السبت، 3 مارس 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2476 du 03.03.2007

 archives : www.tunisnews.net


 موقع محيط: »حماية الصحفيين الأمريكية » تطالب بإطلاق سراح كاتب تونسي اللائحة العامّة للمجلس القطاعي للتعليم العالي والبحث العلمي  ليوم 24 فيفري 2007 موقع العربية.نت:ولادة أكثر من 1000 طفل سنويا خارج إطار الزواج:فتاة تونسية « غير شرعية » تعثر على أمها بعد30 عاما الحياة: الزعيمان الليبي والتونسي الى الجزائر لحضور قمة «النيباد» موقع إسلام أون لاين :عفو ملكي غير مسبوق عن 33 ألف سجين بالمغرب لجنة المساندة لترشيح الأستاذ محمد النوري لعمادة الهيئة الوطنية للمحامين لعــام 2007 :البرنامجي الانتخابي  للأستاذ محمد النوري لعمادة المحامين بتونس موقع الحوار.نت:لقاء صريح شامل مع الأستاذ الدكتور المنصف بن سالم عبدالله الـــزواري:غريب العقوبات (6)…بالوعة المياه المستعملة،النمل، ألذباب، ثم ماذا بعد؟؟؟؟ سفيان الشورابي: تونس نحن و 2009 محمد العروسي الهاني: تعليق على ذكرى 02 مارس 1934 د. نجيب عاشوري:إشكاليات التحول الديموقرطي في البلدان العربية2 :التحول الديمقراطي ومسئولية الإسلاميين عباس: للذكر مثل حظ الأنثيين –  عدالة إلهيه إلاّ أن أكثر الناس لا يعلمون بي بي سي: فيلم « عرس الذيب »: ثرثرة بصرية وفوضى غير منظمة مغاربية: جولة لطريق النبيذ في تونس الشروق: الاعدام في تونس: آخرهــــم سفّـــــاح نابــــل: بلادنا أول دولة عربية أوقفت تنفيذ الإعدام إسلام أون لاين.نت: شخصيات فكرية إٍسلامية ممنوعة من الكلام بأوروبا الجزيرة.نت: البرلمان الكندي يلغي إجراءين لمكافحة الإرهاب الجزيرة.نت: ساركوزي يواجه اتهامات متزايدة بتمثيل مصالح إسرائيل عماد السديري:  التعليم في الدول العربية بين التحجر والطموح محمد بوفارس: صحراء الوحوش د. بشير موسي نافع: مصر.. الإخوان المسلمون.. والمعارضة الشرعية


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 

« حماية الصحفيين الأمريكية » تطالب بإطلاق سراح كاتب تونسي

 
 واشنطن : ناشدت لجنة حماية الصحفيين « منظمة امريكية مقرها نيويورك » السلطات التونسية اطلاق سراح كاتب على شبكة الانترنت ظل معتقلاً منذ مارس (آذار) 2005. وقال مصدر في اللجنة وفقا لما ورد بجريدة « الشرق الاوسط » : إن المحامي محمد عبو اعتقل من طرف الشرطة ساعات فقط بعد ان نشر مقالاً في موقع « تونس نيوز » انتقد فيه ممارسة التعذيب في السجون التونسية، ومحاولات التطبيع بين تونس واسرائيل. وصدر حكم ضد عبو في ابريل (نيسان) عام 2005 بالسجن ثلاث سنوات ونصف السنة بتهمة « عرقلة العدالة ». وقال جول سيمون المدير التنفيذي للمنظمة : إن استمرار اعتقال عبو يشكل انتهاكاً لحرية الصحافة. وأضاف سيمون قائلا « اذا كانت السلطات التونسية تدعم حقوق الانسان كما دأبت على القول فإن عليها احترام الأسس الدولية المتعارف عليها للعدالة ». وقالت المنظمة : إن تحرياتها افادت بأن عبو معتقل حالياً في منطقة « الكيف » التي تبعد 200 كيلومتر عن تونس العاصمة حيث تقيم اسرته التي تعاني كل مرة عند زيارته. واشارت الى ان زوجته سامية والمحامين الذين يدافعون عنه يتعرضون لتحرشات الشرطة واشخاص آخرين يعتقد ان لهم علاقة بالسلطات الحكومية. وخاض عبو عدة مرات اضرابات عن الطعام للاحتجاج على المعاملة السيئة والتحرشات التي يتعرض لها من طرف حراس السجن. وأكدت اللجنة ان تقريراً من مجموعة عمل تابعة للأمم المتحدة افاد بأن اعتقال عبو يشكل خرقاً للمادة 19 من الحقوق المدنية والسياسية، وعلى الرغم من ذلك فإن تونس اختيرت عضواً في المجلس الأممي لحقوق الانسان في يونيو (حزيران) الماضي. تاريخ التحديث : 3/2/2007 3:12:57 PM  
(المصدر: موقع محيط  بتاريخ 2 مارس 2007)


اللائحة العامّة للمجلس القطاعي ليوم 24 فيفري 2007

 

 نحن نواب المجلس القطاعي للجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي المجتمعين بدار الإتحاد العام التونسي للشغل بتونس يوم السبت 24 فيفري 2007 بإشراف الأخ محمد المنصف الزاهي الأمين العام المساعد المسؤول عن الوظيفة العموميّة.

بعد التداول حول الأوضاع العامة بالقطاع والمستجدات الأخيرة به والإطلاع على موقف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا من المطالب العاجلة المقدّمة منذ أكثر من شهرين :

1-    نستنكر أسلوب ومحتوى عديد المناشير التي أصدرتها سلطة الإشراف منذ أكثر من سنتين بوتيرة غير مسبوقة وبمضمون يتجاوز صلاحية المنشور بهدف تجريد الجامعة من جلّ مكاسبها المتعلقة بالحريات الأكاديمية وبخصوصية التدريس والبحث بها وبهامش الإستقلالية والتصرف لدى الهياكل المسيّرة للمؤسسات الجامعية؛

2-    نستنكر رفض الوزارة للحوار الجدي والمسؤول ولجوءها بدل ذلك إلى أسلوب المماطلة وعدم الجدية في التعامل مع مطالبنا العاجلة، ونعتبر أنه ورد بالمذكّرة التي وجهتها الجامعة العامّة إلى سلطة الإشراف ما يكفي من الحجج والأسباب المبررة لخصوصيّة ووجاهة مطالبنا ولضرورة إسراع الوزارة بالإستجابة لها؛

3-    نؤكّد أنه لا مجال لمقايضة الزيادة في الأجور بالزيادة في ساعات العمل؛

4-    نطالب سلطة الإشراف بإشراك الجامعة العامة في كافة مراحل إعداد مشروع القانون الإطاري للتعليم العالي وكذلك الأمر بالنسبة لتحوير القوانين الأساسيّة لمختلف أسلاك الجامعيين؛

5-    نطالب قيادة الإتحاد بتفعيل بيان المنستير حول التعليم العالي؛

6-    نقرر الدخول في إضراب إنذاري عن العمل كامل يوم الخميس 5 أفريل 2007 بكل مؤسسات التدريس والبحث بالجامعة التونسيّة ونخوّل إلى المكتب التنفيذي للجامعة العامة إقرار تحركات تصاعديّة أخرى بما في ذلك التجمعات ومختلف أشكال الإضرابات إذا ما تمادت سلطة الإشراف في موقفها المتصلب من مطالبنا المشروعة.

 

الأمين العام المساعد المسؤول                                                              الكاتب العام للجامعة العامّة

عن الوظيفة العمومية                                                                             سامي العوادي

محمد المنصف الزاهي      


الزعيمان الليبي والتونسي الى الجزائر لحضور قمة «النيباد»

الجزائر – محمد مقدم     الحياة   أفادت مصادر مطلعة أن الجزائر ستستضيف في 21 آذار (مارس) الجاري قمة لرؤساء الدول الأعضاء في مبادرة التجديد الافريقي «النيباد» بمشاركة 21 دولة. وتوقعت أن يحضرها الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي والرئيس التونسي زين العابدين بن علي. وقال مصدر بارز لـ «الحياة»، أمس، إن القمة ستبحث في عدد من القضايا الافريقية وبينها «آلية التقويم» الجديدة التي وضعها الاتحاد لتقويم مدى التزام الدول الأعضاء بمبادئ وقيم «الحكم الراشد».

ورجّح مصدر ديبلوماسي ان يبحث الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة على هامش قمة «النيباد» مع نظيريه الليبي والتونسي التطورات التي تعرفها المنطقة المغاربية خصوصاً تهديدات «تنظيم القاعدة» والحاجة إلى تعزيز التعاون الأمني. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 2 مارس 2007)


ولادة أكثر من 1000 طفل سنويا خارج إطار الزواج فتاة تونسية « غير شرعية » تعثر على أمها بعد30 عاما

دبي – العربية.نت استطاعت فتاة تونسية أن تتعرف، وعن طريق الصدفة، على أمها لأول مرة منذ ثلاثين عاما في حفل زفاف، وذلك بحسب ما ذكرت صحيفة « الأنوار »  السبت 3-3-2007 التي قالت إن الصدف شاءت أن تجتمع البنت بأمها بعد ثلاثين سنة من الغربة والضياع، وقالت كذلك إن الأقدار شاءت أن تجلس الأم وابنتها على نفس المائدة. وأضافت الصحيفة أنه حين بدأت الفتاة تروي قصتها المؤلمة لعدد من النسوة بأنها لا تعرف أمها وانها بحاجة لام أو لأخت تخفف من آلامها « لم تتمالك الام الحاضرة نفسها وانهمرت دموعها قبل ان تعانق بشدة فلذة كبدها وسط ذهول الحاضرين ». وعقب حفل الزفاف الذي أقيم بجهة العمران الاعلى بالعاصمة تونس اعترفت الام رسميا بابنتها وكشفت أنها أنجبتها بصفة غير شرعية من عشيقها منذ ثلاثين عاما. كما أدلت الام بالهوية الكاملة للاب المفترض لهذه البنت وينتظر ان تجرى عليه فحوص التحليل الجيني لاثبات النسب، غير أن وكالة « رويترز » التي نقلت الخبر عن الصحيفة التونسية لم توضح كيف تمكنت الأم من التعرف على ابنتها وأين كانت تلك الفتاة تعيش. بالمقابل أكدت الباحثة  التونسية سامية بن مسعود منسقة برنامج رعاية « الأمهات العازبات » في جمعية «أمل»  في أحاديث صحفية سابقة أن عدد الأمهات العازبات يبلغ في تونس حوالي 1060 أما  كل سنة وأن هذا الرقم يشهد ارتفاعا ملحوظا من سنة إلى أخرى.  وذكرت بن مسعود أنه تم في  سنة 2000 تسجيل 384 حالة ولادة من هذا الصنف في تونس الكبرى فقط في حين أن عدد الأمهات العازبات بلغ 456 أما في هذا الإقليم خلال سنة 2004.

وأكدت الباحثة أن هذا المؤشر لا يعكس الأرقام الحقيقة وذلك لأن بعض الولادات غير معلن عنها وتتم في المصحات الخاصة والمنازل كما أن هناك تصاريح خاطئة، وهو ما يجعل العدد الحقيقي للامهات العازبات أكبر من ذلك بكثير

(المصدر: موقع العربية.نت بتاريخ 3 مارس 2007


عفو ملكي غير مسبوق عن 33 ألف سجين بالمغرب

 
وكالات – إسلام أون لاين.نت الرباط ـ في أكبر عفوٍ ملكي عن السجناء لم تشهده المغرب من قبل، أعلنت وزارة العدل أن الملك محمد السادس أصدر عفوا شمل نحو 33 الف سجين من أصل نحو 56 ألف سجين في المملكة بمناسبة مولد ابنته الأميرة للا خديجة هذا الأسبوع. وأعلن وزير العدل المغربي محمد بوزوبع مساء الخميس 1 ـ 3 ـ 2007 أن العاهل المغربي أصدر عفوا شاملا عن 8836 سجينا بينهم 278 أجنبيا بمناسبة ولادة ابنته الأربعاء الماضي، على أن يدخل العفو حيز التنفيذ اعتبار من اليوم الجمعة. وأوضح الوزير أن العاهل المغربي أصدر أيضا عفوا جزئيا من خلال تخفيف أحكام السجن عن 24 ألفا و 218 سجينا وهو أكبر عفو يصدره العاهل المغربي بعد العفو الذي أصدره في نوفمبر 2005 وشمل 10 آلاف سجين في الذكرى الخمسين لاستقلال المملكة المغربية. و إصدار عفو ملكي أمر معتاد في المغرب في الأعياد العامة والدينية والمناسبات الخاصة. وحول الشروط التي توافرت في السجناء الذين شملهم العفو قال الوزير المغربي: « بمناسبة الحدث السعيد لازدياد (لمولد) صاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة للا خديجة أصدر الملك العفو المولوي الكريم بما تبقى من عقوبة السجن أو الحبس لفائدة 8836 من نزلاء المؤسسات السجنية الذين قضوا أربعة أخماس العقوبة المحكوم بها عليهم في الجنايات، وثلاثة أرباع العقوبة المحكوم بها عليهم في الجنح رأفة بهم، وإسعادا لأسرهم وذويهم جريا على التقاليد المولوية المرعية والسنة الحميدة لأسلافه الغر الميامين في مثل هذه المناسبات الميمونة ».
العفو شمل الأجانب
وأوضح الوزير المغربي أن من بين السجناء الذين سيفرج عنهم اليوم الجمعة 1648 سجينا من الذين تقل أعمارهم عن 20 عاما، أوالذين تلقوا دروسا مهنية أو تقنية أو مدرسية خلال فترة اعتقالهم. وأشار إلى أنه تم تخفيف الحكم بالإعدام بحق 11 سجينا إلى السجن المؤبد. كما طال العفو الملكي أيضا 417 سجينا أجنبيا من جنسيات مختلفة سيتم الإفراج عن 278 منهم الجمعة في حين تم تخفيف الأحكام الصادرة بحق الآخرين كما أوضح وزير العدل المغربي. وكثيرا ما تنتقد جماعات حقوق الإنسان المحلية السجون المغربية البالغ عددها 53 سجنا بسبب تكدس النزلاء بها والأوضاع المزرية. وتضم السجون المغربية مئات من السجناء من الإسلاميين، الذين اعتقلوا خلال مداهمات للشرطة بعد هجمات الدار البيضاء عام 2003، وأجريت لهم محاكمات انتقدتها جماعات حقوق الإنسان.
أجواء احتفالية غير عادية

وبمجرد الإعلان عن مولد الأميرة للا خديجة الأربعاء الماضي، عمت الأجواء الاحتفالية المملكة،وهو ما عكسته صحف المملكة الصادرة اليوم الجمعة؛ فيومية « العلم » نشرت في صفحتها الأولى تقريرا مطولا تحت عنوان « المغرب يعيش الحدث السعيد »أشارت فيه إلىتواصل الأفراح الشعبية بمختلف أنحاء المملكة بمناسبة ابتهاجها بقدوم الأميرة للا خديجة. ولفتت الصحيفة إلى « توافد العشرات من المواطنين بشكل تلقائي على ساحة(المشور)بالقصر الملكي بالرباط من أجل التعبير عن فرحتهم، وتقديم التهاني إلى الملك محمد السادس بمناسبة مولد ابنته الأميرة ».   فيما ركزت صحيفة « الصحراء المغربية » على مظهر آخر من مظاهر الاحتفال متمثل في انطلاق موكب للحرس الملكي في كبريات شوارع العاصمة المغربية الرباط تتقدمه فرقة من الخيالة، قدمت مجموعة من الاستعراضات، تابعتها جماهير غفيرة. (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 3 مارس 2007)


البرنامجي الانتخابي  للأستاذ محمد النوري لعمادة المحامين بتونس

         بسم الله الرحمان الرحيم 

      تونس في 27 فيفري 2007                          زميلاتي العزيـزات زملائي الاعزاء  : من أجل محامـاة مستقلة ومن أجل نقابـة حرة                        من أجل الدفاع  عن شرف المهنة وعن كرامة المحامي أدعوك زميلي العزيز لمساندة ترشحي لعمادة المحامين
 

ليكــن شعارنـــا جميعـــا   الوحدة والإصلاح    شرف ـ مسؤولية ونضال

 
إرفع رأسك يا زميلي ، فأنت تقوم بأشرف وأنبل رسالة على وجه الأرض ، أنت تعمل من أجل نصرة الحق و المساعدة على الوصول إليه بكل الوسائل المشروعة و مؤازرة المظلوم واستتبات الأمن والإسهام في إقامة العدل، إن العدل أساس العمران .  أدعوك للعمل معا من أجل تحقيق مبادئ سامية في مجال المحاماة . فليكن شعارنا جميعا « الوحدة » ، وحدة جميع المحامين في إطار مهنة المحاماة مع حقهم في الاختلاف في آرائهم و اتجاهاتهم الفكرية والسياسية، فمهنتنا تتطلب منا التضحية لبلوغ الغاية التي هي الإصلاح المنشود الذي يتوق إليه جميع المحامين بلا استثناء ، فشعارنا هو إذا الوحدة والإصلاح . إذ بذلك تتحقق الكرامة للمحامين ، ببعديها المادي والمعنوي وعلى ذلك الأساس سينطلق عملنا الجماعي و برنامجنا المشترك ، بالثقة التي تمنحونها إلى الهيئة للجديدة تتحقق الوحدة بالحوار مع الجميع . ذلك أن إيمان المحامين بتعددية المنطلقات والمشارب الفكرية وتعلقهم بالحرية المسؤولة فكرا وممارسة وتمسكهم بحقهم المشروع في التعبير الحر عن آرائهم يبقى الحوار والتشاور كوسيلة مثلى لتجاوز الخلافات وتصور الحلول الملائمة التي يتم التوافق عليها لبناء العمل الجماعي المشترك حفاظا على مكاسب المحاماة وعلى حقوق المحامين فرادى ومجتمعين . ذلك أنه لابد من الحوار والتوافق لتأسيس الوحدة  ولحمايتها . وفي كل الحالات يبقى التشاور الوسيلة مع  المحامين بخصوص الاليات التي ينبغي اعتمادها للوصول إلى حقوقهم  والمطالبة بها بطريقة حضارية بواسطة التفاوض وبالإقناع والتعاون مع وزارة العدل ومع جميع المؤسسات التي لهم بها علاقة مباشرة أوغير مباشرة، ذلك أن وحدة المحامين وإيمانهم بعدالة مطالبهم والتفافهم حول هيئتهم هي كفيلة وحدها بنجاح مساعيهم . الوحدة أساس كل إصلاح :  أن تفرغ العميد لمهمة العمادة شرط أساسي للعناية بالمسائل الجوهرية ومتابعة المشاكل اليومية وتشريك القاعدة النشيطة من بين المحامين في بلورة المشاكل وتحديد الطرق الكفيلة لحلها . يتحقق ذلك بتكوين عدة لجان تكون مفتوحة لمن يرغب في ذلك من المحامين ويكون من بين مهامها تقديم اقتراحات للعميد وللهيئة حول كيفية لتعامل مع المشاكل المطروحة والطريقة المثلى التي ينبغي توخيها لحلها أن التفرغ الكلي لاعباء العمادة والجهد المتواصل أمر ضروري لإيجاد الحلول . سيكون مكتب العميد مفتوحا للجميع وفي كل وقت لقبول جميع المحامين وسيتابع العميد نشاط لجان التفكير وورشات العمل وهيئة تحرير مجلة المحاماة والندوات العلمية . إني على يقين أن تكون مهنتنا موحدة,منخرطة كليا في عصرها,مستجيبة لكل متطلبات القانون المتميزة اليوم بالعدد والتنوع .            الأستاذ محمد النوري المحامي لدى محكمة التعقيب  33 نهج المختار عطية تونس الهاتف: 860 340 71- 660  126 21

