الخميس، 8 نوفمبر 2007

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2727 du 09.11.2007
 archives : www.tunisnews.net
 

 


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بـــــــــــــــلاغ منظمة « صوت حر »: بيان المكتب الحقو قي والاعلامي لجمعية الزيتونة بسويسرا: بيان اللجنة من أجل إحترام الحريات و حقوق الإنسان في تونس: حتى لا يكون غدنا كأمسِنا يوميّات الاضراب: اليوم التاسع  الأساتذة المطرودين تعسفا : رسالة إلى الرأي العام النقابي وطن برس »: تضاعف المساندة للزميل الصحفي سليم بوخذير والحقوقي التونسي محمد النوري من أجل حقّهما في السفر صحيفة « القدس العربي »:صحافي وناشط تونسيان يدخلان اسبوعهما الثاني من الاضراب عن الطعام موقع الجزيرة.نت :الإفراج عن سجناء إسلاميين بتونس وكالة تونس افريقيا للأنباء:تدشين مقر شعبة التجمع الدستورى الديمقراطي بقرطاج درمش موقع الجزيرة.نت:مليار دولار التبادل التجاري بين تونس وليبيا يو بي أي: بان كي مون يزور تونس الأربعاء المقبل الأسعد الدريدي :رسالة من ولد محب إلى الشيخ لطفي السنوسي عبد السّلام بو شدّاخ،: من اجل فتح صفحة جديدة للتامّل و المراجعة و المحاسبة فيما بيننا الأستاذ عبد الوهاب معطر: المجلّة الانتخابية التونسية أو  الاحتكار بالقانون سامي نصر: مصير مجهول لنقابة الصحفيين عبدالحميد العدّاسي:إمضاء على عريضة جمال الدين أحمد الفرحاوي:اطٌلي جحافلنا الغاليه محمد العروسي الهاني:عهد الوفاء لصاحب الوفاء في عهد الوفاء عدنان المنصر: وشروه بثمن بخس…

 
 
 

 


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


 المأساة الوطنية لضحايا عشريتي القمع تتفاقم يوما بعد يوم …

عشرات الآلاف من التونسيين والتونسيات من الرجال والنساء والأطفال… يستصرخون الضمائر الحية. فهل من مجيب؟؟  

وصلتنا الرسالة التالية من جمعية « تكـافل للإغاثة والتضامن بباريس » www.takaful.fr  بســــم الله الرحمــــن الرحيــــــــم

نداء عاجل إلى كل ضمير حـيّ (*)

  

إخوتنا في الدين والعقيدة في كل بقاع الأرض،

إلى كل ضمير حي فيه قدر من الإنسانية،

 إننا في أرض الزيتونة والقيروان،  ازداد علينا الكرب و البلاء و ضاقت علينا ذات اليد وضاقت علينا الدنيا بما رحبت، معاناة إخوانكم كبرت و عظمت و لم يبق لنا بصيص أمل إلا في الله ثم فيكم لنشكوَ مآسينا.

إخوتنا الكرام، إن إخوتكم بعد خروجهم من السجن وجدوا أنفسهم في سجن كبير. اصطدموا بواقع لم يكن في خلدهم حتى في المنام. وجدوا أنفسهم بعد طول مدة السجن أمام تحديات مادية ومعنوية تجاوزت حسبانهم خاصة على المستوى العائلي. طرقوا كل الأبواب للارتزاق، يبحثون عن عمل بدون أن يسأل أحدهم عن الراتب، فهو راض مسبقا بأي عمل مهما كان الراتب. القليل منهم كفّى حاله، والكثير منهم تحت عتبة الفقر، وهم الذين وعدوا أسَرَهم بالرفاهة واليسر، ورسموا لهم في ذاكرتهم صورا وردية وحالة من العيش الرغيد.  فقد تقدمت سن أبنائهم وتضاعفت حاجياتهم و كثرت مطالبهم.

 تبخرت كل الأحلام و الآمال، شحّ العمل، تنكّر الأهل و العشيرة و تمردت بعض العائلات (الزوجة و الأبناء) على الأخ الغلبان التائه الحيران، فهناك من هجر البيت و هناك من هجرته زوجته. و الله إن هناك إخوة كالذين قال الله فيهم « لا يسألون النّاس إلحافا » نحن نشعر و نحس بهم، و هناك من حبسته عفّته في البيت فيتحاشى أن يتقابل مع إخوته حتى لا يظنوا فيه الظنون. و هناك و الله من يستخير الله قبل أن يتقدم إلى إخوته قائلا لهم :أطعموني إني جائع، والمَشاهد كثيرة و القصص مثيرة لو نحكي عنها.

إخوتنا الكرام، إن من مخلّفات هذه الأزمة الطويلة وضعيات تعيسة كثيرة،  والإخوة المسرّحين بعد أكثر من 14 سنة سجنا وضعياتهم تزداد سوءا: تأخر في الزواج حيث وصل بعضهم إلى الخمسينات من عمره ومازال أعزبا، إضافة إلى تفشي الأمراض لدى أغلبهم، مثل أمراض المعدة، وأمراض المفاصل، وغسل الكلي وحالات فشل تام، وظاهرة العجز الجنسي، وحالات سرطان بعضها ميئوس منه و حالات وفيات. والإشكال أن أغلب الإخوة المسرّحين ليس لهم بطاقات علاج. ومن بينهم عدد كبير من العاطلين عن العمل أو العاجزين عن العمل بسبب المرض.

ولم يختصر الأمر على الكبار، فالصغار من أبناء المساجين حدّث و لا حرج أيضا. فعدد منهم يعاني من الأمراض النفسية نتيجة الضغوطات المستمرة بدون توقف والتي ظهرت أعراضها الآن بشكل مخيف، وهناك حالات كثيرة تتطلب الرعاية والمتابعة الدائمة و كما تعلمون فهي مكلّفة.

 هذا غيض من فيض،  ونكتفي بهذا القدر المر.

إخواني الكرام »ارحموا عزيز قوم ذل » مقولة تتطلب منكم التوقف عندها و التمعن في كل حرف فيها

 ومن كل دلالاتها. و نحن على يقين أنه لا يرضيكم أن تسمعوا المزيد لأنه يدمي القلوب، و اللبيب من الإشارة يفهم.

أملنا في الله كبير و في سخائكم في مثل هذه الحالات التي تظهر فيها الرجال.

إننا ندعو لكم بالستر و العافية و لا نتمنى أن تشاككم شوكة تؤذيكم. إننا لا نريد أن نرهق كاهلكم بمعاناتنا ولكن اشتدت المعاناة وعظمت. التجأنا إليكم بعد الله فأغيثونا. التجأنا إليكم نشكو مآسينا، نطلب العون والدعم و السند حفاظا على كرامة إخوانكم و على علو همتهم و حفاظا على مشاعرهم.. فبجهدكم المبارك والسخي تستطيعوا أن تمنعوا اليأس في نفوس إخوة لكم ذنبهم أنهم قالوا إننا نريد الإسلام حلا لبلدنا.

 

أملنا في الله قريب أن يجمع شمل إخواننا على نهج الله و على محبة الله ولله رب العالمين عليها نحيى وعليها نموت و بها نلقى الله.  » من فرّج عن مؤمن كربة فرّج الله عليه كربة من كرب يوم القيامة » حديث

 

كان الله في عونكم جميعا، و هو خير حافظ و هو أرحم الراحمين.

 و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.                          

  

* رسالة وصلت أخيرا من  تونس إلى جمعية تكـــــافل للإغاثة و التضامن بباريس، و نحن نبلّغها كما هي إلى الرأي العام للتحسيس بما آلت إليه أوضاع الكثيرين من أبناء تونس ماديا و اجتماعيا و نفسيا بسبب سياسات القمع و التجويع و المحاصرة التي شملتهم طوال العقدين الماضيين.

و بحكم اتساع دائرة المتضررين و المحتاجين و المعدمين، فإننا في جمعية تكـــــافل نهيب بأهل الخير في كل مكان أن يهبّوا معنا لنجدة إخوانهم و لإعانتهم على حفظ دينهم و أعراضهم و حمايتهم من الجوع و الخصاصة و الحرمان، فالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.

قال تعالى ( و ما أنفقتم من شئ فهو يخلفه و هو خير الرازقين ) سورة سبأ 39

و قال تعالى ( من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة و الله يقبض و يبسط و إليه ترجعون ) سورة البقرة

وجزاكم الله خيرا

  

* من أجل المساهمة والدعم المادي، الرجاء الاتصال بالجمعية القانونية في باريس تكــــافل بإحدى الطرق التالية:

·       تسليم المساهمات مباشرة لمن تعرفهم من مسؤولي  الجمعية

·       إرسال صك بريدي أو حوالة بريدية لفائدة  TAKAFUL  على العنوان التالي:

TAKAFUL – 16 Cité Verte

 94370 Susy en Brie

    FRANCE

 

·                   تحويل  مباشر على الحساب الخاص للجمعية  التالي:

·                   La banque postale

30041  00001  5173100R020 42  

   France

 

رقم الحساب الدولي

 Iban

FR54  30041 1000  0151  7310  0R02 042

 

·                   أو عبر شبكة الإنترنت  www.takaful.fr

·                   أو عبر البريد الالكتروني

Email : contact@takaful.fr    

 


 

“ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 7 نوفمبر2007 تونس في 8 نوفمبر 2007 بـــــــــــــــلاغ  
 
قام وفد من الجمعية مكون من الأستاذين سعيدة العكرمي و سمير ديلو و السادة رشيد النجار و الأسعد الجوهري و لطفي العمدوني بزيارة المساجين السياسيين المسرحين : عبد الكريم الهاروني و علي شنيتر و لطفي السنوسي و عبد اللطيف بوحجيلة وفاخر الفاطمي ..و قد عبر الوفد للمناضلين ، الذين استرجعوا حرياتهم و يتطلعون لاسترجاع حقوقهم ، عن إكباره لصمودهم و تضحياتهم و عن وقوف الجمعية معهم في مسيرة محو الآثار المدمرة لسنوات السجن الطويلة .. وقد عاين الوفد الحالة الصحية المتدهورة لعبد اللطيف بوحجيلة جراء ما تعرض له من تعذيب و إهمال و سوء معاملة مما خلف له أمراضا متنوعة طالت القلب و الرئتين و المفاصل . إن الجمعية إذ تجدد الدعوة الملحة لإطلاق سراح بقية معتقلي محاكمات بداية التسعينات ( خاصة و أن بعضهم يشكو من أمراض عديدة ، مثل رضا البوكادي و الصادق شورو ) ، فإنها توجه نداء لكل الجمعيات   والمنظمات المستقلة و كل السلط المعنية لمساعدة المساجين المسرحين على العلاج و تدارك المخلفات الصحية الخطيرة التي طالتهم . عن لجنة متابعة أوضاع المسرحين الكاتب العام للجمعية الأستاذ سمير ديلو

 

 


 

 

منظمة « صوت حر »
باريس 9/11/2007 بيان

إن منظمة « صوت حر » لتعبّر عن أسفها العميق لقصور الإجراءات المعلنة بمناسبة الذكرى العشرين ل7/11 حيث لم يتمتّع إلا عدد ضئيل من المساجين السياسيين بسراح شرطي لتستمرّ المعاناة المروعة للبقية الذين يقبعون في غياهب السجون منذ أكثر من 16 سنة في ظروف لا إنسانية كما لم تشمل هذه الإجراءات المئات من الشباب المعتقل عشوائيا خارج أي إطار قانوني تحت تعله « محاربة الإرهاب » وتبدي منظمة « صوت حر » تعاطفها مع عائلات المساجين الذين تمّ استثنائهم من هذه الإجراءات خاصة و أن هذه المناسبة كانت محطّ آمالهم و آمال الكثيرين ممّن ظنّوا و روّجوا أنها ستكون منعرجا نحو مزيد من استرجاع الحقوق الأساسية  و احترام الحريات العامة إن منظمة « صوت حر » تجدّد دعوتها إلى جميع النشطين من اجل الحقوق الأساسية إلى مضاعفة الجهد و النضال من اجل عفو تشريعي عام يلغي المظالم نهائيا و يعيد إلى كل مظلوم حقه الشرعي و يعوضه عن المعانات و العذاب. منظمة « صوت حر » الرئيس د.أحمد العمري

 


 

المكتب الحقو قي والاعلامي لجمعية الزيتونة بسويسرا 

بيان

 

 

   بلغ المكتب الحقو قي والاعلامي لجمعية الزيتونة بسويسرا نبأ اطلاق سراح مجموعة من الاخوة أمس الاربعاء 7/11/07، ولله الحمد. وبهذه المناسبة نهنئ جميع الاخوة المسرحين وعائلاتهم ونورد قائمة في الأسماء التي تم التأكد منها ورقم الهاتف:

      -عبد الكريم الهاروني 98921405  

    –  لطفي السنوسي 22955592  

      -علي شنيتر99592313

      – محمد الصالح قسومة 97883512

      – عبد اللطيف بوحجيلة 96795252

      – فاخر الفاطمي  22331369

       – محمد عون  1856567

       -عبد الحميد الجلاصي  22933600

       – ساسي حطاب

ان المكتب اذ يثمن هذه الخطوة، فانه يدعو السلطات التونسية الى اطلاق سراح كافة مساجين الرأي وسن عفو تشريعي عام يمكّن كافة المسرحين من جميع حقوقهم واستعادة دورهم داخل مجتمعهم بناء واعمارا.

 

 

 

المكتب الحقو قي والاعلامي لجمعية الزيتونة بسويسرا                                                  

               

                                                                                                                     سويسرا في 8/7/2007

 

 

 

 


 

 

 

 


 

 

 

اللجنة من أجل إحترام الحريات و حقوق الإنسان في تونس

حتى لا يكون غدنا كأمسِنا

بعد عشريتين عن إزاحة بورقيبة من على رأس الدولة في 7 نوفمبر 1987، ومع نهاية عشرين سنة من الحكم الاستبدادي للرئيس بن علي، يجدر بمناضلات ومناضلي الحريات والديمقراطية في تونس، إمهال أنفسهم وقتا ولو قصير، للتفكير والاعتبار بغاية قلب اتجاه مجرى الأمور في بلادنا.

عشرون سنة، كلفت البلاد أضرارا وخسائر فادحة على جميع الأصعدة، وكادت أن تستقر بشعبنا في خانة الشعوب المستثناة من الحق في الحرية والمواطنة الفعلية ومن إمكانية الانتقال الطبيعي للديمقراطية.

ولعل أخطر ما آلت إليه أمورنا، والأعسر على الجميع علاجه في المستقبل، هو واقع التصحر الثقافي وأفول السياسة في المجتمع، إلى جانب حقيقة الاهتزاز القيمي وغياب الآفاق وفقدان الأمل لدى شبابنا.  وإن الشعب الذي نحب الحديث عنه ونطمح لفهمه والالتحام بهمومه والذي هو غاية خطابنا ومسعانا في مسيرة الإصلاح والتغيير، هو شعب شاب بالأساس، هو في قسمه الأعظم وبنسبة تصل إلى السبعين بالمائة من فئة عمرية لم تتجاوز سن الثلاثين، فذلك يعني  أن الأغلبية الساحقة من بنات وأبناء البلد لم يعرفوا من الداخل غير حكم زين العابدين بن علي ونتائج سياساته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية عليهم وعلى ذويهم. ولم يعرفوا من الخارج غير ما هو متاح من مواقع الأنترنت وما تقترحه الفضائيات من أخبار وصور « الصدام الحضاري » (ما بين القنابل والدبابات من جهة والسيارات المفخخة وأحزمة الاستشهاديين الناسفة من جهة أخرى) وعلى كونهم من أبناء دين وأمة، تحالفت عليها قوى الهيمنة والاستعمار الغربية لإذلالها ونهب خيراتها… كذلك هو حال شعبنا اليوم.. وتلك هي سمات الحالة الذهنية والمعنوية الراهنة للقسم الغالب من شبابنا.

ثم وتجاه هذا المعطى الأساسي من الداخل التونسي، كيف كانت العلاقة بين نخب ومعارضات البلاد وبينه؟ وما كان حظ الشبيبة كما هي أولوياتها وطموحاتها ومشاعرها، من اهتمامات وبرامج وفكر نخبنا الفكرية والسياسية، ماذا نعرف منه وعنه، وهل لنا من عقله وقلبه مكان أومكانة؟

فالأمر لا يحتمل الاستهانة أو التأجيل، وواجب التأمل والبحث عن الإجابات على صعوبة ومرارة التمشّي يعد في مرتبة فرض العين على كل واحد فينا.

إنه التحدي الأكبر، وهو الموضوع الذي تتقاطع ضمنه المتغيرات المتسارعة الحاصلة داخليا وخارجيا، ورأينا يميل لضرورة إحلاله مكان زاوية النظر الأولى من مجهود فهم واستيعاب السياقات والتحديات المستجدة في الأرض التي نقف عليها.

ثم المسألة الثانية، والتي نروم اقتراحها على العقل السياسي المعارض في تونس اليوم وبالذات من زاوية الوقوف على تبعاتها باعتبار ثقلها الحاسم على نجاحنا كما على فشلنا في بلورة أحد أهم شروط القطب المقاوم القادر على قلب الاتجاه الراهن لمجرى الأمور في علاقة الدولة بالمجتمع.

إن ابتلاء تونس بنظام مغلق نجح على امتداد عشريتين في الانقلاب والقضاء على كل الإمكانيات الكامنة داخل الحزب الدستوري الحاكم نفسه ومؤسسات الدولة الوطنية، كما توصّل إلى إعدام أو إنهاك أغلب بؤر السلطة المضادة وقوى الممانعة في الساحات الاجتماعية والسياسية والثقافية والمدنية داخل المجتمع.

إن الحقيقة التي عليها الطرف الغالب في ميزان القوى العامة بين الدولة والمجتمع، قابلتها على الدوام، ولو بشكل موسمي ومتناثر، حالات رفض ومقاومة وتشهير احتل فيها الأفراد والكتلة الحقوقية والتضامن الخارجي، قبل أن يتصدر السياسي المواجهة منذ فترة وجيزة، الموقع الرئيس. فكلفت إرادة رفض الأمر الواقع ومحاولات تغيير ذلك الاختلال الكاسح في موازين القوى على امتداد عشرين سنة تضحيات كمية ونوعية جسيمة وإن هي ليست محل ندم فإنها بالغة الكلفة بالنظر إلى النتائج المحصودة.

فالمسألة الثانية إذن، تفترضها مبادئ علم السياسة وتقرّها معطيات الواقع وقوانين أخذ مكاننا من عصرنا، إنها تخضّ الدعوة لإعمال التفكير في السؤال التالي:

كيف للمعارضة أن تكون سياسية، أي أن تكون لها سياسة حرية بمعنى هذا الفعل والنشاط العمومي المتميّز وهي تفتقد لسياسة خارجية إقليمية ودولية موازية وبديلة ؟

ملاحظتان نعتبرهما ضروريتان لتقديم هذه المسألة، من شأنهما إغناءنا عن بعض اللغط في نوايا طرح السؤال:

أ‌)   على حدود المكاسب التي سجّلناها خلال العشريتين المنقضيتين وبالذات على الساحتين الإعلامية والدبلوماسية، فإنها حصلت بفعل الدور الأساسي والحاسم أحيانا الذي لعبته العوامل الخارجية وللثقل المرجّح الذي وفّرته حملات الإعلام والتضامن والضغوط الدولية.. والتي ارتكزت بطبيعة الامر على حالات نهوض داخلية.

ب‌) نحن نخطئ المرمى، إذا ما باشرنا الإجابة والنظر في سؤال المسألة الثانية من تحت تأثير وإرهاب الخط الأحمر المسطّر من الحكم في تونس. إذ لا نرى من وجاهة في خطابه حول الوطن والوطنية، ولن نقرّ له بأدنى شرعية في أن يزايد علينا في حب تونس وواجب الذود على سيادتها والحرص على استقلالها.

فبناء القطب المدني الفعال في تونس وفرز الكتلة السياسية المعارضة المهابة في الداخل والمؤهلة للمراهنة عليها والشراكة معها في الخارج، هو موضوع الآن السياسي، ولن يزيدنا السلوك الطفولي تجاه هذا الملف إلا مزيدا من الوقت الضائع.

إن إشكالية العلاقة بين النضال التونسي في الداخل من أجل الحرية والديمقراطية من ناحية وموقع ودور المعطيات الإقليمية والدولية في مسار تحقيق أهدافه من ناحية ثانية، هي إشكالية تتطلب الحوار النزيه والمفتوح والعاجل بين مختلف قوى الإصلاح التونسية لرفع الالتباس وتبديد الشكوك والارتقاء إلى صف الرشد والأهلية السياسية.

 إن حقائق الواقع الدولي المباشر والتي منها:

أ‌)   موجة الارتداد لفكرة حقوق الإنسان نفسها والتراجعات المسجلة في مستوى الحريات الفردية والجماعية داخل الديمقراطيات الغربية بالذات، واهتزاز مصداقيتها وموقعها كضمانة سياسية وأخلاقية لتلك المبادئ والقيم العالمية.

