فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia
|
TUNISNEWS
11ème année, N°4083 du 03.09.2011
archives :www.tunisnew .net
تونس, تونس, 02 أيلول-سبتمبر (يو بي أي) — إعترفت وزارة الداخلية التونسية بمقتل فتاة في مواجهات إندلعت ليلة الخميس-الجمعة في مدينة سبيطلة من محافظة القصرين (200 كيلومتر غرب العاصمة تونس)، ونفت تعرض سجن مدينة صفاقس للحرق. وقال مصدر مأذون بوزارة الداخلية التونسية في تصريح بثته الإذاعة التونسية الرسمية اليوم الجمعة، إن « أحداث الشغب والعنف التي شهدتها مدينة سبيطلة الليلة الماضية أودت بحياة فتاة في السابعة عشرة من العمر، وإصابة 4 أشخاص بجروح متفاوتة ». وأوضح أن أعمال العنف إندلعت عندما عمدت مجموعة من الشباب بحدود الساعة 11 ليلا بحي السرور الغربي بسبيطلة بغلق الطريق المؤدية إلى منطقة عمادة الرخامات واعتراض سبيل المارة ونهبهم، ما إستدعى تدخل دورية مشتركة من الأمن والجيش وإطلاق أعيرة نارية تحذيرية في الهواء لتفريق المجموعة المشاغبة التي قامت بقذف الدورية بالحجارة. وأضاف أن صوت الطلقات النارية أدى إلى احتشاد عدد كبير من المواطنين وتدافعهم، ما أدى إلى وفاة فتاة في الـ 17 من العمر بعد نقلها إلى المستشفى المحلي بسبيطلة وإصابة 4 اشخاص بجروح طفيفة. وتابع المصدر، أن المجموعة المشاغبة قامت إثر ذلك بمداهمة وحرق مركز الشرطة بالمنطقة إلى جانب حرق سيارة خاصة و3 حافلات تابعة للشركة الإقليمة للنقل ومحطة أرتال وتهشيم قسم الطوارئ بالمستشفى المحلي بسبيطلة. من جهة أخرى، نفى مصدر مسؤول من محافظة صفاقس (275 كيلومترا جنوب شرق تونس العاصمة) أن يكون السجن المدني بالمدينة تعرض مساء الخميس لعملية حرق أسفرت عن هروب مساجين. ووصف الأنباء التي ترددت في وقت سابق حول إندلاع حريق داخل السجن المدني بصفاقس أنها » إشاعات يهدف أصحابها لبث البلبلة ».
(المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 2 سبتمبر 2011)
<
تواصل مجموعة من متساكني منطقة العوينات من معتمدية المطوية بقابس منذ الليلة الفارطة قطع الطريق الوطنية رقم 1 مما تسبب في تعطل كلي لحركة المرور. وتعمد البعض الآخر الاعتصام بالسكك الحديدية مما أسفر عن توقف جميع الأنشطة من بينها الرحلات المبرمجة بين قابس وتونس العاصمة. ويطالب المعتصمون بإطلاق سراح عدد من أبناء العوينات الذين تم إيقافهم على اثر خصومة نشبت بشاطئ المطوية ثاني ايام العيد مع متساكني المطوية مما ادى الى اصابة اكثر من 15 شخصا بأضرار بدنية. وأفاد مصدر امني مراسل « وات » بالجهة ان التحقيقات جارية مع الموقوفين الذين تم إطلاق سراح 11 منهم لعدم ثبوت إدانتهم فيما لا يزال عشرة آخرين رهن الإيقاف في انتظار استكمال التحقيق معهم.
(المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 2 سبتمبر 2011)
<
دبي – العربية.نت أعلنت السلطات التونسية، اليوم الجمعة، حظر التجول في دوز بجنوب البلاد بعد مواجهات عنيفة بين شبان أسفرت عن « العديد من الجرحى »، وفق ما قالت وزارة الداخلية التونسية. ولم تحدد الداخلية التونسية عدد الجرحى، لكن وكالة تونس إفريقيا للأنباء الرسمية تحدثت عن سقوط 30 جريحاً نقلوا إلى مستشفى دوز المحلي (488 كيلومتراً من تونس العاصمة). وأضافت الداخلية أن الجيش والحرس الوطني تدخلا في محاولة لإنهاء أعمال العنف ولكن من دون جدوى، ما دفع السلطات المحلية الى إعلان حظر تجول من الساعة 19.00 حتى الساعة 5.00 صباحاً بالتوقيت المحلي. وأوردت الوكالة التونسية الرسمية أنه تم إحراق 3 منازل ومحطتي وقود خلال هذه الاضطرابات. واندلعت أعمال عنف أخرى ليل الخميس الجمعة في وسط غرب تونس، وتحديداً في مدينة سبيطلة. وأوضح المتحدث باسم وزارة الداخلية محمد هاشم المؤدب لـ »فرانس برس » أنها أسفرت عن مقتل فتاة في الـ17 عاماً من عمرها وإصابة 4 آخرين. وأضاف المصدر نفسه نقلاً عن أسرة الفتاة أنها أصيبت بالرصاص في رأسها. وبعد مقتل الفتاة، أحرق سكان مركزاً للشرطة و3 حافلات ومحطة للسكة الحديد. كما قاموا بتخريب قسم الطوارئ في مستشفى سبيتلة المحلي، وفق المتحدث.
(المصدر: موقع العربية.نت (دبي – الإمارات) بتاريخ 2سبتمبر 2011)
<
أفادت وزارة الدفاع الوطني أن أحداث مدينة سبيطلة انطلقت يوم الخميس 1 سبتمبر 2011 على الساعة الحادية عشرة ليلا على اثر شجار نشب بين عرشي أولاد بن نومة والدزيرية خلال حفل زفاف وأدى إلى تبادل العنف الشديد باستعمال بنادق صيد وآلات حادة وهراوات. وبينت الوزارة في بلاغ لها يوم الجمعة ان هذا الاشتباك قد تطور ليتحول إلى عمليات حرق عجلات مطاطية وحاويات الفضلات بالطريق العام وسلب المارة بتعمد قطع الطريق قبل التحرك نحو مركز الشرطة قصد حرقه. وقد استوجب هذا الوضع الخطير تدخل دورية امن مشتركة بين قوات الأمن الداخلي وقوات الجيش الوطني التي سرعان ما تمت محاصرتها من قبل مجموعة من المعتدين (1000 نفر) الذين رشقوها بالحجارة والزجاجات الحارقة مما أدى إلى إصابة احد العسكريين بجروح بليغة .وبعد استنفاذ جميع إجراءات الإنذار، أطلقت عيارات نارية في الفضاء من قبل عسكريين لتفريق المعتدين . وتجدر الإشارة وفق ذات البلاغ إلى أن الشجار الحاصل بين أفراد العرشين أسفر عن وفاة فتاة عمرها 17 سنة. وقد تعذر على الطبيب المباشر بالمستشفى المحلي تحديد سبب وفاتها حيث تم منعه من معاينة جثمانها من قبل أفراد عائلتها الذين نقلوها عنوة إلى مكان مجهول .كما أصيب أربعة أشخاص بجروح متفاوتة الخطورة اثنان منهم أصيبا برش بنادق صيد واثنان بالات حادة. إضافة إلى ذلك فقد أوضح البلاغ انه قد نتج عن هذا العمل الإجرامي حرق مركز الأمن الوطني بالمكان وثلاث حافلات بمحطة النقل البري وتهشيم الواجهة الأمامية للمستشفى المحلي وإتلاف المعدات الطبية المتواجدة بقاعات العلاج فضلا عن الأضرار بمقهيين اثنين وثلاث شاحنات وسيارة مدنية ونهب محل مجوهرات ومخزن بيع مواد بناء بالجملة. وقد عاد الوضع إلى حالته العادية فجر يوم الجمعة.
(المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 2 سبتمبر 2011)
<
نظّم عشرات من أهالي مدينة جبنيانة صباح اليوم مسيرة احتجاجية جابت شوارع المدينة مطالبة بإطلاق سراح الموقوفين على خلفية أحداث العنف التي شهدتها المنطقة منذ أسابيع. وأكد مشاركون في هذا التحرك أن المحتجين تحولوا إلى أمام مقر المعتمدية أين أعلنوا دخولهم في اعتصام مفتوح داخل مقرها للمطالبة بإلقاء القبض على المورطين في أحداث العنف التي تكررت ليلة أمس إلى حدود ساعات متأخرة وأدت إلى إصابة مواطنة على مستوى الرأس.
واتصل المعتصمون بمعتمد المدينة عبر تسليمه لائحة اعتصام تضمنت مطالبهم، ووعد المعتمد من جهته بالقبض على المورطين خلال الأيام القليلة القادمة. وأشار شهود عيان إلى أن المدينة تعيش حالة ترقب وتوتر نتيجة التخوف من عودة أحداث العنف الدامية إلى المنطقة، وسط غياب شبه تام لأعوان الأمن، وحضور محتشم لقوات الجيش.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 2 سبتمبر 2011)
<
قررت السلطات المحلية منع الجولان بدوز الشمالية والجنوبية من الساعة السابعة ليلا إلى الساعة الخامسة صباحا اعتبارا من يوم الجمعة 2 سبتمبر 2011. ويأتي هذا القرار وفق بلاغ لوزارة الداخلية على اثر أحداث العنف التي نشبت نتيجة مناوشات بين مجموعتين من شباب دوز الشمالية ودوز الجنوبية يوم الخميس 1 سبتمبر 2011 وأدت إلى حصول إصابات عديدة نتيجة التراشق بالحجارة واستعمال الأسلحة البيضاء وبنادق صيد وذلك رغم تدخل قوات الجيش والحرس الوطنيين للفصل بين المتشاجرين .ويرمي هذا الإجراء إلى تفادي تأزم الأوضاع.
(المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 2 سبتمبر 2011)
<
تلقت منظمة حرية وإنصاف خبرا أشبه بنداء استغاثة من فريق صحيفة الساعة الالكترونية تخص شيخا مكبلا في الأصفاد في حالة قريبة من الاحتضار عاري الجسم لا ينبس ببنت شفة ملقى على السرير بغرفة الإنعاش والحالات القصوى منذ حوالي شهر وحوله حراسة أمنية لصيقة تدعو للريبة فور تلقي الخبر تنقل نشطاء من حرية وإنصاف تتقدمهم رئيس المنظمة لاستجلاء الأمر ثم التحق عدة ممثلين من عدة محطات إعلامية وحقوقيون وقد حاول الجميع اختراق جدار الصمت والتعتيم حول هذا الموضوع من قبل الحراس والفريق الطبي والممرضات والإداريين الذين تحصنوا إما وراء التعليمات أو عدم الدراية أو ضرورة الالتزام بالسر المهني ورغم كل المحاولات لم يتمكن الجميع من الحصول إلا على اسم المعني بالأمر و يدعى عبد المالك السبوعي جيء به منذ شهر تقريبا في حالة متردية مصاب بجرثومة حسب ما أفاد به أحد الأطباء. وأمام التمسك بعدم الإدلاء بصفة المعتقل إن كان سجين حق عام أو سجين سياسي والكشف عن السجن الذي استقدم منه وعدم الاستجابة لطلب تقديم توضيحات عن حالته الصحية قرر جميع النشطاء المغادرة على أن يتم مقابلة مديري المستشفى والسجون لمعرفة هوية الرجل وسبب إيقافه والتقصير الواضح في العناية به. وأمام بشاعة المشهد الذي يتنافى مع أدنى واجبات احترام الذات البشرية المنصوص عليها في المعاهدات الدولية واتفاقيات حقوق الإنسان التي تمنع إبقاء المسجون في الأغلال وهو على تلك الحالة من المرض والهشاشة الصحية .
فان حرية وإنصاف 1- تعبر عن استيائها من المعاملة السيئة واللانسانية لسجين في حالة احتضار فضلا عن كونه طاعنا في السن 2- تستهجن الضغوط التي يمارسها الأعوان التابعين لإدارة السجون على الفريق الطبي وهيمنتهم عليه بما فيه مس من أخلاقيات المهنة الطبية التي توجب الاهتمام بصحة المريض وجعلها فوق كل اعتبار 3- تحذر من تداعيات سوء المعاملة على حياة السجين وتحمل المسؤولية لإدارة السجون ووزارة العدل ووزارة الصحة 4- تطالب بانتشال هذا الإنسان مهما كان سبب إيقافه من الموت المؤكد بسبب الإهمال الملاحظ وغير المقبول 5- تطلق نداء استغاثة إلى كافة فعاليات المجتمع المدني في الداخل للتدخل العاجل لإنقاذ ذات بشرية مهددة بالموت 6- تطالب بالكف عن سياسة التعتيم والتسويف مع الحقوقيين والإعلاميين واحترام متطلبات العمل والحقوقي والإعلامي بضمان الشفافية 7- كما تعبر منظمة حرية وإنصاف عن قلقها حول أوضاع السجون التونسية وتطالب السلطات بفسح المجال أمام المنظمات الحقوقية لمراقبة الأوضاع داخل السجون والاطمئنان على احترامها للمقاييس الدولية المتعارف عليها .
الامضاء رئيس منظمة حرية وانصاف الاستاذة ايمان الطريقي
<
أكدت السيدة سهام بن سدرين رئيسة مركز تونس للعدالة الانتقالية أن عمل المركز يتمحور حول أربعة نقاط أساسية ستكون هي بمثابة برنامج المركز وذلك خلال ندوة صحفية عقدها المركز صباح اليوم بالعاصمة. وتتمثل المحاور الأربعة في القيام بعملية المساءلة عن طريق القضاء، ومعرفة الحقيقة، والتعويض المادي والمعنوي وذلك برد الاعتبار لعائلات الشهداء والمصابين منهم وإصلاح المؤسسات وخاصة المنظومة الأمنية والقضائية، وفقا لشعار المركز الذي يتمثل في مساءلة – محاسبة – مصالحة وتم خلال الندوة الإعلان عن الهيئة التأسيسية للمركز والتي تتركب على النحو التالي: سهام بن سدرين كرئيسة وعبد اللطيف بن هنية وعبد الوهاب محجوب وايمان الطريقي كنواب رئيس ويسري الدالي كاتب عام وزهور الكرارسي كاتب عام مساعد وصلاح بن فرج امين مال وياسين العياري وآزر زين العابدين كأعضاء. وقال السيد صلاح بن فرج امين مال المركز والمختص في الشؤون القانونية أن تمويل المركز سيكون تمويل عمومي وسيضمن للمركز تمتّعه بالشّفافيّة الماليّة من خلال نشر مصاريفه ومداخيله عبر موقعه. وأشار إلى انه من أهم مهام الموكولة للهيئة التأسيسية الحالية الإعداد لمؤتمره الأول بين 30 سبتمبر و 01 أكتوبر حول المصالحة الوطنية حتى يتم ترسيخ ثقافة المساءلة والمحاسبة وفي النهاية المصالحة قبل انتخابات المجلس الوطني التأسيسي.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 2 سبتمبر 2011)
<
تونس – بناء نيوز – إيمان غالي عبد الملك السّبوعي من مواليد 1942، أُلقي القبض عليه يوم 19 جويلية 2011 بعد أن وُجّهت اليه تهمة السّرقة ومن ثمّ نُقل إلى مستشفى الرّابطة بعد تردّي وضعه الصّحّي يوم 26 جويلية 2011 ثمّ تمّ تحويله إلى مستشفى شارل نيكول يوم 12 أوت بعد أن كان قابعا في مستشفى الرابطة ثمانية عشر يوما نقل بعدها دون مرافقة ملفّه الطبي لأنه لم يكن له ملف في المستشفى. ويعاني السبوعي من عدة امراض من بينها خلل عصبيّ أقام بسببه مدّة في مستشفى الرّازي للأمراض العصبيّة والنّفسيّة. يوم امس وبشكل مفاجئ تم اكتشاف جسده المنهك وهو مقيد الى احد الاسرة بمستشفى شارل نيكول. كان وضعه صعبا للغاية فقد كان في حالة هزال شديد وتبدو عليه علامات سوء المعاملة. وكان الى جانب ذلك مصابا بتعفنات في صدره جعلت الديدان تنتشر في اجزاء منه. وبمجرد نشر الخبر انتقلت عديد وسائل الإعلام لمعاينة وضعيّة هذا الشيخ الذي يعاني بين قيود السجّان والتقصير الطبّي وكانت وكالة « بناء نيوز » السبّاقة في الكشف عن وضعيّة احتضار هذا المسنّ . التقصير الطبي كان الشيخ السبوعي قد نقل من السجن إلى المستشفى بعد تردّي وضعه الصحّي ممّا استوجب نقله بسرعة إلى مستشفى الرابطة ولكن بقي مدّة ثمانية عشر سنة داخل المستشفى مع العلم أنّه لم يكن يعاني من أثار التعذيب على العكس مما تناقلته بعض المواقع الإجتماعيّة المتعاطفة مع حالة الشيخ. ولكن كان اثر التقصير الطبي واضحا على جسده الهزيل العاري وقدماه اللـتّان تعفنتا من سلاسل القيود والديدان التي تعلو صدره وبقيّة جسده والظاهر أنّه يشكو من تعفّن جرثومي استفحل في كامل جسده جرّاء حالة الوخم التي يعاني منها فالمسنّ يبدو في حالة احتضار يعجز عن الكلام وعن الوقوف ورغم ذلك لا تزال السلاسل تقيّد ساقيه النحيفتين. استنكار وتنديد وندّد نشطاء وحقوقيون كإيمان الطريقي وسهام بن سدرين ببشاعة المشهد الذي يتنافى مع أدنى واجبات احترام الذات البشرية المنصوص عليها في المعاهدات الدولية واتفاقيات حقوق الإنسان التي تمنع إبقاء المسجون في الأغلال وهو على تلك الحالة من المرض والهشاشة الصحية. وندّدت الناشطتان بعدم الإدلاء بصفة المعتقل، إن كان سجين حق عام أو سجينا سياسيا والكشف عن السجن الذي استقدم منه وعدم الاستجابة لطلب تقديم توضيحات عن حالته الصحية. وامام اصرار ادارة المشفى على موقفها قرر جميع النشطاء المغادرة على أن يتم مقابلة مديري المستشفى والسجون لمعرفة هوية الرجل وسبب إيقافه والتقصير الواضح في العناية به. وتم في نفس الوقت إطلاق نداء استغاثة إلى كافة فعاليات المجتمع المدني للتدخل العاجل لإنقاذ ذات بشرية مهددة بالموت. كما عبّرتا عن استيائهما من المعاملة السيئة واللاإنسانية لسجين في حالة احتضار فضلا عن كونه طاعنا في السن.
