السبت، 19 مايو 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2552 du 19.05.2007
 archives : www.tunisnews.net


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بــلاغ الوسط التونسية: تجدد الحملة الشرسة ضد المحجبات في كامل الجامعات التونسية كلمة: أخبار العدالة كلمة: دهـالـيـز أمّ زياد: صُـورة لـن أراها..  سامي نصر: تحديات الإعلام البديل صابـر التونسي : « ستار أكاديمي » غزو يمتد في فراغنا صــابر: رسالة مفتوحة إلى السيد الأخضر بن علي سجال بين سفير تونس وعالم كويتي على صفحات مجلة « المجتمع » محمد العروسي الهاني: رسالة مفتوحة للتاريخ للسيد وزير تكنولوجيات الاتصال بمناسبة اليوم العالمي للابحار في الانترنات إبن الزيتونة: حسبي الله و نعم الوكيل د. محمد الهاشمي الحامدي: أولى بالإنسان أن يثق بربه هندة العرفاوي: انسحاب فنزويلا من المؤسسات المالية الدولية: رفض لنظام لا تخدم إلا مصلحة الأقوياء مرسل الكسيبي: حذاري من تحويل ميراثه الى عقيدة أتاتوركية عربية جديدة عدنان المنصر: عوائق أمام إنشاء مكتبة رقمية للانتاج الفكري العربي توفيق المديني: هزيمة اليسارفي فرنسا… قراءة هادئة فابيولا بدوي: ساركوزي والعالم العربي: الغلبة للواقعية السياسية وتبادل المصالح الصباح: سياسة فرنسا الخارجية القدس العربي: انقلاب فرنسي ضد العرب؟ القدس العربي: في الذكري الـ59 للنكبة الفلسطينية: وثيقة حيفا تطالب بإعادة اللاجئين وإقامة دولة ثنائية القومية ومنح فلسطينيي الـ48 الحكم الذاتي تونس أونلاين: رئيس المجلس الإسلامي الأوروبي للإفتاء والبحوث يدعو لحلف ضد ثالوث الإلحاد والإباحية والظلم

الجزيرة.نت: تونس تنظم مهرجانا عن ثقافة الحرير


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 

أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو

أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين

33 نهج المختار عطية 1001 تونس

الهاتف /الفاكس:71354984

Email: aispptunisie@yahoo.fr

 

تونس في 19/05/2007

 

بــلاغ

 

علمت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أن السجين السياسي السيد محمد القلوي القابع حاليا بالسجن المدني بقابس قد دخل في إضراب مفتوح عن الطعام منذ يوم 7 ماي للمطالبة بتمكينه من نسخة الحكم الصادر ضده من المحكمة العسكرية بتونس في القضية عدد 293/499/10603 بتاريخ 27 أوت 1992 و القاضي بسجنه مدى الحياة من أجل الانتماء إلى حركة النهضة و ذلك للإدلاء بها لدى محكمة الاستئناف بقابس في القضية المنشورة ضده حاليا و التي تهدف لمقاضاته من أجل نفس التهم المنسوبة إليه و التي حكم فيها سابقا من قبل المحكمة العسكرية بتونس و ذلك لتمكين محكمة الاستئناف بقابس من إصدار الحكم برفض التتبع الجاري ضده لاتصال القضاء.

 

و قد وقع تأخير القضية من طرف محكمة الاستئناف بقابس مرارا عديدة منذ نوفمبر 2005 لانتظار ورود الحكم المذكور لكن المحكمة العسكرية رفضت الاستجابة للطلب و هو ما يجعله معرضا لصدور حكم جديد ضده و يكون بذلك قد وقعت مقاضاته مرتين من أجل نفس الأفعال.

 

  رئيس الجمعية                                                                               

الأستاذ محمد النوري


 

أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو

أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين

33 نهج المختار عطية 1001 تونس

الهاتف /الفاكس:71354984

Email: aispptunisie@yahoo.fr

 

تونس في 27/04/2007

بــيـــــان

 

في إطار الدورة التكوينية التي تنظمها المنظمة الحقوقية العالمية فرونت لاين في ميدان حماية الإبحار على الانترنت للناشطين الحقوقيين من تونس و من بعض الدول الإفريقية التي كان من المقرر أن تنعقد الجلسة التكوينية الأولى بأحد النزل بقمرت حيث يقيم الحقوقيون الأجانب الوافدون على تونس من بعض البلدان الإفريقية لكن إدارة النزل منعت انعقادها بذريعة قيامها بإصلاحات في نفس ذلك اليوم عندها قرر المشاركون إجراء الدورة التكوينية بمقر المجلس الوطني للحريات و اعترض سبيل المشاركين و منعهم من الدخول إلى المقر و اعتدى البوليس السياسي يوم أمس الجمعة 18/05/2007 على السيد حسين بن عمر الناشط الحقوقي و سجين الرأي السابق بالعنف المادي و اللفظي و تواصل منع الدورة التكوينية نهار اليوم حيث اعترض البوليس السياسي سبيل كل المشاركين بمن فيهم الأجانب.

 

و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين التي بعثت بواحد من إطاراتها قصد تكوينه في ميدان الإعلامية و الإبحار عبر الانترنت:

 

– تحتج عل هذا المنع الذي يحرم الحقوقيين من تكوين في ميدان فني من شأنه أن يعينهم على القيام بواجبهم في ميدان الدفاع عن حقوق الإنسان.

– و تستنكر بشدة ما تعرض له المناضل حسين بن عمر من اعتداء.

– كما تطالب بوضع حد لكل المضايقات و الاعتداءات التي تستهدف الناشطين الحقوقيين.

 

  رئيس الجمعية                                                                                

الأستاذ محمد النوري

 


أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو

أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين

33 نهج المختار عطية 1001 تونس

الهاتف /الفاكس:71354984

Email: aispptunisie@yahoo.fr

 

تونس في 19/05/2007

بلاغ

 

تم يوم أمس 18 ماي 2007 دفن المرحوم فتحي الدريدي  » السوغي  » اللاجئ السياسي بإيطاليا منذ سنة 1996 علما بأنه متزوج بإيطالية وله منها بنت.  

 

  رئيس الجمعية                                                                               

الأستاذ محمد النوري

 


 

 

تجدد الحملة الشرسة ضد المحجبات في كامل الجامعات التونسية

 

 
مرسل الكسيبي*-/وطن الأمريكية: أكدت مصادر موثوقة للوسط التونسية بأن الحملة البوليسية ضد المحجبات قد شملت يوم أمس الجمعة كامل الأجزاء الجامعية داخل تراب الجمهورية . وفي اتصال هاتفي بالوسط ,أكد مصدر معارض من داخل تونس بأن فرق أمنية جديدة حملت صور عناصر المنضوين فيها وأسماءهم الشخصية وأرقام وحداتهم قد طوقت الفضاءات الجامعية والمبيتات وطلبت من الطالبات الامتناع الفوري عن ارتداء الحجاب .

هذا وقد أبدت أوساط تونسية معارضة استغرابها الشديد من توقيت هذه الحملة في الوقت الذي كانت أطراف قريبة من المعارضة الاسلامية تدعو في حوارات علنية على شبكة الانترنيت الى الانخراط في مشروعات للمصالحة كما طي صفحة الماضي بعد اعادة النظر في أسلوب معالجة أبرز الملفات السياسية والحقوقية بين السلطة وحركة النهضة الاسلامية المعتدلة كما بقية مكونات الطيف السياسي التونسي المعارض. وفي سياق اخر أكدت أوساط حزبية حاكمة في بعض الجهات تذمرها العميق من الحملة المتجددة على الطالبات المحجبات ,مبدية امتعاضا شديدا من العودة بالبلاد الى الأساليب الأمنية المباشرة في التعاطي مع ملفات لاعلاقة لها بالوسط السياسي المعارض .

تجدر الاشارة الى أن أوساط حزبية من التجمع الدستوري الديمقراطي-الحزب الحاكم في تونس- باتت تخشى على نفسها من جهات أمنية وسياسية نافذة ,في ظل تهديد المعترضين على مثل هذه الحملات بتوجيه تهمة التعاطف مع ما تسميه فئات رسمية حاكمة ب »فلول الارهاب » .

وفي حديث هاتفي مباشر أجرته الوسط التونسية مع شاهد عيان من داخل تونس ,أكد هذا الأخير بصفته مراقبا عن كثب للأوضاع السياسية بأن كل المؤشرات تدل على أن السلطات لاتريد الاصغاء الى منطق الحكمة والعقل ,بل انها تعود بمثل هذه الممارسات على حد قوله الى أجواء الاحتقان الشديدة التي سبقت تغيير 7 نوفمبر من سنة 1987 . 19 ماي 2007-3 جمادى الأولى 1428 ه – س 15 و30 دق بتوقيت تونس . *كاتب واعلامي تونسي- رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية : reporteur2005@yahoo.de

(المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (أليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 19 ماي 2007)


دهـالـيـز
لطفي حيدوري صكوك الغفران تلقى المدرّسون الذين لم يشاركوا في الإضراب الذي دعت إليه نقابتا التعليم الأساسي والثانوي يوم 11 أفريل 2007 شهادات « شكر وتقدير » لمقاطعتهم دعوة منظمتهم. وقد بعث هذه المراسلات المديرون الجهويون للتعليم باسم وزير التربية تثمّن « وطنيّة » المتخلّفين عن الإضراب ! يذكر أن الحزب الحاكم في تونس يشارك عبر منخرطيه بكلّ قوّة في المنافسة على عضوية مكاتب تمثيل النقابات العمالية غير أنّه يبذل جهدا كبيرا معزّزا بقوة الدولة وخاصة البوليس لإفشال التحركات النقابية التي لا ترضى عنها السلطات. أرقام رسمية تدمغها الوقائع عبّر وزير الوظيفة العمومية زهير المظفّر خلال احتفال أقامته مؤخّرا شركة الكهرباء والغاز عن أسفه لعدم تجاوب المواطنين مع طريقة الدفع الالكتروني و »تفضيلهم الطوابير ». ويرد هذا الكلام في الوقت الذي تتحدث فيه أرقام رسمية عن مليون و393 ألف مستخدم للانترنت و185 ألف مشترك و300 مقهى انترنت و12 مزود خدمات. وليست هذه هي المرّة الأولى التي تكذب فيها « الأرقام السياحيّة الدعائية » فقد كانت بانت الحقائق مذهلة عندما ثبت في بداية السنة الدراسية أنّ 80 % من الطلبة التونسيين لا يستخدمون الانترنت. علي بن سالم على إثر قبول شكوى المناضل علي بن سالم لدى لجنة التعذيب بالأمم المتحدة ضد السيدين عبد الله القلال وزير الداخلية الأسبق ومحمد علي القنزوعي مدير الأمن السابق وضد ضباط الشرطة توفيق بوعون ووليد المرزقي والعون عبد الباقي بن علي ومن سيكشف عنه البحث. قام قاضي التحقيق بمحكمة تونس باستدعائه يوم 29 أفريل 2007 وذلك بعد 7 سنوات من تاريخ رفعه للقضية في أوت 2000 للاستماع إليه كمشتكي. وكانت المنظمة الأممية قد قبلت الشكوى نهائيا في نوفمبر 2006 وراسلت الحكومة التونسية عدة مرات لمساءلتها عن مآل تلك الشكوى. غير أنّ مكتب التحقيق رفض تمكين محامي السيد علي بن سالم الأستاذ أنور القوصري من الاطلاع على ملف القضية كما منع الأستاذ العياشي الهمامي من الحضور إلى جانب المشتكي. وقد رفض علي بن سالم أن يتم الاستماع إليه دون حضور محاميه واحتج على المماطلة في النظر في شكواه لمدة 7 سنوات وحرمانه من حضور محاميه وامتنع عن الإدلاء بأي تصريح أو توقيع المحضر. حوار على الورق أجرت يومية الصباح حوارا مع السيدة سهير بلحسن رئيسة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان يوم 9 ماي 2007. لم يكن ذلك منتظرا خاصة وأنّها أحد قيادات الهيئة المديرة الحالية لرابطة حقوق الإنسان المتنازعة مع السلطة. الرقابة لم تلحق المطبوع، فاستثني الحوار من النشر في موقع الصباح الالكتروني. في معرض الكتاب 1- تحوّل أعوان الأمن بالزي المدني المنتصبين في مدخل معرض الكتاب الدولي إلى فرقة متعددة الاختصاص، تارة لمكافحة « الإرهاب » باستخدام أجهزة الكشف عن الأسلحة لمعاينة بعض الزوار وطورا كبوليس سياسي لتفتيش الداخلين بحثا عن مناشير أو مطبوعات محظورة واستنطاق النازلين من بيت الصلاة واستجواب بعض الشبّان عن سبب اقتنائهم لعناوين من الكتب الدينية. هذا إضافة إلى وظيفتهم الرئيسية التي قلّ أن قاموا بها وهي التثبت في سلامة البضاعة التي تخرج من المعرض من السرقات. 2- أكّد لنا أحد الناشرين أنّ معرض الكتاب الدولي بالرياض أفضل حالا بكثير من معرض تونس. وقال إنّ السلطات السعودية تمارس رقابتها على ما يعرض في المكتبات السعودية أمّا المعرض الدولي فتتركه فضاء حرّا. 3- انزعج كثير من الناشرين من المضايقات التي تعرضوا لها ومنها حذف عناوين دون مبرر أو تحديد كمية المعروضات أو سحب عناوين دون الإعلام مسبقا أو فقدان كتب من الطرود التي وصلت مشحونة عبر الديوانة التونسية إضافة إلى ملاحقة المعروضات في الأجنحة والتقصّي من جديد ثم مصادرة كتب أخرى. صاحب دار نشر شرقية محترمة قال لي : لقد فهمت الرسالة، إنّهم يطردونني. 4- قاطعت دار الآداب المعرض وقام بعرض منشوراتها وكيل تونسي. 5- الحاج مدبولي صاحب مكتبة مدبولي المصرية رفض أن تقع مصادرة 15 كتابا من المنشورات التي شحنها وقام بإعادة كل ما شحنه واكتفى بعرض ما بقي من معروضات السنة الفارطة التي أودعها لدى أحد الناشرين التونسيين، إضافة إلى نسخ من رواية علاء الأسواني الجديدة « شيكاجو » التي جلبها معه في الطائرة. 6- الداعية الشيعي التونسي « مبارك بعداش » كان حاضرا كامل أيام المعرض ضيفا على الدور الإيرانية والشيعية. 7- خلت دورة هذه السنة من حركية نوعية أحدثها في الدورات المنقضية عدد من الشبان من تيارات إسلامية مختلفة وبأزياء خاصة كانوا يقتنون المراجع الفقهية والفكرية بكميات كبيرة واستعراضية. وشهدت أروقة المعرض في السنة الفارطة نقاشات فكرية وفقهية كثيرة بين تيارات الإسلام السياسي والسلفي الدعوي والسلفي الجهادي والأحباش والشيعة. ويبدو أنّ الحملات الأمنية التي تشهدها البلاد باسم مكافحة الإرهاب قد أبعدت الشبّان عن مكان أصبح مجال « شبهة أمنيّة ». 8- نفدت نسخ كتاب هشام جعيط الجديد « الدعوة المحمدية » من دار الطليعة. وعلى أهمّية الكتاب لم يقع الاحتفاء به كإصدار جديد من قبل إدارة المعرض. 9- صدر كتاب جديد للدكتور محمد عابد الجابري بعنوان « مدخل إلى القرآن الكريم » وقد عرض في طبعتين مختلفتين لدى ناشرين. والكتاب مهمّ خاصة وأنّه يتنزّل في سياق الإشكالية التي يطرحها هشام جعيط في كتابه الأخير. لكنّ هذا الكتاب أهمل أيضا. 10- من المضحكات في هذا المعرض أنّ « دار ابن القيم للنشر » خلت من كتب ابن القيم الجوزية عدا كتاب « الطب النبوي ». فكل مؤلفاته ممنوعة في تونس. 11- منعت إدارة المعرض كتابا يعود إلى القرن الرابع للهجرة هو كتاب « المصاحف » لأبي بكر السجستاني. ويتحدث الكتاب عن تدوين القرآن وجمع المصاحف. (المصدر: مجلة « كلمة » (اليكترونية شهرية – تونس)، العدد 53 لشهر ماي 2007) الرابط: http://www.kalimatunisie.com/article.php?id=544  


أخبار العدالة
الأستاذ عبد الرؤوف العيادي القاعة للبوليس فماذا بقي للرئيس ؟ قاعة الجلسة صممها المهندس المعماري لتيسير إقامة العدالة. فقسّم الفضاء داخلها إلى مصطبة عالية عليها مقاعد هيئة المحكمة. ثم مكان جلوس المتهم ووقوفه. ثم منبر لسان الدفاع. يأتي بعدها مقاعد الجمهور الذي يتقاسم تقريبا مساحة القاعة بالتساوي مع البقيّة المتقدم ذكرهم. إلاّ أنّ انتشار قوات البوليس داخل القاعة خلق وضعا لم يتصوّره المهندس المعماري عند تصميم خريطته، إذ أصبح البوليس بالزي النظامي العادي والزي القتالي يتخذ له مكانا بين المتهمين وبمحيطهم . ثم يحتل البوليس السياسي بالزي المدني مقاعد بآخر القاعة ليراقبها ومن فيها. ثم يصنع البوليس بالزي النظامي العادي حاجزا في مدخل القاعة. وهذه الشبكة الأمنيّة المتلوّنة متصلة بالمركز الذي يقع في مدخل المحكمة والذي هو باتصال بأفراد منتشرين أمام المحكمة من البوليس السرّي والذين هم بدورهم على اتصال بشبكة من المخبرين الذي يتخذون لهم مكانا آمنا قبالة المحكمة، بينهم من يبيع السجائر ومن لا يفعل سوى مجالسة هذا الأخير، ومنهم من يلمّع الأحذية… لكن ما لا حظه الزملاء هو أنّ فريقا سرّيا من المحامين ممّن عمل سابقا بوزارة وآخر بسفارة يحضر فجأة كفريق من الجان كلما حصل احتكاك بين هيئة المحكمة وأعضاء هيئة الدفاع ويتدخّل مستفسرا الزملاء لمعرفة أسباب الأزمة وتجميع معطيات التقرير الشفاهي… ثم الكتابي… هل فهمتما ما أقصد يا سي البشير ويا سي الحبيب، فشرح الواضحات من الفاضحات. فهل بعد هذا الاحتلال البوليسي يمكن لهذا الفضاء أن يبقي قاعة الجلسة ؟ فلو تصورت أن نفس هذه الفرق البوليسية تدمج بفريقين من لاعبي كرة القدم على أرضية الملعب، فماذا يبقى من اللعبة وقواعدها ؟ ولنعد لنسأل ماذا يبقى من العدالة غير ضيق الفضاء وانسحاب القضاء ! تعددت السجون والقمع واحد ! ما رأيك وأنت تستمع إلى قاضي تحقيق يجيبك عن مطلب إفراج مؤقّت تقدّمت به في حق منوّبك الذي خلا محضره من شبهة الصلاة: « خلّيه في الحبس، لو كان نسيّبو توّ يعاودوا يشدّوه ويعملولوا قضيّة أخطر ». هل تحول امتصاص الصدمة التي يحدثها مثل هذا القول أم تحاول فهم منطق جديد فرضه زمان القمع الأسود والرهيب… لم أستطع طرد بعض الأسئلة من ذهني. هل هذا الكلام قصد من ورائه التغطية عن العجز في اتخاذ قرار الإفراج أم هو تعبير عن التضامن مع الضحيّة السجين أم هو القول إنّه هو أيضا سجين ؟ أنفلونزا الزوجات اشرأبّت أعناق الجمهور الحاضر بساحة المحكمة ذات صباح إلى مكان صياح امرأة وقد أحاط بها عدد من أعوان البوليس وهي تتوجّه إلى رجل يبدو أنّه زوجها بالقول: « دخّلني للحبس، الحبس للرجال » وكان المتوجّه إليه على هيئة توحي بأنّه ينتمي إلى سلك المربّين أو الموظّفين السامين، وهو يحاول الابتعاد عنها « الأمتار القانونيّة » في « ملعب العدالة » حتى لا يصبه منها ما هو من اختصاص « الرجال ». يا له من زمان لم يبق فيه لغير العنف مكان ! مشاغلة أم نجدة الصندوق من المعلوم أنّ التغطية الاجتماعية كانت ولا تزال موضوع خلاف بين ممثلي المحامين ووزارة العدل. ففي حين يسعى المحامون إلى بعث صندوق خاص دعما للمنهج الاستقلالي للمهنة تحاول الوزارة المذكورة تمرير قانون يلحق المحامين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي من المتوقع حسب بعض الدراسات أن يصبح عاجزا عن صرف الجرايات والمنح. وقد تحيّنت الوزارة انشغال المحامين هذه الأيّام بالحملات الانتخابية لتبشّر « بحسم هذا الملفّ في المستقبل القريب » حسبما صرح به الوزير لصحيفة « الصباح » ليوم 4 ماي 2007. فهل قصدت الوزارة من وراء هذا التصريح مشاغلة المحامين بهذا الملفّ حتى يتخلّوا عن معارضتهم للقانون الذي بعث بموجبه المعهد الأعلى للمحاماة، أم أنّ الوضع الحالي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لا يحتمل تأجيل انضمام المحامين ونجدة الصندوق بمددهم المالي ؟ (المصدر: مجلة « كلمة » (أليكترونية شهرية – تونس)، العدد 53 لشهر ماي 2007) الرابط: http://www.kalimatunisie.com/article.php?id=538

 

صُـورة لـن أراها..