ب‌) المسؤولية الأولى للديمقراطيات الغربية في حماية وبقاء الأنظمة الاستبدادية والكليانية في منطقتنا ومنها تونس ودور العوامل الخارجية (الأوروبية والأمريكية) المحدد في تردي وتراجع موجة وأمل الإصلاحات الديمقراطية في منطقتنا ومنها تونس في السنوات الأخيرة رغم الخطب والمشاريع التي بشّرت لفترة سابقة بدمقرطة المنطقة وادعت لجم الديكتاتوريات وإسناد دعاة الإصلاح ونشطاء الحرية (مبادرات الشراكة وسياسات الجوار الأوروبية بخطة الدول الثمانية، أو خطة الشرق الأوسط الكبير الأمريكية)

فهذه الحقائق على أهميتها فهي تبقى الجزء الظاهر فقط من الراهن الدولي ولا تعدّ كافية لتلخّص الواقع المعقّد وسريع التحوّل لذلك المعطى ثم وبالخصوص، لن تغنينا عن حيوية وواجب وبداهة أن تكون لمعارضتنا سياسة خارجية متناسقة طموحة ومقنعة ومتخلصة من عقدها النفسية.

أما المسألة الثالثة التي نطمح للتأشير عليها فهي مشكّلة من تساؤل وأمل:

أ‌-  التساؤل: يخص الخارطة السياسية والحزبية المعارضة غير الإسلامية. فهل نضجت الظروف وتوفّر الحد الأدنى من الإرادة السياسية لدى شخصيات وقيادات الأحزاب والتيارات والمجموعات المشكلة لتكتل 18 أكتوبر وأخرى من حولها لمراجعة واقعهم الهيكلي والتنظيمي ولمعالجة حالة التذرر الحزبي؟ لإطلاق مسلسل بعث هيكل سياسي مجمّع وعصري يكون فضاء ومخبرا لفرز سياسات مرحلة فرض الحريات وتوفير وسائلها بشكل موحد، ومن موقع طرف المعادلة القوي والشريك المبدئي للمعارضة الإسلامية وذلك في انتظار « تفرغ أي مجموعة تطمح لبناء حزبها التاريخي الخاص بها » وهو الأمر المشروع في حد ذاته والذي قد تحتاجه طبيعة وموازين قوى المراحل القادمة؟

ب‌-     أما الأمل والذي سنتوسع فيه اكثر، فهو الذي نعتقد في توفّر أهم شروط إنجازه الآن. وحتى لا يكون غدنا كأمسنا، علينا التفكير والعمل حول المبادرة الممكنة والمطلوبة لإحداث نقلة نوعية للنضال المدني والديمقراطي الواسع دعما وإسنادا للهيئات والتنظيمات المدنية والحقوقية والاجتماعية والسياسية القائمة في الجسم الاحتجاجي والمعارض من جهة، كذلك وبالخصوص بغاية التأليف والتثمين للعديد من الديناميكيات والمبادرات التجميعية التي ولّدتها نضالات ومختلف محطات النهوض خلال السنوات الأخيرة. هي علامات ومؤشرات عجت بها قطاعات مختلفة وجهات البلاد الداخلية وساهمت فيها الطاقات المهجرية، وتميزت بإرادة وتضحيات إطارات نوعية ووجوه مغمورة واعدة بأن تكون من صنف القيادات الجديدة متعددة المشارب منها المتحزب وأغلبها من غير المتحزبين هي أقرب للجهات ولفئة الشباب وصاحبة الخبرة داخل النقابات والقطاعات الحيوية وربّما تعدّ الأكثر تخلّصا من تركة خلافات الماضي السحيق والنرجسيات والذاتيات المكبّلة لعدد من زعامات ووجوه العشريتين الماضيتين.

فعلى قدر إيماننا بعبثية الهدم للبناء من فراغ، فنحن نؤمن كذلك بضرورة تيسير المراكمة والتأليف وإحداث التداول في وقته، لإعطاء المعنى وإحداث الصدمة المطلوبة وفسح مجال للأمل.

إن بعث حركة مدنية وديمقراطية داعية للحرية بسقف إصلاحي جذري وبآليات تنظيمية مرنة مفتوحة على الأفراد من مختلف المشارب والمرجعيات تقر بالانتماء المزدوج للمتحزبين وغير المتحزبين ومتوفرة على وسائل عمل عصرية ومستحدثة، هي مهمة الراهن السياسي في تونس، وهي عملية ممكنة ومفيدة للجميع.

ارتأينا اقتراح المسائل الثلاثة موضوع ورقتنا والتي تخص في المقام الأول ثقل المعطى الشبابي في شعبنا ومن ورائها الدعوة للتأمل في الهوة والمسافة التي أصبحت تفصلنا عنه وذلك بكل المعاني وبكامل التبعات المتوقعة على الفعل السياسي المعارض اليوم وغدا.

وفي المقام الثاني موضوع العلاقات الخارجية أو الدبلوماسية البديلة المطلوبة لدى المعارضة التونسية وما تستثيره من استتباعات ونتائج ندرك خطورتها وحرارة النقاش فيما تثيره من قضايا وملفات.

ثم وفي المقام الثالث طرحنا للتفكير والنقاش سؤالا حول أفق الإرتقاء بهيكلة الخارطة السياسية المعارضة غير الإسلامية وعبّرنا على امل نشترك فيه مع غيرنا في الداخل، يعني التأسيس لديناميكية مدنية جديدة تنتقل بما تناثر إلى درجة التأليف المفجّر لأمل نحن في أمسّ الحاجة إليه.

هكذا اخترنا في اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس أن نشارك مناضلات ومناضلي الحرية والديمقراطية في يوم اكتمال عشرين سنة من الاضطهاد ومن الصمود بالبحث في قضايا من شأن الإجابات الصائبة والجماعية عليها، مساعدتنا على قلب اتجاه مجرى الأمور نحو غد قريب للحرية والكرامة في بلادنا.

7 نوفمبر 2007

 


 

 

* من أجل حرية التنقل *
 
يوميّات الاضراب
 
اليوم التاسع
(09/11/2007 )
 
 
* الحالة الصحية للمضربين
 قام عضوان من اللجنة الطبية بفحص عام على المضربيْن ليلا شمل قياس الوزن و نسبة السكّري و ضغط الدم وتبيّن لهما تدهور الحالة الصحية لكل من الأستاذ محمد النوري و السيد سليم بو خذير،  فطالب الطبيبان  المضربيْن بإجراء تحاليل شاملة  و عاجلة ، و بالنسبة للصحفي سليم بوخذير طلب منه تناول أمصال فيتامينات نظرا لغرتفاع ضغط دمه و هزاله الشديد فرفض مكتفيا بالماءو السكّر و تبيّن ايضا إرتفاع ضغط الدم لدى الأستاذ النوري الذي صار يُصاب الغماء و له ضعف في البصر بسبب تقدّمه في الإضراب لليوم التاسع   .
* تواصل وفود المساندة
  تواصلت زيارت المُساندة للمضربيْن ، وهذه قائمة المناضلين الذين زارؤوهم اليوم الجمعة :
 
– عبد الرزاق الكيلاني              / رئيس فرع تونس للمحامين 
– جمال رحماني                    / لجنة الدفاع عن المحجبات
– السيد لطفي الورغي               / سجين سياسي سابق
– السيد المعز بن منا                 / سجين سياسي سابق
– السيد محمود الذوادي               / كاتب عام نقابة الصحافيين التونسيين .
– السيد عبد الحفيظ السمعلي           / أستاذ
– السيد سفيان فرعون                  / طالب
– السيد عبد السلام الككلي              / كاتب عام نقابة الجامعيين بكلية الآداب بمنوبة
– الأستاذ عمر الصفراوي               / محام
– الأستاذ فتحي عبيد                    / محام
– الأستاذ العياشي الهمامي               / الناطق الرسمي لهية 18 أكتوبر
– الأستاذ منذر الشارني                  / القيادي بجمعية مقاومة التعذيب
– الأستاذ الحبيب بن عبد الله              / محام
 – السيد المنصف الطريقي                / حقوقي
* و قد أخبرالأستاذ عبد الرزاق الكيلاني زميله الأستاذ محمد النوري بأن الوكيل العام وكاتب وزارة العدل أكد له أن قضية رفع التحجيرعن السفر قيد النظر.
* من ناحية أخرى استمرت مختلف الشخصيات الوطنية خاصة إطارات و مناضلي و شباب الحزب الديمقراطي التقدمي بالتوافد على مقر الاضراب مُعربين عن بالغ انشغالهم لتدهورالحالة الصحية للمضربيْن و تضامنهم  الكلّي مع مطلبهما المشروع.
* اتصالات هاتفية متواصلة
    اتصلت اليوم عديد الشخصيات الوطنية من الداخل و الخارج بالمضربين للتعبير عن المساندة و الإطمئنان على صحتهمانذكر منهم :
 
  – السيد حمادي الجبالي  / السجين السياسي السابق ومدير جريدة الفجر
  – السيد علي رمزي بالطيبي  / سجين سياسي سابق مُسرّح حديثا
  – السيد مرسل الكسيبي       / كاتب و إعلامي تونسي مقيم بالخارج
  – السيدة زينب الشبلي         / عضو المكتب التنفيذي لمنظمة حرية و إنصاف
  – الشيخ راشد الغنوشي        / رئيس حركة النهضة
  – السيد منصف المرزوقي      / رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية
  – سهام بن سدرين              / الناطقة الرسمية باسم المجلس الوطني للحريات
  – الأستاذ عبد الرؤوف العيادي  / نائب رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية
  – السيد لطفي حجّي / عضو هيئة 18 أكتوبر
  – السيد كمل العبيدي  / عضو قيادة اللجنة الدولية لحماية الصحافيين بنيويورك
   – السيدة سهام بن سدرين / الناطق الرسمي للمجلس الوطني للحرّيات
– السيدة نزيهة رجيبة ( أم زياد ) / الكاتبة العامّة لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية و نائب رئيس المرصد الوطني لحرية التعبير و النشر
  – السيد توفيق الشايبي            / سجين سياسي سابق ( حركة النهضة ).
* تصحيح خطأ :
خلافا لما ورد في ملحق الندوة الصحفية فإنه لم يصدر حكم يقضي بمنع الأستاذ محمد النوري من السفر و إنما صدر ضده إجراء مؤقت عن حاكم التحقيق الذي كان عليه إتمام الأبحاث في ظرف ثلاثة أشهر و قد قدم الأستاذ محمد النوري استئنافا لقرار رفض رفع تحجير السفر ضده.
*استمرار المحاصرة الأمنية  
لاتزال قوى البوليس السياسي تحاصر مقر الاضراب بكثافة و ترصد الوافدين إليه و تمنع بعض الزوار من أمثال السيد زهير مخلوف و القيادي في حركة النهضة الدكتور زياد الدولاتلي مع التثبت من هوية بعضهم عند الخروج كما حصل اليوم مع السيد المعز بن منا و زوجته ، و بعد الزوال تمّ اليوم منع السيد علي العريض من زيارة المُضربيْن .
*رسائل الكترونية حارة    
 
 ….. هذه رسائل مُعبّرة وردت على البريد الإلكتروني للخليّة الإعلاميّة للإضراب ننشرها كاملة :   
 
1) « أن يحمل المرء جسده و يعرض حياته للخطر من أجل الحصول على حق بسيط كالحق في التنقل فتلك مأساة هذا البلد ، لكن ما دام هناك مناضلون أمثالكما يتحدون الصعاب فالأمل قائم لقهر العتمة و التغلب على الطغيان تحياتي و تقديري لتضحيتكما ».
السيد أحمد القلعي / فرع الرابطة بنزرت
2)«  La sincérité peut briser la dictature qui s’est nourrie de notre silence. » E.M
 

 
 
 
* أصداء الاضراب عن الطعام في وسائل الاعلام الوطنية يومي الخميس و الجمعة
حُظي الاضراب عن الطعام للأستاذين محمد النوري و سليم بوخذير أمس الخميس و اليوم الجمعة بتغطية صدرت في عن العديد من وسائل الإعلام العربية ، فقد كتبت صحيفة « القدس العربي » في عددها الصادر الخميس 8/11/2007 مقالا من لندن تحت عنوان  » صحافي وناشط تونسيان يدخُلان أسبوعهما الثاني من الإضراب عن الطعام  » ( للاطلاع على المقال اضغط على الرابط التالي  http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today\07w94.htm&storytitle=ffصحافي%20وناشط%20تونسيان%20يدخلان%20اسبوعهما%20الثاني%20من%20الاضراب%20عن%20الطعامfff&storytitleb=&storytitlec=
– كما كتبت الجزيرة .نت مساء أمس الخميس مقالا تحت عنوان  » الإفراج عن سجناء سياسيين بتونس » ، تناولت فيه موضوع الافراج عن عدد من السجناء السياسيين يوم 7/11 /2007 ضمّنته خبرا عن تدهور الحالة الصحية للمضربين محمد النوري وسليم بوخذير ( للاطلاع على المقال اضغط على الرابط التاليwww.aljazeera.net/NR/exeres/59DA0401-13D8-4A5A-985C-7D7DCE6A010B.htm ) .
 
– و تحت عنوان «  تضاعف المساندة للزميل الصحفي سليم بوخذير والحقوقي التونسي محمد النوري من أجل حقّهما في السفر  » كتبت وكالة « وطن .برس » تقريرا نشرته مساء أمس الخميس 8 نوفمبر  عن تدهور الحلة الصحّية للمضربين و عن تفاصيل الندوة الصحفيّة التي كانا عقداها مع لجنة المساندة يوم 6 نوفمبر ( للاطلاع على المقال اضغط على الرابط التالي  http/www.watanpress.net/s/news/5323.aspx ) .
  – و مساء اليوم الجمعة نشرت صحيفة « وطن » منالولايات المتحدة التقريرعن الندوة الصحفية (للإطلاع إضغط على الرابط  التاليhttp/www.watan.com/index.php=3fname=3dNews&file=3darticle&sid=3d4476 ) .
– و نشرت صحيفة « التجديد » المغربية اليومية خبرا عن الافراج عن السجناء السياسيين وعن تدهور الحالة الصحية للمضربيْن .
– و بثت قناة « الحوار » اللندنية مقابلة هاتفية للأستتاذ محمد النوري حول إضرابه مع الصحفي سليم بوخذير أكثر من مرة هذا الأسبوع ضمن برنامج « حقوق الناس » .
– و مساء يوم 7/11 تعرّض الأستاذ  أحمد نجيب الشابي الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي في مُداخلته الهاتفية بقناة « الجزيرة » / نشرة المغرب العربي ( لمشاهدة تسجيل المدخالة اضغط علىالرابط التاليhttp/smawebdesign.com/mcgallerypro/show.php=3fstart=3d0&id=3d263&video=3d1 ) .
– كما بثت قناة « الحوار التونسي » الندوة الصحفية  الثانية التي عقدها المضربان يوم 6 نوفمبر ، و يُشار إلى ان يمكن الإطلاع على تغطية قناة « الحوار التونسي » للندوة الصحفيّة الأولى التي كان عقدها المضربان عن الطعام يوم 1 نوفمبر لأكثر على الرابط التالي http/smawebdesign.com/mcgallerypro/show.php=3fstart=3d0&id=3d262&video=3d1 ) .
– و في تونس تصدّرت صُورتا المضربيْن النوري و بوخذير صحيفة « الموقف » الصادرة في مقال مطوّل تحت عنوان  » النوري و بوخذير: إضراب حتى الموت من أجل الحق في السفر  » .
– و تصدّرت صورتا المضربان أيضا الصفحة الأولى لصحيفة « مواطنون » الصادرة أمس الخميس تحت عنوان  » المحامي محمد النوري والصحفي سليم بوخذير يضربان عن الطعام » .
– و نقلت عديد وسائل الاعلام الدوليّة الناطقة بالفرنسيّة التقريرالذي كانت أوردته وكالة « فرانس براس يوم 5 نوفمبر عن أشغال المجلس الوطني للحزب الديمقراطي التقدمي المُنعقد يوم الأحد وأشار التقرير إلى مساندة المؤتمرين في المجلس الوطني للمضربين عن الطعام محمد النوري و سليم بوخذير .
– و أشارت صحيفة « لوموند » في خبر لها منشور يوم 8/11 إلى إضراب النوري و بوخذير عن الطعام من أجل حقّ السفر .
– كما كتب السيد روبار مينار رئيس منظمة مراسلون بلا حدود مقالا أمضته معه الأستاذة هاجر ساموني القيادية بالمنظمة حول معاناة الصحفيين بتونس و أشارت إلى إضراب سليم بوخذير عن الطعام و قد صدر المقال بصحيفة « لوموند بأمس الخميس ( للاطلاع على المقال اضغط على الرابط التاليhttp://www.lemonde.fr/web/article/0,1-0,36-976064,0.html  ) .
– و بثت قناة « فرنسا 24 » الفرنسية مساء الثامن من نوفمبر برنامجا مُطوّلا إستضافت فيه الدكتور منصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية والشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة تحدّثا ضمنه عن تدهور الحالة الصحية للمضربيْن النوري و بوخذير و ندّدا بامتناع السلطات التونسية عن تمكينهما من حقهما في السفر.
– من جهة أخرى أصدر منذ حين الاتحاد الدولي للصحفيين من مقره المركزي ببروكسال بيانا ندّد فيه بقمع حرية الاعلام بتونس و عبّر عن مساندته لزميله سليم بوخذير للمطالبة بحقه في السفر(للإطلاع على البيان بنسخته الأنقليزيّة إضغط على الرابط
 و بنسخته العربيّة إضغط على الرابط   http/www.ifj.org/default.asp=3fIndex=3d5477&Language=3dEN ) .
 
 

 

 


 

 

تونس في 9 نوفمبر 2007

 

                                                                                   

الأخ………………………………………………………………………

 

تحية نقابية، و بعد

 

نحن الممضين أسفله الأساتذة المطرودين تعسفا يهمنا أن نتوجه إليكم، و من خلالكم إلى الرأي العام النقابي بالرسالة التالية:

سلطت علينا وزارة التربية و التكوين- على خلفية التزامنا النقابي- عقوبة الطرد التعسفي من العمل دون مبرر قانوني أو بيداغوجي. و رغم تدخل الأخ الأمين العام و الأخ الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الثانوي فان وزارة الإشراف واصلت سياسة المماطلة و التسويف مما رسخ لدينا قناعة أنها غير مستعدة للعدول عن هذا الإجراء التعسفي. و أمام هذا الموقف المتعنت لم يعد أمامنا من خيار إلا الدفاع عن حقنا المشروع في العمل بالوسائل النضالية المباشرة بما فيها الإضراب عن الطعام.

انه لا يفوتنا أن نعلم اخوّتكم أننا لازلنا نعول على مساندتكم اللامشروطة لنا، و استعدادنا لمواصلة وضع الملف كاملا بين أيديكم باعتباركم مؤتمنون على حقوق النقابيين و مصالحهم.

إن توخينا للأشكال النضالية المباشرة لا يعني البتة إغلاق الباب أمام مساعيكم و جهودكم، و انه ليحدونا أمل كبير في قدرة المنظمة النقابية المناضلة على حفظ حقوق و كرامة أبنائها.

عاش الاتحاد العام التونسي للشغل حرا مناضلا مستقلا ديمقراطيا

عاشت نضالات النقابيين من أجل الكرامة و الحق في العمل و الحياة بعزة

الأساتذة المطرودون عمدا

– محمد مومني

– على الجلولي

– معز الزغلامي

ملاحظة: تم توزيع نص هذه الرسالة على  الأخوة أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل و الأخوة أعضاء النقابة العامة للتعليم الثانوي، كما وزعت على عديد التشكيلات النقابية القطاعية و الجهوية.

 

 

يمكن الاطلاع على المظلمة المسلطة على الأساتذة المطرودين عمدا من خلال الرابط:

http://moumni.maktoobblog.com

 

للمساندة و الاتصال

profexclu@yahoo.fr

 

 

 


 

 

 

بان كي مون يزور تونس الأربعاء المقبل

تونس / 9 نوفمبر-تشرين الثاني / يو بي أي: يبدأ الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون الأربعاء المقبل زيارة رسمية إلى تونس وذلك في إطار جولة ستقوده لأكثر من عاصمة غربية. وقالت كوثر بيزاني من المكتب الإعلامي للأمم المتحدة بتونس اليوم الجمعة ليونايتد برس أنترناشونال إن زيارة بان كي مون لتونس ستستغرق ثلاثة أيام يجري خلالها محادثات ومشاورات مكثفة مع عدد من كبار المسؤوليين التونسيين حول المسائل المرتبطة بسبل تعزيز الأمن والإستقرار الدوليين. وأضافت أن بان الذي ينتظر وصوله إلى تونس في الرابع عشر من الشهر الجاري،سيشارك في المؤتمر الدولي حول مكافحة الإرهاب الذي ستبدأ أعماله بتونس في الخامس عشر من الشهر نفسه. وتنظم هذا المؤتمر الحكومة التونسية بالتعاون مع منظمة المؤتمر الإسلامي،ومنظمة الأمم المتحدة، خلال الفترة ما بين 15 و17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري تحت شعار »الجذور الفكرية للإرهاب: المفاهيم والأبعاد وآليات المعالجة » . وبحسب بيزاني،فإن بان سيشارك في الجلسة الإفتتاحية لهذا المؤتمر،على أن يغادر تونس في اليوم التالي بإتجاه مدينة فالنسيا الإسبانية للمشاركة في أعمال القمة الإسبانية الأميركية المخصصة لمناقشة سبل تعزيز الروابط الإجتماعية. وكان الأمين العام للأمم المتحدة أعلن في وقت سابق أن جولته الحالية ستقوده إلى البرازيل والأرجنتين وتشيلي وإسبانيا وتونس،وذلك لبحث بعض القضايا المرتبطة بالإرهاب وبالبيئة.

