السبت، 24 مارس 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2497 du 24.03.2007
 archives : www.tunisnews.net


لجنة أمهات المساجين السياسيين: صرخة الأمهات  في عـيد الأمّــهـــات الموقف: بيان حول جمع العدد 398 من الأكشاك منصف المرزوقي: بيان البيانات

أ. ف. ب.: تونس: المطالبة باطلاق سراح 14 تونسيا متهمين بالارهاب الحياة: تونس تتجه الى التشدد مع الأصوليين: احكام … على اعضاء في «التبليغ والدعوة» و «حزب التحرير» ا ف ب: المجموعة الاوروبية لصناعة الطائرات تنفي وجود نظام للحصول علي عمولات لدي التصدير يعتقد انه استخدم بصفقات مع ليبيا والامارات لطفي العمدوني: ذكرى استشهاد أخي عبد الوهاب بوصاع بقلم لطفي العمدوني أمّ زياد: كلام من الزّمن القديم عن أناس من غير هذا الزّمان  عمر الخيام : ممنوع من الزواج

مراقب:عجيب طالب علم ومعرفة الحقيقة:عاجل: ماذا يحصل في المدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس الصباح: قراءة نقديــة لكتــاب هشــام جعيّــط عن السيــرة النبويــة – هل جاء جعيّط بالجديد.. أم أعاد صياغة نصوص بعض المستشرقين؟ الصباح: اللغة الانقليزية.. في الطائرات التونسية سويس إنفو: الإعلام العربي في تحسن ولكن… صــابر التونسي: المعسكر السادس بقوانتنامو، جريمة منظمة ضد الإنسانية عبد الباقي خليفة.: المقاتلون العرب في البوسنة سابقا من القتال إلى الإقامة فحرب الترحيل  توفيق المديني: خلفيات التوتر بين طهران وموسكو …………. د.حسن حنفي:الإسلام والصراع على السلطة عبد الرحمن الحاج: الإسلاميون وخطاب الكواكبي السياسي والدولة الحديثة


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


شهادة عائلة الغالى حول وضعية إبنيها الهادى وياسر الغالى

عائلة الغالى تقاسم المعاناة مع إبنيها المعتقلين , ياسر والهادى الغالى , هذا الأخير الذى مرت عليه أكثر من 16 سنة فى السجن . شقيقتهما وبعض أفراد الأسرة الآخرين يعرضون لجانب من معناتهم وإبنيهما  وردت هذه الشهادة على قناة الحوار التونسى العـ45 دد والذى بث يوم الأحد 18 مارس 2007

قام بعملية القص والتسكين : صــابر رابط المشاهدة: http://www.dailymotion.com/Saber_ch/video/x1iiai_familleghalli-temoigne صــابر : سويســرا


صرخة الأمهات في عـيد الأمّــهـــات

نحن أمّهات أبناء تونس الأوفياء و حاملي همومها و المضحّين بحرّيتهم من أجلها و مجسّدي أسمى معاني الوطنيّة المدفونين أحياء في غياهب السّجون من أجل عقيدتهم التي اعتبرتها السّلطة إرهابا. نعبّر عن تضامننا الكامل مع أبنائنا في ابتلائهم و نرفع أكفّ التضرّع إلى الله سبحانه ليفكّ أسرهم   و أسر كلّ سجين سياسيّ من أجل رأيه أو عقيدته أو انتمائه السياسيّ بمناسبة عيد الأمّهات. عن لجنة أمهات المساجين السياسيين أم خالد


بلاغ اعلامي

جندوبة في 24/03/2007

مرت عشرة أيام على دخول السجين السياسي المسرح السيد حمادي العبيدي في إضراب  مفتوح عن الطعام وذلك احتجاجا على عدم رد الإدارة الأمنية على طلب تغيير عنوان المراقبة الإدارية  من جندوبة إلى تونس حيث تقيم عائلته و إجباره على الإقامة بجندوبة تحت المراقبة الإدارية محروما من العمل والعيش مع أمه وأخيه.علما وان صحته تدعو إلى الانشغال. 


بيان حول جمع العدد 398 من الأكشاك

فوجئت هيئة تحرير « الموقف » بتعمد رجال أمن بالزي المدني جمع نُسخ العدد 398 من الجريدة المؤرخ بيوم الجمعة 23 مارس 2007 من جميع الأكشاك بالعاصمة مُستعينين بمتعهد التوزيع في جريدة « لابراس » الحكومية المدعو مسعود الدعداع. كما تكررت هذه العملية اليوم في الولايات داخل البلاد مما يدل على وجود قرار حكومي بحجز العدد المذكور الذي تضمن على صفحته الأولى خبرا مُعززا بصورة عن اجتماع برلماني تونسي – اسرائيلي على هامش اجتماعات المجلس البرلماني الأورومتوسطي الأخير ومقالا للسيد حمادي الجبالي مدير صحيفة « الفجر » ودعوة ليوم احتجاجي على محاصرة حرية الإجتماع انعقد اليوم الجمعة في مقر الحزب الديمقراطي التقدمي.

وبناء على ذلك عقدت هيئة التحرير مساء اليوم اجتماعا طارئا للغرض تمخض عنه ما يلي:

   تعتبر الهيئة أن جمع النسخ من الأكشاك هو قرار مُقنع بمُصادرة العدد الجديد من جريدتنا مما يدل على ضيق صدر الحكومة بحرية الصحافة وعدم تحملها الإخبار عن وقائع حجبها الإعلام الرسمي (الحكومي والخاص).

   تستنكر الهيئة امتناع السلطة عن اتباع الإجراءات التي ضبطها القانون لحجز الصحف مما جعلها تتصرف خارج القانون غير مُحترمة للحقوق المضمونة للصحف وفي انتهاك صارخ لحرية التعبير التي كفلها دستور البلاد.

   تُؤكد أن اللجوء للحجز تجاه صحيفة قامت بنشر آراء لا تنسجم مع خياراتها يكشف زيف الخطاب الرسمي عن حرية الإعلام.

   تُنبه إلى أن استعمال طريقة الجمع من الأكشاك تكررت مع جريدتنا عدة مرات آخرها لدى إعادة نشرنا افتتاحية الزميل عبد الباري عطوان في « القدس العربي » على صفحات عدد « الموقف » المؤرخ بـ14 جويلية الماضي والذي تعرض فيه لكثرة مصادرة جريدته في تونس مُهددا بالتوقف عن إرسالها إلى بلادنا. ومن المُضحكات المُبكيات أن قرار حجز جريدتنا جاء تصديقا لشكوى الزميل عطوان.

   إن هيئة التحرير إذ تُدين بأقصى الشدة هذا الإعتداء الجديد على حرية الصحافة في بلادنا والذي يستهدف إرباك صوتنا الحرَ وتعجيزنا ماليا، تُعلن تجندها الكامل لمواجهته وهي تدرس أسلوب الرد عليه بالوسائل المُناسبة. كما تدعو كل القوى الحية صحفا وأحزابا وجمعيات وأفرادا إلى الوقوف في وجه الإنتهاكات المتكررة لحرية التعبير ومواجهة التصحَر الإعلامي الذي تسعى الحكومة لفرضه على مجتمعنا الحي وبلادنا الخصيبة كي يخلو لها المجال بلا رقابة شعبية ولا مُساءلة من الرأي العام ومن النُخب الوطنية.

تونس في 23 مارس ‏2007 عن الهيئة رئيس التحرير رشيد خشانة

 

هُنا نص المقال الصادر في الصفحة الأولى من العدد 398 من صحيفة « الموقف »

اجتماع برلماني تونسي – اسرائيلي

شارك نائب رئيسة « الكنيست » الصهيوني مجلي وهبة وثلاثة نواب اسرائيليين هم مناحيم ساسون ودافيد طال ويتسحاق غالانتي (ثلاثة من حزب « كاديما » المتطرف وواحد من « حزب المتقاعدين » الأكثر تطرفا) في اجتماعات الدورة الثالثة للمجلس البرلماني الأورومتوسطي التي جرت في ضاحية قمرت يومي الجمعة والسبت الماضيين. وعلمنا أن وفدا من أعضاء مجلس النواب بقيادة النائب الأول لرئيس المجلس عفيف شيبوب عقد جلسة عمل مع وفد « الكنيست ». وتُعتبر هذه الخطوة الإستفزازية تحديا لمشاعر التونسيين وضربا لالتزامات تونس تجاه القضية الفلسطينية وإمعانا في الإستخفاف بالقرارات العربية التي صادقت عليها الحكومة خلال القمم العربية بخصوص التعامل مع ملف التطبيع في الإطار العربي الشامل والتمسك بتسوية عادلة ودائمة للقضية الفلسطينية.

واستهجن الرأي العام استغلال الوفد الإسرائيلي المحفل البرلماني المتوسطي الذي عُقد في تونس لشن هجوم مضاد على مصر على خلفية الفيلم الوثائقي الذي كانت بثته القناة الإسرائيلية الأولى عن إقدام وحدة عسكرية إسرائيلية على قتل نحو 250 من الأسرى المصريين في حرب جوان 1967.

وكان الفيلم كشف أن الوحدة الإسرائيلية المقاتلة « روح شاكيد » التي قادها مجرم الحرب بنيامين بن اليعازر، الوزير الحالي في الحكومة الإسرائيلية، هي التي ارتكبت تلك المجزرة الشنيعة. وطالب وهبة في حديث للإذاعة الإسرائيلية من تونس باتخاذ موقف من الجهة التي تحاول « تزييف الحقائق »، حسب تعبيره، في إشارة إلى الأصوات المصرية التي تطالب بمحاكمة بن اليعازر باعتباره إرتكب مجازر حرب. وجاءت تلك الدعاية الصهيونية المضادة بعد يوم واحد من تكليف الرئيس حسني مبارك لوزير خارجيته محمد أبو الغيط بالنظر في ما تضمنه الفيلم عن قتل أسرى حرب مصريين، وذلك بعد الضجة التي شهدتها مصر إثر بث الفيلم.

وحمل الحزب الديمقراطي التقدمي بشدة على زيارة وفد « الكنيست » لبلادنا إذ تطرقت الهيئة التنفيذية للحزب في اجتماعها الدوري مساء الخميس 15 مارس الجاري لدعوة رئيس « الكنيست » الصهيوني إلى تونس على رأس وفد من أربعة أعضاء بدعوى المشاركة في الدورة الثالثة للمجلس البرلماني الأورومتوسطي. وأصدرت الهيئة بيانا لقي ترحيبا عاما وصدى واسعا في وسائل الإعلام العربية والأجنبية، وأجرت قناة « الجزيرة » حوارا حوله مع الأمينة العامة السيدة مية الجريبي. وذكَر بيان الهيئة التنفيذية بالدعوة التي وجهتها الحكومة التونسية للإرهابي شارون للمشاركة في القمة العالمية لمجتمع المعلومات في أكتوبر 2005 ، حيث ناب عنه وزير خارجيته سيلفان شالوم. وعبرت عن استنكار الحزب لهذه الزيارة التطبيعية الجديدة مؤكدة أن استضافة مؤتمرات دولية لا يمكن أن تُشكل ذريعة للمضي في مسار معاكس للمشاعر الشعبية ومناقض لالتزامات تونس تجاه القضية الفلسطينية.

وجدد الحزب رفضه لمحاولات الحكومة المُعلنة والخفية الرامية لإحياء اتفاق إقامة علاقات دبلوماسية مع الكيان الصهيوني سنة 1995 والذي أحرقته الدبابات والصواريخ الإسرائيلية في الإنتفاضة الثانية بعد أن سقط شعبيا. وعبر عن استغرابه من فتح أبواب البلاد للصهاينة الذين يغتصبون الأرض العربية ويرتكبون المجزرة تلو الأخرى في فلسطين في حين تصرَ الحكومة على رفض عودة اللاجئين السياسيين من أبناء تونس إلى بلدهم، بعد معاناة مريرة من قسوة المنافي وضيم الإبعاد القسري عن الوطن.

(المصدر:  قائمة مراسلة الحزب الديمقراطي التقدمي  بتاريخ 24 مارس 2007)


بيان البيانات

 منصف المرزوقي تلقيت في نفس اليوم بيانا من الرابطة ومن المجلس الوطني  عن المضايقات التي تتعرض لها بعض الشخصيات الوطنية كما قرأت خبرا عن تطور الأوضاع بخصوص آخر إضراب جوع. كل هذا نبهني لمسؤوليتي ككاتب بيانات سابق ومعاضد لكل إضراب جوع وبقية القضايا العادلة. بداهة لا بدّ من تنظيم محكم لعملنا الاحتجاجي لنكون في سياق الأفكار والقيم لليبرالية الغازية حول تحقيق  القدر الأقصى من  الفعالية في كل عمل بأقل التكاليف.

وحسب رأيي فإن الأمر يمرّ بداية بتنظيم قصة البيانات نظرا لكثرتها وما تتطلبه من وقت وجهد وأحيانا من خصام عقيم حول كلماتها  وحتى حول الفواصل ونقط الحروف في نصها. لذلك ارتأيت، خدمة للقضية الوطنية والمصلحة العامة ومساهمة مني في النضال ووضعا لخبرتي المتواضعة تحت تصرف الأجيال الشابة، أن أصمم  استمارة عامة وشاملة  يمكن استعمالها طيلة بقاء هذه  الدكتاتورية ولمدة تجددها في صلب حركة تغيير التغيير ولا عدم العدل بعد اليوم ..

هكذا لا يضيع رئيس أو رئيسة الجمعية وقته فيصرخ في الكاتبة يا بنت هاتي لي استمارة بيان المساجين السياسيين أو بيان الاحتجاج على توقيف الصحف فيمضيها ويبعثها للنشر مباشرة . أما إذا صرخت الكاتبة نفذت الاستمارات وعلى كل حال لا بدّ من تغيير الطبعة والتاريخ، فالأمر دليل على ضرورة مزيد من الأحكام في التعامل مع البيانات وخاصة عدم نشر تلك التي تحمل تواريخ الثمانيات لما يمكن أن يتركه الأمر من انطبع سيء بعدم جدية المعارضة السياسية والحقوقية. على كل ، ما أقترحه هو هذا البيان Passe –partout   وهو كما سترون شامل وكامل ووفاقي للغاية يمكن أن يجمع كل أبناء وبنات تونس على مختلف مشاربهم الفكرية والعقائدية في وحدة وطنية صماء  .

1-انطلاقا من إيمانها الراسخ بأهمية هذا البيان ودوره الكبير في تغيير أوضاع شعبنا نحو الأفضل.

فإن المنظمة تطالب من النظام  ، من السلطة ، من السلطة الاستبدادية ، من  النظام الدكتاتوري الفاشي ( وكل قدير وقدره )  بإطلاق سراح المساجين السياسيين واحترام حرية الصحافة و حق التنظم والانتخاب، والسماح بعودة المغتربين ، والكف عن مضايقة المواطن فلان، وإرجاع جواز سفر المواطن علان، وتمكين عماربالزور من حقه في الشغل، والتوقف  عن تخريب وسرقة سيارات مناضلي حقوق الإنسان وذلك احتراما لدستور البلاد   وطبقا للمواثيق العالمية التي صادقت عليها تونس الخ ، كما نطالب بالإصلاح المتأني الذي لا يمس ثوابت النظام من فساد وتعذيب وتزييف ونتعهد بعدم الاقتراب من الخطوط الحمر ونعلن عن استعدادنا الكامل لأي شكل من أشكال الصلح والمصالحة  فوالله يا سيادة الرئيس لا نريد إلا  دعم المجتمع المدني لقطع الطريق على الإرهاب وتنسم ريحة البلاد يا با ،فلّ وياسمين  يا با يا با ،  وأكل الدقلة والبقلاوة والمسفوف معكم في جلسة تسامحية  لطيفة ..

2- نذكّر كل من يهمه الأمر أننا سبق وتقدمنا بهذه المطالب ألف مليون مرة وأنكم « شيحتوا » ريقنا كل هذه السنين والعقود ، الله يشيح ريقكم ،  لذلك  نرجو من السلطات  المختصة عدم المزيد من تشييح الريق المذكور أعلاه و الانتباه لمسؤولياتها في احترام  حقنا غير القابل للتصرف في عدم تشييح الريق عبثا،  ناهيك عن ضرورة  احترام الدستور والمواثيق الدولية التي صادقت عليها تونس، عيب عليكم يا جماعة ألا تحترموا دستور البلاد  والمواثيق الدولية.

3- في حالة مواصلة افتعال الطرش  فإن المنظمة- التي يعرف الجميع وخاصة خصومها ومنافسيها أنها مكسب وطني – تعلن عزمها الراسخ على مواصلة النضال  وتحمّل السلطة وحدها مسؤولية حدة لهجة بيانها المقبل.

4- أما إذا أمعنت السلطة في عدم الاستجابة للمطالب المكررة فإن منظمتنا ستستميت في نشر البيانات إلى أن ينفذ مخزوننا من الاستمارات ، آنذاك لن نتورع عن إعادة طبع البيان ليكون لنا منه مخزون يكفينا للعشرين سنة المقبلة.

5 – وفي الأخير وبعد استنفاذ كل وسائل الإقناع بالوسائل الحضارية فإن منظمتنا ستلجأ مضطرة  لأبي  محمد زين العابدين بصفته أب الشعب الحنون،  تتودد إليه ونتذلل له وتتمسح بأعتابه الكريمة  ترجو منه بأرق العبارات أن  يرأف بأبنائه وبناته رأفته بمحمد زين العابدين أورثه الله عرش أسلافه الميامين ،  فلا يتركهم في السجون والمنافي ولا  يسرق أموالهم ولا يروعهم ببوليسه السياسي ولا يزيف انتخاباتهم ولا يبيع الاستقلال الذي ناضل من أجله آبائهم وأجدادهم، ولا يكذب عليهم بصفاقة، أو يبدي تجاههم، نخبا وسوقة، ما يبديه من احتقار وازدراء واستهزاء متواصل. 6- ولإثارة انتباه أبي محمد زين العابدين وتحسيسه بالقضايا الخطيرة التي يحجبها عنه أعوانه الشريرين وترقيق قلبه العطوف الحنون، قررنا الدخول في إضراب جوع  سندعو للاحتفال بانطلاقه وسائل الإعلام والمنظمات والأحزاب وسننشر غدا البلاغ الطبي رقم 1 ..

                                                                           

رئيس(ة) الجمعية أو الحزب ملاحظة : لكل الذين يريدون تذكيري أنني كتبت ما لا يحصى من البيانات أقول صدقتم في لومي  ومن ثمة توبتي واعتذاري . ربما يغفر لي التونسيون ما كتبت منها لأنني كتبت أيضا الكتب وناضلت على الأرض وطلقت كلمة أطالب من قاموسي . على كل حال هذا البيان الأخير  لإعلام كل محبري البيانات أنني  لن أكتب من اليوم واحدا منها  أقرأ لهم  بيانا ليس  وثيق الصلة بالدعوة والإعداد لكل أشكال لمقاومة المدنية السلمية وهدفها الأوحد  الإطاحة بالدكتاتور ووضع حد لنظام عصابات الحق العام التي لا يتوجه لها عاقل إلا بلوائح الاتهام وبالحكم الصادر في حقها .


