(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
21- رضا عيسى 22- الصادق العكاري 23- هشام بنور 24- منير غيث 25- بشير رمضان |
16- وحيد السرايري 17- بوراوي مخلوف 18- وصفي الزغلامي 19- عبدالباسط الصليعي 20- لطفي الداسي |
11- كمال الغضبان 12- منير الحناشي 13- بشير اللواتي 14- محمد نجيب اللواتي 15- الشاذلي النقاش/. |
6- منذر البجاوي 7- الياس بن رمضان 8- عبد النبي بن رابح 9- الهادي الغالي 10- حسين الغضبان |
1- الصادق شورو 2- ابراهيم الدريدي 3- رضا البوكادي 4-نورالدين العرباوي 5- الكريم بعلوش |
العدد المحجوز من صحيفة الموقف السبوعية المعارضة (رقم 443 ليوم الجمعة 13 مارس 2008)
اعتقال السجين السياسي السابق محمد البلعي
من يوقف تجاوزات … مراد العبيدي؟
بيان توضيحي من جامعة أريانة للحزب الديمقراطي التقدمي
تونس في 13مارس2008
بيان اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض ألمنجمي
بلاغ إعلامي قوات الأمن تطرد المعتصمين من مقرّ الاتحاد المحلي بالرديف
( صوتك أمانة و تعاطفك واجب )
عريضة مقاطعة البضائع الدانمركية
خاص بالنهار: النمسا توفد مبعوثا عنها إلى باماكو والخاطفين يستقرون 150 كلم على كيدال
« القاعدة » تطالب بالإفراج عن « البارا »، « مصعب » و »عبد الفتاح أبو بصير »
« القاعدة » تهدد..النمسا ترفض.. والمخابرات الفرنسية تتدخل
التنظيم المغاربي اشترط لإطلاق الرهينتين الإفراج عن «البارا» وناشط تونسي … النمسا تؤكد أنها «لن ترضخ» لمطالب «القاعدة»
النمسا تفتح قناة اتصال بخاطفي اثنين من مواطنيها
دعوة لإطلاق سراح المخطوفين
نداء لاطلاق سراح الزوجين النمساويين
(المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 14 مارس 2008)
وصلتنا الرسالة التالية من مجموعة من مرتادي جامع عقبة بن نافع بمدينة القيروان:
جاء في المثل العربي » أَنْ تَسْمَعَ بِالْمُعَيْدِيّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ » هذا المثل يضرب في الشخص تسمع عنه أكثر مما ترى فيه .و تنطبق هذه المقولة على المدعو محسن المجرابة شُهر التميمي.
هذا الشخص انتصب – بكل دهاء و مكر- على عدة مناصب و مسؤوليات نذكر منها ما يلي:
1- إمام ثاني بجامع عقبة بن نافع بالقيروان .
2- رئيس الجمعية القرآنية بالقيروان (و للتذكير فحفظه لا يتجاوز جزء عم )
3- الكاتب العام لرابطة الجمعيات القرآنية.
4- عضو المجلس الإسلامي الأعلى
5- عضو مجلس النواب منذ سنة 1994 ( 3 دورات متتالية )
6- عضو لجنة حماية مقبرة قريش
7- عضو لجنة الإشراف على ختان الأطفال
8- رئيس صندوق الزكاة بالقيروان
9- عضو لجنة تقصي الأهلة
10- عضو لجنة اختبار الأئمة .
و نعتذر إن قصر جهدنا عن حصر بقية مناصبه .فحين تشاهد هذه القائمة الطويلة من المسؤوليات ربما يتبادر إلى ذهنك أنك أمام عالم علامة و فاهم فهامة وحيد دهره و فريد عصره و لكن يخيب أملك لما تعرف الحقيقة فهو قالب جهل مستور بثوب , حتى أصبح نقل كل لسان و ضحكة كل إنسان .
و لبيان حقيقة ما نقول نورد ثلاث أمثلة فقط عسى أن ينتبه الغافل و يعلم الجاهل ( بحقيقته) أن هذا الشخص ظاهره يسر الناظر و باطنه يسوء الخابر.
المثال الأول:
في بيان صدر في جويلية 2006 عن ما يسمى هيئة كبار علماء تونس و التي لم نسمع بها من قبل ( و لا من بعد) تهجم ستة أنفار على الشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله و تناولوه بالشتم و الاستهزاء . و كان من الممضين خمسة أشخاص موظفون في الكلية الزيتونية و السادس هو الإمام الثاني ( و ليس الأول كما يدعي هو في البيان و هذه كذبة و يا لها من كذبة : إما جامع عقبة يكذب..؟ ) لجامع عقبة . لقد حشر نفسه في كبار العلماء السفهاء و تطاول على كبار العلماء الربانيين .و الدكتور القرضاوي ليس في حاجة أن ندافع عنه و لكن نقول ما قاله ابن عساكر رحمه الله : { اعلم يا أخي -وفقني الله وإياك لمرضاته، وجعلني وإياك ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته- أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب؛ بلاه الله قبل موته بموت القلب »، (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (النور: من الآية63)
و لله در من قال :
ذهب الرجال المقتدى بفعالهم *** و المنكرون لكل فعل منكَر
و بقيت في خَلفٍ يزكي بعضهم*** بعضا ليدفع مِعْور عن مِعورِ
( المِعْوَر هو الفاسق الذي أبان سوءته )
المثال الثاني :
خطبة الجمعة بجامع عقبة بتاريخ 26 أكتوبر2007 : و هذا رابطها لمن أراد التثبت مما نقدم ( و لا ينبؤك مثل خبير) :
http://www.archive.org/download/khoutba_mejrabah_26-10-07/khoutba_26-10-07.wav
و نورد هنا بعض الأخطاء التي نطق بها لسانه من فوق المنبر .سترون أنه يخطئ كل دقيقتين أو ثلاث. فسبحان الله و صدق ابن عساكر رحمه الله .
بعض أخطاء خطبة الجمعة 26 أكتوبر 2007 – جامع عقبة- القيروان
1- في الدقيقة 4 و35″ يقول: » باعتبار أن الإسلام هو خاتم الديانات «
الصواب:
يقول الله تعالى » إن الدين عند الله الإسلام » و يقول » و من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه » لذلك نحن المسلمون نؤمن بأن دين الله واحد – منذ خلق آدم – وهو الإسلام . فكيف يكون الإسلام خاتم الديانات ؟ فالإسلام هو الدين الذي بعث به كافة الأنبياء أما رسولنا محمد صلى الله عليه و سلم فهو خاتم الأنبياء و المرسلين .
2- في الدقيقة 9 و 22″ يقول: » تفسير الإحسان بالعبادة قال أن تعبد الله كأنك تراه … »
الصواب:
هذا من جهالاته . فكيف يكون الإحسان هو العبادة بينما جاء في هذا الحديث الذي استشهد به أن الصلاة و الصيام و الزكاة و الحج هي العبادات و هي أركان الإسلام .أما الإحسان فهو كما جاء في « فتح الباري شرح صحيح البخاري » (وجعل مقام الإحسان أن يعبد العبد ربه كأنه يراه ، والمراد : أن ينور قلبه بنور الإيمان حتى يصير الغيب عنده مشهودا بقلبه كالعيان )
3- في الدقيقة 10 و 7″ يقول: « ما يلـفَـظ ( هكذا بفتح الفاء ) من قول إلا لديه…. »
الصواب :
لم يأت هذا اللفظ » يلفَظ » بالفتح في أي قراءة حتى في الشاذة منها . و هذا غير مستغرب من شخص لا يحفظ حتى جزء عم …. و الصواب يَـلْـفِظٌ . جاء في كتاب مقاييس اللغة » (لفظ) اللام والفاء والظاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على طرح الشَّيء؛ وغالب ذلك أن يكون من الفم. تقول: لَفَظَ بالكلام يَلفِظ لَفظاً. ولفظتُ الشّيءَ من فمي »
4- في الدقيقة 12 و 40 » يقول » العبادات في الإسلام محلها في القرآن 20 بالمائة تقريبا و 80 بالمائة معاملات . – تقريبا 20 بالمائة مما ورد في القرآن الكريم يتعلق بالعبادات ( كيف نصوم كيف نصلي …) وما يتعلق بأركان الدين .أما البقية أي الأكثرية تتعلق بالمعاملات .
الصواب:
و هذه من جهالاته أيضا .إذ أن ثلث مواضيع القرآن تتناول العقيدة و محاورة المشركين . والثلث الثاني تناول قصص الأمم السابقة و خاصة بني إسرائيل .أما الثلث الثالث فهو يتعلق بالأحكام و المعاملات
5- في الدقيقة 15 و 53 » يقول: » وقد تأخر النبي ذات مرة عن الصلاة وأوصى أبا بكر بأن يؤم الناس إذا تأخر عن الصلاة . مشى يصلح بين زوجين وقدم هذا الأمر على أداء الصلاة في وقتها وحضر في وقته عليه الصلاة و السلام … »
الصواب:
ليست هذه حقيقة الواقعة التي رويت في كثير من كتب الأحاديث حيث أن الرسول صلى الله عليه و سلم قصد الإصلاح بين قبيلتين من المسلمين في المدينة ( لا بين زوجين كما ذكر ) ثم هو لم يقدم هذا الأمر على الصلاة بل أدى صلاة الظهر ثم خرج لمقابلة المتخاصمين و لكنه أوصى بلالا أنه في حال تأخره عن صلاة العصر- إذ أن القبيلتين تسكنان في ضواحي المدينة – أوصاه بأن لا يؤخروا الصلاة عن وقتها و أن يؤمهم أبو بكر رضي الله عنهم جميعا. بل هذا يؤكد حرص النبي صلى الله عليه و سلم على الالتزام بوقت الصلاة و عدم التساهل في تأخيرها عن وقتها .
وهذه رواية النسائي(793) أخبرنا أحمد بن عبدة عن حماد بن زيد ثم ذكر كلمة معناها قال حدثنا أبو حازم قال سهل بن سعد كان قتال بين بني عمرو بن عوف فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر ثم أتاهم ليصلح بينهم ثم قال لبلال يا بلال إذا حضر العصر ولم آت فمر أبا بكر فليصل بالناس فلما حضرت أذن بلال ثم أقام فقال لأبي بكر رضي الله عنه تقدم فتقدم أبو بكر فدخل في الصلاة ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يشق الناس حتى قام خلف أبي بكر وصفح القوم وكان أبو بكر إذا دخل في الصلاة لم يلتفت فلما رأى أبو بكر التصفيح لا يمسك عنه التفت فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فحمد الله عز وجل على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم له امضه ثم مشى أبو بكر القهقرى على عقبيه فتأخر فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم تقدم فصلى بالناس فلما قضى صلاته قال يا أبا بكر ما منعك إذ أومأت إليك أن لا تكون مضيت فقال لم يكن لابن أبي قحافة أن يؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال للناس إذا نابكم شيء فليسبح الرجال وليصفح النساء .
6- في الدقيقة 17 و 10 » يقول : » الإصلاح بين الناس الذي اعتبره النبي صلى الله عليه وسلم اعتبره أفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة و لذلك قال ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام و الصلاة والصدقة قالوا بلى قال إصلاح ذات البين .فإن فساد ذات البين هي الحالقة.. »
الصواب:
خطأ فادح و سوء فهم لمقاصد الشريعة . فقد جاء في كتاب « المنتقى شرح الموطأ » في تفسير الحديث المذكور : و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ قَالُوا بَلَى قَالَ إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ وَإِيَّاكُمْ وَالْبِغْضَةَ فَإِنَّهَا هِيَ الْحَالِقَةُ
الشرح : قَوْلُ سَعِيدٍ إصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ يُرِيدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ صَلَاحُ الْحَالِ الَّذِي بَيْنَ النَّاسِ فَذَكَرَ أَنَّهَا خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ النَّوَافِلَ فَيَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهَا خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهَا أَنَّهَا خَيْرٌ مِنْ إكْثَارِ الصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَهُوَ أَيْضًا رَاجِعٌ إِلَى النَّافِلَةِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهَا أَنَّهَا خَيْرٌ وَأَكْثَرُ ثَوَابًا بِمَا يُسْدِيهِ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ مَعَ مَا فِي إصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ مِنْ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ وَالْمُنَاصَحَةِ وَالتَّعَاوُنِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ كَثْرَةَ الثَّوَابِ تَكُونُ بِاحْتِسَابِ الْأَذَى .اهـ
إذا المقصود النوافل من الصلاة والصدقة لا الفرائض .لأن النوافل يكون نفعها لصاحبها فقط أما حين يصلح بين الناس فالنفع لجميع الناس .
7- في الدقيقة 21 و 27 » يقول » فللإمام أن يجمع أو يفرق , هذه يعرفها السادة القضاة أي يحكم بضم العقوبات .. »
الصواب:
جاء في مدونة الإمام مالك رضي الله عنه :
قَالَ : وَقَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي رَمَضَانَ جُلِدَ ثَمَانِينَ ثُمَّ يَضْرِبُهُ لِإِفْطَارِهِ فِي رَمَضَانَ . قُلْتُ : وَكَمْ يُضْرَبُ لِإِفْطَارِهِ فِي رَمَضَانَ ؟ قَالَ : يُعَاقَبُ ، لِأَنِّي سَأَلْت مَالِكًا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ .قُلْتُ : وَيَجْمَعُ الْإِمَامُ ضَرْبَ حَدِّ الْخَمْرِ وَالضَّرْبَ الَّذِي يَضْرِبُهُ لِإِفْطَارِهِ فِي رَمَضَانَ جَمِيعًا ، أَمْ إذَا جَفَّ ضَرْبُ الْحَدِّ ضَرَبَهُ لِإِفْطَارِهِ فِي رَمَضَانَ ؟ قَالَ : سَأَلْته عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ ، إنْ شَاءَ جَمَعَ الضَّرْبَ وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَهُ .
الكلام واضح بين إذ للإمام أن يجمع أو يفرق أي إما أن يعاقبه على المعصيتين في جلسة واحدة أو يعاقبه على واحدة ثم حين يبرأ من العقوبة الأولى يجلد على المعصية الثانية . فليس هناك ضم كما ادعى ….
8- في الدقيقة 23 و 40″ يقول » وأكد على ذلك الإمام مالك استنادا إلى البخاري و مسلم في صحيحيهما «
الصواب:
عجبا كيف يستند الإمام مالك الذي عاش من 93 إلى 179 هـ، (712 – 795م ) على البخاري الذي عاش ما بين 256 – 194 هـ ( 810 – 870م).أو على مسلم الذي عاش ما بين 261- 204 هـ، ( 820 – 875م).
