السبت، 14 يوليو 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2608 du 14.07.2007
 archives : www.tunisnews.net
 

 


 

عبدالله الطاهر عبدالله الــزواري :عريضة دعوى مدنية

عبدالله الطاهر عبدالله الــزواري :عريضة دعوى جزائية

صحيفة « المستقبل » :جزائري وتونسي دخلا عبر سوريا للقتال ضد الجيش في « البارد »

صحيفة « الحياة »:تونس: تقارب مع إيران ومصالحة مع الكويت

 

وكالة تونس افريقيا للأنباء:الرئيس زين العابدين بن علي يستقبل وزير الخارجية الايراني
جريدة « الصباح » :الرئيس بن علي يستقبل وزير الخارجية الايراني

وكالة الأنباء الإيرانية :الرئيس التونسي يؤكد حق ايران في امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية
صحيفة « الحياة »:صفقة «سما دبي» لاستصلاح ضفاف البحيرة تثير جدلاً في البرلمان التونسي
موقع « مغاربية » :مائدة مفتوحة حول التطرف والإعـلام
محسن المزليني:ندوة: عجز المعارضة عن التغيير: الكتلة التاريخيّة هي الضرورة الغائبة

توفيق العياشي :فرقاء أتحاد الطلبة يعلنون الحرب:عصي وهراوات وأسلحة بيضاء..في انتظار » أم المعارك »؟؟؟

محمد العروسي الهاني:مقترحات جديدة بمناسبة الذكرى الخمسين لعيد الجمهورية

الشيخ العربي العكرمي: إلى متى ستتواصل هذه المصادرة ؟

سلوى الشرفي: أخ الهاشمي:الغربة لها وجوه عدة

صحيفة « الوطن »: « لماذا رفض السيد عماد الدين الحمروني الإجابة عن الأسئلة التي وجهتها إليه « الوطن »؟

مصطفى عبدالله الونيسي: تعدد الصور و الاشكال لمحاربة الدعوة الجديدة

الهادي بريك: الإمام القرضاوي آخر مجدد لآخر مائة.

د.أحمد القديدي :هل نحن في مرحلة تقسيم غنائم القرن الحادي و العشرين؟

توفيق المديني :سيناريوهات لتجديد المؤسسات المالية الدولية

جريدة « الصباح » : « ذكريات وخواطر » في طبعة جديدة
جريدة « الصباح » :ماذا خسر مهرجان قرطاج الدولي من غياب مسرحية «خمسون»؟
جريدة « الصباح » :المفكر الحبيب الجنحاني في إصدار حواري:التصحّر الثقافي يكتسح المجال العربي برمته
عمر كوش: مشكلة الثقافة عند مالك بن نبي … اشكالية بُعدها التربوي وعلاقتها بالتاريخ
ميدل ايست اونلاين :لجنة أممية – لا شرعية للحكم الصادر بحق عباسي مدني


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 

قناة الحوار التونسي

الكلمة الحرة قوام الوطن الحر برنامج حصة اليوم الاحد15جويلية2007

 
النشرة الأسبوعية للأخبار وتتضمن: تغطية  للندوة التي استضافها الحزب الديمقراطي التقدمي بمناسبة الاحتفال بخمسينية اعلان الجمهورية تغطية لانتخابات فرع تونس للمحامين بفضاء المشتل شهادة لصالح العويتي الناشط في الاتحاد العام لطلبة تونس اثر الاعتداء عليه بالعنف من طرف رفاقه في اتحاد الطلبة مقطفات من الندوة التي نظمتها ما يسمى بلجنة الإعداد للمؤتمر الموحد في المقر العام لاتحاد الطلبة. _ حكاية مواطن: التي تلقي الضوء هذا الأسبوع على مأساة عائلة تقتات من بيع القوارير المستعملة في حي الصحافة باريانة. _ حوار مع السيدة خديجة الشريف رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات حول موضوع الدعم المالي ومنع نشاطات الجمعية. _حوار مع السيد محمود الذوادي الكاتب العام للمكتب القديم لنقابة الصحففين التونسيين حول الصعوبات والعراقيل التي تواجه مساعي عقد المؤتمر التأسيسي للنقابة. _ إعادة بث ملخص للحوار الذي أجرته قناة الحوار التونسي وجريدة مواطنون مع ممتثلين عن فرقاء الاتحاد العام لطلبة تونس. وتتخلل برمجة هذا الاسبوع فواصل موسيقية وشعرية لكل من: الشاعر المناضل صغير أولاد احمد الشاعر الساخر سليم ساسي مجموعة البحث الموسيقي مجموعة الحمائم البيض. وتجدر الملاحضة أن جميع الاتهامات والتهجمات التي سترد بشهادة الناشط صالح العويتي لاتلزم طاقم قناة الحوار التونسي الذي يتعامل مع جميع فرقاء المنظمة الطلابية وجميع الاطراف السياسية على قدم المساواة دون انحياز أوتوظيف خدمة للحقيقة وذودا عن أخلاقيات المهنة الصحفيية كما نؤكد ان حق الرد مكفول لكل من تطوله الاتهامات التي ترد على السنة الضيوف. الطاقم الحر المستقل لقناة الحوار التونسي-


الحمد لله وحده

عريضة دعوى مدنية

 
جرجيس في 14 جويلية 2007 السيد قاضي ناحية جرجيس: العارض: عبدالله الطاهر عبدالله الـزواري            الضد: البريد التونسي و « وستاريونيون »                                                            في شخض ممثليهما القانونيين.                            تحية تليق بالمقام: و بعـــد: إني العارض عبدالله بن الطاهر بن عبدالله الــــزواري صاحب بطاقة تعلريف وطنية رقم 4001783 الصادرة بتاريخ  05 جويلية2002  أعلم سيادتكم أن البريد التونسي امتنع عن تسليمي حواة بريدية ذات الرقم السري 0361912727 واردة باسمي بدعوى حضور شخص آخر يحمل نفس الهوية و تسلم الحوالة بدلا عني.. علما بأن الرقم السري الذي بلغني عن طريق الهاتف لم أسلمه لأحد. بطاقة تعريفي الوطنية لم افقدها يوما واحدا. أني لم أسلم بكاقة تعريفي لأي كان. لم أوكل أحدا ليقوم مقامي. لدا فالملتمس من الجناب التفضل بإلزام المطلوبين تضامنا بأداء مبلغ الحوالة المقدر ب560670 مليما تونسيا. و السلام عبدالله الطاهر عبدالله الــزواري الخريبة – شماخ جرجيس

الحمد لله وحده

عريضة دعوى جزائية

 
جرجيس في 14 جويلية 2002  
إلى السيد قاضي ناحية جرجيس العارض: عبدالله الطاهر عبدالله الزواري تحية تليق بالمقام و بعد: فإني العارض عبدالله بن الطاهر بن عبدالله الزواري صاحب بطاقة تعريف وطنية رقم 4001782 صادرة بتاريخ 5 جويلية 2002 أعلم جنابكم أنه و بناء على مكالمة هاتفية جرت بعد الساعة الثامنة مساء من يوم الثلاثاء10 جويلية 2007، مع أحد أصدقائي أعلمني فيها بتحويله  لصالحي مقدارا ماليا عبر شركة « وستارن يونيون » بإمكاني تسلمها من مختلف فروع البريد التونسي و أعطاني الرقم السري للحوالة عبر الهاتف ( و الرقم السري هو: 0361912727)… و في صبيحة يوم الأربعاء و على الساعة الثامنة و خمس و أربعين دقيقة كان دوري امام نافذة مركز البريد بحاسي الجربي و بعد إتمام الاجراءات سألني الموظف بالبريد السيد محمد الجلوالي إن كنت ذهبت إلى مركز بريد آخر فأعلمته بالنفي.. و بعد اتصالات قام بها أعلمني بأن الحوالة سحبت …فبادرت بمهاتفة صديقي مرسل الحوالة للتثبت من الأمر، فوقع إعلامه بأن الحوالة سحبت على الساعة الثامنة و 24 دقيقة من قبل شخص يحمل نفس الهوية و لديه الرقم السري الخاص بالحوالة… و بناء على أني: لم أسلم الرقم السري لأي كان و لم يستمع إليه أحد من المواطنين العاديين .. و أني لم أسلم بطاقة تعريفي الوطنية لأي كان كذلك. و أني لم أفقد بطاقة تعريفي منذ يوم تسلمتها بتارسخ 5 جويلية 2002. و أني لم أوكل أحدا ليقوم مقامي. لذا فإني أرجو فتح بحث تحقيقي في الاختلاس و الانتحال و التدليس و غيرها من الجرائم التي تشوب هذه القضية و السلام عبدالله الزوار الخريبة – شماخ جرجيس


جزائري وتونسي دخلا عبر سوريا للقتال ضد الجيش في « البارد »

 
تابع قاضي التحقيق العسكري الأول رشيد مزهر تحقيقاته في ملف تنظيم « فتح الاسلام »، فاستجوب ثلاثة موقوفين بينهم تونسي وجزائري وأصدر بحقهم مذكرات توقيف وجاهية. وذكرت مصادر مطلعة ان احد عناصر « عصابة العبسي »، وهو لبناني قد تمكن عبر الحدود اللبنانية السورية من إدخال التونسي والجزائري إلى لبنان بهدف القتال في صفوف فتح الاسلام في مخيم نهر البارد وذلك قبل نحو أسبوعين. وذكرت المصادر ان الجيش تمكن من إلقاء القبض عليهم قبل وصولهم إلى المخيم في منطقة طرابلس. من جهة اخرى، استأنفت النيابة العامة العسكرية قرار القاضي مزهر بترك ثلاثة موقوفين من خلية « برالياس » بسند إقامة. (المصدر: صحيفة « المستقبل » (يومية – لبنان) الصادرة يوم 13 جويلية 2007)

الرئيس زين العابدين بن علي يستقبل وزير الخارجية الايراني

 
قرطاج 13 جويلية 2007 (وات) كانت العلاقات التونسية الايرانية وآفاق دعم التعاون الثنائي أبرز محاور استقبال الرئيس زين العابدين بن علي ظهر يوم الجمعة للسيد مانوشهر متقي وزير الخارجية الايراني الذي عبر عن تشرفه بلقاء رئيس الدولة مبينا أنه نقل الى سيادة الرئيس رسالة مودة وتقدير من أخيه الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد وتحياته الحارة ومعربا عن اعجابه بشخصية الرئيس زين العابدين بن علي. وأضاف أن اللقاء الذي ساده جو ودي وأخوي تناول العلاقات الثنائية وسبل تطوير التعاون القائم بين تونس وايران مبرزا أهمية الاتفاقية التفاضلية الموقعة بين البلدين في تيسير وتكثيف المبادلات التجارية بينهما واستعداد بلاده لاعطاء دفع جديد للتعاون الاقتصادي. كما أبرز ما يجمع بين الشعبين التونسي والايراني من علاقات ودية وعريقة ومن افاق واعدة للتعاون الثقافي. وعلى صعيد آخر أفاد وزير الخارجية الايراني أن المحادثة تناولت التطورات الجارية في كل من العراق ولبنان وفلسطين. وجرى اللقاء بحضور وزير الشؤون الخارجية وسفير ايران بتونس. (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 13 جويلية 2007)

الرئيس التونسي يؤكد حق ايران في امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية

 
طهران / ‪ ۱۴تموز / يوليو / ارنا اكد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي ،حق ايران في امتلاك التكنولوجيا النوويه السلميه وقال ان ايران لاتسعي الي انتاج السلاح النووي وان كافه نشاطاتها سلميه وتتم في اطار معاهده حظر الانتشار النووي واضاف الرئيس بن علي لدي اجتماعه اليوم السبت الي وزير الخارجيه الايراني منوجهر متكي ،ان الشعب الايراني شعب عظيم وكان دوما موضع فخر للامه الاسلاميه. ووجه الرئيس التونسي الدعوه الي الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد لزياره تونس وقال ان بلاده ترحب بمشاركه الشركات والخبراء الايرانيين في برامج الخطه التنمويه الخسميه في بلاده. وبخصوص القضايا الاقليميه قال الرئيس بن علي ان مواقف ايران وتونس مشتركه بخصوص افغانستان ولبنان وفلسطين والعراق ونعتقد بانه علي الفصائل الفلسطينيه تسويه مشاكلها بالحوار. من جانبه ابلغ وزير الخارجيه منوجهر متكي تحيات الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الحاره للرئيس التونسي وقال ان اراده مسوولي البلدين مبنيه علي تعزيز العلاقات واستخدام الامكانيات المتاحه لرفع مستوي العلاقات الاقتصاديه. وشرح متكي في اللقاء اوضاع العراق وافغانستان ولبنان وفلسطين. (المصدر: وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) الرسمية بتاريخ 14 جويلية 2007) الرابط: http://www2.irna.ir/ar/news/view/line-26/0707141040173555.htm

تونس: تقارب مع إيران ومصالحة مع الكويت

 
استقبل الرئيس زين العابدين بن علي أمس وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي الذي أنهى زيارة لتونس استمرت يومين. وقالت مصادر إيرانية إن المحادثات تطرقت إلى آفاق تعزيز العلاقات الثنائية خصوصاً في المجالات الاقتصادية والتربوية والثقافية وآخر تطورات الأزمة النووية بين طهران والولايات المتحدة. وأتت زيارة متقي لتونس بعد أسبوع من زيارة مماثلة قام بها للجزائر، ما عكس رغبة طهران في تطوير العلاقات مع البلدان المغاربية. وكان شقيق مرشد الثورة في إيران آية الله محمد خامنئي (وهو رئيس مؤسسة «الحكمة الإسلامية للمُلا صدرا» في طهران) أدار في تونس أخيراً ندوة فكرية أقامها المركز الثقافي الإيراني الذي باشر العمل في آذار (مارس) الماضي، فيما أدى وزير التعليم العالي التونسي الأزهر بوعوني زيارة رسمية لطهران أواخر الشهر الماضي ووقع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال التعليم العالي. من جهة أخرى كلف الرئيس بن علي وزير خارجيته عبدالوهاب عبدالله قيادة الوفد التونسي للاجتماع الأول للجنة التونسية – الكويتية، وهي خطوة كرّست مصالحة بطيئة ومتعرجة بين البلدين منذ الخلاف الذي اندلع بينهما في أعقاب الاجتياح العراقي للكويت في صيف العام 1990. وتعطلت في أعقاب تلك الأزمة اجتماعات اللجنة المشتركة وتوقفت الرحلات الجوية بين العاصمتين وتراجعت حماسة الكويتيين في تونس، إلا أن مسار المصالحة انطلق من جولة قام بها وزير الخارجية السابق حبيب بن يحيى على بلدان الخليج لطي صفحة التباعد ومعاودة العلاقات الطبيعية. وأفيد أمس أن اللجنة المشتركة تجتمع في الكويت الثلثاء والأربعاء المقبلين. وفي سياق متصل، أرسل بن علي وزير خارجيته موفداً خاصاً إلى الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، وأفيد أن عبدالله ينقل رسالة تخص فحوى المحادثات التي أجراها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الثلثاء خلال زيارة قصيرة لتونس تناول خلالها العشاء إلى مائدة بن علي. وكان القذافي أوفد وزير الاتصال الخارجي والتعاون (الشؤون الخارجية) عبدالرحمن شلقم إلى بن علي الإثنين الماضي وطلب منه السعي لمعرفة تفاصيل عن مشروع «الاتحاد المتوسطي» من ساركوزي. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 14 جويلية 2007)


الرئيس بن علي يستقبل وزير الخارجية الايراني

 
قرطاج (وات) ـ كانت العلاقات التونسية الايرانية وآفاق دعم التعاون الثنائي أبرز محاور استقبال الرئيس زين العابدين بن علي ظهر امس الجمعة للسيد مانوشهر متقي وزير الخارجية الايراني الذي عبر عن تشرفه بلقاء رئيس الدولة مبينا أنه نقل الى سيادة الرئيس رسالة مودة وتقدير من أخيه الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد وتحياته الحارة ومعربا عن اعجابه بشخصية الرئيس زين العابدين بن علي. واضاف أن اللقاء الذي ساده جو ودي وأخوي تناول العلاقات الثنائية وسبل تطوير التعاون القائم بين تونس وايران مبرزا أهمية الاتفاقية التفاضلية الموقعة بين البلدين في تيسير وتكثيف المبادلات التجارية بينهما واستعداد بلاده لاعطاء دفع جديد للتعاون الاقتصادي. كما ابرز ما يجمع بين الشعبين التونسي والايراني من علاقات ودية وعريقة ومن افاق واعدة للتعاون الثقافي. وعلى صعيد اخر أفاد وزير الخارجية الايراني أن المحادثة تناولت التطورات الجارية في كل من العراق ولبنان وفلسطين.  وجرى اللقاء بحضور وزير الشؤون الخارجية وسفير ايران بتونس (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 14 جويلية 2007)

تونس: تقارب مع إيران ومصالحة مع الكويت

 
تونس – الحياة     استقبل الرئيس زين العابدين بن علي أمس وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي الذي أنهى زيارة لتونس استمرت يومين. وقالت مصادر إيرانية إن المحادثات تطرقت إلى آفاق تعزيز العلاقات الثنائية خصوصاً في المجالات الاقتصادية والتربوية والثقافية وآخر تطورات الأزمة النووية بين طهران والولايات المتحدة. وأتت زيارة متقي لتونس بعد أسبوع من زيارة مماثلة قام بها للجزائر، ما عكس رغبة طهران في تطوير العلاقات مع البلدان المغاربية. وكان شقيق مرشد الثورة في إيران آية الله محمد خامنئي (وهو رئيس مؤسسة «الحكمة الإسلامية للمُلا صدرا» في طهران) أدار في تونس أخيراً ندوة فكرية أقامها المركز الثقافي الإيراني الذي باشر العمل في آذار (مارس) الماضي، فيما أدى وزير التعليم العالي التونسي الأزهر بوعوني زيارة رسمية لطهران أواخر الشهر الماضي ووقع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال التعليم العالي. من جهة أخرى كلف الرئيس بن علي وزير خارجيته عبدالوهاب عبدالله قيادة الوفد التونسي للاجتماع الأول للجنة التونسية – الكويتية، وهي خطوة كرّست مصالحة بطيئة ومتعرجة بين البلدين منذ الخلاف الذي اندلع بينهما في أعقاب الاجتياح العراقي للكويت في صيف العام 1990. وتعطلت في أعقاب تلك الأزمة اجتماعات اللجنة المشتركة وتوقفت الرحلات الجوية بين العاصمتين وتراجعت حماسة الكويتيين في تونس، إلا أن مسار المصالحة انطلق من جولة قام بها وزير الخارجية السابق حبيب بن يحيى على بلدان الخليج لطي صفحة التباعد ومعاودة العلاقات الطبيعية. وأفيد أمس أن اللجنة المشتركة تجتمع في الكويت الثلثاء والأربعاء المقبلين. وفي سياق متصل، أرسل بن علي وزير خارجيته موفداً خاصاً إلى الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، وأفيد أن عبدالله ينقل رسالة تخص فحوى المحادثات التي أجراها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الثلثاء خلال زيارة قصيرة لتونس تناول خلالها العشاء إلى مائدة بن علي. وكان القذافي أوفد وزير الاتصال الخارجي والتعاون (الشؤون الخارجية) عبدالرحمن شلقم إلى بن علي الإثنين الماضي وطلب منه السعي لمعرفة تفاصيل عن مشروع «الاتحاد المتوسطي» من ساركوزي. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 14 جويلية 2007)

مائدة مفتوحة حول التطرف والإعـلام

 
نظمت دار الصباح الإعلامية مائدة مفتوحة للنقاش الخميس 12 يوليو حول دور الإعلام في محاربة التطرف وهي تدخل في سلسلة من النقاشات التي تنظمها المنظمة غير الحكومية ديفي DEFI (تحدي) بالتعاون مع مبادرة الشرق الأوسط للشراكة. جمال العرفاوي لمغاربية من تونس – 13/07/2007 أقامت مجموعة دار الصباح الاعلامية يوم الخميس 12 يوليو مائدة للنقاش حول دور الاعلام في التصدي و محاربة التطرف نظمتها جمعية « ديفي ». اتفق المشاركون على ضرورة مراجعة المادة الإعلامية في المنطقة لمعرفة مدى فعاليته لمنع الزحف المتطرف. وحضر المائدة المفتوحة السيد رئيس شيخ روحه رئيس مجموعة دار الصباح الاعلامية التي نظمت اللقاء، ومجموعة من الإعلاميين والنقاد وجامعيين من منطقة المغرب العربي. واشتكى الجامعي فرحات الدريسي من التحول السلبي الذي شهده الإعلام على الساحة الدولية بعيد تفجيرات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة.  » لقد كان الإعلام الى حد ما قبيل الكارثة وسيلة تحاور بين الناس إلا أنه تحول شيئا فشيئا إلى جزء من المشكلة ». الدريسي اتهم الإعلام العربي بالقصور والعجز عن الارتقاء إلى مستوى الحدث بسبب ما أسماه  » قيادة أهل السياسة للسلطة الرابعة ». أوضح الدريسي بأن نظرتنا إلى أن الغرب هو غرب واحد هي  » نظرة خاطئة إذ لا يوجد غرب واحد يفكر بنمط واحد » . سلوى الشرفي أستاذة الصحافة تساءلت إن كان بالإمكان تصنيف وسائل الإعلام الى صنفين » صنف ينشر ثقافة السلام وآخر ينشر ثقافة الكراهية »، الشرفي حملت على الجزيرة واتهمتها بمساندة الخطاب المتطرف عبر بثها لأشرطة بن لادن على الهواء  » ،على الرغم من أننا نعرف مسبقا محتواها وهي الدعوة الى قتل اليهود والنصارى « . ورفض الجامعي حمادي الرديسي بدوره سياسة الاوف الشور التي تمارسها العديد من وسائل الاعلام المحلية في تونس وقال إنهم « في حين يعتبرون ما تقوم به الجماعات من أعمال إرهابية تطرفا وهذا صحيح أما ما يقوم به متطرفون آخرون في أفغانستان أو العراق أو الصومال فإنهم يبحثون لهم عن توصيفات أخرى « . أما أستاذ الصحافة العربي شويخة فقد أكد على أن الحق في الإعلام هو حق أساسي ولا يمكن المجادلة في ذلك  » لأن المطلوب الآن هو مراجعة المواد التي تدرسها كليات الإعلام لأن الكثير من الحقائق تغيرت ». وقال شويخة إن العديد من وسائل الإعلام الغربية قامت بمحاسبة ذاتية ومراجعة دقيقة لما قدمته من مادة إعلامية أثناء الحرب الأخيرة على العراق، وأنه على الصحافة في المنطقة محاولة القيام بنفس الشيء. السيدة إقبال الغربي الأستاذة بكلية الشريعة تحدثت عن الانتشار الملفت للمواقع الإسلامية الموجهة للمرأة والتي تجاوزت على حد قولها العشرون موقعا  » التي تدعو بعضها صراحة للجهاد وتقدم النصح والمشورة للنساء لتحقيق تلك الأهداف « . أما خميس الخياطي المتخصص في النقد السينمائي فقد تحدث عن سطوة الاعلام السعودي وهيمنته على أهم الفضائيات العربية، كما كشف عن الأساليب التي تستخدمها الجماعات المتطرفة لإيصال خطابها للجمهور العريض . الجامعي والإعلامي بصحيفة الوطن الجزائرية بلقاسم مصطفى طالب من المشاركين في الحوار ألا يلوموا الإعلام الغربي وطالب  » بأن تقوم الصحف المحلية بدورها لمواجهة التطرف ومنع انتشاره « . هذه الطاولة المستديرة هي الرابعة من نوعها وهي فكرة حديثة قامت ببعثها جمعية ديفي أي التحدي وهي جمعية غير حكومية تونسية تسعى إلى تشريك الرأي العام للتحول إلى منتدى عام بهدف خلق ملكة الحوار وتبادل الآراء. وبفضل دعم ماديّ من مبادرة الشّراكة مع الشّرق الأوسط » ميبي  » قامت مؤسّسة ديفي بتدشين جلستها الأولى في سلسلة من الجلسات المنعقدة في هذا المنتدى والتي جمعت وزراء وممثلين من القطاع الخاص، ومدرسين وصحافيين وغيرهم من أصحاب الشأن للإدلاء بآرائهم بخصوص قضايا الساعة المؤثرة. (المصدر: موقع « مغاربية » (ممول من طرف وزارة الدفاع الأمريكية) بتاريخ 13 جويلية 2007) الرابط: http://www.magharebia.com/cocoon/awi/xhtml1/ar/features/awi/features/2007/07/13/feature-01

