحداث الضواحي أواخر العام المنقضي وبداية هذا العام لتشرع لنفسها التصرف وفق منطق « حالة الطوارئ » غير المعلنة فتحولت عمليات الاعتداء على الحقوق وعلى التشريعات والقوانين جزءا مما يمكن تسميته بالمحافظة على أمن البلاد من خطر التنظيمات الإرهابية. ولم يكن هذا التوجه الذي زاد من محاصرة المجتمع المدني والتضييق على المواطن ردة فعل إنما هو على ما يبدو جزء من تمش كامل للسلطة حتى تخفض مما تسميه « السقف الأدنى » للمعارضة وللرأي المختلف. إذ عوضت لغة التعليمات والأوامر علوية القانون وتجلّى بشكل فاضح التناقض بين الشعارات التي ترفعها والأفعال التي تمارسها  وتراجعت تحت شدّة المحاصرة المساحة الصغيرة للحركات والتنظيمات المنادية بالحرية والديمقراطية فأضحى الجميع متهما إلى حين ثبوت براءته. نحن نعلم على الأقل أن مؤسسات الدولة التونسية هي تحت السيطرة الكلية للحزب الحاكم، وأن نظرة قادة هذا الحزب تتعامل مع الشعب التونسي لا وفق تعريف المواطن بل تعتبره حشدا من الناس الذين عليهم أن يستمعوا إلى الأوامر وأن يطبقوها وأن لا يعبروا عن مظهر من مظاهر الامتعاض أو الاحتجاج. لكننا نعلم أيضا أن ما شهدته البلاد من هزات حادة كانت نتيجة لخيارات هذا الحزب وكان من المنتظر أن يقوم على الأقل بمراجعة سياسته ليدرك أن خيار الاستفراد بالحكم وبالرأي وتغليب لغة الهيمنة على لغة الحوار هو الذي أنتج حالة من الفراغ المكروه في الساحة السياسية وهو الذي جعل الأفق السياسي الديمقراطي مسألة غير ممكنة في ظل انعدام التوازن بين النظام الحاكم ومعارضيه بعد أن فرض على الجميع حضر التفكير إلى أن يحصل هو على الحل السحري لكل الأزمات التي تتخبط فيها البلاد. وقد استفحلت مظاهر الاعتداء على المساحة الدنيا المشتركة من خلال ما تراكم من ملفات اجتماعية يتم تناولها بنفس المنطق الذي تتناول به الملفات السياسية ويبدو وضع قطاعات عديدة ذات دور حيوي في البلاد علامة واضحة على وجود قوة تسعى إلى الدفع بالأزمة إلى أقصاها. إذ بمجرد الإطلال على أجندة التحركات النقابية الاحتجاجية، منذ بداية هذا العام الذي لم ينتصف بعد، نجد أن الحديث عن مفاوضات اجتماعية مع الاتحاد العام التونسي للشغل تحول إلى اعتداء على الهياكل النقابية وقواعدها وسيطرت أوامر قمع التحركات عوض نقاش فحواها وتقديم الحلول لها. كما أن القطاعات التي تعيش أزمة هي في ازدياد دائم كما ونوعا، فيما يرى ممثلو الحكومة من وزراء ومستشارين أنهم على صواب وأن ما يجري من تحركات تقوده عقلية تآمرية. وبنفس هذا المنطق يتم التعامل مع كل المشاريع التي ترى الحكومة أنها اختراعات ناجعة وناجحة مائة بالمائة، وأنه لا بد من تطبيقها فورا ليتحول تراب البلاد إلى ذهب، مما جعل من خصخصة القطاعات العمومية وفتح الباب على مصراعيه أمام الاستثمارات الأجنبية ومضاعفة أزمة القطاعات الحيوية من تعليم وصحة ونقل « استراتيجية بناءة  » يمكن من خلال اتباعها التخلص من مسؤولية هذا الشعب الذي لم يعد في حاجة إلى مؤسسات الدولة وعليه أن يواجه مصيره معزولا وجها لوجه أمام أرباب المال والأعمال، كما عليه أن يصمت ولا يحرك ساكنا تجاه عمليات التسريح الجماعي للعمال والاعتداء على حقوقهم. وفي هذا الإطار تحركت قوات البوليس في اتجاه مقرات الاتحادات الجهوية للشغل لتكرر بدرجة أقل مشاهد أحداث كارثية شهدتها البلاد في العقود السابقة. إن الواقع لا يحتاج إلى فتاوي كي يفسر، بل يحتاج إلى منهج علمي يرصد الظواهر ويضعها في إطارها الموضوعي، كما يحتاج إلى آليات تحليل من صميم هذا الواقع للوصول إلى حقيقة العوامل التي تحركه. وعلى هذا الأساس فإنه من الخطأ التعامل مع ما يجري من أحداث تسير باتجاه الإطلال على الهاوية باعتبارها أزمة عابرة. فهناك أشياء تمرر تحت الضجيج الذي يملأ الساحة، وهناك أكثر من إرادة وأكثر من مصدر قرار بل هناك أكثر من صاحب قرار، رغم ما يوهم به ظاهر الأشياء من انسجام وتكامل. وفي ظل هذا التناقض والصراع غير الظاهر يصبح من مصلحة هذه الجهة الضغط على الجهة الأخرى التي تضطر إلى لملمة أمورها والبحث عن فرصة جديدة لترتيب وضعها وموقعها في دائرة الصراع، هذا ما يجعلنا نرى أن هناك من يتعمد مضاعفة الأزمات القائمة وهو المستفيد من إطالة عمرها في كل المجالات ودون استثناء. لكن ما يجعل من الوضعية مدعاة للقلق والحسرة أن هذا الصراع الذي يدار بذكاء وتكتم كبيرين يعمق معاناة الشعب الذي لا ذنب له سوى أنه غاب في الأوقات التي تقرر فيه مصيره . الصحبي صمارة (المصدر: صحيفة « مواطنون » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 25 الصادرة يوم 27 جوان 2007)

 

السلطة تفرض الحصار على المجتمع

 
محمد الحمروني ضربت قواة الأمن خلال الأسابيع الفارطة حصارا شاملا على مختلف مكونات لمجتمع المدني شمل منع الاجتماعات وحصار الناشطين في مدنهم وغلق مقارهم ما تسبب في ردود فعل مستنكرة في الداخل والخارج. ونددت العديد من المنظمات والهيئات الحقوقية الدولية والمحلية بحالة الحصار المضروبة على المجتمع المدني في تونس وطالبت بـ »الوقف الفوري لهذه السياسة العدوانية، ضد الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وكل المنظمات الحقوقية والأحزاب والجمعيات المعترف بها وغير المعترف بها ». وعبرت الحملة الدولية لحقوق الإنسان، ومقرها لندن، « عن مساندتها الكاملة لرابطة حقوق الإنسان، في هذه الحملة المتواصلة ضدها من قبل السلطة، بهدف عرقلتها عن القيام بدورها في الدفاع عن حقوق الإنسان في تونس ». وأضاف البيان تأكيد الحملة على أن « هذه المضايقات والملاحقات تأتي في سياق سياسة ثابتة للسلطة، تقوم على التضييق والحصار لكل الجمعيات والمنظمات التي تصر على المحافظة على استقلاليتها، وترفض الهيمنة والوصاية على قرارها ». حصار شامل وكانت إجراءات المنع والتضييق بدأت منذ أسبوعين تقريبا بحظر أي نشاط للمجلس الوطني للحريات، ومنع العاملون فيه حتى من الدخول إلى المقر علاوة على إخضاعهم للمراقة لصيقة ومصادرة أدوات عملهم. وفي القيروان منعت الأجهزة الرسمية يوم الأحد 10 جوان الفارط  ندوة كان من المفترض أن يستضيفها الاتحاد الجهوي للشغل بمناسة الذكرى الثلاثين لتأسيس الرابطة. وأغلقت قواة الأمن المدينة بكاملها، وضربت حصارا مشددا على مقر الاتحاد الجهوي للشغل، وطوقت كل مداخلها بتعزيزات أمنية ضخمة، ومنعت العديد من الرابطيين من مغادرة بيوتهم ومدن إقامتهم. وشمل المنع الأستاذ مختار الطريفي رئيس الرابطة والسيد عبد الرحمان الهذيلي عضو الهئية المديرة والمناضل الحقوقي السيد  خميس الشمّاري وأعضاء فروع بنزرت وقليبية وسوسة والمنستير وصفاقس. كما أوقف الإعلامي الطاهر بلحسين صاحب قناة الحوار التونسي عند مدخل مدينة القيروان وأجبرته قواة الأمن على الرجوع إلى العاصمة. وعرفت مدينة القصرين من جانبها أيام 13 و 14 و 15 جوان الجاري حركة  احتجاجية منددة بشدة بما تعرض له المعلمون والنقابيون من اعتداءات أدت ببعضهم إلى المستشفى. وتحدثت أنباء صحفية ونقابية عن وقوع عدة إصابات منها كسر مزدوج لأحد المعلمين، وإصابة عضو النقابة الجهوية للتعليم الأساسي وعضو الإتحاد الجهوي للشغل خالد البرهومي « بحجر في الرأس » مما استوجب نقله إلى مدينة صفاقس للعلاج ». وكانت خاتمة تلك الإجراءات منع ندوة حول « حرية المعتقد والضمير » دعا إلى تنظيمها يوم الجمعة الفارط كل من الديمقراطي التقدمي والتكتل من اجل العمل والحريات بمقر الأخير. وضربت أعداد كبيرة من قوات الأمن حصارا مكثفا منذ الصباح الباكر على مقر التكتل مانعة بذلك رموز حركة 18 أكتوبر من الوصول إلى مكان الندوة. وشمل المنع السادة علي بن سالم وحمة الهمامي والعياشي وعلى العريض ولطفي الحجي. وتأتي هذه الندوة في إطار سلسلة اللقاءات التي يقيمها المنتدى لوضع تصورات مشتركة بين مختلف مكوناته حول مجمل القضايا المطوحة على الساحة الفكرية في البلاد، وإزالة كل المعوقات التي من شانها أن تعرقل تحويل حركة 18 أكتوبر إلى قطب ديمقراطي معارض. حملة تنديد وندد الناشط الحقوقي السيد خميس الشماري بحالة الحصار التي ضربت على مختلف مكونات وجهت المجتمع بهدف منع احتفال بمرور 30 سنة عل تأسيس الرابطة. واستغرب الشماري موقف السلطة المتناقض حسب رأيه، فهي من جهة تدعي احترامها للرابطة وتعتبرها منظمة وطنية عريقة ومن جهة أخرى تسعى إلى خنقها ومنع كل نشاط حتى وان كان احتفاليا. وفي تصريحات لـ »لموقف » إستنكر الأستاذ مختار الطريفي رئيس رابطة حقوق الإنسان تصاعد الحملة على مختلف مكونات المجتمع المدني نقابة وأحزاب وجمعيات. وشدد على ما تتعرض له الرابطة من حصار منذ منعها من عقد مؤتمرها في 2004. واستشهد الطرفي بما وقع في مدينة القيروان مؤخرا من حصار للناشطين الحقوقيين في مختلف جهات الجمهورية إضافة إلى قطع الطرق على الصحافيين ومنعهم من الوصل إلى المدينة. وأضاف: » كنا نتمنى أن تشمل المبادرة التي قامت بها السلطة تجاه النساء الديمقراطيات بقية الجمعيات والمنظمات، وان تكون مؤشرا على تغير ما في طريقة تعامل السلطة مع مكونات المجتمع المدني وهو ما لم يحصل بل على العكس من ذلك شهدنا تصاعدا لحالة التضييق والمنع ». واعتبر القيادي في حركة النهضة زياد الدولاتلي أن ما جري مواصلة لنفس النهج الذي اتبعه النظام مع معارضيه « . واعتبر الدولاتلي أن السلطة تقوم الآن « بتعميم » منهج تعاملها مع النهضة خلال حقبة التسعينات على سائر مكونات المجتمع بما « يبشّر » بسنوات أخرى من الانغلاق وسياسة الرأي الواحد والصوت الواحد. وأضاف الدولاتلي : » يحدث هذا في الوقت الذي نرى فيه بقية المجتمعات من حولنا تتغير وتتحول تدريجيا نحو الديمقراطية ومزيد احترام حقوق الإنسان حتى كدنا نصبح إستثناء في محيطنا الإقليمي والدولي ». وهم المصالحة وتأتي هذه التطورات لتقطع الشك باليقين، ولتؤكد أن ما دار في خلد البعض مؤخرا من إمكانية تغيير السلطة نهجها باتجاه نوع من المصالحة مع المجتمع لا يتعدى كونه السراب. و كانت بعض القراءات المتفائلة رأت في منح السلطة 50 ألف دينار لجمعية النساء الديمقراطيات، ورفع الحظر على منح الاتحاد الأوروبي لها مؤشرا على انفتاح ما ..يدفع إلى التفاؤل. فيما رأى مراقبون للشأن السياسي في ما يجري من قمع وانتهاكات وصلت إلى حد تحكم السلطة في من يحق له مغادرة بيته، ومتى « يجوز » له ذلك، تأكيد على أنه لا توجد لدى السلطة، في الوقت الحالي على الأقل، استعدادات لأية مصالحة، فكل اهتمامها منصب على المواعيد الهامة لسنة 2009 وكيفية ضمان « الهدوء » التام حتى تمر تلك المناسبات دون أن يعكّر صفوها ضجيج المحتجين، خاصة وان تجربة قمة المعلومات لا تزال ماثلة للعيان.
(المصدر: صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 411 بتاريخ 22 جوان 2007)  