برنامجنا  لنشاط الهيئة الوطنية للمحامين خلال السنوات الثلاثة المقبلة

I التغطية الإجتماعيـة من واجب المجتمع توفير حياة كريمة للمحامي مقابل ما يقوم به من تضحيات لتحقيق العدل وتوفير الأمن وذلك بتمكينه من التصدي لنوائب الدهر. وقد اتضح إن صندوق التقاعد الذي يقع تمويله من محاصيل طوابع المحاماة لا يفي بحاجات المحامين إذ أن ما يقع صرفه لهم كمنحة تقاعد هو أقل مما يصرف للمتقاعدين ممن يمارسون نشاطا معادلا أو قريبا من نشاط المحامين، وبالإضافة إلى ذلك فان المحامين في حاجة إلى التداوي والمعالجة وفي حاجة للتعويض عن الأضرار التي تلحقهم في صورة توقفهم المفاجئ عن النشاط وهو ما يستوجب تأمينهم عن المرض . وبدراسة هذا الموضوع بتمعن ، وبعد الإطلاع على عدة دراسات وصيغ تم اقتراحها في الصدد نجد أن هنالك عدة حلول مطروحة نذكر منها ما يلي : 1/ الحل الأول : الإنضواء تحت راية الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي وهذا الحل استبعده المحامون في جلسة عامة سابقة . 2/ الحل الثاني : إدخال إصلاح جوهري على صندوق تقاعد المحامين وذلك يجعله صالحا كذلك للتغطية الإجتماعية في مفهومها الشامل ، وقد اقترح مكتب الدراسات Engineering & consulting  في دراسة أنجزها بتكليف من الهيئة الوطنية للمحامين خلال شهر مارس 2006، اقترح الترفيع التدريجي في تامبر المحاماة حتى يصبح الصندوق قابلا لتعويض المحامين في حالات المرض والعجز بالإضافة إلى توفير منحة التقاعد وجرايات الأزواج و الأبناء في حالة الوفاة. وقد اعتمد المكتب المذكور في دراسته علىالتنامي الطبيعي لعدد القضايا من جهة، وعلى وجوب الترفيع في منحة التقاعد بنسبة 3% كل سنة من جهة أخرى. ومن المتوقع أن توفر هذه الطريقة مداخيل إضافية هامة للصندوق. 3/ الحل الثالث : يتمثل في إجراء مفاوضات مع شركات التأمين بهدف إبرام عقد تأمين جماعي وهي مفاوضات بدأتها الهيئات السابقة وينبغي مواصلتها للحصول على أحسن العروض ومقارنة جدواها ومساوئها مع جدوى ومساوئ الحلول الأخرى مع الإشارة إلى ان المباحثات التي قامت بها الهيئات السابقة كشفت إلى الآن عن عدم استعداد شركات التأمين لإبرام عقود بشروط منصفة . 4/ الحل الرابع : هو إحداث صندوق مستقل للحيطة الإجتماعية وهو صندوق تقع إدارته من طرف الهيئة الوطنية للمحامين مثلما هو الحال بالنسبة لصندوق التقاعد ويقع تمويله مباشرة من طرف المحامين بمبالغ يتم تحديدها واعتمادها من طرف الجلسة العامة على إثر دراسة فنية دقيقة يقع إعدادها من طرف لجنة تكون مفتوحة لجميع المحامين تبدأ عملها من الآن. وتقوم اللجنة باستشارة فنيين مختصين في ميدان التأمين بمقابل ألتزم شخصيا بتسبيقه من مالي الخاص على أن تتم اللجنة عملها قبل نهاية سبتمبر المقبل وتقع دعوة جلسة عامة للمحامين تنعقد في بداية شهر أكتوبر المقبل لاختيار الحل  الامثل الذي ينبغي إقراره . 5/ الحل الخامس : وهو الذي أقترح الشروع فيه من الآن لفترة مؤقتة ربما تدوم وتصبح نهائية في صورة ظهور نجاعته          وهو حل ابتدعه المحامون الفرنسيون وتم إقراره منذ عام 1986 بفرنسا وكان مشروعا رائدا وكافيا لتغطية متطلبات                   الحيطة الإجتماعية للمحامين في صورة المرض أو الانقطاع المبكر عن العمل أو إجراء عمليات جراحية وقد وقع اتباع                      هذا الحل بعد ذلك من طرف محامين في بلدان أخرى أخص بالذكر منها المحامون بموريطانيا والمحامون بالسينغال الذين أبدوا            رضاء تاما بنتائجه الباهرة . هذا الحل بسيط للغاية ويكمن في إحداث صندوق يسمى صندوق الدفوعات المالية للمحامين  »                 LA  CARPA  » Caisse des réglements pécuniaires des avocats    وهذا الحل يمكن تطبيقه بسهولة في صورة اقراره . وللتبسيط اقول ان مبالغ مالية هامة راجعة للحرفاء تمر بين أيدي المحامين في اطار نشاطهم تصل سنويا وبدون مبالغة الى عشرات الملايين من الدنانير وهي مبالغ تدخل وتخرج وتتجدد باستمرار فاذا ما وقع تجميع وايداع تلك الاموال في صندوق خاص نسميه « صندوق الدفوعات المالية للمحامين » بحساب بنكي وحيد يتولى خلاص الحرفاء باوامر تصدر له عند الحاجة عن المحامين المودعين فان رصيدا هاما من تلك الاموال يبقى بالحساب البنكي نظرا لوفرتها وتجددها تنتج عنه أرباح خيالية يمكن ان يستفيد منها المحامون و بالامكان ان تغطي و زيادة حاجات المحامين للتغطية الاجتماعية كما يمكن للصندوق ان يمول من الرصيد المتبقي بالحساب مشاريع اقتصادية او ان يكتتب في عمليات مالية او ان يقرض المحامين الذين هم في حاجة لفتح او لتاثيث مكاتبهم او لشراء سيارات ، وهذا الصندوق يمثل ضمانا فريدا من نوعه للمحامين المودعين ولحرفائهم ويشرف العميد على العمليات المالية للصندوق ويعمل الصندوق تحت رقابته . وربما يبدوهذا المشروع خياليا بالنسبة للبعض وانا اجيب بانه حقيقة ملموسة استفادت منه تجمعات للمحامين داخل فرنسا وخارجها .  وبذلك يمكن حوصلة الحلول الممكنة لضمان التغطية الإجتماعية للمحامين في أربعة مقترحات أساسية وللجلسة العامة للمحامين أن تختار الحل الذي يحرز على موافقة الأغلبية والذي يمكن أن يتمثل في حل توفيقي بين المقاربات المقترحة .   II  حصانة المحامي : ان المحامين يقومون بدور ريادي إسهاما منهم في تحقيق العدالة ولا يستغني أي مجتمع ينشد العدل الذي هو أساس العمران وأساس الأمن عن محاماة حرة , وفي مقابل ذلك ينبغي للمجتمع أن يوفر الضمانات اللازمة لتمكين المحامي من القيام بدوره أحسن قيام وحتى لا يسلط عليه أي ضغط مادي أو معنوي أثناء قيامه بواجبه ، وعلى ذلك الأساس ينبغي أن لا يكون المحامي عرضة للمساءلة الجزائية من أجل نشاطه العادي أو من أجل ما يعبر عنه أثناء مرافعاته أو في تقاريره دفاعا عن منوبيه ، وهو ما يفرض سن قانون لتحقيق تلك الحصانة بصورة حقيقية وهو ما سأعمل على تحقيقه خلال اضطلاعي بمهمة العمادة . III التكوين : 1/ بالنسبة لجميع المحامين : ينبغي فتح المجال أمام جميع المحامين لتوسيع نشاطهم في ميادين عديدة مثل الإستشارة والدراسات وتكوين الشركات وتشجيعهم على التعرف على التقنيات الحديثة وطرق الاتصال والتعاون مع مكاتب الدراسات في الخارج. 2/ بالنسبة للوافدين الجدد من بين المحامين : الحرص على تسيير المعهد الأًعلي للمحاماة من طرف هيئة المحامين التي يكون لها وحدها حق الانتداب وحق الترسيم في الجدول الإضافي وعدم التنازل عن ذلك الحق الذي هو أساس لاستقلالية المهنة حتى لا يفد على المحاماة أشخاص لا يؤمنون بوحدتها وباستقلاليتها وبالمبادئ والقيم التي تسودها وسوف أعمل على تكوين ورشات عمل تشرف عليها الهيئة ، وعلى تنظيم وإدارة الندوات واللقاءات والاجتماعات التي تحصل من جرائها فائدة للمحامين في إطار التكوين . وينبغي فتح باب التفاوض من الآن مع الإدارة لإقناعها بأن المحامين متمسكون باستقلاليتهم وحريتهم مهما كانت الظروف والأسباب ، فالمحاماة بطبيعتها حرة وينبغي أن تبقى كذلك وان لا تكون تابعة أو خاضعة للإدارة. والتجارب خارج تونس عديدة بخصوص تكوين وتأطير المحامين في معاهد يشرف عليها المحامون أنفسهم علما بأن المحاماة تزخر بالطاقات الكفأة وانه بإمكان الإدارة أن تسهم في الاتفاق على المعهد الأعلى للمحاماة بحكم المسؤولية الملقاة على عاتقها في مجال التعليم والتكوين ويكون ذلك مشاركة منها في رفع المستوى الثقافي والتحديثي لمهنة تشارك القضاء في مهمة نشر العدل دون أن تؤدي تلك المساهمة إلى تسيير المعهد من طرف الإدارة . وينبغي تكوين هيئة قارة يشرف عليها العميد و تكون مفتوحة لجميع المحامين يكون من بين مهامها اعداد وتطوير البرامج التكوينية للمعهد واقتراح تغيير البرامج التي لا فائدة منها إذا اقتضت الضرورة ذلك حتى تلحق بلادنا بركب المحاماة العالمية وما تضطلع به من مهام دعما لرسالة القضاء العادل . المحامون الشبان : بهم يتحقق المستقبل الزاهر للمهنة ينبغي تشجيعهم وفسح المجال واسعا أمامهم والاهتمام بمشاكلهم المادية والمعنوية والعمل على تيسير اضطلاعهم بواجبهم والتخفيف من الأعباء المحمولة عليهم وتنمية دخلهم والترفيع في أجورهم بما يتماشى مع الجهد المبذول من طرفهم والعناية بمصلحة حرفائهم وتمكينهم من القروض الضرورية لفتح مكاتب عصرية توفر لهم الكرامة واقتناء سيارة لتسهيل التنقل بين مكتبهم وبين المحاكم وأقترح أحداث تعاونية تمكن المحامين الشبان من تغطية نفقاتهم . المحامون المتمرنون : يتطلب النهوض بقطاع المحاماة وإخراجه من أزمته الراهنة مراجعة الوضع الحالي وتحقيق إصلاح جذري وشامل لمؤسسة التمرين وإيمانا منا بأن لا مستقبل للمحاماة في صورة تهميش وضعية المحامي المتمرن ولا سبيل للوصول بها إلى مستوى المناعة المطلوبة إلا بتوفير مستوى من العيش يضمن للمحامي المتمرن الكرامة وتحقيق مستوى لائقا من المعرفة والتكوين والتسلح بأخلاقيات المهنة وتقاليدها ومن أجل ذلك ينبغي أن نعمل جميعا على توفير الأسباب الموضوعية للإرتقاء بمؤسسة التمرين إلى المستوى المؤمل وذلك من خلال إحداث منحة تمرين تصرف شهريا للمحامين المتمرنين من صندوق يقع إحداثه ويكون الغرض منه دعم المحامي المتمرن . والمطالبة بإعفاء المحامي المتمرن من دفع الضرائب طيلة مدة التمرين والترفيع في منحة التسخير . وينبغي تكوين لجنة من قدماء المحامين تكون مهمتها السهر على مؤسسة التمرين . و تكون مساهمة العمادة فعالة في إيجاد جو من الوئام بين المحامين الممرنين والمحامين المتمرنين وجعل المحامين المتمرنين يقضون تمرينهم في ظروف ملائمة بإسناد قروض لمن يطلب من المحامين المتمرنين تصرف لهم من أموال الهيئة ويقع إرجاعها على أقساط . وبالإضافة إلى قضايا التسخير في المادة الجنائية ينبغي العمل على تخصيص المحامين المتمرنين بقضايا تكون من اختصاصهم وحدهم القيام بها ومباشرتها والترافع فيها إلى أن تقع إعادة هيكلة المحاماة بطريقة تتماشى مع ما نحن مقبلون عليه من تغييرات منتظرة قد تفاجئنا في صورة عدم الإستعداد لها . IV استشراف المستقبل والإعداد له : إن عدد المحامين التونسيين في تزايد مطرد وإن انخراط بلادنا في مشروع العولمة وتنفيذ الاتفاقات المبرمة في ذلك سيضيف إلى عدد المحامين المستقرين في بلادنا عددا آخر من الوافدين عليها في إطار العمل مع الشركات أو المؤسسات الأجنبية التي ستكون الأبواب مفتوحة أمامها للتمويل أو للإستثمار أو للإتجار أو للصناعة ولا يقتصر العمل بالنسبة للوافدين الجدد من المحامين الأجانب على الدفاع في إطار القضايا والترافع فيها وإنما يتعداه إلى الإستشارة وإعداد الدراسات والتحكيم والإهتمام بكل ما له صلة بالقانون . وسيعمل المحامون الوافدون أو المستشارون بطريقة مستحدثة ينبغي علينا الإستعداد لها في نطاق المزاحمة الشرعية وذلك بتطوير مهنة المحاماة ببلادنا وجعلها تستجيب لمتطلبات المرحلة المقبلة والرفع من المستوى المادي المحامين التونسيين بتمكينهم من الإعانات الممنوحة لقطاع القضاءوالمحاماة لإعداد مكاتب عصرية ولتكوينهم وتكوين الكتاب والإطارات التي تعينهم في الميادين المرتبطة بالمحاماة. ودون أن يتخلوا عن الميزة التي تتميز بها المحاماة باعتبارها مهنة حرة وعن العلاقة الشخصية التي تربط المحامي بحرفائه فإنه علينا أن نعترف في الفترة القادمة بأهمية الهيكلة الجديدة لطريقة العمل والاعتماد عليها وعلى الشبكات التي يتعاملون معها وفي جميع الحالات ينبغي على المحامين تفضيل العمل ضمن مجموعات ، إذ أن ذلك من شأنه ان يعدد فرص العمل في ميادين جديدة يمكن اكتشافها عبر التعاون مع مراكز دولية تنشط في إطار المحاماة . فالقانون ضرورة لا يستغني عنها أحد من الأشخاص الطبيعيين أو الماديين وخاصة التجمعات الإقتصادية والتجارية المحلية والدولية أو المؤسسات الإجتماعية والمالية وحتى الوزارات والسفارات والقنصليات التي نطالبها بأن تنتدب محامين مستشارين في مواضيع هي من اختصاصهم وحدهم . والمطلوب هو رصد حاجة البلاد وخاصة الدول التي نتعامل معها إلى متخرجين من كليات الحقوق في كل المجالات مستجيبين لحاجة الجمعيات والمؤسسات والبلديات والمعتمديات والبعثات الدبلوماسية والقنصلية ، خاصة في ضوء التوجه الجديد القائم على اعتبار أن النجاح الدبلوماسي مقرون بالضرورة بالنجاح في مهام أخرى قانونية وإقتصادية وتجارية مما يعني مزيدا من الطاقات البشرية المختصة في القانون التونسي والدولي تساعد على كشف مكامن الفائدة ومجالات النشاط والعمل للتونسين داخل البلاد وخارجها. وان استغلال نافذة في قانون أي دولة من شأنه ان يفتح فرص عمل لأبنائها أو أن يدفع بانتاج تونسي إلى سوق خارجية أو يشجع الطلبة على الدراسة في اختصاص جديد وأحيانا الإستفادة من منح مرصودة على ذمة بلادنا ولكن الجهل بها وببعض الامتيازات الأخرى المقررة في بعض الدول لفائدة تونس بصفتها  الإفريقية أو بصفتها الإسلامية أو غيرها من المقاييس التي قد تتوفر في تونس دون غيرها يضيع على بلادنا فرصا ثمينة وان رجل القانون النبيه في تعاضده مع الدبلوماسي النشيط يستطيع تحقيق الكثير . ومستقبل خريجي هذا الاختصاص مضمون شرط ان لا يستسلم الشباب للدعايات المغلوطة والإشاعات المغرضة وللواقع المنحرف وان تخرج عدد من شبان تونس الواعين المتحررين من الأوهام المؤمنين بأن المستقبل للقانون وللإختصاص في جميع الميادين يدفع هؤلاء للبحث والتفكير في مجالات العمل الجديدة التي لم تعرف القانون في الماضي ولم تتعود على التعامل معه وعدم الاكتفاء بما يقدم لهم من نشاط جاهز غير قادر على استيعاب كل المحامين ، رغم ان المحاماة مازال بإمكانها في صورة تطويرها ان تستوعب عددا آخر من المتخرجين على عكس ما يشاع لكن إذا بقيت على ما هي عليه فان أفقها سيكون مسدودا وما عليها إلا التعرف على الميادين الجديدة وإعداد تنظيم جديد للمحاماة بطريقة تضمن حقوق المتعاطين لمهنة المحاماة حسب تصنيفهم فهناك صنف من المحامين يتقاضون أجرا يصرف لهم من زملائهم الذين يشغلونهم بمقابل وهذا الصنف من المحامين يمكن أن نسميهم « المحامون الأجراء » وينبغي وضع نظام لهم لتحديد مهامهم وحقوقهم وواجباتهم . وهنالك محامون لهم وفرة قضايا تمكنهم من تشغيل غيرهم من المحامين الذين يجدون صعوبة في فتح مكاتب خاصة بهم ويمكن أن نسميهم بالمحامين الأعراف الذين سيشكلون طبقة هامة داخل محاماة الغد التي تمكن تشبيهها بالمؤسسة الصناعية والتي نراها الآن رائجة في الخارج وخاصة في اميركا. وفي خاتمة هذا الباب أقول إذا كان من لا يعرف القراءة والكتابة يعتبر في الماضي القريب أميا ، فإن الأمي في عصرنا الحاضر هو من يجهل التعاطي مع الإعلامية أو الإبحار عبر الانترنيت فمهمتنا توجب علينا أن نجد المعلومة بين يدينا في وقت قصير إذ هنالك مؤسسات تضع تحت يدينا ملفات كاملة ومتنوعة يمكن الحصول على ما تحتويه من معلومات في أي وقت والإعلامية والاتصال في تطور دائم والاتصال  بين ورشات وتجمعات المحامين وبينهم وبين حرفائهم وبينهم وبين المحاكم والحصول على المعلومات يتم في المستقبل بواسطة الإعلامية. لذا يجب إعداد دورات تكوينية لجميع المحامين في طريقة العمل الجديدة والاستعداد لها حتى لا تبقى المحاماة التونسية متخلفة عن ركب الحضارة علما بأن العديد من تجمعات المحامين بالعالم الثالث قد سبقتنا إليها . V  المحامي والجباية : يشكو عدد كبير من المحامين من إضاعة وقت طويل وبذل مجهود كبير لإقناع الإدارة الجبائية بعدم وجاهة طروحاتها المتعلقة بالتوظيف الإجباري بالنسبة للمحامين وتعميم الحلول التي تقترحها في حين كان عليها أن تدرس وضع كل محام على حدة وأن تأخذ بعين الاعتبار الظروف المهنية لكل محام والظروف التي تضطره للتخفيض من نشاطه .  لذا من الواجب تكوين لجنة استشارية يتم اللجوء إليها من طرف المحامين المعنيين كلما اعترضتهم مشاكل جبائية كما تتولى هذه اللجنة إعانة المحامين الذين يتعرضون للتوظيف الإجباري وتقديم النصح لهم وتحرير تقارير ترفع للعميد في صورة حصول تجاوزات أو تعديات من طرف الإدارة لها علاقة بالمواقف المعارضة أو السياسية للمحامي أو فيها حيف بالمحامين نتيجة لأخطاء يمكن تلافيها ، وأنا أقترح تسخير أو تكليف محامين مختصين بمقابل يصرف لهم من صندوق الهيئة أو بدون مقابل للدفاع عن زملائهم المحامين في صورة حصول تجاوزات. VI  مجلة المحامي والدراسات وتجهيز مكتبات المحامين : ينبغي انتداب هيئة خاصة يشرف عليها العميد لتحرير مجلة المحامي وإصدارها في الموعد المحدد لهاوبانتظام في موفى كل شهر وتخصيص منح لها ولكل محام يساهم في نشر دراسة قيمة أو التعليق على حكم جديد وتكوين لجنة يعهد إليها بالاتصال بمحكمة التعقيب للإطلاع على أهم القرارات التي تصدرها لغاية نشرها والتعليق عليها وتجهيز مكتبات المحامين بجميع المراجع والمجلات التي يحتاجها المحامون في إعدادهم لتقاريرهم أو لدراساتهم وتخصيص قاعة للبحث والدراسة بدار المحامي تكون مجهزة بأحدث الآليات لتمكين جميع المحامين من الحصول على المعلومات وانتداب أشخاص مختصين في ميدان الإعلامية والاتصال يبقون على ذمة المحامين لإعانتهم على الإبحار عبر الانترنات بمقابل زهيد أو إذا أمكن ذلك بدون مقابل وتخصيص قاعة مجهزة بعدد كبير من آليات الإعلامية وإعداد وتنفيذ مشروع طموح لبناء قاعة كبيرة تكون صالحة لإيواء ندوات ومؤتمرات وأفراح المحامين واجتماعاتهم . VII التداول على العمادة : إنه من المفيد بعث سنة التداول على المسؤولية ، فقضاء ثلاث سنوات من العمل الجدي على كرسي العمادة تسبقها ستة أشهر مضنية في إعداد البرنامج الانتخابي والقيام بالحملة الانتخابية يجعل العميد منهكا متعبا في نهاية الفترة الانتخابية الأولى وهو ما يبرر تعويضه بغيره . هذا من جهة ومن أخرى نلاحظ ان العمادة تسند لمن له كفاءة وقدرة على فض مشاكل المحامين والدفاع عنهم والنهوض بالمهنة إلى المستوى المأمول وفي هذا المضمار ينبغي فسح المجال أمام أكبر عدد ممكن من المحامين لتقديم مساهماتهم في النهوض بالمهنة وتشجيعهم على الترشح إذا كانت هنالك فائدة من ترشيحهم . والمحاماة التونسية تزخر بالكفاءات وحتى يستفيد الجميع من خدمات عدد كبير من زملائهم المتميزين الذين لا يفكرون في الظروف الراهنة مجرد التفكير في الترشح للعمادة تحاشيا للزج بأنفسهم في أتون حرب شعواء لا طائل من ورائها أمام الآلة الانتخابية الرهيبة التي أعدتها بعض التيارات السياسية والتي بدأت تترسخ في أذهان الكثيرين مع مرور الزمان وهذه الآلة الانتخابية كثيرا ما يلجأ أصحابها إلى الدس والمناورات لاستبعاد ذوي الكفاءات . والعميد الذي يقع انتخابه مرة أولى لا يألو جهدا للإعداد لنيابة ثانية ولم لا ثالثة ورابعة مهملا من أجل ذلك نشاطه العادي كعميد ومخصصا وقته للتفرغ للإنتخابات المقبلة دعاية واستعدادا وهي انتخابات كثيرا ما يستبعد فيها ذووا الكفاءات وتكون نتائجها محصورة في تيارات فكرية معروفة بقدرتها على المناورة ومع ذلك وإذا ما حرصنا على التداول على المسؤولية وبذلنا كل جهدنا لاقناع المترشحين بوجوب اتباع تلك السنة فإن الذين يصلون إلى كرسي العمادة من بين ستة آلاف محامي لا تتجاوز نسبتهم إثنين في الألف من بين المحامين ولا ندري إذا كان من يقع انتخابهم مؤهلين للاصطلاع بتلك المسؤولية ومخصصين لها كامل وقتهم ولا يعيقهم ذلك في التفكير أو الاستعداد أو التحضير لدورات انتخابية أخرى . اما إذا ابتعدنا عن تلك السنة فسوف تحرم المحاماة من كفاءات حقيقية وسوف نضطر لإعادة انتخاب عمداء لاهم  لهم الا البقاء بكرسي العمادة على حساب مصلحة المحاماة بوسائل انتخابية أصبحوا يتقنونها ويستفيدون من ممارستهم تلك المسؤولية لتكريسها . زميلاتي زملائي ، لقد حاولت أن أعرض عليكم هذا البرنامج باختصار شديد لكن هنالك مواضيع هامةمثل إعداد خزانات وأمكنة تخصص للمحامين بمختلف المحاكم لتلقي مراسلاتهم ولوضع أمتعتهم وأزيائهم المهنية وأغراضهم الخاصة وغيرها من مواضيع أخرى قد تجد أثناء الفترة الانتخابية المقبلة وسأحاول جهدي أن أجد لها بإعانتكم حلولا في أوقاتها .   وفقنا اللـه جميعأ لما فيـه خيـر المحامين جميعهم

تكويـن نقابـة للمحاميــن

هل هناك مصلحة من تكوين نقابة في قطاع المحاماة إلى جانب الهيئة الوطنية للمحامين ؟   I  تحديد الهوية وتحديد المهام: ينبغي أولا تحديد المفاهيم فهنالك خلط وغموض في أذهان الكثير من المحامين حول هوية هيئتهم الوطنية. هل هي هيئة تنظيمية أم هي هيئة نقابية أم هي تجمع بين الهويتين التنظيمية و النقابية. أرادها القانون المعمول به الآن و هو القانون عدد 87  لسنة 1989 المؤرخ في 7 سبتمبر 1989 أن تكون هيئة تنظيمية وتأديبية بحتة أضاف لها الإشراف على صندوق التقاعد ولم يفسح لها المجال للعمل النقابي إلا من باب المجاز وبصورة عرضية إذ لم يتعرض إلا بالتلميح إلى مثل هذا النشاط الذي هو حر بطبيعته طبقا لمقتضيات الفصل 8 من الدستور. و قد فكرت مليا في هذا الموضوع منذ سنوات و عرضت على عدد من الزملاء فكرة تكوين نقابة للمحامين لسد الفراغ القانوني. فالمحامون عمال بالفكر مثل الأساتذة و المعلمين والموظفين والأطباء ويعتبرون جزء من الجسم الكادح في المجتمع و لهم حقوق في العمل ولهم الحق في المطالبة بأجر محترم وحق في التغطية الإجتماعية وحق في الإضراب كوسيلة دفاعية لا يمكن الإلتجاء إليها إلا في حدود قصوى .  ان المصلحة قائمة وان المحاماة الآن في حاجة ملحة لتكوين نقابة للدفاع عن مصالحهم وان الفراغ الذي أوجده قانون المحاماة هو الذي أدى لهضم حقوقهم في حياة كريمة وحرمانهم من مستقبل زاهر وقد آن الأوان لسد هذا الفراغ . وسيتحقق ذلك في فترة العمادة المقبلة في صورة تأسيس نقابة قوية للمحامين . ولنا تجارب عديدة في ذلك فقد سبق للمحامين في البلاد الأوربية أن فكروا في تلاقي النقص في تشاريعهم المنظمة لمهنة المحاماة وشعروا أن الدفاع عن حقوقهم يستوجب تكوين نقابات حرة وفعلا توجد الآن في فرنسا وفي غيرها من البلدان نقابات إلى جانب مؤسسات العمادة والهيئات التنظيمية للمحاماة . ومن أجل ذلك حرصت شخصيا في هذا الوقت بالذات صحبة مجموعة من المحامين المناضلين على تكوين نقابة للمحامين تعمل إلى جانب الهيئة الوطنية للمحامين وسوف يقع الإعلان عن تكوينها قريبا وتعقد مؤتمرها التأسيسي الأول في وقت لاحق إثر انتخابات العمادة والهيئة وقد تكونت لجنة مفتوحة لجميع المحامين حتى المتمرنين منهم لاعداد قانون داخلي للنقابة وتكوين لجنة أخرى هي كذلك مفتوحة للجميع وذلك لتحديد المطالب الأساسية والمتأكدة التي ستعمل النقابة من أجل تنفيذها وإعداد مشاريع لوائح يقع عرضهما على الجلسة العامة التأسيسية لنقابة المحامين لتنقيحهما وإقرارها عند الإقتضاء ، علما بأن النقابة تكون مفتوحة أمام جميع المحامين. II هل يساهم تكوين نقابة المحامين في أضعاف الهيئة الوطنية للمحامين . الجواب هو  » لا  » لأن مجال العمل مختلف بالنسبة لكل مؤسسة فتكوين نقابة قوية من شأنه الإسهام في تقوية مكانة الهيئة الوطنية والدفاع عنها وعن مطالبها وسوف تكون الهيئة الوطنية للمحامين أول المستفيدين من تكوين النقابة التي ستكون مساندة لها . III أمثلة من النشاط الذي ستتولى النقابة الإهتمام به : ان قبول بلادنا الانخراط في العولمة يفرض عليها إعداد برامج تأهيل لجميع القطاعات وقد قامت الدولة بذلك وقدمت إعانات هامة وقروض ومنح للمؤسسات الإقتصادية والتجارية بشروط ميسرة أو لا يقع إرجاعها لتمكينها من تطوير طرق ووسائل عملها حتى تتمكن من مزاحمة المؤسسات الإقتصادية في البلدان الأخرى , إنه من واجب المحامين الإستعداد من الآن للمرحلة المقبلة ويجب على يجب على الدولة تقديم الإعانات والمنح والقروض الضرورية للمحامين والشبان منهم بالخصوص لتجميعهم بالعشرات بمحلات مناسبة مجهزة بآلات الإتصال الحديثة التي تمكنهم من الحصول على المعلومات وتؤهلهم لمزاحمة مؤسسات المحامين الأجانب التي ستفد على بلادنا في المستقبل القريب . وقد وقع طرح هذا السؤال عند تكوين جمعية المحامين الشبان وحرصنا آنذاك على إقناع المحامين بعدم وجود ازدواجية أو تفرقة بين المحامين واقتنع شيوخ المهنة بذلك وكانوا آنذاك السند القوي لتكوين الجمعية وثبت الآن أن جمعية المحامين الشبان تمثل قوة دفع هامة معينة ومساندة للهيئة الوطنية للمحامين ومؤسسة لتأطير المحامين الشبان وإعدادهم لتحمل المسؤولية في إطار الهيئة الوطنية وسيكون دور النقابة مماثلا لذلك إلى جاني النشاط الخاص بها .