(المصدر: موقع « بناء نيوز » الإلكتروني ( يومي- تونس)، بتاريخ 2 سبتمبر 2011)
<
تحية نضالية وبعد
يشرفني أن أوافي الراي العام بنص استقالتي مضمنا إياها خلاصة تقييمي لتجربة سياسية ساهمت إلى حد ما في صياغتها بكل إخلاص و نزاهة وحرصت خلالها على تجسيد مبادئ الحزب الديموقراطي التقدمي و الدفاع عنها و الذود على سمعته في كنف الانضباط الحزبي. و سأحرص قدر الإمكان على تجنب الانطباعات الذاتية القائمة على تقلب المزاج و هوى الميولات لأقدم أفكارا و استنتاجات توصلت اليها بعد تردد انتابني منذ 14 جانفي2011 و زادت حقائق موجعة و أحيانا صادمة ترسيخ ما رجحت من فرضيات. يبدو انه آن الأوان للمصارحة بحثا عن إصلاح تبدو حظوظه ضعيفة في مناخ من النشوة العارمة بالتوسع الكمي و توفر الإمكانات المالية التي أعمت البعض وجعلته لا يبصر من الأمور إلا التي تغريه. سأكتفي باستحضار محطات بعينها لكثافة مغزاها زاهدا في استعراض التفاصيل من الأحداث و الوقائع و هي كثيرة الا عند الاقتضاء : – اسمحوا لي في البداية أن أذكر إنني انتميت إلى هذا الحزب على اثر مشاورات كان أجراها السيد احمد نجيب الشابي على امتداد أشهر سنة 1999 مع جملة من المناضلين و المثقفين من ذوي الميولات المختلفة و المشارب المتعددة.و صنفت آنذاك ضمن ما سموا ،رغم التباس الوصم و دهائه أحيانا، ب »الإسلاميين المستقلين » طورا او الإسلاميين التقدميين طورا آخر. توجت تلك المشاورات بالدخول إلى « التجمع الاشتراكي » سابقا إيمانا منا بان المساهمة في معركة الديموقراطية واجب وطني بعد ما يناهز العشريتين من القمع و الخوف.و لم نر آنذاك إلا هذا الحزب فضاء لذلك و كان حقيقة واعدا نظرا للخط النضالي الذي اجتباه لنفسه و التعددية التي كان يبشر بها خصوصا و قد أنظمت اليه في نفس الوقت مجموعات يسارية و عروبية و ليبيرلالية و لكن شيئا فشيئا بدأت التجربة تتحلل لأخطاء بعضها يعود لثقافة « الحوز التاريخي » التي رهنت الحزب و البعض الآخر إلى ضعف ثقافة التعايش والعجز التنظيمي عن احتواء ذلك .خرج جل من التحق من مجموعات و ظل « الإسلاميون المستقلون » حجر الزاوية في بناء الحزب الديموقراطي التقدمي و معهم ثلة أخرى من المناضلين المستقلين و مضت رغم ذلك التجربة ناجحة أحيانا متعثرة أحيانا أخرى و لكن استطاع الحزب مع ذلك وفي زمن القمع ان يكون عنوانا للنضال و لقد كنت شاهدا على رفض الحزب المساومة على مبادئه رغم حجم الإغراءات المقدمة اليه طورا صراحة و طورا تلميحا. دفع الحزب ثمن ذلك من ماله و صحة مناضليه و عمر شبابه فسجن من سجن و شرد من شرد و ضويق على من ضويق دون تنازل او مهادنة فحاز على ثقة الكثير و تمكن من الانتشار في فضاءات و أوساط لم يألفها من قبل. ونمت لدى المناضلين عموما ثقافة النضال و التضحية و التطوع و الزهد في الغنائم فدفعوا من مالهم و قوتهم و دمهم الكثير. حين سال دمي ذات مارس 2005 على الإسفلت تصديا لزيارة « شارون » و اعتقلت و رمي بي في مصحة النجدة بمناسبة القمة العالمية للمعلومات ،و لم أكن استثناءا، كان ذلك باسم الحزب ووفاء لمبادئه و خطه العروبي و الإسلامي.
– لما قرر الأصدقاء محمد القوماني و فتحي التوزري و بعض المناضلين الآخرين الانسحاب من الحزب بعد خلاف لازلت اعتقد إلى حد الآن انه كان بالإمكان تفاديه خيرت البقاء و اعتبرت أطروحة المجموعة المنسحبة و بقطع النظر عن التفاصيل التي حفت بهذا تقديرا و اجتهادا لا ينسجم مع خط الحزب آنذاك .كنت من بين لجنة الحكماء الذين توسطوا قصد راب الصدع و لكن تشغيل الآلة التنظيمية و التخوين على خلقية التصنيفات الواصمة عطل تلك المساعي. غادرت المجموعة الحزب في مناخ من التشفي و الارتياح لدى البعض و ظللت رغم ذلك متمسكا بالحزب و فصلت بين الصداقة و الانتماء.يبدو أن ذلك كان علامة فارقة حيث بدوت للبعض و كأنني النشاز الذي عليه أن ارحل.
– بعد الثورة و في مناخ متسم بالضبابية و الغموض و افتقاد الشفافية أحيانا بدأت مواقف الحزب صادمة أحيانا مرتجلة أحيانا أخرى و لكن الثابت انها لم تدرس في هياكل الحزب. (الموقف من الدخول إلى الحكومة ، من حل التجمع ، من القصبة واحد و القصبة اثنين ، من تحالف 18 اكتوبر و حكومة باجي قائد السبسي و التحالفات المقبلة… ). اضطررنا إلى التبرير في مواقع عدة دون ان نكون على اقتناع بها. و قد عمق ذلك ابتعاد الأخ نجيب الشابي عن الحزب و تفرغه للحملة الرئاسية مع « مجموعة استوديو 38 » و استئثار حلقة مغلقة تشكلت ضمن منطق الشلة بتسيير الحزب. بعيدا عن نظرية الأيادي الخفية يبدو أن دوائر القرار غدت مجهولة.
-اتسع الحزب في الأشهر الأخيرة ليفد اليه أفراد و مجموعات مختلفة المشارب و التجارب في كثير من الأحيان منفلتة الطموح و الانتظارات لم يعرف لجلهم موقف أو رأي خلال حكم بن علي الا القليل الذين أكن إليهم الاحترام و قد قدموا من تجارب سياسية نضالية . كان ذلك التوسع ضرورة بل و حاجة بالنسبة إلى حزب يطمح في الحكم و هو حق مشروع لا يدرك الا بحزب جماهيري حديث التنظيم ذي إمكانيات و موارد محترمة. و تبعا لذلك تم توسيع هياكل الحزب و خصوصا الهيئة التنفيذية، التي تغولت دو سند قانوني و ابتلعت صلاحيات غيرها، و المكتب السياسي و اللجنة المركزية. يذكرنا هذا التوسع حقيقة بالأحزاب الشمولية في الاتحاد السوفياتي سابقا أو الصين حاليا. انه تعويم يستجيب لاستراتيجيا الترضية و الابتزاز و تذويب مناطق الممانعة. أصبحت النقاشات بيداغوجيا و عمليا شبه مستحيلة و انزحنا إلى ما يشبه تزكية القرارات المتخذة سلفا.
– تنفذت بعد الثورة مجموعات مالية تكنوقراطية البعض منها كان ينتمي الى التجمع الدستوري الديموقراطي و انضمت بموجب التوسعة المذكورة سابقا الى المكتب السياسي ،الهيئة تنفيذية و اللجنة المركزية وتم استبعاد تدريجي لبعض المناضلين الأوائل الذين قبضوا على الجمر و امنوا استمرار الخط النضالي للحزب زمن المخلوع بن علي . و كانت أكثر المجموعات تضررا الجامعيون فبحكم تكوينهم و أخلاقهم لم يحذقوا لعبة الاصطفاف. وعلى خلاف الأحزاب الأخرى التي تحرص على استقطاب هؤلاء و تثمين مساهمتهم على غرار حركة النهضة و حركة التجديد و التكتل من اجل العمل والحريات يبدد الحزب الديموقراطي التقدمي هذا الرصيد فأصبح وجودهم باهت رغم نضالاتهم التي جلبت لهم الاحترام في الساحة الجامعية و يتذكر الحزب تلك المساندة العريضة التي لقيتها إضرابات الجوع التي خاضتها قيادة الحزب في اكثر من مرة. -ان التعويل على « مكتب دراسات » لإعداد برنامج الحزب و استفراد اطراف معينة عاملت الجامعيين بصلف فانسحبوا كليا منذ الجلسة الأولى، قد أثار استياء العديد من المناضلين. لقد كان هذا البرنامج فعلا برنامج مكتب دراسات فاقدا للروح السياسية ناهيك عن انزياحه الى ليبيرالية واضحة لم تفلح التعديلات الطفيفة على إخفاء شراستها. و لربما كان صياغة الجانب المتعلق بالثقافة من قبل احد الأجانب بالتعاون مع »مثقفين » علامة فارقة في ارتباطي العاطفي و الذهني و الفكري بالحزب. لقد توليت إعداد ورقتين لنفس البرنامج الأولى تتعلق بالثقافة في حين تتناول الثانية البحث العلمي مستعينا في كل مرة بالصديق ناجي جلول و مستندا في ذات الوقت الى الخبرة التي حصلت لدي خصوصا و قد توليت صياغة اللائحة الثقافية لمؤتمري الحزب سنة 2001 و سنة 2006. كان صياغة برنامج الحزب باللغة الفرنسية مؤشرا على استفحال تيار فرنكفوني يعد لانقلاب على عروبة هذا الحزب. ان النقلة من نهج ايف نوهال الى استوديو 38 في الشارع المهيب كانت نقلة دراماتيكية لن تنجو منها أجيال بأكملها. في هذا التحول الرهيب للحزب حدث طفرات مسخ مؤلمة. – لم يعد الحزب فضاء للنقاش و الجدل في المساءل الكبرى و حتى اجتماعات اللجنة المركزية و المكتب السياسي لم يستند جدول أعمالها إلى ورقات مثلما تعودنا و ساد الارتجال الشفوي و الحسم في القضايا بشكل لا هو توافقي و لا هو تصويتي. و تم الحسم في قضايا شائكة و حساسة و منها حصرا علاقة الديني بالسياسي و العلاقة مع الإسلاميين بتسرع شخصي للبعض في حين كان احد الجامعيين، من الرعيل الأول للحزب و احد المختصين القلائل في تونس في الظاهرة الإسلامية، يصر في أكثر من مرة على عرض ورقة أعدها للغرض. مضى الآن اكثر من شهرين على ذلك و حسمت المسالة دون ان تتاح له فرصة. بل و رأيت البعض يستخف بهذا الجهد. اعلم ان الأحزاب ليست منتديات فكرية و لكن حسم المسائل بهذا الاستخفاف لن يعمق الا البرقماتية السطحية. – أثناء إعداد قائمات مرشحي الحزب الى المجلس التأسيسي تبنى الحزب مقاييس غامضة تتراوح بين الوفاق تارة و بين التصويت تارة أخرى في مناخ من الصراع المرير على المواقع و التحالفات و الشلل و التملق و كان ذلك على حساب الأخلاق النضالية و برزت ثقافة التزكية و المناشدة و العشائرية غيرها و باسم مساواتية توفر الحظوظ للقدامي و الجدد. يتساوى من دفع من عمره و دمه و ماله و جهده طوال عقود مع من لم يدخل الحزب أصلا. و ترأست قائمات الحزب في بعض الدوائر الانتخابية شخصيات لا علاقة لها بالحزب استطاعت بنفوذها ان تحجز مقاعد في القائمات و لم اجد من وصف لما يجري حاليا الا هذه المفردات راجيا المعذرة عن بلاغة القسوة هذه. البراغماتية المنفلتة من أي ضابط او وازع والتسويق السياسي الفج اباحا للأسف كل ذلك.. تم إتلاف ذاكرة الحزب و طمس رموزه المتعددة و استبدالها بزبونية جديدة يتساوى فيها كل المتسابقون. ومن المؤسف ان نرى أشخاصا تبرؤوا من الحزب و استقالوا منه يعودون إليه ثانية بعد الثورة ليتسلقوا المراتب في تناغم تام مع القادمين اليه مصعدا او تبييضا للذمة. لا انفي طموحاتي السياسية المشروعة و هي العبارة التي ما فتئت ترددها الأخت الأمينة العامة للحزب و لكن عزفت عن تقديم ترشحي لأسباب تعود إلى غربة الحزب و خطفه من قبل مجموعات مالية و تكنوقراطية ناهيك عن الحظوظ غير متساوية أصلا في ظل افتقاد معايير مشروعة. كم كان مؤلما أن نرى أصدقاء جسدوا الحزب و ارتقوا به أيام القبض على الجمر يصطفون في سباق الترشح مع من لا يعرف تسمية الحزب أصلا. سنجد في المجلس التأسيسي ممثلين يخيطون لنا دستورا بفضل وجاهات وواجهات لا تمت لمبادئ الثورة بصلة.
و نظرا لجسامة تلك التحفظات و للتباين الشاسع مع الخيارات و التوجهات التي يقدم الحزب الديموقراطي التقدمي على تبنيها حاليا و نكثه للميثاق الأدبي الذي علي أسسه انتميت ذات يوم و مع تقديري للمناضلين الذين قاسمتهم ماء و ملحا و عرقا و دما فأنني اقدم استقالتي راجيا للحزب التوفيق.