 

 

 


 

 

تدهورت حالتهما الصحّية  بعد دخول إضرابهما عن الطعام أسبوعه الثاني

تضاعف المساندة للزميل الصحفي سليم بوخذير والحقوقي التونسي محمد النوري من أجل حقّهما في السفر

 
وطن برس –  تقرير خاص
   في أول ردّ فعل منهما على البيان الحكومي الصادر بعدد من الوكالات والفضائيات الذي وصف أسباب إضرابهما عن الطعام بأنّها « ادّعاءات باطلة »، عقد المضربان عن الطعام الأستاذ محمد النوري و الصحفي سليم بوحذير مُراسلنا في تونس مؤتمرا صحفيا مساء الثلاثاء 6 نوفمبر – تشرين الثاني الجاري ، وصفا فيها ردّ الحكومة التونسيّة بأنه « تضليل » يدخل في إطارمحاولة محو مسؤوليتها على حرمانهما من حق السفر للعام الرابع. و قال الزميل سليم بوخذير، الذي دخل اضرابا مفتوخا عن الطعام بمُرافقة الحقوقي التونسي محمد النوري من أجل الحقّ في السفر: « لقد تأخّر ردّنا علىالبيان الحكومي خمسة أيام بسبب أننا لم نشأ فقط الردّ  إعلاميا على بيان الحكومة، وإنّما أن يقترن هذا الردّ الإعلامي بحركة مُحاججة رمزيّة، نُقدِم عليها بهدف مزيد إسكات الحُجج الواهية للحكومة ». و تابع الزميل « ردّنا الرمزي على جزء ممّا ورد في بيان الحكومة كان أن تقدّم الأستاذ محمد النوري بتاريخ 2 نوفمبر – تشرين الثاني بمطلب في استئناف القرار القضائي غير المستقل الصادر ضده بتحجير السفر منذ سنوات. أما بالنسبة لي فقد خُضْت خطوة رمزية بأن وجّهت عن طريق فريق من المحامين ملف جواز سفري عبر البريد مضمون الوصول إلى المصالح الأمنيّة ». و قال الأستاذ منذر الشارني والأستاذ محمد عبو المحاميان:  » لقد وجّهنا فعلا عبر مكتب البريد مضمون الوصول بشارع فرحات حشاد بالعاصمة مطلبا لجواز سفرِ مُنوّبنا الصحفي سليم بوخذير الى المصالح الأمنية مُزوّدا بكل الوثائق اللازمة التي يطلبها القانون وحصلنا على وصل في ذلك ». و قال الأستاذ محمد النوري: « وجّهت طلب الاستئناف بتاريخ2 نوفمبر – تشرين الثاني عن طريق محاميّ و إنقضت أيّام ولم تقع الإستجابة  لطلبي ، و ذلك على خلاف ما فهمه البعض من بيان الحكومة، بأنّ الإستجابة ستتمّ ». و وصف الزميل بوخذير إقدام الأستاذ النوري على طلب الإستئناف، و توجيهه هو لملف جواز سفره عبر البريد السريع بأنه مُجرّد « مُحاولة للمحاججة الإعلامية لاغير »، متابعا بالقول  » لقد إمتنعت مصالح الأمن على مدى ثلاث سنوات متتالية عن قبول ملف جواز سفري بحُجج ضد القانون، و ردت عليّ بالصد و بالرفض حتّى تُغني السلطات نفسها عن تجشّم عناء قضية إعلامية قد تُثار عندما تقبل منّي مطلب جواز سفري ثمّ لا تُسلمني الجوازبعد ذلك فأقيم عليها الحجّة ». و قال الزميل « لقد طوّرت سلطات زين العابدين بن علي من أساليب إمتناعها عن منح المخالفين و المستقلين  حقّهم في جواز سفرهم ، ففيما كانت في السنوات الماضية تتقبّل منهم الملف، و تمنحهم وصلا في ذلك  ثم تمتنع عن إعطائهم جواز السفر، بدت لها هذه الوسيلة غير نافعة باعتبار أنها تُقيم على نفسها الحجّة ، و لذلك طوّرت من هذا الأسلوب بأن صارت تقبل الملف دون إعطائك وصلا، ثم  و في مرحلة موالية، صار سلوكها أكثر تعنّتا في هذا السياق ، إذ صارت تمتنع أصلا عن قبول الملف و تختلق لكلّ واحد منّا تِعلاّت واهية حتى يتيسّر لها بعد ذلك أن تُنكر بكل بساطة أمام وسائل الإعلام أنّك المسؤول عن عدم تسلّم جواز السفر بدعوى أنّك لم تُسلمها الملف » . و كان بيان الحكومة الصادر مساء 1  نوفمبر – تشرين الثاني الجاري إثر شروع النوري و بوخذير في إضراب عن الطعام المنشور بعدد من وسائل الاعلام و بثت قناة الجزيرة ملخصه مساء 2 نوفمبر، قد أورد أن الحكومة « تنفي ادعاءات النوري و بوخذير »، متابعا (البيان) أنّ « محمد النوري صادر ضدّه قرار احترازي من القضاء بتحجير سفره، و لم يتقدم بطلب استئناف »، « أمّا بالنسبة لسليم بوخذير، فلم يسلم أي مطلب لجواز سفر » ، دائما حسب بيان الحكومة . و وصف بوخذير بيان الحكومة بأنه « مُتناقض تماما »، قائلا  » لقد وصفت الحكومة بيانها بأنه نفي لما رويناه أنا و الأستاذ النوري في المؤتمر الصحفي ، والنفي يفترض إنكار ما رويناه لا المُصادقة عليه، فالبيان الحكومي أورد نفس الرواية تقريبا التي ذكرناها في مؤتمرنا الصحفي للاعلان عن الاضراب، حيث ذكر الأستاذ النوري أنه ممنوع من السفر بموجب قرار صادرعن قضاء غير مستقل. فيما ذكرت أنا في المؤتمرأنني محروم  من تسليم ملف جواز سفري للعام الرابع على التوالي من قبل دوائر أمنية ممتنعة عن قبوله  ولم أقل البتّة أنني قد سلمته ». و في سياق إنتقاده أيضا للبيان الحكومي، قال بوخذير إنّ « البيان الحكومي لم يكشف للرأي العام حقيقة تسلّط الحكومة على القضاء باصدار هذا القرارالجائر بتحجير سفر محمد النوري والذي طبخ بقصر بن علي بقرطاج و ليس بقصر العدالة بهدف ضمان قطع الطريق لمدّة سنوات أمام هذا المناضل الحقوقي الكبير للحضور في ندوات دولية لحقوق الانسان وكشف انتهاكات النظام التونسي وإتصاله بمنظمات دولية » . و تابع الزميل « لم يكشف البيان الحكومي من المسؤول عن عدم تسلّم مصالح البوليس لمطلب جواز سفري فهل أنا الممتنع عن تسليمه ؟ أم مصالح البوليس الممتنعة عن تسلّمه منّي مرارا و تكرارا؟ و من يُصدّق أنني أنا هو الممتنع عن تسلّم جواز سفري لمدة ثلاث سنوات (وأنا المحتاج للسفر) وليست السلطات هي الممتنعة عن تسلّمه منّي؟ » . و قال مراسلنا الزميل سليم « لم الجأ فيما مضى الى إرسال ملفّي بالبريد مضمون الوصول لأنه ليس إثباتا قانونيا كافيا مع حكومة تنفي و تُنكر دائما و قد إخترت توجيهه الآن عبر البريد لأنّه صار لي شهود الآن و قد أخذ الإضراب مساحة من إهتمامات الرأي العام و شهودي هم كل أصحاب الضمائر الحرّة في الداخل و الخارج ». و تابع « قد تُنكر الحكومة وصول ملفّي الآن إليها و هذا شأنها و قد لا تُنكر و تمنحني جواز سفري فورا وهذا مستبعد لأنني أعرف أنّها حكومة بل ضمير لا تأبه لاضرابي عن الطعام الذي أخذ الكثير من جسدي وقد يأخذني بعيدا ربّما حتى الموت ». و عُرف الزميل الصحفي سليم بوخذير بتقاريره الجريئة عن ملفّات فساد أصهار الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وعن إنتهاكات الحكومة التونسيّة لحقوق الإنسان ، و كانت منظمات صحفية عديدة و في مقدمتها مراسلون بلا حدود قد أدانت مرارا إعتداءات متكررة عليه بالعنف من قبل أجهزة البوليس .   و يُراسل الزميل الصحفي سليم بوخذيرفضلا عن وكالتنا عددا من المؤسسات الإعلاميّة العربية والدوليّة في مقدّمتها « العربية.نت » ونشرات « صوت ألمانيا » الإلكرونيّة و صحيفة « المصريون » المصريّة و « القدس العربي »  و صحيفة « وطن » . و قال محمد النوري للصحافيّين « لقد حرمني القرارالجائر بتحجير سفري من حقّي في أن أؤدّي مناسك الحج وأنا الذي تقدّم بي السن كما حرمني من أعمالي كمحام ». و قالت مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي (مرخّص له) وعضو لجنة مساندة المُضربيْن النوري و بوخذير التي أُعلن عن تأسيسها أثناء المؤتمر الصحفي: « إنّ حقّ السفر حقّ مقدس كفله دستورالبلاد والميثاق العالمي لحقوق الانسان وحرمان الأخويْن محمد النوري وسليم بوخذيرمن حقّهما في السّفرإعتمد أساليب مُقنّعة إمتدّت على سنوات وهو قرار سياسي يجب محوه فورا والإستجابة لمطلب المضربيْن في حق التّنقل ومساندتنا لهُما مُطلقة كأطياف للمجتمع المدني للمضربيْن ». و ضمّت لجنة المساندة الوطنية المُعلن عن تأسيسها نُخبة  بارزة من قيادات المُنظّمات الحقوقيّة التونسية والصحفيين والكتاب. و قال أحمد نجيب الشابي، الأمين العام المساعد للحزب و مدير جريدة « الموقف » للصحافيين: » إنّه من المُؤسف جدا ومن المُخجل للتونسيين أن يضطرّ المناضل و الزميل المحامي محمد النوري والصحفي سليم بوخذير إلى أن يُضربا عن الطعام في سنة 2007 لمُجرّد الحصول على حقّ السفر، إنّه إنتهاك جسيم لحقوق الانسان و نحن نندد به و نُطالب بالرفع الفوري لقرار تحجير السفر عن محمد النوري و منح جواز السفر لسليم بوخذير حرصا على حالتهما الصحيّة التي تدهورت بما فيه الكفاية ». و وصف الأستاذ منذر الشارني، عضو لجنة المساندة إمتناع مصالح الأمن في حالات عديد المعارضين عن تسليم جواز السفر أو بطاقة الهوية بأنّه سيف صارت تُسلّطه السلطات التونسيّة  بغرض مُساومتهم و الضغط عليهم بحيث صار إستبدال بطاقة الهويّة أو الحصول على جواز سفر إمتيازا بدل أن يكون حقّا مكتسبا بمقتضى الدستور ». و قال  محمد عبو رئيس لجنة مساندة المضربين للصحفيين، « نُعبّر عن خشيتنا على صحّة المُضربيْن و أسفنا الشديد على إضطرارهم إلى خوض الإضراب عن الطعام من أجل الحصول على حقّ مُكتسب ». و تابع، « لنا مئات من المُنتهكة حقوقهم بسبب آرائهم السياسية في حرّية التنقل سواء داخل البلاد أو خارجها أو من مُحافظة الى أخرى فضلا عن المحرومين من حقّ العودة الى تونس من النشطاء بالمنفى و أنا واحد من المحرومين من حق السفر كما تعلمون و أوجّه الشكر إلى المناضليْن محمد النوري و سليم بوخذير اللّذيْن عرّضا حياتهما للخطر من أجل الدفاع عن حقّ حرية التنقل للجميع فضلا عن التعريف بقضيّتهما ». و في الأثناء أعلن مئات من التونسيين في المنفي بعدد من العواصم الأوربية من المعارضين و بداخل البلاد إضرابا رمزيّا جماعيا عن الطعام وقع تنفيذه يوم الاربعاء 7 نوفمبر 2007 من طرف المحرُومين من حقّ السفر من تونس أو اليها، و ذلك تضامنا مع المضربيْن عن الطعام واحتجاجا عمّا وصفوه بانتهاك السلطات التونسية لحقّهم في حرّية التنقّل » . من جهة أخرى ، أعلنت اللجنة الطبّية المُباشرة للمضربيْن تدهور الحالة الصحّية لمحمد النوري و سليم بوخذير حيث صارا مُصابيْن بإضطرابات حادّة في ضغط الدم و نسبة السّكّري و إرتفاع نبضات القلب و الهزال و قد تكرّرت حالات إغماء لكليْهما مؤخّرا بعد دخول إضرابهما عن الطعام أسبوعه الثاني .    (المصدر: وكالة « وطن برس » للأنباء بتاريخ 8 نوفمبر 2007)  الرابط:  http/www.watanpress.net/s/news/5323.aspx

صحافي وناشط تونسيان يدخلان اسبوعهما الثاني من الاضراب عن الطعام

 
لندن ـ القدس العربي :   يواصل صحافي وناشط حقوقي تونسيان اضرابا عن الطعام بدآه قبل اسبوع للمطالبة بحقهما في الحصول علي جواز سفر والتنقل خارج البلاد. واتمّ الصحافي سليم بوخذير والمحامي محمد النوري امس الاربعاء اسبوعا من الاضراب عن الطعام يشنانه بمكتب محاماة في العاصمة تونس. وابلغ سليم بوخذير القدس العربي في اتصال هاتفي امس ان صحته وصحة محمد النوري في تدهور مستمر، وان طبيبا زارهما ونصحهما بالتغذي حفاظا علي صحتهما وحياتهما. واضاف انه، والنوري، مصرّان علي مواصلة الاضراب رغم المتاعب الصحية ومهما كلفهما الامر. ويطالب بوخذير، وهو صحافي مستقل، ومحمد النوري وهو محام وناشط حقوق، بالحصول علي جواز سفر وتمكينهما من السفر الي خارج البلاد. ويقول الاثنان ان السلطات ترفض تسليمهما جوازات السفر. وترد السلطات الاخيرة بانها لا تمنع احدا من حقه في جواز سفر، وان بوخذير لم يتقدم بطلب للحصول عليه، بينما صدر بحق النوري حكما قضائيا من قضاء مستقل ، وهو ما يحول بينه وبين الحصول علي جواز سفر. ورد بوخذير بالقول ان السلطات لا تكذبنا بل تؤيد ما نقول ، مضيفا انها ترفض تسلّم ملفه الخاص بجواز السفر. ولاقامة الحجة، قال انه اسس ملفا جديدا ارسله امس الاول الي الجهات المختصة عن طريق مجموعة محامين استعملت البريد المضمون. واستغرب بوخذير موقف السلطات وقال نزلنا من المطالبة بالاصلاح السياسي والديمقراطي الي المطالبة بحقوق بسيطة مضمونة في الدستور مثل جواز السفر وبطاقة الهوية . واُعلن في تونس الثلاثاء عن تأسيس لجنة وطنية لمساندة المضربَين عن الطعام، تتكون من نشطاء حقوقيين وسياسيين ووجوه من المجتمع المدني. يذكر ان هذا الاضراب عن الجوع هو الثاني في شهر بعد ذلك الذي شنته الحزب التقدمي الديمقراطي المعارض، مية الجريبي، ومدير صحيفة الموقف الناطقة باسم الحزب، احمد نجيب الشابي، احتجاجا علي قرار قضائي، قالا انه متحيز، يجبرهما علي اخلاء مقر الحزب بالعاصمة تونس.   (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يوميّة – لندن ) الصادرة يوم 8 نوفمبر 2007)

الإفراج عن سجناء إسلاميين بتونس

 
أفرجت السلطات التونسية بمناسبة الذكرى الـ20 لتولي زين العابدين بن علي الحكم عن تسعة سجناء إسلاميين من بينهم قيادات في حركة النهضة الإسلامية المحظورة. وأوضحت حركة النهضة في موقعها بالإنترنت اليوم أن تسعة من أعضائها كانوا رهن الاعتقال منذ أزيد من 16 عاما أطلقوا وطالبت الحكومة بالإفراج عن بقية المعتقلين. وأشار المصدر إلى أن من بين الأشخاص المفرج عنهم عبد الكريم الهاروني وعلى شنيتر ولطفي السنوسي ومحمد صالح قسومة، وهم من قيادات الحركة حكم علهم بالسجن المؤبد عام 1991 بتهم « التآمر على أمن الدولة والانتماء لعصابة مفسدين ». من جانبها أشارت منظمة حرية وإنصاف الحقوقية في بيان إلى أن الأشخاص الآخرين المفرج عنهم هم فاخر الفاطمي وعبد اللطيف بوحجيلة من مجموعة إسلامية تطلق على نفسها « مجموعة الأنصار » إلى جانب رمزي بالطيبي الذي وصفته بـ »سجين الإنترنت ».   خطوة إيجابية   واعتبر رئيس الحركة راشد الغنوشي في وقت سابق الإفراج عن المساجين أمرا إيجابيا، مشيرا إلى أن سجناء الحركة في تونس 35 شخصا.وتفيد تقارير صحفية بأن 20 سجينا من حركة النهضة من بينهم رئيسها الأسبق الصادق شورو لا يزالون يقبعون في السجون التونسية.في المقابل لا يزال عدد من قيادات الحركة لاجئين بأوروبا من بينهم راشد الغنوشي المقيم بلندن.الرئيس بن علي نفى عن بلاده صفة دولة بوليسية (الفرنسية)   وكانت السلطات التونسية قد أفرجت عن عدد من أعضاء الحركة على مراحل بعد اعتقال المئات منهم في بداية التسعينيات.في السياق حذرت منظمة حرية وإنصاف الحقوقية من تدهور صحة كل من المحامي محمد النوري والصحفي سليم بوخذير، اللذين دخلا في إضراب عن الطعام منذ أسبوع احتجاجا على منعهما من السفر بحرمانهما من جوازيهما.دولة بوليسيةوفي سياق متصل أعلن الرئيس زين العابدين بن علي أن « احترام حقوق الإنسان يشكل تقليدا يوميا في تونس ».ورفض في مقابلة مع مجلة « فيغارو ماغازين » تنشر السبت الانتقادات التي تصف تونس بأنها « دولة بوليسية ».   (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 8 نوفمبر  2007 نقلا عن وكالات الأنباء) الرابط: www.aljazeera.net/NR/exeres/59DA0401-13D8-4A5A-985C-7D7DCE6A010B.htm

تدشين مقر شعبة التجمع الدستورى الديمقراطي بقرطاج درمش

 
قرطاج 9 نوفمبر 2007 (وات) – تولي السيد عبد العزيز بن ضياء عضو الديوان السياسي للتجمع الدستورى الديمقراطي ووزير الدولة المستشار الخاص لدى رئيس الجمهورية والناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية يوم الخميس تدشين مقر شعبة التجمع بقرطاج درمش بحضور السيد محمد صخر الماطرى رئيس الشعبة وعدد من الاطارات الجهوية والمحلية.   واعرب عضو الديوان السياسي عن الاعتزاز بهذا المعقل النضالي الجديد في ربوع قرطاج والذى يتزامن افتتاحه مع الاحتفال بالذكرى العشرين للتحول وما تحمله من دلالات تعكس ما يوليه صانع التغيير من مكانة متميزة للتجمع ولمسيرته النضالية وتقديره لدوره الطلائعي في تجسيم رسالة التحول.   وفي تعرضه لاهم ما جاء فى الخطاب التاريخي لرئيس الدولة في هذه الذكرى بين عضو الديوان السياسي للتجمع ان هذا الخطاب جاء ليكون منطلقا لنفس جديد في مسيرة التغيير وفتح افاق مستقبلية رحبة للبلاد في مختلف المجالات داعيا التجمعيين الي اعتبار هذا الخطاب مرجعا فى المرحلة القادمة وسيما بمناسبة مؤتمر التجمع لما تضمنه من خيارات استراتيجية جاءت لتعزز المكاسب والنجاحات وتفتح الافاق للطموح من اجل مزيد الارتقاء بتونس.   وشكر السيد عبد العزيز بن ضياء للسيد محمد صخر الماطرى مساهمته المتميزة في هذا الانجاز الذى يشكل اضافة نوعية في مسيرة التجمع وتعزيز اشعاعه ومكانته.   ومن ناحيته عبر السيد محمد صخر الماطرى رئيس شعبة قرطاج درمش عن فخره وكل مناضلي المنطقة بهذا المكسب الجديد املا ان يسهم في مزيد دفع النضال التجمعي بالجهة ومؤكدا اعتزازه بالانخراط في المسيرة التجمعية التي يقودها الرئيس زين العابدين بن علي بحكمة ونجاح.   واوضح ان تزامن هذا الانجاز مع الذكرى العشرين للتحول ومع القرارات التاريخية التي اعلنها رئيس الدولة من شانه ان يعزز لدى التجمعيين بالجهة روح النضال والمسؤولية والشعور بثقل الامانة الملقاة علي عاتقهم في الحفاظ علي مكاسب التغيير وصونها واثراء رصيدها وحشد الطاقات لكسب رهانات المرحلة القادمة التي حددها قائد مسيرة التغيير والاصلاح.   وقد كانت هذه المناسبة فرصة عبر خلالها الحاضرون عن تمسكهم بالرئيس زين العابدين بن علي خيارا للحاضر والمستقبل مناشدين سيادته الترشح لانتخابات 2009 لمواصلة مسيرة التحديث والبناء وتامين المستقبل المشرق لتونس وكان السيد عبد العزيز بن ضياء الذى كان مرفوقا بالسيد محمد صخر الماطرى وحرمه السيدة نسرين بن علي طاف والاطارات التجمعية بمقر الشعبة متعرفين علي مكاتبه ومختلف التجهيزات الحديثة التي تؤثثه.   وادى السيد عبد العزيز بن ضياء اثر ذلك زيارة الي مقر اذاعة الزيتونة حيث اطلع علي التجهيزات عالية الجودة المتوفرة بهذه الموسسة الاعلامية الفتية واستمع الي بيانات حول مختلف برامجها من حصص ترتيل القران الكريم وفق السند التونسي ومواضيع الارشاد والتوعية الدينية التي تقدمها في اطار الفكر الاسلامي المستنير ومبادئه السمحة.   والتقي وزير الدولة بالمناسبة العاملين بهذه الاذاعة واسدى لهم تشجيعاته بمواصلة العمل والبذل من اجل ان تكون « اذاعة الزيتونة « دوما صوتا لتونس التسامح والاعتدال وحضر حفل التدشين السيدان منذر الفريجي والي تونس وجلال الدين زراد الكاتب العام للجنة تنسيق التجمع بالمرسي وعدد من اطارات ومناضلي التجمع بالجهة.   (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات) بتاريخ 9 نوفمبر 2007)

