TUNISNEWS
9 ème année, N 3343 du 18 .07.2009
حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس
« السبيل أونلاين:فلم الشهيد المنجي العيّاري يميط اللثام عن المحنة الصامتة في تونس
مجموعة من رموز المجتمع السياسي والحقوقي: عريضة
عدنان الحسناوى: إعلان عضوية اللجنة الوطنية من أجل الإستقلالية للقضاء بتونس
كلمة:نداء دولي من أجل إطلاق سراح معتقلي الحوض المنجمي
كلمة:انتقادات من المجتمع المدني لقرار اتحاد الشغل مساندة تجديد ترشح بن علي
الشروق:بن ضياء في بنزرت: التجمّع لا ينوي التحــالـــــــف مع أحزاب أخرى
الوطن:النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين: خطوة إلى الأمام نحو الانقلاب.. .وخطوات إلى الوراء نحو المصالحة
الوطن:السلطــة / المعارضـة … ضـرورة الخيـار الثالـث
كلمة:اعتصام نسائي من أجل الماء الصالح للشراب
الشروق :في مشروع قانون: 600 ساعة عمل بدل سنة سجنــا
جيلاني العبدلي:تونس: وطن وبوليس ورشوة (7)في الوردية السادسة
خميس الخياطي:إصرار « الهجالة » على تعميم النخالة…
الوطن:مواطنون لا مهاجرون نحو مقاربة جديدة للتعامل مع الملف
عادل الثابتي: »دراسات مغاربيّة » تكرّم المؤرخ الدكتور محمد الهادي الشريف
الوطن:قراءة في كتاب » صالح بن يوسف حياة كفاح »:تأليف منصف الشابي
الوطن:تقرير لجامعة الدول العربية :تونس من أكثر الدول العربية التي هجرتها الكفاءات
عبدالصمد إدريسي:الكل مع إفتاتي
أحمد مطر :مِمَّ نَخْشَى ؟
القدس العربي:صحافيون في غزة يعتصمون مطالبين عباس بفتح مكتب الجزيرة في الضفة
عبد الباري عطوان:مؤامرة اغتيال عرفات
جبريل الرجوب لـ (الشروق): غيّبوا عرفات… لكنهم لن يدفنوا لغز رحيلـه!
الشروق:دحلان يشتم القدومي ويتهمه بـ التنسيــــق مع حمــــــــــاس
إسلام أون لاين:القرضاوي في حوار حول أحدث كتبه « فقه الجهاد »
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 25 رجب 1430 الموافق ل 18 جويلية 2009
أخبار الحريات في تونس
1) اعتقال مجموعة جديدة من شبان منزل بورقيبة: تم حوالي منتصف ليلة 17 جويلية 2009 اعتقال الشبان وليد العربي وسامي الغربي ورضا الجميلي وعادل بوعلي عند مفترق الطرق الرابط بين منزل بورقيبة وماطر من قبل إحدى الدوريات وتم اقتيادهم إلى منطقة الشرطة بماطر أين أخضعوا للاستجواب ولم يطلق سراحهم إلا على الساعة السابعة صباحا، علما بان السيد وليد العربي (تاجر سيارات) هو سجين رأي سابق ويخضع حاليا لحكم تكميلي بالمراقبة الإدارية الشيء الذي تسبب في حرمانه من مورد رزقه. 2) حجب صفحة الناشط الحقوقي سيدالمبروك على الفايس بوك: فوجىء الناشط الحقوقي السيد مبروك عضو منظمة حرية وإنصاف بحجب صفحته الخاصة على موقع »الفايس بوك »، حيث تعذر عليه تصفح بياناته ومراسلاته بالموقع المذكور. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
فلم الشهيد المنجي العيّاري يميط اللثام عن المحنة الصامتة في تونس
السبيل أونلاين – تونس – خاص لتحميل فلم الشهيد المنجي العيّاري انقر على الرابط : http://assabilonline.net/videos/monji-ayari__pour_assabilonline.wmv نقلّب صفحة أخرى من المحنة الصامتة التى مرّ ويمرّ بها السجناء السياسيين السابقين بتونس لأكثر من عقدين موصولين .. ونسجل اليوم في دفترالذاكرة إسم الشهيد المنجي العيّاري عليه سحائب الرّحمة والرضوان . المنجي العيار.. أعتقل في 29 جويلية سنة 1991 ، وأطلق سراحه في نوفمبر 2004 ، أصيل منطقة الكبّارية بالعاصمة ، أحد أعضاء « حركة النهضة » ممن إنتمى إليها سنة 1980 . أصيب الشهيد المنجي العيّاري نحسبه والله حسيبه ، منذ سنة 2000 بداء السرطان وهو بسجن برج الرومي ببنزرت ، وقد كانت إدارة السجن تتكتم على مرضه مدعية أنه مصاب بالبواسير فقط ، مكتفية بعلاجه بمسكنات وحقن . وعند خروجه من السجن إستمر في تعاطي تلك المسكنات نظرا لعدم تمتعه بتغطية من الصندوق القومي للضمان الإجتماعي وقلّة ذات يده إذ لم يستطع القيام بفحص طبي شامل لعوزه وإحتياجه رغم إشتداد الألم به ، إلى أن كفله أحد المنخرطين بالصندوق المذكور ، حينها باشر العلاج وقام بفحص كامل تأكد من خلاله أنه مصاب بسرطان القولون ، الذى إنتشر ليصيب جزء هاما من الكبد . أجريت للشهيد المنجي العيّاري عملية جراحية بتاريخ 24 ماي 2007 لإستئصال القولون وجزء من الكبد ، ثم خضع إلى 6 حصص من العلاج الكيماوي دون نتيجة تذكر ، وبعد مدّة العلاج هذه فوجىء العيّاري بإنتهاء مدّة صلوحية تغطية الصندوق القومي للضمان الإجتماعي وذلك بتاريخ 31 ديسمبر 2007 ، فواجه العديد من الصعوبات للإستمرار في العلاج ، وفي أواسط جانفي 2008 تلقى أوّل حقنة ضمن البروتوكول الثاني للعلاج الكيمياوي ، وقع له علي إثرها إختلال في صفائح الدمّ مما تسبب له في إنتكاسة كبيره في وضعه الصحيّ ، فإقتصر علاجه على تقديم مسكنات للإوجاع دامت عشرة أيام ، عاني فيها صنوف الألم وذاق فيها ويلات الأوجاع ومرارته ، وإرتقى إلى جوار ربّه بتاريخ 25 جانفي 2008 . جدير بالإشارة أن السياسة التى كانت ولا وزالت السلطة تنتهجها في سجونها وهي : تعمّد الإهمال الصحّي ، والتباطىء في العلاج من طرف إدارة السجون ، وعدم الإسعاف في الوقت المناسب ، وحرمان السجناء من الرعاية الصحيّة الضرورية وغيرها من سياسات التشفي والإنتقام السادي قد أدت في الكثير من الأحيان إلى موت السجناء ممن أصيبوا بأمراض خطيرة كانت تحتاج إلى رعاية مكثفة . ونظيف إلى ذلك أن ظروف الإقامة السيئة وسوء التهوئة وضيق الغرف والإكتظاظ والتدخين السلبي ورداءة الأكلة وإفتقار السجون إلى طاقم طبي كفأ ومناسب لعدد المساجين ، والأكل في الأواني البلاستيكية غير الصحيّة ، والنوم على الأرضية مباشرة وغيرها من الأوضاع السجنية السيئة قد دفعت السجناء إلى خوض إضرابات جوع من أجل تحسين أوضاعهم ، مما أدى إلى إصابة العديد منهم بداء السرطان لم يعالجوا منه في الوقت المناسب مما سبب في وفاة بعضهم ، ونذكر من بينهم الشهداء المنجي العيّاري وأحمد البوعزيزي والهاشمي المكي وعبد المجيد بن طاهر وعبد الكريم المطوي ونجاة الماجري ولطفي العيدودي والأخضر السديري والحبيب الردّادي … والقائمة تطول . وتستمر المحنة الصامتة للسجناء السياسيين بتونس في غفلة من الكثير .. ويستمر الموت البطيىء في تصيّد ضحاياه …!!!! من مراسلنا في تونس – زهير مخلوف (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 18 جويلية 2009 )
مجموعة من رموز المجتمع السياسي والحقوقي: عريضة
تصاعدت في الفترة الأخيرة وتيرة حملة تشويه قذرة تديرها الأجهزة الأمنية التونسية استهدفت العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان والمناضلين السياسيين عبر الصحف الخاصة والمواقع الالكترونية المشبوهة والمموّلة بالمال العام. وتندرج هذه الحملة في إطار سياسة ممنهجة تهدف إلى المساس بأعراض الخصوم السياسيين وعائلاتهم كافتعال الصور والأشرطة الإباحية، إضافة إلى الكتابات اللاأخلاقية. وتجري هذه الحملات المشينة في إطار إفلات تام من العقاب، وواصل القضاء تجاهله لجميع الشكاوى التي تلقاها في هذا السياق، ممّا شجع الأجهزة على الاستمرار في انتهاكاتها وذلك منذ أوائل التسعينات. إنّ الموقعين أسفله من ضحايا هذه الممارسات: 1 – يعتبرون هذه الممارسات تعبيرا عن مدى انحطاط المستوى الأخلاقي الذي انحدر إليه من هم في الحكم والذين لا يمكن أن تكون هذه الانحرافات قد صدرت دون تعليمات منهم. 2- يحمّلون النظام التونسي مسؤولية استمرار هذه الاعتداءات وحماية مرتكبيها. 3- يطالبون الدولة التونسية باحترام تعهداتها والتزاماتها الدولية في حماية حرمة المواطنين وسمعتهم. 4- يعلنون عزمهم اللجوء إلى العدالة الدولية في دول يتوفر فيها استقلال القضاء وذلك قصد ملاحقة المسؤولين مهما كانت صفتهم. الإمضاءات نزيهة رجيبة سامية حمودة عبّو سهام بن سدرين راضية النصراوي عبد الرؤوف العيادي راشد الغنوشي سليم بقة عبد الوهاب معطر عمر المستيري فتحي الجربي محمد عبّو
إعــــــلان عضوية اللجنة الوطنية من أجل الإستقلالية للقضاء بتونس
للسادة و السيدات أعضاء المجموعة و لكل تونسي شرط الانضمام لمجموع pour renforcer l’indépendance de l’appareil judiciaire en Tunisie على فيسبوك , و لمن يرغب في الترشح إلى « عضوية اللجنة الوطنية من أجل الإستقلالية للقضاء بتونس » , الرجاء بعث الإسم و اللقب للعنوان الإلكتروني التالي: independancejudiciaire@gmail.com آخر موعد لتقديم الترشح 23 جويلية 2009 و نذكر أن الإنتخابات ستكون كامل يوم السبت25جويلية2009 و إلى الساعة الواحدة بعد الزوال من يوم الأحد 26جويلية 2009 و عبر التصويت الإلكتروني بانتخاب 9 أعضاء من قائمة المترشحين و سيتم نشر النتائج لضمان الشفافية ولحماية السرية يسند لكل ناخب من المجموعة رقم و دون أي إشارة أخرى عن الناخب ينشر على قائمة التصويت. و من حق أي ناخب نشر أي طعن في النتائج. و أنه لا يحق للمنسق الترشح للجنة الوطنية لتكون لكل التونسيين بدون أي شكل من أشكال الإقصاء أو التمييز و الإنتخاب وحده الطريق للقيادة . المنسق عدنان الحسناوى
نداء دولي من أجل إطلاق سراح معتقلي الحوض المنجمي
sihem طالبت منظمات دولية في رسالة مشتركة وجّهتها للرئيس التونسي بالإفراج الفوري وغير المشروط لسراح جميع المتظاهرين والنقابيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين الذين حوكموا على خلفية التحركات الاحتجاجية التي عرفتها منطقة الحوض المنجمي في النصف الأول من العام الماضي. كما شددت المنظمات الموقعة على الرسالة وهي مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب والشبكة الأورو-متوسطية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية، على ضرورة ضمان توفير تحقيق مستقل ونزيه في جميع شكاوي التعذيب والمعاملة السيئة التي تعرض لها المعتقلون، وبأن يتم تسليم مرتكبي تلك الجرائم للعدالة وتقديم تعويضات للضحايا. وطالبت الرسالة بتسليط الضوء على الحيثيات التي أدت لقتل متظاهرين وبأن يتم نشر نتائج التحقيق ومحاسبة المسؤولين عن الاستخدام المفرط للقوة. ووجهت هذه الرسالة إلى الرئيس التونسي تزامنا مع استعداد البلاد للاحتفال بالعيد الثاني والخمسين لإعلان قيام الجمهورية التونسية. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 17جويلية 2009)
انتقادات من المجتمع المدني لقرار اتحاد الشغل مساندة تجديد ترشح بن علي
لطفي حيدوري انتقدت الأستاذة سناء بن عاشور رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات قرار الهيئة الإدارية لاتحاد الشغل مساندة ترشيح الرئيس بن علي للانتخابات الرئاسية المقبلة. كما انتقدت طريقة اعتماد بيان الاتحاد عبر التصفيق، مشيرة إلى أنّه كان من المفروض على الأقلّ احترام أدنى الأشكال الديمقراطية وهو التصويت، رغم كونه كان سيفضي أيضا إلى تأييد موقف المساندة. وقالت سناء بن عاشور إنّ مناضلي جمعيتها صدمن بالقرار المذكور بسبب قيام الاتحاد بخرق مبدأ الحياد الذي تأسست عليه النقابات ومخالفة تقاليد المجتمع المدني. واعتبرت المتحدثة أنّ هذه التزكية تعدّ ضربة أخرى للنقابة ولتمثيلها لعموم العمّال، لكنّ قرار الاتحاد لا يمثّل الرأي السائد داخل النقابات وعديد القطاعات، تضيف سناء بن عاشور. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 17جويلية 2009)
بن ضياء في بنزرت: التجمّع لا ينوي التحــالـــــــف مع أحزاب أخرى