تونس: المطالبة باطلاق سراح 14 تونسيا متهمين بالارهاب

GMT 21:00:00 2007 السبت 24 مارس أ. ف. ب.   تونس: استؤنفت السبت محاكمة 14 تونسيا بتهمة الانتماء الى منظمة ارهابية، في حين طالب محاموهم بعدم قبول التهمة واطلاق سراحهم وعرضهم على الطبيب مؤكدين انهم تعرضوا للتعذيب. ومثل المتهمون امام الغرفة الجنائية الرابعة للمحكمة الابتدائية فى العاصمة التونسية بتهمة التعامل مع الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية. وشدد احد محامي الدفاع انور القوصري على انه « لا وجود لادلة مادية على التهم الموجهة لموكليه ». واكد ان « ما ورد فى محاضر البحث من اعترافات انتزعت تحت التعذيب ».  وندد القوصري وبقية فريق الدفاع « باجراءات مخالفة للقانون » وطالبوا « بعدم سماع الدعوى واطلاق سراحهم على الفور ». وعقدت الجلسة الاولى في 17 شباط/فبراير الماضي.  وكان سبعة من المتهمين ال14 الذين تتراوح اعمارهم بين 20 و25 عاما استسلموا فى الجزائر حيث اعتقلوا وسلموا الى السلطات التونسية في نيسان/ابريل 2005. والسبعة الاخرون يشتبه بقيامهم بالتخطيط لرحلة مماثلة الى الجزائر لتلقي تدريب عسكرى تمهيدا للقتال الى جانب القوات المناهضة للقوات الاميركية في العراق.  من جهة ثانية طالب المحاميان سمير بن عمر وراضية نصراوي الناشطان فى مجال حقوق الانسان « بعرض موكليهم على الفحص الطبي بعد تعرض البعض منهم للتعذيب عند استنطاقهم في الجزائر وفي تونس ». وتواصلت الجلسة مساء السبت امام المحكمة التى يتراسها القاضي طارق براهم. وتاتي هذه المحاكمة بعد ادانة ثمانية تونسيين فى 24 كانون الثاني/يناير بالسجن من اربع الى تسع سنوات لمحاولتهم الذهاب الى الجزائر للتدرب فى معسكرات الجماعة السلفية. وقدر المحامي بن عمر بحوالي الف عدد التونسيين الموقوفين بتهم وجنح ينص عليها قانون مكافحة الارهاب المطبق منذ 2003.

(المصدر: موقع إيلاف بتاريخ 24 مارس 2007)


تونس تتجه الى التشدد مع الأصوليين: احكام … على اعضاء في «التبليغ والدعوة» و «حزب التحرير»

تونس – رشيد خشانة الحياة – 24/03/07// اظهرت السلطات التونسية مزيدا من التشدد اخيرا في الملاحقات الأمنية والقضائية للجماعات الأصولية في الأشهر الأخيرة. وأفيد أن محكمة الدرجة الأولى في العاصمة تونس قررت أخيرا سجن أربعة من المشتبه بانتمائهم الى جماعة «التبليغ والدعوة» لمدة سنة واثنين آخرين لمدة سنة ونصف السنة، بعدما دانتهم بعقد اجتماعات من دون الحصول على إذن من السلطات. وهذه المرة الاولى التي يتعرض فيها أعضاء الجماعة التي تعلن نبذها للسياسة وتعمل تحت أنظار أجهزة الأمن منذ سنوات، للملاحقة والسجن.

وطبقا لمحاضر التحقيق اعتقل العناصر الستة لدى خروجهم من مسجد ساحة معقل الزعيم في وسط العاصمة وعقدهم «اجتماعا في الطريق العام للتداول في قضايا من شأنها النيل من النظام والأمن العام ما استوجب تدخل رجال الشرطة لاعتقالهم». ونفى المتهمون أن يكونوا تداولوا في مواضيع سياسية، مؤكدين أن حديثهم اقتصر على مسائل دينية.

وكانت محكمة أخرى في العاصمة قضت في فترة سابقة بسجن ثمانية عناصر من «حزب التحرير الإسلامي» لمدة أربع سنوات وأربعة شهور، بعدما دانتها بالانتماء الى تنظيم محظور، فيما قررت إخلاء سبيل خمسة آخرين لعدم وجود أدلة كافية على علاقتهم بالتنظيم. وأفاد محامو المتهمين أن المحكمة وجهت اليهم تهمتي الانتماء الى منظمة محظورة وعقد اجتماعات من دون الحصول على ترخيص. وهذه أول محاكمة لعناصر الحزب منذ التسعينات. وعلم ان بين المعتقلين عناصر سبق أن صدرت بحقها أحكام بالسجن في المحاكمات الماضية. ولوحظ أن هذه المحاكمة أتت بعد محاكمة مماثلة لأربعة عشر عنصرا من «حزب التحرير الإسلامي» في المغرب في كانون الأول (ديسمبر) الماضي كانت قضت محكمة في الدار البيضاء بسجنهم فترات راوحت بين ثلاث وأربع سنوات، إضافة إلى غرامات مالية، بتهمة «المس بالأمن الداخلي» والسعي إلى «إقامة نظام خلافة إسلامية».

ويقول قياديون في حركة «النهضة» المحظورة من الذين أخلت السلطات سبيلهم في السنوات الأخيرة، إنهم تعرضوا لمساءلات أمنية بسبب نشاطهم وتصريحاتهم الإعلامية. وفي مقدم هؤلاء الناطق الرسمي باسم الحركة علي العريض، فيما أخضع قيادي آخر هو حمادي الجبالي مع زوجته وحيدة الطرابلسي للتحقيق القضائي في وقت سابق بتهمة إرشاء حارس السجن الذي كان يقيم فيه قبل إطلاقه العام الماضي من السجن حيث أمضى خمسة عشر عاما لإدانته بتهمة التآمر على أمن الدولة و «الانتماء لتنظيم إرهابي».

وعكست هذه التطورات اتجاها نحو التشدد في التعاطي مع الحركات والتيارات الأصولية على اختلاف ألوانها، بعدما كانت السلطات تُميز بين الحركات السياسية والتيارات الدعاوية. وأتى هذا التشدد في أعقاب الاشتباكات مطلع العام بين قوات الأمن وعناصر من جماعة سلفية مسلحة تردد أنها على علاقة مع «تنظيم القاعدة بالمغرب العربي» الجزائرية التي كانت تسمى «الجماعة السلفية للدعوة والقتال». وعلى رغم استكمال مُحققين قضائيين استنطاق المشتبه بهم في تلك الأحداث، الذين تجاوز عددهم ثلاثين عنصرا منذ أواخر الشهر الماضي، لم تتسن معرفة تاريخ إحالتهم على المحاكم. وأفادت مصادر قضائية أنهم نقلوا إلى السجن المركزي في ضاحية مُرناق غرب العاصمة منذ نهاية الاستنطاقات. وما زالت المصادر الرسمية تلازم التكتم على هوية التنظيم الذي ينتمون إليه وارتباطاته الإقليمية والدولية والأهداف التي كانوا يخططون لضربها.

وفي هذا السياق لاحظ مراقبون أن الاحتفالات بالذكرى الحادية والخمسين لاستقلال تونس الثلثاء والأربعاء الماضيين لم تتزامن مع الإفراج عن سجناء إسلاميين، مع أن العادة جرت أن يُطلق عشرات السجناء في الأعياد الوطنية إما بموجب عفو رئاسي أو اعتمادا على آليات السراح المشروط التي تختزل المحكومية بعد التشاور بين وزارتي العدل والداخلية. وكان قياديون في حركة «النهضة» غادروا السجن قبل فترات قليلة من إنهاء محكومياتهم بموجب إجراءات عفو رئاسية.

(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) بتاريخ 24 مارس 2007)


 

المجموعة الاوروبية لصناعة الطائرات تنفي وجود نظام للحصول علي عمولات لدي التصدير يعتقد انه استخدم بصفقات مع ليبيا والامارات

باريس ـ ا ف ب: نفت المجموعة الاوروبية لصناعة الطائرات ايه اي دي اس والشرطة الفرنسية امس الخميس وجود داخل المجموعة نظام غير مشروع للحصول علي عمولة مع مفعول رجعي لدي التصدير حسب ما ذكرت مجلة (ليكسبريس) الفرنسية امس. وقالت المجلة ان هذا النظام قد يكون استخدم لدي بيع طائرات الي شركة طيران الامارات وليبيا. وقالت المجموعة في بيان ان الاتهامات التي نشرتها المجلة الفرنسية قد تلحق ضررا كبيرا بسمعتها وانها تحتفظ بحقها في اتخاذ اي تدابير قد تراها مناسبة . من جانبها نفت القيادة العامة للشرطة الفرنسية في بيان نفيا قاطعا المعلومات التي نشرتها مجلة (ليكسبريس) وفي موازاة ذلك نفت الرئاسة الفرنسية بشكل قاطع معلومات نشرت علي موقع مجلة (كابيتال) الاقتصادية الالكتروني وتحدثت عن استدعاء رئيس مجلس ادارة المجموعة الاوروبية لصناعة الطائرات الفرنسي لوي غالوا الي قصر الاليزيه في اطار هذه القضية. ومن جانبها وصفت مجموعة لاغاردير الفرنسية، التي قررت خفض مساهمتها في رأس مال ايه اي دي اس من 15 الي 7.5%! ، هذه الانباء بانها محاولة لزعزعة استقرارها .. وبحسب مجلة (ليكسبريس) فان اجهزة الاستخبارات الفرنسية ابلغت قبل اشهر قصر الاليزيه بوجود داخل المجموعة نظام للحصول علي عمولة مع مفعول رجعي يطبق علي نطاق واسع وضعه احد كبار المسؤولين فيها .. واضافت المجلة انه تم تحويل مبالغ كبيرة عبر حساب مصرفي تونسي لدي بيع 40 طائرة من طراز ايه380 لشركة طيران الامارات و32 طائرة ايرباص لليبيا مشيرة الي مبلغ قدره 90 مليون دولار. وكانت طيران الامارات ابرمت عقدا مع ايرباص لشراء 43 من طائرات ايه380.

(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 مارس 2007)  


 

في ذكرى استشهاد أخي عبد الوهاب بوصاع بقلم لطفي العمدوني

بسم الله الرحمن الرحيم

يواصل الحوار نت إحياء ذكرى من استشهدوا في تونس على طريق النضال من أجل الحق والحرية. وقد نشرنا ملفات لعدد من الشهداء. وندعو بهذه المناسبة كل إخوان الشهداء والمحبين لهم وكل أصحاب الضمائر الحية ان يساهموا معنا بما استطاعوا من معلومات دقيقة وصور او تقارير عن حياة وسيرة من يعرفون من الشهداء بأن يرسلوها لنا على بريد موقع الحوار نت:

info@alhiwar.net وبارك الله فيكم جميعا.

إدارة الحوار نت

—————————————- في ذكرى استشهاد أخي عبد الوهاب بوصاع…

بقلم لطفي العمدوني- تونس

عبد الوهاب بوصاع صديق قديم منذ أيام طفولتي الأولى درسنا معا في المدرسة الابتدائية …و كنا أصحابا ندرس بقسم واحد و نلعب معا وهو بذلك جزء من مرحلة حلوة بحياتي …كان متفوقا علي في دراسته ذكيا نظيفا مهذبا …و كنا مشاكسين مشوشين على عكسه تماما …. »الشريعة و أصول الدين « و في أيام شبابنا الأولى جمعتنا قضية الإسلام العظيمة و عملنا معا …و كنت أحبه كثيرا …جمعتنا ذكريات رائعة و أعمال مشرفة يرضى عنها الرحمن و يباركها …كنت أبيت في بيته و نسهر حتى الفجر بين الجد و الهزل …و كانت والدتي تحبه لأنه خجول جدا ..و كنت أُحيك له المؤامرات معها فيكفي أن أقول لها عبد الوهاب يحب أن تخطبي له حتى يصبح وجهه أحمر كطماطم الصيف و يتلعثم…و استغل الوضع لمزيد المشاكسة و أمي تقول  » عبد الوهاب الوليدي غير يقلي و أنا نخطبلو  » فيغرق في الخجل متخفيا بايتسامة حلوة .لقد استشهد عبد الوهاب ..و خسرت شقيقا و دودا لكن له في نفسي محبة لا توصف ..مات حبيب قلبي في السجن إحدى عشر سنة مسلوب الحرية لأجل أن لا يعبد إلا الله وحده..و لأجل أن يرتفع صوت الأحرار بلا خوف و لا وجل ..مات عبد الوهاب بل قتلوه و تركوه يموت ببطء في إحدى الزوايا من غرفة معفنةضيقة ببرج الرومي …غرف أعرف جيدا كل شبر فيها و عشت فيها ألوانا من القهر و العذاب ..مات عبد الوهاب .. بل قتلوه لأنهم عجزوا عن إخضاعه و كسر نفسه الأبية .. لقد عاش كل السنوات الماضية بنفس الشموخ أمام كل محاولات الإذلال و التركيع .. لم تثن عزمه ثقل التصفية .. كل سجون تونس تعرف قصته .. طاف البلاد شمالا جنوبا … الكاف ..رجيم معتوق .. تونس .. قابس .. سيدي بوزيد .. القصرين .. صفاقس .. المهدية … الناظور برج الرومي .. القيروان .. لا يستقبله سجن إلا ليرميه لآخر عسى أن يصير من اللذين يقبلون الظلم و يصير تابعا ذليلا و شيطانا أخرص ..

كان أخي رجلا في غرف الخرفان .. كان عملاقا في زمن الأقزام … لذلك لم يخف من العقوبات و لا السجن المضيق و لا النقل و فرض على سجانيه أن يحترموا كرامته .. لكن معركة الكرامة متجددة لاتنتهي .. و كل سجن جديد لا بد فيه من معارك جديدة اللهم إلا إن كان لك سجل فيه فيقولون : فلان .. لا .. لا .. دعونا منه … رأسه صحيح .. نحن نعرفه .. و لا داعي للمحاولة …

عاش أخي الحبيب معاركه مثلما عاشها الرجال .. و هم للأسف قلة .. و ليس السجان إلا  » رجلا  » يملك في يده عصا .. و مفتاحا .. و جسدا يعذبه.. إلا ما رحم ربّي منهم …

حينما تقول 11 سنة من المعارك فليس السلاح إلا الجسد .. نحن نقاوم بأجسادنا و إصرارنا بصحتنا و أعصابنا .. لقد تغيرت الظروف و قلّ عدد الموتى و أصحاب العاهات .. و لكن لن يكون عبد الوهاب بوصاع الأول و لا الأخير …و تستمر قوافل الشهداء في رحلتها نحو الله من جنين … إلى و نابلس .. و رام الله .. و من تونس و الموعد الجنة و الله يصطفي من يشاء و يختار سبحانه هو الواحد القهار …

لقد استشهد أعز أحبابي .. خسرته أنا .. و خسره كل من أحبه … و خسرته الدعوة المصابرة .. خسرته أمه المترملة منذ مدة قصيرة .. و لكن ارتاح من المكابدة و الجهد و الشقاء .. لينعم بصحبة الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولائك رفيقا..لقد بكيت بمرارة حين سمعت الخبر أسرعت إلى فراشي .و بعد أن أسدلت الستار قرنت دموعي بدعاء … بكيت لأخي و دعوت على قتلته و في قلبي يقين أن الله مجيب دعائي و منتقم و كفى بالله حسيبا و كفى بالله وكيلا …

لم أبك أحدا من الناس بعد والدتي بتلك الحرارة حتى ضننت نفسي قاسي القلب و قد قال الرسول عليه الصلاة و السلام أربع من الشقاء : جمود العين و قساوة القلب و طول الأمل و الحرص على الدنيا « .. أبكي و وجهه المشرق بالبسمة و الطموحات الكبيرة يمثل أمام عيني .. و أمه المسكينة أمامي فأحس بالحرقة و الألم .. آخر مرة جمع الله بيننا كانت في سجن القصرين .. جاؤوا به من سجن سيدي بوزيد .. حاول الانتقال إلى نفس الجناح الذي أسكنه أنا لعل الله ينعم علينا باللقاء فتهفت نار الأشواق .. و بإصراره نجح في فرض نقلته رغم امتناع الادارة .. و لكن لم يتيسر اللقاء …فأرسل إليّ عبر أحد المساجين رسالة أثرت فيّ بشكل لا يوصف .. لقد أثنى عليّ و امتدحني بأشياء رأيت أنها مبالغة محب ّلقي حبيبه بعد يأس .. حدثني عن تجربته في العمل معي في الحركة الاسلامية و رأيه في هذه المواجهة و في المستقبل … قال كلاما كثيرا … حدثني عن طموحاته .. و رغبته في الحصول على الدكتوراه مهما كان الثمن و مهما طال الزمن . سألني عن آخر التطورات حدثني عن أخويه الوحيدين و كلاهما أصغر منه .. البنت تدرس في أمريكا و متحصلة على الدكتراه في التصرف .. و أخوه في كندا متحصل على الإجازة في العلوم الاقتصادية … يريد أن يثبت للجميع أنه سيواصل نجاحاته رغم السجن و السنوات الطويلة و سياسة التجهيل التي يحرمنا منها السجن من أي كتاب أو كراس … و قال لي كلمة لن أنساها إعتززت بها كثيرا :  » أخي لطفي أنت لست أخي .. أو صديقي.. أنت رفيقي .. طبعا قد تستغرب كلمة رفيق لأن الماركسيين يقولونها لبعضهم ..أنت رفيقي بالمعنى القرءاني الذي قصده ربنا عز و جلّ حينما قال : « و من يطع الله و الرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا  » ..ثم ّ يسّر الله تعالى بعد تلك الرسالة المؤثرة أن ألاقيه خلسة …فتعانقنا عناقا خاشعا ووجهه المهلّ بالبسمه و الفرح يكاد يضيء.. و تحدثنا عن أشياء كثيرة بلذة و متعة شديدة ..ثم افترقنا و منذ ذلك اليوم أي منذ 97 لم أره..

السجن كسوق العبيد … إذا بيع العبد فلا يدري متى يلقى صاحبه .. و لا إلى أي بلد يمضي.. أحبابي في السجن لا يحصى عددهم إلا الله .. و لكن لا نرى بعضنا إلا نادرا ..و لا يكون ذلك إلا بالنقل من سجن لآخر بل و أحيانا يكون أصحابك من نفس السجن و لا تلتقي بواحد منهم إلا بشق الأنفس .. لا نرى بعضنا إلا حين ييسر الله …لقد استشهد أخي و رفيقي عبد الوهاب بوصاع .. قتلوه ببطء .. و على مهل … رجل ابى أن يلين فعصروه و كسروه .. و لن تذهب دماء الشهداء سدى وهي التي تصنع الفجر و تبعث جيل الأحرار … و لوعة نفسي ستبرد لأني و إن فارقته أنا و أمه و صحبه و أهله فسيفرح به الله عزّ و جلّ و تتلقفه أحضان رسول الله صلى الله عليه و سلم و سائر الرسل و الشهداء و الصدقين و الشهداء من الصحابة و العلماء و الصالحين …سيكون مع الذين أنعم الله عليهم من الذين أنعم الله عليهم من النبيين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا .

رحم الله أخي رحمة واسعةو ألحقنا به على المحجة البيضاء هادين مهتدين لا ضالين و لا مضلين و جمعنا به في جنة النعيم على سرر متقابلين خالدين مخلدين مادام وجه الله . (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 24 مارس 2007)  


كلام من الزّمن القديم عن أناس من غير هذا الزّمان*  

(*) ملاحظة: لقد عرض هذا المقال على إدارة جريدة « مواطنون » و لم يُـنـشـر!