و صدق من قال شر البلية ما يضحك
9- في الدقيقة 24 و 19 » يقول » الحمر الوحشية أي المخططة «
الصواب:
جاء في الموسوعة العربية العالمية : الأخدر حيوان سريع الجري قريب من الحمار. وهو الحمار الوحشي أو الجحش الموصوف في الكتاب المقدس عند النصارى. ويتنقل الأخدر في قطعان في السهول الحارة الجافة في غرب آسيا.
إذا ليس المقصود هو الحصان المخطط الذي يعيش في شرق إفريقيا بل هو حمار كأحمرتنا و لكنها غير مستأنسة أو غير أليفة
فانظر هداك الله إلى كثرة أنواع الأحمرة .
10- في الدقيقة 25 و 5 » يقول » قال تعالى و الأنعام لتأكلوا منها و منها تأكلون »
الصواب:
هذا الكلام ليس من كتاب الله . ما دام الخطيب غير حافظ لكتاب الله فالأمر من مأتاه لا يستغرب . يقول الله تعالى « اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ « (79) سورة غافر
11- في الدقيقة 25 و 56 » يقول » لا يلدغ المرء من جحره مرتين »
الصواب :
جاء في البخاري ( 5782 ) حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن عقيل عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال ( لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين ) و رواه مسلم و أحمد و أبوداود
فلا هو يحسن حفظ القرآن و لا الأحاديث النبوية .
12- في الدقيقة 32 و 39 » يقول » رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي و على والدي و أن أعمل صالحا ترضاه و أصلح لي في ذريتي إني تبت إليك . »
الصواب :
وهذا من سوء أدب الإمام أي أن يدعو بدعاء فردي – فهو يدعو لنفسه بصيغة المفرد و الناس يؤمنون على دعاءه لنفسه دون أن يعمم فيستعمل صيغة الجمع ………
المثال الثالث :
خطبة الجمعة بجامع عقبة بتاريخ :30 نوفمبر 2006 . و هذا رابطها :
http://www.archive.org/download/khoutba_mejrabah_30-11-07_759/khoutba_30-11-07.wav
لقد أحصينا ما لا يقل عن ستة أخطاء في هذه الخطبة التي حضرها وفد رسمي من الأزهر الشريف و لا شك أنه قد مر بخاطرهم المثل القائل » لا يعرف الهر من البر. »
بعض أخطاء خطبة الجمعة 30/11/2007– جامع عقبة- القيروان
1- في الدقيقة 3.33 كما جاء في حديث السيدة عائشة » من وقر عالما فقد وقر ربه »
الصواب : هذا ليس بحديث و لا أصل له . بل لم يذكر حتى في الأحاديث الموضوعة . ثم حتى بالعقل لا يقبل مثل هذا الكلام . فهل يعقل أن يكون العالم في درجة الربوبية ؟
2- في الدقيقة 6.30 قول الشاعر الجاهلي { عش عزيزا أو مت و أنت كريم *** بين طعن القنا و خفق البنود}
الصواب : هذا البيت المشهور للشاعر العربي المسلم أبو الطيب المتنبي الذي عاش في القرن الرابع الهجري . لا في الجاهلية . فقد ولد في 303 هـ و توفي في 354 هـ . فكيف يصدق شخص يقول مثل هذا الكلام ثم يدعي بأنه درس في العراق و تخرج منها أستاذا للعربية ؟؟؟ أينسب هذا البيت إلى الجاهلية ؟؟ يا له من جهل
3- في الدقيقة 7.55 » لا يزني الرجل حين يزني وهو مسلم .. »
الصواب : لم يرد هذا الحديث بهذه الألفاظ وهو مشهور بين الأئمة و علماء الدين و هذا نصه كما ورد في البخاري ( 2343 ) حدثنا سعيد بن عفير قال حدثني الليث حدثنا عقيل عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن ) البخاري – كما رواه بنفس اللفظ المقصود كل من البيهقي و مسلم و ابن حبان و النسائي
4- في الدقيقة 10.38 فقال عليه الصلاة و السلام » ليس من أخلاق المسلم الملق إلا في طلب العلم »
الصواب : هذا الحديث موضوع أي مكذوب على النبي صلى الله عليه و سلم . راجع السلسلة الضعيفة رقم 381
5- في الدقيقة 21 قال » من عامل الناس فلم يظلمهم وحدثهم فلم يكذبهم ووعدهم فلم يخلفهم فهو مؤمن كملت مروءته وظهرت عدالته ووجبت أخوته وحرمت غيبته « ( و نسب الحديث للرسول صلى الله عليه و سلم ,)
الصواب:
وهذا حديث آخر موضوع. انظر السلسلة الضعيفة – رقم 3228
6- في الدقيقة 25.35 أما الحديث عن كرامة العرب والمسلمين فحدث و لا حرج.
الصواب:
هذه الخطبة ألقيت بحضرة وفد مصري رسمي من الأزهر الشريف. فكيف يقال هذا الكلام أمام ضيوف رسميين ؟
لكن لا شك أن الأزهرييْن اللذيْن كانا حاضرين كتما ضحكات و ضحكات و سخرا و لاشك من مثل هذا الخطيب (؟) الذي اعتلى منبر الإمام سحنون في أقدم جامع بإفريقيا ليقول جهالاته تلك . إنها فضيحة و يا لها من فضيحة .
و صدق القائل :
تصدر للتدريس كل مهوس …………. بليد تسمى بالفقيه المدرسِ فحق لأهل العلم أن يتمثلوا …………. ببيت قديم شاع في كل مجلسِ لقد هزلت حتى بدا من هزالها ………. كلاها وحتى سامها كل مفلسِ
و ما زال في الفم ماء .
مجموعة من مرتادي جامع عقبة – القيروان 11 مارس2008
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين الرسالة رقم 417 على موقع تونس نيوز
الحلقة : 7رفقا بالمعطيات الشخصية التي صادق عليها الشعب في الاستفتاء. إرفعوا يا السادة الرقابة على الكلمة الحرة فقد طالت الأخضر واليابس
تونس: مصادرة صحيفة بسبب خبر عن زيادة متوقعة في الأسعار
بين تونس ومرسيليا: صدور أحكام في قضية تهريب حوالي طنين من مخدّر «الشيرة»
أخبار قصيرة
نقابة الصحافيين تدين الممارسة المخلة بالمهنة
أصدرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين بيانا استهجنت فيه « أسلوب الثلب وهتك الأعراض الذي تنتهجه بعض الصحف » واعتبرت أن هذه الممارسات « مخلّة بميثاق شرف المهنة الصحفية في تونس ».
ومن جهة أخرى أدان رئيس النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين ناجي البغوري إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية الدانماركية وقال « نرفض أن يقع باسم حرية الرأي والتعبير الاعتداء على معتقدات الناس ومقدّساتهم مهما كانت ».
خصم من أجرة أساتذة التعليم العالي
قالت مصادر نقابية إن مصالح وزارة التعليم العالي قامت بخصم أجر يومي الإضراب 19 و20 نوفمبر 2007 لكافة المدرسين الذين شاركوا في الإضراب.
ويذكر أن أساتذة التعليم العالي كانوا قد نفذوا إضرابا عن العمل لمدة يومين للمطالبة بعدّة مطالب نقابية.
المجلس الإسلامي الأعلى يدين الصحف الدانماركية
وأدان المجلس الإسلامي الأعلى بتونس إعادة الصحف الدنماركية نشر الرسوم المسيئة للرسول الكريم (ص) وأعرب في بيان عن امتعاضه البالغ من « هذا التصرّف المشين الذي يستهدف استفزاز المشاعر الدينية لمئات الملايين من المسلمين ».
تجّمعات مساندة لفلسطين
انتظمت بمدينة صفاقس خلال الأسبوع المنقضي عدة تجمعات عامة اشرف عليها نقابيون لمساندة شعبنا العربي في فلسطين وللتنديد واستنكار المجازر التي يرتكبها الكيان الصهيوني.
تطوير نشرة الأخبار في تونس 7
علمت « الوطن » أنّ الاستعدادات جارية داخل مؤسسة التلفزة التونسية « لتحسين نشرة الأخبار الرئيسية » وعلمت انه تم خلال المدة الأخيرة عقد سلسلة من الاجتماعات بالمسؤولين عن هذه النشرة لضبط التصوّرات والاقتراحات لتطوير النشرة.
المخدرات في تونس
تم خلال الأيام الأخيرة إحباط عمليّة تهريب لكميات كبيرة من المخدرات. هذه العملية طرحت من جديد موقع بلادنا في التجارة بالمخدرات رغم التأكيد أن تونس هي مجرّد معبر لمهرّبي المخدرات.
البريد التونسي يستغني عن 250 عونا
قرّر البريد التونسي الاستغناء عن نحو 250 من أعوانه ممّن انتدبهم كمتربصين.
وعمل هؤلاء الأعوان مدة سنتين في البريد التونسي بأجر لا يتجاوز 207 دينار شهريا.
السيدا في تونس
قالت وزارة الصحة العمومية في بيانات نشرت مؤخرا أن نحو 1428 شخصا أصيبوا بمرض « السيدا » خلال السنة المنقضية (2007).
وأشارت إلى أن معدل الإصابات سنويا لهذا المرض يبلغ نحو 70 حالة سنويا، خلال السنوات العشرة الأخيرة .
« مؤتمر توحيدي »
يعرف الاتحاد العام لطلبة تونس منذ مدّة جدلا داخليا استعداد للمؤتمر التوحيدي المزمع عقده قريبا… وموضوع هذا الجدل هو انسحاب بعض الأطراف السياسية من « مسار التوحيد ».
ولادة خارج الزواج
كشفت أرقام حديثة أن تونس تشهد سنويا نحو 1060 ولادة خارج إطار الزواج وان سنة 2005 عرفت نحو 2126 عملية إجهاض.
الجزائر ترفض تدخل السفير الأمريكي في شؤونها الداخلية
دعت الحكومة الجزائرية السفير الأمريكي في الجزائر روبرت فورد إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية في إشارة إلى لقاءات أجراها هذا السفير مع الأحزاب السياسية الجزائرية وجمعيات المجتمع المدني وأبدت الحكومة الجزائرية امتعاضها من حشر أمريكا أنفها في الوضع السياسي المحلي لا سيما ما يتعلق بالتعديل المرتقب للدستور بقصد ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية ثالثة..
. 56% من التونسيين يدخّنون !
كشفت دراسة حديثة حول مستوى استهلاك التبغ في تونس، أن 56% من التونسيين يدخّنون منهم 2,5 % نساء، وان تونس تحتل المرتبة الخامسة عربيا في استهلاك التبغ.
وحسب هذه الدراسة فان 14 % من شباب تونس يبدؤون التدخين قبل السنة 16 من العمر
الله اكبر
يتقدم الاتحاد الديمقراطي الوحدوي بأحر التعازي للأخ إبراهيم حفايظية في وفاة عمه.
ولعائلة الأخ تميم الحمادي عضو المكتب السياسي الموسع لحزب الوحدة الشعبية.
ويدعو الله أن يتغمد الفقيدين بواسع رحمته ويرزق أهلهما وذويهما جميل الصبر والسلوان.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
(المصدر: صحيفة « الوطن » (لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي) العدد 26 الصادر في 14 مارس2008)
تحرير سعر « الخبزة » إشاعة أم حقيقة!
بطالة أصحاب الشهائد العليا 50% من التقنيين الساميين وحاملي الماجستير عاطلون عن العمل
هذه مشعوذة(الحلقة الرابعة)
السند تحت شعار » الصحة للجميع » مواطن مهدد بالشلل التام.
جامعة الزيتونة التونسية تعقد ندوة علمية تنويرية عن علمائها
نظّمت الجامعة الزيتونية في تونس ندوة دولية عن التنوير عند علماء الزيتونة في النصف الأول من القرن العشرين أيام 12 و13 و14 مارس/ آذار الجاري.
وشارك في الندوة التي عقدت في معهد الحضارة الإسلامية، عدد من المحاضرين من تونس والجزائر والمغرب.
وتناولت الدراسات المقدمة عددا من القضايا تتعلق بحجم ذلك التنوير المتحدث عنه ولماذا يبقى سؤال التنوير مستمرا إلى اليوم؟ وهل واصلت النخبة الزيتونية والتونسية العمل التنويري الذي انطلق في بداية القرن الماضي؟ أم أنّ عنوان الندوة دليل على توقف التنوير في منتصف القرن الماضي، مع إلغاء التعليم الزيتوني من قبل دولة الاستقلال على يد الرئيس السابق الحبيب بورقيبة؟
دور بن عاشور
وتمحورت معظم المداخلات حول تراث الشيخ محمد الطاهر بن عاشور كأهم شخصية قادت التجديد من جانب علماء الزيتونة. وفي هذا الصدد أكد الدكتور كمال عمران في محاضرته أن أفضل ما قرأ في التجديد يعود للشيخ ابن عاشور.
لكنه أضاف أن عالم الشرع اليوم أصبح في مرتبة أدنى من مرتبة المثقف، وذلك لأن عالم الشرع لم يواجه عصره بمنطقه، والخلل يعود لكون التمكن من العلوم الإنسانية أصبح قضاء وقدرا يكتب على كل من يتصدى للتفكير الحضاري ولطرح الأسئلة الكبرى وهو ما يفسر غياب الفقهاء الجدد، حسب تعبيره.
من جهته اعتبر أستاذ الفلسفة المغربي محمد وقيدي أن أزمة التقدم عند العرب تعود لتأخر مفاهيمي يعكس تأخرا تاريخيا. فالغرب وعى بالتقدم وهو قائم، أما الواقع الذي كان سائدا عند ظهور التفكير الإصلاحي لدى العرب فكان التأخر سيمته أي أنه جرى تسمية الأشياء قبل ولادتها مما يجعل التفكير فيها صعبا وعلامة على أزمة، على حد قوله.
وقال إن المفكرين الذين كانوا سياسيين أدركوا الواقع من وجهة أحادية، ذلك أن الفئة الحاكمة لما تزعزعت الأمور من حولها كان همها حفظ السلطان والهيمنة على التراب، أي التجديد العسكري دون الانتباه إلى مظاهر التجديد الأخرى.