* (الشروق) ـ مكتب بنزرت: احتضنت أمس احدى الفضاءات السياحية بمدينة بنزرت فعاليات الجامعة الصيفية الاقليمية للشمال التي تمتد على مدى أيام 17ـ18 و19 جويلية. وقد شهدت جلسة الافتتاح حوارا مفتوحا حول متطلبات الاستعداد الناجح للمحطات السياسية المقبلة أشرف عليه السيد عبد العزيز بن ضياء وزير الدولة المستشار الخاص لدى رئىس الجمهورية والناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية والذي تعرض في معرض ردوده الى مختلف تساؤلات المتدخلين وجملة من المواضيع الهامة والحيوية مثل تطوير الحياة السياسية ببلادنا. وفي بداية كلمته دعا السيد عبد العزيز بن ضياء الى ضرورة تبسيط الخطاب السياسي وعدم تعقيده مبرزا دور المحطات السياسية المقبلة في تطوير الحياة السياسية ببلادنا مذكّرا في ردود أخرى منفصلة بإرادة الرئىس بن علي الهادفة الى تطوير الحياة السياسية وتعويد المجتمع التونسي على التعددية من خلال الاجراء القاضي ببلوغ تمثيل المعارضة في البرلمان بنسبة 25 بالمائة. وردّا على بعض التساؤلات الأخرى نفى عضو الديوان السياسي للتجمع ان تكون هناك نيّة للتجمع للدخول في تحالف انتخابي مع أحزاب أخرى مبرزا استحالة هذا الامر من الزاويتين السياسية والعملية مذكرا بأن قائمات التجمع يجب ان تكون باسمه ولونه وصفته والا تحوّلت هذه القائمات الائتلافية الى قائمات مستقلة وقال في هذا السياق على عكس ما تم ذكره في بعض الصحف فإن القائمات المستقلة لا يقع تجميع اصواتها بين الجهات ومن هنا تبرز استحالة تطبيق هكذا تمشي? وفي إجابة عن تساؤلات أخرى من داخل القاعة أكد وزير الدولة ان تطوّر المعارضة هو عامل صحي يخدم الحياة السياسية ويترجم الارادة السياسية للرئىس بن علي المتجهة باستمرار لتطوير المجتمع. وفي خصوص المعايير التي يعتمدها التجمع لاختيار ممثليه في مجلس النواب وهي نقطة أقرّ عضو الديوان السياسي انها تطرح باستمرار داخل هياكل التجمع وتشغل كوادره وقواعده على حد سواء. قال وزير الدولة ?لا مجال للترضيات والاستخفاف بعدة أمور فالنائب يجب ان يكون له حضور فاعل وإشعاع وتأثير على مجريات الأمور… يجب ان يكون النائب قادرا ومقتدرا وليست هناك طريقة محددة لاختيار هؤلاء النواب ولكن هناك ضوابط وحدّ أدنى كالذي ذكرته والأهم هو انه لا مجال للمحسوبية. الانتاجية وتحرير الدينار وفي إطار ردّه على بعض التساؤلات الأخرى تعرض السيد عبد العزيز بن ضياء الى موضوع الصادرات التونسية للخارج ونفى ان تكون الصادرات قد تراجعت في مجملها العام مؤكدا ان هذا التراجع لم يشمل سوى مادة او اثنين لم تؤثر بشكل أو بآخر على حجم الصادرات ببلادنا كما ذكر بأن تونس استطاعت الخروج بسلام من الأزمة الاقتصادية العالمية بفضل عدة عوامل من أهمها ان بلادنا لم تستجب الى ?نصائح? البعض من الداعين الى تحرير الدينار وأضاف ان حكمة الرئىس بن علي كانت تتجه دائما الى ضرورة التبصّر والتريث في هذا الأمر ولو تم تحرير الدينار لكُنّا نعيش الآن وضعا اقتصاديا لا يمكن وصفه. وذكّر بالدور الموكول لجميع الهياكل في النهوض بالاقتصاد ومحاربة الانخفاض في الانتاجية الذي لم يتجاوز لدى التونسي سقف 36 داعيا الى ضرورة التحفيز والوعي بأهمية ازمة الانتاجية في اقتصاد بلادنا آملا ان تصل النسبة الى 65 بالمائة وهو رهان يمكن لبلادنا ان تنجح في كسبه مؤكدا ان الاستثمارات الكبرى لن تتطوّر بدون تطوير هذا العنصر الحيوي في الاقتصاد. كما عرّج المستشار الاول لرئىس الجمهورية على التفاوت بين الجهات في مجال التنمية وقال في هذا السياق ?هناك قرارات جوهرية لخلق التكافؤ بين الجهات مع ضرورة معرفة ما كان موجودا سابقا وسيادة الرئيس يسعى الى ترجيح الكفة لتستفيد كل الجهات وهناك اجتماعات وأموال ومجالس جهوية ممتازة تهدف الى إعادة التوازن والحسّ الوطني هو الذي يدفع سيادة الرئيس الى تعميق هذا التوجه الاصلاحي. كما دعا وزير الدولة الى إيلاء قطاع التكوين المهني الأهمية اللازمة مشددا على ان عديد المهن تحتاج التكوين بعمق وأن القطاع يحتاج الى التعاطي معه بالجدية اللازمة. * يوسف الوسلاتي (المصدر: النشرة الإلكترونية لجريدة الشروق التونسية يوم الاربعاء 17 جويلية 2009)
النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين:
خطوة إلى الأمام نحو الانقلاب.. .وخطوات إلى الوراء نحو المصالحة والوفاق
نورالدين المباركي تونس/الوطن حملت بداية هذا الأسبوع تطورات خطيرة في ملف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ،فقد دعا المكتب التنفيذي في بيان أصدره يوم الاثنين 13 جويلية المكتب التنفيذي الموسّع للإجتماع يوم 21 جويلية « لملاحظة الشغور » الحاصل في تشكيلة المكتب التنفيذي بعد الاستقالة الرابعة التي وردت رسميا يوم 26 جوان. لكن بعد ساعات قليلة من صدورهذا البيان صدر بيان عن « المكتب التنفيذي الموسّع » أعلن عن تكوين لجنة إعداد المؤتمر الاستثنائي (يوم 15 أوت) وفتح باب الترشحات لعضوية المكتب التنفيذي. وقد اعتبر عدد من الصحفيين أن بيان المكتب التنفيذي الموسّع هو خطوة نوعية لتكريس الانقلاب باعتبار أنّ اجتماع المكتب التنفيذي الموسع الذي أقرّ يوم 15 أوت موعدا للمؤتمر الاستثنائي كان غير شرعي وأن موعد 15 أوت بدوره غير شرعي. وكان حبيب الميساوي عضو المكتب التنفيذي الموسع (رئيس لجنة السكن) أكّد في أكثر من مناسبة أنّ قرار تعيين المؤتمر يوم 15 جويلية غير شرعي هذا الى جانب أنه سبق صدور بيان المكتب التنفيذي الموسع عدّة جلسات « تفاوضية » مع عدد من أعضاء المكتب التنفيذي الموسع لإختيار موعد للمؤتمر يكون وفاقيا ويحترم القوانين الداخلية للنقابة، وقد أبدى هؤلاء استعدادهم للذهاب إلى مؤتمر وفاقي لكنّهم أكّدوا أنهم ينتظرون « التعليمات » التي لا يعرف أي كان مصدرها. ويبدو من خلال بيان المكتب التنفيذي الموسع (13 جويلية) أن « التعليمات » التي يتحدثون عنها ترفض أي مؤتمر وفاقي يحافظ على وحدة الصحفيين ووحدة نقّابتهم. عمليا الأمور تتجه في الوقت الراهن إلى انجاز مؤتمرين مؤتمر 15 أوت (وهو غير شرعي بالنظر إلى قوانين نقابة الصحفيين) ومؤتمر آخر سيتم تعيين موعده بعد اجتماع المكتب التنفيذي الموسع الذي دعا إليه المكتب التنفيذي للنقابة المجتمع يوم الاثنين 13 جويلية وهذا خطر حقيقي يهدّد وحدة الصحافيين التونسيين ووحدة نقّابتهم التي لم يمر على تأسيسها أكثر من سنة ونصف السنة. وفيما يلي أهم ما جاء في بيان المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين: » يعلم المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية … أن الاستقالة التي تقدم بها الزميل حبيب الشابي بتاريخ 26 جوان 2009 أصبحت نافذة بتاريخ 12 جويلية 2009، استنادا إلى أحكام الفصل 48 من النظام الداخلي للنقابة ونصّه : « لا تقبل استقالة العضو أو المنخرط إلاّ متى كانت مكتوبة وممضاة وبعد مرور 15 يوما ». وبناء عليه تقرر دعوة المكتب التنفيذي الموسع للنقابة للاجتماع يوم الثلاثاء 21 جويلية 2009 … بمقر النقابة لملاحظة الشغور. وذلك عملا بمقتضيات الفصل 19 من القانون الأساسي للنقابة ونصّـه : « إذا تجاوز الشغور الحاصل داخل المكتب المنتخب أصليا ثلاثة يدعو رئيس النقابة المكتب التنفيذي الموسع للانعقاد في ظرف نصف شهر على أقصى تقدير لملاحظة الشغور ». وسيوجه رئيس النقابة دعوات فردية لأعضاء المكتب التنفيذي الموسع القانوني لحضور الاجتماع المذكور…. ». وجاء أيضا : » إن رئيس النقابة هو المخوّل وحده وحصريا لدعوة المكتب التنفيذي الموسع للاجتماع لملاحظة الشغور حسب صريح نصّ الفصل 19 من القانون الأساسي. كما لا يمكن لهذا الاجتماع أن ينعقد قبل مرور 15 يوما على ورود الاستقالة الرابعة من المكتب التنفيذي بشكل قانوني. وهو ما لم يحترمه زملاؤنا ومن يقف خلفهم، من الذين دفعهم تعجلهم لعقد المؤتمر الاستثنائي بأي ثمن إلى خرق قوانين النقابة وعدم الالتفات إليها، سعيا منهم للانقلاب على الشرعية. فضلا عن ضربهم عرض الحائط بدعوة المصالحة التي نادى بها عموم الصحفيين في اللائحة المنبثقة عن جلستهم العامة الملتئمة بتاريخ 26 جوان 2009. وكذلك بعرض الاتحاد الدولي للصحفيين التوسط في إنجاز مصالحة تضمن وحدة الصف الصحفي ومناعة النقابة واستقلاليتها. ( المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 94 بتاريخ 17 جويلية 2009)
السلطــة / المعارضـة … ضـرورة الخيـار الثالـث
الأستاذ : توفيق العيادي إنّ مَسحًا انتوروبولوجيا بسيطا يؤكد لنا أن معظم الأمم تسعى إلى التغيير الإجتماعي نحو الأفضل، كما يفيدنا بأن عملية التغيّر الإجتماعي ترتبط ارتباطا وثيقا بالخلفيات التاريخية والثقافية إضافة إلى ارتباطها الوثيق بالوضع الراهن، أي بالإنسان في زمنه الحاضر وفقا لمتطلباته وتطلعاته على أن يتم التغيير الإجتماعي على واجهات عديدة أهمها الواجهة السياسية التي تكون بالضرورة دعامة لعديد الواجهات الأخرى. فإلى أيّ حدّ ساهم الخطاب السياسي العربي بشطريه ( السلطة / المعارضة) في الخروج بمواطنيه من طور التخلف الإجتماعي؟. وإلى أيّ حدّ بلغ الخطاب السياسي العربي بمكوّناته البشرية المستوى الذي يتحول معه إلى قوة فاعلة ايجابا في الخروج من حالة التخلّف الإجتماعي؟. إن قراءة سريعة للواقع السياسي العربي رغم ما يحصل فيه من حراك بطيء ـ يوحي بحالة اختناق شديدة توثقة إلى منطق ثنائي لم يستطع الفكاك منه. ولا عجب في ذلك, فثقافتنا هي ثقافة الثنائيات بامتياز (انس/جان – مؤمن/كافر ـ سيد/عبد – سني/شيعي – حاكم/محكوم – سلطة/معارضة..إلخ). فالإلتزام التام بالمنطق الثنائي في العمل السياسي سلطة/معارضة أفرز خطابا عدائيا متبادلا، فلا المعارضة تفوّت الفرصة في السرّ والعلن إلا وتكيل الشتائم للسلطة وتنعتها بشتى النعوت وتتهمها بالخيانة والعمالة وتبديد المقدرات والإستيلاء غير الشرعي على مؤسسات الدولة والإنفراد بالرأي…إلخ, ولا السلطة أيضا تفسح المجال للقول المخالف أو تسمح به, فتردّ على القول بالفعل عن طريق الإقصاء والتهميش والمحاصرة… وبين هذا وذاك يظل المواطن يسترق السمع متخفيا، تشفيا في السلطة ومتواريا اتقاءً لشرّ المعارضة… ليبقى الحال على ما هو عليه… وتبقى ثقة المواطن في العمل السياسي مهزوزة كخيار آمن يمكن أن يؤدي إلى تحسين الأوضاع والخروج بالفرد من ربقة الفقر وبالوطن من بوتقة التخلّف. ولعل ارتهان الفعل السياسي العربي إلى منطق الثنائيات لهو دليل على عدم المقدرة على التعامل مع الوطن ككل يشتمل على فعاليات مختلفة تسهم جميعها في الإرتقاء به وتتكامل في آدائها – السياسي بالخصوص – من أجل » مواطنيه » كما تصرّ هذه السياسات ( من طرف السلطة أو المعارضة) على اعتبار هذه المكونات دوائر مختلفة ومغلقة وكل » صنف » منها يأبى الإنفتاح والتحاور مع » الصنف » الآخر بحيث أصبح الصراع على أشده بين مكونات أو ذوات تنتمي لنفس الوطن وكأنها لا تنتمي إليه وتتنزل فيه بمنزلة : الذات/ الآخر. ومتى كانت السلطة هي الذات كانت المعارضة هي الآخر المتآمر والطامع والذي يحق بشأنه القهر. أما إذا كانت الذات هي المعارضة فإن الآخر هو السلطة القمعية والمتغطر سة والتي وجب في حقها أي قول أو فعل … كما يحدث أن تكون الذات هي المعارضة والآخر هي معارضة أخرى فيحكم على أدائها عندها بمدى عدائها أو صداقتها للسلطة. إن مثل هذا السلوك السياسي لدى الكثير من السلطات والمعارضات العربية لا ينسجم مطلقا مع ما نسمعه منهم بشأن الديموقراطية والإختلاف الذي لا يفسد للودّ قضية، وتعدد زوايا النظر التي لا يمكن أن تكون إلا اثراءً للتجربة وثراءً للمشهد السياسي… وهو محض كلام وواقع الحال يفصح عن نقيض القول ترسيخا لمقولة : » من ليس معي فهو ضدي ». لعلّ الممارسة السياسية التي هذا شأنها تحتاج إلى مراجعة متى لم تؤد إلى الأهداف المعلنة من قبل السلطات والمعارضات العربية وحريّ بالمشتغلين في المجال السياسي بالبحث عن خيار غير ثنائيّ: السلطة/المعارضة في شكلها العدائي الفجّ. فطرفيْ الثنائية مدعويْن إلى تجاوز المستوى النمطي والمعتاد في الخطاب السياسي, فالمعارضة من جهة تحتاج إلى التخلي عن المواقف السوداوية التي لا ترى في السلطة خيرا ولا تعترف بانجاز ولا تثمن جهدا ويحضرنا في هذا المستوى قولٌ لداعية للتغيير والثورة (مفكر عربي مرموق) » حالنا لا يتطلب حمدا ولا ثناءً على أحد بل يقتضى رفضا واعتراضا, مطالبة وثورة فنحن لا نحمد بل نتضجر ولا نشكر فلا شكر على واجب بل نثور ونطالب… » إن أي خطاب مهما علا شأنه، يهمل مفهوم الحوار، قد داس على مكوّن أساسي من مكوّنات الحرية وعبّر عن قلة احترامه للإنسان, كما أن كل معارضة تختزل مشروعها الحضاري أو التقدمي وتنظر إلى خيار الديموقراطية فقط على أنه التداول على السلطة ( هذا حقها) فإننا نعتقد جازمين أنها ستظل تطالب بالسلطة حتى وإن تبنت السلطة القائمة كل برامجها وطروحاتها ومشاريعها المستقبلية… أمّا بخصوص السلطة فهي أيضا مدعوّة ـ أكثر من المعارضة ـ للإنفتاح على بقية مكونات المجتمع وأطيافه السياسية وأن تنقل رهاناتها على الإنسان ( المواطن) المقهور إلى الرهان على الإنسان ( المواطن) المسؤول، كما هي مدعوّة إلى الكف عن التعامل بريبة مضاعفة مع كل رأي مختلف أو موقف ناقد وأن تتعامل مع المعارضة لا كواجهة تجمل الوجه بل كفعاليات تفيد في البناء المستمرّ للوطن. فمن رحم هذه الثنائية إذن، سلطة/معارضة، يجب أن يولد خيار ثالث… هذا الخيار الذي ظل مرفوعا في الصيغة المنطقية ( الثالث المرفوع) يجب أن يصبح خيارا موضوعا في الصيغة السياسية ( الثالث الموضوع) خيارا يكون قادرا على الحد من الحالة العدائية المفرطة بين(السلطة/المعارضة) من جهة و(المعارضة/المعارضة) من جهة ثانية بما يمكن أن ينعكس ايجابا على الوطن والمواطن طالما أن همّ الجميع هو الوطن والمواطن كما نسمع منهم أو كما يدّعون… المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 94 بتاريخ 17 جويلية 2009
اعتصام نسائي من أجل الماء الصالح للشراب
مولدي زوابي اعتصم يوم أمس الجمعة 17 جويلية عدد من المواطنين يفوق عددهم الثلاثين بمقر معتمدية بوسالم. وجاء هذا الاعتصام الذي دام أكثر من أربع ساعات وشاركت فيه أكثر من عشرين سيّدة، احتجاجا على عدم تمتع نحو ثلاثمائة عائلة من عمادة « دزيرة » بالماء الصالح للشراب. وذكرت مصادر خاصة لراديو كلمة أن المنطقة لم تعرف الماء الصالح للشراب منذ الاستقلال. من جهة أخرى تعلل معتمد الجهة بمشاغله وضرورة مغادرته المعتمدية للمشاركة في اجتماع بمقر الولاية حتى لا يجتمع بالمعتصمين لكنّ هؤلاء رفضوا مغادرة بهو المعتمدية واشترطوا محاورته لفض مشكلتهم التي وصفوها بالمأساوية. وقد انتهى اللقاء الذي جمع بين رئيس الإدارة المحلية وبعض ممثلي أهالي « دزيرة » بوعود لم تقنع المعتصمين. يذكر أن أهالي المنطقة سبق لهم أن قدموا عشرات الشكايات والعرائض من أجل حقهم في الحصول على الماء الصالح للشراب غير أن مناشداتهم لم تجد أي تجاوب وهو ما جعلهم يقطعون يوميا مسافات طويلة بحثا عن الماء.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 17جويلية 2009)