أمّ زياد فاز بنسبة 53 بالمائة وعُدّ ذلك في فرنسا من النسب الهائلة التي تعطي الرئيس المنتخب تفويضا حقيقيا. اليوم حلّ بقصر « الاليزيه » ليتسلم مهامّه بصفة رسمية وليودّع الرئيس المنتهية مدّته ويوصله على بساط أحمر حتى باب العربة التي ستقلّه إلى حيث يعيش حياته كرئيس سابق للجمهورية الفرنسية. الحفل مهيب… والصحافة في كل مكان تنقل وتصوّر بلا رقيب. ووجوه الحاضرين يعلوها مزيج من الفرح والفخر والرضا بحكم الشعب وإرادته الحرّة… ولا يستثنى من ذلك حتى المعارض المهزوم.. في الصور المنقولة من الشارع الباريسي نفس الأجواء تقريبا: هنا توديع وإكبار للرئيس الذاهب واستقبال متفائل للرئيس الذي انتخبته الأكثرية. وهناك تظاهر واعتصام للتعبير عن الاختلاف الذي يحتّم على الرئيس الجديد أن يضعه في حسابه. شاهدت الصور على الشاشات الفرنسية والدموع تنهمر من عيني غزيرة… وشعور أليم يقول لي إنّي لن أعيش حتى أرى مثل هذه الصور في بلادي… وبلدان أمّتي. الأشياء تذكّر بنقائضها وصورة انتقال السلطة في فرنسا ذكّرتني بتلك النسب التسعينية التي تصنعها أيدي التدليس الوسخة وتزيّف بها إرادة الشعب المقهور. فكّرت في قصرنا الذي تحتلّه ليلى الطرابلسي وتستقبل مرتزقتها وأفراد قبيلتها الوفيرة العدد والتي صارت تسيطر على هذا البلد المغتصب وتصرّف أقداره على مرأى ومسمع من معارضة جبانة ترتعد فرائصها خوفا من مجرّد التفكير في رفض المرفوض والتشهير. فكّرت في قصرنا وفي أشباح كهنة الظلام الذين يتجوّلون في أروقته ليحيكوا المؤامرات ويمنعوا الشعب من التنفّس وليستقبلوا فيالق « الصبّابة » و »القوّادة » فيستمعوا إلى وشايتهم ويعطوهم التعليمات حتى يلاحقوا كمشة من المقاومين السلميين لا يملكون من حول ومن قوّة سوى ألسنتهم وأقلامهم وزاد من العناد ورفض اليأس. فكّرت كذلك في جميع بلدان منطقتنا المنكوبة التي تحكمها جثث متحللة تنسل دودا وسوسا ينخران كياننا بالاستبداد والفساد والعسف. المشهد العام ماثل أمامي بكامل سواده: مومياءات تعاند الموت وتصلب طولها حتى لا يبدو عليها الهرم… مهرّجون برؤوس ولحيّ مصبوغة ويطمعون مع ذلك في التوقير والاحترام… الأحزاب والعشائر والعصابات الحاكمة تجرّ وراءها قطعانا من الطامعين والمنافقين و »الدياييث » (المعذرة لم أجد جمع ديّوث)… حكم الجهلة وأهل العجز والعيّ وخضوع العلماء والأكفاء… رفعة الأخساء والأوغاد وهوان الكرام وأهل الفضائل… ارتفاع نعيق أقلام العبيد وخفوت صوت الأقلام الحرّة البارعة.. ثروات البلدان التي يتقاسمها لصوص الداخل والخارج بينما تصفرّ منها يد الإطار المجتهد والعامل المثابر والشباب العاطل عن العمل كما تصفرّ منها صناديق التعليم والتربية والبحث العلمي والثقافة… وزارات الداخلية التي تنتصب مثل قصور الغيلان في أفلام الرعب… ذباب البوليس السياسي والمدّاحين والوشاة… مناظر مقرفة ومقيتة انقرضت في سائر أنحاء الدنيا… باستثناء بلدان خير أمّة أخرجت للناس وتلك التي تأوي شعبا واحدا ذا رسالة خالدة !! نشنّع على الغرب محقّين وغير محقّين وغير محقّين ونتّهمه بأنّه يغالبنا وينحاز ضدّ قضايا العدالة ولا ننتبه مع ذلك إلى أنّ معركتنا معه ليست فقط اقتصادية ولا عسكرية ولا تكنولوجية بل هي أيضا وخاصة معركة بين عالم حرّ وعالم مسلوب الحرية. ويطالب الديمقراطيون منّا بالحكم الصالح والديمقراطية والتداول على السلطة ولكن ذلك لا يمنعهم من الدفاع على المستبدّين القتلة والقادة المزمنين المنهارين بدعوى رفض ضغط الغرب عليهم… إنّه تذبذب الشرق وتناقضه. وأشدّ ما يبعث على الحسرة هو أنّ هذا الوضع لا يبدو في طريقه إلى التحلحل، فالمشاريع المعروضة على شعوب منطقتنا تبشّر باستمرار الخضوع عن طريق التوريث أو استبدال خضوع بخضوع آخر للإمام المعصوم أو للقائد الملهم أو للمجاهد الذي يقتل بسطاء الناس في الأسواق. أمّا مشروع الدولة المدنية الديمقراطية فيبدو غريبا ويتيما ولا سند له يذكر. لم أكن أريد فوز ساركوزي بل كنت أتمنّى فوز منافسته ولا أعتقد أنّ ديمقراطية الغرب تتصف بالكمال بل أتصوّر أنّ لها عيوبها ونقائصها. ولكن مشهد التداول على السلطة في هذا الغرب يثير فيّ دائما شجون من يعيش من أجل حلم ويحلم أنّه لن يراه يتحقّق. (المصدر: مجلة « كلمة » (أليكترونية شهرية – تونس)، العدد 53 لشهر ماي 2007) الرابط: http://www.kalimatunisie.com/article.php?id=546

 

تحديات الإعلام البديل

بقلم سامي نصر مع دخول شهر ماي من كل سنة وبمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحريّة الصحافة تتزايد اهتمامات الحقوقيين والإعلاميين بالقضيّة الإعلاميّة وحريّة التعبير، فتصبح عمليّة فضح الانتهاكات المسجّلة في حق الإعلاميين وأصحاب الأقلام الحرة… المادة الرئيسيّة لهذا الاحتفال. وفي هذا الإطار، سوف نحاول بدورنا المساهمة في هذا الاحتفال ولكن بطريقة مغايرة، بمعنى آخر سوف نحاول التركيز على ضحيّة حرية الرأي والتعبير ولكن كفاعل منتصر لا كفاعل منهزم أي كفاعل إيجابي انفلتت أفكاره ومواقفه من سلطة الرقابة والمتابعة، وذلك من خلال مقولة الإعلام البديل. فعلى حد تعبير عالم الاجتماع الفرنسي ميشال كرزيه (في كتابه « الفاعل والنسق ») مهما بلغت درجت الضغوطات والإكراهات المفروضة على الفاعلين فإنّ لهذا الفاعل قدرة على الانفلات من تلك الضغوطات عبر هامش الحرية التي يخلقها هذا الفاعل أو من خلال مقولة « مجال اللايقين » (كمقولة أساسيّة في سوسيولوجية كروزيه)، و أيضا من خلال إدراكه لقوانين اللعبة وإتقان فن اللعب… وما الإعلام البديل إلاّ فضاء من بين الفضاءات التي يمكن للفاعلين الاجتماعيين تحقيق جزء من الحريات المسلوبة وطريقة ناجحة في الانفلات من عين الرقيب. فماذا نعني بالإعلام البديل؟ ولماذا نلجأ إليه؟ ومن يستعمل الإعلام البديل؟ وما هي التحديات التي أصبح يواجهها؟ ماذا نعني بالإعلام البديل؟ ولماذا نلجأ إليه؟ الإعلام البديل ليس إعلاما مستحدثا، بل هو إعلام متطوّر ومتجذّر في تجربة الشعوب والأمم، ويتميّز بجملة من الخصائص التي من بينها: القدرة على التكيّف مع تطوّر وسائل الاتصال وتطوّر أدوات الرقابة والضغوطات الاجتماعيّة والسياسيّة، فالمتمعّن في الحياة اليوميّة للشعوب والجماعات يلاحظ تزامنه مع ظهور الإعلام الرسمي. وأيضا القدرة على التشكّل فكثيرا ما يظهر الإعلام البديل في الساحة الإعلاميّة في أشكال مختلفة وذلك حسب المرحلة التاريخيّة التي يمر بها المجتمع ونوعيّة الفاعلين الذين يستعملون الإعلام البديل، ومن أبرز تلك الأشكال نذكر: أوّلا، الإشاعات والنكت الشعبيّة والسياسيّة والتي تعتمد عليها بعض الفئات الاجتماعيّة عندما تشعر أن الإعلام الرسمي لا يمنحها فرص التعبير عن مواقفها وتطلّعاتها، أو لا تستجيب لرغباتها، أو عندما تجرّم القوانين حريّة الرأي والتعبير، وتجعل صاحب الرأي الحر عرضة للمسائلة القانونيّة… فتصبح عبارة عن محاولة لإيجاد مخرج لتلك الضغوطات. لأجل ذلك ترتبط الإشاعات والنكت الشعبيّة والسياسيّة بالظروف الاجتماعية والسياسيّة لمستهلكي ومنتجي تلك النكت والإشاعات ومن بين الأمثلة نذكر ظاهرة بروز وانتشار النكت الشعبية التي اتخذت من البلدية (أهل العاصمة) موضوعا لها، فبعد التهميش الاجتماعي وعدم تكافؤ الفرص والاحتقار الذي شعرت به فئة « النزوح » في فترة الستينات والسبعينات لم تجد هذه الفئة أمامها سوى النكت التهكّمية والاستهزائيّة من « البلدية » لتدافع عن وجودها. وفي نفس السياق التحليلي نجد النكت الشعبية الحالية والتي تتخذ من أهالي المناطق الراقية (المنزه والمنار…) موضوعا لها والتي تندرج هي الأخرى ضمن آليات التعبير الرمزي لدى الفئات الفقيرة والمهمشة اجتماعيا وسياسيّا. أمّا بالنسبة للنكت السياسيّة فإنّ أهم ما يتميّزها هو الظهور الموسمي والمرتبط أساسا بالتظاهرات السياسيّة الكبرى مثل الانتخابات والاستفتاءات وأحيانا ببعض الزيارات الرسمية التي يقوم بها الحكّام، وهذا التزامن والترابط لاحظناه في كل الدول العربيّة التي منحت لنا فرصة عيش أجواءها الانتخابيّة مثل الانتخابات الرئاسيّة والتشريعية التونسية في سنة 2004 والرئاسيّة ثم لبرلمانيّة المصرية في 2005 والرئاسيّة اليمنية في 2006 ثم البرلمانيّة البحرينية في نفس السنة، في كل هذه الدول التجأت الفئات المهمّشة إلى إنتاج وإعادة إنتاج النكت السياسيّة المتضمنة للعديد من الدلالات الاجتماعيّة والسياسيّة… ثانيا، الإرساليات القصيرة الـ message (SMS):
الإرساليات القصيرة هي شكل آخر من أشكال الإعلام البديل، تمكن من خلالها الفاعل الاجتماعي تحقيق هامشا لابأس به من الحريّة، إذ لم تعد اليوم وظيفة الهواتف الجوّلة تقتصر على وظيفة التخاطب والتواصل عن بعد بل أصبحت تقوم بوظائف أخرى مثل إرسال دعوات التظاهرات السياسيّة والحقوقيّة والتعبير عن التضامن مع بعض الضحايا، أو نشر المعلومات بطريقة سريعة وغير مكلّفة، وبذلك لم يعد احتكار وسائل الإعلام االرسمية من طرف جهة معينة وحرمان بقيّة مكوّنات المجتمع المدني منها عائقا أمام نشاطها، وذلك بفضل هذه الارساليات القصيرة، بل أصبحت إحدى الوسائل الفعالة المستعملة في الحملات الانتخابيّة كما هو الحال بالنسبة للانتخابات البرلمانيّة البحرينيّة، والتي تمكّنت من الإطاحت ببعض المرشحات في الانتخابات البرلمانيّة البحرينية الأخيرة، أو في الحملات التضامنيّة كما حدث في اليوم العالمي لمساندة الأستاذ محمد عبّو يوم واحد سبتمبر 2005. ثالثا، الانترنت:عندما نتحدّث عن الانترنت وعن الثورة الاتصاليّة والمعلوماتيّة وعن كيفيّة استثمارها وتوظيفها من قبل مكوّنات المجتمع المدني، فإنّنا نتحدّث بالضرورة عن الصحف الالكترونيّة والتي لم تعد تنتظر الحصول على التأشيرة الحكوميّة ولم تعد الضغوطات والقيود القانونيّة عائقا أمام تحرّكاتها، بل أصبحت اليوم تشكّل أهم مجال لتجاوز كل تلك الخطوط الحمراء المفروضة من قبل السلطة التي تتخذ من الرقابة ومن تجريم الرأي المخالف ومن تضيق الخناق على الأقلام الحرّة آليتها لفرض شرعيتها ونزع الشرعيّة من كل من فكّر في تجاوز تلك العراقيل والصعوبات، ولكن بفضل هذه الصحف الالكترونيّة انقلبت المواقع والمفاهيم وأصبح الضحية هو الذي يقوم بمراقبة ومحاسبة من كان بالأمس القريب يراقبه ويحاكمه ويتتبع خطاه. ونفس الشيء بالنسبة للمواقع الالكترونيّة والتي رغم الإمكانيات الضخمة المسخرة من أجل مراقبتها وحجبها إلاّ أنّ حسن استغلال وتوظيف أصحاب المواقع جعلها تصمد وتواصل نشاطها وتقوم بدورها. فأصحاب المواقع تمكّنت من التحرّر من حالة الدفاع عن نفسها، بل صارت هي التي تهاجم، وانقلبت أيضا المعادلة بعد أن أصبحت السلطة التي كانت في السابق تقوم بدور المهاجم أصبحت هي التي تدافع عن موقعها وصورتها في الداخل والخارج. كما لم تنجح عمليّة حجب المواقع وتعطيلها من قبل السلطة الحاكمة، فعبر استعمال « البروكسي » Proxy » تمكّن أصحاب المواقع وزوّارها من الإبحار في هذا العالم بعيدين عن أعين الرقابة. أمّا رسائل البريد الإلكتروني email فرغم قدرة السلطة عبر التقنيات المتطوّرة المستعملة على فتحها وتشويه رسائلها وتحويل وجهتها إلاّ أنّ متقني فنّ التعامل مع عالم الانترنت أصبحوا قادرين على إعاقة كل المجهودات التي تقوم بها السلطة، وحتى العاجزين عن استعمال البروكسي في الولوج للمواقع المحجوبة أصبحت تصلهم العديد من الصحف الالكترونيّة ومحتويات المواقع المحجوبة ضمن الرسائل الالكترونيّة، مثل « تونس نيوز » و »أقلام أون لاين » و »كلمة تونس »، بيانات المجلس الوطني للحريات بتونس والجمعية الدوليّة لمساندة المساجين السياسيين وغيرها. ومن بين التطوّرات الأخيرة في عالم الانترنت وعالم الإعلام البديل نجد المدوّنات Blog والتي هي عبارة عن مواقع الكترونية شخصية، يمكن توظيفها واستغلالها في كتابة المنشورات الكتابات الشخصيّة أو الصور التي يتم تسجيلها ووضعها في المدوّنة أو توظيفها في نشر الأخبار والأحداث الهامة التي يتابعها ويرصدها صاحب المدوّنة، ونظرا لنجاحها وقدرتها على التعبير عن مطالب وتطلّعات الفئات المهمّشة تشهد المدوّنات تزايد هائل في عددها وعدد مستعمليها، فمثلا مع الضغوطات التي تقوم بها السلطة الإيرانيّة وصل عدد المدوّنات بإيران إلى ما يقارب 250 ألف مدوّنة وفي مصر ما يقارب 30 ألف مدوّنة، كما تجاوز عدد زوّار وقرّاء بعض المدوّنات عدد قراء بعض الصحف الشعبيّة (أمّا في تونس فلازال عدد مستعملي المدونات محتشما). من يستعمل الإعلام البديل؟ نجد على الأقل 3 أصناف لمستعملي الإعلام البديل: الصنف الأوّل، وتمثله الطبقات أو الفئات الشعبيّة المهمشة والفاقدة للزاد المعرفي أو التعليمي والذين يستعملون في العادة الإشاعات والنكت الشعبية والسياسيّة كإعلام بديل لها، وذلك لما يفره لهم من حصانة وعدم المسائلة القانونيّة لأنّ عمليّة تناقل النكت والإشاعات لا تتضمّن اسم منتجيها، إضافة إلى إمكانية تحويرها من متقبّل إلى آخر، وبذلك نصبح لا نميّز بين الراوي والمنتج… الصنف الثاني، وتمثله فئة النخب سواء أكانت منتمية للأحزاب السياسيّة أو لمنظمات المجتمع المدني أو كانت مجرّد شخصيات مستقلّة. ونظرا لامتلاكها للزاد المعرفي والمستوى التعليمي والموقع الاجتماعي المتميّز فإنّ إعلامها البديل يكون في العادة أكثر تطوّرا وأكثر انسجاما مع مستحدثات المجتمع الذي يعيشون فيه، لأجل ذلك نراهم يستعملون الانترنت ويوظفون كل التطوّرات التقنيّة خاصة وأنّهم يشكّلون الركيزة الأساسيّة للمجتمع المدني بصفة عامة. الصنف الثالث، ويتمثل في فئة النخب الشبابيّة المهمّشة أي أصحاب الشهادات وخرّجي الجامعات والفئات الشبابيّة داخل المجتمع المدني والتي عرفت شكلين من التهميش، تهميش السلطة لها وتهميش المجتمع المدني لذلك تجد نفسها في مفترق الطريق إذ لا تنمي للصنف الأوّل نظرا للزاد المعرفي والتعليمي الذي حصلوا عليه ولا للصنف الثاني وذلك لحرمانها من المواقع الاجتماعيّة المرموقة سوى داخل المجتمع أو داخل المجتمع المدني، فمثلا معدل السن في المجتمع التونسي لا يقل عن 50 سنة في أحسن الحالات وتقريبا باستثناء المجلس الوطني للحريات بتونس لا نكاد نجد تأثيرا ملحوظا للفئات الشبابيّة داخل مكوّنات المجتمع المدني… ونظرا لحساسيّة موقعهم فإن العديد منهم يستعملون الإعلام البديل بأسماء مستعارة إمّا خوفا من السلطة أو خوفا من المجتمع المدني ذاته. ردود فعل السلطة تجاه الإعلام البديل: لقد حاولت السلطة خلق إعلام بديل للإعلام البديل حتى تحافظ على موقعها، فمثلا بالنسبة للإشاعات أصبحت السلطة تنتج إشاعات ونكت مضادة لما يشاع داخل المجتمع وكثيرا ما تسخّر وسائل الإعلام الرسميّة لهذا الغرض. كما حاولت بدورها توظيف الانترنت وخلق صحف ومواقع الكترونيّة لتقوم بوظيفة الرد على كل ما ينشر في الإعلام البديل، ولكنها رغم المجهودات التي تقوم بها لم تتحرّر من الطابع الدفاعي وظلّت حبيسة قوانين اللعبة التي فرضتها الفئات المهمّشة، وبالتالي حقّقت الفئات الاجتماعيّة المهمّشة أهمّ انتصار لها في هذا المجال، وقد لعبت بعض المنظمات الدوليّة والإقليميّة والوطنية دورا كبيرا في تحقيق هذا النجاح، عبر الدورات التدريبية لضحايا حرية الرأي والتعبير وكيفية استعمال آخر التقنيات المستحدثة في عالم الانترنت ومن هذه المنظمات نذكر منظمة الصف الأمامي Front Line ومنظمة الصف الأوّل Front First والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان. (المصدر: مجلة « كلمة » (أليكترونية شهرية – تونس)، العدد 53 لشهر ماي 2007) الرابط: http://www.kalimatunisie.com/article.php?id=545


القديد الـمالح (8)

مـلح: صابـر التونسي وكانت الأعصاب مشدودة والأنفاس متقطعة والحناجر مدوية منادية باسماء نجومهم وفي تمام الساعة التاسعة الا عشر دقائق اطفئت الأضواء واهتزت المدارج وعلا الصراخ في هستيريا متواصلة لم تخفت بل ازدادت حدة مع انطلاق السهرة باغاني غربية مسجلة. (حافظ الشتيوي : الأسبوعي) هستيريا وصراخ مدعوم توزعه الحكومة مجانا حتى لا يتسرب إلى أسواقها صراخ « مضروب » وحامل لفيروس المقاومة !! وبنفس الدرجة كان التفاعل الجماهيري مع التونسي عماد عندما غنى … اغنية صابر الرباعي «يا دلولة» اذ اصبح يرقص رقصة «المزاودي» بالطريقة الشعبية التي لا نعرف سرها الا نحن فحرك الخصور الراقصة على المدارج … فسارع هو ايضا إلى ضابط الايقاع واصبح «يدربك» بالفزاني منتشيا بهذا التفاعل الجماهيري واثر نهاية الاغنية توجه إلى الجمهور ملهبا حماسه اكثر بقوله «انحبكم وانموت على التونسي وانموت في التونسي». (حافظ الشتيوي : الأسبوعي) « كسكسلو يرجع مزاودي » والطبع يغلب التطبع!! … وهؤلاء هم النجوم والقدوة!! والمضحك المبكي أن أماني السويسي المتخرجة السابقة من نفس الأكاديمية، و التي أصدرت ألبومها قبل فترة وجيزة من الحادث انفجرت باكية خلال حوار إذاعي أجري معها في تونس للإضاءة على ألبومها الجديد، وخلال الحوار سمعتها تبكي بحرقة واعتقدت حينها أنها متأثرة بسبب مأساة مسقط رأسها صفاقس، إلا أنها قالت بعبارات مخنوقة  » أنا حزينة جداً لأن ألبومي صدر في هذا التوقيت السيئ وأنا أعتبر ما حدث فال شؤم على ألبومي الجديد ». (ضحى السعفي: « إيلاف » 13 ماي 2007 ) الفن « خالد » والأرواح زائلة يا ضحى!!… ولا تخافي يا أماني فشعبنا سريع النسيان لمآسيه وضحاياه و »التسامح » في طبعه مغروس وكذا عشق « الفن » و « الفنانين » و « النجوم »!! … ضمن رؤية شاملة (لحماية العلمانية) تلتقي ضمنها قناعة النخب بقوة الضمانة التنفيذية حتى لو مس ذلك من صفاء الدرس النظري حول الديموقراطية حين يتم تحويله الى قوالب سطحية جاهزة تقدس عفوية الجماهير وقدرتها الخارقة على امتلاك الحقيقة. (برهان بسيس) وبين عفوية الجماهير وعصا البوليس تطحن الحقيقة وتغربل وتعجن ليخرج منها منتوج جديد اسمه « دمقراطية العصا الواعية »!! « ان انتخابكم على رأس الدولة الفرنسية ليتيح لي فرصة سعيدة كي أتوجه اليكم باسمي الخاص وباسم الحكومة والشعب التونسيين بأحر التهاني واصدق التمنيات بالنجاح في المهام السامية التي اوكلها اليكم الشعب الفرنسي الصديق تقديرا لخصالكم الانسانية العالية ولتجربتكم السياسية الواسعة. (« زين العبدين بن علي » أخبار تونس) تهاني جوربية (كلاسط 39ـ 42 البس) توجه لأي زعيم منتخب أكان لوبان أو روايال أو ساركوزي … سياسة!! عبر العديد من المحامين عن نيتهم الترشح لعمادة المحامين التي ستجري انتخاباتها موفى شهر جوان القادم. وبلغ عدد الذين أعلنوا ترشحاتهم نحو التسعة إلى حد الآن من بين الوجوه المعروفة في أوساط المحامين.. (الصباح) ما دامت « لعبة الديمقراطية » ممنوعة في الشارع لا بأس أن تنفسوا عن أنفسكم بلعبها في المكاتب!! أذهب التعذيب الشديد عقله (وليد لعيونى) لدرجة عجزه عن التعرف على أمه (فطيمة بوراوي)، لكن حالته لم تشفع له ليرى النور، فبدأت الأم إضرابا مفتوحا عن الطعام للضغط على السلطات التونسية لإطلاق سراح ابنها المعتقل منذ أشهر تحت طائلة قانون الإرهاب ولم توجَّه له أي تهمة. (إسلام أون لاين) رئيسنا « رؤوف رحيم » وأخ أكبر لكل التونسيين … ذهاب العقل يسقط التكليف! ونفت الأم أن يكون وليد إرهابيا قائلة: « ابني فنان كبير، كان من بين أكبر عشرة مصممي ديكور في العالم، وكانت له شركة ذات صيت عالمي مقرها إمارة دبي ». (إسلام أون لاين) لعلّ ذنبه أنه لم يقطع من دخله نصيبا مفروضا « للطائفة المعفية » على رواية القذافي (المافيا) !! (المصدر: مجلة « كلمة » (اليكترونية شهرية – تونس)، العدد 53 لشهر ماي 2007) الرابط: http://www.kalimatunisie.com/article.php?id=535  