 

بقلم أمّ زياد** كان يا ما كان، ذات استبداد في بلاد عليها « أمير عُرُدٌّ »(1) يسمل ويسحل ويجدع ويصلم يجزّ لحى القوم، ويفترشها، ويخطب فيهم:  » ما يولد منكم اليوم، غدا نأكل جهده ونمتصّ دمه، وما حرثتم اليوم، إلى أفواهنا من السّاعة سنابله. نساؤكم لنا، إماء، وأرواحكم مرعى، أيّها الضّعفاء »(2) . ثمّ يُلْقِي إليهم « بعِظَامٍ مُقَشَّرَاتٍ هزال، فيجثون على الرّكب، ويُصَلُّونَ ويقولون: طاعة وحَمْدًا يا أُولِي الأمر فينا »(3) حتّى: كأنّ ربّك لم يخلق لخشيته *** سواهم مِنْ جميع النّاس إنسانا(4) وبما أنّ ربّك جعل النّاس « شعوبا وقبائل »، ولم يجعلهم متشابهين متطابقين، فقد شذّ عن القوم المذكورين قَبِيلٌ بَقُوا على « توحّش أهل البدو، فهم دائما يحملون السّلاح ويتلفّّتون على كلّ جانب في الطّريق ويتجافون عن الهجوع إلاّ غرارا »(5). كان في هذا القبيل الحطيئة الذي إذا سُئِلَ: « مَنْ أَشْعَرُ النّاس؟ » « قال: هذا وأخرج لسانا دقيقا كأنّه لسان الحيّة »(6) … وامرؤ القيس، الملك الضّليل، الذي كان يجعل « اللّيل للكاس والنّهار [لبنات] النّاس »(7) ، ويردّد دوما « اليوم خمر وغدا أمر ». ولمّا قُتِلَ أبوه وجاءه الأمر، لم يترك الكاس ولا بنات النّاس. ونهض مع ذلك بأعباء أمره وخرج لطلب ثأره. وفيهم الأهوج الأَرْعََنُ الأشعر الأفخر، صاحب الغيرة والحميّة وقائد القَنْبَلَةِ (8) الجارفة، ضارب أعناق الملوك، يقول ما يَفْعَلُ، ويفعل ما يقول، على خلاف بني جنسه. فإذا قال: ألا لا يجهلنْ أحد علينا *** فنجهل فوق جهل الجاهلينا جاءت من أفعاله آيات تدلّ على أنّه يعني ما يقول… ويفعله(9) . وفيهم « الرّجل الضّرب » (10) الذي هجرته الأقارب، ووصلته الأباعد، وأفردته العشيرة إفراد البعير المُعَبَّدِ، في الظّاهر بسبب إصراره على « تِشْرَابِ الخُمُورِ »، وفي الحقيقة لجُرْأَتِهِ على الملوك الذين « يخلط ملكهم نوك كثير »(11). وفيهم الأسود العبسيّ (12) الذي نال عِتْقَهُ بحدّ سيفه، ودونما مِنَّةٍ من أحد. وهو سَمْحُ المُخَالَقَةِ إذا لم يُظْلَمِ، أمّا إذا ظُلِمَ فإنّ ظُلْمَهُ « باسلٌ مرّ مَذَاقَتُهُ كطعم العَلْقَمِ » وقد حاول أن يفتح في البلاد التي كثر فيها الظّلمُ دكّانا لبيع العلقمِ للمظلومِينَ، فبَارَتْ سِلْعَتُهُ، واضطرّ إلى إعلان إِفْلاَسِهِ. وفيهم الزَّبَّاء (13) حلقت شعرها وأرسلت لحيتها وجعلت تجوب الأحياء وهي تنبّ نبيب التّيوس، وتقول: « استنوق الجمل ». ثمّ تأكل لحم ثدييها وهي تصيح: « آكل لحمي ولا أدعه لآكل » (14). وقد التحق بهذا القبيل خليط، كسُوَيْقاء المَرَقِ، يتكوّن من زنوج السّباخ، والفَعَلَةِ، والمُكَارِين، وعَدَّائِيّ العرب، وأَغْرِبَتِهَا، وشيعة قُرْمُط، والصّعاليك، وكلِّ الكافرين بشرعة النَّمْرُودِ (15). وقد قطع هؤلاء المارقون المَرَوْرَى والشَّنَاخِيبَ حتّى نَأَْوا عن العُمْرَان، واتّخذوا لهم مستقرّا بـ »الجبل الأسود » (16)، وولّوا عليهم رجلا منهم يقال له « التّاووف » كان ابْتَنَى له صَرْحًا هامانيّا يُطَاوِلُ صرح النّمرود، وجعل يَعْتَلِي صرحه ذاك كلّ صبوح وغبوق، وينشد: وكلّ ما خلق الله *** ومـا لـم يخـلـق محتقر في همّتي *** كشعرة في مفرقي(17) وله في تفسير المَفْرِقِ مذهب غريبٌ يمتّ إلى الشّيخ النّفزاوي، دون سائر شُرَّاحِ « الدّيوان » من ابن « جنّيّ » إلى آخر من يسهرون جرّاها ويختصمون. كان عروة الصّعاليك هذا يجمع أتباعه كلّ يوم عند قاعدة الصّرح فيتلو عليهم آيات شيطانيّة من « قرآن إبليس » (18)، ثمّ يشرع في تعليمهم، فيقول لهم إنّ تحت سراويل السّلطان عَوْرَةً مثل جميع الخلق، وإنّه، أي السّلطان، يأكل ويغوط وينزو مثلهم، ومن ثمّ فلا حاجة إلى توقيره أكثر من اللّزوم. وكان لهذا « التّاووف » (19) أخ أصغر من أنجب تلاميذه، يقال له « تأبّط شرّا »، وكان في أكثر الأحيان يتأبّط « قَوْسًا للكرامة » يناوش بها السّلطان. ولكن لأمر ما، لا يعلمه إلاّ علاّم الغيوب، عنّ لأمّ « تأبّط شرّا » أن تتمنّى عليه أن يرحل إلى الزّمن القادم، وأن يترافع في محاكمه متأبّطا مجلّة قانونيّة. وبما أنّ القوم كانوا يخضعون إلى شِرْعَةِ « علي شورّب » حيث تتمتّع الأمّ بحقّ « الفيتو » فإنّه لم يعترض أحد على طلب أمّ البنين الغريب. وهكذا اجتمع مجلس القبيلة وقرّر بالإجماع أن يذهب « تأبّط شرّا » لطلب العلم ولو في الصّين، أو على ضفاف نهر « السّين ». وذاك ما كان. وقيّد اسم جلال الزّغلاميّ في سجلّ المحامين. وفي الأثناء هبّت على « الجبل الأسود » ريح صفراء ظلّت تعصف ثلاثا « فتصفّق على الأرض كصليل الحديد أو الشّتم والصّفعة » (20). وقد قَضَى فيها خَلْقٌ كثير. وأصاب  » التّاووف » منها حمّى غريبةٌ « كأنّ بها حياءا فليست تزور إلاّ في الظّلام » لازمته حولين كاملين، انفضّ فيهما أنصاره من حوله، إلاّ القليل الذين انقضى نحب عزمهم جرّاء علّة عروتهم. فصاروا « عميانا كساعد المقطوعة يده » (21). وقد استغلّ الأمير تلك الظّروف، فانقضّ على قبيل خصمه « التّاووف »، وأعمل فيهم السّيفَ، وعطّل أمرهم بمن فيهم « تأبّط شرّا » الذي رفع عليه الأمير قضيّة عدليّة لفسخ اسمه من سجلّ المحامين. ولكن ربّك شاء، ولا رادّ لمشيئته، أن ينفخ في سرّة « التّاووف »، فإذا به ينتفض ذات صباح، وينتصب كمَارِدٍ من نار وهو ينشد: كم قد قتلت وكم قد متّ عندكم *** ثُمّ انتفضت فزال القبر والكفن قد كان شاهد دفني قبل قولهم *** جماعة ثمّ ماتوا قبل من دفنوا(22) والمجنون يعني بالجماعة السّلطانَ وأعوانَهُ، وهو يقسم بجميع شياطينه أن يثأر من خصمه، وأن يستردّ منه جميع أسلابه، ومنها على وجه التّحديد حقّ « تأبّط شرّّا » في ممارسة المحاماة. وقد ضرب المجنون، بَعْدُ، مع السّلطان موعدا للمنازلة في بلاد توجد وراء الشّمس يقال لها « كنشاسا » (23). تقول أَمَةُ الله الفقيرة إلى ربّها أمّ زياد: سيّدي القاضي، أصلحك الله، وأصلح بك ومعك وعلى يديك: هذه معركة آتية من سحيق العصور بين أبرهة و »خلائق » وقعت في قلوبهم زغلمة (24) لأصحاب الفيل وكبيرهم، وهم -عافاك الله- دهاة عتاة مجانين، لا يتنازلون عن حقوقهم بسهولة ولا حتّى بصعوبة، ولن تجدي معهم أيّة حجّة أو سلطة، ولا يعترفون لا بالشّرعيّة الدّوليّة ولا بعلويّة القانون، ولا بأيّة كِذبة من أكاذيب مُسَيْلِمَات هذا الزّمن. وقد زُجَّ بي في هذه المعركة كما زُجَّ بك، فعُيِّنْتُ -رغم أنّي من ناقصات العقل والدّين- ضمن مجلس الحكماء المنوط به التّدخّل بالحسنى لحلّ هذه المعضلة. وليس لي، والله، يا سيّدي القاضي ما أقوله لك سوى تذكيرك-حاشاك من النّسيان- بأنّ مهامّ خطّتك الجليلة هي القضاء العادل بين سكّان « المؤنسة »، وليس حرمان جلال الزّغلاميّ من ممارسة حقّه في بيع الكلام للأرملة واليتيم. وقد عَلِمْتُ أنّ عدالتك أنصفَتْ مؤخّرا، في قضيّة مشابهة، واحدة من أصحاب « السَّمَاجَاتِ(25) » مهفهفة بيضاء غير مفاضة *** ترائبها مصقولة كالسّجنجل(26) سيّدي الرّئيس حيث إنّ… و حيث إنّ… و حيث إنّ… ولهذه الأسباب ألتمس من الجناب أن يَفْصُدَ عِرْقَ الشّرّ برفض الدّعوى المقدّمة إليه في حقّ جلال الزّغلامي لأنّها في حقيقة الأمر والواقع قضيّة تتعلّق بـ »تأبّط شرّا » الخارج عن سلطة محكمتكم، ولأنّها تمثّل سابقة خطيرة- ونحن لا تنقصنا السّوابق- ولا بنا حاجة إلى بابل جديدة. وبذلك يُنْصِفُ الجناب موكّلنا ويكفينا جميعا شرّ فتنة لا داعي لها، ولا سبب ولا غنيمة فيها لأحد. وإذا كان لا بدّ من معاقبة جلال، فَلْتَكُنْ معاقبته بتثبيته في « حرفة الشّؤم » هذه وابتلائه بمرارة جدبها وكسادها، وما يثار حولها من غبار مشاكل لا حصر لها. مع فائق احترامي وصادق دعائي للسّيّدة عدالة « بِالْخْلاَصْ وِخْلِيقَةْ النَّاسْ » (27). _________________________ **عضو لجنة مساندة الأستاذ جلال الزّغلامي 1- محمود المسعدي من كتابه حدّث أبو هريرة قال… 2- محمود المسعدي من كتابه حدّث أبو هريرة قال… 3- محمود المسعدي من كتابه حدّث أبو هريرة قال… 4- قريط بن أبي أنيف، شاعر إسلاميّ مذكور في ديوان الحماسة لأبي تمّام. 5- ابن خلدون، المقدّمة، فصل في أنّ أهل البدو أقرب إلى الشّجاعة من الحضر. 6- ابن قتيبة، الشّعر والشّعراء. 7- الهمذاني، المقامة الخمريّة، بشيء من التّصرّف. 8- القَنْبَلَةُ بفتح القاف هي الجمع من الخيل والرّجال، وليست قُنْبُلَة أنصاف الرّجال التي تقتل في هذا الزّمان الرّضّع في مهادهم. 9- تقول كتب أخبار الشّعراء إنّ ملك الحيرة عمرو بن هند أراد أن يجهل على عمرو بن كلثوم فأوعز إلى والدته بأن تستضيف والدة الشّاعر، وتطلب منها أن تخدمها على الطّعام قصد إهانتها. ففهمت والدة الشّاعر القصد من الطّلب، وصاحت: »وا ذلاّه، يالتغلب ! » فسمعها ابنها فقام إلى سيف كان معلّقا في رواق الملك فضرب به رأسه، فأراه قتيلا… والقصّة مشهورة. 10- الشّاعر الجاهليّ طرفة بن العبد. 11- قال طرفة يهجو عمرا بن هند ملك الحيرة وأخاه قابوسا وليّ عهده: فليت لنا مكان الملك عمرو رغوثا حول قبّتنا تخور لعمرك إنّ قابوس بن هند ليخلط ملكه نوك كثير والنّوك هو الحمق. 12- عنترة بن شدّاد. 13- الزّبّاء أو زنوبيا، ملكة تدمر، وسّعت حدود دولتها حتّى آسيا الصّغرى ثمّ أسرها « أورليانوس » فسارت مقيّدة بسلاسل ذهبيّة في موكب الإمبراطور الرّومانيّ في روما. 14- مثل قاله العيّار بن عبد الله الضّبّي في مجلس النّعمان بن المنذر. 15- جاء في تاريخ الطّبري أنّه نمرود بن كوش بن كنعان بن حام بن نوح، وأنّه أوّل جبّار في الأرض، ملك مشرق الأرض ومغربها، وابتنى في مدينته صرحا يريد أن يطاول به إله إبراهيم، فأخذ الله بنيانه من القواعد وأسقطه، فتبلبلت من هول ذلك حتّى صارت ثلاثة وسبعين لسانا بعد أن كانت لسانا واحدا وهو السّريانيّة، ولذلك سمّيت « بابل » 16- أصل تسمية جبل الجريصة. 17- البيتان للمتنبّي. 18- قرآن إبليس هو تعريف الشّعر في رسالة الغفران للمعرّي وقد ورد على لسان زفر أحد شخوص الرّحلة الأخروية. 19- هذه لا يفهمها إلاّ « التّاووف » نفسه أو بعض خاصّته. 20- المسعدي، السّدّ، المنظر الثّامن. 21- المسعدي، حدّث أبو هريرة قال… 22- المتنبّي. 23- مقال توفيق بن بريك بالفرنسيّة بعنوان: موعد في « كنشاسا » 24- تقول الكاتبة: جاء في لسان العرب لابن منظور: وقع له في قلبي زُغْلمة كقولك حسكة وضغينة، ولا أعلم شيئا عن علاقة هذه الكلمة بآل الزّغلامي. 25- هم ضرب من المكدّين كانوا يجوبون الأسواق قديما ويعرضون مشاهد مسلّية شبيهة بما يعرف عندنا اليوم بالمسرح أو السّينما. 26- معلّقة امرئ القيس. 27- هو دعاء للمرأة الحامل حتّى تتيسّر ولادتها ويكون وليدها سالما من العيوب الخلقيّة.

 (المصدر: العدد 51 من مجلة كلمة الإلكترونية  مارس 2007)

http://www.kalimatunisie.com/article.php?id=504


ممنوع من الزواج

قبل سنوات أتحفتنا  التلفزة  التونسية بفوازير شريهان. و في المقدمة الموسيقية كان هناك حوار طريف  بين أب و ابنته حيث يقول الأب غاضبا : » الجوازة دي مش لازم تتم » ، فتصرخ البنت باكية،: » دا أنا باحبو يا بابا ». و منذ أيام  قليلة جادت علينا التلفزة الوطنية بفوازير تونسية  قحة بزت قريناتها المصرية.  و اللقطة التي أضحكت المتفرجين  حتى الدموع هي تلك التي بطلها نجم من نجوم الشاشة يلقب بالحاج زعبع، إذ يصرخ هذا الأخير في وجه العريس نـضـال مـعـطـر : « الجوازة دي مش لازم تتم ».   وينتهي  المشهد بأغنية للشيخ إمام أدخل عليها الحاج زعبع ـ بطل التحويرات و التنقيحات ـ تحويرا طفيفا يتماشى مع روح الفوازير التونسية : ممنوع من السفر ممنوع من الغناء ممنوع من الكلام ممنوع  من  الاشتياق ممنوع  من  الاستياء ممنوع  من  الابتسام  » ممنوع  من  الزواج  »  » و كل يوم في تونس تزيد الممنوعات  »  » و كل يوم نقهركم أكثر من اللي فات « 

ع خ 

 (المصدر: مدونة عمر الخيام  بتاريخ 23 مارس 2006)


عجيب

عجيب أمر سمير بوعزيز وأمثاله ممن اعتبر أن فرض صفين في مدخل مطعم المركب الجامعي واحد للذكور وآخر للإناث تهديدا كبيرا لجملة المكتسبات التي تحققت للمرأة على درب الحداثة وإنه فعلا موقف مضحك مبكي وكأن جملة مكاسبها تتجسم في وصولها إلى وقوف الشابة صفا واحدا مع الشاب، وقد نسج مقالا كاملا في صحيفة مواطنون يكيل التهم والتجريح للاسلاميين الصغار (جيل الطلبة والتلاميذ) كما سماهم يسارينا الكبير، فهل مكاسب الحداثة للمرأة تتجسم في اصطفافها مع الرجل تتزاحم معه وهو يعلم قبل غيره ما تتعرض له من خدش لحيائها وكرامتها ومن كلام قد لا يليق بمسامعها، وإن كان يدعي أنه لا يعلم فليسأل، وهو يعلم مدى الفعل السلبي الذي تركته تحويرات البرامج التربوية التي فرضها يساريه الأكبر محمد الشرفي في الذوق والسلوك العام والأخلاقي لدى شريحة كبيرة من الجيل الصاعد الضحية وإن كان لا يعلم فليسأل أهل الاختصاص وحتى المحاكم، 

ولكن عليهم أن يعلم أن المستقبل للصغار عندما يموت الكبار وعندما تموت معهم أفكارهم المهجورة والمنبتة. مراقب


عاجل: ماذا يحصل في المدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس

فوجئ أساتذة وموظفي المدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس بانطلاق أشغال ضخمة لإعادة تهيأة الشبكة الكهربائية الداخلية للمدرسة وذلك بإلغاء الشبكة الأولى وإنشاء شبكة جديدة موازية لها وهي |أشغال قد تدوم طويلا لاتساع رقعة المدرسة وتعدد البناءات وما يسببه ذلك من تعطل في أشغال المخابر وبقية المصالح البيداغوجية بدون سابق إعلام، ووجه استغراب الأساتذة هو التاريخ العشوائي لانطلاق هذه الأشغال وخاصة أنه لم يقدم أي طرف بشكوى أو تذمر حول الشبكة ولم يحصل أي اضطراب في التزود بالكهرباء،  وحتى الإدارة عندما يتم استفسارها حول دواعي هذه الأشغال لا تجد جوابا مقنعا أو تبريرا منطقيا لذلك وتؤكد أن الأمر جاء من فوق بعد دراسة فنية قام بها أحد خريجي المدرسة. بطلب ممن؟؟؟؟ والغريب في الأمر أنه تم الشروع في تثبيت أنابيب وأجهزة جديدة بعد إزالة القديمة والتخلي عنها وهي في حالة جيدة والبعض منها ربما يكون قد استبدل منذ زمن قصير، مع الاشارة إلى أن تكلفة هذه الأشغال تقدر بحوالي مليارا و300 ألف دينار وهي قيمة ضخمة في أمس الحاجة إليها فئة كبيرة من المحرومين في هذا المجتمع لا تجد أساسيات الحياة الكريمة.  فحري بالمسئولين التحري في هذا الأمر العجيب ومعرفة كنه سره  وخلفية هذا القرار المفاجئ. طالب علم ومعرفة الحقيقة


قراءة نقديــة لكتــاب هشــام جعيّــط عن السيــرة النبويــة: هل جاء جعيّط بالجديد.. أم أعاد صياغة نصوص بعض المستشرقين؟