مليار دولار التبادل التجاري بين تونس وليبيا

 

ازداد حجم التبادل التجاري بين ليبيا وتونس منذ بداية العام إلى 1.5 مليار دينار ليبي (1.2 مليار دولار أميركي) إضافة إلى زيادة حجم الاستثمار المتبادل حسب رئيس الوزراء الليبي البغدادي المحمودي. وأضاف المحمودي -في كلمته أثتاء الاجتماع نصف السنوي للجنة العليا التنفيذية الليبية التونسية المشتركة بالعاصمة التونسية الخميس- أن التوقيع على اتفاقية الاعتراف المتبادل بشهادات المطابقة للمنتجات بين البلدين يسهم في زيادة التبادل التجاري ورفع القيود التجارية المتبادلة. وشدد على ضرورة الدفع بالمشروعات الكبرى إلى الأمام ومنها الطريق التي تربط صفاقس بطرابلس ومشروع أنبوب الغاز والربط الكهربائي والاستثمار المشترك. وأوضح رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوش أن هذا الاجتماع يأتي في إطار متابعة ما تم الاتفاق عليه في الدورة العشرين للجنة العليا الليبية التونسية.   (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 9 نوفمبر 2007 نقلا عن الألمانية)


رسالة من ولد محب إلى الشيخ لطفي السنوسي

 
الأسعد الدريدي   عرفت الشيخ لطفي قبل أن أراه سنة 92، وكتب الله لي صحبته في نفس الغرفة لمدة شهرين، فكان لي أبا حنونا ومعلما رحيما. ما رأيت مثله في حرصه على ذكر الله وقراءة القرآن. إنك إذا رأيت الشيخ أحببته، ولا أدري، ولست أزكي على الله أحدا، ولكني أحسبه من خير أهل الأرض وأكثرهم عبادة وذكرا وتأملا وقياما لليل وابتلاءافي سبيل الله. لقد عذب حتى دخل في حالة شلل مؤقت سنة 87، ولقي من التعذيب ما هو أنكى سنة 91، ومجموع ما قضى في السجن يزيد عن 20 عاما. هو رجل جمع الله فيه من الخصال ما لا يجتمع في غيره، رياضي من الطراز الأعلى، وصوفي مداوم على أوراده، وحامل لكتاب الله غير هاجر له. لقيته وأنا محطم فأعاد بنائي، كنت أتعلم منه بمجرد النظر إليه، لم يكن يحتاج أن يتكلم ليعلم، لقد كان حسبه أن يوجد ، فمجرد وجوده نداء. أحببته حبا برى نفسي، وأحب أن ألقى الله بحبه. اتصلت به حين وافاني خبر سراحه وقلت في نفسي: من أنا، فلعله نسيني. ولكن وجدته بعد 16 عاما من سجنه يذكرني وبأدق التفاصيل، ووجدتني وهو يكلمني أعود صبيا كيوم التقيته، وسني الآن خمس وثلاثون، وجدتني ذاك الولد المحب له ولرسول الله الذي بفضله تيسر أن يكون على الأرض مثله. أحدثكم عن اب لي لم يلدني، ولكنه أحيا ذاك الميت الذي كنت يوما، حبب إلي الإسلام وحفظ القرآن، وأمامه فتح الله علي بحفظ 15 حزبا في شهرين، يقول لي اليوم حين كلمته: أسأل أن يجمعنا في الفردوس الأعلى. فقلت في نفسي، إني أسال الله لك الذي سألت، أما لنفسي فأستحي أن أسأل ربي مثل ذلك، وليس لي إلا حبي لك أقدمه بين يديه. قلت له اليوم: أسأل الله أن يقصر وقفتك يوم القيامة بما سجنت في سبيله، فأجاب بتصميم: أجمعين. فقلت في نفسي يرحمك الله، أجد في قلبي السرور لو أعطاك الله خير ما يعطي أحدا من عباده، وإن أعطاني أقل منه، فقد كنت لستة عشر عاما ضيف للرحمان، أما أنا فتنازعتني الدنيا وتنازعني الشيطان وليس غير حب الصالحين أقدم بين يدي الله. كان آخر عهدي بالشيخ، يوم فرقوا بينا في السجن، ثلاث وصاياأخذتهن عنه وقصرت فيهن، قال لا تدع الذكر والدعاء وقراءة القرآن، فيا أيها الشيخ المعلم، ها أنا اليوم مهزوم النفس أخشى لقاء ربي بما أنا عليه، وقد طال الأمد على قلبي، لطالما وليت وجهي كل ناحية أبحث لتائه مثلي عن معلم مثلك فلا أجد من أسال وبمن أقتدي.الحمد الله الذي جعل حظي منك شهران، فلعلي لم أكن أهلا لأكثر من ذلك. كنت قبلك يتيما لا راعي لي في ديني، ولما جئت أبعدوك عني سريعا فعدت بعدك يتيما. لا أدري لأي أهلك أفرح؟ ألزوجك التي تركتها وهي تغادر الشباب ثم عدت إليها والشيخوخة على الأبواب، أم لأبنائك الأربع الذين تركت كبيرهم صغيرا، ثم عدت فوجدت صغيرهم كبيرا؟ أم لنفسي أفرح أن بعثك الله إلي فأنهيت يتمي، كيف سيلقى الله الذين فتنوك وعذبوك؟ تعسوا يوم القيامة إذا لقوا الله وفي كتب أعمالهم بغض لك ولإخوانك. كنت أرى السيخ حين ينام تشير أصابعه إلى تعداد ما أدى من أوراده، وكنت أستيقظ في الصباح على صوته يقرأ القرآن، كان سنه حين التقينا ضعف سني، وكان رأى مني كثرة أخذي عنه. كنت فارغا خاويا، لا أب علمني ولا عالما دعا لي أو أذن في أذني حين ولدت. فكان يقول لي لا تجعل غير رسول الله قدوة لك، فأنا ضعيف لا أدري ما يكون مني. ألا ترون أني أسميه شيخا وتالله لكان يرجوني ألا أسميه كذلك ولعمرو الله لهو أهله، ولقد رأيت في الناس من يسمي نفسه بغير ما هو أهله. الحمد لله الذي أخرجك من سجنك حي الجسم والقلب إن شاءالله، فما نحن في الدنيا بمعمرين،  » وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ».   (المصدر:  تعليقات قارئ على مقال نشر في موقع الجزيرة.نت يوم 8 نوفمبر 2007 على الساعة 22 و42 دقيقة بتوقيت غرينيتش)

 

 

 


 

 

 

 بسم الله الرحمان الرّحيم  نحن دعاة مصالحة و وئام ولسنا قضاة … نحن مواطنون لنا حقوق وواجبات لا رعايا.  حتّى تتغيّر الاحوال الى احسن حال

من اجل فتح صفحة جديدة للتامّل و المراجعة و المحاسبة فيما بيننا

 

بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس  باريس في 10 نوفمبر2007   أيحق لنا ان نحتفل.. ما دام وضعنا لم يتغيّر   لقد توقّع الكثير من الملاحظين ان البلاد قادمة على انفراج سياسي بمناسبة الذكرى العشرين لوصول الرئيس الثاني للجمهوؤية. ولكن بعد أيّام من الاحتفال بالذكرى العشرين لوصول الرئيس الثّاني للجمهورية التونسية التي وقع الاعلان عنها في 25 جويلية 1957 في تونس خاب ضنّ الجميع.   هذا وقد أطلق سراح ثمانية من السجناء السياسيين مساء اليوم 7 / 11/ 2007 نسأل الله لهم العافية و السلامة ونفرح لملاقاتهم اهليهم بعد طول غياب وأغلبهم  لم تبقّى لهم من مدّة العقوبة المحكوم بها الا القليل فيما قارب أحدهم  على إنهاء مدّةالعقوبة تقريبا، و هم عبد الكريم الهاروني و علي شنيتر و محمد الصالح قسومة وعبد اللطيف بوحجيلة و فاخر الفاطمي و رمزي بالطيبي و  الحطاب ساسي و عبد الحميد الجلاصي و محمد عون و لطفي السنوسي.   ولقد تأكّد لدينا من عدم إطلاق العديد من السجناء السياسيين الآخرين إلى حدّ الآن في مقدّمتهم الصادق شورى الرئيس السابق للحركة و انّ معاناتهم لا تزال متواصلة منذ ما يقارب العشريتين وهم السادة : ابراهيم الدريدي – رضا البوكادي – نورالدين العرباوي – عبدالكريم بعلوش – منذر البجاوي – الياس بن رمضان – عبدالنبئ بن رابح – الهادي الغالي – حسين الغضبان – كمال الغضبان –  – منير الحناشي – بشير اللواتي – محمد نجيب اللواتي – الشاذلي النقاش – وجيد السرايري – بوراوي مخلوف – وصفي الزغلامي – عبدالباسط الصليعي – لطفي الداسي – رضا عيسى – الصادق العكاري ، فضلا عن عدم الإفراج عن مئات من السجناء السياسيين المُحاكمين بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب ، مع ملاحظة تواصل إعتقالات عديدة في الأيام القليلة الماضية لعدد كبير من الشباب التونسي بمقتضى هذا القانون دون أن يثبت عليهم أي فعل موجب للمؤاخذة .   ان هذه الاشارة الايجابية ليست على مستوى الحدث. اذ ان استمرارهذه الحالة المتأزمة لا تخدم الا الاستئصاليين الذين يتمعّشون من دوام الازمة السياسية في البلاد. هؤلاء هم الذين وضعوا ايديهم على جهازي الدولة والحزب الحاكم .   وكذلك نأسف ان يلتجئ الى الاضراب على الطعام من اجل الحصول على جواز سفر الذي حقّ لكلّ مواطن بلا منّ واستجداء من احد و انا من المحرومين من هذا الحقّ  منذ 19ماي 1990 الا وهو حق السفر و التنقل داخل البلاد و خارجها و من الخارج إلى تونس.   و لقد التجئا الاستاذ محمد النوري و الصحفي سليم بوخذير منذ اليوم الاوّل من شهر نوفمبر الجاري للاضراب عن الطّعام من اجل الحصول على جواز سفر الذي حقّ لكلّ مواطن.   و بالمناسبة فانّي اعلن عن تضامني ومساندتي مثل الكثيرالذين اعلنوا مساندتهم  للاستاذ محمد النوري و الصحفي سليم بوخذير في المطالبة بهذا الحقّ الدستوري المضمون لجميع المواطنين في العالم و كذلك جميع المحرومين من هذا الحقفي داخل البلاد وخارجهاّ. وقد زارهما العديد من الوجوه السياسية و الحقوقية والنقابية للمساندة و الدعم المضربين عن الطعام وكان من أبرزهم الدكتور عبد اللطيف المكي الأمين العام للاتحاد العام لالتونسي للطلبة و رابح الخرايفي عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي والشيخ عبد الوهاب الكافي عضو مؤسس لحركة الاتجاه الاسلاميوراضية النصراوي عن جمعية مقاومة التعذيب و أحمد الخصحوصي عن حركة الديمقراطيين الاشتراكيين و حمة الهمامي عن حزب العمال الشيوعي التونسي وعلي بن سام عن ودادية امقاومين و القائمة تطول.   كما تلقى المضربان العديد من الاتصالات الهاتفية و الرسائل الالكرونية و القصيرة من الداخل و الخارج لابداء المساندة  و الدعم  و من بينهم وليد البناني نائب رئيس حركة النهضة و الطاهر العبيدي نائب رئيس اتحاد صحفيي الأفارقة بالمنفى و صلاح الدين الجورشي نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان و كمال الجندوبي عن الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الانسان و الدكتور منصف بن سالم القيادي بحركة النهضة.   كما قام المضربان بإرسال رسالتين بمناسبة انعقاد المجلس الوطني للحزب الديمقراطي التقدمي المنعقد في نزل الديبلوماسي معربين عن جزيل امتنانهما للقوى الوطنية التي ساندت اضرابهما و لقد تولى الأستاذ رشيد خشانة تلاوة  بيان المضربين وسط الحشود الحاضرين.         كما قام ضيوف المجلس الوطني للحزب الديمقراطي التقدمي بالتأكيد على مساندتهم المطلقة لاضراب الاستاذين  منهم:  حمة الهمامي و خميس الشماري و علي العريض.   لقد التجئ الاستاذ محمد النوري و الصحفي سليم بوخذير مثل العديد من المحرومين و انا مثلهم انّي تقدّمت بأوّل طلب للحصول على جواز السفر منذ 19ماي 1990 على اثرنشر نتائج الانتخابات العامة المعلوم نتائجها للعموم التي وقعت في افريل1989 و انا محروم من حق السفر و التنقل داخل البلاد و خارجها و من الخارج إلى تونس الى يوم النّاس هذا.   انّ العديد من المحرومين من حق السفر و التنقل داخل البلاد و خارجها و من الخارج إلى تونس لأسباب تتعلق بآرائهم عزمهم في حوض الاضراب عن الطعام بشكل جماعي من داخل البلاد وخارجها تضامنا مع المضربين على الطعام محمد النوري و سليم بوخذير و ذلك ليوم واحد يوم 07 نوفمبر 2007    التغييروالتذكير .   انّ كلمات  » لاظلم بعد اليوم » و  » لارئاسة مدى الحياة » هذه الكلمات كانت من اجمل ما سمعناه فجر السّابع من نوفمبر 1987 . اذ هذا اليوم يذكرنا بيوم الاعلان عن قيام الجمهورية في 25 جويلية 1957.   و قد تبعت هذا الاجراء خطوات جريئة الا ان هذه الحالة لم تدم طويلا. اذ دامت ثلاثة سنوات من الربيع في تونس الذي تميّز بالانفتاح السياسي والحراك الوطني ثمّ تراجعت مساحة الحرية وامال كلّ من ساند التغيير الحاصل في نوفمبر1987.   وكان هذا الوضع نتيجة اخطاء ارتكبها العنصرين الهاميين و الفاعلين في الساحة السياسية التونسية وهما بعض الاطراف من الوسط الاسلامي المعارضغرورا منهم من جهة. وبعض الاطراف من داخل السلطة الذين دفعوا نحوتحويل مقاليد الدولة الى ادارة القمع البوليسي نتيجة جهلها للعمل السياسي واصوله فكرا و ممارسة وتجربة الذي يعتمد على الحوارو الوفاق بين الفرقاء والشركاء في الوطن.   وسرعان ما أدرك من هلّل للحدث ودفعته المطامع و سوء التقدير إلى الاعتقاد خطأ بأنّه سيوجد لنفسه دورا سياسيا داخل السلطة أو خارجها. و استولت آلة القمع على مقاليد السلطة فمنهم من وجد الفرصة سانحة ليسوّق لسياسة تجفيف ينابيع التديّن في البلاد.   فكان على النظام إمّا أن يقايض السياسة بالمحاصصة في المجال الإداري أو أن يواجه البوليس السياسي هذه الأداة التي قوانيها وعدالتها وسجونها الخاصّة.   وفي هذا السياق الدولي الذي شهد انقلابا في بداية التسعينات ببروز أحاديّ القطب، وعت السلطة الجديدة طبيعة الدور الذي يؤمّن لها البقاء ومصادر التمويل الخارجي تحت مسمّيات « التعاون والأمن » إطارا حدّدته الدول الغربية لتمرير أجندتها و خياراتها في سلب خيرات الشعوب و احتلال ارضهم و استعباد شعوبهم.   فانخرطت السلطة  بصورة كاملة فيما يسمى بالحرب على التطرف و الإرهاب حتى أنّ تاريخ العشريتين الماضيتين يكاد يختزل في الحملات القمعية التي تحوّلت إلى حرب بوليسية على المجتمع ونخبه وأصبح التعذيب ممارسة منهجية وافتعلت المحاكمات الصورية التي طالت الآلاف من الأبرياء، دون إغفال أساليب المحاصرة والتجويع والتنكيل.   و النتيجة انّ الدول الغربية لم تغدق المساعدات فحسب وإنّما أسرفت عبر وسائل إعلامها في شهادات الاستحسان لهذا التوجه القائم على غضّ الطرف عن الانتهاكات لحقوق الانسان والتسليم السياسي والقمع فمجّدت « سياسة الاعتدال والتسامح » وأصبح الأداء الاقتصادي « معجزة » وأمّا سوى ذلك من حقوق وحريات فهو لم يعد يدخل في عناصر التقويم.   والحال أنّ سبب المعضلة ومولدها يكمن في إلغاء الوظيفة السياسية « للدولة » والذي نتج عنه تأزّم بقيّة المجالات وتدهور أوضاعها.   وللمتابع السياسي أن يلاحظ ما آلت إليه حال أحزاب « الإدارة » وما تردّى فيه حال الاتحاد العام التونسي للشغل وعن أزمة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وعن حال جمعية القضاة التونسيين وعن حال الإعلام، حتى أنّ المشهد العام يوحي بأنّ مستقبل البلاد مفتوح على المجهول يتهدّده العنف المضادّ والتدخّل الخارجي   وأنّ طبيعة الحلول التي بوسع السلطة أن تقدّمها وهي القائمة على القمع و »التسويات المؤقتة » لن تجدي نفعا في معالجة أزمة سياسية شاملة اذ هي تتطلّب حلولا جذرية تعيد للسياسي اعتباره ودوره في بناء الدولة وتحقيق إدماج القوى الحيّة بكلّ مكوّناتها السياسية والعقائدية داخلها، لانّ الحال الآن شبيه بمن يعتقد بأنّ الجسم المريض يعالج بدواء جلدي بسيط والذي قد يسّرع في انهيار البناء باكمله وهو الذي باتت عناصره الداخلية متصدّعة وتنذر بالتفكك.   التغييروالمعاناة   لقد استشرت ظاهرة الفساد المالي والثراء الفاحش داخل رموز السلطة وبطانتها وهو ما جعل القمع يجد مبرّرا اضافيّا استوجب منها ضخّ المزيد من شحنات التخويف والترويع عبر تكميم الافواه وتجويع البطون ومحاصرة الاعلام المحترف و الهادف بكلّ الوسائل و انتهاءا باحكام القبضة على القضاء.   لقد طالت المحنة التي لم تنته المحنة بقضاء العقوبة بل اتبعتهم عقوبات اخرى اشدّ على النفس في خارج السجن اذ تتعدد الإنتهاكاتوالاعتداءات الى ما بعد السجن بداية بالحدّ من حرية التنقل و الحرمان من الشغل و قطع الأرزاق و المراقبة الإدارية و تكثيف المتابعة الأمنية .   و قد منع الكثيرين من العمل أو المعالجة في المستشفيات الكائنة في غير مكان الإقامة و توجد حوالي 400 حالة مراقب إداري إلى حدّ الآن .   أما في أواسط التسعينات فقد كان ما يفوق 10.000 حالة لتصل إلى الحرمان من كسب الرزق و بعضهم من اتمام دراستهم و من حرمانهم من جوازات سفرهم و من الوثائق الإدارية و من العلاج المجاني٬ اذ أدّى ذلك إلى وفاة بعضهم بعيد خروجه من السجن لقلّة المال و وثائق العلاج المجاني .   و بالمناسبة لا يمكنا ان ننسى انّ لنا اخوان نقاسمهم نفس العقيدة و اللغة مشرّدين او مسجونين او مسرّحين ولكن محرومين من ابسط الحقوق الاساسية للانسان من حقّ الشغل او التنظّم او حتّى حقّ السفر و التنقّل في داخل اوطانهم او خارجها لا لشيء سوى انّهم لا يفكّرون مثل حكّامهم, ولا ننسى المسرّحين منهم الممنوعين من العمل و من السفر‘ وكذلك المشردين في جميع اصقاع العالم‘ نسال الله تعالى ان يجمعنا و اياهم على ارض الخضراء الحبيبة‘   انّ ضريبة النضال التي دفعها اخواننا بلا منّ صابرين محتسبين اجرهم الى الله تعالى تفوق ما دفعه غيرهم اذ نصبت لهم محاكمات أجمع المراقبون أنها جائرة و تفتقر إلى أبسط قواعد المحاكمات العادلة حيث انتهك فيها حقوق المتهمين و الموقوفين و ذلك باعتماد التعذيب و المعاملة القاسية و تدليس المحاضر و تواريخها و تجاوز المدد القانونية للإحتفاظ و الإحتجاز خارج نطاق القضاء و رفض العرض على الفحص الطبي و عدم سماع المتهم و عدم تمكينه من الدفاع عن نفسه و عدم الإعلام بالإيقاف   وقد رفض تمكين بعض المحكومين و محاميهم من نسخ الأحكام و انتهاك الحق في الإطلاع على الملفات و عدم احترام ما ينص عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية و لما ينص عليه الفصل 5 من مجلة الإجراءات الجزائية على عدم جواز محاكمة الشخص الواحد أكثر من مرة لنفس التّهمة.   و قد ثبت أن الكثيرمن السجناء المتبقين في سنة 2001  يقضون أحكاما متكررة و يقدر عددهم نحو 500 فردا. اذ ان من بين 55 سجين في سنة 2006 وُجد 33 سجين مكررة أحكامهم وهذا على سبيل المثال لا الحصر. اذ أن السجين السياسي رضا الخميري المحاكم سنة 90 قد أعيدت محاكمته سنة 1997 لنفس التهم فدخل في اضراب عن الطعام لإسقاط الأحكام المتكررة وقد قضى أكثر من 50 يوم إضراب قد توفي في إضرابه عن الطعام في 1997.ان هذه الحالة هي عيّنة مما دفعه اخوان لنا في العقيدة والوطنمن ضريبة في سبيل تحقيق الحرية والتعدّدية ورفض الاقصاء في البلاد.   أما في السجون فقد لاقى المساجين المعاملة القاسية و المهينة للكرامة البشرية و شتى صنوف التعذيب و الإجراءات الإنتقامية كالعزل و النُقل التعسفيّة إلى آخره و سوء المعاملة فضلا عن الإهمال الصحي و الحرمان من الرعاية الطبية٬ و قد توفي من جراء ذلك 9 سجناء. 7 متوفين في ظروف غامضة ينتظرون فتح تحقيقات للكشف عن سبب و طريقة وفاتهم. 13 متوفى تحت التعذيب بشهادة المنضمات الإنسانية ينتظرون من السلطة فتح التحقيقات للغرض.4 متوفين فقط وقع التحقيق من طرف السلطة المختصّة للغرض. 3 أفراد وقع إعدامهم شنقا يوم 9 أكتوبر 1991. 12 مختل عقليّا ينتظرون المساعدة والمعالجة. حوالي 350 مريض بمرض مزمن أو مقعد لا يقدر على العمل أو مصاب بعاهات دائمة. 3 حالات انتحار بعدما ان فقدوا عقلهم. 9 وفايات في السجن نتيجة الإهمال الصحي بحسب شهادات زملائهم. 2 من المتوفين لم تسلّم جثثهم حسب شهادة عائلاتهم و لم يُفتح تحقيق في سبب وفاتهم. 12 حالة وفاة خارج السجن بسبب الإهمال الصحي وانغدام المعالجة. 5 خالات وفاة اعفي عنهم لاسباب صحيّة .حوالي 350 سجين حوكموا بأحكام متكررة و لم يسعفوا باتصال القضاء و قضوا سجنهم بتهم متكررة 10 منهم مازالوا في السجن إلى حدّ يوم 2 نوفمبر 2007.   وقع إطلاق سراح البعض منهمو هم منهكين صحيّا ليقضوا خارج السجن. نذكر منهم : الحبيب الردادي٬ نقل إلى المستشفى يوم 10 مارس2003 و دخل في غيبوبة يوم 15 مارس و متع بعفو يوم 19 مارس و هو في غيبوبته و توفي يوم 22 مارس 2003 و السجين لخضر السديري من غار الدماء متع بعفو خاص و توفي يوم 30 مارس 2002 في مستشفى فرحات حشاد بسوسة و السجين الهاشمي المكي الذي متع بعفو  ليتوفى بعد 3 أشهر من إطلاق سراحه عانى فيها ويلات المرض الخبيث في جوان 2006 .   و قد اعتمدت اساليب اخرى من اجل تحطيم الروح المعنوية العالية للمساجين بتدمير كيانهم الأسري والضغط على بعض النساء بتطليق أزواجهن كرها . 21 سجين أكرهت زوجاهم على تطليقهم.   على سبيل المثال نذكر حالة السجناء رضا البوكادي٬ كمال بسباس٬ معتوق العير٬ محمد العيادي٬ حسونة النايلي٬ جلال مزغيش٬ فيصل قربع٬ عبد الله المسعودي٬ كمال الغضباني٬ فرج الجامي٬ عبد اللطيف الوسلاتي٬ خالد الكواش٬ حاتم زروق٬ الطاهر الحراثي٬ سامي القرقني٬ و غيرهم … و قد استعاد أكثر هؤلاء المساجين زوجاتهم بعد خروجهم من السجن لبطلان طلاقهم بوقوعه كرها. 90 سجينة من النساء 9 في ولاية نابل 45 في تونس الكبرى و البقية في باقي ولايات الجمهورية   إن الاسلوب الامني في التعامل مع الاسلاميين قد ثبت فشله اذ ان جملة الاحكام التي صدرت ضد الاسلاميين تعدّ مئات القرون .ممّا أدّى إلى وفايات تحت التعذيب في السجون و مراكز الإيقاف ٬ كانت حصيلتها قائمة طويلة من الشهداء الذين قضوا و التي تأبى السلطة فتح تحقيق فيها. بل تحاكم كل من يظهر هذه الحقائق متهمة إياه بشتى التهم كنشر الأخبار الزائفة التي من شأنها تعكير صفو النظام العام٬ ثم تحرك آلة القضاء لتكمل الدور .   و لا بد من الإشارة في هذا المقام إلى أن عدد الوفايات التي حصلت في المعتقلات و السجون و التي بقي يكتنفها الكثير من الغموض و لم تفتح في شأنها تحقيقات جديّة يؤكد شهود عيان أنهم توفوا تحت التعذيب و قد بلغ عددهم 13 حالة. و رغم هذه المعانات التي لا يتحمّلها الكثير من البشر دون السقوط في ردود الفعل اليائسة هي دليل على طبيعة الحركة الدعوية الرّافضة للعنف.   التغيير و التطلعات للمستقبل   سؤال محيّر وهويتطلّب الاجابة. من المستفيد من اطالة محنة الاسلاميين في تونس ؟   ان المستفيد الاوّل هو من لا يريد للاسلاميين مكان في الساحة السياسية التونسية لانّه باطالة محنة الاسلاميين يبقى الحزب الحاكم وحده يصول و يجول وحده في الساحة في غياب الخصم ذا الوزن في الساحة. ثمّ بعد ذلك الاستئصاليين الذين لا يرغبون في المصالحة الوطنية و اخيرا اولائك الذين لا يرغبون في المحاسبة.   هذا ولقد جاء في الخطاب الرئاسي بتاريخ 7 نوفمبر2007″ فلا مجال للإقصاء والتهميش ولا مجال لبقاء أي كان، متخلفا عن مسيرة النماء والتقدم  » كما جاء خطابه من السنة الفارطة ما يدعم تطلّعات الشعب التونسي بكلّ اطيافه و مكوّناته على اختلافها اذ قال رئيس الدولة حينها و – وعد الحرّ دين – أنّ الذكرى العشرين للتحوّل ستكون فرصة للانتقال بالحياة السياسيّة في البلاد إلى مرحلة جديدة، كما ورد في نفس الخطاب تأكيده على دور ومنزلة المعارضة في العمليّة الديمقراطيّة: «إنّ المعارضة والحزب الحاكم طرفا المعادلة في العمليّة الديمقراطيّة التعدّديّة».   أهدرت السلطة خلال 17 ينة طاقات مالية وفكرية وسياسية وأمنية واعلامية في غير وجهتها الحقيقية أمام منطق الحلول المستندة الى الهواجس والاقصاء  السياسيين. هذه المعركة الأمنية لم تجن تونس من ورائها الا رداءة اعلامية وانغلاقا سياسيا وسوء سمعة حقوقية , واحتقانا اجتماعيا في ظل شعور الالاف من التونسيين بالهضم والضيم.   بعد كلّ هذا ندعو النظام الحاكم في تونس من منطلق المصلحة الى تغيير المنطق والاليات , بل ندعو التجمع كحزب حاكم الى ارجاع الاليات الأمنية الى اصلها وهي حفظ أمن المواطن والتصدي للجريمة الفردية والمنظمة , وفض النزاعات بين المواطنين تحت اشراف سلطة القضاء المستقلّ …   ان تونس اليوم تقف أمام معركة تحديات جديدة تختلف اطلاقا عن تحديات مرت بها البلاد في حقبة تاريخية مضت وطويت , وليس أمامها الا الحوار الوطني .  وليس من المستحيل على حزب عريق بحجم التجمع الديمقراطي الدستوري ورئيس دولة قوي يحكم بلدا ناميا ومستقرا  , أن يفكرا في ترتيب أوضاع عامة وسياسية جديدة يدشنانها بمرحلة حوار وطني موسع تكون مبشّراته ايقاف حملات الاعتقال على خلفية الاشتباه  واطلاق سراح كل من تبقى من معتقلي الرأي ,وتدشين حقبة اصلاحية جادة.   و بالمناسبة فلا يسعنا الا ان نذكّرببعض المبادئ التي لا حياد عنها وهي غيرة منّا على مصير الصحوة الاسلامية و الدّفاع عن بيضة الاسلام و ما الحركة الاسلامية الا وسيلة من اجل اصلاح ما فسد على مرّ العقود من الاستعمار و التغريب و انتهاءا بتجفيف ينابيع التديّن من طرف الحاقدين و تصرّف بعض المراهقين الذين استدرجوا نحو طريق مسدود . لقد دفع هؤلاء السنين العديدة من اعمارهم في السجن اوفي بلاد الغربة متشرّدين انهكهم التجويع و المضايقات.   لقد طالت المحنة حتّى كاد الياس يدبّ في صدور المؤمنين بالقضية حتّى جاءت حادثة حمّام الشطّ الاليمة التي كانت دليلا قاطعا على انّ الوضع لا ينبغي ان يستمرّ على هذا النحو اذ ان غياب الاعتدال و التعامل العقلاني لا سبيل الا  ان يفتح الطريق للياس و التطرّف و هذا ما نكرهه لشعبنا و لبلادنا التي لا نتمنّى لها الا الامن و الاستقرارو السلامة و التنمية و الرقي حتّى تنافس بلادنا بقية الشعوب المتقدّمة حضاريّا و تقنيّا .   و نتمنّى على الله ان يفرّج عن بقية اخواننا القابعين في السجون و لسان حالهم يقول ما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم و هو راجع من الطّائف اذ قال :  { اللهمّ الليك اشكو ضعف قوّتي‘ و قلّة حيلتي‘ وهواني على النّاس‘ يا ارحم الراحمين‘ انت ربّ المستضعفين‘ و انت ربّي‘ الى من تكلني‘ الى بعيد يتجهّمني ‘ ام الى عدوّ ملّكته امري‘ ان لم يكن بك غضبٌ عليّ فلا ابالي ‘ غير ان ّعافيتك هي اوسع لي}  نسأل الله تعالى ان يجمعنا و اياهم في رحاب البلاد في اهليهم الذين هم اشدّ شوقا اليهم.   لم نفاجئ  بالخطوة الرئاسية التي انتزعت فتيل أزمة سياسية حادة بين قادة الحزب الديمقراطي التقدمي وجهات سياسية وأمنية حاكمة كانت ترى في اضراب الأساتذة احمد نجيب الشّابي وميّة الجريبي تشويشا استباقيا مقصودا على هذا الاحتفال. مع العلم خطوة الانفراج السياسي هذه بين السلطة وقيادة الحزب الديمقراطي المعارض وحلفائه في وقت بدأت بمناسبة احتفالات كبيرة في تونس بمناسبة ذكرى استلام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي لرئاسة الدولة في تونس نوفمبر1987.   و قد تبعت هذا الاجراء خطوات جريئة الا ان هذه الحالة لم تدم طويلا. اذ دامت ثلاثة سنوات من الربيع في تونس الذي تميّز بالانفتاح السياسي والحراك الوطني ثمّ تراجعت مساحة الحرية وامال كلّ من ساند التغيير الحاصل في نوفمبر1987.   علما أن مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي تتّفق في الرأي مع السيد أحمد إبراهيم ، السكرتير الأول لحركة التجديد المعارضة ، الذي يؤى أنه « من غير المقبول أن تتواصل هذه الوضعية على ما هو عليه » محرضاً القوى المعارضة على « بناء القطب الديمقراطي التقدمي » على أساس الاندماج مع الحداثة.   وتقول مية الجريبي الامينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي « فعلا حققنا استقرارا اجتماعيا وفائضا اقتصاديا خلال العقدين. لكن سجلنا ايضا تراجعا ملحوظا على المستوى السياسي. » وتابعت « في الماضي كان يوجد جدل ونقاش وحوار سياسي حقيقي اما الان فيوجد تصحر تام دون حرية صحافة ودون احترام حق التجمع ودون اعادة تهيئة. »   أما الشابي فهو مدير صحيفة الموقف الناطقة بلسان الحزب الذي قد حصل على ترخيص قبل نحو 20 عاما. هذا وقد قرارا الأمينة العامة للحزب الديمقراطي و مدير صحيفة الموقف رفع إضرابهما عن الجوع دون الاشارة صراحة الى اضراب الجوع المفتوح الذي نفذاه إحتجاجا على محاولة إخراج حزبهما من مقره المركزي بوسط تونس العاصمة واستقبلا خلاله ممثلي عدد من السفارات الغربية .   وقد اكّد حزب الوحدة الشعبية فقد اكّد في بيانه أن الحياة السياسية في تونس تعيش أجواء  إيجابية في ظل تطلعات الأحزاب السياسية للإجراءات التي سيعلن عنها بمناسبة الذكرى العشرين لتحول السابع من نوفمبر » الذي تولى الرئيس زين العابدين بن علي مقاليد الحكم في البلاد.   كما أكد على أن الحوارالوطني الواسع هو الأسلوب الأفضل لتجاوز العراقيل والإرتقاء بالحياة السياسية وعلى أهمية  تواصل النسق الإصلاحي في ظل التمسك بالثوابت الوطنية لقطع الطريق أمام التدخل الأجنبي المرفوض في الشأن الوطني.   امّا الحزب الاجتماعي التحرري فقد انتقد في بيانه اسلوب الاستنجاد بالدوائر الاجنبية مضيفا ان لجوء بعض المجموعات السياسية لاسلوب المزايدة والضغط لحل قضايا لا تخصها دون غيرها من الاحزاب هو امر غير مبرر .   مع الاشارة الى ان حزب الوحدة الشعبية و الحزب الاجتماعي التحرري ممثلين في البرلمان التونسي حيث يملك الحزب الاول 11 مقعدا والثاني مقعدين وذلك من ضمن 37 مقعدا تتقاسمها معهما ثلاثة احزاب معارضة اخرى .   وفي الاخير و ليس آخرا و بعد عشرين سنة من ازاحة الرئيس الاوّل للجمهورية بعد ان تقدّم في السنّ بحيث لا يتمكّن من القيام وتسيير شؤون الدولة مما ادّى الى وجوب ازاحته حفاظا على القاعدة الاجتماعية و استمرار الاستقرار السياسي الذي تتميّز به البلاد.   لقد تمكّن النظام من اعادة الاتحاد العام التونسي للشّـغل الذي كان يلعب دور القوة المُـوازية للسلطة في وقت من الاوقات بازاحة زعيمه التاريخي الحبيب عاشور عن قيادة الحركة النقابية، في مؤتمر سُـوسة في ربيع 1989، الذي أعاد التحالف الاستراتيجي بين النظام والحركة النقابية.   أما في الساحة الطلابية التي كانت مصدر إزعاج مستمر للسلطة ومخبرا مُـهما لمَـد الحركات السياسية والمجتمع المدني بالكوادر الشابة والمناضلة، فقد قصم ظهرها بعد تصفِـية الإتحاد العام التونسي للطلبة، في حين استمرت مجموعات من اليسار تتقاتل على بقايا « الاتحاد العام لطلبة تونس » بدون منافس.   امّا الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وبقية مكوِّنات الحركة الحقوقية، التي وجدت نفسها نتيجة تراجع دور الأحزاب والنقابات وغياب حركة اجتماعية قوية تلعب دورا سياسيا في بعض الأحيان، فقد تعرّضت بدورها لمجموعة ضربات متتالية كادت أن تجهز عليها و استبعادها عن دورها الاصلي باختلاق قضايا واهية لتلهيتها، لولا صمودها الرمزي.   وبذلك، انهزم الجميع بالضربة القاضية ولم يبق في الساحة السياسية إلاّ السلطة وحدها، و بهذا الاَعتبار أن قوّتها ناشئة من ضُـعف الآخرين ومن انتِـهاجها لسياسة أمنية قاسية، لكنها عمليا، بقيت قادرة على الاستمرار ولا تزال تشكِّـل الضامن لتلاحم دولة قوية ومجتمع لا مبالي بالشان العام.   وحذّر الاتحاد الدولي لحقوق الانسان على لسان سهير بلحسن  ان على البلاد ان لا تخاطر بالسقوط في براثن العنف اذا لم تسمح بحرية أكبر للتعبير وتعزيز حقوق المعارضين. وتقول سهير بلحسن من الاتحاد الدولي لحقوق الانسان « وضع حقوق الانسان في تونس مقلق …وبلا مجتمع مدني حر ستواجه (تونس) المزيد من احداث العنف مثلما حصل في ضواحي العاصمة. » وعكر هدوء تونس في اوائل هذا العام تبادل نادر لاطلاق النار بين قوات الامن واسلاميين سلفيين متطرفين مما اسفر عن مقتل 14 مسلحا.   وتحظر الحكومة الاحزاب الاسلامية لان تسييس الدّين يؤدي الى صراع واراقة دم في نهاية الامر. وتصر الحكومة على انها ملتزمة بنشر مزيد من الديمقراطية والحرية وتقول ان اقلية من المعارضين اعتادت محاولة تشوية سجل حقوق الانسان في البلاد.   ولقد بدأ تطبيق نظام التعددية الحزبية في اوائل الثمانينات وانها بدأت في الاونة الاخيرة تمنح دعما ماليا للمجموعات المعارضة المشروعة لدعم الديمقراطية.   ويقول عزام محجوب الاقتصادي والاستاذ بجامعة تونس « حاليا تونس في مفترق الطرق … حققت نسب نمو معقولة وحافظت على مردودية اقتصادية جيدة لكن لا يمكننا الحصول على نمو مستديم اذا اوصدت المجالات السياسية. » وتابع « يجب ان يكون المناخ مناسبا للتطور مما يعني الشفافية ونشر المعلومة ونظام قضائي ناجع. لكن يوجد لدينا نقص في الحكم الرشيد ونحتاج للاسراع بالاصلاحات للمحافظة على التقدم. »   لقد اصاب النظام التونسي في المجال الاقتصادي وخيّب الآمال في الجانب السياسي باستعماله اليد الحديدية في هذا المجال. امّا في المجال الاقتصادي فقد نجح بالاستنجاد باهل الخبرة والنجاعة و بمتابعته للملفات الاقتصادية وهو محقّ في ذلك وكذلك بتدخّله من اجل الحراك الاجتماعي كلّما اقتضت الحاجة الى ذلك.   السؤال المطروح الآن هو كيف يمكن إعادة الإعتبار للسياسة من جديد؟   للاجابة على هذا السؤال المحيّر وقع الاتصال بالدكتور. عزام محجوب،وهو خبير اقتصادي لدى عديد المنظمات الدولية والإقليمية أكّد بدوره المكاسب التي تحققت في المرحلة الماضية، مبرزا أن بداية المنعرج الاقتصادي، كانت مع تبنّي برنامج الإصلاح الهيكلي في عام 1986.   وقد لاحظ أن تونس حافظت على نَسق نُمو متواصل منذ الستينات، الذي كان ولا يزال في حدود خمسة بالمائة، وعلى نسق استثماري بنسبة 27 بالمائة، ووصف ما تم إنجازه بأنه وليد عملية تراكمية تواصلت لمدة 40 عاما، التي انطلقت منذ الستينات لتصل نسبتها اليوم في حدود 1,5 بالمائة، ممّا حسّن بوضوح في نصيب الدخل الفردي.   خلافا لما كان يتوقّعه البعض، يُـمكن القول بأن الرئيس بن علي لم ينجح فقط في البقاء في السلطة لمدّة عشرين عاما دون منازع، بل نجح في أن يحكم البلاد بيُسر وأن يضمن حالة من الاستقرار الاجتماعي تُـعتبر نادرة في تاريخ البلاد وفي المنطقة أيضا.   وفي المقابل، أخفق خصومه، سواء في أن يزيحوه أو أن يشكِّـلوا قوة ضغط حقيقية تُـجبره على أن يأخذ وجودهم ومَـطالبهم بعين الاعتبار و على راسهم حركة النهضة، التي كانت تُـعتبر القوة السياسية الرئيسية في البلاد بعد الحزب الحاكم، اذ انّها توقّـعت بأنها قادِرة على ان تفرض شروطها.   كما كان يتغنّى بعض قادتها في مطلع التسعينات غرورا بأنهم، كما وفّـروا المناخ المناسب لوصول بن علي إلى دفّـة الرئاسة، فإنهم سيكونون قادرين على إزاحته أو تهديده، لكنهم لم يتمّكنوا من الصمود لاكثرمن بضعة اشهر ولا سيّما بعد ان اختارت قيادتهم الهروب من السّاحة لتامين سلامة القيادة الرّاشدة و الملهمة.   ان هذه القيادة هي التي كانت تتوهّم انها سوف ترجع غانمة بعد ان ينتصر جيرانهم و نسوا او تناسوا ان النضال لا يكون الا على الساحة و ليس بالوكالة مع العلم ان الشعب التونسي لا ولن يقبل بقيادات من وراء البحار مهما كانت كفائتهم و موهبتهم و قدراتهم .   ان القيادة التي من المفروض ان تعطي المثال في الصبر والمصابرة وبعد مواجهة لم تدُم سوى بضعة أشهروجدوا أنفسهم خارج اللعبة تماما منذ مطلع التسعينات اذ انهم خيّروا الهروب على الصّمود.   و الخلاصة فان النموّ الاقتصادي لا يكفي وحده للشعور بالاطمئنان على مستقبل البلاد، حيث يجب العمل على توفير الراحة لبال المواطن و اطمئنانه، وهذه الراحة لا تتحقّـق إلا عندما يسود حكم القانون، ولا تكون القوانين خاضعة لإرادة أشخاص متنفّـذين يكيفونها حسب مصالحهم.   وهذا يؤكِّد على أهمية التقيد بالآليات الديمقراطية، مثل تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة وعدم تزوير إرادة المواطنين، مع العلم ان ذلك هو جزء من آليات الديمقراطية، وليس جوهرها.اذ ان جوهر الديموقراطية يكمن في احترام الحريات الاساسية وفي مقدّمتها حرية التعبير حتّى يشعر المواطن بالامان و كذلك حرية الصحافة المقروئة و المكتوبة و المرئية وننسى وجوب مراقبة اجهزة الامن للاحالة دون هيمنتها على بقية اجهزة الدولة. ثمّ لا بدّ من تحييد الادارة التونسية محليّا و جهويّا ووطنيّا.   ايمانا منّا و اقتناعا بارساء الديمقراطية في بلادنا عبر التوافق و الحوار و اثراء القواسم الوطنية المشتركة. وامّا مجال الاختلاف مع السلطة السياسية فهوواضح وواسع في مجالات حقوق الانسان السياسية و الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية.   ذلك اننا نؤمن في المستوى السياسي بضرورة حياد الادارة حيال كل الاحزاب السياسية لان المنطق الذي يجب ان يقود الادارة هو منطق الجدارة و الكفاءة و ليس منطق الانتماء الذي يحرك الحياة الحزبية و السياسية.   ولذلك نرى ضرورة مراجعة المجلة الانتخابية بحيث لا يسمح لاي حزب سياسي أي كان لونه ان يحصل على اكثر من ثلث المقاعد النيابية.   ان مطالب المرحلية في الايام القليلة المقبلة هي الاصلاحات السياسيّة التي تساهم لامحالة في فتح صفحة جديدة في التعامل السياسي فيما بين المتشاركين في الوطن وهي تقتضي اساسا القطع نهائيّا مع رؤى الفكر الواحد والحزب الأوحد .   ان هذه المرحلة تستلزم تجسيدا حقيقيّا للمشاركة الجماعيّة في مؤسّسات الحكم ، أي لكلّ الأطراف والألوان، بعيدا عن منطق الوصاية و الاحتكار للسلطة والتداخل بين أجهزة الدولة وهياكل الحزب الحاكم .هذا الحزب الذي ليس له رائحة و لا طعم ولاسياسة واضحة المعالم الايديولوجية.   فقد بدأ تحت عنوان  » حزب الدستور » على يد الشيخ عبد العزيز الثعالبي لمقاومة الحضور العسكري الفرنسي و مطالبة تمثيل الشعب داخل « برلمان تونسي » ثمّ تحوّل الى « الحزب الحرّ الدستوري التونسي » نتيجة انقلاب مجموعة مخضرمة متأثّرة بالثقافة الغربية عموما والفرنسية بصفة اخصّ تتنازعها تيّار فرنسي يقوده الزعيم الحبيب بورقيبة و تيّار عروبي بزعامة صالح بن يوسف. فكانت الغلبة للزعيم الاوّل بتواطئ مع المستعهر الفرنسي الذي سلّمه مقاليد البلاد الذي تعمّد تصفية غريمه جسديّا بعد ان اقامسنة 1957 نظاما جمهوريّا حسب مقاسه.    وفي سنة 1964 بمناسبة مؤتمر بنزرت تحوّل الى « الحزب الاشتراكي الدستوري التونسي » تحت تأثير الزعيم احمد بن صالح الذي انقلب عليه و ادخله السجن بعد محاكمة ملفّقة بتهمة الخيانة العظمى ثمّ استجلب الزعيم الهادي نويرة المناقض للاوّل في التوجّه الذي اعتمد نظرية المقيم العام الفرنسي للاربعينات بايريتون القائل بالديمقراطية الاقتصادية دون الديمقراطية السياسية و هذه السياسة هي الباقية المتّبعة الى يوم النّاس هذا.   و قد تواصل الامر في مرحلة الصراع على الخلافة بادارة الوؤير الاوّل محمد مزالي سنة 1980 الذي يوزّع الوعود بالتغيير الموعود بالحرية و التعددية الحزبية وتعزيز العربية في التعليم ولكنّ في عهده كان ضرب الاتحاد العام التونسي للشغل وبداية محاكمة الاسلاميين و تزوير نتائج الانتخابات التشريعية.   حتّى كان سنة 1987 اذ اشتدّ الصراع مع حركة الاتجاه الاسلامي فما كان من الرئيس الحبيب بورقيبة ان عيّن وزير الدّاخلية وزيرا اوّلا قصد ضرب الحركة السلامية الخصم الوحيد والعنيد الا ان هذا الاخير لم يطوّل كثيرا في هذه المسؤولية فازاح الرئيس الحبيب بورقيبة بمقتضى الفصل 51 من الدستور واراح البلاد والعباد فجر يوم 7 نوفمبر 1987.   مع العلم ان حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم يهيمن على المجلس التشريعي و 80 في المئة من المقاعد في البرلمان. وتتنافس الاحزاب الستة المعارضة على نسبة 20 في المئة الباقية.   ان هذا الجهاز الضّخم الحاكم في رقاب الشعب التونسي منذ نصف ثرن بدون منازع ولا مشارك هو جهاز التجمّع الدستوري الديمقراطي الذي يعتبر من اقدم الاحزاب و اضخمها في العالم بالمقرنة بعدد سكّان البلاد  اذ يعدّ اعضائه المليونين او يتجاوز ذلك حسب الاحصائيات الرسمية و هذا الجهاز المُمتد على طول البلاد و عرضها ، و يأطّر خمس سكّان البلاد و هذا يمكن له أن يلعب دورا حاسما في تحقيق الاستمرارية ودعم النظام في مرحلته الانتقالية. الا انّه اصبح حِـزب مُـهيمن على أجهزة الدّولة ويستغلّ قدراتها و مؤسّساتها، ليس حزبا حاكما يضع المخطّطات و السياسات الكبرى.   كيف التأسيس للوفاق من أجل المصلحة العامة   وان هذه المرحلة تقتضي بداية حيادا تاماّ للإدارة مركزيّا وجهويّا ومحليّا وإلزامها بالتعامل مع كلّ الأحزاب و الاشخاص على قدم المساواة ودون إقصاء أو تهميش مع ضرورة التعامل بروح جديدة في الإعلام الوطني فيها الانفتاح وهوامش الجدل ومتخلّصة من الانغلاق والسطحيّة. و الغريب، أنه، بالرغم من طول وجوده و استمراره في الحكم منذ أكثر من نصف قرن، إلا أنه قليلا ما يبادر اطاراته للنِّـقاش السياسي في عمق الخيارات المصيرية.   ولقد اكّدنا مرارا و تكرارا بان حركتنا تاسّست من اجل الدعوة الى الله و التعريف بالفكر الاسلامي الذي من شانه ان يساهم في نشر الخير بين ابناء البلد الواحد الى جانب بقية الشرائح السياسية المتواجدة على الساحة التونسية قصد ايجاد مجتمع تسوده مبادئ الاخوّة والمحبة و التعاون و التسامح  المستمدّة من السيرة النبوية الشريفة و ‘‘الحكمة ضالة المؤمن التقطها انّى وجدها وهو احقّ بها‘‘   1- نجدّد العهد في المضي قدما في الدّفاع عن المبادئ الاسلامية السمحة في التغيير عن طريق الكلمة الطيّبة و الكتاب و المقال الصحفي و النصح الجميل و المسيرة السلمية و غيرها من الوسائل النضالية المسالمة المتنافية مع العنف الجسدي و المادي الذي نرفضه و نندّد به من حيث كان ماتاه.   2- تمسّكنا بالوسائل السلمية في التغيير و استبعاد أي تصرّف ما من شانه ان يتنافى مع احترام الحرمة الجسدية للمواطن مهما كانت انتماءاته السياسية او العقائدية و التي لا تخدم البلاد و لا العباد.   3- ندعو الجميع الى التسامح و التعاون و فضّ الخلافات و المشاكل على تنوّعها عن طريق الحوار بين الفرقاء و نشر مبادئ الاخوة و المحبة بين الجميع,   4- دعوة القيادة الحالية الى تقديم نقد ذاتي و ان يتّقوا الله في الأمانة التي وضعت في اعناقهم فضيّعوها– على مستوى المؤسّسات‘ لا على مستوى الأشخاص – و تقييم مرحلة العشرية السابقة على علّتها و الكفّ عن استبعاد و تغييب و تهميش من لهم السبق من مواقع القرار‘ و الرّجوع الى الخطّ الأصلي او إرجاع الأمانة إلى أهلها – في داخل البلاد لا خارجها – ضمن ضوابط لا سبيل للحياد عنها.   انّ الدعوة الى اطلاق سراح مابقي من ابناء الحركة في السجون  اذ كفاها ما دفعت نتيجة اخطاء بعض افرادها من تشريد و سجن و تعذيب حتّى الموت احيانا لبعض المناضلين قليلي التجربة‘ وقع دفعهم في طريق مسدود نتيجة خيار غير سليم لم يقع الاجماع حوله من اجل ان نفتح صفحة جديدة للتامّل و المراجعة و المحاسبة فيما بيننا في داخل القطر لا خارجه.    و بذلك فقط يمكن للدرّ ان يعود الى معدنه و تاخذ الصحوة الاسلامية موقعها في كنف الوضوح الكامل. وفي الاخير‘ ليس لنا ملجئ الا لله نشكو له حزننا ‘ و نقول   حسبنا الله و نعم الوكيل ‘ فهو نعم المولى و نعم النصير ‘ فهو ربّ المستضعفين وهو ربّنا‘ وحسبنا الله و نعم الوكيل ونستلهم موقفنا هذا من دعوة الله في منزّل كتابه الكريم ‘‘ الذين استجابوا لله و الرّسول من بعد ما اصابهم القرح ‘ للذين احسنوا منهم و اتقوا اجر عظيم‘ الذين قال لهم النّاس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا و قالوا حسبنا الله و نعم الوكيل ‘ فانقلبوا بنعمة من الله و فضل لم يمسسهم سوءا و اتّبعوا رضوان الله و الله ذو فضل  عظيم ‘‘   ‘‘ لا يغيّر الله ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم ‘‘ صدق الله العظيم و السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.    باريس في 10 نوفمبر2007 بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس

 

 


 

المجلّة الانتخابية التونسية أو  الاحتكار بالقانون

 

الأستاذ عبد الوهاب معطر

أستاذ القانون العام- محامي

ألحلقة الأولى ,

في سنة 1988 ولمّا كان « العهد الجديد »طريّ العود كتبت في جريدة الموقف تعليقا على التنقيحات المزمع إدخالها وقتئذ على المجلة الانتخابيّة ما نصه  » أن النظام الجديد ماض كسابقه في استعمال القانون الانتخابي سلاحا بتّارا لتعويق التحوّل الديمقراطي الذي يدعو إليه من جهة كاستعماله يافطة للتمويه الديمقراطي من جهة أخرى ». (انظر الموقف 14 جويلية 1988 ص 2)

ومنذ تنقيحات 29 ديسمبر 1988 أخضعت المجلة الانتخابية إلى أكثر من ستّة تنقيحات كان آخرها في 4 أوت 2003 وعلى الرغم من ذلك فانّ ما قلناه منذ سنة عشرة سنة مازال قائما وماثلا للعيان.

صحيح أن القانون الانتخابي في تونس قد وقع تغيير بعض تفاصيله لكن هذا التغيير اقتصر فقط على الهوامش الكميّة المحدودة الأثر بينما بقيت المفاصل الجوهرية والبؤر الحيويّة المتحكمة في ديناميكية المشهد السياسي عصيّة عن كل تطوّر. وها هي المجلة الانتخابية الحالية في تونس اليوم بقيت صامدة كما كانت في السابق… آلية قانونية لتكريس الانغلاق والاحتكار والإقصاء ولا تخرج في الواقع عن كونها حلقة من سلسلة الآليات التي تؤسس للديكتاتورية بالقانون وتضعنا هي الأخرى أمام أخطر الديكتاتوريات على رأي حنا أرندت  » تلك التي تستخدم وتطوّع التشريع (القانون) لضمان الاحتكار والقمع الشمولي ».

إن الانتخاب كآلية للانتداب والفرز لا تعني في حدّ ذاتها إلا شيئا واحدا : هو إقصاء التعيين الالهي أو الانفرادي لا غير. وهي بهذا المعنى المحايد لا تقترن بالضرورة بالديمقراطية أو بسيادة الشعب على صعيد الحكم السياسي كما أنها لا تؤدّي حتما إلى تجديد النخب وتحقيق التنمية السياسية على الصعيد الاجتماعي. نقول ذلك دفعا لأيّ ادّعاء مضلّل يجعل من مجرّد إقرار المبدأ الانتخابي رديفا للديمقراطيّة والعصرنة. وليس أدلّ على ذلك من أن الديكتاتوريّات والأنظمة القمعيّة لا تتردّد في اللجوء إلى الانتخابات لتحقيق هدفين متلازمين هما الظهور في الخارج ببرقع ديمقراطي من جهة وتشريع التسلّط والقمع في الداخل من جهة أخرى.

ذلك أنّ العبرة لا تكمن في إقرار الانتخابات في حدّ ذاتها بل أنها تتمحور حول طريقة معالجة الآليات الداخليّة لهذه العملية المعقدة من جهة -وهو ما يضعنا وجها لوجه مع الفصول القانونيــة المنظمة للانتخابات- كما تتمحور من جهة أخرى حول الملابسات الواقعية الخارجة مبدئيا عن القانون الانتخابي في حدّ ذاته لاتصالها بالمناخ السياسي العام الذي تجري فيه الانتخابات.

 ولئن كانت هذه العوامل الخارجيّة المؤثّرة في مسار الانتخابات ليست محلّ دراستنا هنا على الرغم من أهميتها. فإننا سنحاول فيما يلي تسليط الضوء على المسألة القانونية الصرفة لإبراز فكرة مفادها أنّ فصول المجلة الانتخابية التونسية النافذة حاليا تمثل عائقا كبيرا يحول دون أي تطوّر ديمقراطي للبلاد بل أنها في مضمونها الداخلي وفي جوهرها الأصولي لا تنتج الاّ دوام الاحتكار ولا تفرّخ إلا تأصيل دعائم الديكتاتورية.

إننا نزعم أن العقلية التي قادت التشريع الانتخابي في تونس منذ 30 جويلية 1959 الى اليوم كانت تهدف بالأساس للظهور باللبوس الديمقراطي لكن وفي آن واحد مع تعمّد إجراء عملية اخصاء صلب هذا التشريع حتى لا يفرّخ بل وحقنه للغرض من حين الى آخر – عبر التنقيحات المجراة عليه طوال حوالي نصف قرن – بموانع الحمل. وهذا ما تؤكده الدراسة الموضوعية لركائز المجلة الانتخابية في تونس.

ذلك أن المجلة الانتخابية في بلادنا ظلّت تلاحق هذا الهدف سواءا عند ضبطها للجسم الانتخابي (أوّلا) أو في تصعيد أعضاء المجلس النيابي (ثانيا) أو في تعيين رأس السلطة التنفيذية (ثالثا) بل أنها لم تكتف بهذه الاحتياطات « القانونية » فزادت عليها احتياطات فعلية (رابعا).

 

أوّلا: الجسم الانتخابي: إقصاء فئات شعبيّة واسعة من الكتلة الانتخابية:

 

في المنظور الديمقراطي تتيح ممارسة الحق الانتخابي المشاركة السياسية للمواطن في تسيير الشأن العام. وبهذا المعنى فان هذا الحق يعتبر من الحقوق السياسية المقدّسة التي لا يجوز التضييق عليها خاصّة أنه لئن كان يشمل بالضرورة الحق في الاختيار والتصويت فانه يشمل وبالخصوص كذلك الحق في الترشّح لمناصب الدولة. ولهذا السبب تحاط عادة عمليّة ضبط الجسم الانتخابي بتدابير عديدة مانعة للإقصاء وتقتصر على وضع شروط دنيا لممارسة هذا الحق.

وبموجب مجلّتنا الانتخابية فانه لابدّ من التفريق – حتى تسود المنظومة- بين الانتخابات من جهة والترشّح من جهة أخرى. إذ أنّ هذا الأخير يخضع لشروط خاصّة حسب نوعية المنصب كما سترى لكنه يتطلّب بدءا أن يكون المترشح ناخبا فإذا لم يكن كذلك فانه يحرم من أية إمكانية للترشح لأيّة وظيفة ومن هنا نتأتى أهميّة ضبط الجسم الانتخابي. فبقدر ما تكون الشروط اللازمة للانضمام إليه يسيرة بقدر ما تكون المشاركة السياسية أوسع.

ولأنّه يتعيّن في بلادنا التحكم في مآلات الانتخابات حتى لا تخرج عمّا هو مرسوم لها وجب إذن وضع التضييقات لتطهير حجم الجسم الانتخابي. وكان الأمر كذلك عبر توسّع مجحف في صور الحرمان (1) وعبر اقرار طريقة بطاقة الناخب مع ضمان التحكّم الإداري في إسنادها (2).

1- توسّع مجحف في حالات الحرمان من الحق الانتخابي

بعد أن وقع اقرار عمومية الانتخاب (الفصل 1) حرمت المجلة الانتخابية بعض الفئات الاجتماعية من حقها في الانتخابات نذكر منها بالخصوص الشباب ( أ ) والمعارضين السياسيين المحكوم عليهم (ب).

أ‌-          اقصاء فصيل هام من الشباب:

فبموجب الفصل 2 من المجلة لا يتمتع بحق الترشّح إلا البالغ من العمر عشرين عاما كاملة وهذا السنّ الانتخابي يعتبر مرتفعا ليس فقط بالمقارنة مع العديد من الأنظمة الأخرى التي نزلت به إلى 18 سنة بل لأنّ قسم كبير من أبناء تونس يتموقعون في هذا الهامش العمري الذي يحظى بالعناية الموصولة لباني هذا « العهد السعيد » وعلى الرغم من ذلك وقع إقصاؤهم تماما من الشأن العام إلا لمن بلغ سنّهم عشرين عاما زائد يوم واحد فأكثر.( أعلن بن علي في 7 نوفمبر 2007  أنه سيقع التخفيض في السن إلى 18 سنة )

ب-تطهير الانتخابات من المعارضين المحكوم عليهم:

لئن كان إقصاء الفصيل الشبابي المذكور أمرا معيبا فان الأفدح منه هو تعمّد إحكام غلق الأبواب -مع سبق الاضمار والترصّد- على جميع فئات المعارضة السياسية المكتوية في مذابح القضاء في تونس التي لم تعرف طوال تاريخها إلا تنمّر الاستبداد وتصدّي أجيال من الشرفاء له من مختلف التيارات والمذاهب.

وقلنا أن هذا الإقصاء إنما كان بسبق الإضمار والترصّد لأنّ المهم فيه ليس التصويت في الانتخابات في حدّ ذاته بل خصوصا هو استهداف تلكم الشخصيّات الوطنيّة لحرمانها من أيّة إمكانية للترشّح لأيّ منصب عامّ وإخراجها تبعا لذلك من أيّ تنافس انتخابي مهما كانت شعبيّتها أو حظوظها.

فبموجب الفقرتين 2 و 3 من الفصل الثالث من المجلة الانتخابيّة فانّ المحكوم عليهم في القضايا السياسيّة والنقابية أو حتى الحقوقيّة ومهما كانت هذه القضايا جناحيّة أو جنائيّة لا يرسّمون في القائمات الانتخابية أصلا. والأدهى أن هذه الشخصيات السياسية التي قد تشكل منافسا جديّا لأزلام الديكتاتورية وقعت معاملتها في المجال الانتخابي بطريقة لا تخلو من الفجاجة وانعدام الحياء اذ أنه لم يقع تمتيعها حتّى بالاستثناء المخوّل للمحكوم عليهم من أجل جنحة غير قصديّة الذين يمكن ترسيمهم بالقائمات.فالمعارضون السياسيون المحكوم عليهم مجرمون يتعيّن استئصالهم من السباق بموجب القانون حتى وان كانت « جريمتهم » غير مخلّة بالشرف..حتى وان كان « ذنبهم » هو إصرارهم على ترك الخوف جانبا واستماتتهم في ممارسة حقوقهم.

 أفليس في ذلك أيسر السبل لتحصين رجالات الدكتاتورية من أيّة منافسة جديّة؟

فكم هم هؤلاء المعارضون السياسيّون في بلادنا ممن لم يحاكم بغلظة من طرف مؤسسة قضائية كانت طوال تاريخها مجرّد جهاز قمعي في خدمة التسلّط والاستبداد؟.

 إن المجلة الانتخابية رسالتها واضحة في هذا المجال فإن أردت أن تكون ناخبا وان اقتضى الحال مترشّحا فعليك إذن أن تنسجم مع بشاعات الديكتاتورية وأن تثبت ولاءك لها بالتحفّظ والبعد ولم لا التشهير بتلكم الآلاف من التونسيين عمّن قبع وممّن مازال يقبع منهم داخل الأسوار.