وتساءل طالب من مالي متى يعود للزيتونة إشعاعها ودورها الذي توقف وتعطل في شمال أفريقيا، وقال إن الاحتفاء بابن عاشور لا يتوقف عند إبراز قيمته العلمية فقط بل بمواصلة جهوده النهضوية.
وفي هذا السياق اقترح الأستاذ سامي براهم إنشاء فريق بحث لتحقيق الأعمال المخطوطة للشيخ ابن عاشور. ودعا محمد وقيدي إلى إنجاز ملتقى يبحث في الفكر التنويري بشكل مقارن في بلدان المغرب العربي.
وشارك في الندوة عمار الطالبي من الجزائر ومحمد وقيدي وأحمد قوّال من المغرب، ومن تونس كمال عمران وعبد الرزاق الحمامي وفتحي القاسمي وجمال الدين دراويل وسامي براهم وخالد الحمروني ومحمد العربي بوعزيزي وحسن القرواشي ومحمد الشتيوي ومحمد الكحلاوي ومنصف شعرانة.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 15 مارس 2008 نقلا عن وكالة قدس برس إنترناشيونتال)
العقل في التاريخ.. منابع إسلاميات محمد أركون (1)
مِن الجدير الثناء على المفكرين العرب المحدثين وشُكرهم على كلّ ما قدّموها لنا مِن إبداعات علميّة وأدبية نحن الآن في أمسّ الحاجة إليها. لقد كان العالم العربي في يوم ما هو العالم الذي يُنتِج المعرفة ويُروّج لها خارج حدوده، ولكن مُنذ قرون خَلت، انقطع هذا المَدّ العلمي وسَكَنت روح الإبداع والمبادرة، وأصبح العرب عالة على الأمم الأخرى. وحتى التراث الإسلامي لم يُدرَس بكفاءة علمية متجرّدة إلاّ من طرف الغربيين، ومَكَث العالم العربي خارج حلقة الإنتاج المعرفي حتى في المجال الذي يخُصّه هو بالذات. لكن مفكرينا المحدثين، واعين بهذا النقص المعرفي الفادح، شمّروا على سواعدهم وبادروا هم أنفسهم بإنتاج المعرفة، وتحرير التراث العربي الإسلامي من احتكار العلماء الغربيّين. هذا عملٌ يُحمدون عليه، ولا يمكن إلاّ أن يُثلج صدر الإنسان العربي الذي يَبغي الإستقلال في إنتاجه النظري، والمساهمة في تقدّم المعرفة الإنسانية. لكن خَيبة الأمل تتربّص بنا من كلّ الجهات، ذلك حينما نعلَم أن المشروع النظري لبعض أولئك الرجال، هو ليس إلاّ استنساخا وتطبيقا لمشروع أُنتج في العالم الغربي ـ الذي يدّعون التخلّص منه ـ وهو في جوهره مشروع تَحُوم الشكوك حول مدى جِدّته العلمية وتقدّميته.
لا أودّ المبالغة إن قلتُ بأنها الكارثة التي أجهزت سواء على تلك القصدية النهضوية، أو على المشروع المعرفي ذاته. في هذا الإطار، كاتب هذه السطور يُدرج فكر محمد أركون ومُجمل انتاجاتها الفكرية القديمة والحديثة منها. ولكي لا يبدو حُكمي هذا متعسفا على رجل حاز شهرة كبيرة وعلا صيته في الأوساط الأكاديمية، سأعمد إلى البرهنة على ما أقوله بالدليل والحجة، مُتقيّدا بنصوص أركون لا أحيد عنها بالمرّة.
1 ـ أركون في دنيا الإسلاميات: من يَودّ التعرّف على جوهر مشروع أركون ومنهجيته في قراءة التراث ومقاربته للعقل الإسلامي فإن أركون ذاته يُقدّمه له بهذه العبارات: « إن مشروعي في نقد العقل الإسلامي يتمايز عن كلّ ما عداه … فأنا أهدف إلى نقده بطريقة تاريخية، وليس بطريقة تأملية، تجريدية، سكولاستيكية…إن مشروعي هنا ينخرط ابستيمولوجياً في العُمق، بل وفي عمق العمق، ويختلف بالتالي عن كلّ مشاريع الفكر1». الفكرة المحورية هي أن نقد أركون للفكر الإسلامي هو نقد تاريخي بعيد عن التجريد، ومشروعه يختلف عما سواه من المشاريع الفكرية، نظرا لشموليته وعمق نظره. وهو يعترف بأن المشروع الذي اضطلع به لم يعهده عند المستشرقين ولم يَعثر عليه عند الدارسين العرب المحدثين؛ إنه مشروع معرفي جديد، فذّ وفريد من نوعه: « لم يَعتَد مؤرّخ الفكر على أن يجمع بين كلّ هذه الاهتمامات (الهموم)، ويفتتح كلّ هذه المنظورات، ويتابع كلّ هذه المهمّات في نفس الحركة الواحدة من الفكر والكتابة2». وبكلّ تواضع يعترف أركون بصعوبة تحقيق مآربه العلمية وإمكانية استكمالها في وقت قصير: « المشروع شديد الجدّة وشديد التعقّد إلى حدّ أنه يتعذّر انجازه تماما منذ المحاولات الأولى3». ومع ذلك فإن هذه الصعوبات لم تكن لتفقده الثقة بالنفس والإقدام الفكري ومحاولة إيضاح المسائل العويصة: يكفي أن الرجل يؤكد على حِرصه « الإلتزام بمبادئ المعرفة العلمية واحترام حقوقها مَهما يكن الثمن الإيديولوجي والبسيكولوجي والإجتماعي الذي ينبغي دَفعَه للقيام بذلك ( أو نتيجة القيام بذلك) باهظا4».
ولكن، أكثر ما يحرص عليه أركون هو التركيز على تَفرُّد آفاقه النظرية وجدّتها وتفوّقها على ما عداها من المشاريع الفكرية الأخرى، علاوة على طُول نَفَسها، وتشعّبها وغورها في حقول فكرية مختلفة. فهو لم يَترك شيئا من إنتاجات الروح إلاّ وأخضعه للفحص العميق والدرس المتأني، وأحاط بكلّ جوانبه، بما في ذلك الأعمال الأدبية البَحتة: « إن هذا البرنامج الضّخم من التفحّص والبحث المُتمثّل في فَهم كل المنتجات الثقافية العربية (بما فيها الأدب بالمعنى الصرف للكلمة) من الناحية السوسيولوجية والأنتروبولوجية والفلسفية هو الذي أحاول تنفيذه والإحاطة به. إن هذا البرنامج يختلف عن برنامج بروكلمان وفؤاد سيزغين المتمثّل فقط في جرد المؤلفات العربية وإحصائها. إنه برنامج نقدي بمعنى دراسة شروط صلاحية كلّ المعرفة التي أنتجها العقل ضمن الإطار الميتافيزيكي (هكذا sic,) والمؤسساتي والسياسي الذي فرض عن طريق ما كنت قد دعوته بالظاهرة القرآنية والظاهرة الإسلامي5».
ما هي المصادر الأساسية التي رجع إليها أركون لتحقيق مشروعه هذا؟ وما المناهج التي اتّبعها لقراءة التراث الإسلامي وتأويله؟ ليس من السهل الإجابة عن هذه الأسئلة، لأن أركون لم يُقرّ صراحة بدَينه الكامل للثقافة التي هي أقرب إليه من غيرها، أعني الثقافة الفرنسية، لقد استخدم أطروحاتها ومقولاتها واستعار مناهجها، ولكنه في فترة لاحقة أنكر ذلك بشدّة وادعى أنه لم يُسقط على الإسلام طُرق تفكير مغايرة له.
لكن المُتتبع لفكر أركون والمطلع، عن كثب، على مجمل انتاجاته النظرية يستطيع بسهولة أن يحدس الحقيقة التالية، وهي أن مصادره الأساسية لا تتعدى مجال الفكر الفرنسي، وما يُدعّم ذلك هو التطابق الواضح بين أطروحاته الفكرية، وخلاصة أعمال أولئك المفكرين التي امتمدّ تأثيرها من السبعينات إلى آواخر التسعينات من القرن المنصرم. والسّمة المميّزة لتلك التيارات الفكرية التي رجع إليها أركون، هي اللاعقلانية ومُعاداتها، حتى الموت، للعقل النظري والتنوير. إنها تيارات فكرية رسّخها بعض الفلاسفة الفرنسيين مِن أتباع نيتشه وهايدغر، الذين ركّزوا نقدهم على العقل العلمي التنويري لزعزعة أسسه المنطقية والتقليل من شأن أهدافه التحرّرية، فاتحين المجال لكلّ أصناف اللاعقل، مِن الجنون حتى الشعر والخيال والأسطورة، بوضعها على قدم المساوات في إنتاج المعنى من العلوم والفلسفة6. لقد تلقّف بعض المثقفين العرب، ومن بينهم أركون، هذه الأفكار، وركّزوا عليها تحاليلهم وأعطوها أهمية تفوق قيمتها الفعلية، وتِلكُم كانت أمّ الكوارث. ويمكن اختزال هذه المواقف في بعض المبادئ التي أجمعت عليها كلّ تلك الفرق:
العَداء، الضمني أو الصريح، للعقل والعقلانية والحطّ من قيمة مبادئ التنوير ومعارضتها لا لشيء إلاّ لأنها تركّز أساسا على إرادة التخلّص من الدين ومن أسْر الأسطورة والخرافة والفكر اللاعقلاني ككلّ. ردّ الإعتبار للدين والوحي والأسطورة والشعر والخطابة وإدماجها في لعبة العقل أو إدماج العقل ذاته في لعبة اللاعقل7. العداء للتاريخ الوضعي ومهاجمة المستشرقين ورفض العلمانية، أعني فكرة فصل الدين عن الدولة، واعتبارها كارثة على المجتمعات البشرية. إعادة تأهيل ما يسمّى بالكتب المقدّسة والإدعاء بحيازتها على معنى روحي متعالٍ، وبأن ذلك المعنى يُمكن سبره عن طريق دراسته دراسة بنيوية، سيميائية لسانية. النّسبويّة، والسّياقية والسلطوية: ليست هناك حقائق ثابتة يمكن للعقل أن يتوصّل إليها وليست هناك أخطاء يقدر على كشفها وتصحيحها، بل كلّ الآراء قد تتساوى إذا ما وُضعت في سياقها وانسجمت مع مقدماتها. ثم إنّ غياب المعيار الذي يَفصل بين الصواب والخطأ يجعل من كلّ حقيقة وكلّ إنتاج نظري أمورا مربوطة بالذات، يعني بإرادة القوّة وبالسلطة التي ترغب في تمريرها على أنها كذلك. الإزدواجيّة في الرأي وعدم الثبوت على فكرة واحدة ونقض المواقف السابقة وتقديم تعريفات وضمانات منهجية ثم خرقها أو إضعاف مفعولها وزحزحة المصطلحات عن معانيها الثابتة، ثمّ الساديّة (sadisme) في الكتابة، أعني الإطالة والثرثرة والتقعّر. يمكن أن نعدّد الكثير من « المُسلمَات » الأخرى التي بُنيَت عليها تلك النظرة العدمية ولكننا نرى أنه من الأجدر الاكتفاء بهذا القدر والعمل على ربطها بنصوص محمد أركون.
2 ـ أركون بين التراث والتجديد:
إن قارئ أركون يتفطّن منذ البداية إلى أن الرجل في دراسته للفكر الإسلامي وللقرآن خصوصا يُريد لأعماله أن تكون مغايرة لصنفين من المقاربات النظرية: الصنف الأوّل يشمل كلّ التفاسير القديمة الموروثة وصولا إلى التفاسير الإسلامية الحديثة، والتي تتميز بإطارها المعرفي العقائدي الدوغمائي8، والأخرى هي المقاربة الإستشراقية التي تعتمد التجرّد والموضوعية والسرد التاريخي للإحداث والتثبّت من صحتها، وذلك باستعمال المنهج الفيلولوجي والتحليل النقدي الوضعي.
المنهج الذي ارتآه أركون لدراسة الخطاب الديني هو منهج التحليل والتفكيك، وليس الهدف منه هو هدف عقائدي، كما الحال عند المؤمنين، ولكن أيضا ليست غايته منازعة الدين وشطبه من مجال الفعاليات البشرية، كما فعل المستشرقون، بل إنّ: « تحليل الخطاب الديني أو تفكيكه يتمّ لا لتقديم مَعانيه « الصحيحة » وإبطال التفاسير الموروثة، بل لإبراز الصفات اللسانية اللغوية وآلات العرض والاستقلال والإقناع والتبليغ والمقاصد المعنوية الخاصة بما أسميته « الخطاب النبوي »9».
التفكيك والنقد، عند أركون، لا يؤدّيان أساسا إلى استخراج أيّ مَعنى يُشفي فُضول القارئ ويَنزع عنه حِجاب الأوهام التي دامت قرونا من الزمن؛ وليس من مشمولات عَمله نقد التفاسير القديمة وإظهار بطلانها أو إجحافها، بل إن الرجل ـ مُنذ البداية ـ يُعلن أن هدفه يقتصر فقط على إبراز الصفات اللسانية اللغوية للخطاب النبوي، أي للقرآن.
حقّا هذا قليل! قليل جدّا، بالمقارنة مع عظم مشروعه وضخامة برنامجه النظري، الذي ما فتئ يتباهى به في كلّ كتاباته. بل إن أقوال أركون هي دليل على اليأس من الحقيقة، وعدم البَتّ في شيء والتملّص من مهمّة النزول إلى التفاصيل وسبر أدبيات التفاسير الموروثة التي تَرَبّت عليها أجيال عديدة والتي، بمعنى ما، مَزجت الأساطير والخرافات بالواقع وحاولت البرهنة على قدُسية النصّ، وإخراجه من حيّز الزمان والمكان. وهذا الأمر ـ مِن وجهة نظر موضوعية متجرّدة من أي همّ ديني ـ لا يَرجِع في النهاية إلى تلك التفاسير بحدّ ذاتها، ولكن إلى النصوص الدينية التي تندرج في إطار نظرة أسطورية لاعقلانية للأشياء. أركون لا يَبُتّ في شيء ولا يرغب في تقديم أي تفسير علمي أو موضوعي للقرآن. لكن هذا لا يعني أنه اختار لنفسه، ما يُسمى في أدبيات الفينومينولجيا، » تعليق الحكم » ريثما تتبيّن عنده الأمور بعد التعمّق في البحث والتحليل، بل إن مواقفه الغير محدّدة تخضع، في أساسها، إلى خيارات نظريّة مُسبقة، ولها أبعاد إبستيمولوجية انتُقيت بدقّة. ولقد بَقي الرجل صامدا، معتصما بنهجه هذا ولم يتزحزح عنه قيد أنملة منذ عقود: الأضداد غير موجودة، والثنائيات المتضادة مثل « العقل/ الإيمان، قانون الوحي/ قانون بشري وضعي، حقيقة /ضلال، صواب/ خطأ، خير/ شرّ، معنى مجازي/ معنى حقيقي» هي الآن، حسب أركون « في طريقها للإمحاء والتجاوز10».