 

صفقة «سما دبي» لاستصلاح ضفاف البحيرة تثير جدلاً في البرلمان التونسي

 
تونس – سميرة الصدفي  أثار الاتفاق الذي توصلت إليه الحكومة التونسية ومجموعة «سما دبي» الإماراتية لاستصلاح ضفاف بحيرة تونس الجنوبية واستثمارها عقارياً، جدلاً حاداً في البرلمان التونسي أمس. إذ اعترض أحد نواب المعارضة عليه بشدة، ما حمل وزيري العدل والتعاون الدولي على الدفاع عن الصفقة بقوة. ورأى النائب ثامر إدريس في مشروع القانون الخاص بهذا الاتفاق «انتقاصاً للسيادة الوطنية كونه يُجيز للشركة المستثمرة الاستحواذ على املاك عامة بحرية»، واصفاً هذه الخطوة بـ «الاستيطان الأجنبي في بلادنا». ومساحة المشروع 830 هكتاراً وتقدر تكلفته بـ 14 بليون دولار، ويرمي الى إقامة مدينة تتسع لـ 500 ألف شخص على ضفاف البحيرة الواقعة جنوب العاصمة تونس. ويُتوقع أن يُؤمن 80 ألف فرصة عمل، تساهم في الحد من نسبة العاطلين من العمل المُقدرة الآن بـ 15 في المئة من القوى العـاملة في سن العمل بأربع نقاط. ورد نواب «التجمع الدستوري الديموقراطي» (الحاكم) على زميلهم المعارض، فأكدوا أن المشروع «سيؤمن مجمعات متكاملة عقارية وسكنية وتجارية وخدماتية، إضافة الى المرافق المتصلة بها، كما سيساهم في دفع التنمية والتحكم بالموازنة». وأعلن وزير التنمية والتعاون الدولي محمد نوري الجويني أن المشروع سيساعد تونس على «تقليص المديونية الخارجية ويساهم في رفع نسبة النمو إلى 6 في المئة خلال سنوات خطة التنمية الـ 11 (2007 – 2011)، في مقابل 5 في المئة فقط الآن». وأكد «التفاوض في شأن كل الخصوصيات مع الشركة المستثمرة، وأُسندت امتيازات استثنائية خاصة، لجهة الحجم وليس المبدأ باعتبار أن الاتفاق يخضع للقانون التونسي وليس في الاتفاق أي امتياز مادي». وأوضح أن 90 في المئة من تمويل المشروع «سيكون بالعملة الأجنبية بهدف خفض مستوى المديونية». ونفى وزير العدل بشير التكاري أن يكون الاتفاق المُوقع مع «سما دبي» «انتقاصاً من سيادة تونس باعتبار أن الأمن والإدارة داخل المشروع الاستثماري سيكونان من مهمات الدولة التونسية». وصادق المجلس النيابي في ختام الجلسة على مشروع القانون بالأكثرية، وتحفظ ثلاثة نواب من «حركة التجديد» المعارضة للمشروع. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 14 جويلية 2007)


 
 
 


 

ندوة: عجز المعارضة عن التغيير: الكتلة التاريخيّة هي الضرورة الغائبة

 
محسن المزليني لماذا عجزت المعارضات عن تغيير هذا المشهد السياسي القاتم في الوطن العربي؟ وهل أنّ مفهوم « الكتلة التاريخيّة » هو خشبة الإنقاذ لتجاوز الانحباس السياسي؟ ماهي الأصول الفكرية لهذا المفهوم من خلال تنظيرات المفكّر المغربي محمّد عابد الجابري؟ وهل غيّر اعتماد هذه النظريّة في الممارسات السياسية للأحزاب المغربيّة؟ كانت هذه الأسئلة وغيرها كثير مدار نقاش مستفيض بمنتدى الجاحظ مساء الثلاثاء 26 جوان، بحضور مثقفين مغربيين هما المختار بنعبدلاوي رئيس شعبة الفلسفة في جامعة المحمدية وجمال بن دحمان المختصّ في تحليل الخطاب، إضافة إلى زمرة من الجامعيين والمثقفين التونسيين. غرامشي ولحظة التأسيس ابتدأت الجلسة بمحاضرة الأستاذ بن دحمان التي حدّد لها نقاطا أربعة هي: الأصول الفكريّة لمفهوم الكتلة التاريخيّة و قراءة الجابري له، وعلاقة ذلك بنسقه الفكري العام والحاجة إلى الخروج بالمفهوم من النّظري إلى الإجراءات العملية. أكّد الباحث أنّ هذا المفهوم يعود في أصوله الاستعمالية والفكرية إلى عالم اللسان والفيلسوف والناشط السياسي اليساري الإيطالي أنطونيو غرامشي، كحاجة ضرورية وبرنامج عمل للخروج من مأزق الضّعف وعدم الفاعلية التي تردّت فيه قوى التغيير. وقد مثّل هذا المفهوم تحديا لكلّ الإيديولوجيات السائدة أنذاك بما فيها الإيديولوجية الماركسية التي كان غرامشي أحد منظريها، ذلك أنّ التواضع على مسلّمة مفادها استحالة أن يقدر أيّ تيّار منفردا على آداء المهام التاريخيّة المطروحة عليه، شكّل تجاوزا للرؤى الأحادية التي كانت تعتبر أنّ التغيير مرتبط بإيديولوجياتها المعقود بنواصيها الخير: حزب طليعي، طبقة قائدة، زعماء دينيين… وكلّ يتغنّى بليلاه. اعتبر غرامشي أنّه لا مفرّ من تأسيس كتلة تؤدّي هذه المهمّة التغييرية لفائدة الجميع، كتلة تضمّ أقطابا متعدّدة مختلفة في مرجعياتها تحتكم إلى برنامج محدّد الأهداف لا يستثني أحدا بسبب اختلافه السياسي أو الفكري. زعزعت هذه الرّؤية المسلّمات… الإطمئنان الإيديولوجي العقيم لتنفتح على الآخر أيّا كان موقفه أو موقعه. أسّس غرامشي لرؤية منفتحة ترى أنّّ الشمال الإيطالي الغنيّ والعلماني لا بدّ له من خلق كتلة تاريخيّة مع الجنوب الفقير الذي يسيطر على مجاله الفكر الديني الكنسي. وبذلك اعتبر أنّه يجب الإعتراف بالكنيسة كقوّة موضوعية وبالتصوّرات التي تنطلق من المرجعيّة الدينيّة. الجابري ولحظة التكييف ثمّ انتقل الباحث إلى الحديث عن رؤية الجابري إلى هذا المفهوم ليلاحظ أنّ أوّل استعمالاته كان في بداية الثمانينات نتيجة التحوّلات الكبرى التي شهدها العالم الإسلامي وانتصار الثورة الإيرانية التي اعتبرها الجابري نجاحا لمفهوم الكتلة التاريخية نظرا إلى أنّ هذه الثورة كانت ائتلافا بين علماء الدين والمثقفين والفعاليات الإقتصادية (البازار). غير أنّ هذا العقد سرعان ما انفرط بعد تولّي علماء الدين السّلطة. ولأنّ المفهوم وُلد في غير أرضنا، كانت الخطوة الأولى محاولة تبيئته وصبغه بترابنا وهوائنا، فاعتبر أنّ وقائع التاريخ الإسلامي وخاصّة حدث الفتنة الكبرى تبيّن وجود ما يشبه الكتلة التاريخيّة التي أفضت إلى وصول بني العبّاس إلى الحكم، وإن اعتبر المحاضر أنّ هذه الرؤية فيها الكثير من التعسّف على السياقات التاريخيّة. ولاحظ أنّ الكتلة التاريخيّة عند الجابري لا تعني سيطرة تصوّر واحد، فهي تتغيّر بتغيّر المواقف. فهي أقرب إلى المفهوم العام أو المربّع الهندسي النّظري، أكثر منها طرقا إجرائيّة. فهو يتحدّث تارة عن كتلة ذات مهام ثقافية مجمّعة في مواجهة التفتيت الثقافي وتارة أخرى عن مهام قومية في مواجهة التشظّي القطري وثالثة عن رسالة « الدمقرطة » في لحظات الانغلاق والاستفراد بالسّلطة. وانتهى الباحث إلى استخلاصات أهمّها: إنّ مفهوم الكتلة التاريخيّة هو أقرب إلى الغايات منه إلى الإجراءات، فهو يتعلّق بالمضامين أكثر من الإستراتيجيات وفي التنفيذ تكمن كلّ شياطين السياسة في العالم العربي. واعتبر المحاضر أنّ رؤية الجابري وتقسيمه التراتبي للعقول: البرهاني والبياني والعرفاني مع نظرة تحطّ  من هذا الأخير وتسمه بالـ »المستقيل »، وتثمينه فقط للعقل البرهاني هو عائق إبستمولوجي أمام الجابري تمنعه من إمكانية التأسيس النّظري لمفهوم الكتلة التاريخية. بل ذهب أبعد من ذلك عندما اعتبر أنّ العقل الأكثر قدرة على استيعاب هذا المفهوم هو العقل الصوفي أو العرفاني، بما أنّه ينفتح على أكثر من ممكن ويفلت من ثنائيات العقل الأرسطي المتطرّف في عقلانيته. إنّ تحويل الكتلة إلى مفهوم إجرائي، كشرط لبناء الممارسة، يتطلّب استفادة من فلسفات انتظام الكون والمنطق المتدرّج الذي تختزنه الفلسفات الشرقية ذات المنحى العرفاني الذي انتقده الجابري، بينما سيفشل هذا المسعى طالما اعتمدنا على العقل القائم على الثنائيات الضدية.   كما أنّ مفهوم الكتلة لا يلغي، حسب المحاضر، طموحات التعميم الإيديولوجي وإنّما  تأجيله، ولا تعني أيضا تعليق الصراع الاجتماعي ولا صرف النّظر عن النضال من أجل تحقيق العدالة، بل تعني ربط الأهداف السياسية والاجتماعية بطموحات المجتمع ككلّ، مؤكّدا على فكرة محورية هو أنّ الإضافة النوعيّة لهذه هو رفضها لعقليّة إقصاء الآخر بأيّة ذريعة كان ذلك… معوقات الممارسة ثمّ تناول الكلمة الباحث المختار بنعبدلاوي ليعرض إلى السياقات العملية لهذا المفهوم بالمغرب. اعتبر « أنّه لم يكن من الصّدفة أنّ أوّل ما كتب الجابري حول الكتلة كان سنة 1982 ». ذلك أنّ المغرب شهد سنة 1981 انتفاضة اجتماعية أطلق شرارتها الفصيل اليساري « القاعدي »، ثمّ التحق بها الإسلاميون. ولا شكّ أنّ ذلك الإئتلاف الاحتجاجي أثار، حسب الباحث، انتباه المفكّر الجابري، ليتساءل « لماذا لا نتجاوز الاختلافات الإيديولوجيّة مادام الإقصاء يقع على الكلّ. كما أنّ هذه السّنة شهدت أيضا صراعا دستوريا حول مفهوم السيادة المزدوجة للملك، ذلك أنّه بعد رفض الإتحاد الاشتراكي مساعي التمديد للبرلمان المغربي شهر الحسن الثاني سلاح صلاحياته كأمير للمؤمنين، مما يمكّنه من تجاوز كلّ المؤسسات الدستورية واعتباره المعارضين خارجين عن الملّة (الوجه الثاني للسيادة بعد الوجه الأوّل أي رئيس الدولة). وأضيفت لهذه الأزمة السياسية أزمات حزبية إذ حدثت إنقسامات في الإتحاد الإشتراكي الذي يُمثّل الجابري أحد قياداته، فوجد في مفهوم الكتلة التاريخيّة صمام الأمان وتجاوزا لهذه الإنقسامات المجهريّة داخليا وخارجيا. واستمرّت هذه الفكرة في تحريك التيارات الفكرية والسياسية لتأخذ بعدا قوميا صرفا بعد حرب الخليج سنة 1991، حيث انقلبت الأولويات وغلبت المهمّة القومية على تحرّكات الساسة والمفكرين. وكانت التظاهرات التي تمّت في المغرب وكثير من البلدان العربية على إثر حرب العراق، لحظة مهمّة اكتشفت فيها، حسب عبدلاوي، التيارات القومية واليسارية ضعفها الشعبي والزخم التي تتمتّع به الرؤى الإسلاميّة، فكان أن اتجهت أغلبها إلى محاولات للتنسيق وتأسيس المنظمات المشتركة مثل « الحوار القومي الإسلامي ». أمّا في المغرب فقد ذكّر الباحث بمبادرات بعض الأحزاب لبناء كتلة وطنيّة في أوّل التسعينات سرعان ما تفتّتت وتشتّت شملها لإقصائها الإسلاميين من حضيرة العمل المشترك، ثمّ سرى فيروس النّزعة الانقسامية إلى داخل المكوّنات الحزبية فتشظّت أغلبها إلى أحزاب مجهريّة فوّتت كلّ فرص التغيير الحقيقي. وتساءل الباحث بعد هذا العرض التاريخي: هل أنّ الكتلة التاريخيّة ما زالت ممكنة؟ ليؤكّد بإجابة متفائلة وذلك لأنّ السنوات العشر التي مرّت على فشل هذه التجارب بالمغرب أفرزت إجماعا على الديمقراطيّة، فلا حديث عن الخلافة عند الإسلاميين ولا عن دكتاتورية البروليتاريا عند الماركسيين… وهذا ما يمثّل ولادة، وإن قيصرية، لوعي بضرورة العمل الكتلوي. ناقش الحضور مجمل هذه الأفكار مؤكّدين أنّ المشكلة ليست في النظريّات على أهميّة ذلك كمدخل للفعل، وإنّما في الممارسة الأنانية لمختلف التيارات التي لم تصل بعد إلى ضرورة تغليب المصلحة الجماعية على النوازع الذاتية.  (المصدر: صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 412 بتاريخ 6 جويلية 2007)

 

فرقاء أتحاد الطلبة يعلنون الحرب

عصي وهراوات وأسلحة بيضاء..في انتظار » أم المعارك »؟؟؟

 
توفيق العياشي                                                                                       يرابط منذ أكثر من أسبوع عدد كبير من نشطاء الاتحاد العام لطلبة تونس من أنصار مايسمي باللجنة الوطنية للاعداد للمؤتمر الموحد  بالمقر المركزي للاتحاد في شارع جون جوريس وسط العاصمة مدججين بعصي وهراوات وأسلحة بيضاء بغاية منع خصومهم  من هيكل  المؤتمر 24( مجموعة الاربعة) من دخول المقر لعقد هيئة أدارية ويذكر أن الوضع بين فرقاء الاتحاد العام لطلبة تونس من أطراف سياسية مختلفة قد عاد إلى التفجر منذ فترة عقب تعرض أحد أنصار المؤتمر الموحد الناشط صالح العويتي إلى الاعتداء بالعنف الشديد من طرف رفاقه السابقين في المؤتمر 24 الرافضين للتوحيد والمتمسكين بشرعية الهيكل الذين ينتمون إليه.هذا ويشهد الاتحاد العام لطلبة تونس عديد الانشقاقات المزمنة التي يغذيها التجاذب السياسي بين عديد الأطراف والتيارات التي يرغب كل واحد منها في الهيمنة على هياكل المنظمة النقابية وتقلد المناصب القيادية مما أنعكس سلبا على دور الاتحاد في الذود عن المصالح المادية والبيداغوجية المباشرة للطلبة. ويرجح اغلب الملاحظين أن الوضع بين فرقاء الاتحاد سوف يشهد تطورات خطيرة بعد تفشي مظاهر العنف والفوضى وجنوح بعض الأطراف إلي استقدام فتوات وبلطجية لملاحقة خصومهم السياسيين والاعتداء عليهم .كما لا يستطيع أحد التنبؤ بما ستؤول أليه الأمور لو تمسكت ما تسمى بمجموعة الأربعة الرافضة لمقترح التوحيد بعقد هيئتها الإدارية  داخل المقر المركزي في الوقت الذي يتحصن فيه أنصار لجنة الاعداد للمؤتمر الموحد بالمقر منذ أسبوع ينتظرون  قدوم المجموعة الاخرى شاهرين أسلحتهم مستعدين ألى ما أسماها أحد أعضاء اللجنة » بالمعركة التاريخية »..هكذا.؟ كما عرف المقر طيلة الاسبوع الفارط نقاشات بين اغلب الاطراف السياسية الداعية للتوحيد في أطار ماسمي بالندوة الوطنية حول تصور كل تيار لشكل التوحيد و للمؤتمر المزمع عقده في السنة القادمة.  ويجدر التذكير أن « مجموعة ألاربعة » التي أنشق عنها الامين العام الحالي السيد عز الدين زعتور تتمسك بعقد المؤتمر 25 هذه الصائفة وبين هذا الفريق وذاك تمسكت بعض التيارات السياسية الاخرى بعدم الالتحاق بأي فريق مثل مجموعة الوطنيون الديمقراطيون الذين يتشبثون بعقد ما يسمونه المؤتمر الاستثنائي إلى جانب بعض الأطراف التي لم تحسم وجهتها بعد.. هذا وقد انعكست هذه الصراعات والمصادمات بين مختلف التيارات والحساسيات  سلباعلى جماهيرية الاتحاد التي تقلصت بشكل خطير في السنوات الأخيرة وتجسدت في عزوف الطلبة عن الالتفاف حول هياكل الاتحاد مما فسح المجال الى طلبة التجمع الدستوري الديمقراطي لاستثمار هذه  الصراعات  في تشويه مناضلي الاتحاد وتخويف الطلبة من الالتفاف حولهم،  وفي المقابل استغلت بعض الأجنحة الشبابية للتيارات الدينية المتشددة منها والمتظاهرة بالاعتدال على حد سواء أزمة الاتحاد للتغلغل في الجامعة ومحاولة فرض أنفسهم كبديل  فكري وسياسي.ويجمع أغلب المتابعين أن السلطة هي أكبر المستفيدين من هذا التناحروالفرقة داخل الاتحاد وهي تعمل في هذه الفترة علي تغذية الصراع عن طريق مغازلة بعض الأطراف السياسية ومساومتهم وفتح صفحات إحدى الجرائد التي عرفت بتوجهها ألمخابراتي المشبوه أمام فرقاء الاتحاد لتبادل الاتهامات فيما بينهم في محاولة لتأبيد وضع الانشقاق وشل نشاط المنظمة ذات التاريخ النضالي العريق. كما عبر البعض عن تخوفه من عودة سيطرة الإسلاميين على الجامعة بعد ظهور عديد المؤشرات المريبة أهمها حادثة فرض » فصل الجنسين » التي جدت في المطعم الجامعي بالمنارخلال السنة الجامعية الفارطة في ظل غياب اتحاد عام لطلبة تونس قوي وموحد يترفع عن كل الحسابات السياسوية الضيقة و يمسك فيه المناضلون الطلابيون بدفة القيادة وتكون فيه الكلمة الأولى كماالاخيرة لعموم الطلبة دون العودة الى القيادات السياسية التي ليس لها أي صلة بالجامعة، وفي ظل حنوح بعض الاطراف الى البلطجة والفوضى التي يطلقون عليها تجنيا مصطلح » العنف الثوري  » وهي في الحقيقة ممارسة متخلفة مشابهة للسياسة الأمنية المقيتة التي تنتهجها السلطة ضد معارضيها والمستقلين عنها… ساد التلاحي وساد الشقاق ومات الوفاق كأن قطيعا أتته الذئاب  ففر الرعاة ونام الكلاب                                               محمد العروسي المطوي ديوان فرحة الشعب


بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين الرسالة رقم 262 على موقع تونس نيوز  

مقترحات جديدة بمناسبة الذكرى الخمسين لعيد الجمهورية جملة المقترحات 35 الحلقة الثالثة

