TUNISNEWS
6 ème année, N° 2047 du 29.12.2005
محمد العروسي الهاني: رسالة مفتوحة للتاريخ بصراحة المناضلين لرمز البلاد رئيس الدولة الضامن للحريات والساهر على تطبيق القانون والمجسم لدولة القانون والمؤسسات حركة النهضة بتونس: وزير الشؤون الدينية يتهجم على الحجاب و يعتدي على الحريات الجزيرة نت: وزير الشؤون الدينية التونسي يعد باجتثات الحجاب قدس برس: أكاديمية تونسية اعتبرت الصحابي عمر بن الخطاب « عدو » المرأة
الإتحادالجهوي للشغل بجندوبة: إعـــــلاممندوب الصليب الأحمر لـ » الصباح »: « زياراتنا للسجون التونسية تمّت فـي ظروف حسنة ودون عراقيل » علي محمد شرطاني التنمية في ظل استشراء مظاهر الفساد المالي أي معنى? الجزء الاخير حيّان: طلب ملح من الإخوة المتبارزين في مواضيع الشرائع والمقاصد والأوهام والعقائد وما اتصل بها من مصالح ومفاسد
الهادي بريك: فقه المصالحة في الاسلام – الحلقة الثالثة والاخيرة
د. خالد الطراولي: الخطاب الإسلامي في الغرب بين الإشكاليات والبناء (2/3)
القدس العربي: اوساط مغربية تنتقد طريقة نشر الانصاف والمصالحة مضمون تقريرها عن انتهاكات حقوق الانسان خميس الخياطي: الجزائر واقعة في حب مرضي مع الفرنسيين والتونسيون والمغاربة متعافون من هذا المرض
بلال التليدي: نقد مقولة « الإسلام هو الحل »د. بشير موسي نافع: الانتخابات المصرية وأزمة السياسة والفكر السياسي في المجال العربي المبروك بن عبد العزيز: هل يريد الأوروبيون حقا الديمقراطية العربية؟! تركي علي الربيعو: التجارب الخاطئة من غوانتانامو إلى سجن أبو غريب؟« محمد صادق الحسيني: طهران «الفلسطينية»… واستراتيجية «الردع الشامل»
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows). |
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
تونس في 26 ديسمبر 2005
رسالة مفتوحة للتاريخ بصراحة المناضلين لرمز البلاد رئيس الدولة الضامن للحريات
والساهر على تطبيق القانون والمجسم لدولة القانون والمؤسسات
بقلم محمد العروسي الهاني
مناضل دستوري من الرعيل الثاني
بعون الله و توفيقه و مشيئته ورعايته الدائمة يسرني كمناضل دستوري من الرعيل الثاني آمنت برسالة الحزب التقدمية و بحركة الإصلاح الوطني و نهج وثوابت الحركة التحريرية والوطنية بقيادة المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله و ذلك في سن مبكرة عام 1954 في سن الرابعة عشر إيمانا بإشعاع الحزب و صدق مبادئه و وضوح رسالته و انطلاقا من هذه الثوابت الخالدة و القيم السامية و المبادئ النبيلة النظيفة … وتعلقي الشديد بشخص الزعيم الراحل و اعتزازي بانتمائي إلى حزب التحرير الوطني منذ عام 1954 و اعتبارا لذلك فكان الثمن غاليا و رأس المال قويا و التضحيات كبيرة و الحماس متواصلا و النضال طويلا و شاقا اقتداء بزعيم الحزب و الوطن.
مثلي مثل كل المناضلين الصادقين الأوفياء اللذين ضحوا بالنفس و النفيس و زيادة رائدهم أداء الواجب الوطني و التضحية من أجل الوطن و سيادته و بناء الدولة العصرية …
ولم ينتظر واحد منا الجزاء أو المكاسب و المادة و المناصب والضيعات والشركات و القروض الهامة دون نية استرجاعها …
هذه الشريحة المناضلة كان ديدنها التضحية و نكران الذات كما قلت اقتداء بتضحيات الزعيم الأوحد المجاهد الأكبر.
و نجح الحزب في أداء رسالته و حقق كل ما يصبوا إليه المواطن والوطن.
سيادة الرئيس
يسعدني بعد هذه المقدمة الموجزة أن أرفع إلى سامي إشرافكم هذه الرسالة المفتوحة بواسطة الأنترنات بعد أن فقدت الثقة في كل وسائل الاتصال سواء الشخصي عن طريق البريد العادي أو المضمون و لو كان مجانا للرئاسة أو عن طريق الصحف الوطنية التي كما قال الشاعر » لقد اسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي ». كلها صامتة نائمة لا يهمها رأي المواطن ولا إبلاغ صوته لأعلى هرم الدولة ولا فتح أعمدتها للرأي الحر. و حدث ولا حرج في هذا المجال و التجارب عديدة والأمثلة كثيرة سواء على الصعيد الشخصي أو على المستوى الإعلامي والجوانب التاريخية أو الردود والتعاليق على بعض التحامل والافتراء والإساءة حتى على زعيم الوطن.
وقد وجهت لسيادتكم عديد الرسائل حتى في القضايا الوطنية والحزبية والسياسية منها رسالة بعنوان « رسالة للتاريخ » مؤرخة في 6 مارس 2005 حول وضع حد عاجل للإقصاء والتهميش وحرمان بعض المناضلين من طرف اجتهادات البعض سامحهم الله نتيجة مساهمتهم في الحوار أو أرائهم الحرة الصادقة أو تفكيرهم المخالف لرأي المسؤول في إطار حرية الرأي والتعبير والاختلاف في الرأي الذي تعلمناه في صلب الحزب والصراحة والوضوح التي تربينا عليها في منابره والحوار المفتوح في نواديه من القاعدة إلى القمة طيلة حوالي 33 سنة …
وكذلك المقال الذي نشرته 22/8/2005 بموقع الانترنات تونس نيوز بعنوان « تعليق على التحوير الأخير على رأس الأمانة العامة للتجمع ». و قد أشرت بعد المقدمة حول أسباب التحرير و أهدافه وسرورنا بهذا التحوير …
كنت أشرت وأبرزت في هذا المقال 5 شروط لنجاح الخطة و تحقيق الفائدة و النجاعة و الجدوى … للتجمع وللمناضلين الوطنين الذين ابعدوا و همشوا ووقع إقصاء بعضهم حتى في المناسبات الوطنية نتيجة أفكارهم الحرّة و تعلقهم بالحوار الديمقراطي النزيه. ولخصت النقاط الخمسة :
1) تطوير أساليب العمل و فتح أبواب التجمع للجميع و للمناضلين بالخصوص.
2) تطوير هيكلة الإدارة المركزية للتجمع بما يتلاءم مع المرحلة الحاسمة و اختيار الرجال المؤمنين برسالة تطوير العمل السياسي و المتشبعين بالروح النضالية و الوطنية و الحوار الديمقراطي و يتصفون بالصدق و النزاهة و الأصالة الحزبية و العمل التطوعي المجاني التلقائي بعيدا عن المكاسب و السيارات و المنح و البنزين و الهواتف و وسائل النقل و المكاتب الفخمة باعتبار الحزب شعبيا جماهيريا ممارسة و سلوكا.
3) الانتماء للوطن وحده دون سواه ولا ولاء لأشخاص وبالتالي للمنافع والمكاسب بطرق شتى ولا فضل لدستوري على أخر إلا بالعمل التطوعي المجاني في صلب الحزب.
4) الوفاء الدائم لثوابت حزب التحرير ولرموز الحركة الوطنية وفي طليعتهم الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله.
وتعزيز الجانب النضالي والمحافظة على مبدأ ترابط الأجيال وعدم الاستغناء على كل من ناضل بصدق في هياكل الحزب من 1934 إلى اليوم دون فواصل أو قطيعة أو هذا تابع فلان… وهذا متاعنا…
5) إعطاء حرية أوسع للرأي والرأي الأخر داخل منابر الحوار دون تحديد المواضيع أو إقصاء أصحاب الرأي الأخر الحر مع توسيع هامش الحرية بصحافة الحزب وإعطاء الفرصة للمناضلين للتعبير وفتح الأبواب أمامهم واحترامهم ودعم مكانتهم التاريخية لأن حرية الصحافة والأعلام وخاصة صحافة التجمع ضرورية لضمان الشفافية المطلوبة والتعبير الحق وتجسيم الشعار أنّ التجمع لا يضيق صدره من أي رأي.
ولا يتم ذلك إلا باختيار رجال مناضلين صادقين على رأس الصحافة وخاصة صحافة التجمع رائدهم جمع الشمل لا تمزيق الصف والبناء لا الهدم والتصافي لا التشفي والوحدة لا التفرقة وكلمة الخير لا الشر واحترام رأي المواطن والمناضل بالخصوص.
هذه بعض الخواطر التي ساهمت بها في مقالي يوم 22/08/2005 بمناسبة تعين الأخ الأمين العام الجديد للتجمع حتى نصلح ونعيد الاعتبار للمناضلين ولقيمة الشّعب الدستورية ودورها وهياكل التجمع المحلية في مستوى الجامعات ونهاية عهد التعين واحترام قواعد الانتخابات في مستوى لجان التنسيق الجهوية.
وقد كاتبت في هذا الموضوع من عام 1995 وناديت في اللجنة السياسية عام 1996 بهذا الاقتراح أمام الأخ محمد جغام الذي كان متحمسا لذلك. وكذلك نعيد الاعتبار للانتخابات الديمقراطية داخل اللجنة المركزية دون تعين لأكثر من الثلث دون انتخاب.
والحديث يطول حول ما جرى السنة الحالية في عدد هام من الشعب الدستورية حيث كانت دون المستوى وثلثها تم دون حضور المنخرطين وبعضها لم تر منافسة أو ديمقراطية داخل منابر الشعب الدستورية المعتادة على التنافس.
وحتى الإنخراطات السنوية تجمعت لمدّة 3 أعوام ووجدت عديد الشعب صعوبة في جمع المبالغ المالية حسب الأنخرطات لأعوام الثلاثة ووقعت التسهيلات المهم عقد المؤتمرات ولو بحضور عدد قليل! هذا هو حال العديد من الشعب فهل هذا مؤشر صحة أم ماذا, وهل هذا قوة للشعبة الخلية الأساسية للتجمع التي تستمد قوتها وإشعاعها من المنخرطين والمنتمين إليها ترابيا أو مهنيا، وهل المسئولين عالجوا هذه الظاهرة ،وهل صارحوا رئيس التجمع وكشفوا لكم الحقيقة على ما يجري. وهل إبعاد المناضلين والمؤطرين كان له مدلوله ومفعوله أم ماذا…
أردت توجيه هذه الرسالة المفتوحة لسيادتكم من باب الأمانة والغيرة على مكاسب حزب التحرير الوطني وبناء الدولة العصرية رايدي بوضوح وصدق إصلاح الأمر عاجلا واخترت هذه الطريقة الصريحة الواضحة و أتحمل المسؤولية كاملة.
ولا أحبذ كما أشرت في مقالي يوم 27/08/2005 حول موضوع ثقافية الخوف والوهم الذي نشرته بموقع الأنترنات تونس نيوز على حلقتين. قلت أفضل أن أكون صريحا متعلقا بالحوار الصريح أحسن ان أصفق في الاجتماعات وأتكلم في الخلويات والسهرات كلام أخر غير كلام الاجتماعات…
ولا أريد أن أكون كبعض المسؤولين عندما تكون معه على انفراد ينفجر ويقول كل شيء وعندما يكون في اجتماع يصول ويجول.
