السبت، 16 فبراير 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2824 du 16.02.2008
 archives : www.tunisnews.net
 

 


 

حرّية و إنصاف: مضايقة المحجبات تتواصل – علي العريض من جديد رهن الايقاف حرّية و إنصاف: أخبار الحريات – اعتقالات و مداهمات الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: السجن المضيق.. في الهواء الطلق .. :.. علي العريض نموذجا ..! مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس: استياء بسبب حبس الممثل الكوميدي هادي ولد باب الله لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس : معاناة متواصلة للطالبتين أمال بن رحومة وهاجر بن محمد الحزب الديمقراطي التقدمي: إضراب السيدة فاطمة التليلي يهدد حياتها عبدالله الزواري:إيقاف علي العريض من جديد… شاهين السافي: للمطالبة بالحق في الشغل طلبة علم الاجتماع بكلية الآداب بصفاقس يضربون عن الدروس خولة الفرشيشي: انفجار عميق بمبيت رقادة بالقيروان رويترز: تونس تسجن خمسة شبان بموجب قانون مكافحة الارهاب د ب أ: أحكام بالسجن على 17 شخصا بموجب قانون مكافحة الإرهاب في تونس أ. ف. ب: تونس ترفض الانتقادات بشأن محاكمة السلفيين الموقف: سجن الفكاهي الهادي بن عمر بعد سكاتش سياسي يو بي أي:حزب تونسي معارض يدعو الرئيس بن علي إلى العفو عن معارض أدين بالفساد ميدل ايست اونلاين: أسرة التليلي تعلن ان مؤسس حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي لا يتناول الغذاء منذ شهر. قدس برس: تونس: وزارة الثقافة ترفع الحظر عن كتب منعتها الرقابة يو بي أي:الرئيس التونسي يجدد تمسكه بإتحاد المغرب العربي مبادرة ثقافية جديدة وغير مسبوقة لقناة المستقلة ديوان شعري يحتوي مائة قصيدة في حب خاتم المرسلين حصــاد الأسبــوع للصحفي المنفي في وطنه عبد الله الزواري محسن الشاوش: الإستحقـاق الإنتخابي والحزب الديمقراطي التقدمي محمد فوراتي : في حاجة المجتمع التونسي إلى تحالف تاريخي من أجل الحرية العدد الحادي والعشرون صـابـر التونسي: عجوز أمسكت سارقا عبدالحميد العدّاسي : عيد الحبّ النفطي حولة: تدهور الوضع الاجتماعي في قفصه مراد رقية: من يعيّن معتمدي قصرهلال وزارة الداخلية،أم ادارة التجمع الدستوري؟؟؟ محمـد العروسـي الهانـي:  النكتة الثقيلة غير محبذة ودور الفنان الفكاهي ينبغي أن يكونللبناء والنقد الموضوعي النزيه لا العكس والشتم صحيفة « مواطنون »: موسم التخفيضات: مخالفات قانونية سبقت يوم الانطلاق صحيفة « مواطنون »: التشخيص الإجباري لمحركات السيارات: « محافظة على الطاقة » أم… خطوة في اتجاه خصخصة الفحص الفني؟ صحيفة « مواطنون »: كفايات التواصل داخل المجموعة: المجموعة فضاء لتحقيق التميّز والاختلاف مجلة « حقائق » :محمد مزالي (الوزير الأول الأسبق) (1): «يوم 3 جانفي لم يكن الأمن موجودا وترك الشارع للفُلتاء» مجلة « حقائق » :السيد محمد مزالي الوزير الاول الاسبق (2): «الخـصومـة كـانـت بـين بـورقـيـبـة وعــاشـور ولم تـكن مع شخصي» مجلة « حقائق » :عبد الرزاق الكافي يرد على محمد مزالي- للحقيقة والتاريخ : « تصحيحا لإفـادات مــزالي الـغـائـمـة » الدكتور محمد البشير بوعلي: أثر اختلاف مناهج الفقهاء المعاصرين في النزاع بين الإسلاميين – الحلقة الأولى من 6 بشير موسى نافع: القلق العربي من اتساع نطاق النفوذ الإيراني نبيل شبيب: مـؤشّــرات اضمحلال دور منتدى ميونخ أمنيا


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم وماساة عائلاتهم متواصلة بدون انقطاع منذ ما يقارب العقدين. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين اعتقلوا في العامين الماضيين ف رجا قريبا عاجلا- آمين  

21- رضا عيسى

22- الصادق العكاري

23- هشام بنور

24- منير غيث

25- بشير رمضان

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش/.

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


 

أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حرّية و إنصاف 33 نهج المختار عطية تونس 1001 الهاتف/الفاكس : 71.340.860 Email :liberte_equite@yahoo.fr *** تونس في 16 فيفري 2008   بـــــــلاغ  

1/  مضايقة المحجبات تتواصل

من جديد تتعرض الطالبتان آمال بن رحومة و هاجر بن محمد المرسمتان بالسنة النهائية من مرحلة تكوين المهندسين بالمدرسة العليا لمهندسي التجهيز الريفي بمجاز الباب للمضايقات من قبل مدير المدرسة المذكورة بشير بن ثائر الذي حرمهما من شهادة إلحاق متربص، و في خطوة إحتجاجية اعتصمت الطالبتان يوم الجمعة 15 فيفري 2008 أمام مكتب المدير لمدة تزيد عن نصف يوم مما اضطر المدعو بشير بن ثائر لشرح الأسباب التي دفعته لاتخاذ القرار خاصة وأن المندوبية الجهوية للفلاحة بتونس قد وافقت على إلحاقهما كتابيا لإتمام مشروع ختم الدروس فأجابهما بأن السلط الأمنية قد تدخلت بصفة مباشرة لدى المندوبية ليتم إلغاء القرار بسبب ارتدائهما للحجاب,وقد أبدى كل من المدير ومدير الدراسات المدعو حسن الخروبي تشفيا عميقا وهددا الطالبتين بأنهما سوف لن تحصلا على شهادة التخرج النهائية مهما فعلتا.  

2/  علي العريض من جديد رهن الايقاف

قام اليوم السبت 16 فيفري 2008 على الساعة الثانية بعد الزوال مجموعة من أعوان الأمن بالزي المدني باعتقال السجين السياسي السابق السيد علي العريض من منزله الكائن بحي الزهور و اقتياده إلى منطقة الأمن بباردو و لم يطلق سراحه إلى حدود كتابة هذا البلاغ . و جاء هذا الاعتقال على خلفية مشاركة السيد علي العريض القيادي بحركة النهضة في الندوة التي نظمها المنتدى الديمقراطي للعمل و الحريات بمقره المركزي بتونس العاصمة يوم الخميس 14/02/2008 تحت عنوان  » مناهضة حكم الاعدام « .   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري


أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حرّية و إنصاف 33 نهج المختار عطية تونس 1001 الهاتف/الفاكس : 71.340.860 Email :liberte_equite@yahoo.fr *** تونس في 15 فيفري 2008  

أخبار الحريات اعتقالات و مداهمات

 

1- قيم عام يستهدف تلميذات الباكالوريا بسبب الخمار

تعرضت التلميذات المحجبات المرسمات بالسنة السابعة ثانوي ( باكالوريا ) بالمعهد الثانوي بمدينة بوحجلة من ولاية القيروان يومي الأربعاء و الخميس 13 و 14 فيفري 2008 إلى المنع من الدخول إلى المعهد من طرف القيم العام المدعو المختار العيساوي بدعوى ارتدائهن لغـــطاء الرأس ( الفولارة ) ، و لم يُسمح لهن بالدخول إلا بعد تفويت حصة أو حصتين  

2- صالح الجملي يعتدي من جديد على الحريات الشخصية

قام يوم الخميس 14 فيفري 2008 المدعو صالح الجملي مدير معهد محمود المسعدي بنابل كعادته بطرد التلميذة نورس الجازي البالغة من العمر خمسة عشر سنة و التي تدرس بالسنة الأولى من التعليم الثانوي لمدة ساعتين مفوّتا عليها حصتي الرياضيات و الأنقليزية و أمرها بنزع غطاء الرأس و استصحاب وليها معها للمعهد مذكرا بأنه ينفذ تعليمات المدير الجهوي للتعليم الثانوي السيد الحبيب الشبعان.  

3- تلميذة تمنع من حضور الدروس بسبب ارتداء الحجاب

تعرضت يوم الأربعاء 13 فيفري 2008 التلميذة هدى الأسمر للإغماء بسبب منعها من الدخول إلى قاعة الدرس من الساعة الثالثة إلى الساعة الخامسة مساء من طرف مدير معهد 7 أفريل بمنزل تميم من ولاية نابل بسبب ارتدائها للفولارة التونسية!!!  

4- منع الناشطة الحقوقية السيدة زينب الشبلي ( أم خالد ) من دخول هيئة الصليب الأحمر و إيقافها صحبة والدة سجين رأي

تعرضت السيدة زينب الشبلي ( أم خالد ) عضو المكتب التنفيذي لمنظمة حرية و إنصاف صبيحة هذا اليوم الجمعة 15 فيفري 2008 على الساعة الحادية عشر صباحا بمعيّة والدة سجين الرأي قيس دادي إلى الايقاف من طرف أعوان أمن تابعين لمنطقة البحيرة بتونس العاصمة و وقع اقتيادهما إلى مقر المنطقة المذكورة متعللين بأن السيدة أم خالد و رفيقتها تعتزمان زيارة مقر هيئة الصليب الأحمر الكائن بضفاف بحيرة تونس .  

5- والدة السجين عبد الرحمان التليلي تضرب عن الطعام

دخلت السيدة فاطمة التليلي ( 89 سنة ) زوجة المناضل أحمد التليلي و والدة السجين السيد عبد الرحمان التليلي المعتقل حاليا بسجن المرناقية في إضراب مفتوح عن الطعام منذ يوم الثلاثاء 12 فيفري 2008 تضامنا مع ابنها السجين  المصاب بمرض السكري و الذي شن حسب ذكرها إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ الخامس عشر من جانفي 2008 للمطالبة بإطلاق سراحه .     و حرية و إنصاف تطالب بإطلاق سراح السيد عبد الرحمان التليلي لأسباب إنسانية و صحية .  

6- اقتحام عون أمن لمنزل علي الزواغي بطريقة غير قانونية

تعرض على الساعة الحادية عشر و النصف من صباح اليوم الجمعة 15 فيفري 2008 منزل السجين السياسي السابق السيد علي الزواغي إلى عملية اقتحام من طرف عوني أمن بالزي المدني تابعين لمركز شرطة الزهروني قدما على متن دراجة للتثبت من وجوده بمنزله و قد طرق أحد المقتحمين الباب طرقا شديدا و اقتحم البيت بطريقة مخالفة للقانون مما تسبب في هلع و ترويع الزوجة علما بأن السيد علي الزواغي خضع يوم الأربعاء 06/02/2008  لعملية جراحية لاستئصال ورم بالبروستات بمستشفى شارل نيكول و هو الآن بمنزله بمقتضى تصريح بالخروج لمدة يومين ممضى من الدكتور المشرف على علاجه.  

7- منع الصحبي عتيق من حضور ندوة بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي

تمّ عشية اليوم الجمعة 15 فيفري 2008 إنزال السجين السياسي السابق السيد الصحبي عتيق من الميترو من طرف مجموعة  من أعوان الأمن بالزي المدني و اقتادوه إلى منزله و بقوا محاصرين للمنزل لمنعه من الانتقال إلى المقر المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي لحضور محاضرة يلقيها السيد صلاح الدين الجورشي تتناول موضوع الديمقراطية.   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري


 “ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 16 فيفري 2008  

السجن المضيق.. في الهواء الطلق .. : .. علي العريض نموذجا ..!

 
( استنطاق لمدة 5 ساعات بـ « جريمة « .. التفكير في حضور ندوة فكرية ..! ) لا تزال تبعات الندوة الفكرية التي عقدت بالأمس بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي تتفاعل ..فبعد تحويل وجهة السجين السياسي السابق الصحبي عتيق و منعه من أبسط حقوقه كمواطن و كجامعي معروف باهتماماته وإسهاماته الفكرية ، تعرض السيد علي العريض القيادي في حركة النهضة للإحتجاز لمدة 5 ساعات بمنطقة الأمن بباردو حيث تم التنبيه عليه بالإمتناع عن كل عمل له علاقة بالشأن العام و عن الإتصال بالأحزاب السياسية . و قد تمت محاصرة منزل العريض منذ صباح اليوم ووقع اقتياده من قبل مجموعة من الأعوان بالزي المدني بمجرد عودته  على الساعة الثانية بعد الزوال و لم يتم إطلاق سراحه إلا حوالي الساعة السابعة مساء . و الجمعية إذ تعتبر هذه الإختطافات وعمليات تحويل الوجهة تصعيدا غير مبرّر في انتهاك حقوق السجناء المسرّحين و رسالة سلبية للشباب تثبط الهمم عن العمل الحقوقي و السياسي السلميّّـيّن ، فإنها تدعو جميع المنظمات و الجمعيات المستقلة و جميع الضمائر الحرة داخل البلاد و خارجها إلى إبداء التضامن و المساندة مع ضحايا الإنتهاكات المتواصلة منذ عقدين : تعذيبا و محاكمات ظالمة و سجنا ..ثم ..محاصرة ..و قتلا بطيئا..! كما تجدد الجمعية دعوتها السلطات المعنية إلى الإقلاع عن سياسة التشفي و الإنتقام و إلى البدء في معالجة آثار عشريّتي الظلم و القهر . عن  الجمعية الرئيس الأستاذة سعيدة العكرمي


السبت, 16. فيفري 2008

آيفكس:استياء بسبب حبس الممثل الكوميدي هادي ولد باب الله

 
إن مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس تطالب بالإفراج عن الممثل الكوميدي التونسي و الذي تم اتهامه و حبسه الأسبوع الماضي بناءا على أدلة مشكوك في صحتها, بينما يعتقد أن السبب الحقيقي وراء حبسه هو قيامه بالسخرية من رئيس الدولة.   و يعتقد أن ما أشعل فتيل الموقف هو تسرب مقطع تسجيلي للممثل الكوميدي هادي ولد باب الله يقوم بتقليد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي, وبعدها انتشر هذا المقطع في البلد عن طريق تداوله على الهواتف الجوالة.   و تعتقد المجموعة أن ولد باب الله كان مستهدف من قبل البوليس و تم تلفيق تهمة الاتجار في المخدرات و العملة المزيفة عقابا له عما أثاره من سخرية على الرئيس بن علي.   إن مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس, و المكونة من 18 منظمة عضوة و التابعة للشبكة الدولية لتبادل معلومات حرية التعبير  » آيفكس  » تحث السلطات على إعادة النظر في القضية.   و تعتقد المجموعة أن المحكمة التونسية يجب عليها ترد تهمة الاتجار في المخدرات عند نظرها في النقض و أن تبرئ ولد باب الله من تهمة الاتجار في العملة بناءا على أن هناك شكوك قوية في مصداقية الأدلة على هذه الاتهامات.   و طبقا لتقارير المحكمة, فقد تم توقيف ولد باب الله عند نقطة تفتيش على الطريق السريع يوم 14 يناير. و قام شرطي بمصادرة سيارته المستأجرة و قادها إلى قسم الشرطة. و في وقت لاحق ادعت الشرطة أنها قد اكتشفت بذور نبات الحشيش المخدر في فراغ القفاز. و كان قد تم عمل تحليل دم لولد باب الله بينما كان في الحجز للتأكد من وجود آثار للمخدر و لكن جاءت نتيجة التحاليل سلبية. و بينما كان في الاحتجاز أيضا, قامت الشرطة بتفتيش بيته و ادعت الشرطة العثور على « أدلة » أخرى ألا وهي نقود مزيفة, و هي تهمة يعاقب عليها القانون بالسجن عشرون عاما.   و كان ولد باب الله قد أنكر بشدة معرفته بالمخدرات و النقود المزيفة و صرح بان هذه الأدلة ملفقة. و في يوم 4 فبراير تم الحكم على ولد باب الله بالسجن لمدة عام و غرامة 1000 دينار (ما يعادل 800 دولار) بتهمة حيازة نبات الحشيش, بينما قام ولد باب الله بالطعن في الحكم و الاستئناف, بينما ينتظر الحكم في تهمة النقود المزيفة.   و كان قد صرح المرصد الوطني لحرية الصحافة و النشر و الإبداع في تونس, و هو عضو في شبكة آيفكس, بان ما أدلى به ولد باب الله من أن هذه الاتهامات ملفقة على وجه كبير من الصحة. فإن المعارضون للنظام في تونس دائما ما يتم اتهامهم بتهم غير سياسية و في الأغلب ما تكون « مخلة بالشرف », طبقا لتصريح المرصد الوطني لحرية الصحافة و النشر و الإبداع في تونس. و من ضحايا هذا المنهج, المحامي الحقوقي محمد عبو, و الذي حكم عليه بالسجن بتهمة اعتدائه على زميلة له, و أيضا الصحافي سليم بوخضير وجهت له تهمة الإخلال بقوانين الآداب العامة.   و تعد هذه هي المرة الثانية التي يحاكم فيها ولد باب الله بسبب سخريته من الرئيس بن علي. إذ في العام الماضي, و بعد أن قام بتقليد الرئيس بن علي, تم إلقاء القبض عليه و ضرب على يد الشرطة و تم احتجازه في قسم شرطة بشوشة في الفترة بين 9 إلى 11 مارس 2007.    » يبدو أنها قضية أخرى ملفقة ضد من تجرءوا بالتحدث ضد الرئيس » قال روهان جاياسكيرا رئيس المجموعة و أيضا من منظمة اندكس على الرقابة, « يبدو أن الرئيس بن علي يتمتع بروح دعابة بقدر ما يتمتع من ديمقراطية ».   و تطالب مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس بإعادة النظر فورا في القضية و ملابسات اكتشاف الأدلة. و تعتقد المجموعة أن هذه الخطوة سوف تقود إلى استنتاج أن أي تهمة مبنية على ادعاءات كاذبة تتعارض مع المعايير القانونية الدولية, و انه يجب الإفراج عن ولد باب الله بعد النقض.   و تحث المجموعة أيضا الممثلين الكوميديين الآخرين في دول أخرى مثل فرنسا و الجزائر و كندا ممن شاركوا في « أسبوع الضحك » الذي أقيم في تونس في فترة سابقة للقبض على ولد باب الله, بان يتخذوا موقفا في الدفاع عن حق ولد باب الله في حرية التعبير و حقه في انتقاد القوى السياسية.   لمزيد من المعلومات: روهان جاياسكيرا  رئيس مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس التابعة للشبكة الدولية لتبادل معلومات حرية التعبير  » آيفكس  » منظمة إندكس على الرقابة المملكة المتحدة بريد الكتروني: rj@indexoncensorship.org ت: : +44 (0)20 7278 2313 الموقع: http://campaigns.ifex.org/tmg/   أعضاء مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس:   –         الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان, مصر –         المادة 19, المملكة المتحدة –         منظمة الصحفيون الكنديون لحرية التعبير, كندا –         شبكة حقوق رسامي الكاريكاتير, الولايات المتحدة الأمريكية –         المنظمة المصرية لحقوق الإنسان, مصر –         اندكس على الرقابة, المملكة المتحدة –         الاتحاد الدولي للصحفيين, بلجيكا –         الاتحاد الدولي للمؤسسات و الجمعيات المكتبية, هولندا –         المعهد الدولي للصحافة, النمسا –         الجمعية الدولية للناشرين, سويسرا –         منظمة صحفيون في خطر , كونغو –         المعهد الإعلامي لجنوب أفريقيا, ناميبيا –         منظمة بن النرويجية (PEN), النرويج –         الهيئة العالمية لمجتمع البث الإذاعي, كندا –         الجمعية العالمية للصحف , فرنسا –         اللجنة العالمية لحرية الصحافة, الولايات المتحدة الأمريكية –         لجنة كتاب في السجن-بن الدولية (PEN), المملكة المتحدة –         مؤسسة مهارات, لبنان

  بسم الله الرحمان الرحيم  لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس  تونس، في 16 فيفري 2008  

معاناة متواصلة للطالبتين أمال بن رحومة وهاجر بن محمد

 

في خطوة إنتقامية تستهدف المحجبات التونسيات قام مديرالمدرسة العليا لمهندسي التجهيز الريفي بمجاز الباب المدعو بشير بن ثائر أمس الجمعة 15 فيفري2008 بحرمان الطالبة أمال بن رحومة و الطالبة هاجر بن محمد المرسمتان بالسنة النهائية من مرحلة تكوين المهندسين من شهادة إلحاق متربص , وفي خطوة إحتجاجية من طرف الطالبتين قامتا بالإعتصام أمام مكتب المدير لمدة تزيد عن نصف يوم وهو ما اضطر الأخير إلى محاولة شرح الأسباب التى دفعته إلى إتخاد القراربعد أن وافقت المندوبية الجهوية للفلاحة بتونس كتابيا علي إلحاقهن لإتمام مشروع ختم الدروس , وأجابهن بأن السلط الأمنية قد تدخلت بصفة مباشرة لدي المندوبية ليتم إلغاء القرار بسبب إرتدائهن الحجاب , وقد عبّر كل من المدير ومدير الدراسات المدعو حسن الخروبي عن مشاعر التشفي تجاه وضع الطالبتين وهددوهن بإنهن سوف لن يحصلن علي شهادة التخرج النهائية مهما لزم الأمر,هذا إن استطعن الخروج من المأزق الذي وضعتا فيه كما عبرعن ذلك بن ثائر والخروبي .   ولجنة الدفاع عن المحجبات بتونس تعبر عن مدى سخطها على ما وصلت إليه بعض النفوس المريضة ممن يتقلدون مسؤوليات إدارية وتربوية داخل المؤسسات التعليمية التونسية والتى أصبح همهما إستهداف الفتيات المحجبات من أمثال المدعو بشير بن ثائر الذى تخلى عن أدواره التربوية وتحول إلى ملحق أمنى لوزارة الداخلية التونسية داخل الحرم الجامعي , وهذه الممارسات وغيرها لا تليق بسمعة البلاد ولا بالمؤسسات التربوية .   تعلن للرأي العام الوطنى والعربي والدولي أن تدخل وزارة الداخلية التونسية في شأن علمي صرف بحرمانها الطالبتين أمال بن رحومة وهاجر بن محمد من الإلتحاق بتربص ختم الدروس هو تدخل سافر غير قانوني يكرس السطوة الغاشمة التى تعتمدها هذه الوزارة المتفلتة من عقال القانون والضمير الوطني , وننبه الجهات المعنية إلى خطورة هذه الممارسات , وندعوها إلى الكف عن ذلك والسماح للطالبتين بمواصلة تعليمهن الجامعي دون حيف أو تمييز .   تدعو الطالبتين أمال بن رحومة وهاجر بن محمد إلى رفع قضية مستعجلة لدى المحكمة تقاضى فيها الجهة الأمنية التى تدخلت لإبطال الأمر الإدارى المكتوب للمندوبية الجهوية للفلاحة بتونس التى وافقت علي إلحاقهن لإتمام مشروع ختم الدروس , ومقاضاة المدير بشير بن ثائر الذى عرف بعدائه الشديد تجاه الفتيات المحجبات والذى وافق هذا التدخل السافر غاية في نفسه تجاههن .   تدعو كل الإتحادات الطلابية الوطنية والعربية والإسلامية والدولية إلى تنظيم يوم تضامني مع الطالبتين آمال بن رحومة وهاجر بن محمد تجاه ما يتعرضن له من حرمان غير مقبول من فرص مواصلة تعليمهن الجامعي بسبب لباسهن , وللتعبير عن تضامنهم مع الطالبتين .   تطالب كل المنظمات والهيئات والشخصيات الحقوقية المحلية والعربية والدولية إلى التدخل الفورى لرفع المظلمة التى تتعرض لها الطالبتين , كما تدعو أئمة ودعاة العالم الإسلامي إلى التدخل لدى الجهات الرسمية لوضع حد لهذا الغبن الذى يسلط على الفتيات المحجبات التونسيات.   عن لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس البريد:  protecthijeb@yahoo.fr

الحزب الديمقراطي التقدمي 10 نهج ايف نوهال – تونس تونس، في 15/02 /2008 بيــان  إضراب السيدة فاطمة التليلي يهدد حياتها
 
على إثر دخول السيدة فاطمة التليلي أرملة الزعيم النقابي المرحوم أحمد التليلي في إضراب عن الطعام منذ يوم 11 فيفري الجاري للمطالبة بإطلاق سراح ابنها السيد عبد الرحمان التليلي الذي يقضي عقوبة بالسجن منذ خمس سنوات و الذي تدهورت صحته بصورة تبعث عن الانشغال و اعتبارا للأخطار الحقيقية المحدقة بصحة بل و بحياة السيدة والدته البالغة من العمر زهاء التسعين عاما جراء إضرابها عن الطعام فإن الحزب الديمقراطي التقدمي يعبر عن انشغاله العميق للأوضاع الصحية للسيد عبد الرحمان التليلي و يتوجه بنداء إلى رئيس الدولة من أجل استعمال صلاحياته الدستورية و إطلاق سراحه لأسباب صحية و إنسانية و حتى لا تتعمق المأساة بحصول مكروه يصيب – لا قدر الله – السيدة فاطمة التليلي، قد لا تستطيع أي إجراءات تداركها بعد فوات الأوان.   الأمينة العامة مية الجريبي   (المصدر: موقع pdpinfo.org  بتاريخ 15 فيفري 2008)


 
بسم الله الرحمان الرحيم

إيقاف علي العريض من جديد…

 
منذ الصباح الباكر توجه أربعة أعوان بزيهم المدني إلى بيت السيد على الغريض الناطق الرسمي لحركة النهضة بالنيابة سابقا…  مصحوبين باستدعاء رسمي متمثل في سواعدهم المفتولة.. لكنهم فوجئوا بمغادرته البيت رفقة زوجته لقضاء بعض شؤونهم العائلية… فرابطوا قريبا – و ما أكثر أراضي الرباط-.. و عند عودته إلى البيت مع الساعة الثانية بعد الظهر تقدموا إليه بأسلوبهم الحضاري المعروف و دعوه إلى مصاحبتهم… زعموا أنهم متجهين به إلى باردو و المقصود بطبيعة الحال إحدى المصالح الأمنية هناك (منطقة الأمن الوطني أو فرقة الإرشاد…).. و نحن في انتظار ما تسفر عنه الساعات القادمة…علما بأن السيد علي العريض منع بالأمس من حضور ندوة بمقر التقدمي… لكن ما المانع من مؤاخذته من أجل نيته حضورها…    عبدالله الزواري


للمطالبة بالحق في الشغل

طلبة علم الاجتماع بكلية الآداب بصفاقس يضربون عن الدروس

صفاقس – من شاهين السافي    دخل طلبة علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس منذ يوم الجمعة 8 فيفري 2008 في إضراب  مفتوح عن الدروس احتجاجا على حالة التهميش والإقصاء التي يعيشها هذا الاختصاص منذ عقود خلت دون أفق واضحة في التشغيل خاصة على مستوى فرص  التدريس في المرحلة الثانوية . وعادة ما يجبر خريجو علم الاجتماع على التدريس في اختصاصات أخرى غير علم الاجتماع. وقد تفاقمت أزمة التشغيل في هذا الاختصاص بعد أن سددت الأبواب حتى في الاختصاصات التي كانوا يلجئون إليها بعد تفاقم مشكلة البطالة لتمس كل المستويات .   وقد رفع المضربون شعارات أكدوا فيها تمسكهم بالحق في التشغيل وخاصة في تدريس مادة علم الاجتماع نظرا لأهميتها. كما دعوا الى ضرورة إدراجها في البرامج التعليمية في المرحلة الثانوية ليحل مشكل البطالة عندهم وليحصل الارتقاء المنشود بمستوى التعليم التونسي وجودته . ويرى عدد من الطلبة المحتجين انه لا يمكن للتعليم في اختصاص الإنسانيات ان يستقيم دون ان يكون تدريس مادة علم الاجتماع مشروعا منجزا . هذا ودعا المضربون في رسالة مفتوحة سلطة الإشراف أن تتحمل مسؤولياتها إزاء هذا الوضع الكارثي الذي يعانيه اختصاص علم الاجتماع .ودعوا الى رفع المضلمة التي يعاني منها منذ عقود.