في الجلسة التأسيسية لنقابة الصحافيين

السلطة تريد أن يظل قطاع الصحافة مهمّشا وضعيفا

 
محمد الحمروني عكست الجلسة التأسيسية الثانية لجمعية الصحفيين التونسين التي انعقدت يوم السبت الماضي بمقر اتحاد الشغل قناعة الحاضرين التامة بضرورة المضي قدما في إنجاز مؤتمر النقابة في أسرع وقت. وخلافا للجلسة الأولى لم يشهد اجتماع السبت الماضي تدخلات متشنجة ولا توجيه الاتهامات، بل طغت عليه روح بنّاءة تمثلت في الإجماع على ضرورة الذهاب، إلى إنجاز مؤتمر النقابة دور تاخير. وبدا واضحا من خلال التدخلات تجاوز الحاضرين لأغلب الإشكالات التي تمّ التعبير عنها في جلسة يوم 10 جوان الجاري، التي سيطرت عليها ردود الأفعال الغاضبة بسبب ما اعتبره البعض « تغييبا لهم وعدم إعلامهم وإطلاعهم على آخر المستجدات بخصوص إنجاز النقابة ». وتمثل القرار النهائي للمجتمعين في ضرورة انجاز المؤتمر في اجل لا يتعدى الأسبوع الأوّل من شهر جويلية. ولضمان أكبر قدر من الشفافية، تقرر توسيع اللجنة التحضرية، على أن تقدم هذه الاخيرة تقريرها إلى الاتحاد في موعد لا يتجاوز الأسبوع من بداية عملها ليتم بعدها مباشرة تحديد موعد للمؤتمر . وتعرض الحاضرون في تدخلاتهم إلى الحملة التي تشنها السلطة وبعض الأطراف المقربة منها من أجل ترهيب الصحافيين ومنعهم من المشاركة في الأعمال التحضيرية. وتحدث في هذا الصدد الأخ محمود الذوّادي عن عرائض – اتخذت في الغالب شكل أوامر وتهديدات-  وجهت إلى منتسبي وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية تطالبهم بمقاطعة النقابة. وردا على احد المتدخلين الذين حاولوا إنكار قيام بعض الجهات الرسمية بحملة ترهيب ضد الصحافيين، اكدت إحدى الحاضرات، وهي صحفية  بمؤسسة الإذاعة والتلفزة، تعرضها وزملاءها لضغوط وصفتها بكونها لا « تطاق » قصد منعها من الحضور والمشاركة في تأسيس النقابة، وهو ما أكّده أيضا عدد آخر من الصحافيين العاملين في دور الإعلام الرسمية وشبه الرسمية. وشاركت الجمعية أيضا في الحملة من أجل منع تأسيس نقابة للصحافيين. فبعد « مسارعتها لعقد لقاءات بالصحافيين للاستماع إلى مشاغلهم » !!، نشرت وسائل الإعلام نصّ التحوير الذي تزعم الجمعية إدخاله على قانونها الأساسي والذي ستتحول بموجبه إلى جمعية مهنية. وجاء في اللائحة الصادرة عن الجلسة العامة المنعقدة يوم 15 جوان الجاري ما يلي « إذ يؤكدون-الصحافيون المجتمعون- على تمسك عموم الصحافيين بمطلبهم الاستراتيجي ببعث اتحاد الصحافيين التونسيين، فهم يطالبون بالاستجابة السريعة لمطلب الجمعية بإعادة تصنيفها وإقرارها جمعية مهنية ذات طابع نقابي خاضعة لأحكام مجلة الشغل ». و في هذا السياق أوضح عدد من المتدخلين الفرق بين الجمعية والنقابة، وبينوا أن قانون الجمعيات لا يخولها صلاحيات نقابية، فلا يمكن للجمعية مثلا أن تعلن الإضراب أو أن تنظم التحركات الإحتجاجية لتحقيق مطالب العمال. وحسب العديد من الحاضرين فإن الهدف الوحيد من هذا التحوير هو عرقلة مشروع  النقابة خدمة لإرادة السلطة التي تصر على إبقاء القطاع مهمّشا وضعيفا.
(المصدر: صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 411 بتاريخ 22 جوان 2007)

السجن يهدد العشرات من أصحاب التاكسفون

 
محمد الحمروني

عقد أصحاب محلات الهاتف العمومي يوم 12 جوان بمقر اتحاد الصناعة والتجارة بشارع فرحات حشاد اجتماعا عاما لتدارس اخر التطورات في سلسلة البحث عن حل لازمة التي يتخبطون فيها منذ 4 سنوات تقريبا. الجلسة انعقدت بحضور قرابة الألف من أصحاب المحلات العمومية للهاتف من تونس واريانة وبن عروس وحضور السادة حبيب معلى وجميل بن ملوكة وهي الجلسة الثامنة التى تنعقد دون التوصل إلى نتيجة. وحسب مصادر  من الغرفة التجارية لأصحاب المهنة وعرف الاجتماع أجواء غاضبة بلغت حد تهديد احدي أصحاب المحلات، وهي أم لطفلين معاقين بالانتحار، إذا لم تتمكن السلطات من إيجاد حل للوضعية الصعبة التي تعيشها. وتتلخص الوضعية في تراكم الديون عليهم بسبب تراجع المرابيح، وهو ما أدى إلى عجزهم عن دفع أقساط ديونهم الأمر الذي جعل عددا كبيرا منهم على أبواب السجن او انهم مهددين بعقلة تنفيذية على محلاتهم. الامر الثاني الذي عقد وضعيتهم كراس الشروط الجديد الذي وضعته ادارة اتصالات تونس لانتصاب في مثل حالات الهاتف العمومي والذي ينص على شروط تعجيزية تقريبا مما يعرض الآلاف منهم لغلق محالهم. ومعلوم أن اغلب أصحاب محلات الهاتف العمومي ويقدر عددهم في منطقة تونس الكبرى بنحو 10 آلاف، بنوا مشاريعهم بقروض من بنك التضامن تراوحت بين 5  آلاف و10 آلاف دينار بمعدل 2000 دينار لكل جهاز هاتف عمومي. ولما حاول بعض أصحاب المحال بيع أجهزتهم أملا في سداد بعض الديون لم يزد سعر الواحدة منها على 100 دينار. السيدة (نجاة- م )صاحبة احد المحلات أكدت أنها توقفت منذ ثلاث سنوات على دفع الأقساط المتعلقة بها لفائدة بنك التضامن بعد أن تراجعت المداخيل بشكل كبير من 1.200 دينار شهريا إلى اقل من 200 دينار، تدفعه منها 150 دينار كراء المحل ولا يتبقى لها سوى 50 دينارا. وأكدت محدثتنا أن أسباب تراجع المرابيح تعود إلى: 1 –  تخفيض نسبة الربح على بيع بطاقات الشحن من 7 الى 5 في المائة، مشددة على أن هذا الإجراء بدأ تنفيذه مع دخول الشريك الجديد لاتصالات تونس. 2 –  وتحديد سقف أقصى لعدد الكروت التي بإمكان كل صاحب محل اقتناؤها شهريا إضافة إلى المنافسة الحادة التي تلاقاها محلات الهاتف العمومي من طرف مجموعة من الدخلاء على المهنة خاصة فيما يتعلق بعمليات الشحن التي يطلق عليها اسم لايت. وأوضحت في هذا الصد أن أصحاب مختلف أنواع المتاجر أصبحوا يقدمون هذه الخدمة، من أكشاك بيع الجرائد إلى أصحاب محلات بيع المواد الغذائية إلى المواطنين العاديين، الذين تمكن البعض من الحصول بطرق ملتوية على إمكانية تقديم هذه الخدمة، حتى أن بعض التلاميذ أصبحوا يقدمونها إلى زملائهم في الدارس الإعدادية والثانوية. اما اغرب ما سجل في هذا الإطار فهو قيام الجزارة ومدلكات بأحد الحمامات (حارزة) بتقديم هذه الخدمة للزبائن. وأكدت (هادية- ص) على أنها باعت قطع مصوغها من اجل تغطية مصاريفها ومصاريف عائلتها. وتعمل هادية في المحل من اجل إعانة زوجها على مصاريف البيت وخاصة مصاريف ابنها وابنتها الذين يدرسان في الجامعة، ذلك أن مداخيل زوجها الذي يعمل في محل لتصليح لأحذية لا تكفي ثمنا لرغيف الخبز. وحملت محدثتنا بشدة على سلطة الإشراف التي بدل « إعانتنا تطالبنا بان نساهم في صندوق 26 – « 26 . وأكدت هادية أن العديد من أصحاب تلك المحال أفلسوا وان اغلبهم مهددين بالدخول إلى السجن بسبب عجزهم عن خلاص ديونهم. والى جانب الوضعية المادية السيئة لأصحاب محال الهواتف أصبح هؤلاء مهددون بإغلاق محالهم. وهو ما سيجعل آلاف العائلات عرضة لمواجهة مصير لا يزال مجهول. فآخر الأخبار الصادرة عن الغرفة التجارية لأصحاب الهواتف العمومية تؤكد عزم اتصالات تونس وخاصة مشغلها الجديد على إصدار كراس شروط جديد لفتح تلك المحال. ومن تلك الشروط تهيئة فضاءات الهاتف الجوال بطريقة « عصرية » خاصة في مستوى أجهزة الهاتف العمومي، مع ضرورة ان تكون تلك المحلات على درجة من الفخامة وان تتوفر على مكتب استقبال وبالخلاصة أن تكون مثل محلات تونيزيانا. وأكيد أن هذا يعني أن الآلاف من أصحاب تلك المحال سيجدون أنفسهم بلا دخل لعائلاتهم، إذ كيف يمكن لمن يعاني أصلا من الديون ومن قلة الدخل أن يوفر عشرات الآلاف الإضافية من اجل فتح محل فخم وفي منطقة راقية. ويطاب أصحاب المحال بتصفية الديون المتخلدة بذمتهم وإيجاد حل لفوضى بيع كروت الشحن ومراقبة الدخلاء عن المهنة. ولن يتأتى ذلك دون تدخل فاعل من قبل السلطة في أعلى مستوياتها. قطاع آخر إذا تضربه الأزمة وفئة جديدة تدخل دوامة المجهول وهي مرشحة لدخول في دائرة عدم الاستقرار المهني ..غموض يصيب فئة جديدة بما يوسع دائرة المهددين بالسقوط في الحرمان والخصاصة ويضيق أكثر الطبقة الوسطى التي تم التعويل عليها كثيرا لضمان الاستقرار.
(المصدر: صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 411 بتاريخ 22 جوان 2007)

إضراب جديد في اتصالات تونس

 
محمد الحمروني
كشفت الجامعة العامة للبريد والاتصالات في برقية أصدرتها يوم 18 جوان الجاري عن قرار الهيئة الإدارية القاضي بدخول « أعوان وموظفو اتصالات تونس في إضراب لمدة 24 ساعة بداية من الساعة السابعة مساء إلى السابعة من مساء اليوم الموالي. ويأتي الإضراب احتجاجا على « خوصصة المؤسسة وعلى سياسة التخلي التدريجي عنها من طرف السلطة » كما جاء في بين الهيئة الإدارية. كما يحتج العمال على التداعيات الخطرة التي ترتبت عن بيع 35 في المائة من رأس مال الشركة ومن بينها استعداد الإدارة لتسريح الأعوان واتخاذ جملة من الإجراءات من جانب واحد وخاصة فيما يتعلق بالهيكل التنظيمي. وشدد محمد بالحاج الكاتب العام لجامعة البريد على الظروف المتدهورة التي باتت تعيشها شركة اتصالات تونس، وشدد على خطورة إعادة هيكلة الوكالات التجارية وعددها سبعون وكالة على مواطن الشغل، إذ وقع التفويت في جملة أنشطتها مثل بيع بطاقات الشحن والاشتراك في خطوط الهاتف الجوال. وأكد بالحاج على استغرابه من التفاف الإدارة على جملة الحقوق المكتسبة خاصة ما تعلق منها بساعات العمل الإضافية، معتبرا التراجع « ثمرة » أولى لدخول الشريك الجديد. ويطالب العمال بضرورة إطلاعهم على بنود الاتفاق مع الشريك الاستراتيجي، وتمثيلهم عبر هياكلهم النقابية، وتحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية، والترفيع في قيمة المبلغ المرصود سنويا للصندوق الاجتماعي لتحسين خدماته وتوفير مستلزمات أداء مهام مجلس تسييره. ويطالب الأعوان ايضا باستكمال التفاوض في المسائل العالقة والمتمثلة في المنح المختلفة. هذا بخصوص مطالب أعوان اتصالات تونس أما مطالب قطاع البريد ككل فيمكن تلخيصها في رفض أي شكل من أشكال المناولة، وفي هذا الإطار رفض أعوان البريد طلب العروض في مجال نقل البريد الذي تعتزم الدارة العامة للبريد والمواصلات القيام به، وتحسين ظروف العمل وتطبيق عادلة بين كل الجهات.  (المصدر: صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 411 بتاريخ 22 جوان 2007)

دورة تكريم بالموروث الثقافي التونسي

عروض عربية وأجنبية متنوعة بمهرجان قرطاج هذا الصيف 

 
              تركز الدورة الـ43 لمهرجان قرطاج الدولي الذي تنطلق أولى عروضه في 14 يوليو/ تموز القادم على الاحتفاء بالموروث الموسيقي التونسي، إضافة إلى العروض العربية والأجنبية، حسب منظمي المهرجان. وتتضمن الدورة التي تستمر حتى 16 أغسطس/ آب المقبل في فضاء المسرح الروماني في قرطاج 30  فعالية موسيقية وأعمالا راقصة من تونس والعراق والمغرب ولبنان ومصر والإمارات وإسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية. وقال مدير المهرجان المسرحي التونسي محمد رجاء فرحات في مؤتمر صحفي اليوم إن « الدورة الجديدة ستفتتح بعرض تونسي بعنوان « أصوات تونس » بقيادة الموسيقار مراد الصقلي وهو مدير مركز الموسيقي العربية والمتوسطية « النجمة الزهراء ». وأضاف فرحات أن الدورة « ستكون مناسبة للاحتفاء بالموروث الموسيقي التونسي وإعادة الاعتبار للمبدعين الذين لا يجدون مكانا لهم في المشهد الثقافي الحالي الذي طغى عليه البعد التجاري ». وسيتم في هذا العرض -الذي سيشارك فيه 150 فنانا- تقديم فقرات موسيقية تميزت بها مختلف المدن التونسية على مر الخمسين سنة الماضية، حسب فرحات الذي يعود على رأس المهرجان بعد غياب دام 30 عاما. ويشارك في دورة هذا العام من المهرجان –الذي يصنغ كأحد أعرق المهرجانات العربية- الفنانون التونسيون لطفي بوشناق وصوفية صادق وسنيا مبارك وصابر الرباعي ولطيفة العرفاوي وشكري بوزيان. السهرات العربية وحافظ المهرجان على تقليد استقطاب الأسماء اللامعة، ومنها كاظم الساهر وماجد المهندس من العراق وحسين الجسمي من الإمارات وشيرين وأمل ماهر من مصر ونوال الزغبي من لبنان. وضمن السهرات المشتركة يحيي الفنانان العراقي حسين العظمي والتونسي زياد غرسة إحداها وكذلك اللبنانيان فاضل شاكر وأمل حجازي والمغربيان كريمة صقلي وإبراهيم الصويري. ومن المغرب كذلك يكرم المهرجان الفنان المسرحي الطيب الصديقي. العروض الأجنبية
من جهتها ستكون العروض الأجنبية متنوعة، ومن بينها « سهرة الضحك » مع الممثل الكوميدي الفرنسي غاد المالح وأخرى غنائية مع داني بريون. كما تقدم فرقة « بالي موسياف » الروسية وفرقة « الفلامنغو » الإسبانية سهرات تجمع بين الرقص والغناء. وفي سهرة الختام -التي يكون فيها العرض تونسيا كما هو الحال في عرض الافتتاح- اختير عرض غنائي تعرض خلاله مجموعة من الأغاني لكبار الملحنين والمطربين التونسيين الذين فقدتهم الساحة الغنائية. مهرجان عريق يذكر أن اسم المهرجان اقترن بالمسرح الروماني المتربع فوق تلة « بيرصة » المشرفة على مدينة قرطاج الأثرية عاصمة الفنيقيين والمرفأ التجاري الذي انطلقت منه سفنهم لاكتشاف غرب المتوسط وأفريقيا. وعلى مسرحه الذي شهد هذا العام تحسينات لأول مرة منذ 2000 عام، غنت نجوم لامعة في سماء الأغنية العربية، بينهم أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفيروز ونجاة الصغيرة ووديع الصافي ووردة وماجدة الرومي ومارسيل خليفة علاوة على كبار نجوم الأغنية الغربية.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 29 جوان 2007 نقلا عن وكالة الصحافة الفرنسية)

