الخميس، 30 أغسطس 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2655 du 30.08.2007
 archives : www.tunisnews.net
 

 


 

 الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: أخبار موجزة الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بــــــلاغ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بيان للرأي العام المجلس الوطني للحريات بـتونس: نـــعــي الحزب الديمقراطي التقدمي: بيـــــــا ن مسعود الرمضاني:القيروان : تجمع واحتجاج  أولياء التلاميذ الموجهين للإعدادية النموذجية بسوسة الحياة: وفد من الكونغرس الأميركي في تونس يو بي أي:صحيفة تونسية تنتقد بشدة إزدواجية معايير الغرب بشأن حقوق الإنسان رويترز: صحفية تونسية تندد باحتجاز ايطاليا بحارة تونسيين بتهمة التهريب

يو بي آي: أكثر من نصف شباب تونس يمارسون الجنس قبل الزواج ع.ر: استئناف الحملة على المحجبات في تونس عبد الرحمان الدريدي: غربان التطبيع تنعق من جديد: ان لم تستحوا فانعقوا كما تشاؤون د. خــالد الطــراولي: الخلاص الفردي والسؤال المُغيَّب: مشــوار أم استقـرار؟ عزالدين شمام: من بوابة الشرعية لا من البوابة الامنية محمد عمامي: حول الوضع في الإتحاد العام التونسي للشغل – لجان النظام محاكم قهر يجب حلها ! مرسل الكسيبي: بين العدالتين: مراجعات كبرى تنتظر الحركة الاسلامية التونسية تونسي: كفى تكفيرًا سلوى الشرفي: حول مصادر السيد إحسان العافي جمال الدّين يمّن: التّعريب: قضية أمّ محمد العروسي الهاني: خواطر حول حلقات الحوار التلفزي بقناة المستقلة هذه الأيام حول زمن بورقيبة د. محمد الهاشمي الحامدي: خالد بن الوليد وقصته مع مالك بن نويرة د. رجاء بن سلامة: عن العلمانيّة باعتبارها مبدأ توحيد ومساواة بين المختلفين د. رفيق عبد السلام  :هل ثمة شيء اسمه الثقافة الديمقراطية؟ زهير الخويلدي :مدى قابلية أنموذج العدالة والتنمية للإنتشار العربي نـــادر: ملاحظات عن نشرية تونس نيوز وأسلوب بعض المحررين فيها


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين

أخبار موجزة

تونس في : 29 أوت 2007

 

 1 ) تردي الأوضاع الصحية للسجين السياسي بشير اللواتي :

 يعاني السجين السياسي بشير اللواتي المقيم حالياً بسجن الناظور وضعاً صحياً متردياً بسبب اصابته بضغط الدم ، و قد عرفت حالته الصحية مزيدا من التدهور بعد إصابته بالربو نتيجة انعدام أبسط الظروف الصحية و الاهمال الصحي بسجن إيقافه  ،  وقد أغمي عليه يوم 22 جويلية 2007  فقامت إدارة السجن بنقله إلى مستشفى الحبيب بوقطفة ببنزرت حيث وقع الاحتفاظ به لمدة ثلاثة أيام . ورغم إشارة الطبيب إلى أن حالة بشير اللواتي لم تعد تحتمل الظروف غير الصحية وما يعانية منذ مدة من إهمال ، فإن هذه النصيحة لم تؤخذ من لدن السلطات المعنية بعين الإعتبار ، إذ وقع إرجاعه إلى سجن إيقافه لمواصلة قضاء مدة العقاب . و السيد بشير اللواتي بصدد قضاء عقاب بالسجن مدة سبعة وأربعين عاماً بسبب انتماءه الى حركة النهضة  و هو موقوف منذ  منذ ما يزيد عن خمسة عشرة عاما ، و قد تعرض أثناء إيقافه الى تعذيب شديد في مخافر الشرطة  .

2 )  البوليس السياسي يعتدي بالعنف على زهير مخلوف  :

عند منتصف نهار يوم الجمعة 24 أوت قام أربعة أعوان أمن يرتدون الزي المدني بإعتراض السجين السياسي السابق السيد زهير مخلوف بعد خروجه من مقر الحزب الديمقراطي التقدمي و ذلك بينما كان يهم بركوب سيارة رئيس الجمعية السابق الأستاذ محمد النوري و اعتدوا عليه بالعنف الشديد وسط السيارة وكان ذلك على مرأى ومسمع من الأستاذ النوري وإبنه .

3) تعرض عائلة السجين السياسي السابق حاتم زروق الى هرسلة أمنية  :

قام مركز شرطة المروج 2 باستدعاء عائلة السجين السياسي السابق حاتم زروق و هم  زوجته سهام النجار وإبنته بلقيس زروق (18 سنة) وإبنه شعيب (17 سنة) لأخذ إفاداتهم في الشكوى التي تقدم بها أحد أعون الأمن ضد بلقيس زروق (18 سنة) يدعي فيها أنها اعتدت عليه بالعنف ، وتجدر الإشارة إلى أن عددا من أعوان الأمن السياسي كانوا قد اعترضوا طريق عائلة زروق يوم 24 أكتوبر 2006 و إعتدوا عليهم بالعنف الشديد مما خلف للزوجة و الأبناء المذكورين أنفاً أضراراً جسيمة ، وقام على إثر ذلك محامي العائلة بتقديم شكوى في الغرض ضد السيد صلاح الدين البوغانمي ومن سيكشف عنه البحث .

4 ) – تواصل المضايقات الأمنية على عائلة المرحوم الهاشمي المكي :

 قام أعوان أمن بمدينة المنستير  صبيحة يوم 25 أوت 2007 باقتياد الشاب حامد المكي إبن المرحوم الهاشمي المكي الذي كان يقضي أيام عطلته الصيفية هناك في ضيافة زوج أخته وقاموا في منطقة أمن مدينة المنستير بإسنطاقه وسؤاله عن كيفية الصلاة وأمروه بالجلوس  جاثياً على ركبتيه ، مهددين إياه بإستعمال وسائل عنيفة إن هو لم يجب عن سؤالهم إلى أيّ خلية ينتمي ، وقد إستغرق إستنطاقه من الساعة الحادية عشر إلى الساعة الثالثة ونصف من بعد زوال يوم السبت ، وتجدر الإشارة إلى أن أعوان أمن منزل بورقيبة كانوا قد قاموا منذ  حوالي سنة بإستنطاقه عدة مرات و لا يخفون رغبتهم في التربص به من أجل الزج به في السجن .

5 ) منع الأستاذ محمد عبو من السفر  :

 قامت السلطات التونسية يوم 24 أوت الحالي بمنع عضو الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين الأستاذ محمد عبو من السفر إلى لندن عيث كان مدعوا من طرف قناة الجزيرة للمشاركة في برنامج حول وضع حقوق الإنسان في تونس. متعللة بأن الأستاذ عبو يخضع لتراتيب السراح الشرطي التي لا تخول له السفر إلى الخارج .

 

6 ) إدارة سجن المهدية تعتدي على السجين بلال المرزوقي :

 يشن السجين السجين السياسي بلال بن عبد الله بن محمد المرزوقي الموقوف بسجن المهدية إضرابا عن الطعام منذ 13 أوت 2007 و ذلك احتجاجا على نقله يزم 12 أوت من سجن برج العامري الى سجن المهدية الذي يبعد مئات الكيلومترات على مقر سكنى والديه و للاحتجاج على قيام ادارة سجن المهدية بحجز الكتب التي كانت بحوزته أثناء وجوده بسجن برج العامري . و قد لجأت ادارة سجن المهدية إلى تجنيد عشرات الأعوان الذين قاموا بتقييده و الاعتداء عليه بشكل وحشي مما أدى إلى إلحاق أضرار بدنية متفاوتة به ، كما وقع وضعه بالحبس الانفرادي و حرمانه من زيارة أهله الذين لم يتمكنوا من مقابلته منذ حوالي أسابيع . و قد تحول محاميه لزيارته يوم السبت 18 أوت 2007 الا أن ادارة السجن و في خرق واضح للقانون منعته من مقابلة منوبه بدعوى  » أنه لا يرغب في رؤية أي كان  » ، و قد عاد محاميه لزيارته مجددا يوم 22 أوت 2007 و تمكن من مقابلته و أعلمه بظروف الاعتداء الذي تعرض له كما أعلمه أنه لم يتم اعلامه يوم 18 أوت بحضور محاميه لمقابلته ، و قد لاحظ محاميه أنه لا يزال يحمل آثار الاعتداء بمختلف أنحاء بدنه . و قام محاميه بتاريخ 23 أوت 2007 بالتوجه الى وكالة الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بالمهدية لتسجيل شكاية من أجل التعذيب ضد مدير سجن المهدية الا أن كتابة المحكمة رفضت تمكينه من وصل في ذلك كما رفضت تضمين شكايته .

                                        

عن الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين

المنسق : المختار اليحياوي

 

 

أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين

 

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين

33 نهج المختار عطية 1001 تونس

الهاتف /الفاكس:71354984

Email: aispptunisie@gmail.com

 

تونس في 30/08/2007

 

بــــــلاغ

 

 

* منع البوليس السياسي يوم الاثنين 27/08/2007 الدكتور الصيدلي السيد زياد الدولاتلي من دخول مكتب الأستاذ محمد النوري الكائن بنهج المختار عطية عدد 33 تونس وهو ما دعا الأستاذ محمد النوري المحامي لدى محكمة التعقيب ورئيس الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين للنزول إلى باب العمارة التي يقع بها المكتب لاستفسار الأمر فوقع إشعاره بحضور حريفه المذكور بأن أوامر صدرت لهم من وزارة الداخلية تقضي بمنع الدكتور زياد الدولاتلي بجميع الوسائل من دخول المكتب. و تجدر الإشارة إلى أن السيد زياد الدولاتلي سبق له أن كلف الأستاذ محمد النوري بالقيام بقضايا في استخلاص بعض الأموال المتخلدة بذمة أشخاص تحيّلوا عليه.

والدكتور زياد الدولاتلي هو مسؤول سياسي في حركة النهضة وسجين سياسي سابق قضى بالسجن مدة 15 سنة من أجل انتمائه للحزب المذكور وهو الآن عضو ناشط في هيئة 18 أكتوبر للحقوق   والحريات.

 

*   اعتدى رجال البوليس السياسي يوم 24 أوت 2007 على السيد زهير مخلوف عضو الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين إثر الزيارة التي قام بها لمقر الجمعية و قد حاول بعض أعوان البوليس السياسي – الذين قاموا بملاحقته إلى مقر الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين و ترقب خروجه منه- إنزاله بالعنف من سيارة امتطاها دون أن يتمكنوا من ذلك.

 

*   علمت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أن السجين السياسي السيد بلال بن عبد الله بن محمد المرزوقي الموقوف بالسجن المدني ببرج العامري على ذمة القضية الجنائية المنشورة بالمحكمة الابتدائية بتونس تحت عدد 11432/06 و المتهم فيها بانتمائه إلى مجموعة سلفية وقعت نقلته بتاريخ 12 أوت 2007 إلى سجن المهدية و بمجرد وصوله إلى سجن إيقافه الجديد بالمهدية عمدت إدارة السجن المذكور إلى حجز جميع الكتب التي كانت بحوزته و رفضت إرجاعها إليه و أمام احتجاجه عمد عدد كبير من أعوان السجن الى الاعتداء عليه بالعنف الشديد بواسطة الهراوات في أماكن عديدة من جسمه تحت إشراف مدير السجن والملازم عماد . و قد تكفل محاميه الأستاذ سمير بن عمر بتقديم شكاية إلى وكالة الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بالمهدية و المطالبة بفتح بحث ضد مدير السجن و كل من سيكشف عنه البحث من أجل التعذيب.

 

رئيس الجمعية

الأستاذ محمد النوري

 

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين

بيان للرأي العام

تونس في 30 أوت 2007

 
نشرت بعض المواقع التونسية المعارضة بيانا منسوبا للجمعية الدولية للمساجيين السياسيين بإمضاء رئيسها السابق الإستاذ محمد النوري و يهم الجمعية الدولية للمساجين السياسيين أن تقدم للرأي العام التوضيحات التالية: إولا – أن السيد محمد النوري الرئيس السابق للجمعية وقعت إزاحته من رئاسة الجمعية كما وقع الإعلان عنه في إبانه و قد تمت هذه الإزاحة بإجماع أعضاء المكتب التنفيذي للجمعية و دون اعتراض أي عضو من أعضائها. ثانيا – أن الجمعية الدولية لمساندة المساجين للسياسيين لم ترغب في كشف الأسباب الحقيقية التي دعتها لاتخاذ مثل هذا القرار الإستثنائي و الخطير خارج الدائرة الضيقة لأعضائها رغبة منها في تجاوز مسبباته بما يبدو أنه لم يساهم سوى في تعنت رئيسها السابق و جريه وراء فرض وصايته عن الجمعية و مواصلة التحدث باسمها سواء لدى وسائل الإعلام أو عن طريق البيانات المختلقة التي تصدر من مكتبه بما يجعل الجمعية في حل من موقف التحفظ الذي لازمته لحد الآن تجاهه و تلتزم بإنارة الرأي العام لاحقا عن مختلف خلفيات القرار الصادر بتحوير هيئتها التنفيذية. إن الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين بقدر ما تتفهم موقف بعض المواقع الخاصة المغتربة بنشرها مثل هذا البيان تتعجب من إقدام حزب معارضة قانوني بالمبادرة في نشره. و الجمعية الدولية لمساندة المساجيين السياسيين التي تعودت على التعامل معها بسوء النية المبيتة مع القائمين على المنابر الإعلامية للحزب الديموقراطي التقدمي تذكر القائمين على هذا الحزب بأنه كان أولى بهم الكنس أمام واجهة حزبهم على محاولة التشكيك في تماسك الجمعية و زرع الفتنة في صفوف أعضائها. و إذا كان فعلا يهمهم ما يتعرض له السجين السياسي السابق زياد الدولاتلي من مضايقات فما الذي يمنعهم من إصدار بيانهم الخاص للتضامن معه و التنديد بما يتعرض له من مضايقات وهو شريكهم في جبهة 18 جانفي التي استولوا عليها لتمرير أجندتهم. هذا من جهة و من جهة أخرى إذا كانت قد أخذتهم الحمية إثر الإعتداء على منتسبهم زهير مخلوف و هو الذي إعتدي عليه بشراسة لم يتعرض لها غيره إثر حضوره الندوة الصحفية الأخيرة لحزبهم قصد تجريده من كاميرا التصوير التي سجلت ندوتهم فما بالهم أقاموا الدنيا و لم يقعدوها بخصوص ما حصل في نفس اليوم للصحفي الشاب أيمن الرزقي بينما تجاهلوا زهير مخلوف وأهملو مجرد ذكر ما تعرض له؟ إن الجمعية الدولية بقدر حرصها على استقلاليتها تجاه السلطة تؤكد أنها حريصة عليها و بنفس القدر تجاه مختلف الأحزاب و الحركات السياسية مهما كان حجمها أو نوعها و أنها لا و لن تخضع لأحد في الإضطلاع بدورها في الدفاع عن أهدافها و التأسيس لمجتمع مدني حر فاعل و مستقل بأتم معنى الكلمة. عن الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين المنسق : المختار اليحياوي

 


تعليق هيئة تحرير تونس نيوز:

 

يبدو من خلال البيانين الواردين علينا أن هناك « خلافا ما » داخل صفوف الجمعية الدولية للمساجين السياسيين.

ونحن باعتبارنا جهة إعلامية محايدة وغير مقيمة داخل الوطن لا نريد الدخول بأي شكل من الأشكال في هذا الخلاف الذي لا نعرف تفاصيله أو أسبابه لذلك نرجو من جميع الأطراف المعنية تحمل مسؤولياتها وتوضيح حقيقة الموقف بكل شفافية للرأي العام حتى تتحدد هوية المسؤولين الشرعيين عن الجمعية التي تحولت – بفضل الله تعالى ثم بفضل جهود كوكبة من المناضلات والمناضلين الوطنيين الأخفياء – في ظرف وجيز إلى عنصر أساسي في المشهد الحقوقي التونسي وإلى أداة حيوية لإبلاغ صوت المظلومين والمقهورين والمسجونين والمعذبين التونسيين إلى العالم.

أفيدونا من فضلكم ومع الشكر سلفا


المجلس الوطني للحريات بـتونس 

تونس في 29 أوت 2007 

نـــعــي

 

ينعى المجلس الوطني للحريات بتونس الأستاذ المحامي محسن ربيع عضو المجلس الوطني للحريات الذي وافاه الأجل يوم الأربعاء 29 أوت 2007 بجرجيس عن سنّ تناهز 40 سنة بعد صراع مرير مع المرض.

 

باشر الفقيد مهنة المحاماة سنة 1992 في مدينة جرجيس وقد تولّى منصب نائب رئيس جمعية المحامين الشبان. وقد عرف بانخراطه في الدفاع عن قضايا الحريات وأبرزها قضيّة شبّان جرجيس سنة 2003.

 

وإذ يترحّم المجلس على رُوح الفقيد الطاهرة فإنـّه يتوجه بأحر التعازي إلى كافة أفراد عائلته وأصدقائه وزملائه. متمنّين لهم جميل الصبر والسلوان.

 

عن المجلس

الناطقة الرسمية

سهام بن سدرين


 

الحزب الديمقراطي التقدمي 10 نهج آف نوهال – تونس الهاتف: 71 332 194 بيــــــــــــــــا ن تونس في 29 أوت 2007

 تعرض الأستاذ أحمد نجيب الشابي الأمين العام السابق للحزب الديمقراطي التقدمي و الشخصية الوطنية المعروفة إلى اعتداء سافر من قبل أعوان الأمن تمثل في منعه من الالتقاء ببعض أعضاء الحزب حول فنجان شاي بأحد مقاهي شاطئ مدينة نابل مساء الأربعاء 29 أوت الجاري. وبلغ الأمر حد تهديد صاحب المقهى بغلق المحل إذا لم يطلب من الجالسين الإنصراف ففضلوا الإنتقال إلى رمال الشاطئ رأفة بصاحب المحل. لكن الأعوان لم يتورعوا مُجددا عن اقتحام حرمة اللقاء الخاص طالبين من الجمع الإنصراف ولما رفضوا الإذعان جلب الأعوان كراسي إلى الرمال وجلسوا عليها مُطوقين الجمع ومُسببين له مُضايقة لصيقة. والأخطر من كل ذلك أن الأمر وصل حد خلع سيارة الأخ نجيب الشابي لما كان موجودا مع أصدقائه. إن هذا السلوك الأخرق يشكل اعتداء موصوفا على الحرية الفردية والحرمة الشخصية للأستاذ و رفاقه وهو إلى ذلك يمثل سابقة خطيرة واستهدافا إجراميا مخلا بقواعد التعامل السياسي وأخلاقياته يتجاوز شخص الأخ الشابي ليطال رمزيته السياسية والحصانة الأخلاقية والسياسية التي اكتسبها بفضل نضاله الطويل، وليمس أيضا مواقف الحزب الديمقراطي التقدمي الرافضة للرئاسة مدى الحياة ولحملة المبايعة ويستهدف سعيه الدؤوب من أجل تجميع الجهود والطاقات لكسر طوق الجمود السياسي ورفض استمرار احتكار الحزب الحاكم للحياة العامة في أفق استحقاق 2009. إن الحزب الديمقراطي التقدمي إذ يندد بشدة بهذا الاعتداء فإنه يحذر من المنحدر الذي وصلت إليه الأمور ومن تهديد الحياة الخاصة للمعارضين والنخبة الديمقراطية عموما، ويؤكد أنه مجند لتحمل  كامل مسؤولياته الوطنية في هذه الظروف الدقيقة، وأن استهداف رموزه ومناضليه لن يثنيه عن المضي قدما في النضال من أجل إنهاء حالة الاستبداد وتحقيق الإصلاحات السياسية والدستورية الملحة.                                                                                              الأمينة العامة                                                                                         مية الجريبي

 

 


 

القيروان : تجمع واحتجاج  أولياء التلاميذ الموجهين للإعدادية النموذجية بسوسة

 
تجمع عدد هام من أولياء التلاميذ الموجهين للإعدادية النموذجية بسوسة  أمام الإدارة الجهوية للتعليم اليوم 30 أوت 2007، احتجاجا على رفض السلط وطنيا وجهويا تمكين أبنائهم البالغين من العمر بين 11 و12 سنة من الدراسة بالقيروان  وتوجيههم للدراسة بمدينة سوسة– ولدى استقبالهم من المدير الجهوي للتعليم بالقيروان ، الذي استقبلهم بحضور الكاتب العام للاتحاد الجهوي  والكاتب العام للنقابة الجهوية  للتعليم الثانوي ورئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بالقيروان، أكد الأولياء على: – رفضهم إرسال أبنائهم إلى سوسة للدراسة نظرا لصغر سنهم وحاجاتهم لذويهم في هذه السن الحرجة مع تمسكهم بحق أبنائهم في الدراسة في القيروان التي تتوفر فيها امكانيات عديدة لتدريس هؤلاء الاطفال . – استيائهم من عدم  رد السلط على العرائض التي بعثوها إلى مختلف الدوائر المسؤولة و عدم آلائها ما تستحق من أهمية وكانوا قد أرسلوا عرائض في هذا الشأن مرتين إلى     رئاسة الجمهورية ، وزارة التربية ، ولاية القيروان والإدارة الجهوية للتعليم ، مطالبين فيها بإيجاد حل يسعف أبنائهم من عذاب التنقل إلى مدينة سوسة مع ما يصاحب ذلك من ضغط نفسي وعاطفي سيكون له التأثير السلبي على نتائجهم. – استغرابهم رفض وزارة التربية تمكين أبنائهم من الالتحاق بالمعهد النموذجي بالقيروان كحل عاجل في انتظار استكمال بناء الإعدادية النموذجية في حين أن هذا الحل قد وقع العمل به في نابل حيث تراجعت وزارة التربية والتكوين عن إرسال هؤلاء التلاميذ للدراسة بتونس المدينة وألحقتهم بالمعهد النموذجي بنابل. وقد وعد المدير الجهوي بدراسة هذا الملف ومحاولة إيجاد حل خلال الأيام المقبلة. أما الأولياء فقد جددوا التأكيد على  أنهم سوف يواصلون احتجاجهم على ما يعتبرونه مظلمة في حق أبنائهم، إلى ذلك أكد الدكتور فتحي العامري، ولي ورئيس قسم طب الأطفال بمستشفى ابن الجزار أن  » ضغط الامتحانات على الأطفال قد سبب الكثير من العوارض المرضية – ألام المعدة ، التقيؤ وجريان الجوف  – وانه عالج العديد من هذه الحالات بالمستشفى وان إضافة عامل فراق العائلة في هذه السن المبكرة لن يزيد هذا الوضع إلا سوء و سينعكس سلبا على الصحة والنتائج. » مسعود الرمضاني


تعيينات جديدة بمؤسستي التلفزة والإذاعة

 

جاء في بلاغ لوزارة الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين انه تم تعيين السادة والسيدة :

 

– المنصف قوجة: رئيسا مديرا عاما لمؤسسة التلفزة

 

– منصور مهني:رئيسا مديرا عاما لمؤسسة ا لإ ذاعة

 

– زهير القمبرى: مديرا لقناة تونس 7

 

– حمادي عرافة: مديرا لقناة تونس 21

 

– المولدي الهمامي: مديرا للإذاعة الوطنية

 

– رضا بوقزي: مديرا للإذاعة الدولية

 

– نبيل المؤدب: مديرا لإذاعة المنستير

 

– عز الدين العمري: مديرا لإذاعة تونس الثقافية

 

– الفة الشرقي : مديرة لإذاعة الشباب

 

(المصدر: موقع « أخبار تونس » (رسمي) بتاريخ 30 أوت 2007)

 


وفد من الكونغرس الأميركي في تونس

تونس – الحياة    

 

يزور وفد من مجلس النواب الأميركي بقيادة النائبة شايلا جاكسون لي تونس اليوم ويجري محادثات مع مسؤولين حكوميين. وقالت مصادر أميركية إن الوفد سيجتمع قبل ظهر اليوم مع رئيس الوزراء محمد الغنوشي ووزير الخارجية عبدالوهاب عبدالله في زيارة قصيرة تستغرق بضع ساعات «للبحث في آفاق تطوير العلاقات وبعض القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

 

وهذا رابع وفد من الكونغرس يزور تونس خلال أقل من ثلاثة شهور. وكان وفد مؤلف من عشرة نواب بقيادة النائب الديموقراطي جون تانر والجمهوري بول غيلمور زار تونس يومين في إطار جولة شملت أيضاً المغرب والبرتغال، كما زار وفدان عسكريان أميركيان البلاد في الشهرين الماضيين.