انفجار عميق بمبيت رقادة بالقيروان

 
وقع انفجار عنيف بمبيت رقادة وعقبة بن نافع للفتيات بالقيراوان يوم السبت 16 فيفري على الساعة الواحدة والنصف بعد الزوال على اثر انفجار شاحنة غاز كانت تزود المبيتين بالغاز وقد أحدث الانفجار حالة هلع وخوف واغماء في صلب الطلبة الذين انتشروا بالالاف في الساحات المحيطة بالمبيتين وقد سجل مناضلي اتحاد الطلبة بطء سيارات الحماية المدنية في المجيئ لتطويق الانفجار وانتشار البوليس السياسي لمنع مناضلي الاتحاد من تسجيل حضورهم والدخول الى داخل المبيت كما من المتوقع ان تتزايد الانفجارات في حال التقاعس عن الانقاذ كما صرح لنا بعض طلبة كلية الاداب برقادة الحاضرين على عين المكان . . علما وان المبيتين يضم ما يزيد 4000 طالبة. خولة الفرشيشي


تونس تسجن خمسة شبان بموجب قانون مكافحة الارهاب

 
تونس (رويترز) – قالت مصادر بجماعات الدفاع عن حقوق الانسان يوم السبت ان محكمة ابتدائية بتونس حليف واشنطن الوثيق في جهود مكافحة الارهاب قضت بسجن خمسة شبان تونسيين ضمن سلسلة محاكمات تشمل عشرات الشبان. وقالت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين في بيان نشرته يوم السبت ان « الدائرة الجنائية الثانية بالمحكمة الابتدائية بتونس برئاسة القاضي عبد الرزاق بن منى قضت بسجن خمسة متهمين بموجب قانون مكافحة الارهاب. » وأضافت ان القاضي وجه للشبان تهم الانضمام الى تنظيم ارهابي واستعمال اراضي الجمهورية لتكليف اشخاص بقصد ارتكاب اعمال ارهابية وقضت بسجن اربعة منهم لمدة عامين بينما نال الخامس حكما بالسجن ثلاثة اعوام. وتبدي تونس التي عكر صفوها في أوائل العام الماضي تبادل نادر لاطلاق النار بين قوات الامن واسلاميين سلفيين متطرفين اسفر عن مقتل 14 مسلحا صرامة واضحة ضد التطرف الاسلامي. وتنظر محكمة استئناف تونسية يوم الثلاثاء المقبل في طعون تقدم بها 30 اسلاميا نالوا احكاما بالاعدام والسجن المؤبد بتهم التآمر على أمن الدولة ومحاولة القيام بانقلاب عسكري.   (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 16 فيفري 2008)


أحكام بالسجن على 17 شخصا بموجب قانون مكافحة الإرهاب في تونس

 

تونس – (د ب أ) –  قال سمير بن عمر المحامي المتخصص في القضايا المتعلقة بالإرهاب اليوم السبت إن محكمة تونس الابتدائية أصدرت في قضيتين منفصلتين أحكاما تراوحت بين (السجن ثلاث سنوات والسجن خمسة أشهر مع تأجيل التنفيذ على 17 شابا بموجب قانون مكافحة الإرهاب الذي تطبقه تونس منذ تاريخ إصداره عام 2003). وأوضح بن عمر في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن المحكمة أصدرت الليلة الماضية (في قضية أولى) أحكاما تراوحت بين (السجن عامين والسجن خمسة أشهر مع تأجيل التنفيذ على 12 شابا بتهم الانضمام إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه). وأضاف أن نفس المحكمة أصدرت أمس الأول الخميس (في قضية أخرى) أحكاما تراوحت بين السجن ثلاث سنوات وعامين على خمسة شبان بتهم (الانضمام داخل تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه واستعمال تراب الجمهورية لانتداب مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي داخله).   (المصدر: صحيفة « الشرق الأوسط » (يومية – لندن) الصادرة يوم 16 فيفري 2008)

تونس ترفض الانتقادات بشأن محاكمة السلفيين

 
أ. ف. ب – تونس: رفضت السلطات التونسية السبت انتقادات الفدرالية الدولية لحقوق الانسان بشأن محاكمة 30 سلفيا امام محكمة الاستئناف ونددت ب « محاولة غير مقبولة للتأثير على قرار المحكمة ».  وانضمت الفدرالية الى رابطة حقوق الانسان ونقابة محامي باريس ولجنة احترام الحريات وحقوق الانسان في تونس للمطالبة بتحقيق بشأن مزاعم في حالات تعذيب ضد المتهمين وطلبت من المحكمة الغاء حكم سابق باعدام اثنين من المتهمين.  وندد مصدر قضائي بهذه المزاعم التي « تأتي في الوقت الذي وصلت فيه المحاكمة الى طورها النهائي من المداولات في الاستئناف باعتبارها محاولة غير مقبولة للتأثير على قرار المحكمة ».  واضاف المصدر « ان المتهمين استفادوا طوال محاكمتهم من الضمانات الخاصة بمحاكمة عادلة » مؤكدا انه « اثناء عمليات الاستجواب لم تظهر عليهم اي علامات عنف او سوء معاملة ولم يعلن اي منهم انه كان ضحية سوء معاملة ».  واكدت الفدرالية الدولية لحقوق الانسان وباقي المنظمات ان « مكافحة الارهاب الشرعية والضرورية » لا يمكن ان « تتم بمعزل عن احترام حقوق الانسان ».  وقالت في بيان نشرته في باريس « ان جميع المتهمين الماثلين امام المحكمة اشاروا الى انهم اعترفوا بالوقائع المنسوبة اليهم بعد تعرضهم للتعذيب ».  وقال المصدر التونسي في المقابل « ان تونس سهرت باستمرار على تأمين حق المجتمع في ضمان كفاح فعال للارهاب مع احترام حق كل متهم في محاكمة منصفة ».  واضاف ان « المحاكمة جرت في اطار احترام القواعد الاجرائية » مشيرا الى ان الاعتقالات والاجراءات وعمليات الاحتجاز تمت « وفق القانون ».  وحكم على تونسيين اثنين بالاعدام في كانون الاول/ديسمبر خلال محاكمة 30 متطرفا سلفيا متهمين بالتورط في اشتباكات مسلحة مع قوات الامن اوقعت 14 قتيلا في اواخر 2006 وبداية 2007 جنوبي العاصمة التونسية.  وتستأنف محاكمة المتهمين امام محكمة الاستئناف التي يتابعها دبلوماسيون اوروبيون واميركيون ومراقبون اجانب، الثلاثاء المقبل   (المصدر: موقع إيلاف (بريطانيا) بتاريخ 16 فيفري 2008 نقلا عن وكالة الصحافة الفرنسية)  

سجن الفكاهي الهادي بن عمر بعد سكاتش سياسي

 
تسارعت التتبعات القضائية ضد الفنان الساخر الهادي بن عمر المعروف بـ »ولد باب الله » بعدما قدم سكاتشا هزليا تعرض فيه لبعض المسؤولين لكن بأسلوب بعيد عن الإسفاف والتجريح. وبعدما راج السكاتش الذي قدمه في حفل أقامته جمعية خاصة في صفاقس بواسطة تسجيلات مختلفة من بينها الهواتف الجوالة، ألقي عليه القبض وتم تقديمه لمحكمة بن عروس الأسبوع الماضي فقضت بسجنه عاما كاملا من أجل استهلاك المخدرات. ونفى الهادي بن عمر التهمة بشدة إذ تم « احتجاز » كمية ضئيلة من المخدرات في صندوق سيارته في ظروف مريبة يكتنفها غموض شديد.   وزاد الأمر غموضا بعد توجيه تهمة جديدة له هذا الأسبوع وهي « ترويج عملة مزيفة » وهي التهمة التي نفاها بشدة واتهم بعض الأطراف بدسها في درج سيارته (المستأجرة من إحدى الشركات الخاصة) للإيقاع به مما يوحي بوجود خطة لتصفية حساب معه على خلفية السكاتش الساخر.   وتطرح هذه القضية مجددا محنة حرية التعبير في بلادنا، كما تلقي ظلالا حول استخدام التتبعات سلاحا لتخويف المنتقدين أو تصفية الحساب معهم، مما يستوجب من الفنانين والإعلاميين والكتاب وكافة مكونات المجتمع المدني موقفا حازما لرفع أي مظلمة في هذا الإطار.   (المصدر: صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس) العدد 439 بتاريخ 15 فيفري 2008)

أخبار الموقف
 
رفع حظر   أعلمنا الدكتور عبد الجليل التميمي بأنه تم رفع الحظر على خمسة كتب مضى عليها عدة سنوات لدى الرقابة (بعضها منذ 2002)، وهي من المؤلفات الصادرة عن مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات. وتتمثل هذه الكتب في أعمال المؤتمر الأول حول الرقابة الفكرية في البلاد العربية : الواقع والآفاق (أوت 2002) وهو كتاب في 243 صفحة، وأعمال المؤتمر الرابع للدراسات حول القضاء والتشريع في تونس البورقيبية وفي البلاد العربية (مارس 2004)، ويشتمل على 560 صفحة باللغتين (العربية والفرنسية) ودراسات في منهجية الحكم والسياسة البورقيبية (مارس 2004)، ويقع في 134 صفحة وهو باللغتين (العربية والفرنسية) وتساؤلات حول مجتمع المعرفة والمؤرخين والنخب فـي البــلاد العربيــة (أكتـوبر 2004)، ويشتمل على 140 صفحة، وهو باللغات العربية والفرنسية والانقليزية، وشهادة أحمد بن صالح السياسية : إضاءات حول نضاله الوطني والدولي (مارس 2002)، ويقع في 176 صفحة وهو باللغة العربية.   … وحجب جواز   مازال الإعلامي والسينمائي أكرم العدواني ينتظر تجديد جواز سفره منذ أكثر من شهر ونصف الشهر رغم ارتباطه بمواعيد مع شركاء أوروبيين لتصوير شريط وثائقي عن الجاليات العربية في إيطاليا. ومعلوم أن السلطة تعهدت بالإمتناع عن حجب الجوازات عن المواطنين إلا في حالة وجود تتبعات عدلية ضد صاحب الجواز، لكنها لم تحترم هذا التعهد إذ تصلنا شكاوى إلى مكاتب الصحيفة أسبوعيا من مواطنين محرومين من تجديد جوازاتهم.   توقيع   تُقيم مكتبة « أرت ليبريس » في صلامبو (شارع الحبيب بورقيبة) حفلا لتوقيع الكتاب الجديد للزميلة نورة البورصالي (حوارات مع أحمد بن صالح) مساء الجمعة 15 فيفري الجاري في السادسة مساء.   الله لطيف   طرأ توعك على صحة المناضل التقدمي المعروف الأخ محمد صالح فليس عضو أسرة تحرير « الموقف » استوجبت إخضاعه لعملية جراحية يوم الثلاثاء الماضي بمصحة القلب والشرايين بالعاصمة كُللت والحمد لله بالنجاح. وأسرة التحرير إذ تُهنؤ الأخ فليس بنجاح العملية تتمنى له شفاء عاجلا وكاملا في أقرب الأوقات كي يعود إلى قرائه ومحبيه الكُثر في الحركة الديمقراطية.   إبعاد   أبعدت السلطات الأمنية الأسبوع الماضي الفنان الجزائري الساخر «باعزيز» قبل يوم واحد من الزيارة الخاطفة التي قام بها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لتونس. وكان «باعزيز» المعروف بنقده اللاذع لبوتفليقة، اختار الإقامة في تونس منذ سنة ونصف السنة مع طاقمه الإعلامي. ويُذكر أن السلطات الجزائرية رفضت السماح للصحفي التونسي المعارض توفيق بن بريك بالمشاركة في ندوات كانت البعثة الثقافية الفرنسية في الجزائر تعتزم تنظيمها في ولايات مختلفة احتفاء بصدور كتاب بن بريك الجديد «لن أغادر أبداً» (بالفرنسية) لدى ناشرين جزائري وفرنسي.   اعتقال تونسيين في الدنمارك   اعتقلت الشرطة الدنماركية مواطنين تونسيين يوم الثلاثاء الماضي للإشتباه في صلتهم بمؤامرة لقتل واحد من رسامي الكاريكاتير الذين سببت رسوماتهم عن الرسول غضبا في شتى أنحاء العالم عام 2006 . وقالت وكالة الامن والاستخبارات الدنماركية ان الاعتقالات التي شملت أيضا مواطنا مغربيا جرت قرب ارهوس في غرب الدنمارك بعد مراقبة لمدة طويلة للحيلولة دون وقوع ما يُزعم أنه « جريمة قتل مرتبطة بالارهاب ».   وأضافت أن التونسيين سيبقيان في السجن في الوقت الذي يجرى اعداد اجراءات ترحيل ضدهما. وذكرت صحيفة « يولاندس بوستن » وهي الصحيفة التي نشرت في الاصل الرسوم في سبتمبر عام 2005 أن المشتبه فيهم متهمون بالتخطيط لقتل كورت ويسترغارد (73 عاما). وفي خطوة استفزازية جديدة أعادت الصحيفة نشر الرسم المسيء للرسول على موقعها على الانترنت يوم الثلاثاء الماضي.   (المصدر: صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس) العدد 439 بتاريخ 15 فيفري 2008)

حزب تونسي معارض يدعو الرئيس بن علي إلى العفو عن معارض أدين بالفساد

 
تونس / 16 فبراير-شباط / يو بي أي: دعا الحزب الديمقرطي التقدمي التونسي المعارض الرئيس التونسي زين العابدين بن علي إلى العفو عن معارض أدين عام 2004 بالفساد. وقال الحزب الديمقراطي التقدمي ،وهو حزب معارض معترف به،في بيان حمل توقيع أمينته العامة مية الجريبي تلقت يونايتد برس أنترناشونال اليوم السبت نسخة منه ،إنه « يتوجه بنداء إلى رئيس الدولة من أجل إستعمال صلاحياته الدستورية وإطلاق سراح عبد الرحمن التليلي لأسباب صحية وإنسانية ». وأشار في بيانه إلى أن عبد الرحمن التليلي الذي يقضي حاليا عقوبة بالسجن منذ خمس سنوات « تدهورت صحته بصورة تبعث على الإنشغال (القلق) ». وأضاف أن حياة فاطمة التليلي والدة عبد الرحمن التليلي،أصبحت مهددة بسبب الإضراب عن الطعام الذي بدأته منذ 11 فبراير/شباط الجاري للمطالبة بإطلاق سراح إبنها. يشار إلى أن التليلي (64 عاما) هو الأمين العام السابق لحزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي التونسي(حزب معارض معترف به)،وهو يقضي حاليا عقوبة بالسجن لمدة 9 أعوام صدرت ضده في يونيو/حزيران 2004 بتهمة التورط في قضية فساد مع إثنين من رجال الأعمال. وحوكم التليلي بتهم « التزوير وتبديد الأموال العامة،وإستغلال صفته عندما كان مديراً عاماً لديوان الطيران المدني والمطارات لتحقيق مكاسب خاصة له ولغيره،وإلحاق أضرار بهذه المؤسسة العامة ،وعدم التصريح عن ممتلكات له خارج تونس،ومحاولة بيعها من دون تفويض من البنك المركزي ».


تونس تنفي اضراب معارض مسجون عن الطعام أسرة التليلي تعلن ان مؤسس حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي لا يتناول الغذاء منذ شهر.

ميدل ايست اونلاين تونس – قالت اسرة المعارض السجين عبد الرحمن التليلي السبت انه يواصل اضرابا عن الطعام بدأه في 16 كانون الثاني/يناير الماضي في حين تؤكد السلطات التونسية انه يتناول الغذاء بشكل عادي. وقالت فاطمة التليلي والدة السجين البالغة من العمر ثمانين عاما في اتصال هاتفي « يواصل ابني صيامه عن الطعام وصحته متدهورة جدا » مضيفة انها دخلت هي نفسها في اضراب عن الطعام « لحين الافراج » عن ابنها. في المقابل اكد مصدر قضائي انه « بخلاف مزاعمه فان عبد الرحمن التليلي ليس في اضراب عن الطعام وهو يواصل تلقي الغذاء من اسرته علاوة على الوجبات الثلاث التي تقدم له يوميا » في السجن. وتقول اسرة عبد الرحمن التليلي (63 عاما) مؤسس حزب « الاتحاد الديمقراطي الوحدوي » (معترف به) والذي كان خاض الانتخابات الرئاسية في تونس في 1999، ان التليلي يخوض اضرابا عن الطعام للتنديد « بالتعدي على حقوقه كسجين » و »لسوء المعاملة التي يلقاها المساجين السياسيين بشكل عام ». وبحسب المصدر القضائي فان الوضع الصحي للتليلي « عادي ». واضاف المصدر « ان السوابق الطبية للسجين لا تثير اي قلق وهي محل متابعة منتظمة من قبل فريق طبي من ادارة السجون واطباء مختصين من المستشفيات العامة ». وتقول السلطات ان الاضراب المعلن للسجين ليس الا « مناورة تهدف الى تحويل انظار الرأي العام عن وضع التليلي الحقيقي » مذكرة بانه « حوكم بتهمة الاستيلاء على اموال عامة وتبييض اموال (..) من خلال شراء العديد من العقارات في الخارج ». وعبد الرحمن التليلي حكم عليه في 2003 بالسجن تسع سنوات بعد ادانته خصوصا بـ »الاستيلاء على اموال لحسابه الخاص » من ديوان الطيران المدني والمطارات الذي كان يديره. وبحسب السلطات فانه رفض ان يعيد للديوان الذي كان يديره الأموال المستولى عليها والتي بلغت قيمتها 6.8 ملايين دينار تونسي (3.8 ملايين يورو). واشار أقاربه إلى الطلب الذي تقدم به عميد المحامين الفرنسيين ماريو ستاسي لدى السلطات التونسية للإفراج المشروط عنه بسبب « إصابته بأمراض عضال ».   (المصدر: موقع ميدل إيست أونلاين (بريطانيا) بتاريخ 16 فيفري 2008)

تونس: وزارة الثقافة ترفع الحظر عن كتب منعتها الرقابة

 

تونس-قدس برس– من لطفي حيدوري:   رفعت مصالح الرقابة في وزارة الثقافة التونسية الحضر عن خمسة كتب كانت قد رفضت منذ خمس سنوات منح رخصة توزيعها، وهي كتب تابعة لمؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات التي يديرها المؤرخ عبد الجليل التميمي منذ 1986. كما رفع الحضر عن رواية « العدل » للكاتبة فضيلة الشابي وكتاب « أحمد بن صالح.. مَن يُحاكم مَن » لعبد الرحمن عبيد. وقال مدير مؤسسة التميمي للبحث العلمي عبد الجليل التميمي إنّ مصلحة الرقابة بوزارة الثقافة التونسية اتصلت به يوم 4 شباط/فبراير 2008 لتخبره بأنّه « أوّل من يُرفع الحظر عن كتبه. » وجاء هذا القرار ثلاثة أشهر بعد إعلان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في الذكرى العشرين لتوليه الحكم في تونس يوم 7 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي « إلغاء الرقابة الإدارية على الكتب والمنشورات والأعمال الفنية عند الإيداع القانوني، وجعل الرقابة وإصدار قرارات المنع من النشر من أنظار القضاء وحده ». واعتبر التميمي في مقال نشره في 5 كانون الثاني/يناير الماضي على موقعه على الانترنت ذلك القرار « أجمل هدية يمنحها رئيس الدولة للفكر والمعرفة البناءة ». وقد تم الإذن بتوزيع كتبه المحجوزة وهي « الرقابة الفكرية في البلاد العربية »، و »القضاء والتشريع في تونس البورقيبية وفي البلاد العربية »، و »دراسات في منهجية الحكم والسياسة البورقيبية »، و »تساؤلات حول مجتمع المعرفة »، و »شهادة أحمد بن صالح السياسية ». وقال التميمي « لا يسعني إلا الامتنان لكل من ساهم وناضل بصمت وإيمان لرفع هذه المظلمة الفكرية ». وكان القانون التونسي يقضي بعدم توزيع أي تأليف يصدر بالبلاد، قبل الحصول على الإذن بذلك من لجان المراقبة التابعة لوزارة الثقافة. وبعد القرار الجديد يمكن لدور النشر سحب كتبهم مباشرة من المطابع. وقال المؤرخ عبد الجليل التميمي « إنّ 400 كتاب فقط يصدر سنويا في تونس، مقابل 14 ألف عنوان في نفس الفترة بلبنان، وهذا ما يكشف قوّة الرقابة عندنا »، مضيفا « سأتجرّأ على طباعة كتب جديدة، لم يعد لديّ هاجس الرقابة ». ووعد بتنظيم ندوة في حزيران/يونيو 2008 المقبل للمطالبة برفع القيود على الكتب التي مازالت تنتظر الإذن بتوزيعها. وأفاد الكاتب جلول عزونة بأنّ كتابين له ما زالا في انتظار الإفراج عنهما، وهما مجموعة شعرية ونثرية بعنوان « قدري أن أرحل » طبع منذ سنة 1993 ومجموعة دراسات بعنوان « تماهي الأدب والحرية » منذ سنة 2001. كما تنتظر مؤسسة المعهد العربي لحقوق الإنسان قرارا بشأن 10 كتب محجوزة في المطبعة.   (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 16 فبراير 2008)


الرئيس التونسي يجدد تمسكه بإتحاد المغرب العربي

 
تونس / 16 فبراير-شباط / يو بي أي: جدد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي تمسكه بإتحاد المغرب العربي كخيار إستراتيجي،داعياً إلى تفعيل هياكله بما يؤسس لمرحلة جديدة لتعزيز الشراكة والإندماج بين دول المنطقة. جاء ذلك في رسائل تهنئة وجهها اليوم السبت إلى قادة دول الإتحاد المغاربي بمناسبة الذكرى التاسعة عشرة لتأسيس هذا الإتحاد الذي يضم إلى جانب تونس،كلاً من المغرب والجزائر وليبيا وموريتانيا. وتأسس إتحاد المغرب العربي في السابع عشر من فبراير/شباط من عام 1989 ليكون تكتّلا اٍقتصاديا قويا قادرا على تمكين دول المنطقة من مواجهة تحديات العولمة. وبحسب وكالة الأنباء التونسية الحكومية،فإن الرئيس بن أكد في رسائله الحرص المشترك على توفير أفضل الظروف لمواصلة مسيرة إتحاد المغرب العربي الذي ستظل ذكرى تأسيسه التي تصادف غدا « علامة بارزة في تاريخ الشعوب المغاربية ». وجدد العزم على مضاعفة الجهد من أجل دعم علاقات الأخوة والتعاون بين الدول المغاربية « لما فيه خير ومصلحة شعوبها،وبما يجسد طموحاتها في تحقيق التضامن والتكامل ». وأعرب الرئيس بن علي الذي وصف الإتحاد المغاربي « بالمشروع الحضاري والحيوي »،عن أمله في أن « تتكلل المساعي المشتركة بالتوفيق والنجاح للإرتقاء بالإتحاد المغاربي إلي مصاف الأقطاب الفاعلة في محيطه العربي والمتوسطي والدولي وضمان المستقبل الأفضل للأجيال القادمة ». يشار إلى أن مسيرة الإتحاد المغاربي تشهد تعثرا على مستوى الرئاسة،حيث لم يتمكن من عقد قمة لرؤساء دوله منذ العام 1994 بسبب الخلافات بين بين الدول الأعضاء،خصوصاً منها الخلاف المغربي-الجزائري حول الصحراء الغربية. ولم تفلح الاٍتّصالات المكثفة التي شهدتها العواصم المغاربية منذ عام 1994 في تجاوز هذه الخلافات،وعقد هذه القمة المؤجلة،رغم تأكيد كافة العواصم المغاربية على أنها تعتبر الاٍتّحاد المغاربي « خيارا إستراتيجيا ».

 

مبادرة ثقافية جديدة وغير مسبوقة لقناة المستقلة ديوان شعري يحتوي مائة قصيدة في حب خاتم المرسلين

 

 
أعلن الدكتور محمد الهاشمي الحامدي رئيس قناة المستقلة مساء الجمعة 15 فبراير  2008 عن تبني مبادرة ثقافية جديدة غير مسبوقة، تتمثل في رعاية وإنتاج ونشر ديوان شعري جديد يحتوي مائة قصيدة لمائة شاعر معاصر موضوعها حب خاتم الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، مبينا أن عائدات الديوان ستوظف بالكامل في رعاية مشاريع ثقافية مماثلة. سيحمل الديوان عنوان: لماذا نحبه؟ وسيتضمن قصائد مائتى شاعر وفنان مبدع وتفاسيرهم للأسباب التي تجعل قلوب ما يقرب من ألف وخمس مائة مليون إنسان على ظهر البسيطة تفيض بحب رسول الرحمة وإمام الهدى وصاحب الخلق العظيم. وأوضح الدكتور محمد الهاشمي الحامدي أنه تم الإتفاق مع دار نشر عربية مرموقة لطباعة النسخة العربية من الديوان ثم سيبدأ العمل فورا لترجمة الديوان ونشر قصائده باللغات الانجليزية والفرنسية والصينية والإسبانية والهندية. ووجه الدكتور الهاشمي، وهو كاتب وإعلامي تونسي، الدعوة لجميع الشعراء في العالم العربي وخارجه لإرسال قصائدهم في هذا الباب إلى القناة، حيث ستتولى لجنة أدبية متخصصة اختيار المائة قصيدة التي ستنشر في الديوان. وأعرب الدكتور الهاشمي في الختام عن أمله بأن يكون هذا الديوان إضافة نوعية وصفحة مشرقة في تاريخ الشعر العربي والعالمي. يمكن التواصل مع قناة المستقلة عبر البريد الالكتروني feedback@almustakillah.com  أو عبر الفاكس 00442088382997

 