« ستار أكاديمي » غزو يمتد في فراغنا

صــابـر التونسي نبهتني مأساة وفاة مجموعة من شبابنا في حفل ستار أكاديمي بسيدي منصور صفاقس على حجم الكارثة التي حلت ببلادنا بسبب سياسة تجفيف الينابيع، ولا أتحدث هنا عن ينابيع الدين فحسب وإنما عن ينابيع الدين والجدية وثقافة الالتزام والمسؤولية والوطنية أيضا. إن هؤلاء الشباب المساكين الذين ماتوا في الحادث لم يموتوا موتا طبيعيا وإنما قتلوا قبل أن يموتوا قتلا متعمدا مع سابق الإضمار والترصد، فماذا ينتظر من شباب همش في كل المجالات ونشأ وسط تصحر ثقافي وقيمي مفروض بعصا القمع إلا أن يتوه في اللهث وراء الشهرة واللذة الزائفة والإسفاف فتنقلب المعاني لديه وتضطرب المعايير ويفقد شخصيته ويذوب في شخصيات « أبطال » وهميين حازوا ألقاب « فنانين » زمن الرداءة والاستلاب! أو أن يقفزوا إلى الضفة الأخرى ضفة الرفض لكل شيء والانغلاق والغلو، وتلك هي نتائج سياسة الأرض المحروقة التي لم تترك للناس عموما والشباب خصوصا بدائل للترفيه الهادف وتصريف الطاقة والاندفاع! إن التدافع الذي حصل في حفل سيدي منصور وراح ضحيته عدد من الشباب البريء هو النتيجة المباشرة كما عبر القيادي الطلابي السابق محمود قويعة للحوار نت لـ « تغييب كل القوى الخيرة… مما خلف تصحرا رهيبا… وأنتج جيلا بلا قضية ولا هوية ولا فكرة.. جيل أصبحت لديه كلمة الوطن نكتة تثير الضحك والسخرية والالتزام والمسؤولية غباء » وهل هذا الشباب الذي يتدافع من أجل رؤية « فنان » أو « فنانة » حتى يدوس بعضه بعضا ويهلك لأجل ذلك ويتنافس في إلقاء قلائده الذهبية وأساوره على نجومه ومحبوبيه هو الشباب الذي سيستطلع لتونس طريق الحياة، وهل مازال بإمكانه روية طريق غير طريق « دليلك ملك » وأمل الثراء بضربة حظ والعيش في الأوهام والإقتداء بالمنوعات الهابطة ونجومها!! هل كان شباب تونس يدوس بعضه ويهلك بعضه بعضا عندما كان يحضر بالآلاف حفلات الفنان الملتزم مرسال خليفة أو الشيخ إمام أو عشاق الوطن أو البحث الموسيقي، (والمرحلة وأولاد الجنوب والشمس الموسيقي وغصن الزيتون وووووو ) التي أصبحت كلها في خبر كان بفعل « الحريق »!! ومن قبة المنزه أنقل مشهدين الأول من الحاضر والثاني من التاريخ، المشهد الأول: حفل « ستاراك4 » الذي حضره حوالي 10 آلاف لم يتوان بعضهم في إلقاء قلاداته وأساوره الذهبية كما ورد في « الصباح » وارتكز الحفل أساسا على الإثارة والإبهار واللعب بالأضواء ومشاركة مجموعة « من الراقصين والراقصات (مستوردات من روسيا) في لباس فضفاض مثير فضي اللون تتغير ألوانه المشعة بتغير ألوان « الإضاءة وقد عم الجمهور حالات من الذهول والهستيريا مما عسر مهمة رجال الأمن والحماية! وتنظيم الحفل أساسا عمل تجاري يقف وراءه تماسيح مما جعل تذكرة الفرد الواحد تصل 50 دينار تونسي، وختم الحفل بتهريب النجوم خوفا عليهم من محبيهم!! والمشهد الثاني: هو الحفل الذي نظمه الإتحاد العام التونسي للطلبة سنة 1989 بمشاركة الفنان المصري الملتزم، الشيخ إمام وقد حضر الحفل آلاف الطلبة والمواطنون والشخصيات الوطنية، وثمن التذكرة كان 5 دنانير (انتقده كثير من الطلبة) ولم يكن للحفل مقصد ربحي وإنما تغطية المصاريف، وكذلك لم يكن لرجال الأمن دور للنظام والحماية وإنما للمراقبة وتكميم الأفواه حتى أنهم لم يتحرجوا في منع المنصف السلايمي من إلقاء مقامة من مقاماته فكان المنع سبب في كتابته المقامة الثقافية التي كانت موجهة أساسا للبوليس الذي منعه من الكلام « … يا سيدي… يا صاحب الكاسكتة… يا من لحبه في الضلوع محطة… دمدمت فينا مبجلا وللثقافة راعيا… » وختم الحفل كما بدأ دون أي مشاكل. في مسرح سيدي منصور يتدافع الجمهور « المبهور » بالنجوم ليهلك بعضه بعضا وفي كلية العلوم سنة 89 تتدافع الشرطة لتمنع حفل الشيخ إمام بدعوى أنه غير مرخص وذلك أملا في إشعال فتنة بين اتحاد الطلبة وجماهيره الطلابية للمطالبة بإعادة ثمن التذاكر(1300 مليم) فيُهرّب الفنان الشيخ الضرير « الشيخ إمام » ويخرج الطلبة إلى الشارع متظاهرين ضد قمع السلطة واستبدادها، وفي موقف رمزي يرفع آلاف الطلبة تذاكرهم ويقطعونها…!! وهل يقارن « نجوم » « ستار أكاديمي » بالشيخ إمام وأي مضمون يقدمونه لجمهورهم « جينا لنغني » و « يا دلولة » ورقص « المزاودية » ما الذي حصل لشبابنا ومن أشعل الحريق وتربع ليشتم رائحة الشواء ويبيع؟؟ وأنا أقرأ أخبار الحادث الأليم (ألمان) تساءلت إن كان هؤلاء « النجوم » يستحقون عشر معشار هذا الهيام والهستيريا الذي تسبب في إزهاق أرواح شبابنا وأموال « المساكين » ثم قلت والله لو أن أحدهم طرق بابي ما تشرّفت أن أفتحه له إلا أن يكون عابر سبيل يحتاج إحسانا!! والعيب فيّ لأنني « أنتيكة »! وقد ذكرني هذا الكلام بموقف لسلطان علماء عصره العز ابن عبد السلام الذي أعلن ضرورة خلع الملك « الصالح » إسماعيل لأنه خان وتحالف مع الفرنج فسجنه الملك وأرسل له رسولا يبلغه أن الملك مستعد للعفو عنه شرط أن يقبل يديه فرد على رسول الملك بقوله « يا مسكين والله ما أرضى أن يقبل يدي فضلا عن أن أقبل يديه »!! قد يتوهم من أشعل الحريق أن الأمر خلص له ولكنه سيدرك أن الدمار عم الشباب والبلاد وأن فعله الأحمق ذلك كان بمثابة من يقف على غصن ويقطعه بالمنشار بنية « تهذيب » الشجرة فيسبق سقوطه سقوط الغصن! فهل من معتبر!! (المصدر: مجلة « كلمة » (أليكترونية شهرية – تونس)، العدد 53 لشهر ماي 2007) الرابط: http://www.kalimatunisie.com/article.php?id=534  


 

رسالة مفتوحة إلى السيد الأخضر بن علي

تحية وطنية تليق بمقامكم أما بعد قد كان لي مع سيادتكم إرث لا يبور دون أن يجمع بيننا مكان حيث حرمت من مصافحتكم ولو لمرة واحدة فى حياتي وهذا إنتقاص من مواطنتي وحجب لحق ما زلت أعتقد أنه حق مكتسب لي ولسائر المواطنين , تحول بمصادرته دون علمك إلى مظلمة مستديمة أنت فى غفلة عنها وهذا إنتهاك خطير للغاية , خاصة إذا تعدت المظلمة إلى مواطنين تونسيين كثيرين إعترفت لهم بطاقة الميلاد والهوية بأنهم تونسيون أب عن جد ساهم آباهم وأمهاتهم ناهيك عن أجدادهم فى تقديم الجهد والمال والدم من أجل أن تكون تونس حرة ومن عليها أحرارا فى عهد الدولة الوطنية المستقلة غير أن الجهات الرسمية عبثت بالقانون والحقوق وأجرت الأمور على هوى الظلم وعرف الحرمان الذى جاوز الحد إن الجفاء الذى تميز به موقفكم تجاهي شخصيا جعلني أعيد النظر فى الكثير من المكتسبات التي يظن المواطن العادي مثلي أنها حق مكتسب لا يمكن أن تطالها أوامر المنع ولا قوانين الحرمان ولا عرف التعسف الذي جرت عليه أحوال البلاد خلال العقدين الماضيين إن هويتي التونسية تحتم عليكم أن تتواضعوا وتسلموا بحق المواطنة  لي ولغيرى بدون خصومة ولا شجار ولا منة وهذا الأهم خاصة وأن البدلة الوطنية التى تتوشحون بها يدفع ثمنها كل مواطن تونسي مسبقا دون تلكىء ولا تأخير ممتثلا للقانون ومستجيبا لعرف الإدارة إن إرتهانكم الدائم إلى الجهات الرسمية لم يعد مبررا ولا مستساغا خاصة وأن الإدارة تجاوزت دورها البروتوكولي في تسيير علاقتكم بسائر المواطنين لتلعب أدوارا إضافية هي أقرب ما تكون إلى المزاجية والشخصنة منها إلى القانون والعدالة , لذلك نعتقد أنه آن الآوان كي تخرجوا عن صمتكم وتعبروا عن رفضكم لهذا التصنيف الذي لا يراعي الوطنية وإنما يراعي الموالاة للسلطة الرسمية فى البلاد وهذا لعمري إنتقاص من قيمتكم الإعتبارية والرمزية لدى عامة الشعب التونسي وهذا ما يدفعني هنا إلى حثكم على ضرورة تغيير لقبكم العائلي المخل بالشرف الوطنى ليصبح لقبكم منسجما مع إسمكم الموقر فتستقبلون المواطنين بإسم السيد الأخضر بن تونس الخضراء بدلا من الكنية المسقطة التى تمسحت بأستار الرموز الوطنية وهي من الوطنية أبعد ما تكون تونس عن الأرجنتين  أتمنى أن يلقى هذا التظلم منكم الإهتمام الذي يوجب تغيير قواعد و شروط الوطنية التونسية بأن لا يكون من ضمنها الإنتماء إلى الحزب الحاكم ولا الولاء وتمجيد رئيس تونس الفعلي الجنرال بن علي كي تتخلص الوطنية من الإنتحال وتتبرأ من المتسترين بها ويكون شخصكم الكريم حق لكل تونسي أخيرا .. إنكم و بوصفكم وثيقة سفر وطنية ترافقون كل تونسي فى ترحاله خارج تراب الوطن لا يجب عليكم أن تخضعوا للإملاءات الرسمية التى تفقدكم المصداقية  لأنكم رموز وطنية عليها أن ترفض أن تكون ورقة ضغط وإبتزاز بيد حزب أو جهة سياسية , ونحن فى هذا الخطاب تجاوز مقامكم لدينا مجرد كونكم رموز وطنية إلى مقام شخوص وطنية ماثلة أمامنا والتي وإن كانت من مواد صماء فهي بقية ما نستطق من الحس الوطني الذي ضيعه الجور والإستبداد فى ضيعة الجنرال ودولة الحزب الواحد  من محدثك , مواطن تونسي لا يعرف جواز السفر التونسي الأخضر طول حياته إلا عند الناس وليس حلمه أن يحمله فى سفره إلا باليد العليا لا منة من أحد ولا فضلا من جائر. صــابر – سويســـرا

 

سجال بين سفير تونس وعالم كويتي على صفحات مجلة « المجتمع »

 في 24 مارس ‏2007، ‏‏نشرت مجلة المجتمع الأسبوعية الكويتية في عددها رقم 1744 المقال التالي:

أيام في تونس

بقلم: د. محمد بن موسى الشريف

زرت تونس سنة 1415ه – 1995م للمشاركة في معرض الكتاب، ومكثت فيها خمسة أيام، ولا أكتمكم سراً أني قد ضاق صدري منذ نزولي بها، وتمنيت أني كنت قادراً على التبكير في مغادرتها، لولا أنه لم تكن هناك رحلة إلى المملكة إلا بعد خمسة أيام.

فمنذ أن وطئت قدماي تونس وجدت المضايقات الكثيرة، فقد ذهبت زوجي الكريمة أم علي بسمة بدوي معي، وكانت كعادتها حفظها الله ملتزمة بالحجاب الشرعي الكامل، فلما جئنا إلى الجوازات أشار موظف الجوازات لها حتى تكشف وجهها بطريقة مهينة واستفزازية، فرفضت لسوء تعامله، وطلبت امرأة لتراها، وجرى بيننا توتر واشتداد خففه حسن تعامل مسؤوله وتجاوزه عن رؤية الوجه، فولجنا إلى البلد، ونزلنا في فندق إفريقيا في وسط العاصمة وهو فندق جيد ذو نجوم أربعة أو خمسة لا أذكر الآن، فطلبت من العاملين في الفندق الإشارة إلى القبلة، فصار بعضهم يحيل على بعض ثم أعلنوا العجز، وأنهم لا يعرفون اتجاه القبلة!! وهذا عجيب لأن فقد معرفة القبلة أمر نادر في فنادق عواصم بلاد الإسلام، فكيف بتونس مهد الإسلام قروناً طويلة وهي بلاد الزيتونة التي أخرجت أفذاذ العلماء!

قلة المساجد

 وأصدقكم القول فقد مكثت خمسة أيام لم أسمع فيها أذاناً، وهذا يدل على قلة المساجد وتباعدها وضعف مكبرات صوتها، وحضرت خطبة الجمعة فوجدتها مملة ضعيفة مقروءة بالكامل، وعرفت بعد ذلك أن الخطبة واحدة تملى على الإمام من قبل الوزارة، وتُقرأ بنصها في جميع المساجد، ولقد علمت بأن الجمعة عندهم تقام في وقتين: في أول الوقت وفي آخره في كل مسجد، وهذه بدعة منكرة، وحجتهم في هذا هي المحافظة على الإنتاج، وهذا منهم عجيب، فتونس من أضعف البلاد العربية في الإنتاج بأنواعه، لكنه الهوى والضلال نسأل الله العافية.

صفان من الناظرين

ثم إني ذهبت إلى البلدة القديمة أريد الزيتونة، وكنت بلباسي العربي وزوجي بحجابها الكامل، فصرت وزوجي غرضاًً للناظرين، وصرت أمشي بين صفين من الناس ينظرون إلينا متعجبين، فعلمت أن القوم لم يعتادوا على هذا؛ خاصة أني لم أر امرأة واحدة متحجبة طيلة مكثي في العاصمة ودوراني فيها خمسة أيام زرت فيها قلب العاصمة القديم، ومعرض الكتاب، والأسواق وغيرها، وأفلح أعوان الشيطان في قلع الحجاب آنذاك، لكن الأخبار القادمة من تونس اليوم مبشرة بعودة الحجاب، رغم أنف الكارهين الضالين، وذلك بفضل الله تعالى أولاً وآخراً، ثم بفضل الجهود التي قامت بها القنوات الفضائية ومشايخها ودعاتها، ولله الحمد.

وذهبت إلى مشتل لأشتري بعض أشجار الحمضيات، فلما رآني صاحب المحل بلباسي ورأى زوجي هش إلينا وبش، وقال مشيراً إلى امرأة عنده: هذه بنتي، وقد اعتمرت أربع مرات، فقلت هذا حسن، وأين الحجاب؟! فقال: « هذا أمر صعب لا تكلمني فيه »!! إنا لله وإنا إليه راجعون.

وقد قال لي العارفون ببواطن الأمور إنه لا يمكن لك أن تتجول أنت وزوجك على هذه الهيئة في تونس لولا أنك أجنبي!!

جامع الزيتونة مغلق!!

ثم أردت الذهاب إلى جامع الزيتونة وقت صلاة الظهر فوجدته مغلقاً!! وقالوا: إن المساجد يتناوب فتحها!! ودلوني على مسجد قديم آخر في آخر السوق فذهبت إليه فوجدته مظلماً، فسألت القيم الجالس على مدخله: متى إقامة الصلاة؟ فقال: بعد قليل، فصليت ركعتين، ثم وجدت أن الناس يدخلون أرسالاً فيصلون فرادى ويخرجون فعدت لسؤال القيّم: متى تقام الصلاة؟، فقال: قريباً، فانتظرت حتى أدركت أنه لن يكون هناك جماعة، فطلبت من زوجي أن تقف خلفي وأقمت الصلاة في المسجد أداءً للجماعة، ولو كنت أنا وزوجي فقط!! وكل هذا يدلكم على مدى التهاون في الصلاة وشأنها.

ومن الطرائف أني كنت قد تعرفت على أخ من تونس، وذلك لما كنت في « تولوز » لدراسة طائرة « الإيرباص » في فرنسا، ومر على ذلك أكثر من أحد عشر عاماً لا أدري عنه شيئاً، فخمنت أنه عاد إلى تونس فاتصلت بالمقسم « السنترال » وطلبت رقم هاتفه فأعطانيه، واتصلت به فردت زوجه، فلما عرفتني ذهلت المرأة، وكررت اسمي مراراً متعجبة، ثم سألتني عن زوجي فقلت: هي معي، فقالت: امكثا مكانكما وسأمر عليكما مع زوجي بعد قليل، فمكثت خمسة أيام لم يأتني فيها أحد، فعلمت أن الرجل أعقل منها، وأنه رأى أن صلته بي ستكلفه كثيراً!

استهداف الإسلاميين

وجاءهم رئيس ألمانيا الشرقية زائراً في أواخر أيام ألمانيا الشرقية، وصادف أني كنت عائداً من معرض الكتاب إلى الفندق، فإذا بهم يحتفلون به في الشارع الذي فيه الفندق، فرأيت ما جرحني، وأثّر في نفسي إذ إنهم بالغوا في الاحتفاء به، ونثرت عليه الفتيات الورود، والذي جرحني هو أن الإسلام محاصر كما قرأتم محاصرة محكمة، والمسلمون العاملون مستهدفون وهم في السجون أو في المنافي أو في القبور!! ثم هم يحتفلون به هذا الاحتفال!! إنا لله وإنا إليه راجعون.

حكومة ظالمة

هذه بعض التأملات مما رأيته في رحلتي إلى تونس، وهي كما ترونها تتشح بالسواد، لكن نحن نعتقد أن الله تعالى ناصر دينه، وأن هذه الحكومة الظالمة لنفسها ولدينها قريب زوالها، وأن الفجر قادم، والأمل لائح باسم، والله غالب على أمره، وناصر دينه مهما كره ذلك الكارهون، أو حارب ذلك السياسيون الضالون!!

واليوم قد انفجرت في وجوه المتحكمين الظالمين بوادر صحوة بفضل الله تعالى، ستؤتي أكلها، وتستوي على سوقها، وسيكون لها أثرها إن شاء الله تعالى.

(المصدر: مجلة « المجتمع » (أسبوعية – الكويت)، العدد 1744 بتاريخ 24 مارس ‏2007) ‏‏

الرابط:

http://www.almujtamaa-mag.com/Detail.asp?InNewsItemID=218994 

** بعد مرور شهر ونصف على نشر هذا المقال، بعث السفير التونسي في الكويت هشام بيوض بالنص التالي إلى مجلة المجتمع التي نشرته في عددها رقم 1750 المؤرخ في 5 ماي 2007

رداً على ما جاء في مقال د. محمد بن موسى الشريف « أيام في تونس »

السفير التونسي بالكويت: العناية بالإسلام ثابت أساسي في تونس

 وصلت المجتمع رسالة من السفير التونسي في الكويت هشام بيوض يرد فيها على ما جاء في مقال الدكتور محمد بن موسى الشريف « أيام في تونس » وفيما يلي نص الرسالة: نشرت مجلة « المجتمع » في عددها رقم 1744 مقالاً كتبه الدكتور محمد بن موسى الشريف تحت عنوان: « أيام في تونس » تضمن جملة من المزاعم والافتراءات لا تمت لواقع تونس بصلة. والغريب في الأمر أن هذا المقال المتحامل استوحاه كاتبه من خواطر يقول إنها قفزت إلى ذهنه إثر زيارة كان أداها إلى تونس قبل اثنتي عشرة سنة خلت. وقد تعمّد صاحب المقال بشكل واضح تجاهل ما يحظى به الدين الإسلامي الحنيف من مكانة متميزة منذ تغيير 7 نوفمبر 1987م. ورداً على ما تضمنه المقال من ادعاءات جانبت الحقيقة تماماً نورد الملاحظات التالية: – تعتبر العناية بالدين الإسلامي الحنيف ورعاية القائمين على شؤونه ثابتاً أساسياً وخياراً جوهرياً في تونس ما فتئ يتدعم بحرص من الرئيس زين العابدين بن علي الذي ما انفك يحيط بالإسلام الحنيف ومعالمه والقائمين عليه برعاية موصولة، ويسجل في هذا الإطار ارتفاع عدد المساجد والجوامع « خلافاً لما زعمه كاتب المقال من قلة المساجد، إذ ازداد هذا العدد من 2390 سنة 1987م إلى 4400 سنة 2007م، وهو ما يؤكد أن ما بني من جوامع ومساجد منذ 1987 يعادل تقريباً ما بني منذ الفتح الإسلامي. – إن الزعم ب »إغلاق جامع الزيتونة وقت صلاة الظهر وعدم سماع الآذان طيلة خمسة أيام » هو في الحقيقة محض افتراء وتجن. فخلافاً لما زعمه الكاتب فإن جامع الزيتونة المعمور مشرعة أبوابه كامل اليوم وعلى مدار السنة ليستقبل آلاف المؤمنين الذين يقيمون في رحابه الصلوات بكل طمأنينة وخشوع. وتقديراً لمكانة جامع الزيتونة، الصرح الديني والحضاري العريق الذي أشع بدرر علمه على كامل إفريقيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، قرر الرئيس زين العابدين ابن علي أن يتلى في رحابه القرآن الكريم على مدار الساعة مع تنظيم حلقات الدروس فيه للاستفادة من علم كبار الشيوخ.

– تطور عدد الكوادر الدينية وتكثفت المناهج الهادفة إلى تكوين الأئمة والوعاظ في تونس بهدف الارتقاء بمستوى الخطاب الديني حتى يضطلع بالرسالة النبيلة لجوهر الدين الإسلامي.

– إن تونس، المتمسكة بإسلامها، دين الاعتدال والتسامح والتفتح، والمعتزة أيما اعتزاز بإسهاماتها في نشر تعاليم الدين الحنيف ورفع رايته بفضل شيوخ أجلاء يعدّون من المراجع الفقهية، تبنت في مختلف مراحل تاريخها منهجاً وسطياً قوامه الاعتدال والانفتاح على الآخر مع الحفاظ على مقومات الهوية التونسية بما في ذلك لباس المرأة المحتشم الذي حملته منذ أن منَّ الله على تونس بنعمة الإسلام. ولتونس في هذا المجال بالذات تراث عريق كفيل بتكريس قيمة الاحتشام، وإن حرصها على الحفاظ على فضيلة الحياء لا يضاهيه سوى حرصها على رفض كل المظاهر الدخيلة والخليعة.

– إن من مجانبة الصواب ادعاء إقامة صلاة الجمعة مرتين في المسجد الجامع الواحد إنه مما أثر عن أسلافنا منذ القرون الأولى أن بعض الجوامع تصلى فيها الجمعة أو الوقت والبعض الآخر آخره، وهذه مدحة نعرف جيداً مزاياها، وليعلم الجميع أن يوم الجمعة بعد الظهر لا عمل فيه في المؤسسات الرسمية، أما عن أداء التونسي فإنه لا بأس به، عكس ما قيل، ويكفي الاطلاع على المؤشرات التي تصدرها الهيئات الدولية المتخصصة للبرهنة على عظيم عطائه وتفانيه، انعكس ذلك إيجاباً على اقتصاد البلاد ونسبة النمو فيه رغم ندرة المواد الأولية. – إن الصلوات الخمس تقام وجوباً في كل المساجد، والإمام انطلاقاً من التزامه الديني لا يمكنه التخلف عن أداء صلاة مفروضة جماعة، وفقه الإمام مالك لا يجوّز إقامة جماعتين في الصلاة الواحدة في المسجد الواحد، والمالكية هي المذهب السائد. – إن خطبة الجمعة من تأليف الإمام الخطيب وهي ليست واحدة تفرض من قبل الوزارة. – وفي خصوص وصف كاتب المقال الحكومة بالظالمة نرى أنه تجاوز لا مبرر له، وأنه ينافي الأعراف والخلق الإسلامي الرفيع، ونرجو أن نرى الدكتور محمد بن موسى الشريف ثانية في تونس ليرى الحقائق كما هي، ويدرك أنه لم يكن على صواب عندما قفزت إلى ذهنه تلك الخواطر.