كلمتي الأخيرة إليكم زميلاتي العزيزات زملائي الأعزاء

 عرضت عليكم في الصفحات الستة الأولى برنامجا طموحا لخصته في عدة مواضيع وقد أعدكم بأكثر وأنا على يقين من ان هذا البرنامج في متناول التحقيق في صورة المثابرة والتفرغ الكامل من طرف العميد . ان الحياة عزيمة ونضال ، ولقد وعدتكم بالتفرغ شخصيا لهذه المهمة الرائدة ، بصدق وأمانة ومسؤولية. كان رائدي منذ الصغر هو الإصلاح أينما كنت ومن أجل ذلك ناضلت في صفوف الطلبة منذ دخولي الجامعة وفي نشاط مواز ومتمم لنشاط الاتحاد العام لطلبة تونس الذي انخرطت فيه مبكرا وتدرجت عبره في المسؤوليات . وانضممت وأنا في سن الثالثة والعشرين إلى الحزب الحر الدستوري التونسي صحبة مجموعة من الطلبة الإصلاحيين دخلنا الحزب  آنذاك باعتباره الآداة الوحيدة للعمل من أجل بناء دولة عصرية وكنا أول من نادى بالديمقراطية داخل الحزب الدستوري وأسسنا الفدرالية الوطنية للطلبة الدستوريين ولم يكن ذلك التنظيم يخضع لهيمنة أو وصاية أي كان بل يحظى بدعم الديوان السياسي ، وقد استبعدنا آنذاك قاعدة التزكية لمن يقع انتخابهم من الشباب ، وقدمنا اقتراحات عملية وساهمنا في المشروع الإشتراكي للحزب الحر الدستوري . وبالموازات مع ذلك ناضلت في صفوف الاتحاد العام لطلبة تونس في عهده الذهبي في تونس وفي باريس وحضرت عددا من مؤتمراته السنوية وأسهمت في إعداد برامجه وباشرت مهمتي كعضو بالهيئة الإدارية للإتحاد العام لطلبة تونس في عهده الذهبي في نطاق الإستقلالية أمام تيارات عديدة مختلفة كما حضرت بهذه الصفة مؤتمرات وندوات طلابية عديدة وطنية ودولية .  أعتز بانتمائي للإسلام دينا وحضارة كما أني فخور بانتمائي العربي بدون رياء أو مجادلة لكنني لم أنتم لأية مجموعة من المجموعات السياسية، لم أنتم منذ فترة الشباب إلى أي حزب سياسي لأن هدفي لم يكن الوصول إلى الحكم عبر حزب من الأحزاب السياسية مهما كان ولا المزايدة في ذلك على أحد . أنا الآن مستقل لأسباب مبدئية لأني أنشد الحرية وإن كنت انتميت في الماضي ولفترة قصيرة للحزب الإشتراكي الدستوري فأنا الآن لا أنتمي لأي حزب من الأحزاب أرتبط مع كثيرين من قادة تلك الأحزاب بعلاقة صداقة وتقدير وأنا مستعد لأن أعمل مع أي منهم بدون أي مركب على أن يكون ذلك في إطار الإستقلالية في الآراء والحق في الاختلاف . وهو ما من شأنه أن يثري العمل المشترك . بدأت من الآن تكوين لجان لدراسة المواضيع الحساسة التي لها علاقة بحاجات المحاماة ومستقبلها وهي مفتوحة للجميع . لأني أومن بالعمل الجماعي وبتشريك جميع المحامين في المسؤولية وذلك بالانضمام لأية لجنة من اللجان التي ستجتمع في القريب بدار المحامي أوبمكتبي أو بأي مكان آخر يقع تخصيصه والإعلان عنه في الإبان .                   وعمل اللجان المتنوع من شأنه تشريك من يرغب من المحامين في المسؤولية وإثراء الحوار بين جميع التيارات واقتراح الحلول الملائمة . وقـل اعملـوا فسيـرى اللـه عملكـم ورسولـه والمؤمنـون .

من هو الأستاذ محمد النوري ؟

الأستاذ محمـد الـنوري محامي لدى محكمة التعقيب يقع مكتبـه بنهج المختـار عطية عدد 33 بتونس ، اسـأل عنه شيـوخ المهنـة  فهـم ولا شـك يعرفونه واسأل عنه من تعاون معهم في إطار العمل بمكتبه خلال رحلته الطويلـــة وهم محامون من جميع الاتجاهات الفكريـة ومـن جميع التيارات السياسية .   يمكن التعرف عليه خلال  برنامجه في الإصلاح لمن لا يعرفه من المحامين الشبان. نشأتـه وتكوينــه : ولد بصفاقس  في 4 جويليـة 1939, أتم تعليمه الثانوي بالمعهد الثانوي بصفاقس حيث تحصل على ديبلوم الصادقية ثم على الباكالوريا في الحسابيات من المعهد الثانوي للذكور بصفاقس ، التحق بكلية الحقوق وتحصل على الإجازة من كلية الحقوق بتونس ثم التحق بكلية الحقوق بباريس حيث تحصل على ديبلوم الدراسات العليا للدكتوراه في الحقوق ودخل إلى تونس حيث وقع انتدابه مدرسا مساعدا بكلية الحقوق ومارس تلك الخطة في آن واحد مع المحاماة حيث تمرن بمكتب المحامي الجليل المغفور له الأستاذ الطاهر الأخضر . نشاطه داخل المهنة : وقع انتخابه سكرتيرا أول لمحاضرات التربص . وكان عضوا مؤسسا لجمعية المحامين الشبان، ووقع انتخابه عضوا في الهيئة الوطنية للمحامين واهتم داخل الهيئة بالإشراف على محاضرات التربص وعلى قضايا التسخير بالإضافة إلى مهام أخرى . رافع في أغلب القضايا السياسية ودافع عن عدد كبير ممن وقعت ملاحقتهم من أجل آرائهم وانتماءاتهم مهما كانت ، وهو الآن من بين المحامين الذين يقترحون تأسيس نقابة للمحامين وهو مشروع هام وطموح في خدمة الوطن. نشاطه خارج المهنة : كان عضوا في الهيئة الإدارية للاتحاد العام لطلبة تونس و رئيسا لهيئة الحي الجامعي برأس الطابية التي كان لها نشاط كثيف في الميدان النقابي والثقافي والاجتماعي ، كما كان أمينا عاما ومن بين المؤسسين للفدرالية الوطنية للطلبة الدستوريين . وهو حاليا عضو في المجلس الوطني للحريات و رئيس الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين وعضو مؤسس لهيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات. ربط الصلة بعدد كبير من الجمعيات والمنظمات الحقوقية وكان وسيطا محايدا في مفاوضات جرت بين السلطة وبين حزب سياسي أدت لإيجاد جو من التفاهم والوئام . وكان من بين المؤسسين لمركز استقلال القضاء والمحاماة . والأستاذ محمد النوري هو الآن مستقل لا ينتمي إلى أي حزب سياسي ، وهو معروف بالوسطية والاعتدال وينتمي إلى التيار المستقل الذي ينتمي إليه أغلب المحامين ، وطني تقدمي له علاقة ود وصداقة مع أغلب المحامين من مختلف التيارات الفكرية ومع محامين معروفين في الساحة الدولية بجدهم وبدفاعهم من أجل الحق والعدل والحرية شارك في عدد من المؤتمرات الدولية والعربية للمحامين . قناعتـه وأهدافه : النضال من أجل تحقيق الأهداف السامية والنبيلةالمتمثلة في : ـ ترسيخ وحدة المحامين إذ في الوحدة قوة . ـ حماية المبادئ السامية لمهنة المحاماة الشريفة . ـ الإصلاح قصد الحفاظ على كرامة المحامين . ـ تحسين الظروف المعنوي والمادية لجميع المحامين, لجنة المساندة لترشيح الأستاذ محمد النوري لعمادةالهيئة الوطنية للمحامين لعــام 2007


         

لقاء صريح شامل مع الأستاذ الدكتور المنصف بن سالم

حاوره : الهادي بريك ـ ألمانيا ( الحوار. نت )

من هو الأستاذ الدكتور المنصف بن سالم ؟

خير ما عثرت عليه بين يدي لتقديم علم على رأسه نار الأستاذ الدكتور المنصف بن سالم هو ما حبرته نشرية  » صوت تونس  » في سنتها الأولى العدد الثاني بتاريخ 8 مايو آيار 1996 في صفحتها الرئيسة الأولى بعنوان :

 بأعلى صوتنا : أنقذوا هذا الجبل الأشم من براثن القمع الأعمى  

الدكتور المنصف بن سالم أحد كبار الوجوه العلمية التونسية حاصل على دكتوراه دولة في الرياضيات من أكاديمية العلوم بباريس ودكتوراه دولة في الفيزياء ودبلوم في الهندسة الآلية برتبة مشرف جدا وأستاذ مشارك في المركز الدولي للفيزياء النظرية وعضو الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومقرر بالمركزية الدولية للرياضيات ببرلين وعضو إتحاد الجامعات الناطقة كليا أو جزئيا باللغة الفرنسية وعضو المركز القومي للبحث العلمي في فرنسا وعضو إتحاد الفيزيائيين والرياضيين العرب ونائب رئيس مؤتمره الرابع وعضو اللجنة الوطنية للبحوث العلمية في تونس وأستاذ الرياضيات والفيزياء بكلية العلوم والهندسة بمدينة صفاقس ومعهد الرسكلة والتكوين المستمر بتونس.

هذا العالم الجليل ( 55 عاما ) والعقل الفذ الذي خدم بلاده بكل جهده وطاقته يعيش اليوم في تونس في أسوإ حال فبعد إيقافه يوم 16 نوفمبر 1987 لمدة تتجاوز سنة ونصف بعد ترؤسه لمجموعة الإنقاذ الوطني التي همت بإنقاذ البلاد من شيخوخة بورقيبة بعد تسعة أشهر من المواجهة بين الدولة وشعبها وتهديد العجوز بإصدار ثلاثين حكما بالإعدام ضد قيادات الحركة الإسلامية. ثم بعد قضائه لثلاث سنوات سجنا إثر إجرائه لحديث صحفي مع مراسل جريدة المنقذ الجزائرية الناطقة بإسم الجبهة الإسلامية للإنقاذ في سنة 1990 . ومنذ خروجه من السجن يعيش الدكتور بن سالم في ظروف صحية ومعيشية قاسية فهو خاضع للرقابة الإدارية منذ سنة 1993 وممنوع من العمل برغم بلائه العلمي المشرف وكفاءته النادرة وهو يعاني من أمراض عديدة ومحروم من أي مصدر للرزق وبعض التبرعات التي ترسلها له جمعيات علمية أو أصدقاء تقوم السلطة بالإستيلاء عليها بدون مبرر . وقد تعرضت زوجته وإبنه الأصغر عباس منذ أشهر لحادث مروع تسبب في سقوط بدني لزوجته بنسبة 15 بالمائة وسقوط بدني بسنبة 80 بالمائة لإبنه ولا يزال الطفل عباس إلى الأن خاضعا للعلاج وقد حكمت المحكمة على شركاء التأمين التي تضمن السيارة التي دهمت زوجته وإبنه بدفع 15 ألف دينار تونسي ولكن الشركة لا تزال منذ أشهر ترفض الدفع وتجد الحماية من السلطات. 

في سنة 1989 أجرى صحفي من مجلة حقائق التونسية حوارا مع الدكتور بن سالم وسأله عن الأسباب التي دفعته للإهتمام بالشؤون السياسية برغم كثرة مسؤولياته العلمية فأجاب الدكتور بأنه ظل يخدم بلده طويلا في مجال البحث العلمي غير أنه وجد جهده يضيع هدرا وهباء منثورا كمن يسكب ماء في صحراء عطشى بسبب الإختيارات السياسية الرعناء للدولة فقرر الدخول في معترك الحياة السياسية ومنذ ذلك التاريخ يتعرض الدكتور بن سالم لأشد أنواع القهر والتعذيب والتجويع والحرمان من العمل عقابا له على إهتمامه بالشأن السياسي لبلاده . ويلخص الدكتور إبن سالم بإيجاز بليغ وصفه الحالي بقوله :  » ما يجري معي أمر يتجاوز الخيال وهو فوق القدرة على الفهم والتفسير .. إنهم ببساطة يحكمون علي بالموت « . إنهم يهدفون إلى تحطيم هذا الجبل الأشم يرمون تركيعه وإذلاله وتجويعه حتى يرضخ للظلم والجهل والظلام . إنهم يحاربون الذكاء في بلدي ويقتلون المواهب ويخنقونها في جنح ليل الدكتاتورية الحالك الذي يخيم على تونس الحبيبة. إنهم يحاربون رجلا أعزل ذنبه أنه قال بصوته العالي : ربي الله . لن يخذلك الله يا منصف ولن يتخلى عنك فقد بعت الغالي والرخيص وتركت المناصب ولم تغرك الدنيا وزخرفها وزينتها ورضيت أن تكون مع الله مدافعا عن البؤساء والمظلومين والمحرومين. لن يترك الله ولن يخذلك وأنت تكرم الضيف وتواسي الضعيف وتبذر العلم والنور في روابي الجهل والظلام. الله معك وقلوبنا تخفق لك بالدعاء وأنت في ضمائرنا. جبل أشم ولن تقدر الأقزام أن ترقى إلى علاك.                     ــ صوت تونس ــ عدد 2 ـ 8 ماي 1996.

ولمن أراد التواصل مع الدكتور أو معرفة المزيد عنه : www.ben-salem.net

نص الحوار:

الحوار.نت : الأستاذ الدكتور منصف مرحبا بك ضيفا كريما على موقعنا الحوار.نت شاكرين الله لك سبحانه على قبولك إجراء حوار معنا سائلين ولي النعمة الأكبر لك ولمن معك من أهل وأحبة خير العمل وعمل الخير.

الأستاذ الدكتور المنصف بن سالم : سلام الله عليكم و على كل فريق الحوار نت ,سدد الله خطاكم لما فيه من خير البلاد والعباد. أنا جد ممنون بالمشاركة في موقعكم راجيا من العلي القدير أن يساهم عملكم هذا في رفع المظلمة عن شعبنا وإعادة العزة و الكرامة لأرض الزيتونةّّّ.

الحوار.نت : كثير من الناس من إخوانك وأصدقائك يعتبون عليك عدم مبادرتك إلى الخروج من البلاد بعيد بلوغها أوج إنسداد الآفاق في كل إتجاه وفي وجه كل حر على مدى عشرية التسعينات. كيف يرى الأستاذ الدكتور هذا العتاب الأخوي؟

الأستاذ الدكتور منصف بن  سالم:

 أولا: لم تبلغ البلاد أوج الانسداد في التسعينات بل الصحيح و حسب رأيي انسداد الأفق هو في تصاعد حتى هذا اليوم. وأما ما يمكن وصفه ببعض المكاسب التي حصلت فهي ثمرة نضالات وتضحيات رغم أنف السلطة الباغية. ثانيا: فيما يتعلق بالعتاب الموجه إلي من إخوتي الأعزاء فإني لا أشاطرهم الرأي وذلك لسببين

1- عند مغادرتي السجن سنة 1993 وضعت في إقامة جبرية ببيتي بدون أي حكم قضائي وكانت 3 فرق  من البوليس تتناوب على حراسة المنزل لمدة 24 ساعة وبقيت على هذه الحراسة المشددة حتى سنة 2001 حتى أنني لم أتمكن من حضور وفاة والدتي ودفنها بحيث كنت في شبه عزلة تامة. وصل بالسلطة الحد إلى قطع هاتفي لمدة  4 سنوات لمنعي من أي اتصال خارجي . 

 -2- في قناعاتي الشخصية لا أقبل الهروب إلى الخارج رغم ما فيه من مصالح لي و لغيري من إخواني المضطهدين وارفض رفضا باتا الإقامة الدائمة خارج وطني إلا في إطار عمل عادي ومعي جوازي ولي الحق في الدخول متى شئت. هذه قناعاتي وقد أكون مخطئا في ذلك ولكني لا أقبل أن أترك وطني. فالأولى والأحرى أن يغادر هؤلاء المنبتون الذين قطعوا صلتهم مع أصالتهم وتعلقوا بخيوط الاستكبار الدولي وراحوا يهدمون بمعاولهم العلم والاقتصاد بلا شفقة ولا رحمة بعدما قتلوا السياسة و حبسوا الكلمة الحرة

  الحوار.نت : الذين كانوا يعتبون عليك ذلك كانوا يأملون من رمز علمي من الوزن الثقيل دوليا مثلك أن يساهم بما تيسر له من علاقات دولية واسعة في إطفاء الحريق المستعر في البلاد على مدى العقدين الأخيرين يأكل أخضر الحريات ويابسها. ألا يرى الأستاذ الدكتور بأن العتاب يحوي قدرا من نظر وجيه؟

الأستاذ الدكتور منصف بن  سالم:

قد يكون هذا صحيحا لا أنكر ذلك و أتمنى أن أحصل على ما يخول لي إمكانية السفر والقيام بما يمليه علي واجبي تجاه وطني وإخواني على الرغم من صعوبة الحال مع السلطة الحالية أما و الحالة تلك فان العمل من داخل الوطن ورغم الصعوبات المادية والأمنية والصحية لا يمكن لأي سلطة مهما بغت وطغت أن توقفه خاصة إذا وعت النخبة المثقفة على اختلاف توجهاتها بالمسؤولية التاريخية فكسرت حاجز الخوف والجبن الذي هو الغذاء الوحيد للدكتاتورية , وأنا أقيّم العمل المشترك للمعارضة في السنوات الأخيرة بالمثمر و المفيد للجميع.

الحوار.نت : هل في وارد الأستاذ الدكتور أن يعود إلى سلاح الإضراب عن الطعام لوحده أو صحبة عائلته كما فعل في السابق من أجل إفتكاك مساحة جديدة من حرياته المغتصبة

الأستاذ الدكتور منصف بن  سالم:

لأسباب صحية في الوقت الحاضر غير وارد الدخول في إضراب جوع بالرغم من وجود دوافع عديدة لذلك و منها منعي و منع ابنيّ أسامة ومريم من الحصول على جواز السفر و قد قمنا بقضية لدى المحكمة الإدارية وكان رد وزارة الداخلية مستندا إلى الفصل 13 الذي ينص على حجز جواز السفر إذا كان ذلك يخل بالأمن العام أو يساهم في تشويه سمعة تونس. هذا الرد يأتي بعد تصريح الرجل الأول في السلطة بأن كل مواطن له الحق في جواز سفر ما لم يكن مطلوبا قضائيا ربما تخشى السلطة التونسية سفر باحث علمي أو طالب ماجستير لأن ذلك يساهم في تشويه سمعة تونس الناصعة في الحريات و الاكتفاء الذاتي و الديمقراطية و احترام حقوق الناس و عدم الاستيلاء على ممتلكات الغير (حتى سادتهم بالغرب).

  الحوار.نت : يطرح كثير من أصدقائك وإخوانك والمتعاطفين مع قضيتك هذا السؤال : هل يقدر الأستاذ الدكتور المنصف ماذا خسرت قافلة العلوم الفيزيائية والرياضية دوليا وعربيا بإختيارك النضال من داخل بيتك مجوعا محاصرا فيما يشبه السجن الإنفرادي المضيق؟ 

الأستاذ الدكتور منصف بن  سالم:

العلم شجرة طيبة , مدحه القرآن الكريم في عديد المواقع بل لا تخلو سورة واحدة من تمجيد العلم و العلماء إما نصا واضحا أو تلميحا و هذه الشجرة الطيبة لا بد لها من أرض طيبة  و محيط سليم حتى تنبت و تنمو و تثمر, وأرضه الطيبة هي العدل و الحرية, طالع التاريخ القديم والجديد. الثورات السياسية و الاجتماعية تسبق الازدهار العلمي و من كان يسعى في صومعته العلمية و الثقافية دون اكتراث بما يحدث حوله من ظلم وقهر فكري و سياسي و عقائدي مثله كمثل الذي يحرث في البحر, وقد سبق  أن قلت في احدى الصحف أن الثقافة و العلم و الاقتصاد و الصناعة و الفلاحة هي عبارة عن أفراد عائلة يعيشون تحت سقف واحد اسمه السياسة, فإذا كان السقف ينذر بالسقوط فكيف يهنأ ساكنو البيت بالعيش فيه. 

الحوار.نت : هل يعتبر الأستاذ الدكتور أن قضيته قد أخذت حظها من التبني الإعلامي والحقوقي داخليا أو خارجيا أم يعتبر أن جوانب التقصير في ذلك كثيرة؟ من كان الأولى بها داخليا وخارجيا وما مدى حملها بجد وقوة؟ هل يقترح الأستاذ الدكتور وسائل أخرى أو جرعات أخرى أو تناولها من زوايا أخرى؟

الأستاذ الدكتور منصف بن  سالم:

إذا نظرنا إلى القضية( سواء قضيتي أو قضية إخواني مثل الأستاذ الصادق شورو وغيره) من الناحية الدولية فإن التقصير واضح و جلي من قبل المنظمات العلمية و الحقوقية التي أثبتت جدارتها و قدرتها على التعريف بقضايا مماثلة في الشرق و الغرب عندما تعرض بعض العلماء و المثقفين للاضطهاد السياسي و الأمثلة عديدة و لكن للأسف عندما يتعلق الأمر بالمسلمين كانت التحركات جد محتشمة و محدودة. و أما من الناحية الداخلية فإن عالمنا العربي و الإسلامي لازال يتخبط في الحسابات الضيقة و الخلافات الفكرية و العقائدية و هنا أعيب على عدة منظمات حقوقية سكوتها أو ربما مساندتها للظلم و القهر في التسعينات على خلفية الخلافات السياسية و عندي أمثلة فظيعة في هذا المجال و سوف أنشرها في الوقت المناسب,على أنه لا يفوتني مدح و شكر عديد الشخصيات الحقوقية التي لم تثنها الخلافات الفكرية على الوقوف مع الحق و الدفاع عني و عن أمثالي و التعريف بالقضية قدر ما استطاعت على الأقل على المستوى الوطني , لايفوتني في الختام أن أتساءل : ماهو موقف الإتحاد العام التونسي للشغل من قضيتي مع العلم أنني من مؤسسي إحدى أعتى نقابة فيه و هي نقابة التعليم العالي و البحث العلمي بصفاقس و قد ترأست هذه النقابة لمدة زادت عن سبع سنوات و كنت عضوا في هيئته الإدارية و القاصي و الداني عرف ما قمت به في سنوات المحنة للإتحاد و حافظت فيه على تماسك وحدته .