حصــاد الأسبــوع للصحفي المنفي في وطنه عبد الله الزواري

 
الجمعة 15 فيفري 2008   1- علمت:   الحرب الشاملة قادمة..   بعد مؤتمر وزراء الداخلية العرب و قراراته « الثورية » للمحافظة على أمن العربي و سلامته  داخل الأسوار،و للمحافظة على أمن العالم بأسره من شر التحق بهم وزراء الإعلام العرب   وغيرة من على نقاء العربي و طهارته و قيمه  و حفاظا على عقله و ذوقه قرروا كذلك ما يتيح لهم حسن صياغة هذا المواطن.. و عما قليل يلتحق بهم وزراء الثقافة و التربية و التعليم العالي و الشباب والرياضة…. و كلهم يعمل لنفس الغاية: أن يكون العربي لقمة سائغة في أفواه قوى الاستكبار العالمي    و حلفائه.. لا يعرف إلا الاستكانة و الخنوع و إدارة الخد الأيسر و القفا بعد أن يضرب على الخد الأيمن.. لا قيم له إلا قيمهم و لا مصلحة له إلا مصالحهم…   2- تدبرت:   « شق طريقك بابتسامتك خير من أن تشقها بسيفك »   3- سمعت:   بعد ما يزيد عن أربع سنوات من الإمضاء في مركز الأمن بالبلدة و في الوقت الذي كان ينتظر أحد قدامي المساجين رفع هذه المقصلة عن رأسه إذا بهم يلزموه بالحضور يوميا للإمضاء، و هو الذي كان ولأشهر عديدة يمضي مرة واحدة في الأسبوع… لم يكتفوا بذلك بل أوجبوا عليه حلق لحيته..   التونسي في أي من السجنين يكون ليس له مكاسب يمكن أن تكون قارة يعمل لتطويرها..   4- رأيــت:   حملات التحريض العربية لخنق حماس   بقلم : علي عبدالعال   بعيداً عن تعقيدات ما يعرف بالأمن القومي، والإجراءات الأمنية، واللوائح والقوانين التي تنظم عبور الحدود السياسية بين الدول، كان مشهد اقتحام الفلسطينيين معبر رفح الحدودي ـ بعد تحطيم أسواره ـ أشبه بحلم يتحقق، ليس للمحاصرين في غزة وحدهم بل ولكل عربي ومسلم تطارده يومياً مشاهد العدوان الإسرائيلي بحق أخوة له يقطنون على بعد رمية حجر من الحدود مع مصر والأردن والسعودية وسوريا.   كان المشهد رائعاً والجنود المصريون يتابعون ما يجري ولم تصدر عنهم أية بادرة سوء تجاه أشقائهم، الذين لجؤوا إليهم فراراً من القصف، والجوع، والبرد، والظلام. ولم نصدق أنفسنا ونحن نسمع كلمات الرئيس مبارك : « أن مصر لن تسمح بتجويع الفلسطينيين في غزة، أو أن يتحول الوضع في القطاع إلى كارثة إنسانية ».   ولم يكد المشهد يمر على هذا الصفاء وذلك الانسجام ـ الذي نادراً ما يتحقق بين الشعور القومي والإنساني العام وبين معطيات السلطة والحكم ـ حتى لاحت في الأفق بوادر النكوص أو « العودة إلى الأصل » ـ إن صح هذا المسمى ـ أو قل الإنهزامية التي أقنعونا بأنها الأصل الذي ينبغي أن يجري على كافة قضايانا المصيرية.   حيث سلكت التوجهات الرسمية للدولة سياسياً وإعلامياً وأمنياً في منحى تحريضي وعدائي واضح وغير مبرر، خاصة حينما شرعت في تحميل الضحايا السبب الذي دفع الجناة إلى الاعتداء عليهم.   فقد عملت الأجهزة المصرية على منع وصول السلع المختلفة (التموينية والزراعية والمحروقات..ألخ) إلى مدينة رفح، لأنها السبب الرئيس الذي يتدفق الغزاويون من أجله نحو الحدود، ثم شرعت في مطاردة الفلسطينيين داخل مدن شمال سيناء تحت ذرائع شتى لترحيلهم إلى قطاع غزة، وتم تعزيز الإجراءات الأمنية من خلال زيادة نقاط المراقبة والدوريات.. ثم أعلنت مصر اتخاذها إجراءات صارمة لإغلاق الحدود تماماً، وأنها لن تسمح أبداً باجتيازها، ودفعت بقوات مسلحة إضافية، ونشرت أفراد من الشرطة فوق أسطح المنازل العالية المتاخمة للحدود، بهدف مراقبة التحركات على الجانب الفلسطيني.   كما شرعت المخابرات المصرية في التحقيق مع مئات المصريين، العائدين من قطاع غزة، بحجة ورود معلومات عن محاولتهم الانضمام إلى حركة حماس للجهاد ضد إسرائيل، إلا أن الحركة نفسها طلبت منهم العودة إلى مصر بعد تقديم الشكر لهم.   وتزامن مع ذلك حملة إعلامية وصحفية مفضوحة مرسومة ومخطط لها، لتأليب الرأي العام المصري والعربي على سكان غزة وحركة حماس، حيث تم توظيف أقلام مأجورة أخذت تردد إيحاءات التحريض والكراهية بحق المستضعفين، في محاولة يائسة لتزكية نار الفتنة وزرع الحقد فى النفوس تجاههم.   وفي ظل هذه الأجواء تفجرت الأوضاع على الحدود، حين حاول فلسطينيون عبورها مجدداً بعدما أغلقتها السلطات المصرية، مما أدى إلى وقوع اشتباكات بين قوات الأمن المصرية ومجموعة فلسطينيين قرب بوابة صلاح الدين، أسفرت عن سقوط قتيل فلسطيني وجرح 16 آخرين، إضافة إلى جرح عدد من الجنود المصريين. وهو ما أوجد المادة الدسمة لحملات التحريض الإعلامية، حتى ادعت « وكالة أنباء الشرق الأوسط » المصرية الرسمية أن الفلسطينيين : »يتربصون بقواتنا في محاولات لاختراق الحدود ودخول الأراضي المصرية من خلال ثغرات جديدة ».   وتناقلت وسائل إعلام أخرى تقارير تزعم أن حركة حماس تخطط لاختطاف جنود مصريين، لمبادلتهم بعناصر من الحركة محتجزين في مصر. ومن ثم صدرت التعليمات إلى أفراد الشرطة بتوخي الحذر خلال نوبات الحراسة. كما تقرر عدم سير رجال الشرطة المصرية فرادى خلال نوبات حراستهم على الحدود، وأن يكون تواجدهم في شكل جماعي لا يقل عن ثلاثة أفراد لكل مجموعة.   وقال مصدر أمني مصري : إن صاروخاً فلسطينياً، سقط داخل الأراضي المصرية من دون أن يوقع اصابات أو ضحايا. وأوضح المصدر أن الصاروخ محلي الصنع وسقط على بعد عشرة أمتار من خط الحدود المصرية.   ومساهمة منها في اشعال الحريق، زعمت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن حماس تستعد لمواجهة مسلحة مع مصر في حالة استمر الحصار ولم يفتح المعبر. وقال موقع « ديبكا » الاستخباري نقلاً عن مصادر عسكرية إسرائيلية : إن المصريين يخشون من عملية عسكرية تخطط لها حماس، من الممكن أن تأتي من خلايا الحركة المتواجدة في سيناء. وزعم الموقع أن معلومات استخباراتية هي التي دفعت المصريين لتحذير حماس من فتح المعبر عنوة، لأن خطوة كهذه ستؤدي إلى فتح النار المصرية على عناصر حماس، وسيكون هذه المرة إطلاق نار بقتل مباشر وليس فقط إصابات.   وقد توجت كل هذه الإجراءات بالتصريح الفج الذي ردده وزير الخارجية أحمد أبوالغيط ، متوعداً فيه بكسر أرجل الفلسطينيين إذا ما عبروا الأراضي المصرية. حيث سخر أبوالغيط من المقاومة منتقداً إطلاق الصواريخ تجاه إسرائيل، زاعماً أنها « تعود مرة أخرى لتقتل الفلسطينيين، أو تفقد في الرمال داخل إسرائيل » فتعطي الفرصة للدولة العبرية بأن تقوم بضرب الفلسطينيين.   وزعم أبو الغيط ـ فيما زعم ـ أن رفض حماس إعادة تشغيل معبر رفح، وفق اتفاق عام 2005 « يعني أنها تعاقب الشعب الفلسطيني، لأنه هو المتضرر من إغلاق المعبر ». وكان يشير بذلك إلى الاتفاق الذي تريد كل من (مصر وإسرائيل والولايات المتحدة والأوروبيين والجامعة العربية والسلطة الفلسطينية) العمل به لدعم تولي أجهزة عباس السيطرة على المعابر، وجميع هؤلاء لا يريدون وجود أي علاقة لحماس بترتيبات المعابر.   وكان مصدر مصري رفيع صرح لصحيفة « الحياة » : بأن « معبر رفح لن يُفتح في وجود سلطة غير سلطة الرئيس محمود عباس ». وشدد على أن « هذه المسألة غير قابلة للنقاش »، رافضاً أي « وجود ولو رمزي لحركة حماس.. لأنها تنظيم وليست سلطة ».   واستكمالاً للمهزلة الرسمية، قال وزير الدفاع المصري المشير حسين طنطاوي، إنه لن يسمح لأحد بالمساس بالأمن القومي المصري أو محاولة اختراقه. مؤكداً « أن مصر تمتلك منظومة دفاعية وقتالية متكاملة »!. وهي تصريحات لم يعتقد أحد أنها ربما تكون موجهة إلى إسرائيل ـ العدو الحقيقي الذي يقف على الحدود ويهدد الأمن القومي المصري والعربي على حد سواء ـ بل هي موجهة مباشرة لسكان غزة ولحركة حماس.!! وعقبت المصادر الصحفية بأن : الجيش المصري لديه الاستعداد التام للدخول إلى مدينة رفح الفلسطينية، في حال تم الاعتداء على قواته.   وهذا التصعيد الرسمي المصري تجاه حركة حماس ـ المنتخبة من الشعب الفلسطيني والحاكمة في غزة ـ لم يكن هو العربي الوحيد الذي نحى هذا المنحى، فلم تكن مصر وحدها التي صعدت المواجهة مع سكان غزة بل آزرتها دول عربية أخرى، على رأسها الأردن والسعودية والكويت والسلطة الفلسطينية بقيادة أبومازن.   إذ أشارت التقارير الصحفية إلى أن القاهرة تلقت ضوءاً أخضراً، من المملكة العربية السعودية لمواجهة حركة حماس، ووقف تدفق الفلسطينيين عبر حدودها، مشيرة إلى أن السعوديين يعتقدون أن استمرار عدم ضبط الحدود يشكل خطراً وجوديا على مصر والسعودية معاً. وأشارت المصادر إلى أن تصريحات كل من وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط التي هدد فيها « بكسر رجل كل من يحاول اجتياز الحدود » ووزير الدفاع المصري المشير طنطاوي حول قدرات الجيش المصري وتسليحه، ما كانت لتتم لولا ضوء أخضر سعودي.   ومتوافقاً مع توجهات محور الاعتدال العربي، اتهم الأردن حركة حماس بمصادرة قافلة مساعدات أرسلتها إلي غزة، وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام ناصر جودة : إن 16شاحنة أرسلوا إلى مخزن تابع لحماس. معتقداً أن الضحية بطبيعة الحال هم « المحتاجون المستحقون لهذه المساعدات ».   وعلى الفور انتهزت سلطة محمود عباس التصريحات الأردنية لتتشفى من حماس، منددة بما أسمته « سرقة » الحركة للقافلة الأردنية. واتهم نمر حماد ـ مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون السياسية ـ الحركة بمحاولة الاستيلاء على كل ما يقدمه الأشقاء العرب وخاصة الأردن. معتبراً أن ما حصل يندرج في إطار تشجيع حماس لمظاهر تحدي الأشقاء في جمهورية مصر العربية، والمملكة الأردنية الهاشمية مستغلين معاناة الناس.   ومن جهته استغرب صائب عريقات ـ رئيس دائرة شؤون المفاوضات ـ كيف تتنكر حماس للتضحيات العظيمة لمصر ومواقفها. بينما وصف أحمد عبد الرحمن الناطق الرسمي باسم فتح حماس بالعصابات وقطاع الطرق.   وفي رده على هذه الاتهامات أوضح المهندس (زياد الظاظا) ـ وزير الاقتصاد في حكومة حماس ـ أن وزارته ضبطت المساعدات التي حاول الهلال الأحمر ــ وهو جمعية تهيمن عليها حركة فتح ـ أن يرسلها إلى سلطة رام الله وتنظيم سياسي معين، في إشارة إلى فتح، وإن الوزارة قامت بتسليمها إلى وكالة الغوث، مشيراً إلى أن وزارته قامت بتصوير وتسجيل وحصر هذه المساعدات بالصوت والصورة وإرسالها إلى الهيئة الخيرية الأردنية.   وبالنظر إلى هذه الحملة الرسمية العربية للتحريض على حماس يتبين أنها مواقف في مجملها جاءت على عكس ما كان مرجواً من الأنظمة التي وقفت خلفها، إذ كان الشعب الفلسطيني في ظل هذه الأزمات والاعتداءات التي يتعرض لها في أمس الحاجة لموقف مصري وعربي وإسلامي داعم. إلا أن الإستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية التي تدعمها الأنظمة العربية تقوم أساساً على خنق الفلسطينيين سواء في غزة أو في رام الله، وليس هناك أدنى شك في أن هذه الإستراتيجية لم تكن لتحقق أدنى نتيجة لولا التواطؤ العربي الكامل مع بنودها.   ومن ثم فإن الحديث عن تهديد الفلسطينيين للأمن القومي المصري أكذوبة لا ينبغي أن تنطلي على أحد، لأن جياع غزة لم يتدفقوا إلي الحدود من أجل النهب، والسلب، وتهديد الأمن القومي، وانتهاك السيادة، وإنما لشراء الخبز وعلب الحليب لأطفالهم.. وقد كانت الفصائل الفلسطينية دوماً محترمة للأمن القومي ومقدرة للدور المصري رغم انه لم يكن بقدر الأزمة. و ليس أدل على السلوك المتحضر للفلسطينيين من أنهم أعادوا 2000 مصرياً كانوا يريدون الانضمام للمقاومة. و الأمن المصري لا يهدده الفلسطينيون بل يهدده الإسرائيليون الذين يدخلون الحدود من دون تأشيرة ويعيثون عليها فساداً.   في تعليق له على المواقف الرسمية وتصريحات أبوالغيط ، قال أنور رجا ـ عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين « القيادة العامة » ـ :من « المفارقة أن يتوعد أبو الغيط أطفالنا ونساءنا ومرضانا، وهم يهرعون نحو أشقائهم لتأمين لقمة عيش، أو حبة دواء، أو نقطة حليب، أو لترات وقود تقي شر البرد القارص في هذه الفترة من السنة، في حين أن معالي الوزير أبو الغيط يستقبل بالابتسامات العريضة ودون أذونات مسبقة الوافدين الصهاينة إلى طابا وشرم الشيخ تحت عناوين ملتبسة وشعارات بعضها السياحة والاستجمام ». وأعرب رجا الذي يشغل منصب مسؤول دائرة الإعلام في « القيادة العامة » عن استنكاره لاستخفاف أبو الغيط بعذابات وآلام الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة على أيدي قوات الاحتلال.   5- قــرأت:   هذا يهمّ الأطباء ( طب عام و مختلف الاختصاصات)، و قضاة الأسرة، و التجار، و المقبلين على الزواج….   إن صح قول من قال « قل لي ماذا تقرأ أقل لك من أنت » ألا يصح القول  » قل لي ماذا تنشرون أقل لكم أين تريدون الوصول »؟؟.. و لا شك أن المتتبع لما ينشر في البلد يهوله الكم المنشور من  الإعلانات الإشهارية المتعلقة بالعرافة و المداواة بالقرآن و الأعشاب…   لنأخذ الصفحة 15 من ملحق الصريح ليوم 2 فيفري 2008 و ما نشر في هذا اليوم ليس بدعا عما ينشر في بقية الأيام، و فيها نقرأ:   – بسم الله الرحمان الرحيم   العيادة الروحية لأشهر حكيم روحاني في الوطن العربي:…..   صاحب أكبر مجمع روحاني في العالم و رئيس الرابطة العالمية للروحانيين الصالحين، يعالج مرضاه بالقرآن و لا يستعين بالجان »مرخص له اختصاصي في معالجة الأمراض النفسية و العصبية، الصم و البكم، العجز  و الضعف الجنسي، و داء السكري، إزالة السحر و التابعة و العراقيل، تسهيل الزواج، و جلب الزبون، معالجة السرطان في مراحله الأولى و الوسطى، البوصفير   ABCالغصة و العذر، الشقيقة، الجلطة اليمنى و اليسرى، الريشة، المصران الغليظ، الروماتيزم، الدسة، تساقط الشعر، الصفرة، حب الشباب، العقم غير العضوي، الصلح بين الأزواج، التسهيل في السفر و الأعمال..   و بإمكان كل زائر أن يطلع على شهادات حية بمكتبنا,   العنوان:……..الهاتف:7198   للإشارة: يقع قبول الزائرين من الساعة 7 صباحا إلى الساعة 9 صباحا فقط   أيام العمل بتونس العاصمة: السبت، الأحد، الاثنين و الثلاثاء   و العمل بالمغرب الشقيق أيام الاربعاء و الخميس و الجمعة.   – الأستاذ الفلكي العالمي:   عراف دولي و منجم عالمي.. أشهر عراف في تونس و في الوطن العربي.. و عضو بالاتحاد العالمي للفلكيين الروحانيين.   يعالج بالقرآن يملك شهائد عليا فيه اختصاصه وله خبرة طويلة في ألمانيا… كان سباقا إلى عديد التكهنات التي أثبتت الأيام صحتهما… يزيل السحر مهما تقادم       و استعصى… يؤلف بين القلوب و يزيل الحواجز بين الأحبة… يجلب الحظ و يزيل  » التابعة » يسهل الكسب و يزيل نحس الطالع.   لمزيد من التفاصيل اتصلوا بالعنوان:   الهاتف:   – الحكيمة الروحانية: ………   مداوية الأمراض المستعصية بالقرآن الكريم و الرقية الشرعية و العسل و الحبة السوداء.   السحر بجميع أنواعه، العراقيل، الأذى، الصرع، الشقيقة، الصفرة، الحالة النفسية و العصبية، بكاء الأطفال في الليل، فك المربوط، الصلح بين الأزواج التسهيل في التجارة..   العنوان: ….   الهاتف القار: …   الهاتف الجوال: …   – العيادة القرآنية   للعالم الروحاني: …   إخصائي في إزالة السحر و الجن و التابعة و القرائن و العراقيل و جلب الزبون و القبول بلقرآن الكريم.   و الصلح بين الأزواج و بين المطلقين و الأمراض العصبية و النفسية.   أيام العمل: الثلاثاء و الأربعاء و الخميس: …….. تونس   السبت، الأحد،الاثنين: …………   الجوال: …   – أشهر فلكي مغربي: ………………. (المرخص له)   رئيس جمعية اتحاد الفلكيين بالمغرب و عضو الأكاديمية العالمية للفلكيين ببرلين و رئيس هيئة العشابين بالمغرب.   ……   المقابلة بالموعد.   الوقع الإلكتروني:   العنوان:   الهاتف: تونس 2 جوال و 2 قار. و فاكس   هاتف ألمانيا:   هاتف فرنسا:   هاتف المغرب:   أوقات العمل: كامل أيام الأسبوع من 9 صباحا إلى 10 ليلا.   6- نقــلت:   هكذا قالوا:    » البعض يعتقد أننا ( يعني عائلة روكفيلير) جزء من فرقة سرية تعمل ضد أفضل المصالح الأمريكية، ناعتة عائلتي و إياي على أننا « عولميين » و متآمرين مع آخرين حول الأرض لإقامة سياسة شاملة أكثر اندماجا و كذلك هيكلة اقتصادية       ( عالم واحد إن أردتم.. و إن كانت هذه هي التهمة فأنا مدان و فخور بذلك) »دافيد روكفيلير: مذكرات ص 405″ نحن على وشك تغيير شامل.. إن كل ما نحتاجه هو الأزمة الكبيرة الجيدة  و ستتقبل كل الأمم النظام العالمي الجديد »دافيد روكفيلير. » إننا مدينون لل »واشنطن بوست »، و « نيويورك تايمز »و  » تايم مغازين »         و صحف كبيرة أخرى قد حضر مديروها اجتماعاتنا و التزموا بما وعدوا به من تكتم طيلة 40 سنة.. إنه كان من المستحيل علينا أن نضع خططنا للعالم إن كنا عرضة للرأي العام طيلة كل هذه السنوات. لكن العالم الآن أكثر.. و أكثر تهيئة لتقبل الدخول في حكومة عالمية. إن السيادة الأممية لنخبة مثقفة و مصرفيين عالميين هي أفضل بكل تأكيد من  تقرير المصير القومي المعروف في القرون الماضية »   دافيد روكفيلير    » شيئا ما يجب أن يحل محل الحكومات، و النفوذ الخاص هو الهوية المناسبة للقيام بذلك حسب رأيي »   دافيد روكفيلير    » ستكون لنا حكومة عالمية، شاء من شاء و أبى من أبى، السؤال الوحيد يكمن في معرفة هل تنشأ هذه الحكومة بالقوة أو بالتوافق »   بول فاربورغ   عضو مجلس العلاقات الخارجية    » الصحافة الحرة لا وجود لها. أنتم، أصدقائي الأعزاء تعرفون ذلك، و أنا أعرف ذلك، لا أحد منكم يستطيع أن يعطي رأيه الشخصي علنا. إننا تلك الدمى التي تتحرك و تقفز إذا جذبوا خيوطها. إنّ علمنا و قدراتنا بل و حياتنا ملك لهم. إننا أدوات       و خدم القوى المالية التي تقف خلفنا. إننا لسنا أكثر من بغايا مثقفين »   جون سوايتن ناشر  » نيويورك تايمز » في خطابه توديعي..   للمزيد: http://lagrandeconspiration.org/maitresdumonde.html   7- دعــاء:   « اللهم اغفر لي خطيئتي، وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي » رواه البخاري مع الفتح   عبدالله الــــــزواري Abzouari@hotmail.com

الإستحقـاق الإنتخابي والحزب الديمقراطي التقدمي
 
تمثّل الإنتخابات في عرف الديمقراطيات العريقة فرصة حقيقية لتداول الآراء الممكنة بخصوص المشكلات والقضايا المصيرية التي تهمّ عيش المواطن ومستقبله ، فنجد للمناضلين والمثقفين فيها سهما وافرا ومخصوصا بحكم أنهم ضمير الوطن الحي ، ولكن هؤلاء ولأسباب ذاتية وموضوعية كثيرة ومتشابكة  يجدون أنفسهم داخل الحزب التقدمي خارج اللعبة الإنتخابية ليس لهم دور فعّال مثلما تقضي خبرتهم ووعيهم الناقد بالقضايا الشائكة ومؤهلاتهم في التحليل وتبصير المجتمع بواقعه وإلتزاماته الراهنة فيصابون بخيبة أمل وعندها يفضلون البقاء في المقاهي ويصبحون رهين هذه الفضاءات وحلقات النقاش الضيقة . وقد أشاحت مشاركة الحزب الديمقراطي التقدمي في الإنتخابات التشريعية والرئاسية الماضية ( 2004 ) بأنه مازال بعيدا على إمكانية التأطير السياسي للمواطنين وكشفت غياب التواصل والتداول حول القضايا الأساسية للمجتمع بين قيادة الحزب من جهة والفئات العريضة للمجتمع لبناء الثقة المفقودة والسبب راجع إلى ما صاحب تلك الحملة من مواقف متضاربة وممارسات متناقضة  حيث إمتنع وقتها بعض المترشحين عن تنفيذ مقرّرات الحزب وقاطعوا الإنتخابات قبل بدايتها ، فإنكشف حال الحزب وظهر أمام الجميع حزبا مهتزّا خاصة لما قرّر الأمين العام السابق إنسحاب الحزب من الحملة الإنتخابية  بتعلّة أنه تم إستهدافه في العديد من المناطق والحال أنه يعلم أكثر من غيره أن للديمقراطية مهرا لا يقدر عليه إلا المؤمنون لنيله مهما تنوعت الصعاب وتعدّدت العراقيل ، وفوّت الحزب على مناضليه الفرصة للنزول إلى الشارع للإندماج مع المواطنين في مواقع عملهم لتدريبهم على ممارسة حقهم الإنتخابي المقدّس . ثم تتواصل مواقف السيد أحمد نجيب الشابي الفردية فيقرّر وبدون إستشارة مناضلي الحزب الدخول في إضراب جوع دفاعا على مقر الحزب بمعيّة الأمينة العامة  متجاهلا كوادر الحزب . أليس لكل مناضل الحق في الذود عن حرمة هذا الفضاء ؟ والمتأمّل فيما يجري داخل الحزب من حراك تارة وجمود وصمت مريب في العديد من المناسبات النقابية والوطنية والقومية يستنتج أن الخطاب الإعلامي للحزب مازال مختزلا بشعاراتية  صحيحة في جوهرها ولكنها منغلقة في أدوات فعلها وعملها حتى باتت تختنق بل وتخنق من يدور في فلكها . وفي غياب التثقيف والتأطير السياسي داخل أجندة الحزب الديمقراطي التقدمي الذي لازال يعتبر الأفكار الجديدة تهديدا لحساباته ومخططاته المسبقة ليتسع هامش القطيعة بين العديد من المناضلين وقادة الحزب ، ولطالما تحدثنا عن ضرورة تفعيل دور منتدى الموقف وعدم إنتظار مجيئ الناس للحزب ووجوب الذهاب إليهم وإقناعهم بالتفاعل وأخذ رؤاهم وما وجدنا أي تفاعل مع أي من تلك المعالجات وتُركت الأمور أحيانا سبهللا وتم التغاظي والتجاهل في أحيان أخرى . وبعد إنعقاد اللجنة المركزية للحزب يوم 09/02/2008 للنظر في الإستحقاق الإنتخابي التي تستعدّ له بلادنا سنة 2009 وإعلانها قرارها بترشيح السيد أحمد نجيب الشابي منذ الآن إلى رئاسية 2009 وبعد إطّلاعي على اللائحة الصادرة عن اللجنة المركزية للحزب وبعد تحليل محتواها وتفكيك رموزها سأحاول متوخيا الموضوعية إبداء الإستنتاجات التالية : 1 ـ ظهر أعضاء اللجنة المركزية منقسمين إلى أغلبية نسبية وأقلية وذلك بفعل فاعل . 2 ـ ترشيح السيد الشابي ليس وليد اليوم بل هو موقف قديم متجدّد يراود الأمين العام السابق منذ سنوات ( من حقه ذلك ) ولكن ألم يكن من الأجدى والأنفع للحزب ومستقبله أن لا يتسرّع في إتخاذ قرار هام حتى يفوّت الفرصة على معارضيه الذين إستحسنوا سقوطه في نفس الخطأ الذي وقعت فيه السلطة ( التجمع الدستوري ) حين شرعت في حملة إنتخابية سابقة لأوانها ولم تحترم الآجال القانونية ؟ 3 ـ قيل أن ترشيح السيد أحمد نجيب الشابي تم إستجابة لما يسمى بالمبادرة الوطنية ، فعن اية مبادرة تتحدث اللائحة ؟ ولماذا لم يُعلن عنها في إبانها ؟ ولماذا لا يعرف أحد مضمونها ؟ 4 ـ إلتحاق السيد خميس الشماري بقاعة الإجتماعات مع فجر 10/02/2008 ليُعلن مبايعته لصديقه نجيب الشابي وحرصه الشديد لمساندة ترشحه ، وبالمناسبة أقول للسيد الشماري  :<<  عجبي كل العجب أن يلتجأ السيد الشابي إليكم طالبا منكم مساندته وهو الذي يزعم أنه صاحب المبادرات الشخصية ، ثم ما كان للسيد الشابي أن ينتظر منكم رأيا أو مساندة مهما كان نوعها لو حافظ على ثوابته النضالية التي نشأ عليها وتشبّع بها ماضيا ! >> ثم هل تعلم أيها المرشح للإنتخابات الرئاسية أن الفرنسي يسعى عمليا منذ الخمسينات دون كلل إلى التوحّد مع الألمان وغيرهم من الأوروبيين خوفا من المستقبل وتحضيرا لحياة كريمة للأجبال القادمة  في حين يتباهى تجار السياسة الذين يتظاهرون بمساندتكم بإنفصالهم عن أمتهم مطمئنين على مستقبلهم إطمئنان الغافلين ! وأخيرا أرجو ألا تتكرّر مهزلة الإنتخابات الماضية  حتى لا يبقى لنا إلا أن نلعن السياسة ونفاق السياسيين . محسن الشاوش عضو جامعة الحزب الديمقراطي التقدمي بسوسة وقائمته الإنتخابية  لتشريعية 2004
 

 

في حاجة المجتمع التونسي إلى تحالف تاريخي من أجل الحرية العدد الحادي والعشرون

محمد فوراتي استقبلت تونس سنة 2008 بالعديد من الأحداث المهمة التي تجعل الأيام القادمة حبلى بالكثير من الانتظارات والتوقعات والهواجس لدى الحكومة كما لدى المعارضة والمواطن. وودّعت البلاد سنة ماضية بكثير من الألم والأمل في مستقبل يأتي بالأفضل. فرغم بعض النجاحات الاقتصادية التي شهدت بها بعض الصناديق الدولية، ورغم الاستثمارات الضخمة التي ميزت المشهد الاقتصادي في الأشهر الأخيرة، فإن المواطن التونسي لم تتحقق رفاهيته الموعودة، ولم يقع حل معظلة البطالة المستفحلة في صفوف أبنائه، وخاصة من حاملي الشهادات. كما ازدادت بعض الفئات والعائلات، وخاصة في ولايات الجنوب الغربي والشمال الغربي فقرا وتدهورا في المقدرة الشرائية مع زيادة الأسعار بشكل دوري وخاصة في المواد الأساسية. وهو الامر الذي دعا الاتحاد العام التونسي للشغل في بيان يوم 5 يناير/جانفي الماضي إلى التعبير عن بالغ انشغاله إزاء الارتفاع المتزايد للأسعار ولنسبة التضخم في البلاد، وما أدت إليه من إضعاف للمقدرة الشرائية. أما على المستوى السياسي والأمني فالأمر يبدو أخطر من ذلك، وإن كنا لا نفصله نهائيا عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي. فقد انتهت السنة الماضية بمواجهة مفجعة بين قوات الأمن ومجموعة « أسد بن الفرات » في سليمان، ومازالت آثارها الأمنية والسياسية والقضائية متواصلة حتى الآن في الطور الاستئنافي. وقد أعقبت هذه المواجهة النادرة حملة شعواء من الإيقافت المتواصلة إلى اليوم طالت قطاعات كبيرة من الشباب، شملت كل جهات الجمهورية من بنزرت حتى بنقردان. ولم تراع هذه الحملة التثبت في التهم أو الحرمة الجسدية أو البعد الإنساني أو القانوني، بل كانت تتم في كثير من الاحيان على الشبهة، ولأبسط الأسباب، مما سبب الكثير من الألم للعائلات التونسية، التي انهمرت فيها دموع الأمهات أنهارا على فلذات أكبادهم، دون معرفة بمصيرهم، وحزنا على ضياع مستقبلهم (مع العلم أن جلّ أعمار الشبان الموقوفين تتراوح بين 18 حتى  سنة 30). ويستحق هذا الحدث من الجميع وقفة تأمل، من الحكومة ومن المعارضة ومن النخبة ومن الشباب المتدين، الذي اختار نهج التشدد، لما في ذلك من أهمية قصوى في قراءتنا للمشهد التونسي وللتخطيط لمستقبل آمن للبلاد. ورغم ما في المشهد السياسي من قتامة، وخاصة مع تواصل الانغلاق والحصار المضروب من السلطة على قوى المجتمع المدني، واعتقال الزميل سليم بوخذير، واستشهاد السجناء السياسيين السابقين أحمد البوعزيزي والمنجي العياري والطاهر الشاذلي، وتواصل معاناة السجناء السياسيين، وعائلاتهم ، فإن المشهد فيه الكثير من الحركية التي تنبئ بقدرة المجتمع التونسي على التحرر من ربقة الشمولية والاستغلال الاجتماعي، ومحاولة الالتفاف على نضالات الشعب التونسي. فقد شهدت الأشهر الأخيرة العديد من النضالات المشهودة على المستوى الاجتماعي، والتي تعكس بشكل واضح تبرم الناس من السياسة الحكومية، التي لا تراعي مصالح المواطن، الذي طال انتظاره للفرج. وكانت بعض المحطات كالعادة بإمضاء النقابيين أو رابطات العاطلين عن العمل والمحامين والجمعيات الحقوقية. وكان آخر حدث شهدته الأيام الماضية إضراب أساتذة التعليم الثانوي لمدة يومين، والذي حقق نجاحا يصل إلى 70% على المستوى الوطني. وسبق هذا الإضراب تحركات عديدة شهدتها ساحة محمد علي، ومن أهمها إضراب الجوع الذي خاضه الأساتذة المطرودون محمد المومني وعلي الجلولي ومعز الزغلامي، والذي وجد التفافا كبيرا من قبل النقابيين في مختلف جهات الجمهورية. كما شهدت منطقة الحوض المنجمي بجهة قفصة تحركات شعبية نادرة، وصلت إلى حدّ التخييم ومنع النشاط المنجمي، احتجاجا على نتائج مناظرة دخول إلى شركة فسفاط قفصة، والتي شابتها العديد من التجاوزات. ويكشف هذا الحدث حجم البطالة، الذي تعاني منه الجهة والغضب الدفين من تصرفات السلطة الجهوية والبيروقراطية النقابية الموالية لها، والتي تقتسم المغانم وتبيع الوظائف للموالين ولمن يدفع أكثر. نقابة الصحفيين من جهة أخرى مثل المؤتمر الأول للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين مفاجأة للسلطة وللملاحظين، بعد سقوط الأسماء المرشحة والمدعومة من قبل الحكومة، وصعود أسماء مستقلة وشابة إلى الهيئة التنفيذية، بعضها يصل إلى هذا المنصب لأول مرة. وحصد الزميل ناجي البغوري، الذي كان الصوت الوحيد المستقل في الدورة الماضية لجمعية الصحفيين على أعلى الأصوات، في حين لم تستطع أسماء معروفة بعلاقتها بالحكم مثل الهاشمي نويرة ومحمد بن صالح الحصول على أصوات تؤهلها للصعود إلى قيادة نقابة الصحفيين. ورغم أن بعث هذه النقابة بعد تصفية الجمعية جاء لسحب البساط من تحت النقابة المستقلة، التي يقودها الزميل لطفي حجي، والتي سعت السلطة إلى ضربها بكلّ الطرق، إلا أن النتيجة غير المتوقعة، وصعود أسماء مستقلة، يمكن أن يحقق الكثير من المطالب المهنية والمعنوية للصحفيين خلال المدة القادمة. وربما سيكون من المفيد وجود نقابتين تتنافسان على خدمة مصلحة الصحفيين، وتطوير المشهد الإعلامي التونسي. وقد أكد لي بعض الزملاء الجدد في الهيئة التنفيذية الجديدة خلال اتصالي بهم حرصهم وحماسهم الكبير للنضال بشكل مدروس، من أجل تحسين وضع الصحفيين المادي، والنضال من أجل توسيع هامش حرية التعبير. ومن دون شك فإن الكرة الآن في مرمى الزملاء الجدد في الهيئة التنفيذية للنقابة، والتي ينتظرها عمل كبير، نتمنى أن يوفقوا فيه. وفي الحقيقة فإن هذه النتيجة جاءت بقرار انتخابي من القاعة الصحفية، التي ملت الوعود، وكرهت الأسماء المنافقة، التي كانت تبتسم في وجوه الصحفيين، دون أن تحقق لهم أدنى فائدة تذكر. ولم يكن أمام أكثر من 700 صحفي، ومنهم الكثير من المنضوين في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم، أو الذين يشتغلون في مؤسسات إعلامية رسمية إلا معاقبة القيادة السابقة على ركونها للموالاة، وعقد الصفقات، واختيار هيئة جديدة يعتقدون أنها الأقدر على تمثيلهم في المرحلة الحالية. ويكشف هذا الاختيار الذي لم يكن متوقعا عن وعي جديد لدى الصحفيين بضرورة الدخول في مرحلة نضالية تهدف إلى تحقيق كرامتهم، ومشاركتهم في مؤسساتهم الإعلامية، وتحسين وضعهم المادي المتردي، وفتح صفحة جديدة من حرية التعبير والصحافة التي نحتل فيها فيها أرذل المراتب في المنطقة العربية والعالم.   الحريات محور النضال ربما لم يتغير المشهد السياسي التونسي كثيرا، ولكن كثرة الملفات السياسية والحقوقية المطروحة، والتي تلتف حولها اليوم العديد من القوى والأحزاب، يجعل من المرحلة الراهنة، حسب اعتقادي، مرحلة انتقالية يحاول فيها النظام كسب الوقت، وتحاول فيها قوى المجتمع المدني، على ضعفها، تحقيق مكاسب حقيقية للشعب التونسي طال انتظارها. ورغم التشتت الذي مازال السمة الغالبة، للأسف، على قوى المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، إلا أن ما تحقق من تنسيق ونضال مشترك، سواء في هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات، أو في الجمعيات الحقوقية المناضلة، بدأ يرسم الطريق الأسلم للوصول إلى بر الأمان، وهو تكوين جبهة سياسية ومدنية واسعة، من أجل تحقيق الحريات، والكرامة للشعب التونسي، والدخول بالبلاد في مرحلة تكون الديمقراطية والعدالة واستقلالية مؤسسات الدولة، واحترام الدستور والقانون هي عناوينها الرئيسية. وقد مثل توسيع أرضية عمل هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات بإضافة ثلاث نقاط جديدة هي مقاومة الفساد، واستقلال القضاء، والنضال من أجل شروط عادلة للانتخابات، لبنة أخرى في طريق بناء مثل هذا التحالف أو الجبهة، التي لم تأخذ بعد شكلها النهائي. وبإضافة هذه النقاط الثلاث إلى الشعارات التي رفعتها الحركة منذ بدايتها، وهي العفو العام وحرية الإعلام وحرية التنظم، فإن الهيئة تأخذ على عاتقها مهمة تحرير الشعب التونسي، وتوفير كل شروط العزة له في هذه المرحلة من تاريخه. ويبقى على الهيئة أن تنفتح أكثر على الجانب الاجتماعي المهم جدا في هذه المرحلة، وأن تسعى إلى تشريك أكبر عدد ممكن من الفئات والقوى في تحركاتها القادمة. وقد كان بيانها ليوم 15 يناير/جانفي الماضي شاملا للعديد من القضايا الاجتماعية، ومن بينها إضراب الثانوي، وأحداث الحوض المنجمي، والاعتقالات في صفوف الطلبة في سوسة وبنزرت، بالإضافة إلى تنديدها بالانتهاكات ضد السجناء السياسيين السابقين والتشفي منهم، وسجن الصحفي سليم بوخذير، ورفض الأحكام الصادرة بالإعدام. أما الأحزاب المختلفة فيبقى آداؤها ضعيفا، وإذا كان الحزب الديمقراطي التقدمي قد حقق نصرا جزئيا في معركة المقرات، فإن بقية مكونات الحركة الديمقراطية والوطنية مازالت تعاني من ضعف الكادر الجماهيري، ومن ضبابية أهدافها النضالية، ومن ركونها إلى النضال السهل ونضال البيانات والمؤتمرات. استثمارات وفقر نجحت تونس، خلال الفترة الماضية، في جذب عديد الاستثمارات الخليجية والغربية، إضافة إلى الهبات والقروض من جهات وصناديق مختلفة. وهو ما جعل الملاحظين يقولون إن الحكومة التونسية تسعى لإقامة مشاريع جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة، تراوح تكلفتها الإجمالية ما بين 50 و60 مليار دولار. وقد بدأت الاستثمارات الخليجية التي من المتوقع أن تجعل الحكومة مرتاحة في الفترة القادمة عندما فازت شركة «تيكوم ديج» التابعة لشركة دبي القابضة بصفقة شراء 35 % من رأسمال مؤسّسة «اتصالات تونس»، التي بلغت قيمتها 2,72 مليار دولار. ثم أعلنت مجموعة «بو خاطر» الإماراتية أنها ستنفّذ مشروعاً لإقامة مدينة سكنيّة وترفيهية ورياضية متكاملة على ضفاف بحيرة تونس الشمالية، باستثمارات تقدّر بنحو 5 مليارات دولار، كما خطّطت شركتا «الدار العقارية» و«صروح العقارية» الإماراتيتان، لاستثمار نحو 5,5 مليارات دولار، لتطوير ضاحية أخرى من ضواحي تونس العاصمة، من خلال مشروع سياحي وإسكاني يتوقّع أن تتجاوز قيمته النهائية 11 مليار دولار. أما مشروع «تونس باب المتوسط»، فيعتبر أبرز المشاريع الاستثمارية الاماراتية في تونس وأهمها، ويوصف هذا المشروع الذي ستنفّذه مؤسّسة «سما دبي»، باستثمارات قدّرت بنحو 14 مليار دولار، بأنّه «مشروع القرن». ومن ناحية أخرى، أعلن «بيت التمويل الخليجي» البحراني عن رصده نحو 3 مليارات دولار لبناء «مرفأ تونس المالي الدولي» في الضاحية الشمالية، والذي يضمّ مركزاً للتداول، وآخر خاصّاً بشركات التأمين، وثالثاً للبنوك غير المقيمة، بالاضافة إلى مركز للشركات الاستشارية المالية. وإذا كانت هذه الاستثمارات الكبيرة التي ضخت في جسم الاقتصاد التونسي يمكن أن تنفس عن الدولة التونسية فإن السؤال يبقى مطروحا وبإلحاح: هل المواطن التونسي مستفيد من مثل هذه الاستثمارات أم إن أطرافا وفئات معينة وحدها المستفيدة؟ ولماذا تبقى نسب البطالة مرتفعة، وخاصة في أوساط الشباب المتعلم؟ ولماذا المقدرة الشرائية في تدهور مستمر والأسعار في زيادة متواصلة؟ ثم إن أغلب هذه الاسثمارات تتم في قطاع الخدمات والعقارات والسياحة، وهي مجالات جديدة، ولا يمكنها أن تغطي حاجة البلاد لمشاريع زراعية وصناعية هي محور الاستقلال الاقتصادي. ثم يجب أن نتساءل أين المسثمر التونسي من كل هذه المشاريع؟ وهل يجب علينا أن نخشى على بلادنا من رأس المال الأجنبي، خاصة إذا لم تكن هناك شروط وطنية تحافظ على ثرواتنا وحقوقنا المعنوية والمادية؟ وهذا الملف الكبير والمهم يجب أن يكون شفافا ومطروحا للنقاش بين كل فئات الشعب التونسي، لأن القضية تهم مستقبل شعب بأكمله، ولا تهم فقط نظاما ظرفيا، وعلى قوى المجتمع المدني والقوى السياسية أن تولي هذا الملف عناية كبيرة وأولوية في برامجها وخططها المستقبلية. تحالف تاريخي يظهر من خلال الملفات المطروحة اليوم على النخبة التونسية وعلى قوى المجتمع بصفة عامة، أن البلاد مازالت تعيش مخاضا عسيرا من أجل التنمية ومن أجل الديمقراطية والمساواة والعدالة. ونظرا لضخامة هذه الملفات وصعوبة حلها، في ظل تشتت وخلافات تشق قوى المجتمع.. منذ زمن بعيد. ولأن الخلافات والمعارك الايديولوجية لم تحل للشعب التونسي مشكلة، بل عمقت جروحه. ولأن التجربة أثبتت أن الأنظمة والقوى الاستعمارية تعتمد سياسية التفرقة والتشتيت حتى تحقق أهدافها. ولأن التجربة أثبتت أن كل تشتت ومعارك جانبية تنتج عنها هزائم ونكسات. ولأن النخب التونسية أو أغلبها على الأقل بدأت تعي حجم الأخطاء التي وقعت فيها فيما سبق، وتضررت منها جميع القوى. فإن الوقت قد حان لكي يفكر الجميع في تحالف تاريخي مدني وسياسي، يجمع كل الفرقاء أو أغلبهم، مهما كانت توجهاتهم وتجاربهم، من أجل هدف واحد هو تحقيق الحرية للشعب التونسي، والخروج به من حقبة الديكتاتورية وفسادها إلى الدولة المدنية وعدالتها، وعندها سيكون لكل فرد أن يعبر عن رأيه بكل حرية، وأن يدافع عن مشروعه دون تجريم أو تخوين.
 