في مشروع قانون: 600 ساعة عمل بدل سنة سجنــا
* تونس ـ الشروق : تواصل لجنة الشؤون الاجتماعية والصحة العمومية لمجلس النواب النظر في مشروع القانون المتعلق بإرساء عقوبة التعويض الجزائي وتطوير الآليات البديلة للسجن. وستنص هذه التعديلات على استبدال عقوبة السجن بالتعويض المالي في ما يخص المخالفات والجنح البسيطة وتطوير عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة وحذف العوائق القانونية لها، وسحب النظام القانوني للتعويض عن الأضرار الناتجة عن حوادث الشغل والأمراض المهنية على المحكوم عليهم بهذه العقوبات. التعويض الجزائي عقوبة التعويض الجزائي تعتبر عقوبة بديلة للسجن في مادتي المخالفات والجنح التي يترتب عنها ضرر شخصي ومباشر للمتضرر، وتستوجب قانونا تسليط عقوبة بالسجن تكون مدّتها قصيرة لا تتجاوز 6 أشهر بحيث يتعذر من خلالها تنفيذ برامج الاصلاح والتأهيل المناسب للمحكوم عليه، لكن عقوبة التعويض الجزائي تسمح للمحكمة عند البتّ في القضية بحماية حقوق المتضرر من خلال الزام المحكوم عليه بالتعويض الجزائي الذي لا يقل عن 20 دينارا ولا يمكن ان يتجاوز 5 آلاف دينار حتى وإن تعدد المتضررون. وتعتبر عقوبة التعويض الجزائي عقوبة أصلية بديلة لعقوبة السجن لا تنفي حق المتضرر في طلب التعويض العادل عن الضرر الذي لحقه من الجريمة. استثناء لجرائم الرشوة والقتل والجرح وحرص المشروع في اطار الموازنة بين مصلحة المتضرر والمتهم والمجتمع على استثناء الجرائم التي تتجاوز فيها مدّة العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها 6 أشهر وكذلك الأمر بالنسبة للجرائم التي تكتسي بطبيعتها خطورة على المجتمع ولا يمكن للتعويض أن يمحي أثرها. كما تم استثناء بعض الجرائم في مجال التعويض الجزائي وإن أمكن الحكم فيها كالسجن لمدّة لا تقل عن 6 أشهر نظرا لخطورتها على غرار جرائم الرشوة والجرائم المرتكبة ضد القصّر، وكذلك الجرائم التي خصّها المشرّع بأنظمة قانونية متميزة مثل القتل والجرح اثر حادث مرور وجرائم الشيك بلا رصيد. وسينصّ المشروع على تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي بسعي من النيابة العمومية، خلال أجل لا يتجاوز 3 أشهر من تاريخ انقضاء آجال ممارسة حق الطعن بالاستئناف في الحكم الابتدائي أو من تاريخ صدور الحكم النهائي. ويعتبر القانون هذا الأجل أحد أهم آليات الموازنة بين مصلحة المتهم ومصلحة المتضرر الذي سيحصل على التعويض في زمن وجيز. وإذا كان المحكوم عليه موقوفا، فينقضي مفعول بطاقة الايداع بمجرّد الادلاء بما يعني عدم حصول الطعن بالاستئناف، أما اذا امتنع المحكوم عليه عن تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي أو تأمين المبلغ المحكوم به بعنوان تعويض جزائي في أجل لا يتجاوز 3 أشهر من تاريخ انقضاء آجال الطعن بالاستئناف في الحكم الابتدائي أو من تاريخ صدور الحكم نهائي الدرجة، فإن النيابة العمومية تتولى مباشرة اجراءات تنفيذ عقوبة السجن المحكوم بها أصالة. وينص القانون على أن تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي في الأجل القانوني تسقط عقوبة السجن المحكوم بها. ويضمن المشروع بذلك عدم ادراج الأحكام الصادرة بعقوبة التعويض الجزائي ببطاقة السوابق العدلية عدد 3 باعتبارها تسلم لمن يطلبها ويمكن الاطلاع عليها من قبل الغير. العمل لفائدة المصلحة العامة العمل لفائدة المصلحة العامة من ضمن العقوبات الأصلية التي تسمح بتجنب العقوبات بالسجن ذات المدّة القصيرة ورغم أهميتها فإنها لم تلق على المستوى العملي التطبيقي موسعا اعتبارا لبعض الصعوبات الاجرائية المتعلقة بضرورة حضور المتهم بجلسة المرافعة واعرابه عن ندمه وهو ما يفترض ضرورة اعتراف المتهم بارتكاب الجرم المنسوب اليه، في حين أن التصريح بالادانة لا يتوقف فقط على الاعتراف الذي في غيابه يتعذر على المحكمة استبدال عقوبة السجن بعقوبة العمل وقد تم التخلي عن الشرط المتعلق باعراب المتهم عن ندمه والاكتفاء بضرورة اعلام المحكمة المتهم بحقه في رفض عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ـ في اي مرحلة من مراحل القضية ـ بما يسمح بتدوين موقفه من هذه العقوبة البديلة بمحضر الجلسة تكون مرجعا عند الاقتضاء. ولحماية المساجين من الاضرار الناجمة عن حوادث الشغل والأمراض المهنية التي قد تصيبهم عند انجازهم لأعمال تطلب منهم فقد تضمن مشروع القانون سحب النظام القانوني للتعويض عن الثانية عن حوادث الشغل والأمراض المهنية على المحكوم عليهم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة. وتندرج هذه الاضافة لتخطي العوائق التي حالت دون اقبال المؤسسات على تشغيل المحكوم عليهم بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة وخاصة منها تحمل الاعباء الاجتماعية بالنسبة الى حوادث الشغل. كما أنه تم التنصيص على عدم ادراج هذه العقوبة (العمل لفائدة المصلحة العامة) ببطاقة السوابق العدلية عدد 3 . الصلح بالوساطة وتضمن مشروع القانون تمكين وكيل الجمهورية دون غيره من عرض الصلح بالوساطة بخصوص جرائم السرقة المجرّدة والبسيطة التي ارتكبت بدافع الاحتياج عند توفر جملة من الشروط (أن يكون المشتكى به غير عائد وأن يثبت البحث الاجتماعي وضعه المادي وعدم تأصل النزعة الاجرامية لديه. * سميرة الخياري كشو (المصدر: النشرة الإلكترونية لجريدة الشروق التونسية يوم الاربعاء 17 جويلية 2009)
تونس: وطن وبوليس ورشوة (7)في الوردية السادسة
بقلم: جيلاني العبدلي انتقلتُ عبر المترو الخفيف من محطة برشلونة وسط العاصمة إلى محطة الحافلات بحي ابن سينا بالوردية السادسة، لأُشحن من هناك مع خلق الله في حافلة الرفاهة الفائقة، المتخصصة في الخط رقم 24 الرابط بين العاصمة ومدينة المحمدية أين أقطن. وما إن توقف المترو في المحطة المذكورة، وشرع الركاب في النزول – وكانت الساعة تشير إلى الثامنة ليلا – حتّى فُوجئوا بمجموعة من أعوان الأمن تتمركزُ في المخارج، مُتولية تحويل وجهة الكثير منهم – وأغلبهم من فئة الشباب – إلى عربة أمن منتصبة للغرض غير بعيد عن مسرح العمليات. وحين اقتربتُ بدوري من أحد المخارج مُستعجلا لإدراك الحافلة، استقبلني أحد الأعوان بحفاوة: أحكم قبضته في جمّازتي بين الكتفين، وظلّ يدفعني أمامه مثلما كان يُفعل بغيري. حاولتُ أن أتدارك الموقف قبل فوات الأوان، فقلتُ له: » هل أستظهرُ لك ببطاقة تعريفي الوطنية؟ أنا أستاذ، إلى أين تأخذُني من فضلك « . قال لي بسوقية ألفتها في خطاب كثير من أعوان الأمن: » امش… أنت والأساتذة، حين نصلُ إلى هناك ( يقصدُ إلى مركز الشرطة ) سنقومُ بالغربلة « ، وواصل يدفعُني صاغرا إلى أن حشرني داخل سيارة داكنة الألوان، مُسيّجة النوافذ، في أحشائها أكوامٌ من اللّحم البشري لعشرات الأشخاص المُكدّسين داخلها تكديسا، ثمّ التحق بزملائه لجلب المزيد من الجُثث الآدمية. وما إن غصّت بنا السيارةُ، حتّى اجتهد الأعوانُ في غلق بابها علينا، وانطلقوا بنا، ونحن نئنّ داخلها لا نكادُ نلقى الأنفاس، إلى مركز الشرطة بالوردية السادسة أين أفرغُونا، وعادُوا على عجل يطلُبون المزيد. استقبلنا أعوانٌ في فناء المركز بخشونتهم المألوفة، وألحقونا بعشرات الأشخاص المُتراصّين في مساحة بدأت تضيقُ بالمستقدمين. وهناك ظللنا لزمن غير قصير، ننتظر ما سيُتّخذُ ضدّنا من إجراءات. وحين غصّ الفناء بالخلق واشتدّ الزّحامُ، شرع أحد أعوان الأمن في إدخالنا الواحد بعد الآخر، ليقع التثبتُ في هُويّاتنا، وإحالتُنا على نظام المعلومات المركزي لوزارة الداخلية. إلاّ أنّ تلك الإجراءات كانت تتمّ ببطء شديد، ممّا أطال محنتنا من الإرهاق والإذلال والقلق، وجعلنا نطوي ساعات من الليل، حتّى بلغنا الساعة الحادية عشرة. وحوالي منتصف الليل، ولسبب لم أتبيّنهُ، أوقف أعوان الأمن عمليات التثبت والإحالة -وكنّا حوالي عشرين شخصا – وأخلُوا سبيلنا بكل بساطة. غادرتُ مثل غيري مركز الشرطة في تلك الساعة المُتأخّرة، وفي نفسي سُخطٌ كبيرٌ على ما يسلكُه أعوانُ الأمن من عمليات تمشيط عشوائية، وإجراءات إيقاف وتثبّت مُهينة، كأنّي بهم يتحركون وفق قناعة أو قاعدة مفادها » أنّ جميع المُواطنين مُتّهمون، إلى أن تثبُت براءتُهم « . غادرتُ في ساعة انعدمت فيها جميعُ المواصلات العمومية، فاستعنتُ بسيارة تاكسي، لتنقلني إلى مدينة المُحمّدية، بنصف أُجرة يومي لدى وزارة التربية القومية أنذاك. لقد حوّل البوليسُ وجهتي من غير سبب، وحبسني في محنة من غير ذنب، وشرّدني في حُلكة الليل من غير سند، ومع ذلك حمدت الله على النهاية السعيدة.
يتبع جيلاني العبدلي: كاتب صحفي ناشط حقوقي وسياسي Blog :
http://joujou314.frblog.net Email : joujoutar@gmail.com
إصرار « الهجالة » على تعميم النخالة…
خميس الخياطي مشهد من فيلم « زوربا اليوناني » الذي أخرجه ميخائيل كوكايانيس في العام 1964 (سنة انطلاق التلفزة التونسية) بقي عالقا في ذهني منذ أول عرض له بتونس في أواخر الستينات في نوادي السينما. هذا الفيلم الرائع والمقتبس عن رواية رائعة لها نفس العنوان من تأليف نيكوس كازنتزاكيس (1883-1957) وموسيقى ميكيس ثيودوراكيس هو من تمثيل أنطوني كوين (حمزة رسالة الراحل مصطفى العقاد) في دور « ألكسيس » والنجمة ايران باباس (هند التي أكلت قلب حمزة في الرسالة ذاتها) في دور الأرملة، والممثلة « ليلا كودروفا » في دور السيدة « هورتانس »… المشهد الذي لم أنسه به العجوز هورتانس سابحة في حلمها السابع، فيرفض ألكسيس إيقاظها، ويقول لصديق له « خليها، لا تعكر عليها حلمها، فهي صحبة سليمان باشا »… أصبحت تلك الجملة مثالا للأميرة/العجوز النائمة التي لا ترجو من الحاضر إلا الاستمرار في الماضي… هذا التعبير استعمله مرة المؤرخ هشام جعيط في لقاء له بنقابة الصحفيين – قبل أن يرهلوها – لتقديم ومناقشة كتابه القيم « تأريخية الدعوة المحمدية بمكة » حيث في وصفه للوضع العام الذي هي عليه بلادنا، استعمل تعبير « الأميرة النائمة » التي تترقب قبلة الأمير… وكل قارئ حر في استنتاجاته. حليمة ومنوماتها القديمة فسواء تعلق الشأن بالعجوز أو بالأميرة، الأمر ينطبق إجماليا على تلفزتي القطاع العام، خاصة هجالتنا تونس7، التي « بصحة بلاط »، مازالت تؤمن أن لها من الجمال والرشاقة والجاذبية والذكاء والنباهة والمصداقية ما يجعلها مثل تلك العجوز التي تؤمن ان الزمن زمن سليمان القانوني، وأنها مازالت الأميرة التي سيأتيها سليمان وأنها الوحيدة الواحدة في قصر الملك… في حين نعلم كلنا أن سليمان أخذته نساء شابات عازبات أخريات متربصات به على النايل والهوتبورد والتيليكوم وأسترا وآلاف الاسطوانات المضغوطة المقرصنة إن لم نشر إلى منافستيها نسمة وحنبعل التي استقبل باعثها السيد العربي نصرة من طرف رئيس الدولة الذي أسدى « تشجيعه لصاحب هذه المؤسسة حتى تواصل مسيرتها في أفضل الظروف » كما تقول « وات »… بعد بثها النشيد الوطني والقرآن والأذكار والأغاني المهرجاناتية التي تتغنى بتونس وما أكثرها وكأن لنا مشكلة في الانتماء لوطننا، أن تبدأ الهجالة يومها مع السابعة ببرنامج « نسمة صباح » في كل فقرة من فقراته منوم أو مخدر إن لم نقل في الحقيقة منفر نستخلصه من صوت المنشطة إن لم نستشفه من كادرات المصورين أو بخل المخرج، أن تبدأ تلفزة في سنتنا هذه من القرن الواحد والعشرين حيث جميع القنوات، لنقل أغلبها، تشع حيوية ونشاط صباحا، ببرنامج مواده « بايتة » حتى في نشرات الأخبار، فذلك يدل على أن دار لقمان على حالها أو أن حليمة لا تريد أن تتخلى عن عاداتها القديمة… نحمد الله والإدارة التلفزية التي قلصت من مدة البرنامج الذي أمدها حتى منتصف النهار تقريبا الرئيس السابق للمؤسسة السيد مصطفى الخماري… ففي إحدى منومات هذا البرنامج، على سبيل المثال، فقرة المطبخ، ولا أدري لماذا تلفزتنا تصر على الحديث عن الأكل صباحا. في هذه الفقرة تحدث « الشاف » وأفاض في شكشوكة القرع التي وصفتها المنشطة في زلة لسان بـ »شكشوكة العرق » وأضافت أن « الزيتون متاعنا » وأن « الهريسة العربي تبنن الماكلة ياسر » ولم تنسى أن تتساءل عن سر اختيار الشاف أطباقا بلورية لتقديم مأكولاته هل ذلك « في نطاق الشفافية » إلخ… من الخزعبلات الصبيانية وكأن المركب لا يوجد به ربان وأن كل واحد يغني على ليلاه… كذلك معرض الصحف التونسية الذي، إن لم يبعث فيك رغبة العودة إلى الفراش، فقد يكون مصدرا للغثيان… في جهاز قائم على الصورة وبصوت إذاعي جهوري كما الذي ألفناه في الستينات يقرأ لك مجهول افتتاحيات متشابهة من « الحرية » و »الرونوفو » و »الصحافة » وهي صحف لا نعرف إن كان القارئ التونسي يعرفها، مضيفا الشروق و »لابراس » و »الصريح » التي لا تنشر ورقة لا تعترف بمرور الزمن وتطور الأحداث، طالما هي قائمة على مصطلحات لا رابط بينها إلا الرغبة في الثناء والرفع من المعنويات والتقييم المفرط في الإنجازات… أن تكون هناك صحف معارضة لها أراء مغايرة عن « كونشرتو بني وي وي » وإن قيد أنملة، فذلك من المستحيلات السبع… « الزيدي » زاد فيه… وفي السياق نفسه بثت الهجالة برنامجا مسجلا مثل العادة تم في المبنى الجديد