قد تدفع هذه الرسالة البعض إلى التساؤل و قد تدفع البعض الآخر إلى تشغيل فزاعات الوصم و نظرية المؤامرة و الارتباط بالأجندات الداخلية و الخارجية و ذلك ما لا ارجوه. لقد أردت بذلك الإدلاء بشهادة على تجربة شخصية و جماعية اعتقد ان بعض الجهات عملت على إجهاضها في حقبة مفصلية من تاريخ بلادنا و قد يكون لما ذكرت تبعات جسيمة على مستقبل البلاد برمته. أترك الحزب الديموقراطي التقدمي و هو على مشارف الحكم و لكن يبدو ان الطريق الذي اختارهه لم يعد يتسع لخطاي. و لأن « المستقبل يبدأ الآن » كان لزاما علي ان أتوقف في نون الجماعة و آن اللحظة العابرة امسكها حتى ترسخ قدمي في رمال الشك و الخيبة. مع وافر التقدير والسلام
مهدي مبروك
<
القيروان (الشروق) لوّح الشيخ عبد الوهاب الكافي، عضو الهيئة التأسيسية لحزب النهضة (أصيل القيروان)، أمس في لقاء حصري مع «الشروق»، بالاستقالة من الحزب واعتزال العمل السياسي بعد نضال تواصل طيلة 30 عاما. وبين الشيخ الكافي لـ»الشروق» انه لم يقدم استقالته رسميا ولكنه لوح بالاستقالة واعتزال العمل السياسي من خلال إعلان الخبر بشكل مبدئي موضحا إن قرار استقالته من الحزب رهين قرار القاعدة العريضة للمنخرطين بحزب النهضة الذين قال انهم يساندون موقفه من المكتب الجهوي جراء تعرضه وتعرض بعضهم الى الإقصاء. وقال ان هناك مجموعة تسانده حسب قوله من خلال عريضة ممضاة من قبل أعداد يقول إنها كبيرة تضم قدماء النهضة والقاعدة العريضة للمنخرطين. تفعيل مبدإ الشورى وعن تضرّر مكانة النهضة جراء خروجه واستقالته، قال الكافي انه كان من المؤسسين لحزب النهضة وانه يريد المحافظة على المبادئ الأساسية للحركة ومن بينه مبدأ الشورى، وقال الشيخ انه تلقى شكاوى عديدة من المنخرطين وانه احتضنهم. وقال انه تم إيجاد حل من خلال مجلس شورى جهوي يرجع إليه بالنظر في تقرير المسائل الهامة. وبدأ الشيخ عبد الوهاب غاضبا من تصرفات المكتب الجهوي المضيق ومن تدخل المكتب الوطني الذي لم يكن مرضيا بالنسبة إليه اثر تدخله لتحديد اختيار القاعدة العريضة للحركة بالقيروان التي اختارت من خلال انتخابات داخلية السيد محمود قويعة مجددا مشيرا إلى انه كانت هناك إغراءات. واعتبر عضو الهيئة التأسيسية لحزب النهضة أن قراره الاستقالة مثل مفاجأة لقواعد النهضة وللرأي العام، وقال انه جاء نتيجة تهميش مكانته في الحركة وعدم تشريكه في القرارات الهامة من قبل المكتب الجهوي للحزب حسب قوله مؤكدا انه شارك في أولى اجتماعات الحركة وانه كان من مؤسسيها رفقة الشيخ راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو والشيخ محمد صالح النيفر في 5 جوان 1981 (اجتماع سري قبل الندوة الصحفية لـ6 جوان) وقال انه كان الوحيد من القيروان الذي كان حاضرا. وقال الشيخ الكافي انه أحب حركة النهضة من أجل مبدأ الشورى والعمل به بين أعضاء الحركة وتفعيله في المعاملات. مبينا أنّ هذا المبدأ مطبق على المستوى الوطني لكنه مغيب عن المكتب الجهوي حسب قوله. وقال انه تم إعداد القائمة الخاصة بموعد 23 أكتوبر دون أن تتم استشارته وهو ما أغضبه كما أغضب عددا من أنصاره. رغم أنّ الشيخ أشاد بالمستوى البلاغي والخطابي لرئيس مكتب النهضة بالقيروان (محمود قويعة) لكنه أشار أيضا إلى منطق الدكترة داخل المكتب حسب تصريحه. وبين أن رئيس المكتب تم انتخابه من قبل المكتب المضيق للحركة بحضور قدماء مناضلي الحركة. رأس القائمة وقال الكافي ان تلويحه بالاستقالة هو في صالح النهضة من أجل الضغط على تصحيح المسار وتشريك جميع المنخرطين دون إقصاء. مبينا انه رمز للنهضة بالقيروان وان تواجده على رأس قائمة انتخابية هو باقتراح من القاعدة العريضة حسب قوله مشيرا الى ان ذلك يخدم منافسة قائمة النهضة بفضل سمعته. وقال ان الحركية وسط الحزب هي حالة عادية وأنها يمكن أن تنفع في صورة إصلاح الأوضاع. ونفى ان يكون تعدد القائمات هو مناورة سياسية من أجل دعم حزب النهضة مؤكدا انه دفاع على مبادئ الحركة عن الديمقراطية والشورى. وأكد ان حزب النهضة يعتبر حاليا أبرز الأحزاب التي تتوفر لديها حظوظ أوفر في النجاح وذلك من خلال ما تشهده الاجتماعات من حضور ومن خلال عدد المنخرطين. وعن تضامنه مع الشيخ عبد الفتاح مورو الذي أعلنه عبد الوهاب الكافي وإمكانية التحاقه بقائمته المستقلة، بين الكافي انه اتصل ب»مورو» من أجل دراسة التحاقه به، فاعلمه «مورو» حسب قول الكافي انه سيستشير من معه، كما أشار الكافي إن قراره الالتحاق ب»مورو» والخروج بشكل نهائي من النهضة هو أسير قرار القاعدة العريضة التي يقول إنها معه. وختم بالقول إن قراره الاستقالة لم يحسم بعد مشيرا إلى إمكانية مواصلته العمل في صورة مراجعة القائمة ووضع اسمه على رأسها حسب قوله.
(المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 2 سبتمبر 2011)
<
تونس (الشروق) «شيوخ» المجلس القومي التأسيسي، ممّن أفتوا ونشطوا وأدلوا بدلائهم فترة «فك الارتباط» مع المستعمر الفرنسي من جهة، ومع النظام الملكي من جهة أخرى، يواصلون اليوم، في شخص الأستاذ أحمد بن صالح، كشف مداولات ومحطّات إصدار الدستور سنة 59 لتحضر «الحقيقة».. والنصيحة. قبل إجراء هذا الحوار، وقبل أسبوع ونيف اتصل بي سي أحمد بن صالح عبر الهاتف، وهو في حالة «غضب» شديد، لأن المسألة الليبية، لم تتبين فعلا… أنها مسألة داخلية… لتونس، على اعتبار أن تحرّكا تونسيا من وجهة نظره، كان يمكن أن يسبق أي تحرّك إقليمي. وكان الرجل يقصد تحركا مغاربيا انطلاقا من تونس. «ليفهم الغرب» ـ يضيف بن صالح ـ أننا هنا كمغاربيين.. مهتمّون بالشأن الليبي على أنه شأن داخلي لكلّ بلد في المغرب العربي..! كان موقفه ذاك، قد سبق في الحقيقة ما آلت إليه «الوساطات» و«التدخلات» التي قد تدخل الشقيقة ليبيا في منطق تجاذبات.. سي أحمد بن صالح، أحد «شيوخ» المجلس القومي التأسيسي من الثلاثة الباقين على قيد الحياة، أمدّ اللّه في أنفاسهم، وجدته مستاء من تأويلات وتصريحات صدرت عن أحد زملاء الأمس.. أقصد أمس الخمسين سنة ونيف، متعجبا من نعت يسمعه في حق شخصه لأول مرة: «أحمد بن صالح يغيّر مواقفه» كلّ حين! وهنا شدّد المتحدث، على أن «الوحدة الشعبية» حزب بن صالح الذي أسّسه بعد أن حرّر نفسه» من السجن في السبعينات، لم يبرم تحالفات… وأن كل ما جمعه بالأحزاب الأربعة الأخرى، هو «التعاون على الحالة العامة للبلاد».. وأن موضوع القائمات هذا شأن داخلي لا يخصّ سوى «الوحدة الشعبية. تحدث سي أحمد بن صالح، مستذكرا فعاليات وتداعيات المجلس القومي التأسيسي.. وكانت الفرصة، أكثر حضورا هذه المرة، ليضيف ما لم يقله عن المجلس القومي التأسيسي 1956 ـ 1959 . في ركن «مذكرات سياسي في الشروق» منذ سنة ونصف على صفحات «الشروق» حين تحدث عن تلك الفترة وملابساتها.. اليوم، وبما أن الموضوع يطرح من جديد، بمناسبة انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، ليوم 23 أكتوبر القادم، فإن مزيد التفحّص في أنباء وحيثيات وظروف إنشاء الدستور الأول وجلسات المجلس القومي التأسيسي، تبدو ملحّة.. خاصة إذا جاءت على لسان رئيس لجنة تحرير الدستور، ونائب رئيس المجلس القومي التأسيسي.. والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل في ذاك الوقت… بدأنا الحوار على وقع الجواب عن هذا السؤال التالي..
لو تتذكّر جلسات ومداولات المجلس القومي التأسيسي، الذي انتخبت نائبا لأول رئيس له انت و«سي أحمد» المستيري، ما يبقى في ذهنك، لتورده لنا الآن، من حيث اسهاماتك، ومواقفك التي ـ على ما يبدو ـ لم تكن دائما متجانسة مع توجهات «الزعيم» متزعّم الحزب آنذاك: بورقيبة؟ ـ الفصل الأول ينص على أن تونس دولة مستقلة دينها الاسلام ولغتها العربية… هذا البند اقترحته أنا في بيت صالح بن يوسف… قبل التئام التأسيسي أصلا.. قلت له: ليس هناك من لا يعتقد ان الاتفاقيات (1955 للاستقلال الداخلي) هي ثوب ضيّق… وأن تمزيقه سيكون جماعيا، عندما تعلن ما يتفق مع استقلال تونس في الدستور.. أذكر ان محمد الأصفر جراد، عن الاتحاد الوطني للصناعة والتجارة، وعندما سمع ما قلت وردّ بن يوسف على كلامي بالايجاب عانقني وقال: «منعتنا يا سي أحمد» كان صالح بن يوسف كما هو معلوم يعتقد انها خطوة الى الوراء، وأعتقد انني توصلت الى اقناعه… لكن… صياغة الفصل الاول لم تكن من أجل الدستور بذاته، بل كان كطريقة لاقناع صالح بن يوسف بأن اتفاقيات 1955 يمكن ان تكون خطوة الى الأمام… وذلك عندما قلت له في اجتماع في بيته ان مجرد الاعلان عن الدستور سوف يتمكّن التونسيون من إعلان الاستقلال التام.. الذي ناقشني قلت له بأن البند لم يكن ضمن تحرير الدستور.. لم نكن نفكّر فيه لولا هذه القضية..
في المجلس التأسيسي: ماذا يتذكّر أصغر النواب سنّا، من الجلسة الأولى، وكيف انطلقت الأشغال… وكيف كانت حقيقة الصلة بين النواب والحزب الحر الدستوري من جهة، وبين النواب وبورقيبة تحديدا من جهة أخرى؟ الجلسة الأولى، ترأسها أكبر النواب سنّا السيد محمد شنيق، ويجب ان يكون معه نائبان، من أصغر النوّاب سنّا أصغرهم وقتها كان أحمد المستيري وأحمد بن صالح ووقع انتخاب مكتب المجلس القومي التأسيسي برئاسة بورقيبة والنائب الاول احمد بن صالح.
لماذا أنت نائبا اول، هل لأنك تمثّل الاتحاد العام التونسي للشغل مثلا؟ أيضا ربما… ولكننا كنا مناضلين صلب الحزب… وانتخبت رئيسا للجنة تحرير الدستور، التي تشرف على نشاط اللجان الفرعية المتخصصة لتحرير فصول الدستور المتنوعة والمتعددة بتلك الصفة، تكفلت بتحرير اعلان الجمهورية.. ايضا. كانت الاجتماعات متواصلة… والانكباب على العمل حثيثا لكن الاجواء لم تكن دائما هادئة… وكانت لي الحرية في حضور اللجنة التي أريد… وأحيانا نضم في جلسة، عددا من اللجان… حتى نتثبت في فصول… أو اقتراحات في الأثناء وقع حدثان: الحدث الأول يتمثل في الاستقلال، وأذكر شخصيا ربما يكون له تأثير على مسيرتي، أنني أعطيت رأيي بأن تمنيت أن لا يخرج بورقيبة من رئاسة المجلس ويكون على رأس الحكومة .. خاصة عندما أعطي المجلس صلاحية قلت لعل هذا يمكّن من حل للأزمة والخلاف بين الرجلين (بورقيبة وبن يوسف). … هذا الموقف، لم يكن بصفة رسمية بل قلته في حديث مع زملاء نوّاب.. قلت أتمنى ان يكون بورقيبة رئيسا للمجلس حتى يراقب الحكومة … وكنت أفكر في الحقيقة دون ان أكشف عن ذلك، بأن يكون صالح بن يوسف هو رئيس الحكومة.. بعدها دعيت الى جلسة من الباهي الأدغم، وبعض أعضاء الديوان السياسي، وقال الأدغم متسائلا: من سيترأس الحكومة… ومن له سمعة بالخارج.. وجهاد طويل… مثل بورقيبة.. كان يتجه اليّ الباهي الأدغم ويتحدث ثم سألني: أليس لك ما تقول يا (سي أحمد)؟ قلت له : بما انك سألتني، اذن عندي ما أقول… رأيي: اعتقد ان بورقيبة كزعيم يكون على رأس المجلس النيابي (البرلمان)… فإذا به يقاطعني: أنا أعرف أنك مغرم بالهند… وكنت حقيقة مهتما بكل من «نهرو» و«غاندي»… قلت له : ما به الهند..؟ الهند أصبح فيها «نهرو» رئيس حكومة وليس «غاندي» الزعيم! هذا مثال جيد… قلت له… من الغد، بورقيبة الذي سيصبح رئيسا وأنا أنوبه، عقد جلسة في منزله… وجاء من قال لي بالحرف: اليوم يُعقد اجتماع عند بورقيبة في البلفيدير (في بيته)، اجتماع للديوان السياسي الموسع وهذا النوع من الاجتماعات اي الديوان السياسي الموسع يحضره الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة (اتحاد الفلاّحين كان مساندا لصالح بن يوسف، بحيث لم يكن حاضرا…) كان بورقيبة يتوسط الجلسة وعندما ولجت قاعة الاستقبال في منزله بساحة باستور وكنت أصغرهم… طالعني بورقيبة: تفضل بن احمد الى جانبي.. وكان له ذلك. وقال مواصلا وكأنه يعلمني بأمر يتمنّع في قبوله، فقال: الآن اقترحوا عليّ رئاسة الوزراء… وناقش بورقيبة الأمر على أساس أن الخطة سلبية ويرفضها ثم في لحظة أعاد القول: «سوف ترون.. بورقيبة من جهة وبن صالح من جهة أخرى… سيكون الأمر خارقا للعادة!..» Vous allez voir, Bourguiba d›un coté et Ben Salah d›un autre… ça sera formidable! وكان بورقيبة يتوجه الى الحاضرين.. وكانوا كما قلت أكبر مني سنا وكان بورقيبة يتوجه الى الحاضرين… وكانوا كما قلت أكبر مني سنا… خرجت وفي صدري شيء من الضيق، قصدت «سي محمد الري» عن جامعة الرصيف أخرجته من بيته وبقينا نتحدث في الحديقة، طلبت منه ان لا يقاطعني، وقصصت عليه الحكاية وفي النهاية قال لي: هذا كلام «يوغر الصدور». أي يحدث عداوات! أذكر أيضا انه ومن ضمن ما وقع لي، أن بورقيبة أخذ معه ضمن التشكيلة الحكومية… اعضاء من المكتب التنفيذي ومن جامعات نقابية (محمود الخياري وعزالدين العباسي… ومصطفى الفيلالي). أما أنا فأقنعته بوجهة نظري… بأن رفضت الوزارة حتى أواصل مسؤوليتي على رأس الاتحاد… قال لي بورقيبة: خسارة… كنت أود تكليفك بالشؤون الاقتصادية… «C’est dommage j’ai voulu vous confier les affaires économique…» فقلت له ما معناه إن «الشؤون» موجودة و«الاقتصاد» ليس بعد… «Les affaires existent, l’économie pas encores»…
بالنسبة الى نظام الحكم، كيف كانت المداولات… وما هي أهم الاقتراحات، وهل كانت الرؤية واضحة للجميع، حول نظام جمهوري رئاسي؟ كانت هناك آراء متعددة حول طبيعة نظام الحكم… في يوم من الأيام وعندما أصبح جلولي فارس رئيسا للمجلس التأسيسي خلفا لبورقيبة وعلي البلهوان واحمد بن صالح كان لهما نشاط آخر.. نوعي… ناداني فارس، وقال لي ان بورقيبة طلب منه نوعا من التهدئة حول موضوع اعلان الجمهورية… وان هناك مناورات بين القصر (الباي) وفرنسا… يقولون ان القصر طلب الحماية من فرنسا… شعورا منه بأن المجلس التأسيسي و«الجبهة الوطنية» بالخصوص تحاول ان تطيح بالعرش… لذلك جاءت توصية بورقيبة. لكن وقعت سابقة إن شاء الله يستفيد منها الجماعة اليوم… كنا في الاتحاد نحضر البرنامج الاقتصادي… حتى بلغنا انه خرجت من تونس 70 مليارا… فطلبت تضمين قانون ليراقب المجلس الحكومي.. وهنا رجعت الى المقترح الاول… بورقيبة رئيسا للبرلمان ليراقب الحكومة. طرحت المشكل في جلسة علنية.. وكان بورقيبة غائبا، فإذا بالجماعة في الجبهة الوطنية يبدون حيرة… وطلبوا بورقيبة، وجاء…لتكون جلسة ثانية…وتحدث بورقيبة بالعقلية الفرنسية وهذا الحزب الحر الدستوري، يعتمد الليبرالية..ورؤوس الأموال تدخل وتخرج بحرية… وكان أمامي «سي حمادي بدرة» وقال : «برافو BRAVO» رفعت يدي طلبا للكلمة فقال لي رئيس المجلس إنه الرئيس الذي تكلم (أي لا كلام ولا تعقيب بعد الرئيس!). ولم أتكلم…ولكن الجلسة كانت ذات فائدة بأن المجلس أصبح يراقب الحكومة …أي مكناه من صلاحيات كبيرة..