كما أني أحبذ أن أوقع على مقالاتي لا أن أبعث البيانات الطويلة دون توقيع فأين الشجاعة والجرأة …
واعتقد
يا سيادة الرئيس
أن الأحسن والأجدر والأفضل والأكثر وطنية هو الذي يصارحكم ويصارح المجتمع بالواقع المعاش ولو كان في الصراحة حقائق مرّة.
وأقترح دعم وإشعاع هياكل التجمع وجعل الشعبة هي صاحبة المبادرة وتزكي لا أن تنقلب الآية وتصبح هياكل أخر تزكي المترشحين للشعبة والجامعة بينما الأمر كان العكس …
ولا نخاف من الصوت الحرّ والحوار البناء والكلمة في الصحافة الحرّة ونفتح أبواب الحوار على مصراعيه.
ولا نخشى من الحوار وتحرير العقول لأن الكبت يولد الفتور والعزوف والتململ وهذا ما هو على أرض الوقع: كلام في الخفاء وعدم رضاء في الاجتماعات الخاصة والعائلات وفي الخلوات كما أشرت، وكلام أخر بوجه أخر في المناسبات عند كبار القوم أيضا نتيجة عدم الحوار الحرّ والسماح للمناضلين إلاّ بلغة المدحّ والثناء والتنويه …
وفي هذا الإطار وللامتحان الوطني في التمسك بالوطنية الحق أحبذ لو يصدر أمر أو قرار جريئ يكون بموجبه النائب في مجلس المستشارين ومجلس النواب ويخضع لخصم نصف المنحة لفائدة صندوق التضامن الوطني أي قرابة 60 ألف دينار لمدة 60 شهر المدّة النيابية القانونية. ونبدأ بنواب التجمع مثلا أو المسؤولين في كل القطاعات الهامة خاصة الذين لهم موارد أخرى من المحامات والطب والتجارة والأعمال الحرّة…
وهذا مقياس الوطنية الحق التضحية بالنفيس القليل لا كرجال ومناضلين الأمس ضحوا بالنفس والنفيس معا والسجون والأبعاد والغربة شتان بينهما …
وأخيرا نتمنى كما قلت يوم 29/07/1996 في اللجنة السياسية يجب مراجعة الامتيازات المالية لمن يريد العمل والنضال في صلب الإدارة المركزية للتجمع ولجان التنسيق وأن يكون التفرغ مجانا للعمل وهذا من شروط الوطنية. لا أن يأتي شخص في منصب هام في التجمع ويسعى بالإضافة إلى الامتيازات الهامة والبنزين والهواتف والسيارات أن يستغل مركزه وتوظيف أدوات التجمع لخدمة أغراضه الأخرى ومكتبه الخاص بالمحامين وهذا حصل عام 1995 وبعدها.
فهل هذا يعتبر وطنيا وله الروح النضالية وروح السخاء والعطاء أم الأخذ والاستغلال فالتجمع ليس بقرة حلوب بل هو نضال وتضحية ونكران الذات.
وفي الختام أتمنى أن تأخذ هذه الرسالة المفتوحة للتاريخ بعين الاعتبار والعناية لما احتوت عليه من حقائق وقائع.
أملي إعادة الاعتبار للمناضلين الأوفياء وإعادة الدّر إلى معدنه والدار لمن بناها. فالحزب هو حزب الأحرار المناضلين وهم أجدر بالعناية والأقرب لمواقع القرار والإصغاء.
والمناضلون الاحرار هم اولى بتكوين جمعية للمحافظة عاى تراث الزعيم الحبيب بورقيبة ورفاقه ورموز الحركة الوطنية.
و لا خوف و لا خشية من تكوين الجمعية على غرار اخواننا في فرنسا و اصدقائهم الفرنسيين الذين تحمسوا لتكوين جمعية للمحافظة على تراث بورقيبة ووجدوا الدعم من وزارة الداخلية بحكومة فرنسا و التحصل على التاشيرة القانونية.
لماذا نحن في تونس ننتظر الحصول على التاشيرة منذ يوم 13 جوان 2005 و الصمت مخيم لا رد سلبا او ايجابا و نحن في دولة القانون و المؤسسات التي ترعونها باشرافكم و حماسكم المعهود.
و الله ولي التوفيق.
والســــــلام
محمد العروسي الهاني
مناضل دستوري
تونس
وزير الشؤون الدينية يتهجم على الحجاب و يعتدي على الحريات
وزير الشؤون الدينية التونسي يعد باجتثات الحجاب
موجة استنكار تثيرها تصريحات وزير تونسي اعتبر الحجاب « زيا طائفيا »
Rencontre Culturelle Euro –Arabe الملتقى الثقافي العربي الأوروبي
17 Quai de grenelle75015
info @ euroarabe.org
دعوة
يتشرف الملتقى الثقافي العربي الأوروبي بدعوتكم لحضور
ندوة فكرية حول:
الديمقراطية والاحتلال.
يحاضر فيها
الأستاذ عوني القلمجي
الدكتور محمد الرنتيسي
بحضور العديد من الوجوه الفكرية والسياسية
العربية.
الجمعة الموافق الثلاثين من ديسمبر 2005 وذلك على الساعة السادسة
– 18h–
– بقاعة الـ :AGK
العنوان:
Métro Alexandre
Dumas 177 rue Charonne 75011
الملتقى الثقافي العربي الأوروبي
ٌRenseignement : 06.60.33.84.04
التنمية في ظل استشراء مظاهر الفساد المالي
أي معنى؟
الجزء الاخير:
فكل هذه العوامل الواقعية التي نعيشها معرقلة في الحقيقة لبرامج التنمية، وليست عوامل إنجاح ودفع وتحسين لها، رغم المجهودات التي تبدو مبذولة باتجاه انجاحها . ولكن الفساد المالي والإداري، وإسناد المسؤوليات على أساس الولاء الحزبي، وليس على أساس الكفاءة والحرفية والصدق والإخلاص والقدرة على الإبداع ،هو الذي يأتي على رأس أسباب فشل برامج التنمية في مختلف قطاعات الإنتاج في بلادنا.
ومما يزيد برامج التنمية ضعفا تلك الأرصدة المالية المجمدة بالبنوك التي يعمل أصحابها على تجنب المغامرة، بروح لا وطنية، وبعيدا عن المسؤولية، وبانتهازية وأنانية فائقة، في إدخالها في الدورة الإقتصادية مباشرة، في توق إلى اكتفاء بالربح ألربوي المحرم السهل الذي تدره عليهم كل يوم أو كل شهر أوكل سنة. أو باستثمارها في قطاعات غير منتجة وغير مفيدة للإقتصاد الوطني ( كقطاع البناء لغرض الإيجار مثلا وغيره من القطاعات…).
هذه الأموال التي كان يمكن أن يوجد من التشريعات بعيدا عن الموروث التشريعي الرأسمالي الإستعماري الضامن للملكية الفردية والمقدس لها ما يجيز للدولة أن تتدخل لتفرض ـ إذا لزم الأمرـ على أصحابها إلحاقها بدورة اقتصاد البلاد على غير النحو السلبي الموجودة به، وإدراجها في برامج التنمية في مشاريع وقطاعات منتجة تعود بالنفع على البلاد والعباد، وفق دراسات علمية تتوفر لها بها كل أسباب وشروط النجاح. وأن تصادر منهم إذا لزم الأمر فوائدها وأرباحها وإيراداتها للصالح العام، أو اعطائهم حق التمتع ببعضها مع الإحتفاض لهم بحقهم في الأصل و ضمانه لهم وفق صيغ قانونية محددة. لأن اكتفاء الدولة بجمع الضرائب والجباية والآداءات والمكوس بعد وضع الإقتصاد بين يدي الرأسمال الوطني والأجنبي ،وعدم تدخلها في ما زاد على ذلك، يكتسي مخاطر كبيرة يمكن أن تكون هي المتضررة فيها بالدرجة الأولى، ومن ورائها في النهاية المجموعة الوطنية كلها، في صورة امتناع أصحاب هذه القطاعات وغيرهم ، وفق صيغ قانونية أوغير قانونية، عن دفع الضرائب والآداءات والجباية. أو هجرة هذه الرساميل الى مناطق وجهات أكثر استقرارا وأوفر ربحا، ويلحق الضرر بذلك الوطن والشعب كله.
إن سياسة نظام اقتصاد السوق عموما، لا يمكن أن يتحقق بها في أوطاننا ما يتوهم البعض إمكان تحققه في العالم الغربي الذي كانت الدولة فيه من إنتاج الطبقة الرأسمالية صاحبة الرأسمال الخاص والمالكة للقطاع الخاص والذي كان سابقا لنا في ذلك بقرون من الزمن. والذي أقام قواعد حياته الإجتماعية وأوضاعه الإقتصادية على ذلك الأساس منذ البداية، بعيدا عن كل منافسة اقتصادية أو حضارية أقوى منه،أو لها عليه إشراف أوتأثير مباشر أو غير مباشر الى حد الوصاية عليه، مثلما هو عليه الحال عندنا. وبذلك لا يمكن أن يتحقق لنا من خلاله برنامج تنموي حقيقي وناجح في ظل استفحال أزمة ثقة تسود المجتمع المحلي الداخلي والدولي كله. وفي ظل أزمة ثقة تحكم الحاكم والمحكوم. وتفشي عقلية الرغبة في الربح السهل، على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة، واستيلاء ظاهرة النهم والجشع على الأنفس، واستشراء ثقافة الطمع والخوف بين الناس.
فلا تنمية حقيقية بدون حرية حقيقية وأمن واستقرار حقيقيين وبدون قطاع عام في ظل نظام ديمقراطي مستكملا لكل شروطه في التعددية الحزبية وحرية الإعلام والصحافة والتعبير واستقلال القضاء والتداول السلمي على السلطة وصيانة وضمان حقوق الإنسان.
بقلم : علي محمد شرطاني قفصة
تونس
طلب ملح من الإخوة المتبارزين في مواضيع الشرائع والمقاصد والأوهام والعقائد وما اتصل بها من مصالح ومفاسد
فقه المصالحة في الاسلام
الحلقة الثالثة والاخيرة
فقه الاضحى وفعله في المصالحة :
فقه الحرمات وفعله في المصالحة :
فقه الحج وفعله في المصالحة :
فقه الهجرة وفعله في المصالحة :
كلمة ختامية : ماهي مرتكزات فقه المصالحة من السيرة النبوية إذن ؟
الخطاب الإسلامي في الغرب بين الإشكاليات والبناء (2/3)
د. خالد الطراولي*
وتستمر ردود الأفعال على تصريحات وزير الشؤون الدينية إلى « الصباح » يوم 27 ديسمبر …
بسم الله الرحمن الرحيم
« إذا لم تستح فقل ما شئت«
حقيقة من المؤسف ومن المؤلم أن نرى تونس الزيتونة، تونس العلم و الفقه، تونس التي كانت رائدة بعلمائها وفقهائها، تونس الصدر الأعظم خير الدين باشا وتونس الإمام الأعظم الشيخ الخضر حسين وتونس الإمام بن عاشور… من القاسي علينا أن يتصدر الإفتاء في الخضراء أشباح ولا أشباه علماء لا ناقة لهم و لا بعير لا في العلم و لا في الفقه… أشباح علماء لا حظ لهم من العلم إلا مفردات لا يفقهون حقيقة معناها « حداثة و تنوير و… » ؟؟؟ و فشلوا في كل شيء إلا النفاق و الرياء فهم فيه علماء من الطراز الأول ….