أثار الجزء الثّاني من مشروع الدّكتور هشام جعيّط في السّيرة النّبويّة والموسوم بـ«تاريخيّة الدّعوة المحمّديّة في مكّة» من جديد السّؤال عن المناهج التي نتوسّل بها لمقاربة مسائل الدّين خاصّة تلك المتعلّقة بما تعدّه الاديان خوارق ومعجزات تشدّ التّاريخ إلى عوالم ماورائيّة متفلّتة عمّا تعتبره فلسفة العلم الوضعي شروطا موضوعيّة ضروريّة تحكم العالم الارضي بكلّ ظواهره الطبيعيّة والانسانيّة. وبقيت «الموضوعيّة الوضعية» منذ نشأتها معول هدم للايمان الدّيني لانّ الحقيقة في المنظور الوضعي تتوقّف على قابليّة الظّواهر للتّعقّل ضمن شروط التّاريخ، فلا مجال للتّعويل على أسباب ومؤثّرات تحرّكها قوى ومعطيات من خارج العالم الارضي أومن داخله إذا استعصت على الاختبار. في خضمّ هذا السياق المعرفي الذي كرّسته فلسفة الحداثة القائمة على مركزيّة العقل والذّات المتعقّلة تتنزّل المباحث التي تقارب مسائل الدّين والموزّعة على مجالات معرفيّة متعدّدة كعلم الاديان المقارن والمقاربات السوسيولوجية والبسيكولوجيّة والانطربولوجيّة والماديّة التّاريخيّة… وكانت مدارس الاستشراق على اختلاف توجّهاتها وخلفيّاتها الثّقافيّة والفلسفيّة والايديولوجيّة امتدادا لهذا الافق المعرفي الذي تحوّل من منهج نظري للفهم والتّحليل إلى حركة مناضلة تحمل رؤية للوجود وإيديولوجيا كونيّة. وانكبّت هذه المدارس على تمحيص المدوّنة الاسلاميّة كما لم يحصل منذ قرون حيث توقّف إنتاج المعرفة عند المسلمين على ثقافة التّقليد ممثّلة في الشّروح والتّلاخيص والمختصرات والمتون والرّسائل المدرسيّة. لذلك مهما كانت تحفّظاتنا على نتائج الدّراسات الاستشراقيّة فالثّقافة العربيّة والاسلاميّة مدينة لها بتدشين مرحلة جديدة لانتاج معرفة عن الاسلام وتاريخه وعلومه أشبه بعصر تدوين معاصر. ويعتبر الكتاب الاخير للدّكتور جعيّط امتدادا للافق النّظري الذي يتحرّك فيه الاستشراق المعاصر عموما رغم نقده الشّديد والصّريح لترّهات الكثير من المستشرقين، لكن تبقى المقاربة الوضعيّة قاسما مشتركا بين أعمال الدّكتور جعيّط وأعمال المستشرقين. ونحن في هذا المقال وإن كنّا لا نصدر عن موقف إيمانيّ أوفلسفي مسبق من المدرسة الوضعيّة فإنّنا نريد من خلال هذا الكتاب أن نسائل المنهج الوضعي ونختبر نتائجه المتعلّقة بمباحث ما أصبح يعرف بالاسلام الاوّل أوالاسلام التّأسيسي. مصادرة غير علميّة إنّ أوّل مفارقة تصدر عنها مقاربة الدكتور جعيّط هي وضع البحث الذي يروم الموضوعيّة العلميّة في تمثّل الاسلام الاوّل والنصّ التّأسيسي بين خيارين اثنين لا ثالث لهما: إمّا الاقرار بألوهيّة القرآن ونبوّة محمّد فتنتفي بذلك مبرّرات البحث العلمي ويتوقّف الباحث لصالح مسلّمات العقيدة الدّينيّة، أوالاقرار بعلمانيّة الظّاهرة القرآنيّة والنّبويّة ونشوئهما ضمن الشّروط التّاريخيّة الموضوعيّة، وطالما أنّ الثّقافة الجاهليّة لم ترتق إلى مستوى المعارف الدّقيقة التي رافقت نشأة الاسلام ــ نظرا لضعف الوسط الذّهني والثّقافي الذي ظهر فيه حسب عبارة جعيّط ــ فإنّ التّأثيرات الخارجيّة في صياغة الخطاب القرآني والسّيرة النّبويّة هي ما يجب أن نبحث عنه لتكون معرفتنا علميّة. إنّ هذه المصادرة القائمة على خيار «مانوي إثنيني» نور/ ظلمة/ عقل/ لاعقل/ علم/ أسطورة… هي مصادرة حسب تقديرنا تناقض مبدأ الموضوعيّة العلميّة لانّها تستبق مسار البحث العلمي وتفترض نتائجه مسبقا وقد تدفع إلى التّعسّف على المادّة التّاريخيّة وتوجيهها وافتعالها أحيانا عبر الانتقاء أوالتّضخيم أوتوهّم التّناصّ بين النّصوص وتناسل الخطاب وهجرة المعرفة. نعم لا يحقّ لنا انطلاقا من المقاربة الموضوعيّة أنّ نصادر بشكل وثوقي مسبق على نفي أيّ تأثيرات صاحبت تأسيس الاسلام تحت تأثير المسلّمات الدّينيّة خاصّة وأنّ الاعتقاد الدّيني الاسلامي نفسه قائم على مبدأ تواصل الحقيقة التّوحيديّة بتصديق السّابق والهيمنة عليه وإكمال الدّين وإتمام مكارم الاخلاق ووضع اللّبنة الاخيرة كما ورد في الكثير من الآيات والاحاديث (وهوما دعّم به جعيّط أطروحته في تأثير المسيحيّة السّوريّة على بناء الخطاب القرآني)، ولكن في المقابل لا يمكن لنا أن نصادر وبنفس المنطق الوثوقي الاستباقي على حتميّة وجود التّأثير الخارجي تناغما مع فلسفة العقل الوضعي الذي لا يؤمن بأيّ فعل خارج إكراهات الزّمان والمكان التي لم تثبتها الوقائع ولا يثق بطاقات خارقة للانسان إلاّ في ضوء ما تثبته التّجربة والاختبار، بينما الفيصل في المبحث التّاريخي حسب تقديرنا ليس القناعات الفلسفيّة والوجوديّة بل وحدَها الوثيقة التّاريخيّة هي التي يعود إليها تحديد مقدّمات البحث التّاريخي ومساره وآفاقه ونتائجه سواء كانت افتراضيّة أوتقريريّة. شروط.. شروط أمّا إذا غابت الوثيقة فلا يمسّ من مصداقيّة المؤرّخ في شيء أن يتوقّف عن الحكم والتّقرير والمصادرة ويعلن أنّ المعطيات الآنيّة تعوزه عن التّوصّل إلى تفسير موضوعيّ للظّاهرة ويترك إلى حين مجال التّأويل للفلسفات والايديولوجيّات والثّقافات. إنّ الصّدور عن مسلّمات العقل الوضعي في مبحث تاريخ الاديان الكتابيّة ولا سيما الاسلام يوهم أنّ الانطلاق من الاقرار بألوهيّة النصّ المؤسّس يستحيل معه إنتاج معرفة علميّة موضوعيّة عن الدّين، وهوحكم تفنّده الحركة العلميّة التي نشأت حول النصّ تستكشف بنيته اللغويّة والحجاجيّة والمفهوميّة وتستفهم معانيه ودلالاته لتنتهي ــ بعيدا عن سياق الحجاج الدّيني العقائدي ــ إلى فرادته وانسجامه الدّاخلي، كما لم يمنع ذلك الفيلسوف وعالم اللاهوت الفرنسي من التّأريخ للاديان انطلاقا من تمثّل نظام الخطاب وفائض المعنى ضمن علم الهرمينوطيقا. وفي المقابل ساهمت الدّراسات التّاريخيّة الصّادرة عن بشريّة النصّ ضمن ما يسمّى بـ«الالحاد المنهجي» في المزيد من الحيرة والتّناقض والاضطراب العلمي. فلوسلّمنا مثلا بالتاريخيّة الخالصة للنصّ المؤسّس ــ وهوما عجزت جميع المقاربات التّاريخيّة أن تقيم الدّليل الموضوعي عليه ــ بما تعنيه من أنّ جملة من الشّروط الموضوعيّة ــ التي لم تحدّدها بدقّة أيّة دراسة علميّة ــ توفّرت لتشكيل «الظّاهرة القرآنيّة» وظاهرة النّبوّة فلماذا توفّرت تلك الشّروط في ذلك الزّمان وذلك المكان بالذّات/ ولماذا اصطفت ذلك الشّخص بعينه؟ ألم تكن بيئات أخرى ــ مثل الحواضر الطّائفيّة المحيطة بالجزيرة العربيّة ــ وأشخاص آخرون في ذلك الزّمان أكثر قابليّة وجاهزيّة ــ بالمنطق الموضوعي ــ للقيام بأدوار رائدة في تشكيل ظاهرة النّبوّة وصياغة نصّ دينيّ متفرّد/ وهل هذه الشّروط موقوفة على مرحلة تاريخيّة ولّت وأشخاص لن يتكرّروا/ ومن ثمّ ما هي المبرّرات الموضوعيّة لختم النبوّة وتوقّف التّاريخ عن إنتاج الانبياء منذ 14 قرنا/ ولماذا فشلت كلّ محاولات التنبّؤ القديمة ــ بعد ختم النبوّة ــ والحديثة في استعادة مجال النبوّة باعتباره مسلكا من مسالك إنتاج المعرفة/…إنّ جميع هذه الاسئلة غير ميتافيزيقيّة وطرحها على المبحث التّاريخي مشروع. ولكن أنّى للعقلانيّة الوضعية أن تتصدّى لهذه الاسئلة وهي مقيّدة بمركزيّة العقل المحكوم بقوانين المادّة في مقاربته للظّاهرة البشريّة، وأنّى للمبحث التّاريخي الذي استعاض عن منهج تحليل الوثيقة بافتراضات قائمة على أطروحات فلسفيّة أومستقاة من مناهج علوم أخرى لها منطقها الدّاخلي ومسلكها الاستدلالي والحجاجي الخاصّ، بينما لعلم التّاريخ كما نتصوّر خصوصيّته وتميّزه عن بقيّة العلوم. ومع ذلك فنحن نتساءل مع الدّكتور جعيّط إن كانت المقاربات التي تصدر عن هذا المنطق الموسوم بالعلميّة وفيّة للمبادئ التي تنطلق منها: فلماذا يعدّ التّوقّف في المبحث التاريخي عند غياب الوثيقة ــ ويستتبع ذلك في موضوعنا عدم الاقرار بالتّأثير المسيحي الذي لم تثبته الوثيقة ــ سقوطا في المسلّمات الايمانيّة، بينما لا يعتبر ذلك كذلك عندما يتوقّف عالم البيولوجيا والجيولوجيا عند ظاهرة يعجز عن تفسيرها/ لماذا لا يستنكف الطّبيب مثلا من التصريح بعجزه عن تعليل أمراض عديدة لغياب المعطيات الموضوعيّة عن إدراكه/ وكذلك يفعل العلماء الذين يدرسون الظّواهر الطّبيعيّة ويتوقّفون عند الكثير من الكوارث وتقلّبات الكون وحركة الكائنات، ولا يعدّون ذلك التّوقّف أوالعجز منقصا من قيمة مجهوداتهم ولا مدعاة للتّورّط في تأكيد المسلّمات الدّينيّة التي تصبّ في إثبات نظريّة الخلق الالهي وخضوع الطّبيعة للارادة الالهية المطلقة/ إعادة إنتاج الاستشراق إنّ أقصى ما توصّلت إليه المقاربة التّاريخيّة الموضوعيّة في تفسير ظاهرة النبوّة هوما صاغه المستشرق الالماني تويودور نولدكه (1836/ 1930م) في مؤلّفه الضّخم «تاريخ القرآن» الذي أصدره سنة 1860م وترجم إلى العربيّة في طبعته الاولى سنة 2004م وقد تبيّن بعد هذه التّرجمة أنّ الجميع عالة عليه في ذلك. وملخّص هذه المقاربة أنّ «جوهر النّبيّ يقوم على تشبّع روحه من فكرة دينيّة ما تسيطر عليه أخيرا فيتراءى له أنّه مدفوع بقوّة إلهية ليبلّغ من حوله من النّاس تلك الفكرة على أنّها حقيقة آتية من الله…» (ص5) وقد كانت تعتريه في وحدته وغربته في الجبال والكهوف حالات من الغيبوبة والاضطراب النّفسي المرضي تنزاح به إلى عالم الاحلام والرّؤى ولكن «أعوزته القدرة على التّجريد المنطقي إعوازا شبه تامّ. لهذا السّبب اعتبر ما حرّك نفسه أمرا موحى به منزلا من السّماء ولم يختبر اعتقاده إطلاقا بل اتّبع الغريزة… اعتبر هذه الغريزة صوت الله الذي أتاه وهذا ما ينتج الفهم الحرفي الظّاهر للوحي الذي يقوم عليه الاسلام…» (ص6) واعتبر نولدكه «أنّ الاسلام في جوهره دين يقتفي آثار المسيحيّة أو بعبارة أخرى أن الاسلام هوالصّيغة التي دخلت بها المسيحيّة إلى بلاد العرب كلّها» (ص8) واعتبر أنّ أفضل ما في الاسلام نشأ على منوال التّعاليم اليهوديّة والمسيحيّة فـ«إنّ محمّدا حمل طويلا في وحدته ما تسلّمه من الغرباء وجعله يتفاعل وتفكيرَه ثمّ أعاد صياغته بحسب فكره حتّى أجبره أخيرا الصّوت الدّاخلي الحازم على أن يبرز لبني قومه…» (ص4) ولا نجد في ما ورد في كتاب الدّكتور جعيّط خروجا عن هذا السّياق النّظري والمفهومي والمنهجي. والمفارقة التي نريد تسجيلها أنّ الانطباع الذي حصل لدينا إثر الاطّلاع على الجزء الثّاني من مشروع الدّكتور جعيّط عن السّيرة النّبويّة أنّ الجزء الاوّل كان أكثر انخراطا في المنهج التّفهّمي الذي حاول من خلاله أن يفهم ظاهرة النبوّة من داخل سياق النصّ التّأسيسي ونصوص السّيرة مع حسّ نقدي عميق ومجهود فكري ذاتي فذّ ودون الارتهان إلى المصادرات التي تنزع إلى الوضعنة. لكنّه في هذا الجزء الثّاني لم يستطع أن يستوعب إمكان قيام ظاهرة نبويّة تصدر عن نصّ ديني خارج سياق ثقافي مؤثّر ليس فقط في تشكيل العوالم الكوسميّة والاسكاتولوجيّة بل كذلك في بنية الخطاب الحجاجيّة وحقوله الدّلاليّة، وتلك مسألة كان على الدّكتور جعيّط أن يستنفر فيها معارف وعلوم لغويّة تساعد على اختبار وجاهة الكثير من الفرضيّات التي وجّهت البحث. فلا يمكن حسب تقديرنا التّسليم بالتّناصّ بين القرآن وغيره من النّصوص أوالمصادرة على هجرة النّصوص وتناسلها دون بحث جدّي في بنية كلّ نصّ ومنطقه الدّاخلي وأساليبه وعوالمه الدّلاليّة، ويتطلّب ذلك توظيف مناهج علوم النصّ وتحليل الخطاب والحجاج… ولعلّ عدم الانفتاح على هذه المعارف هوالذي أدّى مثلا إلى اعتبار آية «وأمرهم شورى بينهم» (الشورى 38) أضيفت إلى النصّ لانّها «لا تنسجم مع نسق الاية التي وضعت فيها… لا نرى ما يكون أمرهم هذا أي حكم المسلمين لانفسهم في زمن النّبي» (جعيّط ص23)، وهو نفس المنطق الذي قاده إلى اعتبار الآيات التي تحيل على مفهوم الشّرك في المرحلة القرآنيّة الاولى ــ مرّة في سورة الطّور ومرّة في سورة القلم ــ «إمّا فلتة أو منضافة» (جعيّط ص200) وذلك على اعتبار أنّ المفهوم الغالب في تلك الفترة عن الكفر هو كفر الجحود أوكفر النّعمة ثمّ تطوّر المفهوم في الفترة المدنيّة تحت تأثير المثاقفة والمناكفة مع أهل الكتاب ليصبح دالاّ على الشّرك. كما أدّى بالباحث إلى أن لا يستبعد «أنّ آيات قرآنيّة أعيد ذكر بعضها مرّتين خصوصا وأنّ في القرآن تكرارا بسبب صيغته الشّفويّة في الاوّل» (جعيّط ص23). إنّ هذه الاحكام المتعجّلة كان يمكن اختبارها في ضوء ما أنتجه علم المناسبات مثلا من معارف متقدّمة في مجال البحث عن الانسجام الدّاخلي للنصّ وتناسق مكوّناته الخطابيّة والدّلاليّة ونظمه. ورغم إقرار الدّكتور جعيّط «أنّ التّأثير المباشر السّوري أيضا يدخل في مجال التّخمينات والافتراضات وليس لنا أيّ شاهد على ذلك» (جعيّط ص174) فقد انخرط في رصد المتشابهات اللفظية والمضمونيّة بين القرآن ونصّ إنجيلي عربي مفترض اعتبر من الصّعب تاريخيّا نفي اطّلاع الرّسول عليه، وذلك بناء على المصادرة التي انطلق منها أنّ «من دون المسيحيّة الشّرقيّة ـ السّوريّة لم يكن ليظهر محمّد وإلاّ فلا نرى كمؤرّخين حلاّ للاشكال… بالنّسبة للمؤرّخ الموضوعي لا يمكن الانفلات من إقرار هذا التّأثير وهو ليس بالتّأثير السّطحي وإنّما العميق والمستبطن بقوّة وإلاّ عاد محمّد غير ممكن في بلده وفي زمانه أو وجب على المؤرّخ الاذعان والاقرار بألوهيّة القرآن مبدئيّا ونهائيّا والتوقّف عن كلّ بحث» (جعيّط ص164). ولم يتوقّف التّأثير المسيحي على القرآن بل تجاوزه إلى كتب السّيرة التي نسجت على منوال الاناجيل. وهو إقرار متسرّع حسب تقديرنا طالما لم يستثمر مباحث الخبر باعتباره أداة تواصل ثقافي قبل الاسلام وجنسا أدبيّا عربيّا أصيلا له مقوّماته وليست السّيرة إلاّ ضربا من ضروب الخبر ينسحب عليها ما ينسحب على الاخبار من قضايا كالمشافهة والتّدوين والاسناد ومراتب التّحمّل والسّرد…  النصّ المعجز إنّ كلّ ما أوردناه من تساؤلات ونقد للمنهج الوضعيّ قارئا للاسلام الاوّل لا تقلّل من الجهد العلمي الفذّ الذي قام به الدّكتور جعيّط في تنقية السّيرة النّبويّة من القصص الاسطوريّة التي علقت بها ومحاولته ترتيب الاحداث وفق منهج تاريخي موضوعي يعتمد القرآن باعتباره الوثيقة التّاريخيّة المدوّنة الوحيدة المتزامنة مع الاحداث، كما وصف ــ في تقديمه لكتابه بكليّة 9 أفريل ــ « بالسّخيفة « البحوث التي تنكبّ على تحقيق مصحف مخطوط وجد باليمن يزعم أصحابها أنّ حجم اختلافه مع المصحف العثماني يصل حدّ تغيير نظرة المسلمين للمرأة والجهاد والمختلف الدّيني. غير أنّنا نقدّر أنّ المعرفة العلميّة تقوم على تراكم العلوم وتثاقفها في ما بينها (وهوما اعتمده جعيّط بانفتاحه على علم الانطربلوجيا)، غير أنّنا نتصوّر أنّ المعارف اللسانيّة القديمة والمعاصرة والفتوحات المعرفيّة التي أفضت إليها لا غنى عنها في مقاربة القضايا والاشكاليّات التي تحوم حول النّصوص الدّينيّة المقدّسة في كلّ الثّقافات (وهوما كان غائبا في مبحث جعيّط). كما نعتقد أنّ الظّواهر الموسومة بالخارقة كالوحي والنبوّة ليست خارقة بإطلاق طالما أنّ همّة المرء لوتعلّقت بما وراء العرش لناله على تعبير الحديث القدسي، فهي خارقة للمعطيات الموضوعيّة المتوفّرة ولمعطيات العقل الوضعي الرّاهن المكبّل بحدود الزّمان والمكان، ولكنّها حسب تقديرنا تخضع لمنطق سببي موضوعي خاصّ لم تدركه العقول بعد وربّما تدركه كلّما تخفّفت من الاشكال والصّور إلى المعاني والدّلالات. إنّ هذا النصّ المعجز الذي تأسّس على استثمار دلالاته الاجتماعُ البشري في مناطق شاسعة من المعمورة نصّ إلهي محفوف بالبشريّة من كلّ جوانبه: فمادّته المعجميّة بشريّة نشأت داخل التّواضع البشري إذ نزل بلسان عربي مبين، وقد استدعته حاجات بشريّة بعضها ظرفي محلّي والآخر إنساني، وأداة فهمه وتنزيله بشريّة والهي العقل البشري… إنّ كلّ هذه المعاني تؤكّد أنّ وجه الاعجاز في هذا النصّ وفي الظّاهرة النبويّة لا يكمن في مبدأ الخرق والعلويّة بل في العلاقة الجدليّة التي ينشئها بين الغيب والطّبيعة، بين الانسان والله، بين عالم الخلق الشّاسع وخرم الابرة الذي نقيم فيه ونرتهن لمركزيّة أبعاده في إنتاجنا للمعرفة وتمثّلنا للوجود، بينما تتفلّت الكثير من العوالم المتّسقة والمبهرة والقريبة منّا من ضوابط القوانين المخبريّة وادّعائها «دون حياء علمي» أنّها المسلك الاوحد للحقيقة… لقد كان كتاب الدّكتور جعيّط فرصة ثمينة لطرح هذه الاشكاليّات المؤرقة في سياق معرفيّ عالمي يحاول ضبط معايير جديدة لانتاج المعنى. ــــــــــــــــــــــ (*) باحث في الجامعة التونسية