الحوار.نت : ذكر الأستاذ الدكتور في حوارات وتصريحات سابقة بأن أطرافا عربية ودولية تدخلت لدى الحاكم التونسي ـ ربما في أعلى مستوى من الطرفين ـ ولكن لم يؤل كل ذلك سوى إلى مزيد من التضييق والحرمان. هل من تفسير يحمله الأستاذ الدكتور لهذا الأمر؟ وهل من الممكن تذكير القارئ بتلك التدخلات ولو بإختصار وهل جرت حديثا تدخلات أخرى؟

الأستاذ الدكتور منصف بن  سالم:

حقيقة وقعت عدة تدخلات أذكر منها على سبيل المثال أكادمية العلوم بباريس و اللجنة الكندية للعلماء و العلميين و أكادمية العلوم الأمريكية و عديد الجامعات الألمانية والفرنسية و منظمة اليونسكو و كل من الشخصيات التالية:

عالم الرياضيات الفرنسي لوران شوارتز الذي كان كاتب دولة للجامعات والعالم الفيزيائي الباكستاني محمد عبد السلام صاحب جائزة نوبل للفيزياء النووية و الأمير عبد الله (ملك السعودية حاليا ) و كان رد السلط في أعلى هرمها الوعود البراقة وأن المسألة ستحل قريبا إلا أن هذه التسويفات كانت كاذبة و كان رد الفعل هو العكس مزيد من المضايقات و إلحاق الأذى بأطفالي و أقاربي وحتى جيراني إلى حد كتابة هذه الأسطر, هذه المنظمات و الشخصيات توقفت عن التدخل في المدة الأخيرة و أظن أن ذلك راجع إلى يأسها من السلط الحالية بعدما تيقنت من كذبها و مراوغاتها و قد قال لي أحدهم أنه جد مستاء عندما تيقن من كذب أحد كبار المسؤولين وقتها.

 الحوار.نت : كيف يفسر الأستاذ الدكتور أحداث ديسمبر الأخيرة المتعلقة بما إصطلح على تسميته إعلاميا بأفتتاح أول معركة بالذخيرة الحية من لدن ما سمي بالجهادية السلفية في تونس؟

الأستاذ الدكتور منصف بن  سالم:

المثل التونسي يقول: يشعل النار و يقول الدخان منين؟

الواقع أن هذه الأحداث ــ على خطورتها و سلبياتها و ما يمكن أن تجلبه للبلاد من « حوار دموي  » قد لا يسلم منه لا الظالم ولا المظلوم ــ  نتاج طبيعي لتعصب سياسي أعمى و تطرف للكفر لا مثيل له في عصرنا الحاضر,فهل توجد دولة واحدة في العالم تمنع حجاب المرأة في الشارع و في البيت و هل توجد دولة واحدة في العالم تطلق النساء بالقوة و التهديد وهل توجد دولة واحدة في العالم تمنع مواطنيها من العمل وكسب قوت عيالها غير تونس؟

حقيقة و بدون مبالغة إن بلادنا و بسلطتها الحالية سائرة للأسف الشديد نحو الهاوية و ما وقع أخيرا هي بداية رد فعل قد تتكرر و تتطور و المسؤولية الأولى والأخيرة على عاتق الجالسين على هرم السلطة.

الحوار.نت : عرف الأستاذ الدكتور من خلال تصريحاته وكتاباته المنشورة على ندرتها بخطاب سياسي أميل إلى التصعيد والمفاصلة سيما حيال مؤسسة الحكم في تونس وذلك بخلاف العدد الأكبر من رموز الحركة ورموز التغيير السياسي في البلاد بصفة عامة. إذا كان ذلك صحيحا فكيف يفسر الأستاذ الدكتور ذلك؟

الأستاذ الدكتور منصف بن  سالم:

شخصيا أرفض أن أوصف بالتصعيد.غاية ما في الأمر هو أني لا أنافق و تكويني العلمي يجعلني أكثر صراحة من غيري, فعندما وصفت السلطة سنة تسعين بالإرهابية كان جل المثقفين يمينا و شمالا يصفق لها و اليوم و بعد حوالي عقدين هل سلم تيار فكري واحد من إرهاب السلطة بما في ذلك الحزب الحاكم؟

ماذا ينتظر من يحمل أملا في سلطة تونس بعد هدر عقدين من الزمن و تخلف تونس في ميدان حرية الكلمة و العلم و الإقتصاد و التفويت المجاني في خيرات البلاد و إفراغ أجيال عديدة من الزاد الثقافي و تحطيم الصرح البيداغوجي هذا الصرح الذي ساهم في بنائه رجال تونس و لم يجرؤ بورقيبة طيلة 30 سنة من حكمه على المس به على الرغم من عدائي الشديد لهذا الرجل.

الحوار.نت : ما هو موقف الأستاذ الدكتور مما عرف بحركة 18 أكتوبر إبتدءا وما هو تقويمه لمسيرتها بعد عام ونصف تقريبا من ميلادها؟ هل يملك الأستاذ الدكتور بديلا عمليا عنها في صورة ما إذا كان موقفه منها إلى السلب أقرب منه إلى الإيجاب؟

الأستاذ الدكتور منصف بن  سالم:

موقفي من حركة 18 أكتوبر واضح فقد ساندت وباركت هذا العمل النموذجي من أول يوم و قد كنت أهتف يوميا للمضربين عن الطعام ثم قمت بزيارتهم عدة مرات و حضرت يوم فك الإضراب و أدليت بعدة تصريحات لقنوات أروبية و كندية في مقر الإضراب . هذه الحركة جاءت في وقت لجمت فيه كل الأفواه و صودرت فيه الكلمة الحرة و أصبح شعار السلطة السياسي :  « ما أريكم إلا ما أرى » و هو عمل جد إيجابي لأنه جمع التونسيين حول مصلحة الوطن على الرغم من تشتت الإتجاهات و الميولات . على أنني أنبه إلى خطورة إثارة الخلافات الفكرية و العقائدية فإن الإسلامي عندما تحالف مع الماركسي لم يعلن يوما عن تنازله عن عقيدته و كذلك الماركسي أو القومي بل الجميع قبل أن يضع يده مع الجميع لإنقاذ تونس مع المحافظة كل على خصوصيته مع الاتفاق على هوية الشعب التونسي التي تبقى فوق كل اعتبار و ملكا للجميع, و نجاح هذه الحركة رهين قبول الرأي الآخر و لذلك أعيب على من يثير الآن قضية الشرع في موضوع الميراث وأتمنى أن يكون ذلك على حسن نية حتى يبقى رابط الثقة بين أطراف الحركة متينا.

الحوار.نت : هل في وارد الأستاذ الدكتور التفرغ ولو جزئيا للكتابة سواءا في مجال تخصصه العلمي أكاديميا متابعة للبحوث النظرية الجديدة في الفيزياء والرياضيات وغير ذلك أو في مجال تجربته السياسية أو معاناته الطويلة بين السجن في الأقبية المظلمة والسجن في البيت؟

الأستاذ الدكتور منصف بن  سالم:

رغم صعوبة العمل في البحث العلمي في الظروف الحالية لأن ذلك يتطلب الإطلاع على ما يقوم به الباحثون في أنحاء العالم و هو ما يستوجب مطالعة المجلات المختصة و حضور الندوات و السفر إلى داخل الوطن و خارجه و حرية المراسلات و هذا كله بالنسبة لي ممنوع بقوة القانون و البوليس, قلت : رغم ذلك فمحاولاتي لم تنته و لو كانت سرية و بسيطة, أما في مجال التجربة السياسية المحاولة الأولى انتهت إن شاء الله  و هي الآن تحت الطبع و سترى النور في الأيام القريبة.

 الحوار.نت : أعلن الأستاذ عامر لعريض ـ رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة ـ منذ يومين على قناة الحوار اللندنية بأن الحركة بصدد الإعداد لمؤتمرها الثامن. كيف يقيم الأستاذ الدكتور تجربة الحركة الإسلامية على مدى العقود المنصرمة؟ هل له أن يذكر للقراء أهم كسبها وأكبر أخطائها وكذا رؤيته لمستقبلها؟

الأستاذ الدكتور منصف بن  سالم:

أعتذر عن الإجابة على هذا السؤال مع دعائي للحركة بالتوفيق ولفت انتباه إخواني إلى المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقهم.

الحوار.نت : ما هو رأي الأستاذ الدكتور في ظهور إتحاد شغل جديد إسمه الجامعة العامة التونسية للشغل منسقه العام الحبيب قيزة؟ هل هو إتحاد وطني آخر للشرفاء بزعامة بوراوي جديد وطبخة مزالية جديدة لدك أسس الإتحاد الشرعي أم أن التعددية النقابية صنو التعددية السياسية في هذا العصر الجديد؟

الأستاذ الدكتور منصف بن  سالم:

:عندما تم تدجين المنظمة الشغيلة في التسعينات ضمن تدجين المجتمع   المدني حاولت بعض الشخصيات النقابية ومنهم الأستاذ محمد طاهر الشايب بعث نقابة جديدة وباءت المحاولات بالفشل,اليوم وبعد النجاح النسبي للمؤتمر الأخير وما جاء به من قرارات لا تعجب السلطة ولدت المنظمة الجديدة أو هي بصدد الولادة وبالرغم من اليأس الذي تفشى في نفوس الشغالين بعد سنوات الركود فاني لا أتفاءل بالمولود الجديد وأعتبره عصا لتأديب قيادة لا تنظر اليها السلطة بعين الرضا.

الحوار.نت : هل يخشى الدكتور على تونس عدوى الصراعات المذهبية والطائفية بمثل ما يعرف الشرق العربي؟ إذا كانت تونس محصنة فما هي المناعات وهل هي ذاتية أو مكتسبة؟

الأستاذ الدكتور منصف بن  سالم:

لا أخشى أبدا الصراعات المذهبية في كامل المغرب العربي على شاكلة ما عليه المشرق فجل سكان المنطقة مسلمون سنة ومالكية وهذا عامل جد إيجابي يعود فيه الفضل بعد الله عزوجلّ إلى جامع الزيتونة المعمور فك الله أسره .

الحوار.نت : هل للقراء أن يتعرفوا على آثار محاولات الإغتيال التي تعرضت لها قبل سنوات والتي خلفت لدى بعض أبنائك سقوطات بدنية حادة؟

الأستاذ الدكتور منصف بن  سالم:

إلى حد هذه الساعة لا يمكن لي أن أجزم بأن ما وقع لي هو محاولة اغتيال وصورة الحادثة كما يلي: يوم 12 _6_95 بينما كنت أتسوق مع زوجتي وابنتي وابني عباس(11 عاما) من السوق الشعبي بصفاقس وكان معنا كالعادة عوني أمن الدولة تحرجت زوجتي منهما عند اختيارها لبعض ملابسها فعزمت  على مغادرة المكان وبعد دقيقتين دخلت المكان شاحنة خفيفة توجهت نحو » النصبة  » صعدت المادة وصدمت العائلة ونتج عن ذلك سقوط مستمر لزوجتي قدر ب15 بالمائة ولابني عباس إعاقة قدرت ب 70 بالمائة. علمنا أن السائق هو رجل تجاوز الستين ولا يملك رخصة سياقة .إلا أنني أجزم بدور السلط في تعطيل المداواة وارتفاع نسبة الإعاقة . كم مرة تتم سرقة الملف الصحي لابني ونضطر إلى إعادة التحاليل وكم مرة البوليس يحرر بطاقة إرشادات في حق طبيب أو ممرض باشر ابني وكم مرة يعدل ألطبيب والممرض عن تغيير الضمائد للمريض عندما كان مقيما بالبيت خوفا من تعرضه لأسئلة البوليس في باب المنزل.

الحوار.نت :  يشير بعض المراقبين إلى أن إنفراجا نسبيا يحدث في تونس ويوردون أمثلة على ذلك : دعوة السلطة لحزبين قانونيين ( الحزب الديمقراطي التقدمي و التكتل من أجل العمل والحريات ) للمشاركة في ندوة حول التكوين المهني وكذلك رفع الحظر عن مسرحية ( خسمون) لصاحبيها الجعايبي وبكار وهي تعنى بنقد السلطة في التعامل مع الإسلام السياسي في عقد التسعينات. هل يشاطر الدكتور هذا التحليل؟ إذا كان الجواب بالنفي فما هي طلبات الدكتور من مؤسسة الحكم تحديدا وما هي شروط التحول الديمقراطي وكيف السبيل إليها؟

الأستاذ الدكتور منصف بن  سالم:

أتمنى أن يحصل انفراج عن قريب  هذه أمنية كل وطني أما ما ذكر من بوادر لذلك فلا أتفق معه لأنها بوادر جد ضئيلة بالمقارنة مع التصعيد المقابل من حملات تفتيش وحجز أدوات ثقافية وترويع عائلات قدامى المساجين ومداهمات  ليلية ومراقبة المساجد ومنع من هم دون سن الأربعين من صلاة الفجر وعودة حملة الحجاب وإقصاء أبنائنا من شهادة الكفاءة مواصلة لسياسة التجويع الجماعي ومنع انعقاد مؤتمر الرابطة ومنع تجمع لمساندة المساجين وتكرر استدعاء بعض رموز المعارضة وتهديدهم بالعودة للسجن   والإصرار على حرماننا وأبنائنا من جوازات السفر والمضايقات اليومية. حسب رأيي أدنى بادرة انفراج هي إطلاق سراح المساجين وإطلاق سراح المسرحين دون استثناء. أما طلباتي من مؤسسة الحكم فقد أصبحت عندي من المحرمات بعدما يئست من صلاح هذه السلطة وصار في قناعتي الأمل فيها يتناقض مع إيماني بالله. وما عشته طيلة عقدين من سنين الجمر يجعلني لا أرى أي تحول ديمقراطي ممكن مع من هم الآن في سدة الحكم وأدعو الله العلي القدير أن يجنب بلادنا كل مكروه وأن تنقشع السحابة السوداء عن تونس الحبيبة ويعاد لها دورها الحضاري.

الحوار.نت : شكرا للأستاذ الدكتور المنصف بن سالم على رحابة صدره وما أولانا به من حوار شامل صريح.

عن الحوار.نت

الهادي بريك – ألمانياbrikhedi@yahoo.de

(المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 3 مارس 2007)


بسم الله الرحمان الرحيم

غريب العقوبات (6)

….بالوعة المياه المستعملة،النمل، ألذباب، ثم ماذا بعد؟؟؟؟

كأن العقوبات المحددة في القانون المنظم للسجون في البلاد التونسية ( أو في سلفه الأمر عدد 1876 الصادر في 04 نوفمبر 1988) قاصرة عن تحقيق ما وضعت من أجله من محافظة على الأمن داخل الوحدات السجنية        و احترام لحسن سيرها فطفق مديرو هذه الوحدات، في سباق محموم، يبتكرون من طرق « الردع » و  » التأديب » ما لم يسبقوا إليه مطلقين العنان لخيالهم الوقاد دون زاجر من قانون أو ضمير أو أخلاق أو دين أو مروءة أو إنسانية… و قد سبق أن رأينا في هذه السلسلة نماذج غريبة من العقوبات أن دلت على شيء فإنما تدل على رسوخ حقوق الإنسان لدى هؤلاء كما تدل على مدى حرص الإدارة العامة للسجون و الإصلاح على احترام إنسانية السجين و السعي إلى إصلاحه و النهوص به…

و قد رأينا  » النمل » و جاء دور « الذباب »…..

في سجن حربوب من ولاية مدنين بالجنوب التونسي رأى السيد المدير أن العقوبات المنصوص عليها بالقانون عدد 36 لسنة 2001 غير ذات جدوى في تأديب المساجين و ردعهم فأعرض عنها و لا أدري أهناك من ساعده في ابتكاره هذا أم كان إنتاجا خالصا له يحق له أن يسجل براءة لاختراعه يستفيد من عائداته حصريا…

جرت العادة أن يقع تجميع حاويات الفضلات في فسحة المطبخ على أن يقع تفريغها قبل خصة العمل الإداري المسائي، و كان الذباب يتجمع على هذه الحاويات بشكل مكثف، فرأى سيادة المدير توظيف هذا الذباب لتأديب بعض المساجين… و إن كان النمل غير مقصود في حادثة « إيريك السويسري » في سجن العاصمة (9 أفريل) فإن النمل هنا مقصود و مضمر…

يقع خلط السكر بالماء حتى يتحصل السيد المدير على خليط لزج ثم يعمد إلى السجين فيجرد من ثيابه ليبقى في أبسط ثيابه( تبان قصير) ثم يطلى جسد السجين بذلك الخليط اللزج ثم تقيد يدي السجين إلى باب ساحة الفسحة ( وهو متكون من صفيحة حديدية) و يقضي السجين على هذه الحالة ما شاء السيد المدير… و لا شك أن الذباب قد أوتي من الحكمة و التمييز ما يجعله يعرض عن حاويات الفضلات الوسخة لينقض على السجين المسكين- معذرة لينقض على السكر المحلول في الماء… و لكم أن تتخيلوا البقية…

و قد يتساءل المرء  » ماذا فعل هذا السجين ليسلط عليه الذباب؟؟؟ »

اطمئن  سيدي القارئ، هذا السجين لم يحفر نفقا للفرار من السجن كما أنه لم يتسلق سور السجن فهو يعلم أن تلك  الأسلاك الشائكة مكهربة، و لم يعتد على أحد الأعوان أو المساجين كما أنه لم يعتد حتى على الذباب، لم يقبض عليه متلبسا بجريمة أخلاقية أو سياسية، لم يسب الجلالة و لم يثلب زعيما و لا حكيما و لا عرافا و لا لاعب كرة قدم أو كرة يد، لم يصدر عنه أي تعليق عند بث شريط الأنباء بل لم يضحك و لم يتبسم… جريمة هذا السجين أنه خاط قطعة قماش ليستعملها سجين محال في قضايا الإرهاب كستار يحجب عنه نور المصباح الكهربائي أو ليوفر لنفسه شيئا من العزلة عن محيطه السجني عساه يرفه عن نفسه بعض الشيء بذكر الأحبة…

و ختاما كم من المقالات حبرت تنديديا بما يقع في قواتنامو أو سجون العراق في الصحف العربية الرسمية و شبه الرسمية، و كم من الشخصيات العربية الرسمية من ملوك و رؤساء و وزراء     و برلمانيين و إعلاميين أطنبوا في الحديث عن حقوق الإنسان و ضرورة احترامها أثناء التعامل مع الأسرى و المساجين قي المعتقلات الأمريكية… لكنهم  » صم بكم عمي » إذا تعلق الأمربالسجون في بلدانهم و كأن لسان حالهم يقول:  » إن المصحف الذي دنس في أبو غريب أو قوانتنامو هو غير المصحف الذي عندنا، و أن السجناء الذين أهينوا هناك هم غير هؤلاء الذين يملؤون سجوننا…

 و لن يكرم الإنسان إلا كريم كما…….

 و الســـلام

 عبدالله الـــــــــزواري

abzouari@yahoo.fr


 

تونس نحن و 2009

سفيان الشورابي

مما لا شك فيه أن الحديث عن المحطة الانتخابية المنتظر أن تنعقد سنة 2009 اليوم يُعدّ نوعا من الترف الفكري و المخاتلة السياسية. و يلهي الأقلام عن التطرق و البحث في المشاكل و المآزق التي يعيشها الشعب التونسي في هذه الفترة. و يؤجج الاختلاف و يعمقه بين الفرقاء السياسيين حول كيفية التعامل مع هذا الملف. غير أن تزايد وتيرة المناشدات الصادرة عن الهياكل التابعة للتجمع الدستوري الديمقراطي أو القريبة منه، وعن عدد من الهيئات الدستورية ( على غرار مجلسي النواب و المستشارين ) حاثّة زين العابدين بن علي على تقديم ترشحه للرئاسية القادمة. تدفعنا لقول شيء في هذا الموضوع. فالأكيد أن الظرف العام الذي تعيشه تونس يستحق بالفعل وقفة تأمل ملية تُسهل علينا التعمق في أسباب و مسببات هذا التوجه؛ و الإجابة بسلاسة : ما الذي يدفع كل هؤلاء لتكريس الرئاسة مدى الحياة، رغم النداءات الملحة من أكثر من طرف من أجل احترام سنة التداول على السلطة، و وضع حد للاستهتار بطموحات جميع التونسيين لحياة متطورة و حرة ؟ من المعلوم أن الدستور التونسي، الموضوع وفق مقاس الرئيس السابق الحبيب بورقيبة، مجعول بالأساس لحصر النفوذ السياسي و شخصنته. حيث مهد للحكم الفردي و الّه رئيس الدولة و جعله يتحكم في جل دواليب الدولة. كما أسند إلى وزير الداخلية سلطة مطلقة في قبول أو رفض ما يريد؛ و هي عناوين فرعية، أقل ما يقال عنها بكونها من ركائز النظم الاستبدادية المطلقة. و كان مشروع التنقيح الدستوري الجوهري في 26 ماي 2002 كارثة في هذا الشأن. إذ عزز من هيمنة سلطة رئاسة الجمهورية على بقية السلطات، و عمّق النزعة الزجرية للقوانين، و ألغى الفصل 39 من الدستور بما يقضي بذلك على مبدأ التداول على السلطة، و أوصد جميع أبواب المنافسة على منصب رئاسة السلطة التنفيذية. أما في ما يتعلق بالحياة السياسية العامة، فمأساويتها و حلكتها بارزة للعيان و ليست محل خلاف إلا من لدى من اصطف إلى جانب السلطة. فالتطابق بين الحزب و الدولة. و منع و محاصرة العمل المدني المستقل ، جعل من باب السخرية أن نتحدث عن « مسار ديمقراطي » أو أن نشير إلى « تعددية سياسية ». فمجال التحرك خارج منظومة الحزب الحاكم قريب من الصفر. و الاختلاف ممنوع؛ لتبرز معارضة أقل ما يقال عنها أنها قيست لتؤثث طبخة مغشوشة. أدّت إلى استفحال هيمنة الحزب الواحد و الحكم الفردي. إضافة إلى ذلك، وفي هذا المناخ القاتم، لم تتأخر السلطة عن استعمال الأسلوب الأمني لمعالجة جميع الملفات دون استثناء. و تجييش الجمعيات التابعة للحزب الحاكم و لجان الأحياء لمراقبة تحركات و أنشطة جميع المعارضين باسم « اليقظة » و « الاستنفار أمام التحديات ». و هي طرق أثبتت و ما تزال فشلها. و في ظل كل ذلك، وضعت الأحداث المسلحة الأخيرة أمام المراقبين، سلطة الحكم عندنا في موقع تساؤل. و أهم النقاط المثيرة؛ هو قدرتها في شكلها الحالي على الإدارة السليمة للشأن العام و استطاعتها على تحقيق الاستقرار الحقيقي و المحافظة على أمن المواطنين. فاستيعاب المجتمع و امتصاص المجال العام و بولسة الفضاء الخاص، هي أساليب و طرائق أكدت مؤخرا ضعفها في منع حدوث المواجهة المسلحة ] مع يفترض ذلك من بروز مجموعات قابلة للعمل العسكري، و الدعاية التي قامت بها، و تهريبها للسلاح، و القيام بتدريبات، و تخطيطها لعمليات…[. كما أن السياسة الاقتصادية الموغلة في الليبرالية، والتي لا تأخذ في الحسبان حاجيات الشعب الضرورية. و توزع بصورة عادلة فوائد النمو الاقتصادي بصورة عادلة و متوازنة. هي أيضا من الحوافز التي تُعمق الشرخ القائم داخل البنيان الاجتماعي. و يوسع بين الهوة بين أغنى الأغنياء و بقية الشرائح الاجتماعية. زيادة إلى ما تمارسه السلطة من إثارة للخواء الثقافي، و خنق جميع الطاقات الإبداعية التقدمية، و قطع كل السبل أمامها للتواصل بينها و الجماهير التي من مهامها وتسليح إياها بوعي يكون جدار أمام نغلغل البنى الفكرية الغيبية و الميتافيزيقية و التكفيرية. و إذا كان البعض يتحدث عن وجود خيوط بين مرتكبي العملية المسلحة و دوائر نافذة داخل جهاز الحكم، فان هذا لا ينفي إطلاقا بأن نشاط هذه المجموعة و غيرها، وانتشار أفكارها و أرضيتها أصلا يُمثل مؤشرا لانخرام و قصر النظر للمُتحكمين في السلطة. و يهدّد بجرّ البلاد إلى كوارث وخيمة. و أمام كل هذه التحديات، و عوض البحث الجماعي عن حلول عامة لتحصين التونسيين مما قد يعترضهم من رهانات، يتعامل الحزب الحاكم مع خطورة الأحداث بمنطق أحادي و تسلطي الأسلوب و المنهج. و يقفز مرة أخرى على الواقع و يخيّر مزيد الهروب إلى الأمام. يقرر دعوة بن علي الترشح مرة أخرى. وهو ما يحمل في صلبه دلالتين : الحالة غير المفهومة من الرضى بالذات، و الاطمئنان الزائف، و الالتفاف غير المبرر حول سياسة أثبتت و ما تزال فشلها الذريع، و عدم قدراتها على التلاؤم و إحراجات الحاضر، و رغبة كل التونسيين في حياة بديلة. هي تزكية تؤكد مرة أخرى عدم استطاعة الحزب الحاكم أخذ المبادرة و إصلاح نفسه و تبني خيار مستقل يحتكم للإرادة العامة.ليكون بجدارة مرة أخرى الأخطار الأمثل لتحقيق طموحات شخصية و ذاتية ضيقة. استهتار المحرضين لبن علي الترشح مرة أخرى بمبدأ التداول على كرسي الحكم. و الاستهتار بالكثير من الكفاءات و الطاقات التي بإمكانها من ذلك الموقع إفادة البلاد أكثر، لما فيه خير للجميع. —— في الطرف المقابل، نلحظ غياب موقف جماعي و مشترك و صارم تجاه الخروقات تجاه الديمقراطية من جهة الأحزاب السياسية المعارضة، مهما كان موقعها و موقفها. فحالة الصمت غير المبررة التي تصبغ وسائل الإعلام المملوكة من قبل هؤلاء تضع في موقع حيرة عن دورها في المشهد السياسي المحلي. فعدى قلّة منها، ارتأت الحركات السياسية المعارضة عدم ردّ الفعل و مواجهة مثل هذه التصرفات اللامسؤولة. وهو مفهوم من جانبين: أولا: أن دور بعض الأحزاب لا يتجاوز المباركة و المساندة و التذيّل للسلطة. و يبدو أنه من المحرج بالنسبة لها أ، تقوم بدعم ترشح بن علي نت الآن. لما قد يسببه لها من مآخذ، و يورطها في متاهات قد تفقدها الامتيازات التي تتمعش منها بصورة دائمة. ثانيا: يبدو أن بعض التحالفات السياسية التي وقع نسْجها مؤخرا، بدعم من السلطة، لا يحتمل في الفترة الحالية الحديث في هذا الموضوع. إذ أن الأرضية غير الواضحة و الناضجة لهؤلاء لا تستوعب اتخاذ موقف جريء و صلب و متوازن. يأخذ بعين الاعتبار تطلع الشعب التونسي إلى حياة ديمقراطية و كريمة. ثالثا: ضعف المعارضة التقدمية و انزلاقها في دوامة الحسابات التي لا تخدم مصالح الشعب. و اختلاقها صراعات وهمية أو ثانوية تحيد عن حقيقة التعامل مع المأزق الراهن الذي يضر بصورة تونس و يهدد مصالحها. بين مجتمع في طريقه إلى المجهول، و سلطة سياسية تُغلق أذنيها عن ضرورات الإصلاح الجوهري و الشامل. و ما على المعارضة السياسية الفعلية إلا التموقع في أحد الصفّيْن و الذي لا ثالث لهما. لا يُمكن الحديث إذن عن الحدث الانتخابي القادم كموعد يكون الصندوق وحده الفيصل و الحكم بين الحركات السياسية. و تمهد الطرق أمام الجميع و بالتساوي للعمل الدعائي الحر. تتصارع خلاله البرامج الانتخابي بدون قيود. و يفترض بذلك إجراءات ضرورية و ملحة: – فصل مطلق و تام بين أجهزة الدولة و جهاز الحزب الحاكم. – سن قانون عفو تشريعي عام. – الاعتراف بجميع الأحزاب المدنية و التقدمية، و بالجمعيات الأهلية المستقلة. و الترخيص لجميع الصحف و الإذاعات و القنوات التلفزية بالصدور الحر. – رفض الخضوع لآليات العولمة و ضغوطاتها و إعادة النظر في دور الدولة في المجال الاقتصادي لما قد يمثله ذلك من ضمانة حقيقية للتوازن الاجتماعي و منع هيمنة الاقتصاد على بقية الجوانب. – ضرورة قيام مجلس تأسيسي يمثل كل القوى الحية، يتولى مهمة سن دستور جديد يؤسس لنظام شعبي. و من دون هذه الإجراءات العاجلة، نعتقد بأن الانتخابات القادمة ليست سوى عملية التفاف أخرى على رغبة التونسيين في مستقبل زاهر و غد مشرق. (المصدر: موقع مكتوب بتاريخ 3 مارس2007 2007) المصدر: http://news.maktoob.com/?q=node/555672