 
بقلم محمد العروسي الهاني أوصل على بركة الله الكتابة حول عيد الجمهورية 25 جويلية 1957. وقد تم نشر حلقتين على التوالي الأولى يوم 11/07/2007 بموقع تونس نيوز، والحلقة الثانية يوم 12/07/2007 وتضمنت الحلقتين 21 مقترحا حول المجال السياسي والإعلامي والحياة الجهوية والمحلية. وفي هذه الحلقة الثالثة سأحاول إبراز المشاغل المتعلقة بالوضع الاجتماعي وتقديم مقترحات إيجابية عسى أن تحضى بالدعم والتشجيع من لدن سامي سيادة الرئيس بمناسبة إحياء الذكرى الخمسين لعيد للجمهورية 25 جويلية 1957، الذكرى الخالدة ولعل تحصل المفاجآت السارة في عيد الجمهورية والرأي العام التونسي والرأي العام العالمي كله شوق وتطلع لما يحدث يوم الذكرى من تحولات وقرارات هامة وسارة تزيد في دعم اللهجة الوطنية وتعزيز إشعاع تونس في مجال حقوق الإنسان والمكاسب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية. وفي هذا الإطار فإن رأي المواطن محترم وقواعد الديمقراطية والشورى في مفهوم النظام الجمهوري يفرض على كل إنسان نزيه ووطني غيور أن يساهم برأيه بحرية وصراحة وهذا شأن النظام الجمهوري. الحرية للمواطن ولصندوق الاقتراع والحوار وحرية التعبير وحرية الصحافة والإعلام ومن هذا المنطلق السليم لمفهوم النظام الجمهوري والشعور بالمسؤولية والوفاء للوطن وحده… يسعدني كمناضل دستوري ومسؤول سابق أن أتقدم بجملة جديدة من الاقتراحات الهامة والمفيدة الجريئة الشجاعة على غرار المقترحات التي ذكرتها آنفا… 21 مقترح كما أسلفت : 22)أقترح تعزيز الإدارة الجهوية الولاية بخطة معتمد مكلف بالأسرة والطفولة ومن الأجدر إسناد هذه الخطة للعنصر النسائي نظرا لحساسية الأسرة والمشاغل والطموحات التي أصبحت مطروحة في الأسرة. 23)تعزيز الإدارة المحلية المعتمدية برئيس دائرة يعني بالشؤون الاقتصادية لدعم التنمية المحلية وجعل المعتمدية قطبا تنمويا على جميع الأصعدة على غرار المجلس الجهوي في مستوى الولاية. 24)دعم خطة العمدة وتطويرها مستقبلا وجعل العمدة متفرغا لنشاط العمادة مع دعم مكتب العمادة بإطار إداري قار وتحسين ظروف العمدة المادية بوصفه مسؤولا في جهته له دوره الفاعل. 25)دعم دور المرشدة الاجتماعية وتطوير عملها ووسائل النقل حتى تقوم بالواجب وبالزيارات الميدانية للعمادات أسبوعيا وترفع تقارير حول الوضع الاجتماعي. 26)ضرورة دعم المقدرة الشرائية للعائلات المعوزة بتحسين ظروف العيش وتطوير المنحة الحالية من 150 دينارا كل 3 أشهر إلى مضاعفة المنحة وجعلها كل شهر في حدود مائة دينارا على الأقل لضمان لقمة العيش لأسرة معوزة في حاجة للدعم والرعاية. 27)العمل على الترفيع في المنحة العائلية للأطفال المجمدة منذ 18 سنة تقريبا هذه المنحة أصبحت لا تفي بالحاجة الضرورية للأطفال وتعديلها ضروري على الأقل مضاعفتها حتى تساهم في تحسين ظروف الأسرة والأطفال. 28)ضرورة العمل على بعث لجنة وطنية للتشغيل والانتدابات في مجال الوظيفة العمومية وفي قطاع التعليم والتربية والتكوين بالخصوص وتسعى لوضع مقاييس جديدة وشروط ميّسرة في مجال الانتدابات في سلك التعليم دون اللجوء إلى التعاقد أو الانتدابات ذات الطابع الاجتماعي الشخصي  من طرف الوزير أو المساعدين واللجنة المقترحة نرجوا أن تتألف من وزير الوظيفة العمومية ووزير التربية والتكوين ووزير التشغيل وممثلا عن الاتحاد العام التونسي للشغل لتفادي كل الأقاويل. ولمزيد الشفافية والابتعاد على العمل الفردي والاجتهادات مثل ما حصل عام 2007. 29)التأكيد على روح التضامن والتفاهم والتعاون والتنازل على بعض المنافع والامتيازات مثل البنزين والسيارة الثانية الإدارية قصد تجميع هذه الأموال لمجابهة قضية هامة لتشغيل القضية الأم الشائكة وأنه بفضل هذه الروح الوطنية ويمكن جمع اعتماد هام يرصد لتشغيل 18 ألف طالب شغل في مستوى حاملي الشهائد العليا وهم الشغل الشاغل لسيادة الرئيس بن علي واعتقد أن قرار التخفيض يوفر اعتمادات ذات بال كما أشرت في مقالات سابقة حول قضية التشغيل وما أدراك ما التشغيل… ولا بد من قرار شجاع في هذا الموضوع. 30)التأكيد على إيلاء مناطق الظل مزيد العناية والتعهد والصيانة خاصة في مجال الطرقات وقد لاحظنا إهمال وتعطيب ملحوظ في الطرقات نتيجة عدم الرقابة المتواصلة من طرف التجهيز من جهة ونتيجة الغش والجري وراء المادة من طرف بعض المقاولين دون مراعاة وجه الله وحقوق المواطن الأساسية من جهة أخرى. 31)دعم سياسية التدخل لفائدة أصحاب الدخل المتواضع في مجال السكن الاجتماعي والحل ليس في الترفيع في قيمة القرض أو في ارتفاع مدخول صاحب الأجر الأدنى 3 مرات ليس هذا هو الحل الأمثل بالنسبة للسواد الأعظم من الشعب. الحل يمكن في تخصيص مقاسم للسكن بأثمان رمزية أو بناء مساكن لا تتجاوز أثمانها 25 ألف دينار ذات مساحة 65 متر مربع كما حصل في بداية السبعينات المسكن بـ4 آلاف دينارا فقط في عهد حكومة نوبرة رحمه الله. 32)تطوير الجمعيات التنموية المحلية وتخصيص اعتمادات ذات بال للقروض المحلية التي ينبغي أن تتطور من ألف دينار حاليا لتصل إلى 3 آلاف دينارا في مرحلة لاحقة. والمقترح أن يصبح القرض من 2000 دينار في البداية إلى 6000 آلاف دينار في المرحلة الثانية مع التمديد في مدة استرجاع القرض على الأقل 3 أعوام وفترة إمهال بسنة أخرى حتى يتسنى لصاحب المشروع تطويره وتحسين المردود الإنتاجي للمشروع في منطقة الظل بالخصوص. 33)ضرورة تطوير القرض المخصص لشراء أرض فلاحية عن طريق وكالة النهوض بالاستثمار الفلاحي للشبان من 100 ألف دينار حاليا إلى 200 ألف دينار مستقبلا لأن قيمة الأرض الفلاحية ارتفعت 6 مرات على ما كانت عليه عام 1978 والقيمة الحالية لا تستجيب لشراء 3 هكتارات في بعض الولايات حاليا نظرا لتطور الأسعار في مجال الأراضي الفلاحية أصبحت مرتفعة للغاية والشبان ولا يقترن على شرائها. 34)إعادة النظر  في مجال إسناد الضيعات الفلاحية المنتجة مثل ولاية صفاقس أو نابل أو القيروان. فهناك بعض الفنيين أو المهندسين بولاية صفاقس تحصلوا في سن 50 سنة على ضيعات فلاحية هامة غابة زيتون مدخولها من غلة الزيتون تصل إلى 130 ألف دينار في السنة فضلا على تربية الماشية وغيرها. وهذه الضيعات الفلاحية يمكن أن يقع توزيعها على عدد مضاعف 6 مرات أي هناك من الشبان حاملي الشهائد العليا يطمحون للحصول على مدخول بـ 12 ألف دينار سنويا. لماذا صاحب الضيعة الفلاحية لم يفكر في إدخال 6 شبان معه للحد من أزمة البطالة أو الحكومة تفرض إدخال التعديلات مع من ظاهرة البطالة. 35)التشجيع على تعاطي الفلاحة للشبان يجب توفير القروض المنخفضة بـ 5% وفترة إمهال في مجال الفلاحة البعلية وتربية الماشية وتربية العجول وغيرها مع المرونة في الشروط المطلوبة. هذه بعض المخاطر والمقترحات أرجو أن تجد الآذان الصاغية والعناية والرعاية والاهتمام التام باعتبار النمو السكاني والطموحات والقضايا المطروحة على الساحة والمشاغل اليومية لعدد هام من المواطنين وخاصة أصحاب الدخل المتواضع أو العاطلين عن العمل ولا بد من تضامن شعبي عارم للتناغم مع خلجات الشعب. وان التضحية بنصف كمية البنزين للموظف السامي والتنازل على السيارة الثانية يعزز بعض مواطن الشغل ويساهم في الحد من ظاهرة البطالة والشر كافر بالله كما يقولون والعاقل من يتعض بغيره… قال الله تعالى :  » ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة » صدق الله العظيم. صدق الله العظيم. عـاشـــت الجمهـوريــة وعـاش صاحـب حريـة الــراي محمد العروسي الهاني معتمـد متصرف متقاعـد

 

إلى متى ستتواصل هذه المصادرة ؟

 
الشيخ العربي العكرمي (*) أكتب هذه الرسالة لأتعرض فيها الى المظلمة التي ابتدأت مع مصادرة تاريخي النضالي ودوري الريادي في مرحلة الكفاح التحريري وتضحياتي الجسام من أجل تونس حرة ومستقلة وانتهت بمصادرة أرضي باسم تونس الدولة التي ولدت من رحم بندقيتي وبنادق المجاهدين الذين ضحوا بالنفس والنفيس في سبيل حريتها واستقلالها فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، ثم ألحقوا بها كتابي الذي أوجزت فيه لمحة عن كفاح شعبنا ضد جيوش فرنسا الغازية وما تعرض له الشرفاء والوطنيون الذين عارضوا نهج بورقيبة التصفوي عندما استفرد بالحكم وتنكر لدور المجاهدين والمناضلين في تحرير البلاد وتحقيق الاستقلال ولم أدخر أي جهد من أجل رفع هذه المظلمة حيث تقدمت بـ : 59 شكوى للمسؤولين بمختلف مهامهم الادارية والحزبية وكنت من خلال هذه الشكاوى اطلب لقاء هؤلاء المسؤولين من أجل طرح قضيتي ورفع المظلمة المسلطة عليّ. وإنني بالقدر الذي أتمسك فيه بحقي في استعادة أرضي المسلوبة حولت شركة فسفاط قفصة الجزء الكبير منها الى حوض للمياه الآسنة، أؤكد أن الأمر لا يعدو تمليكي لقطعة ارض باسمي بقدر تأكيدي على الثوابت التي لا مجال للمساومة عليها لأن صيانة الأرض وحمايتها جزء من حماية الشرف الذي بذلت  من أجله الكثير عند انخراطي في الجهاد ضد فرنسا الغازية التي حاولت تدنيس الأرض والعرض لمدة تناهز السبعين عاما. ومن هذا المنطلق حملت بندقيتي لتطهير تراب من دنس الاستعمار الفرنسي الذي استباح الأرض والعباد لخدمة مشروعه الاستعماري، حيث أجدها اليوم تصادر مني من طرف انتهازيين باسم دولة تونس التي هي براء منهم ومن مكائدهم. تعود هذه الأرض التي توارثتها عائلتي ابا عن جد منذ قرابة أربعة قرون يعيشون فوقها جيلا بعد جيل حتى جاء دوري سنة 1946 وكان عمري آنذاك 26 سنة وهاهو اليوم يناهز الـ 87 عاما حيث استطعت خلال هذه الفترة ان أحولها من أرض جرداء تسكنها الثعابين والأفاعي الى ربوع خضراء في قلب صحراء قاحلة بفضل الجهد والمال الذي استثمرته خلال سنين طوال. وفي بداية السبعينات من القرن المنصرم عمدت شركة فسفاط قفصة الى  استباحة أرض العكارمة بمنطقة المظيلة بنفس النهج الذي اعتمدته هذه الشركة في عهد الاستعمار و نصب معمل لغسيل الفسفاط على مقربة من أرضي وأنا أرزح داخل سجون بورقيبة البربرية التي قضيت فيها 19 سنة تنقلت فيها من سجن غار الملح الى الناظور الى برج بورقيبة في ظروف لم نعرف قسوتها ومرارتها حتى في سجون الاستعمار. وقد انطلقت أشغال هذه المغسلة سنة 1979 حيث وجهت كل فضلاتها ومياهها الآسنة تجاه أرضي التي كانت عبارة عن واحة خضراء وسط صحراء قاحلة فأتت على جزء كبير من الأرض المغروسة أشجار لوز وتين إضافة الى الزراعات الموسمية لتتلفها  وتعصف بالسد والبراجات التي انفقت المال الوفير لتهيئتها. اتصلت بالشركة وحاولت بشكل ودي أن تبعد سمومها عن ارضي وتحول وجهة المياه الآسنة بعيدا فرفضت تحت حجج واهية في الوقت الذي كان بإمكانها تجنب الكارثة مما اضطرني الى الالتجاء الى القضاء الذي كلف خبيرا فلاحيا لمعاينة الاضرار وحكمت المحكمة بتغريم  الشركة بـ : 1200 دينار مع تحويل وجهة المياه الملوثة بتاريخ 29 فيفري 1980 إلا أنني لم أستطع تنفيذ الحكم لأني كنت أقبع في سجون بورقيبة بعد أن زج بي في عملية قفصة المسلحة في جانفي 1980 . وبعد قرابة التسع سنوات وبعد ان شهدت تونس حدث التغيير الذي قاده السيد زين العابدين بن علي وخلص البلاد والعباد من حكم جائر مستبد دام ما يزيد عن الثلاثة العقود، واستبشرت كل الخير بالرغم من مغادرتي السجن في 28 جويلية فإن ذلك لم يغير من قناعتي من  أن البلاد قد قطعت مع العهد السابق وأنها ستقضي مع مرور السنين على آثار تلك التركة، إلا أن الذي حدث لي كان في غاية الغرابة حيث بعد 17 يوما من مغادرة السجن مازلت لم أتذوق بعد طعم الحرية ولم شمل الاسرة ولا تزال آثار السجن بادية على جسمي أفاجأ على اثر لقاء صحفي مع السيدة فاطمة الكراي مندوبة جريدة الأنوار الاسبوعية آنذاك تعرضت في جملة الحوار الذي دار بيننا الى قضية 1962 وأسباب فشلها وعن الشخص الذي وشى بالعملية بعد أن حددت ساعة الصفر لتنفيذها، ثارت ثائرة نفر من حثالة العهد البائد شنوا علي حملة شعواء بلغ بهم حقدهم  الدفين الى التشكيك في نضالي الذي لم يتسن لهم ولا لأسيادهم ان ينالوا شرفه مما اضطرني الى مقاضاة احدهم  للتهم الباطلة التي حاول إلصاقها بي في عملية قفصة وقد حكم عليه بالتنفيذ العاجل بشهر سجن لكن لم يقض منه إلا ثلاثة أيام  إثر تدخل صديق له أطلق سراحه ضاربا بذلك حرمة القضاء واستقلاليته وزجّ بنفسه في المعركة الى جانب صديقه ولم يقف عند هذه الحدود فعمل على استصدار حكم باسم السيد وزير الداخلية يخضعني فيه الى رقابة ادارية لمدة 10 أعوام وهو الجزء الثاني من الحكم الصادر بحقي في قضية قفصة في جانفي 1980 (عشرون عاما سجنا و10 أعوام رقابة ادارية) وخضعتُ لهذا الحكم الجائر لمدة عامين أسجل حضوري مرتين كل يوم بمركز شرطة القصر دون مغادرة المنطقة البلدية، ولم ترفع هذه المظلمة إلا بعد تدخل سيادة رئيس الجمهورية شخصيا اثر إعلامه من طرف الاستاذ أحمد نجيب الشابي. وبعد هذه السنين العجاف نتيجة المحاصرة من زمرة العهد البائد حاولت تنفيذ الحكم الصادر بحق شركة فسفاط قفصة فطلب مني تقديم إما حجة ملكية للأرض أو شهادة حوز وتصرف من مجلس التصرف ومن هنا يبدأ السجال الذي لم  يعرف النهاية مع القضية الى حدّ هذا التاريخ، فقد تم الايعاز لرئيس مجلس التصرف بعدم تمكيني من شهادة الحوز خوفا من تغريمي للشركة لما سببته لي من خسائر فادحة (800 شجرة لوز، 100 كرمة تين وما يزيد عن 65 هكتارا تم طمرها وغمرتها المياه الآسنة ولم تعد صالحة للزراعة)، في الوقت الذي قامت فيه الشركة المذكورة بتعويض الأهالي في أم العرائس والرديف والمتلوي بقيمة خمسة آلاف دينار للهكتار الواحد للأراضي التي استولت عليها الشركة وهي أراض قاحلة لا شجر ولا زرع فيها  فكيف يمكن أن تكون عملية التعويض عندما تخص أرضا تنتج الأشجار المثمرة؟؟ وبعد فشل كل تدخلاتي مع المسؤولين الجهويين إداريين وحزبيين لمدة تقارب الخمسة أعوام، تقدمت بشكوى الى  سيادة رئيس الجمهورية فأحال سيادته الملف على السيد سالم المكي الذي طلبني لمقابلته بدار التجمع في 19 جويلية 1995 ، فكان استقباله لي على غاية من التقدير والاحترام وبلغته بكل التفاصيل حول طبيعة الارض والوعود الزائفة التي لاقيتها من مسؤولي الجهة، فما كان  منه إلا أن رفع الهاتف واتصل مباشرة بالسيد والي قفصة وطلب منه حل هذه المعضلة وذلك بتوجيهات خاصة من سيادة رئيس الجمهورية، واعتقدت هذه المرة ان الحل أصبح وشيكا. وفي 26 من نفس الشهر اتصلت بالسيد الوالي الذي قابلني بترحاب لم أعهده منه من قبل وهنأني بالثقة التي حباني بها السيد رئيس الجمهورية ثم اتصل مباشرة برئيس ادارة الشؤون العقارية وطلب منه القيام بكامل الإجراءات من أجل إسنادي قطعة الأرض. وفي 6 أكتوبر جاءني المدير المساعد للشؤون العقارية صحبة مجموعة من الأعوان وطلبوا مني مرافقتهم الى قطعة الأرض للقيام بعملية المسح وأجريت العملية بشكل صحيح وبمعاينتي الخاصة فأسفر المسح على: ـ القطعة الأولى  تمسح 80 هكتارا ـ القطعة الثانية : تمسح 20 هكتارا ـ القطعة الثالثة : تمسح 21 هكتارا وبتاريخ 21 أكتوبر اتصلت بإدارة الشؤون العقارية لمعرفة الخطوات التي تم قطعها باتجاه عملية الاسناد فقابلني السيد مدير الشؤون العقارية الذي هنأني بعملية المسح على أن يقوم ببقية الإجراءات في القريب العاجل. لكن بعد ثلاثة أيام فقط تنقلب الحقائق رأسا على عقب فتتحول أرضي أو الجزء الكبير منها الى ملك من أملاك الدولة، فنزل علي الخبر كالصاعقة حيث أسرعت لمقابلة السيد الوالي لمعرفة اسباب هذا التحول الخطير وفي ظرف زمني قياسي، حيث لم يخف دهشته للخبر واقترح علي مراسلة السيد وزير أملاك الدولة لأطلب منه التفويت لي في الأرض المذكورة بحكم الحوز والتصرف فيها لمدة تفوق الخمسين سنة، ولم أكن اعلم ما كانت تفكر فيه ادارة أملاك الدولة من وراء هذا الطلب حيث أنها بعثت بمراسلة موازية الى السيد وزير أملاك الدولة تخبره فيها بأني أستغل أرضا لملك الدولة لمدة خمسين عاما وتطلب منه اتخاذ القرار المناسب فجاء رده يطالبني بدفع معلوم كراء الأرض للمدة المذكورة وبذلك أصبحت تلك المراسلة بمثابة الحجة لدى المحكمة على أن الأرض تعود لأملاك الدولة وهي مصيدة أوقعني فيها السيد الوالي  بالتنسيق  مع ادارة الشؤون العقارية ورئيس مجلس التصرف ليحرموني من تمليكي لأرضي وليلتفوا على توجيهات السيد رئيس الجمهورية التي كانت واضحة وصارمة من خلال التعليمات التي وجهها السيد سالم المكي الى والي قفصة. ومنذ ذلك التاريخ لم ادخر جهدا من أجل تحسيس المسؤولين بهذه المظلمة التي أريد بها الاقتصاص من شخصي لأني أبيت السير في ركاب الانتهازيين والوصوليين عندما رفضت عروضهم المادية الرخيصة. وإني من خلال جريدة الشعب الناطقة باسم عمال تونس البررة أتوجه الى سيادة رئيس الجمهورية راجيا منه التدخل من أجل إنصافي ودعوة المسؤولين الى تمكيني من أرضي التي انتزعتها من أنياب الثعابين والأفاعي وحولتها بمر السنين بفضل الجهود الكبيرة التي بذلتها حتى أصبحت أرضا تنتج الزرع والضرع. كما أطلب من جنابه التدخل لدى مصالح الأمن لإطلاق سراح كتابي المحجوز لديهم منذ سبتمبر 1997 كما أطالب  المسؤولين في شركة فسفاط قفصة بتعويضي عن كل الأضرار التي سببتها المياه الآسنة النابعة من مغسلة الفسفاط المقامة بجوار أرضي التي أتت على الأخضر واليابس واتلفت الجزء الأكبر منها وحولتها الى بركة للفضلات الصادرة عنها. (المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 14 جويلية 2007) الرابط: http://www.echaab.info.tn/rubrique.asp?Rub_ID=630&Date=20070714

أخ الهاشمي

الغربة لها وجوه عدة

 

 
سلوى الشرفي قلت  مخاطبا نفسك ظاهريا و مخاطبنا كلنا في الحقيقة : » نفسي ترد عليّ بتمرد وإلحاح: الخضرة هناك أحلى. اعترف. الزيتون هناك أجمل. اعترف. لون البحر هناك أجمل من كل البحار. اعترف. حتى الرمل. حتى الأرض البلقع التي لا شجر فيها ولا ثمر. حتى الطرقات الصحراوية التي لا يحيط بها إلا الريح، والعج والغبار. » و أجيبك بقولة لعلي ابن أبي طالب ما معناها  أن الفقر في الوطن غربة و أضيف: الفقر و غيره من الظواهر المتعبة نفسانيا. و قلت أنك: » : » تود لو تعود وتلقاهم جميعا. تشرب معهم فنجانا من القهوة. تقول لهم أنك تحبهم وتشتاق إليهم مهما كانت انتماءاتهم الفكرية والحزبية. وتقول لهم: يا إخوة، يا أصدقاء ويا رفاق: أترضون أن يضيع ما تبقى من عمري وأعماركم في قطيعة عبثية، وعداوات إيديولوجية. ألسنا جميعا أهلا وعائلة واحدة؟ » « أما ترين؟ كلهم أهلي. كلهم أهلي. » و أقول بأن الإنسان لا يتوجع فقط من جرح في جسده أو في نفسه و إنما أيضا و أحيانا أكثر، من وجع غيره. فمن قال أن الخضرة يمكن أن ترى لمجرد أنها أمامك ماديا ؟ و سألتني:  » إن كان النساء الديمقراطيات. والرجال الديمقراطيين. والكتاب والعلماء، ودعاة اللائكية وخصومها  يعرفون السر؟ و طلبت مني أن أجيبك لطفا وتكرما. » و أذكّر، و كما تعلم أخ الهاشمي، أن أغلب هؤلاء قضوا في الزنازين زهرة عمرهم و تعرضوا إلى أبشع أنواع التعذيب و التنكيل بهم و بعائلاتهم ؟ أعرف أنك تعرف. و تعلم أيضا أن العديد، ضاق مرارة الغربة. و لعل هذا هو سر دفاعهم عن المسجونين و المعذبين و المهجرين حتى و إن اختلفوا معهم في الرأي. حسنا لنرجئ النقاش إذن حول هذه المسائل إلى حين عودتك و العودة بصفة عامة. أناديكم، أشد على أياديكم


بسمه تعالى

ان تنصروا الله ينصركم و يثبت اقدامكم

 
في عيد النصر المجيد نصر الوعد الصادق نتقدم باحر التهاني واعلى التبريكات الى سيد المقاومة الاسلامية السيد حجة الاسلام و المسلمين حسن نصر الله حفظه الله و الى عوائل الشهداء الابرار المجاهدين والى كل المقاومة البطلة و الشعب اللبناني الصامد لقد هزمت الاحزاب شر هزيمة و مكروا ومكر الله و الله خير الماكرين لقد غير هذا النصر كل الموازين في المنطقة و اصبح صقر لبنان صقر العرب وسيد قوى المقاومة و الممانعة من المحيط الى الخليج ونادت الشعوب العربية يا نصر الله يا حبيب دمر دمر تل ابيب و رفعت صور القائد المجاهد في الازهر الشريف و في ارض الحجاز و صنعاء و الرباط و تونس وباريس و كل العواصم دول العالم لقد اهتزت عروش الامراء و الملوك فسارعوا الى رفع معنويات العدو والتشكيك باداء المقاومة و تحميلها مسؤولية الحرب و الدمار و منذ ذلك الانتصار الالاهي و مع اعتراف العدو بالهزيمة يواصل المنافقون ومن في قلوبهم مرض في حملتهم الاعلامية و السياسية و الاستخبارتية لكي لا يتحول هذا الانتصار في لبنان البطولة الى انتصار لكل العرب و المسلمين عام بعد الانتصار ما زالت اثاره الى هذا اليوم واستطاعت المقاومة الثبات واصبحت المناعة الوحيدة للوحدة الوطنية و اظهرت القدرة الميدانية و العلمية الفائقة و ادارت المعركة بكل اقتدار انه عصر السيد حسن عصر الاسلام المحمدي الاصيل عصر سقوط الاقنعة عن الانظمة و الحركات المشبوهة الموالية لاعداء الوطن و الدين و قل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم انا عاملون وانتظروا انا منتظرون و لله غيب السموات والارض و اليه يرجع الامر كله فاعبده و توكل عليه و ما ربك بغافل عما تعملون السيد عماد الدين الحمروني جمعية اهل البيت الثقافية تونس

 

 

« لماذا رفض السيد عماد الدين الحمروني الإجابة عن الأسئلة التي وجهتها إليه « الوطن »؟

 