(المصدر: مجلة « المجتمع » (أسبوعية – الكويت)، العدد 1750 بتاريخ 5 ماي ‏2007) ‏‏

الرابط:

http://www.almujtamaa-mag.com/Detail.asp?InNewsItemID=223665

** وقد عقب الدكتور محمد بن موسي الشريف على ما جاء في رسالة السفارة التونسية بالكويت بما يلي: 

د. الشريف يعقب:

 القاصي والداني يعلم بما يجرى لتنحية الإسلام عن واقع الحياة في تونس

 اطلعت على رد السفارة التونسية على مقالي المنشور في مجلة المجتمع الغراء الموسوم ب (أيام في تونس) وبادئ ذي بدء أقول: 1 – إن الرد بدا وكأنه أداء لواجب لا بد لهم منه، لذلك جاء ضعيفاً سطحياً، لكني أزعم أنهم غير مقتنعين بالذي سطروه، ولن ينفعهم دفاعهم المغلوط عن هذا النظام الظالم يوم يقفون بين يدي رب العالمين، وإلا فكيف لعاقل دع عنك مسؤولاً في سفارة أن يزعم أن النظام في تونس يرعى الإسلام والقائمين على شؤونه وأنه يحوطهم بالعناية، هذا والقاصي والداني والمسلم وغير المسلم ومنظمات حقوق الإنسان الدولية قاطبة وكل المراقبين الدوليين ذوي العناية بهذا الشأن كل هؤلاء قد أطبقوا على أن الإسلام في تونس وأهله القائمين عليه مضيق عليهم إلى الغاية، وأن هناك خطة واضحة من قبل النظام لتنحية الإسلام عقيدة وشريعة وممارسة عن واقع الحياة اليومية في تونس. 2 – ثم إن السفارة تمُنّ بأن النظام قد بنى عدة مساجد لكن الله تعالى يقول: إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى » أولئك أن يكونوا من المهتدين (18) (التوبة)، وقد نعى الله على المشركين فخرهم بعمارة المسجد الحرام وهم يكفرون بالإسلام فقال جل من قائل: أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين 19 .. وهم أعلم بحال مساجدهم التي يدعو فيها المصلون ربهم ليل نهار لتخليصهم من هذا النظام الجائر الذي ضَّيق على الناس وأحصى الأنفاس.

3- هذا ومن أعجب ما قرأت في ردهم هذا زعمهم أن المرأة التونسية تحافظ على الاحتشام، ولا أدري لماذا يستعملون هذه اللفظة ويهربون من كلمة الحجاب. والقاصي والداني أيضاً يعلم أن أعظم حملة ضد الحجاب الإسلامي منذ أن جاء الإسلام إلى الآن هي ما حصل في تونس، وما مَنْع النساء الموظفات من الحجاب ولا مَنْع طالبات الجامعة من الحجاب منا ببعيد، ويسمون الحجاب الزي الطائفي، ويحرمون على المرأة استخراج بطاقة الهوية وجواز السفر بالحجاب!! والمرأة التونسية تتطلع إلى اليوم الذي يزول فيه هذا النظام الجائر حتى تعود إلى الاستمساك بحجابها.

4- أما باقي ردودهم فقد تمنيت ألا يكتبوها لركاكتها وضعفها، فكيف يردون على من شاهد وخالط ولم يكتف بالسماع، وقد استشهدوا في بعضها بمذهب الإمام مالك، ولو قدر للإمام مالك أن يبعث اليوم لبكى بكاء مراً على حال الإسلام الجريح في تونس ولتبرأ من صنيع النظام فيه. 5 أما وقد اجترأوا على الرد ولم يأخذوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من كان يؤمن بالله واليوم اليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ».. فإني سأورد وللقراء الكرام ما لا يستطيع هؤلاء المساكين أن يصنعوا معه شيئاًً: 

أ – جاء في نص قانونهم: تعدد الزوجات ممنوع. كل من تزوج وهو في حالة الزوجية يعاقب بالسجن لمدة عام وبخطيّة قدرها مائتان وأربعون ألف فرنك أو بإحدى العقوبتين، وفي الوقت نفسه تنتشر دور البغاء في البلاد، وتنظم بموجب القانون، ويؤخذ الضرائب عليها. ب- الخمر مباح في البلد ومنتشر فاشٍ في كل مكان، وحسبكم هذا الخبر الوارد في جريدة الصباح التونسية 17-12-1993م بمناسبة رأس السنة!!: « من المنتظر أن يقع استهلاك ثلاثة ملايين قارورة من الخمور التونسية دون اعتبار المشروبات الكحولية الفاخرة والمستوردة!! »، والقمار مقنن بمرسوم رئاسي رقم 21 سنة 1994م!! ج – قضية الوزير الأول المكلف بالشؤون الدينية علي الشابي الذي أشرف على مسابقة للسباحة لطالبات الشريعة في جامعة الزيتونة، وقد أعطى إشارة الانطلاق لهذه المسابقة بنفسه، وقال: الآن تخلصت الزيتونة من عقدتها!! وهل بعد هذا من محادة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم . د – استقبال الزنادقة في تونس وتكريمهم مثل: نصر أبو زيد الذي صودرت كتبه في مصر لما فيها من الكفر الصراح، فاستقبل في تونس في الجامعة الزيتونية ومنح درجة الدكتوراه، ووشَّى الحاكم صدره بالأوسمة والنياشين!! وفرج فودة الذي طعن في الشريعة، وطعن في بعض الصحابة استقدمه الحاكم في تونس وفتح له شاشات التلفزة، ومنبر الجامعة التونسية، وأما كتاب سلمان رشدي المارق: « آيات شيطانية » فإنه قد درس في كلية الآداب في الجامعة التونسية!! هـ – الأفلام السيئة بل البالغة في السوء مبلغاً كبيراً، وهي إنتاج تونسي، وعلى رأس تلك الأفلام السيئة فيلم « عصفور السطح » الذي نال جائزة الدولة، وسلم الجائزة رئيس الدولة نفسه، وعَدّ هذا الفيلم إبداعاً تونسياً منقطع النظير!! و- الحرب الضخمة على الجامعة الزيتونية، وتقليص أعداد الطلاب بالتدريج، ومحاربة الأساتذة الملتزمين، وحسبكم هذا الخبر الوارد في مجلة « حقائق » التونسية عدد (379): « أحيت الفنانة الصاعدة منيرة حمدي سهرة فنية رائعة في رحاب معهد أصول الدين التابع للجامعة الزيتونية، وفي السياق نفسه، وتلقيحاً للطلبة ضد التطرف تمتع الطلبة بمشاهدة الألعاب السحرية للمنوم المغناطيسي الشهير حمادي بن جاب الله الفرشيشي »!! ز – القبض على الصالحين ودعاة الإسلام وإيداعهم السجون لمدد طويلة، والتعذيب الذي يجده كثير منهم في السجون، والمحاكمات الجائرة التي تعقد لهم، وهناك مناشدات متكررة من منظمات حقوق الإنسان للحكومة التونسية لكن ذهبت أدراج الرياح، والمضايقات الشديدة للنساء المعتقلات. ح- وأسأل الإخوة في السفارة التونسية: هل سمعنا من حكومتكم يوماً من الدهر موقفاً شاجباً لما يجري على إخواننا في فلسطين أو العراق؟! وهل سمعنا يوماً مناصرة لقضية إسلامية؟! ط – وماذا يدل عليه وجود الآلاف من صفوة أبناء وبنات تونس في الخارج هاربين من سطوة الحكومة التونسية وجبروتها وعسفها والتضييق على الإسلام وأهله؟! ي – وعلام يدل اتفاق أهل الخير والصلاح والدعوة والفضل وطبقات كثيرة جداً من المثقفين والإعلاميين والمنادين بحقوق الإنسان، علام يدل اتفاق هؤلاء على أن الأوضاع في تونس قد بلغت حداً لا يطاق، وأن الإسلام والمسلمين قد ضيق عليهم تضييقاً بلغ مداه، وعدد هؤلاء يقدر بعشرات الملايين، فهل هؤلاء كلهم مخطئون والسفارة التونسية على حق؟!

وفي النهاية أقول: لم يكن في حسباني أن أسرد هذا الذي سردته، وإنما ذكرت ما شاهدته فقط في مقالي « أيام في تونس » لكن رد السفارة التونسية اضطرني إلى الحديث عن بعض ما أعرف، وأعرضت عن بعضه الآخر اقتداء بالحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم عرف بعضه وأعرض عن بعض (التحريم: 3).

 وأقول لإخواني في السفارة:

 أنا أعلم أنكم غير مقتنعين بردكم الذي رددتموه، وأنكم تؤدون عملكم لكن إلى متى هذا الإخفاء للحقائق؟! أفلا تقفون موقفاً يبيض وجهكم في الدنيا وينقذكم من السؤال في الآخرة؟! وهل ستنفعكم حكومتكم الظالمة يوم تقفون جميعاً بين يدي الله يوم القيامة أو أنهم سيتبرؤون منكم؟! أما دعوتكم لي بتكرار الزيارة لتونس فأقول: « لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين ».

وأسأل الله لي ولكم الهداية والتبصر والتوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

(المصدر: مجلة « المجتمع » (أسبوعية – الكويت)، العدد 1750 بتاريخ 5 ماي ‏2007) ‏‏

الرابط:

http://www.almujtamaa-mag.com/Detail.asp?InNewsItemID=223666


باسم الله الرحمان الرحيم  

 تونس في 19-05-2007 والصلاة والسلام على أفضل المرسلين بقلم محمد العروسي الهاني مناضل دستوري رئيس شعبة الصحافة الحزبية سابقا

الرسالة 234 على موقع الانترنات
رسالة مفتوحة للتاريخ للسيد وزير تكنولوجيات الاتصال

بمناسبة اليوم العالمي للابحار في الانترنات

أواصل كتابة الرسائل المفتوحة عبر موقع الانترنات تونس نيوز لطرح مشاغل المواطنين وخلجات فكر الشارع التونسي الذي هو جزء من الشعب العربي، وقد نشرت 37 رسالة مفتوحة خلال سنة 2006 تخص سيادة الرئيس والسادة رئيس مجلس النواب والأمين العام للتجمع و10 وزراء الشؤون الدينية – الاجتماعية – الصحة – التربية والتكوين – الفلاحة – التجهيز والإسكان –  الاتصال الإعلام – التشغيل – النقل والمالية – كل فيما يخص مشمولات أنظاره واليوم جاء دور وزارتكم.
بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للابحارعبر مواقع الانترنات في يوم 17 ماي 2007 شاهدنا في مراكز الانترنات بالعاصمة معلقات كبرى تشير وتعلن خبر سار الأبحار مجانا كامل يوم 17 ماي 2007 بمناسبة اليوم العالمي للابحار عبر الانترنات.
شيء جميل ورائع أن نفتح الانترنات كامل اليوم للشباب والطلبة وكل وراد وعشاق ومحبي الانترنات وجميل أن تتبرع الوزارة والمجموعة الوطنية بساعة كاملة مجانا قيمتها دينار ونصف.
وجميل أن تعم الفائدة كل الشرائح الاجتماعية وجميل هذا التفكير السامي والاهتمام بالمواطن وجميل أن يقع اعتماد الشفافية في المعاملة بين الجميع وجميل توفر حسن النية والثقة في رواد الانترنات والأجمل من ذالك سيادة الوزير الشباب.
أقول شاب أمام أطوار حياتي وبلوغي سن التقاعد وبعدها بأعوام 6.
والأجمل من ذالك لو تفتحوا مواقع الانترنات طبعا الهادفة والسليمة والنظيفة والفكرية والأعلامية لكل الرواد دون غلق أو تشويش أو ضبابية أو  اجتهادات أو قراءة الكف أم كبت إعلامي أم رقابة ذاتية على الأخضر واليابس. على المناضل والإعلامي والملقح على المثقف والوطني على  الكبير والصغير، على العاقل والرصين، على الجميع – لماذا هذه الحملة التي تكررت مرارا كنت قبل معرفة الانترنات لا أصدق ما لمسته مؤخرا من تعدي على حرية الرأي والتعبير التي ضمنها الدستور التونسي ودعمها الاستفتاء عام 2003 حرية الرأي – حرية التعبير – احترام المعلومات الذاتية وغيرها من الأشياء التي تعبر على حقوق المواطن التي ذكرتها في مقالاتي
سيادة الوزير الشباب
حضرت عام 1999 بدار التجمع بالقصبة محاضرتكم الرائعة حول  الطرق السيارة وتكنولوجيا العصر وخدمات الانترنات وقد استبشرت يومها بهذه المعلومات وشكرت السيد الوزير أحمد فريعة على اختيار المحاضر وعنوان المحاضرة، وشاءت الأقدار الأهمية أن أكتب في مواقع الانترنات ابتداء من جوان 2005 إلى اليوم فوجدت شتان بين المحاضرة والواقع… أكثر من 17 مقال على 233 لم تصلني وبعد ساعة واحدة أسمع بأن مقالي أخذ حظه في  الخارج وأطلع عليه عشاق الانترنات وأصحاب الأذواق واحرار الفكر والمتحررين وأصحاب المبادئ والثوابت ومنهم من يتصل بي شاكرا منوها بمقالي بينما مقالي الغريب في بلادي لم يصل إلى احفادي وابنائي وأسرتي وأصدقائي وأصبحت استنجد بالاصدقاء أصحاب العشرة لموافاتي بمقالاتي السبعة عشر (17).
لماذا هذا الاختفاء الحاصل مرارا والمتكرر خاصة من يوم 2 ماي 2007 إلى يوم 14 ماي 2007 حوالي 10 مقالات كلها مقالات وطنية حول عيد الشغل العالمي وعيد الصحافة العالمي وحقوق المواطنة وذكريات وطنية عزيزة علينا، وذكرى وفاة مناضل عزيز، هذه هي مقالاتي كلها للبناء كلها للقيم كلها أخلاق وطنية لماذا هذا الخوف يا ترى – لماذا هذه الرقابة.
سيادة الوزير الشباب المحترم أسألك.
هل نخاف من الكلمة الهادفة، هل نخاف من ذكر التاريخ، هل نخاف من ذكر خصال رمز هذه الأمة وزعيمها طوال 60 عاما، هل نخاف من ذكر مناقب محرر البلاد والعباد هل نخاف من ذكر خصال رجال مجدوا هذا الرمز الخالد، هل نخاف من ذكر خالد شويكات الذي بكى بالدموع عندما ذكر بورقيبة العظيم. يوم 15-05-2007 أم ماذا يا سيادة الوزير
والله لو صنعنا وطورنا أشياء في حاجة اليها شعبنا ووطننا أفضل من تخصيص أوقات وصرف الأموال الطائلة وأعطر امتيازات هامة… للبحث على الابحار في الانترنات، نحن ضد الابحار في التخريب لا قدر الله، ولكن 99%  من الأبحار من أجل حرية الرأي والتعبير وحرية الأعلام الذي لم يتحرر في بلدتنا مع الأسف.
وهذا الذي جعلنا نقرع أبواب الأنترنات وخاصة موقع تونس نيوز.
لأننا وجدنا عدم احترام أفكارنا في صحافتنا أو المقص الحاد الماضي…..  الذي لا يرحم طبعا بعد قراءة الكف…. على صاحب المقال والقراءة كما يحبون ….. وكما يفكرون هذا متعنا وهذا يتكلم بحرية بليغة مشو متاعنا ….
نرجوا سيادة الوزير أن  ترفعوا الرقابة اليومية على مقالاتنا وأني مستعد يوميا بمدكم وكل الأخوة بنسخ من المقالات الشجاعة والجريئة، لكن بكرامة وشهامة وقد نشرت 8 مقالات على ثقافة الخوف ولا فائدة في الإعادة. طالعوا مقالاتي خلال شهري أفريل وماي 2007 تجدون الحقيقة.
قال الله تعالى: « وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما » صدق الله العظيم. محمد العروسي الهاني  


 

حسبي الله و نعم الوكيل .

 

إبن الزيتونة  – سويسرا .

 

صعقت بل صدمت لهذا المستوى المتدني من الحوار و….الذي ظهر به العارف يالجميل  , الحافظ لكتاب الله  بوعبدالله بوعبدالله  – أو هكذا أسمته أمه –  الفقيه في العلوم الشرعية   , الخبير السياسي و المصلح الإجتماعي  .

 

 مقالي ( 1 )  تناول بالتحليل و التقييم أسباب فشل كل مبادرات الحامدي السابقة  و لم أتعرض لهذا الهُمَام إلا بمقولةٍ  رددها في كل المواقع  وهي إعتبار سحب قضيته  المرفوعة ضد بن على  من أموره الشخصية التي لا يحق لأحد التدخل فيها و لا الإعتراض عليها  ,  فكان من رده  ما كان , فحسبي الله و نعم الوكيل , أرددها إحساسا بالظلم و الإفتراء  داعيا الله أن يلهمني الرشدَ و الصوابَ و أن لا  أنجر وراء سوء القول  مع علمي بأن الله مكنني من هذا الحق عندما قال في محكم التنزيل :

* لا يحب اللهُ الجهرَ بالسوءِ من القولِ إلا من ظٌلِمَ  و كانَ الله سميعًا عليمًا  * ( 2 )

 

 و ليعلمَ بوعبدالله أنني سجنت كما سجن ,  و تختزن ذاكرتي ثقافة السجن بألفاظها و أخلاقها , و من قبل ذلك تقلبت في شوارع قريتي و أزقتها و مروجها  و خضبت أياديَ بحنائِها و لكنني – و فقط – أخشى اللهَ و أحترم سورةَ الفاتحةِ التي في صدري و أستحي من قراء تونسنيوز رجالا و نساء ….. فحسبي الله و نعم الوكيل , حسبي الله و نعم الوكيل , حسبي الله و نعم الوكيل .

 

1 https://www.tunisnews.net/16mai07a.htm .

2 سورة النساء الأية 148


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أولى بالإنسان أن يثق بربه

 

د. محمد الهاشمي الحامدي

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم: إنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ (26) الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27) كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُون (28) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)

* * *

ضرب القرآن الكريم الأمثلة للمنافقين، وشبه حالهم بحال من أحاطت به الظلمات، ثم أوقد نارا أنارت ما حولة قليلا، ثم طفأت فعاد لما كان فيه من ظلمة حالكة.

وشبههم بحال من ألمّت بهم عاصفة شديدة وهم يضعون أصابعهم في آذانهم يظنون ذلك يقيهم من الصواعق والموت.

 

لكن المنافقين ومشايعيهم من الكفار مستغربون من ضرب هذه الأمثال، ومن أمثال أخرى مشابهة في القرآن الكريم، يرد فيها ذكر النحل والعنكبوت والنمل،

ويزعمون أن ضرب الأمثال وذكر هذه الحشرات لا يليق بمقام الله عز وجل، ثم يتخذون من ذلك مدخلا للطعن في صحة القرآن الكريم وفي صدق الرسول صلى الله علي وسلم. لذلك يأتيهم الرد الواضح القاطع من عند الله عز وجل:

 

إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ (26)

 

هكذا حسمت المسألة. إن الله تعالى لا يستحي أن يضرب الأمثال للناس، وأن يضرب المثل بالبعوضة أو بما هو فوقها في الصغر أو في الكبر. ذلك أن العبرة عند أولي الفهم والعقل والحكمة إنما تكون في ما وراء المثل، وبالرسالة التي تصل منه إلى كل طالب للحق باحث عن الهداية، كما في هذه الأمثلة الأخرى في القرآن الكريم.

 

قال تعالى في سورة الحج:  » يَا أَيُّهَا النَّاس ضُرِبَ مَثَل فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوْ اِجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبهُمْ الذُّبَاب شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِب وَالْمَطْلُوب » (73).

 

 وَقَالَ في سورة العنكبوت  » مَثَل الَّذِينَ اِتَّخَذُوا مِنْ دُون اللَّه أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوت اِتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَن الْبُيُوت لَبَيْت الْعَنْكَبُوت لَوْ كَانُوا يَعْلَمُون » (41).

 

وَقَالَ عز وجل في سورة إبراهيم:  » أَلَمْ تَرَ كَيْف ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلّ حِين بِإِذْنِ رَبّهَا وَيَضْرِب اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَل كَلِمَة خَبِيثَة كَشَجَرَةٍ خَبِيثَة اُجْتُثَّتْ مِنْ فَوْق الْأَرْض مَا لَهَا مِنْ قَرَار (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَل اللَّهُ مَا يَشَاء (27) ».

 

أما وقد اتضح القصد من ضرب الأمثال، فقد أصبح الأمر موكولا للمتلقين للقرآن الكريم. الذين آمنوا يرون العبرة والمغزى من ضرب الأمثال دون لبس أو غموض، ويوقنون أنه كلام الله عز وجل الذي يهدي للحق والبر والفوز في الدارين. وأما الكفار برسالة التوحيد والعدل ومكارم الأخلاق فيستخفون بالأمثال ويتخذونها سببا لرد القرآن الكريم والتشكيك فيه.

 

وهكذا يصبح ضرب المثل في القرآن الكريم سببا لضلال الكثير من الناس، وهداية الكثير من الناس. أما أهل الضلالة فهم الفاسقون الذين خرجوا عن طاعة الله وردوا أوامره ونواهيه واستخفوا بكتابه، وأما أهل الهداية فهم المؤمنون الذين استجابوا لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

 

ومن صفات هؤلاء الفاسقين أيضا:

 

الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27)

 

إن عقائد هؤلاء المحرومين من أنوار الإسلام وعزة الطاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، عقائدهم وأعمالهم تدل على سوء حالهم. جاءهم القرآن الكريم بحجته القاطعة ولغته المبهرة وأنواره الساطعة، وزعم المنافقون التصديق به والعمل بما فيه ثم نكثوا وغيروا وبدلوا. ومن صفاتهم أيضا قطع الأرحام التي أمرهم الله تعالى بوصلها، وتجاهلهم لحقوق أقاربهم وأهليهم من المحبة والتواصل والمساعدة، بالإضافة إلى سعيهم في الأرض بالفساد، أي بالمعاصي والظلم والتعدي على حقوق الناس.

 

يتوهم هؤلاء المحرومون أنهم يحققون لأنفسهم مصالح عظيمة بمثل هذه العقائد والأعمال. لكنهم واهمون تماما، فليس من نتيجة لهذا النهج إلا الخسارة المحققة، واستحقاق نار جهنم.

 

وينسى هؤلاء المحرومون الحقائق الجلية الكبرى التي لا يجوز لعاقل أن يتجاهلها:

 

كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُون (28) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)

 

كيف يقبل عاقل على نفسه أن ينسى أن الله تعالى أوجده من العدم، وسيتوفاه في أجل معلوم، وسيحييه من جديد ليوم الحساب، ويعرض عليه أعماله كلها ليحاسبه عليها، إن خيرا فخيرا، وإن شرا فشرا؟

 

كيف يقبل عاقل على نفسه أن يعرض عن هدي القرآن الكريم، وأن يقطع الأرحام، ويفسد في الأرض، متجاهلا بذلك تعاليم خالقه وتوجيهاته؟ لمن يسمع الإنسان العاقل إن لم يسمع لربه الذي أكرم كل عباده جميعا بالأرض وخيراتها، وجعل السماوات فوقهم سبع سماوات، كل ما في الأرض وما في السماوات من جبال وهضاب وزرع ومعادن وأنهار وبحار وكواكب ونجوم داخلة في علم الله، وهو بأدق تفاصيلها محيط؟

 

العاقل لا يحشر نفسه مع الكفار المعاندين الذين تخاطبهم هذه الآيات وآيات أخرى كثيرة في القرآن الكريم منها قوله تعالى في سورة فصلت:

 

« قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِاَلَّذِي خَلَقَ الْأَرْض فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِي مِنْ فَوْقهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتهَا فِي أَرْبَعَة أَيَّام سَوَاء لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اِسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَان فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْع سَمَوَات فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلّ سَمَاءٍ أَمْرهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيح وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم (12) ».