ما هذا الانحطاط الذي أوصلنا إليه هؤلاء… أليس في تونس عالم وفقيه رشيد يرد على هذا الدعي. فالعيب ليس فيه و لا في من أوضعه موضعه المخزي إنما العيب في امة بأكملها تسمع وتقرا لمثل هذا الدعي …
نعم انه مؤسف حقا أننا لا زلنا نسمع مثل هذه الآراء في بلدنا ولكن هذا دليل على العجز والوضع المتردي الذي بلغ بهذه الزمرة المتعصبة وأبواقها الفاسدة في محاربة هوية الأمة وحضارتها وشذت عن كل أطياف المجتمع… بل و شذت حتى عن أسيادهم في الغرب …
ولكن العيب ليس في هده الثلة من المتطرفين والاستئصالين لجذور وهوية الأمة، ولكن في الأحرار والوطنيين في هذا النظام الدين تركوا لهؤلاء الساحة كاملة لينهبوا خيرات البلاد ويشوهوا ماضيها وحاضرها ويتآمروا على مستقبلها، كما أن العيب في العلماء والفقهاء والأئمة الشرفاء في الخضراء الذين سمحوا لمثل هذا الدعي أن يتطاول على الله ورسوله …
وفي الختام نقول لهذا الدعي وأمثاله من المتطرفين عليك أن تحزن كثيرا فالحمد لله وحده فكما تربى موسى في أحضان فرعون فالإسلام هو روح تونس والتونسيين وإن حب الإسلام يسري فينا مسرى الدم في العروق وإن الحجاب ينتشر وسينتشر أكثر فأكثر فأكثر بفضل الله وعزته وإن المساجد عادت لتعمر بالشباب المسلم لا انتماء لطائفة و لا لحزب ولكن حبا في الله و بغضا في الشرك والنفاق وأهله.
« وقل جــاء الحقّ وزهـق الباطل إن الباطل كــان زهُـوقا«
مع تحيات صديق
(المصدر: منتدى الحوار الإسلامي بالمنتديات الكتابية لموقع حوار.نت بتاريخ 28 ديسمبر 2005)
زبعلية و الفتاوي العصرية
الشنفرة شاد سيفوا
مسيكم بالخير يا أهل الخير و ليلتكم زينة و رحمة الله و بركاته
نستسمحكم لحظة قبل ما ندخل في الموضوع ,حتى نفهمكم العنوان , كيما تعرفو باللي الزوااااا *زهير اليحياوي*الله يرحمو هو اللي طلع بمصطلح *الزعبع* و العبد الضعيف الي طلع *زابا زابا رئيس العصابة* واليوم باش نضيفلو لقب جديد وهو زبعلية ,ربما تقولو اش تقصد لحقيقة انو في ها العالم صارت فيه كثير من الثورات و اخرها ثورة الزاباتيست في جنوب امريكا و الزاباتيرو في السبانيور,وسي زابا زابا قال هاذوما ما همشي خير مني ,حتى انا باش نعمل ثورة ,لكن هذي ثورة بالمقلوب,ثورة ضد الدين ثورة ضد الفضيلة ثورة ضد العدل ثورة ضد الحق ثورة ضد المعلومات,المهم خلي يقولو ثورة و هاكا هو. فقررت باش نسميه زبعلية صاحب الثورة العصرية
,المهم نرجعو للموضوع ما تعرفوش يا جماعة قداش امي دوجة ركبها السكر و طلعلها غلظ الدم كيف قرالها و لد أختي جريدة الصباح كيفاش أكا الممسوخ متع إلي حاسب روحو وزير الشؤون الدينية يحكي على الدين وهو يبات يشرب في الوسكي للصباح وظاهر فيها جريدة الصباح قومتو من النوم والراجل ما زال مثمول يعفى علينا و عليكم ربي ,وهذي أخر طلعة قلو الحجاب لباس طائفي يسخايلنا نعيشو في لبنان ولا في الهوتو والتوتسي ,
بالله ما يعرفشي الي في تونس كل بلاد عندها لباسها التقليدي من البلوزة للحايك للملية للحرام وكل بلاد و زينتها و كل بلاد و رطالها وكلها لبسة مستورة و امي دوجة كان تعطيها كنوز الدنيا ما تبدل السفساري و كيما يقول سيدي المدب الله يرحمو كل لبسة تستر لبدن هي لباس الدين والحشمة ,يظهرلي هل مثمول كان يفيق من السكرة لما يكتشف إلي يقولو عليه الحجاب أرحم وأخف ويوحد الناس الكل ويساعد على حركة المرور و التنقل
أما بالنسبة للكتاب الله يهلكو قداش يكذب في عام 2001 زبعلية سكر 15000 كتاب ,قالك حقه حقه باش يخدمو الروضة والمروضين, حتى من لوليدات الصغار خايف منهم يسخايلهم صيودة يحب يروضهم, وزيد التلفزة التونسية,أش من دين تقدم للشباب السناب و الراب و المزود خدام وحتى من امي دوجة كيف نغلط نحط تونس تقلي سكر اعلية أكا مكبوبة السعد و لا حطلي الجزيرة راهي حيرتنا يعطيها حيرة وشعلت فينا النار وحلتلتنا عينينا قبل و قتنا ,اما المصاريف متع الجوامع هذي قالتلهم بف و يزي من الهف ,اخي ما زالت مدبية في تونس , هاو العمدة و المعتمد والبرقادي و رئيس مركز كيف يحيلوه على التقاعد يعطوه جامع يعمل فيه مدب و يبدى كيف الطبل يضرب من جيهتين و يخدم خدمتين و يصور شهريتين أما المدبية متع الصح هاو كان يلقى ينفيهم كيما نفى عبدالله الزواري الله يرجعو سالم غانم لعايلتو
يا سيدي ثم مدب تبرك الله عليه الجامع إلي يشدوا يتعبى بالشباب وهوما كل مرة منقلينو لبلاد ما زال كان رجيم معتوق ما بعثوهش ليها , و أخر طلعة ليلة الحجامة عملت أجنس فوياج متع الحج تحب ادبر راسها و تقلب لعباد في حق العلوش قالت لسي المثمول متع الشعائر الزعبلية قوللهم حكاية الهدي ماهيش من الدين و ما ثماثش منها…والله ما يحشمو على رواحهم هل قطعية…..
و في الأخير نقول للمدب الهادي والمدب الماجري شفتو أش صار كيف خليتو لبلاد وهجيتو غيب يا قط العب يا فار
الشنفرة شاد سيفوا
اوساط مغربية تنتقد طريقة نشر الانصاف والمصالحة مضمون تقريرها عن انتهاكات حقوق الانسان
طالبت باعتذار رئيس الحكومة امام البرلمان
الرباط ـ القدس العربي من محمود معروف
وجهت اوساط حقوقية واعلامية مغربية انتقادات شديدة لطريقة نشر هيئة الانصاف والمصالحة لتقريرها الذي قدمت نهاية الشهر الماضي نسخة منه للقصر الملكي وامر العاهل المغربي الملك محمد السادس فيما بعد بنشره كاملا. ويمثل التقرير الموزع في ستة مجلدات تضم حوالي 700 صفحة حصيلة عمل الهيئة التي كلفها الملك محمد السادس بداية 2004 بالكشف عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي عاشتها البلاد بعد الاستقلال في 1955 وتقديم توصيات لعدم تكرارها والالتزام بحقوق الانسان كما نصت عليها المواثيق الدولية.
وتتفق مختلف الاوساط علي اهمية العمل الذي قامت به الهيئة ان كان من ناحية تتبع الانتهاكات والكشف عنها جبر ضرر الضحايا وعائلاتهم او الكشف عن مصير عشرات الضحايا مجهولي المصير، رغم الانتقادات التي وجهت لعمل الهيئة من منظمات وجمعيات حقوقية تتعلق اساسا في اقتصار بحثها علي مرحلة 1955 الي 1999 وعدم اقترابها من الانتهاكات الجسيمة التي يعيشها المغرب حتي الان، بالاضافة الي امتناع الهيئة عن الاقتراب من المسؤولين عن الانتهاكات والجلادين او تسميتهم. كما وجهت للهيئة انتقادات بعد صدور اجزاء من تقريرها حول عجزها الكشف عن مصير ضحايا رغم مرور عشرات السنين علي تعرضهم للاختطاف او الاغتيال او الاعتقال المفضي الي الموت كما الزعيم اليساري المهدي بن بركة الذي اختطف بالعاصمة الفرنسية باريس وتعرض للتعذيب والاغتيال وبقي جثمانه مجهول المصير وكذلك الناشط اليساري الذي خطف من تونس واحضر للمغرب ثم اختفت اثاره.
وتبث وكالة الانباء المغربية يوميا فقرات ملخصة من التقرير الذي من المقرر حسبما اعلنته الهيئة نشره وتوزيعه علي الهيئات والمؤسسات الحقوقية والاعلامية. وقالت الوكالة امس الابعاء ان هيئة الانصاف والمصالحة دعت في تقريرها النهائي الي انشاء لجنة وزارية مختلطة، من الحكومة، لمتابعة تنفيذ توصيات الهيئة، تمثل فيها وزارات الداخلية والعدل والثقافة والاعلام والتربية والتكوين المهني ومتابعة تفعيل نتائج أعمال الهيئة في مجال جبر الأضرار بواسطة آلية للمتابعة تتولي الاعداد الرسمي للمقررات الصادرة في مجال تعويض الضحايا واشعارهم وتوجيهها الي الحكومة قصد التنفيذ، والسهر علي تفعيل توصيات الهيئة في مجال جبر باقي الأضرار.
وأوصت باحداث لجنة بالمجلس الاستشاري لحقوق الانسان، لمتابعة تنفيذ التوصيات في مجالات الحقيقة وجبر الضرر وضمانات عدم التكرار، تخول لها صلاحيات وسلط واسعة للاتصال بكل السلطات والجهات المعنية، وتعمل علي تقديم تقرير دوري حول نتائج عملها، بما في ذلك التقدم المحرز أو التأخر الحاصل في هذا المجال. ودعت الي انشاء لجان تقنية لمتابعة تنفيذ مشاريع جبر الأضرار علي الصعيد الجماعي تمثل فيها القطاعات والمصالح المعنية، وتعمل علي احاطة الحكومة ولجنة المتابعة المنبثقة عن المجلس الاستشاري بشكل دوري بنتائج أعمالها. وأوصت بأن يقوم الوزير الأول (رئيس الحكومة)، بعد تقديم تقريرها النهائي، بالادلاء بتصريح أمام البرلمان يتضمن اعتذارا رسميا باسم الحكومة عن مسؤولية الدولة عن ما تبث من انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان في الماضي.
وطالبت الهيئة بانشاء لجان متابعة تتكلف بتتبع تنفيذ المشاريع المقترحة وتقديم تقارير دورية الي الجماعات المحلية والحكومة ولجنة المتابعة المنبثقة عن المجلس. وأوصت الهيئة بتأمين التغطية الصحية الأساسية للأشخاص الذين بتت في كونهم ضحايا انتهاكات حقوق الانسان وان يتم ادماج هؤلاء الأشخاص، في المرحلة الأولي، كذوي معاشات تقوم الدولة بتسديد النفقات اللازمة عنهم الي الجهات المعنية بالتغطية، وأنه يمكن للمجلس الاستشاري لحقوق الانسان أن يساهم في اعداد مشروع تعديل باتفاق مع الأطراف المعنية، يتم بموجبه استيعاب هذه الفئة بشكل واضح. وطالبت بتنظيم أنشطة ذات طبيعة اعلامية وتربوية لتقديم التقرير الي عموم المواطنين ومحاضرات ومنتديات لتقديم التقرير ومناقشته علي المستوي الدولي قصد التعريف بالتجربة المغربية في مجال الحقيقة والمصالحة. قدمت هيئة الانصاف والمصالحة في تقريرها النهائي مجموعة توصيات من أجل تعزيز الحماية الدستورية لحقوق الانسان اعتبرت أنها تستوجب الأخذ بعين الاعتبار عندما يكون ممكنا اجراء تعديل في الدستور.