 
صدر يوم الجمعة 13 جويلية 2007 العدد الثامن من أسبوعية « الوطن »، لسان حال « الحزب الديمقراطي الوحدوي » (معترف به وممثل في البرلمان) وقد تضمن ملفا مثيرا من إعداد نورالدين إمباركي حمل عنوان: انتشار الشيعة في تونس .. عفوي أم مشروع فتنة للأجيال القادمة !؟ وقد تساءلت الصحيفة « لماذا رفض السيد عماد الدين الحمروني الإجابة عن الأسئلة التي وجهتها إليه « الوطن »؟
تونس/الوطن رفض السيد عماد الدين الحمروني رئيس جمعية أهل البيت الثقافية (جمعية شيعية تونسية) الإجابة عن أسئلة وجهناها إليه عن طريق البريد الإلكتروني. وقد إتصلنا به في مرحلة أولى وطلبنا منه إجراء حوار صحفي وخيرناه بين أن يكون هذا الحوار مباشرا أو عن طريق البريد الإلكتروني. فطلب منا إرسال الأسئلة إليه وهو ما قمنا به وبعد يوم أعلمنا أنه يأسف لعدم الإجابة عن أسئلتنا لأنها حسب إعتقاده غير جدية !! وفي الحقيقة لا نفهم ما هي الأسئلة الجدية التي يقصدها السيد عماد الدين الحمروني وهو الذي لا يُـفـوّت فرصة علىَ شبكة الأنترنيت للرد على التساؤلات أو الإستفسارات. وقد نشرت « الوطن » في صفحتها السادسة نص الأسئلة التي وجهتها إلى السيد الحمروني ورده عليها كما ورد بأخطائه اللغوية وفيما يلي نص الأسئلة: إلى السيد عماد الدين الحمروني يرجى الإجابة عن هذه الأسئلة وإلحاقها بصورة فوتوغرافية مع جزيل الشكر. نور الدين أمِباركي السؤال الأول: ما حقيقة عدد المنتسبين لمِذهب آل البيت َّ تونس؟ الدكتور التيجاني السماوي يقدّر عددهم.« بمئات الألوف »  وبعض المواقع الشيعية على شبكة الانترنيت تقدر نسبتهم بأكثر من 2 % من عدد السكان… وثمّة من يقول أن عددهم لا يتجاوز بعض مئات؟ السؤال الثاني: تشير كتاباتكم على شبكة الانترنيت (وأيضا كتابات عدد آخر من المستبصرين) أنّ المذهب الشيعي َّ في تونس تعود جذوره إلى مئات السنين (البربر… الدولة الفاطمية…) لكن هناك من يقول أن هذا الكلام الهدف منه إيجاد نوع من « الشرعية التاريخية » لا أكثر ولا أقل؟ السؤال الثالث: تحدثتم َّ أكثر من مناسبة عن« التشيع الحديث » في تونس، ما المقصود بذلك… وفيما يختلف « التشيع القديم » عن « التشيع الحديث »؟ السؤال الرابع: أسستم سنة 2003 « جمعية أهل البيت الثقافية » ما هو دور هذه الجمعية  وما هو نشاطها … وهل هذه الجمعية معترف بها قانونيا؟ السؤال الخامس: هناك حديث عندعم إيراني لنشاطكم َّ تونس…ما هي حدود هذا الدعم؟ السؤال السادس: تصدرون من حين لآخر بيانات ذات طابع سياسي تهم الأوضاع الداخلية والخارجية… فيما يشير عدد آخر من المنتسبين للمذهب الشيعي أنّه لا علاقة لهم بالسياسة وان دورهم هو الدعاية لمذهب آل البيت فقط؟ إن » السؤال السابع: ذكرتم َّ في إحدى المناسبات « إن التونسيين المنتسبين إلى مدرسة أهل البيت (…) شاركوا مشاركة فاعلة لإسقاط النظام البورقيبي » هل من توضيح في هذه النقطة وكيف قمتم بهذا الدور؟ السؤال الثامن: وجّهتم اتهامات لبعض رموز التشييع في تونس (الدكتور التيجاني السماوي ومبارك بعداش) وقلتم أن دورهما كان زرع الفتن… ما المقصود بكلامكم هذا وكيف قاما بزرع الفتن؟ السؤال التاسع: ما موقفكم من المقاومة العراقية( العربية السنية) التي تخوض المعارك ضد الاحتلال الأمريكي؟ السؤال العاشر: لو كنت شيعيا مقيما َّ العراق أي صف ستختار… صف المقاومة أم صف القيادات الشيعية الموالية لإيران؟ السؤال الحادي عشر: في عدد من البلدان العربية (بما  في ذلك في شمال أفريقيا)، ثمّة حسينيات ومراكز شيعية وفي تونس إلى حدّ علمنا لا توجد هذه الحسينيات وغيرها … هل طالبتم بحقكم َّ ذلك؟ السؤال الثاني عشر: كيف تقيمون طقوسكم وتحيون أعيادكم؟ السؤال الثالث عشر: من الأسس العقائدية  في مذهبكم ولاية الفقيه المعصوم الذي يستمد شرعيته من علاقة روحانية غامضة مع الله…هذا المفهوم يتناقض مع ابسط قواعد الديمقراطية ما رأيكم ؟ السؤال الرّابع عشر: في تونس من هو مرجعكم الدستور ام الشيخ السيستاني ام آية الله خامنئي؟ السؤال الخامس عشر : زواج  المتعة محرم عند السنّة ومباح لدى الشيعة ومحرم قانونا أيضا…هل ستطالبون بالسماح لهذه الصيغة من الزواج َّ تونس؟ السؤال السادس عشر: سبّ ولعن وشتم الصحابة أمر معروف لدى الشيعة هل تعتقدون أن ممارستكم لهذا الأمر سيثير الفتنة في تونس؟ السؤال السابع عشر: ما رأيكم في موضوع الحجاب بما انه أيضا فرض على الشيعة وكما تعلمون فان هناك موقف رسمي من الموضوع ؟ السؤال الثامن عشر: ساندتم السلطة خلال الأحداث الأخيرة المتعلقة بالمِجموعة الإرهابية وكان هذا نفس تكتيك الاسلاميين مع السلطة ضد اليسار في السبعينات يبدو أنكم في نفس إطار اللعبة ؟ السؤال التاسع عشر : ابرز المشيعين في تونس درسوا في الحوزات العلمية  في إيران ولابد لهذه الأمور من خطوط تمويل من أين تستمدون إمكانياتكم لحركتكم في الداخل والخارج وهي على ما يبدو أصبحت نشطة ومكثفة ؟ السؤال العشرين : الولاء عند الشيعة للوطن ام للولي الفقيه خاصة عند ما تتعارض مصلحة الوطن مع مواقف الولي الفقيه ؟ (المصدر: صحيفة « الوطن » (أسبوعية حزبية – تونس)، العدد 8 بتاريخ 13 جويلية 2007)

اااابسم الله الرحمان الرحيم البحث الأول: نظام  الحكم في  الإسلام  : نشأة وصيرورة . /مصطفى عبدالله الونيسي الفصل الأول:محمد بن عبدالله، صلى الله عليه و سلم ،المؤسس الأول للدولة الإسلامية:

الحلقة الرابعة: تعدد الصور و الاشكال لمحاربة الدعوة الجديدة:

 
لم تترك قريش وسيلة من الوسائل لمحاربة الدعوة الجديدة  إلاّسلكتها  . و كلما انتشرت الدعوة و توسعت إلاّ  و ازداد غضب قريش و حقدها على الذين آمنوا من أصحاب الرسول صلى الله عليه و سلم و تضاعف عزمهم على محاربتهم و القضاء عليهم.فما هي هذه الصور و الأشكال لمحاربه الدعوة الجديدة و أنصارها؟ 1) التشويه و السخرية : استعملت قريش كل الوسائل   للضغظ على الرسول صلى الله عليه وسلم للحط من معنوياته و تشويه دعوته و إيذاء  أصحابه الكرام رضي الله عنهم جميعا. عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الوليد  بن المغيرة  اجتمع و نفر من أصحابه،و كان ذا سن فيهم، و قد حضر الموسم ، فقال :إن وفود العرب ستقدم عليكم فيه،و قد سمعوا بأمر صاحبكم هذا،فأجمعوا فيه رأيا و احدا….و لا تختلفوا فيه ، فيكذب بعضكم  بعضا ،و يرد قول بعضكم بعضا، فقيل :يا أبا عبد شمس: فقل و أقم لنا رأي نقول  به   قال :بل أنتم  فقولوا و أنا أسمع. فقالوا : نقول كاهن.فقال : و ما هو بكاهن، رأيت الكهان  فما هو بزمزمة الكهان.فقالوا :نقول مجنون. فقال : ما هو بمجنون ،و لقد رأينا الجنون و عرفناه، فما هو بخنقه و لا تخالجه و لا وسوسته.فقالوا : نقول شاعر . فقال ما هو بشاعر،قد عرفنا الشعر  برزجه  و هزجه  و قريضه  و مقبوضه و مبسوطه، فما هو بالشعر.قالوا: فنقول هو ساحر. قال : ما هو بساحر  قد رأينا السحار و سحرهم ، فما هو بنفشه ولا عقده. قالوا : فما نقول يا أبا عبد شمس؟قال:و الله إن لقوله لحلاوة ،وإن أصله لغدق.وإن فرعه لجنى، فما أنتم بقائلين شيئا من هذا إلا عرف أنه باطل…..و أن أقرب القول أن تقولوا هذا ساحر، يفرق بين المرء و دينه و  عشيرته ………….فتفرقوا عنه بذلك   فجعلوا يجلسون للنّاس حتى قدموا الموسم، فلا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه، وذكروا لهم أمرهم) (1)         يقول ابن اسحاق: (وكان النضر بن الحارث، ممن  كان قد قدم من الحيرة ،وكان قد تعلم بها أحاديث ملوك الفرس، و احاديث رستم و اسبنديار…… فكان إذا جلس رسول الله مجلسا فذكّر فيه بالله ، و حذّر قومه ما أصاب من قبلهم من الأمم  من نقمة الله خلفه في مجلسه إذا قام، ثم قال:(  أنا و الله يا معشر قريش أحسن حديثا منه ، فهلم إليّ  ، فأنا أحدثكم  أحسن من حديثه ، ثم يحدثهم عن ملوك فارس و رستم و اسبنديار ثم يقول : بماذا محمد أحسن حديثا مني ) 2.   هكذا بدأت المواجهة بين النبي صلى الله عليه و سلم و قريش، بدأت بالتشويه و السخرية و التهكم ، و لكن النبي لم يأبه لهذا الأمر لأنه كان يعلم (ص) علم اليقين أنه ما جاء نبي بمثل ما جاء به محمد صلى الله عليه و سلم إلاّ أوذي و عودي و حورب   بشتى الوسائل و الطرق، ما يرده ذلك عن دين الله أبدا. 2) الترغيب و دس السم في الدسم: لمّا رأى المشركون أن عدد المسلمين في ازدياد مستمر، و أحسوا أن أمر هذا الدين   سيتجاوزهم ، إن لم يفعلوا شيئا قبل فوات الأوان، قرروا اللجوء إلى أسلوب المساومات و الترغيب و محاولة الإحتواء واللف والدوران   أولا علّهم يحققون أهدافهم ويضعون حدا لانتشار هذه الدعوة بأقل التكاليف الممكنة، فاختاروا للقيام بهذه المهمة زعيما من زعمائهم قد عرف بالحكمة  و الكفاءة العالية والفصاحة و الذكاء الوقاد و هو عتبة بن ربيعة   عن جابر بن عبدالله  قال : (اجتمعت قريش يوما ، فقالوا :انظروا أعلمكم بالسحر و الكهانة و الشعر،فليأت هذا الرجل الذّي فرق جماعتنا ،و شتت أمرنا ، و عاب ديننا ،فيكلمه ، و لينظر ماذا يرد عليه؟ فقالوا ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة). و تولى عتبة المهمة بأسرع ما يكون، فكلم النبي محمدا صلى الله عليه و سلم كلاما ليّنا و عرض عليه كل المغريات الممكنة ،فقال: ( يا ابن أخي إنّك منّا حيث علمت من السطة(الشرف)في العشيرة ،والمكان في النسب ،و إنك قد أتيت قومك بأمر عظيم    فرقت  به  جماعتهم ، وسفهت به أحلامهم ، و عبت به  من مضى من آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها) فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :  ( قل يا أبا الوليد، أسمع).قال: (يا ابن أخي ، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر  مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا،و إن كنت تريد به شرفا سوّدناك علينا حتى لا نقطع أمرا دونك ، و إن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا،و إن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطبيب، و بذلنا فيه  أموالنا حتى نبرئك منه ، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى  يداوى منه) و في رواية (و إن كان إنما بك ـ الباءـ فاختر أي نساء قريش شئت فنزوجك عشرا). فقال رسول الله (ص) (فرغت؟) قال:نعم !! فقال رسول الله (ص): بسم الله الرحمان الرحيم (حم، تنزيل من الرحمان الرحيم ، كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون ) إلى أن قال( فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد و ثمود) فقال الرجل(أي) عتبة(حسبك!! ما عندك غير هذا ؟) فقال رسول الله (ص) : ( ما بي ما تقولون، ما جئتكم أطلب أموالكم ،و لا الشرف فيكم، و لا الملك عليكم ، و لكن الله بعثني إليكم رسولا ، و أنزل علي كتابا ، و أمرني أن أكون لكم بشيرا و نذيرا، فبلغتكم رسالة ربي، و نصحت لكم ،فإن تقبلوا مني ما جئتكم به  فهو حظكم في الدنيا و الآخرة ، و إن تردوه علّي  أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني و بينكم)3. لقد عرضوا عليه كل أنواع المغريات ، من مال وفير وجاه و سلطان و عشرا من  أجمل و احسن بنات قريش الفاتنات، فما وهن لما عرض عليه من حبائل الشيطان وما استكان لدنيا يصيبها أو زوجة ينكحها ، و إنما كان موقفه الواضح وضوح الشمس و وضوح عقيدة التوحيد الخالص  هو الرفض القاطع و الجازم لكل المساومات الرخيصة و لجميع المغريات الدنيوية  . و فهم سفير قريش بثاقب فكره، و طول خبرته، و معرفته بمعادن الرجال، أن محمدا ليس رجلا عاديا كغيره من الرجال ، و إنما هو صاحب رسالة عظيمة  ،أنسته حُبّ الدنيا  و شهواتها و ملذاتها ، و جعلت هواه تبعا لهذه الرسالة و ما جاء فيها من حق مبين و ذكر حكيم ، و لذا  فقد نصح قومه و أخلص لهم النصيحة بقوله: (يا معشر قريش ، أطيعوني و اجعلوها بي ،و خلّوا بين هذا الرجل و بين ما هو فيه فاعتزلوه، فوالله  ليكُونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم ، فإن تصبه العرب كفيتموه بغيركم، و إن يظهر على العرب ، فملكه ملككم، و عزه عزكم ، و كنتم أسعد الناس به ) ، و لكن القوم لا يفقهون ، فحب الدنيا أعماهم و الشيطان أغواهم. لقد طالت سياسة المفاوضات و تعددت أساليبها  ،و تنوعت العروض ، فمرة فردية ،و مرة جماعية ،ومرة شبه معقولة ،وغالبا غير معقولة،ولكن أهل المباديء و القيم الرفيعة و الرسالات العظمى ،لا يمكن أن تغريهم الثروات و الجاه و السلطان ، فهذا شأن صغار النفوس  ، إلاّ أن تكون تلك الثروة ،و ذاك الجاه أو السلطان شرعيان و في خدمة القضايا العادلة و الصالح العام . إنّ إصرار النبي على الدعوة إلى الحق ،الذّي  أنزل عليه ، جعل قريشا في حيرة من أمرها،و شيئا فشيئا أصبح هذا الثبات على المبدإ، و الإستمساك  به ، و العض عليه بالنواجذ، من طرف النبي (ص) و أصحابه ،  مصدر إزعاج و حيرة وخوف من المستقبل الذي ينتظر قريش و خاصة زعماءها و ينتظر آلهتهم و مصالحهم و مواقعهم الإجتماعية و السياسية التي ستنقلب رأسا على عقب  ، الأمر الذي دفعهم إلى مقابلة أبي طالب للمرة الثانية، و هم صاغرون ، ليكلموه في ابن أخيه قائلين: ( يا أبا طالب إنّ لك سنّا و شرفا و منزلة و إنّا قد استنهيناك  من ابن أخيك فلم تنهه عنّا،و إنّا والله لا نصبر على شتم آبائنا و تسفيه أحلامنا و عيب آلهتنا حتى تكفه عنّا ، أو ننازله و إياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين فبعث ابو طالب إلى ابن أخيه إن قومك قد جاؤوني فقالوا لي كذا و كذا ، فابق عليّ و على نفسك ، و لا تحملني من الأمر ما لا أطيق )( 4)  و ظنّ الرسول صلى الله عليه و سلم، عند سماع هذا الكلام ، أنّ عمه قد ضعف عن نصرته و استجاب للضغوطات القرشية ، و أنه ربما خذله وأسلمه لأعدائه و خصومه فقال ، و هو ثابت الجنان،عزيزا بالله و موصول القلب به،(يا عم ، والله  لو وضعوا الشمس في يميني و القمر في يساري على أن أترك هذا الأمر  ما تركته  حتى يظهره الله أو أهلك فيه ) فما كان جواب عمه إلا أن قال : ( اذهب يا ابن أخي فقل ما  أحببت فوالله لا أسلمك لشيء أبدا)(5)     روى الطبري و ابن كثير و غيرهما أن نفرا من المشركين فيهم الوليد بن المغيرة و العاص بن وائل جاؤوا فعرضوا على رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يعطوه من المال حتى يكون أغناهم  و أن يزوجوه أجمل أبكارهم على أن يترك شتم آلهتهم  و تسفيه عاداتهم ، فلما رفض إلاّ الدعوة  إلى الحق الذّي بعث به ، قالوا : فتعبد آلهتنا يوما و نعبد إلهك يوما ، فرفض ذلك أيضا و نزل تعليقا على ذلك قوله تعالى : ( قل يا أيها الكافرون  ،لا أعبد ما تعبدون ، و لا أنتم عابدون ما أعبد، و لا أنا عابد ما عبدتم ، و لا انتم عابدون ما أعبد، لكم دينكم و لي دين ) الكافرون. إن فلسفة الإسلام تقوم أولا و أساسا على عماد الشرف و الصدق في كل من الوسيلة و الغاية. وهذا هو السبب الذي يفسر تهاوي كل الإغراءات و المساومات أمام الموقف الثابت على المبدإ،المستمسك بالمنهج الرباني في إبلاغ الدعوة ،و إقامة الدولة الراشدة ذات البعد الإنساني الأصيل . و هكذا لمّا أدركت قريش ألاّ جدوى من أية محاولة تبذل لاستمالة أبي طالب  ووقف حمايته للرسول،كما تقدم،قررت أن تدع أسلوب المفاوضة و الحوار إلى أسلوب الحرب النفسية،والتهديد و الوعيد والتعذيب و الحصار ثم  الإغتيال      أوالتشريد. المراجع: 1)البداية و النهاية لابن كثير2/67ــ 68   2)ابن اسحاق: السيرة النبوية 1/ 300 3)البداية و النهايـة3/ 68/  السيرة النبوية لإبن هشام 294 4) ابن هشام ص 55/56/  الطبري 2/323/     5) ابن هشام ص 65/  الطبري2/326 مصطفى عبدالله الونيسي/باريس ــ فرنسا 

 
 

الإمام القرضاوي آخر مجدد لآخر مائة. ( الجزء الثالث ).