 

ألا ترى إلى الإنسان إذا ما أتيحت له فرصة للقاء بمخترع أو خبير دولي مشهور في تخصص من التخصصات العلمية كيف يحترمه ويقدره ويثق به في اختصاصه؟ أولى بالإنسان إذن أن يثق بربه الذي خلقه على أحسن صورة، وأكرمه بنعم لا تحصى، وخلق الأرض والسماوات، والشمس والقمر والنجوم، وكل ما في الأكوان جميعها، وتفضل من بعد ذلك على عباده بأن أرسل إليهم رسلا منهم يهدونهم إلى التوحيد ويعلمونهم الكتاب والحكمة والفضيلة ومكارم الأخلاق.

 

إن نداء القرآن للبشر كافة واضح وقوي ومقنع، يبين فساد منهج الكفار والمنافقين والفاسقين، وتهافته، ومخالفته لمقتضيات المنطق، ويهدي إلى ما يوافق العقل، وإلى البر والتقوى وسعادة الدارين.


 

انسحاب فنزويلا من المؤسسات المالية الدولية

رفض لنظام لا تخدم إلا مصلحة الأقوياء

هندة العرفاوي
قرر تشافيز في شهر افريل من هذه السنة الانسحاب من المؤسسات المالية الدولية، لم تفاجأ الخطوة المراقبين للشأن الفنزويلي ذلك أن تشافيز أعلن عن رغبته في الانسحاب من هذين المؤسستين منذ سنة 1998.
لا ننسى وان وزن المديونية لعب دور أساسي في انتقاد الصندوق والبنك الدولي خصوصا بعد الأزمات المالية المتلاحقة التي أصابت الكثير من البلدان الصاعدة: المكسيك في سنة 1994 والعديد من البلدان الآسيوية في سنة 1997 و روسيا سنة 1998 والبرازيل السنة اللاحقة والارجنتين سنة 2001. وفي كل مرة يوضع سيناريو تقريبا مشابه للذي سبقه، عن سبب الأزمة: حركة مضاربة حول العملة، أدى إلى تدني قيمتها، مما تسبب في هروب رؤوس الأموال وحصول عجز في ميزان الدفوعات. وهذه البلدان التي كانت ضحية لتلك المضاربات وطلبت تدخل صندوق النقد الدولي جوبهت بمجموعة الشروط التي يفرضها الصندوق مقابل القروض التي يقدمها وهي بالأساس المطالبة بالقيام بإصلاحات هيكلية.  ورغم الدعم المالي المهم (قدم إلى المكسيك 17.8 مليار دولار في 1994 والقارة الآسيوية حضيت بأكثر من 36 مليار دولار من القروض على امتداد سنتين) فان الشروط التي تقدم بها الصندوق هي التي صارت مثارا للجدل والانتقاد.
 هذه الشروط التي يتبناها الصندوق وتعتبر مجحفة تفترض التدخل في السياسية المالية للدولة المعنية بفرض برنامج زيادة الدخل وتخفيض النفقات العامة ( وهذا التخفيض يمس بالأساس التخفيض في أجور العمال أو التخفيض في مقدار العمل وتوجيه أموال الاستثمار في المشاريع التي تنتج دخلا من العملة الصعبة يسمح بخلاص الديون).
 فعدم الاستقرار في ميزان الدفوعات يحدد على انه النتيجة الحتمية لإدارة مالية غير كفؤة وهذه هي الفرضية التي أصبحت معتمدة لفرض التقشف المالي والضريبي كأساس لسياسة الإصلاح الهيكلي. وهذا التصرف فاقم من التأثيرات السلبية المنجرة عن ضعف سوق رؤوس الأموال الخاصة. ولكن الصندوق تجاهل هذه الحقيقة بالتقليل من مخلفات هذا السلوك وبفرض شروط مجحفة لم يأخذ فيها بالاعتبار المسالة الاجتماعية والسياسية للبلدان التي تخضع لهذه الشروط. فالأزمة الأرجنتينية لسنة 2001-2002 تبقى هي المثال المعبر عن هذه المفارقة فقد تسببت في إغراق الدولة في حالة شديدة من الإفلاس وألقت إلى الشوارع بالآلاف من المحتاجين وعزل رئيس الدولة…
تراكم مثل هذه الوضعيات وانعكاسات هذه الشروط المجحفة للصندوق وللبنك الدولي أدى إلى تطور حركة المقاومة للعولمة التي نظمت أولى منتدياتها (المنتدى الاجتماعي العالمي في بورتو الاقرو في البرازيل في بداية سنة 2001. هذا الاجتماع ضم العديد من المنظمات العالمية المعارضة لنموذج التنمية الذي يدافع عنه مدراء الشركات متعددة الجنسيات ورؤساء الوؤسسات المالية الدولية مثل الصندوق والمنظمة العالمية للتجارة وغيرها) في دافوس. هذه التضاهرة تذكرنا بالأحداث التي وقعت في سياتل في الولايات المتحدة في إطار المنظمة العالمية للتجارة. وهنا اجتمع أيضا المعارضون للعولمة من اجل رفض الشروط التي تفرضها المنظمات المالية الدولية على البلدان النامية و تبضيع العالم الذي يحصل بمعزل عن الشعوب لمصلحة المجموعات المالية والصناعية الكبرى.
وقد نوقش في هذا المنتدى العالمي أربعة قضايا أساسية: مديونية بلدان العالم الثالث، مقاومة المضاربات المالية، التجارة العالمية ونقد دور صندوق النقد الدولي في العلاقات بين الشمال والجنوب. لقي المنظمون لهذا المنتدى المعارض لدافوس نجاحا كبيرا عمدوا بعده إلى تنظيم تظاهرة عالمية بديلة وموازية للتي تقوم بها الدول الكبرى كل سنة. خصوصا وان برنامج الأمم المتحدة للتنمية (بنيد) ذكر في تقرير له سنة 1996 أن أكثر من ثلاث أرباع سكان العالم يتقاسمون 16 في المائة فقط من الدخل العالمي.
 هذا السلوك الذي قام به تشافيز والمبشر باشتراكية للقرن الواحد والعشرين يرجعنا في التاريخ القريب إلى سنة 1955 في مؤتمر باندونغ أول تحرك لبلدان الجنوب ضد بلدان الشمال فأربع وعشرون دولة ومن بينها 16 دولة حديثة الاستقلال رفضوا الانضمام إلى احد القطبين المهيمنين في تلك الفترة الولايات المتحدة وروسيا. ففي الوقت الذي أعلنت فيه هذه الدول عدم انحيازها حاولت أن تنتظم في مجموعات إقليمية بإحداث مناطق للتبادل الحر فيما بينها أو شراكة جمركية وأسواق مشتركة كأرضية لانطلاقتها الاقتصادية. وهنا نذكر بقولة سنغور عن « موت عقدة النقص » » وعمل دول مثل برمانيا وسيلان والهند واندونيسيا والباكستان و23 دولة افريقية أخرى وست دول آسيوية- تمثل نصف الإنسانية وتتمتع فقط ب 8 في المائة فقط من الثروة – على إنشاء ما يسمى « بعالمية الفقراء » حسب تعبير جمال عبد الناصر. وفرضت قضايا التنمية في المؤسسات الدولية كشاغل أساسي. واستخدم مفهوم التنمية كمرادف لمفهوم زيادة الدخل. وفي سنة 1982 طرحت قضية مديونية العالم الثالث من طرف المكسيك خصوصا وان المؤسسات المالية أخذت مكان الأمم المتحدة في تحديد سياسات التنمية وان الإمكانيات المالية لهذه الأخيرة في تناقص بعد أن قررت الولايات المتحدة في التسعينات الانسحاب من عديد المؤسسات التابعة للأمم المتحدة وبالتالي قل الدعم…كما لا ننسى أن سقوط نظام القطبين فرض نموذج اقتصاد السوق واضعف من موقف دول الجنوب على الساحة الدولية.
وبالتالي لا نستغرب تصرف رودريكو كابزاس وزير المالية الفنزويلي الذي أعلن في 20 افريل المنقضي في واشنطن انسحاب بلاده من البنك وصندوق النقد الدولي. مقدما شيكا بقيمة 3.3 مليار دولار إلى الصندوق. وقد كان تشافيز سبق هذا التصرف باعتبار هاتين المؤسستين أدوات في أيدي الإمبريالية الشمال أمريكية. كما أعلن في نفس الوقت الرفع في قيمة الأجر الأدنى ب20 في المائة.
قد يكون خطا هذه الخطوة منجرا عن كونها جاءت أحادية ولم تبرز في مجموعة إقليمية يمكن أن يؤثر عامل انسحابها في إعادة ترتيب هذين الصندوقين. ذلك انه ما عدى الرئيس الاشتراكي للأكوادور رافاييل كوريرا لم يعلن احد من رؤساء أمريكا الجنوبية حتى اليساريين منهم تأييده لهذه الخطوة رغم أن كوريرا طرد ممثل البنك الدولي من بلاده. ورغم ذلك فان هؤلاء الرؤساء لا يدعون مناسبة تمر دون نقد هذه المؤسسات. خصوصا وان هذه البلدان عانت أكثر من غيرها من شروط هذه البنوك التي نتج عن تطبيق شروطها تركيز الأموال بأيد ثلة من الخواص بعد أن همش دور الدولة ومن هنا نرى لماذا أعاد تشافيز تأميم القطاع النفطي في بلاده ليجعل من هذا القطاع الحيوي المحرك الأساسي للتنمية في بلاده. ومن هنا دعوته لإنشاء بنك للجنوب الذي لقي دعم كل من الأرجنتين، الإكوادور، وبوليفيا وغيرها وحتى من طرف لولا دا سيلفا الذي رغم انتقاده للمنظمات الدولية لا زال يتحدث عن الواقعية الاقتصادية. وقد نشأت فكرة بنك الجنوب من اجل الاستفادة من المناخ الجيد للاقتصاد الإقليمي لإنشاء مؤسسة قادرة على صد الضربات القوية بشكل مستقل وحدد شهر جوان الجاري لإنشاء هذا البنك.
فهذا التنوع في الخطاب السياسي الذي عاد للظهور يدحض الرأي القائل بأن هذا العالم الشديد التعقيد يمكن اختصاره تحت حكم وحيد للقوة الأمريكية. لأن هذا التنظيم أصبح لا يخدم إلا مصلحة الأقوياء، كذلك أصبح من الصعب تنظيم العالم في إطار واحد بالنظر إلى عدم التناسق المتنامي لمختلف مكوناته.
 (المصدر: صحيفة الطريق الجديد عدد 60 ماي 2007 )

حذاري من تحويل ميراثه الى عقيدة أتاتوركية عربية جديدة

مرسل الكسيبي-+الحقائق الدولية/صحيفةوطن/ميدل ايست أون لاين:
 

يحاول البعض هذه الأيام وفي غير براءة النفخ مجددا في روح الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة قصد تحويل تراثه الفكري والسياسي الى صنمية تونسية وعربية جديدة ,ولعلني لا أظن بأن هؤلاء في محل الغفلة عن خطورة تحويل تجربة بشرية لها مالها وعليها ماعليها الى عقيدة سياسية ودينية شوفينية يصبح مخالفوها من قبيل الزنادقة والمارقين عن الوفاء للوطن وقيمه التاريخية و الحداثية المعاصرة . ولقد سبق لي أن أمطت اللثام عن حساسية التعاطي مع ملف الرجل بعين القداسة والتنزيه ولو أنني نوهت ببعض خصال زعامته السياسية والوطنية وذلك في معرض الوقوف المتجرد والموضوعي على تجربته في الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي أو في معرض تعليقي على ذكاء تعاطيه مع بعض الملفات الخارجية   … أكثر مااستفز بعض القراء في مقال سابق لي نشر على صحف الوسط التونسية والمصريون والحقائق الدولية والميدل ايست أون لاين** …وحمل عنوان « بورقيبة الزعيم : مدرسة وطنية مجددة لابد أن نرفع عنها كل تقديس » هو ترحمي على الرجل في معرض تعليقي على موقف ديني وسياسي لافت من الشيخ راشد الغنوشي بعيد وفاة الرجل وفي معرض سؤال توجه له به الزميل الاعلامي محمد كريشان حول مشاعره تجاه الرجل حين كان جثمانه بصدد التسجية الى مقبرته الفاخرة بمدينة المنستير التونسية… ولعلني أود التنويه في هذا الموضع بأن موقفي هذا هو من قبيل « اذكروا موتاكم بخير » حين حضرته ساعة المنية ثم هو من قبيل الاعتراف للزعيم الراحل بفضائل في مجالات التنمية والصحة والتعليم والسياسة الخارجية يوم كانت تونس خارجة لتوها من أغلال الاستعمار العسكري والتخلف المادي ورواسب الفقر والمرض والتجهيل الذي لازم سياسات تلك الحقبة التاريخية من النصف الثاني من القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين … لم أكن يومها حين كتبت ذاك المقال الا متجردا من حسابات التكفير أو التفسيق أو التصنيف العقائدي الخطير الذي يبقى سلطة معنوية وحكمية لابد أن نتركها للعلماء المتخصصين ولانجعلها سلاحا فتاكا بيد القادة السياسيين أو المفكرين وهو ماينعكس سلبا وخطورة على الشأن العام ويشكل منزلقا حادا وفتاكا في تعاطينا مع قضايانا الوطنية والتاريخية … لم أغفل قط عن وجود خصوم سياسيين أو فكريين أو دينيين أو تاريخيين للرئيس التونسي الراحل بورقيبة , بل انني وكما ذكرت سابقا ودونته في كلمات شاهدة على العصر بأن للرجل أخطاؤه الدينية والسياسية الفادحة ولعل من أبرزها استخفافه في بعض مراحل حكمه ببعض المقدسات الدينية الهامة للمسلمين والغائه للدور الفاعل للمؤسسة الزيتونية العريقة كما اصراره على تولي أمر التونسيين حتى في فترات المرض المقعد ,وعدم السماح بالتداول على السلطة والأمر بتزوير الانتخابات التشريعية بداية الثمانينات من القرن الماضي , هذا علاوة على تنظيمه لمحاكمات سياسية شملت أبرز العوائل السياسية المعروفة في ساحاتنا العربية …  لكن تبقى للتجربة برغم ذلك نقاط ايجابية كثيرة لايمكن التنكر لها في معرض الاختلاف الفكري والسياسي والديني مع الرجل وهو ماأشرت اليه في مقالي السابق حول الموضوع ولعلني أذكر في عجالة ببعض فضائلها : – المساهمة في الكفاح الوطني من أجل تحرير تونس من الاستعمار العسكري المباشر . – المساهمة بدور فاعل في بناء دولة الاستقلال الحديثة . – الاهتمام البارز بقطاع التعليم وانشاء مؤسسات تعليمية وعلمية حظيت بالاعتراف الدولي والعالمي البارز . – اعطاء الأولوية لقطاع الصحة وتخريج نخبة طبية وخدمية يشهد لها بالاحتراف والمهنية . – تسخير القسط الأكبر من ميزانية الدولة لقطاعي التعليم والصحة في مقابل ميزانية محدودة بالمقارنة للمؤسسة الأمنية . – ارتكاز الرجل في سياساته التنفيذية غالبا على نخبة سياسية مثقفة ذات اقتدار ملحوظ – يمكن التأمل في شخصيات محمد المصمودي والشاذلي القليبي والشاذلي العياري وأحمد بن صالح والهادي نويرة والطاهر بلخوجة ومحمد مزالي وأحمد القديدي وفتحية مزالي …- . – الاعتماد على سياسة دولية مرنة جنبت تونس الكثير من الأزمات والكوارث الاقليمية … – القدرة على الاستقراء السياسي في موضوعات القضية الفلسطينية -خطاب أريحا -وفي موضوعات دولية سابقة ومنها التكهن باندحار وهزيمة المشروع النازي … وعلى العموم لسنا اليوم في معرض الانتصار للرجل أو ادانته بقدر ماأردنا التذكير بأهمية النظر بعين نسبية لشخصية زعيم تونسي انتقل الى جوار ربه تعالى , ومن ثمة فانه من المهم بمكان عدم تقديس شخصه أو تنزيهه عن الأخطاء والزلات وبالتالي عدم تحويل ميراثه الى عقيدة دينية وسياسية نحاول عبثا وحيلة ودهاء تحويلها الى أمر دستوري ملزم في حياة التونسيين والتونسيات أو في حياة سكان المنطقة العربية على اعتبار الترويج المقصود والمغري لرياديتها ,والحال أن التونسيين والتونسيات مازالوا اليوم يدفعون ثمنا باهضا لأخطائها حين عزف الزعيم الراحل عن افساح المجال أمام التداول السلمي والطبيعي للسلطة أو حين استخف في أكثر من مناسبة بالميراث المقدس للمسلمين والمسلمات ,لتجني تونس من جراء ذلك نموذجا تحديثيا صداميا مع تراث البلد وحضارته العربية الاسلامية العريقة . لاشك بأن منطقتنا في حاجة الى النهوض والتحديث والعصرنة ,غير أن هذا المراد لايكون بملئ السجون بالمعارضين أو بقمع تيارات الاسلام الوسطي المعتدل أو بفرض نموذج حياتي شخصي على الناس بالحديد والنار أو بمصادرة الحريات وتقويض حقوق المواطنة من أجل التغني بالعقيدة البورقيبية كنموذج لابد أن نسير عليه خطوة بخطوة أو شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى بعد مرور عشرين سنة على ازاحة الرجل من سدة الحكم وبعد مرور مايناهز العقد على وفاة رجل تحولت جثته الى دود وتراب -والله أعلم -كما هو شأن أغلب الناس .. « انك ميت وانهم ميتون » , بمثل هذا القول الرباني لابد أن نكون من المتعظين ,ولنعلم أن التونسيين ومعاشر العرب في غنى عن احياء أتاتوركية عربية أو تونسية شوفينية جديدة نكون عليها من النادمين في الدارين , حيث أن تقديس الموات في الدنيا مما اتضح بواره السياسي والتاريخي في أكثر الامبراطوريات قوة واثارا في الأرض ,أما من زاوية دينية فلست أظن بأن ثمة عالما واحدا قال بفضل تأليه قول بشر أو اعلاء مقام الميتين الى درجات العبادة والتنزيه والتقديس وشد الرحال , وان حصل هذا اليوم في بلاد العرب والمسلمين أو في بلاد أخرى من العالم فليس هذا الا علامة على الانحدار والتخلف الذي أصاب بعض بني البشر في ظل افتقاد موجهات البوصلة الحضارية والنظر الثاقب . *كاتب واعلامي تونسي- رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية reporteur2005@yahoo.de حرر بتاريخ 18 ماي 2007-2 جمادى الأولى 1428 ه . **راجع مقالنا المذكور بالنقر على الوصلة الاتية http://www.tunisalwasat.com/wesima_articles/articles-20070203-4137.html اطلع على النص الانجليزي لخطاب بورقيبة بأريحا -3 مارس من سنة 1965
 

(المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (أليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 18 ماي 2007)


عوائق أمام إنشاء مكتبة رقمية للانتاج الفكري العربي

عدنان المنصر (*)

تُشكّل الانترنت اليوم إحدى أهم الأدوات في عالم البحث في ميادين المعرفة البشرية المختلفة. وبسبب انتشارها السريع ونسق استخدامها على المستوى العالمي، امتد أثرها إلى ميادين متنوعة؛ كما بات نشر الكتب والفهارس على الشبكة الالكترونية الدولية من بين أكثر الخدمات الشبكية رواجاً. ومنذ مدّة، ظهرت مشاريع لبناء مكتبات رقمية تتيح للمطالعين المتصلين بالانترنت الحصول على عدد من المؤلفات غير المشمولة بحقوق النشر والتأليف.

مشروع «غوتنبرغ» الأميركي

جاءت البداية من الولايات المتحدة في العام 1971 من طريق مشروع أطلقه أحد الشباب يدعى مايكل هارت Michael Hart وأطلق عليه اسم «غوتنبرغ» Gutenberg. وتطور المشروع على مدار الـ 35 سنة الماضية، تطوراً كبيراً إلى أن أصبح اليوم أضخم مشروع مكتبة رقمية غير تجارية عالمياً. وأتاح اتساع إمكان تخزين المعلومات لمشروع مايكل هارت، الذي نجح في ضمّ حوالي ألف متطوع إلى مشروعه، وضع آلاف العناوين في خدمة الباحثين والمطالعين مجاناً.

ومن المتوقع أن يبلغ عدد العناوين المُرقمنة في منتصف العقد المقبل قرابة مائة ألف عنوان. ويلاقي مشروع «غوتنبرغ» نجاحاً هائلاً في الوقت الراهن، إذ يقدر عدد الكتب التي تجري إعارتها في شكل رقمي (تصفح أو تخزين) على ذلك الموقع الشبكي، بنحو مليوني كتاب شهرياً.

وسرعان ما انتشرت فكرة المكتبات الإلكترونية في العالم الغربي وبصفة خاصة في العالم الأنغلوساكسوني. وتعاقدت مكتبات أعرق المكتبات الجامعية الأميركية مع شركات إعلامية لرقمنة مخزونها المعرفي في مختلف المجالات. غير أن مشروع «غوغل برنت» Google Print يعتبر اليوم أكثرها طموحاً وأضخمها تمويلاً. إذ يتوقع القائمون عليه أن يضع أمام المتصلين بالشبكة حوالي 15 مليون عنوان، أي ما يعادل 4.5 بليون صفحة، معظمها من الثقافة الأنغلوساكسونية.

وكان من النتائج المباشرة لمشروع «غوغل برنت» نقل الصراع بين الأنغلوسكسونية والفرنكوفونية إلى ميدان رقمنة الكتب. إذ تعمل «المكتبة الوطنية الفرنسية»، عبر مشروعها «غاليكا» Gallica، على رفع التحدي بتسريع عملية رقمنة رصيدها الهائل من المصادر والمراجع باللغة الفرنسية، مع التفاوت الواضح في القدرة على إيجاد التمويلات الكافية إذا ما قورنت بتمويل مشروع «غوغل». ولا يلاقي سعي الفرنسيين إلى إشراك الاتحاد الأوروبي في هذا المشروع، تحت شعار مواجهة التحدي الثقافي الأميركي، على ما يبدو نجاحاً كبيراً، بالنظر إلى أن الهم الفرنكوفوني ليس مشتركاً بين غالبية الدول الأعضاء في التجمع الأوروبي الكبير.

بالتأكيد، ثمة بُعد معرفي أيضاً في هذا الموضوع؛ غير أن الجانب الربحي لا يقل عنه أهمية. فبغض النظر عن البعد الثقافي الكامن وراء انتقاء عناوين من دون سواها ولغات من دون أخرى، فإن تحويل مشاريع المكتبات الرقمية إلى مشاريع مربحة تجارياً من شأنه أن يحدث ثورة عظيمة أخرى في هذا الميدان، لذلك تحظى مشكلة حقوق التأليف والنشر باهتمام كبير من القائمين على هذه المشاريع.