وبعد أن ذكرت بأن السلطتين اللتين يمنحهما الدستور المبادرة بالتعديل هما جلالة الملك والبرلمان، سجلت أنه ليس من صلاحياتها تبني موقف، حول وجهات النظر السياسية أو الحزبية المعلن عنها في النقاش العمومي حول الدستور. وأكدت هذه التوصيات علي ضرورة تعزيز احترام حقوق الانسان وتحسين الحكامة الأمنية علي الخصوص في حالة الأزمات ودعم التأصيل الدستوري لحقوق الانسان كما هو متعارف عليها دوليا وذلك عبر ترسيخ واضح لمبدأ سمو المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة وبشكل عام معايير القانون الدولي والقانون الانساني علي القوانين الوطنية.
ودعت الي التنصيص الدستوري الصريح بفحوي الحريات والحقوق الأساسية التي يتضمنها مثل حريات التنقل والتعبير والتظاهر والتنظيم النقابي والسياسي والتجمع والاضراب وسرية المراسلات وحرمة المسكن واحترام الحياة الخاصة وتحصينها بالقدر الكافي ضد أي تقلبات للعمل التشريعي والتنظيمي والاداري العادي، مع التنصيص علي المقتضي الذي يجعل تنظيم هذا المجال من اختصاص القانون، والزام المشرع نفسه كلما أقدم علي تنظيم ممارستها، بأن يسن، فضلا عن الضمانات الموجودة، ضمانات أخري وقائية مع سبل اللجوء للعدالة لصالح المواطنين الذين قد يعتبرون أنهم تضرروا في ممارسة أي حرية من تلك الحريات أو حق من الحقوق.
وأوصت بتعزيز الضمانات الدستورية للمساواة، وذلك بالتنصيص علي المساواة بين الرجال والنساء في الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتقوية المراقبة الدستورية للقوانين والمراسيم التنظيمية المستقلة الصادرة عن الجهاز التنفيذي، والتنصيص دستوريا علي الحق في الدفع استثناء بعدم دستورية قانون من القوانين، مع الاحالة علي المجلس الدستوري للفصل فيه ووضع شروط مضبوطة لذلك تفاديا للادعاء المفرط باللادستورية. وضمان حق الأقلية في الطعن بعدم دستورية القوانين الصادرة عن البرلمان أمام المجلس الدستوري. وأوصت بتجريم ممارسة الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي والابادة العنصرية وباقي الجرائم ضد الانسانية والتعذيب وكل أشكال المعاملة والعقوبات القاسية وغير الانسانية والمهينة ومنع كل أشكال الميز المدانة دوليا وكل أشكال التحريض علي العنصرية ومقت الأجانب والعنف والكراهية علي مستوي القواعد الدستورية السامية والاقرار دستوريا بمبدأ براءة كل متهم الي أن تثبت ادانته، وضمان حقه في محاكمة عادلة.
ودعت الهيئة الي تعزيز المبدأ الدستوري، من حيث فصل السلط، وخاصة في ما يتصل باستقلال العدالة والنظام الأساسي للقضاة، مع المنع الصريح لأي تدخل للسلطة التنفيذية في تنظيم العدالة وسير السلطة القضائية. ثم تقوية الضمانات الدستورية لاستقلال المجلس الأعلي للقضاء وجعل نظامه الأساسي يحدد بقانون تنظيمي يتم بمقتضاه مراجعة تشكيلته ووظيفته بما يضمن تمثيلية أطراف غير قضائية داخله، مع الاقرار له باستقلاله الذاتي بشريا وماليا، وتمكينه من سلطات واسعة في مجال تنظيم المهنة ووضع ضوابطها وأخلاقياتها وتقييم عمل القضاة وتأديبهم مع تخويله اعداد تقرير سنوي عن سير العدالة، والنهوض بالحكامة الأمنية من حيث تقوية الأمن وحفظ النظام العام سواء في الظروف العادية أو عند حدوث أزمات.
وطالبت التوصيات بتوضيح وتقوية سلطات البرلمان في البحث وتقصي الحقائق فيما يخص احترام حقوق الانسان والوقوف علي أي وقائع قد تثبت حدوث انتهاكات جسيمة، مع الزامه بانشاء لجان للتقصي ذات الاختصاص الواسع في كل الحالات التي يبدو فيها أن حقوق الانسان قد انتهكت أو هي معرضة لذلك بشكل سافر، مع منح الأقلية هي الأخري حق انشاء تلك اللجان، واقرار مسؤولية الحكومة في حماية حقوق الانسان والحفاظ علي الأمن والنظام والادارة العمومية.
كما نصت التوصيات علي ضرورة تشكيل لجنة رفيعة المستوي من فقهاء الدستور والقانون وحقوق الانسان يناط بها تفحص متطلبات وتبعات المقتضي الدستوري المقترح وتقديم المقترحات المناسبة لتحقيق الانسجام بين القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية المصدق عليها من طرف المغرب في مجال حقوق الانسان.
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 29 ديسمبر 2005)
مسئول أوربي يطالب بتجميد المعونات لمصر
الجزائر واقعة في حب مرضي مع الفرنسيين والتونسيون والمغاربة متعافون من هذا المرض
خميس الخياطي
ما موقع المغرب العربي في الخارطة الإعلامية السمعية-بصرية العربية فالمتوسطية؟
قد يظهر السؤال بمظهر المراهقة إن لم يكن بلون الطوباوية السياسية. لماذا؟ ذلك أنه منذ إعلان مدينة طنجة حتي اليوم، وإن كانت المسافة المقطوعة لا بأس بها، بمعني أن العلاقات الثنائية لم تعد بالريبة والعداء والتخوين الذين عهدناهم من الجيرة المغاربية في الماضي الأيديولوجي، فإن الحقيقة علي أرض الواقع تقول بعكس الرسائل الشفوية التي يتبادلها رؤساء وملوك وقادة إتحاد المغرب العربي من آونة لأخري وبحسب المناسبات مؤكدة تلاقي المصالح وصفاء العلاقات ووحدة الأهداف وكأنهم يذكرون بعضهم البعض بفصول الكوميديا السوداء التي يؤدونها دون إقتناع وجدوي.
الواقعية السياسية ترفع مقولة أين كنا وأين أصبحنا؟ مكتفية بالحد الأدني مثل مطالبتها مؤخرا بإحداث رخصة سياقة موحدة ، معللة تحركها الحلزوني بالفوارق المتعددة الأجناس والقائمة بين بلدان المغرب الخمسة وهو أمر حقيقي وملموس بين الجمهورية الموريطانية والمملكة المغربية مثلا أو بين الجمهورية التونسية والجماهيرية الليبية، ناهيك عن معظلة الصحراء الغربية التي رغم أهميتها من الجانبين (المغربي والجزائري) ورغم ما يقال سلبا أو إيجابا عن البوليزاريو ، أصبحت ورقة تين تغطي بها هشاشة رغبة هذه الدول في جانبها المغاربي… إلا أن مثل تلك الفوارق، بل أكثر وأثقل، كانت موجودة كذلك بين فرنسا وإسبانيا أو حتي إيطاليا والبرتغال عشية إنضوائهم داخل مظلة الإتحاد الأوروبي… مما يعني بأن الرغبة السياسية موجودة لدي كل الأطراف وبالتالي، بمقدور هذه الرغبة إن كانت صادقة من الطرفين، بمقدورها أن تذلل كل العقبات لا سيما والتجانس الثقافي والتاريخي واللغوي بين البلدان الخمسة أو علي الأقل بين صدر المغرب العربي (المغرب/الجزائر/تونس) لا مثيل له رغم خندق الصحراء الغربية .
كنز مجهول القيمة
إن وضعنا هذا السؤال الطوباوي والمراهق والغبي كذلك، فذلك لأن قراءة الصورة التي قدمتها شركة سيغما التونسية (التي أسسها صاحبها حسن الزرقوني في العام 1998) مؤخرا حول المغرب العربي الوسيط (المغرب/الجزائر/تونس) من زاوية الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي وقوة الإستثمار الإستشهاري وطبيعته والأرضية العمرية والقوة التنموية والناتج الفردي تبين كلها أننا أمام كنز مجهول القيمة مازلنا لم نعرف بعد كيفية إستثماره. هذه الشركة التي تعمل أفقيا في كل من المغرب والجزائر وليبيا ولها مقرها بتونس أظهرت عبر دراستها هذه (77 صفحة من الأرقام والتخطيطالت باللغة الفرنسية ويمكن الإطلاع عليها علي العنوان الإلكتروني التالي : www.e-sigmaconseil.com) أن القوة السكانية للمغرب العربي الوسيط تعادل 75 مليون نسمة، ثلثها له من العمر أقل من 15 سنة، بمعني أن ضرورة الإتحاد المغاربي هي في صالح الجيل القادم وليست في صالح الـ حرس القديم الذي لم يتأقلم بعد مع محو الحدود… أن أكثر من 60 في مئة هم حضريون، بمعني أن المدنية أصبحت من المقومات الغالبة للمغرب العربي الوسيط أمام الإختفاء التدريجي للثقافة الريفية الزراعية المعروفة بالمحافظة والتشبث بمفهوم جامد للهوية… أن نسبة طيلة العيش تقارب 71 سنة أي أن هناك من المرافق الحياتية ما يجعل الإنسان المغاربي يعمر طويلا لينتج مطولا… أن الأمية تقارب 38 في المئة (50 في المئة بالمغرب، 31 في الجزائر و26 بتونس) وهي نقطة سوداء في لوحة الدول الوطنية المستقلة تعارضها قيمة مضافة تعادل 176 مليارا من الدولارات في العام مع تنمية بمعدل 5 في المئة سنويا… وهو أمر يساعد علي خلق طبقة إجتماعية وسطي هي ما بين 30 في المئة بالمغرب و65 بالمئة في تونس. والمعروف في العلوم الإجتماعية والسياسية أن الطبقة الوسطي عادة ما هي الحارس الاساسي للإستقرار السياسي والوجود المؤسساتي وتميل في غالب الأحيان إلي المحافظة في سلم القيم وفي التطلعات.
تفتت المشهد السمعي ـ بصري
المشهد السمعي بصري للمغرب العربي الوسيط كما تبينه هذه الدراسة يقوم علي جانبين، الجانب الهرتزي (الأرضي) والجانب الفضائي. في الجانب الأول نجد 3 قنوات تونسية (تونس7، قناة 21 وحنبعل)، وقناتان جزائريتان (ENTV, Canal Algerie) فيما نجد بالمغرب قناتان هما قناة الإذاعة والتلفزة المغربية و 2M . علي المستوي الفضائي هناك قناتان تونسيتان (تونس7 وحنبعل)، قناتان جزائريتان (Canal Algerie, A3) في ما نجد بالمملكة المغربية سبع قنوات محلية فضائية هي RTM sat, 2M intl, Maghrebia, arrabia, alyaoun, la 6eme, والدينية. بمعني أننا أمام قوة إعلامية بها سبع قنوات أرضية وإحدي عشرة قناة فضائية. ما هو المردود الإعلامي والترفيهي لهذه الشبكة؟ لو نظرنا إلي نسب صدي هذه القنوات لدي جماهيرها المحلية لوجدناه أقل من المتوسط إذ النسب لم تتعد الـ50 في المئة إذ هي بـ46 في المئة لتونس و35 بالمئة للجزائر و44 بالمئة للمغرب. ذلك أن هذا المشهد يتفتت عند مجابهته المد الإعلامي الترفيهي الوافد من القنوات العربية (45 في المئة لتونس، 15 في المئة للجزائر و41 في المئة للمغرب) ومن القنوات الفرنسية (5 في المئة لتونس و48 في المئة للجزائر و11 في المئة للمملكة المغربية).