 
3 ــ الجهاد على كل الجبهات باللسانين ( القلم أحدهما ) وبالعمل والمقاومة :  ذلك أمر آخر يجعلني أرشح الإمام القرضاوي للتربع فوق عرش التجديد كآخر مجدد لآخر مائة وهو بذلك جدير. ذلك الأمر هو أن الإمام ـ بخلاف أكثر الفقهاء بله العلماء والمصلحين ـ يجاهد على كل الجبهات المفتوحة. إليك بعضا من ذلك : أولا : جبهة التراث :  يتجلى ذلك من خلال إعتماده على ذلك التراث إعتمادا كبيرا جدا فهو يطلع عليه ويدرسه ويحاكمه إلى محكمات الشرع أولا ثم إلى زمانه ثانيا ثم إلى حاجيات عصرنا ثالثا ثم يقتبس منه العبرة وهو من تولى تفصيل الإجتهاد ـ ولا أعلم أحدا سبقه إلى ذلك ـ إلى إجتهاد مطلق وإجتهاد داخل المذهب وإجتهاد إنشائي وآخر ترجيحي وإجتهاد عام وآخر خاص بحقل ما وإجتهاد فردي وآخر جماعي. يقوم إجتهاده حيال التراث على قاعدة أصولية جليلة ظل يرددها عشرات المرات  » لا ينكر تغير الفتاوى ـ أحيانا ترد كلمة الأحكام وهو إختلاف صوري هنا ـ بتغير موجباتها  » كانت تلك الموجبات أربعا ثم مد فيها الإمام إلى عشر. ظل ينكر على عبيد الفكر التقليدي إنكاره على عبيد الفكر الغربي سواءا بسواء وتلك هي عماد الوسطية التي كان عميد الدعاة إليها طرا في العصر الحاضر. ينقل عن شيخيه إبن تيمية وإبن القيم ثم يعلن الإختلاف معهما هنا وهناك بأدب العلماء الجم. بقدر إعجابه بالشهيد سيد قطب عليه رحمة الله سبحانه وبنقله عنه سيما من الظلال موطئ ريشة البيان الساحر يكتب ناقدا له فيما إجتهد فيه من أفكار حول المجتمع ولكنه ينصفه مع إنصافه للمرحوم المودودي في مسألة لاكها العلمانيون كثيرا وهي : الحاكمية. كل من يتتلمذ على الإمام يدرك أنه لا يؤسس رأيا حتى يطلع على رأي التراث فيه لا يتوقف عند مشهور ويغضي عن مبتور فما إستتر بالأمس قد يكون حبل نجاة لهذا اليوم. على أن من أكبر ما قدم الإمام في جبهة التراث ـ فيما غنمته أنا على الأقل ـ هو : قيام الإمام على إعادة هضم التراث بلسان عصري مبين وميزان عقلي محكوم بثوابت الشرع القطعية ثم تقديمه إلى الناس على طبق من فضة أو ورد كما يقولون. لو قام بعضنا بذلك ربما تاه في غابات ذلك التراث ـ ولتأخذ منه مثالا واحدا : هو ما حبره إبن تيمية وإبن القيم ـ فهو تارة فاغر فاه لفرط الإعجاب وأخرى شديد الإنكار وثالثة مثله مثل الأصم في عرس هارج مارج. من لم يقرأ للإمام القرضاوي لظن قطعا إن كان من المهتمين المتابعين بأن إبن تيمية نموذج للإنغلاق والتحجر ورفض التجديد وركل الإجتهاد. وكما قال الإمام : من علا كعبه ضل فيه الناس فهذا علي عليه الرضوان تقابلت فيه فئتان واحدة تؤله والأخرى تجرم وذاك إبن تيمية جرى له بمثل ما جرى لعلي كرم الله وجهه. كما تمكن الإشارة هنا إلى الجهود الكبيرة للإمام في إنصاف التراث والتاريخ الإسلاميين وربما تجلى ذلك أو بعض منه في كتابه  » تاريخنا المفترى عليه  » وذلك في مقابل صورة حديثة لكثير من الكتاب الإسلاميين الذين ينجحون في نحت صورة نقدية لذلك التراث ولكن على حساب مواطنه المضيئة أحيانا أو على حساب ما يجب أن يلتقطه العقل البشري المعاصر من ذلك العمل النقدي حصيلة نهائية في أحيان أخرى هي الأغلب. إذ الفرار من لدن أولئك من مجاجة القراءة التبريرية الإعتذارية التي سادت في عقود غير بعيدة دون تشبث بالمعايير العلمية في النقد الذاتي لتجربة أمة يخسف بها اليوم في كل مكان رغم صحوتها المتنامية .. جعلهم يقعون فريسة لبعض التفسيرات الخاطئة لتراث الأمة وتاريخها. ثانيا : جبهة الفقه الإسلامي :  الفقه جزء من التراث دون ريب بما هو فهم للأصلين الثابتين القرآن والسنة ولكنه يختلف عن التراث قليلا بسبب تلك العلاقة الحميمية مع ذينك الأصلين فالفقه بما هو شريعة ثابتة ليس تراثا بل هو وحي وبما هو فهم لتلك الشريعة في ظنياتها لا في قطعياتها هو تراث. على كل حال أردت تخصيص الفقه في مشروع الإمام بشيء خاص. يتمحور عمل الإمام في هذه الجبهة على أقطاب كثيرة منها قيامه على تيسير ذلك الفقه في أصوله وفروعه معا بل وفي مقاصده كذلك تيسيرا ينتفع به طالب العلم المعاصر ويتناسب مع تسارع وتيرة نمط الحياة في الشرق والغرب سواءا بسواء بالكاد وهو تيسير قال عنه الإمام أنه كان في البداية يتخول الناس به تخولا لفرط ما غلبت عليهم الأحوطيات آصارا مأصورة تثقل كواهلهم ولكنه سرعان ما إنتبه إلى أن الشريعة إنما قامت إبتداءا على اليسر وهي معركة أساسية تجند لها الإمام بالكلية تقريبا ثم نجح فيها. وله في ذلك رسائل تتعلق بالطهارة والصيام وغير ذلك. كما قام عمله في هذا الصدد على تجديد الفقه مبينا أن التجديد لا يقوم على هدم القديم ولكن يقوم على حسن فهم القديم وحسن فهم أسبابه وملابساته وحسن فهم أيلولته المعاصرة وحسن فهم مقاصده وغير ذلك من جوانب الفقه القديمة الجديدة التي نتعرض لها في هذه الرسالة إن شاء الله تعالى. تجديد الفقه عند الإمام يقوم على رعاية تبدل الزمان والمكان والحال والعرف وغير ذلك من موجبات التغير التي طورها إلى عشرة بدل أربعة. كما قام تجديد الفقه عنده على رعاية الضرورات والحاجات بشرائطها المعلومة ومحاولة تحقيق مناطاتها بعد إخراج وتهذيب ومن ذلك مثلا : ترجيح مذهب الإمامين أحمد ومالك عند الضرورة في توقيت صلاة الجمعة سيما بالنسبة للبلدان التي لا تتخذ يوم الجمعة عطلة لها ـ وهي مع الأسف الشديد ربما تونس فحسب ـ أو البلاد الغربية. أي قيام التجديد على الإنتقاء ترجيحا للمصلحة أو التأجيل في أحيان أخرى والإستثناء وغير ذلك من الآليات الفقهية تحقيقا لصلاحية الشريعة لكل إنسان ومكان وزمان. كما قام عمله في هذا المجال على رعاية الإهتمام الشمولي للفقه الإسلامي فبحث في الفقه السياسي والفقه الإقتصادي والفقه الحربي وفقه العلاقات الخارجية وفقه الدعوة الإسلامية المعاصرة وفقه الفنون  وله في كل ذلك مؤلفات وفتاوى. وبالجملة أسس عمله الفقهي على ما ظل يؤكد عليه من ضرورة الجمع بين فقه النص أو فقه الأحكام وفقه المقصد وفقه الواقع أو فقه المآل. كما كبرت عنايته بضروب من الفقه قديم جديد. هو قديم في الحقيقة ولكن طغت عليه عاديات الإنحطاط بركام وبيل من النسيان والتجاهل فبدا كأنه جديد وما هو كذلك. ومنه فقه الأولويات وفقه الموازنات وفقه السنن والأسباب وفقه الخلاف والحوار والإئتلاف وفقه الجماعة والوحدة. كما قام عمله على أقطاب أخرى هنا منها ضبط العملية الإجتهادية في الإسلام على أساس مقولة ذهبية خالدة هي :  » الإجتهاد المشروع هو من أهله وفي محله « . كلمة صغيرة لخصت القضية برمتها بأيسر سبيل. ذلك أن الإجتهاد هجم عليه من غير أهله كثر منهم العلماني الذي يريد بالدين إخسارا بإسم المقاصد ومنهم الغالي الذي يريد الأمر ذاته بإسم النص كما هجم آخرون من أولئك وهؤلاء ومن غيرهم على مواضع الثبات والقطعية في الدين جاهلين بأن مواضع الإجتهاد في الدين هي ثلاثة أرباع الدين كله إلا ربع واحد لا سبيل عليه وهو : القطعي ورودا ودلالة أما القطعي ورودا الظني دلالة والظني ورودا القطعي دلالة والظني ورودا ودلالة فيلجها الأجتهاد ولكن دوما على أساس :  » .. من أهله « . لا من غير أهله. فإذا كانت الأهلية للإجتهاد في تبينن الدلالة قد تتيسر بعد علم وجهد وفقه وتجربة فإن الأهلية للإجتهاد في تبيين الورود ـ أي السنة ـ ليس متاحا لكل أحد حتى لتكاد تقول ـ بشيء من التجوز طبعا ـ بأن ذلك هو الحقل الوحيد الذي يصح فيه قولنا : لم يترك الأولون فيه للآخرين شيئا. إلا قليلا إن شئت قلت إستثناء. كما إهتم الإمام في تجربته بفقه الأقليات وذلك من جانبين : الأقلية غير المسلمة في بلاد إسلامية وجاء هذا الإهتمام من حيث الترتيب الزمني متقدما على الإهتمام بالجانب الثاني وهو الأقلية المسلمة في بلاد غير إسلامية. ثم كادت تآليفه في هذا الفقه تستوعبها الأقلية الثانية بسبب إلحاحية الموضوع عمليا ولتزايد عددها وتراكم مشروعها عقدا بعد عقد بنجاحاته وإخفاقاته وتحول الأرض كما يقال إلى بيت من زجاج لعائلة صغيرة. كما قام عمله في جبهة الفقه الإسلامي على تقديم المتفق فيه على المختلف فيه وعلى جواز التمذهب بكل مذهب سيما ضمن المذاهب الثمانية المعروفة ـ ومنها الشيعة الإثنا عشرية والزيدية والأباضية والظاهرية ـ وعلى ضبط منهج للفتوى ـ له فيه كتاب ـ وعلى تقديم الحاجة ـ فضلا على الضرورة ـ بالنسبة للمسلم المعاصر بدل الغرق في فرضيات اللأرأيتيين وعلى الموازنة بين حاجة الفرد وبين حاجة الجماعة أو على إبراز فقه الجماعة فيما تعم به البلوى كما يقول الفقهاء. وغني عن التذكير بأن إهتمام الإمام بالمرأة في إجتهاده الفقهي كبير جدا حتى إنه سمى كتاب المرحوم أبي شقة  » تحرير المرأة في عصر الرسالة  » سفر المرأة غير المسبوق وقدم له وأثنى عليه كثيرا دون أن يغفل عن ذكر إختلافه معه في نقاط محددة. ومن خلال فقه المرأة كثيرا ما يتعرض الإمام إلى فقه الأسرة المسلمة كلية. التشريع الإسلامي عند الإمام يتسع في الحاضر لما إتسع له في الماضي حين قامت حضارة الأمة على التنوع الشديد كلاميا وأصوليا وفقهيا وتفسيريا وحديثيا وأدبيا وفنيا فما زادها ذلك التنوع إلا ثراء وخصوبة وبه حدثت معجزة الزمان إذ دخل المحتل في دين المحتل أيام هجمة هولاكو على بغداد بعد تحويلها بركا من الدماء شلالة وتحويل دجلة إلى بركة سوداء من أثر المداد لا زرقاء جميلة كما كانت. إنما تضيق أخلاق الرجال و لا يضيق الإسلام بحرية التفكير أبدا ضمن سقفه الأعلى وجماعته المتحدة. تلك هي بعض أركان الإجتهاد الفقهي عند الإمام بإختصار شديد جدا أختمها بإشادته دوما بكتاب السيوطي عليه رحمة الله :  » الرد على من أخلد إلى الأرض وجهل أن الإجتهاد في كل عصر فرض « .  ثالثا : جبهة الصحوة الإسلامية المعاصرة : ربما يكون مناسبا جدا من رجل تربى ونشأ وترعرع في أحضان أم الحركات الإسلامية المعاصرة  » الأخوان المسلمون » بل على يد آخر مجدد لآخر مائة : الإمام البنا .. أن يتمحض لترشيد الصحوة الإسلامية المعاصرة. أجل. هو ذاك قطعا. تخرج الإمام في الأصل من كلية أصول الدين بما يعني أنه ينبغي عليه أن يكون قلمه في حقل الكلاميات والفلسفة ربما لا يبرحه ولكنه ما إن عافس حياة الناس بحلوها ومرها وعاين ما ترزح تحته الأمة بأسرها من إحتلال عسكري وهجمة فكرية عنيفة عرفت بالغزو الفكري وجمود في الدوائر العلمية والفقهية الرسمية والشعبية إلا قليلا لا يكاد يفي بغرض المقاومة .. حتى إختار طريق الجمع بين العلم والفقه من جهة وبين الجهاد والمقاومة ـ حتى بالكلمة والقلم إن عزت الأخرى ـ هي أقدار في حقيقة الأمر يصرفها ربك سبحانه كما يريد فلا معقب لحكمه إذ روى الإمام في مذكراته وفي بعض كتبه بأن عمه ـ وقد عاش يتيما ـ لم يكن يريد له أن يلتحق بالأزهر بسبب بعده عنه وبسبب شبه بطالة خريجيه  » حشف وسوء كيلة  » كما قالت العرب ولكن طاف عليهما طائف ذات يوم من أيام الصيف القائظة في قرية بالصعيد نائية ( سفط تراب ) فأقنعه بلطف ويسر بأن إبنه هذا الذي يخطط له على ذلك المنوال القريب ربما يكون له شأن بعد عقود وهل يعلم هو أو غيره ما ذا يكون في غد؟ ربما بدأ الإمام رسالة ترشيد الصحوة بكتابه  » الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف  » وهنا حكاية طريفة ـ ولكنه ضحك كالبكاء كما يقولون ـ أعيد روايتها متأسفا على عدم تجاوب موقع الإمام الإلكتروني مع مختلف تنبيهاتي في هذا الصدد. مخ القصة هي أني كنت ذات يوم من أيام رمضان قبل خمس سنوات في مدينة برلين مع صديق عزيز ( عبد الله النوري ) نجمع التبرعات من المسلمين في رحلة رمضانية سنوية ضمن جمعية مرحمة للإغاثة لصالح عائلات المساجين السياسيين في تونس ( كلهم تقريبا من حركة النهضة التونسية ) وهي جمعية زكاها الإمام بخط يده وهي عضو بإئتلاف الخير الذي أسسه قبل سنوات. وفي أثناء راحة الصلاة توجهت كعادتي إلى المكتبة المسجدية فعثرت على كتاب يحمل عنوان  » الصحوة الإسلامية بين الجمود والتطرف ». أجل. الجمود. بالميم بدل الحاء. قلبت الكتاب فلم أجد فيه إختلافا واحدا عن الكتاب المعروف للإمام سوى هذا الخطأ. راجعت صاحب المكتبة فقال بأن مهمته البيع ولم يسمع بالكتاب أصلا. دعوت صديقي النوري فسألته عن كتاب الإمام فأثبت لي أنه  » الجحود  » بالحاء. أظلمت الدنيا في عيني ورب الكعبة وتألمت ألما قلما أتألم مثله. نقلت كل المعلومات عن دار النشر وسلسلته وما إلى ذلك وأعلمت الموقع حال رجوعي إلى بيتي إلكترونيا فما ظفرت بشيء أصلا وظللت أذكرهم مرة بعد مرة حتى يئست. ويا ليت المصيبة توقفت عند ذاك إذ بعد ذلك بحوالي عامين تقريبا صادف أن توجهت إلى باريس برفقة الصديق عبد الله مرة أخرى بغرض البحث عن بعض الكتب للإمام قرأنا عنها ولم نظفر بها من مثل كتاب عن الجهاد الذي أخبرنا الشيخ راشد الغنوشي قبل ما لا يقل عن سبع سنوات بأن الإمام يعده وقد تصل صفحاته إلى بضع مئات ولكن تبين أن الكتاب ما زال قيد التأليف ـ ربما إلى وقتنا هذا ـ . كانت هناك في باريس الطامة الكبرى : عثرت ورب الكعبة على الكتاب ذاته في إحدى المكتبات بالمنطقة العربية فثارت ثائرتي ضد صاحب المكتبة ولكن واجهني بأسلوب التاجر الذي لا يهمه من عمله سوى الكسب المالي. عاودت الإتصال ثانية ـ بل عاشرة ـ بموقع الإمام إلكترونيا مزودا إياهم بكل المعطيات اللازمة لتفادي الخلل وعمل شيء ما مع هذا الناشر الذي لا يصلح لنشر العلم. ولكن كان جزائي تماما بمثل ما قال الشاعر الحكيم : لقد أسمعت لو ناديت حيا. أجل. هي ورب الكعبة غرغرة حزن عميق وخيبة أمل لاذعة أبوء بإثمها إلى يوم الناس هذا. اللهم قد بلغت اللهم فأشهد. قام عمل الإمام في هذه الجبهة على محاور كثيرة منها : تثبيت مشروعية الصحوة في الأمة على معنى أنها وعد رباني لا يتخلف لحفظ الأمة وحفظ الذكر الموعود في سورة الحجر وأن رسالة تلك الصحوة ـ سيما إذا تبلوت أو تبلورت أجزاء منها ضمن حركات إسلامية ـ هي القيام على فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير بحسب ما ورد صحيحا صريحا في سورة آل عمران تارة بصيغة الأمر المؤكد  » ولتكن منكم أمة  » سواء كانت أمة من الأمة أو كانت الأمة بأسرها كذلك ( والوجهان في اللغة محتملان ) وتارة أخرى بصيغة تحديد أوصاف الأمة وشروطها الضرورية لحفظ أركانها الأخرى المذكورة من مثل الوحدة والوسطية والخيرية والشهادة والقوة والأمانة والعدل والعمارة وغير ذلك  » كنتم خير أمة أخرجت للناس « . فالصحوة إذن ومن بعدها الحركة وليد شرعي للأمة سواء نبتت سليمة أو مشوهة فالمشوه يجبر خلقه والسليم يعزر ويشجع أما إعدام الصحوة أصلا بدعاوى باطلة إما بـ  » تأويل الجاهلين أو إنتحال المبطلين  » فذلك لا يكون. خلاصة ذاك هو ما ظل يردده على مدى عقود : العمل للإسلام ضمن جماعة فريضة شرعية وضرورة واقعية. كما قال الإمام بمشروعية تعدد تلك الصحوات وما ينبثق عنها من حركات إسلامية خدمة لقانون التنوع في البشرية غير أن الضابط الأسنى لذلك التعدد هو ضمان حد أدنى من الوحدة الشعورية والسلوكية لأن الغرض الأكبر للصحوة والحركة إنما هو تقريب مسافات توحيد الأمة لبنة بعد لبنة فلا تشكو الأمة اليوم أشد من شكواها من داء التفرق وداء الإستكبار المسلط عليها نفيا لتحررها وجورا وحيفا على مواردها. ظل الإمام يحلل عوامل الغلو والتشدد في الصحوة المعاصرة وهو ما لا يتسع المجال له هنا في هذه الرسالة المرتجلة ولكن لابد من الإشارة إلى أنه يعتمد على محورين : أحدهما ذاتي يتعلق بقصور في العلم الشرعي بأصوله وضوابطه ومقاصده المعلومة وحصول ما يشبه النفرة بين أهل ذلك العلم من الجانب الرسمي وحتى الشعبي الأهلي أحيانا والآخر منهما موضوعي يتعلق بسطوة البطش المسلط على تلك الصحوة من تعذيب تقعشر لسماعه الأبدان فتك بمئات من خيرة شباب تلك الصحوة عقدا بعد عقد. إلى آخر ذلك مما يضيق المجال عنه الآن رغم حاجة القارئ إليه. كما قام عمل الإمام هنا على توجيه النقد الموضوعي بخلق دمث إلى الحركات الإسلامية العاملة سيما فيما يتعلق ببرنامجها التربوي الذي يقوم في أحيان على الإرتباط بالشخص بأزيد من اللزوم على حساب الإرتباط بالفكرة أو الإرتباط بالتنظيم من هياكل وتراتيب على حساب الإرتباط بالقيمة الخلقية التي من أجلها وجد التنظيم وأهلت القيادات. وكذلك على غفلة بعض تلك الصحوات عن فقه الأولويات وله في ذلك كتاب هو من أورع ما قدم للمسلمين عامة والعاملين منهم خاصة. وهو فقه يقوم على مراتب الأعمال كما يسميها إبن القيم وهو وليد مزاولة فقه الموازنات وله شواهد في القرآن الكريم كثيرة فضلا عن السنة. كما يعيب الإمام على بعض تلك الصحوات أو الحركات موقفها المتشدد من المرأة تحكيما لأقوال الرجال في نصوص الوحي الثابتة أوتأثرا بوضع بيئي وأعراف غير مقبولة شرعا وكذا موقفها من الغرب سيما إذا نظر إليه على أنه كتلة واحدة لا تقبل التفصيل والإنتقاء مبينا بمثل ما إنتهى إليه إبن تيمية بأن الكفر والإختلاف في الدين عامة ليس سببا للإقتتال ولا حتى دون ذلك وإنما إستخدم القرآن ذلك في توجهه إلى الكافرين بسبب أن أغلب المحاربين المعتدين يومها على المسلمين ـ بل كلهم تقريبا ـ من الكافرين فكان الإطلاق بسبب الصفة الغالبة وبذا يكون الجهاد باليد والقوة ـ سيما في قتال الدفع إذ في قتال الطلب كلام جديد ربما نشير إليه ـ ردعا للظالمين سواء وقعوا علينا أو على غيرنا من المسالمين. وهو مثلب كبير وقع فيه مئات ـ بل ربما آلاف ـ من الشباب المعاصر. كما قام عمل الإمام على مبادئ أخرى كثيرة في هذا الصدد منها بعث الأمل في الله وفي دينه ودعوته والأمة والإنسان عامة محصيا المبشرات بظهور الإسلام لئلا يستبد القنوط ببعض الشباب فيرد الفعل بأساليب قد لا تخطر على بال وهي مبشرات تتراوح بين النص وبين الواقع. وكذلك على إستحالة تعارض القطعيات بين الدين والعلم في الإسلام فما كان قطعيا في العلم كان كذلك في الإسلام والعكس صحيح ولكن تتعارض الظنيات مع القطعيات في هذا المجال حين يستعجل مجتهد ـ بله غير مجتهد ـ في الدين أو في العلم فينسب لأحدهما القطع فيتراءى له التعارض وماهو كذلك وهو ما أشار إليه مطولا في نقاشه لقضية معاصرة شغلت الناس كثيرا وهي التفسير العلمي بين مفرط ومفرط. كما ألهمه الله سبحانه فصل الخطاب في قضية الفنون وما إليها بوضعها تحت جناح المباح المقيد وهو أوسع جناح في الشريعة الإسلامية إذ كل مباح ـ وهو الأوسع في الإسلام ـ يقيد بما يدرأ عن الإنسان الفساد. وقام منهجه هنا ـ وفي الأغلب في الحقيقة ـ على تحكيم القرآن الكريم في السنة وليس العكس إذ عادة ما تكون السنة مبينة والقرآن الكريم كله قطعي الورود دون السنة ولكن على أساس حفظ حق الآحاد في التشريع ولو تفصيلا أو تبيينا إذ كل ما ورد إلينا من تفاصيل هو آحاد وهو ما يعبر عنه بالمتواتر المعنوي أو إجماع الأمة جيلا بعد جيل وعلى التفصيل والتمييز بين مقامات المشرع ـ هنا هو النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام ـ داعيا إلى مواصلة ما بدأه بتفصيل الإمام بن عاشور في  » مقاصد الشريعة الإسلامية  » وإن كان الأمر قد سبقه إجمالا وبين مواطن السنة ـ وهو يميز أيضا بين السنة وبين السيرة ـ أي بين قول وفعل وتقرير مذكرا بقاعدة لا غنى لإبناء الصحوة عنها : الفعل النبوي لا يفيد أكثر من الجواز والمشروعية والإباحة إلا إذا إقترنت به قرينة قوية تحمله على حكم آخر كالوجوب أو الإستحباب. تأمل في هذه المواقف للإمام في قضايا معاصرة رغم جزئيتها شغبت على كثيرين : ـ المصافحة : قال فيها قولا سديدا حكيما يجمع بين الظني الشرعي وبين مصلحة الدعوة ومصلحة الوحدة بما هي تآخ وتعاون وتآلف :  » لا بأس ما دعت الحاجة وأمنت الفتنة « . كما أشار إلى العرف السائد في تلك المسألة فالمعروف عرفا كالمشروط شرطا كما قال الأصوليون. ـ البدعة : قال فيها بأن البدعة المنكورة المقصودة من حديثه عليه الصلاة والسلام  » من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ( أو رد عليه )  » وجزء من حديث :  » .. وكل بدعة ضلالة  » ما مفاده أن ما ثبت قطعا من الدين في عقائده ( خاصة أصولا ) وعباداته من معدودات وهيئات وصور وأشكال ومكيلات وموزونات ومؤقتات ومقولات وبالجملة كل ما هو موقف من السماء بنص القرآن الكريم أو بنص الحديث النبوي الشريف لا يدخله التغيير بحال أبدا فإن كان فتلك هي البدعة المنكورة في الدين سواء كان بزيادة أونقصان وذلك هو معنى آخر الآيات نزولا  » اليوم أكملت لكم دينكم « . أما تدين الناس خارج تلك الدائرة بما هو أعراف وتقاليد فضلا عما سكت الشارع عنه من الشأن العام مكتفيا بالمبادئ الكلية والمقاصد العامة سياسة وإقتصادا وإجتماعا وحركة حياة في السلم والحرب وغير ذلك مما لا يحصى فإنه يدور بين المقبول والمرفوض والصالح والطالح والصواب والخطإ وليس بين البدعة والسنة إلا فيما ندر من ذلك مما يعرفه الراسخون ولا يأتي هنا تحت تفصيل. وهو يرجع في ذلك إلى كتاب الإعتصام للإمام الشاطبي وغيره مضيفا إلى ذلك تجربته وعركته للحياة. كما تطرق الإمام بصدد البدعة إلى تقسيمها إلى مغلظة ومخففة. ـ النقاب : قال فيه بأنه لا مجال للقول بسريان حكم الخمار عليه بحال فهذا ثابت محكم وذاك مختلف فيه إما أن يكون عادة عربية قديمة أو إجتهادا بشريا خاصا سواء في عهده عليه الصلاة والسلام أو بعد ذلك فلا يأمر به آمر ولا ينهى عنه ناه فهو مباح بخلاف الخمار الذي هو واجب مفروض فمن شاءت تنقبت دون نكير على من خالفها ومن شاءت تخمرت دون نكير على من تنقبت وحقل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ فقها ـ محصور في دائرة المتفق عليه من الأوامر والنواهي ولا يتعدى إلى المختلف فيه. على أن التنقب في بعض البيئات قد يجلب للدعوة الإسلامية ضرا بالغا فلا بد من مراعاة فقه الأولويات. ـ الردة : لا يسمح المجال هنا بالتفصيل فيها ولكن أنبه إلى أن الإمام شدد كما شدد غيره في الحقيقة على أن الإفتئات على حق الجماعة في تطبيق ذلك الأمر عند من يرون ذلك بحسب التفصيل الوارد في مقدمة هذه الرسالة حرام سواء كان للجماعة إمام أم لم يكن لها إمام وهو أمر غير وارد وسواء كان ذلك الإمام متغلبا بأي صورة من صور التغلب ـ إلا الإحتلال طبعا ـ أو شرعيا منتخبا. وهو الموقف ذاته الذي شهد به المرحوم الغزالي أمام إحدى المحاكم المصرية في قتل  » مرتد  » وأظن أن الحالة كانت حالة فرج فودة والله أعلم. ما يمكن لكل دارس لمشروع الإمام ملاحظته مقارنة مع إجتهادات معاصرة أخرى تكاد لا تحصى في موضوع الردة من أساطين علم ( من مثل الد. العوا والد. العلواني ) .. أن الإمام يغلب عليه التشبث بما هو مسطور من قديم حتى لو كان إجتهادا غير مشهور وذلك لفرط تحريه التفصيل وتحرير القضايا الجزئية الفرعية في هذه المسألة فلا يسلم لأي قراءة جديدة في نص قديم بيسر وسهولة بل يورد قراءات أخرى له محتملة ثم ينتهي في هذا الموضوع الذي شغل الناس المهتمين من الطرفين الإسلامي والعلماني أو الغربي إلى تغليب إعتبار صيانة الأمة الواحدة المجتمعة على دينها بدينها حتى وهو يوافق على الإستتابة ولو أبد الدهر متوسطا بين حق المرتد في حياة ضميره الداخلي وبين حق الجماعة في عدم تعريض أمنها الروحي للإهتزاز. ـ توخيه التضييق في إيقاع الطلاق موافقا إبن تيمية مراعيا مقصد الإسلام في بناء الأسرة ورعاية الطفولة والشباب مفتيا بعدم إيقاع طلاق الإغلاق ( الغضب ) وما في حكمه حقيقة معنوية من مثل السكر وغير ذلك والطلاق المعلق حاملا ذلك وصورا أخرى كثيرة ما أسعفه ذلك على كفارة اليمين معاتبا العلماء الذين ينظرون في فتواهم إلى النصوص حتى مع ثبوتها مغضين الطرف عن المقصد والمآل ومراعاة الضرورات وحال الأمة بصفة عامة وبعضهم يحيل على الفاروق عليه الرضوان في هذه القضية وهو يؤدب الناس ليرعووا عن التلاعب بألفاظ الطلاق متجاهلين أنه يتصرف من مقام الإمامة التي تأتي منا يناسب ظروفها. ـ الشفاعة في الآخرة : ثابتة بنص القرآن الكريم لله سبحانه كما أنها ثابتة بالنص ذاته لمن يشاء سبحانه من عباده ولكن لا نعين واحدا من أولئك إلا النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام صاحب الشفاعة العظمى وما دونها والشهيد ومن ورد ذكره في السنة النبوية وهو ذكر عام لا تعيين فيه أبدا مطلقا. إنكارها حملا للناس على العمل وتحمل المسؤولية لا يكون وكذا إثباتها لهذا وذاك ممن لم يرد بهم حديث صحيح صريح ـ وهو ما لم يكن ـ لا يكون. لعل أكثر من أثار ذلك الطبيب الداعية المعروف ( الد. مصطفى محمود ). ـ كما إعتبر الإمام رياضة الملاكمة وما في حكمها أقرب إلى الحرمة بسبب ما تخلفه بين الناس من رياضيين وشعوب بأكملها سيما في سورة الغضب وحمى الحماس الأعمى من بوادر عدوان يخالف مقصد الإسلام في لم شمل البشرية جمعاء على كلمة سواء فضلا عن كونها قد تحلق بالملاكم أضرارا بدنية أو نفسية بليغة سيما أن الإنسان ليس حرا في بدنه ونفسه يفعل فيه ما يشاء فهما عاريتان لديه يستردهما مالكهما يوما. ـ كما حسم أمر التدخين بعد الدراسات الطبية الموثقة التي تؤكد علاقته بأمراض خبيثة عافانا الله وإياكم جميعا وقال بحرمته في حين تردد كثير من العلماء حتى بعد تلك البحوث العلمية الثابتة وظلوا يراوحون بين الكراهة وبين الجواز. وغني عن القول أن الإمام شدد تشديدا كبيرا على نبذ التكفير بين الناس مبينا أنه هو الآخر ـ شأنه شأن حد الردة لمن يقول به بحسب التفصيل المشار إليه آنفا ـ من شأن القضاة رافعا لواء حديثه الكريم الكفيل ببث الجزع في قلب كل مؤمن يحوي حبة خردل من إيمان وتقوى :  » من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما « . ونصوص أخرى كثيرة سيما من السنة ومواقف من السيرة. كما بين في هذا السياق وغيره بأن الحملة القرآنية كانت على الظالمين أشد منها على الكافرين المسالمين وأن الخطاب القرآني نداء للكافرين لم يتعد موضعين أو ثلاثة تقريبا إنما كان كل الخطاب تقريبا بأهل الكتاب وهي قضية له علاقة بكفر أهل الكتاب ـ اليهود والنصاري ـ وقد خصص لها كتابا خاصا بها وفصل في أنواع الكفر وكفر دون كفر وظلم دون ظلم كما إيمان دون إيمان وتلك هي سنة التفاضل بين الأنبياء والناس والأديان وكل الأشياء والأمور فرعا عن سنة الإزدواج وبذا يتفرد سبحانه بالوحدانية المطلقة فردا صمدا ليس كمثله شيء ولم يكن له كفؤا أحد. ولعل ذروة إنتاج الإمام في جبهة ترشيد الصحوة الإسلامية فيما أرى كانت في صياغته لأصوله المعروفة بعضها ( عشرة ) قديمة ثم أضاف إليها عشرة أخرى بعد ذلك بسنوات في كتاب تحت عنوان  » الصحوة الإسلامية من المراهقة إلى الرشد « . وبالمناسبة فإن منهج الإمام يقوم على الجمع ـ هنا وفي كل حقل تقريبا ـ على التحليل والرصد ونثر الكتابات في ذلك من زوايا كثيرة ثم بعد ذلك وأحيانا قبله أو في أثنائه يجمع لك رؤوس ما كتبه ومعاقد ما نثره وحبره في صفحات طويلة ضمن خلاصات وحصائل تصلح أن تكون قواعد كلية في ذلك الموضوع وقد سبق لي أن كتبت في ذلك مقالا مطولا بعنوان  » الإمام القرضاوي يرسم منهج التفكير والتغيير للصحوة الإسلامية المعاصرة  » نشر في عدد من الدوريات الإلكترونية من مثل : النهضة نت وتونس نيوز ( على ما أظن ) وغيرها. إليك تلك القواعد الكلية المعول عليها في مسك زمام ترشيد الصحوة بإختصار شديد جدا : 1 ـ الإحتكام إلى النصوص المعصومة لا لأقوال الرجال. 2 ـ رد المتشابهات إلى المحكمات والظنيات إلى القطعيات. 3 ـ فهم الفروع والجزئيات في ضوء الأصول والكليات. 4 ـ الدعوة إلى الإجتهاد والتجديد وذم الجمود والتقليد. 5 ـ الدعوة إلى الإلتزام لا التسيب في الأخلاق. 6 ـ الدعوة إلى التيسير لا التعسير في الفقه والفتوى. 7 ـ الدعوة إلى التبشير لا التنفير في التوجيه والتربية. 8 ـ العناية بغرس اليقين لا بالجدل في العقيدة. 9 ـ العناية بالروح لا بالشكل في العبادة. 10 ـ العناية بالإتباع في الدين والإختراع في الدنيا. 11 ـ من الكلام والجدل إلى العطاء والعمل. 12ـ من العاطفة والغوغائية إلى العقلانية والعلمية. 13ـ من التعصب والإنغلاق إلى التسامح والإنطلاق. 14ـ من الغلو والأغلال إلى الوسطية والإعتدال. 15ـ من العنف والنقمة إلى الرفق والرحمة. 16ـ من الإختلاف والتشاحن إلى الإئتلاف والتضامن. وفي الصدد ذاته إهتم الإمام بالخطاب الإسلامي المعاصر مبينا ما هو أصيل منه لا بد من تثبيته تثبيت الأصول القاطعة وما هو متحول لا بد منه لمواجهة آثار العولمة فكان كتابه  » خطابنا الإسلامي في عصر العولمة  » ومعلوم أنه ألف كتابا خاصا بموضوع العولمة  » المسلمون والعولمة  » إبان ظهور المصطلح مبينا ما هو مطروح منها وما تمكن الإستفادة منه. ومن أبرز مرتكزات الخطاب الإسلامي الرشيد ـ بحسب ما يراه الإمام ـ في زمن العولمة المفروضة : 1 ـ الجمع بين الوحي والعقل. 2 ـ الجمع بين الروحانية والمادية. 3 ـ الجمع بين العالمية والخصوصية. 4 ـ الجمع بين إنكار الإرهاب الممنوع وبين إيجاب الجهاد المشروع. 5 ـ الجمع بين حقوق الأقلية وبين حقوق الأكثرية. إلى آخر ذلك مما هو مفصل وتضيق عنه هذه العجالة. كما يؤطر الإمام كل تلك الموجهات والمرتكزات في الخطاب وفي السلوك ضمن قاعدتين عظميين هما : 1 ـ فرضية الدعوة إلى الإسلام وحق الأمة في إنتداب الجماعات لها حراسة لهويتها. 2 ـ أصالة المنهج الدعوي الذي رسمه الوحي الكريم قرآنا وسنة مبناه : الحكمة والموعظة الحسنة مع الموالين والجدال بالتي هي أحسن مع المخالفين. 3 ـ ضرورة الإجتهاد الفكري والعملي تحت ذينك السقفين ( فرضية الدعوة وأصالة منهجها ) لبلوغ أقصى درجات الإتقان والإحسان جهادا بالقرآن الكريم وهداية للبشرية قاطبة. هل تجد أحلى من هذه الكلمات في وصف الإسلام ؟ قال الإمام :  » الإسلام : 1 ـ عقيدة جوهرها التوحيد. 2 ـ عبادة جوهرها الإخلاص. 3 ـ معاملة جوهرها الصدق. 4 ـ خلق جوهره الرحمة. 5 ـ تشريع جوهره العدل. 6 ـ عمل جوهره الإتقان. 7 ـ أدب جوهره الذوق. 8 ـ علاقة جوهرها الأخوة. 9 ـ حضارة جوهرها التوازن. لولا خشية الإطالة على القارئ لجمعت في كراس واحد هنا ثلاثة حزمات من الأصول لكل من الإمام البنا ( عشرون ) والقرضاوي ( أنظر أعلاه ) والمرحوم الغزالي ( عشرة ). لو ألفت بينها لألفيت كراسا يضم أهم القواعد الشرعية في الحياة العملية. ربما أكون ممن تستهويهم المناهج عندما تكون محفوظة في شكل قواعد كلية وحصائل عظمى كما هو الحال مثلا في القواعد الكلية للمرحوم الزرقاء ( 130 قاعدة ). وكل ـ طبعا ـ ميسر لما خلق له. ذلك هو بعض ما يمكن إيراده ضمن جهاد الإمام على جبهة ترشيد الصحوة. رابعا : جبهة المقاومة العلمية والفكرية والإعلامية والسياسية ضد العدو الصهيوني : هذه جبهة من الجبهات التي جاهد الإمام فيها طويلا وبحماس منقطع النظير. هل يمكن أن تعزي ذلك أيضا إلى نشأته في حركة إسلامية أولى فيها قائدها ( الإمام البنا ) قضية المقاومة في فلسصين أولوية عظمى إذ أرسل آلافا من المتطوعين من أبناء حركته للمشاركة العملية في المقاومة العسكرية الدائرة هناك؟ ربما وإن يكن هذا أو ذاك فهو شرف دون ريب. كتب الإمام عن قضية فلسطين كثيرا منها ما هو في كتاب خاص  » القدس قضية كل مسلم  » ومنها ما هو منثور في أكثر كتبه تقريبا فضلا عن المحاضرات وخطب الجمعة وغير ذلك. برز ذلك الإهتمام خاصة في إطلاق فتوى جواز العمليات الإستشهادية ـ المسماة عند بعض الناس إنتحارية ـ وكان إطلاق الفتوى من على منبر خطبة الجمعة مرات عديدة أما في كتبه فهي مؤصلة محققة كما حاور فيها مخالفيه من العلماء. ربما لا يكون الإنسان مجافيا للصواب لو قال بأن أكثر ما أزعج الدوائر الصهيونية والأمريكية والمتحالفة مع الكيان الغاصب لفلسطين بصفة عامة سرا أو علنا .. هو صدور تلك الفتوى الذي جمعت كل أركان الجرأة والشجاعة في زمن يحتد فيه الصراع حول فلسطين دوليا بشتى صور الكفاح والكفاح المضاد ومن عالم في وزن الإمام القرضاوي وعلى منبر خطبة جمعة يستمع إليها مباشرة أو مسجلة ملايين مملينة من الناس. ثم ثارت ضده ثائرة كثير من العلماء والناس بدعواهم أن القرضاوي يفتي بقتل المدنيين الأبرياء في إسرائيل فكان التوفيق الرحماني له مرة أخرى بأن قال بأن كل مستوطن في فلسطين هو مقاتل إن بالفعل أو بالقوة كما يقول الفلاسفة فهو إما جندي عامل أو جندي إحتياط فلا فرق في فلسطين دون غيرها بسبب ذلك الإحتلال الإستيطاني الذي عمر إلى حد الساعة أكثر من نصف قرن كامل بين محارب يحمل السلاح ويقتل ويسفك ويهدم وبين محارب مدني. ثبت الإمام كعادته على فتواه ثبات الراسخين في العلم الذين باعوا أنفسهم لربهم سبحانه بيعا تاما لا ردة فيه ولا تردد. وإلى جانب ذلك تميز الإمام في جبهة المقاومة الفكرية والعلمية ضد العدو الغاصب لفلسطين بفتوى مقاطعة البضاعة الأمريكية ثم البضاعة الإنجليزية ومن باب أولى وأحرى البضاعة الإسرائيلية التي كثيرا ما تستتر تحت ألوان أروبية أخرى. صدور تلك الفتوى محققة مؤصلة مع حرارة الدعوة إليها والتذكير بها في كل مناسبة إرتجالا وكتابة كان فتحا فقهيا وعلميا إنقدح في ذهن الإمام حتى أن الفتوى لاقت إستغرابا حتى في دوائر علمية معروفة بسبب غلبة التقليد وآثاره وقضاياه على تلك الدوائر بل حتى عند كثير من الناس لم تلق في البداية حماسة كبيرة بسبب جدتها وحداثتها وذلك هو بعض ما يتعرض له المجددون وتتعرض له أعمالهم إذ أول من ينكر عليهم ذلك أو بعض ذلك أولئك الذين يستفيدون مباشرة من تلك الفتاوى والأعمال الكبرى. ولكن سرعان ما فتح الله قلوب ملايين من المسلمين خاصة إلى قبول تلك الفتوى حتى نقلت إلينا وسائل إعلام دولية كثيرة بأن شركة مثل شركة  » كوكاكولا  » تضررت حقيقة ماليا بسبب تلك الفتوى وحرارة تلك الدعوة. ثم جاءت قضية ما عرف بالرسوم الساخرية في الدانمارك فكان قبول الناس هذه المرة للعمل بسلاح المقاطعة الإقتصادية يسيرا سرعان ما وقع تفعيل العمل به وأعلنت منذ الأسابيع الأولى كثير من الشركات الدانماركية ما يشبه الإفلاس في بعض مناطق الخليج العربي. فتويان إذن جمعا بين الجرأة العلمية والشجاعة السياسية غرزهما  الإمام في خاصرة الإحتلال الصهيوني ( الإستشهاد والمقاطعة ) كانا كفيلين بتحقيق إنتصار معنوي باهر للقضية المركزية الأم للعرب والمسلمين في هذا العصر. كما توسل الإمام في تلك الجبهة بقضية ثالثة هي : الدعوة الملحة إلى رفض التطبيع بكل أشكاله مع العدو الغاصب مادام غاصبا محتلا للأرض منتهكا للعرض. بقدر ما كانت تلك الدعوة حارة صادقة مقنعة لكل عربي ومسلم تقريبا ـ بل لكل حر على وجه الأرض ـ لم تلق من الكيانات الرسمية العربية والإسلامية تجاوبا ولكن لاقت في الحقيقة إحراجا كبيرا بوصفها صدرت من فقيه عامل في وزن الإمام القرضاوي ولأن الإمام ظل يكرر ذلك في كل مناسبة مرتجلة وفي كتاباته. يمكن القول كذلك أن تلك الدعوة ساهمت إلى حد ولو محدود في لجم الهرولة حتى رسميا إلى الإرتماء في أحضان الكيان الصهيوني وسد باب التطبيع السياسي الدبلوماسي على الأقل. ولكن الدعوة في كل الأحوال حققت إضافات مهمة معتبرة لما أحدثتاه الفتويان السابقتان جهادا على جبهة المقاومة من تعبئة شعورية إيجابية مليئة بالأمل مفعمة بالروح الإسلامية الجياشة في قلوب الناس وصدور العرب والمسلمين منهم خاصة. إذ الخطوة الأولى من التحرير هو أن يتعرف الناس عن الحق من الباطل في كل قضية وهو ما يسمى بالتغيير الثقافي ثم تنداح بقية الخطوات خطوة في إثر خطوة. وهو ما أشار إليه القرآن الكريم وهو يرسم منهج التغيير  » إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم « . وفي مقابل ذلك شدد الإمام على قضية مهمة جدا لجم بها شغب المشاغبين من المسلمين الأغرار وأنصف بها المجتمع الدولي كما يقال وهي حسن صياغته لفكرة مركزية في هذا الصراع مفادها أن المقاومة في فلسطين ضد اليهود لم تكن ولن تكون بسبب دينهم ـ إذ هم من تلك الزاوية ربما أقرب إلينا من غيرهم حتى من أهل الكتاب فضلا عن غيرهم ـ ولكن المقاومة ضدهم بسبب ظلمهم لنا بإحتلالهم لأرضنا وإنتهاكهم لعرضنا. لم يكن ذلك الكلام ليرضي بعض المشاغبين الأغرار من ذوي العلم الشرعي المحدود جدا ولكن ثبات الإمام عليه وتأييده بالحجج والبراهين العلمية الشرعية المعزرة المحررة كان كافيا للجم كثير من ألسنة السوء ثم أخذ الحق طريقه في هذه القضية كما أخذ طريقه في قضايا أخرى منها ما وقعت إليها الإشارة هنا ومنها ما لا يتسع له هذا المجال لضيقه والحمد لله. كما أسس الإمام وساهم بقوة وفعالية في عدد كبير من المؤتمرات الشعبية والعلمية الخاصة بقضية فلسطين. وفي الجملة فإن الإمام أكد على شمول وتكامل المقاومة ضد العدو الغاصب في فلسطين وبذلك جعل من كل مسلم وعربي وحر مقاوما بالفعل فمن لم يكن مقاوما بالسلاح فوق الأرض هناك من الفلسطينيين فهو مقاوم بالفكر والقلم إعلاما أو دعوة أو هو مقاوم بالعلم والفتوى أو هو مقاوم ماليا بالمقاطعة أو هو مقاوم إجتماعيا بعدم نكاح اليهوديات ـ رغم حلية ذلك شرعا بإتفاق ـ كلما كان اليهود محتلين لفلسطين وفي ذلك أيضا جانب من المقاطعة النفسية اللازمة تعزيرا للمقاومة الحية في فلسطين. وهو الأمر الذي جاء به الحديث المعروف في قضية التغيير معزرا المنهج القرآني في ذلك :  » من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فلم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان « . العبرة هنا : التغيير بالقلب في حالة العجز لما له من أثر إيجابي جدا حين تتهيأ ظروف التغيير باللسان أو باليد بل إن ذلك التغيير ( المعبر عنه تغييرا سلبيا بالمعنى الإيجابي للكلمة أو بالتغيير الصامت ) هو الذي يهيء لإستكمال شروط التغيير باللسان وباليد. ولكن كثيرا من الناس اليوم لجهلهم يحقرون منه أو لا ينصفون أهله ومن العجب العجاب أن منهم من يستهين به وبأهله وهو لا يكلف نفسه مزاولته. فكرة شمول المقاومة إذن كانت فكرة شبه جديدة أو جددها الإمام وأخذت طريقها في صفوف الأمة الإسلامية بل جعل الإمام حتى من كثير من المسيحيين مقاومين للصلف الصهيوني في فلسطين. مع أن الإمام خالف بعض المفكرين من مثل الدكتور المسيري وغيره ممن ـ ربما ـ بالغ في الفصل بين اليهودية والصهيونية وليس معنى ذلك أن الإمام لا يميز بين ذلك ولكن كأني به يرى أن التمييز هنا في هذه الحالة ـ جبهة المقاومة ـ غير ذي جدوى أو موضوع إذ العبرة بالأغلب وهو ما بنى عليه دعوته إلى عدم نكاح اليهوديات في هذا الظرف بالذات. كما واجه الإمام في بعض كتبه تهمة معاداة السامية مبينا أن العرب ساميون بالطبع ودون الحاجة إلى لبوس زائد. مشيدا في الآن ذاته بالغربيين المساندين لقضية فلسطين من مثل الفيلسوف الفرنسي روجي غارودي صاحب ألمع كتاب في الموضوع  » الخرافات المؤسسة للسياسة الخارجية الإسرائيلية  » وغيره من المنصفين من عالم الغرب عامة. كما إختار الإمام رأيا ـ لم أسمعه من غيره ـ بخصوص تفعيل قضية المقاومة في كل أبعادها مفاده عدم مشروعية إنخراط عرب ومسلمي ما عرف بـ 1948 في فلسطين المحتلة في الكنيست الإسرائيلي ( مشروعية مصلحية على الأقل ).  ذلك هو بعض ما تسنى لي إلتقاطه من آثار جهاد  الإمام على جبهة المقاومة. إلى اللقاء في الجزء الرابع من هذه الرسالة. الهادي بريك ـ ألمانيا.
 