الكثير من الجلسات وقع فيها تداول أفكار ومقترحات…فماهي العلاقة بين المجلس والقصر…وكيف كانت أنباء المجلس تبلغ الباي؟ ربما هناك من ينقل له…كنت رئيس لجنة تحرير الدستور…لم تكن لي صلة ربما رئيس المجلس كان ينقل للباي… ولكن لا أعتقد أن الباي كان على علم بكل التفاصيل.. وضعيتي خاصة : أن آت من عند المنصف باي…عندما رجعت إلى تونس وكنت أدرس في معهد سوسة…قام الأمين باي بجولة علي غير عادته… ومن ضمن برنامج زيارته زيارة المعهد، فقلت جهارا نهارا في المعهد : لن أقابله لم أكن أرغب في ذلك… جاءني عبد العزيز كشوخ وكان رجلا وطنيا أصرّ على أن أحضر في الموكب… فأذعنت…كنت شابا صغيرا…كان الباي يمرّ..فيقع تقبيل يده…ولكني مررت دون أن أقبل يد الباي… وأصل القصة في ذلك أنني كنت في مدينة «بو» «pau» في دار المنصف باي عندما كان في المنفى وكنت مكلفا من الباي الأسير بالتنسيق مع الحزب…جاءته هدية أمامي بعثها له الأمين باي وتتمثل في صندوق معبإ ترابا، قالوا له أن سيدنا قد يكون إشتاق إلى تراب تونس…الأمين باي لم ينس ذاك الموقف… المنصف باي لم ينبس بكلمة وإن عبرت عن امتعاض… ما…وقد فهمت الأمر في سلبيته أي في جانبه السلبي من العملية خاصة أن المنصف باي عاد إلى تونس في «صندوق متوفيا في بو» «Pau» وقبل أن أعود…كنت أترأس احدى جلسات المجلس وكان بورقيبة مرشحا لرئاسة الوزراء…ورئيس المجلس هو الذي يأخذه (بورقيبة) إلى الباي…بالقصر… فصعدت على اليمين وكان المكان المخصص لي ثم اتجهنا إلى دار «بورقيبة» فجلس على اليسار…قال الباي لبورقيبة : سي الحبيب …أوصيك …هذا (بن صالح) لازم تحطه معاك في القصعة فقال بورقيبة : أي نعم… وقد يكون ذلك على مضض لا أدري المهم أن ردّ الفعل (من بورقيبة) لم يكن فيه راحة… تكلمت بإسم المجلس التأسيسي أنه (المجلس) يقترح تعيين السيد الحبيب بورقيبة على رأس الحكومة…وكان ذاك الطلب ضروريا ليعين الباي من اقترحه المجلس لرئاسة الوزراء. أنا أعتقد أن الباي كان على علم بكل شيء يهمه هو…بل ويترقب هذا الأمر…كان يساوره شك… حول ما وقع…أعتقد أن القصر والعائلة كانوا مطمئنين لأن كميات الذهب التي تمكن منها الذين هجموا على العائلة كانت مهولة وتدل على أنهم بوغتوا بأمر الجمهورية…أي توقيت إعلان الجمهورية. قد تكون الشكوك ساورت القصر الملكي، لكن أن يكون الأمر جاهزا…والخطة تمر إلى التنفيذ… لا أعتقد أنهم (أهل القصر) كانوا على دراية…والدليل كما ذكرت كميات الذهب والمجوهرات التي صودرت والتي في الحقيقة ـ طارت ولم يبق في الخزينة العامة سوى ما خف وزنه! كيف كانت تقدّ فصول «الدستور» أنا لم أكن مراقبا…ليست لي مرجعية ولا ثقافة قانونية كانت عندي أفكار عامة عن الحريات كمناضل نقابي… فقد عملت بيروكسيل صلب «السيزل» CSL وكانت لي أفكار تقدمية عن الحريات وعن الديمقراطية. التدخّل الوحيد، كان من أجل اصلاح ذات البين بين بورقيبة وبن يوسف، وقلت لك كيف كان اقتراحي. لقد حرّر البند الاول في اطار السعي الى وفاق بين الرجلين كما ذكرت في الأول… لا يجب ان نحكم على ما وقع في ذلك الوقت (1956 ـ 1959) بعين اليوم… الأمية كانت غالبة وقتها… شخصيا لا أدّعي أن لي مساهمة خاصة أو كبيرة في تحرير الدستور… زد على ذلك وما ينساه الناس… شخصيا في آخر 1956 وكنت في مهمّة نقابية بالمغرب الاقصى… خرجنا من عند الملك محمد الخامس رحمه الله الذي بارك النتيجة لتوحيد النقابات المغاربية… كنّا في السيارة، والخبر الاول في الاذاعة: اقالة احمد بن صالح من الامانة العامة للاتحاد العام التونسي للشغل… أنا نسيت الموضوع… وقرّرت ان انساه… كان ذوق الجماعة هنا في تونس منحرفا في اختيارهم توقيت اقالتي… وجدت مراسل فرانس براس، ينتظرني أمام النزل بطنجة… قال لي مبادرا: ?Ça va قلت نعم… علىما يرام. فطلب مني هل أنت على علم بآخر الاخبار (الاقالة)…. قلت له: نعم… نعم… فقال لي: هل أنت واع بما حدث؟.. قرّرت أن لا أتأثر… طبعي قرّر… وصلت الى ايطاليا (روما) ووجدت وفدا عن الاتحاد… ليطيّب خاطري… لكني تجاهلت الأمر… وطلبت نزهة… في روما…
بالنسبة للدستور الجديد: 2011 / 2012 هل تعتقد أن المسار يمكن ان يكون مشابها في المجلس الوطني التأسيسي، وأقصد تغيير نمط الحكم؟وهل تعتقد أن المجلس الجديد ستكون فيه أغلبية ما للون ما…؟ بالنسبة للدستور الجديد، الذي سيصدره المجلس يمكن اقتراح جانب تطويري: تونس دولة جمهورية دينها الاسلام ولغتها العربية… ويمكن ان يضمّن نص الدستور، مبادئ ونصوص قانونية، مواكبة لأهداف الثورة… فتونس اليوم، ليست تونس منذ أكثر من خمسين عاما… اليوم نحن راكمنا تجربة «الاستقلال» لأكثر من خمسة عقود… وعلى الجلسة الاولى للمجلس التأسيسي أن تعلن عن المدّة المخصصة لاستكمال تحرير الدستور واصداره… اليوم عكس البارحة، كان عندنا دستور، وعلّقنا العمل به، لنأتي بآخر، من المفروض أنه أفضل من الاول، وفيه مواكبة لتطوّر تونس. أمّا عن موضوع، الاتجاه السياسي السائد، داخل المجلس، فلا أعتقد أنه مازال هناك مجال، لسيطرة حزب واحد على الحياة داخل المجلس… أو داخل الحياة السياسية للبلاد… الثورة قامت من أجل منع الهيمنة… ومنع هيمنة الحزب الواحد… أمر لا رجعة فيه..
(المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 2 سبتمبر 2011)
<
سي.ان.ان استغرب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية إثارة شكوك حول إجراء الانتخابات في موعدها. تونس: أكد كمال الجندوبي رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية أن الانتخابات ستجري في موعدها المقرر في 21 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، مستغربا الجدل الذي أثاره بعض المشككين حول قيام العملية الانتخابية بشكل شفاف وتحت مراقبة محلية ودولية. وأضاف في مقابلة مع CNN بالعربية « ثمة أطراف تشكك في العملية منذ البداية، وثمة عدة مؤشرات على ذلك، فحين اقترحنا تأجيل الانتخابات وقالوا إن ذلك سيقود لكارثة على تونس لا تحمد عقباها، ولم تأت الكارثة، ومع ذلك واصل بعضهم التشكيك بالمسار وقالوا سوف لن يكون هناك عملية تسجيل في 11 يوليو/تموز ، لكن عملية التسجيل تمت، والآن يقولون إن الانتخابات لن تتم في 21 أكتوبر ». وبرر الجندوبي تأجيل الانتخابات إلى 21 أكتوبر بأنه « مجرد عملية إجرائية تتعلق بظروف تأسيس الهيئة العليا للانتخابات ولا علاقة لها بالأوضاع السائدة في البلاد. » وأضاف « تم اكتمال تأسيس الهيئة في 18 مايو/أيار، وكانت دعوة رئيس الجمهورية للناخبين في 24 أيار، ومن المستحيل لهيئة انتخابية مستقلة تم تأسيسها في 13 مايو أن تواجه عملية انتخابية سيدعى لها التونسيون في 24 مايو، وخاصة أن هذه الهيئة لم تؤسس نفسها ولم تضع بوادر عملها. » وقال إن العمليات الإجرائية واللوجستية مهمة جدا في العملية الانتخابية، فـ »عملية الانتخاب تحتاج إلى شروط تقنية ومادية وإرادية ولوجستية لا يمكن التغاضي عنها، نحن نتكلم عن عملية انتخابية ستغير مصير البلاد، نحتاج إلى عملية انتخابية غير موجودة، ولا يمكن خلقها في ظرف زمني قصير، حتى في البلدان الديمقراطية هذا الأمر يحتاج إلى 6 أشهر على الأقل. » وأعدت الهيئة 27 مركزا لاستقبال طلبات الترشيح داخل تونس وخارجها، فيما بلغ عدد التونسيين المسجلين في القوائم الانتخابية نحو 55 في المائة من مجموع الناخبين، حسب مصادر الهيئة. وقال الجندوبي « عملية الانتخاب جديدة، ولم يتم دعوة التونسيين من قبل ليقوموا بعملية التسجيل بشكل إرادي من أجل انتخابات شفافة وديمقراطية. » وأشار إلى أن عملية الانتخاب في العهد البائد كانت « مجرد ديكور، حيث كانت بطاقات الاقتراع تصل للناس في منازلهم بطريقة اعتباطية مع بعض الهدايا. » وأضاف « لم يكن هناك لائحة انتخابات، كانت هناك لوائح مكتوبة باليد في دولة شهدت تطورا كبيرا في مجال المعلوماتية، وكان يراد إيهام الناس بأن ثمة عملية اقتراح، ولكنها في الحقيقة كانت عملية تزييف ». وحول تأثير ضعف الثقة بالمرشحين على تراجع عملية التسجيل أكد الجندوبي ضرورة الفصل بين عملية التسجيل و »الفصل بين القوائم بما فيها ما هو مقترح على الصعيد السياسي، » مشيرا إلى أن عملية التسجيل « عملية ولادة من جديد لأنه من خلالها نعبر عن إرادتنا كمواطنين وناخبين. » وأثار الإعلان الأخير للهيئة عن حق جميع المواطنين الذين يمتلكون بطاقة شخصية بالاقتراع جدلا كبيرا في تونس، حيث تساءل البعض عن جدوى القيام بالتسجيل في القوائم الانتخابية باعتبار أن القانون يضمن الاقتراع للجميع، فيما اتهم الآخرون الهيئة بالغموض نتيجة تأخرها في الإعلان عن هذا الأمر. » وعلّق الجندبي « حينما بدأنا عملية التسجيل لم نقل أبدا إن عملية التصويت رهينة التسجيل.. قانون الانتخابات يؤكد في فصله الثالث أن الناخب يمارس حق الاقتراع بواسطة بطاقة التعريف الوطنية (البطاقة الشخصية) وتضبط الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إجراءات التسجيل بممارستها الحقة. » وأضاف « حق الاقتراع للتونسيين مضمون قانونا، ولكن عملية التصويت تخضع إلى إجراءات معينة منها عملية التسجيل التي ستسمح لنا بوضع قائمة للناخبين وبتحديد مراكز الاقتراع التي سيصوتون فيها ». وذكر عددا من الإنجازات التي حققتها الهيئة خلال أربعة أشهر من تأسيسها، لكنه أشار إلى عدد كبير من الصعوبات التي واجهتها خلال تلك الفترة وتتعلق بنقص الكوادر والإمكانيات اللوجستية. وأضاف « لدينا صعوبات في إيجاد أماكن تأوي الإدارات التي أسسناها، تصور أن هذا المبنى الذي نحن فيه الآن انتقلنا إليه منذ أيام فقط، أيضا هناك صعوبات تتعلق بالتعامل مع الإدارات الأخرى على الصعيد المحلي، فهناك إدارات لديها عادات وتقاليد من الحقبة السابقة، وربما جزء منها لا ينظر بشكل إيجابي للعملية الانتخابية. » وأشار إلى وجود صعوبات على صعيد تأقلم الكوادر التي تضمها الهيئة مع بعضها، « ليس من السهل أن تضع مجموعة بشرية لا تعرف بعضها لتعمل معا ضمن ما يسمى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. » وأصدرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مؤخرا مدونة سلوك انتخابي دعت فيها كافة الأطراف المشاركة في العملية الانتخابية إلى احترام ما ورد في هذه المدونة من المبادئ والسلوكيات بما يتيح ضمان حسن سير العملية الانتخابية. وتدعو مدونة السلوك الأحزاب والمرشحين المستقلين إلى تمويل حملاتهم الانتخابية بالطرق القانونية والابتعاد عن مصادر التمويل المشبوهة من الداخل أو من الخارج والى احترام حقوق الناخبين وعدم ممارسة الضغوط عليهم ونبذ التهديد والعنف واحترام مبدأ الحرية وسرية الانتخاب. وقال الجندوبي إن الهيئة ستضمن سير الانتخابات بشكل جيد، نافيا ما أشيع حول رفض الهيئة وجود مراقبين أجانب للإشراف على العملية الانتخابية. وأضاف « ليس صحيحا أننا تخلينا عن المراقبين الأجانب، وضعنا أدوات سلوك وقوانين ملاحظة، وفتحنا باب لقبول جميع المراقبين، ونحن سنسمح لجميع المراقبين القيام بمهماتهم شرط أن يوافقوا على مدونة السلوك والقواعد التي وضعناها، وهي قواعد مستقاة من القوانين والمعايير الدولية ».