(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 مارس 2007)


اللغة الانقليزية.. في الطائرات التونسية

كان متجها من مطار قرطاج الى مطار جربة جرجيس الدولي للمشاركة في ندوة طبية عالمية كبيرة نظمت بها.. هذا الزائر قضى 22 ساعة بين مطار ديزني باستراليا ومطار قرطاج.. توقف خلالها اضطرارا مرتين.. فلما وصل مطار قرطاج أعلم أن الطائرة الصغيرة الحجم التابعة للخطوط الداخلية «مليانة» (Full) فانتظر ساعات قبل أن يمتطي طائرة ثانية تتجه الى مطار جربة جرجيس.. لكن لا أحد أعلمه وأمثاله من المسافرين الذين لا يفهمون الفرنسية والعربية أن تلك الرحلة تتوقف بمطار صفاقس.. في طريقها الى جربة.. (مثلما تتوقف رحلات أخرى في قفصة أو توزر؟؟).. لان مضيفاتنا الجميلات يخاطبن المسافرين بالفرنسية والعربية فقط.. وإن كانوا عربا غير مغاربيين أو أجانب غير فرنسيين؟؟ نزل الطبيب بمطار صفاقس.. وبحث عن حقائبه فاعلم بعد رحيل الطائرة انها سبقته الى جربة.. وانه «حط» في ضواحي صفاقس؟؟ لماذا تحصل مثل هذه الاخطاء في بلد يتقن مئات الالاف من ابنائه اللغات الاجنبية بما في ذلك الانقليزية والالمانية والايطالية والاسبانية؟ ألم يحن بعد وقت استخدام اللغة الانقليزية كلغة ثالثة لمخاطبة المسافرين في رحلات المسافرين على متن الرحلات الداخلية والدولية لشركات الطيران التونسية؟ ألم يفهم بعضنا بعد أن بلدا سياحيا مثل تونس ينبغي أن يستخدم على الاقل اللغة الثالثة (أي الانقليزية) في مخاطبة المسافرين غير التونسيين والفرنسيين؟ من حقنا أن نعتز بلغتنا العربية.. وأن نستخدم اللغة الفرنسية التي تتميز بجمالياتها.. لكن لا بد من قدر أكبرمن البراغماتية.. واستخدام اللغة التي يفهمها أغلب المسافرين والسياح في العالم أجمع.. بما في ذلك في فرنسا.. أي الانقليزية.. ولاشك أن كثيرا ممن سافر الى فرنسا في مهمات لاحظ أن الفرنسيين أصبحوا يستخدمون الانقليزية في مطاراتهم وندواتهم وتظاهراتهم العالمية أكثر من الفرنسية.. دون عقد.. فلمَ يكون بعضنا ملَكيين أكثر من الملك؟؟

 

(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 مارس 2007)


الإعلام العربي في تحسن ولكن…

سمح الملتقى الذي نظمه المرصد الأوربي للإعلام في لوغانو لمختصين من العالم العربي ومن الغرب بتحليل وضعية الإعلام العربي ومدى فهمه وحسن معالجته لقضايا الغرب. وتفيد الحصيلة بأنه على الرغم من تحسن في المهنية بفضل ظاهرة « الجزيرة »، إلا أن الإعلام العربي أبدى تحيزا كرد فعل على الإنحراف الذي شهده الإعلام الغربي في السنوات الأخيرة. ركز ملتقى لوغانو الذي نظمه المرصد الأوروبي للإعلام (الذي دارت مناقشاته حول نظرة وسائل الإعلام الغربية للإسلام ونظرة وسائل الإعلام العربية والإسلامية للغرب)، في شطره الخاص بوسائل الإعلام العربية على ظاهرة قناة الجزيرة وما أدخلته من تحسن او اختراق على الساحة الإعلامية العربية. انطلق النقاش من دراسة تحليلية قدمها الصحفي التونسي زياد كريشان تناول فيها مراحل التطور المختلفة التي مر بها الإعلام العربي، والظواهر التي اهتم بها أكثر من غيرها مثل « التركيز على الصراعات السياسية وتجاهل باقي القضايا ذات الأهمية »، واعتماد معظم وسائل الإعلام العربية الحديث باسم الغالبية وبالتالي « تبني مصطلحات ومفاهيم مثل اعتبار الانتحاريين شهداء نظرا لكون قضيتهم عادلة من الناحية الشرعية والأخلاقية ». كما أشار إلى المأزق الذي وجدت فيه وسائل الإعلام العربية نفسها بعد أحداث 11 سبتمبر في السير وراء إدانة العمليات كباقي وسائل الإعلام أو التشكيك في صحة الرواية الأمريكية نظرا لأن الرأي العام يشكك في ذلك، وإلى ظهور تيارات صحفية معادية للأمريكيين بعد حرب الخليج الأولى عادة ما يسهل عليها الانزلاق الى معاداة الغرب عموما بحكم الشعور السائد. اختراق من طرف الإسلاميين إذا كان زياد كريشان في تحليله قد اعتبر ان العنصر الديني استحوذ على شاشة التلفزيونات العربية بما في ذلك الجزيرة بنسبة تتراوح ما بين 9% في السودان إلى 25% في قطر مع معدل عام في كامل العالم العربي في حدود 14%، فإن زميله أستاذ العلوم السياسية بجامعة تونس حمادي الرديسي يعتبر أن « الإسلاميين اخترقوا وسائل الإعلام واستطاعوا التحايل عليها لحسن استخدامها ». الأمر الذي ساعد الإسلاميين في ذلك ، حسب حمادي الرديسي، إصرار التيارات الإسلامية وكذلك الأنظمة السياسية في البلدان العربية والإسلامية على عدم الفصل بين الدين والدولة. وثانيا، عدم وجود مرجعية فاصلة لدى الإسلام السني يمكنها التحدث باسم الإسلام. وهو ما يترتب عنه، ثالثا، إفساح المجال أمام العديد من التأويلات وبالأخص بعد فتح مجال الاجتهاد مما يضع اليوم المفكرين المعاصرين في تعارض مع تأويل التيارات الأصولية. وإذا كان المتحدثان قد ركزا على اختراق الإسلاميين لوسائل الإعلام فإن الجامعي والصحفي التونسي المقيم في سويسرا رياض الصيداوي، أشار الى دور المخابرات ومصالح وزارات الداخلية في الدولي العربية في الهيمنة والتدخل في مختلف وسائل الإعلام في العالم العربي. وإن لم يفته التلميح إلى أنه « إذا كانت وسائل الإعلام العربية تتجنب انتقاد هذه المصالح، فإن نظيراتها في الغرب لا تسلم من تجنب انتقاد جماعات ضغط مؤثرة وهذا حتى في بلد مثل سويسرا ». انحياز مقابل انحياز؟ ويرى زياد كريشان أن الإهتمام في الغرب بالإسلام بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكذلك تعاقب خمسة أحداث، تطورت الى مواجهة بين الغرب والإسلام مثل: قضية الحجاب في فرنسا، واغتيال السينمائي الهولندي تيو فان غوغ، والرسوم الكاريكاتورية المهينة للرسول محمد، وأخيرا تهديدات بالقتل في حق الفيلسوف الفرنسي روبير ريديكر، أدت الى ما يمكن اعتباره « تصلبا في هوية وسائل الإعلام العربية والإسلامية » عموما. وهو ما عبر عنه الأخصائي الألماني في وسائل الإعلام، كاي حافظ بقوله: « بعض الزملاء في العالم العربي قبلوا ما سمي بـ « الموضوعية التي تفرضها الظروف »، حيث قالوا ما دام العالم الغربي ووسائل إعلامه يقدم صورة منحازة، فمن حقنا أيضا ان نكون منحازين لخلق توازن ». اعتراف بتحسن في وسائل الإعلام العربية من بين الإيجابيات المتوفرة في الإعلام العربي التي اعترف بها المتدخلون رغم هذا الانتقاد، هو أنه قد شهد – تحت تأثير ظاهرة الجزيرة- دفعا باتجاه المزيد من المهنية والتعددية. إذ يقول محمد النووي من جامعة الملكة شارلوت بالولايات المتحدة الذي قدم عرضا تحليليا عن قناة الجزيرة: « نحن كخبراء عرب اعتقد ان لنا نظرة نقدية للأمور وهذا بشكل طبيعي لأن الإعلام العربي إعلام متشعب. ولذلك يجب ان ننتقد الجزيرة او غيرها ولو ان الجزيرة أصبحت جزءا من واقعنا وليست مجرد ظاهرة. والسؤال الذي اطرحه هل وضعنا اليوم أحسن بفضل الجزيرة وبفضل القنوات الأخرى؟ أعتقد ذلك »، يقول الدكتور النووي. الحديث عن دور الإعلام في العلاقة بين الغرب والإسلام أظهر أيضا تراجع المهنية لدى الإعلاميين الغربيين. ولكن أصواتا عديدة أبرزت تحسن المهنية عند الإعلام العربي بسبب ظاهرة الجزيرة حيث يؤكد الدكتور محمد النووي أنه « لاشك في ان الجزيرة أدخلت الكثير من المهنية للعمل الصحفي في الوسط الإعلامي العربي، لكننا نتوق الى مزيد من هذه المهنية والممارسة الصحفية الصحيحة ». هذا التفاؤل يقلل منه الأستاذ فرج كامل، عميد كلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية بقوله « الإعلام العربي لا زال الطريق أمامه طويلا جدا ويجب ان نكون صرحاء في هذا حتى يكون إعلاما مهنيا جيدا لا تتحكم فيه الجوانب الشخصية والسلطوية وجوانب لا علاقة لها بالمهنية. الحقيقة أن عددا كبيرا من العاملين في مجال الإعلام العربي ليسوا متخصصين ولا دارسين للإعلام، ولم يطلعوا في يوم من الأيام على أخلاقيات المهنة في مجال الصحافة. أيضا بناء المؤسسات الإعلامية يحتاج الى دعم حتى تكون مستقلة عن الحكومات او حتى عن المصالح الخاصة لرجال الأعمال. إذا ما نظرنا الى وسائل الإعلام العربية من فضائيات وغيرها فسنجد أن كلا منها يتبع جهة معنية ويتبنى أجندا خاصة به. وفي تصوري الإعلام الجيد هو الإعلام المستقل حقيقة وليس قولا ». خطوة نحو الآخر إذا كان النداء الذي تمخض عنه ملتقى لوغانو يتلخص في ضرورة البحث عن طريقة إعلامية جديدة مسئولة ومتفتحة على الآخر ومدركة لواقعه بشكل جيد، فإن المشاركين في الملتقى من غربيين وعرب يرون أن الإعلام العربي، بظهور قناة الجزيرة بالإنجليزية قد خطى خطوة نحو إسماع الصوت العربي والإسلامي للغرب، كما ينتظر أن تلعب قناة البي بي سي التلفزيونية (بالعربية) المرتقبة دورا في تعديل طريقة عرض وسائل الإعلام الغربية لواقع العالمين الإسلامي والعربي بعيدا عن الدور الدعائي والترويجي الذي تقوم به قناة الحرة او سي إن إن وغيرها. في المقبل، يبدو أن أن الملتقى تناسى أو أغفل وجود إعلاميين ومؤسسات صحفية تمارس هذا النوع من الإعلام المسؤول والمتوازن والمدرك لواقع الآخر والذي يسمح له بالتعبير عن رأيه، (مثل ماهو مطبق – وإن بدرجات متفاوتة- في عدد من وسائل الإعلام الدولية ومن بينها إذاعة سويسرا العالمية سابقا وسويس إنفو حاليا). وردا على سؤال حوا ما إذا كان هذا النمط الإعلامي هو الذي يصبو إليه المشاركون في ملتقى لوغانو، يجيب الدكتور فرج الكامل « بدون مجاملة اعتقد ان ما تقوم به إذاعتكم يشكل مثالا جيدا وهناك العديد من الأمثلة الجيدة في هذا الإطار ولكنها ليست منتشرة جماهيريا بما فيه الكفاية. لذلك يجب ان نركز أيضا على وسائل الإعلام التي تصل الى غالبية الجماهير في الطرفين. وأن نؤثر فيها ونحاول ان ننهض بها لكي تتعامل مع الأمور بشكل مهني ومحايد وموضوعي ». الدكتور محمد النووي يرى من جهته أن هذا النوع من الإعلام – رغم محدودية انتشاره – ساهم في إنجاح تجارب في العالم العربي بقوله « السبب في نجاح الجزيرة يعود الى استخدام خبرات كانت تشتغل في القنوات الدولية مثل البي بي سي وإذاعة سويسرا العالمية غيرها. فهم طبقوها في إطار عربي. ولكن وجود قناة واحدة مثل الجزيرة ليس ظاهرة صحية لأن الأهم هو أن توجد منافسة او ان يكون أمام المشاهد خيار واسع وأن يكون السوق هو الذي يحدد ». سويس إنفو – محمد شريف – لوغانو المشاركون الذين قدموا تحاليل عن الإعلام العربي في ملتقى لوغانو فرج الكامل، عميد كلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية بمصر، وله تخصص مع منظمة اليونيسيف في الإعلام المتعلق بتعميم التوعية الصحية .. محمد النووي، أستاذ مساعد في قسم الإعلام بجامعة الملكة شارلوت بالولايات المتحدة الأمريكية ورئيس تحرير جريدة وسائل الإعلام بالشرق الأوسط وعضو مجلس أدارة الجمعية العربية الأمريكية للمدربين في مجال الإعلام والاتصالات كاي حافظ، أستاذ الدراسات الدولية المقارنة في مجال الإعلام ورئيس قسم الإعلام والاتصالات بجامعة إيرفورت بألمانيا. كان باحثا منتسبا في القسم العلوم الشرقية بهامبورغ ومركز الشرق الأوسط بكوليج سانت أنطوني بأكسفورد. له باع في العديد من النظريات الإعلامية ومتخصص في الدراسات المقارنة حول الإسلام والغرب. زياد كريشان، رئيس تحرير مجلة ريالتي (حقائق) التونسية. له عدة مؤلفات عن الإسلام والإسلاميين. حمادي الرديسي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بجامعة تونس، ومؤلف « السياسات في الإسلام » و « الاستثناء الإسلامي ». وله أيضا مؤلفات مشتركة مع عدد من الأساتذة الغربيين.

(المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 23 مارس 2007) وصلة إلى الموضوع:http://www.swissinfo.org/ara/swissinfo.html?siteSect=105&sid=7642598


المعسكر السادس بقوانتنامو، جريمة منظمة ضد الإنسانية

صــابر التونسي إن المتابع لما يرد من أخبار شحيحة من معتقل قوانتنمو يدرك حقيقة الدجل الأمريكي … فأمريكا « أم » الدنيا والقوة العظمى التي تسوق نفسها على أنها راعية الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم، وهي التي تقاتل في « سبيل الله » والمستضعفين أين ما وجدوا من أجل حق الإنسان وكرامته!! ترتكب جرائم ضد الإنسانية تحت مسميات مفتعلة ومهولة من مثل الحرب على الإرهاب وكأن الإرهاب المزعوم قد أصبح قوة عالمية كبرى واضحة المعالم والحدود. إن المعاملة التي تعاملها أمريكا لأسرى قوانتنامو هي نوع من أنواع الإرهاب المنظم ضد الإنسانية التي كرمها الله ثم تواضع عقلاء الإنسان على احترامها! فأنْ يُعمد إلى تثبيت مُضربٍ عن الطعام على كرسي أعد خصيصا لتثبيت المعتقل تثبيتا كليا عن أية حركة ثم يُدخل الطعام إلى بطنه عن طريق خراطيش تدخل عبر الأنف يدخلها « أطباء » الإشراف عن التعذيب أو ما يعبر عنه « بالطب الإجرامي »، ثم يبررون ذلك بأن إضراب الجوع سلاح تكتيكي للإرهابيين وأن إدخال الطعام إلى بطونهم بهذه الطريقة التعذيبية الشنيعة هو عمل مبرر في إطار مواجهة الإرهاب والحرب المبررة ضده بكل الوسائل التي تكون أحيانا إرهابا أشد وأنكى! الحق أنني ما عدت أعلم من يتتلمذ على من في مجال التعذيب؟! حكوماتنا الفاقدة للشرعية في مجملها و »رجال » أمنها الذين يُخلع عنهم « رداء » الإنسانية بمجرد انضمامهم للمهنة أم بوش الأصغر ومخابراته « المقاومة للإرهاب »؟! إن سماح بوش وتياره المحافظ ببناء المعسكر السادس بقوانتنامو بمواصفات مرعبة، وهو عبارة عن مجموعة غرف حديدية (2 على 3أمتار) من الفولاذ السميك ليس بها شبابيك للتهوية والأسرّة جزء من البناء (على شاكلة سدة) كما أن الإضاءة متواصلة دون إنقطاع (24 ساعة)، وللموقوف الحق في غطاء واحد من البلاستيك من التاسعة ليلا حتى الخامسة صباحا ثم يسحب منه!! ولنا بعد ذلك أن نتخيل الحالة التي يكون عليها الموقوف بهذه الغرف المعدنية إذا ارتفعت درجة الحرارة أو انخفضت!! … إنها جهنم أرضية على شاكلة أفران في الحرّ وثلاجات تجميد في البرد!! وأتساءل حقيقة ماذا بقي للفيلسوف « هوبز » أن يقول لو أنه اطلع على هذه الأشكال التعذيبية؟ والحال أن عبارة « الإنسان ذئب لأخيه الإنسان » ما عادت تفي بالغرض! وإذا كانت حكوماتنا لا تعير اهتماما للمنظمات الحقوقية فكيف تسنّى لبوش أن يدوس على المواثيق الدولية المتعلقة باحترام حقوق الإنسان وحسن معاملة الأسرى دون اعتبار منه لما يمكن أن يلاقيه من تصدي المنظمات الحقوقية له؟! أم إنه يعلم أن ضحاياه مسلمين وأنهم لا بواكي لهم من حكوماتهم وأن الكيل بمكيالين هو السياسة العامة للمجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية وأن القلة القليلة التي لا تراعي اختلاف اللون والجنس والدين يمكن تجاهلها أو إسكاتها!! إن الغالبية من أسرى قوانتنامو لم يكن لهم في الحرب الدائرة بين أمريكا و « الإرهاب » ناقة ولا جمل وأن معظمهم أبرياء وملفاتهم خاوية كما صرح بذلك المحامون الحقوقيون الذين ينوبون عنهم، وأن معظمهم مساكين لعل ذنبهم أنهم وجدوا في الوقت الخطأ في مكان « خطأ » أو اختطفوا خطأ وكانوا ضحايا لمجرد الشبهة والتّشابه!! ولأن الأمريكان لا « يخطئون » فهم لم يجدوا من الجرأة والشجاعة ما يدفعهم للاعتراف بأخطائهم، كما أن الاعتراف بالخطأ في هذه الحالة يفقد أمريكا « مشروعية » حربها على الإرهاب ويؤكد فشلها بل ويثبت حقيقة أن أمريكا هي الراعية الأولى للإرهاب والمفرخة له بسياساتها الحمقاء، سياسة رعاة البقر والتطهير العرقي!! ما يحزّ في النفس أن غالبية الدول قد طالبت برعاياها الموقوفين لدى أمريكا واستلمتهم فعلا، إلا الحكومة التونسية فقد أعرضت عن معاناة أبنائها في معتقل قوانتنامو وعن مأساة أهاليهم المكلومين ورفضت أن تطالب بهم بل وأعدت لهم أحكاما غيابية تتراوح بين العشرين والأربعين سنة سجنا إكراما لعيون أمريكا التي لم تجد ما تدين به المعتقلين التونسيين!! وهو ما جعلهم يفضلون الإستجارة برمضاء بوش من نار بن علي!