 


 

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على أفضل المرسلين

 

المنستير في: 03/03/2007

بقلم محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري

رئيس شعبة الصحافة الحزبية سابقا

الرسالة 203 على موقع الإنترنت تونس نيوز

 

تعليق على ذكرى 02 مارس 1934

إنعقاد مؤتمر الحزب الحر الدستوري التونسي في مدينة قصر هلال مدينة النضال ومعقل الحزب ورسالة مفتوحة للسيد ديلانوي رئيس بلدية باريس فرنسا

 

إن ذكرى إنعقاد مؤتمر الحزب الحر الدستوري التونسي المنعقد يوم 02 مارس 1934 بمدينة النضال قصر هلال في الساحل التونسي يعتبر المنعرج التاريخي الهام في حياة الحزب والأمة التونسية وقد أقدم الزعيم الشاب الحبيب بورقيبة في سن الواحدة والثلاثين على هذه المغامرة السياسية الهامة بمعية ثلة من رفاقه الوطنيين من الشبان المثقفين وهم السادة الدكتور محمود الماطري والطاهر صفر والبحري قيقة وإن ذكرى 2 مارس 1934 بقصر هلال لها مدلولها ومخزونها التاريخ العميق ومكاسبها في شتى المجالات السياسية والإجتماعية والحضارية والإقتصادية فهي نقطة الإنطلاق والعلامة البارزة في التاريخ وهي المنعرج السياسي الذي غير مسار التاريخ ورسم خطة المستقبل وملامح المجتمع وطريق التطور وإن المؤتمر هو الذي وضع أسس البناء الشامخ والتغيير في الأفكار والعقليات وكرس معاني الديمقراطية داخل الحزب وحقق مطامح الأمة وجسم المؤتمر أحلام الشعب وفجر طاقته ومواهبه وإرادته القوية وبذلك سمي مؤتمر البعث ومؤتمر التصميم على إسترجاع الحقوق المسلوبة وإعادة الإعتبار لسيادة البلاد ودحض المحتل الإستعمار وجلاء قواته على الأرض التونسية وبناء دولة قوية عصرية يحكمها أبناء الشعب التونسي وإصدار دستور يشارك في وضعه وتصوره ونحته ورسم صفوة الشعب ومفكري ومناضلي الحزب المؤمنين برسالة مؤتمر قصر هلال الخالدة. والحمد لله تحققت الأهداف المرسومة على مراحل بفضل خطة حكيمة وقيادة رشيدة عاهدت الله تعالى على التضحية والنضال والجهاد حتى النصر المبين وتحملت في سبيل ذلك كل أنواع السجون والأبعاد والمنافي والغربة والمحاكم والمحاكمة والحرمان وصبرت وتجلدت حتى بلغ فجر الحرية بعون الله ورعايته. الحرية جانب يدفع الثمن الغالي ورأس المال هو البشر والنضال والتضحية فهل أعطينا الذكرى ما تستحق من كريم العناية وهل قامت تلفزة مبادئ 2 مارس 1934 بما يجب القيام به في الذكرى الخالدة وهل قامت الصحف التونسية بما ينبغي لتغطية الذكرى والحديث عنها وتخصيص صفحات عن إبعادها ومغزها وأهدافها وهل بادرت وسائل الإعلام الوطنية بدعوة مناضلي جيل ميلاد الإستقلال للحديث والحوار معهم وهل التجمع وريث الحزب الحر الدستوري التونسي دعاء مناضلين في 8000 شعبة لحضور تظاهرة حزبية عازمة لإبراز مكانة 2 مارس 1934 وقيادة الحزب والإشادة بدورها أم يكفي حضور عدد محدود في مدينة قصر هلال لإحياء الذكرى وكلام المشرف الذي يدوم ساعتين يلخص في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة في 03 دقائق منها نصف دقيقة إشارة للتاريخ والباقي للمدح فهل هذا يسمى إحياء لل\كرى بدون تعليق وأعتقد أن إشراف الرئيس بن علي يوم 02/03/2007 على أشغال الندوة الوطنية للبلديات يرمز في أبعاده الحضارية ومفهوم حق المواطنة وممارسة حق الديمقراطية المحلية ويرمز إلى مكان عليه الوضع زمن الإستعمار الفرنسي وإن لقاء الأحرار بقصر هلال في 2/3/1934 بقيادة شابة ومثقفة وواعية ومناضلة وناضجة في طليعتها الزعيم الشاب الحبيب بورقيبة ورفاقه الأوفياء هذا اللقاء التاريخي الهام هو الذي كان منعرجا سياسيا هاما في تكوين الشخصية التونسية وتحقيق كل أهدافها التي رسمها مؤتمر 2/3/1934 وما ندوة البلديات الأخيرة إلا حلقة أخرى تضاف إلى مكاسب  ومبادئ 2/3/1934 بإعتباره يوم الثورة على كل الأوضاع والحزب الذي قاد المسيرة النضالية هو الذي يواصل تحقيق مشاغل الشعب وتطويرها ولكن العبرة دوما تكمن في الوفاء لخط ونهج 2/3/1934 ودور الإعلام ضروري في هذا المجال بأكثر واقعية وجدية ومسؤولية وأمانة ونتمنى في الختام أن نتصفح صحفنا العام القادم إن شاء الله لنشاهد ونطالع مقالات وتحاليل وحوارات تلفزية على يوم الوفاء والإنتطلاق لمفهوم حق المواطنة في تونس.  

 

قال الله تعالى: » لمثل هذا فليعمل العاملون «  صدق الله العظيم.

 

 


إشكاليات التحول الديموقرطي في البلدان العربية2

التحول الديمقراطي ومسئولية الإسلاميين

 
يبدو واضحا انسداد الطريق نحو إرساء ديموقراطية حقيقية في عالمنا العربي بالاعتماد على حسن نوايا الأنظمة القائمة، واتباعا لما تسميه بسياسة التدرج، وديمقراطية الخطوة خطوة، أو القطرة قطرة… الخ. ويتضح كذلك -على الأقل إلى حد الآن– عدم فعالية النضالات التي تبذلها الأطراف السياسية المنفردة التي ترفع شعارات « فرض الحريات » و »إرساء التداول السلمي على السلطة »، وفشلها في الوصول إلى ما تطمح إليه. ذلك أنها جوبهت بقوة قمع الدولة وإرهابها، وبإصرار واضح من الحكومات على الاحتفاظ بالسلطة وتوريثها للأبناء رغم لافتات الجمهورية والشعبية وحتى الديمقراطية التي ترفعها. وقد بات من المجمع عليه أن التحول الديموقراطي، والخلاص من الدكتاتورية، وضمان كرامة الشعوب، وإرجاع قرارها إليها، لم يعد كل ذلك شرطا ضروريا ولازما لتحقيق التقدم والنمو، بل بات شرطا لمجرد البقاء على قيد الحياة. فالشعوب التي ستظل محكومة بمثل هذه الأنظمة لن يكون لها أي أمل في الاستمرار مستقبلا في ظل التحولات التي يشهدها العالم. وعليه، فإن معركة التحول الديموقراطي تغدو صراع وجود بالنسبة لشعوبنا المبتلاة بالاستبداد. فهي بهذا الاعتبار لا تقل أهمية وشراسة أحيانا، عن معارك التحرير الوطني؛ حتى إن بعض النشطاء البارزين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان في تونس- د.منصف المرزوقي- أطلق عليها تسمية معركة « الاستقلال الثاني ». وهذا يدفعنا إلى استعادة العوامل التي تمكنت بها الشعوب العربية من تحقيق استقلالها والخلاص من ربقة الاستعمار المباشر.
العامل العقائدي.. محرك رئيسي
وأهم هذه العوامل هو العامل العقائدي والشعور الإسلامي، الذي مثّل المحرك الرئيسي، إن لم يكن لكل النخب فلأوسعها اعتقادا أو انتهازا. وكان أيضا المحرك لأوسع الجماهير والدافع الأساسي للمقاتلين حيثما كان هناك قتال، وذلك في أرجاء العالم الإسلامي قاطبة، حيث حمل هؤلاء دوما لقب « المجاهدين »، وتحلّى من قُتل منهم بوسام الشهادة. وهذا العامل الإسلامي تم الالتفاف عليه تاليا بعد تحقيق الاستقلال. ولم يكن ذلك نتيجة لانتهازية القادة أو ذكائهم، ولا لغباء القائمين على المؤسسات والحركات الإسلامية، بل كان نتيجة لفقر الفكر الإسلامي السياسي، وجموده منذ قرون متطاولة، وه ما أدى إلى عجزه عن مواكبة المتغيرات. ومن الواضح أن الفوز في معركة التحول الديموقراطي، والسيطرة على الماكينات الرهيبة للدول الحديثة، وتدجينها لفائدة الشعوب لن يكون ممكنا دون تفعيل العامل الأساسي نفسه الذي لعب الدور المحوري في معارك التحرير الوطني. غير أن تفعيل هذا العامل لتحقيق هذا الغرض لن يكون بالقدر نفسه من السهولة التي أمكن بها تفعيله سابقا؛ وذلك نظرا لحجم المجهود الفكري والعملي الذي يجب علينا بذله للوصول إلى هذه الغاية، ولتراكم التجارب المريرة لمختلف الحركات الإسلامية في هذا الإطار.
الحركة الإسلامية مركز جذب
ومع ذلك، يبقى دور الحركة الإسلامية محوريا بسبب طابعها العقائدي المتناغم والمتساوق مع الشعور العام، وامتدادها الجماهيري الذي يمنحها قدرة على الحركة لا تتوفر لغيرها من التيارات بنفس القدر. وهي لن تتمكن مع ذلك من القيام بهذا الدور منفردة ، بل الواجب أن تسعى إلى أن تكون مركز جذب لكافة القوى السياسية والاجتماعية، أو لأغلبها.. مركز جذب قوي وفاعل، لديه القدرة على لم شمل النخب على اختلاف ميولها وتوجهاتها، وتوجيه عامة الناس إلى الهدف المشترك. إن أي تكتل مؤقت ذي أهداف محدودة يظل غير ذي جدوى. ومن البديهي أن أي تكتل إستراتيجي، ذي أهداف سياسية واضحة وحازمة، لن يمكن تحقيقه إلا إذا أجمعت مختلف القوى السياسية والاجتماعية على هذه الأهداف، وتحلت بالإصرار والنفس الطويل لفرضها. ولن يحدث هذا الإجماع المأمول دون مراجعات ضرورية للأسس الفكرية لمجمل القوى الفاعلة على الساحة. وتقع على عاتق الحركة الإسلامية ضرورة المبادرة إلى القيام بهذه المراجعات، أو بالأحرى المضي فيها إلى مداها، لأنها قد بدأت فعلا منذ أكثر من عقدين. وهدف هذه المراجعات هو الوصول إلى ولادة ديموقراطية إسلامية متميزة، تشكل قوة مستوعِبة للتجربة الحديثة في الإطار الإسلامي.. قوة تتموقع بين النخب الخائفة والمتوجسة من التيار الإسلامي من جهة، والجماهير التائقة إلى التحرر من جهة أخرى، تتقدم باجتهاد سياسي قائم على أسس واضحة، ذات مرونة فكرية تمنحها القدرة على التجميع والتأليف، مع احترام الاختلافات والتباينات.
مراجعة المسلمات

وللوصول إلى مثل هذا الهدف علينا إعادة النظر في بعض المسلمات في الفكر الإسلامي الحديث. وأولى هذه المسلمات فكرة « إسلامية المجتمع »، والفصل بين الأصيل « الإسلامي » والدخيل « الغربي »، هذا « الدخيل » الذي أصبح يضم أغلب القوى غير الإسلامية، وجزءا مقدرا من الجماهير، بوعي منها أو بغير وعي. وأدى هذا التصور للمجتمع إلى شيوع التوجس والتخوف والريبة، وشكّل إلى حد الآن حاجزا أمام أي تكتل جدي للقوى الإسلامية مع القوى غير الإسلامية في المجتمع. وبالطبع فإن لدى القوى الإسلامية هي الأخرى أسبابا لتبادل الريبة بالريبة، والتوجس بالتوجس. غير أننا الآن بصدد ما يجب فعله من جانبنا، لرفع هذه الحواجز، وصولا إلى تشكيل هذا التكتل المأمول. هذا التصور الآنف ذكره للمجتمع حري بالمراجعة، نظرا لتسارع وتجذّر عملية التبادل الثقافي والحضاري والبشري بين العالم الإسلامي والغرب. فقد بات المسلمون يشكلون- ولأول مرة في تاريخهم- جزءا لا يتجزأ من البنية الاجتماعية للغرب. ووجودهم فيه يتجه نحو الزيادة والاستقرار، ولا يمكن مقارنة وضعهم الحالي بما كانوا عليه في أي زمن مضى، ولا حتى بوضعهم قبل عقدين أو ثلاثة عقود. وهو وجود يزداد فعالية وتأثيرا في الواقع الغربي في المجالات الاجتماعية والثقافية وحتى السياسية، وإن بخطى وئيدة. ولا شك أن هذا التأثير سوف تنتج عنه تحولات عميقة في المستقبل. أما من الناحية الأخرى، فإن انتشار الأفكار والسلوكيات الغربية، وحتى الإلحاد والغنوص الغربي داخل مجتمعاتنا العربية والإسلامية قد أصبح أمرا واقعا، وجزءا من النسيج الاجتماعي المحلي– وإن بدرجات
 
 متفاوتة– داخل كل بلد عربي وإسلامي.
فـ »الآخر » قد صار مُساكِنًا لنا، كما أننا صرنا متداخلين معه في عقر داره. وبهذا يجد الفكر الإسلامي نفسه- ولأول مرة في تاريخه الطويل- أمام وضع عالمي، يجعله مدفوعا إلى أن يأخذ بعين الاعتبار مصالح متجاوزة للحيز الجغرافي للأمة، يمكن أن نطلق عليها وصف المصالح العالمية، أو الكونية، أو الكوكبية التي تفرض نفسها على مجمل الاعتبارات الداخلية والخارجية. فكل ما يصدر من قرارات وأفكار وسلوكيات عن الدول والمجتمعات الإسلامية يكون له وقع وتأثير على بقية المعمورة، وعلى مصالح الإسلام والمسلمين في أرجائها المختلفة. ومن هنا، علينا التوجه إلى النصوص الشرعية، وإعادة قراءتها، آخذين بعين الاعتبار هذا الهم العالمي، وهذا المنظور الكوني، للتوصل إلى مقاصد وضوابط شرعية جديدة، تكون أُسسًا ومرجعا لاجتهادنا السياسي. هذه المقاصد وتلك الضوابط قد لا تكون مما سبق طرحه في الماضي، لانعدام الضرورة إليها آنذاك. ومن هذه المقاصد: المحافظة على طهارة صورة الإسلام وسناها وتألقها، وعلى الطابع العام لهذا الدين، المتسم باليسر والبساطة والانسجام مع الفطرة والاستجابة لتطلعات البشرية. فكل سلوك أو قرار يمكن أن يؤدي إلى نشوء صورة مخالفة أو مناقضة لما سلف، مقصد الشرع نبذه وتجنّبه، آخذا بعين الاعتبار مصالح المسلمين الذين أصبحوا منتشرين في مشارق الأرض ومغاربها. والمستندات الشرعية من القرآن والسنة، ومن سيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) في هذا الشأن كثيرة ومعلومة. ومن الضوابط الشرعية التي يمكن أن نستهدي بها في سلوكنا السياسي ضابط الحرص على السِّلْم في الإطار العالمي، بدرء الأسباب المؤدية إلى التناحر بين الشعوب والحضارات، لما يُلْحِقُه ذلك من ضرر بالغ بتطور الإسلام خارج حدوده. أما المسلّمة الثانية الجديرة بالمراجعة فهي اعتبار الشريعة الإسلامية مصدرا لاكتساب أو « لإكساب » الشرعية السياسية؛ استصحابا لما درج عليه علماء الأمة منذ عهودها الأولى من ربط شرعية الحاكم باحترامه للشريعة الإسلامية. والحقيقة أن هذا الارتباط لم يكن إلا نتيجة لصراعات دامية في بداية التاريخ الإسلامي، فقدت فيها الأمة حقها في منح الشرعية لحكامها أو حجبها عنهم، فاضطر الفقهاء والعلماء والمجتهدون اضطرارا إلى أن يعترفوا للحكام بالشرعية، مهما كانت الطريقة التي أوصلتهم إلى سُدّة الحكم، في مقابل احترامهم لعلوية الشريعة الإسلامية داخل المجتمع. وقد فعل الفقهاء ذلك بغية الحفاظ على بقية الجسم الإسلامي من الخراب الذي أصاب الجانب السياسي بعد الخلافة الراشدة. وخلاصة هذه المراجعة أن المصدر الإلهي للشريعة الإسلامية يأمن علويتها داخل ضمير كل فرد بحسب قوة عقيدته وإيمانه أو ضعفهما. أما علويتها داخل المجتمع كمصدر واجب للتشريع فهي نتيجة لإجماع الأغلبية على ذلك. ومثل هذا الوضوح يرفع كثيرا من الاعتراضات من قبل النخب غير الإسلامية أولا، ويجعلنا بمنجاة من المزالق الانقلابية أو التأييد والمساندة على أساس من تطبيق الشريعة الإسلامية، دون النظر إلى طريق اكتساب الشرعية ثانيا. وهذا الوضوح ضروري لكي تقوم الديموقراطية الإسلامية بدورها في التجميع والتكتيل والتأليف، وقطع الطريق على محاولات التمزيق القائمة على التشكيك، وإثارة الشبهات والتخويف من المآلات. وبالمضي قدما في هذا المجهود، تتمكن الحركة الإسلامية من لعب دورها المحوري. فقدرُها أن تكون القاطرة التي تجذب أو تدفع عربة المجتمع نحو إنجاز هذا التحول الذي غدا مصيريا. وإحجامها عن القيام بهذه المهمة -مهما كانت الذرائع- سوف يؤخر خروجنا من النفق، ويطيل عمر الاستبداد. باريس- د. نجيب عاشوري

 


للذكر مثل حظ الأنثيين (1) : عدالة إلهيه إلاّ أن أكثر الناس لا يعلمون

 

عباس

في 3 مارس 2007،

 أمر      عجيب  من يرى في هذه العدالة الإلهية مقاربةً بين المرأة في الإسلام وابن الزنا عند الغرب  (« للذّكر مثل حظّ الأنثيين » (1) جرح التّفضيل الإلهيّ، تونس نيوز ـ 2 مارس 2007). أي مقاربة غريبة ! لو قرأت الكاتبة بعض الآيات التي تكرّم الإنسان رجلا كان أو إمرأة من مثل

 

وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً،  70 الإسراء

 

ذكرت لنا الكاتبة كيف أهانت فرنسا ابن الزنا، وأضيف « رغم إباحة فرنسا لهذا الصنيع ». ونسيت أن تذكر كيف كرّم الله ابن الزنا واللقيط (غير معلوم الأبوين)، رغم تحريمه لهذا الصنيع

 

ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا، 5 الأحزاب

 

وكيف جعل لليتامى واللقطاء (وهم نوع من اليتامى) نصيبا في القسمة

 

وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا، 8 النساء

 