احتفى بالسينما المصرية ومنح جائزة الاخراج لفيلم بوزيد «آخر فيلم» والتمثيل للطفي عبدلي …

 مهرجان تاورمينا السينمائي يؤكد مساره …ملتقى فكري وحوار متوسطي
 
تاورمينا (جزيرة صقليّة) – عرفان رشيد     لم يكتف مهرجان تاورمينا السينمائي الدولي بالاحتفاء بمئوية السينما المصرية وبمنح الفنانة المصرية يسرا جائزة «تاورمينا آرتي أووارد» المقدّمة من شركة هاري وينستون للمجوهرات، بل سجّل في سجلاته أول جائزة كبرى لفيلم عربي. فقد مَنحت لجنة التحكيم الدولية الجائزة الكبرى للدورة الثالثة والخمسين لشريط المخرج التونسي نوري بوزيد «آخر فيلم»، كما منحت ممثله الشاب لطفي عبدلّي جائزة أفضل ممثل. وعبّر بوزيد عن فرحته الشديدة لاستلام الجائزة من مديرة المهرجان ديبورا يانغ بحضور أكثر من ثلاثة آلاف مشاهد في المسرح الإغريقي، واعتبر الجائزة بمثابة دفع كبير لإنجازه اللاحق، وأكد: «عنوان الفيلم باللغة العربية هو «آخر فيلم» إلاّ أنني أعتقد بأنه لن يكون الفيلم الأخير بعد نيل هذه الجائزة». وكان الانفعال بادياً على بوزيد وهو يتسلّم جائزته الكبرى، ما حدا بممثله الشاب لطفي عبدلي، الذي كان سبقه الى تسلم جائزة أفضل ممثل، الى القفز بحركة رشيقة على الخشبة ليحتضن معلّمه ويطبع على رأسه قبلة حب صادقة «لأنه تمكّن من استكشاف ما في داخلي من طاقة وفتح لي الطريق أمام سلسلة من الجوائز التي بدأ منزلي يحتشد بها». وبالفعل كان بوزيد وعبدلي وصلا إلى تاورمينا مباشرة من روتردام حيث كان فيلمهما الذي لم يشارك في المسابقة حقق نجاحاً كبيراً وأثار سجالات لدى الجمهور والنقاد. المشهد في المسرح الإغريقي في تاورمينا كان جميلاً للغاية عندما تكرر ما حدث ليلة العشرين من حزيران (يونيو) حين احتشدت تلك الخشبة التاريخية بنجوم السينما المصرية، فقد اصطبغت الخشبة هذه المرة بألوان تونسية بعد أن انضمت إلى الفائزين بالجائزتين النجمة التونسية الجميلة والمبدعة هند صبري التي سلّمت جائزة أفضل ممثل لزميلها الشاب لطفي عبدلي وأضافت إلى تلك الخشبة قدراً كبيراً من العذوبة التي كانت خلبت بها خلال أيام وجودها عقول وعيون الكثير من روّاد المهرجان ونقّاد السينما وكانت، هي والنجمة المصرية الكبيرة يُسرا، أكثر نجوم المهرجان حضوراً أمام كاميرات التلفزيون وعكست آراؤهما وما أدلى به زملاؤهما من السينمائيين، خالد النبوي، يسري نصرالله، مروان حامد، سهير عبدالقادر وسمير فريد، صورة جديدة للشخصية العربية المغايرة لما يطغى على وجهة النظر التي كوّنتها أجهزة الإعلام الأوروبية والكثير من المطبوعات الإيطالية عن المواطن العربي. ملتقى للحوار ترأس لجنة التحكيم الدولية المخرج الأرجنتيني لويس بوينسو وضمّت في صفوفها كلاً من مدير مهرجان ترابيكّا الأميركي بيتر سكارليت والمخرج اليوغسلافي غوران باسكالييفيتش والمخرج المصري الشاب مروان حامد (مخرج فيلم «عمارة يعقوبيان»). وباختيارها قائمة الفائزين بجوائز المهرجان أكّدت هذه اللجنة المسار الجديد التي رسمته مديرة المهرجان ديبورا يانغ بتحويل تاورمينا ومهرجانها العريق إلى ملتقى للفكر والإنجاز الحواري بين شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط. فإضافة إلى جائزتي نوري بوزيد وممثله لطفي عبدلّي، مُنحــت جائزة أفضل مخرج للمخـــرج الإسرائيلي الشــــاب ديفيد فـــولاخ الذي وجّه بفيلمه «أبي سيّدي» إصبع الاتهام إلى الأصولية في الديانة اليهودية والتي اعتبرها، وكل الأصوليات، «سبباً أساسياً، إن لم يكن الوحيد، في حال الحرب التي نعيشها في منطقتنا». الجائزة لفولاخ ترسم مساراً جديداً وقراءة أكثر موضوعية للحال الشرق أوسطية يأخذان في الاعتبار المجتمع الإسرائيلي كغيره من المجتمعات غير المنزّهة من علل التطرّف والأصولية، وهو بالتالي «شريك» في ما يعتري الشرق الأوسط من مصائب وليس مجرد «ضحية» كما صوّر على الدوام. أما جائزة أفضل سيناريو فقد منحتها لجنة التحكيم الدولية لشريط إيطالي متميّز هو «رجل الزجاج» للمخرج ستيفانو إنتشيرتي الذي تناول حياة وموت عضو المافيا ليوناردو فيتالي الذي اغتالته المافيا لأنه تجرأ على التبرؤ منها وكشف للمرة الأولى في تاريخ هذه التنظيم الإجرامي خبايا وتفاصيل كانت ضرورية لقراءة وضبط النشاط الإجرامي والزعامة الهرمية للمافيا. القاضي الشهير جوفانّي فالكوني، الذي اغتالته المافيا في تفجير ضخم يوم الثالث والعشرين من عام 1992 كان أكد مراراً أنه «لو كانت أجهزة الشرطة والقضاء أخذت ما كان يُدلي به ليوناردو فيتالي من شهادات ومعلومات على محمل الجد ولم تُضيّع أكثر من عشر سنوات قبل اقتناعها بصحة ما يقول، لكنّا حققنا انتصارات كبيرة وغير مسبوقة على المافيا». كان فالكوني على حق وربما كان سينجو هو وغيره من زملائه ومعاونيه الكثر من تفجيرات المافيا لولا السنوات الكثيرة التي أضاعتها إيطاليا بتحييدها معلومات «النادمين» من أعضاء المافيا، أو ربما كانت المافيا قد تمكّنت من ذلك التحييد من خلال تأثيرها وتغلغلها الواسع في أجهزة الدولة الإيطالية وفي الهرم السياسي، بالذات في جزيرة صقليّة، مسقط رأس أعتى عصابات المافيا، أي «كوزا نوسترا» الصقليّة. شريط «رجل الزجاج» كان مرشحاً قوياً لجميع الجوائز، إلاّ أن لجنة التحكيم الدولية انتهت إلى قرار صائب ومنحته جائزة أفضل سيناريو وذهبت الجائزة إلى ستيفانو إنتشيرتي وسالفاتوري بالغريكو وإلى هيدرون شليف التي اعتادت كتابة السيناريو لأفلام المخرج الإيطالي الكبير نانّي موريتّي. ولم يفت المخرج إنتشيرتي التنويه بأداء بطل شريطه ّدافيد كوكو الذي قال عنه المخرج: «لولاه ولولا أداؤه الجميل والمقنع لما كان لهذا الشريط أن يأتي في هذا الشكل». (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 29 جوان 2007)  


رئيس مكتب التحقيقات الاتحادي الامريكي يجري محادثات بالمغرب

 
الرباط (رويترز) – زار روبرت مولر رئيس مكتب التحقيقات الاتحادي المغرب يوم الجمعة لمناقشة مكافحة الارهاب مع المغرب وهو حليف قوي للولايات المتحدة تعهد بعدم الاستكانة في معركة ضد الراديكاليين الاسلاميين بعد تفجيرات انتحارية وقعت هذا العام. واثارت موجة من نشاط المتشددين الدينيين عبر منطقة المغرب في الاشهر الاخيرة قلقا من ان الجماعات اليائسة توحد جهودها لاقامة حكم اسلامي في المنطقة وشن هجمات على اوروبا وتهريب مقاتلين الى العراق. وقالت السفارة الامريكية ان مولر التقى مع مسؤولي وزارتي العدل والداخلية في المغرب خلال زيارته قصيرة. واضافت السفارة في بيان دون اعطاء تفصيلات ان »محادثاتهم تركزت على التعاون الثنائي الحالي والمقبل بين الولايات المتحدة والمغرب في مجالات تمثل اولوية مثل مكافحة الارهاب والجريمة الدولية. » وفجر ثلاثة اشخاص انفسهم وقتل رابع بالرصاص بعد ان داهمت الشرطة منزلا في مدينة الدار البيضاء الساحلية المغربية في ابريل نيسان . وبعد ذلك ببضعة ايام فجر انتحاريان نفسيهما خارج المكاتب الدبلوماسية الامريكية في المدينة. وغيرت الجماعة السلفية للدعوة والقتال وهي الجماعة الاسلامية المتمردة الرئيسية في الجزائر اسمها في يناير كانون الثاني ليصبح تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي واعلنت مسؤوليتها عن تفجيرات انتحارية في الجزائر قتلت 33 شخصا. (المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 30 جوان 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)   


المحكمة العليا الأميركية تتراجع وتنظر قضية غوانتانامو

  

 
             في إجراء غير مسبوق تراجعت المحكمة الأميركية العليا عن قرار لها ووافقت على النظر مجددا في طلب تقدم به المعتقلون في سجن قاعدة غوانتانامو. وأعلنت المحكمة أنها ستنظر على الأرجح في الخريف المقبل طعنا تقدم به المعتقلون ضد قانون يحرمهم من الحق باللجوء إلى قاض فدرالي للاحتجاج على اعتقالهم دون توجيه تهم إليهم. يشار إلى أن محكمة الاستئناف الفدرالية في واشنطن صادقت على بند رئيسي في قانون أقره الكونغرس العام الماضي يحظر على المعتقلين في غوانتانامو اللجوء إلى قاض فدرالي قبل بداء محاكمتهم أمام المحاكم العسكرية الاستثنائية، واعتبرت المحكمة وقتها أن هؤلاء الأجانب المعتقلين في الخارج لا يحظون بالحماية التي يكفلها الدستور. ولم توضح المحكمة العليا سبب تراجع قضاتها عن رفضهم في أبريل/ نيسان الماضي طلب المحتجزين إعادة النظر في حكم محكمة الاستئناف. ويرى مراقبون أن القرار الجديد يمثل ضربة جديدة لإدارة الرئيس الأميركي جورج بوش التي ترى أن القانون جرد المحاكم المدنية من سلطة الاستماع إلى قضايا معتقلي غوانتانامو. وسبق أن نظرت المحكمة العليا مرتين في أوضاع غوانتانامو أحرجت خلالهما بشدة الرئيس بوش، ففي العام 2004 أكدت ضرورة وجود وسيلة يحتج بها المعتقلون على احتجازهم. وفي العام 2006 قضت المحكمة بعدم شرعية المحاكم الاستثنائية، وإثر ذلك لجأ بوش إلى الكونغرس حيث كان الحزب الجمهوري يتمتع بالأغلبية قبل الانتخابات الأخيرة ومرر قانونا يسمح بإنشاء المحاكم الخاصة الجديدة. وقد أعرب متحدث باسم البيت الأبيض عن ثقته في موقفه القانوني، وقال إنه لا يعتقد أن نظر الطعون في هذه المرحلة ضروري. محاكمات وقد أسقطت هذه المحاكم أوائل الشهر الجاري كل التهم التي وجهت إلى اليمني سالم أحمد حمدان السائق السابق لزعيم القاعدة أسامة بن لادن، والكندي عمر خضر المتهم بالانتماء لتنظيم القاعدة. أما الأسترالي ديفد هيكس فقد أفاد من اتفاق توصل إليه مع الادعاء العسكري في مارس/ آذار الماضي اعترف بموجبه بالذنب وأعيد إلى بلاده لقضاء مدة عقوبة السجن تسعة أشهر. وحسب آخر التقديرات يحتجز حاليا في غوانتانامو نحو 380 سجينا بتهمة الانتماء لتنظيم القاعدة وطالبان بينهم مصور الجزيرة سامي الحاج. ومنذ أكثر من خمس سنوات يعاني سجناء غوانتانامو أوضاعا مأساوية، وكشف المفرج عنهم عن أنواع التعذيب والمعاملة السيئة التي تعرضوا لها. ورغم ضغوط الحكومات والمنظمات الحقوقية الدولية ترفض واشنطن إغلاق المعتقل أو منح المحتجزين حقوق أسرى الحرب لكنها أعادت  العشرات إلى بلادهم.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 28 جوان 2007 نقلا عن وكالات)

أميركا تُـبـقـي الطعام الحلال باتفاق بيانات الركاب مع أوروبا

 
سيد حمدي- باريس نجح الأميركيون في إبقاء المعلومات الخاصة بوجبة طعام المسلمين ضمن اتفاق أمني جديد يبدأ العمل به أول أغسطس/ آب القادم. ويقضي اتفاق واشنطن المبرم مع الأوروبيين بالحصول على معلومات شخصية عن المسافرين القادمين إليها، وذلك في إطار ما يعرف بالحرب على الإرهاب. وتوصل الطرفان بعد مفاوضات شاقة أول أمس إلى اتفاق حل وسط يتم اعتماده اليوم في اجتماع ممثلي دول أوروبا الـ27 بمقر المفوضية الأوروبية بالعاصمة البلجيكية بروكسل. وأعربت فرنسا وكبرى الدول الأعضاء في الاتحاد عن ارتياحها لإبرام الاتفاق الجديد الذي تغلب على العقبات القانونية التي تعرض لها في نسخته الأولى. 19 معلومة ويعد الاتفاق الجديد الثالث من نوعه ويحل بديلا لاتفاق وسيط جرى التوصل إليه العام الماضي وينتهي العمل به نهاية الشهر القادم. وأوضح بيان صادر عن المفوضية الأوروبية حصلت الجزيرة نت على نسخة منه أن الإتفاق الجديد يتضمن « الاقتصار على تمرير 19 معلومة شخصية متعلقة بالمسافرين إلى الولايات المتحدة عوضا عن 34 معلومة في الاتفاق السابق ». ومن بين المعلومات التي يتم تزويد الأميركيين بها نوعية الأطعمة المفضلة التي يطلبها المسافر من وكالة الأسفار خاصة وجبة الطعام الحلال التي يطلبها قطاع عريض من المسافرين المسلمين. وتحتوي القائمة كذلك رقم البطاقة المصرفية والعنوان البريدي والإلكتروني ومسار المسافر في رحلته قبل الإقلاع إلى المطارات الأميركية. وتمكن الأميركيون في مقابل تقليص حجم المعلومات المطلوبة من الظفر ببند خاص ينص على « الاحتفاظ بالمعلومات طيلة 15 عاما بدلا من ثلاثة أعوام ونصف في الاتفاق السابق. الفراغ القانوني وامتدت نجاحات واشنطن في مواجهة بروكسل لتشمل توسيع الجهات الأمنية الأميركية التي تتمتع بصلاحية الاحتفاظ بهذه المعلومات. وأظهر بيان المفوضية الأوروبية أن بطاقات المعلومات محل الاتفاق التي تعرف بالحروف الأولى (بي إن آر) ستكون في متناول كل الوكالات المرتبطة بوزارة الأمن الداخلي مثل وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) والمباحث الاتحادية (أف بي آي)، علماً بأنها كانت قاصرة في السابق على مصلحة الجمارك فقط. وكانت محكمة العدل الأوروبية أصدرت قرارا في وقت سابق العام الماضي يقضي بعدم شرعية بنود الاتفاق الأول نظرا لتناقضه مع القوانين الأوروبية. ولجأت بروكسل وواشنطن في أعقاب ذلك إلى إبرام اتفاق ثان وسيط ينتهي آخر يوليو/ تموز القادم، تحاشيا للفراغ القانوني الناجم عن قرار المحكمة الأوروبية.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 29 جوان 2007)  