ما يستخلص هنا هو الهوة القائمة بين التجانس النسبي الموجود بين المغرب وتونس إذ كلاهما متوازن نوعا بين توجهاته المحلية والعربية والفرنسية في ما نجد عكس ذلك بالنسبة للحالة الجزائرية. خلاصة الدراسة في هذا الباب أنه، بما أن المنطقة تقع تحت ضغط تغطية قمرية إصطناعية مكثفة من أوروبا والمشرق العربي، يعيش المغرب الوسيط منافسة القنوات العربية للقنوات المحلية خاصة مع وصول قنوات جديدة مثل روتانا سينما و الجزيرة الرياضية . وبما أن العرض (وجود باقات كبيرة من القنوات تتعدي 2500 قناة) لا محدود أمام طلب غير محدد، فإن تفتت المشهد السمعي ـ بصري قائم. رغم أن المغرب الوسيط مغطي بكيفية محترمة من الموجات الهرتزية المحلية، فإن سياسات الدول في هذا الباب غير متكافئة إذ تمتلك المملكة المغربية هيئة تعديل ومراقبة للمشهد السمعي ـ بصري فيما هي غائبة بالجزائر. أما وجود المجلس الأعلي للإتصال بتونس فيبقي شكليا إذ هو هيكل خاوي المفعول لسبب عدم إستقلاليته وقلة مصداقية غالبية أعضائه المهنية، مما قد يدفع ببعض العاملين في الإعلام التونسي إلي إنشاء هيئة مستقلة موازية… هذه الصورة لها مفعولها علي المشهد الإعلامي السمعي كما المكتوب في المغاربية البلدان الثلاثة. وهو ما تبينه الدراسة الميدانية في أبواب أخري.
مغاربية بين العرب والفرنجة
هذا التفتت يجعل أنه سواء تعلق الأمر بالعام 2004 أو 2005، يميل المشاهد الجزائري للقناة الأولي الخاصة الفرنسية (TF1) بنسبة تقارب إهتمامه بتلفزته (37.7 في المئة مقابل 33.7 في المئة) فيما تحصل هذه القناة علي 5 في المئة بتونس و7.1 في المئة بالمغرب. من جهة أخري نجد أن المشاهد المغربي كما التونسي يولي إهتمامه الرئيسي لإعلامه المحلي (53.2 للثانية المغربية و18.7 للتلفزة العمومية و41.9 في المئة لتونس7 و10.2 لقناة حنبعل). القنوات الفرنسية في تراجع ملحوظ .نجد من بين العشر الأوائل بتونس ولسنتي 2004 و2005 قناة فرنسية واحدة هي الأولي الخاصة. أما في المغرب، فقد انضافت للأولي القناة الخامسة بنسبة 5.3 في المئة. في المقابل، نجد بالجزائر نفس التقسيم لعامي 2004 و2005. يتضمن إختيار المشاهد الجزائري علي السادسة الخاصة (24.6 مقابل 30.7 في المئة) والثانية العمومية (9.6 مقابل 12.1 في المئة) وباقة TPS الخاصة (4.2 مقابل 6.1 في المئة) والثالثة العمومية (2.0 مقابل 4.3 في المئة) وتنضاف للسلم باقة Multivision الفيلمية بنسبة 1.9 في المئة. القناة العربية الوحيدة التي إختفت من سلم 2004 هي قناة LBC (1.2 في المئة) وقد أستبدلت بقناةMBC (2.1 في المئة). مما يعني، بالنسبة للحالة الجزائرية، أننا أمام البطن المغاربي المرخي إعلاميا حيث الإعلام المحلي والعربي يأتي في المرتبة الثانية بعد الإعلام الفرنسي… وهي حالة فريدة وإن موضوعية نظرا لتاريخ البلاد الخاص وعلاقته المرضية بالقوة الإستعمارية السابقة. الحالة التونسية ونظيرتها المغربية تبين كلاهما جذبا عربيا يتمثل بالنسبة لتونس في روتانا سينما (15.4 في المئة)، الجزيرة (8.8 في المئة) LBC (8.5 في المئة)، روتانا (5.7 في المئة) وMBC (4.7 في المئة) وMBC2 (4.3 في المئة). في الحالة المغربية تحتل روتانا سينما المرتبة الثالثة بـ8.9 في المئة والجزيرة 8.8 في المئة وMBC2 بـ5.6 في المئة و MBC1 بـ5.1 في المئة ودبي بـ5.1 في المئة.
بعد الإطلاع علي هذه الأرقام واكتشاف وجود مشاريع قنوات تلفزية جديدة خاصة إحداها عامة بالمغرب وهي MEDI1 ورياضية بتونس مع ضبابية كثيفة بالجزائر إضافة إلي فراغ قانوني بتونس وليبيرالية قوية بالمغرب جعلت بعض الأوساط تتوجس من أن المجال يفتح علي مصراعيه أمام قوي مالية غربية (منها إذاعة سوي الأمريكية)، نعلم جيدا أن المغرب العربي لن يولد إذا لسبب بسيط وهو أن المخاض لم يكتمل. وامغارباه.
(*) ناقد وإعلامي من تونس
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 29 ديسمبر 2005)
الانتخابات المصرية وأزمة السياسة والفكر السياسي في المجال العربي
د. بشير موسي نافع (*)
تلقت القوي السياسية المصرية، التي تمثل المعارضة الشرعية، هزيمة فادحة في انتخابات مجلس الشعب (البرلمان المصري) الأخيرة. فلم يحصل كل من حزب الوفد، ليبرالي التوجه وصاحب التاريخ الطويل، وحزب التجمع، الذي يضم في صفوفه أغلب اتجاهات اليسار المصري، إلا علي عدد قليل من المقاعد. أما القوي الناصرية فحصلت علي مقعدين فقط، ذهبا لحزب الكرامة تحت التأسيس؛ بينما فشل الحزب الناصري المتواجد علي الساحة السياسية منذ سنوات في الفوز بأي مقعد. وقد جاءت هذه النتيجة المخيبة لآمال تيارات المعارضة الرسمية في تباين صارخ مع الفوز الكبير للإخوان المسلمين، القوة الرئيسة للاتجاه الإسلامي المصري. مثل هذه النتيجة لابد ان تثير اهتمام دارسي ومراقبي الشأن العربي. أولاً، لأن كل هذه القوي تنتمي إلي ما يعرف في المصطلح العربي السياسي الشائع بالمعسكر العلماني (أو ما يسمي أحياناً بالمدني، أو غير الإسلامي). وثانياً، لأن ما شهدته مصر في الانتخابات الأخيرة جاء مصداقاً لما شهدته دول عربية أخري خلال العقدين الماضيين. ولكن كون مصر هي أكبر بلاد العرب وأكثرها تمثيلاً للتحولات العربية السياسية، فإن تراجع قواها الحزبية العلمانية لابد ان يري باعتباره الدليل الحاسم علي أزمة الفكر والتيارات السياسية غير الإسلامية في البلاد العربية.
ثمة عدد من المقولات المتداولة لتفسير هذه الظاهرة، أهمها هي تلك التي تربط بين أزمة الأحزاب العلمانية وأزمة السياسة نفسها. طبقاً لهذا التفسير، فإن التراجع المطرد في الوزن الشعبي للأحزاب غير الإسلامية وفي أدائها الانتخابي هو نتيجة طبيعية لظاهرة الاستبداد السياسي العربية، الاستبداد السافر او المقنع. ومصر هي النموذج الرئيس لهذا التفسير. فمنذ سمح بالتعدد الحزبي في منتصف السبعينات، والحكم المصري يسيطر علي الساحة السياسية في شكل شبه كامل، موفراً كل الدعم والظروف الملائمة للحزب الوطني، الذي ولد في حضن الدولة واستمر حاكماً لمصر منذ ولادته. هذا، في الوقت الذي واجهت فيه أحزاب المعارضة الشرعية عقبة تلو الأخري في محاولتها الاتصال بالقاعدة الشعبية أو العمل كمنظمات حزبية حديثة ومسؤولة. بل ان حالة التعدد الحزبي ظلت حالة نظرية إلي حد كبير؛ فقد ورث الحزب الوطني الحاكم مواقع ومقار وامتيازات الاتحاد الاشتراكي العربي (الحزب الوحيد لنظام ما قبل التعددية)، وعوملت أحزاب المعارضة الشرعية وكأنها منظمات خارجة علي القانون. وباستثناء جولة أو جولتين انتخابيتين، استخدمت الدولة كل الوسائل الممكنة خلال ربع القرن الأخير لفرض هيمنة الحزب الوطني علي البرلمان المصري، ولم تترك لقوي المعارضة إلا فتات المقاعد. وهو ما أدي في النهاية إلي تراجع فادح في الاهتمام الشعبي بالعمل السياسي، وانفضاض الناس عن أحزاب المعارضة، التي بدت وكأنها لن تستطيع الوصول إلي البرلمان بقوة كافية لخدمة توجهات ناخبيها والتعامل مع همومهم، ناهيك عن إمكانية الوصول للحكم.
في ظل هذه الظروف، هكذا يمضي منطق هذا التفسير، وجد الناس في المعارضة الإسلامية (الممنوعة في أغلبها) ملجأ وملاذاً. بل ان المنع هو في حد ذاته قوة جذب هائلة، سواء للغموض الذي يضفيه علي هذه القوي، أو لتجنبها المسائلة الشعبية الفاحصة لبرامجها، أو لما يولده من تعاطف مع قوي مطاردة ومضطهدة ليس لشيء سوي لقناعاتها السياسية والفكرية. من ناحية أخري، فإن للخطاب والشعارات الإسلامية سحرها وتأثيرها علي ملايين العرب المسلمين، الذين يصعب علي عامتهم الشك في « قدرة الإسلام علي الحل »، كما تعد الأحزاب الإسلامية الجموع. في النهاية، كان لابد مما ليس منه بد؛ فقد أصبح الإسلاميون القوة السياسية الكبري في مواجهة أنظمة مستبدة تزداد قلقاً وارتباكاً، أنظمة قامت بكل ما تستطيع لمحاصرة الأحزاب المدنية المعارضة وتقويض قواعدها الشعبية.