هذا ما قاله في الثمانينات من القرن المنصرم، ثم رَدّده على مسامعنا، إسوة بالنيتشويين الفرنسيين، في أواخر التسعينات، دون ترّيث أو مراجعة أو حتى بصيص من النقد. يقول في كتابه المتأخر » قضايا في نقد العقل الديني »: « وقد استمرّ العقل الحديث قبل مجيء ماركس ونيتشه وفرويد في استغلال تلك المزدوجات الثنائية الضدّية التي طالما استغلّها الفكر القروسطي حتى شبع منها. أقصد بذلك المزدوجات التالية: خير / شر، صحيح / خاطئ، جميل / قبيح، مادّي / روحاني، فان / باق، حلولي أو مثولي / منزّه أو متعال…إلخ11». لم يكتف العقل الحديث بهذا الإرث القروسطي بل إنه أضاف إليه متضادات أخرى « تاريخي / أسطوري، مقدّس / دنيوي، ديني / سياسي، كنيسة / دولة، روحي / زمني…إلخ12».
كل من يبحث عن الحقيقة ويبغي تجاوز التناقضات، أو يرغب في حلّ الإشكالات والبتّ عقلانيا في أيهما أصحّ القضية أم النقيض، هو قروسطي. هذا كلام مُحيّر حقّا، بل إنه خطير جدّا على الإنتاج المعرفي، لأن مواقف من هذا القبيل لا تؤدّي، في نهاية المطاف، إلاّ إلى نوع من العدمية النظرية واليأس من طلب المعنى والإستسلام إلى الريبية في معناها الأكثر شراسة.
هل يعني ذلك أن أركون رجل تنعدم عنده الحقائق ودوغمائي في تشبثه بهذا الرأي؟ أم أنه يفتح مجالا للإيمان مُنبطحا كلّياّ على مواقع دينية إيمانية؟ لا يمكن أن نقرّر ذلك أو ننفيه مسبقا. فالرجل ينقد بجدّ الأدبيات الإسلامية القديمة والحديثة التي تُكَفّر الملل والأديان الأخرى وتقسم البشرية إلى معتنقي الدين القويم، الناجين وإلى ضالّين وزائغين. إن أصحاب هذه الفكرة، يقول أركون: « ما كان في إمكانهم أن يتحرّروا من النظرية اللاهوتية القائلة بالدين الحقّ من جهة وبالنحل والأهواء الضالة من جهة أخرى13». وهذه النظرة الإقصائية لا تخصّ الدين الإسلامي وأصحاب الكلام، بل هي سِمَة مستقرّة وثابتة تميزت بها ذهنية كلّ الأديان التوحيدية. فعلا، لقد « شاعت هذه الذهنية في اليهودية والمسيحية والإسلام» وهذا أمر خطير للغاية والأخطر منه هو أن هذه النظرة الإقصائية « قد أيَّدت ولا تزال تُؤيد وتُعطي المشروعية لحروب متتابعة متجدّدة في كلّ زمان ومكان14».
هذا صحيح؛ الأمر بيّن للعيان، ومَن يقرأ الكتب المقدّسة فإنه لا يتمالك من أن يَنزَعِج أمام تلك الشُّحنة المستقرّة من العنف اللفظي في حقّ من لا يؤمن بالدين الحق، ولا يتّبع ما جاء به الأنبياء، وبالتالي لا يبقى لمن خرج عن تلك المنظومة الإيمانية إلاّ الإستتابة أو الإقصاء والتقتيل. إنه التعصّب الديني الإيماني بعينه، وهو أمر مربوط باللاعقل أساسا وباعتقادات وخرافات وقناعات ماورائية في تضارب مع أسُس العقل التنويري ومع شمولية مبادئه. ومن الواضح أنه على هذا الأساس يمكن القول، دون إجحاف، بأن الأطراف المسؤولة عن التعصّب الديني هم بالدرجة الأولي حاملي تلك الرسالة وكُتبهم أو مَن دوّنها عليهم، والتي يكفي فقط أن يَطّلع عليها المرء بعين ناقدة، حتى يصطدم بتلك البداهة.
ولكن أركون له بداهة أخرى وتصوُّر مُغاير للأشياء: المسؤولية، حسب رأيه، يَتقاسمها التديّن وعقل الأنوار والحداثة على حدّ سواء؛ هذا على الرغم من أنه يعترف بأن التنوير قد عارض التزمت والعصبية الدينية ونادى بالتسامح، لكن كلّ هذه الميزات لا تشفع له اطلاقا، إذ أنّ عقل الأنوار: « الذي دعا إلى التسامح وحارب العصبية الدينية والطائفية والدوغمائية والإنعكاف على « مصالح » الأمة أو الملّة ورفض كلّ ما هو خارج عن تلك « المصالح »، أقول من الملاحظ أن تلك الحداثة الفكرية فشلت في تعميم « الأنوار » الحديثة والتخلّي عن ذهنية التحريم أو التكفير والحروب الدينية وإحلال ذهنية الأنسنة المتفتحة محلّها15». وما السبب في ذلك يا ترى؟ وفيمن يُخاطب أركون؟ وهل أن التنوير، بمبادئه العقلانية وتشريعه لحقوق الإنسان، وتوقه لتحرير الوضع البشري من الاضطهاد والقمع والظلم والخرافة، هو المتّهم، أم أن المُتهَم الرئيسي هو الحركة المضادّة والرجعية التي تبغي المحافظة على الأشياء كما هي وقهر الإنسان وتأبيد الأسطورة واللاعقل؟
بناء على أسُس ابستيمولوجيا أركون يبدو أن التنوير هو المسؤول عن ذلك، ولا دخل للذهنية الدينية الدغمائية، لأن الرجل ـ كما سنرى لاحقا ـ يعارض العلمانية، التي هي نتاج التنوير، ليس معارضة فكرية منطقية، بل يَسبّها جِهارا ويَحتقر معالمها. أما بخصوص العلّة التي أدت إلى فشل الأنوار16 في الوفاء بوعوده فهو يُرجعها إلى أن: « العقل الحديث لم يتقيّد بتعاليم الأنتربولوجيا الحديثة [المتأتية من الغرب]، وإنما اكتفى منذ القرن التاسع عشر بالغرب وحصر نفسه فيه17». هل فعلا هذه هي العلة الكافية لتفسير تلك التهمة المُفتَعلة، أعني عدم وفاء الأنوار بعهده في تحرير الإنسان؟ وكأنّ الأنثربولوجيا هي المخلّص وكبش الفداء في نفس الوقت، علاوة على أن هذه المأساة تدور دائما في الغرب. فالأنثربولوجيا الحديثة المحمودة ـ حسب أركون ـ متأتية من الغرب أما تلك المذمومة، أعني الأنثربولوجيا « الغرب ـ مركزية »، فهي أيضا واردة من الغرب. الكلّ يَعلَم أن الذين نقدوا الأنثربولوجيا الإستعمارية وتفطّنوا إلى أرضيتها العنصرية التفاضلية هم من العلماء الغربيّين، وقد تصدّوا لها وفندوا مزاعمها وجعلوها تتراجع عن مواقفها اللاعلمية. إذن، بِضاعتنا رُدّت إلينا، كما اعترض بعضهم على أركون. أمّا الذين أقدموا على نقد التنوير فهم فصيلة رجعيّة من العالم الغربي حدست المخاطر الكامنة في تلك الثورة النظرية من تحرّر فكري وما يمكن أن تفيده عَمَليا للخروج من الدين وتخليص الناس من الأوهام والخرافات، وقد كانوا، في فرنسا، من زمرة المحافظين الملكيّين ومَن نحا نحوهم من المؤمنين وحرّاس الدين من الإكليروس المتشدّد: ألدّ أعدائهم هو الفكر العقلاني والتنوير والمادية، ومبادئ الإنسانوية والمساواة والكلية، وهي مبادئ، إن فُعِّلتْ على أرض الواقع، فإنها ستَقضي على أساطيرهم الدينية وتُدمّر معالمهم التفاضلية الهرمية، أعني عنصريتهم في التعامل مع الخلق. إذن لا الأنثربولوجيا الحديثة ولا شيء آخر، بل عوامل سياسية واجتماعية وإيديولوجية كلّها مُوجّهة ضدّ الفكر الحرّ وغايتها هي معارضة فكرة انشاء مجتمع علماني خال من الأساطير والخرافات.
أركون يخاطب الغرب كمؤدّب، ويؤنّبه على استفزازاته تجاه الشعوب الأخرى، لكن الوضعية ليست على أحسن حال في العالم الإسلامي. فعلا، لقد بقي هذا الأخير « أبعد ما يكون عن ممارسة الفكر الأنثربولوجي بالمعنى الواسع الذي ندعو إليه، من العقل والثقافة والتفكير السائد في الغرب18». الحلّ الوحيد الذي ارتآه، للخروج من التخلف الفكري، هو النهل من ذاك العِلم (الغربي) أعني الأنثربولوجيا، وكما عادة الرجل في مزج همومه الحياتية وسيرته الذاتية في دراساته وتحاليله العلمية يقول: « فقد ألحَحتُ ومنذ سنوات عديدة على ضرورة دراسة العلم الأنثربولوجي وتدريسه. فهو الذي يخرج العقل من التفكير داخل « السياج الدوغمائي المغلق » إلى التفكير على مستوى أوسع بكثير: أي على مستوى مصالح الإنسان، أيّ انسان كان. كما أن العلم الأنتربولوجي يعلّمنا كيفية التعامل مع الثقافات الأخرى بروح منفتحة متفهّمة، وضرورة تفضيل المعنى على القوّة أو السلطة، ثمّ تفضيل السلم على العنف، والمعرفة المنيرة على الجهل المؤسس أو المؤسساتي19».
هذا الإطراء لعلم الأنثربولوجيا الحديث وتنزيهه والإعلاء من شأنه، لا ينبغي أن يَستثير حماستنا أكثر من اللازم، ولا يجب أن يُخيفنا، لأن هناك شُكوك جمّة في أن الأنثربولوجيا، التي يدعو إليها هذا الرجل، أعني أنثربولوجيا ليفي شتراوس ومَن دار مَدارَه، تُخرج الإنسان من التفكير الدغمائي وتعلّم الناس، بالفعل، كيفية التعامل مع الثقافات الأخرى بروح إنسانوية مُنفتحة.
ولكي لا نَبقى في العموميات يجب الدخول في التفاصيل، وآخُذ مثالا عينيا عن ذلك: معلوم أن الثقافة اليمينية في أوروبّا ما زالت على حالها من حيث عدائها للآخر وتشبثها بمواقفها العنصرية، حتى وإن أقلعت أخيرا على إلباسها لباسا بيولوجيا وأصبحت من دعاة التفاضل الثقافي واستحالة تقريبها لبعضها أو اختزال خصوصياتها. ماذا فعلت الأنثربولوجيا، العزيزة على أركون، لمقاومة ذاك المنحى العنصري ولِنَقده؟ لقد فعلَت القليل أو أنها لم تفعل شيئا بل، في بعض الحالات ـ ربّما عن غير قصد ـ دعّمَت ذاك المنحى العنصري التفاضلي وجَذّرته20، وأحد أولئك الذين ساهموا في تدعيمها هو ليفي شتراوس الأنثربولوجي الفرنسي الذي جعل منه أركون سلطة عليا ومن علمه مثالا يُحتذى به.
أجل إن الفكرة العزيزة الآن على اليمين العنصري، أعني « التفاضل الثقافي » أو « عنصرية الإختلاف »، موجودة في فكر ليفي شتراوس. فمفهوما « العرق » و »الثقافة » هما مفهومان متناوبان عند شتراوس، أي ينوب أحدهما الآخر. إن دراستيه: » العرق والثقافة؛ والعرق والتاريخ » (الأول سنة 1952 والثاني سنة 1971) قُوبلتا باستنكار وتمعّض في أوساط اليونسكو التي نظّمت تظاهرة عالمية ضدّ العنصرية، واستدعت الأنثربولوجي الفرنسي للتحدّث في هذا الموضوع.