السفارة المصرية في بريطانيا تقيم عزاء وجثمان الراحل يعود غداً الى القاهرة …

لندن تفتح تحقيقاً قضائياً في وفاة أشرف مروان

 
القاهرة – الحياة     في وقت فتحت السلطات البريطانية تحقيقاً في ملابسات وفاة رجل الاعمال المصري الدكتور اشرف مروان، أقام السفير المصري في بريطانيا جهاد ماضي مساء أول من أمس عزاء للراحل المتزوج من منى عبد الناصر كريمة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والذي عُثر عليه ميتاً أمام منزله الأربعاء. وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية أن العزاء حضرته مجموعة من أصدقاء مروان وأعضاء السفارة وعدد من أفراد أسرته، إلا أنها لم تشر إلى ما إذا كانت أرملته حضرت أم لا. وكانت السيدة منى وصلت إلى لندن يرافقها نجلها جمال حيث تقوم بإنهاء إجراءات تسلم جثمان الراحل. من جهة أخرى، قالت مصادر قريبة من أسرة مروان إن جثمانه من المفترض أن يعود إلى القاهرة غداً (الأحد). وافادت وكالة فرانس برس ان محكمة في لندن فتحت امس الجمعة تحقيقاً قضائياً حول وفاة أشرف مروان في ظروف مشبوهة. وأطلق القاضي بول ايه. نابمان من محكمة وستمنستر (وسط لندن) هذا التحقيق القضائي في اثناء جلسة قصيرة تم ارجاؤها إلى 15 آب (أغسطس). والتحقيق القضائي عملية محددة في انكلترا وويلز لتحديد أسباب الوفاة في حال حصولها في ظروف عنيفة أو غامضة. ومن دون التطرق إلى أسباب الوفاة، أوضح القاضي نابمان أن أحمد مروان المقيم في القاهرة تعرّف على جثة والده أشرف المولود في الخامس من كانون الثاني (يناير) 1944 في العاصمة المصرية، في مشرحة وستمنستر. وقال القاضي إن مروان (63 عاماً) كان متزوجاً ويعمل في القطاع المالي. وأشار بعض المعلومات إلى أن مروان قد يكون «سقط» بعد ظهر الأربعاء من شرفة منزله الكائن في الطابق الرابع من كارلتون تراس هاوس القريب من سانت جيمس بارك في حي فخم في وسط لندن. وقالت شرطة سكتلنديارد انها تتعامل مع هذه الوفاة على انها «غامضة». وسرت اشاعات مفادها أن مروان «سقط أو انتحر عبر القاء نفسه من شرفة منزله». وتحدثت وسائل إعلام مصرية عن احتمال وجود عملية قتل. وأشرف مروان الذي ولد في عائلة بورجوازية مصرية، متزوج من منى، الابنة الاكبر للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر. وله ولدان، جمال وأحمد، وكلاهما يعمل في قطاع الاعمال. وزعمت وسائل إعلام إسرائيلية أن مروان كان عميلا لجهاز الاستخبارات الاسرائيلية (موساد) في اثناء حرب تشرين الأول (اكتوبر) 1973، بينما قالت مصادر أخرى انه كان «عميلاً مزدوجاً». وبحسب الصحافة الاسرائيلية، فإنه عرض خدماته على اسرائيل اعتباراً من 1969 عبر التوجه إلى السفارة الاسرائيلية في لندن. وقد تكون السفارة رفضت عرضه في بادئ الأمر ثم جنده جهاز «موساد» لاحقاً. وأثارت وفاة مروان موجة من التساؤلات لدى الصحف المصرية، خصوصاً أنها ليست الحالة الأولى من نوعها – الوقوع من شرفة – لمصريين في لندن. إذ كان أول هذه الحالات الليثي ناصف مؤسس قوات الحرس الجمهوري في العهد الناصري (1973)، ثم علي شفيق مدير مكتب المشير عبدالحكيم عامر (1977) والفنانة سعاد حسني (2002).
(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 30 جوان 2007)

 

 

فلسطيننا بدون يافطــات

 
د.خــالد الطــراولي
أنا العربي الملقى على ضفاف نهر القهر والاستبداد، أنا العربي المفترش أرض الفشل والهزيمة، الملتحف عراء وفقرا وزمهريرا…أنا العربي القابع بين قوسين، قوس العدم وقوس الفناء… أنا العربي الذي فطموني عن حليب الأجداد وأرضعوني ذلا وهوانا واستجداء وحصيرا…نظرت يمنة ويسرة من حولي حيث بحر الظلمات يلفني، فاستبشرت خيرا أن أرض العماليق أضحت أرضي، وعمالقة الأرض أهلي… وعاد الأمل المفقود والوعي المنشود والحلم الطائر على أجنحة الضباب… حياتي أضحت حياتهم، قضيتي أصبحت ترابا غير ترابي، وبلدا غير بلدي… سكنت فلسطين هاجسي، أصحو على فلسطين وأمسي على فلسطين، أغدو بها وأروح ولا تغادر جعبتي، لا تغادر وجداني، لا تغادر كياني! تلك هي فلسطين، بعثتني من موتتي، جعلتني أرنو إلى المستقبل بدون قفازين بدون خيبة وإحباط، جاءتني على طبق من ذهب، ظننتها تحتاجني في صعودها الأبدي، ظننت نفسي أن فلسطين بدوني تكون هباءا منثورا، خلت أن فلسطين تحتاج إلى تنديدي واستنكاري، إلى غضبي وطول لساني، إلى ضربي الطاولة بمجمع كفي، حسبتها تحتاج أن أزعم مغادرة المجالس صائحا غاضبا مولولا محذرا والحياء يملأ وجنتي، ظننت أن فلسطين تحتاج إلى زفراتي إلى تنهداتي، إلى آهاتي… كنت أظن أن ليس لفلسطين وجود بدوني… حتى نظرت يوما في المرآة على عجلة من أمري فرأيت صورتي بلا مساحيق بلا ديكور، وجدتني أتأرجح على حبل سميك من اليأس والإحباط والهزيمة والفشل، بحثت عن نفسي فلم أجد غير هذه الصورة العارية الفاضحة لحالي… بحثت عن منفذ فلم أجد غير الكبالات والأزقة الضيقة والجدران السميكة من حولي…أغلال وسلاسل، وأسوار شاهقة وقضبان و أبواب من حديد وأسترة من نحاس… بحثت عن منقذ، ورفعت عقيرتي عاليا فلم أر غير الصحراء ترافقني وغير الصدى يحرص على إجابتي، ولم يعر صياحي أحد من حولي.. فناء وعدم، ووجدت فلسطين تمد يدها لي، ترّبط على كتفي، وتبتسم لحالي…احتجت إلى فلسطين في عشقي وفي عبادتي، في حبي وفي عداوتي، في وقوفي وفي مقاومتي، في إنسانيتي، في مواطنتي …وفي كرامتي… احتجت إلى فلسطين كل فلسطين، بذكورها وإناثها، بشبابها وشيوخها، برجالها ونسائها، بهضابها ومنحدراتها، بأرضها وسمائها، بأمواتها وأحيائها،…بفتحهــا وحماسهــا… بكل ذرة من ترابها! فلسطين التي نريد بدون أقنعة، بدون سواد، بدون يافطات سوى يافطات العز والكرامة والوقوف. ناديت عن الجميع وأنا في مغارتي وأمام مرآتي، احتجت إليك يا فلسطين فلا تسقطي غصن الزيتون من يدي، لاتحبسي حمامة السلام والأخوة عن مخيلتي، لا تسقطي عني ستري وأملي، لا تعبثي بأحلامي وآمالي… إن تعريتِ تعرينا، وإن سقطتِ سقطنا، وإذا انتهيتِ انتهينا، وقوفك وقوفنا، وحدتك وحدتنا وأهلك جميعا أهلنا.. فلسطين، فلسطيننا!  
المصدر: موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net


هزيمة الفكر والمفكر

 

