الخميس، 29 ديسمبر 2005

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
6 ème année, N° 2047 du 29.12.2005

 archives : www.tunisnews.net


محمد العروسي الهاني: رسالة مفتوحة للتاريخ بصراحة المناضلين لرمز البلاد رئيس الدولة الضامن للحريات والساهر على تطبيق القانون والمجسم لدولة القانون والمؤسسات

حركة النهضة  بتونس: وزير الشؤون الدينية يتهجم على الحجاب و يعتدي على الحريات الجزيرة نت: وزير الشؤون الدينية التونسي يعد باجتثات الحجاب

قدس برس: أكاديمية تونسية اعتبرت الصحابي عمر بن الخطاب « عدو » المرأة

الإتحادالجهوي للشغل بجندوبة: إعـــــلام

مندوب الصليب الأحمر لـ  » الصباح »: « زياراتنا للسجون التونسية تمّت فـي ظروف حسنة ودون عراقيل »

علي محمد شرطاني التنمية في ظل استشراء مظاهر الفساد المالي أي معنى?  الجزء الاخير

حيّان: طلب ملح من الإخوة المتبارزين في مواضيع الشرائع والمقاصد والأوهام والعقائد وما اتصل بها من مصالح ومفاسد

الهادي بريك: فقه المصالحة في الاسلام – 

الحلقة الثالثة والاخيرة

د. خالد الطراولي: الخطاب  الإسلامي  في  الغرب بين  الإشكاليات  والبناء (2/3)

القدس العربي: اوساط مغربية تنتقد طريقة نشر الانصاف والمصالحة مضمون تقريرها عن انتهاكات حقوق الانسان

خميس الخياطي: الجزائر واقعة في حب مرضي مع الفرنسيين والتونسيون والمغاربة متعافون من هذا المرض

بلال التليدي: نقد مقولة « الإسلام هو الحل »

د. بشير موسي نافع: الانتخابات المصرية وأزمة السياسة والفكر السياسي في المجال العربي المبروك بن عبد العزيز: هل يريد الأوروبيون حقا الديمقراطية العربية؟!

تركي علي الربيعو:  التجارب الخاطئة من غوانتانامو إلى سجن أبو غريب؟«  محمد صادق الحسيني: طهران «الفلسطينية»… واستراتيجية «الردع الشامل»


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 
 

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

 

تونس في 26 ديسمبر 2005

 

رسالة مفتوحة للتاريخ بصراحة المناضلين لرمز البلاد رئيس الدولة الضامن للحريات

والساهر على تطبيق القانون والمجسم لدولة القانون والمؤسسات

 

بقلم محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري من الرعيل الثاني

 

بعون الله و توفيقه و مشيئته ورعايته الدائمة يسرني كمناضل دستوري من الرعيل الثاني آمنت برسالة الحزب التقدمية و بحركة الإصلاح الوطني و نهج وثوابت الحركة التحريرية والوطنية بقيادة المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله و ذلك في سن مبكرة عام 1954 في سن الرابعة عشر إيمانا بإشعاع الحزب و صدق مبادئه  و وضوح رسالته و انطلاقا من هذه الثوابت الخالدة و القيم السامية و المبادئ النبيلة النظيفة … وتعلقي الشديد بشخص الزعيم الراحل و اعتزازي بانتمائي إلى حزب التحرير الوطني منذ عام 1954 و اعتبارا لذلك فكان الثمن غاليا و رأس المال قويا و التضحيات كبيرة و الحماس متواصلا و النضال طويلا و شاقا اقتداء بزعيم الحزب و الوطن.

 

مثلي مثل كل المناضلين الصادقين الأوفياء اللذين ضحوا بالنفس و النفيس و زيادة رائدهم أداء الواجب الوطني و التضحية من أجل الوطن و سيادته و بناء الدولة العصرية …

 

ولم ينتظر واحد منا الجزاء أو المكاسب و المادة و المناصب والضيعات والشركات و القروض الهامة دون نية استرجاعها …

 

هذه الشريحة المناضلة كان ديدنها التضحية و نكران الذات كما قلت اقتداء بتضحيات الزعيم الأوحد المجاهد الأكبر.

 

و نجح الحزب في أداء رسالته و حقق كل ما يصبوا إليه المواطن والوطن.

 

سيادة الرئيس

 

يسعدني بعد هذه المقدمة الموجزة أن أرفع إلى سامي إشرافكم هذه الرسالة المفتوحة بواسطة الأنترنات بعد أن فقدت الثقة في كل وسائل الاتصال سواء الشخصي عن طريق البريد العادي أو المضمون و لو كان مجانا للرئاسة أو عن طريق الصحف الوطنية التي كما قال الشاعر  » لقد اسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي ». كلها صامتة نائمة لا يهمها رأي المواطن ولا إبلاغ صوته لأعلى هرم الدولة ولا فتح أعمدتها للرأي الحر. و حدث ولا حرج في هذا المجال و التجارب عديدة والأمثلة كثيرة سواء على الصعيد الشخصي أو على المستوى الإعلامي والجوانب التاريخية أو الردود والتعاليق على بعض التحامل والافتراء والإساءة حتى على زعيم الوطن.