للتلفزة الذي يعج هذه الأيام بالزيارات التفقدية حتى لا تحصل المصيبة عند التشغيل وتطير الرؤوس كما لو كانت هي المسؤولة… هو برنامج « المنتدى » الشهير الذي يعده الأشهر علي بن نصيب ويقدمه رئيس تحرير الأخبار، السيد عماد قطاطة… كان موضوع الحلقة « السياسة الثقافية التونسية » وكأن ذلك ردا على لقاء أمين عام حزب التجديد والمرشح للانتخابات الرئاسية السيد أحمد إبراهيم بالمبدعين والمثقفين التونسيين. حضر البرنامج معالي وزير الثقافة رؤوف الباسطي، المطربة سنيا مبارك، عضو مجلس المستشارين عن الوحدوي، الناشر المنصف الشابي والسيد الدكتور وعضو اللجنة المركزية للحزب الحاكم ورئيس تحرير يوميته « الحرية »، عالم الاجتماع (كما وصف نفسه) السيد المنجي الزيدي… أن يدافع وزير الثقافة عن سياسة الدولة وأن يقرأ الأمور من زاوية المسؤول وأن يشير دائما إلى رئيس الدولة، فذلك من حقه وذلك ما هو مطلوب منه… ولكن، ونحن لسنا في حملة انتخابية، أن يزايد السيد الزيدي على وزير الثقافة و »يفريس » الخطاب الرسمي، ألا يفتح فاه وينبس بكلمة إلا وهلل وطبل وتغنى وأشاد بقرارات رئيس الدولة الرائدة في الاهتمام بالشأن الثقافي وربط الثقافة بالتنمية و… و…. و…. من النخالة وكل ذلك بصوت بارد وعينان فارغتان وهيئة أستاذية كأنه من شخصيات أورويل الإصطناعية، فإنك تلعن التلفزة وتتذكر أن العملة الصعبة حينما يستسهل استعمالها في غير محلها، تصبح من البلاستيك… إن لعب المستشار والناشر السيد المنصف الشابي دوره كمعارض في « رفع الارانب » التي اراد كل من الوزير والزيدي وقطاطة دفنها، فذلك أدنى ما هو مطلوب منه. إلا أن البرنامج مر على مقص الرقابة ولمعده اللباقة في الإفصاح عن نية المقص… لقد قلل المقص في حدة النقاش بين الشابي والوزير في موضوعين (قلة دعم تصدير صورة تونس بالخارج وأن لا فائدة في إعلام إتحاد الناشرين والسهو عن المسؤولين الرئيسيين لأن ذلك ليس من سمات الديمقراطية)، ومع الزيدي فيما يخص الموازنة والـ1 في المائة المخصصة للثقافة ومع مقدم البرنامج في موضوع تقاسم زمن المداخلات… إن تغربل الهجالة البرامج وتترك لنا النخالة لتحتفظ بالـ »ممو »، فإن ذلك من سمات التلفزات البودورو… مما يوسع في الفجوة بين المواطن والإعلام العمومي ليقولون لنا فيما يعد: أرأيتم النتائج؟ يجب التنصل من هذه المؤسسات وبيعها بالمليم الرمزي لخواصنا »… حينما تنتفخ « أم ڤراڤر » أن يستقبل رئيس الدولة ويتوج نخبة طلبة الجامعات والمعاهد التونسية في يوم العلم، فذلك أمر طبيعي ومحمود ولا يتطلب أكثر من التنويه لأن الرئيس هنا يقوم بعمله… أن يمسك المنشط الإذاعي-التلفزي-الحزبي عفيف الفريڤي بهذا الموضوع في أول حلقة له من برنامج « مسك الليل » وينفخ فيه كما فعلت الضفدعة أم ڤراڤر مع نفسها امام البقرة، فإن ذلك لا يحصل إلا مع الهجالة التي تنفخ في النخالة لتلهية الدواجن بغناء التراب فيما هو مليء بالحصحاص… إستضاف الفريقي تلك النخبة ليحاورها حول واقعها وآمالها وفي خلده التوجه دائما وباستمرار إلى من يهمه الأمر من المسؤولين وإلا لقام بعمله التنشيطي العادي دون ذاك التطبيل الذي استمعنا إليه من نظيره الزيدي والذي لا يغني إلا القائلين به… وكما هي الحال في استعمال اللون البنفسجي في الغالبية الغالبة من برامج الهجالة حتى في تلك التي لا منفعة إقتراعية منها مثل برامج الأطفال (برنامج أحنا هكا لنزار الشعري) او المسنين (رحلة عمر)، فإن الفريقي استهل البرنامج بنخبة الأمن الوطني والجيش والديوانة والحرس الوطني… أليست هناك أبلغ رسالة في مجتمع طيلة تاريخه لا علاقة له بالمؤسسات العسكرية والأمنية؟ أن نستمع للفريقي يقول « الجيش وما أدراك من الجيش… برشة شبان يحبوا يدخلوا الجيش » ونعرف مليا ان الشبان هاربين حتى من الخدمة العسكرية جراء الرافل، نعرف أن الخطاب ليس موجها للمواطن… حينما يعلن الفريقي أن من بين الحاضرين أولياء من التجمع الدستوري الديمقراطي (؟)، هل نستمر في مشاهدة البرنامج أم نرحل نحو نسمة أو حنبعل؟ هذا ناهيك هن لون الستائر البنفسجية وبساط المنصة حتى الورقة التي يمسك بها السيد الفريقي فهي بنفسجية… وبالتالي، لا نفاجئ حينما يسأل الفريقي : »ماهو إحساسك وأنت واقف أمام سيادة رئيس الجمهورية؟ » طبعا هي أسئلة نخالية. وإن اعتدنا النخالة في حياتنا الإعلامية العامة، إنه من غير اللائق للهجالة أن تعتبر التوانسة الذين يمولونها جمع من الدجاج لا حق له إلا في النخالة… بعض الأطباء المداوين بالطبيعة يقولون بأن النخالة هي « قلب » القمح وهي أفضل ما يوجد به… ولذلك نرى التونسي يحب العضم (البيض) العربي والدجاج العربي لأن بهما قوة التخالة… فهل إعلام الهجالة هو « قلب » الإعلام؟ نجيب على شاكلة « زوربا »: « لا تعكر حلمها، فهي صحبة نخالة باشا… » الطريق الجدبد. العدد 137 ص 9 بتاريخ السبت 18/7/2009
مواطنون لا مهاجرون نحو مقاربة جديدة للتعامل مع الملف
بقلم : عبد السلام بوعائشة كانت هجرة التونسيين إلى الخارج عامة وإلى فرنسا حيث تقيم الغالبية منهم الآن خيارا فرضته ضرورات الدراسة أو العمل وليست مشروعا للحياة والإقامة الدائمة حتى أن المهاجرين الأوائل كانوا حريصين على عدم اصطحاب عائلاتهم وأسرهم وكانت عائدات عملهم وكفاحهم في المهجر تعود بالنفع الوفير على البلاد وأهلها, إلى جانب أنهم حرصوا على المحافظة على ولائهم لثقافتهم الوطنية وهويتهم العربية وتجنبوا الذوبان في مجتمعات الضيافة ونسق الحياة فيها. وكان لهذا الخيار الصّعب نتائج إيجابية على الأسرة والمجتمع والدولة حيث قلّل من مخاطر الاغتراب ووفّر واردات من العملة الصعبة عادت بالنفع على خطط التنمية في تونس ومتّن العلاقة بين المهاجر وبين بلاده. وعلى الرغم من محدوديّة المخاطر الناتجة عن ذلك الخيار كانت سياسة الدولة تقوم على اعتبار الهجرة مشكلة ولذلك لم تكن تشجّعها بل على العكس من ذلك كانت تضع القيود أمام المهاجرين من الشباب مثلا فتشترط عليهم عند المغادرة أن يستظهروا بما يفيد أداءهم للخدمة العسكرية أو التمتع بالإعفاء أو تأجيل أدائها كما تضمنت برامج التعليم محاور كاملة عن أخطار الهجرة وعوائدها السلبية على المجتمع والدولة والفرد. دارت دورة التاريخ بسرعة و لأسباب ليس هنا مجال شرحها تحولت الهجرة من مشكلة إلى حل ,من خيار للضرورة إلى مشروع للإنجاز و من كابوس إلى حلم حتى أنّ هذا الحلم صار يستحقّ لدى الكثيرين أن يضحّوا في سبيله باستقرارهم الدراسي أو المهني أو الأسري بل أن يلقوا بأرواحهم وسط الأمواج وأن يحتالوا بكل الحيل على عائلاتهم وسفارات الدول وسماسرة التهريب والمتاجرة في أرواح البشر. لقد أصبحت الهجرة وبدون مبالغة وطنا جديدا للذين فازوا بها وللذين يحلمون بالعبور إليها,وطن تتهاوى أمامه كل مفاهيم الماضي وتحليلات مدارس الاجتماع التقليدي الذي تعلّمنا منه أن البطالة والدراسة سببان للهجرة فإذا بنا اليوم نرى أن الهجرة تكاد تصبح سببا للبطالة وللفشل أو الانقطاع عن الدراسة,كما صرنا نرى أن هوية مجتمع الهجرة ونموذج الحياة فيه لم تعد عائقا أمام الهجرة بل على العكس أصبحت دافعا وعنصر جذب وترغيب وبالمقابل تراجعت مكانة الهوية الوطنية الأصيلة وفقدت الكثير من سلطة التوطين والحث على البقاء والاستقرار بالبلاد. ونحن إذ نطرح هذه المفارقة بين الماضي والحاضر لا ندعو إلى ما أصبح ماضيا بل نريد أن نبرز أنّ الهجرة بما أنها أصبحت حلا و خيارا من خيارات التنمية يتنامى تأثيرها باستمرار على المجتمع والدولة وتكتسح مجتمعات الضيافة ويتوسع نفوذها الديمغرافي والاقتصادي والسياسي والحضاري فيها إلى درجة أن المهاجرين التونسيين في فرنسا أصبحوا بمثابة المجتمع القائم بذاته بأسره وأجياله وفئاته الاجتماعية والمهنية والعلمية والطبقية استقر به المقام على قاعدة خوض الحياة العامة في فرنسا كما خاضها ويخوضها المهاجرون العرب في أمريكا الجنوبية منذ أكثر من قرن.وصارت طموحاتهم أن يطوّروا ظروفهم ونفوذهم ومستقبلهم,لهم ولأبنائهم من بعدهم,وليس أن يحققوا عودة أصبحت مستحيلة على غالبيتهم.باختصار صار مجتمع الهجرة التونسية في فرنسا يطرح على الدولة والمجتمع في تونس تحدّيا مستقبليا يستدعي رؤية للفهم وخطة في التعامل ووسائل للتدخل أكثر عمقا و نجاعة وفاعلية لا تكتفي بالوقوف عند الزاوية الاقتصادية أو الأمنية فحسب بل يجب أن تتجاوز ذلك إلى ما هو استراتيجي لاستثمار هذا الوجود المهاجر وتحويله إلى قوة ضغط حضاري واقتصادي وانتخابي منظم يتناغم مع المصالح الوطنية العليا للبلاد ويوفر عنصر إسناد ودعم لمجهود الدولة خصوصا وأن السنوات الأخيرة بدأت تشهد موجات من الهجرة المنظمة للكفاءات العليا والطلاب المتميزين. في مواجهة هذا التحدي الجديد نعتقد أن البرامج والآليات المعتمدة حاليا من قبل الدولة وأجهزتها ما زالت تتعامل مع الموضوع على قاعدة تقليدية تهتم أساسا بعمليات حصر أعداد المهاجرين ورعاية مصالحهم في بلدان المهجر بما يقضي حاجاتهم الإدارية والقانونية والعمل على تيسير أمور عودتهم في العطل والمناسبات دون التركيز على ما يمثله حضورهم الواسع من فرص استفادة وقوة للبلاد ومصالحها. كما نعتقد أن الاكتفاء بجهود البعثات الدبلوماسية وفروعها القنصلية وجهود ديوان التونسيين بالخارج والتداخل المربك والسلبي في غالب الأحيان بين هذه الجهود وتدخلات هياكل التجمع الدستوري الديمقراطي لم يحقق كل ما تطمح البلاد لتحقيقه و نشير هنا إلى أن أسواق تونس بأوروبا ظلت على ما هي عليه من ضيق و محدودية منذ أكثر من ثلاثة عقود رغم توسع قاعدة الهجرة الذي يفترض منه التأثير في هذا الواقع كما نشير إلى غياب يكاد يكون كليّا لهياكل وجمعيات تونسية قوية ومؤثرة في بلدان الهجرة تؤطر الكفاءات وتوفر لها إمكانيات المساهمة في التعبير عن حبها للبلاد واستعدادها للمشاركة في جهود تنميتها ولا يغيب عنا الدور السلبي الذي يقوم به الكثير من التونسيين سواء من أصحاب النفوذ والسلطة أو من المعارضين الذين ساهموا جميعا و بأشكال متفاوتة في بقاء مجتمع المهاجرين عازفا عن المساهمة في المشروع الوطني ومشتت القوى والإمكانيات. إن ما سبق عرضه يقودنا إلى طرح بعض المقترحات في الطريق نحو المعالجة الأعمق لهذا الملف الهام من ذلك: -تطوير الهياكل المشرفة على قطاع المهاجرين و التفكير في بعث وزارة للغرض تسهر على مهمة إدماج القوة المهاجرة والنهوض بحق و واجب المواطنة لديها والسهر على تنفيذ السياسة العامة للدولة المتعلقة بكل قضايا الهجرة. -الفصل بين تدخل هياكل الدولة و هياكل التجمع الدستوري الديمقراطي في قضايا الهجرة والمهاجرين. -توسيع وتطوير شبكة المدارس والمعاهد التونسية بالخارج وضمان المجانية والجودة في أداء رسالتها والحرص على إرسال أفضل الإطارات التربوية لإدارتها وتدريس أبنائها. -تطوير الملتقيات الصيفية المخصصة للمهاجرين وتحريرها من كل توظيف سياسي والارتقاء بنوعية الخطاب الموجه للحضور إلى مستوى يستجيب لانتظاراتهم ويقترب من حقيقة مشاكلهم ويفسح لهم المجال للتعبير عن شواغلهم. -وضع حد لسياسة التمييز الإيجابي للمهاجرين أثناء إقامتهم في تونس والحرص على أن يكونوا مواطنين كغيرهم من الناس وليس ضيوفا أجانب. المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 94 بتاريخ 17 جويلية 2009
في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعيّة بتونس (9أفريل) « دراسات مغاربيّة » تكرّم المؤرخ الدكتور محمد الهادي الشريف الحضارات لا تعيش دون ذاكرة
عادل الثابتي انتظم صباح السبت 11جويلية الجاري حفل تكريم على شرف الدكتور محمد الهادي الشريف أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس (9 أفريل ) نظمته وحدة بحث « دراسات مغاربية » التي يديرها المؤرخ عبد الحميد هنية والتي تُعنى بالبحث في محاور تتعلق بالتاريخ المديني والريفي لبلدان المغرب العربي في العصر الحديث .هذا الحفل الذي احتضنته قاعة صالح القرمادي بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس التي درّس بها الدكتور الشريف لسنوات عديدة كما تولى عمادتها في ظروف صعبة مرّت بها الجامعة التونسية سنوات 1988/1990/1989 تنادى إلى حضوره – رغم أن شهر جويلية،شهر دخول العطلة الصيفية قد قارب الانتصاف – زملاء الدكتور الشريف وعديد طلبته القدامى الذين هم الآن من أبرز أساتذة التاريخ في مختلف الجامعات التونسية . وتداول على أخذ الكلمة نخبة من الأساتذة الذين تربطهم ذكريات علميّة وشخصيّة بالدكتور الشريف إذ تحدث خلال هذا الحفل كلّ من الأستاذ المشرف على وحدة البحث المنظمة لحفل التكريم « دراسات مغاربيّة » المؤرخ عبد الحميد هنية الذي أكد على مسار المؤرخ الذي ميّز حياة الدكتور الشريف الجامعية وهو المسار ذاته لمدرسة تاريخية أنشأها الدكتور الشريف ونحت معالمها، وهذا هو عنوان الكتاب الذي أصدرته وحدة البحث: « دراسات مغاربية » باللغة الفرنسية تكريما للمؤرخ محمد الهادي الشريف وتمّ بالمناسبة إهداؤه نسخة منه. كما تحدث عالم الاجتماع عبد القادر الزغل ليؤكد الخصال الإنسانية الكبيرة التي اكتشفها في الدكتور الشريف منذ أول سفرة جمعتهما في الستينات. وجاءت مداخلة أستاذ التاريخ المعاصر عدنان منصر شهادة من جيل الباحثين الشبّان الذين أطر الكثير منهم الدكتور الشريف لتؤكد تعامل الأستاذ الشريف الإنساني الراقي جدا مع طلبته وتواضعه العلمي الكبير إذ اعتبره الأستاذ منصر من الأساتذة القلائل الذين لا يتحرجون من الاستشهاد بنتائج بحوث طلبتهم . ومن بين التدخلات العديدة التي استمع لها الحضور الكثيف خلال هذا الحفل كان تدخل الأستاذة منيرة الرمادي شابوطو معبأ بأسئلة الحاضر إذ لم يمنعها تنويهها بخصال الدكتور الشريف العلمية وأبحاثه الهامة من ربط الماضي بالحاضر فأشارت إشارة قويّة إلى المقصد من الحملة التي تتعرض لها العلوم الإنسانيّة وعلم التاريخ بالذات عندما قالت » إن الحضارات لا تعيش دون ذاكرة » ،كلمة وضح مقاصدها بدقة عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس الذي أخذ الكلمة خلال هذا الحفل عندما قال « إن الامبريالية تستهدف حضارات الشعوب وتاريخها وهويتها تحت شعارات المهننة والإصلاح « . وكان واضحا خلال هذا الحفل تيقظ الجامعيين تجاه ما يحاك ضد ذاكرة الأمّة . مواطنون عدد 114 بتاريخ 15 جويلية 2009
قراءة في كتاب » صالح بن يوسف حياة كفاح »: تأليف منصف الشابي
الهادي غيلوفي إلى روح ذلك المناضل المجهول الذي عاش عزيزا ومات كريما من أجل تونس عربية مستقلة ترفل في سماء الحرية والعدالة. بهذه الكلمات أهدى المنصف الشابي كتابه الجديد عن صالح بن يوسف هذه الشخصية التي غيبت لسنوات كثيرة عن صفحات التاريخ لتعود من جديد جسدا تم إعادته إلى أرض الوطن، وروحا من خلال العديد من الدراسات والكتب التي بدأت تظهر في السنوات الأخيرة ضمن الموجة الجديدة من الانفتاح على موضوعات تاريخية كانت محظورة ومنها اليوسفية التي تمت تشويهها. ولعل كتاب المنصف الشابي يعدّ أحد هذه الكتابات الجادة التي تقدم إضافة لمعايشة مؤلفه العديد من الأحداث والشخصيات الفاعلة التي اخذ عنها ما لم يعايشه، ممّا مكنه من كشف العديد من الحقائق التي غُيّبت إمّا سهوا أو قصدا. يعترف المؤلف منذ البداية بصعوبة المهمة حيث يقول: « … فكتابة التاريخ ليست متعة شخصية بقدر ما هي مسؤولية جسيمة يصعب أحيانا أدراك أبعادها لأنها تمثل في مواجهة تفاعلات الحاضر ومتطلبات المستقبل تلك اللحظة التي تقرر فيها تحمل ماضينا الجلي دون لف أو دوران مؤمنين بأن ذلك هو سبيل التقدم بالشعوب عموما وبشعبنا التونسي على وجه الخصوص ». ويضيف بأن كتابة التاريخ رسالة عليه القيام بها على أحسن وجه وذلك من اجل استجلاء الحقيقة خاصة حول بعض القضايا والشخصيات التي دار الجدل حولها ولا سيما التي شاب تاريخها الغموض المقصود من خلال الدراسات المنحازة. فهذا الشعور يتقاسمه المؤلف مع أغلب أفراد الشعب التونسي حيث شعر الجميع بان تاريخنا تمت كتابته برؤية إقصائية لم تؤرخ إلاّ للزعيم ومستبعدة دور غيره من المناضلين السياسيين والنقابيين وسائر أبناء الشعب التونسي مع إعادة الاعتبار للعديد من الشخصيات والرموز الوطنية. وقد بدأت بعض الكتابات تظهر ومن بينها هذا الكتاب الذي يعبّر عن وجهة نظر مغايرة للرؤية الرسمية. فبداية ظهور هذا النوع من الكتابات يعدّ ظاهرة صحية لأنها مكنتنا من الاطلاع على العديد من وجهات النظر المختلفة حول تاريخ تونس. فالمؤلف يقر بهدفه من تأليف هذا الكتاب حيث يقول( ص15) « نحن أردنا كتابة هذه الصفحات للمساهمة في إعادة الاعتبار لأحد أبناء تونس الأوفياء الذين دفعوا الثمن كاملا من اجل الحرية والكرامة للشعب ». تناول الكتاب سيرة صالح بن يوسف النضالية التي ساهمت عدة عوامل في تطور الحس الوطني لديه لعل أول محطاتها تمثلت في شعوره بإهانة الهوية العربية الإسلامية للتونسيين سنة 1930 عندما تعمد الفرنسيّون بتنظيم المؤتمر الأعلى للكنيسة المسيحية بتونس وهو ما دفعه ورفاقه للتنديد بهذا الحدث وأدى إلى اعتقاله لأول مرة من قبل البوليس الفرنسي وثاني محطاته تمثلت في سفره إلى فرنسا من اجل إتمام دراسته وهو ما سمح له بالاحتكاك بالطلبة التونسيين والجزائريين والمغاربة تجمعهم النضالات المشتركة وهو ما وسّع أفقه الوطني ليصبح مغاربيّا في مرحلة أولى ثم حسا ووعيا عروبيا شاملا حيث يرى المؤلف بأنه أدرك (ص26) إن شعوب البلدان الثلاث تعاني من نفس الداء ، ولا علاج لهذا الداء إلاّ بالتخلص من الاستعمار الفرنسي ، فترعرعت فكرته الوحدوية بين بلدان المغرب العربي في النضال . ثم ما انفك ينضج هذا الشعور لديه إلى أن خلص في وقت لاحق بأن لا أمل للعرب في الانعتاق والتقدم إذا بقيت صفوفهم مبعثرة وكلمتهم مفرقة. وهو ما جعله يقتنع بأن لا سبيل للحفاظ على هوية تونس العربية الإسلامية إلا من خلال العمل على تحرير تونس من المستعمر الفرنسي عن طريق تظافر النضال المغاربي كخطوة أولى لتحرير العرب من كل أشكال التخلف. هذه القناعات أنارت طريقه النضالي وجعلته يؤمن بضرورة وحدة الشعب التونسي بمختلف فئاته ولذلك كان على صلة جيدة مع الجميع وهو ما ساعده على لعب دورا بارزا في ولادة اتحاد الفلاحين لعلاقته الوطيدة بكل من الحبيب المولهي وإبراهيم عبد الله. كما كانت بصماته واضحة على ولادة فكرة المناداة بالاستقلال إدراكا منه بأن الشعب التونسي بأسره مستعد للتضحية ومنازلة فرنسا فكان من الداعين لمؤتمر « ليلة القدر » والذي تمت خلاله المناداة لأول مرّة وبشكل صريح بالاستقلال وكان صالح بن يوسف هو من أطلق هذا المطلب لحظة اعتقاله من قبل البوليس الفرنسي أثناء إلقائه لخطابه وعندما أدرك بأنه لن يتمكن من إتمام هذا الخطاب توجه للحاضرين سائلا: من منكم يوافق على إعلان استقلال تونس عن فرنسا استقلالا تاما؟ فهتف الحضور دون استثناء: الاستقلال، ومن بعدها تمكن المهاجمون (الشرطة) من إلقاء القبض عليه وعلى عدد كبير من الحاضرين ولذلك سمي المؤتمر بمؤتمر الاستقلال .وهذه الدعوة للاستقلال التام آمن بها وحملها معه إلى الأمم المتحدة واستطاع استمالة المجموعة العربية الآسيوية في الأمم المتحدة كما أنه استطاع إقناع بعض القوى الفاعلة في الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي لمناصرة القضية التونسية وإدراجها على جدول أعمال الجمعية العامة . ودون أن نغوص في التفاصيل وما تعرض له هذا المناضل من مظلمة من قبل رفيقه في النضال الزعيم الحبيب بورقيبة هذا ما يمكن الاطلاع عليه عند قراءة الكتاب، لكننا في هذه القراءة الموجزة نستشف ما كشفه الكاتب من خفايا حول دوره النضالي الذي بدا في فترة مبكرة والذي حوّل اختلافه مع بورقيبة من مسألة الاستقلال التام التي نادى به بن يوسف والمراحل التي تبناها بورقيبة. فهذا الكتاب يكشف الدور البارز الذي لعبه صالح بن يوسف وبقية القيادات الوطنية والنقابية ولكنهم غيبوا قصدا ممّن أوكلت لهم كتابة تاريخ تونس. هذا الكتاب يعدّ محاولة جريئة لكنها لا تخلو من بعض النقائص لعلّ أبرزها يتّصل بما هو أكاديمي ولقد أقرّ المؤلف بالنقص الفادح في المراجع والمصادر. (المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 94 بتاريخ 17 جويلية 2009)
تقرير لجامعة الدول العربية تونس من أكثر الدول العربية التي هجرتها الكفاءات
تونس/ الوطن / وكالات قال تقرير حديث صادر عن جامعة الدول العربية إن تونس إلى جانب الجزائر والمغرب أكثر الدول العربية التي « هجرتها الكفاءات « . واعتبر التقرير الذي أطلقته الجامعة العربية قبل أيام حول هجرة العمل العربية ويحمل عنوان « هجرة الكفاءات .. نزيف أم فرص » أن عدد الكفاءات المهاجرة من هذه البلدان بلغ حوالي نصف الكفاءات المولودة بالبلدان الأصلية والمقيمة بدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وتصل نسبتهم إلى 74 في المائة إذا أضيف إليهم اللبنانيون والمصريون. وأضاف التقرير أن الكفاءات المهاجرة تتمركز في فرنسا التي جمعت أكثر من 40 في المائة منهم في حين تستقبل الولايات المتحدة الأميركية 23 في المائة وكندا 10 في المائة. ونبّه التقرير إلى أن هذه الظاهرة في تنام مستمر طوال الفترات الأخيرة ويتوقع تناميها كذلك في الفترات المقبلة، حيث تضاعف عددهم خلال الفترة بين عامي 1990 و 2000 وارتفع على سبيل المثال بين ثلاثة و تسعة أضعاف بالنسبة لدول مثل اليمن وجيبوتي والسودان وبالأخص بالنسبة للموريتانيين. وقال أيضا إنه مع الاعتراف بكون هذه الكفاءات تمثل خسارة مركبة بدول المنشأ من حيث تكاليف إعدادها ومن حيث أدوارها الممكنة المطلوبة في جهود التنمية ولغياب دورها في بناء الأجيال الجديدة من الكفاءات وتطوير المراكز والخدمات العلمية، فإن أغلب المساهمات تذهب على اعتبار الكفاءات المهاجرة فرصا جديدة لنقل وتوطين المعرفة والمساهمة في تفعيل السياسات التنموية في بلدانهم الأصلية. وأشار إلى أن نسبة الأطباء المهاجرين والمقيمين بدول منظمة التعاون الاقتصادي بلغت 2،18 في المائة وهى أعلى نسبة بذلك مقارنة مع الأقاليم والدول الأخرى، فيما عدا دول أفريقيا جنوب الصحراء وتعادل على سبيل المثال حوالي 20 في المائة مرة مثيلتها من الأطباء الصينيين. (المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 94 بتاريخ 17 جويلية 2009)
الكل مع إفتاتي
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته استحضارا لمواقف الأستاذ عبد العزيز أفتاتي و نضاليته و جهاده ونظرا لما هو معروف عنه من وطنية و حب لبلاده و مواطنيهو بغض النظر عما يمكن أن يفهم مما استتبع التدخل الهمجي للأمن في حق مستشاري العدالة و التنمية بوجدة و اقتناعا منا بان الخطأ هو ما اقترفته أيدي الديمقراطية و الحرية و النزاهة و استنكارا للمواقف غير المنصفة لوزارة الداخلية مركزيا و محليا و إعلانا للتضامن المطلق مع السيد أفتاتي و مع كل ضحايا العنف اللفظي و المادي المقترف من طرف أجهزة التخلف و الظلم في هذا البلد و قبل ذلك بعد: تأكيدا للتشبث بالسيادة المطلقة للمغرب في ظل نظام حر و ديمقراطي في ظل كل هذا تم إحداث هذا العنوان الالكتروني من اجل التضامن و التعبير عن الاستنكار، و دعوة السيد أفتاتي إلى الاستمرار في النضال و الصمود من داخل حزب العدالة و التنمية بمعية إخوانه و أخواته شرفاء هذا الوطن. ما عليكم إلا كتابة رسالة عبر هذا العنوان avecaftati@gmail.com عبدالصمد إدريسي
للشاعر المبدع : أحمد مطر الثلاثاء, 13 يناير 2009 مِمَّ نَخْشَى؟! أَهْلَنَا فِي بِلادِ الْعُرْبِ مَهْلاً.. لِمَ هَذَا الذُّلُّ فِينَا قد تَفَشَّى؟!مِمَّ نَخْشَى؟ الْحُكُومَاتُ الَّتِي فِي ثُقْبِهَا،تَفْتَحُ إِسْرَائِيلُ مَمْشَى، لَمْ تَزَلْ لِلْفَتْحِ عَطْشَى،تَسْتَزيدُ النَّبْشَ نَبْشَا! وَإِذَا مَرَّ عَلَيْهَا بَيْتُ شِعْرٍ،تَتَغَشَّى! تَسْتَحِي وَهِيَ بِوَضْع ِالْفُحْشِ،أَنْ تَسْمَعَ فُحْشَا! مِمَّ نَخْشَى؟ أَبْصَرُ الْحُكَّام ِأَعْشَى. أَكْثَرُ الْحُكَّام ِزُهْدًا،يَحْسَبُ الْبَصْقَةَ قِرْشَا. أَطْوَلُ الْحُكَّام ِسَيْفًا،يَتَّقِي الْخِيفَةَ خَوْفَا،وَيَرَى الَّلاشَيْءَ وَحْشَا! أَوْسَعُ الْحُكَّام ِعِلْمًا،لَوْ مَشَى فِي طَلَبِ الْعِلْم ِإِلَى الصِّينِ،لَمَا أَفْلَحَ أَنْ يُصْبِحَ جَحْشَا! مِمَّ نَخْشَى؟ لَيْسَتِ الدَّوْلَةُ وَالْحَاكِمُ إِلَّا،بِئْرَ بِتْرُولٍ وَكَرْشَا. دَوْلَةٌ لَوْ مَسَّهَا الْكِبْريتُ،طَارَتْ، حَاكِمٌ لَوْ مَسَّهُ الدَّبُّوسُ فَشَّا. هَلْ رَأَيْتُمْ مِثْلَ هَذَا الْغِشِّ غِشَّا؟! مِمَّ نَخْشَى؟ نَمْلَةٌ لَوْ عَطَسَتْ تَكْسَحُ جَيْشَا. وَهَبَاءٌ لَوْ تَمَطَّى كَسَلاً يَقْلِبُ عَرْشَا! فَلِمَاذَا تَبْطِشُ الدُّمْيَةُ بِالْإِنْسَانِ بَطْشَا؟! انْهَضُوا…….. آنَ لِهَذَا الْحَاكِم ِالْمَنْفُوش ِمِثْل ِالدَّيكِ،أَنْ يَشْبَعَ نَفْشَا. انْهَشُوا الْحَاكِمَ نَهْشَا. وَاصْنَعُوا مِنْ صَوْلَجَانِ الْحُكْمِ رِفْشَا. وَاحْفِرُوا الْقَبْرَ عَمِيقًا،وَاجْعَلُوا الْكُرْسِيَّ نَعْشَا! *** الْأَسَى آسٍ لِمَا نَلْقَاهُ،وَالْحُزْنُ حَزينْ!!! نَزْرَعُ الْأَرْضَ،وَنَغْفُو جَائِعِينْ. نَحْمِلُ الْمَاءَ،وَنَبْقَى ظَامِئِينْ. نُخْرِجُ النَّفْطَ،وَلَا دِفْءَ وَلَا ضَوْءَ لَنَا، إِلَّا شَرَارَاتِ الْأَمَانِي،وَمَصَابِيحَ الْيَقِينْ. وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينْ،مُنْصِفٌ فِي قِسْمَةِ الْمَالِ!! فَنِصْفٌ لِجَوَارِيهِ،وَنِصْفٌ لِذَوِيهِ الْجَائِرينْ. وَابْنُهُ،وَهُوَ جَنِينٌ،يَتَقَاضَى رَاتِبًا، أَكْبَرَ مِنْ رَاتِبِ أَهْلِي أَجْمَعِينْ،فِي مَدَى عَشْرِ سِنِينْ! رَبَّنَا..هَلْ نَحْنُ مِنْ مَاءٍ مَهِينْ،وَابْنُهُ مِنَ (يَاسَمِينْ)؟! رَبَّنَا..هَلْ نَحْنُ مِنْ وَحْلٍ وَطِينْ،وَابْنُهُ مِنْ (أَسْبِرِينْ)؟! رَبَّنَا…فِي أَيَّ دِينٍ،تَمْلِكُ النُّطْفَةُ فِي الْبَنْكِ رَصِيدًا، وَأُلُوفُ الْكَادِحِينْ،يَسْتَدِينُونَ لِسَدِّ الدَّائِنِينْ؟! رَبَّنَا فِي أَيِّ دِينٍ مِلْيَارَاتُ النَّفْطِ وَالْخَيْرِ،لِعِلْجٍ حَاكِمٍ،أَوْ لِبَيْتٍ وَاحِدٍ،مِنْ بُيُوتِ الْمُسْلِمِينْ، وَلِبَاقِي الْمُسْلِمِينْ،صَدَقَاتُ الْمُحْسِنِينْ؟ رَبِّ هَلْ مِنْ أَجَلِ،عِشْرِينَ لَقِيطًا وَلُوطِيًا،خَلَقْتَ الْعَالَمِينْ؟! إِنْ يَكُنْ هَذَا،فَيَا رَبِّ لِمَاذَا،لَمْ تُكَرِّمْ قَوْمَ لُوطْ؟ وَلِمَاذَا لَمْ تُعَلِّمْنَا السُّقُوطْ؟ وَلِمَاذَا لَمْ نَجِئْ،مِنْ بَيْنِ أَفْخَاذِ اللَّوَاتِي،مِثْلَ أَوْلَادِ الَّذِينْ؟!