 (المصدر: العدد 51 من مجلة كلمة الإلكترونية  مارس 2007)


المقاتلون العرب في البوسنة سابقا من القتال إلى الإقامة فحرب الترحيل  الحرب على الوجود العربي في البوسنة لا تزال مستمرة

 

سراييفو :  خاص بالحوار نت / عبدالباقي خليفة

جذبت الحرب التي اندلعت في البوسنة يوم 6 ابريل 1992 و انتهت رسميا بتوقيع اتفاقية دايتون للسلام يوم 21 نوفمبر 1995 الكثير من المقاتلين العرب وغير العرب ممن قاتلوا في صفوف جميع الجهات المشاركة في الحرب من البوشناق المسلمين والصرب الارثذوكس والكروات الكاثوليك ، لكن الاضواء سلطت بشكل مباشر و مقصود على المقاتلين العرب الذين قاتلوا إلى جانب الجيش البوسني و يقدرون بنحو 5 آلاف شخص ..وقد نصت اتفاقية دايتون على إخراجهم من البوسنة ،وهو ما تم بالفعل ،ولم يبق منهم داخل البلاد سوى عدد قليل لم يسلم من الانتقادات والاتهامات لا سيما بعد أحداث 11 سبتمبر2001 . الأمر الذي ألقى بظلاله على الوجود العربي المتواضع في البوسنة  بتركيبته المتنوعة مثل عمال الاغاثة والاطباء والطلبة ورجال الاعمال وغيرهم ،حيث ينظر للعرب بعين واحدة  تضعهم في اتجاه واحد ويقيمون بنفس المعايير مهما كانت الفروق واضحة بين الجميع وفي كل شئ تقريبا ..

عودة الوعي  : لقد أدى المقاتلون العرب دورا كبيرا  في القتال الذي خاضه الجيش البوسني ضد عدوين في وقت واحد لا سيما في سنوات  1993 و 1994 و 1995  مع فارق كبير في التسليح إذ كان مستوى التسلح لدى الصرب والكروات يفوق بكثير – وبمستوى لا يقبل المقارنة – مستوى التسلح لدى البوشناق المسلمين ، حتى أن الصرب و الكروات كانوا يفرون من مواجهتهم لشدة إقدامهم و حسن استقبالهم للموت ، كما أن الأسرى الصرب والكروات الذين كانوا يقعون بأعداد كبيرة في أيدي المقاتلين العرب كانوا يموتون كما قالوا بعد اطلاق سراحهم في اليوم عدة مرات نظرا لما كان ينسج في وسائل الاعلام الصربية والكرواتية عن طبيعة أولئك المقاتلين الشرسين فهم  » يأكلون الناس أحياءا « و »لا يعرفون سوى القتل والدم  » وأن  » الحياة والموت لديهم سيان بل يفرحون بالموت أكثر من أي شئ آخر  » وقد ساهمت تلك الدعايات التي هدفت إلى تلطيخ سمعة المقاتلين العرب في إحداث نتائج عكسية على جبهات القتال ..

 حيث حررت مساحات شاسعة في وسط و شمال غرب البوسنة لا سيما سنتي 1994 و1995 حيث طرد الصرب من بيهاتش وسانسكي موست وغورني فاكوف ودوني فاكوف وهي أقاليم شاسعة وليست مجرد مناطق صغيرة . وكاد معقل صرب البوسنة حاليا بنيالوكا يسقط في أيدي الجيش البوسني لولا اتفاقية دايتون التي أوقفت زحف الجيش البوسني . ولم تخل سنوات الحرب من بعض الصدامات العرضية بين بعض المقاتلين العرب وبعض البوسنيين المسلمين الذين تعودوا على نمط حياة معين في ظل نظام الرئيس اليوغسلافي الاسبق جوزيف بروز تيتو ، وذلك عندما حاول بعض المقاتلين العرب تغيير النمط السائد آنذاك فبعض الجرحى منهم في المستشفيات منعوا سماع الموسيقى كما حدث في زينتسا ، و حطم بعضهم محتويات بعض المقاهي الأمر الذي لم يستوعبه البوسنيون الذين نشأوا في بيئة مختلفة وتصورات متباينة ..  وفي المقابل استطاع المقاتلون العرب كسب الكثير من الناس وأصبح لهم مقلدون من الشباب البوسني ، ففي الشارع البوسني كثيرا ما يصادفك شباب محافظون على السنة في اللباس والهيئة العامة ، وإظهار المسواك من فتحة جيوب السترات والمعاطف . كما يمكنك أن تلاحظ انتشار النقاب لدى الفتيات والنساء فضلا عن الحجاب ، وذلك لم يكن موجودا في البوسنة من قبل .رغم أن النقاب كان سائدا في البوسنة على العهد العثماني وحتى الاحتلال النمساوي للبوسنة 1878 / 1919 واستمر بنسب مختلفة في الفترة التي تلتها وهي المملكة الصربية ثم المملكة اليوغسلافية ،ولكنه اندثر تقريبا في فترة الشيوعية أو يوغسلافيا الاتحادية 1945 / 1991 .

ولا يمكن ارجاع انتشار الحركة الاسلامية ولا سيما السلفية في البوسنة للمجاهدين العرب فحسب ،لأننا بذلك نغمط طلبة العلم الذين كان لهم دور كبير جدا في نشر الوعي الاسلامي في منطقة البلقان، وهم خريجو الجامعات الاسلامية في الدول العربية ممن تربوا على يد المشايخ وكتب الله لهم أن يعيشوا مع دعاة ربانيين غرفوا من علمهم وتزودوا من زادهم المعرفي لا سيما في مجال العقيدة ،وفقه الواقع ،وحسن تنزيل الاحكام الشرعية على القضايا الحياتية . بيد أن المقاتلين العرب كان لهم دورهم ، وخاصة أثناء وبعد الحرب حيث أخذ عنهم الشباب الذين انظموا إلى كتيبتهم العسكرية الكثير من العلم الشرعي وطريقة الحياة تصورا ومظهرا .

الحرب والعرب والتغيرات الاجتماعية :  في بداية الحرب سنة 1992 لم يكن عدد العرب يتجاوز بضعة عشرات ،لكن مع حلول السنة الثانية و الثالثة للحرب ولا سيما سنة 1994 أصبحت بعض المصادر تقدرهم بالآلاف ، غير أن جهات كانت ضمن كتيبة المجاهدين ،وضعت سقفا للعدد الاجمالي وهو نحو 5 آلاف مقاتل .. أما الدول التي ينحدر منها المجاهدون العرب الذين شاركوا في حرب البوسنة فبلغ حسب أول قائد للمجاهدين العرب في البوسنة 70 دولة . جاء الكثير منهم من البلاد العربية ومن أوربا عندما بلغت مسامعهم أنباء المذابح والمجازر التي تعرض لها المسلمون في البوسنة ، ترك الكثير منهم الاهل والديار والدراسة والعمل لينضم لجيش الدفاع البوسني وهم غير مستيقينين من امكانية عودتهم أحياء من تلك الملحمة الرهيبة . فمنهم من استشهد و منهم من ينتظر . وقد كان لشهدائهم زوجتن و بنين سنتحدث عنهم في مقال مستقل بعون الله .

 ولنقل صورة حقيقية عن الاوضاع التي عاشها المجاهدون العرب ، ليس هناك أفضل من الاستماع لاول قائد لهم  » أبو عبد العزيز  » تحدث أبو عبدالعزيز أول أمير للمجاهدين العرب في البوسنة عن الظروف التي دفعتهم للذهاب للبوسنة ،وقدم في حوار نادر جرى عبر الايميل على الانترنت تصنيفا مجسدا لمقاتليه في السنوات الاولى للحرب البوسنية ،كما تحدث عن البوسنيين ،وعن تفاصيل بعض الاحداث التي تمت ولا يعرفها سوى من عاشها ففي رده على سؤال حول انطباعات السكان البوسنيين عنهم حال وصولهم للبوسنة قال أبو عبدالعزيز « عند وصولنا إلى ترافنيك ، وهي مدينة صغيرة في البوسنة ، وجدنا أن هناك بعض الشباب من البوسنويين يبلغ تعدادهم أقل من خمسين شخصا ، كونوا  لأنفسهم جماعة من المقاومين تسمى  » القوات المسلمة  » تحت قيادة أحد علمائهم يسمى  احمد أفندي  ، ولكن دون وجود علم إسلامي أو جهادي ، ولكن كان هناك حماس شديد ، فرحبوا بنا أحسن ترحيب ، ووضعوا كافة إمكانياتهم تحت أيدينا ، ليس فقط ، القوات المسلمة ، بل أهالي هذا البلد الطيب .. حتى أنهم قدموا لنا مساكنهم مجانا  » وحول كيفية استقبالهم للمتطوعين الجدد  » عند استقبالنا لشخص جديد نرحب به ونذكر له أهمية التدريب البدني والعلم الشرعي بالإضافة إلى تدريب على السلاح الفردي ..

 وكانت مدة التدريب خمسة عشر يوما بدلا من الواحد عشرين يوما كما كان في أفغانستان ، لإحتياجنا الفوري إلى كادر جهادي للدفاع عن أعراض المسلمين هناك  » ويتابع  » أما بالنسبة ذوي الوزن الثقيل ، فلا مانع من ذلك وكنا نحاول بقدر المستطاع أن يحصل التدريب حسب مستواه البدني ، وربما يعين على المدفع  » وعن تكلفة الوصول لأرض الجهاد كما ورد في أحد الأسئلة يجيب ابو عبد العزيز  » كانت تكلفة الوصول لأرض الجهاد ، أي تجهيز غازي ، حوالي ثلاثة إلى خمسة آلاف ريال سعودي ، أما تكلفة المكوث هناك كانت ، مجانا ، على حساب الكتيبة  » كتيبة المجاهدين التابعة للمقاتلين العرب  » ثم يضيف  » … ليس ضروريا طلب العلم قبل الذهاب إلى الجهاد سوى كلمة  » لا إله إلا الله ، محمد رسول الله  » حسب ما كان يبايع عليه الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم ، وعندما يسألونه ما يستوجب عليهم في ذلك الوقت ، يأمرهم بالقتال ، حتى أن أحد الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رآه النبي بعد إستشهاده بأنه في الفردوس الأعلى ، دون أن يسجد لله سجدة واحدة ، لعدم مكوثه في هذه الدنيا الفانية إلا سويعات قليلة لم يدرك خلالها أي صلاة فريضة بعد بيعته « و يتابع  » الحمد لله كان لدينا من طلاب العلم من كان يقوم بتعليم الشباب الأمور الشرعية المهمة لحياته اليومية ، خلال فترة مكوثه في التدريب أوالرباط أو في الخطوط الأمامية  » الجبهات « .

 وعن حالة المجاهدين النفسية عندما يستشهد أحد المجاهدين قال  » الحمد لله ، الشباب كانوا يفرحون ويباركون بعضهم بعضا عند مقتل أحد المجاهدين ويسألون الله أن يتقبل شهادته ، ويسألونه أن يلحقوا به …وإذا أستشهد القائد يكون هناك نائبه يتولى قيادة المعركة  » وعن الجدول اليومي للمقاتلين ذكر القائد الاسبق للمقاتلين العرب في البوسنة أن  » الجدول اليومي يبدأ بتشجيع الشباب على صلاة التهجد ، ثم الإستعداد لصلاة الفجر جماعة ، بعد الصلاة حلقات تلاوة القرآن الكريم ،جزء واحد كامل ، بقراءة كل شاب لصفحة على الأقل مع تصحيح قراءته وتعليم تجويده ، وبعد ذلك ينادى للتجميع بتوزيع مجموعات للتدريبب البدني حوالي ساعة ونصف إلى ساعتين ، ومن ثم الإفطار وبعده التعليم النظري لسلاح معين وبعده صلاة الظهر ودرس في الشريعة ،ثم غداء ، ثم القيلولة ، ثم صلاة العصر ، ثم التدريب عمليا على السلاح الذي درسه صباحا ، ثم صلاة المغرب إجتماع لبيان التعليمات أو الدروس الشرعية ، فصلاة العشاء ، ثم وجبة العشاء ، ثم النوم ، ثم الأحلام بما ينال الشهيد عند الله سبحانه وتعالى من الدرجات العلى في الجنات النعيم  » وعن الحالة النفسية قبل المعركة وبعدها أفاد أبو عبد العزيز بأن  « حالة الشباب تكون حالة مختلفة حسب خبرته السابقة وإيمانه بالله سبحانه وتعالى ، ربما القلق أو الرهبة أو غير ذلك ، ولكن القائد يستطيع أن يزيل هذه الرهبة أو القلق بالموعظة الجميلة ، وتذكريهم بما ينالون عند الله وغير ذلك ، ثم الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى بالثبات والمدد والسكينة ، والحمد لله يزول من قلوب الشباب ما يحسونه من وساوس الشيطان ، أما خلال المعركة فلا تسأل عن الأسود عندما يكشرون عن أنيابهم ، والشجاعة والإقدام ، والتسابق لنيل رضا الله سبحانه وتعالى ، والفرحة في وجوههم ، والطرافة في أقوالهم ، وحب مشاهدة العدو عند التلاقي وهو ينصرع أمام هؤلاء الفتيان ، والرغبة في تنكيل العدو ، مع التكبير والتهليل والدعاء والإستغفار » وحول ما ينصح به الشباب الراغبين في الجهاد و كيف يتصرف الواحد منهم في أول يوم يصل فيه أرض المعركة قال  » نصيحة لمن يريد الجهاد أن يتوكل على الله سبحانه وتعالى ولا يتردد ويسد أذنيه عن كلام المرجفين بعد الإستخارة وطلب العون من الله العلي القدير  أماعن  أول يوم يصل لأرض الجهاد أن يلتحق بالجماعة وأن يلتزم بكل التعليمات التي تعطى له والسمع والطاعة للمسئولين  » وعن الصعوبات التي يتعرض الراغب في اللحاق بالمجاهدين ذكر ابو عبد العزيز أنه  »  لم تكن هناك أي صعوبات وهو متيقن من قوله تعالى :

 (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) (69) العنكبوت « وحول ما يقال من ضرورة الحصول على تزكية من أحد المشايخ لقبول الشخص ضمن المجاهدين أكد على أنه لم يطلب من أحد ذلك  » لا ، لم نكن نطلب أي تزكية من أي أحد سوى أنه مسلم يشهد بـ ، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ، فهذه هي التزكية التي نطلبها  » . وحول مستوى الجاهزية المطلوبة  كحد أدنى أكد على أن  » الجاهزية المطلوبة إنه مسلم ، وليس هناك كحد أدنى أو كحد أعلى . قال تعالى :   انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ  » (41) التوبة « . وطالب بعدم تحديد مكان معين للجهاد ردا على سؤال بهذا الخصوص  »  أنصح بعدم تحديد مكان معين لأنه يجاهد لأعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى ، وليست للعصبية أو قومية أو جغرافية ، أما خروج الرايات السود ، لم أجد أي دليل صحيح أنها خرجت أو تخرج من مكان معين إلا بعد أحداث وملاحم لم تتم حتى الآن   وتحدث أبو عبد العزيز عن بعض المواقف التي حدثت له عند سفره للجهاد  » عند سفرنا في تلك الفترة إلى زغرب  » عاصمة كرواتيا  » رأينا إمرأة في إحدى مخيمات اللاجئيين في ذهول وكأن الدموع قد جفت ، وكأنها لا تدري هل هو نهار أم ليل ، فحاولت الإستفسار عن مشكلتها بواسطة المترجم ، وبعد إلحاح من المترجم بدأت تروي قصتها بكل صعوبة لتخلتج كلماتها بآهاتها فتقول :  » عندما هجم  علينا الصرب قبضوا علي مع طفلي الرضيع الذي لم يبلغ الشهر الثالث ، وأخذوني مع بعض النسوة الآخرين ووضعوني في إحدى الغرف في معسكرهم ، وتركوا إبني في الغرفة المجاورة وبدأوا في إغتصابي ، وعندما سمعت بكاء طفلي توسلت إليهم أن يتركوني ولو دقائق لأرضع إبني ، فإذا هم وعدوني بذلك والإبتسامة الماكرة في وجوههم ، وأمروني أن أبقى في مكاني حتى يحضروا طفلي ، وبعد سويعات إنقطع صوت طفلي ، ومن ثم حضروا وألقوا في حجري رأس طفلي فقط  » . المجاهدون بعد نهاية الحرب : بعد توقيع اتفاقية دايتون ، تم حل كتيبة المجاهدين وفق أحد بنود الاتفاق ،وعاد أغلبية المقاتلين إلى دولهم ، ماعدا من لم يتمكن من ذلك لأسباب أمنية كالمصريين ومواطني دول المغرب الاسلامي ، حيث تزوجوا من بوسنيات و حصلوا على الجنسية البوسنية لمشاركتهم في القتال . وقدعمل بعض المقاتلين العرب في عدة مجالات منها الاغاثة والتجارة ،وأنشأوا مراكز ثقافية سرعان ما تم اغلاقها سواء لضعف الموارد أو ازدياد حدة المخاوف من تأثيرهم حيث كانوا يجذبون إليهم ميئآت الشباب ويربونهم في المخيمات ويجمعون بين الترفيه والتثقيف ، إضافة لبعض المساعدات التي تمنح في شكل جوائز أو غير ذلك . و قد أدى مقتل مقتل ستة من قادة المقاتلين العرب بعيد توقيع اتفاقية دايتون في كمين على يد الكروات في إضعاف قوة المقاتلين العرب لكنهم استمروا في العمل ،واعتبروا ما حدث  » صخرة في وجه نهر جار يحيطها الماء و يعلوها ويتجاوزها بقوة الدفع الذاتي « . وكان لقرية بوتشينا في وسط البوسنة دور هام في عمل المقاتلين العرب سابقا فقد حولوا القرية إلى نموذج لطريقة الحياة التي يفضلونها فأسسوا ورش النجارة وتربية المواشي وتنظيم الدورات الثقافية والعمل التجاري في الاسواق ، إلا أن الضغوط التي مورست على الحكومة البوسنية لتفريقهم و من ثم إبعاد بعضهم خارج البوسنة  قضت على ذلك النموذج الذي كان يجذب إليه الكثير من المعجبين . فقد تم تسليم عدد منهم إلى مصر وفرنسا بسبب اتهامات لهم بممارسة الارهاب ، وطلب من قائد المقاتلين العرب في البوسنة عبدالقادر المختاري المكنى بابو المعالي الجزائري بمغادرة البوسنة ،وكان يطلب من بعضهم مغادرة سراييفو كلما قدم زائر كبير لا سيما من الولايات المتحدة الاميركية . و قد شكلت تفجيرات نيويورك و وواشنطن ومن ثم مدريد ولندن والحرب على العراق منعرجا خطيرا في حياة من تبقى من المقاتلين العرب في البوسنة و غيرهم من العرب حيث أصبحت تهم الارهاب بل جرائم الحرب تحاصرهم من كل جانب خاصة وأن بعض المقاتلين سابقا اتهموا بارتكاب بعض الجرائم مثل تفجير سيارة في موستار البوسنية سنة 1997 ، إضافة لقتل 3 كروات  في ترافنيك  وسط البوسنة اتهم العرب بقتلهم ، ويقضي عراقي حكما بالسجن لمدة خمس سنوات بعد اتهامه بالضلوع في الجريمة وارتكاب جرائم حرب وهو ما يصر على نفيه ، وهو بذلك أول عربي يحاكم بتهمة ارتكاب جرائم حرب في البوسنة ..

 كما تم نقل 6 جزائريين إلى غوانتانامو بعد 11 سبتمبر بتهمة تهديد السفارتين الاميركية والبريطانية في سراييفو ،رغم تبرئة القضاء لهم و الحكم باطلاق سراحهم . كما تم اغلاق عشرات المؤسسات الخيرية بتهمة دعم الارهاب بدون تقديم أي أدلة ، الأمر الذي فسر على أنه حرب شاملة ضد الاسلام و كل ما يمت إليه بصلة ،و حلقة من مسلسل الاساءات المعتمدة ضد الاسلام و المسلمين في العالم .مما جعل بعض المراقبين يتساءلون بسخرية عن  » عدم متابعة الارهابيين قضائيا إذا كانوا ارهابيين حقا أو يمولون الارهاب بالفعل  » ، وهو ما يفسره البعض بالرغبة في إخراج العرب والمقاتلين السابقين منهم بالخصوص من البوسنة بكل الوسائل . وقد طلب حلف شمال الاطلسي من القضاء البوسني مراجعة ملف 1500 من العرب الحاصلين على الجنسية البوسنية وسحب الجنسية ممن حصلوا عليها بسبب عملهم في الجيش البوسني أثناء الحرب ..