(المصدر: مجلة « أقلام أون لاين – تونس »، العدد الحادي والعشرون، السنة الخامسة / فيفري – مارس 2008)


عجوز أمسكت سارقا

 

 
روى لي صاحبي أن مسيّس بن متروك حدث عن صاحب الشرطة قال:   <<لقد ثبت بالدليل القاطع والبرهان « الساطع » أن الجمعيات الحقوقية جمعيات مأجورة هدفها بث الفرقة وزعزعة الأمن المستقر وتعكير صفو الحياة الهنية لشعبنا! هؤلاء الذين يدعون الدفاع عن حقوق الإنسان وكرامة المواطن يتخذون من نضالهم غطاء لتحقيق مآربهم الشخصية وأهدافهم الخفية التي بدأت تتبين بالزمن، وهي أنهم لاخلاق لهم غير التربص بالكرسي الدوائر وخدمة الأعداء وبث الأراجيف واللعب بعواطف الناس!   لطالما تسابق هؤلاء المغرضون وتنافسوا في إصدار البيانات الكاذبة للتشهير بالسلطة وإعاقة مسيرة النمو والتطور التي هي الشغل الشاغل ليقيادتنا الشابة والحكيمة! وإن ما أقدموا عليه مؤخرا من ادعاء أن قواتنا « الأمنية » قد قتلت شابا لأنه تظاهر متعاطفا مع غزة ضد الحصار المضروب عليها، قد أفاض الكأس لذلك وجب التصدي لهم ولأعمالهم التخريبية والضرب على أياديهم بحزم وشدة! ولا مجال للعبث بأمن البلاد بعد اليوم! وسيتخذ القانون مجراه في حق المرجفين وينال كل امرئ منهم ما كسبت يداه ونطق لسانه وخط قلمه! وليعلم من غرّر بهؤلاء أن « أمننا » يحمي المتظاهرين ولا يقتلهم ويرعى حقهم في التعبير والتضامن مع القضايا العادلة والشعوب المضطهدة، وذلك هو عين ما تنقمون منا! … ولا نامت أعين المخربين! >>   وبعد أن فرغ صاحبي من روايته سألني إن كان لي رأي فيما سمعت، فقلت:   <<إن صح منك النقل عن المسيّس ـ وأنت عندي ثقة ـ فلا تصح منك الرواية عن المجروح والمتروك وإلا صرت وضاعا مروجا للكذب! روايتك يا صاحبي مرفوضة سندا ومتنا، ووجه التجريح في السند أن الكاذب قد روى عن الواضع المجهول، وأن حلقات السلسلة كلها عبيد لا يعصون سيدهم ما أمرهم وينقلون ما يؤمرون، وكما تعلم، الحرية شرط من شروط الثقة والأمانة  والمسؤولية!   وإذا كان السند على هذه الحالة من الوهن والضعف فإنه يحق لنا أن نرد الرواية دون أن ننقد متنها. ومع ذلك لا بأس من بيان خلل المتن ووهنه ليطمئن قلبك ولتعلم أننا لا نتجنّى على أحد وأن ما يهمنا هو الحقيقة وليس سواها.   ملخص متن الرواية التي نقلتَ هو أن بعض الجمعيات الحقوقية وبعض وسائل الإعلام قد أورت خبرا « كاذبا » مفاده أن الشرطة قد قتلت تلميذا متظاهرا وأن القتيل معروف الإسم والقسم والمسكن، في حين أنه لا وجود لتلميذ بهذا الإسم في أي قسم ولا يُعرف في أي مسكن من مساكن الجهة! وهنا أقول لك ما قال الجاحظ في مثل هذه الحالات « فاعرف مواضع الشك وحالاته الموجبة له لتعرف بها مواضع اليقين والحالات الموجبة له وتعلم الشك في المشكوك فيه تعلما »! والسؤال هنا ماهي الفائدة التي يمكن أن تحققها جمعية حقوقية أو وسيلة إعلام عند ترويجها لخبر كاذب من هذا القبيل؟ ألن تفقد هذه المؤسسات مصداقيتها إذا تبين الناس تعمدها الكذب والمغالطة؟ وهل يوجد عاقل يحتمل أن يمر خبر كاذب من هذا القبيل دون أن يكشف؟ ومن هي الجهة التي سربت الخبر ووفرت له الظروف الملائمة لانتشاره وما فائدتها في ذلك؟ لو كان الأمر مجرد إشاعة نابعة من التلاميذ المتظاهرين لما كان  بهذا الحبك ولما اختير اسم وهمي غير موجود حتى يصعب التأكد من صحة الخبر؟ ولما ضرب كل ذلك الطوق الأمني لمنع التثبت والتحري! ليس خافيا أن السلطة متضايقة جدا من العمل الحقوقي ـ على نقائصه ـ وتسعى منذ مدة لتكذيبه ودحضه وكانت هذه فرصة أو مؤامرة حتى إذا ما صدر بيان من هذا القبيل فاضح لإجرام السلط وزبانيتها احتمل الناس كذبه أو خطأه كما حصل مع « تلميذ جبنيانة القتيل » وكما حصل مع الذي استنجد من الذئب مازحا فلما هاجمته الذئاب حقيقة لم يجد من يجيب صراخه!   ثم كيف نبرر فزع السلطة وأعوانها من الخبر ـ بعد رواجه ـ وكأن الأمر ليس له قبيل وأن بلادنا لم تعرف له مثيلا؟! ألم يقتل التلميذ الطيب الخماسي بالرصاص قرب مسجد المركب الجامعي وهو يوزع منشورا! وكذلك صلاح الدين باباي في مسيرة سلمية بصفاقس مناصرة للعراق خلال حرب الخليج الثانية! وأحمد العمري وعدنان سعيد بالمركب الجامعي، وهذا قليل من كثير نسوقه للذكر لا للحصر! فما بال السلطة تقتل الشباب العزل بدم بارد ثم تصمت أو تكذب وتقيم الدنيا ولا تقعدها إذا ابتلع المقاومون لانتهاكاتها الطعم وروجوا لخبر كاذب أو خاطئ أو لم يثبت؟   وأما اختصار المسألة في أن الخبر صنعته أطراف لها مصلحة في زعزعة الأمن وتشويه سمعة البلاد فـكما قال المعري: « هذا كلام له خبيئ ** معناه ليست لنا عقول>>   المثل التونسي يقول بأن العجوز التي تمسك بسارق تعمل « شوهة » ولكن سلطتنا تصنع « السارق » لتعمل عليه « الشوهة »!   صـابـر التونسي   (نشر: مجلة كلمة عـدد 60)


تونس الجميلة

عيد الحبّ

 

 

أبدأ على بركة الله الكتابة تحت عنوان (أو ركن) قار أسميته « تونس الجميلة »، أتناول فيه بالتعليق ظواهر أو تصرّفات تونسية… قد تكون النّقاط المستعرضة أو الواقعة تحت التعليق في هذا الركن أحيانا سلبيّة رجوت تقويمها وأحيانا أخرى إيجابية رجوت شيوعها والتنويه بها، وهي مأخوذة كلّها من قراءتي اليوميّة لما يصدر بالمواقع الإلكترونيّة سيّما التونسية منها، والمتمتّعة بقدر رفيع من الاستقلاليّة والشفافيّة. كما سوف أتناول الدستور أو القانون التونسي فصلا فصلا، وذلك للوقوف على مدى انسجام هذا القانون مع التطبيقات. راجيا من الله سبحانه وتعالى التوفيق والثبات على الحقّ…

    

الفصل1: تونس دولة، حرة، مستقلة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها.

هي دولة نعم، ولكن، هل هي حرّة في قراراتها وفي إبرام صفقاتها وفي بناء علاقاتها؟! هل هي مستقلّة اقتصاديا وثقافيا وحتّى ترابيا؟!… فإنّ الحرّية والاستقلال الفعليين هما العاملان اللذان يوفّران السيادة التي يتحدّث عنها الفصل والتي تخوّل اتّخاذ المواقف الشجاعة الصائبة المراعية للمحيط المنكرة والرّافضة لضغوط الابتزاز مهما كانت دواعيها ومهما كان مصدرها!… وإذا كان الدّين الإسلامي هو الضامن القويّ لكلّ ما سبق، فهل التزم الحاكم التونسي بتطبيق الدستور فجعل الإسلام دين الدولة كما في هذا الفصل؟!… وإن التزم (وهو لا يزعم غير ذلك)، فما بال هذه الخروقات الصارخة في مجالات عديدة من حياة المسلمين في تونس؟!… أهي نتيجة جهل بالإسلام فيُعمل على رفعه أم هي نتيجة بغض للإسلام فيعمل على تليينه أو إزالته؟!… كما يجوز لنا التساؤل بصدد هذا الفصل عن حظّ اللغة العربية في بلادٍ عجز فيها الأولياء عن فهم الطلاسم التي يشفر بها الأبناء كلامهم حتّى يُعدموا لديهم القدرة على فهم إنتاجهم في عالم قلّة الحياء والعقوق… وأمّا الحديث عن النّظام الجمهوريّ فقد لا يكون له آخر سيّما إذا نوقش من طرف الساسة المتمرّسين….

أحسب أنّ الأمر يبدأ بفهم المصطلحات والتوقّف عند الرّوح التي بها صيغ هذا الفصل. والمطلوب هو التوقّف عند النصّ والتنفيذ الكامل له دون زيادة أو نقصان أو تأويل، والمطلوب كذلك هي المحاسبة على كلّ تقصير في التنفيذ…

وهذه الكلمات دعوة للجميع إلى التمسّك بالقوانين، فإنّ نجاح الغرب الذي نقيم بين أهله ما كان إلاّ نتيجة تطبيق القانون الذي ارتأوه ضامنا لمصالحهم….

 

عيد الحبّ:

تقول جريدة الشروق الصادرة يوم 14 فبراير 2008 متحدّثة عن آراء وانطباعات جانب مهمّ من الشباب التونسي: « أجمعوا على أن «عيد الحب» شكل من أشكال الغزو الثقافي الأوروبي للعالم العربي وأنه عادة دخيلة لا يهتمون بها مطلقا مؤكدين أن الحبّ لا يحتاج إلى يوم بعينه للاحتفال به وأن العرب المشهورين بقصص الحب الخالدة ليسوا في حاجة إلى «القديس فلانتين» ليدركوا أن الحبّ من أروع المشاعر التي يجب الاحتفاء بها ».   ثمّ تُخبر عن العيّنة المستجوبة فتقول: « إنهم مجموعة من الطلبة والطالبات من مختلف الشعب العلمية طالبوا بضرورة عدم الانسياق وراء عادات الغرب الدخيلة وتقليدها ومحاولة ترسيخها في مجتمعاتنا العربية الإسلامية بأي شكل من الأشكال ».   ثمّ تخصّص الحديث عن بعض المستجوبين، فأتوقّف أنا عند قول الطالب قيس الذي « نفى معرفته تاريخ الاحتفال بعيد الحب وقال متهكما: «هل نحتاج الى 14 فيفري بالذات للاحتفال بالحبّ الذي أرى أنه لا وجود له في عصر المادة والتكالب على المصالح ». في حين قالت الموظّفة آمال مخالفة بعض الشيء التوجّه العام لسابقيها من المستجوبين: « أننا في حاجة إلى يوم معين نحتفل فيه بالحبّ ونعبر خلاله بكل تلقائية عن مشاعرنا، خاصة وأننا نعيش زمن الماديات والمصالح الذاتية ولا مكان للحبّ والمشاعر النبيلة الخالصة والنقية من المطامع المادية »

 

قلت: بدءا لا بدّ لي من التعبير عن سعادتي بتوجّه هذه النبذة من الشباب التونسي المتعلّم، فأيّ حبّ هذا الذي لا يُذكر إلاّ في عيد عيّنه أناس قد لا يفقهون معنى الحبّ.  

وقد نظرت في  أحداث يوم « عيد الحبّ » 2008 أو عشيته (بعض العناوين أخذتها من الصحافة الدولية غير العربيّة)، فاخترت منها ما يلي، وهي كلّها دالّة على أنّ الذين ملؤوا شوارعنا – دون وعي منّا – باللون الأحمر، قد هاموا فعلا بالأحمر ممّا جعلهم يهرقون دماء المسلمين الحمراء القانيّة في كلّ لحظة وفي كلّ طرفة عين:

         انفجار في غزّة إثر غارة إسرائيلية يسفر عن مقتل 8 أشخاص وجرح 60 شخصا على الأقلّ منهم 12 في حالة خطيرة.

         مبعوث الأمم المتّحدة يقول: غزّة حزينة وبائسة.

         سبعة قتلى في غارة ضدّ « القاعدة » شمال العراق، ومن بين القتلى مدنيين عراقيين.

         اغتيال عماد مغنية اللبناني في سورية. (يوم 12 فيفري 2008)

         إحكام الحصار على غزّة، والمزارعون يتلفون زهورا – غرست من أجل إشاعة الحبّ – نظرا للحصار الخانق المانع للحركة والتنفّس.

         إعادة نشر ما يسمّى بالرّسوم المسيئة للرّسول صلّى الله عليه وسلّم بالصحف الدّانماركيّة وبعضها السويدية، من أجل إشاعة الحبّ في يوم عيده…

         حول رفع عدد الجنود الفرنسيين لمؤازرة قوات الحلف في أفغانستان (لو فيغارو الفرنسية بتاريخ 11 فيفري 2008).

         أكثر من 900 مواطن أفغاني يموتون بسبب البرد هذا العام، (قلت: كما قتل جندي إيطالي فاتح بينما كان يحاول إشاعة الحبّ في أفغانستان)

         …الخ.

 

والهدف هنا ليس استعراض كلّ العناوين فهي كثيرة وكلّها يردّد فحيح حبّ في يوم عيده، ولكن الهدف هو التوقّف عند مصطلح « الحبّ »… فهو إن كان صادقا صافيا لا يحتاج منّا كما قال أبناؤنا وبناتنا في تونس الجميلة إلى إحياء يوم بعينه أو اقتناء زهرة أو هديّة بعينها. فالحبّ عندنا هو الحياة. والحبّ عند المسلمين الصادقين هو ثمرة اجتهاد في طاعة الله واتّباع سبيله القويم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إذا أحبّ الله عبدا نادى جبريل: إنّي قد أحببت فلانا فأحِبّه، فينادي في السماء ثم يُنزل له المحبة في أهل الأرض، فذلك قول الله عزّ وجلّ (إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودّا)« . رواه مسلم والترمذي.

نريد حبّا خالصا صوابا، نريد حقوق إنسان كتلك التي أسّسها عمر بن الخطّاب رضي الله عنه تلك التي مكّنت قبطي من الاقتصاص من ابن القائد الوالي على مصر، نريد ديمقراطيّة تساعدنا على المنافسة الشريفة وعلى الاجتهاد في خدمة المصلحة العامّة للبلاد… أمّا أن يظلّ الحبّ عندنا ورود حمراء بدون رائحة أو قلوب اصطناعيّة لا تفقه معروضة في الدّكاكين أو دما أحمر مهراقا بلا قيمة، أمّا أن تظلّ حقوق الإنسان خادمة فقط لذلك الذي أذلّ الإنسان، أمّا أن تظلّ الديمقراطيّة قالبا يُعيّر بواسطته المواطن، فهذا ما يضرّ ولا ينفع وهو ما يؤخّر ولا يقدّم!…

 

عبدالحميد العدّاسي 


 

تدهور الوضع الاجتماعي في قفصه

 
منذ ما يزيد عن الشهر والاحتجاجات الاجتماعية من اجل الحق المشروع في الشغل في أوساط أهالي المناجم شيبا وشبابا في كل من أم العرائس والرديف والمظلية لا زالت تشهد حالة احتقان .فالسلط  الجهوية لم تحرك ساكنا  ماعدا الوعود المعسولة التي لاتسمن ولا تغني من جوع ولا الشركة الوطنية لفسفاط قفصه  أعادت توزيع مواطن الشغل بطريقة عادلة وشفافة في وضع اجتماعي متأزم  نسبة البطالة فيه تزداد يوما بعد يوم والفقر هو السمة البارزة والأساسية لمناطق الحوض المنجمي .فالمشهد الاحتجاجي يذكرنا بمواطنين لاجئين من إثيوبيا أو الصومال فروا من منازلهم خشية وقوع الكارثة وأي كارثة اكبر من إنسان يعيش تحت سقف الفقر والحرمان والفاقة ولا يجد من يسمعه ولا من يغيثه وهو في وطنه . لا وألف لا إن هؤلاء اللاجئين تونسيون لحما ودما.  إنهم  أولاد المناجم الذين ضحى أجدادهم وآباؤهم من اجل أن نعيش في هذا الوطن بكل عزة وكرامة . هم الذين ضحوا بحياتهم  في ظلمة الداموس  وشقائه من اجل أن ينيروا لنا الطريق لنحيا .  هل نحملهم مسؤولية أزمة اقتصادية واجتماعية  لم يكونوا سببا فيها؟ هل نحملهم أزمة اختيارات النظام المتبعة والتي لم يكونوا الا ضحاياها؟ فهل نحمل أبناء المناجم وكل أبناء شعبنا في تونس ارتهان الدولة للقطاع الخاص   والذي لم يزد البطالة الا تفاقما والوضع الاجتماعي الا تدهورا ؟  فإذا كانت الدولة عازمة  على التخلص تدريجيا من  القطاع العام وهذا ما سعت وتسعى إليه في العديد من المؤسسات  بفعل توصيات البنك الدولي والمؤسسات المالية الأجنبية الاحتكارية فعلى الأقل فلتؤمن مواطن الرزق للمواطن  الذي أصبح  يشكو من الظروف المادية الصعبة التي خلفتها سياسة الخصخصة  وما يتبعها من ارتفاع مشط في الأسعار وتدهور للمقدرة الشرائية. إن تكريس سياسة التبعية للرأسمال الأجنبي  وما ينجر عنها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي من عدم توازن للتنمية والفوارق في الجهات هو الذي عمق ولا يزال يعمق الأزمة الاجتماعية الحادة في البلاد وفي قفصه بشكل خاص. فلماذا لا تقوم الدولة بمشاريع اجتماعية استثمارية توفر اليد العاملة المستقرة في قفصة ؟  إن الخواص بفعل طبيعتهم  لا يبحثون الا عن الربح وبأيسر السبل وبالتالي تصبح المسالة مطروحة أساسا على الدولة إذا أرادت حلا دائما للمشكلة . وكل يوم لا تساهم فيه الدولة بالحل المناسب كتدعيم القطاع العام في الجهة وبعث مؤسسات تكون هي المساهم الأكبر فيها يزيد في احتداد الأزمة الاجتماعية واحتقانها .فالمطلوب ليس مستحيلا  بل يمكن تلبيته لان أبناء المناجم لم يطالبوا الا بحق  من الواجب على الدولة تلبيته إذا توفرت الشروط لذلك وهي الشفافية والعدالة في التنمية بين الجهات والتوزيع المحكم لمواقع الشغل دون محاباة ولا محسوبية . فمطلب أهالي قفصه مطلب وطني يحق لنا أن نفتخر بأبنائها الذين لا يريدون الا تكريس حق المواطنة الحرة في مجتمع مدني تسود فيه الحقوق والحريات . النفطي حولة
 مقال بتاريخ 15 فيفري 2008
 

من يعيّن معتمدي قصرهلال وزارة الداخلية والتنمية المحلية،أم ادارة التجمع الدستوري الديمقراطي؟؟؟

 

 
مراد رقية
ان المتتبع لأوضاع قصرهلال الحالية المتميزة بالتردي والتقهقر على مختلف الصعد نتيجة التضحية بموقعها الريادي السياسي والنقابي والجمعياتي وحرمانها من حقوقها الطبيعية المرتبطة على الأقل بما تدفعه من الضرائب للمجموعة الوطنية يلاحظ اختلال التوازنات القائمة بين الهياكل الثلاث،المعتمدية والبلدية وجامعة التجمع التي برغم التزامها جميعها معا بتحقيق التصحّر الكامل للمدينة تغييبا للتجهيزات والمرافق بعدم وجود توازن بينها؟؟؟ فبرغم الاعتقاد السائد من أن المعتمدية تتفوق على عديلتيها المحليتين الأخريين في تنشيط المدينة وفي الحرص على ربط الصلة بالهياكل الوطنية والجهوية تسهيلا لتنفيذ المخططات والتوجهات الكبرى فان الذي يحدث هو تفسخ المعتمدية والبلدية معا لحساب الكتابة العامة لجامعة التجمع بقصرهلال.وطالما أن التجمع الدستوري الديمقراطي قد تنكر لمدينة 2 مارس1934 وأتاح محاصرتها والتلاعب بذاكرتها خاصة من خلال الاحتفال بذكرى 23 جانفي1952وذكرى 5 سبتمبر1934 لصالح المدينة المجاورة فانه ليس من المنطقي أو من الطبيعي أن تكون للكتابة العامة للجامعة بمواصفاتها الحالية اليد الطولى في شؤون المدينة من خلال احتواء كل من رئيس البلدية ومعتمد المدينة وتحويلهما الى ملحقين يظهران في الصورة خلال المناسبات المختلفة دون أن تكون لهما أي سلطات أو صلاحيات حقيقية؟؟؟ وبرغم حالة الحصار والتهميش التي تعانيها مدينتنا المخطط لتصفية ذاكرتها وتدمير تراثها برغم أنها مسقط رأس متولي كرسي الرئيس بن علي لحوار الحضارات والأديان الأستاذ الأثري محمد حسين فنطر فان جامعة التجمع تحاول أن تقود مسيرة التهميش وتنفيذ الحصار من خلال تحويل الشريكين الآخرين الى مكتبي علاقات عامة تنسق معهما في تنظيم الجنائز الرسمية للمناضلين ولذوي البرّ،والأربعينيات وتوزيع الجوائز وتنظيم الدورات الرياضية،وزيارة بعض منازل الوجهاء المعتدى عليهم من قبل »لصوص محترمين » مهنئين بسلامة المآل؟؟؟ وقد كان حضوري من خلال مناسبتين اثنتين برغم عدم رغبتي في حضور هذه المواكب هما الدورة التمهيدية ليوم 16 نوفمبر2007 وموكب أربعينية فقيد الأسرة التربوية الأستاذ عبد الهادي النافض فرصة ذهبية مكنتني من الاطلاع على استغلال هذه المناسبات ،وفي غياب الانجازات الحقيقية في الابقاء  على بعض الرصيد المعنوي بعد انفضاض المواطنين وهجرتهم لمختلف هذه المواقع التي يحضر فيها المسؤولون  لعلمهم المسبق باعتماد مبدأ »ليس بالامكان أحسن مما كان »وشعارأن « قصرهلال مكتفية بذاتها » وأن مسؤوليها مضروب على يدهم ،مقيد لسانهم،ولا حول لهم ولا قوة؟؟؟ فاذا كانت وزارة الداخلية والتنمية المحلية هي التي يرجع لها حقيقة تعيين المعتمدين فتحن نطالبها باعادة الاعتبار لمعتمدية  قصرهلال بتخليصها من « براثن » جامعة التجمع » من خلال تعيين معتمدين بمواصفات قياسية مؤهلين للمبادرة وللانجاز الحقيقي غير قابلين للاحتواء وللابتلاع؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين الرسالـة رقـم 399 على موقـع الحريـة
بقلـم : محمـد العروسـي الهانـي مناضل – كاتب في الشأن الوطني والعربي والإسلامي