صحافيون في غزة يعتصمون مطالبين عباس بفتح مكتب الجزيرة في الضفة
غزة- دعا صحافيون فلسطينيون السبت الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى إلغاء قرار الحكومة في رام الله القاضي بتعليق عمل فضائية الجزيرة القطرية في الضفة الغربية. ونظم صحافيون من هيئات ومؤسسات وأطر صحافية مختلفة اعتصاما في غزة، ألقى خلاله رئيس التجمع الإعلامي صالح المصري بيانا باسم خمس جهات أشرفت على تنظيم الاعتصام أمام مكتب الجزيرة، وقال ندعو الرئيس عباس إلى التدخل والضغط على حكومة سلام فياض لإلغاء القرار والسماح لطواقم الجزيرة بالعمل بحرية، خاصة وأنها قد قررت اللجوء إلى القضاء، وبالتالي فإنه لا مبرر لمثل هذا القرار المسبق الذي يعتدي على صلاحيات القضاء. وأضاف المصري: نثمن عمل طواقم الجزيرة التي تنقل الرأي والرأي الأخر، ونؤكد أن العاملين في القناة كان لهم دورا مميزاً في نقل الجرائم الإسرائيلية ومعاناة شعبنا، وتجلى ذلك مؤخرا في الحرب على غزة، في إشارة إلى العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع في أواخر عام 2008 الماضي. وعبّرت الهيئات الخمس وهي منتدى الإعلاميين الفلسطينيين والتجمع الإعلامي الفلسطيني وكتلة الصحافي الفلسطيني والتجمع الصحافي الديمقراطي ومؤسسة الثريا للاتصال والإعلام، عن إدانتها واستنكارها لهذا القرار، مؤكدة أنه يشكل انتهاكاً فاضحاً لحرية الرأي والتعبير في الأراضي الفلسطينية. وشدّدت على ضرورة توفير الحماية للصحافيين ووسائل الإعلام واتخاذ التدابير لتمكينهم من أداء عملهم بحرية، مؤكدة أن الحق في حرية الرأي والتعبير مكفول بموجب القانون الأساسي والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومطالبة الجهات المعنية بعدم الزج بوسائل الإعلام في أية معركة سياسية. ودعت الهيئات إلى ضرورة فتح كافة المؤسسات الإعلامية الفلسطينية المغلقة في الضفة وغزة، مطالبة بالإفراج عن كافة الصحافيين الفلسطينيين المعتقلين في السجون الفلسطينية وعدم الزج بالإعلاميين والمؤسسات الصحافية في أتون الخلافات السياسية وتوفير المناخ المناسب لعملهم وحمايتهم. وكانت وزارة الإعلام الفلسطينية في رام الله قرّرت الأربعاء الماضي تعليق عمل مكتب قناة الجزيرة في الضفة عقب تغطية القناة لتصريحات رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير فاروق القدومي، التي تحدث فيها عن وثيقة يربط فيها بين الرئيس عباس والنائب محمد دحلان ووفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 17 جويلية 2009)
مؤامرة اغتيال عرفات
عبد الباري عطوان يبدو المشهد الفلسطيني هذه الأيام في قمة السوء. ففي الوقت الذي تتسارع فيه عمليات التهويد للمدن والقرى الفلسطينية وتغيير اسمائها الى العبرية، وتطالب السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية العرب بالاقدام على خطوات تطبيعية مع اسرائيل، ينشغل الرأي العام الفلسطيني بالانقسامات المؤسفة، سواء بين حركتي ‘فتح’ و’حماس’ حيث فشلت جميع جولات حوارات المصالحة، او بين قيادة حركة ‘فتح’ نفسها على ارضية تورط بعضهم في مؤامرة اسرائيلية لاغتيال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. السيد فاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية فجّر قنبلة هزت الساحة الفلسطينية بأسرها عندما اتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والنائب في المجلس التشريعي، وزير الأمن السابق، محمد دحلان بالتورط في مؤامرة الاغتيال هذه، الأمر الذي دفع بالرئاسة الفلسطينية الى اصدار بيان ينفي هذه المزاعم ويتهم السيد القدومي بالكذب، ويهدد بمعاقبته امام محكمة حركية. الكثيرون أخذوا على السيد القدومي صمته خمس سنوات قبل الافراج عن محضره الذي قال انه يوثق تفاصيل المؤامرة، مثلما ذكّروه بأنه كان من المتحمسين لانتخاب السيد عباس خليفة للرئيس الراحل في رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية، واللجنة المركزية لحركة ‘فتح’. وبرر السيد القدومي صمته هذا بأنه يعود الى خوفه من اقدام الرئيس السابق جورج بوش على الايعاز لأجهزته باغتياله، وهو تبرير يبدو ضعيفاً وأقل اقناعاً. لا يستطيع احد ان يجزم بصحة هذا المحضر وما ورد فيه، فالأمر يحتاج الى خبراء للقيام بهذه المهمة، ولكن ما يمكن الجزم به ان السيدين محمود عباس ومحمد دحلان لم يكونا على علاقة ودية مع الرئيس الراحل، بل وقفا في الخندق المقابل له في أيامه الأخيرة، وجاهرا بخلافهما معه بل وشككا في سياساته. ولكن هذا لا يعني الذهاب الى درجة التآمر لتصفيته. فهذه تهمة خطيرة لا يمكن الاقدام عليها دون وجود ادلة وأسانيد دامغة وموثقة، وهي غير موجودة حتى الآن على الاقل. ‘ ‘ ‘ الرئيس عرفات لم يكن راضياً عن ‘نحت’ منصب رئيس الوزراء على مقاس السيد عباس. واعتبر ذلك محاولة لإزاحته من منصبه، ونزع معظم صلاحياته كرئيس، ان لم يكن كلها، خاصة ان من كان يضغط في هذا الاتجاه الولايات المتحدة الامريكية والدول المانحة، حيث ان الخيارات امام الرئيس عرفات كانت محدودة في امرين اثنين: اما القبول بالسيد عباس رئيساً للوزراء، او وقف كل المساعدات المالية لسلطته في رام الله. ففضل الخيار الأول على مضض لكسب بعض الوقت. وجاءت الضربة القاتلة الثانية عندما أصرت الولايات المتحدة على تعيين السيد سلام فياض وزيراً للمالية، ومرور جميع المساعدات من خلاله، ووضعها تحت اشرافه، وكف يد الرئيس عرفات مالياً، بحيث اصبح يتلقى مصاريف مكتبه من السيد فياض عبر ميزانية محدودة، وهو الرجل الذي كان يتحكم بمئات الملايين من الدولارات وعشرات الحسابات السرية. ولم يكن من قبيل الصدفة ان يصف الرئيس عرفات خصمه السيد عباس بأنه ‘كرزاي فلسطين’، فقد بلغ التنافر بين الرجلين درجة متدنية بحيث لم يكن بينهما أي حوار او اتصال فعلي. المشكلة الآن ليست في تحديد الجهة التي اغتالت الرئيس الراحل، وانما كيفية تنفيذ هذا الاغتيال ايضاً، فمن المعروف ان ارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق لم يخفِ نواياه في التخلص من خصمه الفلسطيني العنيد، الذي رد على تدنيسه للمسجد الأقصى المبارك بتفجير الانتفاضة الثانية، وتشكيل كتائب شهداء الأقصى التي ردت لحركة ‘فتح’ كرامتها المهدورة من خلال اتفاقات ‘اوسلو’ المهينة. والسؤال هو عما اذا كانت هناك ادوات فلسطينية قد سهلت عملية الاغتيال هذه، ام ان المخابرات الاسرائيلية هي التي نفذت المهمة لوحدها؟ ‘ ‘ ‘ واللافت ان السلطة الفلسطينية لم تطلب مطلقا اجراء تحقيق دولي محايد ومستقل حول هذه الجريمة، ونوع السم الذي استخدم للقضاء على الرئيس الراحل، تماما مثلما طالبت الحكومة اللبنانية بتحقيق مماثل في عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري. علينا ان نتذكر ان اسرئيل اغتالت عشرات ان لم يكن مئات الشرفاء من قادة حركة ‘فتح’، ابتداء من شهداء مجزرة فردان الثلاثة (كمال ناصر وكمال عدوان ابو يوسف النجار) ومرورا بالشهيد خليل الوزير (ابو جهاد) وانتهاء بالرمز ياسر عرفات، مثلما اغتالت شهداء حركتي ‘حماس’ و’الجهاد’ مثل الشيخ احمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وفتحي الشقاقي. وحاولت اغتيال السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة ‘حماس’ بالسم الكيماوي في العاصمة الاردنية عمان. الدكتور اشرف الكردي طبيب الرئيس عرفات الخاص اكد في اكثر من مقابلة تلفزيونية ان مريضه مات مسموما، وطالب بفتح تحقيق لمعرفة اسباب وفاته، ولكن طلباته هذه لم يستجب لها احد، بل علمنا ان ‘جهة ما’ طلبت منه الصمت التام وعدم التطرق الى هذا الموضوع مطلقا. ويبدو انه تجاوب مع هذا الطلب التهديدي، ولم يسمع عنه احد منذ سنوات. ‘ ‘ ‘ الخطورة ان هذا التراشق بالاتهامات بين السيد القدومي وخصمه السيد عباس يأتي قبل عشرين يوما من انعقاد المؤتمر العام لحركة ‘فتح’ في بيت لحم، بحضور اكثر من الف وخمسمئة مندوب من داخل الارض المحتلة وخارجها. فكيف سيكون وضع المؤتمر، ومناقشاته، وانتخاباته، في ظل هذا الوضع المؤسف؟ انعقاد المؤتمر في بيت لحم، اي تحت حراب الاحتلال سيعطي اليد العليا للسيد عباس وانصاره في رام الله الذين يعارضون الكفاح المسلح، و’ينبذون العنف’، ويعتبرون المقاومة ‘ارهابا’، ويتبنون المفاوضات كطريق وحيد للوصول الى الحقوق الوطنية المشروعة، وهكذا لن يبقى امام معارضي هذا التوجه من امثال السيد قدومي غير البحث عن تنظيم آخر يضمهم وحدهم، اي محاولة انشقاقية اخرى. الصورة حالكة السواد، وتصرفات السلطة تعكس ارتباكا غير مسبوق، احد ابرز وجوهه تعليق عمل مكتب ‘الجزيرة’ بقرار من رئيس الوزراء سلام فياض، ودون التشاور مع المتحدث باسمه الدكتور غسان الخطيب، الذي اعتبره خطأ وطالب بالتراجع عنه. حتى ان هناك من يعتقد ان السلطة استغلت معالجة ‘الجزيرة’ لموقف السيد القدومي ذريعة لاغلاق مكتبها، مما يحول دون تغطيتها لاعمال مؤتمر ‘فتح’ المقبل وما يجري فيه من خلافات. المشاركون في مؤتمر ‘فتح’ العام المقبل يتحملون مسؤولية اعادة ترسيخ ثوابت الحركة واعادتها الى ينابيعها الاولى، كحركة مقاومة تحملت مسؤولية قيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني لأكثر من اربعين عاما، واجراء عملية فرز واضحة بين من هو ملتزم بهذه الحركة ومبادئها، ومن يريد ان يوظفها في خدمة المخططات الاسرائيلية والامريكية. والأهم من ذلك كله الاصرار على اجراء تحقيق دولي مستقل لمعرفة كيفية اغتيال مؤسس حركتهم، ومن يقف خلفها، ومن تورط فيها.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 17 جويلية 2009)
جبريل الرجوب لـ (الشروق): غيّبوا عرفات… لكنهم لن يدفنوا لغز رحيلـه!