(المصدر: موقع « إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ 2 سبتمبر 2011)
<
الـسـيـد عـلـي بـن عـامــر، الأمـيـن العام لـفـرع الـهـيـئــة التونسية المستقلّـة للانتـخـابـات في فرنسـا، يـتـحـدث عـن ظـروف مشـاركـة التونسيين المقـيمـين في فرنسا بالانتخابات المقبلة للمجلس التأسيسي، كناخبين ومرشـحـين. عبدالإله الصالحي(نص) بدأت يوم الخميس الأول من سبتمبر/ أيلول عملية إيداع لوائح المرشحين لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي في تونس التي ستجري في 23 من شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل. كيف جرى التقسيم الانتخابي في فرنسا وأيضا بالنسبة للتونسيين في الخارج بشكل عام ؟ تمثل فرنسا البلد الذي يتواجد فيه العدد الأكبر من التونسيين المقيمين في الخارج. حسب المعطيات المتوفرة لدينا فإن عدد التونسيين في فرنسا يتراوح بين 550 ألف و600 ألف تونسي. وعلى هذا الأساس وقع تقسيم الدوائر الانتخابية في فرنسا إلى دائرتين. الدائرة الأولى تشمل فرنسا الشمالية وهي الدائرة التي كلفت بالإشراف على هيئتها و تضم التونسيين المسجلين في قنصليات « باريس » و »بانتان » و « ستراسبورغ ». أما بالنسبة لدائرة فرنسا الجنوبية و تسمى بدائرة فرنسا 2 فهي تضم قنصليات « غرونوبل »، « مرسيليا »، « تولوز » و »نيس ». هؤلاء المسجلين في القنصليات، أي نسبة يمثلون فيما يخص عدد التونسيين المقيمين في فرنسا ؟ لحد الآن نحن في انتظار القائمة النهائية بالنسبة لهذه العملية التي تتكون من مرحلتين. مرحلة التسجيل الإرادي وهذا يشمل كل تونسي سجل نفسه في القنصليات التونسية في فرنسا. كذلك الأمر بالنسبة للتونسيين الذي يقضون عطلهم السنوية في تونس إذ كان لهم بالإمكان تسجيل أنفسهم في الدوائر الانتخابية في تونس. أما بالنسبة للتسجيل الإرادي فقد تجاوز العدد 100 ألف مسجل ولكن تبقى هذه القائمة وقتية لأن عملية التسجيل لم تنته إلا يوم 28 أغسطس/آب ولم نحصل إلى حد الآن على جميع المعطيات في هذا المجال. ماذا عن آليات المراقبة والإشراف على هذه الانتخابات التي ستكون أول انتخابات ديمقراطية في تاريخ تونس ؟ بالفعل تأتي هذه الانتخابات بعد ثورة 14 يناير وهي أول انتخابات ديمقراطية وحرة ستقام في تونس بعد الإطاحة بنظام بن علي. طالب الشعب التونسي بانتخاب مجلس وطني تأسيسي لوضع دستور جديد لأن الدستور القديم الذي وضع عام 1959 ثم تم تعديله عدة مرات أصبح لا يتماشى مع تطلعات الشعب التونسي بعد الثورة. هذه هي العملية الأولى في مسار الديمقراطية. وقد أعطيت مهمة الإشراف عليها للهيئة العليا للانتخابات وهي هيئة مستقلة مهمتها الأساسية القيام بالعلمية الانتخابية وإنجاحها. لا بد من إعطاء الآليات الضرورية لتحقيق هذا الهدف. فوقع مثلا تكوين هيئات فرعية للإشراف في كل الولايات في تونس وكذلك في الخارج على العملية الانتخابية حتى تدور بصفة شفافة ونزيهة، وسيتم تكوين واختيار مكاتب الاقتراع. كذلك الأمر في فرنسا حيث أصدرنا بيانا لكل التونسيين الذين يرغبون المشاركة في مكاتب الاقتراع بأن يقدموا مطالب وسيقع درسها واختيار أعضاء المكاتب للإشراف على الانتخابات. أما بالنسبة للقائمات المرشحة فسيكون لها مراقب في مكاتب الاقتراع، إلى جانب ذلك يوجد ملاحظون مستقلون في كل مكاتب الاقتراع لمراقبة العملية الانتخابية. كم سيكون عدد الممثلين للمهاجرين في فرنسا في هذا المجلس ؟ سيكون عددهم في هذا المجلس 18 نائبا من جملة 217 وسيمثلون جميع المهجرين التونسيين. بالنسبة لفرنسا سيكون عدد النواب عشرة. إيطاليا: ثلاثة نواب. ألمانيا : نائب واحد. أمريكا كندا: نائبان. الشرق الأوسط والبلدان العربية: نائب واحد. هؤلاء النواب الذين سيمثلون الجاليات التونسية في الخارج، هل سيكون على عاتقهم استحداث مقاربة جديدة لمسألة الهجرة التونسية ؟ هذا أكيد. فإلى جانب مساهمتهم في المجلس التأسيسي فأنني أتمنى أن تركز برامجهم وحملاتهم الانتخابية على واقع الهجرة وما تعيشه هذه الجاليات في الخارج وما تتطلبه من قرارات واهتمامات. هل سيكون لهؤلاء المرشحين حق التمتع بوسائل الإعلام أثناء الحملة الانتخابية ؟ ستبدأ الحملة الانتخابية رسميا يوم 28 سبتمبر/ أيلول وستنتهي يوم 18 أكتوبر في فرنسا. وسيكون لهم الحق في استعمال كل وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية سواء في تونس أو في فرنسا.
(المصدر: موقع « فرنس 24″(فرنسا) بتاريخ 2 سبتمبر2011)
<
في حين ينتظر الشعب التونسي الثائر التوجه الى صناديق الاقتراع لاختيار من يمثله في المجلس التأسيسي القادم، بعد مماطلة و تأجيل غير مقنع له من اللجنة العليا المستقلة للانتخابات، بدأت تتعالى أصوات لوضع شروط و عراقيل إضافية لهذا الاستحقاق تارة بتعلة الخوف مما ستبوح به صناديق الاقتراع، و التي يخشى منها أن تأتي بأعداء الديمقراطية و هم بالطبع الإسلاميون، و تورا بالخوف من الركوب على الثورة و حتى ليخيل إليك أنهم هم الذين قاموا بها أو أنهم قد أوكلت اليهم هاته المهمة من لدن شهداءنا الأبطال. و لقد بدأت الشروط بمحاولة فرض « العقد الجمهوري » و الذي وجد رفضا و استهجانا من كل الوطنيين الأحرار و الذين شمّوا فيه رائحة التآمر فمات في المهد. و ما أن استنشق الشعب التونسي أنفاسه بعد موت هذه المبادرة في مهدها حتى تعالت أصوات جديدة و هي في الحقيقة ليس سوى تقاسم للأدوار أقل ما يقال عنها أنها تآمرية لتطرح من جديد مبادرة أخرى أكثر خطورة من الأولى، خاصة بعد نجاح مشروع المناصفة في الترشحات، و تتمثل في إجراء استفتاء بالتزامن مع انتخابات المجلس التأسيسي بحجة « تحديد إطار لعمل هذا المجلس » الوليد بداية بمدته مرورا بصلاحياته لتنتهي بتحديد طبيعة الحكم في البلاد. و قد رأى مهندسو هذه المشاريع أن الشعب لا يمكنه أن يسلم نفسه للمجهول بدون شروط و بالتالي يعطي رقبته للمنتخَبين في حين أن الهدف الحقيقي من كل ذلك هو محاولة تقليم أظافر المجلس و سحب صلاحياته لمصلحة الحكومة المؤقتة الحالية أو ربما في أقصى الأحوال العمل على تطعيمها ببعض الوجوه الجديدة. و لعمري أن هذه المقترحات تذكرنا ببعض الأصوات البائدة التي كانت تعتبر أن الشعوب العربية بصفة عامة و الشعب التونسي بصفة خاصة غير ناضجة للديمقراطية و بالتالي لابد له من أخذها بتأني كالريّ الزراعي « قطرة قطرة » متناسين أن الديمقراطية و الحرية و الحقوق لا تتجزأ كما أن الشعب التونسي قد أظهر مسؤولية و نضج أكبر من سياسيه الذين ابتلوا بالوصاية عليه. و إلا بربّك فقل لي كيف لهم أن يبالغوا في أهمية و قيمة المجلس التأسيسي من جهة ثم تراهم يقلموا أظافره من جهة ثانية؟ ثم إنهم بالرغم من قناعتهم بأن الاستفتاء و لئن كان أفضل طريقة في معرفة رأي الشعوب غير أن هذا حق أريد به باطل لأنه غير ممكن من الناحية التطبيقية في حالة المجلس التأسيسي فالشعوب تقوم بالاستفتاءات للاختيار بين نعم و لا بين توجه و آخر و لا يمكنها أن تستفتى على عدة خيارات كتحديد مدة المجلس التأسيسي هل هي ستة أشهر أم سنة أم سنتان أم ثلاثة أم أكثر كما أنه لا يمكن الاستفتاء على طبيعة النظام السياسي هل هو برلماني أم رئاسي أم ثنائي أم ربما يخرج لنا بنموذج جديد للحكم! ان الشعب الذي قاد ثورته بتلقائية مطلقة و نجح في إزاحة أعتى الدكتاتوريات لهو أكبر من أن ينشئ مجلسا لا يحقق طموحاته في دولة حرة، عادلة و ديمقراطية تحقق له طموحه في الانعتاق و الحرية… كما احتجوا بأن مهمة المجلس خطيرة جدا و هي تكوين دستور. و لئن كان الدستور يعتبر من أسس الدول الديمقراطية و لكن لو فرضنا جدلا أنه كُتب و كان دون الآمال أو به بعض العيوب فان الفرصة مازالت متاحة لتنقيحه و تعديله فدول لها من العمر أكثر من مائة سنة،كايطاليا، و هي مازلت تعدل دستورها و تنقحه لأنها تعرف أن ذلك عمل بشري يحتاج الى المراجعة دائما فما بالكم بدولة وليدة؟ و لذا فاني أناشد أحرار تونس من الأحزاب الوطنية و شرفاء المجتمع المدني دون سواهم برفض هذه الأطروحات التي لا تهدف الا لفرض الوصاية على الشعب الذي لم يبلغ الحلم في حين أن شعبنا الأبي قد أعطانا دروسا في المسؤولية…. فالرجاء اتركوا المجلس التأسيسي سيد نفسه و سيضع تونس في سكة الأمان !!!
رضا المشرقي – ايطاليا
<
(مراسلون بلا حدود / آيفكس ) – أغسطس 29, 2011 – في إطار الإصلاحات المعلن عنها لكبح جماح الاحتجاجات المقامة ضد النظام، أصدر بشار الأسد مرسوماً تشريعياً بشأن قانون الإعلام في 28 آب/أغسطس 2011. يأمل الرئيس السوري في أن يجعل من هذا النص رمزاً لتحرير الصحافة في بلاده. فإذا بهذا المرسوم يعارض « احتكار الوسائل الإعلامية على اختلاف أنواعها »، ويلغي عقوبات السجن من جنح الصحافة، ويرسي « حرية التعبير » مبدأ أساسياً (المادة 2). وينص على نية تسهيل الوصول إلى المعلومات، فارضاً على السلطات عدم إعاقة النفاذ إلى بيانات معينة. إلا أن المادة 12 تحظر نشر أي محتوى من شأنه المساس بالوحدة الوطنية والأمن الوطني أو الإساءة إلى الديانات السماوية والمعتقدات الدينية أو إثارة النعرات الطائفية أو المذهبية حرصاً على حرية تعبير مسؤولة. وتحظر هذه المادة أيضاً الأخبار والمعلومات المتعلقة بالجيش والقوات المسلحة باستثناء ما يصدر عن الجيش والقوات المسلحة ويسمح بنشره، مع الإشارة إلى أن النص لا يعرّف بهذه المصطلحات التي تبقى غامضة وغير دقيقة، تاركةً الأبواب مشرّعة للتفسير التعسفي. بأي حال، ما هو فضل هذه المقترحات؟ لا شيء. يدعو المرسوم إلى « احترام الحريات الأساسية المكفولة في دستور الجمهورية العربية السورية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية ذات الصلة التي صدقتها حكومة الجمهورية العربية السورية » في حين أن القمع لا يزال مستشرياً منذ ستة أشهر تقريباً، وأن عدة مدافعين عن حرية التعبير وإعلاميين قد اختبروا عتمة السجون، وأن عدد القتلى من المواطنين يزداد يومياً. والجدير بالذكر أن الأحكام الواردة في المادة 11 التي تنص على أن « أي اعتداء على الإعلامي يعد في معرض تأدية عمله بمنزلة الاعتداء على الموظف العام » مثيرة للضحك وتنم عن انفصام في الشخصية يجاور حدود العبثية. طرحت هذه المقترحات فيما منعت السلطات السورية في اليوم نفسه ثلاث شخصيات من المعارضة عن التوجه إلى لبنان. فلم يسمح لكل من ميشيل كيلو وفايز سارة ولؤي حسين من اجتياز الحاجز الحدودي للمشاركة في ندوة نظمتها قناة الحرة، بحجة أن مثل هذا الانتقال إلى لبنان يعرّض سلامتهم للخطر. والأسوأ أن السلطات السورية تدّعي اليوم حماية صحافيين سجنتهم لسنوات طويلة… وقد نشر لؤي حسين التعليق التالي على فايسبوك: « كان من الأفضل لنا أن تُحمي سلامتنا وسلامة الآخرين مثل علي فرزات داخل البلاد، بل الأولى بها أن تجد الحلول الكفيلة لحماية سلامة المواطنين السوريين من مدنيين وعسكريين الذين يسقطون قتلى كل يوم داخل الحدود وليس خارجها. صدقاً، أنا لا أشعر بالسلامة ». لا بدّ من التشديد على أن السلطات السورية رفعت مؤخراً الحظر على السفر عن آلاف الناس بناء على قرار صادر عن الأجهزة الأمنية. على صعيد آخر، نقل رسام الكاريكاتور علي فرزات الذي تعرّض للتعذيب في 25 آب/أغسطس إلى عيادة خاصة في 26 آب/أغسطس لتجرى له عملية جراحية. وقال إنه تلقى مكالمات هاتفية تهديدية تنصحه بالتوقف عن إصدار تصاريح ينتقد فيها النظام. ونظّمت تظاهرة دعم له أمام منزله. تعرب مراسلون بلا حدود عن أسفها لاتخاذ مجموعة أم بي سي قراراً يقضي بوقف بث برنامج الألعاب « أنت تستأهل » لإعلان مقدّمه جورج قرداحي تأييده صراحة لبشار الأسد. مزيد من المعلومات: منظمة مراسلون بلا حدود 47, rue Vivienne 75002 Paris France rsf (@) rsf.org تليفون: +33 1 44 83 84 84 فاكس: +33 1 45 23 11 51 http://www.rsf.org
http://info.ifex.org/View.aspx?id=299912&q=353476594&qz=6d8c4c
<
لقد تمادى النظام السوري في وحشيته وإجرامه، وكشف عن وجهه الحقيقي الذي كان يغطيه ولا زال بالكذب والدجل، وأصر وقبل أن يدخل شهر رمضان المبارك على أن يواصل مجازره البشعة التي يرتكبها بحق الشعب السوري الأعزل، هذا الشعب الأبي الذي نزع الله الخوف من قلبه، وطهره تطهيراً، وافرغ عليه صبراً، بعد أن كان من المستحيل أن ترى شخصاً يقول لا، ولا ترى إلا الذين يسبحون بحمد النظام وحمده، فتغيرت المعادلة وثار هذا الشعب على هذا الطاغية وكلما ازداد إجرام الطاغية ازدادت أعداد المنضمين إلى حركة الشعب الماض نحو تحقيق مطلبه بإسقاط هذا النظام المجرم، بعد أن اسقط الله الخوف عنه، وما كاد ينقضي شهر رمضان إلا واظهر الشعب السوري انه شعب بطل، وصامد، رغم ما عاناه الشعب من قتل وحرق وإبادة وسجن واعتداء على المساجد والأئمة في هذا الشهر الفضيل، وعلى كل المدن السورية، ورغم محاولة آلة القتل أن تخمد هذه الحركة المباركة، إلا أنها ازدادت اشتعالاً وتوهجاً. وجاء العيد ولم يفهم النظام المجرم – كعادته – أي حرمة لهذا اليوم، وأي قدسية لهذه المناسبة، وأصر على مواصلة مجازره الوحشية، فدخل عليهم المقابر وهم يزورون من فقدوه من شهداء في الأشهر الماضية، وأردوا العشرات منهم فوق أضرحة الشهداء السابقين، فجاء العيد كسابقه وازداد القتل وسفك الدماء، ولكن الشعب السوري كان قد تغير في هذا العيد، فلم يعد يكتفي بأيام الجمع ليخرج، وإنما خرج أيام العيد جميعها يحاول أن يجهد آلة القتل ويعجل بسقوط هذا المجرم وأعوانه، وتحولت أيام هذا الشعب إلى إرادة وإصرار إلا أن يسقط فرعونهم، بإذن الله. وكانت هدية الله لهذا الشعب الصامد في يوم عيده، أن أعلن المحامي العام لمدينة حماة « عدنان بكور » تقديم استقالته من منصبه، بعد أن فاض الأمر به مما رآه من مجازر ارتكبت داخل السجون، فكانت قاصمة الظهر وتأكيداً لعدم إنسانية هؤلاء الوحوش عندما بيّن المحامي أنه تم تصفية اثنان وسبعون معتقلاً داخل سجن حماة المركزي، وهذا لا شك غيض من فيض، مارسه هذا النظام القذر بحق السجناء والطلقاء على مدى أربعين سنة، ليزيد هذا من تسليط الضوء على إجرام هذا النظام، وتفنيد أكاذيبه التي يحتج بها، بعد أن دأب طيلة شهور الثورة الستة على التضليل والكذب، بل سنكون أكثر صدقاً فهذا ديدنه منذ أول يوم استلم به الراحل حافظ حكم سوريا، بعد صفقة عقدها مع الصهاينة وباعهم الجولان، ليتحول من وزير دفاع إلى رئيس جمهورية، في الوقت الذي كان إعلامهم الكاذب يدعي وجود عداوة بينهم وبين الصهاينة، والواقع كان يؤكد انه حراس حدود فقط، وهذا ما كشفت عنه الثورة السورية بأن هذا النظام نظام صمود وممانعة ضد شعبه فقط!! الشعب السوري ما عاد يأبه لعيده، وما عاد يهتم بأن يشتري لأطفاله لعبهم، وكسوتهم، فاغلبهم قد مثلت به آلة قتل المجرم بشار، ونكلت بآبائهم وإخوتهم، ولا هم له إلا أن ينهي هذه الحقبة من الغدر والخيانة، والبطش، فخرجت نسائه وأطفاله وقد لبسوا أكفاناً جديدة، قبل شبابه ورجاله ليعلنوها جمعة » موت ولا مذلة » حتى يمنّ الله عليهم بالنصر، ويندحر الطغاة كما اندحروا في تونس ومصر وليبيا، ويباءوا بالإثم والجريمة. فسلام عليكم يا شعب سوريا البطل يوم ولدتم سلام عليكم يوم تموتون وسلام عليكم يوم تبعثون، وسلام عليكم يوم اصطفاكم الله وطهركم وفضلكم على شعوب العالمين، والعاقبة للمتقين.