 

وقد وجهت لسيادتكم عديد الرسائل حتى في القضايا الوطنية والحزبية والسياسية منها رسالة بعنوان « رسالة للتاريخ » مؤرخة في 6 مارس 2005 حول وضع حد عاجل للإقصاء والتهميش وحرمان بعض المناضلين من طرف اجتهادات البعض سامحهم الله نتيجة مساهمتهم في الحوار أو أرائهم الحرة الصادقة أو تفكيرهم المخالف لرأي المسؤول في إطار حرية الرأي والتعبير والاختلاف في الرأي الذي تعلمناه في صلب الحزب والصراحة والوضوح التي تربينا عليها في منابره والحوار المفتوح في نواديه من القاعدة إلى القمة طيلة حوالي 33 سنة …

 

وكذلك المقال الذي نشرته 22/8/2005 بموقع الانترنات تونس نيوز بعنوان « تعليق على التحوير الأخير على رأس الأمانة العامة للتجمع ». و قد أشرت بعد المقدمة حول أسباب التحرير و أهدافه وسرورنا بهذا التحوير …

 

كنت أشرت وأبرزت في هذا المقال 5 شروط لنجاح الخطة و تحقيق الفائدة و النجاعة و الجدوى … للتجمع وللمناضلين الوطنين الذين ابعدوا و همشوا ووقع إقصاء بعضهم حتى في المناسبات الوطنية نتيجة أفكارهم الحرّة و تعلقهم بالحوار الديمقراطي النزيه. ولخصت النقاط الخمسة :

 

1) تطوير أساليب العمل و فتح أبواب التجمع للجميع و للمناضلين بالخصوص.

 

2) تطوير هيكلة الإدارة المركزية للتجمع بما يتلاءم مع المرحلة الحاسمة و اختيار الرجال المؤمنين برسالة تطوير العمل السياسي و المتشبعين بالروح النضالية و الوطنية و الحوار الديمقراطي و يتصفون بالصدق و النزاهة و الأصالة الحزبية و العمل التطوعي المجاني التلقائي بعيدا عن المكاسب و السيارات و المنح و البنزين و الهواتف و وسائل النقل و المكاتب الفخمة باعتبار الحزب شعبيا جماهيريا ممارسة و سلوكا.

 

3) الانتماء للوطن وحده دون سواه ولا ولاء لأشخاص وبالتالي للمنافع والمكاسب بطرق شتى ولا فضل لدستوري على أخر إلا بالعمل التطوعي المجاني في صلب الحزب.

 

4)   الوفاء الدائم لثوابت حزب التحرير ولرموز الحركة الوطنية وفي طليعتهم الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله.

 

وتعزيز الجانب النضالي والمحافظة على مبدأ ترابط الأجيال وعدم الاستغناء على كل من ناضل بصدق في هياكل الحزب من 1934 إلى اليوم دون فواصل أو قطيعة أو هذا تابع فلان… وهذا متاعنا…

 

5)  إعطاء حرية أوسع للرأي والرأي الأخر داخل منابر الحوار دون تحديد المواضيع  أو إقصاء أصحاب الرأي الأخر الحر مع توسيع هامش الحرية بصحافة الحزب وإعطاء الفرصة للمناضلين للتعبير وفتح الأبواب أمامهم واحترامهم ودعم مكانتهم التاريخية لأن حرية الصحافة والأعلام وخاصة صحافة التجمع ضرورية لضمان الشفافية المطلوبة والتعبير الحق وتجسيم الشعار أنّ التجمع لا  يضيق صدره من أي رأي.

 

ولا يتم ذلك إلا باختيار رجال مناضلين صادقين على رأس الصحافة وخاصة صحافة التجمع رائدهم جمع الشمل لا تمزيق الصف والبناء لا الهدم والتصافي لا التشفي والوحدة لا التفرقة وكلمة الخير لا الشر واحترام رأي المواطن والمناضل بالخصوص.

 

هذه بعض الخواطر التي ساهمت بها في مقالي يوم 22/08/2005 بمناسبة تعين الأخ الأمين العام الجديد للتجمع حتى نصلح ونعيد الاعتبار للمناضلين ولقيمة الشّعب الدستورية ودورها وهياكل التجمع المحلية في مستوى الجامعات ونهاية عهد التعين واحترام قواعد الانتخابات في مستوى لجان التنسيق الجهوية.