(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 30 أوت 2007)


 

صحيفة تونسية تنتقد بشدة إزدواجية معايير الغرب بشأن حقوق الإنسان

 
تونس / 30 اغسطس-اب / يو بي أي: انتقدت صحيفة تونسية بشدة ما وصفته بإزدواجية معايير الغرب بشأن حقوق الإنسان،وذلك على خلفية إعتقال السلطات الإيطالية لعدد من البحارة التونسيين بحجة تهريب المهاجرين غير الشرعيين. وقالت صحيفة الشروق المستقلة في مقال لرئيس تحريرها عبد الحميد الرياحي بعنوان « قضية بحارتنا المحتجزين في إيطاليا: حين يسقط أساتذة الديمقراطية وحقوق الإنسان في الإمتحان »،إن « الأساتذة المجتهدين في إعطاء الدروس في حقوق الإنسان والديمقراطية هم تلاميذ فاشلون حين يتعلق الأمر بمواطنين غير أوروبيين أو عرب تحديدا ». وتساءلت الصحيفة « ماذا كان سيحدث لو أن السلطة التونسية هي التي أوقفت بحارا إيطاليا تعمّد الصيد في المياه الإقليمية التونسية،وهي مخالفة تتكرر على مدار العام،ألم تكن الدنيا لتقوم ولا تقعد في عرف هؤلاء المتشدقين بالديمقراطية وحقوق الإنسان في الغرب؟ ». واعتبرت أنه من الحق الشعب التونسي الحصول على أجوبة لمثل هذه الأسئلة من « المتباكين على حقوق الإنسان،أولئك الذين سقطوا ويسقطون في كل إمتحان حقيقي سواء تعلق الأمر بقضية عادية أو سياسية،لأنهم أساتذة فقط في إستعمال المكاييل والموازين المزدوجة ». يشار إلى أن السلطات الإيطالية تحتجز منذ الثامن من الشهر الجاري سبعة بحارة تونسيين بتهمة تهريب مهاجرين غير شرعيين،بينما ينفي البحارة التهمة ويؤكدون أن جرمهم الوحيد هو إنقاذ 43 شخصا من جنسيات مختلفة كانوا على وشك الغرق في عرض البحر غير بعيد عن جزيرة « لامبيدوزا » الإيطالية. وكان عدد من المهاجرين غير الشرعيين الناجين،قد إعترفوا أمام محكمة « اغريجانتي » الإيطالية التي تتابع هذه القضية،بأن البحارة التونسيين ليسوا مهربين بل أنقذوهم من الغرق بعد إبلاغ السلطات التونسية والإيطالية. وسبق أن طالبت تونس السلطات الإيطالية بالإفراج عن هؤلاء البحارة،فيما إستنكرت منظمات حقوقية منها الرابطة التونسية لحقوق الإنسان ما وصفته بـ « الإحتجاز العشوائي » للبحارة التونسيين،وطالبت بالإفراج الفوري عنهم.


 

صحفية تونسية تندد باحتجاز ايطاليا بحارة تونسيين بتهمة التهريب

 

تونس (رويترز) – شنت صحيفة تونسية يوم الخميس هجوما لاذعا على ما أسمته « بالديمقراطية الغربية » بعد احتجاز السلطات الايطالية سبعة بحارة تونسيين بتهمة تهريب مهاجرين بشكل غير مشروع.

 

ويؤكد البحارة السبعة انهم لم يهربوا مهاجرين بل انقذوا 44 مهاجرا كانوا مكدسين في مركب متهالك وانتشلوهم منه وأوصلوهم الى جزيرة لمبدوزا الايطالية.

 

وتحتجز السلطات الايطالية البحارة منذ الثامن من اغسطس اب الحالي وقدمتهم للمحاكمة يوم 22 من الشهر امام محكمة اجرجيجونت في صقلية. وينتظر ان تصدر حكما بحقهم في الايام المقبلة.

 

ونشرت صحيفة الشروق التونسية الخاصة مقالا ينتقد بشدة ازدواجية معايير الغرب فيما يتعلق بحقوق الانسان تحت عنوان « حين يسقط اساتذة الديمقراطية وحقوق الانسان في الامتحان ».

 

وقالت الشروق في المقال الذي حمل توقيع رئيس تحريرها عبد الحميد الرياحي « اين ذهب اساتذة الديمقراطية وحقوق الانسان في هذه القضية وكيف يقبلون الاعتداء على حقوق 7 مواطنين كل ذنبهم انهم هبوا لتقديم يد المساعدة لاشخاص في حالة خطر ويتهددهم الموت غرقا؟ »

 

وكان بعض من المهاجرين الناجين قد اعترفوا امام المحكمة الايطالية بأن البحارة لم يكونوا مهربين بل انقذوهم من الغرق بعد استشارة السلطات التونسية والايطالية.

 

وادانت عدة منظمات حقوقية من بينها الرابطة التونسية لحقوق الانسان وفيدرالية التونسيين من اجل مواطني ضفتي المتوسط ومقرها باريس « الاحتجاز العشوائي » للبحارة وطالبت بالافراج الفوري عنهم.

 

واضافت صحيفة الشروق ان « الاساتذة المجتهدين في اعطاء الدروس في حقوق الانسان والديمقراطية هم تلاميذ فاشلون حين يتعلق الامر بمواطنين غير اوروبيين او عرب تحديدا. »

 

ويبدو ان كاتب المقال كان يشير ضمنيا الى الانتقادات التي تتلقاها تونس من بعض العواصم الغربية حول حالات تتعلق بانتهاكات حقوق الانسان.

 

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 30 أوت 2007)

 


 

 أكثر من نصف شباب تونس يمارسون الجنس قبل الزواج

 

تونس ـ يو بي آي: أظهرت دراسة ميدانية أن الحديث عن الجنس في المجتمع التونسي لم يعد من المحرمات، وأن ما بين 50 و60% من الشبان التونسيين مارسوا الجنس قبل الزواج.

 

ووفقا لهذه الدراسة التي أعدها الديوان الوطني التونسي للأسرة والعمران البشري (مؤسسة حكومية)، ونشرت مقتطفات منها امس الأربعاء، فإن ما بين 12 و18% من الفتيات التونسيات مارسن الجنس قبل الزواج.

 

واعتبرت الدراسة، التي تناولت بالتحليل مدي وعي الشباب غير المتزوجين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و29 عاما بالممارسة الجنسية وأساليب الوقاية من الأمراض المنقولة جنسيا، أن الحديث عن الجنس في المجتمع التونسي لم يعد ممنوعا، لكن الحديث عن الممارسة الجنسية في حد ذاتها ما يزال ممنوعا اجتماعياً ودينياً.

 

ولفتت إلي أن 85.9% من الفتيات التونسيات يرفضن ممارسة الجنس قبل الزواج، بينما توافق علي ذلك 11.9% ، بينما يوافق علي ذلك 40% من الشبان التونسيين.

 

وخلصت الدراسة إلي أن ما بين 50 و60% من الشبان، و12 و18% من الفتيات في تونس، مارسوا الجنس قبل الزواج، وأن هذه الممارسة غير منتظمة.

 

(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 30 أوت 2007)

 


 

الرئيس زين العابدين بن علي يتلقى رسالة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس

تقدير الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية لدور الرئيس زين العابدين بن علي في خدمة القضية الفلسطينية

 

تلقي الرئيس زين العابدين بن علي رسالة إخوة وتقدير من الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن ابلغها لسيادته يوم الأربعاء (29 أوت 2007، التحرير) السيد حكم بلعاوى أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح عضو المجلس التشريعي الفلسطيني وعضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي عبر عن سعادته وتشرفه بلقاء رئيس الدولة واطلاعه علي تطورات الأوضاع الفلسطينية وخاصة ما جرى من أحداث في غزة مبينا أن الأوضاع تسير الآن نحو الاستقرار .

 

كما اطلع سيادة الرئيس علي التوغلات والاعتداءات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية. وعبر السيد حكم بلعاوى عن تقدير الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية لدور الرئيس زين العابدين بن علي في خدمة القضية الفلسطينية نضالا وعملا وسياسة وإعلاما قائلا في هذا الصدد « إن الشعب الفلسطيني لن ينسي احتضان تونس الدافئ للقضية الفلسطينية ولقياداتها ومؤسساتها وخروجهم لأول مرة من الغربة إلي ارض الوطن » .

 

كما بين أنه ابلغ سيادة الرئيس مشاعر تقدير وإعجاب الرئيس أبو مازن بسياسته الحكيمة ووفائه الحقيقي للقضية الفلسطينية ولما يتخذه من إجراءات لصالحها .

 

وقد حمل الرئيس زين العابدين بن علي السيد حكم بلعاوى تحياته وتقديره إلي الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومشاعر إكباره لصمود الشعب الفلسطيني .

 

(المصدر: موقع « أخبار تونس » (رسمي) بتاريخ 29 أوت 2007)

 


بلعاوي يسلم الرئيس التونسي رسالة من السيد الرئيس

 

 

تونس 29-8-2007 وفا- سلم عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حكم بلعاوي اليوم رسالة أخوة وتقدير من السيد الرئيس محمود عباس إلى الرئيس التونسي زين العابدين بن علي.

 

واطلع بلعاوي الرئيس التونسي على تطورات الأوضاع الفلسطينية، وخاصة الانقلاب على الشرعية الوطنية في غزة، مشيراً إلى ان الأوضاع الفلسطينية تسير الآن نحو الاستقرار.

 

كما اطلع عضو اللجنة المركزية الرئيس بن علي على الاعتداءات والتوغلات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطيني، وعبر له عن تقدير الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية لدوره في خدمة القضية الفلسطينية.

 

وقال ان الشعب الفلسطيني لن ينسى احتضان تونس الدائم للقضية الفلسطينية وقيادتها ومؤسساتها وخروجهم لأول مرة من الغربة إلى الوطن.

 

وذكر بلعاوي انه ابلغ الرئيس التونسي بن علي مشاعر وتقدير واعتزاز السيد الرئيس، بسياسته الحكيمة ووفائه الحقيقي للقضية الفلسطيني، ولما يتخذه من إجراءات لصالحها.

 

وحمل الرئيس بن علي بلعاوي تحياته وتقديره إلى السيد الرئيس عباس ومشاعر إكباره لصمود الشعب الفلسطيني.

 

(المصدر: وكالة الأنباء الفلسطينية وفا (رسمية) بتاريخ 29 أوت 2007)

 

عـاجـل

 استئناف الحملة على المحجبات في تونس

بقلم: ع.ر

 

كادت أن تكتمل فرحة التونسيين بانحصار ظاهرة مضايقة المحجبات على مختلف أعمارهم حتى عاودت السلطات التونسية ممثلة في الأمن و ميلشيات الحزب الحاكم من المتنفذين في مختلف المؤسسات الحكومية حملتها المسعورة على الحجاب على اعتبار أنه لباس غير قانوني , مستغلة العودة المدرسية و ضعف مؤسسات المجتمع المدني.

 

وقد شملت هذه الحملة عدة مدن تونسية إلا أن أشدها كان بمدينة سيدي بوزيد, حيث عمد أعوان بالزي المدني و آخرون بزي فرق النجدة إلى مطاردة المحجبات في مختلف شوارع المدينة و المحلات التجارية وإجبارهن على إمضاء إلتزامات وتهديدهن باستعمال أبشع العبارات و أشدها قساوة . وقد أثارت هذه الحملة حفيظة المواطنين بالجهة وانتابهم قلق شديد وجعلهم يعيشون حالة من التوتر والخوف الشديد على مصير بناتهم و أخواتهم خاصة وأنه بعد انتهاء العطلة المدرسية ستكون الفتيات مجبرات للخروج من البيت والالتحاق بمدارسهن ليكن بذلك أكثر عرضة لمضايقات الأمن والمتنفذين في الكليات و المعاهد وأمام هذه الوضعية تفكر الفتاة التونسية المحجبة أكثر من مرة قبل الخروج من المنزل.

 

و الجدير بالذكر أن خيار التمسك بالحجاب و مواجهة أعوان السلطة كثيرا ما تكون نتائجه وخيمة من حرمان من مواصلة الدراسة أو الإنقطاع عن التعليم و قد شهدت السنوات الماضية انقطاع عدد مهم من المحجبات عن الدراسة. وأمام هذا الوضع فإن البلاد ستكون أكثر عرضة للغلو و التطرف بسبب الممارسات القمعية و التعدي على حق المرأة  التونسية المحجبة في ارتداء اللباس الذي اختارته لنفسها.

 

وهذه الصور هي غيض من فيض مما تعانيه المرأة المحجبة في تونس « بلد القانون والمؤسسات » كما يزعمون.

 

(المصدر: موقع « طلبة تونس » بتاريخ 30 أوت 2007)

الرابط: www.tunisie-talaba.net


 

غربان التطبيع تنعق من جديد: ان لم تستحوا فانعقوا كما تشاؤون

 
عبد الرحمان الدريدي
في خضم الصراع الدامي الذي تخوضه قوى التحرر العربي من أجل استعادة الأرض والعرض مع العدو الصهيوني الغادر وفي الوقت الذي تخط فيها المقاومة الوطنية الباسلة في العراق وفلسطين ولبنان سطورا في العزة والكرامة العربية  تطالعنا هذه الأيام بعض الأقلام المأجورة التي لاتمت للعروبة أو للوطنية بأية صلة لتبرر بكل وقاحة انخراط  البعض في حملة التطبيع المشبوهة مع الكيان الصهيوني تحت غطاء مسابقة موجهة الى الناشئة بغاية غرس روح الانهزامية في قوى الوطن الطلائعية التي تمثل مستقبل هذه الأمة. فمن أشباه المثقفين مثل خميس الخياطي  وعدنان الحسناوي الى  بعض الصحف الصفراء كجريدتي الصباح والاعلان وغيرهم من سدنة الاستعمار والامبريالية ممن تناسوا التضحيات الجسام التي قدمها شهداء الأمة فداء لقضايا الوطن العادلة تستمر مهزلة المهرولين والمطبعين الراكضين وراء وهم السلام وسراب الديمقراطية القادمة على ظهور دبابات المجرم بوش وأولمرت وبلير، يأتون اليوم ليعلمونا ما معنى القومية وهل لمن تربى على الذل والهوان أن يعرف معنى القومية والوحدة والممانعة والصمود؟ بالأمس تامرو على عبد الناصر ومن بعده على الشهيد صدام حسين كما تامرو على مصر وفلسطين والعراق وسوريا وها هم اليوم يبثون سموم الحقد  الكامن في صدورهم ازاء كل ما هو عربي ، مقاوم شريف.اننا نبرؤ هذه الأمة العظيمة وننزهها ان هي أنجبت أناس لا تستحي من أن تغالط الناس وتغالط أنفسها وتتوهم ترهات السلام والانبطاح والعمالة.ولنا أن نسأل كيف لهذه الأمة التي ولد من رحم ماسيها رجال بررة من الرسول الكريم الى صحابته الى الشهداء والشرفاء ممن تروي دماؤهم الزكية هذه الأرض الطاهرة التي مازالت عطشة لدماء زكية ولن تروى حتى تتحرر من نجاسة الخونة والصهاينة. الى كل هؤلاء نقول انا صامدون، اننا قوميون ، انا وحدويون بالفطرة وأننا أمة كما قال الشاعر لو صبت فوق رأسها جهنم واقفة وأننا عاهدنا الوطن على النضال مها خان الأشقاء وتامر الأعداء ولن يهزنا نعيقهم فالغربان تنعق والقافلة تمر ولا يصح الا الصحيح لن يرحمكم التاريخ ولن ترحكم الشعوب الحرة الأبية فانظروا العراق ان النصر قريب. المجد للمقاومة ولكل الشرفاء والعار للخونة والعملاء. وطنيون أبرار ، وحدويون أحرار ، قوميون ونتشرف بذلك ونتعصب لذلك.  


الخلاص الفردي والسؤال المُغيَّب: مشــوار أم استقـرار؟

د. خــالد الطــراولي

ktraouli@yahoo.fr

 

يتواصل مسلسل التجاذب في موضوع العودة، وتتلاحق الرؤى والتصورات بين ضفتين واضحتي المعالم والأفق، فريق يشجع ويعتبرها بداية طيبة لما هو أهم [1]، وفريق يعتبرها نكسة وعد تنازلي للضمور[2]. وعودتي اليوم إلى طرق هذا الموضوع بعدما أطلقت الحوار حوله منذ مدة بعد نشري لسلسلة المقالات المعنونة « الخلاص الفردي ومشاريع العودة، أين الخلل ».

 

هذه العودة يمليها في الحقيقة، وبكل تواضع ومع احترامي للجميع، أني رأيت أن عديد التساؤلات والاستنتاجات التي أثارتها هذه الورقة ظلت قائمة ولم تجد مقاربة نوعية تنقضها أو تجيب عنها، ومن بينها الغفلة عن تحديد مفهوم المهجر والعمل المهجري الذي غابت معه تحديد منهجية التغيير التي تتبعه، حيث غاب أو استبعد فهم الربط الدقيق والحريري بين مفهوم الخلاص وماهية التغيير. ثم أن هذه المقالات غيبت سؤالا مفصليا وجوهريا وخطيرا لا يمكن تجاوزه وإلا فإن كل البناء يصبح مهتزا ولاغيا.

 

انقلاب المــوازين

 

أفكار رئيسية أربعة يمكن استنتاجها عبر كتابات أصحاب الخلاص الفردي والداعين إليه :

 

1 / الأولى اعتبار أن الحديث عن الخلاص الفردي يعتبر من نافلة القول ومن ترف الحديث، ولعله من الزوائد المسقطة على العمل الهادف والمسؤول وضجة مفتعلة وهو لعمري استنتاج غريب ينبئ عن عدم الوعي الكلي بعمق هذه الإشكالية وارتباطها العضوي بمنهجية التغيير إجمالا.

 

2 / والفكرة الثانية تحوم حول الزعم بالوهم الذي يصطحب فكرة أصحاب منهجية عدم الخلاص الفردي حيث من الواقعية القبول بالقليل ولعله يكثر وبالصغير ولعله يكبر. ولعلي أستطيع أن أقف هنا للرد على أصحاب هذه الفكرة دون الغوص الذي سيأتي لاحقا، حيث تحمل تناقضا مبطنا وغريبا يحمله عنصرا الترجي والأمل والبناء على المجهول فأين الوهم وأين الحقيقة.

 

3 / أما الفكرة الثالثة فهي اعتبار أن العمل المعارض كيانه الوطن وليس المهجر وما يتبعه من دور مفتعل ومغشوش لنضال وهمي وراء البحار، وهذه كلمة حق أريد بها غير ذلك وتنبئ عن قصور فهم دور الخارج في أي عملية للتغيير. ولا نريد أن نذكّر من ذكرها أن المهجر ظل يشكل رقما صعبا ولكنه حقيقي في معادلة التغيير

 

4 / أما الفكرة الرابعة وهي أغرب ما قرأت مع احترامي الشديد لقائلها ومساندها حيث أصبح الخلاص الفردي عنوانا لمن بقي في المهجر! وخلاصا جماعيا وموفقا له ولمشروعه، لمن حمل زاده وزواده وعاد منفردا إلى أرض الوطن!!!! وهذا يعود أساسا إلى فهم خاطئ أو مغشوش لدور المهجر، واعتماد الحالة الخاطئة التي يعيشها الفرد المهجري والتي تعود أساسا إلى سلبية المؤسسة ومسؤوليتها قبل الفرد، و كذلك التنبئ والتلويح للدور الجناني الذي ينتظر الفرد في أرض الوطن كحقيقة ثابتة ومعيار تقييم.

 

الحقيقة الغائبة والفرضية الخاطئة

 

إن السؤال المركزي الذي غيبه أصحاب العودة الفردية هو نوعية هذه العودة، وكل كتابات هؤلاء الأفاضل تلتقي جميعها في الاستناد إلى فرضية أن هذه العودة استقرارية ودائمة.

 

فالمطلوب من هؤلاء العائدين حسب إحدى الكتابات البناء على القليل والصبر على الصغير [وسنغمض العين عن الواقع ونعتبره جنات عدن حتى لا نعكر صفو الحديث]. وهذه المنهجية المزعومة تستند أساسا على حالة استقرارية وثابتة وليست عرضية وموسمية، فالذي يزرع يجب أن يسوي الأرض، وإذا نما الزرع يجب أن يسقي، وإذا اشتد العود يجب أن يراقب ويداوي، وإذا اخضر الثمر وجب الجني والحصاد، وهذا يتطلب وجودا عينيا دائما وثابتا.

 

ومن الكتاب الأفاضل من زعم أن العائد يكفيه العمل العفوي أو الشأن العام، فليست السياسة المطية الوحيدة للتغيير ورحم الله من عرف قدر نفسه، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها! ونحن مع احترامنا لمقولته فإننا نعيد عليه الحقيقة المكررة ونحن سنتعمد مجددا تجاهل حقيقة أن الاستبداد لا يفرق بين العمل المؤسساتي والعمل العفوي إذا رأى منهما تعديا على مصالحه ولو تجاوزا بسيطا لخطوطه الحمر (وواقع الخارجين من السجون وواقع المعارضة يؤكدان ذلك)، نقول إن هذا يستند مجددا إلى فرضية حالة من الثبات والوجود الإستقراري وليس مرور الكرام. فالزرع لا يؤتي أكله إذا لم تظل عليه قائما آناء الليل وأطراف لنهار.