احمد النعيمي Ahmeeed_asd@hotmail.com http://ahmeed.maktoobblog.com/
<
رغم استمرار الاحتجاجات وقمعها بوحشية يرفض الناتو التدخل في سوريابينما يحتفل العالم العربي بعيد الفطر، يواصل النظام السوري قمع الاحتجاجات بكل قسوة. ما دفع الاتحاد الأوربي وأمريكا إلى الاحتجاج على ذلك، ولكن لا أحد يريد تدخلاً عسكرياً في سوريا على غرار ما فعله حلف شمال الأطلسي في ليبيا. يريد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوربي تشديد العقوبات المفروضة على النظام السوري، من خلال وقف استيراد النفظ من سوريا وذلك لمعاقبته على قمعه للاحتجاجات وإلزام الرئيس بشار الأسد بالتراجع والكف عن استخدام العنف الوحشي ضد المحتجين. وقف استيراد النفظ السوري يمكن أن يشكل ضغطاً على دمشق، إذ أن الاتحاد الأوربي يستورد نحو 90% من النفط السوري، والمانيا لوحدها استوردت العام الماضي 32% منه. وتشكل عائدات النفط نحو 30% من ايرادات الخزينة العامة في سوريا. وبالنسبة لأوربا تعتبر سوريا مورداً غير ذي أهمية، وبالتالي فإن وقف استيراد نفطها لن يؤثر على مخزون الدول الأوربية، حتى وإن لم تجد بديلاً للنفط السوري. ولكن ليبيا متوقفة عملياً عن تصدير النفط منذ ستة أشهر، وكذلك العقوبات التي كانت مفروضة على العراق واستيراد النفط منه إبان حكم صدام حسين، لم تؤد إلى مرونة وتراجع نظامي القذافي وصدام عن مواقفهما. هذا ويأتي تشديد العقوبات الأوربية على سوريا بعد أيام من سقوط القذافي، الذي كان لغارات طائرات حلف الناتو دوراً بارزاً فيه. ولكن رغم نجاح سير عمليات الناتو، فإن دول الحلف والاتحاد الأوربي لا تريد ان تكرر تجربة تدخلها العسكري في الأزمة الليبية. حتى الولايات المتحدة لا ترغب في تدخل عسكري في سوريا، خاصة وأنها تسعى إلى سحب الجزء الأكبر من قواتها من العراق وأفغانستان، ولا تريد خوض مغامرة عسكرية جديدة. تشعب علاقات سوريا يزيد أزمتها تعقيداً والموقف الغربي من التدخل العسكري في سوريا، يعود بالدرجة الأولى إلى تعقيدات الأزمة السورية. فبالمقارنة مع ليبيا التي يبلغ عدد سكانها ستة ملايين، يبلغ عدد سكان سوريا 23 مليون نسمة، كما أنه بسقوط النظام أو باتساع رقعة الاحتجاجات وزيادة حدة العنف، لن يقتصر تأثير ذلك على سوريا فقط، وإنما سينعكس على دول الجوار وكل منطقة الشرق الأوسط. وبما أن أوروبا والدول الأخرى لم تستطع حتى الآن حل مشكلة الشرق الأوسط وإحلال السلام فيه، من الطبيعي أن تتجنب التورط في خلاف وأزمة جديدة في المنطقة. هذا علاوة على تشعب علاقات سوريا ومشاكلها في المنطقة، إذ تعتبر خصماً تقليديا لاسرائيل رغم جولات المفاوضات المتعددة التي انتهت بالفشل، كما أن سوريا تحتضن قيادات الفصائل الفلسطينية المتشددة مثل حماس والجهاد. بالاضافة إلى علاقات مع الأطراف اللبنانية وخاصة حزب الله وتأثيرها على الوضع في لبنان. كما تعتبر سوريا الدولة العربية الوحيدة التي لها علاقات عميقة واستراتيجية مع ايران. وصحيح أن حزب البعث ونظام صدام حسين في العراق الذي كان خصماً للبعث والنظام السوري قد سقط، إلا أن دمشق مازالت تتأثر بتطورات الوضع في العراق خاصة مع وجود مئات آلاف اللاجئين العراقيين في سوريا. كما أن علاقة النظام السوري مع السعودية ودول الخليج الأخرى تمر الآن بأزمة شديدة. وهناك مراقبون يحذرون من الانتقام والاقتتال الطائفي أيضاً في حال سقوط نظام الأسد. لهذه الأسباب والتعقيدات يصعب على الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة التحرك لوقف حمام الدم في سوريا، وخشية من توسع رقعة التوتر والأزمة يتم تجنب خيار التدخل العسكري. ولكن العقوبات وعدم استيراد النفظ السوري لوحده لن يكفي ولن يجبر النظام السوري على تغيير سلوكه وتعامله مع الاحتجاجات والأزمة التي تمر بها البلاد. عارف جابو/ بيتر فيليب مراجعة: حسن زنيند
(المصدر:موقع مؤسسة »دويتشه فيله »(بون-ألمانيا)بتاريخ 2 سبتمبر 2011)
<
محمد عبد الحكم دياب
لا يجادل أحد في استبداد ونرجسية ودموية حكم معمر القذافي، وليس هناك من يماري في حق الأشقاء الليبيين في الثورة عليه وخلعه والتخلص من حكمه، والموقف الرافض لحكم القذافي لا يعني القبول بالتدخل الأجنبي، ولا يعني الرضوخ لثنائيات مختلة تعتمدها الثقافة الصهيو غربية وهي تفرض خياراتها على الشعوب الثائرة أو الساعية للديمقراطية. وما زال مثلنا القريب العراق وما وقع فيه، فقد صادرت تلك الثنائية على حل ثالث كان ممكنا لتجنيب العراقيين ما حل بهم وببلدهم، وهو ما قضى على العراق الدولة والكيان الواحد الموحد، ومن وقف ضد استبداد ودموية صدام حسين وقتها وصف بأنه مع التدخل الخارجي الذي انتهى بالاحتلال والغزو. ومن رفض الاحتلال والغزو وصف بأنه مع استبداد صدام حسين ودمويته. وأصبحت ثنائية الاختيار في العراق إما صدام أو الغزو الأجنبي. وهو نفس النهج الذي أخذ به جورج بوش الصغير بعد أحداث 11/9′ إما معنا أو مع الإرهاب’ وعلى هذه القاعدة تم تدمير الوطن العربي والعالم الإسلامي ودول إفريقية ولاتينية عدة. حلول المشاكل تتعدد، وطرق الخروج من الأزمات تتنوع، ولا يختلف الموقف من ليبيا كثيرا. وهناك من يعمل على إيقاع الرأي العام في شراك ثنائية الاختيار بين القذافي وبين التدخل الأطلسي، وهي مآس يعيشها العرب والمسلمون والعالم، وروجها الإعلام وأكدتها السياسات الرسمية؛ منذ خروج مصر من دائرة الاستقلال الوطني ومعادلة العمل العربي الجماعي والوحدوي ومجموعة عدم الانحياز، وما ترتب عليه من سقوط العرب من حساب المعادلات والمشروعات المعدة للمنطقة. ووقوعهم في وحل التبعية وجحيم الهيمنة والغزو. والأسباب واضحة للعيان؛ أهمها نفي النظام الرسمي العربي لذاته، وتواطؤ حكوماته ضد أوطانها وفي مواجهة شعوبها، فتنازلت عن إرادتها وسلمت زمام أمورها لعدوها ولمن لا يرحمها أو يترفق بها؛ ربطت مصائرها بكلمة من واشنطن ولندن وباريس وبرلين وتل أبيب.. ومن بدا من الحكام متمردا ساوم وقدم القرابين ضمانا لبقائه وتجنبا للعنة المنظومة الصهيو غربية، بعد أن حلت محل الإرادة العربية الجماعية الغائبة. واستقر ذلك الوضع المشين مع دخول الوطن العربي الحقبة السعودية، التي أوقعت المنطقة بكاملها في جب الهيمنة الغربية، ودمجت الإرادة العربية الجماعية الغائبة بالإرادة الصهيونية الغالبة. وتحايل النظام العربي الرسمي على ذلك بحيل ومراوغات؛ يسهل على المرء تعريتها وكشفها. وكان إدعاء الالتزام بالشرعية الدولية أكبر تضليل للرأي العام الوطني والعربي؛ وهدفه إحلال التدويل محل الجهود الوطنية والعربية والإقليمية، والتدويل يتخذ ستارا وغطاء للجرائم الصهيو غربية، والتي تقترب بشكل منتظم وممنهج لإعادة رسم خرائط المنطقة. لذا لا تجد مشروعا وطنيا أو قوميا أو إقليميا واحدا يواجه هذه المخططات الجهنمية والقذرة. وأضحى التدليس غالبا على مبررات التدخل الخارجي؛ سواء تم بقوات أمريكية أو بريطانية أو فرنسية أو صهيونية صرفة، أو جحافل جماعية عن طريق حلف شمال الأطلسي كما في أفغانستان وليبيا، أو بأشكال عسكرية وتخريبية أخرى مثلما حدث مع العراق. وليس لذلك علاقة بأي شرعية دولية، إنما هو ترجمة لشرعية الهيمنة والاحتلال والغزو، وكثيرا ما تختطف الأمم المتحدة ومجلس الأمن لاستصدار قرارات لشرعنة كل صور العدوان والتدخل، وهدف التدويل المزيف ضرب الثوابت الوطنية، وطمس الهوية الثقافية والقومية، والتفريط في الأدوار الإقليمية والمصالح الدولية، وبهذا فقد القرار الوطني والعمل الجماعي العربي قيمته، وجعل المجهود السياسي والعسكري والاقتصادي.. داخليا وعربيا.. رديفا للمجهود الصهيو غربي والأطلسي ، وبذلك دخل العرب فرادى وجماعات عصر التدمير الذاتي والتماهي مع مشروع الهيمنة الغربي. وكان المثل الفاضح بعد كامب ديفيد هو ‘المبادرة السعودية’، وتحولها إلى مبادرة عربية رسمية، وهي في حقيقتها مبادرة أمريكية شحما ولحما؛ صاغها وأخرجها الصحافي الأمريكي الشهير توماس فريدمان تحت مسمى ‘مبادرة الأمير عبد الله’ – ملك السعودية الآن – وذكر ذلك في كتابه ‘تطلعات ومواقف.. استكشاف عالم ما بعد 11 سبتمبر’. قال انه دخل السعودية حزينا بسبب مشاركة خمسة عشر شابا سعوديا جاءوا إلى الولايات المتحدة وقتلوا ثلاثة آلاف أمريكي، إلا أنه خرج من السعودية مبتهجا بإنجاز لا علاقة له بحقن دماء الأمريكيين؛ على حد قوله، مكتفيا بصياغة واستصدار إعلان من رأس المملكة السعودية، التي وصفها بأنها أهم دولة إسلامية في العالم؛ يعبر فيه عن استعداده لتطبيع العلاقات مع الدولة الصهيونية. مبادرة أمريكية ارتدت الغترة السعودية ثم الدشداشة العربية تلائم مؤتمر القمة العربية ببيروت 2002، وبها خرج العمل الجماعي العربي نهائيا من معادلات القوة الإقليمية والدولية، وكان ذلك قد تأكد في تواطؤ النظام الرسمي العربي في غزو العراق، وصارت الإرادة العربية الجماعية الغائبة ركيزة للإرادة الصهيو غربية الغالبة. ولو أخذنا القضية الفلسطينية مثلا لوجدناها رهن شروط الرباعية، وهي القبول بالدولة الصهيونية، ونبذ العنف أي إلقاء سلاح المقاومة، والاعتراف بالاتفاقيات الموقعة مع الدولة الصهيونية، وكلها اتفاقيات للتنازل عن الحقوق الفلسطينية المشروعة في التحرير والعودة وقيام الدولة المستقلة. والرباعية الدولية تكونت في أعقاب الانتخابات الفلسطينية في عام 2007 بعد فوز حماس في الانتخابات في قطاع غزة، وتشكلت الرباعية الدولية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا، مع غياب عربي كامل. والأثر السلبي للإرادة الوطنية والعربية الجماعية الغائبة في العراق وفلسطين يبين لنا ما يمكن أن تنتهي إليه الأوضاع في ليبيا. كانت صدمة المنظومة الصهيو غربية بثورتي تونس ومصر كبيرة؛ أعجزتها عن التدخل السريع لحماية رجليها في البلدين، وبعد أيام من هروب زين العابدين بن علي إلى السعودية في 14 كانون الثاني/يناير الماضي اندلعت ثورة مصر في الخامس والعشرين من نفس الشهر ونتج عنها خلع حسني مبارك في الحادي عشر من شباط/فبراير الماضي، وأعادت هذه المنظومة حساباتها كي لا تتكرر المباغتة، وسارت على خطين متوازيين.. الأول تكثيف التدخل المدني بالاختراق والمال والإعلام والبلطجة في تونس ومصر. والثاني بالتدخل الأمني الاستخباراتي والعسكري مع ما يستجد من ثورات، وبدت الثورة الليبية وكأنها النموذج المختار للقضاء على إمكانية التغيير السلمي مرة أخرى. لذا فهي تجربة جديرة بالتأمل والدراسة. وتهيأت لها ظروف التدخل على مستويين.. المستوى الأول داخلي من خلال أنصار الغرب ومؤيديه، الذين تمكنوا من صدارة المشهد ‘الثوري’ في بنغازي مبكرا، وسنحت فرصتهم بالخطأ الذي ارتكبه اللواء عبد الفتاح يونس رحمه الله؛ حين انضم بقواته إلى صفوف الثوار، وبدلا من حماية الثورة والحفاظ على سلميتها، كما جرى في تونس ومصر سلح الثوار حولوها إلى حرب أهلية؛ وتخلق الحروب الأهلية البيئة المناسبة للتدخلات بكل أنواعها، وتسليح الثورة الليبية أفقدها سلميتها ومدنيتها، إلى أن استعانتها بشيطان الأطلسي فتجردت من سلميتها وبراءتها وعذريتها. والمستوى الثاني عربي بالمعنى الرسمي، وفيه أبى عمرو موسى ألا يترك منصبه كأمين عام لجامعة الدول العربية إلا باقتراف خطيئة أخرى تضاف إلى خطاياه التي لا تحصى. واستجاب للضغوط الصهيو غربية السعودية الخليجية. ووفر الغطاء العربي المطلوب للتدخل الأطلسي، بدءا بحظر الطيران وليس انتهاء بالإغارات الجوية على المدنيين الأبرياء، ولعبت الإرادة العربية الجماعية الغائبة دورها في ‘أطلسة’ ثورة 17 شباط/فبراير الليبية.والثمن المتوقع هو وضع ليبيا تحت الوصاية الصهيو غربية المباشرة أو غير المباشرة، وأعلم أن وطنيين ليبيين يراجعون الأوضاع والمستجدات التي أحاطت بالثورة الليبية، ويستعيدون تاريخ آبائهم وأجدادهم الناصع وبلائهم الحسن ضد المستوطنين الإيطاليين الفاشست منذ ما قبل الحرب العالمية الأولى، ثم ضد المستعمرين البريطانيين والأمريكيين بعد الحرب الثانية، وذلك تحسبا لجولات من المقاومة تعقب ما ينشأ بعد استقرار الأوضاع. والمد الأطلسي في ليبيا يقتل التغيير السلمي في مهده ويجهضه، ويمنع تكرار ما بدأ في تونس ومصر. وكان أخطر ما حدث فيهما بالنسبة للمنظومة الصهيو غربية هو إصرار الثوار فيهما على سلمية التغيير وإغلاق منافذ التدخل الأجنبي (الأطلسي وغير الأطلسي). إن عسكرة الثورات العربية يتيح الفرصة لاندلاع الحروب الأهلية، ويُمَكن احتكارات السلاح ووكالات الأمن والمخابرات فتلبس قناعا إنسانيا مزيفا بدعوى حماية أرواح المدنيين وتقديم المساعدات لهم؛ بينما وصل عدد ضحايا الغارات الأطلسية إلى أكثر من ثلاثين ألف مدني بريء وأضعافهم من الجرحى والمصابين. ومن المتوقع أن يقر أي حكم جديد الاستحقاقات السياسية والأمنية الأطلسية، وليس في طاقة الرموز والقيادات الحالية التنصل منها، أما شعب ليبيا الصامد فهو مقدم على تحديات تفرض عليه الحذر والاستعداد لأسوأ الاحتمالات كي يتحدى هيمنة الأطلسي وقواعده المقترحة. وقصعة الثروة الليبية أسالت لعاب قوى كثيرة، ومن أجلها عقدوا للطامعين فيها مؤتمرا الخميس برعاية فرنسية شاركت فيه ستون دولة!!. وإذا كانت هذه محاولة لفهم ما يجرى في ليبيا من زواياه العامة، فقد تلقي التجربة الذاتية ضوءا على جوانب قد تكون خافية على الرأي العام. وهذا ما سوف نحاوله الاسبوع القادم بإذن الله.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 3 سبتمبر2011)