 وقالت صحيفة  » فيتشرني ليست الكرواتية  »  التي أوردت النبأ نقلا عن مصادر دبلوماسية أن  » حلف شمال الأطلسي قدم أسماء 741 من العرب الحاصلين على الجنسية البوسنية وطلب من القضاء البوسني سحب الجنسية من كل من يتبين أنه كان مقاتلا أثناء الحرب  » وقالت الصحيفة أن  » حلف شمال الاطلسي يريد بهذه الخطوة  التقليل من مخاطر عمليات إرهابية  تقوم بها القاعدة  وغيرها من المنظمات الراديكالية الاسلامية  التي تعمل على نشر مبادئها بين الشباب في المنطقة  « . وقالت الصحيفة إن « حلف شمال الأطلسي سيطلب من الحكومة البوسنية طرد هؤلاء من أراضيها  » وذكرت أنه  » كان في البوسنة أثناء الحرب الآلاف من المجاهدين و ينتمون لعدة دول اسلامية منها السعودية ومصر وسوريا و تركيا والجزائر وأفغانستان وايران والسودان و بعد انتهاء الحرب عملوا على نشر الاسلام  » وأشارت إلى أن « هناك مسلمين أوروبيين ومحليين أصبحوا مجاهدين  بسبب الحرب « . وقد أثارت  هذه الانباء  الكثير من القلق لدى العرب الحاصلين على الجنسية البوسنية و لا سيما الذين حصلوا عليها لمشاركتهم في الحرب إلى جانب البوشناق ، أو الذين حصلوا على الجنسية لزواجهم من بوسنيات أو غير ذلك ، لا سيما و أن إثارة مثل هذه الانباء أصبح يتم بشكل دوري على حد قول  صالح ب  » للحوارنت  »   » من حين لآخر تثار مثل هذه الزوبعة و لا نعرف ما يريدون من ورائها  » و قال ج ج  » نحن نخضع لارهاب إعلامي رهيب ، البعض يعيش في خوف دون أن يرتكب محظورا يذكر  » و قال عيسى ز  » لم يرتكب  العرب أي شئ يمكن أن يجعل الاطراف الاخرى تشعر بالانزعاج أو عدم الشعور بالامن  » وعن أسباب هذه المخاوف التي تبديها الجهات المذكورة قال  » الخوف غير المبرر  ، الناس ( يقصد العرب ) يريدون العيش في سلام علاقاتهم جيدة مع الجيران ومع كل الاطراف ما الداعي لكل هذه المخاوف ، نحن نشعر بوجود نية للعدوان علينا  بدون أي أسباب وجيهة  » .

 وذكر عمار س  أن  » بعض العرب و بسبب هذه  الادعاءات قطع علاقته مع الآخرين ، وعندما اتصلت به وهو صديق عزيز علي قال لي : لا تتصل بي لم أعد أثق في أي أحد  » وتزيد مثل هذه الانباء من توتر العرب الموجودين في البوسنة وخاصة من  تساورهم الظنون بأنهم المستهدفون من كل ما يقال و يكتب في الصحف والمجلات نقلا عن مصادر دولية كالاتحاد الاوروبي وحلف شمال الأطلسي و الولايات المتحدة الأميركية . وقال بوسنيون عرب ومقيمون في سراييفو إنهم تلقوا رسائل عبر الهاتف الجوال  تتهمهم بالانتماء للقاعدة وتتوعدهم بعبارات بذيئة على حد وصفهم .. ولم يستطع الاشخاص الذين تلقوا رسائل متطابقة معرفة مصدر الاتهامات والتهديدات التي أقلقتهم  مما جعلهم يختلفون في قراءاتهم واستنتاجاتهم . و قال م ح  » أعتقد أن مصدرها الاستخبارات الاجنبية والمحلية لمعرفة ردود أفعالنا و تمحيص تخميناتها  » و قال  » ج ر  » لا يمكن للاستخبارات  أن تفعل ذلك ولا بد أن هناك شخص ما يحاول أن ينتقم لنفسه  بطريقة جبانة فعمد لمثل هذه الاساليب  » وقد انقسم البقية بين هذين الرأيين رغم استعانتهم بالشرطة التي أكدت عدم معرفتها بما جرى وفتحت تحقيقا  في القضية ..

 وهذه المرة الاولى التي يتعرض فيها عدد من العرب البوسنيين والمقيمين لمثل هذه الاتهامات والتهديدات بالاسلوب المذكور . إضافة لادعاء أجهزة الامن الصربية والكرواتية أن  تفجيرات  11 مارس في مدريد خطط لها في البوسنة من قبل المقاتلين العرب ، وهو ما تأكدت من كذبه الشرطة الاوروبية يوروبول حيث لم يقدم دراغومير أندان مدير الامن الصربي السابق أي دليل على ذلك . و قد حاول الكروات التأثير على سجين بحريني يقضي حكما بالسجن لمدة 8 سنوات في البوسنة اتهم بمهاجمة جنرال أميركي كان يقوم  بتدريب الجيش الفيدرالي وذلك بالاشتراك مع شخص آخر بعد توقيع اتفاقية دايتون وقاما بسلبه وأخذ مفاتيح سيارته الجيب و حشره في مرحاض و إغلاق الباب عليه  ، فقد أعلن البحريني أنه من تنظيم القاعدة و أنه الذراع الايمن لاسامة بن لادن ،وأنه يمتلك قائمة بعناصر تنظيم القاعدة في البوسنة و البلقان . لكن التحقيقات التي أجرتها معه الاستخبارات الاميركية والاوروبية كشفت عن أنه لا يملك أي معلومات ذات قيمة وأن المسالة  برمتها تمت فبركتها بين الاستخبارات الكرواتية ومحاميه ..

 بيد أن عمليات المراقبة لا تزال مستمرة  وقد كشف جانب منها من قبل عميل استخبارات بوسني أكد على أن عددا كبيرا من العرب المقيمين في البوسنة و الحاصلين على الجنسية البوسنية بمن فيهم أشخاص لا يعدون من المقاتلين العرب سابقا في عداد المراقبين و ممن تحوم حولهم شبهات الارهاب أو الراديكالية . وكشف أسماء الكثير من العرب المتعاونين مع الاستخبارات الدولية ضد المشتبه بهم لكن الوثائق والمعلومات التي تم نقلها لا تمثل أي قيمة أمنية رغم تسليم أحدهم 100 ألف وثيقة تابعة لهيئة إغاثية خليجية للاستخبارات لكونه خبير كمبيوتر عمل مع هذه المؤسسة .غير أن التركيز الاكبر كما يبدو مسلط على المقاتلين سابقا ، وهذا ما دفع عبدالقادر المختاري المكنى ب أبو المعالي قائد المقاتلين العرب سابقا في البوسنة إلى نفي أي علاقة للمقاتلين العرب مع تنظيم القاعدة .  » الكتيبة لم يكن لها أي علاقة بتنظيم القاعدة ، وجميع المحللين الجادين يعرفون الفرق الشاسع بين سياستنا وعملنا العسكري ،وما تفعله القاعدة  » وتابع في حوار نشر في البوسنة « نحن نختلف عنهم في التفكير والعمل ، وأنا آسف لما يحدث في العالم الاسلامي بعد الذي قامت به القاعدة  » ..

 ونفى القائد السابق للمقاتلين العرب أن يكون مقاتليه ارتكبوا جرائم حرب أو جرائم ضد الانسانية  » لم نرتكب أي جريمة ، فالجميع يعلم أين كنا و في أي المعارك شاركنا ، لقد مضت 10 سنوات على وجود القوات الدولية في البوسنة ولم تعثر على أي دليل على ارتكابنا جرائم مثلما هو الحال مع المقابر الجماعية للبوشناق ، وكنا نسلم الاسرى للجيش البوسني  » . وذلك ردا على المحاكمات الجارية في لاهاي لثلاثة من قادة الجيش البوسني بسبب ما يقال عن انتاهاكات ارتكبها المقاتلون العرب سابقا في البوسنة . ورغم ذلك تواصل ماكينة العمل ضد الوجود العربي في البوسنة عملها حيث أعلن يوم الجمعة 23 مارس عن سحب الجنسية البوسنية من 367 عربيا ، معظمهم كما يقال من المقاتلين العرب سابقا وممن حصلوا على الجنسية البوسنية رغم عدم زيارتهم للبوسنة ولولمرة واحدة ،ولا تزال الحرب على الوجود العربي في البوسنة مستمرة ، تحت لافتة محاربة الارهاب ،ومواجهة الوهابية ، وهي مواجهة أراد لها موقدوها أن تكون الشجرة التي تخفي غابة المظالم والمشاكل القائمة والمتفاقمة في البوسنة ، وعلى كافة الاصعدة .

24/03/2007 خاص بالحوار نت / عبد الباقي خليفة. (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 24 مارس 2007) E-Mail: info@alhiwar.net Site:www.alhiwar.net


خلفيات التوتر بين طهران وموسكو …………

 توفيق المديني

في الوقت الذي حصل فيه الرئيس الإيراني أحمدي نجاد على تأشيرة دخول للولايات المتحدة لكي يلقي خطابا أمام أعضاء مجلس الأمن يدافع فيه عن سياسة بلاده النووية، بعد أن توافقت القوى العظمى على مشروع قرار يتعلق بفرض عقوبات مشددة ضد طهران، اندلعت أزمة جديدة بين موسكو وطهران حول محطة “ بوشهر” الكهروذرية الإيرانية، التي أنجزتها مؤسسة “آتوم ستروي اكسبورت” الروسية. واللافت في الأزمة ليس التناقض الروسي  الإيراني في تفسير ملابساتها وحسب، بل في انها شكلت ضربة مفاجئة هزت واحداً من عناصر قوة الموقف الإيراني في مواجهة الضغوط الغربية، لاسيما ان الأزمة اندلعت في مرحلة دقيقة من مراحل العمل في المحطة، أي عندما حان أوان البدء بإرسال الوقود النووي اللازم لتشغيلها إلى إيران.

ومن المعروف تاريخياً أن محطة “بوشهر”، كانت شركة “سيمينز” الألمانية قد تكفلت ببنائها منذ العام ،1980 غير أن نشوب الحرب العراقية الإيرانية الطويلة في السنة عينها، دفع بالشركة الألمانية الى التخلي عن المشروع، ورفض الخبراء الألمان بعد انتهاء الحرب 1988 العودة لاستكمال العمل فيه. وفي العام 1995 وافقت روسيا على استكمال العمل لبناء محطة “بوشهر”، بعد أن وجدت المؤسسة الروسية “آتوم ستروي اكسبورت” مبنى المحطة الكهروذرية مدمراً ومهجوراً لأكثر من 15 سنة.

وبينما كان من المفروض أن تعطي المؤسسة الروسية المسؤولة عن محطة “بوشهر” الوقود النووي اللازم لتشغيل المحطة مع بداية شهر مارس/ آذار الجاري، أثارت روسيا في شكل مفاجئ مسألة التأخير في دفع المستحقات المالية من جانب الحكومة الإيرانية. وهكذا أعلنت موسكو أن الشركات الروسية “مضطرة لوقف العمل في إنجاز المرحلة الأخيرة من بناء المحطة بسبب عدم وفاء إيران بالتزاماتها المالية”. وقال مدير الوكالة الروسية للطاقة الذرية سيرغي كيريينكو للصحافيين “إن روسيا لا تستطيع إكمال بناء المحطة الكهروذرية في بوشهر على نفقتها الخاصة”، وان بلاده لم تتسلم منذ أوائل العام الحالي الدفعات المستحقة على الإيرانيين.

في المقابل أكد نائب رئيس مؤسسة الطاقة الذرية الإيرانية محمد سعيدي أن طهران دفعت لموسكو “أكثر من 80 مليون دولار خلال الستة أشهر الأخيرة” من أصل المبلغ المستحق، والمقدر بنحو مليار دولار، هو كلفة المشروع. لكن التحويلات تأخرت بسبب انتقال إيران من التعامل بالدولار الأمريكي إلى اليورو. ولمّح المسؤول الإيراني إلى أن أثارا سياسية ستترتب على الموقف الروسي الجديد، حين قال إن المشكلات المتعلقة بمشروع محطة بوشهر “تحمل طابعاً مالياً وفنياً في الوقت الحاضر، ولكن، إذا لم تجهز روسيا الوقود النووي في مارس/ آذار من هذه السنة فهذا يعني أن المشكلة تجاوزت هذه الأطر”.

وفي هذا السياق من التصريحات والتصريحات المضادة، بدأت الأوساط الروسية تتحدث عن بداية مغادرة لألفين من التقنيين والمهندسين الروس وغيرهم من المختصين الذين كانوا يعملون في بناء محطة “بوشهر”، رابطين بين هذا الرحيل وعدم دفع المستحقات المالية. وتعزو تحليلات الصحافة الأسباب الحقيقية لهذه الأزمة بين موسكو وطهران، لا لأسباب مالية، وإنما لأسباب سياسية، من بينها:

1 يرى المراقبون الغربيون أن التحول الذي طرأ على الموقف الروسي نابع من تخوف موسكو، من أن يكون للإيرانيين برنامجهم النووي السري. فقد أظهرت تصريحات المسؤولين الروس في الأسابيع الأخيرة تزايد مخاوف موسكو من احتمال تجاوز طهران “الخط الرفيع الفاصل بين الصناعات النووية المدنية والقدرة على تطوير سلاح نووي”، تعزز وجهة نظر أطراف ترى أن التطورات الأخيرة وتزامنها مع الحديث عن عملية عسكرية أمريكية محتملة تعكس تحولاً جدياً في الموقف الروسي، ويكفي أن سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي ايغور ايفانوف تعمد أن يعلن أخيراً وفي حمّى السجالات الروسية  الإيرانية أن بلاده “لا يمكن ان تقبل بأن تمتلك إيران سلاحاً نووياً”، وحذر من أن تطوراً من هذا النوع سيشكل تهديداً لأمن روسيا الاستراتيجي. وفي الوقت نفسه كتب رئيس الوزراء الروسي الأسبق يفغيني بريماكوف الذي يعد مهندس سياسة روسيا في الشرق الاوسط مقالاً اعتبر فيه “أن هناك أقوالاً وأفعالاً تتنافى مع تأكيدات القادة الإيرانيين على سلمية برامجهم النووية”، منها رفض إيران تقديم أجوبة عن أسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإعلان طهران تصميمها على عدم تجميد أعمال التخصيب، وتسريع وتيرة تركيب المزيد من أجهزة الطرد المركزي المخصص لتخصيب اليورانيوم.

2 تزايد الضغوط الأمريكية على روسيا التي تزامنت مع الإحباط الذي ولده إصرار الإيرانيين على تجاهل النصائح الروسية في التعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وقرارات مجلس الأمن الدولي، لجهة التخلي عن تخصيب اليورانيوم. وفي ظل هذا التعنت الإيراني، يبدو أن روسيا قررت التخلي عن حليفها الإيراني، إذ وافقت موسكو ومعها بكين على مشروع قرار دولي جديد يفرض عقوبات جديدة ضد إيران. ولا شك أن هذا التطور يخدم مصلحة الولايات المتحدة، في الوقت الذي بدأت فيه طهران تخسر آخر حلفائها.

ما يؤكد صحة هذا التحليل قول الباحث الروسي الكسندر بيكايف (من معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية) من أن قادة إيران “يسهمون بطريقة مباشرة في إنجاح السياسة الأمريكية تجاه إيران” على رغم خطابهم العدائي حيال الولايات المتحدة لا سيما والغرب عموماً، مشيراً إلى أن سلوك إيران خلال الأسابيع الأخيرة أوقع بلدين كانا يتخذان موقفاً ودياً تجاه إيران هما روسيا والصين في حرج. وزاد أن موسكو وبكين “لم يعد في مقدورهما أن تقفا مع طهران التي تصر على تجاهل قرارات مجلس الأمن” (المصدر: صحيفة  الخليج الإماراتية  بتاريخ 24 مارس 2007)


الإسلام والصراع على السلطة

د.حسن حنفي يكثر الحديث عن الإسلام في الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية والشهرية. وليس المقصود منه عرض الإسلام في ذاته أو بيان حلوله لبعض المشكلات والأزمات الطاحنة التي تمر بها المجتمعات العربية والإسلامية، بل المقصود من كل خطاب، على رغم تنوع الخطابات، الصراع على السلطة. فالسلطة هدف الجميع، حكومة ومعارضة.

تستعمل الدولة، أي النظام الحاكم أو الحكومة بالتعبير الشعبي، الإسلام لصالح البقاء في الحكم والاستمرار في السلطة. فالإسلام في الصحف هو الإيمان ومضمونه العقائدي الغيبي أو الشعائري، السمعيات وليس العقليات، النظريات وليس العمليات. وهو الاعتدال ضد التطرف، والتسامح ضد العنف، والوحدة الوطنية ضد الفرقة، وبناء المساجد والكنائس على حد سواء، دون تمييز لفريق على فريق، وعيد ميلاد المسيح إجازة رسمية مثل المولد النبوي سواء بسواء. وتقيم الدول أصلاً مسابقات تحفيظ القرآن. وتساهم في إقامة الأعياد والموالد للأولياء. وتحافظ على التراث، وتطبعه وزارة الثقافة. وتقوم الدولة من خلال وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بذلك. ومشيخة الطرق الصوفية تابعة لرئاسة الجمهورية مثل جامعة الأزهر ومكتبة الإسكندرية. وتُبقي على الإسلام ديناً رسمياً للدولة بالرغم من اعتراضات العلمانيين بأن الدولة لا دين رسمياً لها لأنها تمثل جميع المواطنين بصرف النظر عن إيمانهم. وتُبقي على المادة الثانية التي تنص على أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع حتى لا تزايد الحركات الإسلامية عليها. وهي تعلم أن كل ما يُسن من قوانين في البلاد مثل قانون الطوارئ، والأحكام العرفية، وقانون مكافحة الإرهاب، كلها- حسب البعض- معارضة للشريعة الإسلامية التي تؤكد حرمة المسلمين، أعراضهم وأموالهم. وهي تعلم أيضاً أن كل ما يحدث في البلاد من احتكار تجارة الحديد والإسمنت، وتلاعب بالأسعار، ومضاربات في العقارات، وبيع أصول البلاد، مصانعها، وجامعاتها وبنوكها بدعوى الخصخصة والدخول في عصر العولمة والمنافسة واقتصاد السوق إنما هو ضد الشريعة الإسلامية التي تحرم الاحتكار، والتلاعب بالأسواق، وبيع الركاز أي كل ما هو في باطن الأرض كالمعادن أو ثابت لا يتحرك، لا ينقل في الأسواق.

والإسلام أيضاً في أيدي أتباع حركات الإسلام السياسي ليس المقصود به الإسلام في ذاته بل الإسلام من أجل الوصول إلى السلطة، الإسلام في معترك الصراع السياسي. فهم بزعمهم المحافظون على تراث الأمة العريق من الاندثار والضياع، والداعون إلى التواصل معه. ولا يصلح هذه الأمة إلا ما صلح به أولها. وهم يزعمون أنهم المدافعون عن تطبيق الشريعة الإسلامية ضد القانون الوضعي الذي يلاقي تحته المواطنون أشد ألوان العذاب في المكاتب الحكومية وفي أجهزة الدولة. وهم المدافعون عن الهوية ضد التغريب، والمتمسكون بالأصالة دون الحداثة، والمحافظون على روح الأمة الخالدة ضد إغراءات الدنيا. شعاراتهم سلطوية إقصائية أحادية الجانب. « الإسلام هو الحل » مع أنه لا يوجد حل واحد لأي قضية. « الإسلام هو البديل »، والبدائل متعددة. ولا يوجد بديل واحد إلا في أوقات الهزيمة بحثاً عن الخلاص وتعلقاً بطوق النجاة. « تطبيق الشريعة الإسلامية » للثورة على القوانين الوضعية وبالتالي الثورة على الدولة من أجل الوصول إلى الحكم. وهدف هذه الشعارات هو تقويض ما هو قائم وليس تغييره إلى ما هو أفضل والبناء عليه. فالهدم يأتي قبل البناء. والبناء يأتي بعد الهدم. الإسلام هنا وسيلة للوثوب إلى السلطة. وهو حق مشروع لكل القوى السياسية في البلاد. فليست السلطة حكراً على أحد. بل يتم تداولها طبقاً لصناديق الاقتراع والانتخابات الحُرة مهما تغيرت مواد الدستور إلى البقاء في السلطة أكثر من دورتين ثم إلى مدى الحياة.