 

ومن الكتابات أيضا من حملت تذكيرا بأن العمل المعارض كيانه الوطن، وأن العمل المهجري كذبة كبرى، نذكّره كذلك ومع احترامنا له ودون إزعاج، أن هذا يعود أساسا إلى فقه قاصر للمهجر، لا يرى فيه دورا تكامليا ووفاقيا بينه و بين الداخل، والتجارب السابقة واللاحقة من ديغول إلى بورقيبة إلى حركة 18 أكتوبر، تدعم دور المهجر إذا فقهنا خصوصياته ودوره في التغيير. و خاصة نذكّره بالحقيقة الغائبة مجددا إلى أن المعارضة الميدانية ليست صيفية أو موسمية، وأن النضال مسيرة ومصير وليس رحلة ترفيهية عبر مقاهي وشواطئ المتوسط.

 

ومن الكتاب الأفاضل من رأى أن الواقعية تلزم العودة، والوهم يبني على البقاء، نقول له بتواضع، أنه رغم تساؤلنا المنطقي أين الوهم وأين الحقيقة حين نرتمي في المجهول ونبني في الضباب، رغم ذلك ومع احترامنا للفكرة وصاحبها نتساؤل مجددا: هذه الواقعية تتنزل في واقع ولا شك، وهذا الواقع المتحرك والمتوتر والضاغط والرافض لا يتطلب حضورا وهميا أو استثنائيا أو موسميا لمسايرته والتنبه لمواطن السلب والسقوط، والمراقبة الميدانية الدائمة لزيغه أو استفزازاته وإثاراته، ولكنه يتطلب حضورا كاملا ودائما، استقراريا خالصا، وهذا، مع الاعتذار والحسرة، غير متوفر الآن ولا تثبته تجربة من سبق ولا من لحق.

 

فهذه التجربة تقول أن من عاد لم يبق، ومن رجع لم تطل غيبته، وظلت العودة موسمية أو أكثر قليلا، واندمج العنصر العائد مع قوافل العائدين من عمالنا بالخارج مع احترامي للجميع ساسة وعمال وعاديين!

 

والحقيقة الغائبة والموضوعية أن هؤلاء العائدين لم يأتوا من فراغ أو عدم، ولم ينزلوا من واقع فضفاض أو فقير ومعدوم، ولم يحلّوا بعد غياب شهر أو سنة، إنما أتى الجميع بعد سنوات، رأت البعض يغادر البلاد يوما شابا يافعا ويعود إليه كهلا شيخا له أبناء وحفدة، والجميع أقام حياته واستقر بنيانه وجمع أهله وذويه في هذه الأرض الجديدة، حتى أغلبهم أصبحت أيام المنفى تعادل أو تزيد عن الأيام التي قضاها في البلاد. فالموضوعية والبراغماتية والواقعية تملي أن يعود هذا الكائن المظلوم إلى مستقره الأول وهو بلاد الهجرة والوطن الثاني. ومن الوهم الاعتماد على أن هذه العودة ستكون نهائية واستقرار دائم.

 

هذه الحقيقة الغائبة أو المغيبة لمنظري العودة تجعل من أي عودة هي خلاص فردي مرحلي يبني على الموسمية والمرحلية والاستثناء، ولا على البقاء والاستقرار والعودة النهائية، وبالتالي لا ينتظر منه كسب للمشروع مهما كانت ماهية هذا المشروع و حجمه، سياسيا أو دعويا، صغيرا أو كبيرا.

 

لذلك ليست إشكالية العودة ترفا فكريا أو ضجة مفتعلة كما زعم أحد المحترمين وقد أدلى بدلوه فيها لأهميتها، ولكنها أحد ركائز مشروع التغيير بما تحمله من علاقة عضوية مع منهجية التغيير وماهيته، ونكاد نجزم أن أي عودة فردية هي تفريغ للطاقات الخارجية وفتح الباب على معرجيه لضرب هذا الوفاق المنهجي بين الداخل والخارج في عملية التغيير، واستلاب أي دور إيجابي للمهجر والحسم في سلبيته، وتبني على وهم البناء ما بعد العودة مهما كان حجمه وماهيته، هذا البناء الذي يتطلب الاستقرار وليس المشوار، وهي مسؤولية كبرى وليست بالهينة يتحملها أصحابها نحو الوطن والتاريخ.

 

إن العمل المعارض الرصين والهادئ والواقعي لا يتناقض مع تحمل عبئ المبدئية والمصالحة الوطنية، والمراهنة على أن الضفة المقابلة لا تحمل كل السواد، وهو ركيزة ما دعوت إليه دائما ولا أتنصل منه قيد أنملة، من أيد ممدودة والمراهنة على وجود البياض، غير أن هذا يجب أن يكون واقعيا ويُبنى على أحقية كل مشروع في التواجد السلمي والحراك القانوني ولو بمراحل ودون اكتساح ولا قطبية. وإلا فإن التخلي عن هذا المشروع الإصلاحي ذي المرجعية الإسلامية أو السعي إلا إضعافه أو تغيير ماهيته من قبل أصحابه بوعي أو بغير وعي، أو من قبل برمجة استراتيجية للسلطة، لا يصب إلا في مصلحة التطرف والمغالاة، وكما قلت وأذكّر فإن الطبيعة تهاب الفراغ، ومن مصلحة البلاد وجود هذا الطرف المعتدل والساعي إلى البناء مع الجميع لمجتمع مدني حر وفاعل، وهذا هو مشروع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي ومنهجيته في التغيير.

 

هـــوامش

 

[1] انظر كتابات كل من الدكتور النجار والأساتذة : القاضي مختار اليحياوي ومصطفى لونيسي ومحمد النوري.

 

[2] انظر كتابات كل من الأساتذة أبو أنيس وصابر.

 

(المصدر: موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net)


بسم الله الرحمن الرحيم

من بوابة الشرعية لا من البوابة الامنية

الأستاذ عزالدين شمام

 

بعيدا عن الثنائيات الحادة التي مزقت وعينا وارهقت تجربتنا حتى غدونا نعاني الازدواجية في التفكير و الممارسة سوف   لن اخوض في تقابلية الخلا ص الفردي والعودة المظفرة فكلاهما وجهان لتقلبات التاريخ ارادة وعجزا و انما ساحاول العبور من لحظة المنفى الخانقة و استثنائيتها التي صادرت ملكات الابداع لدينا و اسرتنا في  جدالات عقيمة لاضع نفسي في مواجهة حقائق واقع البلاد الذي نحن صنيعته فالسؤال ا لمعلق طيلة العشريتين و في ظل تداعيات  مواجهة التسعينات التى لم نقدر على تجاوزها اين تكمن مصلحة البلادوالعباد .وما هى الخيارات الاقل  كلفة لانخراط واع ونافع.

وحتى لا اتعب في اللهاث وراء الفرضيات اخير مواجهة اللحظة الراهنة بكل تبعاتها.

1 ان ما تم طيلة هاتين العشريتين في تاريخ تونس الحديث لا يخرج عن الخصومة السياسية ضمن قوانين التدافع السياسي و الاجتماعي اخد  فى لحظة عنفوانه بعدا دراماتيكيا مازالت تداعياته مستمرة بمعنى اخر لسنا في سياق مازق طائفي او عقائدي يمكن ان يؤبد اية امكانية للحل  فمداخل  التسوية لم تقفل امامنا كتونسيين .

يخطىء قطاع كبير من ابناء التيارالاسلامي في تصورتوقف المعالجة على خيار واحد و سيكون من الاسلم تثمين كل خطوة تاتي من الطرف المقابل مهما كانت نسبيتها كما سيكون من الاسلم اعطاء اشارات متواصلة من حسن الظن بالاخر السلطة للوصول الى معالجات سليمة تحفظ الكرامة و تعطي السلطة لعب دورها كشرعية قائمة.

ان ما نحتاجه هو اعادة التاسس في لحظة الشرعية الدستورية  و السياسية للبلاد اي ما يسميه الطرف المقابل بمنطق الدولة فمقدمة كل تسوية مهما كانت فرديته او جماعيته التحدد بالشرعية التي سيتعاطى معها  وفي تقديري تمثل هده المسالة  جوهر العقدة في علاقة الاسلامي بوطنه بحكم ما صاحبها من اهتزازات على وقع الصدام عبرت عن نفسها في ازمة ثقة كما كان للاستجابات المتعددة التي حفل بها الوسط الاسلامي في الداخل والخارج نتيجة اختلاف وجهات النظرالى ما حصل وسبل تجاوزه وصلا او قطعا مع هده الشرعية.

ان الوصل او القطع هما اليوم استجاباتان تشقان التيار الاسلامي  و لكن الثابت اليوم اننا ازاء شرعية قائمة  والتعاطي معها سيكون تعاطيا مفتوحا.

ان تجارب العمل  الاسلامي مثلت تصورات في حقل العمل  الاسلامي وكانت نتاجا للواقع وقد فكت ان تكون كدلك بحكم ما تعرضت له من تهجير ونفي .

والدين يدافعون عن ضرورةتفكير الخارج للداخل انما يعمقون هده الازدواجيةالمعيقة اد السؤال الدي يطرح نفسه اي خارج وقد اصبح مجموعة رؤى واي داخل ادا كان واقعا فلمادا

لم يبادر.

لا يعيب اية حركة سياسية ان تكون اجتهدت و لم تصب اهدافها و ان يكون نصيبا من اخطاءها قد كلفها غاليا  كما لايضيرها ان يحكم ميزان القوى لخصومها  فتلك  سنن السياسة الغلابة.وستكون شجاعة للتاريخ ان تعيد حساباتها و تعترف بصعوبة الانجاز ضمن مجريات التدافع السياسي الوطني.دون ان يكون مانعا من التعاطي مع خصومها الدين قد يتحولون الى حلفاء .

بل دون ان يكون حائلا على اعادة النطر بجوهر تصورها  الدي كف ان يكون فاعلا في البلاد و العباد.

لقد اقدمت السلطة طيلة السنوات المنصرمة على الافراج عن دفعات من المساجين السياسيين املا في الافراج عن من تبقى  قريبا كما بدات بتسوية مدنية لوضعية بعض المهجرين وهي خطوات وان لم ترتق للحل الجماعي جديرة بالدفع حتىيستعيد  التونسيون ثقتهم ببعضهم باستعادتهم حقوق مواطنتهم التي سبقت وجودهم الحزبي او السياسي.

 


 

 

حول الوضع في الإتحاد العام التونسي للشغل:

لجان النظام محاكم قهر يجب حلها !

محمد عمامي

طالعت ما كتبه « إطار نقابي قاعدي » بالنشرة الإلكترونية « ضد التجريد » وبتونس نيوز ليوم 20-08-2007 تحت عنوان « ما المراد بالضبط من تشغيل لجنة النظام الوطنية ». وهو مقال يحاول الإجابة عن الملابسات التي تدور حاليا في صلب الإتحاد العام التونسي للشغل والتي تنعكس ضرورة على مجمل الوضع السياسي والاجتماعي بالبلاد. وبالتأكيد، أجد نفسي متفقا معه في كثير من النقاط التي طرحها في نصه. غير أن لي في بعض النقاط رأيا مخالفا أرجو طرحها أملا في تعميق النقاش وتعميم الفائدة.

 

في تجاوزات لجنة النظام الوطنية والمتنفذين

 

لقد تناول الأخ « الإطار النقابي القاعدي » بالنقد تحول لجنة النظام الوطنية إلى أداة بيدي « طرف في القيادة يسعى لتوظيفها لأهدافه ». وهو لا يخفي الوجه البارز لهذا الطرف أي علي رمضان، الأمين العام المساعد المكلف بالنظام الداخلي.

 

ومقابل توظيف علي رمضان للجنة النظام الوطنية، يقدّم الإطار النقابي القاعدي المقترح التالي:  » إنّ مهمّة البحث وتقصّي الحقائق واستدعاء النقابيّين لسماع أقوالهم تقوم بها اللجان الجهوية أو اللجنة الوطنية كلّ حسب مجال اختصاصه، وفي قضيّة التعليم الأساسي أغلب المدعوّين إمّا مسؤولون في نقابات أساسية أو نقابات جهوية وبالتالي استدعاؤهم كان ينبغي أن يتمّ من طرف اللجنة الجهوية التابعة للإتّحاد الجهوي المعني ».

لا أحد يستطيع أن يزايد عن الأخ الإطار القاعدي في مدى التزامه بالقانون الأساسي والنظام الداخلي للإ.ع تـ.ش. ومن ذلك ثقته في لجان النظام الجهوية اعتقادا منه أن سيطرة المتنفذين تنحصر في اللجنة الوطنية. وهو ينسى الحقيقة المرة التالية : إن جل الاتحادات الجهوية تعمل بأوامر من المركز نفسه وهي المرتكز الأساسي للهيمنة البيروقراطية، عبرها تراقب جميع هياكل الإتحاد وتقبض أنفاس النقابات الأساسية والجهوية وتنهك بالتالي النقابات القطاعية.

وأسوء من ذلك فإن لجان النظام الجهوية هي سيف مسلط على المناضلين النقابيين من كل الجهات وهي كثيرا ما نظمت حملات التطهير التي تنشط بالخصوص قبيل المؤتمرات، كي تقصي العناصر الخطرة على مشروع التجدد الأبدي « للمتنفذين » في صلب جهاز الإ.ع.تـ.ش. وهي اليوم لا يمكنها إلا أن تكون بأيدي علي رمضان وجماعته والمختبئين وراءهم في صمت ذليل حفاظا على « الخبزة » السمينة.

إن الخطر الأساسي ليس في تطاول علي رمضان على القانون، وإن فعل، بل في تمتع علي رمضان وغيره بالامتيازات التي يخولها له ذلك القانون بالذات، تماما كما تمتع بذلك من قبله الغضبان  ومن قبله عبد السلام جراد، وسيتمتع بها من بعده من سيعين مكانه، طالما بقي القانون على حاله.

فالخلل يكمن، إذن، في نفس القوانين والنظم والمناشير المسيرة للإ.ع.تـ.ش التي، وإن « ضحى من أجلها المناضلون على اختلاف مشاربهم » كما يقول الأخ القاعدي، فهي مفصلة على قياس « المتنفذين »  أو البيروقراطيين من كل شاكلة، لا فقط جماعة التوريث أو على رمضان وجماعته.

إن تضخم صلاحيات الفريق القيادي في المركزية النقابية هي القضية التي يجب التصدي لها. وهذا ما يجعلنا مباشرة في مواجهة ضارية مع « القانون » وما أدراك ما القانون، لأنه الإطار المنتج لهيمنة « المتنفذين » أو قل منتجا للمتنفذين بشحمهم ولحمهم. فضع يا صديقي من تريد مكان علي رمضان ومكنه من سلطة كالتي يتمتع بها فسيفعل ما يفعله إن لم يكن أكثر !

 

المنظمات الديمقراطية تعمل بدون لجان نظام

 

يشير الأخ الإطار القاعدي عن حق إلى « أنّ في المنظمات الديمقراطية الأمين العام أو أيّ عضو في المكتب التنفيذي له نفس الحقوق وله نفس الواجبات مثله مثل أيّ عضو في أيّة نقابة أساسية ». وهو لذلك يدعو إلى محاسبة النقابيين من الجهات في إطار لجان النظام التابعة لجهاتهم ولو كان موضوع الشكوى الأمين العام للإ.ع.تـ.ش.

ولكن بدعوته إلى المحاسبة ضمن اللجان الجهوية، ينسى أن في المنظمات الديمقراطية لا وجود للجان نظام أصلا، لأن وجودها في حد ذاته يلغي المساواة ويلغي الديمقراطية. إن إلغاء العمل بلجان النظام الوطنية والجهوية على السواء هو، إذن، من أوكد المهام الضرورية لبناء اتحاد ديمقراطي. وهو محور من ضمن محاور النضال النقابي الراهن. وهو مطلب ملموس يجسد مع غيره الاستقلالية التي طالما نادينا بها ولم نصغها في مطالب محددة.

يمكن للأخ القاعدي أن يعترض: ولكن، في غياب لجان النظام من يردع العناصر التي يمكن أن تقوم بتجاوزات؟ إن الجواب عن هذا السؤال بديهي، في الحقيقة، ولكن ركام الإرث المركزي الثقيل جعله غريبا عن أذهان النقابيين الذين ألفوا مصارعة التنين البيروقراطي بأدوات هيمنته بالذات ومن داخل منطقه الذي قلما يلتزم به.

إن القاعدة في محاسبة أعضاء المنظمات الديمقراطية هي المحاسبة في إطار الهياكل التي ينتمون لها: أي، في الحالة التي نحن بصددها، في نقاباتهم. ولا حق، ولا ضرورة لانتصاب هيكل مواز لمحاكمته مهما علا شأن المتظلم. فمن كان في نقابة أساسية يحاسب فيها، كما يحاسب من كان في نقابة جهوية ضمن الهيئة الإدارية الجهوية فالمجلس الجهوي ويحاسب من كان في نقابة قطاعية ضمن هياكل قرار قطاعه…

ولكن ومن زاوية أخرى للمتظلم مهما، صغر شأنه، الحق في رفع شكواه إلى كل هيكل من هياكل القرار القطاعية (الهيئة الإدارية، المجلس الوطني والمؤتمر) إذا رأى أن العقوبة لم تكن في مستوى الخطأ المرتكب في حقه. وفي الأخير لكل متظلم (سواء كان فردا أو هيكلا) الحق في رفع شكواه إلى المجلس الوطني للإ.ع.تـ.ش أو إلى مؤتمره في صورة اعتبار الأمر خطيرا، وهي عادة حالات استثنائية.

خلاصة القول، إن من يملك حق المحاسبة هي هياكل القرار القطاعية أولا وهي تباعا النقابة الأساسية فالهيئة الإدارية القطاعية فالمجلس القطاعي فالمؤتمر القطاعي، ثم هياكل القرار الاتحادية ثانيا إذا تعلق الأمر بعناصر تنتمي لتلك الهياكل، وهي تباعا الهيئة الإدارية فالمجلس الوطني فالمؤتمر العام. وهكذا فلا حق لأي هيكل تنفيذي مهما كان مستواه (محلي، جهوي، قطاعي أو وطني) أن يحاسب النقابيين و لا أن يوكل للجنة مختصة محدودة العدد متضخمة السلطة الحكم على النقابيين.

 

خاتمة

 

إن الديمقراطية كأسلوب تسيير، تقوم، في معناها البسيط، أولا وقبل كل شيء على توزيع السلطات (لا مركزتها) وتضرب تكثيفها واحتكارها بأيدي جماعة صغيرة ولو كانوا مختارين عن طريق الاقتراع السري السليم مائة بالمائة. فالانتخاب آلية من آليات الديمقراطية ليس أكثر. وكم يتمّ اقتباسه ضمن نظم تسيير لا ديمقراطية.

إن حل لجنة النظام الوطنية واللجان الجهوية هو جزء من مسار استقلالية القطاعات ولا مركزية التنظيم النقابي، الشرط الأول للديمقراطية. ويمثل هذا المطلب، حاليا، أحد المطالب الهامة في ضرب الهيمنة البيروقراطية على النقابات. وسيكون على القطاعات البدء بصياغة قوانين أساسية ونظم داخلية خاصة بها، تنظم من خلالها علاقتها بالمركز بكل حرية وتضبط برامجها في كنف السيادة التامة في ما يخص شؤونها القطاعية. و أكثر من ذلك، ستحدد من ثم تركيبة قيادة الإتحاد العام حسب نسبة ثقلها وتمثيليتها، وهو أخطر ما في الأمر على زمرة بيروقراطية قطعت صلتها بقطاعاتها منذ مدة طويلة واحترفت السمسرة. وفي انتظار الوعي بهذه المتطلبات سيكون لعلي رمضان ولكل علي رمضان اليد الطولى على هياكل جميع القطاعات والجهات وعلى مناضليها وماليتها ومصائرها.

 


 