كما الكثير من دارسي التاريخ العربي الحديث، كنت مقتنعاً بمجمل هذا المقولة التفسيرية واتجاهها العام. ولكنني اعتقد الآن ان هذه المقولة ليس قاصرة فحسب، بل وربما غير صحيحة في فرضياتها الأساسية؛ وأن المشكلة لابد ان تري في توجهات الفكر السياسي العربي وتاريخ القوي الحزبية العربية. فقد ولدت الاحزاب العربية الحديثة خلال العقدين الأولين من القرن العشرين، بعد تجربة حزبية عابرة وغير ذات أثر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وقد كانت كل الأحزاب العربية حديثة بالفعل، تكويناً وفكراً، بما في ذلك القوي الإسلامية السياسية؛ بمعني ان أطروحاتها الفكرية الأساسية كانت أطروحات طارئة، استعيرت من الفكر السياسي الغربي او تأثرت به تأثراً واسعاً. الفارق بين القوي الإسلامية (كالأخوان المسلمين، مثلاً) والأحزاب الأخري، ان الإسلاميين عبروا عن مقولاتهم من خلال مرجعية إسلامية (حقيقية أو متصورة)، وخاطبوا مجتمعاتهم بلغة إسلامية، وهو ما وجد استجابة في الضمير الجمعي. هذا، في حين عبرت القوي الحزبية الأخري عن توجهات فكرية – سياسية مختلفة: قومية، ليبرالية، ماركسية، أو ما شابهها. ولم تكن اللغة التي تحدثت بها هذه الأحزاب مستجدة (ومستعارة أحياناً) فحسب، بل ان أكثرها أيضاً افتقد القاعدة الاجتماعية، التي يفترض ان تعبر برامج تلك الأحزاب عن مصالحها.
في مصر، كما في أغلب البلدان العربية، ارتكزت الأحزاب الليبرالية علي أعيان المدن وكبار الملاك، وفي حالات قليلة، استطاعت ان تضم بعضاً من أبناء الطبقات الوسطي. وهذه في مجموعها قوي اجتماعية محافظة، ما كان من تلازم موضوعي ملموس بينها وبين المحتوي الفكري للأحزاب الليبرالية. أما الأحزاب اليسارية، فقد قادها وشكل القطاع الأكبر من كوادرها، لا أبناء الطبقة العاملة بل عناصر من الانتلجنسيا العربية الجديدة، التي ضمت بعضاً من أبناء أكثر الأسر العربية ثراء. وإن أخذنا الأسس النظرية الماركسية في الاعتبار، فإن المنطقة العربية لم تصل بعد إلي مرحلة من التطور الرأسمالي الكافي لبلورة تنظيمات حزبية ماركسية فعالة! وفي المقابل، احتضن الفكرة القومية العربية عدد واسع من القوي الحزبية، من الأحزاب الإسلامية العروبية إلي أحزاب ما بعد الحرب الثانية القومية العقائدية، كالبعث والقوميين العرب. وقد ارتكزت هذه الأخيرة بالذات، لاسيما قبل وصولها إلي السلطة، علي فئة الانتلجنسيا الحديثة نفسها التي شكلت عماد الأحزاب الماركسية.
ليس المقصود هنا القول بان التجربة العربية الحزبية في النصف الأول من القرن العشرين كانت فشلاً كلها. الحقيقة ان قوي حزبية عربية، مثل الكتلة الوطنية في سوريا، حزب الوفد في مصر، حزب الاستقلال في المغرب، والحزب الدستوري الجديد في تونس، لعبت دوراً حيوياً في نيل الاستقلال الوطني. ولكن هدف الاستقلال، لا أي فكرة أو برنامج آخر، هو الذي أعطي لهذه الأحزاب معناها ومبرر وجودها. وما ان أنجز هدف الاستقلال حتي واجهت هذه الأحزاب الإشكاليات المستعصية التي كانت تواجهها الأحزاب الأخري.
أدي الافتراق بين القاعدة الاجتماعية وبرامج الأحزاب العربية، من ناحية، والقاعدة الجماهيرية الضيقة لهذه الأحزاب، من ناحية أخري، إلي حالة تأزم محكمة في البنية الحزبية وفعاليتها السياسية منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين. في الدول العربية التي شهدت انقلابات عسكرية، عجزت الكيانات الحزبية بكافة توجهاتها عن مقاومة الحكم العسكري، وسرعان ما افترقت القيادات الحزبية بين المهجر والتقاعد القسري أو العمل لدي الحكام الجدد.
أما الدول العربية التي حافظت علي أنظمتها التقليدية وعانت من فترات استبداد طويلة فقد عجزت الأحزاب السياسية فيها عن الدفاع عن الحكم الدستوري وحق الناس في المشاركة ورقابة الحكم. وما ان بدأت الحياة السياسية العربية تشهد بعض الانفراج منذ نهاية السبعينات حتي برزت بعض من أغرب الظواهر في العالم. عادت الأحزاب الليبرالية إلي الحياة بأسمائها القديمة أو بأسماء جديدة؛ ولكن أغلب قادة وكوادر هذه الأحزاب لم يأت من قوي اجتماعية واقتصادية ذات مصلحة حقيقية في تحقيق برنامج حكم ليبرالي. بل ان القوي الليبرالية الاقتصادية، مثل طبقة رجال الأعمال والصناعة الجدد، وجدت مصلحتها في الارتباط بنظام الحكم، بغض النظر عن توجهاته الليبرالية أو الاستبدادية. وتعتبر مصر، مرة أخري، هي المثال الأبرز لهذه الحالة، حيث تحول الحزب الوطني الحاكم إلي مرتع لرجال الأعمال والتجارة. ودخلت الدول العربية مرحلة جديدة من تاريخها لم تعرفها من قبل، اجتمعت فيها السلطة والثروة في يد طبقة واحدة.
وبانهيار الاتحاد السوفييتي ونهاية الحرب الباردة، فقدت الأحزاب اليسارية الكثير من الثقة بالنفس ومبرر الوجود، وانفرط عقد اليسار العربي كما لم ينفرط أي تيار سياسي آخر. بعض اليساريين العرب انقلب علي معسكره وانحاز نهائياً إلي المعسكر الأميركي، أما ما تبقي من أحزاب اليسار العربي فقد انهمك في خصومته مع التيار الإسلامي إلي الدرجة التي أصبح فيها أداة لأجهزة الأمن والدعاية الرسمية. من جهة أخري، عانت الحركة القومية العربية معاناة ثقيلة من العبء الذي ألقته عليها أنظمة الأحزاب العربية العقائدية وممارساتها البشعة في الحكم، كما عانت من التراجع الفادح في تيار الوحدة العربية لصالح الدولة القطرية. ولم يعد من الممكن، في أغلب الدول العربية، الحديث عن تيار قومي عربي شعبي.
لم تحدث هذه المتغيرات في فراغ سياسي؛ بمعني ان الساحة السياسية العربية لم تقتصر علي أنظمة الحكم والأحزاب المرتبطة بها من ناحية وأحزاب المعارضة الشرعية من ناحية أخري. بل كان هناك طرف ثالث هو التيار الإسلامي، الذي نجحت قواه الرئيسية خلال عقد الثمانينات في تطوير خطاب ديمقراطي، تعددي، حديث. وذلك في الوقت الذي قدمت فيه القوي الإسلامية نفسها باعتبارها الحارس لأهداف الحركة العربية في الوحدة، المدافع عن حقوق الفقراء، والجهة الوحيدة القادرة علي اجتثاث جذور الفساد المستشري في أركان الأنظمة العربية الحاكمة. بكلمة أخري، وبتفاوت في الخطاب وفرص النجاح، تبني التيار الإسلامي أهم ما تعنيه الفكرة الليبرالية والحركة القومية والخطاب اليساري بالنسبة لأغلبية الجماهير العربية. ومرة أخري، فإن مصر هي المثال الأبرز علي هذا التطور.
هناك بالطبع مشكلة استبداد عربية مستعصية، ولكن هذه المشكلة لم تكن السبب الرئيس وراء تراجع القوي الحزبية العربية غير الإسلامية. المشكلة هي في تكوين هذه الأحزاب، في تاريخها وخطابها. وبتراجع هذه الاحزاب، لم يكن من الغريب ان تتحول القوي الإسلامية إلي المعارض الرئيس لأنظمة الفساد والاستبداد، والبديل الجاد الوحيد لها. لبروز تعددية عربية حزبية، لابد من إعادة نظر شاملة في مبررات الخارطة الحزبية الحالية وفي اتجاهات الفكر السياسي العربي المعاصر. وليس من المستبعد في النهاية ان يصبح التيار الإسلامي ذاته الرحم الذي تولد منه تعددية حزبية جديدة. ولكن مثل هذا التطور سيكون نتاج الظروف الموضوعية لا الأمنيات.
(*) كاتب وباحث عربي في التاريخ الحديث
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 29 ديسمبر 2005)
هل يريد الأوروبيون حقا الديمقراطية العربية؟!
المبروك بن عبد العزيز (*)
إنّ مشاركة حركة حماس في السّلطة الفلسطينية سيجعلها تتعامل بواقعية اكبر مع الحلول السياسية الممكنة، كما سيجعل أي حلول مستقبلية للصراع أكثر عدلا وقربا من الشعب الفلسطيني بما أنّه سيكون صاحب القرار.
ولا يستغرب احد من الموقف الإسرائيلي المتعنت والرافض لأن تكون فلسطين دولة ديمقراطية فتسقط مقولة إسرائيل واحة ديمقراطية في صحراء دكتاتورية عربية .
لكن الأمر المثير للاستغراب هو الموقف الأوروبي الذي عبّر عنه منسّق السياسات الخارجية للاتحاد خافير سولانا. فقد كشف عن حقيقة موقف هؤلاء المتشدقين بدعم الديمقراطية والإصلاحات وحقوق الإنسان في البلدان العربية، بينما نراهم يرفضون نتائج انتخابات نزيهة ومطابقة للمعايير الدولية بشهادة الجميع.
لم نسمع منهم عن تهديد بقطع المساعدات اثر انتخابات البلطجة أو انتخابات الأربع تسعات. وهل يسمح الأوروبيون للدول العربية أن تحتجّ علي مشاركة الحركات الأوروبية المتطرفة والعنصرية في انتخاباتهم كالجبهة الوطنية الفرنسية مثلا؟ علما وأنّ حماس ليست حركة عنصرية بل هي حركة تحررية نادت بما نادي به الزعيم الفرنسي ديغول إبان الاحتلال الألماني لبلاده.
ومقارنة مع الوضع العراقي، حيث أجريت انتخابات عربية أخري تحت الاحتلال مع اختلاف أنّ الاحتلال الإسرائيلي لأراضي فلسطين هو غير شرعي بينما نجحت أمريكا وبريطانيا في استصدار غطاء أممي بعد احتلالهما للعراق، نجد أنّ من يريد منع حماس من المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة يتوسّل إلي الأحزاب والمنظمات الإسلامية العراقية المشابهة لحماس والأكثر تطرّفا، ومنها من رفع السلاح في وجه المحتلين، لكي تشارك في الانتخابات.
كما أنّ الأحزاب العراقية الفائزة في الانتخابات هي إسلامية وترفض الاحتلال لكنّها لم تستنفذ الوسائل السلمية كالمنظمات الفلسطينية بعد.
إنّهم بتهديدهم بقطع مساعداتهم المالية، يستغلون المال في سلب الشعوب العربية المغلوبة حقّ اختيار ممثليها بكلّ حرّية، ويقمعون إرادتها ويقتلون توقها للتغيير. وإذا علمنا بانّ جميع الدول العربية تقريبا، عدا الدول النفطية الـ معفاة قسرا من مشكل الانتخابات، تُعتبر من مستهلكة حتي الإدمان للمساعدات الأوروبية والأمريكية، فيمكننا حينئذ فهم أسباب إجهاض المحاولات الديمقراطية وإلغاء الانتخابات وتزويرها.