لم نسمع لها صوتا ضدّ الغرب وهو يُحمّل ابن الزنا وزر غيره ليدفع ضريبة ما لم تفعل يداه. لم تجد إلا كتاب الله لتوجّه سهامها نحوه وهو الذي كرّم ابن الزنا من قبل 14 قرنا، ولكن أكثر الناس لا يعلمون. عجيب قولها « ربّما كان لمطالبة النّساء بالميراث تأثير في القرار الإلهيّ بعدم حرمان النّساء من الميراث حرمانا تامّا، ولكنّ عدم الحرمان كان يدخل في إطار الإنصاف لا المساواة. » هكذا تنظر إلى الذات الإلهية، يتأثر بضغط المجتمع، عبارة على رئيس حزب سياسي، يخاف على شعبيته، عجيب والله. تصف الله بصفات النقص وتنفي عنه العلم بالغيب وتُثبت له الجهل مع إمكانية التّعلم من الأحداث

 

ما معنى أن لا نرضى بحكم الميراث في القرآن

 

لا يُعقل أن نأخذ جزء ا من كتاب، يُصرّح بأن الأخذ بالجزء وترك الباقي عمل عبثيّ. لنتصوّر أن كاتبا قال صراحة في أحد فصول كتابه « أيها القارئ لا تعبث وتأخذ ببعض هذا الكتاب وتترك البعض الآخر ». أنأخذ جزء ا من كتاب، يسخر منا إن نحن فعلنا ذلك ! لنقرأ

 

أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ، 85 البقرة

 

إذن بوضوح ماذا تريد الكاتبة ؟ عليها أن توضّح الأمر بشجاعة. مع من مشكلتها ؟ لتقل بصراحة « مع القرآن جملة وتفصيلا » لأن القرآن لا يساوم بصريح الآية من سورة البقرة وبصريح الآيتين التاليتين

 

وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ، 47، وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ، 48 النور

 

وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ، 9 القلم

 

ويسخر القرآن منا أكثر إذا نحن أخذنا منه ما يناسبنا فقط

 

وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ، 49 النور

 

بل ويسخر منا أكثر إذا ظننا أنه قد يظلمنا ويحيف علينا

 

أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ، 50 النور

 

إذن من خاف أن يحيف الله عليه، فليراجع إيمانه. أما المؤمن المفلح فهذا شأنه

 

إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، 51، وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ، 52 النور

 

إذن كاتبة المقال تدعونا إما إلى الوقوع محلّ السخرية، بالإيمان ببعض الكتاب والكفر بالبعض الآخر، أو إلى ترك الدين أصلا، هذا شأنها إن أرادت ذلك، ولا أطلب منها إلا أن تكون شجاعة وتفصح بوضوح عن رأيها ومعتقدها

 

ما تقول فينا آيات الميراث إذا لم نرض بها

 

لنقرأ كيف خُتمت آيات الميراث في سورة النساء

 

تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، 13، وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ، 14 النساء

 

القرآن مبين وواضح في أحكامه ومن بينها مسألة الميراث. الأحكام ليست مؤقتة وليست لكسب الشعبية، والإنسان مختار : وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ، 29 الكهف

 

المنطق الإحصائي

 

المجتمع المتماسك نواته الأسرة وليس الفرد كما هو حال المجتمعات المفكّكة. الأسرة تبدأ برجل وامرأة، فلا يضرّ عندها أن ترث المرأة النصف لأن زوجها يرث الضعف، ومال الإثنين سينفق على الأسرة في نهاية المطاف. زد على ذلك، تبنى الأسرة بالمودة والرحمة وليس بالغلبة وبمنطق « هذا لي وهذا لك، واعطني الفواتير ». يقول تعالى : وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ، 21 الروم

 

فبما أن الأسرة التي يريدها القرآن قوامها رجل وامرأة، مواريث المجتمع ككلّ تتوزع بالتساوي الإحصائي علي كل الأسر. إن كان المجتمع يُبيح زواج المرأة بالمرأة والرجل بالرجل، كما هو حال كثير من بلدان الغرب، هنا أقول أنني أوافق الكاتبة أن الإسلام يظلم المجتمع في الميراث في هذه الحالة. في الواقع لم يظلمهم الإسلام بل ظلموا أنفسهم بتشويههم خلق الله ومخالفتهم لسننه

 

هل حقا ترث المرأة نصف ما يرث الرجل

 

الجواب لا. الميراث في الإسلام أعقد من هذا. الرجل قد يرث أكثر من المرأة، والعكس وارد، والتساوي كذلك، كما سنرى. إذن ليس هناك نظرة دونية للمرأة، وإلاّ كان الأمر منهجيا في انتقاص المرأة حقّها بغض النظر إن كانت أمّا أو بنتا أو عمّة أو جدّة أو أختا لرجل مات كلالة أو … أو. لنقرأ مثلا

 

وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ، 11 النساء

 

ما معنى « لأَبَوَيْهِ » في الإسلام ؟ ذكر و أنثى، والقسمة بالتساوي بصريح الآية. الأمر منطقي. لأن الولد يرث الضعف لأنّه في مقتبل حياته وهو المكلّف بالإنفاق. يحتاج إلى المال أكثر من أخته ليبدأ مشروعا صناعيا أو تجارة، ليَبني بيتا، ليتزوّج، ليُقدّم مهرا خالصا لزوجته، لينفق على زوجته، … أما أبوا المتوفّى، الذي له مال يُورث (كهل على الأقل)، فهما مسنّان، لا نيّة لأحدهما أن يبدأ شيئا أو يبني شيئا، زد على ذلك ليسا مكلّفين بالنفقه، بل الأبناء ينفقون عليهما (أنت ومالك لأبيك)، فلماذا هنا يرث الرجل الطاعن في السنّ أكثر من زوجته ! ما أعدلك يا ربّ وما أجهلنا، رضينا بعدلك في الدنيا. إذا نظرت إلى ذنوبنا بعدلك فأنت العدل، ولكنّنا نطمع في رحمتك التي وسعت كل شيء

وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ، 156 الأعراف

 

لنزيد آية أخرى في التساوي بين الذكر والأنثى في الميراث

 

وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ، 12 النساء

 

من لم يرض بالإسلام فليخبرنا عن بديله بصراحة

 

الميراث ليس مسألة أنّ القسمة بالتساوي تقوم بها الآلة الحاسبة. من كان يظنّ هذا فهو لا يدري ما يقول. أوّل مسألة في الميراث هي « من هم الورثة ». هذا السؤال يسبق القسمة: « كم يرث كلّ وارث ». أما السؤال الثاني الذي يسبق القسمة، فهو الوصيّة. الكاتبة لم تتطرق إلى السؤال الأوّل وهو الأهمّ ولا الثاني وهو الثاني في الأهمية وقفزت إلى الثالث وبدأت بمقاربتها العجيبة. هل ترث العمّة ومتى، هل يرث الأب ومتى، هل ترث الزوجة ومتى، هل يرث الربيب ومتى، هل يرث أبناء الأخ أم يرث أبوهم المتوفّي ومتى وكيف، هل يرث الأخ من الرضاعة ومتى، هل ترث الزوجة المطلقة ومتى، هل ترث الخطيبة المعقود عليها ومتى، … والقائمة طويلة. تريد الكاتبة التساوي، لتقل لنا كيف ستقسم في هذه الحالة مثلا : مات رجل وترك بنتا وأبا وابنا من زوجته المطلّقة وخمسة أخوات. من يرث ومن لا يرث وكيف القسمة المتساوية ؟ لا أريد أن أعقّد عليها الحالات، أخذت حالة سهلة. أرجو أن لا تقول لنا « خذوا نظام فرنسا في الميراث مثلا ». لِتُعطنا نظاما كاملا عادلا ولِتُرنا منطق التساوي

 

أما السؤال الثاني الذي يسبق القسمة، فهو الوصيّة (ومعها الدّيْن). من يُوصى إليه، وكم حدّ الوصية الأقصى. لكي لا أطيل على القارئ، سنكمل في حلقة قادمة ونمرّ خصوصا بما يلي

 

هل التساوي يعني العدل بالضرورة

سورة النساء (سورة الميراث)، محورها العدل

الوصية في الإسلام

حظّ المرأة خالص وحظّ الرجل منه النفقة

اللاقانون في الميراث عند الغرب


 

فيلم « عرس الذيب »: ثرثرة بصرية وفوضى غير منظمة

أمير العمري بي بي سي- روتردام عرض الفيلم التونسي « عُرس الذيب » ومعناه بالعربية الفصحى « عُرس الذئب »، في برنامج « سينما المستقبل » في مهرجان روتردام السينمائي الأخير. مخرج الفيلم جيلاني السعدي درس وعمل وعاش لسنوات طويلة في المهجر الفرنسي، شأنه شأن المخرجة الجزائرية جميلة صحراوي صاحبة فيلم « بركات ». وقد عاد السعدي إلى تونس قبل سنوات، وهناك أخرج أول أفلامه الروائية « خُـرمـة » (2003) الذي قام بدور البطولة فيه الممثل الموهوب محمد قراية الذي يقوم ببطولة الفيلم الجديد أيضا. كان فيلم « خُـرمـة » تجربة جيدة من الناحية البصرية، واكتشافا لقدرة المخرج على التعامل مع الأماكن، وخلق علاقة مؤثرة بين الحدث والمكان، والتحكم في الأداء التمثيلي. إلا أن السمة السلبية التي شابت الفيلم تمثلت في ذلك النزوع الواضح إلى نوع من التجريد، أي تجريد الشخصيات من محيطها الاجتماعي أو الاكتفاء بالوقوف على سطحه الخارجي دون النفاذ إلى أعماقه واستكشاف مدلولاته ونقاط غليانه، وهو ما يجعل الفيلم عرضا متحركا مفككا لنثرات من الحياة دون رابط أو اتجاه أو بالأحرى، « رؤية » تستخرج الدلالات وتوصلها للمشاهدين. وليس المقصود من هذا القول ضرورة احتواء الفيلم على « رسالة » اجتماعية واضحة ومحددة. قد يكون هذا مطلوبا، لكنه لم يعد في السينما الحديثة الأساس الذي ينبني عليه الحكم على نجاح عمل ما من عدمه أما « الدلالات » التي نقصدها فهي أبعد كثيراعن « الرسالة » و »المضمون »، وأظن أن هذا المنهج في النقد قد أصبح الآن مألوفا لدى القارئ. هذا المدخل مقصود منه الولوج إلى حقيقة أن الفيلم الجديد لجيلاني السعدي (وهو دون أدنى شك مخرج موهوب)، يلف ويدور في نفس الحلقات الضيقة التي لا تؤدي في النهاية إلى شئ أكثر من استعراض الحالة العامة التي تقوم على الفراغ والفوضى والعبث الذي يكاد يفضي إلى مأساة غير أنه ينتهي تقريبا إلى حيث بدأ. هنا نحن أمام مجموعة من الشباب الضائع العاطل عن العمل في أحد الأحياء الشعبية في تونس، يدفعهم إحساسهم بالضياع إلى اغتصاب فتاة شابة تسكن في الحي نفسه، هذه الفتاة تعمل عاهرة ترتاد الحانات والملاهي الليلية. اما بطلنا فهو لايشارك في الحادث البشع الذي يجري تحت أنظار سكان الحي، فهو أكثر الجميع حساسية ومعاناة، يعيش ممزقا بين عالم الأحلام وعالمه الخانق، وهو يحاول بشتى الطرق إثناء أصحابه عن القيام بفعلتهم البغضية. مشاعر مشتركة لكن هذه الشخصية التي تبدو بعيدة إلى حد كبير عن « الذكورية » بالمفهوم الشائع، وأقرب إلى النعومة التي ترتبط بالأنثوية في المفاهيم الشرقية، تبدو أكثر الجميع إحساسا بمأساته الشخصية ووعيا بها. ورغم اعتراضه على الآخرين إلا أنه بسبب تكوينه الضعيف، لا يستطيع التمرد الكامل عليهم، بل ويتعاطف أيضا مع بعضهم في شعور بالضياع المشترك. ما يحدث بعد ذلك أن الفتاة تستعين بشقيقها لتلقين مجموعة المعتدين درسا لا ينسونه بمن فيهم بطلنا طيب القلب الذي لم يشترك في الاعتداء. يقضي بطلنا الليلة بأكملها وهو يسعى وراء الفتاة لكي ينتقم منها، لكن لأنه لا يميل للعنف، فإنه يحاول أن يفهم منها لماذا دفعت شقيقها للاعتداء عليه ضمن الآخرين رغم أنه الوحيد الذي كان يدافع عنها ويثني أصدقاءه عن ارتكاب فعلتهم البشعة. حكايات داخل حكايات، وميل إلى الثرثرة البصرية والاستطرادات وتصوير مشاهد قد تعجبك في حد ذاتها، ولكنها ليست ضرورية في سياق الفيلم ولا جزءا عضويا فيه. هناك مثلا مشهد حمل البطل عاريا فاقدا وعيه على عربة تجر باليد والتوجه به إلى المستشفى، ثم رفضه الحديث في المستشفى بعد افاقته، ثم هروبه إلى الخارج حيث نراه وهو يجري بأقصى سرعته عاريا تماما في شوارع تونس. هذه المشاهد المجانية يمكن القياس عليها، في تحديد أسلوب وطريقة السعدي من خلال فيلميه الروائيين، فهو يتوه ويضل داخل مشاهد مغوية، لا تستقيم في سياق الفيلم، بل وتبدو مشتتة للمتفرج وإن كانت لا تخلو من طرافة، ومن حرفة جيدة في الإخراج. غياب المنطق ولأن الفيلم يفتقد إلى منطق واضح يحكم حركة الشخصيات، فإننا نرى كيف يختطف الشاب الفتاة ويحتجزها رهينة داخل غرفته العارية من الأثاث، ثم يقيدها ويخرج لكي يشتري طعاما ويعود لكي نكتشف أنه قد وقع في حبها بل ويعرض عليها أن تتزوجه! مشاهد طويلة ومضنية تدور داخل الغرفة: أولا ترفض الفتاة، ثم تبدو وقد بدأت تستحسن الفكرة. يمارس الاثنان الجنس، ثم يتفقان على الزواج، وفي صباح اليوم التالي، تغادر الفتاة بعد أن تسخر من الفكرة! وفي الفيلم أيضا مشاهد طويلة أخرى للغناء داخل الملهى الليلي، والرقص المجاني الذي لا يضيف شيئا أكثر من وصف للحالة العامة، ومحاورات بين عدد من الأشخاص الغامضين داخل الملهى الليلي، وتبدو شخصية الفتاة التي قامت بدورها الممثلة الشابة أنيسة داود، شخصية سطحية أحادية لا أبعاد لها. وحتى بعد أن تتعرض الفتاة للاغتصاب سرعان ما تتجاوز الحدث ببساطة وتعود إلى منزلها لكي تغتسل ثم تواصل رحلتها الليلية إلى الملهى حيث تلهو مع أصدقائها هناك! وهناك ولع خاص من جانب المخرج بتقديم نمط معين (لا شك في وجوده بالحارة الشعبية) هو نمط الشخص « الألبينو » أي الأشهب. وهو يقدمه دائما في صورة الشخص الضعيف المطارد الذي يسخر منه الجميع بحكم اختلافه عنهم، بل والأكثر عرضة أيضا للتأثر بما يحدث أكثر من الجميع. إنه في هذا الفيلم يجد نفسه منبوذا من بلدته ومن أهله ومن رفاقه فينتهي على رصيف محطة القطارات في تونس في منتصف الليل، مترددا في الإلقاء بنفسه تحت عجلات قطار. وتدور كل أحداث الفيلم في ليلة واحدة فقط. وعندما ينبلج الصباح، تبدو الأمور وقد عادت سيرها الأول، دون أن يتغير إيقاع الحياة في الحارة الشعبية. إلا أن الفيلم يشير إلى أن حياة البطل لم تعد إلى ما كانت عليه من قبل. ورغم محاولات المخرج لإضفاء المصداقية على فيلمه من خلال الاقتراب من تصوير شخصيات ذات صلة بالواقع، إلا أن جنوحه الرومانسي ينحرف بالفيلم في مسار آخر، حيث تبدو الكثير من الإشارات ذات دلالة لديه يفشل في توصيلها للمشاهدين. تساؤلات فما معنى التركيز على مغنية شابة تغني للسكارى أغاني أم كلثوم الكلاسيكية بإيقاعات سريعة راقصة، خاصة وأنه يركز عليها لا لكي يوجه نقده لها في السياق، بل لكي يغوي بها مشاهديه: فمن الناحية الخارجية تبدو الفتاة مثيرة ومغوية. ومن الناحية الأخرى لا شك أنها تمتلك صوتا متميزا. لكنه صوت يوظف لكي يرقص السكارى على نغماته. وما معنى أن يجري البطل بأقصى سرعته بينما يفهم المشاهد أنه يعاني من ارتجاج في المخ بعد الاعتداء البدني الذي لا يحتمل عليه! وفي المحصلة الأخيرة يفشل الفيلم في تقديم صورة معاصرة لشباب في أزمة، اكتفاء بالوقوف على السطح دون النفاذ إلى الأعماق، ورغم كل ما بذل من جهد في إخراج الكثير من المشاهد، ورغم استبسال الممثلة أنيسة داود في دور العاهرة، وبراعة محمد قراية في الدور الرئيسي للبطل، لا يبقى من الفيلم كثير في الذاكرة! في السينما، كما في الفن عموما، يتميز العمل الفني الأصيل بنوع من الفوضى الظاهرية ، غير أن العين المدربة تستطيع اكتشاف أنها الفوضى المنظمة الدقيقة التي تمسك بكل ذرة من ذرات العمل الفني، ولعل هذا تحديدا ما يفتقده هذا الفيلم. (المصدر: موقع بي بي سي العربية بتاريخ 25 فيفري 2007) الرابط: http://news.bbc.co.uk/go/pr/fr/-/hi/arabic/news/newsid_6395000/6395755.stm

جولة لطريق النبيذ في تونس

 

قد لا تبدو تونس مكانا محتملا لصناعة نبيذ متطورة. وتهدف جولة « طريق النبيذ » إلى تعريف المسافرين بتاريخ هذه التجارة الطويل والمتنوع.

النص والصور لجمال العرفاوي لموقع مغاربية من تونس العاصمة —02/03/07

 

في كل سنة، يقدم « طريق النبيذ » للسياح فرصة فريدة للإطلاع على تجارة صناعة النبيذ غير المعروفة للبلاد. لم تكن رحلتنا التي قادتنا نحو « طريق النبيذ » في تونس رحلة للتذوق والتعرف على مختلف أنواع النبيذ وطرق تصنيعه فحسب بل كانت رحلة في تاريخ البلاد.

السيد سهيل مولدي وهومنظم الرحلة قال إنه تلقى طوال الأسبوع الماضي عدة رسائل الكترونية من عدة أشخاص امتدح بعضهم الفكرة وذمها آخرون « لقد قال لي أحدهم كيف تجرؤ على الاعلان على مثل هذه الرحلة وأنت في بلد اسلامي فأخبرته بلطف أن جمعيتنا نظمت قبل نحو شهرين رحلة اسمها طريق المعالم الدينية في تونس العاصمة وأنا لا أرى مانعا اليوم في القيام بهذه الرحلة التي يشارك فيها أناس لم يتذوقوا طعم النبيذ طوال حياتهم ولم يروا مانعا في مشاركتنا في التعرف على تاريخ النبيذ في تونس »

كانت مدينة مقرين بالضاحية الجنوبية أول محطة للمجموعة التي تشكلت من عشرين شخصا، وقفت بنا الحافلة أمام فيلا جميلة ولولا يافطة الاتحاد المركزي لتعاضديات الكروم وهي مؤسسة حكومية لاعتقدنا أنها مسكن خاص لأحد وجهاء المنطقة.

استقبلنا رجل في السبعينات من عمره عيناه زرقاوان اسمه الحاج عبد الرحمان الداودي. وبعد دقائق معدودات سرنا خلالها خلفه وسط ممر ضيق وجدنا أنفسنا أمام مغارة كبيرة يخيم عليها السكون فالإضاءة كانت خافتة مما زاد المكان رهبة وعلق الصيدلي فتحي البقلوطي الذي كان برفقتنا « اشعر وكأنني احضر قداسا »

وقال الحاج عبد الرحمان الداودي « لقد استخدمها الجيش الألماني في تخزين السلاح بعد أن فقد الفرنسيون السيطرة عليها وفي النهاية آلت إلينا لنحولها إلى كهف لتخمير النبيذ واعتقد أن أفضل الخبراء العالميين لن يجد مكانا أفضل من هذا لإعداد نبيذ جيد » وأضاف « أتعرفون من هم أعداء النبيذ؟ إنهم ثلاثة. الضوء والهواء والحرارة المرتفعة »

وتعود علاقة التونسيين بالنبيذ إلى العهد البوني فالقرطاجنيون هم أول من قام بإجراء بحوث على زراعة العنب وأصبحت ممارسة عامة في القرن الثامن قبل الميلاد .

ومنذ ذلك التاريخ يقول دليلنا السيد الطاهر العياشي المتخصص في تاريخ المعالم التاريخية التونسية « شهدت صناعة النبيذ عدة تقلبات بين الازدهار والانكسار إذ بعد سقوط قرطاج أراد الرومان أن يسيروا على خطاهم في صناعة النبيذ لكنهم كانوا يجهلون تقنيات زراعة العنب فانتكست صناعة النبيذ ». ومع دخول المسلمين إلى تونس في القرن السابع الميلادي تم التخلي نهائيا عن استخراج النبيذ.

 » وظل الوضع على ما هو عليه إلى أن سقطت دولة الخلافة العثمانية ودخول الاحتلال الفرنسي الذي حمل معه المئات من المعمرين الذين استولوا على الأراضي الفلاحية وأعادوا للنبيذ هيبته في تونس، » واصل العياشي. « ولكن بعد حصول تونس على استقلالها سنة 1956 وقيام الجلاء الزراعي 1964 وسيطرة الفلاحين التونسيين على أراضيهم من جديد قاموا بحملة لاقتلاع الكروم لأسباب اختلط فيها الجانب الديني وأسباب أخرى » .

ولم تعرف صناعة النبيذ ازدهارها في تونس الحديثة إلا خلال الثمانينات من القرن الماضي فتكونت تعاضديات متخصصة بالإضافة إلى مهندسين تكونوا لذلك الغرض لتصبح مساحات مزارع الكروم تحسب بآلاف الهكتارات.

وبعد جولة في التذوق وفي الشم وفي التعرف على الألوان لتحديد عمر زجاجة النبيذ، انطلقنا بعدها إلى مدينة قرمبالية « مملكة العنب » كما يسميها أهل المدينة التي يزين أكبر ساحاتها العامة عنقود عنب عملاق .

وتقف كهوف قرمبالية شاهدة على الحضارات الكبرى التي تعاقبت على تونس فهناك تجد أقدم المعاصر الرومانية في البلاد. وكهف آخر بجانب قصر الدكتاتور الايطالي موسيليني الذي مازال قائما إلى حد هذا اليوم، وقال لنا الحاج عبد الرحمان إن موسيليني كان يريد أن يحول القصر إلى مسكن ثانوي « ومن أجل ذلك تجد بجانبه كهف لتعتيق النبيذ ولكن في النهاية لم تطأ قدماه هذا القصر ولم يتذوق طعم نبيذنا« .

ويوجد في تونس أكثر من 600 كهفا لتعتيق الخمور وفق ما أفاد به السيد منير الداودي الذي يفخر بامتلاكه لأقدم زجاجة خمر في تونس تعود إلى عام 1923 « لقد عرضوا علي عشرة ألاف دينار لبيعها ولكني رفضت » ويمتلك السيد منير، وهو إطار بوزارة المالية، متحفا صغيرا جمع فيه قوارير نبيذ تعود إلى عقود مضت.

وبعد أن كانت المساحة المخصصة لزراعة الكروم في تونس لا تتجاوز المائة هكتار سنة 1889 تجاوزت اليوم العشرة ألاف هكتار. وأصبحت صناعة النبيذ تتصدر المرتبة الثالثة من حيث الأهمية في الميدان الزراعي بعد زيت الزيتون والقمح. كما أنها تدر جانبا هاما من العملة الصعبة على الخزينة التونسية إذ تقوم التعاضدية المركزية لزراعة الكروم التي تستحوذ على ثلثي الإنتاج بتصدير مليون لتر من النبيذ سنويا في اتجاه عدة دول أوروبية وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية.

وقال السيد ماهر التومي، متخصص في التعاضدية، إنه لا زال أمام التونسيين الكثير من الوقت للتعلم من الآخرين حتى يتمكنوا من الدخول في منافسة حقيقية مع دول أخرى. « ما تنتجه مدينة بوردو الفرنسية لوحدها يضاهي ثلاثة أضعاف ما تنتجه تونس، وعدد المتخصصين في التذوق لا يتجاوز العشرة أشخاص تكوّنوا في مدارس فرنسية أو اسبانية لأنه لا توجد لدينا مدارس متخصصة في هذا الميدان » .