بين العدالتين: مراجعات كبرى تنتظر الحركة الاسلامية التونسية

 
مرسل الكسيبي (*) عندما يتعلق الأمر بمستقبل التيار الاسلامي الوسطي المعتدل ومستقبل الأوطان وهوية تونس واستقرارها وأمن ونماء شعبها , فانه لاحياء من النقد الذي يخفيه البعض مخافة فقدان موقعه الحزبي أو يناجي به البعض الاخر طمعا في الحفاظ على مكاسب دنيوية ومادية لن تغني عند الله ثم الناس شيئا . أعود الى موضوع الحركة الاسلامية التونسية وطرائق عملها وتفكيرها كما تجربتها المتعثرة والأليمة على مدار يراوح الثلاثة عقود , ولو أنني كرهت الخوض في هذا الموضوع في أكثر من مناسبة من موقع الحرص على تقديم أولوية تحرير الأسرى وعودة المنفيين على غيرها من الأولويات . أما وقد لاحظت بأن البعض يعيد الترويج لزعامته وقيادته ونفس أفكاره برغم تنادي الكثيرين من محبي المشروع الوطني والاسلامي الى ضرورة المراجعة على ضوء الفشل والتعثر والالام التي حصدها مناضلو المشروع وأنصاره بعد حوالي كل خماسية , وبالتوازي مع ماتشهده تجارب حركية اسلامية أخرى من نجاحات وتألق في ساحات المنجز الاجتماعي والسياسي والانمائي فان الكلام في مثل هذا التوقيت يصبح واجبا دينيا ووطنيا لايحتمل التأخير مع التأكيد على ضرورة تواصل النضال المحكم والهادئ والمثمر من أجل توسيع دائرة الحريات واخلاء السجون من أصحاب الرأي وارساء مناخ حقيقي للاصلاح العام . دعوني أذكر بعض الاخوة الاسلاميين في تونس أو خارج تراب الوطن بأن المبالغة في التقديس والمحافظة والانضباط الحزبي والحركي والتقيد بالمصالح التي يجلبها التقرب من زيد أو عمرو في مقابل مايجود به ذلك من مصالح مادية أو اعلامية…, كل ذلك لن يكون من مقدمات حل الأزمة التونسية ولا من معبدات ترسيخ تجربة اسلامية حداثية تحظى بالاعتراف الداخلي والاحترام على الصعد الوطنية والدولية . ان الحاح البعض على تكريس المشيخية وضخ مقومات وجودها وانتشارها على الصعيد الوطني والعربي , في مقابل تغييب العقل الاسلامي الفاعل المتسم بالنقدية والتطورية والاضافية والابداع , من خلال احتكار الامكانيات المادية وتكريس الحضور الاعلامي الفضائي كالية من اليات التسويق بدل البحث عن مكامن الأزمة والداء وطرق الوقاية والعلاج …, ان مثل هذه الأساليب في التعاطي مع مطالب التغيير والتشويش على أصحابها والتشكيك في وطنيتهم واسلاميتهم رغبة في احتكار الساحة والهيمنة عليها والظهور بمظهر الأقوى على مستوى المشهدية السياسية …, مثل هذه الأساليب سوف تزيد من عطالة الحالة التونسية في مقابل تألق تجارب أخرى على الساحتين العربية والاسلامية والحال أن التجربة التونسية هي الأسبق زمنيا والأكثر رحابة واضافة على الساحة الفكرية . مشكلة الاسلاميين التونسيين , أنهم فشلوا الى حد الساعة سياسيا في ايجاد جسر مفتوح وممدود مع سلطات بلدهم وذلك نتيجة الخلط الفادح بين العمل الحقوقي ومقتضياته والعمل السياسي ومتطلباته ,   حيث تحولوا لاشعوريا الى رابطة أو جمعية حقوقية ليس لها من أهداف نضالية الا تحرير المساجين السياسيين , والحال أن تجارب العدالتين والتنميتين في كل من تركيا والمغرب الأقصى تركت قضايا الاعتقال السياسي للروابط الحقوقية في مقابل تفرغها لمشاريع الاصلاح السياسي الهادئ والفاعل بعد التسليم نهائيا بشرعية المؤسسات الحاكمة سواء كانت ملكية أو عسكرية . لازالت الحركة الاسلامية في تونس تخضع موقفها من الاستحقاق الرئاسي للمزاجية الشخصية والقيادية ولمحاكاة مواقف الأحزاب الأخرى في الساحة الوطنية , والحال ان هذا الموضوع حسم نهائيا في المغرب الأقصى لفائدة الاقرار بالنظام الملكي القائم وشرعيته الدينية والتاريخية , أما في تركيا فقد حسمت الحركة الاسلامية موقفها من موضوع العلمانية ودور المؤسسات الأتاتوركية في قطاعات الجيش والقضاء , وهو مافتح الطريق أمامها واسعا من أجل المشاركة والتغيير والنجاح . تصنع الحركة الاسلامية في تونس الفشل بأيديها وأيدي بعض قيادييها النافذين , ثم ترمي بالكرة في سلة الاستبداد والهيمنة الدولية …, واذا صح أن ميراث الاستبداد ظاهرة خصبة في المحيط العربي والاسلامي فان طرائق تهذيب الاستبداد أو تضخيمه ومأسسته تصبح مسؤولية جماعية تتحملها النخب والأحزاب , ولعلني لاأشك لحظة في أن أداء الاسلاميين التونسيين ساهم في استفزاز النخبة الرسمية الحاكمة واثارة مخاوفها ومن ثمة ارتكاز أدائها على أسس أمنية مازالت تلقي بظلالها على الحياة العامة . ولايقلل هذا أبدا من المسؤولية الرسمية في معالجة الأزمة السياسية في تونس منذ بداية التسعينات على أساس أمني اتصف بالحزم والصرامة وأدى الى صناعة رصيد من الخصومة وظفه خصوم عقائديون متمعشون من صناعة الأزمات , وهو مالم تواجهه الحركة الاسلامية بقدرة موازية على التفكيك والفهم والمرونة التي لابد أن يكون محورها نسج تقاليد راسخة وايجابية ومفتوحة مع مؤسسة الرئاسة بصفتها مؤسسة دستورية قائمة وقوية لابد أن تكون مرجعا وطنيا عند الخصومة والاختلاف . ان تجارب الاسلاميين الناجحة في المنطقة العربية والدائرة الاسلامية الأوسع , هي تجارب أحسنت التعامل مع المؤسسة الملكية أو الأميرية أو المؤسسة الهرمية عسكرية كانت أو مدنية , اذ لم ينبع استقرار تجاربها ونجاحاتها من منطلق ماتمثله من قوة وجماهيرية بقدر ماأنها أحسنت التفاعل مع تقاليد تاريخية تعطي الدور القيادي المركزي في الدولة مكانة ريادية . لقد فشلت الحركة التونسية في ربط علاقات مرنة وناجحة مع الرئيس الراحل بورقيبة وكانت المواجهة في سنوات 1981 و1987 , وفشلت مرة اخرى في ربط علاقات بعيدة عن تشخيص الصراع واستهدافه لمنصب رئيس الجمهورية من خلال نصوص مكتوبة وأخرى شفهية صدرت من أعلى قياداتها وهو ماتحول الى نوع من اثبات الجدارة في القيادة بعد ماحصل فيها من تشكيك وطعن معنوي … وفي ظل تفكير موضوعي ينطلق من خصوصيات التجربة العربية والاسلامية وفي غير محاكاة للتجربة الغربية أو للاستثناء الموريتاني , فانه يمكن التسليم في تونس بوجود مؤسسة راسخة تكون حكما ومرجعا متقيدا بنصوص الدستور ومتمثلا للمسؤولية الأخلاقية تجاه شعب يتطلع الى الاصلاح في أكثر من حقل ومجال ممكن ومتاح , وهو مايعني أن حقول الاصلاح ينبغي أن تساير خصوصية تونسية لاتحتمل التقليل من دور قصر قرطاج كمؤسسة مركزية أصبحت لها تقاليد ومكانة قوية على الساحة الدولية منذ فجر الاستقلال . لم تخسر الحركة الاسلامية في تركيا حين اعترفت بقوة قادة الجيش والميراث الأتاتوركي , بل انها بذلك ربحت اعترافا ونجاحا في الداخل والخارج , ولم تخسر العدالة والتنمية في المغرب الأقصى حين جالست الملك محمد السادس وحتى الحسن الثاني قبل ذلك واستمعت الى الخطوط العريضة المسموح بها في الساحة الاقليمية والدولية , وهو ماجعلها تنجح في فهم مساحات التغيير ومحظوراته قطريا ومتوسطيا … ان عقدة البعض تجاه النظام العمودي للمؤسسة السياسية الحاكمة في تونس , جعله يقع في محظورات داخلية وخارجية ومن ثمة التسريع بتهاوي المنجز الاجتماعي والسياسي في وقت قياسي … اليوم أجد نفسي مضطرا للخوض في مثل هذا الموضوع الحساس بكل شفافية مقدرا في ذلك أن المعالجة أولى من المجاملة والمحاباة التي قد يمليها علي من حيث لا أشعر نضالي لمدة عقدين كاملين داخل المنتظم الحزبي الاسلامي المعتدل . مراجعات كثيرة وكبيرة تنتظر الحركة الاسلامية التونسية ولعل ماأثرته اليوم من موضوعات يعد جزء أولا من تأملات جريئة وددت الاصداع بها بعيدا عن مخزون نفسي وتاريخي مازلت أكن له كثيرا من التقدير , ولكن ليس على حساب آلام وتطلعات شعب وبلد . (*) رئيس تحرير صحيفة « الوسط التونسية » (المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (اليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 29 أوت 2007)

 


كفى تكفيرًا

تونسي

 

غريب ومريب حقاّ أمر هؤلاء الأصوليين، فقد أضحت ردودهم على بحث الدكتورة سلوى الشرفي حول خطاب الفتوى على الأنترنت رجما يوميّا، يحتدّ ويتلوّن في نسق هستيري بلاحدود. فوضى ردود عارمة عجيبة من التكفير والتزوير والهذيان.

 

خائبا عاد السيد العداسي بعد أن يئس من « توبة » الدكتورة سلوى الشرفي، فقد فشل مسعاه في « وقفتيه » التكفيريتين في نيل ثواب توبتها، يقول في مقاله الأخير( أفكار قتلتها الأفعال):

 

وأمّا السبب الثاني المنتج للمرارة فهو هذا السلوك الغريب الذي يسلكه بعض النّاس (من أمثال سلوى أو الثلاثي الذيل الذي قرأت لهم ردودا تعيسة يتهجّمون فيها عليّ – دون رويّة – جعلوا بها سلوى تتخلّى، حمية، عن إمكانية الرّجوع إلى الحقّ) ممّن نذر نفسه – كما أسلفت – للتطاول على هويّة البلاد وعلى دينها وتديّن أهلها.

 

إذا لولا ردودنا لكانت الدكتورة رجعت إلى الحق تائبة طالبة المغفرة! إلى أيّ نوع من البلاهة ينضوي هذا الكلام؟

 

يواصل السيد العداسي إصراره على اعتبار بحث الدكتورة تطاولا على الدين والتدين، في نبرة تكفيرية صارخة الوضوح. لكنه أضاف هذه المرّة مسألة الهوية، هوية البلاد، وهنا لم يقل هويّتنا، بل سحبها على البلاد كلّها. وهذا الكلام يبرز طبعًا طبيعة مشروعه « الهويّاتي » الذي يريد أن يحشرنا في نار فرنه.

 

السيد العداسي يعلن إعجابه الواضح بالسياسة الدنماركية في قوله: ولقد رأيت تقدّم بلاد الإقامة (الدّانمارك) مبنيّا فقط على احترام ما يحبّرون… فقوانينهم تصاغ باستشارة وتنفّذ بجسارة وبعدل يسوّي بين الحاكم والمحكوم. انتهى.

 

لكنّنا نجده في مقال( أنا حقا شديد الرغبة في العودة إلى بلدي) الذي كتبه منذ أيام يتذمّر من الفتنة الغربية التي تطال المسلمين وأبنائهم على مستوى الأخلاق والتربية! يقول حرفيا: أعتبر أنّ أبناء تونس المهجّرين، ورغم ما يتعرّضون له من فتن تطالهم وتطال أبناءهم (سيّما على المستوى التربوي والأخلاقي)انتهى.

 

هذان القولان المتناقضان يبرزان لنا مدى تمزق الرجل بين هويته « الإسلامية » المتشنّجة والحداثة الغربية. هو معجب بالحداثة وخاصة على المستوى السياسي لكنه يرفض جانبها الإجتماعي والأخلاقي، (وهو نظير الكفر في أدبيات الكثير من الإسلاميين).

 

لذلك لايستطيع العيش في أجواء « الكفر » هذه، فهويته الأصولية المتشنجة تجعله لايرى في الجانب التربوي والأخلاقي للغرب إلاّ أفخاذ النساء والدعارة والجنس و »التسيّب ». لاشك أنّ الرجل يجهل جهلا عاتيا، كعديد الأصوليين، أن تلك النظم التربوية والأخلاقية، على علاّتها ومشاكلها، هي التي أفرزت الديمقراطية والحرية والمساواة والرفاه، وهي التي وفّرت قوانين سمحت له باللّجوء إليها والإقامة والعيش الكريم.

 

رفض الحداثة الغربية يعود في حقيقة الأمر إلى تصوّرات هاذية عن الإنسان والهوية والأخلاق والقيم بشكل عام، وهي تصورات مستمدة من الفقه الإسلامي المنغلق على نفسه منذ قرون، ومدعومة من حالة الركود والانحباس الحضاريين للمسلمين.

 

هذه التصّورات الهاذية المستبدّة بعقل الأصولي هي التي جعلت السيد العداسي والحامدي أيضا يرفضان بحث الدكتورة سلوى الشرفي ويكفّرانها.( سنعود إلى قصة السيد الهاشمي الحامدي)

 

السيد العداسي يدعو في مقاله المنشور أخيرا في تونس نيوز إلى الوقوف في وجه النظام التونسي (وله الحق في ذلك) ومطالبته بتحقيق أقواله في الواقع.

 

لكن يبدوأنه ينتظر تحقيق تلك الأقول فقط لكي يتسنّى له الشروع في تحقيق مشروعه الديني المتطرف.

 

هو يريد من النظام أن يُفسحَ له لكي يحوّل فكره التكفيري الأنترناتي إلى مؤسسات صلبة في صلب الدولة تحمي » الهوية والدين » وتردع الباحثين الكفرة عن التطاول على الدين والمقدسات والثوابت.

(تصفحوا البرنامج السياسي الجديد للإخوان المسلمين في مصر الذي نشره موقع إسلام أونلاين منذ أيام لتروا كيف أعلنوها حربا دينية مقدسة على الجميع).

 

سيد آخر اسمه الخميري ظهر علينا بعد أن تساءل في أحد مقالاته: إلى أين تريد أن تصل بنا سلوى الشرفي ؟ وهو في الحقيقة سؤال مهم جدا لو قدر الرجل، وصحبه، على معالجته بالعقل والحياد لكفّ وكفّت جموعه عن التكفير والصراخ والهستيريا.

 

أعتقد أن الدكتورة سلوى الشرفي لاتريد الوصول بكم أنتم إلى أيّ مكان ولازمان ياسيد الخميري، فقد وصلت فرقتكم النّاجية وفزتم بالجنة والخلد، ولنا نحن، بالرغم من إسلامنا، العذاب الأليم في دنياكم والآخرة!

 

لكن الدكتورة سلوى الشرفي تريد أن تمارس حريتها، التي كفلتها كل دساتير وثقافات الأرض، ماعدا دستوركم وثقافتكم طبعا، في التفكير والبحث والنشر. وهي لم تسب الله والرسول ولا خالد بن الوليد.

فاقرأوا يرحكم الله!

 

يبدو، حقيقة، أن فعل القراءة متعذّر على هؤلاء، وهنا لا أقصد أبدًا ( وحاشى وكلاّ) بفعل القراءة التأويلَ والحفر في طبقات النص الغائرة وإنتاج المعنى كما يفعل النقاد والباحثون، وإنما قراءة النص من اليمين إلى اليسار، كما يفعل التلاميذ في المدرسة الإبتدائية مثلا، بحروفه كلّها والكلمات والعبارات والفواصل والنقاط.

 

فاقرأوه يرحكم الله ويرحمنا من تكفيركم وصراخكم الهستيري.

 

يدور بحث الدكتورة سلوى الشرفي، لو طالعوه، وللتذكير ياسادة، حول خطاب الفتوى على الأنترنت، جمعت فيه عينة من الأسئلة طرحها أناس مسلمون يعيشون في هذا القرن « البائس » ( ويبدو أن بؤسه سيطول وسيتطاول في بلاد المسلمين مادام هناك أناس يفكرون على شاكلة السيدين العداسي والحامدي)  حول عدة مسائل شخصية وجماعية وأخرى أيضا، تناولتها بالتحليل والنقاش.

 

على أنّ  تلك الاستفتاءات والإستفسارات التى ورد الكثير منها غريبا مريبا لا تندرج في قضية استثنائية « شاذة » كما قال أحدهم ، وإنما هي تشكل ظاهرة خطيرة موجودة بالفعل في عدة بلدان عربية وإسلامية، وهي حالة اجتماعية « ثقافية » مخيفة (ألا يحق لنا أن نعلن خوفنا؟) تتمدد في كل يوم في الظلام وفي وضح النهار على حدّ السواء، مستغلة الفراغات التي أحدثتها الدولة العربية المستبدة.

 

والبحث لايندرج لامن قريب أوبعيد في خانة التعرض لله أو الرسول أو خالد بن الوليد، وإنما هناك بعض الإستفسارات جعلت الدكتورة تتقصّى ظلالها في النص والتاريخ الإسلاميين.

 

تحول، إذا، هذا البحث عند هذه الجموع إلى تطاول على الدين والرسول والله. ووصل الأمر إلى نوع من هذيان عجيب ممزوج « بالتخلويض » والديماغوجيا كما فعل السيد الخميري، يقول الرجل، مبتدئا بالدكتورة شخصيا ومنتهيا بهولوكوست تجفيف ينابيع التدين! هكذا في ربط مضحك ودون أن يرفّ له جفن. يقول:

 

وكلما تقدمت خطوة أو خطوتين تظل تجتر نفس المصطلح وهذا دليل على مدى استفحال جرثومة إخماد الرأي الأخر والتبليس عليه حتى لا يتعدى الحدود التي اتفق عليها التطرف اللائكي والمنطق الفرعوني « لا أريكم إلا ما أرى ».. فكل من ردّ عليها إما أن يكون مُكَفِّرا أو جاهلا أو لا يقرأ أو مُصادرا لرأي الآخر ونسيت الأستاذة الكريمة أن ما تفعله هي، هو عين المصادرة والإرهاب الفكري الذي لا يزال العلمانيون يمارسونه ضد من خالفهم الرأي أو نقد ما يكتبون وهم يظنون أنفسهم يسبحون في أنهار العقلانية ويتعطرون بطيبها… ذلك هو المنطق الذي كُرِّس طويلا في تونس حيث ذبحنا النظام ذات يوم بسكين هؤلاء العلمانيين. وهو نفس المنطق الذي كُرِّس ومُورس ويمارس في فضاء الجامعة التونسية حيث كان الطالب الذي لا ينتمي إلى معسكر اللائكين والعلمانيين يقضي سنوات عمره وهو يناقش رسالة الدكتوراه ولا يتحصل عليها بحجة أن المنهج الذي اعتمده أو النتائج التي توصل إليها لا تساير هوى المشرفين عليه.

وظلت سياسة  » و لن يرضى عنك اللائكيون والتقدميون حتى تتبع ملتهم « . تسود الساحة الفكرية والثقافية والفنية حيث تجدها في الإذاعة والتلفزة والسينما والمسرح والجامعات والثانويات حتى وصلت أئمة المساجد التي باتت تأتيهم خُطب الجمعة معلبة. وتم تجفيف ينابيع التدين في البلاد على يد هؤلاء الذين يدعون الحرية والديمقراطية. انتهى.

 

لكن أغرب الردود التي وردت في هذه الحملة الأصولية الشرسة والخطيرة وأكثرها تناقضا والتباسا هو رد السيد الهاشمي الحامدي الذي بدأ مخاتلا وانتهى مواجها تكفيرا وتفتيشا في نفوس « الطوائف » وفي إيمانها ومعادنها الداخلية.

 

فإذا كان السيد العداسي مباشرا وواضحا ( يلعب على المكشوف) صريحا في تكفيره وسبه وثلبه، فإنّ السيد الهاشمي كفّر الدكتورة بديبلوماسية ناعمة تنمّ عن احتراف ومهنية أعلى.

 

ولفرط خصوصيّة سي الهاشمي، صاحب المستقلة غير المستقِلّة، ولنوعية توغّلاته الأصولية المتفردة حقيقةً، سنفرد له مقالا نكشف فيه المضمر وما اختفى وأُخفي  في خطابه وتقلّباته وانقلاباته.

 

أخيرا أناشد السيد المختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بالتدخل في قضية التكفير الخطيرة هذه، التي من شأنها تهديد حياة السيدة سلوى الشرفي وكل باحثة ومفكرة تونسية وباحث ومفكر تونسي يبحث في القضايا الإسلامية، أو في مجالات تتصل بالإسلام والمسلمين.

 

أطالب السيد مختار الطريفي بتشكيل لجنة مستقلة تبحث في هذه القضية الخطيرة، من خلال مراجعة بحث الدكتورة سلوى الشرفي المنشور في موقع الأوان، وردود السيد عبد الحميد العداسي عليه، ومقالي السيد الهاشمي الحامدي( نداء مهم جدا لجميع التونسيين والتونسيات) (خالد بن الوليد) حوله المنشورة في موقع تونس نيوز.

 

إن تكفير الناس وإرهابهم وترهيبهم بالإفتراء على بحوثهم وأفكارهم وبالتفتيش في نفوسهم مسألة خطيرة جدا يتوجب التعامل معها بحزم ودون تردد.

 

أرجو أن تقوم الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بواجبها. خاصّة وأن الدكتورة سلوى الشرفي عضوه في الرابطة منذ تأسيسها وهي أول من قام ببحث علمي موثق حول تاريخها.

 

تونسي

29 أوت 2007

 


 

حول مصادر السيد إحسان العافي

سلوى الشرفي

 

في كل مرة أقرأ تعقيبا على ما كتبت، أمنّي النفس بقراءة شيء معقول و مؤدب و كلاما يدل على أن صاحبه قرأ فعلا. و قد اطلعت على بعض الكتابات من هذا الصنف لكنها نادرة. أما مقال السيد إحسان العافي المعنون ب حول « مصادر سلوى الشرفي » و المنشور أمس على صفحات « تونس نيوز » فقد سمح لي باكتشاف، أن البعض، علاوة على عدم رجوعهم إلى النص الأصلي للباحث، فإنهم لا يحسنون حتى القيام بعمليات حسابية بسيطة.

 

يقول السيد إحسان العافي: » في ردها « إلى الذين كفّروا و إلى الذين كذّبوا » (تونس نيوز ليوم 26 أوت) وضعت الشرفي تسعة مصادر للجمل التي وقع فيها النقاش. ستة (نسبة 66%) منها كانت مأخوذة من موقع http://www.ahl-alquran.com .  و يبدو أنه لم يتنبه أنني وضحت في ردي  » إلى الذين كفّروا و إلى الذين كذّبوا » أنني أورد فقط مراجع الأسئلة المقدوح في مصدرها. و قد أشار هو ذاته بأنها « جمل وقع فيها النقاش »

 

و من المؤكد أيضا أنه لم يرجع إلى نص البحث الأصلي الذي قلت في بدايته حرفيا ما يلي:

« و قد قمنا بالبحث في مجموعة 10 صفحات (وردت في محرك بحث قوقل) تتضمن مئة رابط، استبعدنا منها الروابط غير المتعلقة بمواقع الإفتاء لنحصل على 26 موقعا، اشتغلنا من ضمنها علي مجموع  477 سؤال و جواب لتحليل خطاب الفتوى. »

 

و لو قرأ الحلقات الثلاث للبحث لتفطّن، بمجرد القيام بعملية حسابية بسيطة، بأنني قد أوردت حرفيا 92 سؤالا، عدى الأسئلة التي اكتفيت بالاستعانة بها على التعاليق، وهو أمر معمول به في البحوث. فهل سيطلب مني السيد إحسان العافي أن أنشر الملفات الثلاثة للمراجع المتعلقة بهذا البحث و المحمولة على حاسوبي الشخصي، حتى يطمئن إلى تمكّن أستاذة جامعية من أساتذة الصنف الأول المؤهلين لتأطير رسائل الدكتوراه، من أساسيات البحث العلمي ؟

فكيف له أن يحكم على عملي من خلال 9 أسئلة فقط، « ستة منها مأخوذة من موقع محدّد »، كما أكد ذلك بنفسه ؟ و عليه فإن نسبة 66 في المائة التي ذكرها في رده للتدليل على عدم توازن بحثي إنما هي مؤشر على عدم توازن حاصل في ذهن الذين اتهموني بالكذب و التزوير على أساس هذه الأسئلة بالذات. و ربما يكون انزعاجهم منها للأسباب التي ذكرها السيد إحسان، و هو أمر يدل على عقلية معينة خاصة بهم لا تلزم الباحث.

 

أما مسألة ماهيّة البحث العلمي و هويّته فإنني أكتفي بالإشارة إلى أن عدم النشر في مجلة متخصصة، و هو أمر أقوم به دوريا مثل كل الأساتذة الباحثين، لا ينفي صفة البحث على عمل استند إلى منهج سليم.

 

و أخيرا يقول صاحبنا: » »أقل ما يمكن أن يقال عن هذا الموقع أنه يتبنى أراء لا يتبعها عامة المسلمين. ولذلك وجب على الصحفي المنصف إما تجنب هذا الموقع أو على الأقل معرفة هويته وإطلاع القارئ عليها »

 

يا سيدي، أكرر أن هذا الموقع اشتغلت عليه من بين 26 موقعا قمت بالبحث فيها، وأن تجنّب البحث في مصادر معينة، لأنها لا تروق لبعض الناس، يخالف مفهوم البحث العلمي. فكل ما يكتب و يقال، خاصة، في وسائط موجهة للجمهور، يستحق البحث، لأنه يساهم في تكوين رأي و سلوك المجموعة، ولأنه يؤشّر على ظاهرة اجتماعية ما، حتى و إن كانت تمثّل أقليّة. و إلا فمن الممكن لوم نشريّة « تونس نيوز » على نشرها أمس أخبار جرائم المخدرات و القتل و ظاهرة ما يسمى بعبدة الشيطان التي لا تمثل المجتمع التونسي برمته.