اثبت الشعب الفلسطيني علي مدي نصف قرن أنّه لا يتاجر بكرامته وبقضيته، ولا يمكن أن تؤثّر في عزيمته بضعة ملايين من الدولارات. لكنّ المؤسف حقّا أن نري الفوائض المالية العربية المنجرّة عن ارتفاع أسعار النفط متكدسة لدي بعض العرب، بينما تمد الشعوب العربية الفقيرة يدها.
ويبدو أنّ مصير تلك الأموال سيكون كالعادة سوق السلاح الغربي كما ذكر الأستاذ رئيس تحرير جريدة القدس العربي في مقاله منذ أيام، وبالطبع حتّي لا يقال بأنّها ذهبت لتمويل الإرهاب. وأضيف بدون مبالغة أنّه لو تعلّق الأمر بشركة غربية علي وشك الإفلاس لهرولوا لإنقاذها.
(*) كاتب تونسي
(المصدر: بريد القراء صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 29 ديسمبر 2005)
نقد مقولة « الإسلام هو الحل »
بلال التليدي (*)
« الإسلام هو الحل » كان هذا هو الشعار الذي تلقيناه من التجربة الحركية الإخوانية، وكنا إذ نتدارس الاختيارات الفكرية والسياسية المطروحة في الساحة، لا يساورنا شك في أن ما عندنا من أسس ومنطلقات هو الكفيل بخروج الأمة من مأزقها.
وكنا ننظر إلى الآخرين بعين الإشفاق، إذ حرموا أنفسهم من الانطلاق من عقيدة هذه الأمة وقاعدتها المرجعية، وكان الشعور بالتعالي والتميز هو الذي يطبع أطروحاتنا النظرية وسلوكنا السياسي.
وزاد في تأكيد هذا التوجه نظرتنا للمشروع المجتمعي الذي كنا نبشر به، إذ لم تنقطع كتابات تؤسس لعقلية الانعزال والانفصال عن نمط الحياة الذي يعيشه أفراد المجتمع، منطلقة من مفهوم العزلة الشعورية الذي نحته الشهيد سيد قطب.
وغلب على كتابات عديدة الحديث عن المستقبل للإسلام عقب كل مقاربة ومناظرة، وقد كان القصد من ذلك تبرير الانسجام ما بين الشعار المؤسس للعمل وبين الخلاصة المستنتجة من كل دراسة وتحليل.
لم يكن العقل الإسلامي حينها معنيا بالقدر الكافي بالنقاش الأصولي الذي يميز بين النص الشرعي وبين فهمه، أو بين المراد الإلهي وبين الاجتهاد في تحصيله.
كان الإسلام حينها يعني قيم الدين ومقاصده، واجتهادات العلماء، والتجربة التاريخية الإسلامية.. كان الإسلام يتضمن كل هذا الرصيد الهائل الذي يشمل ما يتوافق مع مقصود الشرع، وما يختلف، وما يتعارض.
وكان العقل الإسلامي الحركي في كثير من الأحيان معنيا بالدفاع عن اجتهادات مرجوحة، انطلقت من تغليب فهم من الفهوم عند النظر إلى نص ظني الدلالة، أو حققت المناط بشكل لا يستقيم مع موارد النازلة، أو بنت حكمها بناء على مآل لا يتصور بالضرورة « سد الذرائع »، وفي بعض الأحيان كان الفقه الإسلامي -السياسي منه على الخصوص- مناصرا لصور من الاستبداد في التاريخ الإسلامي.
لم يكن التمييز بين الموارد في الحقل الإسلامي حاضرا بشكل كبير، إذ كان ينظر لمثل هذا التمايز -على الأقل من طرف نخبة من مثقفي هذه الأمة- وكأنه تأسيس لعلمنة فكرية وثقافية سرعان ما ستهدد كل الحصون، وتنحي الدين من مواقعه الرئيسية.
وفي هذا الإطار وضمن هذه الخلفية انبعثت مقولة « الإسلام هو الحل » كأرضية تعبوية نهضوية، تلفت الأمة إلى منطلقها الإستراتيجي وإلى ثوابتها المرجعية، وتؤسس لاختياراتها المتميزة، وتفاضل بين رؤيتها الفلسفية والمنظور الغربي المستحكم.
في هذا السياق إذن، طرحت هذه المقولة وهذا الشعار ليكون عنوان عمل وأرضية برنامج حركي يهدف إلى التغيير، في حين لم تكن اللحظة تسمح بالحديث عن البرامج والاختيارات التفصيلية.
فالنخبة السائدة والمتحكمة هي التي تملك السلطة ومؤسساتها وآليات تجديدها، والحركة الإسلامية التي طرحت ذلك الشعار لم تكن في أحسن أحوالها سوى نخبة فكرية ريادية، تحاول أن تنغرس في الشعب وتتجذر داخل شرائحه، وهي بالضرورة تتوسل من أجل ذلك آليات متعددة في الدعوة والحركة والعمل الاجتماعي والسياسي والإعلامي.
إنها بعبارة واضحة، كانت تبحث عن « الخطاب » وتنحت مفرداته، وتضم بعضها لبعض، لتظهر في النهاية ملامحه الكبرى. وطبيعي أن أي خطاب إنما يتشكل ابتداء بالشعار.
« الإسلام هو الحل » مقولة فكرية فيها كثير من اللبس والغموض، فهي تفتح الباب واسعا لطرح السؤال، خاصة في حقل التدبير السياسي والاقتصادي، إذ إن الإسلام لا يقدم بخصوص هذه الموارد سوى مبادئ عامة ومقاصد كلية يمكن للاجتهاد البشري أن ينطلق منها ليفرع مئات الجزئيات والتفاصيل، حتى يكون الاختيار والبرنامج السياسي والاقتصادي أقرب إلى تحقيق مقصود الشرع.
قد ترد في بعض النصوص أحكام تفصيلية لبعض الجزئيات والوقائع، غير أنها بالنظر إلى الكم الهائل من القضايا المستجدة التي تنتظر تأطيرا شرعيا، تبقى نادرة لا يمكن أن نبني عليها حكما عاما.
وقديما دار نقاش أصولي حاد حول محدودية النصوص ولاتناهي الوقائع، ولم يكن لرأي ابن حزم في المسألة وجاهة، وإن كانت بعض تكلفاته في اجتهاداته الفقهية في كتابه المحلى، تصور النصوص وكأنها محيطة بكل الوقائع على سبيل التفصيل.
والذي ترجح وتحقق بدليل الاستقراء، أن النصوص مستوعبة لكل الوقائع من حيث الإجمال، إذ الوقائع كلها تندرج ضمن الأصول العامة والمقاصد الكلية. أما على سبيل التفصيل فالقول بذلك وهم وادعاء يضر بالنصوص من حيث يريد أن يخدمها.
وللدكتور أحمد الريسوني في هذا المقام كلام محقق، إذ يرى في كتابه نظرية المقاصد أن المصالح المرسلة إنما هي مرسلة لاعتبار عدم التنصيص التفصيلي عليها، أما من حيث اندراجها ضمن القواعد العامة التي تؤصلها الآيات الكريمة مثل « إن الله يأمر بالعدل والإحسان.. » فليست هناك مصلحة مرسلة بهذا الاعتبار.
وحيث إن الأمر بهذا الوضوح فالاجتهاد في حقل السياسة والاقتصاد مرجعه النظر والتقدير العقلي، وفهم الواقع ضمن القواعد العامة للشريعة ومقاصدها. وما دام الأمر متعلقا بالاجتهاد، وما دامت موارده مفتوحة لكل العقول، فشعار « الإسلام هو الحل » يبقى طرحا عاما لا يسعف في بيان المقصود، وقد يربك العقول ويجعلها تخلط بين الإسلام كدين وكمقاصد وبين الاجتهاد البشري المنطلق منه.
وحينها يصبح هذا الشعار بغير مضمون، خاصة في حقل النظر والتدبير السياسي، إذ إن العقل الاجتهادي الذي ينسب اجتهاده إلى الإسلام ويحتكر بذلك الصفة الإسلامية يجوز أن لا يبصر مقاصد الشرع، ويجوز أن يفقد الصواب، وحينها يضيع الكسب السياسي ويسيء إلى الإسلام حين يقدم اجتهاده بمنطق المطابقة.
والمطابقة بين الإسلام والاجتهاد في فهمه أمر غير مطرد، فالاجتهاد قد ينطلق من فهم غير صحيح للنص الشرعي، وقد يخطئ القراءة السليمة للواقع، وقد تختل منهجية التنزيل وتحقيق المناط.
وإذاك تصبح عملية التماهي بين المراد الإلهي وبين الفهم البشري ذات خطورة بالغة، إذ ينسب الخطأ في الاجتهاد إلى الدين، فيعود هذا الأمر على شعار « الإسلام هو الحل » بالإبطال.
فإذا ما ساوينا على سبيل الافتراض بين الاجتهاد الذي نقدمه للنص الشرعي، وبين الإسلام في مقاصده وقواعده، وإذا اجتهد العقل الإسلامي في إقناع الناس بأن ذاك الاجتهاد هو عين الإسلام وتبين بعد ذلك أن لهذا الاختيار نتائج كارثية على المجتمع، أو على الأقل لم يحقق ما أمله الناس فيه، فالضرر لا يصيب الحركة الإسلامية وكسبها الاجتهادي والسياسي فحسب، وإنما يعود على الإسلام كله، فتضعف بذلك قناعة الناس به كمصدر للتشريع، وتقوى حجج العلمانيين القاضية بضرورة فصل الدين عن السياسة.
وعملية المطابقة هذه بين الفهم البشري للنص وبين الإسلام ومقاصده، تطرح مشكلة احتكار الحديث والاجتهاد باسم الدين، وهي معضلة خطيرة ما زالت تجثم على العقل المسلم.
والواقع أن دعاوى العلمانيين في هذا الباب وانتقاداتهم للحركة الإسلامية ليست عارية من كل صحة، خاصة أن التجربة الغربية شاخصة بدلالاتها وتداعياتها.
ولعل صور الاستبداد والتحكم التي مورست باسم النص الديني قد تفزع هذه الأطراف حين ترى مكونات من الحركة الإسلامية تقدم اجتهادها على أساس أنه الدين، وأنه هو المراد الإلهي الذي أمرنا بتحصيله واتباعه.
صحيح أن الحركة الإسلامية في مكوناتها الكبرى لا تطرح مثل هذه التصورات ولا تقتنع بمثل هذه القناعات والأفكار في أدبياتها وحتى في سلوكها السياسي، غير أن الشعار يبقى معبرا عن طبيعة الرؤية ومنهج العمل.
يكون مناسبا أن يكون هذا الشعار عنوان مشروع للأمة بكل مكوناتها وأطيافها، ولا يستقيم بالنظر إلى إحالاته المفهومية والسياسية أن يكون عنوان فئة معينة أو مكون واحد.
حينها ووسط الفرز السياسي، ينظر الطرف المغاير والمخالف إلى نفسه وكأنه ينازل مضمون هذا الشعار ويضع بذلك نفسه خصيما للدين، وتلك معضلة كبرى قد تجلب من الخصومات على الحركة الإسلامية أكثر مما قد تكسبها من قوة جماهيرية تتعبأ وراء جاذبية الشعار وقوته السياسية.
لا يهم إذن الكسب السياسي المؤقت الذي ستربحه الحركة الإسلامية من جراء توظيفها الآني لهذا الشعار، إنما الأهم بالنظر الإستراتيجي ليس فقط هو القوة الشعبية الجماهيرية، وإنما أيضا حجم العلاقات التي تنسجها هذه الحركة مع المكونات الأخرى، وطبيعة السلوك الذي يتعامل به معها من رف دوائر صناعة القرار والنخبة الاقتصادية، ومراكز الضغط الخارجي.