لا يُضاهي قيمة المكتبات الرقمية، التي تتيح لعموم المتصلين بشبكة الانترنت تصفح أو تخزين ما يريدونه من عناوين؛ على الأرجح سوى عملية اختراع الطباعة التي نقل غوتنبرغ بواسطتها المعرفة من نشاط تمارسه نخبة ضيقة إلى مستوى أوسع الأنشطة البشرية.

وعلى رغم الصراع الكامن وراء عملية التنافس في بناء المكتبات الرقمية، فالأرجح أن تأتي نتيجتها في مصلحة البشرية، إذ يؤدي تراكم هذه المشاريع إلى إنشاء ما يسميه بعضهم بالمكتبة الرقمية الإنسانية التي ستحفظ المعرفة الإنسانية من الضياع، وفي شكل نهائي.

أنغلوسكسونية

وتبدو هذه المكتبة الرقمية الإنسانية أنغلوسكسونية في الدرجة الأولى وفرانكوفونية في الدرجة الثانية، في حين لا يكاد يذكر عدد العناوين العربية المرقمنة. وفي المقابل، فإن المكتبة العربية خصبة بالنتاجات الفكرية، ما يجعل غياب الثقافة العربية رقمياً أمراً يمكن إرجاعه إلى ضآلة الجهد المبذول لرقمنة الكتب العربية على المستوى التقني. فباستثناء بعض المشاريع الفردية التطوعية التي تنحصر عملياً في منطقة الخليج، لا يكاد يبذل العرب جهداً يذكر لوضع ثقافتهم رقمياً على الانترنت. إن متصفح المواقع الإلكترونية لدور الكتب في البلدان العربية يصاب بخيبة أمل كبيرة، إذ أن هذه الدور أخفقت إلى اليوم، على رغم الإمكانات البشرية والتقنية التي تتوافر لديها، في وضع ولو مجرد فهارس رقمية بعناوين مخزوناتها تتيح للباحثين الإطلاع عليها على الانترنت. وبدلاً من ذلك، تحولّت تلك المواقع في الغالب إلى عمل دعائي عديم المضمون. ويولّد ذلك الغياب انعكاسات كبيرة، إذ يخسّر الباحث وقته وماله وجهده، فيتأخر نفعه لغيره. والوضع ليس أحسن حالاً بالنسبة للمكتبات الجامعية، وهي في الأصل مكتبات بحث.

يفتح هذا الوضع باب الجدال واسعاً حول السياسات الثقافية في البلدان العربية، هذا إذا جاز لنا إطلاق تسمية «سياسات ثقافية» على ما يُصنع بالثقافة في تلك البلدان! ولا يعود ضحل المساهمة العربية في مشروع المكتبة الإنسانية الرقمية لقلة الخبرات ولا إلى ضعف الإمكان، وإنما إلى انعدام الإرادة السياسية في جعل البُعد الثقافي همّاً جدياً لوزارات الثقافة العربية. فلو خُصص لهذا المشروع قسم يسير من الميزانيات التي تنفق على «دعم الأغنية» أو جزء مما ينفق على حفلات الاستقبال الرسمية، لكان كافياً. غير أن المسألة لا تقف عند تخلي المسؤولين عن الثقافة في البلدان العربية عن واجباتهم في نشر وتطوير اللغة الأم. إذ تسير على غرارهم الجامعات المختلفة في الدول العربية، التي لا تقوم بالحد الأدنى المطلوب منها في هذا الشأن. تكاد النتيجة أن تكون هي نفسها حيث ما ولَّيت وجهَك: تصحر ثقافي، وانعزال متزايد عن حركة الفكر الإنساني، وضعف في المناعة الثقافية للجيل المتعلم، وانتشار غير مسبوق للجهل والخرافة.

مسؤولية المجتمع المدني

إن حلم اللحاق بالمجهود المبذول في الفضاءات الثقافية السائدة راهناً لم يعد غير واقعي فحسب، بل إن المرء يسأل عن إمكان «المحافظة» على مرتبتنا الحالية في سلم التخلف العلمي والثقافي، وكذلك «المحافظة» على بعض ما تحقّق في العقود الماضية.

إلا أن إلقاء التبعات على السياسات الرسمية لا يشير إلا إلى جزء من المشكلة. إذ تكاد الاستقالة من مسؤولية صيانة الثقافة العربية أن تصبح سلوكاً عاماً لدى شطر كبير من الشرائح التي يفترض أن تكون أكثر وعياً من غيرها بخطورة هذه المسألة.

وهنا تطرح قضية مساهمة المجتمع الأهلي، أو المدني، في المحافظة على إحدى أهم أسس هويته الثقافية، واعتبار نفسه معنياً أكثر من الجهات الرسمية بهذا الموضوع. فالمشاريع الغربية في مجال المكتبات الرقمية بدأت كلها في شكل غير رسمي واستندت على العمل التطوعي، ولم تتطور إلى الشكل الذي أصبحت عليه اليوم إلا بفضل عملية تراكم طويلة الأمد.

إلا أن تطور الاقتصاد الرقمي وانفتاحه على مجالات جديدة يمكن أن يحدث النقلة المطلوبة في مجال الكتاب الرقمي العربي حيث أصبح بإمكان المستثمرين الخواص ولوج عالم الثقافة الرقمية العربية باعتبار الأرباح التي يمكن جنيها من الإطلاع على المخزون الرقمي، حتى لو تعلق الأمر في البداية برقمنة الكتب التراثية غير الخاضعة لحقوق التأليف. ليُجرب أحدهم ذلك وسيتأكد من حجم الفوائد التي سيجنيها، وسيحقق في النهاية استثماراً جيداً ويساهم (حتى من حيث لا يدري) في «مشروع صيانة الثقافة العربية».

(*) أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة سوسة (تونس).

 (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 18 ماي 2007)


هزيمة اليسارفي فرنسا… قراءة هادئة

توفيق المديني
يواجه اليسار الفرنسي هزيمة مميزة ويصعب هضمها.فالنتيجة التي حققتها المرشحة الاشتراكية المهزومة سيغولين روايال هي الأدنى  في تاريخ الدورات الثانية للانتخابات الرئاسية. فلم تستطع سيغولين روايال أن تحدث الاندفاعة الضرورية، أو تعرف كيف توقف مسلسل الانحدار التاريخي لليسار.
ما ينقص المرشحة الاشتراكية ، هو فعلا ما ينقص بعمق الحزب الاشتراكي، استراتيجية سياسية واضحة، و مشروع تجديد إيديولوجي.فالسيدة سيغولين روايال  تميّزت بتعيينها كمرشحة لمنصب رئاسة الجمهورية للعام 2007 ، عن طريق الالتفاف على منطق التأييد والموارد النضالية المُفتَرض أن ترافق هذا الترشيح. فقد ارتقت السيّدة روايال إلى موقعٍ تمثيليّ لوحدها،كما لو كانت بطريقة الخلع، في ظل حزب اشتراكي  منقسم إلى عدة تيارات ،وتتنازعه الحساسيات الشخصية بين قياداته السياسية،و عجز تاريخيا عن تحديث استراتيجيته ومشروعه المجتمعي.
فقد ترشحت سيغولين رويال ممثلة عن الحزب الاشتراكي من دون أن تكون قد استأثرت سلفاً بالقيادة داخل حزبها (على عكس فرانسوا ميتران أو ليونيل جوسبان مثلاً)، أو شاركت في سجالاته الداخليّة. وفرضت نفسها كـ »مسترئسة »، أوّلاً على المعلّقين الإعلاميّين، ثمّ على عددٍ متزايدٍ من النوّاب والمسؤولين والمناضلين الاشتراكيين، إلى حين تسميتها في تشرين الثاني/نوفمبر 2006، بفضل الإحصائيّات الجيّدة لشعبيّتها، وبسبب ميل الناخبين للاقتراع لها منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2005. وكما أظهره ريمي لوفيفر وفريديريك ساويكي، لم تقتصر قوّتها فقط على انطباع « العذريّة السياسيّة » التي تعمل على صقله، بل، وبصورةٍ خاصّة، على وضع حزبٍ خاضعٍ للسلطة المتزايدة لاستفتاءات الرأي .
إنّ تحوّل الحزب الاشتراكي إلى حزب ممثّلين منتَخَبين مهتمّين أساساً بالرهانات الانتخابية، وتهميش المناضلين العمّاليّين لمصلحة « كوادرٍ شابّة »، وانحطاط « الأوساط » والشبكات الاشتراكية، وشغل مراكز المسؤولية من قبل « خبراء » استوردوا خبرات يُشاع بأنها أكثر فعّاليةً (خاصّة تقنيّات استقصاءات الآراء)، كلّ ذلك ساهم في جعل المسؤولين الاشتراكيين متغاضين عن تطلّعات الفئات الاجتماعية التي ما عادوا يختلطون بها.
العلاقات المعقدة التي أقامتها المرشحة المهزومة سيغولين روايال مع حزبها بلبلت كثيرا حملتها الانتخابية،إذ إنها  عندما قدمت  » ميثاقها الانتخابي الرئاسي »لم تشرإلى أية مرجعية من القادة التاريخيين للاشتراكية الفرنسية:لا جان جوريس، و لا ليون بلوم، ولافرانسوا ميتران. فقط ذكرت جاك دولور.ويعتبر السيد دولور، مهندس التحول في سياسة اليسار باتجاه اعتناق الليبرالية على طريقة الاشتراكية الديمقراطية الأوروبية .ففي  سياق تحليله لإخفاق برنامج إعادة الانطلاق الاقتصادي في 1981-1982، عندما اختار اليسار محاربة البطالة بزيادة النفقات العامة والاستهلاك الشعبي وتأميم الشركات الصناعية والمالية الكبرى، إذ تزامنت  الانطلاقة الاقتصاديّة هذه في فرنسا مع آلة إنتاجيّة متداعية وعملة وطنية سعر صرفها أعلى من قيمتها وتراجعٍ اقتصاديٍّ في الخارج أدّى إلى عجزٍ كبيٍرٍ في ميزان المدفوعات – ولو أنّه نسبياً أقلّ من نصف العجز المسجّل اليوم في الولايات المتحدة الأميركية ، يقول ديلور: »أنه لا يمكن فهم تلك المرحلة بالإشارة فقط إلى كرم – أو تبذير – اليسار كما يحصل في الغالب ». ويوضّح الأمر قائلاً: « لما كنّا في طور نموٍّ مدفوعٍ بطلبٍ داخليّ أعلى من البلدان المجاورة، كنّا نستجلب الاستيراد. وكان الأمر ليختلف لو كانت أدواتنا الإنتاجية قادرةً على تلبية الطلب. لكن السبب في ذلك العجز كان بسيطاً: فطوال السنوات التي سبقت وصول اليسار إلى السلطة، لم ترتفع الاستثمارات المنتِجة بما فيه الكفاية(…). أضِف إلى ذلك أن أصحاب الشركات لم يستسيغوا تغيّر الحكم. وفي غياب الثقة، لا استثمارات ».
 لقد أرادت سيغولين روايال التحرّر من التقاليد السياسيّة لحزبها الاشتراكي ، و من مرجعيته أيضا. فسيغولين روايال لديها مشروع أكثر « سيغولية » منه اشتراكي  . فهي مقتنعة أن موقعها كمرشحة اشتراكية مرتبط فقط بمزاياها الشخصية. وظهرت هذه الشخصانيّة في السياسة من جديد في المعركة الانتخابية الرئاسية الأخيرة، بعد أن لقيت هذه النزعة تشجيعاً واسعاً في وسائل الإعلام واستقصاءات الرأي، وانطلاقاً من المنحى الرئاسي للمؤسسات . ويبدو أن الغرض الرئيسي من إبراز اسم الحزب الاشتراكي هو السماح للمرشحة سيغولين روايال إبراز موهبتها ، مع إهمال ما يَعِدُ بها برنامج الحزب.
 فكانت الواجهة التي تخفي الأزمة العميقة التي يعاني منها اليسار بشقيه الاشتراكي  والشيوعي. و لا يمكن فصل هزيمتها في الانتخابات الرئاسية الأخيرة عن هزيمة اليسارالفرنسي.: فبعد أن اقتنعت بفكرة أنّه، لكي تكون الأفضل في معسكركَ يجب أن تكون الأوّل (والعكس صحيح)، لم تكف عن اعتبار المعركة السياسيّة بمنزلة مجرد تعاونٍ مع قادةالحزب الاشتراكي  فحسب يهدِفُ إلى تحقيق خلاصٍ جماعيّ، بل حادت عن آراء داعميها من الاشتراكيين ، وفسخت التسويات التي سهّلت ارتقاءها. على هذا المستوى، انفصلت  حملة سيغولين روايال  ، ليس فقط عن الواقع الذي يجب عليها نقله. إنّه نوعٌ من اللّغة الانتخابية المُبتَكَرة، فالخطابات مجرّد ضروريّات تفرضها الحملة، تُلزِمُ فقط من يصدّقها وليس من يُدلي بها. هنا تكمن المفارقة. تنفلت اللّعبة السياسيّة باتّجاه عوالمٍ خياليّة، في الوقت الذي تهيمن فيه التحدّيات الاجتماعية – الحسّية والغائبة عن النقاش – على حياة الناس العاديّة.
بعد أن استفادت  المرشحة الاشتراكية من انضمام  كل مرشحي اليسار الأنتي ليبرالي ( الحزب الشيوعي ، و منظمات اليسار الجديد)الذين حصلوا مجتمعين على 9%  في الدورة الأولى ،متراجعين عن الانتخابات الرئاسية في عام 2002، عندما حصلوا على 13،8%،و الذين رفعوا شعار « أياً كان إلا ساركوزي » منذ بداية الحملة الانتخابية،أخفقت  سيغولين رويال في معركة كسب ناخبي الوسط السبعة ملايين الذين صوتوا لمصلحة مرشح  الوسط  فرانسوا بايرو ، باعتبارهم  كانوا سيلعبون دورا كبيرافي الدورة الثانية.
حين وصل اليسار الاشتراكي إلى السلطة بزعامة فرانسوا ميتران في عام 1981،لم يستطع أن يجسد مشروعه المجتمعي، بصرف النظر عن التأميمات التي قام بها ، فقد أخفق في إعادة الانطلاق الكينزية المهدّدة بالعجز الخارجي.وكان فرانسوا ميتران يتّكل على مرغريت تاتشر التي أقام معها علاقات وديّة، لاسيّما بتأكيد تضامن فرنسا مع بريطانيا خلال نزاع جزر الفوكلاند. وفي ألمانيا، كان الاشتراكيون الديمقراطيون في السلطة، واعتقد ميتران  بإمكانية إقناع هلموت شميت. وظل ميتران ينتظر دعم  الرئيس الأميركي رونالد ريغان ، الذي لم تكن  خياراته الليبرالية المتطرّفة قد بلغت حدّ العمى التي وصلت إليه لاحقاً.
 فاللازمة الدائمة حول تحوّلات اليسار، وتوجّهه اليميني المرتبط بالـ « قيود الأوروبية »، والتغيّر العميق في سوسيولوجية اليسار الانتخابية، لا يمكن فصلها عن الممارسة المَلَكية للسلطة. وهذا ما كان قد حوّل الحزب الاشتراكي إلى مسرحٍ للظلّ تكثر فيه المواجهات بين الأشخاص أكثر منها حول السياسات .كما بات مناضلي هذا الحزب الاشتراكي أقرب إلى مناصري الحظيرة الرئاسية لفرانسوا ميتران ،إن لم يكن إلى سقّائين في آخر عمليات التحكيم بين القرارات التي تبتّ بها السلطة التنفيذية .هكذا يقول ميشال روكار: « سرعان ما أدركتُ أن هذه الجملة من ميتران تصف الواقع بدقّة: أنّه لا وجود للحزب الاشتراكي، هناك فقط أصدقاءٌ لفرنسوا ميتران ». وهذا الأخير كان « غريباً عن أيّ مفهومٍ لتشكيلةٍ سياسيّة، أو أي مفهومٍ للحزب؛ (…) فهو لا يسعى أبداً لمشاركة أحد في قراراته ».
و على الرغم من أن فرانسوا ميتران كان يقول دائما: « لم يتم انتخابي كي أقوم بالخصخصة وبجعل الرأسماليين أكثر ثراءً! » ، فإنه من الناحية التاريخية انتهج سياسة يمينية، واستمر في تجسيد سياسة « التلاقي » بين الاشتراكيين واليمين في السياسات الاقتصادية والاجتماعية؛ مع أن الليبرالية، في نظر فرنسوا هولاند الأمين العام الحالي للحزب الاشتراكي ، و رفيق درب وزوج المرشحة سيغولين روايال  « لا تحظى بموافقة الأكثريّة في فرنسا. » وهذا ما يفسّر بعض الأحكام الرئاسية: ليس هناك أسوأ من الاشتراكيين الذين يحلَمون بشهادات حسن سلوك في الاقتصاد يمنَحُها إليهم رجال اليمين. هؤلاء ينتهي بهم الأمر إلى نسيان أنهم يساريّون(…).وكان السيد فرنسوا ، قد أطلق الإنذار قائلاً: « إن لم يُنزع الطابع القدسيّ عن وظيفة الرئيس، فلن يمكننا استعادة الوظيفة الديمقراطية ». وكان ميتران قد كرّر في الماضي هذا الخطاب قبل أن تتفتّح لديه عظمة الدور الرئاسي بأبهى صورها.
مع سقوط جدار برلين، سقط الجدار الرمزي للصراع الإيديولوجي بين اليمين و اليسار على الصعيد العالمي.و في ظل انتصار العولمة الليبرالية ، أدركت الشعوب أنه لم يكن هناك  اختلاف جيني بين اليمين و اليسار.و منذحينئذ، حلّت القيم محل الأفكار. ولم يدرك اليسار هذا التحول. وظل اليسار الرسمي  يعتبر نفسه معصوما من الخطأ أخلاقيا، و لايمكن نقد معتقداته الإيديولوجية، باعتباره كان يجسد الحركة الاجتماعية التقدمية و الجمهورية العلمانية، و باني الديمقراطية الاجتماعية . و كان هذا صحيحا حتى نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945. بيد أنه منذ ذاك التاريخ ظل اليسار الفرنسي  يعيش على أمجاده . فكان يحتقر النقاشات الفكرية  والمجتمعية التي كانت تجري في بريطانيا و ألمانيا، و تجاهل عودة العامل الديني و الروحي في أوروبا الشرقية، و لم  يكترث ب »الثورات المخملية » في براغ و كييف و تبيليسي. اليوم هذا اليسار من النمط القديم مات.و على الرغم من دفن هذا النمط التقليدي من اليسار، فإن اليسار ظل يعيش على التراث الثقافي و السياسي الذي ينتمي إلى القرن التاسع عشر.  
و ما يجري الآن في الحزب الاشتراكي الفرنسي  ، هواضطلاع   المرشحة  اليسارية سيغولين رويال بهذا الدورالتاريخي، لجهة التغيير. المرشحة سيغولين ررويال فهمت  أن السياسية تغيرت في طبيعتها، و أن الناخبين الفرنسيين  لم يعد يعتقدون بالمقولات الإيديولوجية الكبيرة-فالفردانية  هي التي تقودهم، لأنها ترى في الفرد أساس الواقع و القيم ، وترى في الفلسفة السياسية  إلى أن المثل الأعلى للحكومة الصالحة إنما هو تنمية  الحرية الشخصية و الحد من سلطان الدولة على الأفراد-و جاءت الثورة الرقمية ، ثورة الاتصالات ، و الانترنت  لتعزز الفردانية من خلال تخفيف سرعة وسائل تعبيرها.لهذا السبب كانت المرشحة الاشتراكية تتوجه إلى الفرد أكثر منه للمواطن.حتى إن استراتيجيتها الإعلامية كانت تستعير أحيانا مصطلحات من لغة الأنترنت.  
(المصدر: صحيفة الأخبار اللبنانية الصادرة يوم 18 ماي 2007)


سياسة فرنسا الخارجية

كمال بن يونس كشف الرئيس الفرنسي الجديد عن اسم رئيس حكومته ووزير خارجيته والمسؤولين الاول في فريقه الحكومي.. وإن لم يفاجا تعيين السيد فرانسوا فيون على راس الحكومة فان من بين اولى مفاجآت ساركوزي اختيار شخصية بارزة من اليسار الاشتراكي هي السيد كوشنار وزيرا للخارجية.. بعد أن ترددت عدة اسماء بينها وزير الخارجية الاشتراكي سابقا هوبير فيدرين والسيد بيار للوش الشخصية التي دعمت ساركوزي طوال مسيرته الانتخابية.. مع فريق من رموز اللوبي اليهودي في فرنسا، لقد فاجأ ساركوزي كثيرا من المراقبين في فرنسا وخارجها منذ الاعلان عن النتائج التي اوصلته الى الايليزي إذ تخلى عن الخطاب الانتخابي وعن اسلوبه الاستفزازي القديم.. وقدم خطاب تجميع معتدل.. مع تمسك ببعض ثوابت السياسة الخارجية  الفرنسية.. ومنها الاستقلالية النسبية .. والرهان على الابعاد الافريقية والاوروبية المتوسطية لديبلوماسية باريس.. وجاء اختيار كوشنار على راس الخارجية وهو الذي عرف بتوجهاته المساندة «للتدخل الدولي الانساني» ليفتح جسورا جديدة للتقارب السياسي بين واشنطن وباريس ..بل قد يكون السبب الرئيسي وراء اختياركوشنار فتح خطوط حوار افضل مع الادارة الامريكية التي توترت علاقاتها بباريس خلال الحرب على العراق.. وكان كوشنار من بين الساسة الفرنسيين القلائل الذين لم يعارضوا الحرب على العراق.. وانتقدوا علنا سياسة الرئيس شيراك الخارجية.. كما كان كوشنار ساند من قبل التدخل الاطلسي في يوغسلافيا السابقة وكوسوفو…الخ بما يعني أن السيد ساركوزي قد يدفع سياسة فرنسا الخارجية في اتجاه مغاير للاتجاه الديغولي.. الذي كان شيراك من بين آخر رموزه.. ان العواصم العربية والاسلامية عامة والمغاربية خاصة مدعوة الى الخروج من موقع المتفرج والمبادرة بتفعيل علاقاتها مع فرنسا ساركوزي.. المرشح أن يلعب دورا اقليميا أكبر.. خاصة بعد رحيل طوني بلير المقرر للشهر القادم.. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 19 ماي 2007)

ساركوزي والعالم العربي: الغلبة للواقعية السياسية وتبادل المصالح

فابيولا بدوي (*)     

بعد حرب 1967، كرس الرئيس الفرنسي شارل ديغول سياسة جـــديــدة في ما يخص الصــراع العربي الإسرائيلي، وقد غــدت هذه السياسة أحـــد أعـــمدة ما عرف بسياســة فرنسا العــربية. فهل نشهد بعد أربعــين سنة قطــيعةً مع الديغــولية، ليــس فقط بالنسبة للعالم العربي، بل بالقياس لمجمل الســياسة الخــارجية الفــرنسية؟

منذ نهاية عهد الرئيس جاك شيراك، وانتخاب نيكولا ساركوزي رئيسا لفرنسا لخمس سنوات قادمة، والوجوم يسود العالم العربي، وقد تركز كالعادة رد الفعل ما بين ندب للحظ العاثر إزاء المتغيرات الدولية نظرا للصورة التي تم رسمها لساركوزي كصديق لإسرائيل وكمضطهد للمسلمين في فرنسا، وبين الإدانة لشخصية عبرت دون مواربة عن انحيازها للسياسة الأميركية.