عاجل  
رجاء ثم رجاء ثم رجاء التوقف عن  النقاش والرد على مقالات الدكتورة الشرفي وأمثالها فجميع الأكاديميين يعرفون كيف وصلت هذه وأمثالها إلى ماعليه الآن وخليونا ساكتين باش ما نجبدوش المخبل في كبة ونحكيو  على أساتذة جامعيين في تونس توا ماعندهمش حتى الباكالوريا بلهجتنا التونسية إذا المتحدث مهبول السامع يكون  عاقل كما أن هذا الأسلوب المسمى بخالف تُعرف أصبح مكشوفا للغاية   والقلب يحزن والعين تدمع لقراءة مقالات طويلة ومجهودات مهدورة في الردِّ على سفسطة وانتم عندما تردون على سفسطتها إنما تحقِّقون أهدافها  التي لا تخفى على كل ذي عقل وتفكير وتخمين ورجاء آخر وأخير وأنصحها بألا تهدر وقتها وقلمها وتردّ على دعوتي هذه لأنني لن أرد عليها إلى أبد الآبدين فلي أبحاثي وأشغالي وأعمالي ولتقتد بي وتحوّلْ جهدها إلى أبحاثها ولتحاول تطوير قدراتِها في التدريس على الأقل؟؟؟؟؟؟؟؟ أم يوسف أستاذة جامعية في تونس مستقلة

التّعريب: قضية أمّ

جمال الدّين يمّن ـ بنزرت

 

إنّ من أمّهات القضايا التي يؤمن بها أي مجتمع دينه الإسلام ولغته العربية مبدأًً  وقانونا وتاريخا منذ فجر الحضارة الإسلامية في ربوع البلاد العربية والإسلامية : قضية التعريب أو بصورة أوضح ممارسة اللغة العربية في الحياة بمختلف وجوهها  في المدرسة و الإدارة و مختلف المؤسسات العمومية والخاصّة وفي جميع القطاعات من شركات وجماعات محلية ونواد و  دورمختلفة… هذا من حيث المبدأ والأصل. فما هي الأسباب التي تحول دون تعميم إستعمال اللغة العربية في جميع المجالات وفي كل الأحوال والأعمال…؟

 

تنقسم الأسباب إلى صنفين:

أ‌)      أسباب داخلية تنبع من ذواتنا أي أننا نحن المعنيين مباشرة بها.

ب‌)     أسباب خارجية مرتبطة بقيودنا مع العالم الخارجي: علميّّا وإقتصاديا وسياسيا إلخ… .

 

فهل يمكن تجاوز هذين الصنفين من الأسباب وتحقيق التعريب الشامل في جميع الميادين  و بكل أشكال التعاملات أم أن الأمر معضل لا يمكن تجاوزه مستحيل لا نقدر على حلّه؟

 

لاشكّ بادئ   ذي بدء أن قرار تعميم العربية في جميع المجالات و بالسرعة الناجعة والجدية اللازمة والصّرامة الفاعلة قرار جرئ شجاع ويتطلب تحرّرا كبيرا  من بعض القيود والإلتزامات و التعاملات مع البلدان الغربية في الصفقات الإقتصادية والمصالح المشتركة في مختلف الحالات بحيث يتطلب برامج جاهزة ويقتضي متابعة التطور العلمي والتكنولوجي والإقتصادي متابعة حثيثة دقيقة وبالتالي لابد أن تنشط سوق الترجمة ويتطور التعامل السريع الناجع مع أي رقي في كل ثانية من ثواني الزمان في كل يوم من أيام الشهر. حينئذ لابد من التحرّر من القيود، قيود التبعية المطلقة ، و لابد من تحقيق الذات و التدرج نحو صناعة الإستقلال الحقيقي مع المحافظة  على مكتسبات الإستقلال المصنوع منذ أكثرمن خمسين سنة فهل آن الأوان لنتحوّل من تابعين إلى متبوعين حتى يتحقق لنا  نوع من الإكتفاء الذاتي إني على ثقة تامّة أن ثقافة لغة « الذات » لغة « الأنا » المنفتح على « الآخر » وليس لغة الآخر المنفتحة على « الأنا » هذه الثقافة هي إرساء لقواعد التحرر و هي أرضية مؤمنة تساعد على غرس روح التضحية والصبر لفترة معينة لذلك قلت في مستهل هذا المقال أن قرار التعريب الحقيقي  الشامل للشكل و المحتوى هو قرار شجاع يحتاج إلى جرأة وإيمان و تحرر ذكي من الآخر إلى حين نضحي بالعاجل في سبيل الآجل…

 

وأن قرار تعميم العربية بدون إستثناء في جميع المجالات العموية والخاصة: الإدارة و التعليم بمختلف مراحله الأساسي و الإعدادي والثانوي والعالي…

يقتضي طبعا التدرج من الممكن إلى الصعب ومن العاجل إلى الآجل و من البسيط إلى المعقد و لكن الأهم من ذلك هو النوايا الصادقة والبرمجة الواضحة النزيهة على المدى القصير و المدى البعيد برمجة لا يشوّهها التغيير السياسي أو المصالح المختلفة وتغير القيادات إذ أن هذا الأمر هوخيار وطني

لا تراجع فيه ولا حياد عنه و هو مرحلة « إستراتجية » هامة نحو تحرّر الذات و إقلاعها نحو الأفضل بهمة صادقة…

فإنه لا يجب التهاون فيما هو ممكن في المجالات التربوية والإدارية والعلمية والإقتصادية وغير ذلك…

 

فالمفروض أن المدرسة التونسية بمختلف مراحلها لا بد أن تطلق العنان للعربية في أسرع وقت ممكن فتحقق في ذلك باعا لم تحققه من قبل بهمّة عالية ونفس طموحة ووطنية صادقة وقد أضحى بديهيا مسألة تأقلم التلميذ التونسي والعربي عموما مع مدلولات اللغة العربية في المجالات العلمية والفنية حيث أصبح بالإمكان أن يحقق التلمبذ نتائج باهرة في الإستيعاب فلم تعد اللغة تقف عائقا أمام سيولة الفهم والإستيعاب .

 

كما أثبتت التجربة التطوّر الذي حدث في نتائج الإمتحنات المدرسية في مختلف المراحل حيث كانت في عهد الإستعمار تقتصر على المتفوقين في اللغة الفرنسية عندما كان الجيل يدرس مختلف المواد بهذه الّلّغةّ..!

 

كما أثبتت التجربة التقدّم الذي أحرزته عملية تعريب النصوص في المجال الإداري وتجاوب كافة الموظفين في الإدارة رمع مقتضيات هذا التطور و قد سارت هذه العملية مسيرة طيبة على أنها قد إنطفأت شعلتها في العشرية الإخيرة  وأصبح التفكير في التراجع في بعض المواد والمراحل من التعليم

يخيّم على عقلية بعض المسؤولين أو دعاة « التحرّر » وقد أردت من خلال هذا الطرح أن أبيّن أن الصنف الأوّل من أسباب عرقلة عملية التعريب و هو المتعلق بالأسباب  الداخلية هو أمر « موكول » إلى مسؤوليتنا و مرتبط بهممنا ومدى إيماننا بالقضية وأنّ عرقلته تعتبر في نظري خطأ فادحا وجريمة  لا

تغتفر في حق الشعب والأجيال بمختلف فئاتهم العمرية و الأجدر بنا فتح المجال للمساهمات العلمية و تشجيع ذوي الخبرات والكفاءات المختلفة لإقتحام ميدان العمل في إعداد برامج و محتويات التعريب…

 

وبالتالي ترسيخ الهوية الوطنية من دين و لغة  فإننا لا يمكن أن نخفي أو ننكر أن التعريب هو قرار حضاري متحرّر، هو صنع الذات للذات والرجوع للأصل فضيلة بمعناها السياسي المتحرر الرافض لمفاهيم مثل « التطرف » … أو  » الإرهاب « … ….أو  » نكران الذّات « ./.


 

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين                                  الرسالة رقم 286  على موقع تونس نيوز                                        

خواطر حول حلقات الحوار التلفزي  بقناة المستقلة هذه الأيام حول زمن بورقيبة

 
بقلم محمد العروسي الهاني تونس في 2007/08/29
 
قال الله تعالى في محكم التنزيل : » ربّ أشرح لي صدري ويسّر لي أمري وأحلّل عقدة من لساني يفقهوا قولي » صدق الله العظيم على بركة الله أتقدم بأسمى اَيات الشكر ووافر الثناء وأعمق الإكبار والاحترام للدكتور محمد الهاشمي الحامدي مدير قناة المستقلة وللأسرة الموسعة للقناة على الجهود المضنية التي بذلوها طيلة شهر أوت 2007 لإنجاز أفضل وأعمق برنامج تلفزي حسب اعتقادي بعنوان فضاء ديمقراطي هذا الفضاء الحرّ أعطى صورة حيّة وحقيقة على مسيرة الزعيم العملاق الرئيس الحبيب بورقيبة رحمه الله بمناسبة الذكرى الخمسين لعيد الجمهورية 25 جويلية 2007-1957 وأني أنتهز هذه الفرصة السعيدة والحوار الديمقراطي التاريخي حول خصال ومناقب وبصمات وأثار الزعيم الراحل الحيب بورقيبة رحمه الله أن أنوّه عاليا بجهود الدكتور محمد الهاشمي الحامدي الذي أتاح لي هذه الفرصة الكريمة للمساهمة بقدر متواضع لذكر بعض الخصال والمناقب والتضحيات التي قدمها المجاهد الاكبر الحبيب بورقيبة لفائدة الوطن بوصفه زعيما كبيرا وعملاقا من عمالقة التاريخ الكبار وأن ما قاله الدكتور محمد الهاشمي الحامدي في الحلقة الأخيرة مع الأستاذ محمد الصياح مدير الحزب السابق حول شهادته حول الزعيم الراحل أكّد الدكتور الحامدي أن اشعاع الزعيم في الدول العربية وسمعته الواسعة تفوق الخيال وحتى الذين يخالفونه الرأي فهم يحترمونه ويقدرونه وهذه الشهادة الصادقة تأثرت بها كما سبق لي أن تأثرت بفقرة هامة من بيان السابع من نوفمبر 1987 قالها الرئيس بن علي في حق الزعيم الراحل أسوقها للتاريخ أن التضحيات الجسام التي أقدم عليها الزعيم الحبيب بورقيبة أول رئيسا للجمهورية صحبة رجال بررة لا تحصى ولا تعد ولذلك أحببناه وقدّرناه وعملنا السنين الطوال تحت أمرته في الحكومة والجيش الوطني وقال في الوداع الأخير للزعيم بورقيبة يوم 8 أفريل 2000 في موكب التأبين والوداع الأخير أمام عدد من رؤساء الدول الشقيقة والصديقة والوفود العربية والأجنبية قال بن علي أن الزعيم بورقيبة أثر في عقولنا وقلوبنا وفي مجرى حياتنا هذه الفقرات استحضرها اليوم في هذا اللقاء التلفزي في قناة المستقلة مع فائق تقديري واحتراماتي وأجدّد شكري وإعجابي لجهود أسرة القناة وعلى رأسهم الدكتور محمد الهاشمي الحامدي رجل الوفاء الذي أنجز ما وعد به وانجز حرا ما وعد. هذه بصمات بورقيبة وشهادات من زعماء وقادة الدول الشقيقة والصديقة
إن بورقيبة شخصية فذة لها اشعاعها العالمي وقد قال عنه شارل ديغول انه مكافح سياسي ورئيس دولة يتجاوز مطمحه أبعاد وطنية وهو رجل اشترك معه في شيم كثيرة ومنها الشجاعة على أخذ المواعيد مع التاريخ كان بورقيبة دائما بطل الاستقلال التونسي، وهذا الأمر كان يدفعه إلى التغلب على المتناقضات القائمة في نفسه فهو معارض دائها لفرنسا وإليها تشدّه مع ذلك ثقافته ومشاعره. هذا ما قاله شارل ديغول في منذكراته الأمل وديغول رجل معروف بالدقة الفكرية والدقة اللفظية واحتمال المسؤولية فيما يقول ونعلم أنه لم يكن دائما ملاينا لبورقيبة بل لعله كان دائما في خصام معه هذا الخصام يعنف ويعسر أحيانا ولكنه كان معجبا بخصال بورقيبة فلم يجد بدّا من الاعتراف له في الشهادة التي ذكرناها بالزعامة والبطولة أي العبقرية وقال عنه المرحوم جمال عبد الناصر ما يلي في أواخر حياته قال الزعيم بورقيبة هو الصديق الحق، أنه الوحيد الذي قال لي الحقيقة ونصحني. وقال عند الصحافي الفرنسي الشهير لسرفان شريبار يوم 10 أفريل 1952 أن بورقيبة شخصية عظيمة في التخطيط المنهجي السياسة قد يحدث الرهان عليه تغيرا كبيرا في الخارطة السياسية للعالم. شهد له قادة العالم في عصره بالذكاء والدهاء السياسي والشجاعة والزعامة والبطولة والجرأة والخطابة والأقناع والفكر النيّر والصبر والتجلد والملك فيصل عاهل السعودية كان يحترمه ويقدّره ومعجب به وأحمد سوكارنو زعيم اندونيسيا يحترمه ويقدّر خصاله ومواقفه وقادة افريقيا يشهدون له بالزعامة والجرأة والدفاع المستميت عن كرامة الإنسان وحق الشعوب في تقرير المصير وسنغور رئيس السينيغال كان صديقا حميما لبورقيبة يعظم دوره ويمجد خصاله وكفاحه. والزعيم الكبير مندالا زعيم دولة افريقيا الوسطى كان متأثرا ببورقيبة بكفاحه ضد الاستعمار وأخذ طريقته في الكفاح والسجون والمنافي ووجد كل التشجيع من الزعيم بورقيبة. و الرئيس المختار ولد داده رحمه الله يعترف بالجميل لدور بورقيبة في الاعتراف بدولة موريتانيا ووقفته الشهيرة مع موريتانا رغم ما تسبب من فتور مع المغرب الشقيق ومع الملك محمد الخامس رحمه الله. و سرعان ماذاب الجليد وعادت العلاقات الحميمة بفضل حلم بورقيبة وعشرته ووفائه للملك محمد الخامس رحمه الله. عندما بلغ إلى علمه بوفاة الملك محمد الخامس قطع زيارته إلى فرنسا بعد مقابلة شارل ديغول حول قضية الجزائر وسافر إلى المغرب لحضور تشييع جثمان المغفور له الملك محمد الخامس رحمه الله فعادت العلاقات الحميمة وهذه اللفتة الأبوية الكرمية قدّرها الملك الجديد الحسن الثاني نجل محمد الخامس رحمه الله وتلك عبقرية بورقيبة العملاق ورمز التاريخ وهذه بقية الشهادات : و قال الرئيس كندي عام1961أن الرئيس بورقيبة هو زعيم عالمي وله نظرة بعيدة وحجمه أكبر من تونس وقال حاكم كندا عام 1961 بمناسبة زيارة بوقيبة إلى كندا إن الزعيم بورقيبة هو من عمالقة التاريخ ورئيس دولة من الحجم الكبير وزعيما دوليا وقال الرئيس بوتفليقة الرئيس بورقيبة هو زعيم المغرب العربي الكبير وله فضل على دول المغرب العربي ومجاهدا كبيرا وقال الملك الحسن الثاني أن الزعيم بورقيبة هو الأب الروحي للمغرب الشقيق وبورقيبة زعيما عالميا بكل المقاييس وهناك جملة مأثرة قالها التلميذ الحبيب بورقيبة عام 1921 وهو في سن السابعة عشر والنصف قال لبعض أصدقائه أريد أن أذهب إلى فرنسا للدراسة في التعليم العالي حتى أرجع إلى تونس لمكافحة فرنسا وصدق بورقيبة وحقق الله حلمه وسعيه وتحقق النصر على يديه، وفي عام 1969حضر الزعيم بورقيبة تشييع جنازة الرئيس ايزانهاور حسب وصيته الأخيرة خمس رؤساء دول فقط يحضرون جنازتي من بينهم بورقيبة. الله أكبر. قال الله تعالى : »ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين » صدق الله العظيم. محمد العروسي الهاني

 

 


 

 

خالد بن الوليد وقصته مع مالك بن نويرة

 

بقلم: د. محمد الهاشمي الحامدي

 

أحترم القادة الكبار في التاريخ من كل ملة ودين. أحترم يوليوس قيصر والاسكندر المقدوني وجورج واشنطون ونابوليون بونابارت وتشرشل وروزفلت وديغول وأمثالهم.

وأحترم الزعيم الحبيب بورقيبة والرئيس جمال عبد الناصر والملك فيصل عليهم رحمة الله جميعا.                   

وقبل هؤلاء جميعا، أحترم صحابة محمد بن عبد الله خاتم النبيين وأحبهم من أعماق القلب، صحابة رسول التوحيد والعدل والحرية، صلى الله عليه وسلم، ومن بينهم القائد العظيم خالد بن الوليد رضي الله عنه.

 

بدافع هذا الإحترام العميق، والحب الكبير، أدافع عن خالد بن الوليد إذا تناوله مبغضوه وأرادوا تشويه سمعته أو طمس مآثره العظيمة التي لا تحصى.

 

وفي هذا السياق تأتي هذه المقالة ردا على بعض الأصوات التي هاجمت خالدا بن الوليد رضي الله عنه واتهمته باغتصاب زوجة مالك بن نويرة، وكررت طرح هذا الإتهام مرتين في اللفترة القليلة الماضية، واستشهدت بالطبري.

 

وها أنذا أورد روايات ذكرت عند الطبري وابن كثير والماوردي وآخرين لبيان الحقيقة حول هذا الموضوع.

 

* * *

 

 

رواية من تاريخ الطبري

 

قال أبوجعفر  فيما كتب به إلى السري ابن يحيى يذكر عن شعيب بن إبراهيم أنه حدثه عن سيف بن عمر عن خزيمة بن شجرة العقفاني عن عثمان بن سويد عن سويد بن المثعية الرياحي قال قدم خالد ابن الوليد البطاح فلم يجد عليه أحداً ووجد مالكاً قد فرقهم في أموالهم ونهاهم عن الإجتماع حين تردد عليه أمره وقال يا بني يربوع إنا قد كنا عصينا أمراءنا إذ دعونا إلى هذا الدين وبطأنا الناس عنه فلم نفلح ولم ننجح وإني قد نظرت في هذا الأمر فوجدت الأمر يتأتى لهم بغير سياسة وإذا الأمر لا يسوسه الناس فإياكم ومناوأة قوم صنع لهم فتفرقوا إلى دياركم وادخلوا في هذا الأمر فتفرقوا على ذلك إلى أموالهم وخرج مالك حتى رجع إلى منزله .

 

ولما قدم خالد البطاح بث السرايا وأمرهم بداعية الإسلام وأن يأتوه بكل من لم يجب وإن امتنع أن يقتلوه . وكان مما أوصى به أبو بكر إذا نزلتم منزلاً فأذنوا وأقيموا فإن أذن القوم وأقاموا فكفوا عنهم وإن لم يفعلوا فلا شئ إلا الغارة ثم تقتلوا كل قتلة الحرق فما سواه ! وإن أجابوكم إلى داعية الإسلام فسائلوهم فإن أقروا بالزكاة فاقبلوا منهم وإن أبوها فلا شئ إلا الغارة ولا كلمة! فجاءته الخيل بمالك بن نويرة في نفر معه من بني ثعلبة بن يربوع من عاصم وعبيد وعرين وجعفر فاختلفت السرية فيهم وفيهم أبوقتادة فكان فيمن شهد أنهم قد أذنوا وأقاموا وصلوا فلما اختلفوا فيهم أمر بهم فحبسوا في ليلة باردة لايقوم لها شئ وجعلت تزداد برداً فأمر خالد منادياً فنادى أدفئوا أسراكم وكانت في لغة كنانة إذا قالوا دثروا الرجل فأدفئوه دفأه قتله وفي لغة غيرهم أدفه فاقتله فظن القوم وهي في لغتهم القتل أنه أراد القتل فقتلوهم فقتل ضرار بن الأزور مالكاً وسمع خالد الواعية فخرج وقد فرغوا منهم فقال إذا أراد الله أمراً أصابه!!  

وقد اختلف القوم فيهم فقال أبوقتادة هذا عملك فزجره خالد فغضب ومضى حتى أتى أبا بكر فغضب أبوبكر حتى كلمه عمر فيه فلم يرض إلا أن يرجع إليه فرجع إليه حتى قدم معه المدينة. وتزوج خالد أم تميم ابنة المنهال وتركها لينقضي طهرها وكانت العرب تكره النساء في الحرب وتعايره . وقال عمر لأبي بكر إن في سيف خالد رهقاً فإن لم يكن هذا حقاً حق عليه أن تقيده وأكثر عليه في ذلك ، وكان أبوبكر لا يقيد من عماله ولا وزعته !! فقال هيه يا عمر تأول فأخطأ ، فارفع لسانك عن خالد وودى مالكاً وكتب إلى خالد أن يقدم عليه ففعل فأخبره خبره فعذره وقبل منه وعنفه في التزويج الذي كانت تعيب عليه العرب من ذلك. (تاريخ الطبري، الجزء الثاني، ص 502  والرواية موجودة ومنشورة في الانترنت)

* * *

                                                                              

رواية من تاريخ ابن كثير:

 

كان (أي مالك بن نويرة اليربوعي التميمي ) قد صانع سجاح حين قدمت من أرض الجزيرة، فلما اتصلت بمسيلمة لعنهما الله، ثم ترحلت إلى بلادها، فلما كان ذلك ندم مالك بن نويرة على ما كان من أمره، وتلوم في شأنه، وهو نازل بمكان يقال له: البطاح، فقصدها خالد بجنوده… بعث خالد السرايا في البطاح يدعون الناس فاستقبله أمراء بني تميم بالسمع والطاعة، وبذلوا الزكوات، إلا ما كن من مالك بن نويرة، فإنه متحير في أمره، متنح عن الناس. فجاءته السرايا فأسروه وأسروا معه أصحابه. واختلفت السرية فيهم، فشهد أبو قتادة ـ الحرث بن ربعي الأنصاري ـ أنهم أقاموا الصلاة. وقال آخرون إنهم لم يؤذنوا ولا صلوا. فبقال إن الاسرى باتوا في كبولهم في ليلة شديدة البرد، فنادى منادي خالد: أن أدفئوا أسراكم، فظن القوم أنه أراد القتل فقتلوهم، وقتل ضرار بن الأزور مالك بن نويرة، فلما سمع الداعية خرج وقد فرغوا منهم، فقال: إذا أراد الله أمرا اصابه. واصطفى خالد امرأة مالك بن نويرة، وهي أم تميم ابنة المنهال، وكانت جميلة. فلما حلت بنى بها ».  (البداية والنهاية، الجزء السادس، فصل في خبر مالك بن نويرة اليربوعي التميمي. بيروت: منشورات مكتبة المعارف، الطبعة السادسة، 1988. ص 321)

                                                              

* * *

 

وهذه روايات أخرى عن الحادثة سبق أن أشرت إليها في مقال سابق عن هذا الموضوع ويمكن العودة إليها في كتاب الدكتور الصلابي عن تاريخ أبي بكر الصديق رضي الله عنه:

 

قال الماوردي: إن الذي جعل خالدا يقوم على قتل مالك هو منعه للصدقة التي استحل بها دمه، وبذلك فسد عقد المناكحة بينه وبين أم تميم، وحكم نساء المرتدين (وتعني عبارة المرتدين فعليا في هذا السياق: الذين رفعوا السلاح في وجه الدولة وتآمروا وسعوا علنا لهدمها وإسقاطها بالقوة المسلحة) إذا لحقن بدار الحرب أن يسبين ولا يقتلن، فلما صارت أم تميم في السبي اصطفاها خالد لنفسه، فلما حلت بنى بها. وكتب المؤرخ والعلامة المصري أحمد شاكر في هذا الموضوع: إن خالدا أخذها (أي أم تميم) هي وابنها ملك يمين بوصفها سبية، إذ أن السبية لا عدة عليها، وإنما يحرم حرمة قطعية أن يقربها مالكها إن كانت حاملا قبل أن تضع حملها، وإن كانت غير حامل حتى تحيض حيضة واحدة، ثم دخل بها، وهو عمل مشروع جائز لا مغمز فيه ولا مطعن، إلا أن اعداءه والمخالفين عليه رأوا في هذا العمل فرصتهم فانتهزوها، وذهبوا يزعمون أن مالك بن نويرة مسلم، وأن خالدا قتله من أجل امرأته« .