في الصميم : النكتة الثقيلة غير محبذة ودور الفنان الفكاهي ينبغي أن يكونللبناء والنقد الموضوعي النزيه لا العكس والشتم

 
إن دور الفنان سواء الممثل أو المسرحي أو الفكاهي أو كل أنواع الفن. هو دور للبناء والنقد الموضوعي السليم النزيه الهادف لغاية الإصلاح لا العكس أو التهريج أو الشتم أو التنابز ومس مشاعر الناس أو خدش كرامتهم أو الحديث في مسائل شخصية أو سرية أو تجريح أعراض الناس أو إبراز الحياة الخاصة لكل إنسان فهذا يصبح ثلب وشتم ومس مشاعر الآخرين. وبعض الفانين في مجال الفكاهة في بلادنا تجاوزوا الخطوط الحمراء واخترقوا حدود اللياقة والأدب والتربية والأخلاق وتجاوزوا الحدود لمجال فن الفكاهة البريئة السليمة النزيهة النظيفة والهادفة. الفكاهة هي النابعة من الوجدان والإحساس والقلب السليم للترفيه على الناس بطريقة سامية وذوق سليم وبصدق بدون تحريف أو تحريض أو تأويل أو تجريح أو تنابز غير سليم من أجل الضحك فهذا حرام، والله قال في كتابه العزيز « ولا تلمزا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون » صدق الله العظيم. وان الفكاهة لها أصولها وشروطها وقواعدها وثوابتها والغاية هو الترفيه على النفس بصدق وبراءة وأخلاق عالية وسمو واستقامة. لا العكس لخدش كرامة الإنسان او الحديث في الحياة الشخصية التي تهم صاحبها. وبعضهم يريد أن يضحك الناس على حساب مس الآخرين أو كشف أسرار بطرق ملتوية غير واقعية وتضخيم الأشياء بأسلوب مضحك فهذا حرام دينيا واخلاقيا وشرعيا. وفي هذا الإطار لو نسأل أحدهم من أصحاب فن الفكاهة هل تقبل من يتحدث عليك بأسلوب هزلي مضحك ويبرز عيوبك أو أسرارك أو أشياء خاصة بك – أو يبرز عيوبك – والمثل يقول : « كل أنباء بما فيه يرشح ». إني لا أشاطر صاحب المقال بجريدة مواطنون توفيق العياشي الذي أشار في مقاله أن الفكاهي الهادي ولد باب الله قام بسهرة في صفاقس ومس مشاعر من أجل الترفيه على المشاهدين وقال بعنوان نكتة سياسية تحولت إلى قطعة زطلة. أعتقد أن هذا العنوان فيه تحريض وتشجيع على استعمال النكتة الجارحة السخيفة وبدون تعليق… ليس هذا الكلام دقيق وأنا لا أحبذه ولا أوافق صاحب المقال توفيق العياشي وحتى الجريدة التي تحمل عنوان هام مواطنون أعني أحرار بالمفهوم الحضاري الإيجابي ولا يمكن أن تشجع هذه الصحيفة على مثل هذه المقالات الذي تفقد المصداقية وإن مؤسس الصحيفة هو رجل وطني الأخ مصطفى بن جعفر وله إشعاعه ومصداقيته ودوره وكان لمدة طويلة من أبناء حزب التحرير حزب البناء ومن الرجال الصادقين واعتقد أنه لا يرضى بأن تنشر الجريدة هذه المقالات الفاقدة لأبسط معاني الاحترام لمشاعر الناس. ولا يمكن أن تتبنى الصحيفة مقال فيه نعوت لا تليق والجريدة في اعتقادي يجب أن تكون أسمى وأرقى في البحث والتحاليل الهامة التي تنفع المجتمع أفضل من كلام على هامش قضية الفكاهي وأعتقد أن هذا الفكاهي تجاوز حدود الفكاهة السليمة والمنطق ويتحمل المسؤولية لأن لكل مواطن تونسي حرمة وكرامة ومناعة وحقوق وشرف وأسرار خاصة به لا يمكن إطلاقا أن يركب الفكاهي مركب التهريج والخدش والتطاول على الآخرين. هذا فيما يخص الفنان الفكاهي من أجل كسب المال على حساب من …؟ هذا من جهة الفكاهي. ومن جهة أخرى فإن المشاهدين والمحبين للفكاهة والترفيه والضحك عليهم أن يفرقوا بين الفكاهة والضحك على البري النظيف وبين الضحك بطرق ملتوية فيها رائحة الثلب ومس مشاعر الناس. فهل يسمح مشاهد بأن يكون هو المقصود حتى يضحك عليه الآخرين- أم أن لا يهم الضحك على غيره. فهذا حرام وغير مقبول وغير محبذ وبالتالي للفكاهة حدود وأصول وكل تجاوز يعاقب عليه القانون. ولا بد من الردع وإلا تصبح الأمور فوضى وانحلال أخلاقي وتهور ومس من حرية الناس وحياتهم الخاصة. وأني لا أميل إلى الفكاهة الهزلية ولا أحبذ الضحك على الآخرين ولا أتحمس لبعض الفنانين لأن فكاهتهم سخيفة وأصبحت تجارة وبضاعة رخيصة تافهة. ودور الفنان هو البناء لا الهدم والإصلاح لا إفساد المجتمع. ودوره المحافظة على الأخلاق الفاضلة وعليه احترام تقاليد المجتمع وعاداتهم وقيم الأمة وثوابت الدين الإسلامي الذي يدعوا إلى الأخوة والسمو والتسامح والتعاون والمحبة والتضامن والتقدير والرحمة للكبار والعطف على الصغار وأن الكبر والوقار للشيوخ والوقار للمسؤولين ورحم الله الزعيم الحبيب بورقيبة الذي غضب وانفعل عندما شاهد الفنانة صفية شامية مالت وأرادت أن تشطح فوق الركح في مهرجان قرطاج عام 1958 غضب بورقيبة وأمر حالا بإنزالها من فوق الركح وقال لا يليق الرقص أمام رئيس الدولة وهو درس بليغ وهام أريد التذكير به في هذه الحالة حتى نفهم دور الفنان وبدون تعليق… وكذلك لا يجوز مس مشاعر رمز البلاد للضحك ومن أجل الضحك، فهذا حرام ونحن أمة الإسلام. قال الله تعالى :  » يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ » صدق الله العظيم محمـد العـروسـي الهانـي الهاتف : 22.022.354

 


موسم التخفيضات: مخالفات قانونية سبقت يوم الانطلاق

 
أنطلق مع بداية شهر فيفري الجاري موسم التخفيضات الشتوية، حيث عرفت المحلات التجارية حركية كبيرة واجتاحت جحافل المتسوقين المركبات التجارية، وبدا الاكتظاظ والزحام السمة الطاغية على أغلب شوارع العاصمة التي تحتضن محلات الملابس والقماش، ويعد موسم التخفيضات فرصة نادرة لضعاف ومتوسطي  الدخل لاقتناء بعض احتياجاتهم خاصة من الملابس ومواد التجميل.فقد لا تتوفر فرصة التخفيض لهذه الفئة الاجتماعية التي تعاني من ضعف المدخول وتفاقم المديونية، إلى جانب الارتفاع المتواصل لأسعار المواد الاستهلاكية على امتداد السنة، فتأجل أحلامها وترحِّل شهواتها إلى موسم التخفيضات. لهذه الأسباب تشهد المحلات التجارية تزاحما كبيرا خلال موسم التخفيضات، فيعمد أصحابها إلى شتى الوسائل لبيع أكثر ما يمكن من المنتوج خاصة منه ذلك الذي لا يضمن بيعه خارج الموسم، نظرا لركوده بسبب انقضاء اجل الموضة، أو انقضاء الفصل الخاص بتلك النوعية من الملامس. ورغم ضبط المشرع التونسي للإطار القانوني لعملية التخفيض من حيث الأجل والنسبة وطريقة العرض، فان العديد من أصحاب المحلات التجارية يجنحون إلى أنواع شتى من المخالفات وتجاوز التقنينات المعمول بها    وقد حدد القانون عدد 40 لسنة 1998 المتعلق بتقنينات البيع والإشهار التجاري ضوابط عملية التخفيضات وتاريخها فحسب مقرر وزير التجارة الذي دخل حيز التنفيذ في 21 ديسمبر1998تضبط مدة التخفيضات بصفة محدد ومن المحجر الانطلاق قبل التواريخ المحددة قانونا. أما الغريب في الأمر فان بعض أصحاب المحلات التجارية الممثلة للنيابات التابعة لماركات عالمية معروفة في مجال الموضة عمدوا إلى خرق هذا القانون خاصة في بعض الولايات الداخلية للبلاد. فقد عمد هؤلاء قبل أيام من تاريخ انطلاق الموسم إلى مهاتفة زبائنهم القاريين من ذوي القدرة الانفاقية الواسعة وعرضوا عليهم البضائع الرفيعة المتوفرة بالمقاسات الدارجة عادة، وبأسعار مخفّضة، وذلك لإرضائهم باعتبارهم زبائن قارين . هذا السلوك المخالف صراحة للتشريعات المنضمة لموسم التخفيضات تجلى خاصة في بعض المحلات في الجهات التي شهدت حركية ملفتة قبل انطلاق الموسم .   ورغم وضوح هذه المخالفة فان لجان المراقبة لم تتخذ التدابير الرادعة التي يفرضها القانون ضد المخالفين، ليبقى المواطن وحده صاحب الدخل المحدود والمتوسط من يتحمل تداعيات المخالفة،حيث لا يجد خلال أيام التخفيضات الماركات التي لطالما حلم باقتنائها على امتداد أيام السنة مكتفيا بتطلعها على واجهات المحلات بحسرة شديدة، كما يشتكي المواطن عادة خلال هذه الأيام من غياب المقاسات الملائمة له… وسنعود في العدد القادم بأكثر تفاصيل للتجاوزات التي تحصل خلال موسم التخفيضات .   توفيق العياشي

 (المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 48 بتاريخ 06  فيفري 2008)  

قضايا تربوية: كفايات التواصل داخل المجموعة: المجموعة فضاء لتحقيق التميّز والاختلاف
 
تطرّق العديد من الباحثين والمختصّين إلى دراسة عملية التواصل داخل المجموعة، وتمحورت دراساتهم بالخصوص حول تعريف المجموعة وخاصياتها وأنواعها ووظائفها وبصفة أخصّ كفايات تنشيط المجموعات ودور الفرد في الإسهام في تماسكها. وفي البداية، نشير إلى وجود تعريفات عديدة ومتنوعة للمجموعة. فهي عند البعض  » مجال نفسي ينشأ عن التفاعل بين ثلاثة أشخاص أو أكثر مجمعين في وضعية وجها لوجه للبحث والتعريف أو السعي وراء المجموعة مع الغاية المشتركة من جهة وبين الأفراد فيما بينهم من جهة ثانية ». وفضلا عن ذلك، تولى بعض الأخصائيين الآخرين تعريف المجموعة على أنّها  » منظومة اجتماعية نفسية يمكن أن تتكوّن من ثلاثة أشخاص إلى ما يقارب عشرين شخصا يجتمعون ويتفاعلون قصد تحقيق هدف مشترك « . إلاّ أنّ التعريف الأكثر دقة، حسب الأخصائيين هو ذلك الذي قدّمه عالم الاجتماع كورت لوين حيث اعتبر أنّ  » ماهية المجموعة ليست في وجود المشابهة أو عدمها بين الأفراد، وإنّما في درجة تبعيّة الأفراد لبعضهم البعض. ويمكن للمجموعة أن تتميّز بأنها وحدة متحركة، فإن ذلك يؤدي إلى تغيير في كلّ جزء من الأجزاء الأخرى  » وبناء على ما تقدّم ذكره، واستنادا إلى البحوث المنجزة في هذا المجال، يمكن جدولة خاصيات المجموعة على النحو التالي: عدد محدود من الأعضاء ( من 3 إلى 20 ) تفاعل مباشر( وجه لوجه ) بين كلّ فرد من أفراد المجموعة السّعي إلى تحقيق أهداف يثمنها كافة الأعضاء تطوير شبكة العلاقات العاطفية بين الأعضاء تطوير هيكل للسّلطة وظهور القيادة التبعية المتبادلة بين الأعضاء حتى خارج إطار المقابلات في إطار المجموعة التمييز بين الأدوار بروز الضّوابط تطوير ثقافة خاصة بالمجموعة تتميز بمعتقدات وطقوس ولغة خاصة. تفاعل دائم وحقيقي بين المجموعة ومحيطها وبالتّالي، فعندما ننظمّ إلى مجموعة متواجدة من قبل، أو عندما نكوّن مجموعة جديدة، فإننا نلتزم باحترام القواعد الجماعية. لذلك، فإنّ ما يميّز المجموعات هو وحدتها وإتحادها حول هدف مشترك، وحول فترة تواجد طويلة نوعا ما، وحول تنظيم معيّن ووظائف وأدوار اجتماعية وعلاقات مشتركة وجملة من المعايير المنظّمة للسّلوك، وكذلك شبكة الاتصالات القائمة بين مختلف الأطراف. فالمجموعات، عموما إنّما هي مكان لتحقيق التميّز والاختلاف، عموما إنّما هي مكان لتحقيق التميّز والاختلاف ( la différenciation )، بحيث أنّ الفرد يلجأ للمجموعة ليتميّز ويؤكدّ خصوصيته قصد المحافظة أو الزّيادة في مدى تقديره لنفسه ( l’estime de soi) وقصد تكوين صورة مثمنة لذاته. هذا، وفيما يتعلق بأنواع المجموعات، نذكر: المجموعة الطبيعية، وهي التي ينتمي إليها الفرد منذ ولادته كالعائلة والقبيلة والعشيرة… المجموعة الانتمائية: وهي التي يشعر الفرد انّه ينتمي إليها وله فيها دور ومكانة. المجموعة المرجعيّة: وهي مجموعة مرغوب فيها ويقترب منها الفرد بمواقفه وسلوكه وأدائه حتّى يعتبره النّاس منها المجموعة المؤسسة: وفيها يخضع الأفراد إلى نظام مفروض أو مقبول. المجموعة الظّرفية: وهي تتجمّع حول وضعية أو حالة ظرفية، وتكون عادة حياة هذه المجموعة قصيرة ويتصف نظامها بالبساطة، مثل مجموعة المسافرين في حافلة أو قطار.. إلاّ أنّ ما هو جدير بالدّراسة فعلا هو ما يرتبط بوظائف المجموعات. ذلك أن المجموعة تسعى إلى تحقيق الوظائف التالية: وظيفة التحقيق والإنتاج: وهي وظيفة مركّزة على المهمّة. وظيفة التّسهيل: التي تهدف إلى التعبير والمشاركة من خلال التركيز على التواصل داخل المجموعة. وظيفة التّعديل: التي ترمي إلى معالجة الصّراعات من خلال التركيز على الصّعوبات العلائقية. وفي مجال حديثنا عن المجموعة، هناك مسألة في غاية الأهمية ألا وهي التّماسك. والمقصود بذلك، مجموع القوى التي ترمي إلى تجميع أفراد المجموعة والتصّدي إلى قوى التصدّع والفرقعة والتشتّت. ومن بين العوامل التي تساعد على تماسك المجموعة، نذكر تجانسها والاتفاق على الأهداف وتواتر التفاعلات والاهتمام بالانتماء إليها ووجود خطر خارجي والتقارب الجسمي والقيادة الديمقراطية والتواصل الفعّال والتنافس مع مجموعات أخرى والتوزيع الواضح للأدوار. أمّا فيما يتعلق بأسلوب تنشيط المجموعات، فقد صنّفه الأخصائيون على ثلاثة أصناف: الأسلوب التوجيهي المتصلّب: ويتميّز باتخاذ القرارات بصفة فردية وبضبابية وهشاشة قواعد العمل. وينجرّ عن ذلك ردود فعل عدوانية ومناخ علائقي سيّء وتماسك ضعيف للمجموعة ومبادرة ضعيفة للأفراد. الأسلوب اللاّمباليّ: ويتمثل في إعطاء الحرية المطلقة للمجموعة وعدم تدّخل المنشط إلاّ عند الطّلب. وبالتالي يكون نشاط المجموعة عشوائيّا، ويتكوّن شعور بمضيعة الوقت لدى الأفراد وبروز قادة آخرين. الأسلوب الديمقراطي: ويتميّز بأخذ رأي المجموعة ومساعدتها على انتقاء الأهداف والحرص على البقاء في إطارها واقتراح البدائل الممكنة. وهذا النمط يساهم بصفة جليّة في خلق مناخ علائقي طيّب وإرساء تواصل فعلي وإيجابي، وبالتالي تكون نتائج العمل طيبة. وما دمنا قد تحدثنا سابقا عن مسألة القيادة ( leadership) داخل المجموعة، فإنّ الدّور القيادي يتمثل في الإشراف من خلال تحديد المهام وقيادة المجموعة نحو إنجاز أهدافها والمتابعة عبر تذليل الصّعوبات والحرص على تمرير الإعلام والتنسيق من خلال إعانة المجموعة على تحليل وتوضيح المشاكل وتشريك كافة الأطراف. وفي الختام، لابدّ من التركيز على أهمية التواصل داخل المجموعة. فالتواصل اليوم لم يعد ذلك النموذج التقنوي المتمثل في باث ورسالة ومتقبّل، وإنّما في مجموعة من المتخاطبين ( interlocuteurs ) في وضعية تفاعل. وبالتالي، فإن دفع وتعزيز عمليّة التواصل داخل المجموعة يستوجب دراسة وتحليل جملة من المتغيّرات السيكولوجية، مثل آليات الدّفاع والاشتغال الذهني، والمتغيرات المعرفية والاجتماعية ( الدّور والمكانة، الأفكار المسبّقة والقوالب الجاهزة، التصورات الاجتماعية…) أبو مهدي

 (المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 48 بتاريخ 06  فيفري 2008)  

التشخيص الإجباري لمحركات السيارات: « محافظة على الطاقة » أم… خطوة في اتجاه خصخصة الفحص الفني؟

 

 إجبارية تشخيص محركات السيارات قبل إخضاعها لعملية الفحص الفني، قرار أثار الكثير من الجدل في الأوساط الإعلامية ولدى أصحاب السيارات في الفترة الأخيرة. وقد تأكد هذا القرار المشترك الصادر عن وزارتي الصناعة والنقل منذ يوم 10أوت2007 إثر اجتماع مجلس وزاري في بداية السنة الجارية والذي أقرّ ضرورة أن تعرض السيارة على مستودع خاص لتشخيص محركات السيارات مرخص له من طرف الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة ، ثم يتسلم صاحب السيارة وثيقة من هذا المستودع دونها لا يمكنه الحصول على شهادة الفحص الفني من المراكز التابعة للوكالة الفنية للنقل البري. هذا القرار، اعتبره أصحاب السيارات إجراء عبثيا يهدف إلى رفع كلفة الفحص الفني و تحميلهم أعباء مادية ومصاريف جديدة، تجعلهم عرضة لابتزاز أصحاب المستودعات الخاصة بتشخيص المحركات، كما يتساءل صاحب السيارة هذه الأيام عن الجدوى من تشخيص المحرك عند الخواص وهو الذي سيخضع إلى المراحل ذاتها في مراكز الفحص الفني التابعة للوكالة الفنية للنقل البري. هذا فضلا عن حالات الاكتظاظ التي ستشهدها فترة الفحص الفني نظرا لقلة عدد المستودعات الخاصة التي سوف تحتكر عملية التشخيص، أمام التنامي المتواصل لأسطول العربات بتونس، فهل أن هذا الإجراء خطوة في اتجاه الاستغناء عن دور مراكز الفحص الفني وإيكال العملية برمتها إلى أصحاب مستودعات التشخيص الخاصة؟ السلطات المختصة برّرت هذا القرار بما أعلنته « الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة » من أن هذا البرنامج  » يهدف إلى الحدّ من الانبعاث الغازي واستهلاك وسائل النقل وذلك من خلال مراقبة المحرّكات وتعديلها بصفة آلية ».  هذه الهواجس تغذّيها ضبابية الإطار القانوني الذي ينظم عملية ممارسة مهنة تشخيص محركات السيارات ومراقبة المستودعات الخاصة إضافة إلى عدم توفّر كرّاس الشروط المنظّم للمهنة في مقرّ الوكالة الوطنية للتحكّم في الطاقة ولا في موقعها على الانترنت وغياب التحديد الواضح للمهام والصلاحيات الموكلة لكل الهياكل المساهمة في العملية والمتمثلة في الوكالة الفنية للنقل البري، الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة وأصحاب المستودعات الخاصة. هياكل الفحص الفني والجدوى من إقحام الخواص ينظم القانون التونسي الإجراءات المتعلقة بضبط دورية الفحص الفني للعربات ويضبط شروط تسليم شهادات الفحص الفني حيث ينصّ الفصل السابع من هذا القانون المنقح في 11ماي 2005 على أن « الفحوص الفنية للعربات تجرى بمراكز الفحص الفني للعربات حسب اختيار صاحب العربة  » كما نص هذا القانون على ضرورة عرض السيارة على الفحص الفني مصحوبة بشهادة تسجيلها وبتقرير تشخيص محرّكها حسب أنموذج يضبط من قبل المصالح المختصة، ولم يحدد القانون مستودعات خاصة بعينها يتمّ فيها تشخيص المحرك، كما لم يفرض أن تكون الوثيقة المقدمة من طرف أصحاب المستودعات الخاصة هي الفيصل في تسليم شهادة الفحص الفني إلى صاحب السيارة، حيث رفضت مراكز الفحص الفني خلال السنوات الأخيرة في حالات كثيرة الاعتماد على تقرير تشخيص المستودعات الخاصة للمحركات وفرضت إعادة إصلاح السيارات، لكن وبمقتضى القانون الجديد يصبح لأصحاب المستودعات الخاصة نوع من النفوذ الإداري في تمكين أصحاب السيارات من شهادة الفحص الفني، الأمر الذي قد يفتح الباب على مصراعيه أمام عمليات المساومة والابتزاز، يكون ضحيّتها صاحب السيارة الذي يضطر إلى دفع كل ما يطلبه صاحب المستودع المتحكم الوحيد في تسعيرة الفحص حسب المصلحة والمزاج.   وقد يبعث هذا الخلط في الأدوار بين الخواص ومصالح وزارة النقل على التوجس من إمكانية إقدام السلطة على الخصخصة الكاملة لعمليات الفحص الفني والتنصّل من دورها في المراقبة، حيث تضطلع المستودعات الخاصة لفحص محركات السيارات بذات المراحل التي تعتمدها مراكز الفحص الفني في المراقبة والتشخيص والمتمثلة في مراقبة انبعاث الغازات من المحرك، الأمر الذي قد يطعن في سلامة التشخيص ومصداقيته والذي قد يخضع بدوره للمضاربات والرشوة . هذا فضلا على أن مثل هذا الإجراء قد لا يدرّ أي منفعة مادية على وزارة النقل، حيث ستعود كل الفائدة إلى أصحاب المستودعات الخاصة، إذ لم يحدد كراس الشروط المنظم للمهنة معاليم تستخلصها الوزارة من عائدات كل عمليات التشخيص، وهذا يتطلب مراقبة حازمة تحمي صاحب السيارة من تلاعب صاحب المستودع بكلفة التشخيص، وتحول جزء من إيرادات الخواص إلى الأموال العمومية، إذ لا يمكن أن يتركز اهتمام السلطات المختصة على هاجس المحافظة على الطاقة وحماية البيئة وتتجاهل كل مخلفات التفريط في عملية الفحص الفني إلى الخواص، والغريب أن الوكالة الفنية للنقل البري تعتزم فتح مناظرة خارجية لانتداب مراقبي فحص فني، فإذا كانت الوكالة تعمل على مزيد تطوير عدد المراقبين بمركز الفحص الفني فما جدوى قرار إلزامية التشخيص عند الخواص؟ ضبابية الوضع القانوني لمهنة التشخيص يخلّف الشكوك والتساؤلات أما السؤال الأهم الذي يتردد بإلحاح بعد صدور قرار إجبارية تشخيص محركات السيارات لدى الخواص هو :وفق أي مقاييس وضوابط يتم الترخيص لأشخاص دون غيرهم بممارسة مهنة تشخيص محركات السيارات ويقع انتقاء عدد محدود من المستودعات لا تفي بحاجة كامل أسطول السيارات في البلاد لمدة زمنية وجيزة؟. ونصف الإجابة عن هذا السؤال كانت قد قدمتها الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة عندما أعلنت عن  » المصادقة على كراس الشروط المتعلق بتنظيم ممارسة مهنة تشخيص محركات السيارات التي لا يتجاوز وزنها الجملي المرخص به 3500 كغ ولا يتجاوز عدد مقاعدها تسعة باعتبار مقعد السائق، و على الراغبين من ذوي الاختصاص في الانخراط في هذه المنظومة، سحب كراس الشروط من المقر الاجتماعي للوكالة أو تحميله من موقع الواب التابع لها وإيداع نسخة منه، لدى الوكالة، ممضاة ومرفقة بالوثائق المطلوبة. ورغم إعلان الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة عن توقيع كراس الشروط وتوفر إمكانية الاطلاع عليه إلا أن الثابت أن هذه الوثيقة غير متوفرة على موقع الواب للوكالة كما زعم الإعلان، وهذا الأمر يمكن التحري منه بالعودة إلى الموقع    الخاص بالوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة.www.alme.nat.tn. هذا إضافة إلى أن محاولتنا الحصول على كراس الشروط من المقر الاجتماعي للوكالة في مناسبتين قد اصطدم بنوع من المماطلة حيث تحجج مكتب الاستقبال بأن الموظفين المكلفين بملف تشخيص محركات السيارات غير متوفرين في مقر الوكالة (خرجوا في مهمة إلى ولاية قابس ولن يعودوا قبل يوم الاثنين القادم وليس هناك أي موظف يمكن أن يلبي الطلب!)، هذه الصعوبات قد تحول دون حصول « ذوي الاختصاص والراغبين في الانخراط في المنظومة » على كراس الشروط بيسر- هذا إن استطاعوا الحصول عليه بعسر- الأمر قد يغذي الشكوك ويذكي الأقاويل التي تروج حول النيّة في استحواذ أشخاص بعينهم على مستودعات تشخيص محركات السيارات، والتي يتردد أن عددها لن يفوق الثلاث مستودعات في كل ولاية.  وقد يُرفع كل هذا الالتباس والغموض بمجرد أن تقدم الهياكل التي شاركت في صياغة هذا القرار على توضيح كل النقاط الغامضة التي تتعلق به، وخاصة منها إبراز جدوى الإجراء ، والعمل على تخفيف العبء على أصحاب السيارات الذين يعانون من الارتفاع المتواصل لتكلفة الفحص الفني، إضافة إلى اعتماد الشفافية في منح التراخيص للمستودعات الخاصة لتشخيص المحركات والتي يجب أن تتوفر بأعداد كافية تلبي حاجة الأسطول المتنامي، وتخضع لمراقبة صارمة تحول دون استغلالها وابتزاز أصحاب السيارات، وتحافظ على صلاحيات والوكالة الفنية للنقل البري في منح شهادات الفحص الفني لمن يستحقها.      توفيق العياشي
 (المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 48 بتاريخ 06  فيفري 2008)

 
 

بسم الله الرحمان الرحيم

أثر اختلاف مناهج الفقهاء المعاصرين

في النزاع بين الإسلاميين – الحلقة الأولى من 6

 
السبيل أونلاين
 
إعداد : الدكتور محمد البشير بوعلي
 
مقدمـــــة :
واقع حال المسلمين اليوم وما هم عليه من تشتت وتباغض وتناحر لا يخفى على أحد، ولا شيء يمكن أن تجتمع عليه الأمة الإسلامية اليوم وتتوحد كلمتهم حوله -بعد شهادة التوحيد- غير الإقرار بحقيقة ما هم عليه من تدهور وضعف وشقاق. حتى كاد يصبح التشتت سمة للمسلمين تميّزهم عن سائر أمم الأرض. والحال أنهم أمة الرسالة الخاتمة المهيمنة على سائر الرسالات السابقة. وصارت السمة الغالبة عليهم الانهماك في النزاع حول قضايا فرعية بسيطة هي -في مقابل القضايا المصيرية التي تهدد مستقبل الأمة جمعاء- مسائل ثانوية يسيرة. وما يزيد الناظر لحال هذه الأمة أسى وإحباطا، هو أن بعض علماء الشريعة فيها قد أدلوا بدلوهم وأسهموا في تردّي تلك الأوضاع (1) ، من خلال اشتراكهم فيها أحيانًا، وإذكائهم لمظاهر الفرقة المستتبة بين فرق المسلمين وفصائلهم المتنازعة – بحسن نية- غفلةً منهم عن خطورة ما يصدر عنهم من فتاوى وأحكام ومواقف وتصريحات دون مراعاةٍ لمتطلبات واقع المسلمين وظروفهم. فالمتتبع لخصائص تلك الاجتهادات والأحكام المنبثقة عنها يلحظ أنها تغلب عليها سمة التمسك بأهداب المنهج النظري الفقهي المتَّبع سلَفا، دون مراعاة طبيعة المسألة المعروضة للاجتهاد على انفرادها، وخصوصيات الواقع الذي يكتنفها. وذلك من شأنه دائما أن يؤدي إلى ردود أفعال تتراوح بين مجرد الاستياء النفسي وبين العنف اللفظي وأحيانا العنف البدني. خاصة بين الاتجاهين الأكبريْن الموجِّهين لأغلبية الجماهير الإسلامية في العالم الإسلامي، وبينهما وبين الفصائل الصغيرة المنشقة عن أحدهما.
ذلك أن الساحة الإسلامية اليوم يتنازعها اتجاهان فقهيان لا شك في أصالتهما، وهما الاتجاه السلفي التقليدي والاتجاه الوسطي التجديدي. وكلٌّ من هذيْن الاتجاهيْن له من فقهاء الشريعة من يقف وراءه وينافح عنه، ويطعّمه بالمواقف والأحكام والفتاوى الفقهية الموجهة لسلوك الملايين من الأتباع، وخصوصًا من شباب الصحوة المتحفز للعمل الإسلامي. لكن المؤسف أن تلك الجماهير من الشباب المتحمس لخدمة الأمة بإخلاص، لم يتوخّ بعضُ أولئك الفقهاء الحكمة في توجيهها لما يحقق وحدة هذه الأمة. لأن ضيق أفقهم في النظر إلى القضايا، وقلة زادهم في فهم مقتضيات الواقع، قد أملى عليهم التشبث بظواهر قيود المنهج الفقهي المتَّبع من قِبلهم سلفًا، حتى تراءى لهم أن ذلك من الثوابت التي لا محيد عنها في الاجتهاد، وأن من خالف ضوابط المنهج فقد خالف أحكام الشرع، وبالتالي فنصيبه التضليل أو التبديع أو التكفير. على خلاف ما يراه فقهاء الاتجاه المخالف من أحكام وفتاوى وتصريحات ناقضة لسابقاتها. ومن ثم لا تفتأ أن تبرز مواطن النزاع اللفظي بين فقهاء الاتجاهين، لتتعدى إلى عامة الأتباع الذين يتلقفونها منهم بما تنطوي عليه من مظاهر الفرقة والتنافر. وإذا كانت تلك النزاعات لم تتجاوز غالبا النزاع اللفظي بين ذينك الاتجاهين الأكبرين، فإنها قد تعدت ذلك إلى الصدام البدني الدامي بينهما وبين سائر الفصائل المنشقة عنهما في أصقاع إسلامية متعددة ولأسباب فقهية هيّنة، تتضخم لديهم فتطغى على قضايا الأمة المصيرية، التي تنغمر وتفوت لتُفيت معها أوكد المصالح.
وقد عانت الأمة الإسلامية من جراء ذلك لعقود، وهي لا تزال تتخبط في نفس المصائب المتعاظمة، ولا تتراءى في الأفق القريب بوادر للمراجعة ونقد الذات، قصد العمل على تجاوز الخلافات، بتغليب مصالح الأمة العامة على المسائل الثانوية الضيّقة، في هذا الظرف الحرج من تاريخها. لذلك فإن الحكمة تقتضي معالجة هذه القضية بطريقة مغايرة لما اعتاد الدعاةُ الإسلاميون انتهاجَه من حلول تقليدية لم تلق استجابة واقعية، وذهبت أدراج الرياح. وما هذه الدراسة إلا محاولة متواضعة لتشخيص هذه القضية وعرض مقترح جديد يستهدف العمل على إبراز الطريقة الأمثل والأضمن والأدوم في تجاوز جانب مهمّ من مظاهر النزاع المستشري بين الاتجاهات والفصائل الإسلامية المتنازعة. لذلك فقد عملت هذه الدراسة على تتبّع القضية من أصولها الشرعية والتاريخية في المبحث الأول، ثم دراستها من جوانبها الواقعية الموضوعية في المبحث الثاني، وأخيرا اقتراح الحلول العملية الكفيلة بحسم الإشكال في المبحث الثالث.
 