فهل تُعد هذه المقاربة متسرعة وغير محيطة بشخصية ابن المهاجر المجري الذي غدا رئيسا لأحد أبرز البلدان الأوروبية؟ في هذا السياق تعد مبالغة بنيامين نتانياهو، زعيم ليكود الإسرائيلي، في الإشادة بالصديق الكبير ساركوزي مماثلة للتشاؤم المفرط لدى بعض الأوساط المغاربية تجاه وزير داخلية سابق اتخذ مواقف متشددة إزاء مسألة الهجرة والهوية الوطنية، وهو الأمر نفسه بالنسبة لوصف الرئيس الفرنسي الجديد بأنه من «المحافظين الجدد على الطريقة الأميركية»، والذي مرده المقابلة الشهيرة بين ساركوزي وبوش في العام الماضي وإشادة الأول خلالها بالولايات المتحدة ودورها في العالم. لكن أين العالم العربي من واقعية الأحداث بكل ما ستحمله من تغيرات في المستقبل القريب؟

إن المتابع لموقف ساركوزي منذ بداية حياته السياسية سوف يتصور أن المرونة التي قد تصل إلى حد الميكيافيلية هي السمة الغالبة على هذا الرجل القادر على التوفيق بين المتناقضات، حيث نجده يستنجد بجان دارك وجوريس وديغول ونابليون في آن واحد، ووفق قراءة شديدة الانتقائية للتاريخ.

من هذا المنطلق، وبعد حملة انتخابية اتسمت بتغييب شبه كامل للسياسة الخارجية وإعطاء الأولوية للملفات الداخلية، فاجأ ساركوزي مواطنيه ومتابعي الحدث عبر العالم، بتخصيص غالبية مداخلته الأولى بعد فوزه للسياسة الخارجية وبطغيان الطابع التبشيري عليها، والتركيز على إعادة دور فرنسا البارز إلى أوروبا والعالم. وفي هذا الإطار برز البعد المتوسطي للسياسة الخارجية الفرنسية كعلامة فارقة. فقد أراد ساركوزي تحقيق عدة أهداف عبر الدعوة لإقامة «الاتحاد المتوسطي» في مقدمتها حل عقدة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي عبر منح أنقرة بديلا مشرفا من خلال لعب دور رئيسي في هذا الاتحاد الجديد، إضافة إلى المساهمة في حل الصراع العربي الإسرائيلي عبر جمع الأضداد في حاضنة البحر الأبيض المتوسط، وإعادة الأولوية لعلاقات فرنسا مع بلدان المغرب العربي كونها الأكثر اكتراثا بالتقارب الأوروبي المتوسطي، إلى جانب جعل الاتحاد المتوسطي جسر تواصل بين أوروبا وإفريقيا، وذلك في مسعى لوضع حد للسياسة الفرنسية التقليدية تجاه القارة السمراء.

والفكرة المتوسطية في حد ذاتها ليست بالجديدة، بيد أن الجرأة في ساركوزي تتمثل في محاولة خلق منظومة جيوسياسية جديدة، يكون لفرنسا فيها دور محوري بعدما أخذ دورها الأوروبي في الاضمحلال نتيجة الدور المتعاظم لألمانيا من جهة، ولعدم رغبة بريطانيا في تحويل الاتحاد الأوروبي إلى قوة سياسية من جهة أخرى.

للوهلة الأولى يبدو أن السياسة العربية لفرنسا قد انتهت مع آخر الديغوليين جاك شيراك. غير أنه، وبغض النظر عن شعارات الحملة الانتخابية، أو عن الأفكار المسبقة حول ساركوزي، نجده قد اجتمع بزعيم الأكثرية النيابية في لبنان سعد الحريري في أول لقاء علني له مع شخصية أجنبية بعد انتخابه، كذلك لفت نظر الكثيرين لقاءه بالرئيس المصري حسني مبارك قبل أيام من الدور الأول في الانتخابات الرئاسية، وكأنه عبر هذين اللقاءين يؤكد، بشكل أو بآخر، على متابعة سياسات الجمهورية الخامسة.

صحيح أنه مع اختلاف الأجيال والشخصيات سوف يختلف الأسلوب في السياسات وكيفية التعاطي مع الملفات، إلا أن ساركوزي بلقاء مبارك والحريري قد يذكرنا بفرنسوا ميتران الذي كان من أكبر أصدقاء إسرائيل المعلنين، ولكن أول زيارة خارجية له الى الشرق الأوسط كانت إلى المملكة العربية السعودية. وهذا يعني أن الواقعية السياسية وتبادل المصالح سيكون لهما الغلبة في رسم مسار علاقات فرنسا مع العالم العربي… فأين الحكومات العربية من كل هذا؟

طبقا لتصريح لشخصية مسؤولة في «حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية» ـ الذي تزعمه ساركوزي منذ 2004 ـ «يمكن للدول العربية أن تستفيد من موقع ساركوزي في لعب دور الوسيط النزيه بين فلسطين وإسرائيل». وهذه قد تكون حقيقة حيث تتيح له صداقاته الأميركية الإسرائيلية أن يلعب هذا الدور الفعال إذا ما تنسى للدول العربية استخدام عناصر قوتها الاقتصادية والسياسية في الحفاظ على علاقة قوية مع فرنسا. ففي زمن العولمة التنافسية نجدها تفرض شروطها في عالمنا، وأن المجموعات الصناعية والنفطية الكبرى تلعب دورها في تحديد السياسة الخارجية للدول. ولكن عند إلقاء نظرة سريعة على كيفية تعامل الدول العربية مع بعض المجموعات الفرنسية يحق التساؤل الفوري عن أسباب إهمال هذه الورقة. فعلى سبيل المثال، لا تزال مجموعة «تاليس» التي تملك الدولة الفرنسية أربعين في المئة من رأس مالها، وتعد إحدى أبرز مجموعات الصناعة الإلكترونية والدفاع، تتفاوض منذ أربعة عشر عاما دون الحصول على عقود مهمة، مع أن هذه المجموعة هي التي تدير عبر منظوماتها الإلكترونية نظام مجموعة «غازبروم» الروسية التي أصبحت من أكبر مجموعات الطاقة في العالم.

أيا كانت التحفظات على شخصية وعلاقات ساركوزي، إلا أنه الرجل المقرب من رجال الأعمال والصناعة، وسوف يكون حريصا جدا على تسويق الاقتصاد الفرنسي في العالم العربي، ونظرة سريعة على أرقام الوفرة في بعض الميزانيات نتيجة الفاتورة النفطية، تجعلنا ندرك وجود العديد جدا من عناصر القوة لدى الطرف العربي، وقدرة كبيرة على منح العلاقات الفرنسية العربية ديناميكية جديدة يغلب عليها تبادل المصالح مما سيمنحها زخما ويرسخها إلى حد قد يفوق المتوقع، حيث لا يمكن لباريس أن تظل تتغنى بماضيها الاستعماري، وانتشارها الثقافي الفرنكوفوني من دون أن تتنبه لمسائل التنمية والحوار مع القوى الحية في المجتمعات العربية.

ولا يبق أمامنا سوى استعادة ما أعرب عنه مؤخرا في شماتة واضحة ريتشارد بيرل – أحد أبرز رموز المحافظين الجدد – في لقاء مع صحيفة فرنسية، حينما قال ساخراً: إن السياسة العربية لفرنسا في الحقبة الماضية كانت أثر السياسات الخارجية العقيمة وغير المجدية». ولا أحد يمكنه قلب السياسة الفرنسية الخارجية رأسا على عقب، لأن الرأي العام الفرنسي يعارض النزعة الأطلسية، ويضع الضوابط ضمن لعبة المؤسسات. يبقى على صناع القرار في العالم العربي أن يتنبهوا لدورهم وأن يسهموا بجدية في الحفاظ على صداقة فرنسا، وأن يمارسوا بشكل لائق وجيد قواعد لعبة تبادل المصالح مع نيكولا ساركوزي.

(*) كاتبة مصرية تقيم في باريس.

(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 19 ماي 2007)


انقلاب فرنسي ضد العرب؟

عبد الباري عطوان يبدو واضحا، ومن خلال التشكيلة الجديدة للحكومة الفرنسية، ان الرئيس نيكولا ساركوزي يريد شطب الارث السياسي الديغولي، وضم بلاده الي المحور الانجلو ساكسوني بزعامة الولايات المتحدة الامريكية، منهيا بذلك الهوية المستقلة لهذا البلد وسياسته ليس في اوروبا فقط وانما في المنطقة العربية ايضا. فاختيار برنار كوشنير وزيرا للخارجية في هذه الحكومة، والتصريحات التي ادلي بها وخطأ فيها الحكومة السابقة لرفضها الانضمام الي المعسكر الامريكي اثناء الحرب علي العراق، يوحيان بان ساركوزي يريد ان يكون الحليف الاوثق للادارة الامريكية الحالية في اوروبا، والدخول في منافسة مع رئيسة الوزراء الالمانية انجيلا ميركل، ورئيس الوزراء البريطاني القادم غوردون براون لاحتلال المكانة الاكبر في قلب الرئيس بوش. كوشنير ابدي اسفه لعدم وقوف فرنسا الي جانب الامريكيين في الحرب علي العراق، وانتقد الدبلوماسية الفرنسية بشدة التي نأت بنفسها عن الولايات المتحدة وحلفائها في المرحلة الحرجة التي سبقت الحرب، ولكن اسبابه لم تكن مقنعة علي الاطلاق، خاصة قوله بان السبيل الوحيد لوقف الحرب كان الوقوف الي جانب الامريكيين للتوصل الي حل حازم .
نفهم هذا الموقف لو ان الولايات المتحدة انتصرت في هذه الحرب، وحققت اهدافها في قيام عراق ديمقراطي مستقر ومزدهر، ولكن الولايات المتحدة، او ادارتها الحالية، لم تنتصر في العراق، ووجدت نفسها في مأزق خطير لا تستطيع الفكاك منه، فانسحاب قواتها مشكلة، وبقاؤها مشكلة اكبر. كوشنير يمكن ان يأسف لو ان الحرب اعطت ثمارها في العراق، والمنطقة باسرها، لان فرنسا في هذه الحالة لن تشارك في اقتسام الغنائم الدسمة، وجري حرمانها من دور كبير، ومشاركة اوسع في قرار ادارة العالم، وتقسيمه الي مناطق نفوذ يكون لها فيها نصيب. ولكن ادارة بوش لم تنتصر، وتواجه معارضة من الكونغرس، وعاقبها الشعب الامريكي في الانتخابات النصفية للكونغرس بالتصويت لصالح الديمقراطيين، فاين الخطأ في سياسة الحكومة الفرنسية السابقة وهي التي كانت تملك رؤية واضحة وصائبة في عدم المشاركة في حرب غير شرعية وغير اخلاقية جاءت نتائجها كارثية علي كل المشاركين فيها، حيث دفعت كل من بريطانيا واسبانيا ثمنا باهظا من امنها وسلامة مواطنيها بمشاركتها في هذه الحرب علي شكل تفجيرات هزت عاصمتي البلدين واوقعت عشرات الضحايا في حالة الاولي (بريطانيا) ومئات الضحايا في حالة الثانية اي اسبانيا.
ولعل ما يثير الاستغراب هو التحاق ساركوزي وحكومته بالعربة الاخيرة من قطار الادارة الامريكية الذي ينزلق الي هاوية الهزيمة في العراق وافغانستان بسرعة قياسية، في الوقت الذي يهرب منه الحلفاء، ويتبرأون من مغامراته العسكرية الفاشلة. فقد اسقط الاسبان حكومة ازنار اليمينية، وكذلك فعل الطليان بحكومة برليسكوني، وها هم البريطانيون يلحقون هزيمة كبري بحزب العمال الحاكم في الانتخابات المحلية الاخيرة قبل اسبوع. لا نعرف ما هي الحكمة في انحراف ساركوزي وحكومته عن سياسة خارجية حمت فرنسا من الارهاب، وعززت استقلاليتها كدولة، وابرزت صورتها وخدمت مصالحها في مختلف انحاء العالم، وخاصة منطقة الشرق الاوسط والعالم الاسلامي. السياسة البديلة التي يطرحها ساركوزي تهدد بنسف كل هذه الانجازات دفعة واحدة، ودون ان تحقق اي مكاسب حقيقية لفرنسا في المقابل، بل ربما تشكل تهديدا مباشرا لأمنها الوطني واقتصادها واستقرارها الداخلي دون اي مبرر حقيقي.
فهذه المواقف العدائية للعرب والمسلمين التي يمكن استشفافها من سياسة ساركوزي الخارجية المتوقعة، ربما ترضي بعض ابناء الجالية اليهودية الفرنسية الموالية لاسرائيل الذين صوتوا له في الانتخابات الاخيرة، والرئيس الامريكي جورج بوش ومجموعة المحافظين الجدد الذين خطفوا القرار الامريكي ووظفوه في خدمة مصالح الدولة العبرية ومجازرها في حق الفلسطينيين والعرب، ولكنها لن ترضي غالبية الشعب الفرنسي، وربما تستعدي اربعة ملايين مسلم وعربي يعيشون في فرنسا ويحملون جنسيتها، ويعاني الكثير منهم من سياسات اليمين المتطرف والعيش كمواطنين من الدرجة الثانية في بلد كان اول من رفع راية المساواة والحريات والعدالة الاجتماعية. ما يقلق ان ملامح هذه السياسة الخارجية الفرنسية الجديدة والانقلابية، يمكن ان تصب في مصلحة الجماعات الاسلامية المتشددة التي تريد زعزعة استقرار فرنسا، واحياء النزعة الانتقامية فيها بالتذكير بماضيها الاستعماري والممارسات الدموية لقواتها في منطقة المغرب العربي، وخاصة الجزائر، بعد ان طويت هذه الصفحة نهائيا او كادت. وكان لافتا البيان الذي اصدرته كتائب ابو حفص المصري، التي يقال انها محسوبة علي تنظيم القاعدة، وهددت فيه باعمال عنف وارهاب ضد فرنسا بسبب انتخاب شعبها لحكومة معادية للعرب والمسلمين، وموالية للولايات المتحدة وحروبها ضدهم.
اننا لا نجادل بحق الرئيس الفرنسي الجديد في عدم الخضوع لمثل هذه التهديدات عندما يعكف علي اختيار وزير خارجيته، ويرسم السياسة الخارجية لبلاده، ولكن ما نجادل فيه وبقوة هو ان تؤكد هذه السياسة علي مباديء وأسس راسخة جعلت من فرنسا صديقة لاكثر من ثلاثمئة وخمسين مليون عربي، ومليار ونصف المليار مسلم، وتحافظ علي رصيد كبير لها من المصالح والعلاقات الاقتصادية الوثيقة مع هذه الكتلة البشرية والحضارية التي تتربع علي ثلثي احتياطات النفط في العالم. ساركوزي يجب ان يتذكر دائما انه يشارك العرب في حوض البحر المتوسط، حيث يوجد مخزون هائل من التطرف قابل للانفجار في اي لحظة بسبب الحرمان والفساد والحكومات غير الديمقراطية، وانعدام التوزيع العادل للثروة، وتفاقم الصراع الطبقي. وهذا المخزون ينتظر عود ثقاب لينفجر عنفا وموجات هجرة نحو الشواطيء المقابلة.
امريكا حليفة ساركوزي الجديدة لم تربح أيا من حروبها التي يأسف علي عدم مساندتها فيها، وخاصة الحرب علي الارهاب، فبعد ان كان العالم يواجه تنظيم القاعدة في جمهورية تورا بورا في افغانستان، بات يواجه استنساخا وتوالدا خطيرا لهذا التنظيم، فهناك القاعدة في العراق واخري في المملكة العربية السعودية، وثالثة في اوروبا، ورابعة في الصومال، وخامسة في المغرب الاسلامي علي بعد مرمي حجر من الشواطيء الفرنسية. ما زال امام وزير الخارجية الفرنسي الجديد ورئيسه فسحة من الوقت للتأمل والتروي قبل الاندفاع في سياسات متعجلة وخطرة، والمأمول ان يتسلحا بالحكمة، ويستفيدا من اخطاء الادارة الامريكية، وسياستها الخارجية الفاشلة وحروبها المدمرة قبل ان يضعا سياستهما ويختارا حلفاءهما الجدد، وحتي لا ينطبق عليهما المثل العربي يذهبان الي الحج والناس راجعة . (المصدر: افتتاحية صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 19 ماي 2007)

في الذكري الـ59 للنكبة الفلسطينية

وثيقة حيفا تطالب بإعادة اللاجئين وإقامة دولة ثنائية القومية ومنح فلسطينيي الـ48 الحكم الذاتي

الناصرة ـ القدس العربي ـ من زهير اندراوس: بعد أكثر من خمسين عاما علي النكبة الفلسطينية، قامت مجموعة من المثقفين الأكاديميين والناشطين الفلسطينيين، من مجالات مختلفة والتي تحمل وجهات نظر سياسية مختلفة، بالمبادرة الي نص وثيقة توافقية تشمل رؤية جماعية حول تصور الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل لوضعهم الجماعي. هذه الوثيقة، المعروفة بـوثيقة حيفا، هي مشروع بدأ عام 2002 تحت رعاية مدي الكرمل ـ المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية ، في مدينة حيفا. وجاء في الوثيقة: مواطنتنا وعلاقتنا بدولة إسرائيل تتحددان، بقدر كبير، بحدث مؤسِس هو النكبة، وهو الحدث الذي حولنا إثره (نحن البقية الباقية من أصحاب الوطن الأصليين) الي مواطنين بدون مقومات حقيقية للمواطَنة، وعلي وجه الخصوص بدون مساواة. ولكوننا اقلية وطن هجر شعبها عن وطنه، ويعاني من الغبن التاريخي، فإن مبدأ المساواة (الذي يشكل أساس المواطنة الديمقراطية) يجب أن يعتمد العدل وتصحيح الغبن، والاعتراف بروايتنا وتاريخنا في هذا الوطن. هذه المواطَنة الديمقراطية، التي نبتغيها، هي الإطار الوحيد الذي يضمن المساواة الفرديّة والجماعيةَ للفلسطينيين في إسرائيل.
إننا نري أن السياسات التي تطالبنا بـالخدمة المدنية، والخطوات التي قد تقود الي الانخراط بما له صلة بالعسكرة الإسرائيلية وتقاسم غنائم الحروب، تتعارض في حالتنا مع مبدأ المساواة، ذلك أنّها تشوه هويتنا وتتجاهل الغبن التاريخي. نحن نتطلع الي مستقبل تتحقق فيه المصالحة بين الشعب اليهودي الإسرائيلي والشعب العربي الفلسطيني. هذه المصالحةُ تتطلب اعتراف دولة إسرائيل بالغبن التاريخي الذي أوقعته بالشعب الفلسطيني جراء قيامها، وبمسؤوليتها عن النكبة التي حلت بجميع فئات شعبنا الفلسطيني، وعن جرائم الحرب وجرائم الاحتلال التي تقترفها في الأراضي المحتلّة. كذلك تتطلب المصالحة الاعتراف بحق العودة والعمل علي تطبيقه وفقا لقرار الأمم المتحدة 194، وإنهاء الاحتلال، وإزالةَ المستوطنات من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ العام 1967، والاعترافَ بحق شعبنا الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المســـتقلة وذات السيادة، وبحقوق المواطنين الفلسطـــينيين في إســـرائيل المستندة الي كونهم أقلية وطن.
وتابعت الوثيقة: إن حل الدولة الديمقراطية المؤسسة علي المساواة بين المجموعتين القوميتين (اليهود الإسرائيليين والعرب الفلسطينيين في إسرائيل) هو الحل الذي يضمن حقوق المجموعتين علي نحو عادل ومتساو. ويحتم ذلك تغيير المبني الدستوري، وتغيير تعريف دولة إسرائيل من دولة يهودية الي دولة ديمقراطيّة تتأسس علي المساواة القومية والمدنية بين المجموعتين القوميتين وإرساء أسس العدالة والمساواة بين كافّة مواطنيها وسكانها. وتأمين حق الفيتو في جميع الأمور التي تمس بمكانة وحقوق المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، وضمان حقّهم في إدارة ثقافيّة مستقلة، تكفل حقّهم في وضع سياسات شؤونهم الثقافية والتعليمية وإدارتها وصياغة مضامينها، وتوزيع الموارد وفقا لمبادئ العدل التوزيعي والتصحيحي. هذه المبادئ تكفل حق تقرير مصيرنا كأقلية وطن. وخلصت الوثيقة الي القول: نحن واثقون أنه في مثل هذه الدولة الديمقراطية تزداد مسؤولية المواطنين والسكان كافّة (يهودا وعربا وآخرين) للعمل علي بناء مجتمع ديمقراطي متعدد الثقافات، يضمن المساواة للأفراد والجماعات، ويضمن العدالة والحقوق الاجتماعية ـ الاقتصادية، لا سيما حقوق العاملين والحق في التعليم والصحة والضمانات الاجتماعية، وتلغي فيه كل أشكال التمييز. نحن نؤمن أن استيفاء كل شروط المصالحة التاريخية بين الشعبين (اليهودي الإسرائيلي والعربيّ الفلسطيني) التي توجب الاعتراف بحق شعبنا الفلسطيني في تقرير مصيره، وإحقاق حقوق الفلسطينيين في إسرائيل كاقلية وطن، سوف يخلق ظروفا سياسية تمكن من بناء الثقة والتعاون والاحترام المتبادل بين الدولتين المستقلتين والديمقراطيتين: الدولة الفلسطينيّة ودولة إسرائيل. كما نأمل أن يفتح آفاقا جديدة نحو بناء اتفاقيات ومعاهدات اقتصادية وعلمية وثقافية بينهما، تضمن لكافة مواطني وسكان الدولتين، حرية الحركة والتنقل والسكن والعمل في كل منهما. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 19 ماي 2007)

 

المجلس الإسلامي الأوروبي للإفتاء والبحوث يعقد دورته 17 ويحتفل بالذكرى العاشرة لتأسيسه

رئيس المجلس الإسلامي الأوروبي للإفتاء والبحوث يدعو لحلف ضد ثالوث الإلحاد والإباحية والظلم

** العلامة يوسف القرضاوي : يجب أن ندافع عن حق الانسان في الحرية وحق تقرير المصير والتعايش مع الآخرين والمساواة والمحافظة على العرض والوقوف في وجه الجبابرة  » .

سراييفو: عبدالباقي خليفة / تونس أونلاين نت

احتفل المجلس الاسلامي الاوروبي للافتاء والبحوث بالذكرى العاشرة لتأسيسه في مدينة سراييفو يوم الثلاثاء 28 ربيع الآخر . واستمر حتى 3 جمادى الاولى 1428 هـ الموافق لـ 15 / 20 مايو 2007 م . كما تم بهذه المناسبة إقامة الدورة السابعة عشرللمجلس بحضور عدد كبير من العلماء والمفكرين في مقدمتهم فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس المجلس ،والدكتور أحمد العسال ، والشيخ راشد الغنوشي ،والدكتورعبد المجيد النجار ،والشيخ فيصل مولوي ، نائب رئيس المجلس ، والشيخ حسين محمد حلاوة ، الامين العام للمجلس ،بالاضافة إلى الدكتورمصطفى تسيريتش ،رئيس هيئة العلماء في البوسنة ،ولفيف من العلماء والدعاة ورؤساء المنظمات الاسلامية في أوربا . وقد تم الاحتفال بمركز الملك فهد بن عبدالعزيز الثقافي بسراييفو ، حيث رحب مدير المركز عبدالعزيز العقيلي بالحضور معربا عن سعادته بإقامة حفل افتتاح الدورة السابعة عشر للمجلس الاسلامي الاوروبي للافتاء والبحوث ،و مذكرا بأن دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم تدور حول تحقيق مصالح العباد و رفع الحرج ، مشيرا إلى أهمية التواصل والتحاور مع الغرب ، داعيا لتكاتف جهود المسلمين حتى يكونوا كالبنيان يشد بعضه بعضا .