والدين في أيدي العلمانيين يقوم على تشويه متعمد له من أجل إبعاد خصومهم الإسلاميين في الصراع معهم على السلطة. فـ »الدولة الإسلامية » أيضاً حسب العلمانيين في حقيقتها دولة دينية وليست دولة مدنية. يحكمها رجال الدين باسم الله ونيابة عنه. هي دولة ثيوقراطية. إمامها مثل ولاية الفقيه. قضى عليها الغرب في عصوره الحديثة، واستبدل بها الدولة المدنية، وفصل الدين عن الدولة، والسلطة الدينية عن السلطة السياسية، والكنيسة عن الدولة. ولما شاعت ثقافة الغرب، وعم نموذجه، وتم إسقاطه على باقي الثقافات والشعوب، كره الناس الإسلام وخافوا منه. فمن يريد العصر الوسيط، وتحالف الكنيسة مع الملكية كنظام سياسي ومع الإقطاع كنظام اجتماعي؟ وهل يرضى الأقباط أن يعيشوا في كنف الدولة الإسلامية كـ »أهل ذمة »؟ وأهل الذمة في الاستشراق الغربي الذي ذاع وانتشر مواطنون من الدرجة الثانية. أقلية وسط الأغلبية. تؤخذ منهم الجزية عن يد وهم صاغرون. والرأي العام العالمي، وأقباط المهجر جزء منه، يروجون لمثل هذه الأحكام الخاطئة طلباً لتأييد الغرب لحقوق الأقليات، واستعداء للدول الكبرى والمنظمات الدولية خاصة الأمم المتحدة التي نصبت نفسها مدافعة عن الأقليات، وتصدر القرارات الدولية بمعاقبة الدول التي تنتهك حقوقها باسم الإسلام. وأتباع حركات الإسلام السياسي لا يسلّمون بتداول السلطة. إذا وصلوا إليها فإنهم باقون فيها إلى الأبد كما أعلن مرة رئيس جبهة « الإنقاذ » في الجزائر بعد نجاح الإسلاميين في الانتخابات البلدية أن هذه آخر انتخابات. وما بعد الحق إلا الباطل. فأخاف الناس، وأثار الجيش، فانقلب عليهم، انقلاب على انقلاب، وسلطة على سلطة. يخلط الإسلاميون بين الدين والسياسة. ويستعملون الدين لصالح السياسة دون كشف ذلك أيضاً في منطق الدولة من أجل إقصاء الخصوم. والدين تجربة شخصية في حين أن السياسة فضاء عام. الدين علاقة الإنسان بينه وبين ربه. والسياسة علاقة الإنسان بأخيه الإنسان. الدين لله والوطن للجميع. والإسلام وفق هذا الزعم ضد حرية الفكر. لا يقبل الحوار مع الخصوم. يكفرهم ويستبعدهم ويزيحهم ويقصيهم بل ويصفيهم جسدياً، ويستعمل كل وسائل العنف من أجل تخليص المجتمع من الفرق الهالكة باسم الفرقة الناجية. يحكمون بمفردهم ولا يدخلون في جبهات وطنية مع باقي القوى السياسية، الليبراليين والماركسيين والقوميين. فقد اغتيل حسن البنا في العصر الليبرالي. وأُعدم سيد قطب في العصر القومي الاشتراكي لممارسة العنف وتكوين التنظيمات السرية لقلب نظام الحكم. وقد لا يطيق فريقان من جماعات الإسلام السياسي بعضهما بعضاً. كل فريق يريد الحكم بمفرده كما هو الحال في السودان بين الحكم والجبهة القومية في المعارضة. والشريعة الإسلامية وفق هذه الرؤية القاصرة تبدو وكأنها فقط الحدود، قطع الأيدي والرقاب والجلد والرجم والصلب والتعليق على جذوع الأشجار والحريم وتعدد الزوجات والطلاق وعدم مساواة المرأة بالرجل والتخلف ومعاداة العلم والمدنية إلى آخر ما يقوله الاستشراق التقليدي. ولا فرق بين ما تروجه الدولة ضد الإسلاميين وما يروجه العلمانيون ضدهم. فالعدو واحد.

إن تشويه الإسلام من أبنائه في أتون الصراع السياسي ضد العلم وضد الوطن. فليس من مصلحة الدولة ولا العلمانيين ولا جماعات الإسلام السياسي تشويه الإسلام وتسليمه لأعدائه لصالح الصراع السياسي على السلطة. السلطة زائلة وثقافة الأمة باقية. الأصلح للجميع حفاظاً على تراث الأمة الذي يكوّن الرافد الرئيسي في ثقافتها السياسية التعامل مع الإسلام في ذاته وكيف أنه قادر على الدفاع عن مصالح الأمة واستمرارها في التاريخ والدخول في تحديات العصر: تحرير ما تبقى من الأراضي المحتلة في فلسطين وسبتة ومليلة وما زاد عليها في العراق وأفغانستان والشيشان كما يريد الوطنيون جميعاً، وتحرير المواطن من كل صنوف القهر السياسي والاجتماعي تحقيقاً لشعار « لا إله إلا الله »، والجهر بالحق، وقول كلمة حق في وجه الحكم كما يريد الليبراليون، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الناس وجعل العمل المصدر الوحيد للقيمة بدلاً من التفاوت الشديد بين الأغنياء والفقراء وتهريب الأموال والاتجار بالأرزاق كما يريد الماركسيون، والدفاع عن وحدة الأمة ضد مخاطر التجزئة والتفتيت العرقي والطائفي، وتحقيق التنمية المستقلة في أمة متكاملة في اقتصادها بين الثروات والعقول والسواعد كما يريد القوميون الوحدويون، والدفاع عن الهوية ضد التغريب والتمييع كما يريد الإسلاميون، وتجنيد الجماهير وحشد الناس الذي تعاني من غيابه جميع فرق المعارضة. ليس من مصلحة أحد تشويه الإسلام من أجل الصراع على السلطة، بل من مصلحة الجميع إبراز قدرة تراث الأمة على تحقيق مصالحها الوطنية وأن يكون وعاء للوحدة الوطنية التي يجتمع فيها كل الفرقاء على الحد الأدنى من المصالح العامة على مستوى العمل، مع أكبر قدر ممكن من التعددية السياسية وحق الاختلاف على مستوى النظر.   

(المصدر: صحيفة  الاتحاد الإماراتية  بتاريخ 23 مارس 2007)


الإسلاميون وخطاب الكواكبي السياسي والدولة الحديثة

عبد الرحمن الحاج  

ينقسم الإسلاميون حول موقفهم من عبدالرحمن الكواكبي إلى قسمين على طرفي نقيض، طرف منهم ينظر إلى الكواكبي كأحد الذين ساهموا في إسقاط الخلافة العثمانية وعملوا ضدها مما صب في المحصلة في خدمة المصالح الغربية وخراب ديار الإسلام، والطرف الثاني يرى فيه «تنويراً» و «إصلاحاً دينياً» لم يأخذ حقه بالاستفادة والدرس، ناهيك عن مواقف التقدميين العرب من الكواكبي الذين حاولوا استثمار جهوده ضمن خطاب سجالي يسوِّق لأيديولوجيا تقدمية أو قومية اشتراكية! وعلى رغم أن الخطاب الإسلامي الحركي يكاد يكون أخذ ملامحه العامة على وقع سقوط الخلافة، ولم يتطور كثيراً في ما بعد سوى في اتجاه الانتقال من المحلية إلى العالمية، فإن خطاب الإسلاميين على اختلاف توجهاتهم («جهاديين» و «برلمانيين» و «مستقلين») متأثر في شكل ما بخطاب الكواكبي الذي كانت السياسة مركز مشروعه.

وفي حديثنا عن خطاب الكواكبي السياسي هذا لن نذهب بعيداً في وصف تأثيرات عمل الكواكبي الصحافي في صحيفتيه – اللتين أنشأهما في مدينة حلب «الشهباء» (1877م) و «الاعتدال» (1879م) مستفيداً من خبرته لمدة أربع سنوات عمل خلالها في صحيفة «الفرات» (1872ـ 1876م)- في فكره السياسي، وتجربته الصحافية التي استعدت عليه الولاة آنذاك، حتى أدى الأمر إلى محاولة إنزال عقوبة الإعدام به لولا أن برأته محكمة بيروت بعد أن قضى في السجن ثمانية أشهر، فهذه المعلومات والحوادث التاريخية هي أشهر من أن يعاد سرد تفاصيلها في بحث متخصص، إلا أن المهم التأكيد بالإشارة إلى الحوادث التي مر بها الكواكبي على أن وعيه السياسي لم يكن بالضرورة هو نفسه في كل مراحل حياته.

قراءتنا لكتابات الكواكبي (الأعمال الكاملة) – التي تنحو منحى تاريخانياً- تكشف لنا أن الكواكبي الذي بزغ وعيه السياسي بقوة إبان عمله في الصحافة يمثل عمله الصحافي هذا حقبة واضحة المعالم في حد ذاتها، ذلك أن الأفكار التي كان يستند إليها الكواكبي في خطابه الإصلاحي لا تزال محكومة إلى صورة الخلافة في شكل كامل، على رغم وجود بعض المصطلحات التي تنتمي إلى إطار الحقل الدلالي للدولة الحديثة، فقد ورد مصطلح «الوطن» و «الوطنية» وتساوي «حقوق الرعية» على اختلاف مللهم في السلطنة، ويبدو الكواكبي في تلك المرحلة مهتماً بالمسألة الأخلاقية والفساد، فالصحافة فتحت ذهنه على مجريات الشأن العام من منظار النقد والمحاسبة، وبقي «لواء الخلافة والسلطنة المقدس الأكبر» بالنسبة له.

ونستطيع القول إن ممارسته الوظائف الحكومية كشفت له آليات عمل الدولة، وحجم المشكلة التي تفتك بالسلطنة العثمانية والمجتمعات المسلمة، وفي هذا الإطار توسعت اهتمامات الكواكبي الإصلاحية، من مجال الفساد في السلطنة إلى مراجعة نقدية واسعة طاولت مسألة النهضة برمتها، فقد قادته التجربة وحجم المشكلات التي واجهها إلى رؤية أفقية واسعة، خرجت من عباءة الفساد السياسي لتمتد إلى المجال الفكري والديني. وفي اعتقادنا أن هذه التجربة التي انتهت في نهاية عقد التسعينات من القرن التاسع عشر منحت الكواكبي الفرصة ليكتب أهم مؤلفاته، أعني كتابه «أم القرى»، الذي مهد بدوره لتطور خطير في فكر الكواكبي تجسد في كتابه ذائع الصيت «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد». صحيح أنه لا يوجد تاريخ معروف لكتابة كل منهما، لكن الكواكبي – الذي غادر إلى مصر بعد زيارة استانبول عاصمة الخلافة، حيث يقال إنه التقى الأفغاني وأنه يتوقع بأنه أشار عليه السفر إلى هناك – كان ألف كتابيه في حلب، وأخذهما معه إلى مصر عام 1899م ونشرهما هناك، كتاب «طبائع الاستبداد» نشر في صحيفة «المؤيد»، والثاني «أم القرى» نشر في مجلة «المنار» التي يصدرها مواطنه الشامي السيد رشيد رضا.

لا تشكل الأفكار الواردة في كتاب «أم القرى» قفزة كبيرة في فكر الكواكبي، لكنه في الوقت نفسه يمثل خطوة جديدة تبدو متقدمة نسبة إلى ما ورد في مقالاته في صحيفتي «الشهباء» و «الاعتدال»، بل إن الأفكار السياسية الواردة في كتاب أم القرى في ما يتعلق بالحرية والاستبداد غير جديرة لأن تكون أساساً لكتاب «طبائع الاستبداد»، ولا أن تكون وليدة عنه، فالثقافة الغربية التي يتمتع بها الكواكبي في كتابه الأخير هذا ليست بتلك الدرجة التي نجدها في كتاب «أم القرى»، وإن كان هذا الكتاب بالذات يكشف عن تحول في رؤيـة الكواكبي للعـالم (Weltanschauung)، وعن اطلاع غير هين بالفكر الأوروبي الحديث (آنذاك). لهذا السبب فإننا نعتقد أن كتاب «أم القرى» كتب أولاً، وهو يـشكل مرحلة تمهيـديـة بطريـقة ما لفكره السياسي في كتاب «طبائع الاستبداد». على كل حال فإن كتبه «الضائعة» قد تكشف حلقة الوصل بين الاثنين، وربما تكشف تاريخهما الحقيقي، لكن المعطيات التي بين أيدينا تشير في رأيي إلى ما قدمناه.

في هذه المرحلة التي يجسدها كتاب «أم القرى» ظهرت لدى الكواكبي مصطلحات جديدة من الحقل الدلالي للدولة الحديثة، مثل: «الديموقراطية»، «اللامركزية»، «النيابة»، «الاستبداد»، «الحرية»، «الأمة»، «السياسة الخارجية»، «الرأي العام»، «الإدارة المركزية»، ولكن كانت هذه المصطلحات تساكن جوارها مفاهيم تنتمي إلى منظومة «الخلافة الإسلامية»، مثل: «دار الإسلام»، «الأمة الإسلامية»، «الإمام»، «الجماعة»، «بيت المال»، «المملكة»، «الرعية»، «البيعة»، «الخليفة» وغيرها، ويبدو أنها لا تزال فاعلة في فكر الكواكبي السياسي، لهذا فإن اقتراح الكواكبي في الجامعة الإسلامية القائمة على الخلافة (العربية، وعروبتها ذاتها لأسباب دينية!) والرابطة الدينية، واقترح إلى جانب ذلك توقيت «بيعة الخلافة» لمدة ثلاث سنوات.

ونقدر أن فترة خصومته مع الولاة وسجنه كان لها الأثر البالغ في توجه الكواكبي إلى فكرة الاستبداد، وبالتأكيد فإن اطلاعه على منجزات الفكر الغربي والفرنسي في مجال الفكر السياسي على وجه الخصوص كان له دور مهم في هذا التوجه، حيث يمكن أن نلمح في الكتاب ما يدل على إلمامه بالفكر الأوروبي، واطلاعه هذا ساعده كثيراً على تطوير مفاهيمه عن الدولة كما تبدو في هذا الكتاب، وتالياً فإن ما يحويه «طبائع الاستبداد» الذي يؤرخ فعلياً – برأينا – إلى آخر مرحلة من حياته يمثل ذروة وعي الكواكبي بالدولة الحديثة ومفاهيمها، بأفكاره التي قال «طالما أتعبت نفسي في تحليلها وخاطرت حتى بحياتي في درسها وتدقيقها، وبذلك يعلمون أنني ما وافقت على الرأي القائل بأن أصل الداء هو الاستبداد السياسي إلا بعد عناء طويل يرجح أنني قد أصبت الغرض»، وقد يكون في هذا النص قرينة تقوي اعتقادنا بأنه آخر مؤلفاته التي تطلعنا على مرحلة جديدة في تطور الوعي السياسي لدى الكواكبي.

في هذا الكتاب جملة جديدة من مفاهيم الدولة الحديثة، منها «العلمانية» (التي لا يصرح بها ولكنه يناقشها ويرفضها) و «الدستور»، و «الحرية السياسية»، و «مجالس النواب»، و «الوحدة الوطنية» (تعبير الكواكبي: «الاتحاد الوطني»)، و «العدالة» و «المساواة» (كمطلبين سياسيين)، لكننا أيضاً ما زلنا نجد إلى جوارها مصطلحات ومفاهيم تنتمي إلى منظومة الخلافة الإسلامية، مثل: «أهل الحل والعقد»، «تدبير شؤون الأمة»، «الاحتساب»، كما لا يبدو أن الكواكبي تخلى عن مفهوم الخلافة، إذ يبدو الكتاب استكمالاً لمشروعه في «الجمعية الإسلامية» (كما في أمة القرى)، وليس قطعاً معه.

الشيء المهم والنقلة الواضحة في «طبائع الاستبداد» هو تبلور جملة من مفاهيم الدولة الحديثة في وعي الكواكبي، ومحاولة التأسيس لها في الثقافة والفقه الإسلامي، فمثلاً يتجاوز مفهوم الوطنية مجرد المساواة في الحقوق والواجبات، هذه الحقوق والواجبات التي تبدو في نصوصه السابقة حقوقاً مدنية غالباً، لكنه هنا (أعني: في طبائع الاستبداد) ينتقل خطوة في اتجاه مفهوم المواطنة باعتباره مساواة سياسية أولاً، فهو يدعو إلى ما سماه «الاتحاد الوطني»، كما أنه يناقش مسألة فصل الدين عن الدولة أو العلمانية السياسية، ويجادل بأنها ملائمة للأوروبيين المسيحيين دون المسلمين، لكن وصوله إلى مناقشة هذه القضية بالذات مؤشر إلى استيعابه مسألة «الديمقراطية» وما تستلزمه من «علمانية سياسية» (في التجربة الأوروبية على الأقل)، وسرعان ما يلجأ الكواكبي الشيخ المعمم إلى عقائده الراسخة بالإسلام، الذي يجد فيه ما توفره العلمانية السياسية من حقوق «العدل» و «الحرية» و «المساواة»، الذي كان سبباً للعلمانية في أوروبا المسيحية!

وفي محاولته لتبيان مفاهيم مثل الديمقراطية، يلجأ الكواكبي إلى مطابقتها بمفهوم «الشورى» في التراث الإسلامي الفقهي السياسي، ويعمد إلى استخراج أصول الشورى من القرآن الكريم. وجرياً مع اعتقاده الراسخ بالخلافة كمعلم من معالم الإسلام الذي ظل يؤمن به إيماناً حاراً ذهب إلى مزاوجة توفيقية لمفاهيم تنتمي للدولة الحديثة مع مفاهيم منظومة الخلافة مثل «الشورى الدستورية»، كما لو أنه يريد القول تماماً بـ «الديمقراطية الدستورية»!

بالتأكيد لم يظهر مفهوم الدولة الحديثة في الفكر العربي والإسلامي دفعة واحدة، بل تشكل على مراحل، وكان للكواكبي الدور الأبرز في تطويره، ولكن الوعي الإسلامي في قناعتنا ما قطع الشوط إلى نهايته من بعده، فقد دخل – بعد انهيار الخلافة العثمانية الإسلامية – في لاهوت «استعادة الخلافة» التي شكلت بدورها وعياً خاصاً بمفهوم الدولة من أبرز ملامحه «صورة الدولة وظل الخلافة»، ومن أبرز مفاهيمه «الدولة الإسلامية» في ما يبدو أنه انقطاع عن مسار تطور الفكر السياسي للإسلاميين وتراجع عن الخطوات التي قطعها الكواكبي في وعي الدولة الحديثة.

القارئ للكواكبي وما قبله سيجد أن أصول الحجج التي يستخدمها الإسلاميون البرلمانيون موجودة لأول مرة في كتابات الكواكبي، وأن حجج السلفية الجهادية في ما يتعلق بالاستبداد السياسي والديني، والقيم الأخلاقية، وعزة الإسلام، والتمسك بالخلافة، موجودة في سلفية الكواكبي ومشروعه السياسي بالتفصيل، اللهم إلا دلائل الأحداث التي يعيشها العالم في ما بعد، أشياء كثيرة يمكن أن نجد جذورها في خطاب الكوكبي ومشروعه السياسي، ذلك أن الكواكبي يمثل ذروة ما توصل إليه الفكر السياسي الإسلامي من تقدم حتى مرحلة ما قبل سقوط الخلافة، وقد سمحت شخصيته ذات النزعة السلفية أن تتسرب أفكاره إلى الجماعات الجهادية عبر السيد رشيد رضا، وإلى البرلمانيين الموصوفين بالاعتدال عبر حسن البنا الذي كان تلميذاً لرشيد رضا.

كاتب سوري

(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 مارس 2007)


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.