وقد أورد الكاتب الليبي الدكتور علي محمد محمد الصلابي كثيرا من الروايات في هذا الباب، في كتابيه عن الصديق والفاروق رضي الله عنهما، ثم بين رأيه في الخلاصة قائلا: « وقد قام الصديق بالتحقيق في مقتل ابن نويرة، وأبو بكر في هذا الشأن أشد اطلاعا على حقائق الأمور، وأبعدها نظرا في تصريفها من بقية الصحابة، لأنه الخليفة، وإليه تصل الأخبار، كما أنه أرجح إيمانا منهم ».

 

أي أنه يقول تقريبا: أمر فصل فيه أبو بكر الصديق، فمن ذا الذي يمكنه أن يزايد على أبي بكر في تقواه وورعه وعدله؟

 

* * *

 

هذه هي الحادثة التي يشير إليها البعض من حين لآخر في معرض القدح في خالد. موقف عارض وحادثة صغيرة لن تفلح، مهما ضخمها البعض في تشويه الصورة الحقيقة لعظيم من عظماء الإنسانية.

 

* * *  

يجب ألا يظلم خالد بن الوليد من المسلمين. نحن هنا نتحدث عن قائد عظيم زاهد في الدنيا بمباهجها ومفاتنها: خاض معارك كثيرة وعظيمة من أجل قيم الحق والعدل والحرية. وفي كل معركة من هذه المعارك كان يمكن أن يموت شهيدا من أجل الحق والعدل والحرية. مدحه سيد الخلق، خاتم النبيين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وسماه سيف الله المسلمول، دفاعا عن مبادئ التوحيد والعدل والكرامة، في بيئة عدوانية حاربت دين الحق والتوحيد والحرية، وصادرت حرية العقيدة والعبادة من المؤمنين بالله، السائرين على درب إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام. أعظم من شجاعته في ميادين القتال، أخلاقه العظيمة النادرة يوم جاء خبر عزله من قيادة جيوش الشام، بعد وفاة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ومبايعة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. جاءه قرار العزل فسمع وأطاع ولم يشق صفوف المسلمين. قال له أبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه، أمين الأمة، والقائد الجديد المعين، وهو يواسيه:

 

يا خالد: ما سلطان الدنيا أريد، وما للدنيا أعمل. وإن ما ترى سيصير إلى زوال وانقطاع، وإنما نحن أخوان، وقوّامون بأمر الله عز وجل، وما يضير الرجل أن يلي عليه أخوه في دينه ودنياه، بل يعلم الوالي أنه يكاد يكون أدناهما إلى الفتنة، وأوقعهما في الخطيئة لما تعرض من الهلكة إلا من عصم الله عز وجل، وقليل ما هم ». والناس، من أهل الإسلام ومن أعدائه مفتونون بخالد، بالقائد الذي لا يهزم قط. ومع ذلك، يسمع حالد ويطيع ولا يتمرد. حتى إذا أمره قائده الجديد أبو عبيدة يوما بتنفيذ مهمة قتالية ضمن مشروع تحرير الشام من الإحتلال الأجنبي، وإزالة الحواجز بين أهله الأصليين وبين عقيدة التوحيد والحرية والمساواة بين بني البشر، لبى خالد قائلا:

 

أنا لها إن شاء الله تعالى، وما كنت أنتظر إلا أن تأمرني.

 

فقال أبو عبيدة: استحييت منك يا أبا سليمان.

 

فقال خالد، واسمعوا ما قال أيها الناس في كل زمان ومكان: والله لو أمّر علي طفل صغير لأطيعن له، فكيف أخالفك وأنت أقدم مني إيمانا، واسبق إسلاما، سبقت بإسلامك مع السابقين، وأسرعت بإيمانك مع المسارعين، وسماك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمين، فكيف ألحقك وأنال درجتك؟ والآن اشهدك أني جعلت نفسي حبسا (أي وقفا) في سبيل الله تعالى، ولا أخالفك أبدا، ولا ولّيت إمارة بعدها أبدا. وقد ولّى عمر بن الخطاب رضي الله عنه خالدا رضي الله عنه إمارة قنسرين، ثم عزله لخلاف حول صرف خالد مبلغ عشرة آلاف درهم أو دينار للأشعث بن قيس الكندي. رأى خالد أن ذلك يدخل ضمن صلاحياته كقائد ميداني، واعتبرها الخليفة من صلاحياته. وجرى تحقيق في المدينة انتهى بتبرئة خالد من كل شبهة. وقال عمر لخالد عند عودته إلى المدينة:

صنعت فلم يصنع كصنعك صانع

وما يصنع الأقوام فالله يصنع

                                                                       وقال عمر: يا خالد والله إنك علي لكريم، وإنك إليّ لحبيب، ولن تعاتبني بعد اليوم على شيء. ثم كتب الخليفة إلى الأمصار:  

إني لم أعزل خالدا عن سخطة، ولا خيانة، ولكن الناس فتنوا به، فخفت أن يوكلوا إليه ويبتلوا به، فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع وألا يكونوا بغرض فتنة. وترجم الشاعر المبدع حافظ ابراهيم هذه المعاني شعرا:

وقيل خالفت يا فاروق صاحبنا فيه وقد كان أعطى القوس باريها فقال خفت افتتان المسلمين به وفتنة النفس أعيت من يداويها

وعندما مرض خالد بن الوليد مرض موته عام 21 للهجرة النبوية الشريفة، دخل عليه أبو الدرداء، فقال له خالد: يا أبا الدرداء لئن مات عمر لترين أمورا تنكرها.. قد والله وجدت عليه في نفسي في أمور، لما تدبرتها في مرضي هذا، وحضرني من الله حاضر، عرفت أن عمر كان يريد الله بكل ما فعل. وكنت وجدت عليه في نفسي حين بعث من يقاسمني مالي، حتى أخذ فرد نعل وأخذت فرد نعل، ولكنه فعل ذلك بغيري من أهل السابقة، وممن شهد بدرا. وكان يغلظ عليّ، وكانت غلظته على غيري نحوا من غلظته عليّ، وكنت أدل عليه بقرابته (أي بما بيني وبينه من علاقة القرابة)، فرأيته لا يبالي قريبا، ولا لوم لائم في غير الله. فذلك الذي أذهب عني ما كنت أجد عليه، وكان يكثر عليّ عنده، وما كان ذلك إلا على النظر، فقد كنت في حرب، ومكابدة، وكنت شاهدا، وكان غائبا، فكنت أعطي على ذلك فخالفه ذلك في أمري. وأوصى خالد بن الوليد أن يقوم عمر على وصيته، وكتب: قد جعلت وصيتي وتركتي وإنفاذ عهدي إلى عمر بن الخطاب. وبكى عمر على خالد بكاء شديدا، وبكت المدينة كلها، ويبكي كاتب هذه السطور اليوم عليه وهو يكتبها، ولعل قارئا يقرؤها فيبكي أيضا لفقد عظيم من عظماء الدهر لم تلد النساء مثله على مدى التارخ كله إلا قليلا.

قال عمر: على مثل أبي سليمان تبكي البواكي. قائد عظيم مهد لتحرير العراق، وقاد حملة تحرير الشام وبيت المقدس، ولم يبخل بنفسه أبدا في أي وقت، من أجل التوحيد، ومن أجل الحرية، ومن أجل المساواة بين بني البشر، قائد له في رصيده كل هذه الإنجازات العظيمة، لا يمكن أن يكون من دون أعداء وخصوم، يتصيدون هفواته وأخطائه، وهو لم يكن ملاكا معصوما، وإنما إنسانا أعطي عمره كله لفكرة عظيمة، واجتهد، وأصاب أكثر الوقت وأخطأ أحيانا. ولعله أخطأ في أمر مالك بن نويرة. كاتب هذه السطور كان يأمل ألا تظهر هذه الحادثة في سجل خالد، لكن قدر الله وما شاء فعل. غفر الله لأبي سليمان، فإنه كان يحب الله ورسوله، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا. ربما لو لم ينتصر خالد في تلك المعارك، معارك الردة والتمرد المسلح من أجل إسقاط دولة التوحيد والعدل والحرية، لما كنا نكتب اليوم بحرف الضاد.

 

ولما كان لتونسي من شمال أفريقيا أن ينظر في الآفاق، ويضع يده على الخريطة، ويقول: لله الحمد. إنني من أمة تعدادها أكثر من مليار بشر. أيها التونسيون كافة. أيها المسلمون كافة: من منا ليس في عنقه دين لخالد بن الوليد؟ قولوا: اللهم اغفر لعبدك خالد بن الواليد، واجزه عن الإسلام والمسلمين بخير ما جازيت به عبادك الصالحين، وتجاوز اللهم عن هفواته وأخطائه، وأدخله برحمتك في عليين، مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.

قولوا في حق سيف الله المسلول دفاعا عن التوحيد والحرية والمساواة بين كل بني البشر، خالد بن الوليد، وفي حق الصحابة الكرام رضي الله عنهم جميعا:

 

ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا. ربنا إنك رؤوف رحيم.

آمين. آمين. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين.

 

 


 

 

عن العلمانيّة باعتبارها مبدأ توحيد ومساواة بين المختلفين

د. رجاء بن سلامة    في هذا النّصّ صدى لما قرأته على صفحات الأوان من حوار مهمّ عن العلمانيّة والسّياسة والسّياسيّ. شدّني هذا الحوار وأرّقني أحيانا، ولكن منعتني العطلة الصّيفيّة وإكراهاتها الأليفة من المشاركة فيه، وها أنّني أعود إليه ولو بأخرة لتقديم بعض الآراء والملاحظات التي قد تبدو بديهيّة، إلاّ أنّ البديهيّ كنور الشّمس هو الذي نميل إلى تجنّب النّظر إليه أحيانا: 1-الأديان والمعتقدات خاصّة بمجموعات وفئات، فهي تفرّق ولا تجمع. ففي الوطن الواحد مهما تضاءل حجمه، ومهما أخفت إيديولوجيّته الرّسميّة أقلّياته، ومهما اختلق أصوليّوه من « هويّات خياليّة » أحاديّة، يوجد مؤمنون من مختلف الأديان والمذاهب، ويوجد غير مؤمنين من نفاة وجود الإله ومن اللاّأدريّين واللاّدينيّين، وهؤلاء جميعا توحّدهم العلمانيّة المأمولة، لأنّها مبدأ حياد مشترك هو جوهر السّياسيّ. جوهر السّياسيّ هذا أعتقد أنّه العيش المشترك، والشّوق إلى العيش المشترك ممّا يجعل الإنسان كائنا « مدنيّا بالطّبع ». فالعلمانيّة تساوي بين هؤلاء المختلفين لأنّها لا تعتمد مرجعيّة دينيّة ومذهبيّة خاصّة، ولا تفاضل بين مسلم وغير مسلم، ولا بين مؤمن وغير مؤمن، بل هي تساوي بينهم وتوحّدهم باعتبارهم متشابهين وأحرارا بالولادة، وتترك لهم مجالا خاصّا لكي يعيشوا اختلافاتهم ويمارسوا طقوسهم الدّينيّة أو يحقّقوا نماذجهم الدّنيويّة. إنّها المبدأ الذي يجعل المختلف يجمّد اختلافاته المذهبيّة أو يمتحنها ليعيش المشترك الذي يجمعه بالآخرين، في مستوى غير مستوى اختلافه الدّينيّ والعقائديّ، هو السّياسيّ باعتباره « البعد الأساسيّ للواقع » كما كتب عبد السّلام بنعبد العالي.. فالعلمانيّة ليست مجرّد مذهب يطالب بالفصل بين السّياسة والدّين، بل هي شرط من شروط تجربة العيش المشترك الذي يتحوّل فيه العنف إلى كلام وحوار وتفاوض واقتسام واقتراع، وتتحوّل فيه البنى الانصهاريّة التّقليديّة إلى سلطات منفصلة ودوائر متمايزة. 2-العلمانيّة ليست دينا، وليست رأيا، بل هي الاتّفاق المبدئيّ على إمكان تعدّد الآراء، وجواز تعدّدها، وجواز اختلافها اختلافا يمكن أن يبقى اختلافا لا رجعة فيه، فلا حاجة إلى التّوفيق بين المختلفين ما دام المشترك الذي يجمعهم رغم اختلافهم وقبل اختلافهم أساسيّا، أي سياسيّا. والغفلة عن هذا البعد اللاّمذهبيّ للعلمانيّة تؤدّي إلى تحويلها إلى ديانة جديدة مناهضة للدّيانات، وهو التّصوّر الذي يريد الإسلاميّون و »التّراثيّون » اختزال العلمانيّة فيه. 3-نقيض العلمانيّة تبعا لذلك ليس الإسلام بل الأصوليّة باعتبارها إيديولوجية شموليّة، ونقيض العلمانيّة أيضا هو منظومة الفقه الإسلاميّ باعتبارها منظومة شموليّة. فلنذكّر بأنّ السّمة التي تعتبرها (حنّا أرنت) أساسيّة في الأنظمة الشّموليّة هي الخلط بين المجالين العامّ والخاصّ، والفقه الإسلاميّ الذي يسمّيه الأصوليّون « شريعة » ويعتبرونه متعاليا عن التّاريخ، وبمذاهبه المختلفة التي لا تختلف إلاّ في بعض التّفاصيل والمقادير، هو نظام يخلط بين القانون والأخلاق ويقنّن الحياة الخاصّة والعامّة ويخضع كلّ مجالاتها إلى أحكام الحلال والحرام وما بينهما، ويخضعها إلى مبدإ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر الذي يجعل كلّ مسلم بوليسا دينيّا على الآخرين، متكلّما باسم الله، حالاّ محلّه على وجه الأرض. فللمؤمن المسلم مثلا أن يمتنع عن شرب الخمر احتراما لمعتقداته، وأن يصوم رمضان، وللدّولة أن تضمن له هذا الاحترام، أمّا أن تتدخّل الدّولة ويتدخّل القانون لفرض عدم شرب الخمر وفرض صوم رمضان على كلّ من ولد مسلما، فذلك هو مظهر من مظاهر الخلط بين الأخلاق الدّينيّة والقانون، ومظهر من مظاهر الخلط بين العامّ والخاصّ المنافي للعلمانيّة وللحرّيّة. 4-رغم أنّني لا أشكّ في نبل عواطف المثقّفين الذين يبحثون عن مخرج لما يعتبرونه حربا دامية بين العلمانيّين والإسلاميّين، فإنّني أرى من الأنسب أن يلزم المدافع عن العلمانيّة موقعه، وأن لا يحاول القيام بدور الشّرطيّ في هذه المعركة. فإذا كان الحوار بين الطّرفين الخصمين يقتضي إيجاد أرضيّة مشتركة، فإنّ هذه الأرضيّة المشتركة هي العلمانيّة نفسها باعتبارها دفاعا عن المشترك الجامع بين المختلفين. فمبدأ الحوار موجود في العلمانيّة نفسها ولا نحتاج إلى فرضه بمقترحات التّوفيق بين ما لا يمكن التّوفيق بينه، أو بمقترحات العزل الطّائفيّ والمجموعاتيّ التي تنسف السّياسيّ باعتباره تقاسما للمشترك. فلا يمكن أن نهرب من الانصهار الشّموليّ الذي تريد فرضه الأصوليّة الإسلاميّة لنقع تحت طائلة التّشتّت الطّائفيّ والمجموعاتيّ المولّد للانطواء والعنف اللاّسياسيّ. 5-ثبت خطأ قول دوستويفسكي على لسان أحد أبطال روايته « الإخوة كارامازوف » : « إذا لم يوجد الإله فكلّ شيء يصبح مسموحا به »، لأنّ المرجعيّة الدّينيّة غير ضروريّة لتحقيق العيش المشترك، ولأنّ الأخلاق بمعزل عن الإيمان الدّينيّ. فالإيمان الدّينيّ لا يمنع الجريمة، وعدم الإيمان بدين من الأديان لا يمنع من وجود التّأثّم ولا يؤدّي بصاحبه إلى الجريمة واستباحة المحرّمات الأساسيّة التي تشترك فيها كلّ المجتمعات، وأساسها محرّم نكاح الأقارب ومحرّم القتل بدون مبرّر. ولذلك عارض (جاك لاكان) هذا القول بقوله : « إذا مات الإله لم يعد أيّ شيء مسموحا به ». 6-ما جناه المسلمون في بضعة عقود من تبعات الخلط بين السّياسة والدّين والقانون والدّين، ما جنوه من تعصّب وطائفيّة وهدر للدّماء وضياع لحقوق النّساء والأقلّيّات، وتضخّم للفتاوى والفتاوى المضادّة، واهتراء للاجتهاد لا يقلّ فداحة عمّا دار في أوروبّا طيلة قرون من حروب طاحنة بين المذاهب قبل أن تتوفّق شعوبها إلى إيجاد صيغ مختلفة لإرساء العلمانيّة. ليس « أبعد من الحضيض » الذي وصلنا إليه نتيجة عدم الفصل بين الدّين والسّياسة والقانون، ولا يمكن أن يكون الحلّ من جنس الحضيض الذي نتخبّط فيه، ولا يمكن أن نعتبر الإسلام استثناء داخل مسارات التّحرّر البشريّ من قيود التّقليد واللاّمساواة. 7-إنّ التّكفير أهمّ مؤشّر على انعدام الفضاء العلمانيّ المشترك. ولم يتراجع التّكفير، وأظنّ أنّه في تراجع، لأنّ الحكومات العربيّة تشنّ حربا أمنيّة على الإرهاب تحت قيادة الولايات الأميركيّة المتّحدة، بل لأنّ مثقفّفين وناشطين علمانيّين تكلّموا بما في صدورهم وتضامنوا مع غيرهم، رغم صمت الأنظمة العربيّة وتخاذلها في حماية المفكّرين وعدم استصدارها القوانين المانعة للتّحريض على القتل بدافع دينيّ. ليس القرار القانونيّ والتّشريعيّ بأيدي هؤلاء المدافعين عن حرّيّة الضّمير، وليست الحرب بينهم وبين الإسلاميّين متكافئة، فهم حفنة من الأفراد الذين لا تتّسع لهم صدور المنابر العريضة، ولكنّهم أقوياء بالمطالبة والتّسمية، وبالجرأة على التّفكير، وبالجرأة على التّذكير بوجود غير المؤمنين من نفاة ولاأدريّين ولادينيّين، والجرأة على المطالبة بحقّهم في الوجود وحرّيّة التّعبير. 8-لا تقتضي حرّيّة المعتقد التي تفترضها العلمانيّة احتراما للعقائد، بل تقتضي احتراما لحقّ كلّ إنسان في أن تكون له عقيدة، ونحن نجد على الدّوام خلطا بين احترام حرّيّة المعتقد واحترام المعتقد في حدّ ذاته. كلّ المعتقدات بما في ذلك عدم الإيمان قابلة للنّقد والتّفكيك والسّخرية، ووضع الخطوط الحمراء هو من باب فرض « ممنوع اللّمس » على التّفكير. ومن الغريب أن يصدر هذا الخلط من المدافعين عن العلمانيّة عندما يحذّرون من مغبّة استفزاز مشاعر المؤمنين. لا يحقّ لك أن تمنع غيرك من أن يعتقد ما يشاء، ولا يحقّ لك أن تحرّض على قتله بسبب معتقده، ولكن يحقّ لك انتقاد معتقده بشتّى الأساليب التي تجود بها قريحتك. ربّما تبدو هذه الأفكار بعيدة عن الواقع الرّاهن الذي لا نكاد نرى فيه بارقة أمل في قيام إصلاحات دستوريّة وسياسيّة جذريّة في اتّجاه العلمانيّة، رغم وجود حراك اجتماعيّ وثقافيّ ربّما يسير ببطء نحو هذا الاتّجاه. ولكنّ المطالبة تفتح الأفق، وترسّخ الحقّ. اليد التي تشير إلى الأفق تبتدئ وتبصم وتجدّد السّياسيّ، وليست مطالبتنا اليوم بهذه العلمانيّة أغرب وأدعى إلى الضّحك من مطالبة المناهضين للرّق بتحرير العبيد قبل أن يتحوّل تحرير العبيد إلى مسار لا رجعة فيه.
 