ليفي شتراوس لا يرفض مفهوم العرق (Race)، بقدر ما يُعارض فكرة وجود ملكات طبيعية نابعة من العرق ويمكن البرهنة عليها علميا21. ولكي يفسّر الإختلافات بين الناس ارتأى مفهوم الثقافة، كعامل مُحدّد للتفريق بين المجتمعات البشرية: « كما أن ثقافتين أنتجهما أناس ينتمون إلى العرق نفسه يمكن أن تختلفا بقدر ما تختلف ثقافتان تعودان لأناس ينتمون لمجموعات عرقية متباعدة وربّما أكثر منها22». الثقافة هنا عَوّضت الإختلافات البيولوجية التي ركّز عليها العنصريون في فترة تاريخية ما، وأصبحت هي العامل المميّز بين المجتمعات البشرية. هكذا يقول في مقاله لسنة 1971: « عوضا عن التساؤل هل أن الثقافة هي دالة تابعة للعرق أم لا، نكتشف أن العرق…هو من بين مختلف الدوال التابعة للثقافة23». يعني هذا أن مَن يُولد في ثقافة ما فإنه يبقى مسجونا فيها إلى الأبد، و يَجُرّ وراءه إرثه الثقافي المطبوع فيه أينما حلّ « من المعروف أن ابن أية ثقافة مُتضامن معها تضامنا وثيقا كما هو ذلك المسافر المثالي في قطاره. إذ أنه منذ ولادتنا، تُدخل فينا بيئتنا، عبر ألف طريقة واعية وغير واعية، نظاما معقدا من المراجع، المكوّنة من أحكام قيمية، ودوافع مراكز اهتمام»، النتيجة هي أننا « نتحرّك حرفيا مع نظام المراجع هذا24». إن الاختلافات الثقافية والتباعدات بين نظرة كل واحدة منها إلى العالم، تخلق حواجز « لها نفس طبيعة تلك البيولوجية؛ فهي تنتج اختلافات يمكن مقارنتها بتلك التي تقوم بين الأعراق؛ مفضّلة بعض النماذج الفيزيائية عن أخرى، تثبّتها، ثم تنشرها». لقد تحوّل مفهوم الثقافة إلى بديل من ذاك التحديد البيولوجي العنصري، ولكنه حافظ، في نهاية المطاف، على نفس خاصيات العرق التي تسجن الإنسان في حتمية مُطلقة. النتائج التي أخلص إليها ليفي شتراوس، كارثية حقا: لقد أدته النسبوية الثقافية إلى مناهضة الدعوة إلى المساواة والأخوّة وقال بأنها طموح مخيب للآمال: « المطالبة البسيطة بالمساواة الطبيعية بين جميع الناس وبالأخوّة التي يقتضي أن تجمع بينهم، دون تمييز بين الأعراق والثقافات، يحمل بعض ما هو مُخيِّب للفكر25». ليس هناك إنسانية موحّدة؛ وإعلانات حقوق الإنسان غير مقنعة وهي عرضة للإلتباس لأنها « تحمل هي الأخرى في طياتها، قوتها وضعفها باعلانها مثالا غالبا ما يَنسى حقيقة أن الإنسان لا يُحقق طبيعته في إنسانية مجرّدة، ولكن في ثقافات تقليدية26». أما القول بأن تنوّع الثقافات ليس إلاّ عرضا ظاهريّا، لأن مقولة الإنسانية تشترك فيها بالتساوي كل المجتمعات، وبالتالي فإن القاعدة هي المساواة الطبيعية والنشاز هو الإختلاف الثقافي، فإن شتراوس يقذف بهذا الرأي في عالم « التأملات الفلسفية الإجتماعية» التي استسلم إليها الإنسان الحديث. المبدأ الأساسي هو أن يَعي كلّ واحد منّا بأن « الثقافات الأخرى مختلفة عن ثقافته بأكثر ما يكون من التنوّع27». وهذا ما أدى بالأنثربولوجي الفرنسي إلى اصدار حُكمه السلبي على « مناهضة التمييز العنصري »؛ فعلا، إذا كانت الثقافات هي الخصوصيات المحدِّدة للبشر، فإن أي محاولة لتوحيد الإختلافات يؤدي إلى محو ثراء الثقافات وتعدّدها: « لا يمكن أن نُخفي على أنفسنا، رغم أهميته الضرورية والعاجلة في الميدان العملي والغايات الثقافية العالية التي يصبو إليها، أن الصراع ضدّ كل أشكال التمييز [العنصري] يساهم في تلك الحركة التي تجرّ الإنسانية نحو حضارة عالمية، مدمّرة للخصوصيات العتيقة التي لها الأسبقية في خلق القيم الجمالية والروحية التي تعطي معنى للحياة28».
مُدهشة اعترافات شتراوس في محاورة له مع ديديه إريبون (Didier Eribon) الذي نشرها في كتاب بعنوان » مِن قريب ومِن بعيد » (De près et de loin). لقد اعترف هو نفسه بأن عمله أحدث فضيحة في أوساط اليونسكو (il a fait scandale à l’UNESCO )، ولا يمكن أن يكون إلاّ كذلك لأن الرجل دافع عن مُنظّر العنصرية المعروف غوبينو (Gobineau) مُدعيا بأن هذا الأخير لم يكن عنصريا أو امبرياليا كما يُعتقد، وكشف لمحاوره حقيقة أن كُتبه تحتوي على الكثير من الشواهد المُقنَّعة (أو المكشوفة) المستمدّة من كتاب غوبينو « لاتساوي الأعراق » (مثلا في آخر صفحات “المدارات الحزينة” وكتاب “أساطير”). فأفكار غوبينو، بالنسبة لشتراوس لا تلعب فقط دور المُصحّح للطريقة الخاطئة التي قرئ بها عمله « العرق والتاريخ »، بل هي الأرضية النظرية التي انطلق منها في كتابته ذاك العمل. (انظر، ديديه إريبون “من قريب ومن بعيد” باريس، طبعة 2001، ص، 206 ـ 207، وانظر أيضا الباحث الإيطالي غروتانيلّي الذي كشف عن عنصرية دوميزيل (Dumézil) و شتراوس في كتابه، إيديولوجيات، أساطير، إبادات (C. Grottanelli, Ideologie, miti e massacri, Palermo 1993, p. 167 – 169). لقد قال بأن اختلاط الأعراق يؤدي إلى الموات الحراري (Entropie) ويسكّن صيرورة المجتمعات، وهذه التخمينات استقاها مباشرة من غوبينو، وحتى رفضه لإمباريالية الرجل الأبيض، التي شرّع لها غوبينو، فهو رفض جزئي إن لم يكن في الحقيقة تسليما مقنعا. فبالنسبة إليه، الرأسمالية (والإمبريالية) هي الدواء الأخير لمرض تلاقح الشعوب، الذي قد يؤذن بتفسّخ خصوصياتها إن لم تحاول حماية نفسها، ولقد قال هذا في النص الذي طلبته منه منظمة اليونسكو لمجابهة مشاكل العنصرية في العالم، أعني « العرق والتاريخ”. الأنثروبولوجي الذي من المفروض أن يكون منفتحا على الآخرين وأن يعي بأن تنوّع الثقافات، لا يحول دون تقاربها وانصهارها، هذا الرجل الذي من المفروض أن يَقِيه علمه، الذي أثنى عليه أركون، أعني الأنثربولوجيا، من السقوط في فخّ الأحكام المسبقة، ها هو ذا يقول بالحرف: « إن الاحتكاكات الوجيزة التي جمعتني بالعالم العربي وَلّدت في نفسي كُرها غير قابل للإجتثاث» (من رسالة بعث بها إلى رايمون آرون)، ونفس هذا الشعور اختلجه إزاء البلدان الإسلامية، واعترف بذلك في « المدارات الحزينة ». لكن الأدهى هو أنه يُبرّر قرفه من الشعوب العربية الإسلامية، ذاكرا نفس الحالة التي انتابت عالم اثنولوجي أمريكي إزاء بعض القبائل من سكان أمريكا الأصليّين.
أنا لا أودّ التشكيك في علم الأنثربولوجيا، أو أتعمّد مصادرة مجهودات العلماء بالكامل، لكننا ينبغي أن نتّخذ الحذر من تلقي هذه الأشياء الغث والسمين منها، واعتبار ذاك العلم طريقا يؤدي بالضرورة إلى الإنفتاح والمثاقفة.
3 ـ عيّنات من مبادئ العقل المُجتثّ:
ليس هناك عند أركون تفاضل هرمي، في القدرة المعرفية، أو حتى تعارض نظري، بين الإنتاجات الثقافية المختلفة (الأسطورة والخيال؛ الدين والعلم؛ الفيلولوجيا والتاريخ المقدّس…إلخ) بل الكلّ يتكافؤ، ولا يمكن تأصيل أي فكر ولا الثبوت على رأي واحد لأن الأصل لا وجود له. مَدفوع بإحدى التخريجات اللاعقلانية المعاصرة لفلاسفة فرنسيين مثل فوكو ودريدا ودولوز، التي تزعم أن لا شيء يملك في ذاته مبدأ استقراره ولا أصل يمكن تأصيله، فإن أركون تلقّف هذه الفكرة وجَعل منها مدار إشكالاته ومركز همومه النظرية المتحوّلة والمُنقلبَة على ذاتها باستمرار: « أردتُ قبل كلّ شيء أن أنقد مفهوم الأصل وعملية التأصيل، أو بالأحرى الإدعاء لإمكانية التأصيل لفكرة ما، دينية، أم علمية، أم فلسفية، أم أخلاقية، أم سياسية، أم اقتصادية، أم اجتماعية29». إذن ليس هناك حقيقة على الإطلاق وفي أي مجال من المجالات، ومَن كان يَرغب في اكتناه حقائق الأمور، بموضوعية وتجرّد، فإن أركون يُثبّط من عزمه، منذ البداية، ويُشعِره بأنه خاسر لا محالة في أول محاولة للدخول في معمعة الفكر. العقل الإنساني بإمكانه أن يتوصّل إلى الحقيقة إذا مارس عمله طبقا لقواعد دقيقة واتّبع منهجيّة تجريبية صارمة، هذا الإعتقاد هو الذي حرّك العلماء وجعَلَهم ينتجون نظرياتهم العلمية ويكتشفون قوانين الآلة الكونية. لكن أركون يدحر هذا الرأي ويُسميه ادعاءات العقل الكلاسيكي التي كانت سائدة « قبل أن يُنقَد منطق أرسطو…على يَد العلم الحديث30». نحن الآن انتقلنا، على حدّ قوله، إلى مرحلة جديدة، مرحلة « نهاية اليقينيات » حسب عبارة عالم الإبستيمولوجيا البلجيكي إيليا بريغوجين31.
الإنسان، إذن، مُؤطّر في النّسبويّة ومأسور في اللاحقيقة، ودنياه التي يعيش فيها ولُغته ومؤسساته هي سجن مؤبّد لا تترك له فُرجَة للنظر إلى العالم بموضوعية، ولا تُمَكِّنه من استمداد أي نوع من اليقينيات. فعلا، هناك قاعدة معرفية لا مَحيد عنها، إنها قاعدة راسخة في منهج أركون الإبستيمولوجي، تؤطّر آلياتنا الذهنية « وتُلزِم العقل إلزاما مطلقا في جميع إنتاجاته الفكرية والعملية. وهي قاعدة مرتبطة بالوضع اللغوي والمدني والاجتماعي الذي ينشأ فيه الإنسان ويتقيّد به العقل في جميع نشاطاته وممارساته. تقول هذه القاعدة ما يلي: إن كُلَّ جُملة يَنطق بها متكلّم ما بِقَصد التأصيل تُحيل بالضرورة إلى مستويات مترابطة من التفكير والتعبير وإيجاد إلزام للمعنى32». هذه تُسمى في أدبيات الفلسفة « مُفارقة السفسطائي » وهي شبيهة، إلى حدّ ما، بـ »مفارقة الكذّاب »33 (paradoxe du menteur): مَن يَنفي التأصيل فهو نفسه يُؤصّل؛ إذا كان كلّ سلب هو إيجاب ما، فإن نَزْع التأصيل هو بدوره تأصيل. السفسطائي الذي يرفض الإقرار بمبدأ عدم التناقض مثلا، يَعترف به ضرورة حتى في رفضه إياه، لأنه يُثبِتُ بأحكامه وأقواله، وبأفعاله أيضا شيئا ما، حتى وإن كان ذاك الشيء هو رفض تأصيل مبدأ عدم التناقض34. فأطروحة أركون هي أيضا تأصيل لشيء ما، حتى وإن كانت في جوهرها استأصال. لكن أركون لا يعبؤ بدقائق المفارقات الفلسفية، بل إنه يتباهى بتلك النسبوية ويُدعّمها بمقولات الفلسفة المعاصرة التي، حسب زعمه: « ترفض التفكير في الحقيقة بصِفتها مؤصَّلة أو قابلة لتأصيل أنطولوجيا، ومنطقيا ومفهوميا35». إنه عصر جديد هذا الذي دشنَته الفلسفة المعاصرة (على القارئ أن يعلم بأن الفلسفة المعاصرة عند أركون، هي الفلسفة الفرنسية، وليست كل الفلسفة الفرنسية، بل بالتحديد فلسفة نَفَر مِن النيتشويين الهايدغاريين مثل دولوز وفوكو ودريدا وريكور الكارهين للتنوير والعقل والمنطق والعلوم الصحيحة)؛ قلتُ إنه عصر جديد دخلَت فيه الإنسانية حقبة « انحلال الأصول أو تفكّكها، أو.. عصر نِسبية القيم، أو ذاتية التأويلات والتفسيرات36».
المفهوم الكلي المجرّد، والموضوعية العلمية التي تعلو على الذوات الفردية وتُمثّل الشرط الأول لبناء خطاب علمي معقول، لا معنى لها بتاتا لأن ابستيمولوجيا أركون المُبشَّر بها هي « ابستيمولوجيا رافضة لكلّ فكر أصولي أو تأصيلي». والبديل الوحيد عن المعرفة الصحيحة الثابتة هو التأويل، أو بالأحرى، معرفة الأشياء بالنسبة لأركون، تُختزَل فقط في ما أسماه «استراتيجيات تأويل». انظر كيف يهيم هاشم صالح ـ مُترجم أركون ومُؤوِّله ومُروّج أفكاره في جميع أنحاء العالم العربي ـ بهذه الإبستيمولوجيا الفذّة التي تخَلّصت من عُقدة التأصيل، حيث يُعلّق على كلمات أركون قائلا: « الإبستيمولوجيا المعاصرة أو فلسفة العلوم لم تعُد تعتقد بإمكانية تأصيل العقل أو الحقيقة بشكل نهائي. والدليل على ذلك أن الحقيقة تتغيّر، والعقل يتطوّر من عصر إلى آخر37».
لقد دأب أركون على هذا النهج منذ زمن طويل، أعني منذ صدور كتابه » في سبيل نقد العقل الإسلامي » الذي حُرِّفَت تَرجَمة عنوانه إلى العربية بـ » تاريخية الفكر العربي الإسلامي »، وتمَسّك بنهج التشكيكية الجديدة، بل قُل السفسطائية الجديدة المُحاكية لسفسطائية ميشال فوكو والتي شَهدت رواجا كبيرا في تلك الفترة، ومازالت رائجة إلى الآن في العالم العربي الفرنكوفوني، وأثنى عليها وسمّاها بـ« مَواقف العقل المعاصر وآخر كشوفاته38».
يقول أركون في الكتاب أعلاه: « ليس هناك من حقيقة غير الحقيقة التي تخصّ الكائن الإنساني المتفرد والمتشخص والمنخرط ضمن أوضاع محسوسة قابلة للمعرفة والدرس39». ثمّ إن الحقيقة هي وليدة السلطة كما علّمنا فوكو، الذي يُردّد أركون أقواله على حرفيتها: « إن الحقيقة مُوجَّهة لكي تُعلن وتُنشر ضمن وسط اجتماعي ـ تاريخي يتنافس فيه أناس مختلفون من أجل اقتناص السلطة والسيطرة عليها». أمّا العلوم الصحيحة والمناهج التجريبية فإنها « لا تُعلِمنا شيئا عن كينونة الأشياء وعن كينونة الأفراد الأحياء. وهكذا تنتهي العقلانية إلى الفساد والتلف40».