المبحث الأول : مفهوم الاختلاف (2) الشرعي بين الأصالة وواقع المسلمين
 
1 – مفهوم الاختلاف في منظومة التشريع الإسلامي :
إن الناظر في تشكيلة منظومة التشريع الإسلامي المنبثقة من طبيعة العقيدة الإسلامية ذاتها، لا يسعه إلا أن يُسلّم بحقيقة كون تعدد مناحي فهم النصوص الشرعية أو ما اصطُلح عليه باسم اختلاف مناهج الاجتهاد الفقهي هو أمر مقبول، اقتضته طبيعة فطرة الله في الخلقة الإنسانية، وأقرّت به النصوص الشرعية ذاتُها، بما يفيد كونه أمرا فطريا واقعيا لا مرد له. من ذلك قوله تعالى {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين} (3) .
وقد أكد الشهيد سيد قطب هذا المعنى في تفسيره للآيتين، حيث قال فيهما: »كشْفٌ عن سنة الله في كون الناس مختلفين في مناهجهم واتجاهاتهم (وأنه) لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولكن إرادته اقتضت إعطاء البشر قدرا من الاختيار » (4) .
فاختلاف الناس -طبقا للآية- هو قدَر إلهي وجزء لا يتجزأ من عقيدة المسلم، لا يمكن فصله عن تشكيلة الطرح الوجودي الإسلامي القائم على اعتقاد حقيقة الاختيار الإنساني، الذي تتوقف عليه عقيدة الابتلاء الرباني، وهي التفسير الإسلامي الأوحد لسر الوجود ، والذي تمثل حقيقة الاختلاف الإنساني نتيجة حتمية مترتبة عنها. مما يعني أن إنكارها كحقيقة خلْقية هو إنكار لجزء من تشكيلة الطرح الوجودي الإسلامي، وأن اعتبارها مجرد ظاهرة عَرَضية، هو إسقاط لشق من منظومة العقيدة الإسلامية يفقدها تكاملها وانسجامها المطلوب في ذهن المسلم، تترتب عنه ضروب من الخلل والاضطراب في فهمه لحقيقة قيم الدين ومقاصده.
 
2 – مفهوم الاختلاف في تاريخ التشريع الإسلامي :
لو عدنا إلى سيرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أول جيل تخرّج على يديه الكريمتين، لوجدنا بينهم اختلافا في مواطن متعددة (5) في حياته وبعد وفاته. فهذان صاحباه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وهما أقرب صحابته إليه، لم تكن تقواهما وعمق فهْمهما للدين مانعا من وقوع الاختلاف بينهما، فكانا ما استشارهما الرسول في أمر إلا اختلفا فيه في حضرته صلى الله عليه وسلم ، حتى أنه نزل فيهما قوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض…الآية}(6) . كما ثبت عنهما الاختلاف في جملة من القضايا زمن خلافة الصديق، « فقد كان لكلٍّ منهما اتجاهه وطريقته في معالجة الأمور » (7) . مما يعني أن اختلافاتهما لم تكن عوارض متسمة بالشذوذ ولا يمكن ضبط منطلقاتها، وإنما هي نتيجة متولدة عن اختلاف في منحى التفكير. فقد كان الصدّيق رضي الله عنه نموذجا صادقا لمنحى التهيّب والتحوّط في فهمه للنصوص وتعامله مع الواقع، في حين كان الفاروق رضي الله عنه نموذجا مخالفا، يمثل منحى الإقدام والجرأة في فهم النصوص وتأويلها واستنباط الأحكام منها، كما في معالجته لقضايا الواقع ومستجداته.
والحقيقة التي لابد من الوقوف عندها هنا هي أن مَََواطن الاختلاف بين هذين الصحابيين الجليلين لم تتطور في يوم ما إلى أي مظهر من مظاهر التنازع والتصادم، بل كانا يختلفان ابتداءً، ثم سرعان ما يركن أحدهما إلى رأي الآخر فيسايره فيه، اقتناعا به، كما في مسألة جمع القرآن وحروب الردة، أو حفاظا على المصلحة العامة كما في مسألة توزيع العطاء بين المسلمين. ولعل أظهر دليل على ذلك أن اختلافهما رضي الله عنهما، لم يمنع الصحابي عمر من أن يكون أول من بايع أبا بكر بالخلافة، ودعا سائر المسلمين إلى الاقتداء به، ولم يمنع الخليفة أبا بكر من اختيار عمر خليفة له، اقتناعا بكونه الأصلح لذلك الشأن العظيم، رغم اختلافه معه في منحى التفكير وطرق معالجة قضايا الواقع.
وهذا الوصف ليس قاصرا على الشيخين وحدهما، بل ينطبق على سائر الصحابة الفقهاء، حيث كان بعضهم أقرب إلى منحى الصدّيق في التفكير والفهم المتهيّب، في حين كان بعضهم الآخر أمْيل إلى منحى الفاروق في الفهم والتفسير الجريء. فقد كان الصحابي الجليل أبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه كثير التحوّط والاحتراز تمامًا كالصدّيق، في حين كان الإمام علي بن أبي طالب جريئا في التفسير والتأويل والاستنباط تمامًا كصاحبه عمر. وهؤلاء الأربعة هم من جملة الصحابة العشرة المبشرين بالجنة، فمآلهم في الآخرة واحد رغم ما كان بينهم في الدنيا من اختلاف في منحى التفكير.
كما كان الصحابي بلال بن رباح أمْيَل إلى منحى التهيب البكْري في فهم الدين وتفسير النصوص، خلافا للصحابي عبد الله بن مسعود فقد كان أقرب إلى منحى الإقدام العمري. كما من « أبرز الأمثلة لهذا الاختلاف ما عُرف واستفاض عن كلٍّ من الصحابيين الفقيهين الجليلين عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم جميعا. فقد كان ابن عمر يُبعد الأطفال عنه حتى لا يسيل شيء من لعابهم عليه، تحرّزا مما يُشتبه في نجاسته، وابن عباس يضمهم إليه، ويقول: إنما هم رياحين نشمها. وكان ابن عمر يغسل باطن عينيه في الوضوء، ويرى أن لمس المرأة ينقض الوضوء، وابن عباس لا يرى ذلك… » (8) .
وعُرف عن الصحابي عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه التشدد في فقهه وسيرته وممارسة شعائره، فقد « كان كثير العبادة، حتى أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخفف ويعتدل فيها » (9) . وكان في اجتهاده متهيّبًا أقرب إلى منحى الصدّيق في الفهم والتطبيق. في حين كان الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه أقرب إلى المنحى العمري في فهم الدين وتطبيق أحكامه.
فهؤلاء صحابة رسول الله الذين تربّوا جميعا على يديه الكريمتين، وتلقوا علمهم ومعرفتهم من معين واحد، هو معين القرآن والسنة، قد كانوا مختلفين في أفهامهم وتفسيرهم للنصوص، وطرق استنباطهم للأحكام وسبل تنزيلها في واقع حياة كلٍّ منهم. وقد بدا جليًّا من خلال عرْض تلك النماذج -وغيرها كثير- وبعد استقصاء وقائع الخلاف بينهم أن نتبيّن منحيين متباينين في فكر الصحابة واجتهاداتهم، هما: « منحى التهيّب » أو التحوّط، و »منحى الإقدام » أوالجرأة في الاجتهاد.
ولو أننا استحضرنا نشاط أولئك الصحابة في العلم والدعوة للاحظنا مسألة مهمة، مفادها: أن كل من وقع نسبتهم إلى منحى الإقدام –فيما عدا الخليفة عمر بن الخطاب- كانوا قد أقاموا فترة في العراق، نشروا خلالها ما لديهم من علم ومعرفة بين أهل العراق، وتخرّج على أيديهم أجيال من علماء التابعين الذين نقلوا بدورهم علمهم إلى تابعيهم، وتكونت بذلك مدرسة العراق الفقهية المعروفة بمدرسة الرأي.
ونظرا لكون أساتذة تلك المدرسة الأوائل الذين مثّلوا نواتها الأولى كانوا أهل رأي في الاجتهاد واتسموا بقدر من الجرأة في اقتحام مكنونات النصوص الشرعية، والإقدام على تفسير ظاهرها وتأويل ما يُشتبه في معناه منها، فقد اتسمت مدرسة العراق بالرأي والجرأة (10) . وسرى ذلك المنهج دأبا في تلاميذهم ومن جاء بعدهم، حتى كان الإقدام منهجا عاما دأبوا عليه وتوارثوه، فأنجب إمام العلماء أبا حنيفة النعمان (تـ150هـ) فقيه أهل العراق وإمام مدرسة الرأي فيها، فهو بلا ريب سليل منهج الرأي الذي أرساه أولئك الصحابة رضوان الله عليهم وحامل لواء العلم فيها بعدهم على منهاجهم في الفهم والتنزيل.
في حين أن باقي الصحابة المذكورين ممن وقع نسبتهم إلى منحى التهيّب لم تثبت إقامتهم في العراق، بل استقروا بالمدينة ومكة والشام ومصر، وبثوا فيها ما لديهم من فقه في الدين على طريقتهم في الفهم والاستنباط. ومثّلوا النواة الأولى لمدرسة الأثر التي تخرجت منها بعض أجيال التابعين وتابعيهم الآخذين بمنحى التهيّب والتحوط الذي استقر لديهم منهجا في اكتساب علوم الدين، وكان الإمام مالك بن أنس (تـ179هـ) ثم الإمام أحمد بن حنبل (11) (تـ241هـ) إماما مدرسة الحديث من أبرز العلماء العاملين بذلك المنهج.
أما الإمام الشافعي (تـ204هـ) فقد كان عالما كثير الترحال، انتقل بين مختلف أمصار البلاد الإسلامية وتلقّى العلم عن كلتا المدرستين، فكان مذهبه ينحى منحى التوفيق بين كل من الاتجاهين العقلي والنقلي، متوسِّطا بين أهل الرأي وأهل الحديث. فهؤلاء الأئمة الأربعة الذين انتقلت عبرهم علوم الشريعة من السلف إلى الخلَََف، ولا يمكن إنكار فضلهم في ملْء حلقة مهمة من حلقات الفكر الإسلامي في واجهته التشريعية، قد تعددت مذاهبهم واختلفت مواقفهم ولا يجرؤ أحد على التشكيك في سلامة فكرهم وأصالة اجتهادهم (12) .
فطالما أن الاختلاف سنة لم يحِدْ عنها حتى أعلام المسلمين ممن سبق أولئك من التابعين والصحابة الذين تلقوا دينهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه واختلفوا بحضرته في فروع الدين، ولم يُنكر عليهم ذلك (13) . فكيف أصبح ذلك ممتنعا في حق فقهاء المسلمين وأتباعهم في هذا العصر، والحال أن واقعهم قد أصبح أكثر تعقيدا، وأدعى إلى نهج التيسير، وأحوج إلى سماحة الإسلام ودرْء أسباب الشقاق منه في أي وقت مضى!؟
———————————————————————————
الهوامش :
1 – يقول الشيخ محمد الغزالي: « التبعة ليست على رعاع يمزّقون شمل الأمة بتعصّبهم، وإنما تقع التبعة على علماء يعرفون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم بأن للمجتهد أجرين إذا أصاب، وأجرا واحدا إذا أخطأ ». انظر: الغزالي، محمد، هموم داعية، دار الحرمين للنشر، الدوحة، ودار البيان العربي، دمشق، ط1، 1983، ص19. 2 – جاء في التوقيف قول المناوي: « …وقال الراغب: الخلاف والاختلاف والمخالفة: أن يأخذ كل واحد طريقا غير طريق الأول في فعله أو حاله ». انظر محمد عبد الرؤوف المناوي، التوقيف على مهمات التعاريف، تحقيق محمد رضوان الداية، دار الفكر، دمشق، ط1، 1990، ص322. و »الخلاف في اصطلاح الفقهاء هو أن يذهب كل عالم إلى خلاف ما ذهب إليه الآخر وهو ضد الاتفاق ». أحمد بن محمد الفيومي، المصباح المنير، مكتبة لبنان، بيروت، دت، ص179 (بتصرف). 3 – هود، 118، 119. 4 – انظر: سيد قطب، في ظلال القرآن، بيروت، دار الشروق، ط13، 1987، ج4، ص1927. وجاء في تفسير ابن كثير قوله: »يخبر تعالى أنه قادر على جعل الناس كلهم أمة واحدة، عن إيمان أو كفران، كما قال تعالى {ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا} (يونس، 99) ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك » أي ولا يزال الخُلْف بين الناس في أديانهم واعتقادات مللهم ونِحلهم ومذاهبهم وآرائهم. إسماعيل بن عمر بن كثير، تفسير القرآن العظيم، دار بن حزم، ييروت، ط1، 2000، ص972. 5 – انظر عمر سليمان الأشقر، فقه الاختلاف، دار النفائس، عمان، ط2، 1994، ص49 وما بعدها. والأمين الحاج محمد أحمد، الاختلاف رحمة أم نقمة؟، مكتبة دار المطبوعات الحديثة، جدة، ط1، 1992، ص23 وما بعدها. 6 – سورة الحجرات، آية 2. أورد القرطبي في بيان سبب نزول هذه الآية « روى البخارى والترمذي عن ابن مُليكة قال: حدثني عبد الله بن الزبير أن الأقرع بن حابس قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: يا رسول الله استعمله على قومه، فقال عمر: لا تستعمله يا رسول الله، فتكلما عند النبي صلى الله عليه وسلم حتى ارتفعت أصواتهما، فقال أبو بكر لعمر: ما أردتَ إلا خلافي، فقال عمر: ما أردتُ خلافَك، قال: فنزلت هذه الآية »، محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، دار إجياء التراث العربي، بيروت، دت، ج16، ص303. انظر أيضا: تفسير ابن كثير، ج4، ص182. 7 – يوسف القرضاوي، الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط4، 1993م، ص45. 8 –  » …ومثل ذلك موقفهما من الحجر الأسود والمزاحمة عليه، فقد روى سعيد بن منصور عن القاسم بن محمد قال: رأيت ابن عمر يزاحم على الركن حتى يدمى… وفي مقابل هذا روى الفاكهي من عدة طرق عن ابن عباس كراهة المزاحمة، وقال: لا يؤذِي ولا يؤذَى » انظر: يوسف القرضاوي، الصحوة الإسلامية، ص45. 9 – محمد الزحيلي، مرجع العلوم الإسلامية، دمشق، دار المعرفة، مطبعة الصباح، دت، ص44. 10 – كما ساعد على إرساء ذلك المنحى الاجتهادي أيضا بيئة العراق الحضرية التي كانت مهيّأة لتقبّل المنهج العقلي في الاجتهاد أكثر من النقلي. 11 – أقام الإمام أحمد بن حنبل مذهبه الأثري في العراق التي نشأ فيها مذهب الرأي ولم تمنع البيئة الحضرية العراقية قيام هذا المذهب جنبا إلى جنب مع مذهب الرأي، لأن الأوضاع السياسية والعلمية قد تغيرت في العراق وقتها خاصة بعد سيطرة المعتزلة العقلانيين على شؤون الدولة وتنكيلهم بالعلماء مما نفّر العامة منهم وقرّبهم إلى أهل الأثر ومما أدى إلى تقارب المذاهب الفقهية السنّية التي كانت متجافية في مواجهة التحدي المعتزلي، ومن ثم انزاح عائق التنافر البيئي الموروث عن مرحلة الفتنة بين أهل العراق وأهل الحجاز والشام، فامتزج بذلك أتباع المذاهب الفقهية بين مختلف أصقاع البلاد الإسلامية بما فيها العراق التي صارت حاضرة العالم الإسلامي وملتقى الأجناس فيه. 12 – وهم كما وصفهم الفقيه عمر الأشقر: « مع اختلافهم فيما بينهم كان يخطّئ بعضهم بعضا، ويوضح كل منهم وجهة نظره، وقد يرجع بعضهم إلى قول بعض، ولكن اختلافهم لم يؤد إلى التهاجر والتباغض والتفرق ». عمر سليمان الأشقر، فقه الاختلاف، ص34. 13 – انظر: طه جابر العلواني، أدب الاختلاف في الإسلام، مبحثا بعنوان  » اختلاف الصحابة في عهد الرسول الله صلى الله عليه وسلم »، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط3، 1987م، ص33 وما بعدها.
 
المصدر : السبيل أونلاين , بتاريخ 16 فيفري 2008 

محمد مزالي (الوزير الأول الأسبق) (1):

«يوم 3 جانفي لم يكن الأمن موجودا وترك الشارع للفُلتاء» « وسيلة أثنت بورقيبة عن تعيين الصياح مقابل تعييني»