<
نبيل شبيب
شهدت البلدان التي اندلعت فيها الثورات العربية، سواء في ذلك من وصل منها إلى إسقاط النظام الاستبدادي أو يوشك أن يصل، ظاهرة خطيرة، مشتركة.. ولا غرابة في ذلك، فالشعوب الثائرة تستمدّ وعيها من مشكاة واحدة، والأوضاع الاستبدادية التي ثارت عليها متشابهة في معظم جوانبها، متطابقة في جوهرها. إنّها ظاهرة التناقض الكبير بين جيل الشبيبة الذي صنع الثورات -ومضت الجماهير الشعبية من ورائه ثقةً به وبنقاء قياداته وإخلاصها، ولم تمض من قبل وراء المعارضين والناشطين التقليديين- وبين أولئك المعارضين والناشطين وأحزابهم وجماعاتهم وسياساتهم، في الأعمّ الأغلب. لم تنشأ ظاهرة التناقض هذه عما يقال بصدد تفجر طاقة الشبيبة -ذكورا وإناثا- وحكمة الأكبر سنا، أو بصدد ضعف خبرة الشبيبة والخبرة الطويلة للجيل الذي عايش الاستبداد منذ كان في سن الشباب، ولم يزحزحه من مواقعه، رغم كل ما صنع الاستبداد من نكبات وكوارث وتخلف. إن العنصر الحاسم هو أن رؤى الشبيبة لم تتصلب وتتعقد، فكانت أطروحاتهم واضحة جلية قاطعة، بدءا بالشعب يريد إسقاط النظام.. انتهاء بما يردده ثوار سوريا: الشعب السوري واحد. بالمقابل نجد في البلدان الخمسة السابقة للثورة، سواء تلك التي حقق الثوار فيها هدف إسقاط النظام أو تلك التي لا تزال التضحيات فيها متواصلة إلى أن يسقط النظام.. أن المعارضين التقليديين لم يعقدوا مؤتمرا، ولا طرحوا مبادرة، ولا أنجزوا عملا، إلا وغلب فيه العجز عن التلاقي على الكليات الكبرى المشتركة والضرورية لمستقبل بلدهم.. هذا مع أن جميعهم يرفع ذات العناوين: الديمقراطية، والدولة المدنية، والحقوق والحريات، والمواطنة، وضمان أوضاع الأقليات! أين الخلل؟.. هل هو خلل واحد؟.. ربما كان في جوهره واحدا، وربما يمكن بيانه عبر التأمل في التعامل الجاري مع كلمة « ديمقراطية » كمثال جوهري. ليس للديمقراطية دين ولا انتماء لقد ولدت الديمقراطية وفق المؤرخين لها، فيما عرف بديمقراطية أثينا، في عصر الإغريق، قبل ولادة الأديان السماوية الثلاث، وقبل ولادة العلمانية أيضا.. فلا يمكن احتكارها لمرجعية دينية ولا لمرجعية علمانية، ويوجد في بلادنا من يتصرّف بصددها وكأنها حكر على مرجعيته فقط! أخذ بالديمقراطية وسيلةً للحكم أهلُ أثينا وهم يعيشون وفق مرجعية طبقية كما تشهد على ذلك مدينة أفلاطون الفاضلة، بينما وجدت استهزاءَ أرسطو (أول من نحت كلمة ديمقراطية) وإنكاره دعوةُ سقراط للاستماع إلى رأي الدهماء، قاصدا العامة من الشعب. وأخذت بجوهر آلياتها في ممارسة الحكم دعوات المتنورين الأوروبيين خلال تمردهم بحق على استبداد الكنيسة والإقطاع، فكان التنوير مرجعيتهم، وليس العلمانية ولا الحداثة، وكلاهما ظهر بعد حقبة التنوير.. وها هي الديمقراطية اليوم تجد التطبيق دون أن تتناقض مع المرجعيات المختلفة للقيم الذاتية، والوعي المعرفي الحضاري الذاتي، المتباين بين أمة وأخرى، كما تشهد على ذلك ديمقراطيات الهند أو اليابان أو الغرب، على ما يوجد بينها من اختلافات. وها هي تطبق في بلدان سادت المرجعية العلمانية المشتركة فيها، واختلفت المنظومات الثقافية، كما هو الحال بين فرنسا وألمانيا، أو فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، ولم يمنع هذا الاختلاف من تطبيق الآلية الديمقراطية في الحكم هنا وهناك. لا أحد من تلك الأطراف يزعم أن للديمقراطية ارتباطا احتكاريا، أو انتماء احتكاريا، لمرجعية قيمه أو منظومته الثقافية، كذلك لا أحد ينفي صفة الديمقراطية بسبب اختلاف التفاصيل في أشكال تطبيقها لتكون ديمقراطية شعبية في سويسرا، ونيابية اتحادية في ألمانيا، وملكية دستورية في بريطانيا، ورئاسية تعددية في فرنسا. أما في ساحة ربيع الثورات العربية فلم تنضج ثمار الثورات وتضحيات الثوار بعد، إلا واندلع الصراع على احتكار الديمقراطية على حسب منظور مَن يمسك بكلتا يديه مقص مرجعيته لتفصيل الديمقراطية على مقاسه، ويأبى مرجعية سواه، ويجعل من نفسه وصيّا على الديمقراطية التي تأبى بطبيعتها الوصاية عليها!.. ذاك هو الإقصاء بعينه.. وكان من المفروض أن يقضي نحبه مع من سقط من المستبدين! لا أغلال على تحكيم الإرادة الشعبية لا تصدر ممارسات الإقصاء هذه عن الجيل الذي صنع الثورات، ووجد من ثقة الشعب فيه ما جعل جميع فئات الأعمار تمضي معه في تلك الثورات، بل تصدر عن جيل من المعارضين والناشطين ممن كانوا ضحايا الإقصاء في عهد الاستبداد، منذ كانوا هم في سن الشبيبة، وكان يُفترض فيهم أن يكونوا أول من « يطلّق » الإقصاء اليوم.. فكيف نستوعب أنهم يمارسونه فعلا، ويغرقون أهل بلادنا في موبقاته، ويخاطرون بمصير ثورات بلادنا، من خلال رؤاهم وأطروحاتهم الإقصائية والانتقائية، بعد أن وصل -سواهم- بهم إلى بوابة تطبيق الديمقراطية، ودفع لذلك ثمنا باهظا؟ لا ديمقراطية دون تحكيم الإرادة الشعبية، في كل شيء، ومن يستثني شيئا يفتح ثغرة لتفريغ الديمقراطية من محتواها، ويفتح الباب على مصراعيه أمام حقبة استبدادية جديدة، وهذا ما يسري بصدد تثبيت « المرجعية » في منظومة القيم والمنظومة التشريعية مثلما يسري على سواها. ليس للديمقراطية دين باعتبارها الآلية المعاصرة المثلى لممارسة الحكم، إنما لا فارق هنا في تفريغها من محتواها، عبر أسلمتها مع إقصاء غير الإسلاميين، وعبر علمنتها مع إقصاء غير العلمانيين. ولا يعبر الإسلاميون عن حقيقة الإسلام وتعاليمه عندما يأخذون بالديمقراطية وسيلة لممارسة الحكم، ثم يمارسون إقصاء « الإنسان » غير المسلم، زاعمين لأنفسهم المرجعية الإسلامية، فالإسلام لم يقرر إقصاء أحد من تثبيت الكرامة الإنسانية لجميع « بني آدم »، ولا في تثبيت الحرية لجميع « الناس » في: « متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا »، ولا في تثبيت الحقوق المادية للمؤمن والكافر دون تمييز في: « كلا نمدّ هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا »، ولا في تثبيت العدالة في الحكم بين « الناس » وليس بين المؤمنين فقط.. ولا تنتهي هذه القائمة في جميع ما يتعلق بالحقوق والحريات الإنسانية جميعا وفي شؤون الحكم كافة! كذلك لا يعبر العلمانيون عن العلمانية عندما يفصلونها عن جذورها الأولى التي سبقت ظهور العلمانية، عبر ممارساتهم الإقصائية، أي عندما يجعلون من علمانيتهم هم مرجعية عرجاء، تعطيهم وأمثالهم دون سواهم، حق الوصاية على أصحاب الاتجاهات الأخرى، ويتحولون إلى أدعياء للوصاية بغير حق، فهذا يصلح بمنظورهم وذاك لا يصلح للديمقراطية، كما يستثنون أنفسهم فقط من المطالَبة التي يطلقونها تجاه الإسلاميين تخصيصا، بتقديم الدليل على مصداقية دعواهم بصدد الديمقراطية، وهم يعلمون أن معظم المستبدين في بلادنا قد ادعوا العلمانية ومارسوا بعض جوانبها أثناء استبدادهم، فالأصل إذن أن يقدم العلمانيون اليوم الدليل على أنهم ليسوا مثلهم، أي على مصداقية ديمقراطيتهم! مخاطر ولادة استبداد جديد الجميع جعل من الديمقراطية ليلاه وجعل من ذكرها عنوانا وشعارا وهدفا مغناه، ولكن لا يزال كل طرف -أو معظم الأطراف- يُلبس الديمقراطية لباسه الذي يضيق على « الآخر »، من قبل أن يصل أصلا إلى مرحلة ترسيخ الأسس الأولى لنظام حكم ديمقراطي، فكيف إذا وصل إلى السلطة فعلا؟ آنذاك سيذكّر الشعبَ -وقد بات أوعى من كثير من السياسيين المحترفين- بما سبق أن عايشه الشعب ولا يمكن أن ينساه، أن المستبدين الراحلين الآن بعد عقود متطاولة، قد بدؤوا عهودهم جميعا، بادعاء الديمقراطية شعارا وعنوانا ومنهجا، ثم مارسوا إقصاء « الآخر » من مختلف الألوان بمختلف الذرائع، فلم يبق سوى الاستبداد، ولم يبق سوى المستبدين، وكانت الحصيلة أنهم الآن لا يغادرون كراسي التسلط إلا على أنهار من الدماء وأمواج من الآلام ناهيك عن الأكداس المكدسة من الثروات المنهوبة؟ إن من أخطر ما يتهدد البلدان العربية في ربيع ثوراتها هو الانزلاق مجددا في حقبة استبداد تمتد لجيل أو أكثر، وتنطوي على مزيد من جولات الصراع بين أصحاب الاتجاهات المتنافرة على حساب « الشعب الواحد بجميع أطيافه وفئاته وانتماءاته ». تحرير إرادة الشعب والاحتكام إلى إرادة الشعب، هما في مقدمة ما أعادته هذه الثورات من عالم الأدبيات الخطابية والإنشائية، إلى عالم الواقع، وهما مما سالت من أجله دماء الضحايا من الشعب نفسه، وليس دماء من خاضوا ويخوضون غمار جولات صراعهم مع بعضهم بعضا، دون الانتقاص من قيمة نضال من ناضل منهم ضدّ الاستبداد في الحقبة الماضية، ولكن أمجاد الماضي ليست صك غفران لارتكاب الأخطاء الفاحشة في الحاضر والمستقبل! إن بعض دعاة الديمقراطية اليوم يزرعون بممارسات الإقصاء بذور استبدادهم غدا.. إذا نجحوا في تمرير ما يريدون كما نجح « الأسلاف »، ولا يكاد يبقى سوى وعي جيل الثورة، لا سيما من الشبيبة التي صنعت الثورة، ضمانا، ألا يقع ذلك فيكرر ما وقع من قبل، عندما كانت غالبية شبيبة جيل الحقبة الماضية -وقد أوشك على الرحيل في هذه الأثناء- تصفق لوعود كل حاكم جديد، ولم تحصد سوى موبقات الاستبداد على كل صعيد. لا بد أن يدرك الإسلاميون « التقليديون » جميعا -وكاتب هذه السطور إسلامي دون انتماء لحزب أو جماعة- وأن يدرك العلمانيون التقليديون جميعا، أن أي دعوة أو ممارسة أو مبادرة أو « ميثاق وطني » يحمل توقيعهم، وينطوي على إقصاء أي طرف « آخر » من حق المشاركة في الاحتكام إلى إرادة الشعب، على كل صعيد، بما في ذلك اختيار مرجعية القيم والتشريع في البلاد، هو عمل إقصائي يتناقض مع الديمقراطية، ويتناقض مع المصالح العليا تناقضا مباشرا. إذا أدرك هؤلاء وهؤلاء ذلك.. سقط الكثير من التناقضات والعقبات في وجه تشييد بنيان قويم جديد. ولئن كان الإقصاء مرفوضا في الأحوال والأوقات الاعتيادية، فهو مرفوض أضعافا مضاعفة في الفترة الحالية ما بين اندلاع الثورات العربية واستقرار أوضاع قويمة جديدة، فلا ينبغي أن يساهم طرف من الأطراف في إجهاض الربيع العربي، مما بدأ يظهر -للأسف- على الساحة بقوة وبنتائج خطيرة، في تونس ومصر، وظهر مبكرا في الساحة السورية، وهو ما يمنع -أكثر من أي عامل آخر- من تلاقي المعارضة التقليدية على « كلمة سواء » تضمن أرضية مشتركة على أساس الكليات الكبرى المشتركة، وهي كثيرة وكافية، وتشمل معظم ما تعنيه كلمات الديمقراطية والدولة المدنية وحقوق الإنسان، أفرادا وأقليات، والتداول على السلطة وفصل السلطات. إذا التزم الجميع بها آليات مجرّدة من الرؤى المرجعية الذاتية، مع التوافق على تحكيم إرادة الشعب، الذي أصبح الجميع يقولون إنه مصدر السلطات، وسيد قراره، وهو بالتالي الذي يحدد مرجعيته، ومنظومة قيمه. أما من يعمل لفرض شيء من ذلك على الشعب بالإكراه المباشر كما صنع المستبدون، أو تحت عناوين مبتكرة مثل « المبادئ فوق الدستورية »، أو من خلال دعوى ترددت مؤخرا، وتزعم أن الديمقراطية مع مبادئ أصحاب تلك الدعوى، هي فوق مبدأ الاحتكام لصناديق التعبير عن الإرادة الشعبية.. من يصنع ذلك إنما يقصي نفسه بنفسه عن الحاضنة الشعبية الوطنية، التي صنعت ربيع الثورات العربية، وأظهرت من الوعي ما يكفي لتأكيد استحالة ركونها بعد اليوم لمن يزرع المتفجرات والألغام فيها.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 2 سبتمبر 2011)
<
عبد الباري عطوان
نحمد الله ان السيد رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي لم يخيب ظننا، والكثيرين من امثالنا، عندما بادر، ودون اي تردد، الى طرد السفير الاسرائيلي من انقرة، وتخفيض طاقم سفارته الى ما دون السكرتير الثاني، وقرر تجميد الاتفاقات الدفاعية مع اسرائيل، احتجاجاً على مجزرتها التي ارتكبتها على ظهر السفينة مرمرة، واستنكاراً لتقرير منظمة الامم المتحدة حول هذه المجزرة، الذي اضفى شرعية عليها، والحصار الاسرائيلي لقطاع غزة.