على الرغم من هذا القالب المُغلَق الذي أحكَم فيه الذات العارفة وختَم به على ملكات التفكير الإنساني، فإن الرجل يدّعى بأن « مَكانة العقل مُشوّشة تماما الآن41»، ثمّ يضيف بأن الفلاسفة فقط « لا يزالون مُستمرّين في النضال من أجل الحفاظ على أولوية التفكير النقدي المتمركز على نظام العقول المفترض وجودها، صراحة أو ضمنا في كلّ تركيبة معرفية42». نحن هنا دائما في مجال السفسطة وأمام تصعيد دراماتيكي للأشياء، لأن الأمر واضح وبديهي، ليس الفلاسفة فقط بل إن كلّ العلماء المختصين وحتى الناس العاديين المُتَنوِّرين، لا زالوا متشبّثين بالعقل ويعتبرونه درعا واقيا ضدّ اللاعقل، وضدّ الهجمات التي تأتيه من طرف ذاك العَجِين الهُلامِي من المُتدينين ومفكري اليمين في كلّ الأمصار.
ليس من الإجحاف القول بأن أركون، مثله كمثل المفكرين المتديّنين، لا يؤمن بالعقل ولا يعترف بمبادئ كلّية، لأنه مُتشبّث بالنسبيّة المطلقة، الشيء الذي أداه إلى تفتيت العقل البشري إلى هباءات لا يجمعها جامع، ولا يمكن وصلها أو إيجاد حتى قرابة نظرية ومبدئية بينها. لقد اكتشف مثلا: « أنّ مفهوم العقل نفسه له تاريخ. فالعقل الذي كان يستخدمه الحَسن البصري ليس هو العقل نفسه الذي كان يستخدمه ابن خلدون. والعقل الذي كان يستخدمه ابن خلدون ليس نفسه الذي استخدمه محمّد عبده. والعقل الذي كان يستخدمه محمد عبده ليس هو نفسه الذي استخدمه طه حسين. وعقل طه حسين ليس هو العقل الذي أستخدِمه أنا شخصيّا اليوم43». كيف يمكن لهذه العقول أن تتواصل إن كانت مختلفة فيما بينها؟ كيف يمكن ذلك إن كانت العقول متحوّلة جذريا وباستمرار إلى درجة أنه في غضون عقد أو عقدين لا يوجد أي تناسب يجمعها؟ إذا كان كلام أركون صادقا فإننا لا يمكن أن نقرأ لِمُفكِّر سبقنا بقرن من الزمن، لا بل حتى بعقد واحد، لأن عقله مختلف عن عقلنا ومجاله النظري بعيد عن مجالنا. وفعلا أركون يؤكّد هذه النسبوية السفسطائية ويردّد أطروحات الإنثربولوجيين الفرنسيين وجَمهرة الفلاسفة أتباع التيار النيتشوي: « العقل ليس شيئا مجرّدا قابعا في الهواء وإنما هو شيء محسوس ومؤطّر بشكل جيّد. العقل ليس جوهرا ثابتا يَخرُج على كلّ تاريخية وكلّ مشروطية. فللعقل تاريخيته أيضا. وكلّ واحد من هذه العقول المذكورة مرتبط بمرحلة معينة من مراحل التاريخ بكلّ معطياتها وأدواتها. إنه مرتبط بالبيئة والمجتمع والحالة التطوّرية للأنظمة الثقافية والمعرفية السائدة في زمن كلّ مفكّر. المفكّر مشروط بقدر ما هو حرّ44». ويقول أيضا: « ولهذا السبب تحدّثتُ عن تاريخية العقل (L’historicité de la raison)، أقصد الطابع المتغيّر والمتحوّل للعقل، وبالتالي الطابع المتغيّر للعقلانية المنتجة عن طريق هذا العقل45».
من الواضح أن خطابات لاعقلانية من هذا القبيل لا تعمل إلاّ على تدمير حبّ الحقيقة وإشعار الناس باليأس من قدرة العقل العلمي على معرفة أيّ شيء وعلى الإطلاق في هذا العالم. ولا يَنفكّ كاتب هذه السطور من التنبيه على أن هذا الصّنف من التفكير دشنَته تيارات لاعقلانية حديثة، وروّجت له ثلّة من النيتشويّين الفرنسيّين، الذين رأوا في الموضوعية العلمية وفي المفهوم المجرّد العدوّ الذي يجب القضاء عليه. لقد قال دولوز إن الفلسفة هي « الحقل المعرفي القائم على إبداع المفاهيم46»، ذلك لأنّ « المفهوم لا يُعطَى وإنما يُبدَع ويجب إبداعه… بقدر ما يكون المفهوم مُبدَعا، فإنه يفرض نفسه. فكلّ ما يرتبط بنشاط إبداعي حرّ هو أيضا ما يفرض ذاته في ذاته بطريقة مستقلّة وضرورية47». هذه أقوال جيّدة على مستوى خطابي شعري، إلاّ أنها على مستوى علمي فهي خُلف لا معنى لها أصلا، لأنّ إطلاق العنان للذّات كي تُبدِع بحريّة ما يروق لها من المفاهيم، دون التقيّد بمعطيات موضوعية والإرتكاز على مبادئ ثابتة، قد يكون إلى الإعتباط والشعريّة أقرب منه إلى الفلسفة والعلم، بل قد يؤدي هذا النهج في التفكير إلى ذاتوية خالصة وإلى نسبية مُطلقة، وهذا فعلا ما يُنَظِّر إليه دولوز بصراحة حينما يقول: « الأوفرُ ذاتية سيغدُو الأوفر موضوعية»، أي أن المفاهيم « لن تكون أيّ شيء إن كانت لا تَحمِل توقيع مُبدعيها48».
لكن الفكر العلمي، والفلسفة ككلّ، بُنِيت أساسا على أرضيّة مُغايرة تماما، إن لم تكن نقيضة: هناك قوانين ومبادئ تَخضع لها عملية إنتاج المعرفة متعالية عن أهواء مكتشفيها، وهناك أيضا شبكة من الرموز الموضوعية والقواعد التي تقي المُفكّر، مِن أن يُطلق ذهنه « مُهملا يَسبح في أشياء غير محمودة ويروم المصير إليها من حيث اتفق49».
نيتشويّة دولوز لا تعبؤ بمثل هذه التقييدات النظرية، بل تَمنَعُه حتى مِن التّمسّك بثوابت منطقية ومبادئ عقلية تشترك فيها البشرية جمعاء، وتسمح بإنتاج حقيقة علمية، متعالية عن الأشخاص وأوضاعهم الحياتية، وتُمكّن أيضا من التواصل بين كلّ الذوات العاقلة50. هذا الأمر غير ممكن، لأنّ دولوز يرفض، رفضا نيتشويّا، مفهوم وِحدة الحقيقة وصلوحيتها للجميع، ذلك لأنّ الرجل يُنَظّر إلى حقيقتين متباعدتين بُعد السّماء على الأرض: حقيقة وَضِيعة للدّهماء، والسّفالة، والعبيد، وحقيقة راقية للنّبلاء والأسياد. هذا ليس بالمزاح السّمج أو بالتّخريف الأخرَق: لِنَفتح فقط الصّفحة مائة وأربعة وثلاثين (134) من الترجمة العربية لكتابه » نيتشه والفلسفة » حتى نقرأ شيئا مذهلا حقّا: « ليست مقولات الفكر هي الحقيقي والزائف، بل النبيل والخسيس، العالي والسافل، وفقا لطبيعة القوى التي تستولِي على الفكر بحدّ ذاته. إن لدينا دائما، من الحقيقي كما من الزائف، الحصّة التي نستحقها: هناك حقائق للسفالة، حقائق هي حقائق العبد51».
العقل هو وليد السلطة، وليست هناك حقيقة مستقلّة عن إرادة تنشؤها أو قوّة تفرضها، كما يقول فوكو، ذلك لأن: « الحقيقة ليست خارج السلطة، ولا هي دون سلطة (ليست الحقيقة جَزَاء النّفوس المفكرة الحرّة…). إن الحقيقة مِن هذا العالم، فهي ناتجة فيه بفضل إكراهات متعدّدة». ليس هناك إختلاف جوهري بين مواقف دولوز ومواقف فوكو، ومغزى أطروحتيهما واحد، ألا وهو انعدام الحقيقة الموضوعية على الإطلاق وفي أي مجال من المجالات المعرفية: وعلى هذا الأساس فإن حقيقة أن الأرض تدور حول الشمس، وأن النجوم تتكوّن من كتلة من الهيدروجين، وضوؤها ناتج عن تفاعل حراري نووي بسبب ضغط الجاذبية، وأن الماء يتكوّن من ذرتين من الهيدروجين وواحدة من الأكسيجين، وأن كتلة المادة تُحنِي مسار الضوء في مجال جاذبيتها، وأنه، من وجهة نظر أخلاقية، الرحمة أفضل من القسوة، والسلم أفضل من الحرب، كلّ هذه الحقائق لا تفيد في شيء ولا تتعالى عن الذوات، والسبب في ذلك، حسب فوكو، هو أن « لكل مجتمع نظامه للحقيقة، و »سياسته العامة » لها52». إنها النسبوية النظرية التي وصلت إلى حدّ الهوس: ليس هناك حقائق شاملة أو قيم أخلاقية ثابتة تجتمع عليها البشرية كافة، كل ما يُنتجه البشر، بما في ذلك العلوم الصحيحة (ولا أستثنيها لأن الرّجل عَمَّم ولم يُخصّص)، هي في نظر فوكو أمور مرتبطة بالسلطة وبالعصر الذي وُلدت فيه، ولذلك فهي مُتزمنة ولا يمكن أن ترقى إلى اليقين التام، لأن اليقين لا وجود له في هذا العالم. العزاء الوحيد الذي يُتيحه فوكو (وكذلك أركون، عن مضض) هو وجود استراتيجيات للحقيقة، وهذا الموقف العدمي ينعكس على دور المثقف الذي كان في وقت ما حاملا لهموم كونية ويُنَظّر، لا لجزء محدود من البشرية بل، للإنسانية جمعاء، وذلك اعتقادا منه بأنهم يشتركون معه في المفهوم الكلي للإنسان ويتقاسمون مثله نفس المصير؛ هذا الأمر غير ممكن عند فوكو، فالمثقف الجديد، في رأيه، كفّ عن أن يكون « حاملا لقيم كونية، بل هو يَحتَلّ موقعا خاصا…وخصوصيّته مُرتبطة بالوضائف العامة لجهاز الحقيقة في مجتمع كمجتمعنا [الغربي]53». إنها ترجمة على أرض الواقع النظري لفكرة تاريخيّة الدازاين عند هايدغر، أعني تَمَوقع الإنسان في عالمه وتراثه الخصوصي، وهي فكرة ترفع تماما المفهوم الكلي للإنسان، وتُجذّر الخصوصية التي تكتفي بالعالم الغربي على الأكثر، ولكنها، بالنسبة لهايدغر، تَقِف فقط عند حدود ألمانيا. فوكو استوعب الدرس الهايدغاري، واكتفى بإخراج كلامه الشوفيني من الدائرة الضيّقة للشعب الألماني، ثم سَحَبه على الغرب فقط دون أن يتعدى حُدوده ويَشمل سِواه من الأمم الأخرى. المثقف، إذن: « يعمل حينئذ أو يناضل على المستوى العام لنظام الحقيقة الذي غدا شديد الأهمية بالنسبة لِبُنيَات مجتمعاتنا نحن [ في الغرب] وسَيرِ أمورها54».
يجب حمل كلام فوكو على محمل الجدّ، وأرى أن المثقفين العرب الذين ما زالوا يستخدمون مقولاته ومُولعين بفلسفته، عليهم أن يَعوا بأغراضه المُبيَّتة بل والصريحة في بعض الأحيان؛ لقد قال في « الكلمات والأشياء » بأن عِلم الإثنولوجيا يتجذّرُ « في إمكانيةٍ تُميِّزُ حَصرا تاريخ ثقافتنا [الغربية]55»: وكأنّ هَمّ الحقيقة هو خصوصية ملازمة للعالم الغربي فقط؛ وكأن الشعوب الأخرى ليست لديها هموم تجاه الحقيقة أو السلطة، ولا تستطيع التمييز بين ما يتعالى عنها وبين مَن يُنتجها أو يكرّسها على أرض الواقع. على كلّ حال، ما يَهُمُّنا، في هذا الصدد، هو أن الحقيقة لا وجود لها، وليس هناك معيار يسمح لنا بتمييز الصواب من الخطأ، والأخلاقي من اللاأخلاقي، و الواقعي من الوهمي، ذلك لأن « الحقيقة مُرتبطة بأنظمة السّلطة التي تولّدها وتساندها، … [وهي أيضا] مرتبطة بمفعولات السلطة التي تتمخّض عنها وتَسُوسُها». إنها حتمية لا مَفرّ منها، حتميةُ سُلطةٍ لا يمكن تفاديها أو التخلّص منها بأي وسيلة من الوسائل، المهمّة الأساسية للفيلسوف الجديد لا تَكمُن إذن في « تخليص الحقيقة من كلّ منظومة سلطة، إذ أن ذلك عين الوهم ما دامت الحقيقة ذاتها سلطة ـ وإنما بإبعاد سلطة الحقيقة عن أشكال الهيمنة (الإجتماعية والإقتصادية والثقافية) التي تعمل في حضنها لحدّ الآن56». لا نعجب إذن، وعلى أساس هذه العدمية النظرية، أن يحطّ فوكو من شأن العقل وانجازاته النظرية والعملية، وأن يتّهم العقلانية باقتراف جرائم بَشعة في حق الإنسانية، مثل المعتقلات النازية والمَحرَقة: « إنّ العلاقة بديهية بين العقلنة وتجاوزات السلطة السياسية. وما كان علينا أن ننتظر البيروقراطية أو معسكرات الإعتقال حتى نعترف بوجود هذا النوع من العلاقة57». هذه بداهة عند فوكو، ونوعا ما، عند أركون أيضا، ولكنها بداهة غير مبرهن عليها وبالتالي فهي ليست مُلزِمة لأحد، بل إن أقوالا مِن هذا القبيل تُنكّل بالفلسفة أشدّ التّنكيل، لأنها تُقوّض من الأساس استقلالية المعرفة النظرية وشمولية العلم، وتُثني الناس عن حبّ الحقيقة، بل تنزع عنهم أيّ فضول نظري. لِمَ البحث عن الحقيقة في ذاتها؟ ولما الداعي للإلتزام بِجُهد المفهوم إن كنّا في النهاية لُعبة في يَد سلطة عليا، أو تحت إرادة قاهرة تَفرِض علينا تحرُّكاتنا، وأساليب تفكيرنا ونَظرتنا للعالم؟ ليست هناك وقائع يجب سبرها والبحث عن عِلاّتها، بل هناك فقط تأويلات لامتناهية، وغرض الفيلسوف في عِلمه هو الإستمرار في تأويل تلك التأويلات إلى غير نهاية. هذه عدمية نظرية خالصة لا أكثر ولا أقلّ، تتضارب مع أبسط مقومات الفعالية النظرية، وتعمل على الحطّ من قُدرة العقل التنويري، بل وإدانته بالكامل.