 ثم أنشد مجموعة من الشباب المسلم البوسنوي نشيد مرحبا :

 كل نبي بشر

 بأحمد وأنذر

 الكون غنى منشدا

 يا فوز من قد اهتدى

 بأحمد وأيد

 فنال عيشا أرغد  ( … )

إمام الأمة : تكررت في المؤتمر وعلى ألسنة عدد من العلماء والمفكرين ،كلمة إمام الأمة في إشارة للعلامة الدكتور القرضاوي ومن بينهم أمين عام مجمع البحوث بالازهر الشريف ، فضية الشيخ علي عبدالباقي الذي ألقى كلمة  » المجامع الفقهية « . وقد بدأ العلامة القرضاوي كلمته أومحاضرته موجها كلامه للحاضرين « لكم علي حقين ، حق السلام ،فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وحق التهنئة ، فأهنئ البوسنة بما انتهت إليه من سلام « وذكر إمام الأمة بأنه زار البوسنة سنة 1997 بدعوة من الشيخ تسيريتش ، و « كانت البوسنة تعاني من آثار الحرب ، وكلما زرنا سراييفو والمناطق الاخرى نجد آثار التهديم والتخريب في كل مكان « وتابع  » اليوم لا نرى هذه الآثار ونرجو أن تذهب لغير رجعة  » وأضاف  » أهنئ البوسنة وأهنئ الاخوة الأعضاء في المجلس الاسلامي الاوروبي للافتاء والبحوث بما وفقهم الله خلال السنوات العشر الماضية  » ثم توجه إليهم قائلا  » أهنئكم بما أنجزتموه وأسأله تبارك وتعالى أن يجعل ذلك ذخرا لكم  » ورحب الدكتور القرضاوي بالحوار مع المخالفين من أصحاب الديانات الأخرى ،وخصوصا الكتابية « نحن نرحب بالتعاون والتفاهم والحوار مع أهل الأديان جميعا وخصوصا الكتابية و الذين يسميهم القرآن الكريم ، أهل الكتاب … فالاسلام يرحب بالحوار والتفاهم مع كل الأديان ويفتح باب التعاون والبر والتفاهم ما دامو مسالمين للمسلمين « وتلا قوله تعالى  » لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا إليهم ، والله يحب المحسنين  » . وبين فضيلته أن البر الذي اختاره المولى عز وجل لنمط العلاقة بين المسلمين وغيرهم من المسالمين ، هولفظ استخدم في التعبير عن أقدس حق بعد حق الله عز وجل ،وهو بر الوالدين . وذكر فضيلته أن قرآنا يتلى إلى يوم القيامة يبرئ يهوديا من تهمة السرقة  » ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى « . وقال  » لقد أسس المجلس الاوروبي للافتاء والبحوث ليعلم الأقليات المسلمة التي تعيش في أوربا كيف تتعامل مع الآخرين وكيف تتحاور مع الآخرين في ضوء الشريعة الاسلامية  » و تابع  » أسس المجلس حتى لا يترك المسلمون للجهلة وأدعياء العلم ، فيظلونهم عن الحقيقة و يجرونهم لما لا يحمد عقباه  » وأضاف « يؤتى المسلمون عندما يوجههم الجهلة خصوصا أدعياء العلم  » وذكر ما أقره العلماء من إنه  » ليس هناك خوف من عالم ولا جاهل ، وإنما المشكلة في نصف العالم الذي يدعي العلم  » وقال  » الاسلام ليس شرقيا ولا غربيا وليس عربيا ولا أعجميا وإنما هو رسالة عالمية ، « وما أرسلناك إلا رحمة للعاملين  » ،  » قل يا ايها الناس إني رسول الله إليكم جميعا « .

منهج الاسلام : وبين العلامة القرضاوي أن الاسلام لا يعرف العصبية العمياء  » ليس منا من دعا إلى عصبية  » فالمسلم دائما مع الحق ، فقد دافع الله في القرآن وفي سورة النساء عن يهودي . » يظن بعض الناس أن الاخاء لا يكون إلا في الدين ولكن هناك إخاء بشري الناس من جهة الخلق من معدن واحد ومن جهة النسب لأب واحد « واستشهد حفظه الله بخطبة الوداع حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم « إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب « .وذكر قول « لأحد الاخوة  » وهو  » إذا كان أصلي من تراب ، فكل البلاد بلادي ، وكل العالمين أقاربي  » ثم تلا قوله تعالى  » قل يا أيها الناس إن خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم « وقوله تعالى « يا أيها الناس اتقو ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ، وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام … « وقال الشيخ القرضاوي إن الاسلام جاء بالتعددية في كل شئ ما عدا توحيد الله عز وجل ،الله تعالى واحد لا شريك له ولا ند له ولا شبيه له ،إنما الله إله واحد . إنما إلهكم إله واحد . وماعدا ذلك هناك تعددية في الحياة ، منها تعددية الخلق . والتعددية العرقية ، والتعددية اللغوية ، والتعددية الدينية . « ولو شاء الله  لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا ما رحم ربك ولذلك خلقهم  » وتابع  » الله خلق الانسان وزوده بالعقل والارداة ليختار الدين الذي يرتضيه . لذلك بنى الاسلام حضارة عظيمة تعايش فيها المسلمون مع النصارى واليهود وكانت الاندلس التي عاش فيها المسلمون 8 قرون مثالا رائعا لذلك . واستفادت أوربا من ابن رشد وابن طفيل وابن ماجة وابن حزم وغيرهم . وعندما جاءت الطامة نزلت بالمسلمين واليهود معا وهاجروا جميعا ، واستقبل المسلمون في البلاد الاسلامية اليهود . وعرض العلامة القرضاوي منهج القرآن في الحوار حيث يخاطب المشركين  » قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون  » . ودعا فضيلته إلى حلف ضد الالحاد ،وضد الاباحية ، وضد الظلم الداخلي والدولي . وقال إن الاسلام لا يريد الحرب ، وإنما يدعو أتباعه لبذل الغالي والنفيس في سبيل الدفاع عن النفس . واستشهد بغزوة الخندق عندما نزل قوله تعالى بعد هزيمة الاحزاب دون حرب  » وكفى الله المؤمنين القتال  » و » كتب عليكم القتال وهو كره لكم « . وقول الرسول صلى الله عليه  » لا تتمنون لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموه فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف  » وقال إن المسلمين يرفضون الحوار مع الظلمة مثل أنصار ( اسرائيل ) واليهود الذين يؤيدون ( اسرائيل )  » إننا نريد انسانية تتعاون لا انسانية تتحارب  » وقال إن الايمان سر الوجود  » الالوهية حقيقة كبرى بل هي أجلى الحقائق وأظهرها ومن الظهور الخفاء  » وطالب جميع الاديان للوقوف صفا واحدا لتحقيق ثلاث مطالب أولا :  » الايمان بالله  » يجب الوقوف ضد الموجة الالحادية …التي تحارب الايمان وتعتقد أن الانسان هو خالق الله وليس الله خالق الانسان  » . الحقيقة الثانية التي يجب على أهل الاديان العمل لها -كما قال الشيخ -الوقوف أمام الاباحية التي تقف الاديان جميعا ضدها  » و أضاف  » الحضارة الغربية ليست حضارة مسيحية ،لو كانت كذلك لما أباحت الزنا والتحلل  » واستشهد بالقول المنسوب لعيسى عليه السلام  » … من نظر إلى امرأة يشتهيها فقد زنا « وذكر الحديث الذي يذكر فيه صلى الله عليه وسلم أن العين تزني وزناها النظر واليد تزني وزناها اللمس والرجل تزني وزناها المشي والفرج يكذب ذلك أو يصدقه . وتطرق للضجة التي اقيمت ضده في لندن لانه ضد الشذوذ الجنسي أو ما يسمى تجاوزا بالمثلية . أما العنصر الثالث من الحلف الذي دعا إليه العلامة القرضاوي فهو حقوق الانسان ونصرة المظلوم والوقوف ضد الظالم مهما كان  » يجب أن ندافع عن حق الانسان في الحرية وحق تقرير المصير والتعايش مع الآخرين والمساواة والمحافظة على العرض والوقوف في وجه الجبابرة  » …

ترحيب بوسنوي : وقد رحب الدكتور مصطفى تسيريتش رئيس العلماء في البوسنة معربا عن سعادته بإقامة الدورة السابعة عشر في سراييفو ، بمناسبة مرور 10 سنوات على العطاء المتميز للمجلس الاسلامي الاوروبي للافتاء والبحوث  » يسعدني أن أرحب بكم في بلدنا البوسنة في مدينتنا سراييفو وأشكر فضيلة الشيخ الدكتور العلامة يوسف القرضاوي على اختياره مدينة سراييفو ليقام فيها الاحتفال بالذكرى العاشرة لانشاء المجلس والدورة السابعة عشر له في مسيرته المثمرة  » وشكر الدكتور تسيريتش الدول و المنظمات و الشخصيات التي ساعدت البوسنة في ساعة العسرة . وأشار إلى وجود مجلس لحوار الأديان في البوسنة  » ليس نظريا و إنا عمليا والدليل على ذلك وجود ممثلي الديانات المختلفة بيننا اليوم « كما شكر الحكومة البوسنية التي مثلها أحد خريجي مدرسة الغازي خسرف بك ، وزير حقوق الانسان والمهجرين صافت خليلوفيتش . واعتبر تسيريتش انعقاد الدورة السابعة عشر للمجلس في سراييفو بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيسه « مناسبة تاريخية لنا ولأوربا  » وحيا الدكتور تسيريتش جميع المفتين والائمة والخطباء من البوسنة والسنجق وشبه جزيرة البلقان ، وهنأهم بلقاء عدد مهم من علماء الأمة وقياداتها ومفكريها في سراييفو . قائلا إن ذلك يبعث في المسلمين ، وتشعره شخصيا ب « سعادة لا توصف

 » وخاطب العامء والمفكرين الحاضرين  » لقد منحتمونا شرفا كبيرا باخياركم سراييفو مكانا لاحياء ذكرى تاريخية وهي الاحتفال بمرور 10 سنوات على انشاء المجلس الاسلامي الاوروبي للافتاء والبحوث  » . وتحدث الدكتور تسيريتش عن الدورة الاولى للمجلس التي عقدت في سراييفو سنة 1997 ، ودعدوة الشيخ القرضاوي لأهل البوسنة بأن يعيشوا في سلام ،بعد أن مر على البوسنة وقت  لم يكن هناك سلام . على حد تعبير الشيخ تسيريتش . وأكد الدكتور تسيريتش على أن مهمة المسلمين الأولى في الغرب هي « المحافظة على الهوية الاسلامية في أوربا وحمايتها « . وذكر الدكتور تسيريتش بالحقيقة الغائبة أو المغيبة في الغرب وهي أن الاسلام و بقية الديانات الابراهيمية جاءت من الشرق على فترات متباينة لذلك  » لا يحق لاي كان الاستئثار بأحقية الانتماء الجغرافي  » . وتطرق رئيس العلماء في البوسنة إلى تاريخ دخول الاسلام إلى أوربا ، حيث دخلها من جهتين شبه جزيرة ايبيريا في القرن الثامن الميلادي ، وشبه جزيرة البلقان في القرن الرابع عشر الميلادي .وقد عاش المسلمون 8 قرون في الاندلس وأقاموا حضارة فريدة عرفت بالتعايش والتسامح .وقال إن المسلمين في الاندلس بسبب نزعات التسلط والتفرق لدى ملوك الطوائف ،وابتعادهم عن هدي دينهم في الوحدة والتكاتف والتقوى ، حتى أصبح لكل بعضة آلاف من الكيلومترات ، ولكل بضعة آلاف من السكان دولة . صدق فيها قول الشاعر :

ومما زهدني في أرض أندلس                ألقاب معتصم فيها ومعتضد

ألقاب سلطنة في غير موضعها               كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد

وما أشبه اليوم بالبارحة  .

وقال الدكتور تشيريتش أن  » الاسلام في البلقان لا يزال حيا بفضل الله ثم المجاهدين وسيبقى المسلمون هنا بعون الله إلى يوم القيامة  » وأشاد بالدور التاريخي والمحوري للرئيس المفكر علي عزت بيجوفيتش ، رحمه الله ، و قال  » كان له الفضل الكبير في صمود وبقاء المسلمين في البوسنة ، وليكونوا جديرين بتوحيد الله سبحانه وتعالى ، فجزاه الله عنا كل خير وأسكنه فسيح جناته  » وأشار إلى أن البوسنة تحتفل في هذا العام 1428 هـ 2007 م بمواعيد وذكريات تاريخية عزيزة على المسلمين في البوسنة والبلقان منها مرور 600 عام على دخول الاسلام إلى البلقان ، وهي فرصة لتذكير العالم بوجود مسلمين أوروبيين من أصول أوروبية . وأن يكون الاحتفال أساسا للتعايش الاوروبي الآمن والمزدهر ، وهذا هدف المجلس الاوروبي للافتاء والبحوث . كما إننا نحتفل هذه السنة بمرور 1247 عاما على وفاة الامام الاعظم  أبو حنيفة  و560 عاما عى بناء مسجد كولينا 1447 و 530 عاما على على بناء دار آيات بك سراييفو 1477 و470 عاما على بناء مدرسة الغازي خسرو بك ،و 450 عاما على بناء مدرسة كراجوز بك بموستار و 140 عاما على انشاء مدرسة تسازين 1867 و 120 عاما على تأسيس مكتب نواب ، 1877 و 30 عاما على تأسيس كلية الدراسات الاسلامية 1977 م. إذن نحن نعيش في سبعينات أور قم 7 . وقال إن أوربا تبحث عن حلول للتعايش والتسامح بين الشعوب ولا سيما علاقتها مع الاسلام و المسلمين . وهذه الدورة ترسل رسالة واضحة للعالم كله أن المسلمين صادقين في الدعوة للحفاظ على التعايش و التسامع والتعاون . إن هدف المجلس برئاسة أن يكون للمسلمين يعيشون في ظل الاسلام الذي يعتبر الحوار أساسا للتعايش الانساني . وقال  » سيكون الاحتفال تاريخا مسجلا للبوسنة والهرسك ، هذه الاندلس الثانية التي تنبض بالحياة « .

ألا يكون المسلم فتنة : وكان من نجوم حفل الافتتاح الدكتور أحمد العسال الذي ألقى كلمة ضيوف الدورة السابعة عشر للمجلس الاسلامي الاوروبي للافتاء والبحوث ، حيث تحدث عن الغاية التي يعيش من أجلها الناس جميعا ،ومنها الاجتماع على الخير .وقد « بشر النبي صلى الله عليه وسلم المجتمعين على الخير « ووصف المجلس بأنه  » كشجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي أكلها بإذن ربها  » .وقال « كلما استطعنا أن نعلي من طاقة إخواننا كلما قدمنا المثل الصالح  » وتابع  » كان أحد الصالحين يفسر قوله تعالى ، بنا لا تجعلنا فتنة للذين كفورا ، أن المسلم يكون فتنة لغير المسلم ، إذ ظهر أمامه بغير اخلاق الاسلام وهدي الاسلام ، وبهذه المعاني كلها أشكر المجلس « 

تجذر الوجود الاسلامي : من جهته أثنى شكيب بن مخلوف ، رئيس اتحاد المنظمات الاسلامية ،على عمل المجلس الاسلامي الاوروبي للافتاء والبحوث،واصفا إياه ب » المؤسسة الريادية، شرقا وغربا وهو يتبوأ مكانة رفيعة في وعي المسلمين على امتداد القاروة الاوروبية بأكملها  » وواصل  » إنها عشرية حافلة بالجهود العلمية والمعالم الفقهية وهي حركية تتواصل قدما والحاجة إليها تظل قائمة وتلمس آثارها بادية كالشمس في رابعة النهار « وأكد على أن تشكيل المجلس يعد مؤشرا على  » تجذر الوجود الاسلامي في أوربا وعلى حاجة المسلمين للمجلس وهي حاجة ماسة للغاية « حيث يساهم في في تدشين  » مرحلة من النمو والتفاعل الايجابي .. وفرص النجاح للاجيال الجديدة وفرص النهوض بدور المرأة المسلمة « . ورغم حديثه عن الفرص العديدة  » بما يخدم المسلمين في أوربا  » إلا إنه أكد على أن « تحديات المرحلة كثيرة « ومنها  » تمكين الفتيات والفتيان ( من أبناء المسلمين في أوربا ) من التواصل وفي كل المجالات ، ( بما في ذلك ) التواصل بين الأجيال لمنع الانقطاع و( لتعرف الاجيال الجديدة ) الايجابي والبناء  » وشدد مخلوف على أهمية العناية بالمرأة المسلمة وبالفكر والعمل الاجتماعي والتعاون و التجاوز لنمط الوضع القائم في المحيط وتعزيز التعاون الاجتماعي . في ظل انتشار العداء للسلام و المسلمين أو ما يسمى الاسلاموفيا . وتطرق إلى عمل اتحاد المنظمات الاسلامية في أوربا ، التي تعمل للصالح العام ، وتواصل سعيها  » ليكون المسلم مواطنا فاعلا في الحياة الاجتماعية  » راجيا أن يكون مؤتمر أو الدورة السابعة عشر للمجلس الاسلامي الاوروبي للافتاء و البحوث  » فاتحة خير عميم لنهوض جديد لعموم أوربا  » .

 الاسلام للعصر : من بعدها ألقى صافت خليلوفيتش وزير حقوق الانسان والمهجرين كلمة الحكومة البوسنية ، حيث هنأ المجلس على نجاحه في تحقيق أهدافه على مدى السنوات العشر الماضية . كما أعرب عن ارتياحه لعقد الدورة السابعة عشر في سراييفو بعد 10 سنوات من الدورة الاولى التي تمت في العاصمة البوسنية أيضا . وأثنى على الجهود التي يقوم بها الدكتور مصطفى تسيريتش وإخوانه العلماء في أوربا لتجذير الاسلام وتقوية المسلمين في البوسنة وأوربا « مما يبشر بدورة حضارية جديدة للاسلام والحضارة الاسلامية  » وأكد على أهمية ما وصفه ب  » تقديم الاسلام للعصر ووفق ما يتطلبه الزمان والمكان  » .

مشاركات لاصحاب الديات الاخرى : وتناول الكلمة ممثل الجالية اليهودية في البوسنة يعقوب فنسي الذي أشار إلى أن  » سراييفو تعايش فيها اليهود مع غيرهم من اصحاب الديانات التوحيدية  » واصفا حضوره في يوم افتتاح الدورة السابعة عشر للمجلس الاسلامي الاوروبي للافتاء والبحوث بأنه ،حدث له أهميته ، الأمر الذي يعيد زمان الاندلس للذاكرة  قبل تهجيرنا ، حسب تعبيره . « المسلمون واليهود كانوا ضحايا محاكم التفتيش في الاندلس « وتحدث عن نبوة أحد أنبياء بني اسرائيل  » ينام الذئب مع الحمل ، ويتحول السلاح إلى محاريث …  » . وقال ممثل الكنيسة الكاثوليكية ، نيكو ايكيتش ، أن « هناك من ينظر للبوسنة على إنها منطقة جغرافية يسود فيها صراع الثقافات ، وآخرين ينظرون إليها كملتقى للثقافات وهكذا أرها أنا  » وذكر بأنه يؤيد التعايش المشترك والتعاون بين الجميع .

ثم تحدث ممثل الكنيسة الارذوكسية ، فنايا يوفانوفيتش ،الذي أعرب عن سروره لتلقيه دعوة لحضور حفل افتتاح المجلس الاسلامي الاوروبي للافتاء والبحوث . مشيرا إلى وجود لجنة لحوار الأديان في البوسنة تواصل أعمالها منذ عدة سنوات . وتابع « حوار الثقافات وسيلة للتعرف ولبناء العلاقات المتينة « وتابع  » والتعايش ليس السماح للآخر بالعيش بيننا وإنما إقامة علاقات جيدة معه « ولم يشرح ممثل الكنيسة الارثذوكسية ،كيف جسدوا ذلك أثناء العدوان الذي تعرض له المسلمون في البوسنة في تسعينات القرن الماضي . تماما كممثل الكنيسة الكاثوليكية الذي لم يتحدث عن اللاتسامح الذي صبغ التاريخ الاوروبي ليس في الاندلس فحسب وضد المسلمين فقط بل بين النصارى بعضهم مع بعض فضلا عما جرى لليهود والغجر وبقية الامم و الشعوب حتى وقت قريب.

(المصدر: موقع تونس أونلاين.نت (ألمانيا) بتاريخ 17 ماي 2007)

الرابط: http://www.tunis-online.net/upload/up/Abdoulbaki170507-1.htm


تونس تنظم مهرجانا عن ثقافة الحرير

بدأ أمس الخميس في المهدية التونسية مهرجان يعتبر الوحيد من نوعه بالبلاد، ويحتفي بنسج الحرير فيما يعرف بالإبداعات والابتكارات الخاصة بهذا الفن. ويستمر ثلاثة أيام.

ويسعى منظمو المهرجان لإبراز ثراء تلك المدينة الساحلية بالنسيج الحريري، حيث ازدهرت هذه الصناعة منذ القرن العاشر للهجرة نتيجة للرقي الذي شهدته المهدية عاصمة الفاطميين في أوج مجدها والتي اشتهرت بلباس الحرير.

وأقيمت ورشات للإبداع بالصباغة الطبيعية والتصاميم وورشات خاصة بفن تزويق الحرير وسوق لعرض وبيع منتجاته. كما سيقيم المنظمون على هامش المهرجان الذي يشارك فيه خبراء وحرفيون ملتقى دوليا حول الأصول التاريخية للحرير بالمهدية وواقعه.

وتلقى المنسوجات الحريرية رغم ارتفاع ثمنها الذي يصل أحيانا الى ألف دولار إقبالا واسعا خصوصا فترة الصيف خلال الأعراس حيث تتزين أي عروس بلباس تقليدي حريري مثل رداء الحرير أو رأس القوفية والسفساري.

وتخطط تونس لتنويع دعائم السياحة بدعم منتجات الصناعات التقليدية، والتركيز على السياحة الثقافية والأثرية كيلا تقتصر على سياحة الشواطئ.

(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 18 ماي 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

بعض تعليقات متصفحي موقع الجزيرة.نت على هذا الخبر:

حامل اللواء – تونس

لا أدري ما هو الهدف الحقيقي من وراء اقامة مثل هذا المهرجان بينما يمنع اتباع ال البيت من الجهر بمعتقداتهم واحياء شعائرهم وارتداء لباسهم الذي اختاروه لأنفسهم رغم تأييدهم المطلق للرئيس بن علي في كل ما اتخذه من اجراءات في تصديه للاصوليين الوهابيين في تونس ورغم بعدنا عن السياسة واكتفائنا بنشر ثقافة وسيرة ال البيت سلام الله عليهم,نرجو النشر مشكورين,,وصلى الله على محمد وال بيته الطيبين الطاهرين.

عباس سالم – جربة

تموت الاسد في الغابات جوعا ولحم الضأن يرمى للكلاب وذو جهل ينام على حرير وذو علم ينام على التراب في تونس يجري القتل البطيء في السجون واختطاف اصحاب الرأي المخالف وتعذيب الموقوفين ولا ينقصنا الا مهرجان الحرير.. كل هذا تعمية على حقيقة الاوضاع المتردية لحقوق الانسان

ليليان الطرابيشي – سوسة

علم فرع الرابطة ببنزرت أن الشاب خالد ابن الحسين الورغي ، من سكان مدينة سجنان ، طالب بجامعة منوبة ، سنه 21 عاما ، قد اختفى منذ يوم 3 ماى الجاري عندما كان بالجامعة ، حتى لوازمه الجا معية بالمبيت الجامعي بحي الزهور قد تبخرت ولم يتحصل والد اه على أى خبر من قبل الجامعة أو من زملائه بالمبيت..مهرجان ثقافة الحرير؟؟واين ثقافة حقوق الانسان؟؟


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.