أما بالنسبة للاستهلاك المحلي فقد كشف السيد ماهر بأن معدل الاستهلاك السنوي لدى التونسي يتراوح ما بين الثماني والتسع لترات مقابل ستون لتر لدى الفرنسيين. كما تعد الضريبة على استهلاك النبيذ في تونس موردا هاما لخزينة الدولة شأنها شأن الضريبة على استهلاك السجائر إذ أنها تصل إلى نسبة 18 بالمائة.

وتشجع السلطات التونسية المستثمرين الأجانب لدخول هذا الميدان وتقدم لهم حوافز ضريبية معقولة وهو ما لمسناه ونحن نجول في المصنع الخاص للسيد ألان ستغمان وهو سويسري قدم إلى تونس لإقامة مشروع لصناعة وتصدير النبيذ.

صرح السيد ألان للمجموعة  » جئت في البداية لتقديم المشورة وتشجيع أصدقائي من التونسيين على المضي قدما في تكوين مشاريعهم فالتربة جيدة والمياه متوفرة كما أن المكان يشجع على العمل خاصة وأنه تحيط به بيئة خلابة « وأضاف السيد ألان  » في النهاية لم يصمد أصدقائي في متابعة وتنفيذ المشروع وهكذا أخذت المشعل ونفذت كل ما خططت له بعد أن تحصلت على قرض من إيطاليا وبدأت المشوار الذي بدأت أحقق من ورائه العديد من النجاحات آخرها الحصول على جائزة دولية السنة الماضية« .

ويقدم مصنع السيد ألان الذي يشغل 20 عاملا تونسيا ستة أسماء من النبيذ أشهرها « نهار وليل » والتسمية مأخوذة عن اسم مطعم في بلاده في سويسرا. ويصدر السيد ألان بضاعته إلى كل من بلجيكا وروسيا والسنغال وقريبا إلى كندا.

رحلة طريق النبيذ إلى تونس اختتمها المشاركون في مطعم بسيدي الرايس الذي يحاذي مرفأ رومانيا قديما كان يستخدم لنقل البضاعة من قرطاج إلى روما من بينها النبيذ والكروم والسمك. كان مناسبة للمنظمين أن يختبروا المعارف التي اكتسبها المشاركون في الجولة. وحسب المنظم مولدي، فقد كانت النتيجة ايجابية إذ اختار اغلبنا نبيذا أبيض وهو محبذ عند تناول طبق من السمك.

مغاربية

(المصدر: موقع مغاربية بتاريخ  مارس 2007)

http://www.magharebia.com/cocoon/awi/print/ar/features/awi/reportage/2007/03/02/reportage-01

 


 
 

قضايا وحوادث الاعدام في تونس: آخرهــــم سفّـــــاح نابــــل: بلادنا أول دولة عربية أوقفت تنفيذ الإعدام

* تونس ـ الشروق: في الجانب الغربي من السجن المدني 9 أفريل الذي أُخلي حاليا من المساجين ولم يبق غير المعلم، كان أخطر رواق يميّز المكان يطلق عليه اسم «الخروبة» الذي ينتهي بغرفة محكمة الاغلاق لا يفتح بابها الا لمن تجوز اليه «الرحمة» وكل من دخلها لا يخرج منها غير جثة تدلت قبل لحظات في حبل يحظى بحماية قانونية ويعقد بحكم قضائي.. انها غرفة الموت، حيث كانت تجري عمليات الاعدام. * إعداد: منجي الخضراوي

«الخروبة» استقبلت اخر ضيوفها سنة 1991 حسب ما يجمع عليه كل المراقبين والمنظمات المختصة والجهات الرسمية وحسب هذه المصادر فإن تونس اليوم هي الدولة العربية الوحيدة التي لا توجد بها غرفة للإعدام، فهل هذا يعني انه تم الغاء هذه العقوبة؟

* آخرهم سفّاح نابل حسب النصوص القانونية في المنظومة التشريعية التونسية فإن حكم الاعدام او القتل مازال قائما الا ان التنفيذ لم يقع منذ 16 سنة، وتجمع كل المصادر التي طرقنا بابها ان آخر من زار رواق الموت وأُعدم هو سفاح نابل الذي أدين باغتصاب وقتل 13 طفلا. أما اليوم فإن عددا من المحكوم عليهم بالاعدام مازالوا ينتظرون مآلهم، رغم اطمئنانهم النسبي بأنهم لن يلقوا مصير «سفاح نابل» ومن بين هؤلاء نجد الشاب عامر البالغ من 26 سنة والمحكوم عليه بالاعدام لاتهامه في قضية اختطاف واغتصاب فقتل التلميذتين مروى وحليمة بمنوبة، وهي القضية التي اهتزّ لها الرأي العام. وفي تذكير موجز للوقائع، فلقد فوجئ أهل البنتين بغيابهما يوم الخميس 22 أفريل 2004 بعد خروجهما من المدرسة الاعدادية 20 مارس بحي خالد بن الوليد من ولاية منوبة، وقد ظلتا مختفيتين الى حين العثور على جثتيهما ملقاتين بمجرى للمياه على مستوى مفترق علي الحامي طريق بوشوشة بمنوبة او ما يعرف باسم «اتجاه طريق الشنوة» وقد تبين من خلال الابحاث ان التلميذتين البالغتين من العمر 12 و14 سنة تعرّضتا للاغتصاب ثم القتل بطريقة «وحشية» جدا ومروّعة.. وقد اشتبه المحققون في ثلاثة أشخاص تبين ان أحدهم كان مختلاّ، فيما تم الاحتفاظ بمتهمين أحدهما الشاب عامر المولود سنة 1981 وهو متزوج وله ابن. يقول والد الشاب عامر المحكوم عليه بالاعدام: «لقد صعقنا فعلا بعد اصدار الحكم، لكن ارادة الله أقوى من الجميع». ومنذ تاريخ صدور الحكم، 12 جويلية 2006 لم تقم العائلة بزيارة حامة قابس حيث الاهل والاقارب لأن الامر «معيب ومخجل بالنسبة الينا» كما حدّثني السيد الصادق والد عامر الذي قال أيضا «مازالت والدته (والدة عامر) مريضة منذ اعلان الحكم وحالتها الصحية تدهور يوما بعد يوم حزنا على ابنها. ويضيف محدثني «منذ صدور الحكم أصبحنا معزولين وأصبح الناس ينظرون الينا نظرة ازدراء…».

* البراءة بعد حكم الاعدام من أكثر أحكام الاعدام اثارة هو صدور ادانة بالاعدام ضد شاب متهم في جريمة قتل، برأته محكمة الاستئناف لاحقا وأطلق سراحه. والفاصل بين الاعدام والبراءة نطق حكم، وقد حاولنا الاتصال بهذا الشاب الا ان الامر تعذّر اذ لايرغب في الحديث عن مأساته لأي كان، وخاصة الى الصحافة التي يحمّلها كثيرون المسؤولية عن اثارة بعض القضايا وجعلها قضايا رأي عام وبالتالي المساهمة في تشديد العقاب، الا ان هذا الرأي لا يمكن تعميمه، فبشاعة وشناعة بعض الجرائم لا تجد من اطار قانوني لها غير الفصول المعنية بحكم الاعدام. وأمام عدم وجود أرقام رسمية سعينا الى الحصول عليه على مدى سنتين دون فائدة فلقد قمنا بإحصاء دقيقة لكل الفصول المعنية بقضية الاعدام في المجلات القوانين، اذ ورد في 29 فصلا من المجلة الجنائية كلمة قتل و10 فصول تحدثت عن الاعدام، منها 4 فصول عن اعدام أشياء، مما يعني ان المجلة الجنائية تضمنت 35 فصلا متعلقا بالقتل والاعدام، اي ما نسبته 11 من مجموعة فصول المجلة (321 فصلا) فيما جاء في مجلة الاجراءات الجزائية ثلاثة فصول متعلقة بالقتل و9 فصول بالاعدام (انظر الجدول) وعموما فإن القانون التونسي ينص على عقوبة الاعدام، الا ان التنفيذ توقف منذ سنة 1991 . * تونس والمشهد العالمي تعتبر تونس من بين 29 دولة في العالم ألغت عقوبة الاعدام عمليا اي في التنفيذ ولكنها تحتفظ بالعقوبة في النص القانوني، فيما أوردت احصائيات منظمة العفو الدولية المحيّنة في شهر فيفري 2007 أن 80 دولية ألغت عقوبة الاعدام، و11 دولة ألغت العقوبة في عدد من الجرائم واستثنت ما يسمى بالجرائم غير العادية مثل جرائم الحرب والخيانة، في حين مازالت 69 دولة ومنطقة تحتفظ بعقوبة الاعدام نصّا وتنفيذا، وقد صدر سنة 2005 قرابة 5186 حكما بالاعدام في 53 دولة نفّذ منها 2148 حكما في 22 دولة، وقد جرت 94 بالمائة من جميع هذه العمليات في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية والصين وايران، والمثير للانتباه هو ان أكبر دولة سجلها «حافل» بإعدام الأطفال هي الولايات المتحدة الأمريكية، اذ أعدمت بين 1990 و2003 أكثر من 19 طفلا، رغم ان اتفاقية الامم المتحدة المتعلقة بحقوق الطفل تحرّم اعدام الاطفال وتنص المعاهدات والاتفاقيات الدولية عن حظر اصدار او تنفيذ عقوبة الاعدام ضد من يكون سن ساعة ارتكاب الجريمة اقل من 18 سنة، وقد أمضت عليها كل دول العالم في حين لم يمتنع عن المصادقة الا الولايات المتحدة الأمريكية والصومال، لكن السؤال المطروح هو هل ثبت فعلا ان عقوبة الاعدام أدت الى انخفاض نسبة الجريمة؟ اي هل ردعت هذه العقوبة «المجرمين»؟ * الاعدام والردع حسب دراسة أجرتها الأمم المتحدة سنة 2002 وأوردتها منظمة العفو الدولية فلقد ورد بأنه «من غير المقبول الاخذ بالرأي القائل بأن عقوبة الاعدام وتنفيذها يقلّصان من ارتكاب جرائم القتل»، بل على العكس من ذلك فلقد أكدت العديد من الدراسات المتخصصة ان الدول التي ألغت عقوبة الاعدام سجلت انخفاضا في جرائم القتل والاغتصاب. ويرى الأستاذ عبد الرحمان كريّم المحامي والحقوقي التونسي انه لا يمكننا ان نربط بين عقوبة الاعدام والقول بانخفاض نسبة الجريمة، اذ ليس هناك ما يؤكد ان الاعدام سيؤدي الى  الردع، ويقول الاستاذ عبد الرحمان كريّم ان سن عقوبة الاعدام بمبرر الردع هو طرح غير سليم، اذ كأننا ننتظر من «المجرم» ان يفكّر في العقوبة قبل الشروع في الجريمة وهو أمر غير منطقي اذ المجرم يرتكب جريمته دون التفكير في المآل والنتيجة، وقال محدّثنا انا أرى، أنه ربما تكون عقوبة السجن المؤبد أكثر ردعا من الاعدام لأن المجتمع والأفراد سيستمر نظرهم الى المجرم وهو يعاني طول حياته من السجن فالاعدام يلغي هذه المرجعية وختم قوله بأنه بصفة عامة فإن تنفيذ عقوبة الاعدام هو سلب للحرية يعاقب بها من سلب حرية غيره. ويسن الاعدام باسم المجتمع بما يعني ان المجتمع يعيد انتاج نفس العملية التي قام بها المجرم وهو سلب الحرية والغاء الوجود.

(المصدر: صحيفة الشروق  الصادرة يوم 3 مارس 2007)


 

شخصيات فكرية إٍسلامية ممنوعة من الكلام بأوروبا

إسلام أون لاين.نت – هادي يحمد باريس – بدعوى « التطرف الإسلامي » حينا، و »التحريض ضد إسرائيل » حينا آخر، برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة منع المفكرين المسلمين من المشاركة في الملتقيات والمحاضرات بأوربا. فبعد الحملة التي شنها اللوبي الصهيوني بإيطاليا ضد كل من نادية ياسين المثقفة النسوية الناطقة باسم حركة العدل والإحسان المغربية، والشيخ راشد الغنوشي المثقف الإسلامي زعيم حركة النهضة الإسلامية بتونس، ومنعهما من المشاركة في ندوة حول « الإسلام والديمقراطية »، منع طارق رمضان المثقف السويسري، من إلقاء محاضرة بجامعة بلجيكية.. كما تشن جمعيات فرنسية حملة لمنع شقيقه هاني رمضان من إلقاء محاضرات بفرنسا. ويقول مراسل « إسلام أون لاين.نت »: إن الجالية اليهودية بإيطاليا، ممثلة في جمعيات قريبة منها وموالية لإسرائيل، شنت حملة شعواء ضد دعوة كل من الدكتورة نادية والشيخ الغنوشي لحضور ندوة نظمتها « مؤسسة المتوسط » الإيطالية بمدينة نابولي حول موضوع « الإسلام والديمقراطية » يومي 23 و24 – 2-2007. « أعمال إرهابية » وعن هذه الحملة يقول الشيخ راشد الغنوشي لـ »إسلام أون لاين.نت » اليوم الأربعاء: « الحملة بدأت بمقال لكاتب إيطالي من أصل عربي، يدعى مجدي علام، اتهمني فيه بارتكاب أعمال إرهابية، وبمساندة ما أسماه بالعلميات الانتحارية، ثم لحقت به المنظمات اليهودية، ولا يخفى أن النظام التونسي له دوره بهذه الحملة التحريضية ». واتهم اتحاد الشباب اليهودي الإيطالي ومجلس اتحاد المنظمات اليهودية بإيطاليا وجمعية الصداقة الإيطالية – الإسرائيلية، كل من نادية ياسين والشيخ الغنوشي بالحض على العنف والكراهية وعدم الاعتراف بإسرائيل. وشنت هذه المنظمات حملة شعواء في الصحافة أجبرت منظمي الندوة على إلغاء مشاركتهما. وهذه ليست المرة الأولى التي يمنع فيها الغنوشي من حضور ندوات؛ فقد سبقها منعه بألمانيا وبلدان أوربية أخرى، « وفي النهاية نحن بين ضغط اللوبيات الصهيونية والضغوط التي تمارسها الأنظمة المستبدة في بلداننا الأصلية ». مكيالان ومفارقة! وفي تعليقه على عمليات المنع من المشاركة وإلقاء المحاضرات يقول الدكتور محمد المستيري، مدير المعهد العالمي للفكر الإسلامي بباريس، لـ »إسلام اون لاين.نت »: « التعامل مع المسلمين في أوربا أصبح يقوم على أساس مكيالين؛ فالعلمانية التي تعطي الحق في التعبير وتحض على المساواة، عادة ما يسقط التعامل بمبادئها عندما يتعلق الأمر بحقوق المسلمين، وتعطي الأولوية للحفاظ على أمن الدولة وسلامتها.. هذا يعطي ذريعة للحد من الحريات، وخاصة الأصوات الفكرية ». الأمر الغريب، يضيف المستيري، هو « أن الأصوات التي يتم إسكاتها ولجمها هي بالأساس الأصوات المعتدلة داخل الفكر الإسلامي، بينما يترك العنان في أحيان كثيرة للأصوات المتشددة التي تُستغل إعلاميا وسياسيا لإبقاء الضغط على المسلمين ». وفي بلجيكا أيضا منع كل من نادية ياسين والشيخ الغنوشي من المشاركة في ندوة بإيطاليا تزامن مع منع المفكر السويسري طارق رمضان، من المشاركة في ندوة نظمتها « حلقة الطلبة العرب الأوربيين » في جامعة بروكسيل الحرة » ببلجيكا يوم 22-2-2007. وعلمت « إسلام اون لاين.نت » أن « المنع يرتبط ببعض مواقف رمضان، والتي تعتبر معادية لإسرائيل في نظر اللوبي اليهودي ببلجيكا ». وسبق منع رمضان في عدد من المدن الفرنسية كان آخرها منعه من إلقاء محاضرة يوم 13-1-2007  في مدينة ستراسبورج، حيث كان يعتزم إلقاء محاضرة بـ »المركز الدولي للقاءات ». ويتعرض رمضان لحملات متتالية من اللوبي اليهودي بفرنسا، وخاصة المثقفين اليهود المحافظين؛ إذ لا يفوت الفيلسوف برنار هنري ليفي فرصة في عموده الأسبوعي بمجلة « لوبوان » الفرنسية دون التهجم فيها عليه. لوبيات المنع وعن الوضع بفرنسا يقول التهامي إبريز، رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا، لـ »إسلام أون لاين.نت »: « الاتحاد عانى كثيرا من لوبيات المنع، خاصة في أثناء عقد مؤتمره السنوي في البورجي بضواحي باريس ». ويضيف: « نحرص على دعوة بعض رموز الفكر الإسلامي سنويا في مؤتمرنا، غير أن قائمة الممنوعين طويلة تضم مشايخ معتدلين من المشرق والمغرب ومفكرين مسلمين أوربيين كالأخوين  طارق وهاني رمضان ». وجمعت عدة جمعيات نسوية وقريبة من اللوبي الصهيوني أوائل هذه السنة توقيعات على عريضة لمنع هاني رمضان من إلقاء محاضرات في مركز الشاطبي بمدينة ليون وسط فرنسا، وذكرت هذه الجمعيات أن هاني كتب مقالا بجريدة « لوموند » الفرنسية سنة 2002 برر فيه جلد المرأة »، على حد قولها. ووزعت الجمعيات الرافضة لقدوم هاني ملصقات تحمل صورة الأخوين هاني وطارق كتبت فوق رأس الأول إنه « داعية إسلامي منع من الإقامة بفرنسا من سنة 1997- 2001″، وكتبت فوق رأس طارق « أستاذ سلفي منع من الإقامة بفرنسا من 1995- 1996 ». ودعا الملصق إلى منعهما من إلقاء الدروس والمحاضرات في ليون، وتوسط صورة الملصق علامة ممنوع ضد النجمة والهلال. تكميم المعتدلين الحاضر الذي يعانيه المفكرون المسلمون حذر منه إبريز؛ إذ إن « من شأنه دعم حجج التيار الراديكالي، وتكميم أصوات الاعتدال والوسطية في العالم الإسلامي »  .  وضيف المستيري على رأي إبريز: « إن تواصل تكميم أصوات الاعتدال الإسلامي بأوربا سيزيد من التشدد، ويخدم أهداف التيارات المتشددة.. هذا المنع يحرم الأوربيين من شريك أساسي، وهو الشريك المعتدل ». وأردف موضحا بقوله: « أوربا بحاجة للأصوات المعتدلة، ومنعها فيه خسارة للأوربيين، وخاصة تجاه مسائل مصيرية في علاقة أوربا بالإسلام، خاصة ملف الاندماج ». وحذر من أن « الأصوات المتطرفة داخل الاتجاهات الإسلامية تراهن على انعدام التواصل بين الإسلام والغرب.. كما يمثل المنع ربحا لليمين المتطرف في أوربا التي تراهن أيضا على فشل اندماج المسلمين ». تناقض أوربي منع هؤلاء المفكرين يراه إبريز « أمرا غريبا؛ إذ عشنا في الأشهر الأخيرة حملات من العديد من الصحف التي تغنت بشعار حرية التعبير في التهجم على مقدساتنا (الصور المسيئة للرسول)، غير أن بعض دعاة حرية التعبير يناقضون أنفسهم حينما يمنعون باسم الدفاع عن العلمانية بعض المفكرين الذين يشهد لهم بالاعتدال ». وشدد على ضرورة « أن تكون أوربا وفية لقيمها في الدعوة إلى حرية التعبير، وإلا فنحن أمام أزمة ثقة تجاه هذه القيم ». وسبق للوبي اليهودي القريب من إسرائيل ببريطانيا أن شن حملة في صيف 2005 لمنع العلامة يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين من دخول البلاد للمشاركة في ملتقى الأقلية المسلمة هناك، غير أنه تمكن من دخول بريطانيا بمساندة كبيرة من عمدة لندن كينج لفنجستون. (المصدر: موقع إسلام أون لاين.نت بتاريخ 1 مارس 2007)

في سباق الرئاسة الفرنسي

ساركوزي يواجه اتهامات متزايدة بتمثيل مصالح إسرائيل
سيد حمدي-باريس اتهم  المحلل الفرنسي ميشيل شنايدر وزير الداخلية نيكولا ساركوزي مرشح الأغلبية بالتعبير عن « اللوبي اليهودي الفرنسي المؤيد لإسرائيل واللوبي المحافظ الأميركي ». وذكر منسق موقع « كله إلا ساركوزي » في تصريحات للجزيرة نت أن موقعه يحرص على التطرق للخطط التي يتبناها ساركوزي، وارتباطه بأشخاص خارجين على القانون وعلاقته باللوبي الصهيوني واللوبي المحافظ الأميركي. ونبه إلى أن المهمة الأساسية لرئيس الجمهورية هي قيادة السياسة الخارجية، وتمثيل فرنسا وتولي القيادة العليا للسياسة الدفاعية عن البلاد ضد أي تهديد أو اعتداء خارجي بما يعني الاستخدام المحتمل للسلاح النووي الذي تمتلكه باريس. السياسة الخارجية وقال شنايدر إن سلطات الرئيس على صعيد السياسة الداخلية أقل اتساعاً بكثير خاصة وأن المجلس التشريعي له دور مهم جداً في هذا الصدد. واستدل بأن جماعات يهودية فرنسية تؤكد حصولها على دعم مالي مثل مجموعة « يوبي جى إف » اليهودية الفرنسية من المؤتمر اليهودي الأميركي فضلاً عن تقديم الخبرة والتجربة اللازمة. كما أشار إلى أن هناك تعاوناً بين اللجنة الأميركية للشؤون العامة -اللوبي المقرب من إسرائيل- مع جماعات يهودية فرنسية وأوروبية لتنمية وتشجيع نمط اللوبي الأميركي بالقارة الأوروبية. واعتبر المحلل السياسي أن ارتباط ساركوزي بمصالح اللوبي اليهودي الفرنسي المؤيد لإسرائيل واللوبي المحافظ الأميركي من شأنه أن يضر بمصالح فرنسا والفرنسيين. مصالح أوروبا وكشف شنايدر عن الدور الذي يمكن أن يلعبه شخص مقرب من ساركوزي مثل بيير ليلوش النائب ورئيس جمعية الصداقة مع إسرائيل وعضو لجنة الشؤون الخارجية ورئيس مجموعة دراسات التسلح بالجمعية الوطنية. وقال إن ليلوش يقوم حالياً بدور بين وزارة الدفاع الفرنسية وإسرائيل, واعتبر أن الوضع وسط هذه التوجهات يبدو معاكساً لمصالح فرنسا وأوروبا إذ يجب عدم الخلط بين مصالح الاثنين من جهة ومصالح الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى. وذكّر المحلل السياسي الفرنسي بزيارة قام بها كل من وزير الأمن العام غيوديون عيزرا والمفوض الأعلى للشرطة الإسرائيلية موشى كارادى إلى فرنسا خريف عام 2005، فقد جاءت بدعوة من ساركوزي. ودعا شنايدر إلى استخلاص دلالات مثل هذه الدعوة في ظل السمعة غير الطيبة للشرطة الإسرائيلية. وكشف الرجل الذي يوصف بالمعارض الأول لساركوزي عن علاقة تربط الأخير بأرنو كلارسفيلد الذي يحمل الجنسية الفرنسية والإسرائيلية على السواء، وأشار إلى أن كلارسفيلد الذي خدم عاما كاملا بحرس الحدود الإسرائيلي يعد أحد المفضلين لدى « منظمة الدفاع اليهودية » التي تعمل بحرية في فرنسا رغم حظرها بالولايات المتحدة وحتى بإسرائيل. وتساءل شنايدر عن السبب في عدم قيام وزارة الداخلية بحظر هذه المنظمة، وتوفير الحماية للعشرات من المواطنين الفرنسيين من الاعتداءات التي يتعرضون لها. (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 28 فيفري 2007)  