(المصدر: موقع الأوان بتاريخ 30 أوت 2007)
 
 

 

 


 

هل ثمة شيء اسمه الثقافة الديمقراطية؟

 
د. رفيق عبد السلام (*) ثمة اتجاه غالب على دوائر البحث الأكاديمي ورجال السياسة والإعلام في الغرب يميل إلى صبغ الديمقراطية بقيم ثقافية ومعيارية صارمة المعالم والحدود قوامها العلمانية والليبرالية، وهذا ما يعبر عنه غالباً في أدبيات السياسيين والمثقفين بمقولة الثقافة السياسية الديمقراطية أو ما يسمونه  بالقيم السياسية الديمقراطية، والتي غالباً ما يقصد بها الأسس النظرية والقيمية الليبرالية ذات المنابت المسيحية المعلمنة، كما صاغها مفكرو الأنوار منذ القرن الثامن عشر، وهي القيم التي شاع صيتها في الفضاء الأوروبي الأطلسي وفي عموم مواطن العالم من بعد الحرب العالمية الثانية التي أنهت النموذجين النازي والفاشي إلى غير رجعة. وإذا أخذنا بهذه الرؤية، فإن الديمقراطية تتجاوز كونها مجرد أداة للحكم وإدارة للشأن العام، لتصبح منظومة أيديولوجية كبرى لا تختلف كثيراً عما غمر العصر الحديث من أيديولوجيات شمولية كالاشتراكية والشيوعية وربما الفاشية والنازية، وقوةً مناهضة للعقائد مقارعة للأديان. ويقوي ذلك أنه راج بين الكثير من المثقفين والسياسيين الغربيين وحتى العرب تفسير الغياب الديمقراطي في المنطقة العربية والإسلامية، أو ما يعبر عنه غالباً بالفشل الديمقراطي، بممانعة أهلها لقبول القيم العلمانية الصلبة، مقابل تشبثهم بالعقائد « الغيببية » والمسلكيات الدينية. وبهذا يسقطون مجموعة العوامل السياسية والإقتصادية المتعلقة بالهيمنة الخارجية والتجزئة وغيرها ليستبقوا عامل القِيَم الليبرالية فقط. هذه القراءة تلقى رواجاً في أوساط الأكاديميين والإعلاميين والسياسيين الغربيين بحكم انسجامها مع الإرث الاستشراقي الثقيل الذي يقوم في صورته العامة على حفر خنادق عميقة بين الثقافات والحضارات لتسويغ التمايز الجوهري للثقافة الغربية عن بقية الثقافات العالمية سواء أكان ذلك بسبب جذورها الفكرية الصلبة التي تعود بزعمهم إلى « المعجزة اليونانية »، أم بسبب جذورها الروحية والأخلاقية الممتدة في الإرث اليهودي المسيحي، أم بسبب الجمع التوليفي بين هذين المنهلين كما يذكر عالم الاجتماع الألماني ماكس  فيبر في معرض  تساؤله  عن  دواعي  نشأة النظام  الرأسمالي  الحديث  في  الفضاء الأوروبي، (وتحديداً في الشق البروتستانتي منه) دون غيره من الثقافات العالمية الأخرى. ورغم أن التوجهات العلمانية تبدو اليوم الإطار المهيمن على القطاع الأوسع من دوائر الفكر والبحث في الغرب الأوروبي والأطلسي، إلا أنه حينما يتعلق الأمر بمقارنات مع ثقافات أو حضارات مغايرة فكثيراً ما يتحول الخطاب الغربي إلى خطاب شديد الوثوقية والامتلاء بمركزية ثقافية إلى حد النرجسية الفجة. ومن مظاهر ذلك إرجاع ما يسمى فرادة الغرب و »تفوقه » على غيره من أمم العالم الأخرى إلى ميراثه المسيحي « اليهودي » المديد، وعزوه إلى مصادره اليونانية الرشيدة مقابل تخلف بقية الأمم بسبب مواريثها الثقافية والدينية المصادمة » لقيم » الاستنارة والتقدم (1). ورغم أن هذا الخطاب الاستشراقي قد اضطر للتراجع تحت مطارق النقد التاريخي، ثم توجهات المدرسة التأويلية الرافضة للعبة المفاصلة والمفاضلة بين الثقافات، إلى جانب أدبيات ما بعد الكولونيالية التي عملت على فضح ما يتوارى خلف النصوص الاستشراقية من آليات السيطرة وإرادة الهيمنة، على نحو ما يبرز في كتابات إدوارد سعيد وبعض رموز اليسار الأوروبي والأميركي، إلا أن هذا الخطاب أخذ يسترد أنفاسه ويستعيد بعضاً من مواقعه المفقودة في جو من الاحتفالية بانتصار القيم الليبرالية  – ولا سيما في نسختها الأميركية – بعد تداعي الخصم الشيوعي للسقوط. هذا وقت وفرت أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر فرصة ذهبية لقوى غربية كثيرة لإحياء نزوعات ماهوية ثقافية تصل حد العنصرية البغيضة في الكثير من الأحيان، ومن علامات ذلك مهاجمة ثقافة المسلمين وأنماط حياتِهم وطرق معاشهم، ودمغهم بكل ما هو قبيح ومخيف. ولا يقتصر الأمر على القول بأن ثقافة المسلمين وعقائدهم مصادمة في الصميم لقيم الحداثة الفكرية والسياسية فحسب، ولكن يتعدى ذلك إلى اعتبارها مغذية بطبعها لنـزوعات الإرهاب والعنف الأهوج التي تهز عوامل الاستقرار في العالم. كما أنه غدا أمراً شائعا عزو جميع ما تعاني منه المنطقة العربية والإسلامية من أزمات وعاهات إلى عوامل الدين والثقافة بصورة معزولة عن لعبة السياسة والاستراتيجيات الدولية الكبرى التي كانت وما زالت تتحكم في مسارات المنطقة ومصائر شعوبِها، سواء أكان ذلك بقوة الأساطيل والاحتلال العسكري الفجّ، أم بقوة التدخلات السياسية والديبلوماسية والضغوط الاقتصادية، وهي تفسيرات تتيح للقوى الغربية غسل أيديها جملة من الأزمات والمشكلات التي  تعانيها الشعوب العربية والإسلامية. واضرب لهم مثلاً ما يشهده عراق اليوم من دمار شامل وفوضى عارمة، فإن القراءة الغربية لا ترى في الاحتلال العسكري الأميركي الأنغلوسكسوني سبباً لذلك، وإنما هي أسباب  دينية  ونفسية، كوجود  حالة عدوانية  دينية كارهة  للديمقراطية  والإصلاح السياسي. وكذلك الأمر بالنسبة لما يعانيه العرب عامة من مشكلات سياسية واقتصادية، فما ذاك وفق هذه القراءة إلا نتيجة طبيعية للإخفاق الثقافي والديني، أما مشكلات العنف السياسي فإنما هي منتج آلي للتكوين الديني والمدارس الدينية التي تغذي الجماعات المتشددة بثقافة العنف والكراهية للآخرين. ولا يخفى ما في هذه القراءة من تعييب لأكثر العوامل قوة وحضوراً، وهو السياسة وتعقيداتها وما تنطوي عليه الاستراتيجيات الدولية من ألاعيب تحرك باعثة للأزمات ومثيرة للفتن. كتب الباحث الأميركي فرنيس فوكوياما عشية أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر في جريدة « الغارديان » البريطانية متسائلاً عن سر هذا الدفق الإرهابي على حد تعبيره المنبعث من المجتمعات الإسلامية، ومنطقة الشرق الأوسط تحديداً دون غيرها من مواقع العالم الأخرى، وما الذي يجعل هذه المنطقة من العالم قلعة عصية عن تمدد القيم الليرالية العلمانية؟ والجواب واضح وضوح السؤال عند فوكوياما رغم معرفته المحدودة بتاريخ المنطقة وأوضاع شعوبِها البالغة التركيب والتعقيد، وهو أن الشعوب الإسلامية في جملتها ما زال بينها وبين تقبّل قيم الحداثة والتكيف مع متطلباتها حجاباً كثيفاً، بحكم تشبثها العنيد بمواريث دينية صلبة، مما وفر أرضية مناسبة لتخصيب الإرهاب والإرهابيين. وإذا كان العلاج ممكناً من وجهة نظر فوكوياما فلا بد أن يبدأ باجتراح مشروع إصلاح ديني يكون حاضناً لقيم العلمانية والحداثة ومجففاً لمنابع الإرهاب والإرهابيين، نسجاً على منوال ما جرى في أوروبا القرن السادس عشر. لكن فوكوياما، بالرغم من أنه لم يجد غضاضة في استدعاء مقولة هنتنغتون حول صراع الحضارات وما أسماه هذا الأخير « بالحدود الدموية للإسلام »، إلا أنه يبشّر قرّاءَه بأن النموذج الليبرالي المعلمن ما زال بخير وعافية، ولا بد أن يغمر العالم في نهاية المطاف ويقهر ما بقي من مواقع الصد والممانعة « الأصولية » في العالم الإسلامي. وغير خاف أن هذه النظرة تذكر بحتميات النظريات الرؤيوية المسيحية المنذرة بنهاية العالم بعد عودة المسيح وانتصاب الصليب. فبعد سقوط المعسكر الشيوعي وزعزعة الأيديولوجيات الشمولية يذكّر فوكوياما قراءه بأن التاريخ قد استنفذ مختزناته « الباطنية »، ومن ثم لم تبق سوى بعض الأصوات الاحتجاجية ذات الأصول الإثنية أو التوجهات الأصولية التي لا تقوى على مغالبة مصيدة التاريخ الأميركية(2). أما زميله المستشرق الأميركي البريطاني برنار لويس الذي إن عُرفت عنه إحاطته بتاريخ  المنطقة  وأوضاعها، فقد عرفت  عنه أيضاً  تحيّزاته  الصهيونية  البارزة، فقد  جدّد التأكيد على مقالاته المعهودة  حول تشبّث  المسلمين بثقل الموروث الديني والتمركز حول الذات بما يحعلهم عاجزين عن مجاراة التحولات الهائلة التي فرضتها الحداثة الغربية من حولهم خلال القرون الثلاث الأخيرة، فالمسلم الممتلئ بروح الأمة السامية، والذي لا يتصور نفسه إلا سيداً للعالم يجد صعوبة في الأخذ عن الأمم « الكافرة » أو تقليدها في صنائعها وأنماط حياتها. ويضيف لويس بأن الديمقراطية تظل نبتة غريبة وذابلة في أرض المسلمين بسبب ثقافتهم السياسية التي تحل فيها قيم الطاعة محل الحرية، والمؤمن بدل المواطن، والأمة محل الفردية الذاتية، هذا إذا استثنينا الحالة التركية التي تقدم نموذجاً ملهماً في أرض الإسلام الجدباء والنابضة بالعنف(3). ونحن وإن ذكرنا هذه الهنات النظرية والتعميمات السياسية التي تطبع بعض القراءات الغربية، فإننا لا نرى أن الثقافة الإسلامية أو أوضاع المجتمعات الإسلامية بخير وعافية وليس فيها ما يستحق الإصلاح والتطوير، ولكن الذي نريد إبرازه هو أن مشكلة هذه القراءات تكمن في أنها تلتقط بعض المفردات الجزئية هنا أو هناك على نحو اختزالي مشط مع تجاهل متعمد لعوامل أخرى ربما هي أكثر فاعلية وتأثيراً في صنع الظواهر وتوجيه مسار الأحداث، كما أن هذه القراءات تنطلق في صورتها العامة من موقع الشعور بالتفوق والفرادةن فلا ترى في مسار الحداثة « المظفر » إلا وجوهه المشرقة والملهمة ولا ترى في تاريخ بقية الحضارات والمجتمعات إلا إرثاً متناسلاً من الجمود والإخفاق. المعسكر « الديمقراطي » العربي أما على الصعيد العربي فقد نحت بعض النخب الفكرية والسياسية منحى التشديد على ما يسمى بالقيم الديمقراطية، أو ما يطلقون عليه عادة الثقافة السياسية الديمقراطية باعتبارها من الشروط الأساسية لنشأة الديمقراطية في البلاد العربية والإسلامية، من أمثال صادق جلال العظم ومحمد الشرفي وجورج طرابيشي وشاكر النابلسي وهاشم صالح وغيرهم. وبمقتضى هذه القراءة فإن الرقعة الإسلامية عامة والعربية منها خاصة بقيت قلعة ممانعة لامتداد الرياح الديمقراطية، خلافاً لجل مناطق العالم الأخرى، بسبب تخلف قيمها الثقافية وثقل المواريث التاريخية الإسلامية المحكومة بالاستبداد وأخلاق الطاعة العمياء بما لا يترك مجالاً لقيم الحرية والنزعة الفردية، ومن ثم لا سبيل للعرب والمسلمين إلى ولوج بوابة الحداثة السياسية والديمقراطية إلا بالبدء بمشروع إصلاح ثقافي وديني واسع النطاق يسبق أية عملية ديمقراطية ما دامت هذه الأخيرة لن تأتي ضمن مناخات « التخلف » هذه إلا بالقوى المعادية للديمقراطة ولقيم الحداثة. ومن المفارقات العجيبة أن أضحت الثقافة جحراً عميقاً تختفي فيه قوى كثيرة، كل حسب رهاناتها ومصالحها الخاصة، فالقوى الغربية غالباً ما تجد في تفسيرات الثقافة والدين  ملجأ  آمناً لتبرئة  نفسها  من كل  ما جرى  ويجري في هذه المنطقة من العالم من صراعات وتوترات، في حين أن الأنظمة العربية والإسلامية وجدت في التفسيرات الثقافوية مهرباً للالتفاف على مطالب الإصلاح السياسي، بحجة أن شعوبَها مازالت في طور القصور الذاتي والتخلف الثقافي، وهو ما يحجبها عن  إدارة شؤونِها السياسية بنفسها. أما النخب « الحداثية » فقد لاذت بالثقافة عزاء لنفسها مما تعانيه من اغتراب عن المحيط الشعبي، وجلباً للدعم الخارجي باعتبارها الخط الدفاعي الأول والأخير عن قيم « العقلانية » والاستنارة في وجه التهديد « الأصولي » وبحر الجمود الثقافي والسياسي العربيين. وبالجملة يمكن القول أن الأطروحات الثقافوية للموضوع الديمقراطي في العالم العربي تستهدف غايتين اثنتين: أولاً : احتكار جملة من القيم السياسية والفكرية بحسبانها أسس البنيان الديمقراطي مع حجبها عن الآخرين. ومن المعلوم أن لعبة احتكار الأرصدة الرمزية والمشروعية المعنوية لا تقل خطورة عن لعبة الاستئثار بالمغانم والمصالح المادية. فالذين يشددون على صبغ الديمقراطية بصبغة أيديولوجية جوهرية يعملون على احتكار هذه الثقافة وتقديم أنفسهم بمثابة جزيرة استنارة ضيقة في محيط من التخلف الثقافي والسياسي العربي. وهكذا تصبح الأولوية، وفق هذه القراءة، تجذير قيم « الاستنارة » والتحديث والعقلنة وما شابه ذلك، بدل فسح المجال أمام المشاركة السياسية الشعبية ورفع القيود الحاجبة لحرية الناس والكابحة لإرادتهم. وعليه، فليس مهماً أن يكون الحاكم معبراً عن إرادة الناس ومستجيباً لمصالحهم وأشواقهم العامة، ولكن أن يكون « حداثياً » وتنويرياً، بل، له أن يدق الأعناق ويجدع الأنوف على ما يقول ابن خلدون إن دعت الحاجة إلى ذلك. وليس سراً القول هنا بوجود قراءة شائعة في الكثير من الأوساط السياسية وحتى الأكاديمية الغربية ذات بصمات إسرائيلية مفادها أن هذه الشعوب الإسلامية الهائجة والعنيفة لا يمكن ضبطها إلا بحاكم « مستنير » لا يتردد في كسر الرؤوس ، كما أن الحاكم الجدير باكتساب صفات الاستنارة والتحديث والطلائعية فهو في الغالب ذاك الذي يخضع للأجندة السياسية والأولويات الإستراتيجية الغربية، ويبدأ بالاعتراف والتطبيع مع إسرائيل. ثانياً : تأسيس مشروعية استبعاد قوى سياسية واجتماعية معيّنة عن طريق تصنيفها خارج دائرة « القوى الديمقراطية » ووصمها بخصال قادحة ومنفرة من قبيل الأصولية والظلامية والقوى الدينية وما شابه ذلك. فقد غدا أمراً مألوفاً خلال العقدين الأخيرين الاستنجاد بمقولة القيم أو الثقافة الديمقراطية لاستبعاد قوى إسلامية ووطنية باعتبارها معادية في الصميم للديمقراطية ومتربصة بها. والحجة المستخدمة دوماً هي أن القوى المعادية للديمقراطية إنما تريد استخدام صناديق الاقتراع مطية للاستيلاء على السلطة لتخلص إلى نسف الأسس الديمقراطية من القواعد. ولأن عدداً من دعاة هذا المنطق كانوا يساريين راحوا يعيدون إنتاج مقولة: « لا حرية لأعداء الحرية » لتصبح « لا ديمقراطية لأعداء الديمقراطية ». وفي هذا الإطار يمكننا أن نفهم تحويل الساحة السياسية والثقافية إلى ما يشبه الخنادق الحربية المتقابلة بين ما يسمى بالديمقراطيين والأصوليين أو بين الحداثيين والظلاميين وما شابه ذلك، فقد أضحت الديمقراطية تستخدم بصورة احتكارية واستبعادية بما يشبه ما تفعله الطوائف والنحل المغلقة التي تحرص عادة على إقامة العوازل وتحصين الحدود بدل البحث عن المشترك الجامع. فالديمقراطيون، على ما يردد هؤلاء، هم اللائكيون الخُلّص، وهم الذين يجلبون قيم الحرية ويؤمنون بثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان، أما خصومهم فهم الأصوليون الذين لا يقيمون وزناً لثقافة الحرية، والمارقون على كل ما له علاقة بثقافة « الحداثة » وما فيها من قيم. وفي محاولة لتسييج الديمقراطية بحدود استبعادية صارمة عمدت هذه الأطراف إلى رفع المطلب العلماني شرطاً لازماً للديمقراطية ولدخول الحياة السياسية جملة، وتبعاً لذلك غدا على المرء أن يحدد خندقه ويضبط موقعه بصورة واضحة وقاطعة، فإما أن يكون علمانياً ديمقراطياً مستنيراً، وإما أن يكون متديناً وخصيماً للديمقراطية، والحداثة السياسية، ويزداد الأمر تعقيداً حينما يتم تبني علمانية صلبة ووثوقية على طريقة لائكية الفرنسيين التي هي أشبه ما يكون بالمدوّنة الدينية أو المنظومة الكلامية المغلقة. على أنه من المعلوم أن التشديد على البعد الأيديولوجي أو الثقافي للمسألة الديمقراطية يعدّ جزءاً من بعض الاستراتيجيات الدولية المتقاطعة مع حسابات بعض النخب ومصالحها، والتي تقوم على تسييج الخيار الديمقراطي بشروط وإلزامات مسبقة لكبح مسار الحركة السياسية العربية والحيلولة دون صعود قوى ذات توجهات وطنية أو قومية أو إسلامية لا تنسجم مع مصالح وأولويات هذه الأطراف. ففرنسا مثلاً غالباً ما تلجأ إلى لعبة الثقافة والقيم لتثبيت مواطئ قدميها في مستعمراتها المغاربية والأفريقية وتأبيد نفوذها الثقافي والسياسي المتراجع لصالح التمدد الأنغلوسكسوني… وهكذا بدل أن تكون الديمقراطية أداة لمداولة الشأن العام وإدخال أوسع القوى الاجتماعية والشعبية إلى ساحة الحركة السياسية والحياة العامة، فإنها أمست مدخلاً للاحتكار وأداة للإقصاء. والغريب في الأمر أن الذين يعتكفون اليوم على رسم الحدود الفاصلة وتوزيع العلامات المسجلة كانوا إلى وقت قريب ينعتون النظام الديمقراطي بكونه بدعة برجوازية لتشريع السيطرة والاستغلال الطبقي، وليس في رصيدهم النظري ولا السياسي ما يسمح بتصنيفهم ضمن المربع الديمقراطي أصلاً، فضلاً عن أن يكون هؤلاء أصحاب الحل والعقد أو المنة والحجب للديمقراطية، بل إن بعض هؤلاء الذين لا يترددون اليوم في إلقاء المواعظ والدروس حول الديمقراطية وفضائل « المجتمع المدني » كانوا إلى وقت قريب يقومون بمهمة تسويغ الاستبداد وحماية المستبدين تحت دعاوى أولوية التحديث والتنوير ومواجهة المخاطر الأصولية وما شابه ذلك على أي مهمة أخرى. الديمقراطية والعلمانية أما عملية ربط الديمقراطية بالاشتراط العلماني فهي في حقيقة الأمر لا تقل هشاشة عن ربطها بما يسمى بالقيم السياسية الليبرالية، مما يضيق المربع الديمقراطي عند حدود بعض النخب « الطلائعية » التي تعتبر فسها متشبعة بالقيم العلمانية والمدنية. هذه الأطروحة السائدة خصوصا بين بعض العلمانيين الجذريين والمراهنين على تعميق حالة الاستقطاب الثقافي والسياسي في العالم العربي بدل البحث عن المشترك العام والتخفيف من حدة الصراعات، من مثل عفيف الأخضر وسيد القمني وعبد المنعم الأعسم وعزيز العظمة وصادق جلال العظم ومحمد الشرفي وغيرهم. وتلقى هذه القراءة قدراً غير قليل من الدعم والإسناد الخفي والمعلن من طرف بعض القوى الدولية الحريصة على ضبط إيقاع الحركة السياسية العربية والتحكم في مساراتها من خلال قصر دائرة المشاركة السياسية على بعض التيارات النخبوية العلمانية و »الطلائعية ». ودون الخوض هنا في الجانب النظري لمقولة العلمانية، فإننا نكتفي بالقول إن ما يؤكد تهافت الاقتران الاعتباطي بين العلمانية والديمقراطية في العالم العربي الفسيح أنه لا توجد عندنا تجربة علمانية واحدة يمكن الاطمئنان إليها ووصفها بالمدنية الديمقراطية بأتم معنى الكلمة، بل يشهد الواقع، خلافاً لذلك، إن الحكومات الأكثر » تلييكا » (نسبة إلى اللائكية الفرنسية) وعلمنة هي الأكثر استبداداً وتسلطاً، والأكثر انفصالاً عن المجتمع وانسلاخاً منه، ومثال ذلك تونس والجزائر وسورية والعراق واليمن الجنوبي سابقاً وإلى حدّ ما مصر. أما الدول المنعوتة بالدينية والمحافظة مثل المغرب واليمن والأردن والبحرين والكويت، فالثابت أنّها أقل استبداداً وتعدياً على حريات الناس وحقوقهم، فهي قد فسحت في الحد الأدنى المجال أمام قدر من فضاءات التعبير الحر والتنظيم المستقل عن سيطرة الدولة لم تتحه أخواتُها المنعوتة بالحداثية والتقدمية. بل إن العلمانية، كما تُمارس في أغلب البلاد العربية والإسلامية، تبدو عاجزة عن تأسيس الوفاقات السياسية والتسويات الاجتماعية التي هي شرط لازم لقيام حياة سياسية هادئة ومستقرة. ومما يجعل من العلمانية في هذه المنطقة من العالم قرينة التسلط السياسي هو أنها لم تكن في أي وقت من الأوقات تعبيراً عن مصالح القوى المجتمعية الواسعة بقدر كانت انعكاسا لمصالح بعض الفئات النخبوية المتسلحة بمخالب الدولة ثم بحماية القوى الخارجية. وعليه فإن غياب الديمقراطية في المنطقة العربية على وجه الخصوص لا يعود إلى قلة الطلب على الديمقراطية أو المممانعة في قبولها لاعتبارات دينية أو ثقافية على ما يشيع البعض، بقدر ما يعود إلى صعوبة التحكم في مجريات العملية الانتخابية والنتائج التي يمكن أن تتمخض عنها صناديق الاقتراع. وعلى هذا الأساس تلجأ القوى الخارجية ذات المصالح إلى دفع نخبها المحلية التابعة إما إلى تجميد الأوضاع القائمة بحجة المخاطر الأمنية والسياسية التي عساها تتهدد الوضع العام، وإما إلى الانقلاب جملة على « العملية الديمقراطية » ونسف صناديق الاقتراع إن هي لم تأت بالنخب المطلوبة دولياً، كما وقع في الجزائر  مثلاً. وخلافاً للقراءة المهيمنة التي تصوّر المنطقة العربية وكأنها بحر واسع من الجمود والتخلف السياسي نتيجة عزوف الناس عن مطالب الإصلاح والتغيير، فـإن واقع السجون والاعتقال والنفي السياسي يبين ارتفاع الطلب على الديمقراطية في البلاد العربية، وارتفاع كلفته على الشعوب والقوى السياسية. على أن الأمر هنا لا يتعلق بصياغة قانون مطّرد يسوي بين العلمانية والاستبداد في وجه قانون معاكس يقرن العلمانية بالديمقراطية والتسامح، بل كل ما أردناه هنا التنبيه إلى جانبين اثنين، أولهما: ضرورة قراءة العلمانيات على نحو ما تعمل على أرض الواقع بألوانها المتعددة وأشكالها المختلفة، بدل التشبث بنظرية كلية ومجردة للعلمانية لا علاقة لها بواقع الشعوب وتجاربها الحية، والثاني: أن العلمانية في المنطقة العربية، ولظروف تاريخية وملابسات سياسية تتعلق بوضع العرب وما يحيط بهم من استراتيجيات دولية، قد اقترنت إلى حد كبير بالاستبداد والتسلط السياسيين، ولم تجلب معها الديمقراطية أو شيوع قيم التسامح على نحو ما يشاع. ولعله من المهم النظر إلى العلمانية السياسية من زاوية كونها تسوية عملية لمعضلة الانقسام الديني والطائفي الذي شق القارة الأوروبية منذ القرن الخامس عشر ولم تكن خياراً أيديولوجياً أو نخبوياً، وحينما تفقد العلمانية قدرتها على المساومة السياسية وعلى ضمان الوحدة الاحتماعية كما هو واقع الحال في المنطقة العربية والإسلامية، فإنها تتحول إلى أداة للانقسام الاجتماعي وتغذية مكامن التسلط السياسي. ولا ننسى هنا أن الحل العلماني في العالم الإسلامي الذي جاء مرافقاً لتسربات النفوذ الخارجي عجز عن تكوين قاعدة إجماع عام من طرف مختلف القوى الاجتماعية والشعبية على نحو ما حصل في الغرب الأوروبي والأطلسي. طبعاً هذا لا يعني عدم وجود تيار فكري وسياسي في المنطقة العربية ينافح عن التوجهات العلمانية، أو أن المنطقة العربية والإسلامية لا تشكو من بعض التوترات الطائفية والمذهبية في هذا الموقع أو ذاك، ولكن الثابت أنه ما لم يتكون إجماع شعبي وتكتل سياسي حول الحل العلماني فإنه لن يقدر على تأسيس الاستقرار الأهلي المفقود اليوم، أو إقامة ديمقراطية مستقرة. وأخلص من كل ذلك إلى القول بأن الديمقراطية ليست نحلة طائفية ولا مذهباً عَقَدياً مغلقاً، ولا هي معسكرات ثابتة المواقع والخطوط على غرار الأيديولوجيات الشمولية الكبرى، بل هي في أساسها جملة من الآليات الإجرائية التي تسمح بإدارة الشأن السياسي بصورة رشيدة، وهي فضلاً عن ذلك متاع مشاع ومشترك بين الناس يأخذ به من يشاء ويتركه من يشاء. ولو أنعمنا النظر في مجريات الأمور على أرض الواقع رأينا أن الآليات الديمقراطية قد أخذت بها الكثير من القوى العلمانية والأحزاب اللادينية كما أخذت بها القوى والأحزاب الإسلامية على السواء، فثمة أحزاب علمانية وإسلامية ذات توجهات ديمقراطية، كما أن هناك قوى إسلامية وعلمانية غير ديمقراطية، بما يجعل من الصعب الاطمئنان إلى تلك التصنيفات القطعة بين علماني معادل للديمقراطي وإسلامي معادل للاديمقراطي أو الاستبدادي ضرورة. _________________________________ (*) من تونس : كاتب وأستاذ جامعي – لندن (1)      Max  Weber, The Protestant Ethic and the Spirit of Capitalism, translated by T. Parsons; introduction by A. Giddens, (London, 1998) (2) Francis Fukuyama, The West Has Won, (The Guardian, Thursday,11 october2001) (3) Bernard Lewis, The Crisis of Islam (Weidenfeld a Nicolson, London, 2003 (المصدر: مجلة « موازين » الفكرية (بريطانيا)، الكتاب الثاني عشر – تموز/يوليو 2007 ) الرابط: http://www.mawazeen.com/index.php?art/id:192