 
 


هل نحن في مرحلة تقسيم غنائم القرن الحادي و العشرين؟

 
د.أحمد القديدي لم نتعجب من الأصداء الواسعة التي حظيت بها زيارة الرئيس الفرنسي الجديد الى دول المغرب العربي خلال الأيام الأخيرة لأن الأمر يتعلق باعادة تشكيل العلاقات الدولية على أسس استراتيجية مختلفة في اقليم البحر الأبيض المتوسط شديد الحساسية و الذي تنعكس التطورات فيه على العالم بأسره بسرعة و بطريقة العدوى منذ ثلاثة الاف سنة.  فالمغرب العربي يقع في منعطف طرقات الجغرافيا و التاريخ والحضارة بين قارات افريقيا وأوروبا و اسيا، و يحمل بالطبع هموم التحولات العملاقة التي تطرأ على العصر من جراء العولمة و الغاء الحدود و انتقال الأفكار والايديولوجيات و البشرو البضائع بخيرها و شرها بين الأمم. ثم ان الأحداث الأخيرة منذ سبتمبر 2001 أكدت سرعة انتقال بذور العنف من المشرق الى المغرب بسبب اتساع وسائل الاتصال و انتشار أجهزة الاعلام و التحام شعوب العرب و المسلمين أمام القهر و التحديات و المظالم. فالذي يحدث في الجزائر مثلا من اعتداءات ارهابية تتبناها القاعدة(اخرها في ثكنة الأخضرية) لم يعد يختلف في المبعث و المصدر و التقنيات عما يحدث يوميا في العراق و أفغانستان. لكن هذه الحقائق ليست هي الأهم في زيارة ساركوزي الى الجزائر وتونس في انتظار زيارة الرباط، لأن القوى العظمى كالولايات المتحدة و روسيا أو الصاعدة كالصين أو التي كانت أمبراطوريات ثم أفل نجمها كفرنسا وبريطانيا تسعى جميعا الى تقاسم الغنائم في مطلع القرن الحادي والعشرين تماما كما تقاسمت الامبراطوريتان الفرنسية و البريطانية غنائم العالم الاسلامي العثماني في بداية القرن العشرين بواسطة معاهدة سايكس بيكو يوم 16 مارس 1916. نعم ! ان التاريخ كما يقول فرناند  برودل فيلسوف التاريخ مسلسل اعادة انتاج للفواجع الانسانية بأشكال مختلفة، لكن بذات المنطلقات و نفس الاثار و التداعيات الفادحة. و نحن العرب اذا لم نستيقظ على هذه الحقائق الخالدة  و النواميس الدائمة في منطق التاريخ سنجد أنفسنا بعد صفقات تقاسم الغنائم مجرد بضاعة بخسة الثمن في سوق المزايدات الدولية بلا أي تحكم في مصائرنا. ان مشروع الاتحاد المتوسطي الذي يدعو اليه ساركوزي لا يخفي برامجه وراء الأسباغ و المساحيق، بل يعلن بأن الغايات الأمنية ( لحماية الاتحاد الأوروبي !) هي الأولوية لباريس مع تأكيده في تونس بأن أولوية الدبلوماسية الفرنسية هي أمن اسرائيل أولا ثم انشاء دولة فلسطينية ثانية مع أن الرئيس الفرنسي هو سيد العارفين بأن العدوان الاسرائيلي المستمر منذ 1967 جعل تأسيس دولة فلسطينية أمرا مستحيلا!  و بالطبع فان الهدف الأوروبي نبيل مشروع لكن هل يمكن حماية أوروبا من أشباح التهديد الارهابي دون ايجاد الحلول الجذرية و العادلة و الشاملة لقضايا فلسطين و العراق؟ و هل يكفي أن تنسق الدول على ضفتي المتوسط جهودها في البر و البحر حتى يغيب شبح العنف نهائيا؟ ان الغرب بما فيه الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي ما يزال يتعثر و يتلعثم و يتردد أمام مأساة شعب فلسطين الذي يدفع دفعا الى الحرب الأهلية، في حين يتحول العراق تدريجيا و بخطى ثابتة الى ما سماه الأسبوع الماضي رئيس أركان الجيش الفرنسي الجنرال جون لويس جورجولان بالماخور العجيب!  أما حماية أوروبا من الهجرة السرية فلن تنجزها بعض خافرات السواحل حتى لو اجتمعت قيادات الحرس الحدودي في الاتحاد المتوسطي شمالا وجنوبا و شرقا و غربا، لأن الحل الجذري الى جانب الحراسة الحدودية هو اقامة الشراكة الاقتصادية الحقيقية بين بلدان الشمال و بلدان الجنوب و الذي ظل حبرا على ورق برشلونة و اتفاقيات خمسة زائد خمسة منذ عشرة أعوام. مع أن أوروبا تعلم بأنها هي ذاتها لم ينقذها و لم ينهض بها بعد ويلات الحرب العالمية الثانية سوى اتفاق شراكة مارشال الذي أنفقت فيه واشنطن على الحليف الأوروبي المعاق 68 مليار دولار! فماذا تفعل فرنسا و أوروبا اليوم تجاه المغرب العربي وهو الاقليم الذي يشتبك أمنه مع أمن أوروبا التي لاتبعد عنه سوى 14 كيلومتر و كذلك يرتبط نموه الاقتصادي بنمو أوروبا أكثر بكثير من بلدان أوروبا الشرقية، بالاضافة الى أن وشائج الثقافة و التاريخ و الحضارة شكلت جسورا طبيعية بين شمال و جنوب البحر المتوسط. و بالطبع فان عين ساركوزي كانت على الزيارة التي قام بها مساعد الرئيس بوش للأمن القومي السيد فرنسيس تاونسيند لاقليم المغرب العربي ليطلب انشاء قاعدة أمريكية فيه مستعملا فزاعة القاعدة البنلادنية، والرئيس الفرنسي يدرك بأن السباق بين أوروبا و الولايات المتحدة أصبح شرسا وأن الصين تحولت الى الشريك التجاري رقم واحد مع بعض بلدان المنطقة. وفي نفس الأسبوع كان الرئيسان بوش و بوتين يصطادان السمك في البحيرة العائلية لال بوش بمنتجع كينيبونبورت، و يخططان لنشر درع الصواريخ المشترك بين الولايات المتحدة و روسيا بعيدا عن وجع الرأس الأوروبي، بل و لم تتردد نشرة (ستراتيجيك ألرت) الأمريكية القريبة من مراكز صنع القرار من وصف القمة بأنها قمة تحديد النظام العالمي الجديد. كل هذه الأحداث لا تتقاطع بالصدفة انما يجب أن نقرأها نحن العرب قراءة واقعية و عميقة لأن ما يجري هو اعادة سيناريو سايكس بيكو بلاعبين جدد في لعبة ذات قواعد مختلفة لكن بنفس الضحايا!!  فاعتبروا أيها العرب وقديما قال الامام علي كرم الله وجهه: ما أكثر العبر و ما أقل الاعتبار! alqadidi@hotmail.com


سيناريوهات لتجديد المؤسسات المالية الدولية

 
توفيق المديني إن استقالة بول وولفوفيتز المعلنة يوم 30 يونيو الجاري ، لا تختتم فقط أزمة  الحاكمية لأهم بنك متعدد الجنسية مكرس للتنمية،بل إنها تسجل ،الذروة الرمزية لإعادة النظر في « توافق  واشنطن  »   خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، عندما  أعدت أهم الشركات المتعددة الجنسيات, وبنوك وول ستريت, والخزانةالفيدرالية للولايات المتحدة الأمريكية  (البنك المركزي الأمريكي) والمؤسسات المالية الدولية (البنك الدولي  وصندوق النقد الدولي) ما بات يعرف في كل العالم ب »توافق واشنطن », الذي يقوم على مبدئين : الأول، حكومة الحد الأدنى.والثاني, الأسواق الحرة. ولعبت مجموعة الثماني دوراً ناشطاً في فرض عقيدة الطور النيوليبيرالي للعولمة وفي تولي قيادته. والسياسة التي توجه سياساتها ترتكز على الأنماط الثلاثية الأبعاد المتمثلة في الاستقرار والتحرير والخصخصة.  ورداً على الإنتقادات المتصاعدة تمّت صياغة العقيدة في العام 1990 على يد عالم الاقتصاد جون وليامسون والتي حملت اسم « توافق  واشنطن ». وقد ارتكزت هذه العقيدة على مبادئ سبعة هي النظام المالي (إقامة التوازن في الموازنات وخفض الاقتطاعات المالية)، التحرير المالي (معدلات فوائد تحددها فقط أسواق الرساميل)، التحرير التجاري (الغاء أنظمة الحماية الجمركية)، فتح الاقتصادات كلياً على الإستثمارات المباشرة، خصخصة مجمل الشركات، إلغاء القيود (إزالة جميع العوائق في وجه المنافسة) والحماية التامة لحقوق الملكية الفكرية الخاصة بالشركات المتعددة الجنسية  .  إن » توافق واشنطن »  هو عبارة عن مذهب إقتصادي ليبرالي   يقوم على فلسفة التقشف، والتخصيص, والتحرير,والإنضباط  في الموازنة, والإصلاح الضريبي, وتخفيض النفقات العامة, وتحرير المبادلات التجارية والأسواق المالية. ولقد استنبطت تدابير » توافق واشنطن » هذا الرد على كل المشاكل الاقتصادية  التي كانت تواجه معظم بلدان العالم سواء في المراكز الرأسمالية المتقدمة أم في البلدان المتخلفة التي كانت تعاني من عجوزات كبيرة في موازناتها, حيث كانت خسائر المؤسسات العامة غير الفعالة تسهم في هذا العجز.و لذا سوف يسميه خبراء الاقتصاد أيضا ب »التفكير الأحادي ». وفي عقد التسعينات عملت الولايات المتحدة الأمريكية على فرض هذا النموذج الإقتصادي أي النيوليبرالية في إطار الترويج للعولمة، وبرامج التثبيت والتكيف الهيكلي، وبرامج الإصلاح الإقتصادي, على معظم بلدان العالم الثالث لكي تتبناه, بوصفه نموذجا إقتصاديا نيوليبراليا مفروضا من قبل الرأسمال الإحتكاري الأمريكي مقابل تدفق الاستثمارات. السيناريوهات المطروحة  لتجديد المؤسسات المالية الدولية تنطلق من واقع  عدم الملائمة المتنامية  بين  المؤسسات المنبثقة بموجب إتفاق بروتون وودس الموقع في عام 1944، و بين المعطى الجديد الناشىء من  العولمة ، مع ظهور قوى اقتصادية ناشئة  في البلدان التي كانت خاضعة في الماضي للسيطرة الغربية: الصين ، البرازيل  ، الهند، جنوب إفريقيا. في عام 1944 وضع الحلفاء الغربيون، مبادىء المؤسسات (صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، الخ) التي كان عليها تأمين إعادة إعمار أوروبا ووضع نظام اقتصادي عالمي 1945, تكمن  مهمتة الرئيسة في ضمان الإستقرارللنظام النقدي والمالي العالمي, وتسهيل  أيضا توسع نطاق التجارة العالمية وبناء  إقتصاد مفتوح عالميا، في ظل غياب  قاعدة الذهب, التي كانت  قد قامت بهذه الوظيفة حتى الحرب العالمية الأولى.  وقد امتد صرح هذا البناء ليشمل  المناطق الأخرى في العالم كلما حصلت عمليات نقل خطوط الإنتاج الصناعية باتجاه البلدان النامية ووقائع الحرب الباردة: لقد ظهرت بنوك التنمية الإقليمية و المحلية. بيد أن  الأزمات المالية التي ضربت آسيا و اميركا اللاتينية بين 1997 و 2001، و استمرار التخلف و الفقر في العالم ، أظهرا  في الوقت عينه عدم فاعلية الأدوات المتعددة الأطراف القائمة ،  وضرورة خلق  آليات جديدة تلب حاجيات الاقتصاديات  الناشئة.إذ راكمت هذه الأخيرة كميات ضخمة من المال (احتياط من العملة الصعبة بقيمة 1200 مليار دولار مودعة في البنك المركزي الصيني ، و 1200 مليار دولار مودعة في البنوك الآسيوية الأخرى،و700 مليار دولارتملكها البلدان النفطية – الخليجية وروسيا- و البرازيل )، تعطيها  على الأقل من الناحية  النظرية الوسائل الكفيلة لاستدراك و إدارة الأزمات و تمويل مشاريعها التنموية ، بل مشاريع التنمية في البلدان الفقيرة.  المسألة تكمن في كيفية استخدام هذه الكميات الكبيرة من الأموال.وهل تضع هذه الأخيرة الاقتصاديات الناشئة بمنأى عن الصدمات المالية التي حصلت في الماضي ، إلى الدرجة التي تدفعها للإنزواء على نفسها ، عبر تطبيق سياسات وطنية للمحافظة على مزاياها  العليا التي تُبقِي الاقتصاديات الضعيفة معرضة للإنجراح ؟ يبدو أن هذا السيناريو الأول يتأكد من خلال تعدد إبرام الاتفاقيات الثنائية  بين الصين  و الدول الإفريقية و الأميركية اللاتينية- قروض مقابل طاقة و مواد أولية.بيد أن الأمثلة المضادة أصبحت كثيرة.وهكذا، تشترك  الصين و الهند في آلية شيانغمي ، التي خلقت في سنة 2000عبر دعم  البنك الآسيوي للتنمية، الذي يسمح للبنوك المركزية الآسيوية أن يكون في متناولها 80 مليار دولار،يمكن أن يتم تحويلها فجأة لحساب دولة مهددة من قبل أزمة مالية.إنه نموذج « مصغرلصندوق نقد دولي »الذي سيشجع عدة بنوك إقليمية أن تحذُوٍَ حذوه ، مثل بنك الجنوب  المزمع  إنشاؤه في أميركا اللاتينية. ويرى الخبراء أن المؤسسات المالية الإقليمية، القريبة جدا من الوقائع الاقتصادية والاجتماعية في البلدان المتخلفة ، و المستقلة  ذاتيا تجاه مؤسسات واشنطن، ستكون -و هذا السيناريو الثاني –  ناقلة للتمويلات  القادمة من البلدان الناشئة. و الحال هذه، فإن استحقاقات المؤسسات الإقليمية و المحلية ما انفكت تتزايد باستمرار، في الوقت الذي  نشهد فيه تراجعا كبيرا في إسهامات البنك الدولي.فمن خلال زيادة اقتراضهما للبنك الآسيوي للتنمية، على سبيل المثال  الصين (من ملياردولار  في عام 2003  إلى 1،5 مليار دولار في عام 2006)،  الهند( من 1 إلى 1،7 مليار دولار 2،5 مليار دولار في عام 2009)، أصبحتا الممولتين الرئيستين لهذه المؤسسة المالية  من خلال تسديد قرضيهما ، إذ تمتلك كل منهما 6% من رأس المال ، مقابل 17% للولايات المتحدة الأميركية .و في المستقبل ، ستشترط البلدان الناشئة حصة أكثر أهمية. السيناريو الثالث ، ويتمثل في استغلال البلدان الناشئة أزمة الحاكمية التي تعصف بالمؤسسات المالية الدولية ( البنك الدولي ، صندوق النقد الدولي)لتنجدها ، في مقابل أن تدخل إلى الهيئات التي تصنع القرارفيها  ، أكثر مما هو معطي لها الآن بشكل محتشم . إن الحاجة إلى تجديد المؤسسات المالية ذات الطابع الدولي أصبحت  ضرورة، ولاسيما في ظل ضخامة العجز  الأميركي (611،8 مليار دولار خلال الثلاثة أشهر الأولى من عام 2007) و النمو التفاضلي  بين التكتلات الاقتصادية العملاقة ، اللذين  يخلقان اختلالات  في التوازنات،  ستقود  حتما إلى أزمة نقدية تقليدية. * كاتب اقتصادي (المصدر:  صحيفة الخليج – آراء وتحليلات – بتاريخ 14 جويلية 2007)

« ذكريات وخواطر » في طبعة جديدة

 
علمنا ان المعهد الاعلى لتاريخ الحركة الوطنية بادر باصدار طبعة ثانية من كتاب ذكريات وخواطر للمناضل علي المعاوي وذلك نظرا لنفاد النسخ التي تم طبعها في مناسبة اولى ويعزى ذلك للمعلومات الهامة التي تضمنها هذا الكتاب والمتعلقة بعديد المحطات من تاريخ تونس المعاصر. المخطط الحادي عشر والاعتمادات الخارجية تزامنا مع اعداد المخطط الحادي عشر للتنمية، علمنا انه تم الشروع في تعبئة الاعتمادات الخارجية من خلال جملة من القروض الميسرة مع تدعيمها بهبات . وفي هذا الاطارسيتم مع البنك العالمي انجاز محطة للتطهير بمنطقة العطار بـ 9. 53مليون دينار عن طريق الصندوق العالمي للبيئة. كما سيتم دعم التطهير بالمدن الكبرى عبر قرض من البنك الاوروبي للاستثمار  بقيمة 40 مليون دينار، وكذلك اعتماد قرض من البنك الفرنسي للتنمية لتوسيع شبكات التطهير قدر بـ 52.8 مليون اورو. وتتولى المفوضية الاوروبية تقديم مساندة في شكل هبة بـ 43 مليون دينار في اطار سياسة الجوار. الصادرات من النسيج والملابس الجاهزة سجلت الثلاثية الاولى من السنة الجارية في مجال صادرات النسيج نسبة تطور بلغت 19% وهو رقم اكدت مصادر عليمة الى انه قابل للتطور خلال الاشهر القادمة من هذه السنة ويدل على بداية انتعاشة في القطاع. كما عرفت الصناعات الميكانيكية والكهربائية نموا فاقت نسبته 42 %، والصناعات الغذائية تقدما  لا يقل عن 23 % نظام انذار مناخي في تونس توصلت دراسة تم اعدادها مؤخرا الى اقتراح وضع استرتيجية تأقلم تتضمن بالخصوص ارساء نظام انذار مناخي مبكر ودعم نظام  التصرف في الموارد المائية وتطوير الاليات المؤسساتية والمالية والبحث العلمي ومنظومة التأمين في القطاع الفلاحي … وذلك في ظل التطورات والتقلبات المناخية التي تحصل في العالم وما يمكن ان يكون لها من انعكاسات  على تونس واردات ثمار الدلاع والبطيخ تم منذ ما يقارب 4 او 5 اسابيع توريد كميات هامة من ثمار الدلاع من بلد شقيق مجاور. واشارت مصادر عليمة انه يصل يوميا  ما يناهز 60 طنا من الدلاع. ويندرج هذا الاجراء ضمن خطة لتعديل السوق بعد النقص المسجل في بعض غلال الصيف التي تأثرت بعوامل مناخية تركيز راية اللواء الازرق عملا على انضمام بعض الشواطىء الهامة في تونس تحت راية « اللواء الازرق» تم الشروع في تركيز هذا البرنامج الذي انخرطت فيه تونس والذي يهدف الى تمكين الشواطىء والموانىء الترفيهية من الانضواء تحت علامة اللواء الازرق وتأهيلها لترتقي الى مستوى المواصفات العالمية . ويشمل هذا البرنامج في مرحلة اولى 10 شواطيء عمومية و2 من الموانىء الترفيهية. استغلال المنتزهات الحضرية من طرف الخواص عملا على صيانة وتعهد المنتزهات الحضرية تم اعداد برنامج خاص وذلك باعتماد 3 م.د لاستكمال المكونات الوظيفية بهذه المنتزهات وتم ايضا استكمال الاجراءات لتشريك القطاع الخاص في استغلال المنتزهات في اطار لزمة ويشمل البرنامج 13 منتزها. وقد تم اعداد كراسات شروط وفتح باب المقترحات المتعلقة باستغلال المنتزهات الحضرية وسيتم عرض نتائج فرز العروض على جلسة عملا وزارية لاحقة. قانون حول نوعية الهواء ودراسة بيئية وصحية تتظافر الجهود خلال هذه الايام لاستصدار القانون المتعلق بنوعية الهواء والانطلاق في تعميم الشبكة الوطنية لمراقبة نوعية الهواء . كما سيتم انجاز دراسة دولية لتحديد الحدود القصوى للانبعاثات الغازية ، الى جانب دراسة اخرى تتعلق بالضجيج. وقد تم ايضا في نفس المجال الشروع في دراسة اخرى للتأثيرات البيئية والصحية للانبعاثات الغازية لوحدات تحويل الفسفاط بكل من قابس وصفاقس وقفصة. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 14 جويلية 2007)

ماذا خسر مهرجان قرطاج الدولي من غياب مسرحية «خمسون»؟
 
تونس ـ الصباح: أثار عدم ادراج مسرحية «خمسون» للفاضل الجعايبي ضمن برنامج سهرات الدورة (43) الجديدة لمهرجان قرطاج الدولي الكثير من الكلام ـ لا فقط ـ خلال الندوة الصحفية التي عقدها مؤخرا مدير هذه الدورة والتي اعلن فيها عن برنامج عروضها وانما حتى في غيرها من اللقاءات والجلسات. الذين «فاجأهم» غياب هذه المسرحية عن برنامج عروض دورة هذه الصائفة لمهرجان قرطاج الدولي راحوا يتساءلون حول الاسباب التي حتمت هذا الغياب. فالمسرحية هي انتاج جديد بل هي واحدة من اهم الانتاجات المسرحية واكثرها «حداثة» و«جرأة» ـ حسب رأيهم ـ اعتبارا لا فقط ـ لطبيعة مضمونها انما ايضا لقيمة الفريق الفني (مخرج وممثلين) الذي صاغ خطابها الدرامي والفني والتمثيلي. اللافت حقا ان السيد رجاء فرحات نفسه مدير الدورة (43) لمهرجان قرطاج الدولي لم يستطع ـ خلال الندوة الصحفية الخاصة ببرنامج الدورة ـ ان يقدم اجابة واضحة ومقنعة حول دواعي غياب مسرحية «خمسون» عن برنامج هذه الدورة وراح يرد على الاسئلة التي طرحت وأثارت المسألة بكلام عام وفضفاض.. بل ان البعض قد وجد رابطا بين عدم ادراج اي عرض مسرحي ضمن برنامج دورة هذه الصائفة لمهرجان قرطاج الدولي وبين غياب مسرحية «خمسون» معتبرين ان ادارة المهرجان قد تكون «لجأت» الى هذا الخيار حتى لا تقيم على نفسها الحجة.. لانها اذا ما ادرجت عرضا مسرحيا آخر غير مسرحية «خمسون» فانها ستواجه لا محالة بسؤال: وأين مسرحية «خمسون»؟! لذلك هي قررت في رأيهم ـ ان تغلق بالكامل «باب» العروض المسرحية خلال هذه الدورة! والواقع، أن المسألة لم تكن تتطلب ـ في رأينا ـ كل هذا «الضجيج» ومثل هذه الاساليب، فقد كان بامكان ادارة مهرجان قرطاج الدولي في دورته الجديدة  ـ ان كانت قد عقدت فعلا النية وأخذت قرارها بعدم برمجة مسرحية «خمسون» لسبب ما ان تصدع بقرارها هذا وان تدافع عنه باقناع ووضوح كاملين ذلك ان مسرحية  «خمسون» هي في رأي بعض النقاد والمهتمين تبدو بالفعل غير «صالحة» لاسباب «ذاتية» وموضوعية لان تكون حاضرة ضمن عروض مهرجان قرطاج الدولي وذلك اعتبارا لطبيعة خطابها السياسوي والشعاراتي ـ من جهة ـ ولحساسة مضمونها المستفز ربما للمشاعر في نظر البعض. نقول، انه كان بامكان ادارة مهرجان قرطاج الدولي في دورته الجديدة ان تصدع بهكذا قرار ان كانت قد اتخذته وان تدافع عنه باقناع بعيدا عن اي شعور بالحرج الثقافي او بالذنب لان المسألة لا تمثل اي شكل من اشكال «الصنصرة» بدليل ان مسرحية «خمسون» هي مبرمجة ضمن عروض مهرجان الحمامات الدولي.. ثم ان مسرحية «خمسون» لا تبدو فنيا ـ في نظر الكثير من النقاد والمتتبعين ـ في قيمة اعمال  مسرحية سابقة قدمها الفنان المسرحي الفاضل الجعايبي.. فالكثير من النقاد والمتتبعين رأوا انها فنيا وابداعيا دون مستوى مسرحية «فاميليا» او «جنون» او «عرب» لنفس المخرج.. لذلك فان غيابها عن مهرجان قرطاج للدولي ربما سيكون مقبولا ومبررا فنيا لدى فريق من النقاد والمتتبعين فضلا عن كونه سيكون ـ ايضا ـ مبررا من وجهة نظر تنظيمية.. فمهرجان قرطاج الدولي ومسرحه الاثري الروماني هو ـ تاريخي ـ وسيبقى فضاء للاعمال المسرحية الانسانية الكبيرة والرائدة والفرجوية التي تنهل من المشترك الجمعي لثقافات الشعوب وتراثها وتاريخها وقضاياها وليس من مجرد التفاصيل الايديولوجية لهذه المجموعة السياسية اوتلك.. ربما لا يكون مهرجان قرطاج الدولي قد خسر شيئا من عدم برمجة مسرحية «خمسون» ولكنه بالتأكيد قد خسر كثيرا عندما غيّب بالكامل العروض المسرحية عن برنامج دورته لهذه الصائفة. محسن الزغلامي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 14 جويلية 2007)

المفكر الحبيب الجنحاني في إصدار حواري:

التصحّر الثقافي يكتسح المجال العربي برمته
 
يستند المشروع الفكري للمفكر محمد الحبيب الجنحاني إلى مفاهيم أساسيّة، هي الأكثر كثافة وتواترا في بحوثه ومؤلّفاته ونقصد بذلك مفاهيم الحداثة والديموقراطية والمجتمع المدني بالإضافة إلى مفهوم الحرية الذي تصب مختلف بحوثه في اتجاهه، حيث يرى أن التنويريين العرب لم يتناولوا قضية الحرية في بداية الأمر بصفة مستقلة، وإنّما أسهبوا الحديث في وصفها وكيف أسهمت في تقدم البلدان الأوروبية. ولأنّه صاحب مشروع واضح المضمون والرؤية، فقد أجرى معه الكاتب ناجي الخشناوي حوارا مطولا ومبوبا، نشره في كتيب من 120 صفحة، وهو حوار شمل مراكز اهتمام الدكتور الحبيب الجنحاني طيلة مسيرته الفكريّة. وفي الحقيقة نضال الجنحاني من أجل تجذير مفاهيم الديموقراطية والمجتمع المدني لم يقتصر على الجانب النظري ولو أنّنا من المقتنعين بأن الكتابة في حد ذاتها فعل، بل أن الرجل قد ساهم في حركة التحرّر الوطني التونسية وناضل سياسيا ونقابيا بعد استقلال بلادنا وهو ناشط ضمن مؤسّسات المجتمع المدني تونسيا وعربيا ودوليا. ورغم أن اختصاص الجنحاني هو التاريخ الاقتصادي والاجتماعي فإن بحوثه الفكرية تلح على ضرورة الاهتمام بالتحديث السياسي، مؤمنا بالتحديث الشامل الأبعاد. وقبل التعرض إلى أهم أفكار الحبيب الجنحاني في هذه المدونة الحوارية من المهم الإشارة إلى طرافة هكذا إصدارات وأهميتها حيث تعتبر نافذة ذات شأن إلى جانب البحوث والمؤلّفات ومن خلالها تتضح نقاط كثيرة ويعتري الضوء الأفكار المغرقة في نخبويتها وقد نجح الكاتب ناجي الخشناوي في حفر في عالم الجنحاني الفكري ويظهر ذلك سواء في المقدمة المطولة والمجتهدة وأيضا في الأسئلة التي أجاد صياغتها بشكل بدت فيه منصهرة في اهتمامات محاوره. الحداثة في خصوص مسألة الحداثة شرح الجنحاني المخاطر التي تتهدد مستقبل الوطن العربي، مبرزا أننا كنا نشكو من فشل الدولة العربية الحديثة التي برزت غداة الاستقلال في مطلع النّصف الثّاني من القرن العشرين في تحقيق الوحدة العربية، أو في إيجاد شكل من أشكال التوحّد العربي، فأصبحنا اليوم نتأسّف، ليس على عدم إنجاز خطوات وحدوية جدية بين الأقطار العربية، ولو في مجالات محدودة وبعيدة عن تعقيدات السياسة مثل المجال الاقتصادي أو الثقافي، بل أصبحنا اليوم نشكو من انهيار الحد الأدنى من التضامن العربي، وأصبحت المنظمات العربية عاجزة عن أداء الحدّ الأدنى من رسالتها، بل بلغ الأمر حدّ ظاهرة التفكّك والتشظي، ليس في مستوى الفضاء العربي ككل، وإنما داخل القطر العربي الواحد. ويسترسل المفكر في هذا السياق متوقفا عند رصد مظاهر التدهور: «ومن أبرز مظاهر هذا التدور وقوع عديد الأقطار العربية تحت محنة الصراع الطائفي والمذهبي، فبعد أن حلمت أجيال متعاقبة بوحدة عربية تقوم على قيم العقلانية، واحترام قيم المواطنة، مما تعددت الرؤى الفكرية، أو تنوعت الانتماءات الإثنية والطائفية، تجد أنفسها الأجيال الجديدة في خضم صراع طائفي ومذهبي مقيت يشغل الشعوب العربية عن قضايا المصيرية. من المعروف أن هناك أخطارا أخرى تنذر بالمزيدم ن التردّي والانهيار مثل تدهور المؤسسة التربوية في جل الأقطار العربية، ومثل التصحّر الثقافي الذي يكتسح المجال العربي برمته، هذا طبعا إلى جانب المشاكل الاجتماعية المزمنة التي تمس بالخصوص مستقبل الأجيال الناشئة». وعبر المتحدث عن تفاؤله بأن المرحلة القادمة للفكر الحداثي العربي ستكون أكثر تجذرا وتأثيرا في حياة الشعوب، لأنها ستفيد من ظاهرتين جديدتين وإيجابيتين: 1) حيوية قوى المجتمع في جل الأقطار العربية. 2) وسائل الاتصال الحديثة التي تسهل عمليات التوصال بين ممثلي هذا التيار في مختلف الأقطار، وذكر الجنحاني في هذا الصدد أنه أسس قبل شهور قليلة في العاصمة الأردنية مع مجموعة من المثقفين العرب تيارا يسمى «تيار الديموقراطيين العرب» وهو تيار فكري حداثي يتبنّى أهداف معينة ذات طابع فكري بالأساس، ويتم التواصل بين المنتسبين لهذا التيار عبر الشبكة العنكبوتية، ثم إن هذه الوسائل الحديثة تمكن التحام الرؤى التحديثية العربية بالتطورات الجديدة لظاهرة الحداثة الأم، وأعني بها حداثة عصر الأنوار. هكذا عالج الحبيب الجنحاني إشكالية الحداثة فكيف قارب قضية العولمة؟ يقول الجنحـاني: إن نضال قوى التحرر والتقدم اليوم ضد سلبيات الظاهرة، ينبغي أن لا يوقعنا في فخ تجاهل جوانبها الإيجابية، وهذا ما تنبهت إليه هذه القوى في الوقت نفسه لما طرحت منذ تسعينيات القرن الماضي بصفة خاصة مفهوم «العولمة البديلة»، وبرزت نتيجة ذلك منظمات تنتسب  إلى قوى المجتمع المدني في كثير من البلدان  الأوروبية، وفي أمريكا اللاتينية، وفي الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، تناضل من أجل عولمة بديلة تحافظ على جوهر الظاهرة الإيجابي وتحدّ من غلوها، ومن استغلالها من طرف القوى الرجعية التي تقود الليبيرالية المتطرفة اليوم، بل تجاوز نضال هذه القوى الحدود الوطنية، ليصبح ظاهرة عالمية، والتي تمثلها اليوم مؤتمرات المنتديات الاجتماعية على غرار منتدى بورتو اليغرو، وبرشلونة، وباماكو، وأخيرا نيروبي، هذا النضال يذكرنا بالنضال الذي قامت به نفس القوى ضد الرأسمالية الأمبريالية، وخاصة في الغرب، وأدى في نهاية الأمر إلى ميلاد ما هو معروف بالليبرالية المعتدلة التي تبنت مبدأ دولة الرفاه، والحد من غلو الاستغلال الرأسمالي، وقد تنكرت له الليبيرالية الجديدة، ومن المؤسف أن نضال شعوب الجنوب من أجل عولمة بديلة، ما يزال ضعيفا وهامشيا، بالرغم من أنها هي المستهدفة الأولى من أدلجة ظاهرة العولمة، كما تبرهن على ذلك الأحداث التي تعيشها المنطقة العربية بصفة خاصة. المجتمع المدني وقد عارض من جهة أخرى الحبيب الجنحاني تلك النظرة التي تتعاطى مع مفهومي المجتمع المدني والدولة بإعتبارهما نقيضين مبرزا تلازمهما وتكاملهما وأنه لا يمكن أن ينهض المجتمع المدني ويؤدي رسالته المناعة والتقدم من دون دولة قويّة تقوم على مؤسسات دستورية تعمل على احترام القانون. آمال موسى  (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 14 جويلية 2007)


مشكلة الثقافة عند مالك بن نبي … اشكالية بُعدها التربوي وعلاقتها بالتاريخ
 
عمر كوش     يعدّ مالك بن نبي من أتباع منهج الإصلاح الإسلامي، ذلك المنهج الذي بقي مثالياً، وتوفيقياً يبحث عن المواءمة بدلاً من الخلق والتجاوز. ولكنه تميّز بنظرة نقدية عن أصحابه، وبخاصة في طريقتهم لتشخيص الأوضاع وإيجاد الحلول، فهاجم أصحاب النظرة الاستشراقية، ودعا بنزعته العلمية إلى فهم الإسلام في ضوء العصر، وإلى تكوين مجتمع يقوم على الانسجام في الفكر والعمل، واهتم بقضايا مجتمعه وعصره، مدركاً جوهر الصراع بين الاستعمار والمستعمرين. ونما حسه الوطني ووعيه بمشكلات الحضارة منذ بداية وعيه، وتناول قضايا المجتمع الإسلامي في سياقها التاريخي والاجتماعي، وعالجها بمنهج تحليلي تركيبي نقدي، وبنظرة تأملية، وتصدى للانحرافات التاريخية وللحتميات النفسية المعوقة للنهوض والتحرر الفكري من ضروب الاستلاب والاغتراب عن الذات، لذلك ركّز جهوده على اقتراح الحلول للمشكلات المزمنة، واعتمد في تحليله عناصر الحضارة وشروط النهضة على الجانب الروحي في الإنسان، كباعث أساسي لقيام أية حضارة، وعلى دور العقيدة في تكوين الدوافع الاجتماعية، مع أنه كان يرى العلم والأخلاق أصلين من أصول الحضارة، وأن القابلية للاستعمار إنما هي مركب نفسي، يعني الخضوع والانصياع له، ويتضمن سلب الحريات والقيم والخيرات والمقدرات. وحاول مالك أن يفهم الثقافة في إطار التاريخ، فوجد تطبيق الثقافة في نطاق التربية. لكن على الثقافة أن تتصل في معناها بالتاريخ، لذلك لا يمكن «أن نتصور تاريخاً بلا ثقافة، فالشعب الذي يفقد ثقافته يفقد حتماً تاريخه» (مالك بن نبي، مشكلة الثقافة، ص76). وبالتالي فإن معنى الثقافة يتحدد بما تحركه من قوى في الفرد وفي المجتمع، الأمر الذي يجعلها أشبه بحالة نفسية اجتماعية. وتتطور هذه الحالة بتطور المجتمع، لكن الأدق هو أن يتطور المجتمع تبعاً لهذه الحالة. وهذا يتطلب تحديد الثقافة في ضوء تصوّر وضعها التاريخي، أي بصفتها صيرورة. وتغدو «الثقافة هي تلك الكتلة نفسها بما تضمنه من عادات متجانسة، وعبقريات متقاربة وتقاليد متكاملة، وأذواق متناسبة وعواطف متشابهة، وبعبارة جامعة: هي كل ما يعطي الحضارة سمتها الخاصة: من عقلية ابن خلدون، وروحانية الغزالي، أو عقلية ديكارت، وروحانية جان دارك، وهذا هو معنى الثقافة في التاريخ». (مشكلة الثقافة، ص77). لكن مالك هرب من التاريخ إلى الإيديولوجيا كي يميز ما بين تعريفين للثقافة، الأول يتحدد في تعريف الغرب للثقافة، بوصفها «تراث (الإنسانيات) الإغريقية اللاتينية، بمعنى أن مشكلتها ذات علاقة وظيفية بالإنسان، (فالثقافة) في رأيهم هي: (فلسفة الإنسان)». والثاني يجد متحققه في ما كان يعرف بـ «البلدان الاشتراكية»، حيث يطبع تفكير ماركس كل القيم، عرف يادانوف الثقافة على أنها ذات علاقة وظيفية بالجماعة، فالثقافة عنده: (فلسفة المجتمع).(مشكلة الثقافة، ص 72). وكان همّ، بل مشكلة، مالك بن نبي هو البحث عن تعريف آخر للثقافة يفترق عن التعريفين السابقين، فبحث في مشكلة الثقافة من وجهتها التربوية تارة، ومن وجهتها الاجتماعية والأخلاقية تارة أخرى. فهو يرى أن السلوك الاجتماعي للفرد خاضع لأشياء أعم من المعرفة، والتماثل والاختلاف في السلوك ناتج من الثقافة لا من التعليم، فخلص إلى تعريف الثقافة على أنها «مجموعة من الصفات الخلقية والقيم الاجتماعية، التي تؤثر في الفرد منذ ولادته وتصبح لا شعورياً العلاقة التي تربط سلوكه بأسلوب الحياة في الوسط الذي ولد فيه» (مشكلة الثقافة ص 74). وتصبح الثقافة وفق هذا التعريف المحيط الذي يشكل فيه الفرد طباعه وشخصيته، كما أنها تشكل المحيط الذي يعكس حضارة معينة، ويتحرك في نطاقه الإنسان المتحضر. إذاً، لم يخرج مالك بن نبي في تصوره لمشكلة الثقافة عن منهج الإصلاحية العربية، الذي يلجأ على الدوام إلى المواءمة والتوفيق، فتعريفه لمشكلة الثقافة يُوفق ما بين الطرح الماركسي والطرح الغربي، من جهة أنه يجمع بين دفتيه فلسفة الإنسان، وفلسفة الجماعة، أي مقومات الإنسان، ومقومات المجتمع. ويتحدد معنى الثقافة بمعناها التربوي بواسطة صوغ أهدافها، وما يتطلبه من وسائل التطبيق، بصفة الثقافة ليست علماً خاصاً بفئة معينة من المجتمع دون سواها، بل تطاول دستور الحياة العامة، بما فيها من اختلاف التفكير وتباين التنوع الاجتماعي. لذلك اعتبر مالك بن نبي أن الثقافة هي الجسر الذي يعبره الناس بغية الوصول إلى الترقي والتمدن. ويتطلب تطبيق الثقافة أن تتحول الثقافة إلى أسلوب حياة في المجتمع المعني، إذ تؤثر في مجمل تركيبته الاجتماعية. وتشمل الثقافة في معناها العام الذي تصوره ابن نبي إطار حياة واحدة، بمعنى أن كل طبقات المجتمع تهتم بما يناسبها من وظيفة تقوم بها. لذلك فهي تفترق عن العلم، ولا تشكل جزءاً منه أو رديفاً أو تابعاً له، بوصفها أكثر أهمية وفاعلية من العلم، حيث ينحصر البرنامج التربوي للثقافة في المركب الاجتماعي الذي تنهض عليه. واعتبر مالك بن نبي أن العلم عنصر من عناصر تصوره للثقافة، منحاز إلى هيمنة الثقافة على العلم وتفوقها عليه، مع أنه حاول الكشف عن الفروق الأساسية ما بين العلم والثقافة. وفي مقابل ذلك، ربط الثقافة بالحضارة من جهة كونها محيطاً يحيط بالإنسان، وإطاراً يتحرك داخله، «فهو يغذي جنين الحضارة في أحشائه، إنها الوسط الذي تتكون فيه كل خصائص المجتمع المتحضر، وهي الوسط الذي تتشكل فيه كل جزئية من جزئياته تبعاً للغاية التي رسمها المجتمع لنفسه» (مشكلة الثقافة، ص 77). وعليه تتمفصل مشكلة الثقافة عند مالك على معناها في التاريخ، وافتراقها عن العلم وارتباطها بالحضارة. وتنهض الثقافة وفق تصور مالك بن نبي على أربعة عناصر، أو أربعة فصول مترابطة مع بعضها بعضاً، هي: التوجيه الأخلاقي، والتوجيه الجمالي، والمنطق العملي، والتوجيه الفني. وتتحدد كلمة التوجيه في وحدة الغاية أو الهدف، وفي التوافق في السير ووحدة الهدف، ويغدو التوجيه تجنب الإسراف في الجهد والوقت، لكنه يحدد من الوجهة التربوية مشكلة الثقافة باعتبارها – في جوهرها – هي مشكلة توجيه الأفكار، فليس المهم «مطلقاً أن ننتج أفكاراً، بل يجب أن نوجهها طبقاً لمهمتها الاجتماعية التي نريد تحقيقها». إن ما يهتم به مالك بن بني ليس النظر إلى الأخلاق من الناحية الفلسفية، بل من الناحية الاجتماعية، لأنه لا يعمد إلى شرح مبادئ خلقية، بل تحديد قوة التماسك الضرورية للأفراد في مجتمع يريد تكوين وحدة تاريخية. وينحاز إلى الجانب الميتافيزيقي للأخلاق، ليتحدث عن الروح الخلقي الموهوب أو الممنوح من السماء إلى الأرض أو من الخالق إلى المخلوق، الذي تقع عليه مهمة ربط الأفراد بعضهم ببعض. كذلك هو حال النظر إلى التوجيه الجمالي، من جهة أن للجمال أهمية اجتماعية كبيرة، وله تأثير في الروح الاجتماعية، من منطلق أن الأفكار هي المنوال الذي تنسج عليه الأعمال، وهي تتولد من الصور المحسوسة الموجودة في الإطار الاجتماعي، فتنعكس في نفس من يعيش فيه، وهنا تصبح صوراً معنوية يصدر عنها تفكيره. فالجمال الموجود في الإطار الذي يشتمل على ألوان وأصوات وروائح وحركات وأشكال، يوحي للإنسان بأفكاره، ويطبعها بطابعه الخاص، من الذوق الجميل، أو السماجة المستهجنة. فبالذوق الجميل الذي ينطبع فيه فكر الفرد، يجد الإنسان في نفسه نزوعاً إلى الإحسان في العمل، وتوخياً للكريم من العادات. أما المقصود بالمنطق العملي فهو كيفية ارتباط العمل بوسائله ومقاصده، لذلك يرى ابن نبي أن ليس من الصعب على المسلم أن يصوغ مقياساً نظرياً يستخرج به نتائج من مقدمات محددة، غير أن من النادر جداً أن يعرف المنطق العملي، أي استخراج ما يمكن من الفائدة من وسائل معينة. كما يعتقد ابن نبي أن الذي ينقص الإنسان المسلم ليس منطق الفكرة، بل منطق العمل والحركة، وهو لا يفكر ليعمل بل ليقول كلاماً مجرداً ليس من شأنه أن يتحول إلى عمل ونشاط. وبخصوص التوجيه الفني أو الصناعة، فإن ابن نبي يعتبر الصناعة للمجتمع هي وسيلة للمحافظة على كيانه واستمرار نموه، وبالتالي فإن التوجيه الأخلاقي، والذوق الجمالي، والمنطق العلمي، لا تشكل شيئاً إن لم تدعم بوسائل معينة لتكوينها. والعلم أو الصناعة هو الذي يعطينا تلك الوسائل، لذلك فهو يشكل عنصراً مهماً من عناصر الثقافة. إن هذه العناصر الأربعة يمكنها أن تسهم في تحديد معنى الثقافة وتركيبها وتحويلها إلى أسلوب حياة في المجتمعات، وهي مستقاة من التحليل النفسي للثقافة، ومن الفروق ما بين الثقافة والعلم، والارتباط بين الثقافة والحضارة، وعليها يتصور مالك بن نبي أنه لامس مشكلة الثقافة، وحددها بصورة عملية. اعتقد أن الثقافة على وجه العموم ذات طبيعة يصعب تعريفها كظاهرة معقدة، لذلك بقي مفهوم الثقافة عبر التاريخ الإنساني متعدد التعريفات، ويُؤخذ بحسب زاوية النظر إليه، فلسفية أم سياسية أم إجتماعية أم لغوية أم دينية. فالانثربولوجيا تنظر إلى الثقافة، بصفتها ذلك الكل المعقد الذي يشمل المعرفة والعقيدة والفن والتقاليد، وأي قدرات وعادات أخرى يتعلمها الإنسان بصفته عضواً في المجتمع. لكنها تذهب كذلك إلى اعتبار الثقافة قدرة رموزية عند الإنسان. أي ترتبط بقدرة الإنسان على إعطاء «معانٍ» للأشياء، التي يخلقها ويستعملها. لكن بعض الاتجاهات ترى أن ليس للثقافة حضور مادي، بل لها حضور مجرد، وبالتالي لا تمكن أن يوجد علم حول شيء لا يمكن رؤيته، وبالتالي تساءل البعض أين توجد الثقافة؟ مع ذلك، فإنه يمكن تحديد ثلاثة مستويات لوجود الثقافة: في الأعضاء البشرية كالأفكار والمشاعر وغيرها، وفي السلوكيات بين الأفراد، وفي الأشياء باعتبار الثقافة عنده تتكون من أشياء وأحداث حقيقية قابلة للملاحظة. ومن وجهة نظر علماء الاجتماع، فإن معنى مصطلح الثقافة ينحصر في الأفكار الرئيسة للمجتمع والتي تشمل عقائد ورموزاً وقيماً وأعرافاً. وهناك علاقة جدلية بين الطبيعة والثقافة، يتجلى فيها البعد التكويني الإنساني، أو الفعالية الإنسانية. فالثقافة وليدة الطبيعة، وهي أداتها لتغيير ذاتها وإعادة تغييرها مجدداً. ويرى تيري إيغلتون أن الطبيعة أداة فاعلة، لكن الثقافة: التراث الإنساني، أداتان فاعلتان. والعمل الإنساني هو الذي يهيئ الفرصة للتأثير. ومن دون الطبيعة لا ثقافة، ومن دون الثقافة لا تغيير في الطبيعة. والعمل الإنساني لحمة هذه العلاقة الجدلية وسداها. (المصدر: ملحق « تراث » بصحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 14 جويلية 2007)


 

لجنة أممية: لا شرعية للحكم الصادر بحق عباسي مدني

 
 
أقرت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عدم شرعية المحكمة العسكرية التي حاكمت قائد الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة في الجزائر عباسي مدني عام 1992. وبعد النظر في الشكوى المقدمة من نجل عباسي مدني نيابة عن والده عام 2003، طالبت اللجنة الحكومة الجزائرية بدفع التعويض اللازم للجهة المتضررة من قرار المحكمة العسكرية. ومنح الحكم الذي صدر في 28 آذار/مارس الماضي وتم الإعلان عنه اليوم الجمعة، الحكومة الجزائرية مهلة 90 يوماً للرد على فحوى القرار. اللجنة المؤلفة من 18 خبيرا قانونيا أشارت في حيثيات القرار إلى أن « الحكم الصادر بحق عباسي مدني من قبل المحكمة العسكرية ينتهك البند 14 من الاتفاقية الدولية للحقوق السياسية والمدنية ». وخلصت إلى القول بأن الجزائر فشلت في تبرير اللجوء للقضاء العسكري، الذي يتعارض مع النظام القضائي المدني، من أجل محاكمة مدني. كما اعتبرت الفترة التي قضاها مدني قيد الإقامة الجبرية بمثابة حرمان تعسفي من الحرية بما في ذلك منعه من الحصول على الاستشارة القانونية اللازمة خلال تلك الفترة. يشار إلى أن المحكمة العسكرية الجزائرية أصدرت عام 1992 حكما بالسجن على مدني بعد اتهامه بتقويض أمن الدولة مباشرة إثر قيام الجيش الجزائري بإلغاء نتائج الانتخابات التشريعية التي كانت الجبهة الإسلامية للإنقاذ حينذاك قد فازت فيها بأغلبية كبيرة خلال الجولة الأولى من التصويت. وبعد شهرين من ذلك التاريخ صدر قرار بحظر الجبهة الأمر الذي أشعل شرارة تمرد مسلح أسفر عن مقتل 150 ألف شخص على الأقل. وفي عام 1997 أطلق سراح مدني ووضع قيد الإقامة الجبرية حتى يوليو/تموز من عام 2003 حيث غادر بعدها إلى قطر التي ظل يقيم فيها حتى الآن. وكما هو معروف تشرف لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على تطبيق واحترام الدول للمبادئ الدولية لحقوق الإنسان والاتفاقية الدولية المرتبطة بالحقوق المدنية والسياسية. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 14 جويلية 2007 نقلا عن وكالة الصحافة الفرنسية) إنشاء مؤسسة عربية لحماية المدن التاريخية في تونس مؤسسة تهدف الى صيانة التراث الثقافي والعمل على زيادة تمثيل المنطقة العربية على قائمة المدن المسجلة تراثا عالميا. تونس – اعلن عبد العزيز العدساني الامين العام لمنظمة المدن العربية في مؤتمر صحافي في تونس انشاء مؤسسة عربية جديدة باسم « مؤسسة التراث والمدن التاريخية العربية » بهدف الحفاظ على خصوصية المدن العربية وتحديثها. واوضح العدساني ان هدف هذه المؤسسة التي سيكون مقرها في تونس « صيانة التراث الثقافي والطبيعي والحفاظ على المدن التاريخية والعمل على زيادة تمثيل المنطقة العربية على قائمة المدن المسجلة تراثا عالميا ». كما ستعمل المؤسسة على « تأسيس شبكة خبراء مختصين من المنطقة العربية وبناء قاعدة بيانات تراثية عربية ومتابعة تحديثها وصيانتها وتوفيرها للاستخدام الكترونيا » اضافة الى « ارساء تعاون وثيق مع المؤسسات والمنظمات العالمية والاقليمية ». ودعا العدساني الى « تبني ميثاق عربي في هذا المجال مستمد من الحضارة العربية الاسلامية وتوظيفه مع ميثاق اليونسكو والمواثيق الدولية الاخرى ». وستضاف المؤسسة الجديدة الى بقية الاجهزة المختصة لمنظمة المدن العربية، وهي منظمة اقليمية عربية غير الحكومية تعمل منذ 1967 على الحفاظ على هوية المدن العربية واعانتها على تحديث مؤسساتها. وحاليا تعني هذه المنظمة، ومقرها الكويت، بـ420 مدينة عربية. (المصدر: موقع ميدل ايست اونلاين (بريطانيا) بتاريخ 14 جويلية 2007)

 


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.