مِن حسن الحظ أن موضوعنا ليس فوكو، ولكننا أُرغِمنا الدخول في مثل هذا النقاش لأن أثَر منهجية فوكو وأفكاره تسرّبت بكلّ حدّتها إلى أركون، وهيكلت في العمق نظرته للأشياء، مُشرّطة تماما مقاربته التاريخية للتراث الإسلامي، والنتيجة هي كما نراه: عداء للعلم ونفور من العقل التنويري، وسفسطة واضحة58.
أقول: على عكس العدمية النظرية التي يروّج إليها هؤلاء الفلاسفة، هناك حقائق علمية، وهناك قوانين شاملة وعقل إنساني يُنظّم ويُقنّن، لأن الواقع ذاته قابل للتنظيم والتقنين، العالم ليس هو شواش مادي يمكِن فيه لأيّ شيء اتفق أن يفعل ما اتفق، بل هناك قانون عدم التناقض الذي يَضمنُ معقولية الأشياء وثباتها ويجعل مِن العقل أمرا ضروريا في هذا الكون. لقد تفطّن الفيلسوف العربي ابن رشد إلى العدمية النظرية الكامنة وراء توجهات فكرية إيديولوجية مماثلة تقريبا للعدمية التي يُروّج لها بعض الفلاسفة المحدثين ذوي المنحى النيتشوي الهايدغاري قائلا: « الموجودات تنقسم إلى مُتقابلات وإلى مُتناسبات، فلو جاز أن تفترِق المتناسبات لجاز أن تَجتمع المُتقابلات. [ لكن المتناسبات لا تفترق وبالتالي فالمتقابلات لا تجتمع]. وبإدراك هذه الحكمة كان العقل عقلا في الإنسان… ولذلك فالعقل ليس بجائز فيمكن أن يُخلق على صفات مختلفة، كما تَوهَّم ذلك ابن حزم59».
لكن هذه التنبيهات المتأتية من تراثنا الفلسفي العقلاني لا تستثير حس أركون النقدي، فالرجل متشبّث بموقعه هذا، ومَن اطّلع على كُتبه فإنه سيحدس بمفرده أنه واصل في تجذيره وترسيخ معالمه، وإطاره المرجعي لم يتغيّر طرفة عين بمرور عقود من الزمن، أعني أركيولوجيا فوكو، تفكيكية دريدا، تأويلية ريكور وتاريخ مجموعة الحوليات. لقد تماهى مع أفكار هؤلاء الفلاسفة إلى حدّ أنه تبناها كشيء بديهي، واعتبرها من عنديّاته: « لكي أبيّن بشكل واضح الفروق التي تميّز بين التاريخ التقليدي للفكر وبين الفكر الجديد الذي أريد أن أفتتحه وأمهّد له الطريق فسوف أذكّر ببعض خصائص الأوّل وصفاته. كان تاريخ الأفكار قد فرض نفسه في مجال التعليم والبحث لفترة طويلة بصفته علما متميّزا ومختلفا عن الفروع والإختصاصات الأخرى لعلم التاريخ. إنه يستند على الفرضيّة التي تقول بأن الأفكار ذات قوام متماسك وثابت، وإنها ذات دلالات ومعان فوق انسانية. كما ويبرزها بمثابة كائنات عقلية مستقلّة عن الإكراهات اللغوية والإجتماعية والسياسية والإقتصادية60».
إن الفكر الجديد الذي يبغي افتتاحه أركون قاده، إلى تبنّي الأطروحة النقيض، أي أن الأفكار وليدة الشروط اللغوية والقوى المتصارعة ومختلف السلطات الإجتماعية، وبالتالي لا يمكن إنتاج أية حقيقة، الكلّ تابع للغة والإقتصاد والسياسة ومشروط بالظروف المادّية. لقد ذهب الرجل أبعد حتى من غلاة الماركسيّة الذين يربطون ميكانيكيا بين انتاجات الروح والظروف المادية.
مَن المسؤول الأول عن هذا الزيغ وعن كلّ تلك الأخطاء الجسيمة التي عدّدها أركون ( الإعتقاد في ثبوت الأفكار وتماسكها، في حيازتها على دلالات ومعان متعالية عن الإكراهات اللغوية…)؟ بدون تَردّد أو تريّث، وعلى شكل حكم قيمي، نعلم جدّا مصدره النيتشوي الهايدغاري، يقول أركون: « نلاحظ أن تصوّرا كهذا لتاريخ الأفكار مرتبط كثيرا بالفلسفة الجوهرانبة والماهياتية للأنظمة التيولوجية والميتافيزيك [هكذا، sic] الكلاسيكي الذي نما وترعرع في أحضان الوحي من توراة وأناجيل وقرآن، وفي أحضان الفلسفة الإفلاطونية [….] كانت التيولوجيا والفلسفات التي انتشرت أثناء العصور الوسطى في كلّ الفضاء الجغرافي الإغريقي ـ السامي قد قوّت إلى حدّ كبير هذا التصوّر الذي يقدّم الأفكار على أنها كائنات منفصلة ومتفرّقة تستمرّ فقط بقوّة الذهن (= العقل)، مؤسّسة على الأنطولوجيا المتعالية ومؤسّسة لها61».
إنه خليط جمّ من التيّارات الفكرية ومن علوم مختلفة، وتعاليم تمتدّ من التوراة مرورا بالفلسفة اليونانية، بالأخصّ منها الأفلاطونية، والميتافيزيقا ولاهوت الأديان التوحيدية، وُصُولا إلى الفلسفة الجوهرانية والماهياتية الحديثة. هذه هي عادة أركون: إنه يَضَع كل الأشياء، الغثّ والسّمين منها، في نفس السلّة، دون أن يُفسّر أو يبرهن، ثمّ يُعمّم الأحكام متجاهلا ذِكر الفوارق وتَمييز أصناف التّعَاليم، وتحديد أطرها المرجعية بدقّة.
يجب الدخول في التفاصيل، يَجب اعطاء الأمثلة وإيضاح المسائل العويصة وتبرير الأحكام والبرهنة عليها ثمّ دحض اعتراضات الخصم. لكن لا شيء من هذا القبيل يمكن العثور عليه عند أركون، فهو لا يبرهن عقلانيا بل يحكي ويقصّ ثم يَشتم ويُدين.
إذا أردنا الدقّة، فإن الوحي لا علاقة له بالميتافيزيقا، أمّا الفلسفة الجوهرانية الماهياتية، أي الفلسفة الأفلاطونية، فلا علاقة لها مباشرة بالأنظمة التيولوجيّة وبِكُتُبِها، من توراة وإنجيل وقرآن.
ينبغي علينا أن نَكُون صريحين وقاطعين هنا: الفرضيّة التي تقول بأن الأفكار الكلية المجرّدة، أو المُثل، هي كيانات ذات قِوام ثابت وأنها تحمِل دلالات ومَعانٍ خالدة، مهما كان التاريخ والسيرورة الكونيةّ، ليست من باب الدين ولا تَدخل في مشمولات الكتب المقدّسة أو تعاليمها اللاهوتية. بل إن الأطروحة المركزية التي نجد بذورها، أو تلميحاتها في تلك الكتب هي ألاّ شيء ثابت ولا توجد هناك قوانين تخضع لها صيرورة الكون، بل الكلّ مُعلّق بإرادة الله ومشيئته. والكائنات ليست لها خاصيات جوهرية مستقرّة، ولا شيء يملك في ذاته محمولا خاصا أو طبيعية لازمة تَجعله ضرورة يفعل أو يُنتج هذا المَفعول دون آخر. والإعتباطية تكتسح حتى الجانب الأخلاقي، لأنه بالنسبة للفكر الديني ليست هناك قيم متعالية ومستقلّة عن إرادة الله، ولا يُمكن حتى للعقل أن يُحسّن شيئا أو يُقبّحه، بل الكلّ مُسيَّر بيد الإرادة الإلهية ويمكن للفضيلة أن تنقلب رذيلة والعكس بالعكس. يقول الشريف الجرجاني في شرحه على « المواقف » للإيجي: « القبيح ما نُهيَ عنه شرعا والحُسن بخلافه، ولا حُكم للعقل في حُسن الأشياء وقبحها62»، وبالتالي فإن العمل القبيح ليس « عائدا إلى أمر حقيقي في الفعل يَكشِف عنه الشرع، بل الشرع هو المُثبت له والمُبيّن. ولو عَكَس [الشرع] القضية، فحَسَّن ما قبَّحَه وقبَّح ما حسَّنه، لم يكن ذلك مُمتنعاً63». إذن لا شيء ثابت في ذاته، ولا يُمكن للإنسان أن يعرف جوهر الخير والشرّ إن لم يُوقفه الشرع، وهذا في نهاية المطاف ما أخلص إليه اللاهوتيّون المسيحيون. لقد قال أوغسطينوس بأن الله يُعذب الولدان في نار جهنّم ولا يُعدّ ذلك شرّا في ذاته، وعلى نفس هذه الوتيرة يُؤكد اللاهوتي أبيلار (Abelard)، أن هذا العقاب لو صدر من طرف قاضٍ إنساني، يُعدّ ظلما « لكن لا يمكن أن نُسمِّيَ شرّا ما هو مفعول إرادة الإله العادلة. لأننا لا نستطيع أن نميّز الخير مِن الشرّ، إلاّ لأن الخير هو ما وافق الإرادة واستجاب إلى رغبة الله. ولذلك فإن بعض الأعمال، تبدو في ذاتها قبيحة جدّا، وبالتالي مُحرّمة، لكن يُمكن تُنجَز بأمر من الله64». النتيجة هي أنّ « كلّ تفريق بين الخير والشر يجب إحالته إلى إرادة العناية الإلهية… لا شيء إذن يمكن أن نحكم عليه بأنه خير أو شرّ، إلاّ ما كان مطابقا أو منافيا لهذه الإرادة الكاملة65». وطبقا لهذه المبادئ فالحصيلة النهائية محبطة جدّا ولكنها ضرورية: وهي أنه حتى إن لم نُدرك معنى تعذيب الولدان الغير مُعمَّدين، يجب الإعتراف بأن هذا التعذيب عادل66.
لكن، احقاقا للحق، يجب القول بأن فكرة الإعتباطية الإلهية لم تكن هي السائدة بين مفكري العالم الإسلامي والمسيحي لأن المعتزلة قالوا بأن الحاكم هو العقل « والفعل حَسَن أو قبيح في نفسه. والشرع كاشف ومُبيّن. وليس له أن يعكس القضيّة67». ولكن أكثر مَن حدس مخاطر هذه المواقف الإعتباطية على الفكر النظري هو الفيلسوف ابن رشد، لأن العلم اليقيني يتلاشى، إن تساوت الإمكانات واجتمعت الأضداد، (الحقيقة والخطأ، الخير والشرّ) أو عُلّقت بإرادة هي التي تقرّر المعنى دون قانون يضبطها: « أما إذا سَلّم المتكلمون أن الأمور المُتقابلة في الموجودات ممكنة على السواء وأنها كذلك عند الفاعل وإنما يختصّ أحد المتقابلين بإرادة فاعل ليس لإرادته ضابط يجري عليه، لا دائما، ولا في الأكثر، فكل ما يلزم المتكلمين من الشناعات يلزمهم. وذلك أن العلم اليقيني هو معرفة الشيء على ما هو عليه، فإذا لم يكن في الوجود إلاّ إمكان المتقابلين في حق القابل والفاعل فليس ههنا علم ثابت بشيء أصلا، ولا طرفة عين».
إنها نسبوية لاهوتية تشبه إلى حدّ كبير نسبوية بروتاغوراس الأنثربولوجية (الإنسان مقياس كلّ الأشياء)، وقد تؤدي أصلا إلى نوع من العدمية الشاملة التي تجعل من الأشياء أمورا جائزة وفاقدة لأية قيمة نظرية تُذكَر: ابن رشد عارض هذا الرأي لأنه يعتقد في وجود مبادئ ثابتة وغير خاضعة للجواز ولا يمكن حتى للإرادة الإلهية أن تغيّر من طبيعتها: « وأمّا أن الأمور ليست كلّها ممكنة فظاهر جدّا: فإنه ليس يمكن أن يكون الفاسد أزليّا ولا يمكن أن يكون الأزلي فاسدا كما أنه ليس يمكن في المثلّث أن تعود زواياه مساوية لأربع قوائم ولا في الألوان أن تعود مسموعات، والقول بهذا ضارّ في العلوم الإنسانية جدّا68».
ليست نظرية الجواز العامّ ضارّة في العلوم فقط، بل إنها تنسف مبادئ الأخلاق وتكرّس الإعتباط والنسبوية السفسطائية وتجعل كلّ فعل جائز، ويغيب أيّ معيار للتمييز بين الخير والشرّ: « وذلك أنه [حسب رأي الأشاعرة] ليس ههنا شيء هو خير بذاته بل بالوضع ولا شيء هو شرّ بذاته، ويمكن أن ينقلب الخير شرّا والشرّ خيرا فلا يكون ههنا حقيقة أصلا، حتى يكون تعظيم الأوّل وعبادته إنما هو خير بالوضع. وقد كان يمكن أن يكون الخير في ترك عبادته والإعراض عن اعتقاد تعظيمه، وهذه كلّها آراء شبيهة بآراء بروتاغوراس 69».