 

 


 

مدى قابلية أنموذج العدالة والتنمية  للإنتشار العربي

 
زهير الخويلدي
 » إذا تساوت جميع الظروف تكون الحكومة التي يتكاثر في ظلها السكان ويعمرون البلاد دون وسائل خارجية أو التجنس أو إقامة مستعمرات هي الأفضل بكل تأكيد والحكومة التي يقل في ظلها الشعب ويهلك تكون الأسوأ »    جون جاك روسو    في العقد الاجتماعي الحدث هذه الأيام في تركيا وفي المغرب الأقصى هو اكتساح نموذج « العدالة والتنمية » الحياة السياسية على غير العادة وفوز حزب أوردغان بأغلبية البرلمان التركي في الانتخابات على الرغم من منافسة حزب الشعب الجمهوري والحركة القومية وقد مثل استلام غول منصب رئاسة الجمهورية منعرجا حاسما في الطريق نحو علمنة الإسلام السياسي وأسلمة أنظمة الحكم في المنطقة بطريقة ديمقراطية على الرغم من تحذيرات المؤسسة العسكرية بعدم المساس بعلمانية النظام لكونها خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها، من جهة أخرى يدخل حزب العدالة والتنمية انتخابات البرلمان المغربي وكله أمل أن يحقق الفوز وينال الأغلبية من المقاعد وتسانده في ذلك جميع استطلاعات الرأي وكل التوقعات، ولكن المفارقة تكمن في أن نفس النموذج السياسي تقريبا يثير مخاوف العلمانيين في المشرق ولكنه يمثل حليفا للنظام الملكي في المغرب ويمثل مصدر ثقة واطمئنان المواطن المغربي لتبنيه خيارات المؤسسة الدستورية واحترامه للتراتيب التي تنظم بها المملكة الحياة السياسية.  هذه الانتخابات يقاطعها حزب وحيد وهو النهج الديمقراطي الذي مازال رغم كل التحولات يتبنى تصورا ماركسيا للفعل السياسي ويشارك فيها ثلاثة وثلاثون حزبا يتنافسون على ثلاثمائة وخمس وعشرون مقعدا  ومن المعلوم أن السلطات المغربية سمحت للأحزاب المعتدلة التي لها مرجعية إسلامية بالتنظم القانوني الشرعي وقد استفادت الحركة الدستورية الشعبية الديمقراطية التي أسسها بعض الوطنيين وبقيادة عبد الكريم الخطيب من هذا الجو الديمقراطي وقد أدى تقاربها في انتخابات سنة  1997 مع بعض الإسلاميين إلى تأسيس حزب العدالة والتنمية سنة 1998، وبعدما كان أحد أعمدة الحركة الوطنية لمقاومة المستعمر وبعد أن انتهج الكفاح المسلح وتبنى شعارات طوباوية مثل الاشتراكية الإسلامية ووحدة شمال إفريقيا في إطار الملكية الدستورية نراه اليوم يرفع شعارات جديدة مثل المصباح الذي يرى داخله من خارجه ويرمز إلى الشفافية والوضوح والصفاء ويعمل الحزب على ترجمة مجموعة من مقولات على أرض الواقع مثل: من أجل نهضة شاملة، أصالة وعدالة وتنمية،أصالة منسجمة مع القيم وعدالة شاملة تتكافؤ فيها الفرص وتنمية محورها الانسان وتتعدى المفهوم المادي. وقد حدد رسالته على النحو التالي: انه حزب سياسي وطني يسعى انطلاقا من المرجعية الإسلامية وفي إطار الملكية الدستورية القائمة على إمارة المؤمنين إلى الإسهام في بناء مغرب حديث ديمقراطي مزدهر ومتكافل ومعتز بأصالته التاريخية ومسهم في بناء الحضارة الإنسانية. ويرى منظرو هذا الحزب أنهم يعملون على تأطير المواطنين وإشراكهم في تدبير الشأن العام والتعاون مع مختلف الأطراف من أجل ترسيخ قيم الاستقامة والحرية والمسؤولية والتكافل وذلك من خلال منهج سياسي مرتكز على الالتزام والشفافية والتدرج وبتمثل هذه في مختلف أشكال الحياة اليومية والممارسات النضالية.  لكن هل حزب العدالة والتنمية حزب ديني؟ ماهي علاقة الحزب بحركة التوحيد والإصلاح ؟  ماهو موقفه من مشاركة المرأة في الحياة السياسية ؟ هل سيفرض على النساء غير الإسلاميات ارتداء الحجاب بالقوة مثل النموذج الطالباني أو الايراني؟ كيف تعامل الحزب مع الأحزاب الليبرالية والقومية والماركسية المخالفة له في المرجعيات والبدائل؟ هل هو حزب إيديولوجي أم براغماتي؟ هل مازال الحزب يطالب بإصلاحات دستورية بعد دخوله البرلمان ومشاركته في تسيير الشأن العام؟ بماذا تتميز مواقفه من القضايا القومية والدولية؟ ماذا قدم للقضية الفلسطينية؟ إن رسالة حزب بهذه المضامين وضعته أمام عدة تحديات وأوقعته في جملة من المفارقات مثل كيف يكون الحزب من جهة حزبا مدنيا علمانيا ومن جهة أخرى له مرجعية إسلامية؟ أليس هناك تناقض بين ماهو ديني غيبي وماهو مدني دنيوي؟ لماذا يحرص حزب العدالة والتنمية على إظهار ولائه للملكية الدستورية على الرغم من وجود مؤسسة المخزن التي تمثل حجرة عثرة أمام أي تنمية وعدالة؟ ماهو موقف هذا الحزب الإسلامي من مشاركة المرأة في الحياة العامة؟ لماذا تغلب على هذا الحزب الشعارات الأخلاقية التي تجعل منه حركة دعوية أكثر منه حزبا سياسيا ؟ ما سبب نجاح هذا النموذج في تركيا وتعثره في المحيط العربي؟ لقد قدم مؤسس الحزب عبد الكريم الخطيب مثالا رائعا للتداول السلمي على تسيير شؤون الأحزاب المعارضة أو الحاكمة عندما انسحب من الحياة السياسية وفسح المجال أمام الوجوه الشابة لكي تتحمل مسؤوليتها وتتربى قولا وفعلا على التضحية والعمل بتفاني من أجل المصلحة المشتركة وبالتالي تمكن سعد الدين العثماني من الوصول إلى رئاسة الحزب رغم كونه يعد من الجيل الجديد نسبيا بالمقارنة مع غيره من المناضلين وهي سنة حميدة ينبغي سنها في كل الكيانات السياسية حتى يكون التجديد والتطوير ممارسة لا شعارا. وقد رفض هؤلاء أن يكون حزبهم دينيا على طريقة الإخوان المسلمين أو غيرهم من جماعات الإسلام السياسي التقليدية وأكدوا أنه حزب وطني مدني يحدد شروط الانتساب إليه على أساس المواطنة وليس على أساس الطائفة الدينية أو المذهب الفقهي أو النسب العشائري وبينوا أنه يحترم المشروع المجتمعي للدولة ويشتغل في إطار القانون الجاري به العمل، ولكن في المقابل يقولون أن حزبهم له مرجعية إسلامية لأنه ينطلق في برامجه وخططه من المنطلقات الإسلامية التي هي في نفس الوقت منطلقات المجتمع والدولة، فهذا الحزب إسلامي لأن الدولة التي ينتمي إليها مسلمة ومعظم المنتسبين إليه من المنخرطين مسلمين وبالتالي فهو يستلهم طرقه في الإصلاح والتطوير من القيم والمبادئ التوجيهية الحضارية بالتفاعل مع كل الانجازات البشرية في الآن نفسه. وقد فتح الحزب باب الانخراط إلى غير المسلمين الذين لهم جنسية مغربية مثل المسيحيين وغيرهم كما أن اللغة الأمازيغية توجد إلى جانب اللغة العربية في بعض المواقع الإعلامية ولكنه لا يعتبر نفسه من أنصار الحركة الأمازيغية ويؤمن الحزب بالديمقراطية الاندماجية التشاركية وينادي بتوسيع الحريات العامة وبحق الاختلاف الفكري في إطار القانون ويطالب بحرية التعبير دون المساس بالمقدسات الثلاث:الله والملك والوطن ولكنه يتناقض مع التيارات السلفية الجهادية التي يعتبرها تمظهر إرهابي للدين ويفترق مع دعاة التطبيع من المتساهلين مع العدو الصهيوني والغربي الذي يعرض وجود الأمة إلى الخطر. ويطالب الحزب  منذ تلاقى في صلبه التيار الوطني وريث حركة التحرير من الاستعمار بالتيار الإسلامي الذي ظل ينشط في صلب حركة التوحيد والإصلاح الدعوية باصلاحات في منظومة الانتخابات وتعديل المشهد الحزبي حتى تتمكن جميع الأطراف من التعبير عن وجهات نظرها حول جميع المسائل في إطار من التفاهم والتراضي وحتى عند دخوله إلى البرلمان فقد انتهج سياسة التطبيق التدريجي لبرامجه قصد تفعيلها على أرض الواقع دون الإخلال بمضمونها ومتطلبات المرحلة. لقد شجع الحزب العنصر النسائي على اقتحام الحياة السياسية لمساعدة الرجل والتعاون معه على التطوير والإصلاح ويعتبر ذلك علامة حاسمة على تحقيق التنمية لكون صلاح المجتمع يعود بالأساس إلى صلاح المرأة فيه ومساهمتها الناجعة والفعالة في إصلاحه ومن أجل ذلك أوجد المرأة في مختلف هياكله وأطره وترشحت ستة نائبات للبرلمان في قائمته والعديد من المستشارات النسوة في الانتخابات البلدية.وقد ترك الحرية للنساء في ارتداء الحجاب أو خلعه ورفض أن يفرضه بالقوة عليهن أو يمنعهن من ارتدائه وقد وقع تطوير المجلة القانونية بحيث أعطي للمرأة مجموعة من الحقوق الجديدة والتي تتناسب مع الشريعة الإسلامية ولا تتناقض معها. والحزب متحالف مع أحزاب أخرى في إدارة أمور الحكومة الحالية وفي ذلك علامة على امتلاك عقلية غير احتكارية وغير اقصائية بل تؤمن بالمشاركة في التسيير والتواصل مع المختلف وقد رفض أحد أعضائه في المدة الأخيرة دعوة للقاء السفير الأمريكي ومن المعروف أن الحزب يواجه تشكيكا في انتمائه الحضاري إذ يتهمه البعض بالأمركة والتغريب والتطبيع مع الكيان الصهيوني ويطالب البعض الآخر من أدعياء العلمانية الراديكالية بحله لأنه حسب رأيهم حزب ديني بينما يراه معظم السلفيين قد خرج خروجا تاما عن تعاليم الدين الحنيف ويكفرون رموزه ويجردوهم من صفتهم الإيمانية لكن ينبغي أن نتذكر المظاهرات المليونية لشجب الحرب على العراق ولبنان والمساندة الكبيرة للانتفاضة الثانية والحملات الإعلامية الدعائية والتبرعات التي جمعت لدعم الشعب الفلسطيني. وقد صرح رئيسه مؤخرا أنه سيركز اهتمامه على خدمة المواطنين وليس خدمة الدين وأن برنامجه الانتخابي هو تعزيز الإصلاحات الدستورية لتفعيل آليات التنمية وليس وضع العراقيل أمام تطور المجتمع وكبت الطاقات، وبالتالي ينبغي أن يوضع في سياقه الصحيح لأن بروز هذا الحزب المعتدل هو نتيجة خيبة أمل الشارع المغربي من الليبراليين والعلمانيين الذين سيطروا لفترة طويلة دون فائدة من جهة وتخوفهم من صعود التكفيريين الجهاديين وبالخصوص تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الذي يقف وراء التفجيرات المدمرة مؤخرا من جهة أخرى وبالتالي فهو حل وسط بين تطرف علماني يهدد الانتماء الحضاري وتطرف أصولي يهدد المكاسب المدنية. ما يجدر ملاحظته أن هذا الحزب مازال فتيا ونهجه البراغماتي مازال يعاني من العديد من النقائص والثغرات وخطابه السياسي كثيرا ما يركز على الجوانب الأخلاقية النصحية ويفتقد للجرأة المطلوبة لإحداث التغييرات المنشودة وقيادته الشابة مازالت مترددة وخجولة ووعظية وتنقصها الكارزماتية المطلوبة في مثل هذه المناسبات الانتخابية وهي التي تؤخر عملية انتشاره على الساحة العربية. من البين أن الفارق شاسع بين النسخة التركية من العدالة والتنمية والنسخة المغربية فالأول يريد الانضمام إلى الاتحاد الأوربي ويمثل تجربة رائدة على جميع المجالات وبالخصوص في مستوى إدارة الملفات الحساسة بطريقة ديبلوماسية كالعلاقة بين الدين والسياسة والصراع الحضاري مع الصهيونية والأمركة وشكل حضور المؤسسة العسكرية في الحياة المدنية بينما الثاني مازال يتخبط في العديد من المشاكل الداخلية ويتصف بالهشاشة الفكرية وقد فرضت عليه الخصوصية المغربية التنازل عن جرعته التجديدية من أجل إرضاء خصومه السياسيين مما يبعده عن ترجمة شعاراته على أرض الواقع. إن الأطروحة التي تتنافس الطبقة الناشئة على تبنيها ومساندتها هي تلك التي تجمع بين العروبة السردية الجديدة والإسلام التقدمي المقاوم المستنير بقيم اليسار الإنسانية المناهضة للعولمة وتقوم بتجديل العلاقة بين البعد الوطني والقومي والأممي وتجعل من التجذر في الخصوصية شرط الانفتاح على الكونية وينبغي أن تكون رسالة العدالة والتنمية قريبة من هذه الدعوى وبعيدة عن كل الأقاويل المغشوشة والأفكار الفاسدة  المتعطشة إلى افتكاك السلطة من أجل السيطرة و الثأر والانتقام عوض البناء والتعمير وعوض إرساء التقاليد الديمقراطية السلمية وثقافة حقوق الانسان المدنية. ما هو بديهي أن فشل هذه التجربة سيؤدي إلى انتكاسة جديدة للإسلاميين التمدينيين وتقلص من فرص حضور الإسلام السياسي في الساحة الديمقراطية لحضارة اقرأ وأي نجاح له سيؤدى إلى نتيجة باهرة ونموذجية تساعد على تسريع نسق انتشارها على الحالة العربية حتى تخرج من نفق الاستبداد القروسطي وترد على الهجمة الاستعمارية الجديدة التي تتعرض لها الملة وتهدد سيادتها بالانتقاص ووحدتها بالتفكك. لكن هذا التبشير يصطدم بمنع الأنظمة العربية أي تنظم تنويري مدني للناشطين السياسيين الذين لهم مرجعية إسلامية ولجوئها إلى الحل الأمني الاستئصالي أثناء التعامل معهم وتعترضه عقبة ثانية وهي رفض الإسلاميين التقليدين للتمدن والعلمنة واعتبارهم ذلك نوعا من التغريب والخروج عن الصراط المستقيم وبالتالي فان أنموذج العدالة والتنمية مرفوض من الجانبين: السلطة الحاكمة لكونه نسخة معدلة من الحركات الظلامية ومن المعارضة الإسلامية الاخوانية السلفية لكونه نسخة ملطفة من الحركات العلمانية والماركسية. من هذا المنطلق لابد أن تتوفر ثلاثة شروط لكي ينتشر نموذج العدالة والتنمية في الساحة العربية: ·اعتراف الأنظمة العربية بحق البديل الحضاري الإسلامي في التنظم الديمقراطي السياسي مثل بقية الأطياف والتيارات المكونة للمجتمع المدني. · تخلي تيارات الإسلام السياسي عن النموذج التقليدي السلفي المحافظ وتبني خيارات تجديدية تنويرية تنقد المقدس وتعلمن الديني من أجل تحويل الإسلام إلى دين مدني. ·أن يكون مشروع العدالة والتنمية أنموذجا بأتم معنى الكلمة وأن يتلافى نقائصه وثغراته وأن يستفيد من جدلية الهدم والبناء ويخضع أفكاره إلى الصيرورة التاريخية بأن يضع التقدم إلى جانب الأصالة والإنصاف بجوار العدالة والمحافظة على الحياة قبالة كل تنمية. فلم لا يترك المصباح المغربي للعدالة والتنمية مكانه للفانوس الكهربائي التركي حتى يعم نوره على المنطقة العربية الغارقة في ظلام الأنظمة الشمعية الشمولية؟ المرجع: موقع حزب العدالة والتنمية الالكتروني www.pjd.ma * كاتب فلسفي

 


ملاحظات عن نشرية تونس نيوز وأسلوب بعض المحررين فيها

بقلم: نـــادر، باريس – فرنسا (*)

 

أتابع نشرية تونس نيوز منذ سنوات. هذه الرسالة الإلكترونية تحوي كل يوم مجموعة من المقالات التي تهم تونس مقتبسة من المصادر الإخبارية و خاصة بعض الآراء و التعاليق المختلفة. لذلك كيف نحب نتعمق في موضوع على تونس نشوف الأرشيف متاع النشرية الذي يحتوي على برشة أسماء وحقائق و صور مهمة..

 

نتذكر في البداية كانت تونس نيوز تنشر برشة مقالات للخوانجية لكن بعد مدة أصبحت أكثر حيادا وتنشر آراء أخرى. من خلال أنواع التوجه الفكري إتنجم تعمل فكرة عن المستوى اللغوي و الفكري والأخلاقي، لذلك أردت إبداء بعض الملاحظات :

 

– مستوى المقالات الفرنسية أرفع بكثير من المقالات العربية التي يغلب عليها التعميم و التمجيد و لغة الخشب.

 

– أحسن محرر في القسم الفرنسي بالنسبة لي هو بلها بوجادي Balha Boujadi الذي يستعمل لغة راقية و سلسة و يتطرق لمواضيع تونسية صميمة و أنا أشاطره الكثير من آرائه. شي يعمل الكيف كيف نلقاو توانسة يكتبوا بتلك السلاسة.

 

– أحس بالغثيان من المقالات الخوانجية و خاصة للمدعو الهادي بريك الذي يشارك بمقالات مقرفة طولها مئات الصفحات. هذه المقالات مكنتني من التعرف على مستوي ومحتوى خطاب الخوانجية. يغلب على هذه المقالات وقاحة و فقر علمي وشتائم وإستهبال للقارئ بصفة فجة. أو مقالات الهاشمي الحامدي المفرطة في الرداءة و السطحية.

 

– تونس نيوز كانت فرصة لاستكشاف مستوى منتسبي الحزب. مثلا حسين المحمدي مؤلف حلقات مجازر عربية يومية بدم بارد.. أنموذج تونس، وريقات يخجل من كتابتها تلميذ ثانوي أو رسائل المتقاعد محمد العروسي الهاني الذي تكشف عن العقلية السائدة في صفوف هذا الحزب من تمجيد وإستجداء و إنتهازية.

 

– ثمة برشة بلاغات و بيانات من مختلف المنظمات يغلب عليها لغة خشبية و عسكرية و تصفية حسابات ضيقة.

 

تبقي تونس نيوز مصدر من المصادر المهمة للأخبار التونسية حتى أنو برشة موظفين سامين في الدولة يستقيوا الأخبار من هذه النشرية (حسب أحد المدونين).

 

(*) مواطن تونسي من الساحل التونسي (مدينة قصر هلال) أقيم في باريس عاصمة بلاد الحرية.

 

(المصدر: مدونة « نادر » التونسية بتاريخ 29 أوت 2007)

الرابط: http://nader-tn.blogspot.com/

 


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.