والآن افترض أن عمرك يتجاوز العشرين وأنّك نجحت في اختراق شبكة المحاكمات السياسية فهل أن ترسيمك بالقائمات الانتخابية واسنابطاقة ناخب هو أمر مضمون؟

 

2– القائمات الانتخابية: تحكم سياسي لادارة منحازة

 

في حين أن العديد من البلدان قد استنبطت طرائق عديدة لتيسير ممارسة المواطن لحقه الانتخابي مازالت بلادنا تشترط ضرورة الترسيم بالقائمات الانتخابية وكذلك ضرورة التحوّز ببطاقة ناخب.

وان إقرار النظام التونسي لهذه الطريقة لئن كان مفهوما في سنة 1959 فان إصراره عليها الى اليوم وفي ظلّ ما شهده العالم من تطوّر واستنباط في هذا المجال في علاقة مع التطوّر التكنولوجي هو أمر لا يفسّر إلا بشيء واحد هو الحرص الشديد على ضمان السيطرة والتحكم بواسطة الإدارة على ديمغرافية الناخبين.

وليس في نيّتنا هنا التطويح بالقارىء في تفاصيل وإجراءات الترسيم بالقائمات الانتخابية ولا إثقال كاهله بطرائق وتعرّجات الظفر ببطاقة الناخب. إننا نودّ فقط التأكيد هنا على أن الدوائر البلدية المكلفة بالقائمات الانتخابية كثيرا ما تلجأ إلى الطريقة الانتقائية عند تحريرها لتستبعد عادة الأعداد الوافرة من المواطنين ممن شملتهم القائمات الأمنيّة بوصفهم من المشبوه فيهم بالمعارضة أو من المقربين إلى الأخيرين وهو ما سيضطرّ هؤلاء المواطنين لاحقا إلى المطالبة والاعتراض والطعن طبق شروط وآجال محدّدة -كافية لوحدها لإثنائهم عن الترسيم إلا إذا كانوا مصرّين حقا عليه-. وهو أمر أكثر من مستبعد طالما أن التونسيين بخبرتهم أصبحت الانتخابات لديهم أصوات مكرّرة في قرص مشروخ يؤذي آذانهم ويستنزف أوقاتهم.

وبالطبع فان الدوائر البلدية بقدر ما تكون شحيحة في ترسيم المغضوب عليهم المدرجين في قائمات مراكز الأمن بقدر ما تكون على درجة قياسيّة من الجود والعطاء مع من كان مدرجا في دفاتر الحالة المدنية الممسوكة من طرفها. حتى إذا كان المعني بالأمر مثلا مقبورا أو سجينا أو مهاجرا أو معتوها. وبذلك تتضخّم القائمات الانتخابية من هذه الناحية دون أن يكون بالإمكان مراقبتها من طرف ذي المصلحة.ذلك أن المجلة الانتخابية لئن كانت تمّكن من المطالبة بالترسيم على النحو المبين أعلاه فإنها لا تضع أيّ إجراء جدّي للمطالبة بشطب كلّ من لا يجوز ترسيمه فالأمر موكول للإدارة بانفرادها. وأنى لهذه الأخيرة أن تقوم بهذا الشطب وهي المرتبطة عضويّا بحزب السلطة وبنواته الصلبة في قرطاج ؟

بلى إنّ التحكم في الجسم الانتخابي لا يقف عند هذا الحد بل أن الإدارة إياها هي التي تتولى توزيع بطاقة الناخب على كلّ مرسّم بالقائمة الانتخابية. وهنا تتدخّل أذرعها الدنيا من عمدة ورئيس شعبة لتجري عمليّة انتقاء ثانية تحجب بموجبها بعض البطاقات على البعض وتوزع البقية بعد الاحتفاظ لديها ببطاقات الموتى والسجناء والمهاجرين والمعتوهين والمغادرين لمقّرات سكناهم والقائمة طويلة.

والسؤال هو لماذا يقع إتباع هذه الطريقة المكلفة والمضنية في ضبط الجسم الانتخابي ؟ أليس من الأجدى انتهاج ما سلكته حتى بعض البلدان في أفريقا من اعتماد بطاقة التعريف الوطنية لممارسة حق التصويت؟ فضلا عمّا أقرته بعض الدول في أمريكا اللاتينية من إمكانية التصويت بواسطة طرائق مستنبطة من التكنولوجيا الحديثة.

إنّنا نحسب أن مثل هذه الحلول تراها الديكتاتورية غير ملائمة للشعب التونسي الذي لم ينضج بعد بما فيه الكفاية. وإذن فلا بدّ لها- كوصية عليه- أن تجول بأيديها في جسمه لتقلع منه الأشواك التي قد تدمي أصابعها.

 فهل أن مجلة انتخابية تعطي بالقانون لإدارة منحازة الحق في التصرّف وبكامل الحريّة في الجسم الانتخابي قادرة يا ترى على إضفاء أيّة مصداقية على مآلات الانتخابات؟؟ .

 

ثانيا: الانتخابات التشريعية: تحكّم مسبق في النتائج

 

إنّنا نزعم بدءا أن القانون الانتخابي في تونس ومنذ وضعه في 30 جويلية 1959 وعبر حوالي التنقيحات الخمسة عشرة التي أجريت عليه وصولا إلى آخر تعديل له في 4 أوت 2003 قد خضع شكلا ومضمونا إلى عقليّة تسلطيّة حريصة على مسك ناصية المجتمع بتلابيبه منعا لأيّ تطوّر أو تغيير قد يفقدها السيطرة أو احتكار الوصاية عليه فضلا حتى عن مجرد تغيير موازين القوى فيه.

وملاحقة لهذا الهدف وقع فعلا تكييف فصول المجلة الانتخابية وصياغتها بطريقة تضمن احتكار رجالات الاستبداد لجميع مقاعد البرلمان. ونقول احتكار لأنّنا نعتقد أنه حتى مع « جرعة النسبيّة » المعمول بها حاليا فان من يظفر « من المعارضة » بمقعد في مجلس النواب لا خيار له إلا التهميش أو الانسجام .وفي الحالتين فان احتكار الحزب الحاكم يظل قائما ومضمونا.

 

والواقع أن هذا الوضع الاحتكاري ليس مردّه مطلقا اتساع شعبية التجمع الدستوري ولا يعود بتاتا إلى ضمور حجم الساخطين على الديكتاتورية وفسادها أو إلى عقم النخب التونسية بل أنه يجد جذوره في حزمة من الأسباب والعوامل المعقدة التي ليس المجال للتطرق إليها في هذه المحاولة التي اختارت أن تقتصر على إحدى هذه الأسباب المفضية إلى ذاك الاحتكار ونقصد بها تلكم الآليات القانونية التي تكفلت بها المجلة الانتخابية في هذا السياق.

فمنذ وضعها تقوقعت المجلة الانتخابية في تونس حول طريقة اقتراع محددة تكفل للحزب الحاكم الاحتكار المطلق الواقع تعديله جزئيا في نوفمبر 1998 بما أسموه جرعة النسبيّة.

إنّ طريقة الاقتراع تعدّ مسألة حاسمة في توزيع مقاعد البرلمان بين المتنافسين على ضوء عدد الأصوات المتحصّل عليها اذ أن نفس عدد الأصوات يمكن أن تعطي عددا من المقاعد تختلف كميّا حسب طريقة الاقتراع المعتمدة.

ولقد أنتجت تجارب الشعوب أنماطا عديدة من طرق الاقتراع لا يمكننا التبسط فيها هنا لكن هذه الطرق على تنوعها تتمحور حول قطبين أولهما الاقتراع بالأغلبية وثانيهما الاقتراع بالنسبية وكلاهما غير محايد أي أنه ينبع من اختيار سياسي مسبق فإما الميل إلى توظيف عدد الأصوات المتحصل عليها لتكريس الاحتكار والهيمنة (وهو النظام الأغلبي ) أو توظيف نفس ذلك العدد من هذه الأصوات لتكريس التعددية البرلمانية كانعكاس للتعددية الاجتماعية والسياسية (وهو النظام النسبي).

ولا شك أن هذا الأخير يعتبر الطريقة المثلى للممارسة الديمقراطية لأنه لئن كان يعطي لأغلبية الأصوات حقها فانه لا يعطيها أكثر من حقها .كما أنه وفي الآن نفسه لا يغبن الأقلية حقّها بل أنه يمكنها من المشاركة الفعلية في العمل البرلماني بما يفتح أمامها إمكانيات المراكمة والتطور لتغيير موازين القوى وفق ديناميكية الحياة السياسية.ولهذا السبب بالذات وقع اعتماد طريقة الاقتراع بالنسبية كوسيلة للتطوير الديمقراطي والإصلاح السياسي في العديد من البلدان فيما بقيت الأنظمة المنغلقة تراوح مكانها متمسكة بطريقة الاقتراع بالأغلبية لأنه يضمن لها احتكار جميع مقاعد البرلمان بمجرد حصولها على أكثر من خمسين في المائة من أصوات الناخبين والحال أنها لن تحصل إلا على نصف المقاعد لو وقع اعتماد طريقة  النسبية .

ولا شك أنّ بلادنا لم تعرف إلى حد اليوم أية انتخابات تنافسية حقيقية. لكنه حتى لو افترضنا جدلا ذلك فان اعتماد طريقة الاقتراع بالأغلبية يحول عمليا دون منع احتكار الحزب الحاكم لمقاعد المجلس النيابي. ومن ثمة فإنه لا مجال لأي تغيير في خريطة القوى السياسية بتونس بدون الإلغاء المسبق لنظام الاقتراع بالأغلبية.

وإذن فإن القانون الانتخابي في بلادنا يقوم أساسا على طريقة الاقتراع بالأغلبية ضمانا لاحتكار الحزب الحاكم بل أنه ولسدّ المنافذ عن أي اختراق محتمل فقد أقر علاوة على ذلك أالصيغ عنفا في الاقتراع الأغلبي فجعله على القائمات وفي دورة وحيدة والذي بموجبه تفوز قائمة واحدة بجميع المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية بمجرد أن تفوز بأكثرية الأصوات أي حتى ولو كان الفارق بينها وبين القائمة الثانية هو صوت واحد لا غير. تأكيدا على أن طريقة الاقتراع بالأغلبية وبالقائمات في دورة وحيدة لا تتيح كسر الاحتكار مهما كانت نزاهة العملية الانتخابية ومهما كانت طبيعة السلطة القائمة عليها فما بالك لما نكون حيال سلطة ديكتاتورية تبيح لنفسها التحكم في جميع آليات الانتخابات وتزييفها عند الاقتضاء.

وإن اعتماد أسلوب الاقتراع على القائمات يزيد في الوضع فداحة لأنّه يقتضي مسبّقا ضبط دوائر انتخابية وتخصيص عدد من المقاعد لكل واحدة منها. وهذا الأمر له إنعكاس هو الآخر على نتيجة الأصوات ومن ثمّة على توزيع المقاعد. فبقدر ما تكون الدائرة الانتخابية كبيرة جغرافيا وواسعة عدديّا بقدر ما تتقلّص حظوظ الأقلية سواءا في تشكيل القائمات أو في الفوز بالأصوات. وهذا أمر لم يغرب هو الآخر عن ذهن واضعي القانون الانتخابي في تونس فلفرط الحرص على ضمان الاحتكار لم يقع الاقتصار على طريقة الاقتراع إياها بل أنه عمد إلى توسيع الدوائر الانتخابية لتصبح الدائرة متطابقة مع حدود الولاية ( فيما عدا بعض الاستثناءات) بما لذلك من انعكاس مباشر على العمليّة الانتخابيّة برمّتها.

فهل بعد كلّ هذا يمكن التبجّح بالقول بديمقراطية القانون الانتخابي في تونس ؟.

إنّ السلطة الحالية تعرف قطعا أن نظام الاقتراع على القائمات بالأغلبيّة في دورة واحدة وفي دوائر انتخابية واسعة سيضمن لها الاستمرار والدوام واحتكار المناصب في مجلس النواب حتى وإن لم يصوّت نصف الشعب التونسي لممثليها ولذلك فإنها مصرّة على اعتماد هذا النظام حتى الرمق الأخير.       

إلا أن حاجتها للديكور الديمقراطي المزيّف دفعها إلى انتهاج أسلوب الرشوة السياسية بتنقيحها للمجلة الانتخابية في نوفمبر 1998 فخصّصت عددا من المقاعد لارتشاء بعض شخصيات الأحزاب المنسجمة معها عبر ما أسمته جرعة النسبيّة التي إنحصرت في أقلّ من خمس (5/1) عدد مقاعد مجلس النواب. ثم وبالتنقيح الدستوري لغرّة جوان 2002 إستحدثت مجلس مستشارين وأخضعت تسديد جلّ مقاعده للتعيين المباشر أو غير المباشر ممّا ليس هنا المجال للتدقيق فيه.

واعتقادنا راسخ أن طريقة الاقتراع المعمول بها حاليا في الانتخابات التشريعية قد أحكمت غلق الأبواب أمام أي اختراق غير مرغوب فيه بعد أن سدّت النوافذ ووضعت المتاريس لدفع الصائل الديمقراطي الذي قد يهدّد سطوة الاحتكار الاستبدادي. ومن ثمة فإن إلغاء طريقة الاقتراع هذه واستبدالها بطريقة النسبيّة المعدلّة هو شرط لازم لفتح الأفق نحو تلمّس المسلك الديمقراطي في العمل التشريعي لمجلس النواب.

 

يتبع  ( غدا الحلقة الثانية )


 

مصير مجهول لنقابة الصحفيين

 
سامي نصر   عندما أعلن بعض الزملاء والأصدقاء عن تأسيس نقابة للصحفيين استبشرنا خيرا من ولادتها، وعلّقنا آمالا كبيرة على هذا المولود الجديد، واعتبرناه ملجأ طبيعيّا لكل الصحفيين، وذلك لعدة أسباب : منها أنّ الحق النقابي مشروع في الدستور التونسي وتأسيس نقابة لا يخضع لقانون الترخيص كما هو الشأن بالنسبة للجمعيات والأحزاب السياسيّة، وبالتالي افترضنا إمكانية نشاطها في ظروف أفضل من ظروف بقيّة مكوّنات المجتمع المدني.   كما أنّ تأسيس نقابة تدافع عن مصالح الصحفيين من شأنه أن يستقطب كل العاملين والمهتمين بهذا القطاع، لذلك افترضنا عدم عرقلتها وضربها من قبل الصحفيين أنفسهم.   لقد قام بتأسيس هذه النقابة ثلة من الأصدقاء لا يمكن الشك في كفاءاتهم المهنيّة ونضالاتهم النقابيّة لذلك افترضنا صمودهم وحسن تسييرهم ورعايتهم لهذا المولود. لكن الأحداث المستجدّة اليوم والمتراكمة في نفس الوقت جعلتنا نعيد النظر في كل تلك الفرضيات والآمال التي علّقناها عليها، ومن هذه المستجدات نذكر مشروع بعث نقابة « وطنية » للصحفيين، أو بالأحرى تحويل جمعية الصحفيين إلى نقابة مهنيّة، كهيكل مواز لنقابة الصحفيين. إضافة إلى تزامن الإعلان عن هذا المشروع مع إلغاء مؤتمر النقابة والذي كان من المفترض أن يعقد يوم 28 أكتوبر 2007 بمقر الاتحاد العام التونسي للشغل.   كل هذه الأحداث جعلتنا نتصل ببعض الزملاء لنفهم ما حدث سواء داخل جمعيّة الصحفيين التي تريد أن تتحوّل إلى نقابة مهنيّة، أو داخل النقابة وخاصة نوعيّة العلاقة بين أعضاء مكتبها التأسيسي وقيادات الاتحاد العام التونسي للشغل. فوجدنا أنفسنا نعيد النظر في كل توقعاتنا.   افترضنا إمكانية تمتّع الصحافيين بحق النشاط النقابي   تبيّن من خلال تجربة نقابة الصحفيين منذ 2004 تاريخ نشأتها، أن ممارسة حق النشاط النقابي محظور عليهم. وعلى حد تعبير محمود الذوادي الكاتب العام للنقابة  » انطلقت تجربتنا بالملاحقات الأمنيّة المتواصلة، والضغوطات المتكرّرة على الزملاء بالترهيب والترغيب قصد الانسحاب من النقابة. فمنذ اليوم الأوّل وقع محاصرة مقرنا… السلطة تجاوزت القانون عندما رفضت الاعتراف بنا ومنعت أغلب اجتماعات مكتبها التأسيسي، ثم لا ننسى منع مؤتمرها الأوّل سنة 2005 أمام أكثر من 12 منظمة دوليّة. »   كما لم يتمكّن الأعضاء المؤسسون للنقابة من تخطّي عقبة العراقيل وتجنّب الضغوطات المسلّطة عليهم بعد قرار انضوائهم تحت الاتحاد العام التونسي للشغل. وعلى ما يبدو وحسب تصريحات كل من لطفي حجي (رئيس الهيئة التأسيسية للنقابة الأولى) ومحمود الذوادي، فإنّ العراقيل ظلّت متواصلة، واختفت صورة البوليس التونسي الذي كان في السابق يقوم بمنع الاجتماعات ليحلّ محلّه الاتحاد.   ومن بين الضغوطات والعراقيل التي مارسها الاتحاد مع النقابة ذكر لنا محمود الذوادي « كان من المفترض عقد مؤتمرنا يوم الأحد 28 أكتوبر، ولكن يوم 25، وهو آخر يوم لتقديم الترشحات أعلمنا الأمين العام للاتحاد بل فاجأنا بشرط تعجيزي، ويهدف هذا الشرط إلى إقصاء عدد كبير من الزملاء الفاعلين في القطاع الإعلامي وفي نقابة الصحفيين. لو نوافق على هذا الشرط فذلك يعني أنّنا سنقصي زملائنا العاملين في وكالات الأنباء ووسائل الإعلام التي لا تخضع لسيطرة السلطة ». هذا وقد ذكر لطفي حجّي أن الاتحاد سبق وأن امتنع عن عضويّة الصحفيين العاملين في الصحف الالكترونيّة، بعد أن سلّمت لهم بطاقات انخراط في الاتحاد. وعلى الرغم من أن قرار إلغاء المؤتمر ظلّ غير واضح بالنسبة إلى الصحافيّين إلاّ أنّه أكّد لنا صعوبة أو استحالة منح الصحفيين حقّهم في ممارسة العمل النقابي.   افترضنا عدم عرقلتها وضربها من قبل الصحفيين أنفسهم   عجزت النقابة منذ تأسيسها على استقطاب الصحفيين، إذ ظلّ نشاطها يدور في فلك عدد قليل منهم، رغم أهميّة النشاطات التي قامت بها، والدعم الذي حظيت به من قبل المنظمات الحقوقيّة الوطنية مثل الرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان والمجلس الوطني للحريات بتونس، والدوليّة مثل الفدراليّة الدوليّة للصحفيين. كما لم يتوقّف الأمر عند هذا العجز الاستقطابي، بل تجنّد عدد كبير من الصحفيين لضربها وإفشالها. ويذكر لنا كاتبها العام السيد محمود الذوادي: « حين أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل أوّل عن عقد مؤتمر نقابة الصحفيين يوم 15 جوان 2006، تجنّدت كل الأجهزة للضغط على الصحفيين وعمد مدير أكبر مؤسسة إعلاميّة وهو السيد محمد بن عز الدين رئيس مدير عام وكالة تونس إفريقيا للأنباء إلى تسريب عريضة ضد النقابة وضد عقد المؤتمر. كما تجنّدت كل الصحف الرسميّة وغير الرسميّة تقريبا لنشر هذا الخبر والذي كتب بنفس الصياغة، يمكنك أن تراجع تلك الصحف الصادرة في بداية جوان 2006… من هذه المؤسسات الإعلاميّة نذكر « دار لابراس » و »وكالة إفريقيا للأنباء » و »الإذاعة والتلفزة ». وامتنعت كل الصحف التونسيّة باستثناء الشعب نشر بلاغ الاتحاد المتعلّق بالمؤتمر الأول والثاني ». ونفس الصحفيين اليوم يحاولون بعث نقابة موازية في إطار مشروع تحويل جمعية الصحفيين إلى نقابة مهنيّة.     افترضنا صمود أعضاء المكتب التأسيسي وحسن تسييرهم للنقابة   خيّبت هذه الفرضية آمالنا إذ لم يتحلّ أغلب أعضاء المكتب التأسيسي بأي شكل من أشكال الصمود، فلم تمر سنة واحدة على تأسيس النقابة حتى طغت عليها ظاهرة الاستقالات الفرديّة، خاصة بعد مشاركة رئيس النقابة السيد لطفي حجي في إضراب جوع 18 أكتوبر، إضافة لإعلان عبد السلام جراد عن رغبته في تأسيس نقابة عامّة للصحفيين، والتي خلقت أزمة خلافيّة بين الراغبين في تحويل وجهة النقابة للاتحاد العام التونسي للشغل والرافضين لهذا المشروع، وانتهى الأمر باستقالة آمال البجاوي وصالح عطيّة ومحمد معالي ليصبح المكتب التأسيسي مقتصرا على السيدين محمود الذوادي ولطفي حجي.   أمّا عن التسيير الديمقراطي والتشاوري من قبل من تبقى من المكتب التأسيسي فعلى ما يبدو فإنّ هذه المسألة هي السبب الرئيسي لكل الأزمات التي تمر بها النقابة اليوم، وهو ما أكّدته تبريرات استقالة أغلبيّة أعضاء المكتب التأسيسي. إضافة لذلك عبّر لنا العديد من الصحافيين ولاسيما الفئة التي وقفت مع النقابة ومع المكتب التأسيسي منذ بدايته وشاركته كل الأزمات التي مرّ بها أنه تم تهميشهم وإقصائهم في أخذ القرارات، واحتكار أهم المعلومات التي تخص النقابة. فمثلا، الإعلان عن عقد المؤتمر الأخير للنقابة (28 أكتوبر 2007)، العديد منهم لم تصله الدعوة بمن في ذلك صاحب المقال. كما أنّ الرسالة الإلكترونيّة التي وصلت البعض منهم لم يحدّد فيها تاريخ آخر أجل لتقديم الترشحات. كما لم يتم توضيح عبارة « الشروط القانونيّة » الواردة في دعوة الاتحاد العام التونسي للشغل للمشاركة في المؤتمر. كل هذه الأحداث والمعطيات تدفعنا للاعتقاد « بمصير مجهول لنقابة الصحفيين » تساهم السلطة بأكبر وأقوى قسط في صنعه إضافة إلى حسابات اتحاد الشغل السياسية وتخاذل الصحافيين التونسيين أنفسهم واختيارهم موقع التابع أبدأ وارتباك مؤسسي النقابة أمام التحديات التي واجهتهم.   (المصدر: مجلة « كلمة » (اليكترونية – شهرية)، العدد 57 لشهر نوفمبر 2007)