إن وقُوف أركون ضدّ أي نوع من التأصيل يبدو، للوهلة الأولى، أنّ له مبرراته الموضوعية، فالرجل يريد أن يسدّ الباب أمام الفكر الأصولي الذي يدّعي إرساء معتقداته على أسس ثابتة وبالتالي البرهنة على صحتها المطلقة، ومن ثَم اقصاء المعتقدات الأخرى. إلاّ أن النسبوية التي يدعو إليها أركون ويحاول » تأصيلها » تَخدم أوّلا وبالذات الأصوليين: لأن القول بأن المعرفة الإنسانية لا تُدرك جوهر الأشياء، والزعم بأن الحقيقة ليست إلاّ مجموعة من التأويلات الذاتية، يجعل مِن نسق العلوم العقلانية ونظام المعتقدات الدينية الأسطورية أمرين مُتكافئين: وبالتالي فإنه لا مُفاضلة بين الموقف الإيماني، من جهة، والموقف العقلاني النقدي، من جهة أخرى، بل إنه متعذّر علينا حتى التجرؤ على دحض الخرافات والأساطير، لأن إنتاج المعاني متساوٍ بين جميع التعابير الثقافية. وهو الذي اعترف بهذه النتيجة حينما قال: « لا أريد هنا تأكيد تَفوّق أحدهما على الآخر، وإنما أريد فقط التنبيه إلى الفروق التي تميز بينهما70».
أركون يشدّد كثيراعلى هذه النقطة، لأن مُهمّة الباحث، في رأيه، لا تكمُن في الكشف عن الحقائق واستنباط المجهول من المعلوم، بل « تكمُن في أشكلة كلّ الأنظمة الفكرية التي تُنتِج المعنى، وكلّ الصّيغ التي اختفت أو لا تزال حيّة والتي تُنتج بدون تمييز المعنى وآثار المعنى. هنا يكمن التفريق الأساسي بين الباحث التقليدي والباحث الحديث71». إستحالة التأصيل، وما تحمله من عدم القدرة على نيل الحقيقة يُدعّمه عقل كبيرهم72، أعني عقل بول ريكور، أو ما أسماه أركون بالعقل المُنبثق حديثا، الذي « يعتمد على نظرية التنازع بين التأويلات (Le conflit des interprétation) بدلا من الدفاع عن طريقة واحدة في التأويل والإستمرار فيها مع رفض الإعتراضات عليها حتى ولو كانت وجيهة ومفيدة73». وعلى هذا الأساس فهو يستخلص النتيجة السلبية التالية: لا يمكن لنا أن نُفاضل أو نَختار بين «عقلانية ابن رشد ضدّ الغزالي أو ابن سينا أو العكس74».
الهوامش:
1 محمد أركون، قضايا في نقد العقل الديني: كيف نفهم الإسلام اليوم؟، دار الطليعة، بيروت، ط. 3، 2004، ص، 48 ـ 49. 2 محمد أركون، تاريخية الفكر العربي الإسلامي، مركز الإنماء القومي، بيروت 1998، ص، 11. 3 محمد أركون، نفس المصدر (ن. م)، نفس الصفحة (ن. ص). 4 محمد أركون، ن. م، ن. ص. 5 محمد أركون، ن. م، ص، 13. (التشديد من عندي). 6 بخصوص العدمية النظرية التي استفحلت في الأوساط العلمية الغربية، أستسمح القارئ بإحالته إلى كتابي: نيتشه، هايدغر، فوكو. تفكيك ونقد، دار المعرفة، تونس 2004. 7 يقول أركون بخصوص هذه النقطة: «إن إعادة الإعتبار للفكر الأسطوري، في الغرب، تمثل ردّ فعل على مرحلة الإنتصار المتطرّف للعقل التكنيكي، المركزي ـ المنطقي، والوضعي (في القرن التاسع عشر وحتى منتصف هذا القرن). هكذا يبدو أن زمننا الراهن يمتاز بأنه يعترف، وللمرّة الأولى، بلأسطورة كأسطورة، وإدخالها مع كل قيمها الإيجابية (الواقعية) ضمن إطار معرفة تعدّدية. يسمح لنا هذا الوضع المعرفي الجديد، أن نفهم كيفية اشتغال الفكر الديني، دون أن نظطرّ إلى معاكسته بالرفض الإعتباطي للعقل المنطقي ـ المركزي». محمد أركون، الفكر الإسلامي. قراءة علمية، المركز الثقافي العربي ـ مركز الإنماء القومي، الدار البيضاء ـ بيروت، ط. 2، 1996، ص، 126. 8 محمد أركون، القرآن. من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني. دار الطليعة ـ بيروت، 2001. ص، 5. 9 ن. م، ص، ن. 10 محمد أركون، تاريخية الفكر العربي الإسلامي، م. س، ص، 24 ـ 25. 11 محمد أركون، قضايا في نقد العقل الديني، م. س، ص، 238. 12 محمد أركون، ن. م، ن. ص. 13 محمد أركون، القرآن. من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني م. س، ص، 6. 14 ن. م، ن. ص. 15 ن. م، ن. ص. 16 أرى أن كلام أركون هذا يناقض ما قاله في موضع آخر، أعني بالتحديد في كتاب « قضايا في نقد العقل الديني »، حيث ذهب إلى أن «العقل لم يكذّب وعوده في تبيان مقدرته على حلّ مشاكل الناس وبناء حضارة رائعة في هذه الأرض. ولو أنه خلف بوعده لانصرف الناس عنه». محمد أركون، قضايا في نقد العقل الديني، م. س، ص، 320. ولكنه في نفس ذاك الكتاب، يُعيد الكرة ويتهجّم على عقل التنوير، ملقيا عليه نفس التهم التي ألقيت عليه من قبل اللاعقلانيين الغربيين، ومناهضي التنوير من ميشيل فوكو وأمثاله: « ذلك أن العقل قد نسي جذوره الأولى ومعاركه التحررية الأصلية، وتحوّل إلى عقل مهيمن ومسيطر وبارد. لقد فقد طزاجته الأولية وبراءته الأصلية ككلّ العقائد التي تترسّخ وتنتصر. وهكذا يَرفع شعار العلمانية ويَستغيث بفولتير كلما لمح شبح الأصولية الإسلامية!». م. ن، ص، 264. 17 محمد أركون، القرآن. من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني م. س، ص، 6. 18 ن. م، ن. ص. 19 ن. م، ن. ص. 20 M. TERKESSIDIS, Kulturkampf. Volk, Nation, der Westen und die Neue Rechten, Kiepenheur & Witsch, Köln 1995 (trad., it., Tempi di reazione.a cura di F. Giorgi. Est, Milano 1999, pp. 38-39) 21 كلود ليفي شتراوس، العرق والتاريخ، ترج سليم حدّاد، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت 1997، ص، 6. « الخطيئة الأصلية للأنتروبولوجيا تكمن في الخلط بين الفكرة المحض بيولوجية للعرق (وذلك مع الإفتراض، أن هذه الفكرة يمكنها، حتى على هذه الأرضية المحدودة، إدعاء الموضوعية، الأمر الذي يخالفه علم الوراثة الحديث)، والنتاج الإجتماعي والنفساني للثقافات الإنسانية». 22 كلود ليفي شتراوس، ن. م، ص، 7. 23C. LÉVI-STRAUSS, Razza e cultura, in Lo sguardo da lontano, Torino 1984, p. 18. cit, in, TERKESSIDIS, ibidem. 24 كلود ليفي شتراوس، العرق والتاريخ، م. س، ص، 33. 25 ن. م، ص، 16. 26 ن. م، ن. ص. 27 ن. م، ص، 61. 28C. LÉVI-STRAUSS, ibid, p. 29. cit, in M. TERKESSIDIS, ibid, p. 40. 29 محمد أركون، الفكر الأصولي واستحالة التأصيل، دار الساقي، 2002. ص، 9. 30 محمد أركون، قضايا في نقد العقل الديني، م. س، ص، 315. 31 « ثم جاءت الحداثة وألحّت على تاريخية الحقيقة. وعلى الرغم من ذلك فإن الميتافيزيقا الكلاسيكية تشبّثت بمفهوم الحقيقة المطلقة المتعالية حتى بعد ظهور فلسفة التفكيك للمعنى والإشتباه بالنظريات العقلانية المتمركزة على اللوغوس أكثر منها على الميتوس (القصص) ولم يبتدئ العلماء بالتحدّث عن نهاية اليقينيات وتعددية أنظمة الحقيقة، على غرار تعدّد الأنظمة السياسية، إلاّ بعد الخمسينات والستينات من القرن العشرين (انظر أبحاث العالم البلجيكي إيليا بريغوجين)». محمد أركون، القرآن. من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني، م. س، ص، 10. 32 محمد أركون، الفكر الأصولي، ن. م، ص، 9. 33 من ينفي صفة جوهرية أو مبدأ أوليا من جهة فهو يثبته من جهة أخرى، هذا هو الخلف المنطقي الذي وقع فيه السفسطائيون الذين يبغون دحض مبدأ عدم التناقض: يكفي أنهم يتفوّهون بجملة مفيدة، تعني شيئا ما بالنسبة إليهم وللآخرين فإنهم يثبتون شيئا ما وبالتالي يعترفون بمدإ ما. 34 أرسطو، الميتافيزيقا، 1006أ 12 وما بعدها. 35 محمد أركون، الفكر الأصولي، م. س، ص، 176. 36 ن. م، ص، 177. 37 ن. م، ن، ص. 38 محمد أركون، تاريخية الفكر العربي الإسلامي، م. س، ص، 37. 39 ن. م، ن. ص. 40 ن. م، ص، 39. 41 محمد أركون، الفكر الأصولي واستحالة التأصيل، م. س، ص، 17. 42 ن. م، ن. ص. 43 محمد أركون، الفكر الإسلامي. نقد واجتهاد، م. س، ص، 241. 44 ن. م، ن. ص. 45 ن. م، ص، 242. 46 ج. دولوز و ف. غتاري، ما هي الفلسفة، ترجمة مطاع صفدي، مركز الإنماء القومي ـ المركز الثقافي العربي، بيروت ـ الدار البيضاء، 1997، ص، 30. 47 ج. دولوز و ف. غتاري، ما هي الفلسفة، م. س، ص، 35 ـ 36. 48 دولوز ـ غتاري، ن. م، ص، 30. 49 هذه قولة لأبي نصر الفارابي، إحصاء العلوم، دار ومكتبة الهلال، بيروت 1996، ص، 29. 50 دولوز يؤيد فكرة ذاتوية المفاهيم بأقوال نيتشه «ذلك لأنه حسب حِكَم نيتشه، لن تعرفوا أي شيء بواسطة المفاهيم إن لم تكونوا قد ابتدعتموها أوّلا». ن. م، ص، 32. 51 ج. دولوز، نيتشه والفلسفة، ترجمة أسامة الحاج، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت 1993، ص، 134. 52 M. FOUCAULT, Entretien avec M. Fontana, in Dits et écrits II, Gallimard, Paris 2001, p. 158. 53 M. FOUCAULT, Ibid, p. 159. 54 Ibidem. (التشديد من عندي) 55 ميشيل فوكو، الكلمات والأشياء، ترجمة جماعية، مركز الإنماء القومي، بيروت، 1990، ص، 306. (التشديد من عندي). 56 M. FOUCAULT, Dits et écrits II , ibid, p. 160. 57 أ. ريفوس و ب. رابينوف، ميشيل فوكو. مسيرة فلسفية، مركز الإنماء القومي، د. ت. بيروت، ص، 188. 58 بخصوص علاقة أركون بفكر ميشيل فوكو انظر: الزواوي بغورة، ميشيل فوكو في الفكر العربي المعاصر، دار الطليعة، بيروت، 2001. ص، 66 ـ 87. مع كلّ التحفظات اللازمة، لأن هذا الكاتب يكاد يخلو من الروح النقدية. 59 أبو الوليد بن رشد، تهافت التهافت، دار المشرق، بيروت 1987، طبعة 2، ص، 542. وقد سبق لإبن رشد أن عرض آراء المتكلمين بخصوص هذه النقطة، قائلا: « وقد ذهب بعض الإسلاميين إلى أن الله تعالى يوصَف بالقدرة على اجتماع المتقابِلين. وشِبهتهم أن قضاء العقل مِنّا بامتناع ذلك إنما هو شيء طُبِع عليه العقل، فلو طُبع طبعا يقضي بإمكان ذلك لما أنكر ذلك ولَجوَّزَه. وهؤلاء يلزمهم ألاّ يكون للعقل طبيعة مُحصّلة، ولا للموجودات، ولا يكون الصدق الموجود فيه تابعا لوجود الموجودات. فأما المتكلمون فاستحيوا من هذا القول، ولو رَكِبوه لكان أحفظ لوضعهم مِن الإبطالات الواردة عليهم في هذا الباب من خصومهم، لأنهم يطلبون بالفرق بين ما أثبتوه من هذا الجنس وبين ما نفوه، فيعسر عليهم، بل لا يجدون إلاّ أقاويل مُموَّهة، ولذلك نجد مَن حذقَ في صناعة الكلام قد لجأ أن يُنكر الضرورة التي بين الشرط والمشروط وبين الشيء وحدّه، وبين الشيء وعلّته، وبين الشيء ودليله، وهذا كلّه تبحّر في رأي السفسطائيين». م. ن، ص، 541 ـ 542. 60 محمد أركون، تاريخية الفكر العربي الإسلامي، م. س، ص، 12. (التشديد من عندي). 61 م، س، ص، ن. 62 الشريف الجرجاني، شرح المواقف للإيجي، دار الجيل، بيروت 1997، ج. 3، ص، 261. 63 الشريف الجرجاني، ن. م، ص، 262. 64 A. MICHEL, art, Volontarisme, in Dictionnaire de théologie catholique,. Librairie Letouzey et Ané, Paris 1950. T. XV, 2 partie, col. 3310. 65 Ibidem. 66 In epist. ad Rom., 1. II, c. v, P. L., t. CLXXVIII, col. 869. cit, in A. MICHEL, art, Volontarisme, in Dictionnaire de théologie catholique, op., cit, col. 3310. 67 الشريف الجرجاني، شرح المواقف للإيجي، م. س، ص، 262. 68 ابن رشد، رسالة ما بعد الطبيعة، تحقيق رفيق العجم وجيرار جهامي، دار الفكر اللبناني، بيروت 1994. ص، 172 ـ 173. (التشديد من عندي) 69 ابن رشد، ن. م، ص، 173. 70 محمد أركون، الفكر الأصولي واستحالة التأصيل، ص، 40. 71 ن. م، ص، 22. 72 هكذا يصفه محمد أركون قائلا بأن بول ريكور هو: « أحد كبار فلاسفة فرنسا حاليا، إن لم يكن كبيرهم». محمد أركون، الفكر الإسلامي. نقد واجتهاد، م. س، ص، 250. (التشديد من عندي). 73 محمد أركون، الفكر الأصولي واستحالة التأصيل، م. س، ص، 14. 74 محمد أركون، ن. م، ن، ص.