هذه هي المرة الاولى، ومنذ عشرات السنين، تتجرأ دولة اسلامية، ولا اقول عربية، وتتصدى للغطرسة الاسرائيلية بهذه القوة، وبهذا الحزم، وتطرد سفيراً اسرائيلياً، وتجمّد اتفاقات، فقد جرت العادة ان تبلع هذه الدول كرامتها، وترضخ للإهانات الاسرائيلية بإذعان مخجل، خوفاً من السطوة الاسرائيلية والغضب الامريكي.
ندرك جيداً ان الاجراء التركي جاء اقل من اغلاق السفارة، وقطع العلاقات الدبلوماسية بالكامل، ولكننا ندرك ايضاً وفي الوقت نفسه، ان العلاقات التركية ـ الاسرائيلية تقزمت في الاعوام الثلاثة الماضية بسرعة متناهية، وانتقلت من التحالف الاستراتيجي الكامل، والمناورات العسكرية المشتركة، الى هذا المستوى المتدني من التمثيل الدبلوماسي، وهو ما لم يحدث في اي دولة عربية واسلامية اخرى تقيم علاقات مماثلة.
الحكومة التركية لم ترضخ للابتزاز الاسرائيلي الذي تمثل في محاولة تحريض دول الجوار التركي مثل اليونان وبلغاريا ورومانيا وقبرص، وتأليب اللوبي الارمني في الكونغرس، وزعزعة الجبهة الداخلية والامن التركي، من خلال دعم اعمال العنف، وقررت ان تمضي قدماً في خططها لاتخاذ خطوات بتخفيض مستوى العلاقات مع اسرائيل طالما استمرت في رفضها تقديم الاعتذار عن مجزرتها التي راح ضحيتها تسعة شهداء اتراك كانوا على متن السفينة مرمرة، ودفع تعويضات مالية لأسر الضحايا.
اسرائيل تعتبر نفسها دولة عظمى، منزهة عن الاخطاء، ومحصنة من اي عقوبات دولية، وتنظر، بل تتعامل باحتقار شديد مع جميع العرب والمسلمين، والمطبعين معها، او المعارضين لسياساتها العدوانية، لدرجة انها تنطلق من اعتقاد راسخ بأن هؤلاء لا يستحقون اي اعتذار من قبلها، مهما اجرمت في حقهم، وقتلت من مواطنيهم بدم بارد او حار. ‘ ‘ ‘ اكثر من سنة مرت على اعتداء هجوم وحدة الكوماندوز البحرية الاسرائيلية على سفن قافلة الحرية المتجهة الى قطاع غزة لكسر الحصار المفروض عليه. واسرائيل ترفض بكل انواع الغرور والغطرسة التجاوب مع طلب تركيا بالاعتذار، وتتمسك بموقفها الذي يعبر عن الأسف فقط، بينما تطالب العرب بالاعتذار لها لأتفه الاسباب، وما زلنا نذكر كيف اضطر العاهل الاردني الملك حسين بن طلال (رحمه الله) للذهاب الى أسر وآباء وامهات الفتيات الاسرائيليات اللواتي قتلن برصاص الجندي الاردني الدقامسة عندما اخترقن حدود بلاده، وانتهكن سيادتها، وتقديم الاعتذار بنفسه عن هذه الحادثة.
الرفض الاسرائيلي هذا يرتكز على الاطمئنان الى الدعم الامريكي والاوروبي لكل المجازر الاسرائيلية، طالما ان ضحاياها من العرب والمسلمين، وتتساوى في ذلك دولة عضو في حلف الناتو مثل تركيا قدمت خدمات جليلة للغرب في زمن الحرب الباردة، او دولة اخرى معادية لمشاريع الهيمنة الامريكية في المنطقة مثل العراق (في زمن قبل الاحتلال)، او سورية او ايران.
وها هو تقرير منظمة الامم المتحدة يؤكد هذه الحقيقة بما ورد فيه من نقاط مخجلة في انحيازها السافر لاسرائيل ومجزرة قواتها على متن السفينة مرمرة، عندما اعتبر الهجوم على السفينة في المياه الدولية مبرراً، وأكد ان الحصار المفروض على قطاع غزة التي أرادت سفن قافلة الحرية كسره حصار شرعي، ورفض المطالب التركية بالاعتذار، واقرّ وجهة النظر الاسرائيلية التي تعرض تقديم ‘الأسف’ لتركيا فقط. اي عدالة هذه، واي حياد تتذرع به هذه المنظمة الدولية وتدعيه، فإذا كان حصار مليوني انسان براً وبحراً وجواً في قطاع غزة، ثم شن حرب عليهم وهم داخل القفص المحكم الاغلاق هذا، تستخدم فيها اسرائيل قنابل الفوسفور الابيض بعد تجويعهم وقطع كل احتياجاتهم الضرورية من طعام ودواء وحليب وملابس وأحذية لأكثر من عامين، فما هو ‘غير الشرعي’ في معايير هذه المنظمة اذن؟
انها دعوة صريحة لاسرائيل لمواصلة الحصار وسياسات التجويع، بل وشن حروب اخرى اكثر دموية، واستخدام اسلحة اكثر فتكاً، تحت ذريعة هذا التفويض الاممي المفتوح للقتل والتدمير للأبرياء والعزل.
من المؤلم اننا، وحتى كتابة هذه السطور، لم نسمع او نقرأ ادانة عربية واحدة لهذا التقرير المنحاز المليء بالمغالطات القانونية والانسانية. كما اننا لم نقرأ او نسمع اي تصريح عن مسؤول عربي، كبير او صغير، خاصة في الدول والحكومات التي تتباكى على حقوق الانسان ليل نهار، يؤكد الدعم لتركيا في موقفها هذا، والاحتجاج على شرعنة حصار قطاع غزة. ‘ ‘ ‘ ان هذا الموقف التركي الشجاع يشكل سابقة على درجة كبيرة من الاهمية، يجب ان تحذو حذوها دول عربية واسلامية اخرى مثل مصر والاردن، اللتين تقيمان علاقات دبلوماسية كاملة مع اسرائيل، كرد على اي عدوان اسرائيلي على هذه الامة.
ونخص مصر بالذات لان القوات الاسرائيلية قتلت مؤخرا، وبشكل متعمد، مع سبق الاصرار والترصد، خمسة من جنودها في صحراء سيناء طاردتهم وقصفتهم بصواريخها قرب الحدود مع رفح، وهي تعرف انهم جنود مصريون، في انتهاك صريح لاتفاقات كامب ديفيد التي تحرم اي انتهاك اسرائيلي للسيادة الوطنية المصرية، ناهيك عن قتل جنود مصريين.
حكومة الثورة المصرية لا يجب ان تطلب اعتذاراً من نظيرتها الاسرائيلية فقط، وانما اغلاق السفارة الاسرائيلية في القاهرة، وتجميد اتفاقات كامب ديفيد طالما ان اسرائيل لا تلتزم بها، وتتعمد انتهاك بنودها، والاستجابة لمطالب الشعب المصري المشروعة في هذا الخصوص. هذا الغرور وهذه الغطرسة الاسرائيلية يجب ان يوضع لهما حد، وفي اسرع وقت ممكن، فزمن الخنوع للإهانات الاسرائيلية قد ولى بسقوط السمسار الاكبر ونظامه في مصر، وانطلاق ثورات العزة والكرامة العربية في اكثر من عاصمة عربية.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 3 سبتمبر2011)
<
د. عبد الله الأشعل خلال التحضير لعقد معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في 26 مارس/آذار 1979، وقبلها منذ زيارة السادات للقدس مروراً بكامب ديفد في سبتمبر/أيلول 1978، تبلورت ثلاث نقاط أساسية في الموقف الإسرائيلي انعكست بوضوح على نصوص معاهدة السلام.
النقطة الأولى: هي أن انسحاب إسرائيل من سيناء لابد من أن تقابله ضمانات بأن سيناء لن تستخدم بعد ذلك منصة لتهديدها كما حدث عام 1967، وهو افتراض يظهر أن إسرائيل زعمت عام 1967 أنها هاجمت مصر في ذات العام كإجراء من إجراءات الدفاع الشرعي عن النفس، بعد حشد القوات المصرية وإغلاق مضايق تيران وصنافير وسحب القوات الدولية والتحدث بخطاب الحرب ضد إسرائيل. ولذلك اعتبرت إسرائيل أن الاستيلاء على سيناء هو جائزة المنتصر ولم تعتبرها مطلقاً أراضي محتلة، فإسرائيل هي الضحية وهي التي تضع الضمانات لعدم تكرار العدوان!
النقطة الثانية: هي أن الضمانة الأولى هي نزع سلاح سيناء، لأن إسرائيل لا تطيق أن ترى مرة أخرى جيش مصر على بعد أمتار منها دون عائق، وكان بوسع الجيش لو توفرت النية أن يهاجم إسرائيل داخل حدودها مما يدفع اليهود إلى تفريغ فلسطين وزوال الدولة. وهكذا أفردت المعاهدة الملحق الأول للترتيبات الأمنية، وأهمها نزع سلاح سيناء وشل قدرة الجيش على الاقتراب من حدود تبعد عن قواته 150 كيلومتراً على الأقل، فتسليح سيناء هو عين الخطر والمحظور في العقيدة الأمنية لإسرائيل.
أما الضمانة الثانية فهي وجود نظام في مصر يعمل على إضعافها، ويضمن عدم مهاجمة إسرائيل له بالاستسلام لكل طلباتها، بل إن نظام مبارك فتح مصر على مصراعيها للموساد ليضمن أن مصر لن تقوم لها قائمة بعد نظامه الذي تأبد ووضعت له كل ضمانات البقاء، ولكن العبور عام 1973 -الذي أسقط خط بارليف- تبعته ثورة 25 يناير التي اقتلعت النظام من جذوره مما أفزع إسرائيل، فأصرت على ضرورة الحفاظ من جانب مصر على معاهدة السلام بهذه الترتيبات، وهي تعلم جيداً أن الضمانة الحقيقية لها ليست نزع سلاح سيناء أو التحكم في سلاح الجيش، بل ولاء مبارك « كنز إسرائيل الإستراتيجي »، على حد تعبير بن أليعازر.
أما الضمانة الثالثة فهي ضمان واشنطن لاستمرار سياسة مصر تجاه إسرائيل، وعبرت عن ذلك بالالتزام بالمعاهدة، وذلك في مذكرة التفاهم بين إسرائيل وواشنطن، وهناك فارق كبير بين استمرار السياسة واستمرار المعاهدة، ذلك أن تغير السياسة هو الأخطر من إنهاء المعاهدة، وتظل المعاهدة هي تعبير جزئي وقانوني عن إرادة الانحناء المصري لإسرائيل.
أما الضمانة الرابعة فهي المعونة الأميركية لمصر التي قدمتها واشنطن تشجيعاً لمصر على استمرار سياستها مع إسرائيل.
النقطة الثالثة: هي استدامة الارتباط المصري الإسرائيلي، وفصم عرى العروبة مع مصر، وهو ما عبرت عنه المعاهدة في المادة السادسة الفقرة الخامسة من أن المعاهدة تسمو على أي التزامات أخرى، وتقصد الالتزامات العربية ضد إسرائيل.
وقد أكدت واشنطن لمصر أن السلام بين مصر وإسرائيل سوف يكون مقدمة لسلام شامل دائم عادل في المنطقة بأسرها، وأنه لن يتحول إلى سلام ثنائي بين البلدين فقط، في نفس الوقت الذي اتبعت فيه واشنطن سياسة مزدوجة ظاهرها تشجيع العرب على اللحاق بمصر وباطنها حث العرب على الابتعاد عن مركب مصر الغارق، وبذلك تمكنت واشنطن من توريط مصر.
فكلما ابتعد عنها العرب أمعنت مصر السادات في علاقاتها مع إسرائيل، حتى إن السادات صور قطيعة العرب لمصر بأنه لا يهم 18 دولة قاطعته ما دام العالم كله يؤيده، وهو لا يعترف بأن هذا العدد القليل هو أسرته العربية كلها، وفقدانها لا يغنيه عنه كل العالم خاصة واشنطن. ثم تحولت مصر في عهد مبارك، بعد معركة مع العرب أسفرت عن هزيمة العرب وتسليمهم بخط مصر الخاضع لواشنطن وإسرائيل، فتمكنت إسرائيل بعد سقوط الحائط المصري الممانع من توظيف مصر للتخلل في كل الأقطار العربية، بعضها بشكل مباشر وبعضها الآخر بشكل غير مباشر، حتى عجز العرب عن تجفيف آثار التسلل الإسرائيلي، كلما بالغت إسرائيل في عدوانها على الفلسطينيين، حتى تمكنت إسرائيل من فصم طبقة الحماية العربية للحقوق الفلسطينية.
فانكشفت أعصاب القضية وصار الشقاق بين إخوة القضية أكبر خطر يحيق بها، بل تحول مضمون القضية الفلسطينية في ظل هذا الشقاق، وهو ما فاقم العجز العربي تجاهها.
هكذا ابتعد أمل السلام الشامل الدائم العادل منذ إبرام المعاهدة عام 1979، بينما بقيت مصر بعيدة عن مغامرات إسرائيل، بل تحولت مصر في السنوات الأخيرة من حكم مبارك إلى وسيط بين إسرائيل والفلسطينيين، ثم إلى داعم لإسرائيل والسلطة ضد حماس وغزة بحجج وذرائع مختلفة لا مجال لتفصيلها.
ومعنى ذلك أن إسرائيل تعاقدت مع مصر لهدف أكبر، وهو أن يكون هذا السلام جزءاً من سلام شامل، لكن تحولت العلاقة إلى تحالف ضد المصالح العربية بل والمصالح المصرية ذاتها.
وإذا كانت العقود الثلاثة الأخيرة لم تشهد صراعاً عسكرياً مع مصر فذلك لأن مصر تحالفت مع إسرائيل، كما أنها استكانت تماماً لما تريده وخضعت خضوعاً كاملا لأوامرها، مما أفقد مصر استقلالها، فصار السلام بين مصر وإسرائيل هو تسول مصر بالإذلال الإسرائيلي مقابل عدم احتكاك إسرائيل بها، لأن الحرب عادة هي صراع إرادات، فإذا غلبت إرادة وانسحبت إرادة أخرى، فلا تتوفر شروط نشوب الحرب. نقول ذلك رداً على من يطلق عليهم في مصر « أبناء مبارك » الذين يزعمون أن عصر مبارك كان عصر سلام ووئام، ولكنهم لم يدركوا أن فقدان الاستقلال والتغاضي عن المصالح الوطنية كلف الكثير مما سببه فساد نظام مبارك، فسقط مئات الآلاف بالأمراض والقهر والحوادث والانتحار، وهي أمور سجلتها دفاتر أحوال مصر في عهد مبارك.
حتى قيل إن ضحايا النظام الخاضع لإسرائيل هي أكثر من ألف مرة مما فقدت مصر في حروب العدوان الإسرائيلي ضدها، إذا استثنينا الآلاف من الأسرى المصريين الذين يفاخر اليهود بأنهم قتلوهم عمداً وسجلوا جرائمهم في فيلم « روح شاكيد »، ومع ذلك كان مبارك يخص بن أليعازر بحبه وقربه منه.
فما الذي يجب على مصر أن تغفله إزاء إسرائيل وقد ضربت بالمعاهدة عرض الحائط، ولا نزال نرى مصر مبارك وكأن الثورة لم تفعل شيئاً، وهذه مغالطة كبرى توشك أن تجعل الشعب في مواجهة إسرائيل والسلطة في مصر معاً.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 2 سبتمبر 2011)
<