 
ما من شك أن السيد محمّد مزالي الوزير الأوّل الأسبق من أكثر الشخصيات السياسية التونسية إثارة للجدل. فقد وجد نفسه بحكم المسؤوليات المهمة في الدولة ـ وفي مقدمتها الوزارة الاولى ـ في مواجهة معارضة داخل اطياف الحكم. لم تكن الاحداث الداخلية ابان مسؤوليته بمعزل عما يحاك في الخارج وكان عليه ان يجابه التطورات المتسارعة التي كانت تحاكى كما يذكر في الدائرة الضيقة من الحكم وفي أكثرها تأثيرا . أحداث وإن اجاب عليها السيد محمد مزالي في كتابه «نصيبي من الحقيقة» فإنه تبقى للمؤرخين النزهاء، مسؤولية توضيح ما جرى. نفسح المجال للسيد محمد مزالي في هذا الحوار للرّد على جملة الاتهامات والأحداث ولإبداء رأيه بكل حرية في عديد المواضيع الساخنة. كما أن اعمدة «حقائق» ستبقى مفتوحة لكل من يريد المساهمة في الحوار حول تاريخ تونس.   لدينا رغبة في معرفة مجرى الحياة اليومية للسيد محمد مزالي بعد ابتعاده عن دفة المسؤولية والتسيير وتحديدا أين وكيف يعيش…؟   شكرا على هذا الاهتمام.. حياتي اليومية هي حياة مواطن عادي يعيش فترة التقاعد فأنا في الثانية والثمانين . فبعد هجرة دامت 16 عاما وبعد ردّ الاعتبار قضائيا عدت الى وطني مرفوع الرأس، واهتديت إلى التأقلم مع وطني إثر غياب طويل… وأنا في هذه الفترة بصدد بناء بيت متواضع وارجو ان يتم هذا البناء بسرعة لأنني أنوي العودة النهائية أواخر هذا العام للاستقرار ببلدي.. ولكن هذا التقاعد لا يعني أني منعزل عن الواقع الذي من حولي. فأنا دائم الاهتمام بما يجري في وطني وفي العالم. ونظرا لكوني عضوا مدى الحياة في اللجنة الدولية الاولمبية، فإنّي أسافر في مناسبات كثيرة وأنا كذلك رئيس شرفي مدى الحياة للهيئة الدولية للبحر الأبيض المتوسط ودائم الاتصال بالميادين الثقافيّة والشبابيّة الرياضيّة. وأسأل اللّه أن يمن عليّ بحسن الخاتمة فأنا اعتبر أن حياتي لم تكن تافهة او عادية، فقد سخّرت امكانياتي لخدمة بلدي سياسيا وثقافيا وخدمة الانسان حيثما كان.   توالت في المدّة الأخيرة الشهادات والسير الذاتية لمسؤولين سياسيين قدامى، فكيف تنظر شخصيا إلى مثل هذه المذكرات؟   يصعب عليّ أن أجيب بموضوعية لأني كتبت شخصيا مذكرات بالفرنسية ثم أعدت كتابتها بالعربية. أرى أن هذا العمل مفيد جدّا للتاريخ، لأنه يمكن اليوم او غدا – خاصة المؤرّخين – من انتقاء المعلومات والمعطيات لكتابة أو اعادة كتابة التاريخ بصفة موضوعية، بمنأى عن العواطف وكما يقول الفلاسفة القدامى بمنأى عن المحبّات الغالبة. وأحبّذ وأتمنّى أن يكتب كلّ المثقفين وكلّ السياسيين مذكرّاتهم خدمة لوطنهم وخدمة للتاريخ.   هل أنصفتك هذه المذكّرات وهذه السير الذاتية كمحمد مزالي؟   حاولت أن انصف نفسي.   بصراحة: الاخرون، أنصفوك أم لا؟   بصراحة لا والأسباب كثيرة. من سوء الحظّ بعض الناس يكتبون ما يرضي المسؤولين في عصرهم ثم هناك بعض الذين افتروا على التاريخ ويمكن أن اذكر مثالا – حتى لا يكون كلامي في المطلق – وهو كتاب المسؤول السابق الطاهر بلخوجة فقد قال أمورا مجانبة للواقع في قضيّة الديمقراطية مثلا حيث ادعى انه ومن معه حاولوا ادخال جرعة من الديمقراطية في البلاد عام 1981 لكن الوزير الأوّل كان معارضا بينما الشهود والبعض منهم أحياء والحمد للّه يعرفون أن تلك الفقرة التي قرأها الرئيس السابق المرحوم الحبيب بورقيبة في احدى خطاباته الهامة حول هذا الموضوع كانت من تحريري في بيت الأخ الصادق بن جمعة وأمليتها على الأخ الشاذلي القليبي ليلحقها في الخطاب. ولمّا تساءل الحبيب بورقية عن جدوى هذه الفقرة أجبته واقنعته. فلماذا هذا الافتراء على التاريخ؟ بلغنا من العمر عتيّه ودورنا اليوم في سننا هذا هو تبيان الحقيقة. لكن المؤسف أن البعض الآخر كتب متجاهلا فترة أو مبادرات معينة. شخصيا أثق في المؤرّخين الشبان حتى يكتبوا التاريخ كما هو. كما قيل لي بأن هناك مجموعات من الاساتذة كتبوا تاريخ تونس، ولكنهم في المجلّد الأخير عن تونس المعاصرة لم يذكروا ولا كلمة عن محمد مزالي. هذه جناية على التاريخ وهو ما لا تجده في الدول المتقدمة. ففي فرنسا مثلا التي نعرفها اكثر من غيرها يتحدثون حتى عن فترة «بيتان». هذا تاريخ.   حينما نستحضر اسم مزالي نستحضر اسم شخصيتين محوريتين هما الطاهر بلخوجة وادريس ية. هل مازال الخلاف قائما معهما؟   يسلا. لما تحدثت عن هذين الشخصين، تحدثت من وجهة نظر تاريخية وليست شخصية . الطاهر بلخوجة لم انتقده في سياساته ولا في مبادراته لما كان وزيرا للداخلية أو وزير اعلام . لقد تحدث عن ذلك بنفسه وسيتحدث عنه التاريخ . أنا ذكرت الفقرات التي تحتوي على كذب واقول ذلك بكل وضوح وصراحة. أما السيد ادريس ية فلم انتقده كوزير، انتقدت ما أراه تواطؤا بينه وبين شخصيات قريبة من القصر.. انتقدت ما اعتبره مؤامرة الخبز ولا أقول ثورة او تمرّد الخبز. وبيّنت في مذكراتي معطيات هذه المؤامرة. فهو ـ ولأسباب تهمه من باب الطموح ـ تجاسر على هذه المكيدة كما تجاسر من جاء قبله عام ما1978 على المرحوم الهادي نويرة باستغلال مشاكل المعيشة ومشاكل اتحاد الشغل لشن الاضراب العام وآل ذلك إلى سقوط موتى وجرحى، طمعا واعتقادا في أن بورقيبة سيغضب على الهادي نويرة فيعزله ويحل محلّه الطاهر بلخوجة أو شخصا آخر. مأساة الحكم الذي اعتبره البعض مطلقا هو في مأساة الرئاسة مدى الحياة وفي شيخوخة الرئيس الراحل رحمه الله وكذلك مأساة الدستور القديم ما قبل التحوّل الذي يجعل من الوزير الأوّل الخليفة حال شغور أو عجز الرئيس الموجود. يعني ان المقربين الطموحين طموحا غير شرعي كانوا يريدون ازاحة الهادي نويرة أو محمد مزالي طمعا في أنهم سيعوّضونهما.   نعود إلى مذكرّاتك، ما مدلولها السياسي؟   كان بالامكان أن لا أقول شيئا وأعوّل على المستقبل، لكن بحكم ثقافتي واستقرائي لتاريخ المجتمعات، أعتبر نفسي كغيري مسؤولا عن المساهمة في إنارة المؤرخين في المستقبل وأعتبر المذكرات مرجعا من المراجع.. فأنا بكل تواضع سميت مذكراتي «نصيبي من الحقيقة» . وأعتقد أنّ الحقيقة المطلقة ليست ملكا أو حكرا على أحد، وانما مسؤوليتنا هي الادلاء بنصيبنا من الحقيقة من وجهة نظرنا. قد يعيب علينا بعض الاخوان أنني لم أذكرهم كما يجب، لكني أترك لهم الفرصة للادلاء بآرائهم، أنا لا اقدر أن أعوّض أيّا كان وقد تحدثت عن الاحداث التي عشتها من الداخل.   هل كنت انتقائيا؟   طبعا، ما كل ما يعرف يقال. هناك أمور تحرج النّاس. هناك اعتبارات دولية. هناك ارتسامات شخصيا لست واثقا منها، اضافة الى ان هناك اشياء نسيتها وبعض الأمور الأخرى اعتبرتها ثانوية. علما وأن مذكراتي هي نتيجة الذاكرة فقط، اذ لم يكن لي متسع من الارشيف واستعنت فقط ببعض الجرائد.   هل من ردود على هذه المذكرات من سياسيين في الصف الأوّل؟   هناك بعض الإخوان الذين قالوا في بعض المناسبات أنّ كل ما قلته صحيح… وشخصيا لم أقل كل شيء، لكن أرجو أن ما قلته صحيح.   سيدي الوزير الأول، لا أحد يمكن أن ينكر تجربتكم الكبيرة، لكن هناك من يعيب عليكم تدخلاتكم مثلا على منبر قناة الجزيرة بأنها شهادات تبرئ الذات أكثر من أي شيء آخر. بماذا تردون على ذلك؟   الحقيقة البديهيّة أنّ الانسان لمّا يتحدث عن نفسه يبرر أشياء. مثلا الذي يشكك في أنني كنت أحاول إيجاد جرعة من الديمقراطية، أقول إنني عندما أتحدث عن مجهوداتي عامي 80 – 1981 لاقناع الرئيس بورقيبة رحمه الله بضرورة التعددية، وعندما افتك من بورقيبة في نوفمبر 1983 افتكاكا الاعتراف بحركة الديمقراطيين الاشتراكيين والاعتراف بالحزب الشيوعي قبل عام 1981 والاعتراف بالحركة الشعبية، فهذه حقائق أقولها، لكن البعض الذي سار مع الركب في الهجوم عليّ لأسباب لمّحت لها منذ حين يعتبرون ذلك تبرئة للذات. فعندما أقول انه قبل أن أخرج من تونس عام 1986 لم يكن لي ولزوجتي حساب جار في الخارج، فهذا من جهة تبرير يردّ على بعض الاتهامات، لكن من جهة أخرى هذا واقع فلا أحد وجد لي حسابا جاريا في الخارج «ومَاضَابِينَا الوزراء يقولو هذا».   لكن هناك حديث عن حياة البذخ التي عشتها في الخارج رغم أنك غادرت تونس في ظروف كنت بيّنتها في الجزيرة وفي المستقلّة؟   نعم قصة مغامرتي بيّنتها في المستقلة وفي الجزيرة. فقد اقنعوا الرئيس السابق بأني نظمت مؤامرة لازاحته من الحكم. نادى بورقيبة القاضي الهاشمي الزمال بحضور ثلاثة مسؤولين وقال له: «المزالي أراد إزاحتي من الحكم، ألقوا عليه القبض واحكموا عليه بالاعدام شنقا ويجب أن ينفذ الحكم قبل 31 ديسمبر 1986». وأضاف قائلا: «ستتدخّل بعض الدول العربية أو الاوروبية و«شدّ صحيح» وأصر على أنه يجب شنق مزالي كما شنق علي بوتو في الباكستان. عندها قلت السجن دخله الرّجال، لكن اذا أمكن أن أنجو من حبل المشنقة، يكون ذلك أحسن ولهذا فررت بجلدي. قمت بمغامرة وعندما أستعرضها اليوم أستغرب من عدم وعيي حينذاك بالخطر في منطقة قال لي عنها المرحوم الشريف مَسَاعِدِيَة (رقم واحد في جبهة التحرير الجزائرية): «كيف مشيت ليلا في الظلام في تلك المنطقة المزروعة الغاما منذ الثورة» . قلت له لم أكن اعرف وأضاف متسائلا: «ألم تخف من الذئاب» فأجبته: «الذئاب تقطن في قصر قرطاج حينها».   قبل الحديث عن ظروف عيشك، من هم المسؤولون الثلاثة الذين كانوا موجودين حينما أمر بورقيبة الهاشمي الزمّال بذلك؟   لا أستطيع اخبارك، ما كلّ ما يعرف يقال.. أماعن ظروف عيشي فلما ذهبت الى الجزائر، أؤكد أنني كنت لا أملك فلسا، أردت أن أذهب الى سويسرا، استجابة إلى دعوة جوان انطونيو سامارانش. حولت من البنك المركزي ما يعادل 200 دينار. كان عندي إذن بالفرنك السويسري ما يعادل 200 دينار مع مطبوعات البنك المركزي الثلاث الخضراء والحمراء والبيضاء. المسألة بسيطة. المبلغ المذكور يضحّك، لكن تركته في البيت، لم أرغب في أخذه، خفت أن يمسكوني بهذا المبلغ. ونهاية لم يكن معي أي «سنتيم»، بحيث لا أملك شيئا ولم احمل معي ولو قميصا للتبديل الجزائريون أعطوني ما يعادل 4 آلاف دينار تونسي فرنك فرنسي وحقيبة تحتوي على بدلتين وحذاءين، وفي الاشهر الاولى دفعت اللجنة الاولمبية كلّ مصاريفي من اقامة وقوت. وكان اصدقائي اعضاء اللجنة الاولمبية بمثابة العائلة الثانية. وأنا عالة على اللجنة الاولمبية وفي ذاك الجوّ القاتم الذي كانت تعانيه عائلتي، استدعاني إخواني الملك فهد رحمه اللّه والراحل المرحوم الشيخ زايد وولي عهد الكويت الشيخ سعد … كنت حينما أقابل هؤلاء القادة الكبار أناقشهم في مصلحة تونس أي في المشاريع التونسية وليس في امتيازات شخصية لي ولعائلتي. كانوا يسألونني كيف يفعلون ذلك لي؟ لم ينسني هؤلاء القادة وقارنوا بيني وبين وزراء آخرين. لم يكن الطمع صفتي ولذلك كان بورقيبة يحترمني. «بورقيبة عمرو ما رفع صوتو عليّ أبدا والحمد للّه». وأذكر أن الشيخ زايد رحمه اللّه قال إنّه لا يتدخّل في سياسة تونس فقلت له هذا ما أرجوه شخصيا، أريد ان تكون علاقتكم جيدة مع تونس والتعاون مستمر، يهمني الشعب وليس شخصي. قال لي لقد زرناك في بيتك في تونس وقمت بنفسك بزيارتنا وتعاونا في القمم العربية والاسلامية، ومادمت في هذه الازمة اعتبر نفسك أخي الصغير وسنتكفّل بمساعدتك. وبمعدّل مرّة كل سنة أو سنتين تتم دعوتي من طرف هؤلاء القادة ويتم تسليمي بعض الأموال وهذا ليس فيه خدش لشخصي، بل بالعكس فأنا لست أوّل مهاجر أو مضطهد يلقى المساعدة، دون ان اقارن نفسي بالجنرال ديغول في لندن او بورقيبة في القاهرة. لقد عشت واولادي مستورا بفضل هذه الاعانة من الدول الخليجية فقط . كما ذكرت لم يكن لي حساب جار ولم يكن على ملكي نزل كما أشيع.   هل مازلت على اتصال مع أبناء هؤلاء القادة الخليجيين؟   من سوء الحظ لا. لم يحصل لي الشرف.   رغم الموقف النهائي المحزن الذي قابلك به بورقيبة، الا انك بقيت محبا له، معددا لخصاله ومحترما لشخصه ولسياسته. لماذا هذا كلّه؟   أولا أعتبر بورقيبة بمثابة الأب.. كنت اعتبر أن سياسته هي «مُوَصّلة»، وفي عدة فترات من حياته السياسية كنت مقتنعا ومنبهرا به بحيث بقيت مخلصا له، ثانيا اعتبر أنه في الحالة التي قاسيت فيها أنا وعائلتي كنت اعتبر ان ذلك لم يكن بورقيبة بل خيال بورقيبة، فقد كانوا يوحون إليه في المساء وفي الليل الدامس وكان يعيد ذلك من الغد. بورقيبة كان مريضا وفي فترات كثيرة كان غائبا عن الوعي. أتّهم أو أعيب على من كان حوله سامحهم اللّه.   بصراحة من كان أكثر المؤثرين؟   بعد زوجته يرحمها اللّه جاءت سعيدة ساسي. كانت هذه الأخيرة أكثر تأثيرا لأنها كانت متواجدة في كل الاوقات وشخصيا لم اكن التقيه الا صباحا ولمدة نصف ساعة أو ساعة وكنت لا أتردّد عليه مساء الاّ للضرورة وفي بعض الاحيان القليلة جدّا.   على ذكر الراحلة وسيلة، هل التقيتها في منفاك؟   لا لم ارها ولم أطلب رؤيتها ولم تطلب ذلك بدورها . كان يمكن ان نتقابل، لكن من حسن الحظ أو من سوئه ـ لا أعرف ـ لم أقابلها أبدا.   هل تعتبر أن وسيلة أو سعيدة كان لهما ضلع في المؤامرة ضدّك؟   لا وبكل صراحة اعتبر أن وسيلة كانت أذكى بكثير وكانت سياسيّة محنكة بأتم معنى الكلمة وكانت لديها المعلومة وعندها علاقات في تونس وفي الخارج وتحديدا في العالم العربي.. سعيدة كانت في مستوى آخر لا تفهم السياسة لكنها كانت أيضا مؤثرة. وسيلة مشكلها ـ وأرجو أن أكون مخطئا في اجتهادي الأمس واليوم ـ أنها كانت تتأثر ببعض العناصر وتعتريها الغيرة. فلما ترى الباهي الأدغم أو الهادي نويرة أو محمد المزالي وكأنها ترى شخصا سيجلس على كرسي بورقيبة وترى زوجة أخرى تحلّ محلها، هي صورة قد تبدو غير عقلانية. لكن قلت وأقول إن وسيلة أثنت بورقيبة عن تعيين الأخ محمد الصياح مقابل تعييني عام 1980 لا حبّا في محمد مزالي لكن باعتباري أخف الضررين. كانت سياسية ولها مواقف جيّدة في القضية الفلسطينية مثلا. لكن في قضية الخبز كانت هي المهندسة مع بعض الوزراء وهذا رأيي.   يتزامن صدور هذا الحوار مع شهر جانفي الجاري. بماذا يذكرك شخصيا هذا الشهر؟   شهر جانفي يذكرني بـ26 جانفي .1978 كان يوما أسود في تاريخ تونس. وفي تحليلي كانت مؤامرة ضدّ الهادي نويرة كوزير أوّل… جانفي يذكرني بمؤامرة الخبز ( 3 جانفي). كان أيضا يوما أسود في تاريخ تونس ولم نر في التاريخ المعاصر في دولة من الدّول أن جزءا من الحكومة يتآمر على جزء اخر. وقلت وأؤمن بأن المعارضات بأصنافها ليست لها مسؤولية في ذلك. كلّمني الشيخ مورو يوم 4 جانفي وتبرأ مما وقع وبلّغت ذلك للمرحوم الرئيس بورقيبة، الأخ أحمد المستيري شجب بدوره هذه الاعمال وكذلك فعل الحزب الشيوعي، يعني أنّ من قام بهذه الأعمال أشخاص في الدولة. فيوم 3 جانفي كان الأمن غير موجود في تونس وترك الشارع للفلتاء. وقد ذكرت أطوار ذلك في مذكراتي ولو كان هناك أمن لما وقع ما وقع.   أين كنت سي محمد في أحداث 1978؟   كنت عام 1978 وزيرا للتربية. ومن الصدف أنه يوم استدعائي للجنة الدولية الأولمبية للاجتماع في تونس وصادف ذلك انعقاد مجلس وزراء برئاسة الأخ الهادي نويرة. بعد حضوري لمدة ربع ساعة استسمحت منه للمغادرة للاجتماع باعضاء اللجنة في نزل افريكا، وحين كنّا مجتمعين سمعنا طلقات نارية… لكن واصلنا عملنا وقمنا بزيارات الى بعض المناطق ولم أكن اعرف ماذا وقع بالضبط. وسبب المفاجأة أنّني فاجأتني هذه الاحداث كما فاجأت بعض الوزراء الآخرين. لقد كنت بعيدا عن التكتلات. لم أكن في سرب من الاسراب وكانت اتصالاتي تقتصر على الرئيس بورقيبة والوزير الأول وقد كانت علاقتي جيدة مع سي الباهي الادغم وسي الهادي نويرة.   لكن انت في نظر الشعب من قام بعملية الدعاية للزيادة في الخبز؟   مشكلتي أننّي كنت اتكلم كثيرا. وهذا ما سميته في كتابي لعنة الدستور القديم. لو كان الباب مفتوحا كما هو الحال الآن لكل الطموحات ولكل الترشحات لما كان الهادي نويرة ومحمد مزالي يُستهدفان… كلنا نتذكر تلك الظروف ويجب على الملاحظ اللبق أن يربط بين ما كان يجري في الداخل وفي الخارج ولا أظن أن كل تلك التطورات كانت تجري صدفة. لقد أيدوا الزيادة بما في ذلك ادريس قيقة الذي القى خطابا في بورصة الشغل. وتجند لذلك اعضاء البرلمان واللجنة المركزية وتأييدي كان انضباطا وحبّا لبورقيبة. عارضت هذه الزيادة ومعارضتي معروفة حتى في مجلس الوزراء ومازلت اعتقد أن رئيس الدولة في الدستور هو المسؤول وان الوزير الاول هو المكلف بالتنفيذ. الناس كانوا يردّدون ان بورقيبة مريض وان مزالي هو كل شيء. المفارقة هي انه بقدر ما كان بورقيبة مريضا كان يتأثر بمن حوله. حينما عرفته كان يتصل بعديد الاشخاص لمعرفة شيء ما او التيقن منه. كنت منضبطا وكنت ارى ان الزيادة في الاسعار المدعمة تتم بمراحل… واذكر انه حينما رافقت بورقيبة الى المطار حينما كان متوجها الى ألمانيا الفيدرالية في 19 سبتمبر وطلب مني مضاعفة سعر الخبز تمنيت له عطلة طيبة في ذلك البلد ووعدته بدراسة الملف. وقبل ان يصعد الى الطائرة كرر جملة «لابد من مضاعفة سعر الخبز». وهاتفني مرتين من المانيا مشددا على هذا الاجراء.. في 10 أكتوبر حرص بورقيبة على ترؤّس مجلس وزراء في قصر الحكومة بالقصبة وقرر ان يعلن في مجلس الوزراء عن القرار القاضي بمضاعفة ثمن الخبر ومشتقات الحبوب… ولم يتجاسر على الكلام اي وزير وخصوصا أولئك الذين تبرّؤوا فيما بعد من هذا الاجراء.   ماذا كان دورك على من حكم عليهم بالاعدام؟   بعد صدور حكم الاعدام على عدد من الشبان المهمّشين ولا اسميهم المُنْحَرِفين صدرت عدة تدخلات من منظمات وهيئات حقوقية اتصل بي عديد الاشخاص لايقاف الحكم ووعدتهم بالنظر في الموضوع. وفي أحد الايام نادتني المراسم واعلمتني عن تحديد جلسة مع الرئيس بورقيبة على الساعة الخامسة مساء. دخلت مكتب الرئيس وكان عنده محمد شاكر وزير العدل. كان بورقيبة يريد النظر في الاحكام على المحكوم عليهم بالاعدام. سلمه وزير العدل رأي لجنة العدل في تلك الاحكام ومشروعين، مشروع امر بتنفيذ حكم الاعدام ومشروع يستبدل حكم الاعدام بالمؤبّد لكنّ بورقيبة لم ينظر الى تقرير لجنة العدل وطلب مباشرة مشروع تنفيذ حكم الاعدام. وحينما اخذ قلمه وهمّ بالامضاء، قلت له سيدي الرئيس هل تَسْمَح لِي شيئ ما. فاستجاب لطلبي، فخاطبته بالقول إنني لم أدرس الحقوق ولكنني اعتبر أن هؤلاء الشبان قتلوا وانني لا اشك في نزاهة القضاء وان المسؤولية في ما حدث مشتركة بيننا وبينهم، إذ أن النظام لم يقم بواجبه والبلاد لم تكن ممسوكة والأمن لم يقم بواجبه اذ نزع عنه ادريس قيقة السلاح. وقلت له متسائلا: «هل أن الفلتاء في باريس اذا لم يجدوا امامهم أمنا، ألا يقومون بسرقة المجوهرات والساعات وغيرها؟ نظر بورقيبة إليّ وردّد: «نعم صحيح». وأضاف: «تعرف سي محمد، من وقت الاستقلال الى الآن لم اغيّر حكم اعدام في المحكوم عليهم سياسيا، لكنك اقنعتني». وطلب مشروع الامر الآخر. وحينما غادرت القصر هاتفت المحامي الطاهر بوسمة واعلمته بالامر وطلبت منه ابلاغ احد المحامين (فتحي عبيد) الذي كتب مقالا على اعمدة «الصباح» يناشد فيه رئيس الدولة بتحويل الحكم الى المؤبد. أنا معتز في تلك المأساة بكوني خففت بعض الشيء في هذه القضية ولي الشهاد على ذلك.   هل تعتبر ان استهدافك جزء منه- صغير أو كبير – يرجع ربما الى برنامج التعريب؟   هذا لا شك فيه ولكن ليس لي حجّة عليه… بورقيبة فسّر قرار إنهاء مهمتي بقوله «يا سي محمد عربت ياسر التعليم، قلت لك لا تعرب» وعلى كل حال لي قناعات. اعتبر أن المغرب العربي ضرورة وقد قمت بمبادرات كثيرة في هذا الصدد في البنية الاساسية وفي مناهج التاريخ والحسابيات وغيرها. كنت أتأسف أنّه لأسباب سياسية تتجاوزني لم أواصل الذهاب الى الامام في الاشياء التي كنا نحلم بها وجسمناها في مؤتمر طنجة في أفريل .58 كما كنت أعتبر أن التعاون العربي العربي حيوي وان الاسواق العربية لا حدود لها ، بحيث ان التعاون العربي يمكننا من تعاون جنوب جنوب. وقد كتبت مؤكدا ان التعاون جنوب شمال لا يصح ولا يكون مثمرا الا اذا كان مرتكزا على تعاون جنوب جنوب.   كيف تلقيت قرار انهاء مهمتك على رأس الوزارة الاولى؟   كنت جالسا بمفردي حيث كانت عائلتي تحضر على ما اظن اربعينية صهري المرحوم فريد مختار (أخو زوجتي). كنت بصدد مشاهدة شريط الأنباء على الساعة الثامنة مساء كعادتي… في الحقيقة، والشيء الذي لم أقله في كتابي وهو خاص بمجلتكم، هو ان السيد عبد الرزاق الكافي كلمني قرابة السابعة والنصف وقال لي إن برقية صادرة عن وكالة تونس افريقيا للأنباء تضمنت خبر انهاء مهامي وتسمية السيد رشيد صفر في منصب وزير أول. وسألني هل يبث فحوى هذه البرقية ام لا. وما لم افهمه هو ما اذا قال ذلك اجتهادا منه أم لا. وتساءلت ماذا لو طلبت منه عدم نشر تلك البرقية؟ فهل يكون مصيري السجن بتعلة عصيان رئيس الدولة ؟ ربما. بعد بث ذلك الخبر هاتفت رشيد صفر وهنأته.   هل من عادة بورقيبة ان لا يعلم الوزير الاول حينما يقيله ؟ وهل تفاجأت بالأمر؟   لا ليس من عادته ان لا يعلمهم . كما أنني لم افاجأ مفاجأة تامة لأن عدة اشارات كانت تنذر بهذا التحوّل والتنكّر لي. لكن من الغد كلمت مدير الديوان الرئاسي سي منصور السخيري وطلبت منه مقابلة الرئيس بورقيبة ولتوديعه. فحدد لي يوم الجمعة 11 جويلية. وفي الموعد المذكور استقبلني بورقيبة في قصر المنستير بكل لطف ومودّة وجاء ذلك اللقاء بعد اجتماع مجلس وزاري يوم 10 جويلية اتخذ قرارا يقضى بادراج اللغة الفرنسية في السنة الثالثة من التعليم الابتدائي عوضا عن الرابعة وذلك بشكل ارتجالي وعاجل.   الشاذلي بن رحومة   (المصدر: مجلة « حقائق » (أسبوعية – تونس) بتاريخ 7 فيفري 2008)

السيد محمد مزالي الوزير الاول الاسبق (2):

«الخـصومـة كـانـت بـين بـورقـيـبـة وعــاشـور ولم تـكن مع شخصي»,

 
نواصل في هذا العدد تقديم بعض المفاصل الأخيرة من حوار مطول كنا أجريناه مع السيد محمد مزالي الوزير الاول الاسبق حول جزء من مسيرته السياسية وما حف بها من تقلبات واحداث كان فيها فاعلا سياسيا مهما وشاهدا مدركا لتجاذبات السياسة واحوال القصر في تلك الفترة الهامة من تاريخ تونس. وكان من الطبيعي ان يحتفظ ببعض الأسرار والتفاصيل وهو الذي قال: «ما كل ما يعرف يقال» باعتبار ان هناك دولا ومصالح في الميزان وهناك حقائق غابت عنه وهو الذي اعتمد فقط على الذاكرة وبعض الصحف في صياغة مذكراته. ومثلما كان ردّ الفعل سريعا مع الحوار حين تمّ نشره في العدد الفارط من مسؤولين عملوا جنبا الى جنب مع السيد محمد مزالي وكانوا بدورهم مسؤولين عن وقائع اوشاهدين على قرارات مؤثرة، فاننا ندرك ان تلك الحقبة السياسية اي الثمانينات تظل واحدة من الفترات المهمة التي يجب نفض الغبار عنها وربما تبدو مهمة المؤرخين النزهاء من اوكد المهمات وأعجلها. فلنقرأ بقية الحوار.   – ما هي علاقتك بالاتحاد العام التونسي للشغل وبمسألة الشرفاء؟   ربما لا يعرف بعض الناس أني كنت في اتحاد الشغل. فعام 1950 دخلت كعضو منتخب في نقابة التعليم الثانوي التي كان كاتبها العام سي الامين الشابي رحمه الله. والذي لما أصبح وزيرا عيّنني مديرا لديوانه وكانت لنا خصومات كبيرة مع السيد «بياي» ليس من أجل الزيادة في الأجور مثلا بل من أجل التعريب ومن اجل تسمية المعلمين التونسيين في المدارس الابتدائية. كانت هناك معارك ثقافيةوسياسية. وقد خرجت من النقابة لما تحصّلنا على الاستقلال واصبحت رئيس ديوان. كما أذكر أنه في عام 1955 كنت في الفريق التنفيذي الذي كان يضم الاستاذين احمد بن صالح ومصطفى الفيلالي. وقد قمت بالقاء محاضرات في مدرسة الاطارات حتى ان هناك محاضرة احتفظنا بها حول تاريخ النقابات الفرنسية، وحتى لما اطرد الحبيب عاشور مجموعة من زملائه منهم عبد العزيز بوراوي والشعري ومصطفي الغربي (قرابة الستة ) طلب هؤلاء مقابلتي وجرى الأمر بحضور وزيريْ الشؤون الاجتماعية والوظيفة العمومية، أبديت يومها لعبد العزيز بوراوي ـ وهو شاهد على كلامي ـ قلقي من هذه النقابة. وقد صارحته بأن هذه النقابة ستقوم بمزايدات من شأنها أن تخل بالسلم الاجتماعي. في احدى المناسبات اعلمني بوريبة أنه سيستقبل عبد العزيز بوراوي وعليّ ان اكون بجانبه.خلال ذلك الاجتماع سلّم علالة العويتي ظرفا يحتوي أوراقا نقدية الى عبد العزيز بوراوي وخاطبه قائلا: «لقد اردنا اعانتك على نقابتك» . وفي الحقيقة كنت بعيدا عن هذه النقابة. وموقفي في الجرائد التونسية خلال ¬82 و83 معروف حيث يكفي العودة لهذه الصحف للوقوف على تصريحات للحبيب عاشور يثني عليّ فيها ويصفني بأنني «صديق العملة» و«الرجل الديمقراطي». و«رجل الحوار» حتى انه في احدى المناسبات كلّم ادريس ية المازري شقير وسأله هل «سحرتم الحبيب عاشور؟» فقد اجريت معه اتفاقات. ولما جاءت مؤامرة الخبز قلب لي مع وسيلة ظهر المِجَنّ.   – ألم تردّ الفعل بطريقة أخرى من خلال صهرك؟   صهري مجرد طبيب في وزارة الصحة وله علاقات كأيها الناس… ربما من تدخل بعض الولاة وفي مقدمتهم منصور السخيري. والدليل أنه في يومي 9 و10 ديسمبر 85 تكلمت واكدت انني لا أحبذ ان تهاجم مقرات اتحاد الشغل وأنني لا اريد خميس اسود ثانيا، وخاطبته قائلا: «أنت سي الحبيب ما هو باش تاكل رأسي، كيما كليت رأس الهادي نويرة». وفي حركة قلت له: «برّ عليّ، لن ترى السجن» . كان بوريبة يكلمني باستمرار بضرورة وضع الحبيب عاشور في السجن، وقد ذكرت للرئيس بوريبة «أن الحبيب عاشور اقل خطرا في بيته او في الشارع من وجوده في السجن»، لكن بوريبة ظل يكرر ضرورة سجن عاشور وكنت بدوري أكرر نفس موقفي المخالف لرأيه وفي احد الايام الاخيرة من شهر ديسمبر مزا1985 امر بوريبة بوضع الحبيب عاشور في السجن، ووقع ما كنت اتوقعه ربما يعيب عليّ التاريخ عدم استقالتي وقتها. ذلك انه بمجرد دخول عاشور السجن، التحمت صفوف الاتحاد في جانفي و86 والذين كانوا مستائين من تصرفات عاشور وابتعدوا عنه وعينوا كاتبا عاما في شخص الصادق علوش عادوا اليه، وما أقوله هو ان الخصومة كانت تحديدا بين بوريبة وعاشور وهو أمر بينته في كتابي والدليل انه بعد خروجي من الحكومة وبعد ان عزلت وهربت لم تتوقف مسألة سجنه. ان الخصومة هي بين بوريبة وعاشور منذ الستينات (قضية الباخرة) وهو أمر بينته في كتابي اضافة الى حجج أخرى. فحين كان الجميع ينزل بمطارقه شجبتُ الاعتداءات على الاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان والتطاول على كاتبه العام النائب محمد بن حمودة ، وذلك انه حين دخل الحبيب عاشور وجماعته السجن وحين كان الجميع يتبارى في التنديد بهم، خالفت هذا الموقف. وأذكر انه في أحد اجتماعات الديوان السياسي للحزب بقيادة المرحوم الهادي نويرة ، لم يتردد الصياح في انتقاد موقف اتحاد الكتاب الذي كنت رئيسه بحجة ان المنظمات والجمعيات والهيئات ساندت الدولة والنظام وشجبت اعمال الحبيب عاشور واتحاد الشغل في حين لاذ اتحاد الكتاب بالصمت .. ولم أجد يومها من دافع سوى بسط وجهة نظري وموقف اتحاد الكتاب الذي كنت ارأسه.   – بعد عزلك، طلّق بورقيبة زوجته بطريقة سياسية كما فسّر الأمر؟   لقد ذكرت للتاريخ بعض المعلومات في كتابي عن طلاق وسيلة من خلال بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية فطريقة طلاقها وهي موجودة بالولايات المتحدة الامريكية للعلاج، وعدم استدعائها للمثول امام المحكمة في جلسة صلحية كما ينصّ على ذلك القانون، كل ذلك جعل بوريبة يتجاوز قانون الاحوال الشخصية فتقدم بوريبة في السنّ وتدهور صحته كانا وراء هذا القرار وغيره بعد ان احاط به المؤثرون.   – ماذا تقول سي محمد في خاتمة هذا الحوار؟   أتمنى ان يكون ما قلته صحيحا مثلما ذكرت. وفي الحقيقة حينما اشاهد التلفزيون ألاحظ – واتمنى أن أكون مخطئا ـ ان بعض الشبان والرياضيين والمسرحيين… لا يمتلكون اللغة ، لا العربية ولا الفرنسية ولا العامية، فأحاديثهم خليط (كوكتيل). وهنا أذكّر بالأمر الذي قلته في السبعينات حينما كنت انادي بالتعريب، وليس لأني استاذ عربية كما اشيع، بل أنا استاذ فلسفة وخريج السربون، لكن العربيةعندي هي مقوم من مقومات هويتنا ومعتز بها والحمد الله . كنت اقول اننا اذا لم نمض في سياسة التعريب في التعليم سنخلق جيلا كما نقول بالعامية «الأم شلبة والبو قاروس». عندما أرى تلك الفئات الشبابية من رياضيين ومسرحيين وغيرهم بذلك الخليط اللغوي أتأسف وأخاف لأن من ينتقل بين العربية والفرنسية والعامية دون تركيز أو اتقان لكل واحدة على حدة، فإن تفكيره ليس مركزا لأن اللغة تضبط التفكير والتفكير يقيّد اللغة لذا فمن المفيد ان نتكلم بالفرنسية او بالعربية او بالعامية، لغة العروي ولغة بورڤيبة.   الشاذلي بن رحومة   (المصدر: مجلة « حقائق » (أسبوعية – تونس) بتاريخ 7 فيفري 2008)

عبد الرزاق الكافي يرد على محمد مزالي- للحقيقة و التاريخ :

« تصحيحا لإفـادات مــزالي الـغـائـمـة »