وليس خافيا أن تجارب عديدة إنما أجهضتها قوة الخطاب الذي التفت إلى البعد الجماهيري وأغفل عناصر أساسية في معادلة التمكين، فكان أن ضاعت الجماهير وفقد المشروع الإسلامي إشعاعه، وتراجعت مواقع الحركة الإسلامية إلى الخلف، في حين تقدمت الأطروحات العملية ذات المرجعية الإسلامية، واستطاعت أن تؤسس لنفسها تجربة معتدلة تنساب بهدوء وتحقق قانونيا وسياسيا وحتى بالمقياس الجماهيري مكاسب عديدة على الأرض.
والمتأمل في رصيد التجربة الحركية الإسلامية وكسبها السياسي، لا يمكن أن يزيح من الحساب مثل هذه الخلاصات المهمة التي قد تفيد في إنضاج الخطاب وتسديد السلوك السياسي وتصويبه وترشيده.
مطلوب من الحركة الإسلامية أن تقدم اجتهادها على أساس أنه إمكانية واحدة للفهم من موارد الشريعة، لأن نصوص الشرع يتسع فضاؤها لإمكانات متعددة، ولأنه لا يضير هذه الحركة أن تتعدد الاجتهادات من داخل النص الديني، ما دامت تنطلق من المرجعية الإسلامية.
وإذا نجحت هذه الحركة في أن تقنع الشعب والنخب أنها إنما تقدم اجتهاداتها واختياراتها النسبية، وأنه يجوز في حقها الخطأ كما يحتمل الصواب، فإنها تكون بذلك قد أسهمت في مراجعة نقدية لمقولة « الإسلام هو الحل »، وأسست لأرضية التوافق بين فعاليات المجتمع وفرقائه السياسيين.
فكم من حاجز أقيم، وكم من إمكانات للحوار والتواصل أجهضت من هذا الباب، إذ تقرأ مجموعة من النخب أدبيات الحركة الإسلامية وخطابها السياسي، وتلمس فيه بعض نزعات الإقصاء، فترفض الجلوس للحوار فضلا عن الحديث عن التقارب والتنسيق.
وحين تقتنع الأطراف الأخرى أن الحركة الإسلامية إنما تقدم اجتهادا إلى جانب اجتهاداتها، وأنه لا يميزها عن غيرها سوى أنها قد اتخذت من المرجعية الإسلامية منطلقا لإبداع اختيارها، حينها تتغير الرؤى وتتأسس أرضية حقيقية للحوار البناء.
هذه رؤية منفتحة لا تتنازل عن المرجعية الإسلامية وعن أسسها المنهجية، غير أنها تنضبط للصرامة الأصولية، وتفسح المجال لكل ناظر في موارد الشريعة أن يدلي بدلوه، وأن يسهم باجتهاده لتحصيل المراد الإلهي المثبث في النص الشرعي. وهي دعوة لكل الأطراف أن تنطلق من ذات المرجعية وأن تشحذ آلتها الذهنية، وتفجر إبداعها للوصول إلى أفضل الاختيارات والبرامج التي يمكنها أن تقود هذه الأمة إلى نهضتها ويقظتها.
مطلوب إذن وضمن هذا النسق، أن نطهر خطاباتنا، وبدرجة أكبر شعاراتنا، من كل نفس قد يلمس فيه الإقصاء واحتكار الحديث والاجتهاد باسم الدين.
ولعل الكسب يكون كبيرا لو انبرت مكونات هذه الأمة لتنطلق من المرجعية الإسلامية، وتنافس الفاعل السياسي الإسلامي على مستوى البرامج والاختيارات، وينطلق بذلك حراك سياسي وثقافي يغني التجربة ويثريها، ويسهم في خلق ديناميكية ضرورية لكل تنمية شاملة.
(*) كاتب مغربي
(المصدر: ركن المعرفة بموقع الجزيرة.نت بتاريخ 28 ديسمبر 2005)
التجارب الخاطئة من غوانتانامو إلى سجن أبو غريب؟
طهران «الفلسطينية»… واستراتيجية «الردع الشامل»
محمد صادق الحسيني (*)
ثمة تحولات متسارعة تحيط بالاقليم الذي تعيش فيه إيران تبدو وكأنها تهدف، فيما تهدف إليه، الى تشديد الخناق على السلوك الإيراني بعدما بدا في الآونة الأخيرة وكأنه بات «يغرد خارج السرب» العالمي تماماً.
ولأن الرئيس أحمدي نجاد والقيادة العليا من ورائه قرأت ذلك مبكراً ولديها القناعة بأن عالماً متغيراً ومضطرباً يسوده التقلب، يجعلها قادرة على «انتزاع» تنازلات مهمة من المجتمع الدولي لمصلحة ملفها القومي الأهم ألا وهو الملف النووي، فقد أخذت على عاتقها الرمي بكرة النار الملتهبة المحيطة بالاقليم وبها في وجه خصمها المركزي، ألا وهو الكيان الإسرائيلي الذي لا تعترف به بالأساس وتعتبره كياناً يفتقر الى المشروعية القانونية، فضلاً عن المقبولية الجماهيرية في الاقليم الذي تعيش.
أحمدي نجاد الذي يغرف من «اناء» الثورة أكثر مما يغرف من اناء الدولة الإيرانية، يسعى جاهداً في هذه الأيام أن يوصل رسائل حازمة وقوية وصارمة الى خصم الثورة الإيرانية اللدود والمركزي، ألا وهو الدولة العبرية. وفي هذا الإطار تأتي خطوة «الجبهة الاستراتيجية» الجديدة التي أعلن عنها خالد مشعل من طهران أثناء زيارته لها أخيراً، ليعلن منها: «ان حماس سترد على أي عدوان تتعرض له إيران ما دامت الأخيرة تدافع عن الخطوط الفلسطينية وتحميها…».
وتحت سقف هذه الجبهة ايضاً يمكن متابعة مهمة المبعوث الإيراني الرفيع المستوى الى كل من دمشق وبيروت، حاملاً معه رسالة واضحة وشفافة الى بشار الأسد وإلى حلفاء طهران في بيروت «بأن الدفاع عن أسوار العاصمتين إنما هو دفاع عن أسوار طهران والأمن القومي الإيراني في الواقع…».
ثمة من يرى في ديبلوماسية أحمدي نجاد الجديدة بأنها عودة الى «المربع الأول» للثورة الإيرانية، وكأن كل ذلك العالم المتغير خلال العقدين الماضيين لا يراه صانع القرار الإيراني أو لا يريد أن يراه.
المتابعون لحركة التحولات الإيرانية الداخلية منذ صعود هذا «الشاب الثوري المتحمس» الى سدة الرئاسة، إذ يؤكدون بأنه لا تحول أساسياً حصل أو في طريقه للحصول في السياسات الإيرانية العامة، إلا أنهم يؤكدون في الوقت نفسه بأن «هذا النوع الجديد من الأداء…» مطلوب بوعي والحاح من القيادة الإيرانية العليا، لأنها تستشعر منذ مدة بأن شيئاً ما يتم التحضير له بخصوص الملف القومي الإيراني الأساس، وبالتالي لا بد من استنفار كل الوسائل والآليات و «الوجوه» القادرة على التصدي لأي نوع من المواجهات المحتملة، فضلاً عن مناكفتها وحشرها في الزاوية والضرب على الوتر الحساس من «جبهة الخصم المترامية» لإرباك مشروعها الصدامي المحتمل ضد طهران.
المعلومات المتواترة التي تتسرب عن فريق التفاوض النووي الإيراني الجديد تجمع على أن بنداً واحداً في أجندة هذا الفريق مسموح له التفاوض حوله، وهو الجدول الزمني المناسب واللائق لبدء التخصيب والانطلاق مجدداً بالدورة النووية المخطط لها بعد توقف طوعي طال أمده ولا يقبل التمديد في أية مفاوضات مستقبلية…
ولما كانت طهران تعتقد بأن الحليف الرئيسي لخصمها المركزي، أي الولايات المتحدة الأميركية، بات «رهينة» في أكثر من موقع اقليمي بيدها أو بيد حلفائها، فإنها ترى بأن اللحظة التاريخية باتت مناسبة تماماً لاشهار استراتيجية «الردع الشامل» من أجل ترسيخ انجازاتها القومية وانجازات حلفائها في المواقع الممتدة في الاقليم مهما كانت «جزئية» أو تبدو «متضاربة» أحياناً.
لقد أثبتت الأيام بأن كل الرهانات الأميركية باتجاه دفع إيران للتخلي عن برنامجها النووي تحت ضغط الابتزاز الإسرائيلي أو التهديد الأميركي بنقل ملفها الى مجلس الأمن الدولي، لم تأت أكلها، والسبب في ذلك، كما يعتقد الإيرانيون، هو صلابة الموقف الإيراني واستراتيجية الردع الشامل المتبعة من قبل طهران في مواجهة الضغط، قبل أن تكون بسبب شفافية برنامجها والتزامها بمعايير النشاط النووي المسموح والملتزمة به علناً.
المصادر الوثيقة الصلة بمطبخ صناعة القرار الإيراني في طهران، ومن خلال متابعاتها اليومية للسلوك الإيراني العام تجاه حركة الخارج المحيط بها وبالاقليم، تؤكد بما لا يقبل الشك والترديد، بأن طهران ليست بصدد تقديم أي تنازلات تذكر في مجال ملفها القومي الرئيسي كما أنها ليست بصدد التخلي عن أي من حلفائها الأساسيين والاستراتيجيين في المنطقة بما فيهم سورية ونظامها الراهن.
لا، بل ان العارفين ببعض بواطن الأمور يعتقدون بأن طهران في طريقها الى التشدد في الدفاع عن كل حلفائها في العراق وسورية ولبنان وأفغانستان، معتبرة أن الدفاع عن اصدقائها وحلفائها جزء لا يتجزأ من استراتيجية «الردع الشامل» التي باتت مطلوبة بالحاح ليس فقط من أجل تثبيت الانجازات المكتسبة الإيرانية والحليفة، كما تم ذكره، بل ومن أجل ايقاع المزيد من الخسائر والارباك في جبهة الخصم.
وفي هذا السياق تستعد طهران في الأشهر القليلة المقبلة لاطلاق مبادرة عمل جديدة حول الملف الأكثر أهمية وخطورة في المنطقة، وهو الملف الفلسطيني، حيث تجري جهات إيرانية معنية بهذا الخصوص مشاورات مكثفة مع اصدقائها وحلفائها لبلورة مثل هذه المبادرة. وكلام خالد مشعل لم يكن سوى خطوة على الطريق… خطوة يضعها المراقبون والمحللون السياسيون في «سلة» خطوات محتملة ومرتقبة قد يتم اطلاقها في أكثر من عاصمة اقليمية لإعاقة مشروع «الشرق الأوسط الكبير» المعطوف على رعاية إسرائيلية.
ثمة من يتوقع في هذا السياق تسارعاً في سياسة استراتيجية الخروج الأميركي من العراق عقب تبلور المجلس الوطني الجديد والحكومة التي ستنبثق عنه، والذي قد ينبئ بتطورات دراماتيكية تجعل الأميركي الغارق في المستنقع العراقي غير قادر على ملاحقة فصول السيناريو الذي أعده لسورية، فضلاً عن بدء الخط العكسي لخروجه من دائرة النفوذ اللبناني!
(*) كاتب متخصص في الشؤون الإيرانية
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 29 ديسمبر 2005)