 
بقلم: عادل لطيفي (*) ليس أدل على انهزام الفكر والمفكر في العالم العربي من ذلك السيل الهائل من الرموز التي تملأ وسائل الإعلام، وتعد الخبز اليومي للمواطن في شارع غدا مرتعا للرداءة. لنا أن نقارن بين حمى ستار أكاديمي التي وصلت شعبيتها حد سقوط ضحايا قتلى، وبين الوضع البائس للكتاب سواء ضمن الحياة اليومية للمواطن العربي أو في وسائل الإعلام، وذلك كي نقف على البعد الرمزي لتهميش الفكر والمفكر. استفحال الحروب الأهلية وعودة المجتمع إلى الأطر المحلية والعشائرية، كلها مؤشرات هامة على هزيمة الثقافة العليا النوعية التي بشرت في فترة ما ببناء قومي أو وطني متماسك. أتحدث هنا عن هزيمة بالمقارنة مع فترة كان فيها الفكر أكثر حضورا، ولو أنه طغى عليه البعد الأيدولوجي. كانت تلك فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي حيث ساهم الفكر القومي واليساري في فتح أفق المواطن العربي. لقد ساهم تراجع الإيديولوجيا في تراجع الفكر كنشاط معرفي مستقل، وهو ما ترك المجال واسعا للدين لتعبئة هذا الفراغ. هنا نفهم كيف أخذ الداعية مكان المفكر، وكيف طغت مسألة الهوية الثقافية على مسألة الهوية السياسية والاجتماعية للأفراد. لكن تحليل مؤشرات هذه الهزيمة يتطلب العودة إلى رصد بعض الأطر النظرية لتوضيح مدى تعقيد مسألة الفكر والمفكر. فكيف يمكن أن نعرف المفكر؟ وهل يوجد الفكر الذي يحتاجه العالم العربي فعلا، أم أنه لا يزال مشروعا في طور البناء؟ الإطار النظري لإشكالية الفكر لا بد من استحضار بعض المعطيات التي تساعدنا على توضيح تصورنا لهذه الإشكالية: ويتمثل المعطى الأول في اعتبار التفكير نشاطا معرفيا، أي في النهاية وسيلة لتأسيس الوعي. فالفكر هو نشاط ذهني استدلالي حر، والمثقف بالتالي ذات مفكرة تبادر بمساءلة موضوعها بشكل حر. وهو من هذه الناحية يختلف عن قوى المجتمع الإنتاجية الأخرى من خلال نوعية المنتوج الذي يوفره للمجموعة، أي المنتوج الفكري غير المادي، وهو رأسمال رمزي. لكن المفكر النوعي يضيع في ظل هذا التعريف الذي يشمل أشخاصا وفئات تفكر بدورها ولكن لتبرير السائد والموجود دون عناء المساءلة والبحث. ولن يكون هناك تمايز عن هذه الفئة المحافظة إلا إذا حملت عملية التفكير لديه شيئا من الخصوصية المتمثلة في اعتبار تأسيس الوعي بالذات وبشروط وجودها هدفا نهائيا للإنتاج الفكري. مثل هذا المشروع مرتبط كذلك بمدى توفر بعض العناصر، لعل من أهمها حرية التفكير، وهي حرية حسب اعتقادي تواجه سلطة الدولة وسلطة الإيديولوجيا وكذلك سلطة المجتمع. بدون هذا الشرط لا يمكن تصور فكر إبداعي قادر على إنتاج معرفة مؤسسة للوعي بالذات. والمقصود بالحرية هنا التخلص من كل العوائق الإبستيمولوجية التي قد تفقد العمل المعرفي موضوعيته، سواء أكانت عوائق مرتبطة بالذات نفسها أو بالمجتمع أو بالسلطة السياسية القائمة. لكن التفكير يبقى غير ذي جدوى إذا اقتصر على كونه نشاطا تخمينيا لا يتجاوز إطار الذات المفكرة، بل لا بد من تحويل هذا المجهود إلى قيمة معرفية واجتماعية يمكن تداولها. وهذا ما يحصل للأسف في العالم العربي حيث أصبح تخمين المثقف وانغلاقه على ذاته حيلة من حيل التهرب من مواجهة الواقع وما يتطلبه من مواجهة شفافة مع الذات. فلا بد للمثقف من الخروج من دائرة الرقابة الذاتية وتحويل مجهوده إلى وعي عملي من خلال تواصله مع الواقع الاجتماعي أي مع التاريخ. إننا اليوم نستغرب انزواء بعض الكتاب وكأنهم اقتنعوا بهزيمتهم أمام مد الرداءة والفكر السياسي الديني. المعطى الثاني يتمثل في ضرورة تناول المجتمع أي الفضاء الرئيسي لفعل الفكر باعتباره فضاء للتاريخ تحكمه قوانين التنوع والارتباط والتطور. ومن هذا المنطلق لا بد للعملية الفكرية كنشاط معرفي من أن تتم داخل حركية المجتمع ومواكبة لحركة التاريخ. ودون ذلك سنجد أنفسنا في مواجهة إيديولوجيا محافظة وسيكون التفكير مجرد سجن للعقل. إن حيوية المجتمع باعتباره نظاما متكاملا، تبقى متوقفة على مدى تنوع عناصره المكونة له والتي تسمح له بسرعة التفاعل مع المحيط، أي التطور وتفادي الركود والاندثار. يجب على الفكر أن يعكس هذا التنوع ويهيئ المجتمع على مستوى الوعي بتنوع الذات وبالتواصل مع المحيط أي مع الآخر. وعلى العكس من ذلك تهيمن في العالم العربي ثقافة منافقة تدور حول مفاهيم التجانس والإجماع وخصوصية الذات. هذه هي إيديولوجيا السلطة الحاكمة وكذلك إيديولوجيا الحركات الإسلامية التي لا تختلف عنها كثيرا. لقد أضحى المجتمع معها صورة كاريكاتورية لذاته الحقيقية. أما المعطى الثالث فيتمثل في تنزيل المفكر في سياق تطور تاريخ الفكر عموما. فنحن نبقى غير قادرين على تحديد قيمة إنتاج فكري ما إلا بالنظر إلى موقعه من تطور وتراكم التجربة الفكرية للإنسانية. فقيمة التفكير تبرز من خلال القدرة على طرح الأسئلة الصحيحة المدعمة للنسق المعرفي العقلاني العام. إذا أخذنا بعين الاعتبار جملة هذه المعطيات يمكننا تحديد مجال نشاط المفكر على أنه تأسيس الوعي عبر التفكير الحر والعقلاني. هذا الوعي تنتجه المعرفة (مثل العلوم الصحيحة والعلوم الاجتماعية) كما تنتجه الفنون والآداب. والقصد هنا هو الوعي بالذات كشكل من أشكال إدراك الواقع عبر التساؤل الدائم الضامن لتاريخية الفكر. واقع الفكر بين تقليدية المجتمع وسلطة الدولة سنتناول موضوع واقع الفكر العربي من وجهتين، تتمثل الأولى في الواقع الاجتماعي، أي طبيعة الإطار الاجتماعي العام لفعل المفكر، ثم من جهة ثانية إطار السلطة السياسية القائمة. يبقى المجتمع العربي بصفة عامة مجتمعا تقليديا (بالمفهوم الأنثروبولوجي للكلمة) وذلك رغما عن مظاهر التحديث التي أصبحت تحكم الحياة اليومية. فالعقلية المهيمنة هي عقلية تعتمد تفضيل المسلَّمات على البحث في مشروعية الموجود. ويمثل ذلك عقبة رئيسية أمام الفكر حيث إن غياب الاستعداد الذهني للمجتمع لتقبل أية دعوة نحو البحث والشك فيما هو قائم، تعني رفض المتقبل لأية رسالة. كما تتميز البنية الفكرية للمجتمع العربي بالحساسية تجاه التنظيم المؤسساتي، إذ يفضل العربي ربط السلطة بشخصية كاريزمية أو برمز ما يضمن ديمومة النظام على حساب تجسيدها في شكل مؤسسة. ومن شأن مثل هذا الوضع أن يحدّ من فرص نجاح أي مجهود ثقافي جاد، فالشخصنة تلغي التوجه نحو إيجاد صيغة جديدة أو إطار جديد لتنظيم العلاقات الاجتماعية والسياسية. وتتميز هذه العقلية كذلك برفض التنوع وتفضيل التجانس، أي أن فرص طرح أي نموذج غريب على ما هو سائد تبقى ضئيلة جدا. فكل توجه نحو التجديد يشكك في الأسس التي أقام عليها المجتمع وجوده. وإضافة إلى مشكل التركيبة الذهنية تبرز عوائق أخرى ذات طابع اقتصادي واجتماعي. فصعوبة الظروف المادية للمجتمع وانتشار الفقر ومحدودية فرص الشغل جعلت من الدولة الضامن الرئيسي للحصول على الوظائف، وهذا ما مكنها من الإشراف على شبكة من العلاقات الزبونية تحشر داخلها المفكر أو تهمشه. من جهة أخرى دخلت المجتمعات العربية خلال العقود الأخيرة وبشكل فجائي مرحلة اقتصاد السوق بكل ما يعنيه ذلك من تحويل الاهتمام الشعبي نحو المسائل الاستهلاكية اليومية. وقد أفرز هذا الوضع نفورا من القضايا الثقافية والفكرية، باعتبار المال والأعمال هما لغة العصر ومقياس النجاح الاجتماعي. وهناك مشكل آخر مرتبط بالتطور التاريخي الاجتماعي للعالم العربي خلال الفترة المعاصرة. فخلال الحقبة المذكورة لم يفرز التاريخ العربي طبقة اجتماعية نافذة وفاعلة على المستوى الاقتصادي وقادرة على تبني مشروع مجتمعي بديل، يخدم بالضرورة مصالحها. فالفئات الفاعلة اجتماعيا بحكم موقعها المتميز في الهرم الاجتماعي هي في الأصل عائلات عريقة منذ القرن الماضي أو هي فئات تكونت حديثا من خلال استفادتها من الانفتاح على اقتصاد السوق وتكوين ثروات في زمن قياسي. وفي كلتا الحالتين يمثل المجتمع بتقليديته الفكرية والدولة بمحافظتها السياسية دعامة لهذه الفئات كما تمثل هي بدورها أساسا ماديا لتواصل الهياكل الاجتماعية والسياسية السائدة. مثل هذه البنى الهيكلية للمجتمع العربي تهمش الفكر والمفكر. أي أن وجود المفكر العربي لا يعبر عن وجود حاجة اجتماعية تعطيه شرعية داخلية. هذا ما حصل خلال عقود خلت مع العلامة ابن خلدون، حيث كان فكره رياديا على المستوى المعرفي، لكنه في قطيعة تامة مع مغرب الفتن وانحصار مراكز التمدن. لقد انتظر هذا الرمز القرن التاسع عشر ليظهر فكره تلبية لحاجة ماسة في الغرب. وعلى مستوى السلطة السياسية القائمة في البلدان العربية، يلاحظ أنه بالرغم من الاختلافات التي أفرزها التطور التاريخي المتباين للبلدان العربية فإن الأسس التي تقف عليها السلطة مهما اختلفت الأنظمة تظل واحدة. فالهياكل السياسية القائمة تبقى تقليدية وموروثة رغما عن مظاهر الحداثة التي تبدو واضحة أحيانا على مستوى تقنيات الإدارة والتسيير والتنظيم. وتلتقي في ذلك هياكل المجتمع التي أشرنا إليها مع تركيبة الدولة، حتى إنه يمكن القول إن السلطة تستمد الكثير من شرعية وجودها من الخصائص التقليدية للمجتمع. فأغلب الهياكل السياسية في العالم العربي تعكس نفس التنظيم الأسري التقليدي من حيث الانفراد المطلق لرمز النفوذ -أي الأب- بسلطة القرار. وهذه الخاصية الموروثة جعلت الدولة في العالم العربي تنفي أي دور ممكن للمجتمع -من خلال قواه الحية ومن بينها المثقفون- في المساهمة ولو بطريقة غير مباشرة في الحياة العامة للأفراد. فهذه الدولة احتكرت لنفسها حق التفكير للمجتمع. ويمكننا أن نذهب أبعد من ذلك لنقول إن هذه الهياكل السلطوية تتعمد تهميش الخطاب الفكري النوعي كي لا ينكشف ضعف خطابها حول الوطن والمجتمع. لكن نقطة التعارض الأساسية بين هياكل الدولة العربية واحتياجات الفكر تتمثل في مسألة الحرية. فشروط المفكر لضمان نوعية فكره الإبداعي الحيادي -أي الحرية والاستقلالية- هي في نفس الوقت عناصر تهدد شرعية السلطة القائمة. وانتصار شرعية هذه السلطة يمثل أحسن تجسيد لهزيمة الفكر في السياق العربي زمن تجربة الاستقلال. إن الاقتصار على نقد السلطة والمجتمع لا يفي حسب رأيي بمتطلبات النقد المعرفي المنهجي لوضع الفكر والمفكر في الإطار العربي. فمن باب الموضوعية توجيه النقد والاستقصاء إلى الحقل الفكري ذاته. في هذا الإطار يجب التمييز بين ثلاثة أصناف من المفكرين يهيمنون حاليا على الساحة. الصنف الأول يتمثل في بعض الوجوه المرتبطة بالسلطة، وهي لا تفكر خارج الحيز الذي تسمح به الدولة القائمة. وأعتقد أن اللبراليين العرب هم من ضمن هذه الفئة. الصنف الثاني يتمثل في المفكرين الإيديولوجيين من قوميين ويساريين. وبالرغم من ثورية رؤيتهم للواقع فإن طغيان الإيديولوجية على المعرفة في خطابهم زاد من عزلتهم وولد لديهم نوعا من المحافظة. أما الصنف الثالث فيتمثل في الكتاب الإسلاميين الذين استفادوا من تراجع الإيديولوجية الوضعية ليطرحوا مكانها الإيديولوجية المقدسة. وهذه الصبغة المقدسة بالذات هي التي تعد أكبر خطر على الفكر. لسنا في حاجة في العالم العربي إلى مفكر إيديولوجي يساري أو قومي على الشاكلة الكلاسيكية، وبنفس القدر فنحن لسنا بحاجة إلى دعاة ووعاظ لنشر خطاب فضفاض يؤدي حتما إلى زعزعة الثقة في المقدس، بل نحن في حاجة إلى فكر قادر على تأسيس ثقافة عليا نوعية تؤسس لفهم عقلاني للذات وللآخر. ذلك الفكر الحر المواكب للحاجات التي يطرحها الواقع الاجتماعي بعيدا عن تأثير الإكراه أو الإغراء. فالمفكر الحر هو الضامن لإنتاج التاريخ والمستقبل، وما عودتنا العاطفية والانفعالية إلى الماضي سوى مثال آخر على هزيمة الفكر وطغيان الإكراه والرداءة. (*) كاتب تونسي (المصدر: ركن « المعرفة » بموقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 29 جوان 2007)

 

وجهة نظر أخرى في «الغضب الإسلامي »