 
قرأت حديث الوزير الأول الأسبق السيد محمد مزالي الذي حاوَرتْه فيه مجلة «حقائق» (عدد 54 الصادرة يوم 21 جانفي 2008) وتوقفت امام بعض الافادات الغائمة التي وردت فيه مجانبة للصحة والدقّة، استنادا للمطابقة بيقين ما اعلمه بحكم إحاطتي بما يجري في المجال الوطني بصفتي وزيرا للاعلام في الحكومة وقتئذ وأرجئ الحديث المفصل عن تلك الحقبة إلى وقت قادم قد أعود اليها موضحة ومسبّبة، مبادرا الى ايضاح ما أورده السيد محمد مزالي عن كيفية تلقيه قرار عزله واقحامه لي في هذا الامر، وما نسبه اليّ مما اعتبره على جانب كبير من الخطورة سياسيا وتاريخيا.!   وأسجل استغرابي، قبل البدء، من سكوته نحو العقدين من الزمن عن اقالته وملابساتها في ما كتبه من مذكرات بالفرنسية والعربية، وفي مقالاته ومقابلاته واحاديثه المترادفة التي وقف فيها «شاهدا على العصر»! وتماشيا مع نظرة التجرد التي اقرها عند قوله «انه بلغ من الكبر عتيا… وانه لا يريد الا تبيان الحقيقة»، ولما شاب هذا الذي تراءى له حقيقة من «تحريف» تعمده او لم يتعمده في امرين اثنين يتصلان بي هما :   أ – أني كلمته قرابة الساعة السابعة والنصف وقلت له ان برقية صادرة عن وكالة تونس افريقيا للأنباء تضمّنت خبر انهاء مهامه وتسمية السيد رشيد صفر في منصب وزير اول.   ب ـ أني سألته: هل ابث فحوى هذه البرقية ام لا. لهذا فاني اثبت الحقائق التالية بشواهدها وسياقها الموضوعي ومؤشراتها الواضحة الدلالة، إجابة وتدقيقا وردّا على ذلك الادعاء: في صباح يوم الثلاثاء 8 جويلية 1986، عقد الرئيس الحبيب بورقيبة – رحمه الله -جلسة عمل في القصر الرئاسي بسقانص، حضرها وزراء الداخلية والاقتصاد والتخطيط ومحافظ البنك المركزي ومدير الديوان الرئاسي خصّصت للنظر في الوضع الاقتصادي والسبل الكفيلة بتنشيطه ودعاهم للغداء على مائدته. ويلاحظ ان السيد محمد مزالي لم يُدْعَ الى حضور هذه الجلسة على أهميتها ولم يكن معتذرًا او مريضَا او في مهمة في الخارج… في الساعة الخامسة وبعض الدقائق من ظهر نفس اليوم أقال الرئيس الحبيب بورقيبة السيد محمد مزالي. حوالي الساعة الخامسة والنصف مساء بثت وكالة تونس افريقيا للأنباء خبر تعيين السيد رشيد صفر وزيرا اولا وامينا عاما للحزب الاشتراكي الدستوري وتعيين السيد اسماعيل خليل وزيرا للتخطيط والاقتصاد. واثناء ذلك امرني الرئيس الحبيب بورقيبة هاتفيا ان احيط علما المعنيين بقراره وإلزام الاذاعة الوطنية ببثّ القرار رأس كل ساعة . فقمت بتطبيق هذه التعليمات فورًا وأعلمت السيد رشيد صفر والسيد اسماعيل خليل. وحوالي الساعة الخامسة وأربعين دقيقة اتصلت بالسيد محمد مزالي في بيته فأجابتني المساعدة المنزلية بأنه منشغل مع أجانب ويطلب ارجاء المكالمة الى وقت لاحق، فأكدت لها ان المسألة عاجلة لا تحتمل التأخير، فاستلم السماعة قائلا لي بالفرنسية „«J’espere que vous ne me derangez pas pour rien» «آمل انكم لا تزعجوني لأمر تافه». فأجبته: « c’est la dernière fois que je vous dérange هذه المرة الأخيرة التي ازعجكم فيها» ثم قلت له: ان الرئيس الحبيب بوريبة عيّن السيد رشيد صفر وزيرا أولا. واترك الحديث عن حالته النفسية وردوده عند تلقيه النبأ، مكتفيا بهذه الإشارة الموثقة في الوقت الحاضر، دون ارباك واعادة تشكيل لمجريات الحدث واتولى الردود المفصلة الشاملة على ما ورد في كتابه الفرنسي المترجم عن «نصيبه من حقيقته» تأكيدا مني مدعما بما هو حق. هذا ما حدث يوم الثلاثاء 8 جويلية 1986 .   اما عن النقطة الثانية الغريبة المتعلقة بسؤالي له: «هل ابث البرقية الصادرة عن وكالة تونس افريقيا للأنباء ام لا؟» فذلك تزيّد وارتباك ذهني ومغالطة تدحضها المعطيات التالية:   – ان الاذاعة الوطنية بثت قرار سيادة رئيس الجمهورية في الساعة السادسة والسابعة.   – ان وكالة تونس افريقيا للانباء بثت برقياتها حوالي الساعة الخامسة والنصف من اليوم نفسه بواسطة جهاز التلكس المركّز في الوزارة الأولى وكل الوزارات وفي مقرات الصحف الوطنية وفي الوكالات الأجنبية المعتمدة..   – ان المسئول عن الإعلام لدى الوزير الأول يمدّه كامل النهار بما يتدفق من أخبار بصفة منتظمة.   فهل بقي امامي اي فسحة زمنية لأسأل السيد محمد مزالي في الساعة السابعة والنصف حسب تصريحه، (والحقيقة اني أعلمته بعزله نحو الساعة الخامسة وأربعين دقيقة). اما عن استشارتي له في نشر برقية الخبر أو حجبها وما صاحبها من حديث النفس كما ذكر في تصريحه، فان الأمر يدعو إلى توقف مؤسف حقا لما يمكن ان ينتهي اليه تنظيم الفكر. ففي الوقت الذي حدّده بتصريحه كان الخبر قد أصبح معلوما في الداخل والخارج بعد ان مضت عليه ساعتان . وهل يمكن لعبد الرزاق الكافي وزير الاعلام ان يجتهد في حجب قرار رئاسي أساسي وهو المؤتمن على المهام الموكولة اليه وعلى رأسها تنفيذ قرارات سيادة رئيس الجمهورية بكل أمانة ودقة.   واذا اضفنا الى هذا ما ذكره في كتابه «نصيبي من الحقيقة» الصادر عن دار الشروق بالقاهرة – 2007 الصفحة 21 «في ذلك اليوم بعد رجوعي من العمل كنت جالسا أمام التلفاز كعادتي لمشاهدة شريط أنباء الساعة الثامنة… بدأ شريط الأنباء بتلاوة بيان ألقته المذيعة بصوت لا يخلو من رتابة وبدون اي تأثر: «قرار الرئيس الحبيب بورقيبة إقالة السيد محمد مزالي…» «وبالطبع اندهشت لأن الحبيب بورقيبة لم ير من اللياقة دعوتي ليعلمني بقراره قبل الإذن ببثه في وسائل الإعلام». وقد اندهشت بدوري ان تتداخل هذه التفاصيل على هذه الصورة وان يرتسم في الذهن فقط ان المذيعة «قرأت البيان بصوت رتيب بدون اي تأثر» وان تختلق تصوّرات ساذجة تُحسَب في نفس صاحبها على موازين الحقيقة، وهي فيما يقابل ذلك.   فــــي الأخـــــــيـــر   هذا إذا تعقيب السيد عبد الرزاق الكافي أوردناه بكل أمانة كاملا.. مع تأكيدنا أن الباب يبقى مفتوحا لكل من يهمه الأمر للإدلاء برأيه في مثل هذه المواضيع السياسية الهامة في تاريخ تونس المعاصر.   (المصدر: مجلة « حقائق » (أسبوعية – تونس) بتاريخ 7 فيفري 2008)


القلق العربي من اتساع نطاق النفوذ الإيراني
 
بشير موسى نافع (*)   منذ زيارة الرئيس بوش متعددة المحطات للمنطقة العربية، وحتى ما بعد تحطيم الحدود الفاصلة بين قطاع غزة ومصر، عاد السؤال الإيراني من جديد إلى ساحة الجدل العربي السياسي، الرسمي منه وغير الرسمي، وبالنظر إلى عدد القضايا التي يتناولها هذا الجدل، تبدو إيران وكأنها أصبحت شأناً عربياً داخلياً، تماماً كما أن الولايات المتحدة هي شأن عربي داخلي بامتياز.   جاءت زيارة الرئيس بوش بعد أسابيع من نشر تقرير المؤسسات الاستخباراتية الأميركية الذي أشار إلى أن إيران قد أوقفت المساق العسكري لبرنامجها النووي منذ العام 2003، ولم يكن خافياً أن التقرير فاجأ كافة الأطراف المعنية بالملف النووي الإيراني.. إن كانت الإدارة الأميركية قررت توجيه ضربة عسكرية لإيران، فقد جعل التقرير الاستخباراتي تسويغ الحرب من الصعوبة بمكان، من جهة أخرى، يوحي التقرير بأن من قرر إيقاف المساق العسكري النووي يمكنه استئنافه من جديد، وهو ما يجعل استبعاد ضربة أميركية (أو إسرائيلية بديلة) تقديراً غير حكيم، ولكن الواضح على أي حال أن التقرير فرض تغييراً في المقاربة الأميركية للمسألة الإيرانية، فبعد أن كانت سياسة واشنطن تتجه نحو التحضير لضربة عسكرية لإيران، أصبحت هذه السياسة تعمل على فرض عقوبات اقتصادية ومالية متنوعة، إضافة إلى عزلة تدريجية، وعلى التهديد المستمر باللجوء إلى الخيار العسكري. التعاون العربي في فرض العقوبات وعزل إيران كان الهدف الرئيس لجولة بوش، ولكن العرب يخشون كلا السياستين، سياسة التصعيد مع إيران وسياسة التعايش مع برنامجها النووي.   ويشكل العراق ثاني أبرز الإشكاليات العالقة في سماء العلاقات العربية – الإيرانية، وصول الوضع العراقي إلى ما وصل إليه هو في أحد أهم وجوهه مسؤولية عربية، فالدول العربية الرئيسة لم تتورط في دعم الغزو الأميركي للعراق فحسب، بل إنها تركت الملف العراقي بعد الاحتلال كلية للقرار الأميركي، وقد ساهمت السياسات الأميركية الخرقاء خلال العام الأول من الاحتلال في صناعة فراغ حكم ودولة، وفي انقسام عراقي عميق.. عملت إيران على استغلال ما تستطيع من الفراغ ومن الانقسام الطائفي والاثني على السواء، وخلال فترة قصير، أصبح النفوذ الإيراني السياسي لا يقل عن نفوذ الأميركيين، إن لم يتفوق عليه في بعض المناطق. ولا يقل النفوذ الإيراني في دوائر النفط والاقتصاد العراقي عنه في دوائر السياسة والأمن، بعد أن تحولت الوزارات العراقية إلى قلاع طائفية وحزبية تخدم ولاءات الوزراء لا المصالح العليا للعراق.   القلق العربي من النفوذ الإيراني في لبنان لا يقل عنه في العراق، بدأت المؤشرات على انهيار الوضع اللبناني قبل اغتيال الرئيس الحريري في فبراير 2005، ولكن حادثة الاغتيال أوقعت لبنان بالفعل في مناخ أزمة طويلة، لا انسحاب القوات السورية، ولا التحالف الانتخابي بين حزب الله والقوى المناهضة لسوريا استطاع محاصرة الأزمة، ولكن الأزمة -كما كانت الأزمات اللبنانية دائماً- ليست شأناً محلياً فقط، بل هي أيضاً شأن عربي ودولي، وكما اصطف حزب الله وحلفاؤه في مواجهة تيار المستقبل وحلفائه، كذلك انقسم العرب على لبنان بين سوريا والسعودية. واشنطن هي أيضاً ركيزة الأكثرية النيابية اللبنانية الحاكمة، وصاحبة النصيب الأكبر في التأثير على قرارها، ويتعلق العامل الإيراني بالتحالف الوثيق بين دمشق وطهران من ناحية، والارتباط الديني والسياسي بين حزب الله وإيران، بحيث باتت الاتهامات الموجهة للدور السوري في الأزمة اللبنانية هي في الآن نفسه الموجهة لإيران.   وإلى جانب ذلك، يعتقد بعض العرب -على الأقل- أن نفوذ إيران في الساحة الفلسطينية يزداد اتساعاً، وأن هذا النفوذ يمس مصالح عربية تقليدية، علاقة الجمهورية الإسلامية بالقضية الفلسطينية هي بالطبع ليست شأناً طارئاً، بل تعود في جذورها إلى خطاب الخميني السياسي منذ تبلوره في الستينيات، ولكن التطورات الفلسطينية منذ اندلاع الانتفاضة الثانية في خريف 2000 عززت علاقات طهران بكافة القوى المعارضة للتسوية، لاسيما حركتي حماس والجهاد الإسلاميتين، كما أن حالة الحصار التي فرضتها الدول الغربية على حكومة حماس فتحت لإيران مجالاً أوسع في الساحة الفلسطينية. تحول إيران إلى طرف في التوازنات السياسية الفلسطينية يثير ردود فعل عربية حادة، بغض النظر عن الجهة التي تؤيدها طهران، وعندما تكون دمشق مقراً للقيادات الفلسطينية المناهضة للتسوية، يجد بعض العرب مسوغاً في تصور وجود محور من حماس، حزب الله، دمشق، وطهران، يعرّض بسياساته «المغامرة» مصالح الدول العربية المعتدلة للخطر، ولكن هذه الدول لم تسأل نفسها لماذا تركت الفلسطينيين منفردين في مواجهة الحصار الإسرائيلي – الأميركي الخانق؟!   بيد أن من الممكن رؤية الصورة التي تنسجها عناصر التوتر والقلق في العلاقة العربية – الإيرانية من عدة زوايا نظر وليس من زاوية واحدة فحسب.. إيران بالتأكيد دولة رئيسة في المشرق، وهي كذلك منذ نشوء الدولة الصفوية في مطلع القرن السادس عشر، ومن الصعب تجاهل النزعة التوسعية لإيران، وهي نزعة تستبطن قوى وتيارات ومشاعر طائفية وقومية وجيوبولتيكية، ولكن العالم تغير كثيراً منذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر، وفقدان المسلمين ثقلهم الدولي، وكان على النزعة التوسعية ذات الطابع العسكري أن تتأقلم مع العالم الجديد.. تراجعت تدريجياً الأداة العسكرية، وحلت محلها أدوات أخرى لتوكيد الذات ونشر النفوذ، وبالنظر إلى موازين القوى الإقليمية، وإلى أهمية النفط البالغة للاقتصاد العالمي، لا يمكن أن تمثل إيران خطراً عسكرياً على جوارها، ولا حتى إن امتلكت سلاحاً نووياً، أدوات إيران الحالية -وستبقى إلى أمد طويل- هي أدوات الموقف السياسي، الرابطة الطائفية، الجامعة الإسلامية، والدعم المالي والاقتصادي، هذه أدوات معلنة ومتاحة لكل الدول المجاورة، إن أرادت توظيفها هي الأخرى.   الأهم بالتأكيد هو طبيعة الدولة التي تقود السياسة الإيرانية، فبالرغم من أن النظام الإيراني أسس شرعيته على استفتاءات شعبية، وأن بنيته تعتمد العملية الانتخابية، فإيران ليست دولة ديمقراطية بالمعنى الليبرالي، هذا نظام حكم خاص، سلطته العليا تتمثل في المرجعية الدينية، كما يتمتع بميكانزمات تحكم، ترسم حدوداً واضحة للتعددية السياسية لوجهة الدولة، ولسلطتي الشعب والمرجعية، ولخصوصيته، فمن الصعب أيضاً وصف النظام الإيراني بالاستبداد، ولكن للدولة الإيرانية هذه سمة عقلانية لا تخفى، لا يرتبط فيها القرار السياسي بأسرة ومصالح شخصية، أو بمزاج لحظي، بل بمؤسسات وأطر، ووعي جمعي بالثوابت الجيوبوليتكية والميراث الثقافي.   تعاني إيران بالطبع من مشاكل هيكلية على المستويات السياسية والاقتصادية، كما على مستوى التعدد الاثني والطائفي، وإخفاق الدولة في التعامل مع هذه التعددية، ولكن ما يجعل أداء إيران أكثر كفاءة هو مجمل السمات التي تميز بنية الدولة، والطابع الديناميكي لسياساتها الخارجية، وأنماط توظيفها للأدوات المتاحة لها. الدول العربية التي تستشعر القلق من اتساع نطاق النفوذ الإيراني هي أيضاً غير ديمقراطية، ولكنها أقل عقلانية، تميل إلى بناء سياساتها على وهْم التمسك بالأمر الواقع، وتفاجأ عادة بالطابع الديناميكي للأوضاع الإقليمية والدولية، وهي عاجزة عن توظيف الأدوات المتاحة لها، في مثل هذه الحالة يصبح القلق من النفوذ الإيراني غير مسوَّغ، لأن قلقاً أكبر لا بد أن ينتاب الدول العربية.. القلق من إخفاقها الذاتي في التصرف كدول حديثة تعي مصالحها القومية وتعمل على حراستها.   (*) باحث عربي في التاريخ الحديث   (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 15 فيفري 2008)  

مـؤشّــرات اضمحلال دور منتدى ميونخ أمنيا
 
نبيل شبيب (*)   تميزت بعض دورات منتدى ميونخ (المؤتمر العالمي للسياسات الأمنية) بأنّها شهدت لأول مرة تاريخيا طرح تصورات مستقبلية ساهمت لاحقا في تغيير الخارطة السياسية على المسرح الدولي، مثله مثل الأطروحات الألمانية للانفتاح على الشرق في حقبة الحرب الباردة، أو ما سمي القرار المزدوج لحلف شمال الأطلسي مع بداية حقبة الانفراج الدولي، أو تصورات غورباتشوف التي أوصلت إلى نهاية الحرب الباردة.   ولكن منذ سنوات أصبحت لغة المواجهة، وتعليل الحروب، وممارسة الحصار والضغوط، هي الغالبة على كلمات المشاركين في المؤتمر، فكانت السنوات الأولى من التسعينيات في القرن الميلادي العشرين مسرحا لطرح مخاطر ما سمّي « العدو البديل » و »الحرب على الإرهاب ».   وسيطرت قضية الحرب الأولى ضد العراق على المؤتمر في السنوات التالية، ثم أصبح ساحة مواجهات ساخنة أحيانا بين جناحي حلف شمال الأطلسي الأوروبي والأميركي كما وقع مع حرب احتلال العراق عامي 2003 و2004، أو ما وقع بين أقطاب الأمس الدوليين حول الملف النووي لإيران وحول الدرع الصاروخي الأميركي بين عامي 2005 و2007.   ولم يكن هذا الأمر في مصلحة الدول الغربية وهي المهيمنة على المؤتمر، نظرا إلى انطلاقته الأولى وإلى آلية الإعداد له وبالتالي تحديد مَن يتلقى دعوات المشاركة فيه.   ويبدو أن هذا في مقدمة أسباب تخفيف حدة المواجهة الكلامية في المؤتمر نفسه عام 2008، رغم أن لغة المواجهة غلبت على المواقف السياسية التي سبقته، ولا يتوقع انحسارها بعد انقضائه.   المخاوف من تصدّع الأطلسي   أفغانستان كانت الدولة الغائبة الحاضرة في الدورة الرابعة والأربعين للمنتدى عام 2008، مثلما كانت هي الدولة « الفاعلة » في مناقشات مؤتمر حلف شمال الأطلسي قبل ميونخ مباشرة.   وقد غابت لغة الإعلان في ميونخ قبل عام واحد عن حملة أطلسية كبرى في ربيع 2008 غيابا كاملا وسط تبادل النقد الشديد بين أعضاء الحلف بشأن المسؤولية عن تدهور الأوضاع العسكرية في أفغانستان تدهورا كبيرا في منظور الحلف.   وهذا يعني عجز قوات الحلف عن تحقيق أهدافها العسكرية، وبالتالي الأهداف السياسية وغير السياسية، من الحملة الأميركية التي بدأت قبل سبعة أعوام وجرّت الحلف إلى المشاركة فيها.   ولكن وزير الدفاع الأميركي غيتس يحمّل الأوروبيين، ويقصد الألمان أكثر من سواهم، المسؤولية عما وقع، كما ورد في رسالة بعث بها إلى الدول الأعضاء قبل مؤتمر إيطاليا للحلف، ثم ما ورد على لسانه في الكلمة التي ألقاها في ميونخ، متجاهلا محاولة التغطية الدبلوماسية على الانشقاق الحالي عن طريق الأمين العالم للحلف دي هوب ثم على لسان وزير الدفاع الألماني يونغ.   ولم يكن الردّ عنيفا على غيتس في المؤتمر، ولكن جاء عقب انفضاضه مباشرة على لسان المستشارة الألمانية ميركل غير المتهمة بموقف مناوئ لواشنطن كسلفها شرودر.   ورغم ذلك جاء رفضها واضحا وحاسما لتوسيع المشاركة العسكرية الألمانية إلى الجنوب وتحويلها إلى مشاركة قتالية مباشرة، مع إنكار الاتهام الأميركي، مشيرة إلى أن القوات الألمانية تأتي في المرتبة الثالثة عددا في أفغانستان وعلى مستوى المشاركات -أي التدخلات- العسكرية في مناطق أخرى من العالم.   ولا شك أن تكرار غيتس تحذيره من تصدّع حلف شمال الأطلسي له أسبابه الجوهرية، وإن أتى في صيغة رفض وجود دول تقاتل وأخرى لا تقاتل تحت مظلة الحلف.   ولم تبدأ مظاهر التصدع الآن ولكنها بلغت في هذه الأثناء مدى بعيدا، ولم يعد نادرا الحديث عن أن أفغانستان كانت الصخرة التي سجّلت بداية انهيار الاتحاد السوفياتي وحلف وارسو، ويمكن أن تصبح الصخرة التي تسجّل بداية الهزيمة العسكرية الغربية المشتركة وانهيار حلف شمال الأطلسي نفسه.   خسارة الحرب هناك، بمعنى العجز عن تحقيق أهدافها، يعني سقوط الصيغة الجديدة التي اعتمدها الحلف لنفسه وسوّغ بها استمرار وجوده رغم سقوط حلف وارسو.   وعندما دخل الحلف بعد الحرب الباردة أولى جولاته العسكرية خارج نطاق مجاله الجغرافي في الحرب ضد صربيا، أصبح واضحا أن المقصود هو تحويله إلى أداة عسكرية غربية تتحرك خارج نطاق مجلس الأمن الدولي، وهو ما تم تثبيته في المؤتمر الخمسيني للحلف عام 1999 في واشنطن بتغيير مهامه.   واعتُبرت أفغانستان التجربة الأولى الكبرى للدور الأطلسي الجديد، فلا يعني إخفاق هذه التجربة إخفاق الحلف في مهمة ما من مهام عديدة، فمع الفارق الضخم في موازين القوى تعني الخسارة استحالة أن يخوض الحلف مغامرة عسكرية كبرى ضد إيران مثلا.   ناهيك عن أن رفض أسلوب المغامرة العسكرية أطلسيا أتى مبكرا من الجانب الأوروبي عندما انتقلت الحروب الأميركية إلى محطة احتلال العراق.   لم يتبدّل جوهر المشكلة في الحلف رغم تبدّل السلطة في عدد من دوله، فالأوروبيون يرفضون منذ البداية استئثار الولايات المتحدة الأميركية بصنع القرار السياسي الأمني للحلف، علاوة على الاستئثار بقياداته العسكرية الرئيسية.   وفي قضية أفغانستان بالذات تتكرّر المطالب الأوروبية بضرورة وضع « إستراتيجية مشتركة أخرى » تراعي الاعتبارات التنموية التطويرية وغيرها، بدلا من الإستراتيجية الأميركية التي تعتمد الحل العسكري وحده.   الأزمات الأمنية خارج قوسين   ما يسري على الخلافات الأطلسية بشأن حرب أفغانستان من حيث تخفيف حدة استعراضها في منتدى ميونخ، دون التخفيف منها قبل انعقاد دورته الأخيرة وبعدها، يسري على قضايا أخرى عديدة، لا داعي للتفصيل فيها.   من أمثلة ذلك الخلاف على الدرع الصاروخي الأميركي، فقد جاء النقد الروسي على لسان بوتين من موسكو، واكتفى وزير الدفاع الروسي في ميونخ بتأكيد الدور الروسي العالمي لمواجهة الأزمات على قدم المساواة مع القوى الدولية الأخرى، قاصدا الولايات المتحدة الأميركية.   أما مشكلة كوسوفو المشتعلة، التي أصبح إعلان استقلالها من جانب واحد قاب قوسين أو أدنى، فقد لوحظ في ميونخ عدم صدور ردود عنيفة على اللهجة العنيفة التي استخدمها الرئيس الصربي تاديش في التحذير من عواقب هذه الخطوة الخطيرة على الاستقرار في البلقان وفي أوروبا، على حد تعبيره.   بل لم تكن الردود الغربية عنيفة كما كانت في سنوات ماضية على حديث الأمين العام لوكالة الطاقة الدولية البرادعي وهو يؤكد أن الخطر الحقيقي لا يكمن في وصول السلاح النووي إلى الدول بل إلى « جماعات إرهابية »، في إشارة ضمنية إلى إيران التي دافع رئيس الوزراء التركي أردوغان عن حقها في امتلاك الطاقة النووية السلمية، وبقيت الردود عليه دون درجة الرفض المطلق كما كان قبل الآن.   أما قضايا العراق وفلسطين فبقيت في ميونخ « خارج قوسين » باستثناء ذكرها على لسان أردوغان أيضا، ولكن ليس من باب اتخاذ موقف مباشر بشأنها، وإنما من زاوية تأكيد الدور التركي الإقليمي، ليؤكد بالتالي أهمية العضوية الكاملة لتركيا في الاتحاد الأوروبي، مع صعوبة الجزم بأن ذلك هو هدفه أم أن الهدف هو تقوية جبهته الداخلية في الجولة الجديدة التي يخوضها لانتزاع حق غطاء الرأس لطالبات الجامعة.   وهذه الجولة كجولات سابقة اعتمد فيها اعتمادا رئيسيا على المطالب الأوروبية التقليدية على صعيد سيادة القانون والقضاء والحريات والحقوق والتخلص من سيطرة العسكريين على السياسيين في صناعة القرار.   منتدى ميونخ يفقد مكانته التقليدية   ما الذي يمكن استقراؤه على صعيد السياسات الأمنية الدولية في المستقبل المنظور مما كان في منتدى ميونخ هذا العام، إذا أردنا التعامل معه كما كان مع دوراته التاريخية السابقة؟   هل يعتبر أسلوب تجنب المواجهة الكلامية حصيلة قرار ومخطط أم هو حصيلة الرغبة في تجنّب أن يصبح المنتدى ساحة استعراض ما وصلت إليه الخلافات المتفاقمة بين حلفاء الأمس، وعلى مستوى الأقطاب الدوليين، في حقبة تشهد تسجيل الهزائم -لا سيما الأميركية والأطلسية- أكثر من تسجيل انتصارات عسكرية في الأزمات الساخنة؟   كان منتدى ميونخ في السنوات القليلة الماضية فرصة لتوجيه أشدّ الانتقادات -وحتى التهجمات الأميركية- إلى الدول المعارضة لسياسة حروب الهيمنة، كما كان على لسان وزير الدفاع السابق رامسفيلد، ولم يعد باستطاعة خلفه غيتس أن يمارس مثل ذلك الآن، فقد بلغت الضغوط السياسية الأميركية مداها دون أن تستجيب لها الدول الأوروبية المعنية بها.   بات واضحا عدم جدوى تكرار الطلب بشدّة وتكرار الرفض القاطع في ميونخ، لا سيما بالنسبة إلى واشنطن في عام المعركة الانتخابية، وفي ألمانيا التي ترصد ارتفاع نسبة المطالبين بانسحاب عسكري شامل من أفغانستان إلى أكثر من 60% في عمليات استطلاع الرأي، وهو في مقدمة غياب المستشارة ميركل نفسها عن المؤتمر الذي تستضيفه ألمانيا.   وشهد المنتدى عام 2007 هجوما روسيا عنيفا على سياسة التسلح الأميركية دون أن يغير ذلك شيئا من تصلب مواقف الطرفين، وهو ما يفسّر غياب بوتين ووزير خارجيته عن ميونخ. فإلى جانب تجنب المواجهة الكلامية تستمر الجهود الروسية لمواجهة السياسات الأميركية بسياسات روسية مشهودة، سواء على صعيد تصنيع أسلحة جديدة، أو على صعيد العمل على إنشاء تحالف روسي صيني هندي يوازن ثقل التفوق العسكري الأميركي عالميا.   رسالة ميونخ إلى العرب والمسلمين   على أن ما شهده منتدى ميونخ عام 2008 -على نقيض منتدى دافوس قبل أيام منه- يؤكد أنه لم يعد يصلح لأداء دوره القديم لصناعة أرضية مشتركة للسياسات الأمنية الدولية، مما يستدعي طرح تساؤلات عديدة:   1- هل يعني ذلك إشارة إلى تحوّل مركز الثقل في صناعة القرار الدولي المستقبلي كلية لصالح مراكز القوى المالية والاقتصادية التي يمثلها مؤتمر دافوس بمشاوراته غير الملزمة، وتجمّعات دولية أخرى كمجموعة السبع الاقتصادية -دون روسيا العضو في مجموعة الثماني- على صعيد التشاور المسبق حول الخطوط العامة لتثبيت أركان الهيمنة المالية والاقتصادية عالميا، مع كل ما ينبثق عنها سياسيا وأمنيا؟   2- أم هل يعني ذلك انفراطا تدريجيا لتجمعات دولية كبرى، وتحوّلها على ساحة المشاورات إلى وضع شبيه بما تحوّل إليه مجلس الأمن الدولي على ساحة القرارات؟   فلم يصبح منتدى ميونخ وسيلة لتقارب وجهات النظر وتنسيقها بين صانعي القرار، ولم يصبح مجلس الأمن الدولي المرجعية الوحيدة لإخراجه دوليا لا سيما عندما تنتزع القوى الغربية لنفسها حق تقرير مستقبل كوسوفو دون العودة إلى اتفاق في مجلس الأمن الدولي، وهو سلوك سياسي يوصل إلى استقلال كوسوفو كما يقضي تاريخها ويقضي القانون الدولي في الأصل.   ولكن ماذا عن سلوك مشابه مع قضية فلسطين عندما تنتزع واشنطن لنفسها أن تكون وحدها المرجعية في مفاوضات تفرضها، أو مبادرات ترفضها، أو خرائط ترسمها، ولا يبقى لسواها مجال للنقاش والتنسيق في منتدى، أو صناعة القرار وتنفيذه عبر هيئة دولية؟   3- إذا كانت دولة بحجم الاتحاد الروسي قادرة على ممارسة سياساتها كما تراها دون الرجوع إلى منتدى حواري ولا هيئة رسمية دولية، فماذا عن الدول التي لا تزال عاجزة أو ممتنعة عن الاستقلال بسياساتها عمّا ورثته من حقبة الحرب الباردة وما بعدها؟   ألا ينبغي أن تعمل للتعويض عن ذلك عبر سياسات محلية وتكتلات إقليمية تعطيها بالتعاون -كما هو الحال مع الدول العربية والإسلامية- الثقل الدولي الذي تفتقر إليه أشدّ افتقار عبر تحرك كل منها على انفراد، أو في حدود المساحة الضيّقة التي تتركها الارتباطات بالقوى المهيمنة، لتكوين تحالفات إقليمية يضرب بعضها بعضا؟   لقد كانت في منتدى ميونخ على الدوام مؤشرات سياسية وأمنية مستقبلية، وأهمّ ما أسفرت عنه الدورة الرابعة والأربعون عام 2008 في ميونخ هو أن زمام صناعة قرار مشترك وتنفيذه أفلت من أيدي القوى الدولية الرئيسية المهيمنة عليه وعلى السياسات العالمية، أو يكاد، وأن الفوضى الدولية هي العلامة المميزة للمرحلة المقبلة.   ولا مكان في حقبة الفوضى الدولية لمن يستبقي قيود « الفوضى الخلاقة » في كل بلد أو كل منطقة إقليمية على حدة، إنما سيكون مستقبل القضايا الإقليمية والمحلية، من مستوى قضية فلسطين المصيرية، أو من مستوى قضايا السودان ولبنان وسوريا وباكستان، مرتبطا ارتباطا وثيقا بما تصنعه القوى المحلية والإقليمية نفسها، وبخروجها من فلك التبعية السياسية إلى الاستقلال السياسي، ومن التجزئة والتفرقة إلى التضامن والتعاون والتكتل.   تلك هي رسالة منتدى ميونخ 2008 إلى العالم العربي والإسلامي، ويبقى السؤال هو: من يستوعب الرسالة ويعمل على التصرف بمقتضى ما تعطيه من فرصة تاريخية، أو يمارس سياسة الانتظار -وما هي بسياسة- إلى أن تتشكل بنية هيكلية مستقرة لنظام دولي جديد، تكون له من المتانة وأسباب الاستقرار حقبة من الزمن، ما يكفي لتضييق مجال الحركة إلى درجة الاختناق حول القوى الأصغر في إطار ما يسمّى الأسرة الدولية؟   (*) كاتب سوري   (المصدر: ركن « المعرفة » بموقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 14 فيفري 2008)


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.