إمضاء على عريضة

 
المرجع: مقال الأستاذ محمّد عبّو « صنف آخر من الإهانة: المساس بالمشاعر الدينية للمواطنين »، الوارد على صفحات تونس نيوز بتاريخ 8 نوفمبر 2007.   النصّ: لأنّ الأستاذ محمّد عبّو لم يرفق المقال بعنوان بريدي تُوجّه إليه الإمضاءات، فإنّي أعلن مساندتي التامّة واللاّمشروطة لكلّ جملة بل لكلّ حرف ورد بالمقال، مؤكّدا على ما لم ينطق به الأستاذ محمّد الذي كان لبقا جدّا في اختيار مفرداته، وهو أنّ النّظام التونسي وثلّة من المنتسبين إلى ثقافة التردّي، ما انفكّوا يعملون على محاربة أغلب مظاهر التديّن وعلى تشجيع كلّ مظاهر الانحلال والتفسّخ الأخلاقي، ما يجعلهم – اقتنعوا أم لم يقنعوا، اعترفوا أم لم يعترفوا – عاملين ضدّ مصلحة البلاد وأهلها من المسلمين، إذ الجميع يدرك أنّ التقدّم والرقيّ إنّما يدرك بالأخلاق الحميدة والأمانة والكلمة الطيّبة ولا يدرك أبدا برديء الأخلاق والخيانة والعنف اللفظي. وليعلم النّظام التونسي – في الختام – وخاصّة الرّأس منه، أنّ الذي سبّ خالقه لن يقصّر يوما في سبّه هو، وبيعه والبلاد جميعا بدولار واحد في سوق « الفاتحين » … ثمّ أختم باستعمال سلاح المؤمن فأقول: اللهمّ – وقد بلغنا عن رسولك الأمين صلّى الله عليه وسلّم، وصدّقنا، أنّك قلت: « أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه » – اللهمّ، فإنّا نسألك أن تأخذ الظالمين المعتدين أخذ عزيز مقتدر ياعزيز يا مقتدر، وأن تريُنا فيهم عجائبك التي لا تحصى. اللهمّ اشلل اليد التي بطشت وكفرت بك وبأنعمك، واعقد اللّسان الذي شتمك وآذى عبادك أولي الغيرة عليك، واذهب المُلك الذي به ناقشوك ملكك، واقصم الجبّارين الذين نازعوك كبرياءك، يا رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما، يا الله!…   عبدالحميد العدّاسي، الدّانمارك


 

 

اطٌلي جحافلنا الغاليه

وزفي لنا خبر الطاغيه

أطلي وهبي بكل البلاد

وزفي الظلوم إلى الهاويه

أطلي فقد طال عمرالطغاة

وهبي كريح تكن عاتيه

أطلي فقد حان منك النهوض

اطٌلي جحافلنا الغاليه

وزفي لنا خبر الطاغيه

أطلي وهبي بكل البلاد

وزفي الظلوم إلى الهاويه

أطلي فقد طال عمرالطغاة
وهبي كريح تكن عاتيه
أطلي فقد حان منك النهوض
وحانت لنا الضربة القاضيه
***********
أطلي ونادي جموع البلاد
وزحفا فهذا زمان التناد
وهذا زمان الرجال الذين
يتوقون عزا إلى إستشهاد
يرومون جوعا يذل الطغاة
ويرقون فخرا إلى الأمجاد
**********
فيا  كل أرض البلاد أفيقي
شمالا شمالا وكل الجنوب
وحاصري كل الطغاة وضيقي
عليهم وحاصري كل الدروب
وهبي فذا صبحك  وأستفيقي
وثوري فهذا زمان الخُطوب
***********
أطلي أعيدي بذور الأمل
وقولي بأنٌ الظٌلوم رحل
وردي لخضرائنا الإبتسامه
وخلٌ الصٌباح يجيئ يطل
وفكيى القيود التي في يديك
وضمي لك شعبك ذا البطل
أطليٌ أتونس إنٌ الغريب
يتوق يراك قبيل الأجل
جمال الدين أحمد الفرحاوي لاهاي/هولندا في 06 نوفمبر 2005

 


 

 

بسم الله الرحمان الرحيم                                                       تونس في 2007/11/08

والصلاة والسلام على أفضل المرسلين                                 بقلم محمد العروسي الهاني

         الرسالة رقم 334                                             مناضل وطني وكاتب -رئيس شعبة الصحافة

     على موقع تونس نيوز                                        الحزبية سابقا

 

عهد الوفاء لصاحب الوفاء في عهد الوفاء

إننا براء من المتنكرين والتجار والسماسرة

الوفاء للماضي يفرض السمو في الأخلاق والممارسة والنزاهة في الأقوال والأعمال

إن في كل المجتمعات والأمم والشعوب الحية تقاليد وعادات وممارسات وسلوكيات وقيم أخلاقية نحو قادتها ورموزها وزعمائها وأبطالها ومفكريها وبعض الامم تصل إلى درجة تقدير واحترام رموزها إلى أعلى الرتب وبعضها يرفعون رموزهم إلى قمة المجد والوفاء وبعضهم يتمسكون على دوام عقود وبثوابت قادتهم ومؤسسي دولهم ومنهم من لا يساوم ولا يتاجر ولا يقبل خدش تاريخهم ورموزهم…ومنهم من يتمسك طيلة 84 سنة بثوابت الجمهورية التي أسسها زعيمهم وبعضهم يتحسرون على موقفهم في استفتاء شعبي أداء إلى استقالة رمزهم هذه جملة من أنواع الوفاء للعهد والوفاء للتاريخ والوفاء للرموز : والوفاء للقيم ولا يتجرأ واحدا منهم سواء في داخل البلاد أو خارجها التصريح بكلمة واحدة تخدش ماضيهم المجيد وتاريخهم الوطني الذي هو الكنز الثمين لشعوبهم والمرجع التاريخي لحياتهم والمكسب العظيم لتقدمهم والمحور الأصيل لاشعاع بلدانهم ولم نسمع في فرنسا مواطن خدش من الرمز الجنرال ديقول ولم نسمع أحد انتقد مصطفى كمال أتاتورك في تريكا ولم نشاهد مواطن في الهند شتم غاندي ونهرو ولم نقرأ خبر للتطاول على رمز وقائد مصر جمال عبد الناصر ولم نسمع مواطن من الجزائر انتقد هواري بومدين ولم نقرأ مواطن في المغرب ذكر ونطق بكلمة سوء ضد الملك محمد الخامس رحمه الله كل أمة تعتز بماضيها ورموزها وأبطالها وقادتها وهذا يعتبر شيء ايجابي ويؤكد على أصالة الشعوب ونضجها ووعيها وتربيتها ووفائها وهذا أيضا يعتبر مكسبا هاما ورصيدا ثمينا للشعوب والشعوب الواعية والوفية التي نقدر رموزها ومصلحيها ولم تتفوه الأفواه ولو بكلمة تخدش الأشخاص ففي تركيا لحد اليوم بعد 84 سنة على تأسيس الجمهورية التركية لا زال الشعب وإطاراته متمسكا بثوابت الجمهورية ومنذ أسبوع تم إحياء الذكرى 84 سنة لتأسيس الجمهورية رغم بعض المآخذ ودول عديدة لها نفس الاتجاه والسلوك والوفاء للعهد… وبدون تعليق. أما نحن في تونس ليس لدينا تقاليد راسخة وفي كل فترة ومرحلة تجد أشخاص ينسفون الماضي ويحاربون الرموز والزعماء ويسعون للتقليل من شأنهم وذكر السلبي حتى الأشخاص الذين كانوا في عهد الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة مؤسس الدولة وباني مجد تونس ومحرر الوطن هؤلاء الأشخاص بعضهم حتى من الشعراء انقلبوا على أعقابهم وارتدوا وتنكروا وقلبوا الفيستة لا نلوم على المعارضين الحاقدين..حيث هناك معارضين مسالمين نزهاء اعترفوا بجميل الزعيم الحبيب بورقيبة وبعضهم لازالوا حاقدين غاضبين وهناك شبان كانوا في الجامعة مشوّشين ومهرجين ومعارضين وفي فترة بورقيبة وجدوا الرحمة والحنان ولكن بعضهم مازال حاقدا… وبعضهم وجد في الشتم للماضي والرجم بالغيب وخدش التاريخ…والإساءة للزعيم الرمز وجدوا الآذان الصاغية والصحافة المكتوبة فتحت لهم أعمدتها للكتاسبة ضد الزعيم وحتى الشاعر والأديب أخذ قلمه وسهمه وجادت قريحته بأشعار تشتم الزعيم وتسب الماضي وتقدح الرمز وتذمّ الزعيم وتقول في أشعارها كلام لم يقله شاعر حتى  في عهد الاستعمار الفرنسي والصباح تنشر المقال وتدعمه بالشعر المهم أشتم الماضي وصاحب المقال عنده الحصانة لا حول ولا قوة إلا بالله متى تنتهي هذه المسرحية والفلكلور الشعبي وحتى يستحي هؤلاء ويعودون إلى رشدهم ومتى نقول لهؤلاء كفا كفا كفا والله كلامكم خجلنا منه وشعركم أدهشنا وتنكركم والله حيّرنا وبهتانكم والله دوّخنا لأن الزعيم لم يفعل معكم ومع الشعب التونسي إلا الخيروالإصلاح وضحى من أجلكم 60 عاما وذاق ألوان السجون والمنافي والأبعاد ولم يكسب من وسخ الدينا شيء ومات في دار الوالي ليس له حجرة ولا شجرة ودينار فهل بعد هذا نوع من النضال… حاسبوا أنفسكم يا سادة يا كرام والله لا تخرجون من هذه الدنيا إلا ووسمة العار تطاردكم إلى حفرة القبر إن شاء الله لأن بأفعالكم هذه ومن اجل حفنة من المال بعتم ضمائركم وشتمتم الأخيار قال الله تعالى : » ولنصبرنا على ما أذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون » صدق الله العظيم. ملاحظة : هناك فرق بين أشعار أحمد اللغماني الوفي للأخيار وغيره صاحب المنافع المادية قد نشر شعره يوم الاحد 2007/11/04 والله هذا عار خاصة خارج الاوطان…و اني سابحث على الاشعار التي قدمها صاحبنا في السابق و التي تمجد العهد السابق ثم نقارن بين الامس و اليوم وبدون تعليق

 

محمد العروسي الهاني

هـ : 22 022 354

 

 

 


 

 

 

أطفال للبيع

 

 

عدنان المنصر

وشروه بثمن بخس…

عدنان المنصر

أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة سوسة

 

 

أثارت قضية محاولة ترحيل أكثر من مائة طفل تشادي إلى فرنسا بدعوى أنهم من أيتام الصراع في دارفور موجة كبيرة من الاستياء في أوساط المنظمات الإنسانية الدولية وكذلك لدى كل من لم يتوقع أن تعمد منظمة تنشط في المجال الإنساني إلى محاكاة أساليب عمل منظمات الجريمة المختصة في اختطاف البشر والمتاجرة بهم.

 

لقد فتحت هذه القضية أبواب الجدل حول أساليب عمل المنظمات الإنسانية في إفريقيا على مصراعيها مجددا وبدا أن العمل الإنساني سيكون أكبر المتضررين. قد لا يكون الدفاع عن العمل الإنساني في هذه الظروف وفي المطلق أمرا حكيما، فالعمل الإنساني يخضع أيضا لقوانين الطبيعة والسياسة. وقد لا يكون الناشطون في هذا المجال ملائكة نسيتهم الآلهة على الأرض، غير أن ذلك ليس داعيا لإلقاء جميع الأطفال مع ماء الغسيل. ففي تشاد تنشط حوالي 80 منظمة إنسانية يقوم عدد كبير منها بجهد كبير من أجل مساعدة الشعب التشادي، والأمر ليس مقتصرا حتما على تشاد. هذا هو نوع الجدل الذي أراد إدريس ديبي أن يؤسس إليه عندما قام بإنجازه العظيم كاشفا تلك الجريمة البشعة في حق الطفولة التشادية المعذبة. كانت المسرحية ناجحة في نظر من لا يعرفون الوضع في تشاد: رئيس في فورة غضبه يهدد الجميع بأقسى التتبعات « مهما كانت جنسياتهم »، يربت على ظهور الضحايا ويغمرهم بحنان لم يخطر ببالنا أنه يملك منه شيئا. رئيس هصور يرتعد الجميع خوفا من احترامه للمؤسسات « التي يجب أن تقوم بدورها »، يضبط بالجرم المشهود بعض البيض الذين كادوا أن يحرموا وطنه من رجال الغد. المشهد مربك فعلا. فمعه تعود إلى الذاكرة أكثر الصور إيلاما: تجار الرقيق يشحنون بضاعة بشرية إلى بلاد بعيدة ليستغلوهم بعد أن ضمنوا ثمنا مجزيا. ولكن هيهات. فالعبيد تحرروا، وأصبح لهم الآن أب وزعيم يرفع لواءهم، ويضعهم تحت جناحه ويقف متحديا الجميع، بمن فيهم السادة البيض الذين اعتقدوا أن بإمكانهم إذلال شعبه الأبي.

 

المسرحية ناجحة فعلا، وريعها سيعود دون أدنى شك لمنتجها. وأول الغيث سيكون حتما تقييد نشاط الجمعيات العاملة في المجال الإنساني. قد يكون ذلك نتيجة طبيعية لفضيحة الترحيل، ولكن لنمعن النظر قليلا. فتشاد التي تحرقها الحرب الأهلية والديكتاتورية منذ استقلالها تمثل عقدة أساسية من عقد الصراع في وسط إفريقيا، ذلك الصراع المتصل في آن واحد بالحرب في دارفور وبالحرب على الإرهاب. ونتيجة لذلك فقد انخرطت حكومة إدريس ديبي في مسار يهدف إلى تأجيج الصراع في دارفور بمساندة وتسليح العشائر المنتفضة ضد الخرطوم، فساعدت على تجنيد اللاجئين في المخيمات المقامة على أراضيها في الحركات المسلحة الدارفورية. وليس للمسألة علاقة بحق الشعوب في تقرير المصير، فإدريس ديبي انخرط بذلك في صراع عرقي يتجاوز السودان، حيث أنه يواجه هو الآخر مجموعات مقاتلة تدعمها الخرطوم وتتخذ من شرقي البلاد معقلا لها. وتختلط في هذا الصراع عوامل عديدة، عرقية وقبلية ودينية وإستراتيجية ونفطية. وقد أدت الأوضاع في دارفور وطريقة ديبي في التعامل معها في استيطان عشرات المنظمات الإنسانية الدولية للمنطقة حيث لم تعد تراقب ما يفعله الجنجويد فقط ل أضحت شاهدا مزعجا عما ترتكبه القوات النظامية التشادية من عمليات ضد سكان المنطقة الشرقية من البلاد، حيث تقوم مثل القوات المتمردة عليها تماما، بتجنيد الأطفال وإرسالهم إلى الجبهات للموت. لذلك فإن ديبي الذي وافق مكرها على قدوم قوات أوروبية في ديسمبر 2007 إلى شرق تشاد سيكون في موقع شديد الحرج عندما تصبح الانتهاكات التي تقوم بها قواته ضد المدنيين في شرق البلاد تحت طائلة المحاسبة المباشرة. هل استبق ديبي ذلك بمسرحيته؟ الفكرة واعدة بالنسبة إليه، فهي تمكنه في الوقت نفسه من الظهور بمظهر المدافع عن الطفولة البريئة التي يتهم بإرسالها وقودا لحرب طاحنة، ومظهر المدافع أيضا عن شرق البلاد الذي يمقته ويمقت حكمه، كما أنه يقيد عمل المنظمات الإنسانية التي كانت باستمرار تفضح أساليبه ضد معارضيه، وتضع القوات الأوروبية في موقع شديد الحرج حتى قبل حلولها بالبلاد. أما فرنسا، فستدفع فيما يبدو الثمن الأكبر. سينقلب اتجاه البخار فيما يبدو، ويصبح المضغوط عليه ضاغطا. لن يكون بإمكان برنارد كوشنير بعد اليوم إعطاء دروس لأحد حول حقوق الإنسان، وستسقط ادعاءاته بحق التدخل الإنساني في مواطن النزاع ولو كرهت الحكومات. لن يكون بإمكان الفرنسيين، مثلما فعل شيراك أخيرا، التهديد بسحب القوات الفرنسية التي تحمي نظام ديبي بمناسبة أو بغير مناسبة. وسيطير إليه المكوك ساركوزي مثلما طار سابقا إلى طرابلس في قضية أطفال الإيدز الليبيين، فحل في عشر دقائق مشكلة استعصى حلها سنين عددا.

لنعد إلى أطفال تشاد. لم يكونوا أيتاما فيما يبدو، بل أبناء عائلات فجعت بفقدهم وبحثت عنهم دون شك وربما توقفت في لحظة ما عن البحث خوفا من أن يكون اختفاء أبنائها « ضرورة وطنية ». هل بحثت عنهم حكومة ديبي؟ ماذا فعلت من أجل أقرانهم منذ تسلم الجنرال ديبي الحكم بعد انقلاب ديسمبر 1990؟ ماذا فعلت من أجل آبائهم وأمهاتهم الذين تطحنهم الأمراض والمجاعات والحروب؟ إدريس ديبي في الحكم منذ حوالي العقدين، ولا يبدو أنه يعتزم الرحيل قريبا. فقد نسج علاقات مصلحة قوية مع الشركات الأمريكية المستثمرة في بترول تشاد وانخرط إلى جانب البنتاغون في الحرب على الإرهاب مغازلا في الوقت نفسه طرابلس والجزائر. ما هو دور هذه المعطيات في تمسك القوى الكبرى بحكم إدريس ديبي وغضها الطرف عن انتهاكاته لحقوق مواطنيه وقمعه الصحفيين وتزييفه للانتخابات (1996 و2001) واستغلال الحرب الأهلية لتصفية معارضي حكمه؟ إنه يشعر دون شك أنه يقوم بدور مهم وأنه لا يمكن التخلي عنه.

 

لننظر الآن للأمر من زاوية أخرى. لو قدر لهؤلاء الأطفال أن يعيشوا بالرغم عن سوء التغذية والأوبئة والحروب وبلغوا سن الشباب، هل سيشكرون ديبي أم سيلومونه؟ أغلب الظن أنهم لن يكونوا سعداء هم وعائلاتهم. فقد حرمهم من حيث لا يدري من فرصة الانتقال إلى « الفردوس الأوروبي » بعد أن كادوا يصلون إليه لبداية حياة جديدة. سيتوجب عليهم أو على بعضهم آنذاك أن يدفعوا لوسطاء الهجرة السرية من أجل قطع نفس المسافة، وربما انتشلت جثث بعضهم في الأطلسي أو في المتوسط. سيكرهون إدريس ديبي أكثر وأكثر وسيرون أنهم كانوا عملة مقايضة سياسية تتجاوز أحلامهم الصغيرة وأنه باعهم بثمن بخس من أجل مصلحة نظامه.  لينتظر أهلهم الآن وقد وقع ما وقع أن تعمل المؤسسات. سيهتم القضاء بالأمر كما كان يفعل دائما. لقد أقسم ديبي أنه لن يتدخل في عملهم. ومن يعرف ديبي يعلم أنه « الصادق الأمين » الحريص على مؤسسات دولة المؤسسات. ألم يخطب في التشاديين عند دخول قواته إلى نجامينا في ديسمبر 1990 أنه « لم يأتهم لا بالذهب ولا بالفضة وإنما بالحرية »؟

 في الوقت نفسه بدأ الوسطاء، الذين فقدوا آخر ذرة حياء، يعرضون خدماتهم مستندين إلى « نجاحاتهم » السابقة، عندما شغلوا شعوبهم بقضية مشابهة للوصول إلى أهداف مشابهة. أما الأوروبيون، فلا يمكن أن نتوقع منهم أن يحترموا ذلك القضاء، وسيدخلون اللعبة ويمزجون الضغط بالترغيب مثلما يحسنون فعل ذلك دائما. أما الأطفال، يتامى دولهم وحكوماتهم، فسيعانون ويموتون طيلة حياتهم، صغارا وشبانا وكهولا، جوعا أو غرقا أو حربا أو بالإيدز،وما بدلوا تبديلا.  

 

مقال صادر بالعدد 426 من صحيفة الموقف التونسية بتاريخ 9 نوفمبر 2007

 

 

 


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.