 
رضوان السيد (*) 
     جاء وصف الظواهر العنيفة في الإسلام المعاصر بأنها «غضبٌ إسلامي» أول ما جاء في مقالة لبرنارد لويس مطلع التسعينات من القرن الماضي. ثم خاض لويس في مقالته تلك، وفي كتبه اللاحقة مثل: «كيف حدث الخلل؟» و «أزمة الإسلام» في التعليل لذلك الغضب فأعاده لأسباب تاريخية ونفسية اقترنت فأحدثت توتراً تحول الى خلل نتيجة فشل أنظمة الحكم أو التجربة السياسية العربية الحديثة. السبب التاريخي أمجاد الإسلام العظيمة في العصور الوسطى المبكرة والمتأخرة والتي جعلت من المسلمين أسياداً بالمعنيين الحضاري والعسكري. لكن على مشارف الأزمنة الحديثة اندلع النهوض الأوروبي، واندلعت الإمبريالية الأوروبية فالغربية. وتحت وطأة المواجهة التي خاضها العرب والمسلمون مع الإمبرياليين الهاجمين طوال القرنين الماضيين بل القرون الثلاثة، أفضى الفشل المتمادي من جانب السلطات والمجتمعات في ذلك الصراع الى تكوُّن «باتولوجيا» كرهت نفسها وغيرها، وما يحدث من عنف منذ عقود من جانب العرب والمسلمين (باستثناء تركيا) في الداخل والخارج تعبير عن الحالة الباتولوجية التي عانت منها الشعوب الإسلامية لعجزها عن النهوض، وعجزها عن المواجهة وعجزها أخيراً عن التلاؤم والاستيعاب واجتراح المخارج من مثل ما فعل الصينيون والآن الهنود… والى حد ما الأتراك. أراد برنارد لويس في الأصل من وراء وصف «الحالة» بالغضب بيان أنها ليست حالاً تكوينية أو تاريخية. لكنه عندما حوَّلها الى باتولوجيا أو حال نفسية مَرضية وقع في خطأ ليس أقل فداحة، بل وأضاف الى فضائله تلك ما نُسب إليه من نصائح الى إدارة بوش قبل واقعة 11 أيلول (سبتمبر) 2001 وبعدها بغزو العراق وكسر العرب (استناداً الى خبرته مؤرّخاً في ماضيهم وشخصيتهم!) توصلاً لإخماد عنفهم واستئصال مرضهم المزمن! وبين يدي كتابٌ حديث الصدور للباحث معتز الخطيب بعنوان: «الغضب الإسلامي، تفكيك العنف: دراسة نقدية» (دار الفكر، 2007)، يمثّل وجهة نظر نقدية في خطاب العنف وتفسيراته وتأويلاته بين الدارسين الغربيين والعرب. ومع أن معتز الخطيب يأبى بوعي الرجوع الى التاريخ أو النصوص في مسألتي العنف والحرب، لكي لا يصبح تأصيلياً بطريقة معاكسة لطريقة برنارد لويس، فإنه يستعرض المسألتين في الأدبيات الفقهية الوسيطة، وأفهام المسلمين المُحدثين المسيَّسين وغير المسيَّسين لها. ففي القرآن نصوص في الجهاد الدفاعي والآخر الهجومي. والفقهاء يقسمون العالم الى دار إسلام ودار حرب، ويروحون يذكرون وصايا الرسول (صلى الله عليه وسلّم) وأصحابه في إنسانية الحرب بقدر الإمكان، واعتبارها ضرورة وليست خياراً تاريخياً أو نصياً. لكن معتز الخطيب واضح في التفرقة بين النصوص والتعاليم والمبادئ من جهة، والسلوك الحربي أو السلمي للدول الإسلامية الوسيطة، والذي يتخذ من «المصلحة» دليلاً بغض النظر عن النصوص والوصايا. وأود أن أُضيف هنا ومن باب الكشف والبيان أن جمهور الفقهاء ومنذ القرن الثاني الهجري والى نهايات العصور الوسطى ظلوا يعتبرون «الجهاد» دفعاً للعدوان أو خوفه، كما ظلوا يعتبرون العالم وحدة واحدة، أما التقسيم فهو تقني وفقهي وليس إيذاناً باستمرار الحرب ما استمر الكفر، كما ذهب الى ذلك بعض المستشرقين وبعض المسلمين المعاصرين المتطرفين. وقد ذكرت هذا الأمر اختلافاً مع مقدّم الكتاب الدكتور طارق البشري، ومع المؤلف معتز الخطيب الى حد ما. إذ ان الأستاذ البشري يضع على كاهل الظروف والسياقات الجائرة صيرورة الإسلاميين المعاصرين المتشددين الى اختيار نصوص الجهاد الهجومي، واجتهادات دار الكفر والحرب. وسياقات الإمبريالية والجَور والسياسات الدولية تبرر العنف في مواجهتها بالفعل، لكنها لا تبرر التكفير (لتحويل الجهاد الى عنف داخلي)، كما لا تبرر الانتحاريات. إذ ان الفقهاء الأوائل فسّروا الجهاد القرآني بالفعل، وحروب الصحابة بجهاد الدفع، أو انهم حددوا الجهاد الواجب بهذه الطريقة. لذلك لا بد من ضم أمور أخرى في التعليل الى جانب «السياقات»، وهي تتمثل من وجهة نظري في ثلاثة أمور: النزعة التأصيلية لدى المتشددين بالعودة الى بعض النصوص فقط مقطوعة عن سياقاتها (أسباب نزولها)، وعن منظومات الفقهاء، وأن أولئك المتشددين إنما هم انشقاقات دينية واجتماعية في داخل الجماعة وليس حركات تحرير أو نهوض، ولذلك فإن الأمر الثالث يتمثل في أن عودة هؤلاء الى النصوص أو التاريخ إنما هي عودة رمزية أو شعائرية المقصود بها تسويغ السلوك المقرر لدى الجماعة المقاتلة (في نظر نفسها وليس في نظر الجمهور)، وليس النظر للتوصل الى حكم قياسي أو إجماعي. والواقع أن المؤلف الذي يتحدث عن «المصالح» في حروب المسلمين الوسيطية، لا يستطيع تبرير عنف «القاعدة» بالسياقات فيسميه جهاداً عبثياً، في حين يستخف بأطروحة الجهاد المدني (القاطعة مع المفهومين القديم والراديكالي المعاصر)، في حين أن تعليلها بالسياقات أوضح وأصرح! ويقدم المؤلف معتز الخطيب قراءة جديدة بالفعل لفكر قطب وسياقه التاريخي. لكن المراجعة على أساس السابق واللاحق من الكتابات لا تخدم غرضه كثيراً. فسيد قطب أشد راديكالية في «معالم في الطريق» (وهو آخر كتبه تقريباً) من سائر كتاباته في الخمسينات. وقد أُعدم الرجل عام 1966، ولسنا ندري ماذا كان يمكن أن يرى لو قرأ ما كتبه صالح سرية أو محمد عبدالسلام فرج أو عمر عبدالرحمن. والأحرى هنا أن نتأمل الفروق ليس قياساً على صيرورة الشافعي الى مذهب آخر في مصر في أُخريات حياته، بل أن نفهم لماذا خالف الشافعي سائر شيوخه وفقهاء عصره في اعتباره الكفر علّة للجهاد، وليس دفع العدوان! ويتقدم الباحث خطوات واسعة في القسم الثاني من كتابه الذي يحمل عنوان: «الإسلام والإرهاب». إذ يقرأ قراءة تفكيكية مقولة ربط الإسلام بالإرهاب، وهو يستعرض النماذج التفسيرية: الدينية والثقافية والسياسية والاستراتيجية والفلسفية، ولا شك في أن نقده للتفسيرين الديني والثقافي مُحق ومُقنع. وأهم ما فيه أنه لا يقصد الى مجرد الإدانة، ومن ناحية أخرى لا يلجأ الى التبرير والاعتذاريات. من عنف شعائري ضد خصومها؟! لكن إذا ذعرنا هذا المثال لأن حماساً تمثل نصف المجتمع الفلسطيني، فلننظر الى ما يحدث في شمال لبنان في مخيم نهر البارد. فباسم الإسلام اجتمع بضع مئات من المسلحين تحت اسم «فتح الإسلام» وراحوا يقتلون ويتقاتلون مع الجيش اللبناني، ومن دون بيان أو دعوة وباستماتة غير معروفة حتى في انتحاريات «حماس» الحماسية ضد الإسرائيليين المحتلين! نستطيع القول بالطبع، كما كتبتُ مراراً، ان النظام السوري سلّح هؤلاء ودرّبهم لنشر الاضطراب في لبنان. لكن من أين أتت هذه الاستماتة من دون هدف معلن أو مستسرّ؟! وهل يرجو هؤلاء دخول الجنة بهذه الطريقة، أم يرجون أن يكونوا رأس حربة عند النظام السوري الذي يهدف الى إقامة نظام للخلافة وإمارة المؤمنين في لبنان؟! لا هذا ولا ذاك، وإنما هو انشقاق في قلب الإسلام تطور إليه الإحياء الإسلامي، ولا بد من فهمه على هذا النحو أو لن نستطيع أن نفهم هذا العنف الضاري الذي ما عاد ممكناً تعليله بكراهية اليهود أو الأميركيين! ولأنه انشقاق فإن عدوّه الأول داخلي، ولذلك كانت أكثر معاركه خلال العقود الماضية داخلية. وعندما أراد المسيَّسون من قادته إعطاء انطباع عن أنه حركة معادية للهيمنة، أو لتحرير فلسطين، صرتُ بحكم التكوين الديني، وبحكم شبه الإبادة التي تعرضت لها أُسرتي في الحرب الأهلية بلبنان، تؤثر فيّ التعليلات النظرية للعنف أكثر مما يؤثر العنف ذاته. ولذلك فقد رُوّعت لكتابي «معالم في الطريق» لسيد قطب، و «الفريضة الغائبة» لعبدالسلام فرج. وكثيراً ما تناقشت مع أستاذينا محمد البهي وعبدالحليم محمود لماذا كتب هذين الكتابين مصريان، وليس أحد الإسلاميين الفلسطينيين أو السوريين أو حتى أحد السلفيين المتمردين على السلفية المتحالفة مع الدولة؟! لكن عندما راقبت في ثمانينات القرن العشرين ظهور «مجتمع جديد» منفصل في داخل المجتمعات العربية، انصرفت عن تشبيه الثوار الإسلاميين بثوار المدن في ألمانيا وإيطاليا واليابان في السبعينات. فالعنف الجديد في المجتمعات العربية والإسلامية الأخرى عنف ديني، وهو يحظى بالقبول أحياناً وبالاستحسان أحياناً أخرى، والتبريرات السياقية أو السياسية غير كافية لتعليله. إن العنف الإسلامي هو عنف انشقاقي عمودي يخترق أحشاء مجتمعاتنا، بمعنى أن هناك شريحة واسعة من الناس لا تُحسُّ بالانتماء الى هذه المجتمعات وأعرافها وآليات حركيتها وتضامناتها واختلافاتها. وإلا فكيف نفهم ما قامت به «حماس» عنفاً عبثياً بحتاً من دون أن يفقد طبيعته الانشقاقية الأصلية. وقد أضيفت الى مصائبه في الأعوام الأخيرة مصيبة استخدامه حتى من جانب أولئك الذين كان يُعالنهم التكفير والعداء! أراد الأستاذ معتز الخطيب الإسهام في تعقل ظاهرة العنف الإسلامي أو باسم الإسلام، وقد رفض التفسيرات الغربية لها وهو مُحق. لكنني أرى أن حيرة الغرب وخوفه من تلك الظاهرة، ليسا أكثر من حيرتنا وخوفنا. فالداء في الأصل داؤنا والمشكلة مشكلتنا: «والله غالبٌ على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون». (*) كاتب وأكاديمي من لبنان
(المصدر: ملحق « تراث » بصحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 30 جوان 2007)

انقلاب هاديء في قناة الجزيرة

 
بقلم: النجم الثاقب
هل يحدث انقلاب ما في سياسات قناة الجزيرة؟!! هذا ما تخبرنا به الأخبار من داخل كواليس القناة الأكثر تأثيرا في الشرق الأوسط وربما العالم قريباً. داني شختر من (( ميديا تشانل دوت اورغ )) قال في مقاله بعنوان انقلاب موالي للولايات المتحدة في الجزيرة: إن كان هذا حدث بنفس ما قرأنا عنه من أخبار فإن ذلك يعني نهاية إستقلالية الجزيرة الصحفية والتوجه الراهن، كانت إدارة بوش وراء ذلك!! إذاً ماذا حدث؟!! الأخبار حملت إلينا تغييراً جذرياً في شبكة الجزيرة، حيث أصدر تميم بن حمد آل الثاني (( نائب أمير قطر وولي العهد )) القرار رقم 28 لعام 2007 يقضي بتغيير مجلس إدارة القناة أثناء غياب وضاح خنفر المدير العام لشبكة الجزيرة وعضو مجلس إدارة القناة. وضاح خنفر الذي شهدت القناة مع إدارته لها، أكثر فتراتها قوة وتأثيراً، من حرب العراق حيث ذهب وضاح إلي هناك وساهم في إنشاء أول مكتب! لأول قناة عربية هناك، حيث ساهم مكتب الجزيرة العربية في نقل أجواء الاحتلال الأمريكي للعراق.الأمر الذي أزعج الحكومات العراقية المتوالية، حتي أغلق المكتب بأمر من الحكومة العراقية وإيعاز من الحكومة الأمريكية!! كما جاءت حرب لبنان لتعلن الجزيرة العربية أنها صاحبة أكبر تأثير على عقل المواطن العربي، حيث ساهمت في إبراز دور الشعب العربي في دعمه لمقاومة الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية. كما جاءت أخبار صحيفة الديلي ميرور البريطانية التي قالت أن لديها محاضر صحفية موثوقة تؤكد أن الرئيس الأمريكي جورج بوش أبلغ توني بلير رئيس الوزراء البريطاني عن عزم الأول ضرب قناة الجزيرة!! لتثبت التأثير الكبير للقناة الصغيرة الحجم في الدولة الصغيرة المساحة!! وجاء تميز الجزيرة عبر نقلها لأنشطة المسلمين في بريطانيا، والولايات المتحدة، ودعمها لأجندة الإصلاح في العالم العربي الذي يقف ضد الإصلاح الخارجي الذي ميزه الضغط الأمريكي علي حكومات عربية عديدة، حتي جاءت حماس لتعكر المزاج الدولي والأمريكي خاصة. حتي جاء التغيير المفاجيء الأخير!! لكن السؤال: لماذا تم التغيير أثناء غياب خنفر وبأشخاص أصحاب تاريخ مهني مثير للجدل!! القصة بدأت حين زار أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني موفد أمني من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وسلمه ملفين عن وضاح خنفر، الملف الأول وأعدته المخابرات الفلسطينية، والملف الثاني وأعدته المخابرات الأردنية حيث عاش وضاح خنفر في الأدرن كلاجيء فلسطيني وتخرج من أحد جامعاتها. وضاح خنفر، الناشط بحركة حماس التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، وأحد أبرز قيادييها في مكتب حماس في السودان، والذي قاد شبكة الجزيرة نـحو تألق ومهنية اعترف به العالم. أزيح الآن من منصبه واستبدل بحمد الكواري سفير قطر السابق لدي واشنطن!! ووزير الإعلام السابق في قطر. مجلس الإدارة ضم أشخاصاً يحملون تارخياً مهنياً مثيراً للجدل، فمحمود شمام المعارض الليبي عين عضواً في مجلس الإدارة الجديد وهو المسئول السابق للطبعة العربية لمجلة النيوز ويك الأمريكية التي توزع في الشرق الأوسط!! مجلس الإدارة الجديد يرأسه حمد بن ثامر آل خليفه وهو رئيساً لمجلس إدارة القناة منذ إنشائها، وعضوية محمود شمام الصحفي صاحب التوجهات الأميركية، واحمد عبدالله الخليفي وهو عضو منتدب، وله صلاحيات واسعة في الإشراف العام علي القناة إدارياً ومالياً وهي صلاحيات فوق صلاحيات وضاح ! خنفر المدير العام للشبكة (( الجزيرة العربية – الجزيرة الإنـجليزية – الجزيرة الوثائقية – قناة الأطفال – القنوات الرياضية – موقع الجزيرة.نت – مركز أبحاث الجزيرة – مركز التدريب في الجزيرة )) الذي أزيح من عضوية مجلس الإدارة الجديد. المجلس يضم أيضاً ولأول مرة سيدة هي مريم راشد يوسف الخاطر كاتبة صحفية غير معروفة!! ، وحمد بن عبدالعزيز الكواري وهو الذي أوكلت له مهمة إعادة صياغة استراتيجية المحطة الإعلامية الأبرز في الشرق الأوسط. كما يضم المجلس أيضاً عبدالله مبارك الخليفي وزير الإعلام القطري السابق، وعبدالعزيز آل محمود الذي سبق وأن استبعده وضاح خنفر من رئاسة تحرير الجزيرة نت الموقع الرسمي لقناتي الجزيرة العربية والإنـجليزية!! محمد غفاري (( الصحفي المختص بشئون الإعلام )) قال لايجبت برس: أن الملاحظ علي مجلس الإدارة الجديد أنهم لا يملكون أي خبرة كافية في إدارة شبكة كالجزيرة، فحتي الصحفيون منهم كمحمود الشمام يحمل أجندة أمريكية كاملة بلا أية تنازلات وهم صحفيون يجيدون الكتابة فقط!!، أما مريم راشد فهي صحفية لم يسمع عنها أحد في المهنة من قبل!! وباقي الأعضاء إما يحملون أجندة أم! ريكية كاملة كالكواري سفير قطر السابق لدي واشنطن، أو لا يعرفون شيئاً عن الإعلام!! الغريب أن هذه التغييرات الكبيرة والمؤثرة لم تجرٍ إلا بعد أن انتقل إبراهيم هلال رئيس تحرير الجزيرة العربية سابقاً، إلي الجزيرة الإنـجليزية الآن حيث يشرف علي البرامج والأخبار ونائباً لرئيس تحرير شئون الشرق الأوسط بالقناة التي أثارت جدلاً منذ انطلاقها منذ أشهر. كما ان انتقال عمر البيك مسئول وحدة التنسيق في الجزيرة العربية وحسن إبراهيم كبير منتجي الأخبار إلي الجزيرة الإنـجليزية، وعمر العيساوي صاحب اكبر سلسلة أفلام وثائقية في العالم عن الحرب في لبنان وهو وثائقي من 33 حلقة ويعمل الآن منتجاً في أخبار الجزيرة الإنـجليزية، كل أنهوا التوزان السابق بالقناة العربية حيث تحول الفريق المشرف الآن علي الأخبار والبرامج بالقناة إلي العربية إلي فريق فلسطيني كامل!! ويعلق غفاري علي ذلك: بأن الجزيرة الآن ليست جزيرة التاسيس، جزيرة التأسيس الآن هي الجزيرة الإنـجليزية مع فريق إبراهيم هلال وأصدقائه، والقناة العربية في تدهور منذ ان تولي رئاسة تحريرها أحمد الشيخ. جريدة المجد الأردنية صاحبة التوجه الناصري قالت: أن موفداً امنيا من عباس زار أمير قطر وسلمه الملفين، جاء ذلك أث! ناء قيام عدة صحف قطرية بشن هجوم مكثف علي وضاح خنفر متهمة اياه باستبعاده القطريين من الوظائف الإدارية بالقناة. وأضافت الجريدة أنه طبقاً لمصدرها فإنه في الفترة الماضية طالما ظل أمير قطر حمد ين خليفة آل ثاني مظلة لاستمرار خنفر في منصبه إلا أن الضغوط المتكررة عليه من جراء انتماء خنفر فكريا للإخوان لجماعة الإخوان المسلمين وتنظيماً في جماعة حماس، جعله يطلب من نـجله وولي عهده بتشكيل مجلس إدارة جديد أثناء غياب وضاح عن قطر، كما تم تعديل مدته الزمنية من سنة واحدة كما كان عليه الحال سابقاً لتكون ثلاث سنوات!! وقال موقع (( مدونة المحررين )) أنهم لاحظوا أن ثمة تغييرات في سياسة القناة التحريرية في الفترة الأخيرة، حيث لوحظ انـحياز نسبي لفتح تمثل في استضافة أشخاص يمثلون فتح وإفساح المجال أمامهم لنقد دائم لحماس، في المقابل فإن الجزيرة غيبت وزير خارجية الحكومة الفلسطينية محمود الزهار الذي ينتمي لحماس والمتحدث باسم حماس في غزة سامي ابو زهري وعضو المكتب السياسي لحركة حماس محمد نزال وهي أسماء عرف انتقاداها المتشددة لقيادات من حركة فتح مؤثرة فيها. حافظ الميرازي مدير مكتب الجزيرة ! العربية في واشنطن قال لجريدة الحياة اللندنية أنه سبق أن قال في احتفال الجزيرة بعامها العاشر أنه: يعتبر تجربة الجزيرة القطرية عظيمة ولكن لا يوجد ضمان لاستمرارها كما هي الآن. واضاف: ماذا لو تغيرت القيادة السياسية في قطر وقررت إلغاء الحريات المسوح بها في القناة، ألا يقودنا ذلك لاشكالية تتمحور حول أنه غير قادر علي تقديم إعلام حر في عالم غير حر!!. حافظ الميرازي الذي ترك مكتب واشنطن واستقال وأنشأ قناة اسمها الحياة وهي قناة من المنتظر ان تقدم إعلاماً قوياً في مصر حيث ستختص بالشأن الداخلي المصري، قال أنهم أخبروني أنني سأعو د يوماً للجزيرة لكنه قال ان كل ما يهمه حول المحاولة في مصر. عباس ناصر أيضاً مراسل الجزيرة الأبرز في الحرب اللبنانية الأخيرة انتقل للبي بي سي بعد التغييرات الأخيرة بمجلس الإدارة والسياسة التحريرية وعباس مسلم سني من لبنان!! غسان جدو أيضاً صاحب التوجه الإخواني وهو مدير مكتب الجزيرة العربية في لبنان قال لجريدة السفير اللبنانية، أنه قال لحمد بن ثامر رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة انه يود ان يعود إلي الصحافة، وأضاف: أخبرت وضاح بذلك أيضاً ففوجئت به يقول لي أنه يريد هو الاخر أن يعود صحفياً أو حتي رجل أعمال فالإدارة ابتلاء! !! (( درس وضاح الإعلام والفلسفة وإدارة الأعمال ))!!. سيطرة التيار الليبرالي الحر وأصحاب التوجهات الأمريكية الكاملة في أروقة القناة الأكثر تاثيراً في الشرق الأوسط يضع مصداقة وحيادية القناة في الميزان. ويبقي الرهان علي الشعوب العربية التي اقتربت منهم الجزيرة حتي أصبحت قناة الناس، ليصححوا مسار الجزيرة إن أخطأت. يبقي لي أن أسأل نفسي: ماذا قرأ المسئولون القطريون في ملف وضاح خنفر؟!! وماذا يكتبون في ملفي في جهاز أمن الدولة في مصر؟!! ماذا تكتب الأنظمة العربية المستبدة عن الصحفيين الذين ينتمون إلي تيار الحرية والمقاومة؟!! وهل ستتغير أجندة الجزيرة في الشرق الأوسط الشهور القادمة بسبب ملف أمني من نظام مخابرات فلسطيني وآخر أردني سلم القضية الفلسطينية للولايات المتحدة وإسرائيل!!؟ إلي أن نـجد تفوقاً ملموساً للجزيرة الإنـجلزية بعد أن انتقل إليها مؤسسو الجزيرة العربية، ثم نفاجيء برحيلهم لأنهم أزعجوا الإدارة الأمريكية أو حتي حركة فتح لنفاجيء بعالم شرق أوسطي تحكمه الولايات المتحدة حكاماَ وإعلاماً!! نتمني لوضاح خنفر التوفيق في حياته المقبلة بعيداً عن صياغة سياسات القناة التي أصبحت مقيدة الآن!! نحن نتمني ذلك، لكن أنت ماذا تتمني؟
(المصدر : ركن « المحور السياسي » بشبكة فلسطين للحوار بتاريخ 28 جوان 2007) الرابط: http://www.paldf.net/forum/showthread.php?t=148171
 