البرلمان الكندي يلغي إجراءين لمكافحة الإرهاب
ألغى البرلمان الكندي أمس إجراءين لمكافحة الإرهاب كانا يتيحان القيام باعتقالات بشكل وقائي. ورفضت أغلبية تضم 159 نائبا مقابل 124 تمديد العمل بهذين الإجراءين اللذين تعتبرهما حكومة ستيفن هاربر ضروريين لإفساح المجال أمام كندا لحماية نفسها من الإرهاب. وأعلنت أحزاب المعارضة الثلاثة التي تشكل الأغلبية في مجلس العموم، أن إجراءات كهذين « لم تستخدم أبدا »، وهما يثيران حسب رئيس الحزب الليبرالي ستيفان ديون « قلقا من وجهة نظر حقوق الإنسان ». ويتيح أحد هذين الإجراءين التوقيف والاعتقال الوقائي لشخص يشتبه في استعداده للقيام بعمل إرهابي. ويجيز الثاني لرجال الشرطة إرغام شخص ما على الإدلاء بإفادته إذا كان يشتبه في أنه يملك معلومات من شأنها أن تؤدي إلى إحباط مؤامرة إرهابية. واعتمد الإجراءان بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001. ولطمأنة النواب القلقين إزاء احترام حقوق الإنسان تم إرفاقهما ببند يحدد مدتهما بخمس سنوات، تنتهي في فاتح مارس/آذار القادم. وكان هاربر يطالب بإصرار بتمديد هذين الإجراءين عبر تصويت في البرلمان قبل هذا الموعد. لكن مجلس النواب رفض أمس قرار الحكومة الذي يطالب بتمديد الإجراءين إلى ثلاث سنوات. ويذكر أن هذه هي المرة الثانية خلال بضعة أيام التي يعاد فيها طرح بنود في إجراءات مكافحة الإرهاب. وكانت المحكمة الكندية العليا قد قررت يوم الجمعة الماضي إلغاء إجراءات أمنية استثنائية تسمح لسلطات أوتاوا باعتقال الأجانب الذين يشتبه في علاقتهم بالإرهاب لعدة سنوات دون توجيه تهم إليهم، معتبرة أن ذلك يعد انتهاكا لحقوق الإنسان. (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 28 فيفري 2007 نقلا عن وكالة الصحافة الفرنسية)

 


التعليم في الدول العربية بين التحجر والطموح

2007/02/28 تسعي الدول العربية جاهدة إلي خلق نظم تعليمية متطورة تعبر عن طموحات مواطنيها وآمال أبنائها. إلا أن المتأمل في واقع التعليم العربي يكتشف حقيقة مرة مفادها أن معظم السياسات التعليمية والبرامج التربوية قد تعثرت في تحقيق أحلام وتطلعات شعوب المنطقة. بل يمكن القول أن مؤسساتنا التربوية العربية لا تصنع عقولا تنتج بقدر ما هي تصنع عقولا لا تحسن إلا اللهث والركض وراء ما تبدعه وتبيعه الأدمغة الغربية أو أشباه عقول تمت هندستها وفقا لأهداف غريبة مرسومة مسبقا لا تخدم إلا أغراض داسيها.
الفشل ذريع والمستقبل غير واضح حيث أن الفكر العربي كمادة خام لازال جامدا راكدا غير مستغل بطريقة مجدية لميل الساهرين والمتآمرين عليه إلي التلقين والتنظير والتسييس دون إعطاء قيمة وأولوية للجانب التطبيقي أو لعدم وعي ودراية بعض صانعي القرار بأولوية التعليم ودوره الإستراتيجي في صنع غد أفضل لشعوب ضاعت آمالها وتبخرت أحلامها.
وما يجعل الأمور أكثر سوءا وسوادا هو غياب التنسيق بين وزارات التربية في الدول العربية حيث تختلف السياسات التربوية والتعليمية وتتعدّد النظم والمناهج المعتمدة بتعدد الأنظمة والمصالح، مما يعزل كلّ دولة عربية عن شقيقاتها عزلاً يكاد يكون كاملاً وشاملا، وفي ذلك إضعافٌ، بل تقزيم للروابط الثقافية والمعرفية بين هذه الدول، وتقليلٌ لفرص الاستفادة المتبادلة من الخبرات والقدرات البشرية المتاحة رغم ضخامتها ووفرتها لتطوير التعليم وتجويده في إطار الجوامع الفكرية والحضارية. كما أن عدم مواكبة كثير من مناهج التعليم لتطورات العصر وتقنياته، وتخلّفها أو عدم قدرتها علي مجاراة التطورات التي يشهدها الحقل التعليمي علي الصعيد الدولي يعمّق من الهوة الفاصلة بين التعليم في الوطن العربي والتعليم في العالم المعاصر. أضف إلي ذلك فغياب أو تجاهل الدراسات والبحوث العلمية الميدانية وضعف مستوي التكوين وعدم توفر بيئة مدرسية محفزة علي الإبداع والمركزية المفرطة في التسيير وسوء التصرف في الموارد البشرية كلها عوامل ساهمت وما زالت في فشل العملية التربوية وتواضع مخرجات مؤسساتنا التعليمية. بل إن عدم منهجية محاولات الإصلاح وتسييسها الشديد خدمة لأغراض غير واضحة قد أدت إلي الحد من حرية المبادرة والتصرف والتفكير في استنباط الحلول للمشكلات القائمة.
أمُِا الأمر الأكثر خطورة من حيث تأثيره علينا كأمة تطمح إلي تجاوز نقاط ضعفها وتتوق إلي الحصول علي مرتبة لائقة بين شعوب العالم فهو وعينا السلبي أو وعينا اللغوي بجدية وعمق المشكلة أو الأزمة التربوية. فالكل واع في معظم الدول العربية بوجود خلل في المناهج التي تدرس وأساليب التكوين واستغلال الكفاءات والفضاءات وتوظيف نتائج بعض البحوث، لكن تبقي الرغبة الصادقة في التغيير والتحمس المسؤول للعمل الفعلي والتحرك اللاورقي حاجزا يحول دون تطوير مجتمعاتنا وتمكينها من اللحاق بالدول المتقدمة علمياً وحضاريا. لذلك ومن منطلق الوعي الفعلي أو الإدراك الإيجابي لضرورة المساهمة في تجاوز هذه الإخفاقات وخوفا من مزيد تدهور أوضاعنا فإنه من المهم جدا أن تفتح وزارات التربية في الدول العربية أبوابها لكل الكفاءات العلمية المتوفرة وتبتعد عن القرارات المسقطة وتعتمد أسلوب الحوار والتشاور أساسا لكل إصلاح تربوي. كما أن تجنب التسييس المفرط للتعليم وحشو مناهجه بمضامين أمنية سياسية علي حساب ثقافة وطموحات وهوية المتعلم من الأساسيات التي يجب نهجها لتجاوز الإخفاقات الحالية.
أما التمسك والاعتزاز بالهوية العربية الإسلامية وغرس روح المواطنة بعيدا عن التقليد الأعمي للثقافة الغربية فهو الحل الأمثل للتغلب علي الأزمة الثقافية والحضارية التي يعاني منها المواطن العربي بشكل عام. كما أن اللجوء والاستئناس إلي بحوث وتجارب ومناهج غربية لا تراعي طبيعة وواقع التعليم في الدول العربية ولا تأخذ في الاعتبار حاجياتنا وقدراتنا وطموحاتنا من العقبات التي تفسر إلي حد ما ما وصلنا إليه من تقهقر تربوي وتخلف علمي.
عماد السديري باحث تونسي في الشؤون العربية (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 28 فيفري 2007)

 


صحراء الوحوش

في غابة نائية تعيش فيها حيوانات وحشية متآلفة يحكمها دوريا حيوان يختاره البقية بدون احكام مسبقة وبدون ثورة مزاجية من فئة ثائرة معارضة ومن دون طمع من الاقاليم المجاورة.. ذات صيف، تحالف من لم يكن بامكانهم الوصول الي سدة الحكم، من اجل تقويض اسس السلطان، وكانوا ذئبا وثعلبا وضبعا وسلحفاة وتمساحا وغرابا..
ومن اجل دعم افكارهم جمعوا الي صفوفهم : الثور والحمار والهدهد، والطاووس، وتداولوا علي التصريح والتجريح كل يضرب علي توجهه وينوء بما يقارب الواقع اميالا كثيرة :
ـ الثور: صمتا، لا يغرنكم طول الدهر فان وقت الحساب وزمن العقاب قريب من قريب جدا .. ـ الحمار: كل طاغية هالك ولو بعد لأي .. ـ الذئب: ولكن لماذا لم تقل هذا الكلام للاسد الذي تعشي بجدك وتسحر بأبيك واذا طال عمره فانه سيأتي علي بقية قبيلتك، واذا اخطأك غضبه اليوم فان للغد له معك موعد حزين.. ـ الحمار: ولكن من ادراك ان صناديق الاقتراع لا تفرزني مرشحا للحكم بغابتنا؟ ـ الهدهد: قد تصبح لك اجنحة وتطير الي غابات مناوئة لنا وقد تأتينا بنمور شرسة مدربة علي حرب الشعاب، وقد تقلب علينا ظهر المجن وقد تطلع الانتخابات لفائدتك وقد تصبح اسد غابتنا؟ كل شيء ممكن مادام الحمير احيانا يزأرون؟ ـ الحمار: عش لتري ! ـ الذئب: وحتي وان حكمت، فسوف يأتي زمان، ويعود الاسد الي عرين الحكم ! لان الاسد وان شاخ وهرم، فهيبته تبهر اعداءه، وقديما قالوا: اينما جلس الملك، جلس معه ملكه .
ضحك الطاووس ملئ شدقيه، وتطاول علي الجميع وصاح مغردا وطار الي اعلي السنديانة وهو يردد: قالوا حمار يحكم الديار.. وقالوا الذئب هو الاذكي المختار وهو الانكي المحتال وقالوا ان الاسد هو القائد المغوار! وقالوا ان الفيل سيحكم بقوة بطشه وقالوا الكبش سيتداول علي السلطان بنطحه .. ونسوا ان الفأر في فترة من الفترات أنقذ الاسد من براثن شباك الصيادين، بعد ان وعده بمنصب وزاري ولكن لا هذا أوفي بوعده ولا ذاك اصر علي نيل مأربه، ولكن لو يعاد السيناريو الي القهقري، فلا تعجبن ان يحكمنا فأر بعد ان تغيب الاسد في الاسر، ورفع الطاووس رأسه الي اعلي مترنحا منتشيا ثم لما ابصر ساقيه، غصت الكلمات في حلقه وصاح المتكبر الي حتفه! ..
وبعد برهة من الزمان، حلقت النسور والغربان علي المكان، فثارت عاصفة هوجاء، واجتثت الاشجار من جذورها، وذبلت الازهار ببذورها، واختفت الاجداث في قبورها، وهربت الاطيار الي اوكارها، وغرقت التماسيح في وديانها، وهربت الوحوش الي غاباتها وجبالها، وادلهمت السماء واختلط الطين بالماء، وغرقت العجفاء والعرجاء في جوف الارض الملساء، وفجأة ساد سكون غريب ونام من بقي علي قيد الحياة، من الخوف العاجل ومن الموت الآجل. وفي الصباح الباكر، طلع علي الربوة رخ غريب الريش واعلن ان الغابة سيحكمها دينصور قادم من وراء البحار.
محمد بوفارس القلعة الكبري ـ تونس (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 01 مارس2007)


مصر.. الإخوان المسلمون.. والمعارضة الشرعية

د. بشير موسي نافع 01/03/2007 عادت مسألة وجود وشرعية الإخوان المسلمين وعلاقتهم بنظام الحكم لتحتل صدر الأحداث السياسية المصرية، هذا إن كانت قد غابت من قبل. خلال الأسابيع القليلة الماضية، اعتقل العشرات من كافة المراتب التنظيمية الإخوانية، بدءاً ببعض من أبرز رجال الأعمال المصريين وأعضاء مكتب الإرشاد، الهيئة القيادية العليا للجماعة. وفي حين أوحي توقيت حملة الاعتقالات بأن هناك صلة ما بحادثة التظاهر الاحتجاجي (ذات المظهر شبه العسكري) التي قام بها طلاب أخوان في جامعة الأزهر قبل شهرين، وأثارت حينها ردود فعل متفاوتة في الدوائر السياسية المصرية، فإن اتساع نطاق الاعتقالات، لتطال عدداً متزايداً من محافظات البلاد، وإخواناً من كافة الخلفيات، يشير إلي ما هو أبعد بكثير من تظاهرة الأزهر. ما تشهده العلاقة، غير المستقرة أبداً، بين الحكم المصري والإخوان المسلمين الآن يكاد يصل إلي مستوي المواجهة الشاملة، كتلك التي عرفتها مصر في الخمسينات والستينات، وما تزال تترك مرارة وألماً في الذاكرة المصرية.
منذ منتصف السبعينات، لعبت سلسلة من التوازنات والاعتبارات الأمنية والسياسية دوراً رئيسياً في تحديد طبيعة العلاقة بين الحكم والإخوان المسلمين. وبنمو الجماعة خلال ربع القرن الأخير لتصبح القوة السياسية المعارضة الرئيسية بلا منازع، بدا وكأن النظام حدد أسس التعايش القلق مع الإخوان: فمن ناحية، رفض الترخيص للإخوان المسلمين كحزب سياسي شرعي، ومن ناحية أخري، سمح لهم كأمر واقع بكل ما يمكن للحزب ان يقوم به تقريباً. سوغ رفض الترخيص دائماً بنص دستوري لا يسمح بإقامة الأحزاب السياسية علي أساس ديني؛ وهو ما طال الإخوان المسلمين وغيرهم من الراغبين بالعمل السياسي الإسلامي. ولكن غض النظر عن النشاط التنظيمي والنقابي والسياسي للإخوان، بما في ذلك المنافسة في الانتخابات البرلمانية، تم دائماً تحت سقف معين يحدده الظرف السياسي الداخلي وعدد من العوامل الخارجية. فمن وقت إلي آخر، يتعرض الإخوان لحملات أمنية محدودة، تلاحق نشاطاتهم في النقابات المهنية والاتحادات الطلابية، كما ان عدد المقاعد التي استطاعوا الفوز بها في الدورات التي خاضوها من انتخابات مجلس الشعب، بما في ذلك الانتخابات المدوية الأخيرة، كان عدداً محدداً، بغض النظر عن وضعهم الشعبي وكفاءة حملاتهم الانتخابية.
خارجياً، ثمة اعتقاد واسع بأن موسم الضغوط الأمريكية، والغربية عموماً، من أجل المزيد من الانفتاح والحريات السياسية في مصر والدول العربية الأخري، قد انتهي. الربط الذي تبنته الإدارة الأمريكية بعد هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001 بين الاستبداد السياسي ونمو الاتجاهات الإرهابية في المجتمعات العربية والإسلامية، والربط المقابل بين الديمقراطية والحريات، من جهة، والسلام مع الدولة العبرية والتحديث غربي التوجه، من جهة أخري، قد تراجع لصالح رؤية أكثر براغماتية. السبب الرئيسي خلف هذا التحول أن كل دولة عربية أو إسلامية سمحت بعقد انتخابات حرة أو شبه حرة خلال السنوات القليلة الماضية، برلمانية كانت، أو رئاسية أو بلدية، من تركيا وإيران وباكستان ولبنان، إلي السعودية ومصر وفلسطين، أظهرت فوزاً كاسحاً أو صعوداً ملموساً للقوي الإسلامية السياسية، لا سيما تلك التي تعبر عن معارضة واضحة للسياسات الأمريكية. ولا يواجه النفوذ الأمريكي تحدياً علي هذا المستوي وحسب، بل يواجه تحديات علي مستوي الضعف المتفاقم للأنظمة الصديقة وقدرتها في الحفاظ علي اتباع سياسات متوافقة مع السياسات الأمريكية. ما يتضح الآن ان واشنطن عادت إلي التقاليد الراسخة للعلاقات بالأصدقاء والحلفاء العرب والمسلمين، أي إفساح المجال كاملاً للأنظمة للتعامل مع قواها السياسية بما تراه مناسباً.
داخلياً، تتعلق إحدي النظريات المتداولة لتفسير اتساع نطاق الحملة الحالية التي يتعرض لها الإخوان بتحضيرات كانوا يقومون بها للإعلان عن حزب سياسي. ولكن أكثر من مسؤول إخواني أعلن أن ليس ثمة ما هو غير غير عادي في هذا السياق، وأن الإخوان المسلمين لم يتوقفوا أصلاً عن مناقشة هذا الموضوع. ويصعب، علي أية حال، تصور ان يرتبط التصعيد الأمني الكبير بمسألة الحزب؛ فحتي إن تقدم الإخوان بطلب ترخيص حزب سياسي، تحت اسم الجماعة أو باسم جديد، فالمتوقع أن ترفض السلطات المعنية الموافقة علي الطلب. وهذا في النهاية لن يغير شيئاً من الواقع الحالي؛ بمعني أن قواعد العلاقة المستقرة بين الإخوان والنظام تفسح المجال لهم بالعمل السياسي بدون توفير ترخيص حزبي، كما ان إيصال رسالة برفض الترخيص لا يستدعي مثل هذه الحملة من الاعتقالات. وبينما تفتقر نظرية الحزب إلي المنطق، فإن نظرية الربط بين الحملة علي الإخوان والتمهيد لإيصال ابن الرئيس، السيد جمال مبارك، إلي رئاسة الجمهورية، الذي تتداول الأوساط المصرية مسألته منذ سنوات، لا تبدو أكثر منطقية. فإن كان سيناريو الخلافة جدياً بالفعل، فإن مشكلة هذا السيناريو ليست إخوانية أصلاً، ولا هي إخوانية بالضرورة، بل هي مشكلة تتجاوز كل القوي السياسية المصرية مجتمعة. مشكلة سيناريو الخلافة الرئيسية هي مع الشارع المصري ومع بنية النظام الجمهوري لا القوي السياسية.
قد لا تكون هناك حاجة أصلاً لوجود سبب طارئ أو محدد لهذه الحملة. فمصر تمر بمرحلة انتقالية بالغة القلق، لا تدفع باتجاه تبني إجراءات مثيرة للاستغراب في الداخل وحسب، بل وتؤثر تاثيراً سلبياً علي السياسة الخارجية. فمنذ ولادة النظام الجمهوري، والجيش المصري يمثل قاعدة الاستقرار وضمانته، بالرغم من أنه لا يلعب دوراً سياسياً مباشراً كذلك الذي لعبه الجيش التركي، مثلاً، من خلال مجلس الأمن القومي. ولكن مصر اليوم تبدو في حيرة من أمرها فيما يخص الموقع الذي احتلته مؤسسة الجيش في بنية النظام الجمهوري. ويتعلق هذا الأمر، بالطبع، في أحد وجوهه علي الأقل، باحتمال ترشيح جمال مبارك لخلافة والده. إلي جانب هذا السؤال الكبير، يبرز سؤال الإجماع السياسي المصري، أسس هذا الإجماع ومسوغاته. ولعل الإعلان الرئاسي مؤخراً عن إطلاق عملية تعديل دستوري واسعة وغير مسبوقة تدل بوضح علي أنه حتي رأس الحكم بات علي قناعة بضرورة إعادة النظر في الأسس التي يقوم عليها نظام الجمهوري، بغض النظر عن جدية ومدي التوجه الإصلاحي في التعديلات المقترحة. ويرتبط السؤال الثالث ارتباطاً وثيقاً بأسس الإجماع السياسي، والمقصود هو السؤال المتعلق بالوضع والموقع الذي يحتله الإسلام في بنية الجمهورية المصرية، والإسلام هنا ليس بمعني الإيمان الديني فقط، ولكن أيضاً بمعني المرجعية السياسية والتشريعية.
تمر مصر بمرحلة انتقالية لأن الجدل الذي تعيشه هو جدل المسائل الكبري، المسائل التي تمس استقرار ومستقبل الدول. ووضع الإخوان المسلمين هو في جوهر هذا الجدل. وليس في هذا مبالغة علي أي نحو من الأنحاء؛ فعندما تتعلق الأمور بأكبر قوة سياسية في البلاد وأعمقها جذوراً، القوة التي لا تتمتع بسمة العمل السياسي الشرعي، فإن الحديث يدور حول القضايا الرئيسية للدولة والحكم والاجتماع السياسي. حملة الاعتقالات الواسعة لقيادات وكوادر الإخوان لا تحتاج مبرراً ومسوغاً محدداً؛ فكلما طالت المرحلة الانتقالية التي يمر بها نظام سياسي ما كلما تحولت إلي مأزق. ومصر السياسية اليوم هي في مأزق فعلاً؛ مأزق ينعكس في تعديلات دستورية تخالف روح العصر ومطالب الناس، في فقدان حالة اليقين، في تراجع الدور الإقليمي، وفي اعتقالات عناصر القوة السياسية المعارضة الرئيسية في البرلمان والبلاد.
الدارس لتاريخ ومسيرة الإخوان المسلمين في مصر يلحظ تطوراً حثيثاً في خطاب الجماعة ورؤيتها الفكرية والسياسية. في البداية، كان الإخوان يطالبون بدولة إسلامية، بدون أن يكون لديهم تصور واضح لما تعنيه الدولة الإسلامية، دستورياً وعلي صعيد علاقتها بالدولة الحديثة. ولكن الجدل الكبير الذي أحاط بصعود القوي الإسلامية السياسية في المنطقة العربية خلال السبعينات والثمانينات، جعل الإخوان يؤكدون الطبيعة المدنية للدولة الإسلامية، وينفون عنها الطابع الديني الذي عرفته دول القرون الوسطي في أوروبا. ومع منتصف التسعينات، كان الإخوان يصدرون وثيقتين رئيستين تتعلقان بمسألة المرأة في الاجتماع السياسي الإسلامي، ومسألة التعددية السياسية والتبادل السلمي علي السلطة. وقد كان صدور هاتين الوثيقتين مقدمة طبيعية لقفزة جديدة في الخطاب السياسي الإخواني، تمثلت بتبني الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية، حيث يمتلك الشعب حق تفسير هذه المرجعية وحدودها وما تعنيه دستورياً وسياسياً. هذا التطور الكبير في الخطاب السياسي الإخواني هو في حد ذاته مساهمة بالغة الأهمية في طريق تبلور مركز ثقل إجماعي سياسي مصري، يتعامل مع الأسئلة الكبري التي يواجهها الاجتماع السياسي المصري.
بيد ان التصعيد الحكومي الأمني ضد الإخوان المسلمين يثير تساؤلات من نوع آخر، تتعلق بما يعرف عادة بقوي المعارضة المصرية الشرعية . و الشرعية في سياق العمل السياسي الحزبي هو مصطلح ذو منشأ عربي للدلالة علي وجود معارضات سياسية من أصناف مختلفة، بعضها مرخص به وشرعي والآخر غير مرخص به ولا شرعي، بالرغم من وجوده الفعلي، وربما كان، كما هي الحالة المصرية، يتفوق في حجمه ووزنه الشعبي عن كل الأحزاب الشرعية مجتمعة. وما لاحظه مراقبو الحياة السياسية المصرية ان أحزاب المعارضة الشرعية لم تقف خلال الأسابيع القليلة الماضية الموقف اللائق للدفاع عن الديمقراطية والحريات وحكم القانون، وكأنها تقف موقف التواطؤ الضمني مع الحملة الموجهة ضد الإخوان المسلمين، وتؤيد فعلاً إجراءات إضعافهم، حتي إن كانت غير مبررة ولا قانونية. وهذه ليست المرة الأولي التي تقف فيها الأحزاب السياسية المصرية المعارضة هذا الموقف المضطرب من تفاقم العلاقة بين الحكم وحزب معارض آخر، بينما تخوض البلاد بكل قواها نضالاً حرجاً من أجل الدفاع عن مكاسب الحريات القائمة وتوسيع نطاقها. مثل هذا الموقف لن يحمي المكتسبات الديمقراطية ولا الأحزاب السياسية الشرعية. ما سيحمي كليهما هو العمل علي حماية حكم القانون والحريات لكل المصريين، ولكل قواهم السياسية.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 01 مارس2007)


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

17 avril 2004

Accueil TUNISNEWS   4 ème année, N° 1428 du 17.04.2004  archives : www.tunisnews.net حركة النهضة تنعى القائد البطل عبد العزيز الرنتيسي

+ لمعرفة المزيد

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.