* تونس ـ الشروق: حوار النوري الصّـل أعرب اللواء جبريل الرجوب، القيادي الفلسطيني البارز وعضو المجلس الثوري في حركة فتح في حديث لـ الشروق على هامش زيارته الى تونس عن أمله في أن تزول الضجّة التي أثارتها اتهامات فاروق القدومي (أبو اللطف) لعبّاس ودحلان قريبا لما لها من انعكاسات على فتح وعلى المشروع الوطني الفلسطيني. ولم يخف اللواء جبريل الرجوب في هذا الحوار مع الشروق التي كانت أول صحيفة عربية التقته بعد خروجه من السجن اثر الانتفاضة، استياءه من تصريحات أبو اللطف ووصفها بأنها كانت خارج السياق القادر على خدمة القضايا الفتحاوية والوطنية معتبرا أنه كان الأولى مناقشتها في الأطر التنظيمية وليس في وسائل الاعلام لكنه أكّد أن المصلحة الوطنية تقتضي اختفاء هذا الموضوع من جدول أعمال وسائل الاعلام لأنه يشكل ـ برأيه ـ عامل إحباط للشعب الفلسطيني الذي يواجه الاحتلال بصدور أبنائه العارية. وحثّ القيادي الفلسطيني في هذا الاطار الأمّة العربية على العمل من أجل اعفاء الشعب الفلسطيني من كل التجاذبات والمساعدة على إنجاز وحدة الوطن الفلسطيني والشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية خلف برنامج سياسي مقنع وليس خلف خطاب عدمي يصب في خانة مصالح هذا القطر أو ذاك النظام. مشروع الاستقلال وأضاف نحن نتطلّع اليوم الى انهاء الاحتلال وانجاز مشروع الاستقلال بامكانياتنا المحدودة ولكن بإرادتنا التي لا تعرف الحدود. وفي ردّه على سؤال حول فرص نجاح المؤتمر العام السادس لحركة فتح المرتقب بعد أيام في ترميم بيت ?فتح? وإعادة اللحمة إليها أكّد اللواء جبريل الرجوب ان هذا المؤتمر هو استحقاق تنظيمي ووطني وأنه المدخل السليم لتصويب الأوضاع الفتحاوية باتجاه توفير شبكة أمان لصالح مشروع الدولة والاستقلال الذي قامت عليه حركة ?فتح? وقدّمت من أجله عشرات الآلاف من الشهداء والأسرى والجرحى. وأكّد في هذا الاطار تطلّعه الى وحدة الجهد الفتحاوي للخروج بقيادة فتحاوية وطنية تصدّ وتفشل أي محاولات لاحتلال إرادة فتح إذا ما نجح بعض أصحاب الأجندات الشخصية المشكوك في ولائهم الوطني والتنظيمي باختراق فتح. وأعرب عن أمله في أن يكون هناك ادراك لمسؤوليات ضبط الأداء والسلوك الفلسطيني باتجاه مؤتمر يخرج بآليات استنهاض للحركة وطاقاتها وإمكانياتها… وأضاف لدينا في اليوم الثاني للمؤتمر ثلاثة ملفات تستدعي إدارتها بما يضمن حماية المسيرة الفلسطينية. وأوّل هذه الملفّات في رأي الرجوب هو الوحدة مؤكّدا أنه لا حل الا بالحوار والتوافق على برنامج سياسي يقبل بفكرة الدولتين كمفهوم واضح وتوحيد مفهوم المقاومة كوسيلة لانهاء الاحتلال في المناطق المحتلة وبكل أشكالها وحسم تعدّد السلطات من خلال ميليشيات فصائلية وحسم مفهوم الشراكة السياسية. وأضاف أن الوحدة الوطنية هي كلمة السرّ لانجاز الاستقلال الوطني الذي تلوح في الأفق بوادر ايجابية لتحقيقه. أما الملف الثاني الذي سينظر فيه مؤتمر فتح فهو ملف تصويب العلاقة مع المحيط الاقليمي والعربي والدولي لضمان تفعيله على قاعدة برنامج سياسي يتناغم مع الشرعية الدولية ويحظى بقبول النظام الرسمي العربي والشرعية الدولية. ويتعلّق الملف الثالث، بحسب اللواء جبريل الرجوب، بالاحتلال وطريقة إدارة المعركة معه في ظل وجود حكومة يمينية فاشية لا تقبل بمبدإ وجود الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره. إدارة المعركة وأكّد أن إدارة المعركة بمفاهيم وآليات وطواقم بشرية متفق عليها وطنيا هي الضمانة لحماية الثوابت الفلسطينية والقيام بتحرّك سياسي مدعوم من كل القوى السياسية. وشدّد في هذا الاطار أن هذه الملفّات تحتّم على الفتحاويين العمل بقلب رجل واحد والانطلاق باتجاه مؤتمر توحيدي استنهاضي. وفي ردّه على سؤال الشروق حول ما إذا كانت ثوابت عرفات التي تطرّق إليها في معرض حديثه هذا لا تزال ثابتة اليوم في ضوء إصرار السلطة على نهج التفاوض والعملية السياسية مع الكيان الاسرائيلي شدّد اللواء جبريل الرجوب على أن أبا عمّار كان ولا يزال وسيبقى الزعيم الأهم في تاريخ الشعب الفلسطيني فهو مفجّر الثورة المعاصرة بامتياز وحامل الهم الوطني على مدار 40 عاما بامتياز وحامي الثوابت الوطنية ومكرّس مفهوم الكبرياء والهوية الوطنية الفلسطينية مستبعدا أن يكون رئيس السلطة محمود عبّاس بشكل مباشر أو غير مباشر خارج إطار دور ياسر عرفات التاريخي ومكانة أبو عمار وصون الثوابت الفلسطينية. وأكّد أنه واثق بأن رحيل ياسر عرفات كان بالنسبة الى عباس مأساة مزدوجة كرفيق درب وكقائد وأيضا كحامل للأماني التي لا يقوى على حملها سواه. وفي إجابته عن سؤال حول سر وفاة ياسر عرفات وهو (الرجوب) الذي كان ممسكا بالملف الأمني في عهد الزعيم الراحل أوضح القيادي الفلسطيني أن غياب أبي عمار سيبقى بالنسبة الى الفلسطينيين لغزا يجب حلّه مؤكّدا أن رحيله خلق كوارث في الساحة الفلسطينية. وامتنع الرجوب عن الخوض في تفاصيل هذا الموضوع لكنه أكّد أن التحقيق مفتوح الى الأبد لكنه قال إنه لا يشك لحظة واحدة في أن أبا عمار غيّبوه. (المصدر: النشرة الإلكترونية لجريدة الشروق التونسية يوم الاربعاء 17 جويلية 2009)
دحلان يشتم القدومي ويتهمه بـ التنسيــــق مع حمــــــــــاس
* رام الله ـ القاهرة (وكالات): قالت مصادر مقربة من محمد دحلان القيادي في حركة فتح انه شتم رئيس الدائرة السياسية في فتح فاروق القدومي إثر اتهامه له ولرئىس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالمشاركة في اغتيال ياسر عرفات. وذكرت المصادر ان دحلان الذي يتهمه خصومه بإقامة علاقات وثيقة مع الصهاينة طلب من قيادة حركة فتح التحقيق في اتهامات القدومي ملمحا الى ان رئيس الدائرة السياسية لـ فتح ينسق مع حركة حماس التي كما قال ـ اقترب معها في الموقف السياسي. تنسيق وأضاف دحلان، حسب ما نقلته عنه المصادر ان ما صدر عن القدومي في عمان ربما يكون بالتنسيق بينه وبين قيادة حماس في دمشق. وأفادت المصادر ان دحلان اتهم القدومي بأنه يحاول شق حركة فتح وإجهاض منظمة التحرير لصالح حماس وفي تصريحات أوردها موقع دنيا الوطن الفلسطيني عقب دحلان على تصريحات أبي اللطف قائلا يبدو ان تقدمه في السن وراء هذا الكلام. وفي هذا الاطار ذكرت مصادر اعلامية ان عددا من قادة فتح الموالين للرئىس عباس يسعون الى إصدار قرار خلال المؤتمر المقرر عقده في الرابع من أوت القادم في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية يجرد القدومي من عضوية الحركة. لكن في المقابل قلّل مسؤول رفيع في الحركة من تأثير القرار، في حال صدوره، على القدومي الذي كان قد أكد أنه لا يستعد لخوض غمار الانتخابات ولا المشاركة في المؤتمر… وتوقّع المسؤول ان يخرج القدومي بمؤتمر صحفي في يوم انعقاد مؤتمر فتح ليعلن عدم علاقته به وكذلك عدم التزامه بأي قرارات قد يتخذها المؤتمر بما فيها عدم اعترافه بقيادة الحركة الجديدة. حلف القدومي.. وقال المسؤول ان غالبية اعضاء حلف القدومي تخلو عنه وتركوه لصالح التقرب من عباس خشية من غضبه عليهم باستثناء الجنرالين نصر يوسف ومحمد جهاد… لكن المسؤول أشار في الوقت نفسه الى ان التقرّب من أبي مازن لا يعني عدم خوض المشاركين في المؤتمر في مناقشة ملفات خلافية كبيرة لم تفتح من قبل داخل أطر الحركة القيادية . وحسب المصادر فإن جدول أعمال المؤتمر سيكون زاخرا بعدة قضايا ستفجر خلافات شديدة داخل اركان القيادة بينها فشل الحركة في الانتخابات التشريعية وسيطرة حماس على غزة. وذكرت المصادر ان معاوني عدد من القادة البارزين بدؤوا في عقد اجتماعات ومشاورات داخلية أشبه بـ ?خلايا النحل للاستقرار على أسماء مرشحيها الذين يستعدون لخوض الانتخابات لكن، حسب مسؤولين في المجلس الثوري فإن أيا من هذه القيادات لم تستقر بعد على أسماء مرشحيها وذلك بسبب عدم استقرار الحركة على عدد أعضاء المجلس الثوري والمركزية الجديدة حيث تحدثت تقارير عن اقتراح بزيادة أعضاء المجلس الثوري من 121 الى 151 عضوا. وقال احد أعضاء المجلس الثوري ان ما يحول دون تسمية القوائم والمحاور هو بروز خلافات جديدة طرأت على علاقة حلفاء الأمس. (المصدر: النشرة الإلكترونية لجريدة الشروق التونسية يوم الاربعاء 17 جويلية 2009)
القرضاوي في حوار حول أحدث كتبه « فقه الجهاد »
إسلام عبد العزيز، عبد الله الطحاوي
« الأمة موجودة وحية، وإن افتقرت للوجود السياسي الواقعي، لكنها كائنة داخل الضمير والثقافة والاعتصام حول قضاياها المركزية.. الأمة لم تغب، ولن؛ لأنها مستودع الرسالة والأمانة، وهي التي تعقد الإجماع، وتعكس إرادتها ضمير الإسلام، فكيف تغيب عن بال الفقيه ووجدانه وإن غابت عن الجميع، ولذا ينبغي أن تكون حاضرة حين يبني الفقيه فتواه، خاصة فيما يسمى فتاوى الأمة، وأهمها فتاوى الجهاد ». بهذه الحقائق المتأصلة في نفسيته كفقيه أكد القرضاوي في حواره مع « مدارك » رؤيته الفقهية التي تنساب فتاواه لتعبر عنها في شفافية ووضوح. القرضاوي الذي أثار كتابه الأخير « فقه الجهاد » بعضا من اللغط أثناء عرضه على صفحات إحدى الجرائد المصرية المستقلة، يرد في هذا الحوار الجزء للكل، والخاص للعام، حتى يستقيم المعنى، ويسلم الرأي. فالكتاب صيغ بأسلوب الفقهاء الذي أحيانا ما يلتبس على البعض فهم وفك بعض إشاراته، ولذا جاءت عبارات القرضاوي في هذا الحوار واضحة جلية، لتؤكد أن مفهوم « الأمة » هو المفهوم الأساس في مثل تلك المعالجات الكلية لما يسمى بـ »فتاوى الأمة ». ويتناول الحوار كذلك قضايا أخرى خاصة بمفهوم الجهاد واتساع مداراته الفكرية والاجتماعية، ومنها الجهاد المدني، حيث يرى الشيخ ضرورة أن تفتح المجالات لذلك الجهاد؛ لتستطيع الأمة أن تعبر وتعبئ طاقاتها. أيضا يرصد الحوار مشروعات القرضاوي العلمية المسقبلية، بما يفتح الباب أمام جمهور مدارك للتعرف على خارطة القرضاوي المستقبلية. * لنبدأ مباشرة بالعبارة التي أثارت اللغط في كتاب الجهاد، وهي قولكم: « الواجب على المسلمين اليوم الجهاد لتحرير فلسطين بالتضامن، وهم مسئولون أمام الله وأمام التاريخ والأجيال عن ذلك، وقد يستثنى من ذلك البلاد التي عقدت اتفاقيات مع إسرائيل، فتعد بالنسبة إليها دار هدنة أو موادعة، وإن كنا نرى أن القضية لا تتجزأ، ولا يسوغ فيها الاتفاق المنفرد أو الصلح المنفرد؛ لأنه يعود على القضية الكلية بالضرر ».. جريدة المصري اليوم أخذت هذه العبارة وصنعت منها عنوانا لخبر مفاده أن القرضاوي يستثني الدول الموقعة على اتفاقات مع إسرائيل من تحرير فلسطين.. ما ردكم؟ ** لا يمكن أن أقول هذا أبدا، ولم أستثن أحدا من الدفاع عن فلسطين، فهذا يناقض فكرة الكتاب وينسفها من الأساس، وأريد ان أنوه إلى نقطة مهمة، وهي أن استعمار إسرائيل لفلسطين هو استعمار استيطاني إحلالي، يختلف عن أي استعمار آخر، فهناك استعمار يلبث بضع سنين ثم يرحل بعد أن يستنزف خيرات البلاد، ولكن إسرائيل لا تنوي الرحيل أبدا عن فلسطين، بل تعتبرها أرضها الأبدية، مثلها في ذلك مثل فرنسا في استعمارها للجزائر، والتي اعتبرت أراضي الجزائر كاملة جزءا لا يتجزأ من فرنسا. والاستعمار الإسرائيلي إحلالي بمعنى أنه يطرد أهل البلاد ليحل محلهم، وقد قام بالفعل بتشريد الفلسطينيين وأخذ بيوتهم، وأولى قضايا الجهاد المعاصر بلا شك هي قضية فلسطين التي اغتصبها اليهود جهارا نهارا، وفرضوا عليها أنفسهم بالحديد والنار وشردوا أهلها من ديارهم وشتتوهم في أنحاء العالم، ولا نزاع أن هذه هي قضية المسلمين الأولى التي لا يختلف عليها اثنان. التحرير الفقهي * قولكم هذا يثير إشكالية مهمة، وهي افتقاد الأمة الآن لتحرير شرعي مناسب من فقهاء المسلمين لفهم طبيعة الاستعمار الإسرائيلي لفلسطين، وماهية إسرائيل من الوجهة الشرعية، وبالتالي الفقيه وفهمه لهذا التحرير الشرعي والسياسي والتاريخي للمسألة يجعله قريبا من وضع رؤى شرعية منضبطة لهذا الأمر.. هل توافق على ذلك ؟ ** لا أعتقد ذلك، والأمر واضح عندنا نحن الفقهاء تماما.. إسرائيل اغتصبت أرضا إسلامية ولم يكن لها فيها أي حق، ولذلك يجب شرعا أن تُطرد، وبالنسبة للدول التي أبرمت صلحا معها إذا كان معناه الاعتراف بشرعية اغتصابها فهو غير مقبول، أما إذا كان الصلح بمعنى الهدنة فنحن نوافق عليه، لفترة من الزمن تقصر أو تطول، يكف فيها الطرفان عن الحرب وتحقن الدماء، ويسود فيها الأمن. أما مثلا مبدأ الأرض مقابل السلام فهو مبدأ غريب حقا، فرضه منطق القوة الغاشمة للعدو، لا غير؛ لأن الأرض أرضنا لا أرضه حتى يتفضل بتنازله عنها مقابل سلامه هو. وعلى مستوى مسألة التعامل مع الاستعمار الإسرائيلي بشكل عام فقد حدث بيني وبين عدد من العلماء مثل فضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله مناقشات في هذا الشأن ضمنت في كتابي « فتاوى معاصرة ». وأنا أريد أن أؤكد على أن فهم الواقع وتصوره تصورا صحيحا هو أساس الفتوى الصحيحة في مثل تلك الأمور.. فمثلا هناك في موضوع فلسطين بعض الآراء الشاذة، مثل قول الشيخ الألباني بوجوب هجرة أهل فلسطين من أراضيهم والسياحة في العالم بسبب الظلم الواقع عليهم من اليهود في أرضهم مستشهدا بالآية: « إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا »، وهذا رأي شاذ لا ينسحب على وضع أهل فلسطين، فالأرض أرضهم من قديم الأزل، وقد استولى اليهود عليها، ومن ثم يجب الثبات في الأرض والمقاومة بشتى السبل، حتى ولو تحولت الأرض كلها لمقبرة لا يخرج منها أبدا. وأنا أعتقد أن مثل هذه الفتاوى نابعة عن سوء فهم للواقع، ومن ثم تصويره على غير حقيقته، وإذا أسقطنا الأمر على قضية الصلح مع إسرائيل، فالواقع يقول إن الصلح وتوقيع الاتفاقيات معها يعد اعترافا ضمنيا بشرعية احتلالها لأراضي المسلمين، والصلح أيضا يقضي على حقنا في المطالبة باسترداد هذه الأراضي، وهو أمر لا يجوز شرعا. هناك فرق بين أن نغلب على أمرنا فنرضى بالأمر الواقع، وبين أن نعترف به ونعطيه الشرعية، وأنا أرى -ومهما مر الزمن- أنه لن يسقط عن الصهاينة صفة الغزاة المحتلين المستعمرين، وأن مضي السنين لا يغير الحقائق، ولا يحل الحرام ولا يبرر الجريمة، ولا يعطي الاغتصاب صيغة الملكية المشروعة بحال، وستظل المعركة قائمة بيننا وبينهم مادامت الأسباب قائمة، وسيظل الصلح مرفوضا إذا كان مبنيا على الاعتراف بأن ما اغتصبوه من أرض حق لهم، إذ لا يملك أحد أن يتنازل عن أرض الأمة. وأعتقد أن جزءًا من اللبس واللغط في فهم كتابي « الجهاد » جاء بسبب عدم تفصيلي لمسألة الصلح مع إسرائيل شرعا، والمناقشات المعمقة التي قمت بها مع إخواني العلماء في تلك القضية، فهي التي كانت ستحرر المسألة فقهيا على الوجه الأمثل، ولكني اكتفيت بإشارات بسيطة على عدم جواز الصلح مع إسرائيل، ولذلك قررت أن أضع هذه المسألة تفصيليا والمناقشات المتعلقة بها في ملاحق تصدر مع الكتاب في طبعته الثانية بإذن الله؛ لأن التغيير في المتن قد يفرز مشكلا آخر. * هل ترى أن هذه معركة دينية بيننا وبين الصهاينة؟ ** هناك طابع ديني للمعركة، فالمعركة إن كانت من أجل الأرض لها بواعثها وأهدافها الدينية، فكل معركة يدخلها المسلم للدفاع عن حق أو لمقاومة باطل أو لإقامة عدل أو للثورة على ظلم فهي معركة دينية؛ لأنها معركة في سبيل الله. والإسلام يوجب التضامن للدفاع عن أرض الإسلام، ويعتبر ذلك من أقدس أنواع الجهاد، كما يعد من قتل في ذلك شهيدا، وإذا هجم العدو على بلد من بلاد المسلمين، أو خِيف هجومه، وبدت بوادره وهذه الحالة تُسمَّى (النفير العام)، وهو: أن يُحتاج إلى جميع المسلمين عند دخول الكفار واحتلالهم لأرض إسلامية، أو تهديدهم لها -وتوقع خطرهم عليها- فلا يكتفى ببعض المسلمين من أهل هذا البلد عن الآخرين، بل يهبُّون جميعا لمقاومة الغزو، بحسب الإمكان، كل بما يقدر عليه، ولا يجوز لقادر التخلُّف عن المشاركة في المقاومة. مفهوم الأمة * فضيلتكم بهذا المعنى تؤطرون لمفهوم الأمة.. فهل يعي الفقيه المعاصر الوضع الجديد الذي دخل فيه العالم الآن من تفكيك للدول العابرة، وظهور الدولة القومية القطرية؟ وهل يجب أن ينسحب هذا التغير الذي مس الجغرافيا والسياسة على الفقه والفتوى؟ ** الأمة موجودة وحية، وإن افتقرت للوجود السياسي الواقعي، لكنها كائنة داخل الضمير والثقافة والاعتصام حول قضاياها المركزية.. الأمة لم تغب، ولن؛ لأنها مستودع الرسالة والأمانة، وهي التي تعقد الإجماع، وتعكس إرادتها ضمير الإسلام، فكيف تغيب عن بال الفقيه ووجدانه، وإن غابت عن الجميع، ولذا ينبغي أن تكون حاضرة حين يبني الفقيه فتواه، خاصة فيما يسمى فتاوى الأمة، وأهمها فتاوى الجهاد. أما قضية المتغيرات وتبدل الأحوال فلا تنسحب على الجوهر والأصل والتعريف، وكل تلك الحالات معتبرة في الشرع، ومع ذلك يجب أن يكون الفقيه على وعي بتلك المتغيرات، وأن تراعي الفتوى تغير بعض المفاهيم مثل الخلافة، حيث تحال إلى المقصد والغاية، لا إلى الشكل كما فعل حزب التحرير مثلا. وخلاصة القول إن مفهوم الأمة كما قلت -وإن كان غائبا على مستوى الواقع السياسي- يجب أن يكون حاضر في أحكام الفقيه وفتاواه. الجهاد المدني * من المعروف أنكم من زمن بعيد تبنيتم مفهوم الجهاد في إطار واسع ومن أبواب متعددة.. كيف ترى مفهوم الجهاد المدني؟ وما موقعه في خريطة التأصيل الشرعي؟ ** الجهاد المدني لا يقل أهمية عن الجهاد العسكري، بل ربما فاقه في كثير من الأحيان، وأبرز دليل على ذلك ما روي من أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج معه للجهاد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألك أبوان؟ قال: نعم، قال النبي: ففيهما فجاهد، فهذا كله جهاد حتى لا نظن أن الجهاد هو العمل العسكري فقط. وسبق أن قلت عن مشروع « إسلام أون لاين » في 4/10/ 1999 إن هذا هو جهاد العصر، فلم يكن المسلمون الأوائل يملكون لنشر الإسلام حيلة سوى القتال، وذلك لأنه كان من المستحيل أن يسمح لهم أحد أن يدخلوا بلاد كسرى وقيصر ويسمعهم الناس وهم يدعون إلى دعوة جديدة. * لكن هذا الأمر قد يأخذنا إلى قضية وجود الدعاة المؤهلين لنشر الإسلام في البلاد الأخرى كنوع من الجهاد المدني.. ما تقييمك لهذه المسألة؟ ** مع الأسف ليس عندنا واحد في الألف من الدعاة المدربين لأداء مهمتهم الدعوية لنشر الإسلام في بلاد أخرى على الوجه الأمثل. هذه القضية تفجر عندي مصطلح، وهو « الحياة في سبيل الله ».. لو طلبت 10 ليموتوا في سبيل الله يأتيك مائة، وقد يأتيك ألف، أما لو طلبت 100 ليعيشوا في سبيل الله يأتيك على الأكثر 10، وذلك لأنهم يحسنون الموت ولا يحسنون الحياة. وأنا قلت لإخواننا في أفغانستان: لقد أحسنتم أن تموتوا في سبيل الله، أما آن الأوان أن تعيشوا في سبيل الله، وها هي مشكلة أفغانستان لم تحل حتى الآن، وذلك لأنهم لم يحسنوا الحياة في سبيل الله. لقد حكى لي أحد الدعاة قصة حدثت له في إحدى قرى جنوب السودان، يقول: حين رأى أهل القرية السيارة التي جئنا بها هرولوا إلى بيوتهم خوفا منها؛ لأنهم لم يعتادوا إلا ركوب الحيوانات للانتقال، وبعد محاولات من جانبنا لطمأنتهم أنسوا إلينا وجلسوا يتحدثون معنا، وبينما نحن نتحدث مع القوم إذا بجرس يدق، فسألناهم ما هذا قالوا هذا جرس « أبونا » الذي يأتينا مرتين في الأسبوع، ورأى محدثي « أبونا » هذا يركب الدراجة ومعه حقيبتان، الأولى بها أدوية مختلفة، والأخرى بها « بونبوني » للأطفال، وبعد أن يوزع الأدوية على الناس كل حسب حاجته ويعطي الحلوى للأطفال يجلس ويجمعهم حوله ليحكي لهم بعض الحكايات، وبالطبع هي حكايات عن المسيح والعذراء، يفعل هذا مع 40 قرية كل أسبوع، اقترب أصدقائي منه وسألوه عن بلده فقال من بروكسل، ودار بينهم الحوار التالي: * منذ متى وأنت في بلادنا؟ – منذ 30 سنة. * كم مرة زرت بلادك خلال تلك المدة؟ – لم أزرها مطلقا منذ ثلاثين عاما. * متى تعود؟ – لن أعود، فهنا وطني، وهنا عيشي، وهنا أحيا، وهنا سأموت وأدفن. وأنا أقول: انظر إلى هذا الذي ترك بروكسل حيث المدنية والكهرباء والأزرار الأوتوماتيكية ليعيش في بلاد لم تر سيارة في حياتها، وذلك كله من أجل نشر الباطل، فهل عندنا من هو مستعد لأن يفعل ذلك من أجل الحق؟ في العالم اليوم 4 ملايين وسبعمائة وخمسون مبشرا، فكم نملك نحن من المبشرين بالإسلام العاملين من أجله. القراءات الحداثية * نعتقد أن جزءا من التباس مفهوم الجهاد وقصره على معناه الشائع نابع من إشكالية في التعامل مع النص القرآني، وهناك محاولات كثيرة جدا لمقاربة هذا النص، ولعل أخطرها بعض القراءات الحداثية للقرآن، ذلك لأنها تصل إلى النقيض من هذا المعنى الشائع، فهل ترى ضرورة وجود ردود قوية وموضوعية على مثل تلك القراءات؟ ** نعم لابد منها.. ضروري أن يكون هناك علماء ومجتهدون باستطاعتهم الرد على تلك التجاوزات، ولكن للأسف هذا هو ما ينقصنا، وقد قام اثنان من العلماء بالفعل بالرد على أحد أصحاب تلك القراءات الحداثية، ولكن كانت ردودهم في غاية من الضعف والتهافت، فأعطوا شرعية أكثر لأقواله وقوة أكبر لحجته، وكانا بكل أسف من أكابر العلماء المتخصصين، وهما د. عبد الصبور شاهين ود. عبد المعطي بيومي. وقد سمعت مؤخرا واحد من هؤلاء المجترئين على علم التفسير يأتي بتفسير جديد لسورة القدر، حيث فسر آخر آية في السورة « سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ » بأنه ليس الفجر الذي نعرفه « أول الصبح »، ولكنه الانفجار الكوني.. هذا عبث عندما يبرز أي شخص ويقول ما يريد في علوم الدين. * ولكن دعنا نوضح أن أحد هؤلاء وأثناء حوار لنا معه وجدناه، بطبيعة تخصصه الهندسي، يدخل المنهج الرياضي التحليلي في تفسير القرآن بصفته معطى من معطيات العلم الحديث، وله آراء في قضية المواريث مثلا، تقول بوجوب تساوي الذكر مع الأنثى باعتبار المجموع، بالمخالفة للنص القرآني الصريح، وكذلك آراؤه في مسألة الحدود، وفهمه لطبيعة الحد. ** كما قلت لك من قبل إن الدين لم يأت لنا هذه الأيام، ولكنه نزل منذ أربعة عشر قرنا من الزمان، ووضحه لنا الرسول واجتهد الصحابة والتابعون من بعده، واجتمعت الأمة على عدد من الثوابت لا يصح أن يأتي أحد ليخرج عليها تحت أي مبرر، فإجماع الأمة معصوم في مجمله. هذا الكلام وتلك الادعاءات يجب أن ترفض بشكل قاطع، والمنهج الرياضي ليس مناسبا لفهم القرآن الذي نزل بلغة عربية واضحة لا تحتمل اللبس، القرآن فُهم وعُرف، فلا يأتي أحد ويدعي أنه أفهم من ابن عباس والطبري وابن كثير وغيرهم من عمالقة التفسير. نعم.. نفهم أن هناك بعض اللمحات واللقطات التي قد تكون جديدة ويأتي بها العالم من داخل النص القرآني، ولكنها تكون داخل إطار هذا النص لا تغير الثوابت ولا تتصادم معها، وتلك عظمة النص القرآني وحقيقة ملاءمته لكل زمان. * لكن في المقابل هناك من يقول بأن علم التفسير يحتاج إلى جهد مستمر كل فترة.. فهل أنت راض عن مستوى علم التفسير في الأمة اليوم في ظل التطورات المتلاحقة في العالم؟ ** نعم أعتقد ذلك، ولدينا جملة من التفسيرات القرآنية التي قام بها بعض المحدَثين من أمثال الشيخ محمد عبده والشيخ رشيد رضا وجمال الدين القاسمي وابن عاشور، وتفسير ظلال القرآن تفسير ممتاز لولا بعض الغلو فيه، ولكنه يعطي مقاربة جيدة للقرآن من نواح عدة، ولا أعتقد أن هناك اليوم حاجة لتفسير جديد للقرآن. * هل فكرت فضيلتكم في خوض تجربة تفسير القرآن؟ ** عندما ذهبت إلى قطر عرض علي قاضي القضاة هناك الشيخ عبد الله المحمود أن أكمل تفسير المنار على طريقة الشيخ رشيد رضا، وتعهد بتهيئة كل الأسباب وتذليل العوائق لي، غير أني تهيبت الموضوع حينها، ولكني الآن أريد أن أنجز تفسيرًا للقرآن على هامش المصحف على طريقة « تفسير الجلالين »، بحيث لا يستغرق مني أكثر من سنتين، وهو تصور أريد الانتهاء منه قبل رحيلي من هذه الدنيا. الحوار الديني والمذهبي * ما نظرة فضيلتكم لمسيرة الحوار الإسلامي المسيحي؟ ** كان ثمة حوار ممتد، ولكننا جمدناه بعد ما حدث من البابا، وبالمناسبة واقع الحال يشهد أن الحوار مع هؤلاء الناس لا ينتفع المسلمون منه بشيء، وإنما ينتفعون هم وحدهم، تماما كالحوار مع الشيعة، لا ينتفع السنة منه بشيء وإنما ينتفع الشيعة وحدهم، وأذكر أنه بعد إحدى جولات الحوار مع الشيعة فوجئنا بقيامهم بافتتاح حسينيات كثيرة في بلاد سنية، ولما سألناهم لم فعلتم ذلك، قالوا إننا اتفقنا في حواراتنا أننا سنة وشيعة شيء واحد، وهكذا استفادوا هم من الحوار ولم نستفد نحن. * وما رأيك في اشتراك اليهود كطرف في مثل هذه الحوارات؟ ** أنا لا أجلس مع اليهود على منصة واحدة، وسبق أن أنكرت على شيخ الأزهر استقباله لأحد الحاخامات، وسلامه على بيريز، وجلوسه مؤخرا معه على منصة واحدة في كازاخستان. * هل هناك مشروعات فكرية أو فقهية يريد القرضاوي إنجازها خلال الفترة القادمة؟ ** نعم.. أستعد في الأيام القادمة لتأليف كتاب في السيرة النبوية بالأسلوب الموضوعي وليس الحدثي، بمعنى أنني لا أريد سرد أحداث، ولكن أريد التركيز على مواقف ظهر فيها الرسول صلى الله عليه وسلم كداعية، وكقائد، وكأب، وكجد، وكزوج، وهكذا بشكل تفصيلي. وأريد أيضا تأليف كتاب في الأصول أجمع فيه نظراتي المفرقة في الأصول في كتب شتى، إضافة إلى أنني أريد استكمال الكتابين اللذين بدأت فيهما، أحدهما في تيسير الفقه، والآخر في فقه السلوك، والأخير أصدرت فيه أربعة كتب: « الحياة الربانية » و « العلم » و « النية والإخلاص » و »التوكل » و »التوبة »، وهناك الآن كتابان آخران في مرحلة الطباعة، وهما « الورع والزهد » و »المراقبة والمحاسبة ». أيضا هناك مشروع آخر أريد الاستمرار فيه أهدف من خلاله إلى تقديم التصوف بنظرة سلفية معتدلة بعيدا عن الجمود، بحيث أصل لمرحلة تحقيق الصلح بين السلفية والصوفية، أو بمعنى آخر « تصويف السلفية » و »تسليف الصوفية »، وابن تيمية رغم أنه كان من أعلام السلف فإنه كان متصوفا رائعا، وأقصد بالطبع السلفية الوسطية غير المتشددة والصوفية الحقة البعيدة عن البدع والخرافات. من ناحية أخرى أقوم الآن باستكمال سلسلة شرح الأصول العشرين، وبعدها سلسلة فصول من العقيدة بين السلف والخلف، وقد وصلت فيها إلى موقف معين. (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 16 جويلية 2009)