الإسلاميون الأتراك.. الانقسام على المشروع

 بقلم – حسام تمام حين وقع الخلاف داخل الحركة الإسلامية التركية وانقسم حزبها (الفضيلة وارث حزب الرفاه الذي تم حله) إلى حزبين منفصلين هما « السعادة » و »العدالة والتنمية »، اختلط الأمر على كثير من المراقبين، بل وأبناء الحركة الإسلامية خارج تركيا نفسها، الذين حسب غالبيتهم أن ما جرى هو مجرد خلاف في وجهات النظر في التعامل مع النظام العلماني، أو ربما تنزيل لمشروع الحركة الإسلامية في أكثر من كيان تنظيمي، بل ذهب كثيرون من أبناء الحركة أو تمنوا أنه ربما كان تكتيكا متفقا عليه بين قيادات الحركة للهروب من العلمانيين والعسكر الذين كانوا قد قاموا بانقلاب على زعيم الحركة الإسلامية نجم الدين أربكان أسقطه من رئاسة الوزراء، وحل حزبه، ومنعه من ممارسة السياسة. أيهما يمثل الحركة الإسلامية؟ لم يكن الالتباس حالة الجماهير وحدها، بل تعداها إلى قيادات الحركة الإسلامية في العالم الذين لم يستطع معظمهم اتخاذ قرار حاسم في تحديد أي الحزبين والمجموعتين يمثل الحركة الإسلامية أو الأقرب إليها، وكان الحسم صعبا؛ فحزب السعادة يحظى برعاية ودعم نجم الدين أربكان الأب الروحي للحركة الإسلامية التركية، فيما يضم العدالة والتنمية أبرز رموز جيل الشباب الذين قادوا الحركة حينا من الدهر، وفي مقدمتهم رجب طيب أردوغان وعبد الله جول، وزاد من صعوبة الأمر أن التلامذة نجحوا في الوصول إلى السلطة بعدما أحرزوا انتصارا تاريخيا غير مسبوق، وشكلوا الحكومة منفردين ودون أية منافسة حقيقية. فصارت لهم شرعية إنجاز لا تقل أهمية عن شرعية التاريخ التي لجماعة أربكان. لم أكن ممن تفاءلوا بأن الموضوع برمته نوع من المراوغة التي يجيدها الإسلاميون الأتراك،  ولكن أعترف أنني وقعت في خطأ التهوين من قدر الانقسام الذي حدث، فظننت أنه ربما نتيجة لخلافات تنظيمية سببها الاختلاف بين طبائع الشباب والشيوخ، أو تباين وجهات النظر في منهجية التعاطي مع حصار العلمانيين للحركة، أو حتى الاحتجاج على أسلوب القيادة الأبوية المهيمنة للزعيم أربكان صاحب الكاريزما الاستثنائية. وكنت أحسب أنه خلاف يسعه المشروع الواحد، وأن الإخوة الأتراك قرروا ألا يدخلوا السياسة من باب واحد وإنما من أبواب متعددة، لكن اقترابا أكثر وزيارات متعددة ولقاءات مباشرة مع الأطراف المختلفة أكدت بما لا يدع للشك مجالا أن الذي جرى فراق من غير رجعة، وأن الخلاف في أصل المشروع. بدايات الحركة  للوقوف على أصل الخلاف يجب العودة إلى المشروع الأساس للحركة الإسلامية التركية الذي وضعه المهندس نجم الدين أربكان، زعيم حركة الإسلام السياسي في تركيا (مواليد أكتوبر 1926)، ومؤسس أهم حركاتها: حركة الرأي الوطني (مللي جورش) عام 1969. وهو المشروع الذي يسميه أربكان « النظام العادل ». لم يكن نجم الدين أربكان مجرد زعيم إسلامي يبحث عن تطبيق حرفي لنصوص الشريعة وقواعد الأخلاق، فهو يمكن أن ينظر إليه – بحق – كحبة في عقد أوشك أن ينقرض من زعامات حركة الاستقلال الوطني في بلدانهم، وإن كانت خلفيته الإسلامية أوضح من أن تخفى في معقل العلمانية الكمالية ذات الحساسية المفرطة لأي شكل من أشكال الإسلامية. كان أربكان – وهو في طريقه يلتقي مع الماليزي مهاتير محمد – صاحب مشروع كبير يطمح لبناء دولة تتجاوز في الدور والمشروع حدودها، وتلتقي مع مجالها الجيوستراتيجي الحقيقي حيث ملتقى البحرين، بحر التاريخ والجغرافيا، وبحور أخرى ترفد من حاجز أوربي يقيم سدا عنيدا أمام الأتراك دون غيرهم، ولا يعدم في ذلك الذرائع. وأحيانا من إستراتيجية عالمية تعمل على أن تظل المنطقة في مرمى النيران الإستراتيجية للقوى العالمية المهيمنة فلا يأتي اليوم الذي تخرج فيه من فلكها. الصناعة نقطة الانطلاق كان مشروع أربكان يعتمد أساسا فكرة بناء قاعدة صناعية ضخمة، تجعل تركيا دولة صناعية كبرى تقف على قدم المساواة مع الكبار وتعلو بها، وألا تلعب دور الاقتصاد الخادم الذي يقتات فقط من المنح والعطايا أو البقشيش – التيبس – الذي تحصله من صناعة السياحة والخدمات وهي صناعات هشة ومتقلبة! كان بهذا التصور يسعى لفك هيمنة الرأسمالية العالمية على بلاده، في الوقت الذي بلور مشروعا سياسيا مكملا يقوم على أن توجه تركيا الذي ينبغي أن تسير فيه لتصبح دولة عظمي مستقلة يجب أن يكون ناحية الشرق وليس الغرب الذي تعلق عليه النخبة التركية الآمال. بداية المشروع الأربكاني كانت مع شرخ شبابه، فأربكان الحاصل على الدكتوراه من جامعة أخن الألمانية في هندسة المحركات عام 1956م عمل أثناء دراسته في ألمانيا رئيسا لمهندسي الأبحاث في مصانع محركات « كلوفز – هومبولدت – دويتز » بمدينة كولونيا. وقد توصل أثناء عمله إلى ابتكارات جديدة لتطوير صناعة محركات الدبابات التي تعمل بكل أنواع الوقود، وحين عاد إلى بلاده كان أول ما عمله ولم يزل في عامه الثلاثين تأسيس مصنع « المحرك الفضي » هو ونحو ثلاثمائة من زملائه، وقد تخصص هذا المصنع في تصنيع محركات الديزل، وبدأت إنتاجها الفعلي عام 1960م، ولا تزال هذه الشركة تعمل حتى الآن، وتنتج نحو ثلاثين ألف محرك ديزل سنويا. لقد كان لدى أربكان وعي مبكر بأهمية بناء اقتصاد وطني قوي ومستقل، واهتم مبكرا بالأنشطة التجارية والاقتصادية حتى نظر إليه في عقد الستينيات وقبل أن يدخل حلبة السياسة باعتباره أحد أعمدة الاقتصاد التركي، وقد كان من أوائل من تبنوا مبدأ ضرورة تواجد الإسلاميين في النشاط الاقتصادي حتى لا يقتصر على العلمانيين والماسون، فلم ينته عقد الستينيات حتى تكونت كتلة قوية من رجال الأعمال المسلمين، تنافس بقوة في المجال الاقتصادي الذي كان يهيمن عليه رجال الأعمال الماسون والعلمانيين. نهوض ثم انهيار شهدت حقبة السبعينيات دورا ملموسا من مهندس المحركات أربكان لتشجيع الصناعة الوطنية حين كان وزيرا ونائبا لرئيس الحكومة بولنت أجاويد، واستكمله بعدد من المشروعات أسسها أو احتضن أصحابها مثلما فعل مع مجموعة الشباب الذين أسسوا اتحاد رجال الأعمال والصناعيين المستقلين (موصياد) عام 1990م كاتحاد مقابل للتجمع العلماني الممثل في جمعية رجال الأعمال (توصياد). وحين تولى رئاسة الوزراء بعد فوز حزبه « الرفاه » في الانتخابات البرلمانية عام 1996م، اعتبرها نجم الدين أربكان الفرصة السانحة لقطع المسافة الأكبر في تحقيق مشروعه، خاصة في جانبه السياسي، من خلال الإسراع في وتيرة التوجه شرقا على كل المستويات وتبنيه لفكرة تأسيس مجموعة الثمانية الإسلامية الكبار، التي تضم أكبر ثمان دول إسلامية يراها بداية تحالف اقتصادي إسلامي عملاق يمكن أن يغير الوضع العالمي، ويخرج بالعالم الإسلامي من أسر الهيمنة العالمية. لكن ما حدث أن مشروع أربكان كان رغم أهميته قفزة تفوق كثيرا طاقته بل وطاقة بلاده السياسية، كما كان من الخطر بما لم يكن لتسكت عليه دوائر النفوذ والهيمنة العالمية، فحدث الانقلاب العسكري الصامت، وأسقطت وزارة نجم الدين أربكان في يونيو 1997م، ثم صدر قرار المحكمة الدستورية في نوفمبر من العام نفسه بحل حزبه « الرفاه »، ومنعه من العمل السياسي. لا للتبعية الغربية في زيارة أخيرة لتركيا التقيت نجم الدين أربكان ضمن تجمع من المثقفين والمهتمين بالتجربة التركية، ودار بيننا نقاش طويل أتبعته بمقابلة خاصة شرح فيها الرجل رؤيته لمشروع « النظام العادل » الذي يبشر به. يميز نجم الدين أربكان بين ما يسميه بالنظرة الإسلامية وبين النظرة الغربية للعالم، ويري أن هناك فروقا كبيرة تجعلهما نقيضين لا يلتقيان، ويعتقد أن أهم ما يجب على تركيا فعله هو ترك التبعية للغرب والعودة مجددا للعالم الإسلامي الذي يمكن أن تتولى قيادته فيما ستبقى تابعة وذليلة إذا ما أصرت على أن تبقى متوجهة للغرب. لدى أربكان موقف عدائي للصهيونية العالمية التي يراها مسئولة عن كل مصائب العالم وكوارثه، وتقترب رؤيته لليهود مما ورد في بروتوكولات حكماء صهيون، إذا يرى أن الصهاينة وأعوانهم مسئولون عن إفساد العالم عبر ثلاث وسائل: الحروب (ويرى أن 11 سبتمبر عمل صهيوني لخدمة إسرائيل)، والأفكار المرذولة (مثل أفلام هوليود)، والأنظمة السياسية والاقتصادية الدولية التي تسيطر عليها (مثل: الأمم المتحدة وصندوق النقد والبنك الدولي). ويؤمن أربكان بأن هناك تحالفا وثيقا بين الصهيونية والرأسمالية العالمية الفاسدة أدى إلى حصار عالمي على المسلمين، بحيث يتم التحكم في كل تعاملات العالم الإسلامي لتصب – في النهاية – في مصلحة إسرائيل. اتحاد الثمانية الكبار ويرى أربكان أنه ليس بإمكان تركيا أن تقيم منفردة تجربة نهضة، بل لابد من أن تكون ضمن مشروع عالمي شامل يعتمد على الإسلام، ولابد أن يؤثر في شكل العالم ليصبح أكثر عدلا، ويدعو الرجل إلى ما يسميه مؤتمر « يالتا الثاني » الذي يجب أن يؤسس لعالم جديد يتجاوز الظلم الذي تسبب فيه تحالف الصهيونية مع الرأسمالية. يبدأ مشروع النظام العادل الذي تبناه أربكان بتأسيس اتحاد بين الدول الثمانية الإسلامية الكبار (تركيا – مصر – إيران – نيجيريا – باكستان – أندونيسيا – بنجلاديش – ماليزيا)، وهو ما وضع بذرته حين تولى رئاسة الوزراء بتأسيس قمة الثمانية الكبار، على أن يتحول هذا ليكون نواة لتجمع الستين دولة الإسلامية في منظمة واحدة تضمها، يمكن أن تسمى بمنظمة الأمم المتحدة للدول الإسلامية. وامتدادا لذلك، فمن المفترض أن يتبنى المشروع تأسيس منظمة للتعاون الدفاعي المشترك بين الدول الإسلامية على غرار حلف الأطلسي (الناتو)، ومنظمة لسوق إسلامية مشتركة على غرار الاتحاد الأوربي، والاتفاق على وحدة نقد مشتركة (الدينار الإسلامي) بدلا من التعامل بالدولار، وتأسيس منظمة للتعاون الثقافي للدول الإسلامية على غرار اليونيسكو. على طريق غاندي بالرغم من اليوتوبيا التي يقوم عليها مشروعه فإن أربكان ليس هو الثائر الحالم الذي يجري وراء عواطفه من دون حساب، كما أنه ليس الانفعالي الذي قد يضطر إلى العنف، فالرجل طوال عمره لم يلجئه التضييق والاضطهاد إلى العنف أو الخروج على النظام. وقد يصح النظر إلى أربكان كصاحب مشروع انقلابي ولكن على الهيمنة الغربية الرأسمالية على العالم. حين استفسرت عما إذا كان انقلابيا جديدا، أوضح أربكان أن مقاومته سلمية مثل غاندي، وهي تقوم على مقاطعة النظام الاقتصادي الظالم الذي تتحكم فيه الرأسمالية الغربية المتوحشة، وهو متأثر جدا بنموذج غاندي الذي انتصر على بريطانيا بماعز واحدة؛ شرب لبنها ولبس صوفها مدة ستة أشهر، إذ كان هذا دلالة على قدرته على الاستغناء عن الغرب، وفي النهاية اضطرت بريطانيا إلى القبول بمطالبه. إنه مشروع للتخلص من أسر الاستهلاكية الغربية لإنجاز تحرر حقيقي. ويرى أن العنف لا يجدي، وأن الرصاص الحقيقي الذي يؤثر في الغرب هو التحرر من قبضته وإقامة « النظام العادل ». سعى أربكان لتطبيق هذا المشروع في كل مراحل حياته، ولما وصل إلى السلطة كان لابد أن يخرج منها إذ لم تكن تحتمله المعادلة السياسية ليس فقط في تركيا بل – وهذه هو الأهم – في العالم الذي تتحكم به توازنات دولية لم تكن لتسمح لأربكان ونظامه العادل بالاستمرار، فأسقطت حكومة أربكان، وحل حزبه، ومنع من العمل السياسي، ثم بدأت الحكومات التالية عليه في إلغاء كل ما قام به طوال فترة وزارته، وخاصة مجموعة الثمانية الإسلامية التي تواطئ الجميع على تجميدها ثم إفراغها من مضمونها. جذور الانقسام مع انقلاب العسكر في نوفمبر 1997 بدأ الخلاف ومن ثم الانقسام داخل الحركة الإسلامية التركية (مللي جورش)، حيث ثار التساؤل: هل نبقى على مشروع النظام العادل أو الأربكانية الذي تسبب في الانقلاب؟ أم نبدأ تفاهما مع القوى الكبرى الأمريكية والغربية التي بيدها كل أوراق اللعبة بالمفهوم الساداتي؟ (هل هناك وجه شبه بين التجربة الأربكانية والتجربة الناصرية؟!). لقد دخلت الحركة طريقا طويلا للمراجعات تمايز فيه تياران: الأول يمثله المقربون من أربكان والقادة التاريخيين للحركة، والثاني يمثله الجيل الأصغر سنا والأكثر برجماتية، والذي واجهه أربكان بشدة ظهرت بانحيازه السافر لرجله المقرب رجائي قوطان ضد عبد الله جول في المنافسة على رئاسة حزب الفضيلة (فاز قوطان بصعوبة وبدعم من أربكان). استمر الخلاف أربع سنوات تقريبا، وحين جرى حل حزبها الجديد الرابع (الفضيلة)، خرج الخلاف إلى العلن وانفصل التيار الثاني (الشباب البرجماتيين)، وأسسوا حزبا مستقلا (العدالة والتنمية)، فيما أسس القادة التاريخيون حزب (السعادة) الوارث الحقيقي للمشروع الأربكاني، مشروع النظام العادل. « العدالة والتنمية » .. نسخة مناقضة لن نتوقف طويلا عند ملابسات تأسيس حزب العدالة والتنمية وما أحاط به من اتهامات قاسية من قبل القادة التاريخيين للحركة الإسلامية، والتي وصلت إلى حد الاتهام بالعمالة لأمريكا وإسرائيل، والادعاء بأن الورقة التأسيسية للحزب قدمت للسفارات الأمريكية والإسرائيلية والبريطانية قبل أن تقدم للدولة التركية، مثل هذه الاتهامات تبدو على قسوتها متوقعة في الحركات الأيديولوجية التي كثيرا ما تعمد إلى تخوين مخالفيها والخارجين عليها. لكننا سنتوقف عند معالم المشروع الذي يطرحه حزب « العدالة والتنمية »، والذي سيظهر- عند التحقيق – على النقيض تماما من مشروع الحركة الإسلامية الأم في نسختها الأربكانية. مباشرة وقبل أن يحصل الحزب على وضعه القانوني أكد قادة « العدالة والتنمية » أنهم خلعوا عباءة الحركة الإسلامية (مللي جورش)، وأن حزبهم هو حزب يميني محافظ لا صلة له من قريب أو من بعيد بـ « الإسلامية »، ولم يتوقف الأمر عند التصريحات التي يمكن أن تكون موضوعا للشك أو المرواغة فقد اتبع الحزب سياسة مخالفة تماما ليس لما كانت عليه الحركة بل ولأي حزب يمكن أن يكون له من « الإسلامية » نصيب. تنازلات بلا حدود في المجال الديني الذي كان دائما نقطة الضعف قدّم « العدالة والتنمية » تنازلات مؤثرة هربا من تهمة « الإسلامية » التي تلاحقه، فأبقى على الحظر المفروض على طلاب مدارس الأئمة والخطباء من دخول الكليات العلمية والنظرية، وأبقى على الحظر المفروض على دخول المحجبات في الجامعات، وكان أقصى ما فعله رئيس الحزب رجب طيب أردوغان أن أرسل بابنتيه للدراسة في أمريكا، بل إن الحزب أرسل في تقريره للمفوضية الأوربية لحقوق الإنسان نفيا قاطعا لأن تكون قضية الحجاب موضوعا لانتهاك حقوق الإنسان، وصرح نائب رئيس الوزراء بأنها لا تمثل مشكلة إلا عند 1.5% من الشعب التركي!. ووافقت حكومة العدالة والتنمية على مطالب الاتحاد الأوربي بإسقاط العقوبات القانونية في حق الزنا، حيث كان فعلا مجرما بنص القانون التركي، أكثر من هذا فقد صدرت ترجمات للقرآن الكريم أسقطت فيها الآيات التي تتحدث عن الجهاد أو اليهود والنصارى. إن مسلسل التنازلات يلخصه ما قاله عبد الله جول – الرجل الثاني في حزب العدالة والتنمية -: « لقد انهارت حضارتنا الإسلامية، ولابد من تغيير قيمنا تبعا للواقع الجديد »!. أما في الملف الاقتصادي الذي قال الحزب أنه سيكون محور تركيزه بعيدا عن الجدل الديني، سنلاحظ أن الحزب تبنى سياسة اقتصادية تقوم على الإدماج التام لتركيا في الاقتصاد العالمي، وربطها بقوى الرأسمالية الغربية الكبرى دون أية مساحة للاستقلال أو حتى المناورة، ربما نجح الحزب في رفع معدل النمو الاقتصادي وتثبيت سعر صرف العملة الوطنية (الليرة) التي كانت في انهيار مستمر، وربما أعاد للاقتصاد التركي بعضا من الاحترام الذي أهدرته الحكومات السابقة، فأفقدت العالم الثقة فيه، لكن الثمن كان غاليا. في أحضان الاقتصاد الغربي لقد ربطت حكومة « العدالة والتنمية » تركيا وإلى غير رجعة بمراكز الهيمنة الغربية التي أنعشت الاقتصاد التركي، ولكن جعلته هشا خاضعا بالكلية لدوائر النفوذ والمال في الغرب، تشير المؤشرات إلى أن 65 مليار دولار من حجم تعاملات البورصة لمستثمرين غربيين، وكلها أوراق مالية لا صلة لها بالاستثمار الحقيقي، وهو ما يهدد الاقتصاد التركي بتكرار تجربة جنوب شرق آسيا أو انهيار النمور الآسيوية في حال رغبة بعض كبار المستثمرين في فعل ذلك. كما أن 70% من ودائع البنوك التركية هي ودائع غربية، تدفع عليها البنوك التركية فوائد هي الأكبر من نوعها في أوربا (تصل 15 %)، ولن نتوقف طويلا عند قضية الفوائد من الناحية الشرعية بعدما أكد طيب أردوغان أنه لا مفر من الفوائد لبناء الاقتصاد، وقد أدى ذلك إلى ارتفاع حجم ديون البلاد من 221 مليارا قبل خمس سنوات إلى 383 مليارا. ورغم ارتفاع معدلات النمو في الاقتصاد التركي في فترة حكم العدالة والتنمية والتي انعكست على شعور المواطن التركي معها بالاستقرار، إلا أنها لم تعكس تحسنا في وضع هذا المواطن بقدر ما ذهبت ضحية سوء توزيع الدخل؛ بسبب هيمنة رجال الأعمال الذين امتصوا هذا النمو، وهو ما يمكن أن نفهمه من الإحصاءات الأخيرة التي نشرتها مجلة فوربس عن أغنى أغنياء العالم، حيث ارتفع عدد المليارديرات الأتراك في السنوات الخمس الأخيرة إلى  24  مليارديرا بدلا من 6  فقط قبل حكم العدالة والتنمية. الاتجاه بالسياسة غربا أما في السياسة، فقد تراجع رجب طيب أردوغان عن خط التوجه شرقا (جوهر مشروع أربكان)، بدعوى أنه يسبب الاستقطاب الدولي، فجمّد مشروع الثمانية الإسلاميين الكبار، وأدخل تركيا في أوثق تحالف لها مع الولايات المتحدة بهدف دعمه في مشروعه البديل (اللحاق بقطار الاتحاد الأوربي). لقد قبل أردوغان مشروع الشرق الأوسط الكبير بكل تفاصيله، بل أعلن دعمه الكامل له وسعيه لتنفيذه، حتى صار يعرف بعرّاب مشروع الشرق الأوسط الكبير، وتحرك في المنطقة لدعم المشروع، بحيث صار أحد أهم الوسطاء لترويج السياسة الأمريكية في المنطقة. لقد تبرعت حكومة العدالة والتنمية بعرض توصيل مياه نهري دجلة والفرات إلى إسرائيل وليس دول الجوار فقط (سوريا والعراق وإيران)، كما سمح بفتح موانئ تركيا وشواطئها لقبرص الجنوبية نزولا على إرادة الاتحاد الأوربي. حتى والبرلمان التركي يعلن رفضه عبور الطائرات الأمريكية الأجواء التركية لضرب العراق عام 2003م، كانت حكومة حزب العدالة والتنمية صاحبة الأغلبية فيه تسمح فعليا للقوات الأمريكية بضرب العراق سواء من قاعدة أنجرليك أو ميناء الإسكندرونة. استسلام للمعادلة الدولية حين تناقشت مع بعض الصحفيين والباحثين الأتراك – ومنهم أعضاء في حزب العدالة والتنمية أو مؤيدون له – في هذا التحول في المشروع وسردت عليهم هذه الوقائع والأرقام، لم يتقبلها البعض ولكن اتفق الجميع على أنه لا يصح قراءتها بل وقراءة التجربة كلها إلا في ضوء تعقيدات الوضع التركي والعالمي. فليس بإمكان حكومة العدالة والتنمية الدخول في صدام قانوني ودستوري مع القوى العلمانية من أجل قضايا المحجبات أو طلاب مدارس الأئمة والخطباء، ومن الأفضل إنجاز تعديلات عامة في قضايا الحريات يمكن أن تؤدي في النهاية إلى مناخ مناسب مستقبلا لطرح القضايا المتعلقة بالحريات الدينية. ثم إن بلدا مثل تركيا ليس باستطاعته تبني سياسة الاستقلال عن النظام الاقتصادي العالمي، سواء فيما يتصل بالعلاقة مع المراكز والمؤسسات الاقتصادية العالمية كصندوق النقد الدولي أو الشركات العالمية، أو فيما يتصل بأسس التعاون الاقتصادي العالمي، كما أن الحكومة تبنت بالفعل سياسة الانفتاح الاقتصادي على العالم العربي وآسيا وأفريقيا، ولكن من دون أن تربط هذا الانفتاح بخطاب سياسي أو بشعارات دينية أو قومية، بل بالمصلحة الاقتصادية البحتة. كما أن المعادلة الدولية الحالية تجعل من المستحيل على تركيا أو غيرها تبني سياسة مستقلة عن الولايات المتحدة، فضلا عن أن تكون معارضة لها أو ساعية لعمل تحالفات ضدها، وحتى الدول التي تبنى أربكان التعاون معها (الثمانية الإسلامية الكبار) هي دول غير مستقلة في إرادتها السياسية، وتكاد تكون خاضعة تماما للولايات المتحدة. والأفضل فهم التحركات الدبلوماسية التي تقوم بها حكومة العدالة والتنمية باعتبارها تهدف إلى إعادة هيبة تركيا وثقلها في المعادلة الإقليمية والدولية حتى لو بدت لاعبا محسوبا على الإدارة الأمريكية، وأنها مع التزامها التحالف الأمريكي إلا أنها تسعى لتحسين شروط هذا التحالف بما يحقق المصلحة الوطنية التركية. هذه صورة للمشهد الإسلامي التركي عن قرب، قد يبدو فيها كثير من الغموض لكن الشيء المؤكد فيها أننا بإزاء رؤيتين مختلفتين، بل وربما متناقضتين أيا ما كانت المبررات أو السياقات التي تحكم تجربة كل فريق، فالخلاف بين الأربكانية والأردوغانية يتجاوز التعددية في المشروع الواحد إلى الانقسام من دون رجعة. (*) صحفي وباحث مصري (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 29 جوان 2007)

 

 

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.