 

وقد كاتبت في هذا الموضوع من عام 1995 وناديت في اللجنة السياسية عام 1996 بهذا الاقتراح أمام الأخ محمد جغام الذي كان متحمسا لذلك. وكذلك نعيد الاعتبار للانتخابات الديمقراطية داخل اللجنة المركزية دون تعين لأكثر من الثلث دون انتخاب.

 

والحديث يطول حول ما جرى السنة الحالية في عدد هام من الشعب الدستورية حيث كانت دون المستوى وثلثها تم دون حضور المنخرطين وبعضها لم تر منافسة أو ديمقراطية داخل منابر الشعب الدستورية المعتادة على التنافس.

 

وحتى الإنخراطات السنوية تجمعت لمدّة 3 أعوام ووجدت عديد الشعب صعوبة في جمع المبالغ المالية حسب الأنخرطات لأعوام الثلاثة ووقعت التسهيلات المهم عقد المؤتمرات ولو بحضور عدد قليل! هذا هو حال العديد من الشعب فهل هذا مؤشر صحة أم ماذا, وهل هذا قوة للشعبة الخلية الأساسية للتجمع التي تستمد قوتها وإشعاعها من المنخرطين والمنتمين إليها ترابيا أو مهنيا، وهل المسئولين عالجوا هذه الظاهرة ،وهل صارحوا رئيس التجمع وكشفوا لكم الحقيقة على ما يجري. وهل إبعاد المناضلين والمؤطرين  كان له مدلوله ومفعوله أم ماذا…

 

أردت توجيه هذه الرسالة المفتوحة  لسيادتكم من باب الأمانة والغيرة على مكاسب حزب التحرير الوطني وبناء الدولة العصرية رايدي بوضوح وصدق إصلاح الأمر عاجلا واخترت هذه الطريقة الصريحة الواضحة و أتحمل المسؤولية كاملة.

 

ولا أحبذ كما أشرت في مقالي يوم 27/08/2005 حول موضوع ثقافية الخوف والوهم الذي نشرته بموقع الأنترنات تونس نيوز على حلقتين. قلت أفضل أن أكون صريحا متعلقا بالحوار الصريح أحسن ان أصفق في الاجتماعات وأتكلم في الخلويات والسهرات كلام أخر غير كلام الاجتماعات…

 

ولا أريد أن أكون كبعض المسؤولين عندما تكون معه على انفراد ينفجر ويقول كل شيء وعندما يكون في اجتماع يصول ويجول.

 

كما أني أحبذ أن أوقع على مقالاتي لا أن أبعث البيانات الطويلة دون توقيع فأين الشجاعة والجرأة …

 

واعتقد

 

يا سيادة الرئيس

 

أن الأحسن والأجدر والأفضل والأكثر وطنية هو الذي يصارحكم ويصارح المجتمع بالواقع المعاش ولو كان في الصراحة حقائق مرّة.

 

وأقترح دعم وإشعاع هياكل التجمع وجعل الشعبة هي صاحبة المبادرة وتزكي لا أن تنقلب الآية وتصبح هياكل أخر تزكي المترشحين للشعبة والجامعة بينما الأمر كان العكس …

 

ولا نخاف من الصوت الحرّ والحوار البناء والكلمة في الصحافة الحرّة ونفتح أبواب الحوار على مصراعيه.

 

ولا نخشى من الحوار وتحرير العقول لأن الكبت يولد الفتور والعزوف والتململ وهذا ما هو على أرض الوقع: كلام في الخفاء وعدم رضاء في الاجتماعات الخاصة والعائلات وفي الخلوات كما أشرت، وكلام أخر بوجه أخر في المناسبات عند كبار القوم أيضا نتيجة عدم الحوار الحرّ والسماح للمناضلين إلاّ بلغة المدحّ والثناء والتنويه …

 

وفي هذا الإطار وللامتحان الوطني في التمسك بالوطنية الحق أحبذ لو يصدر أمر أو قرار جريئ يكون بموجبه النائب في مجلس المستشارين ومجلس النواب ويخضع لخصم نصف المنحة لفائدة صندوق التضامن الوطني أي قرابة 60 ألف دينار لمدة 60 شهر المدّة النيابية القانونية. ونبدأ بنواب التجمع مثلا أو المسؤولين في كل القطاعات الهامة خاصة الذين لهم موارد أخرى من المحامات والطب والتجارة والأعمال الحرّة…

 

وهذا مقياس الوطنية الحق التضحية بالنفيس القليل لا كرجال ومناضلين الأمس ضحوا بالنفس والنفيس معا  والسجون والأبعاد والغربة  شتان بينهما …

 

وأخيرا نتمنى كما قلت يوم 29/07/1996 في اللجنة السياسية يجب مراجعة الامتيازات المالية لمن يريد العمل والنضال في صلب الإدارة المركزية للتجمع ولجان التنسيق وأن يكون التفرغ مجانا للعمل وهذا من شروط الوطنية. لا أن يأتي شخص في منصب هام في التجمع ويسعى بالإضافة إلى الامتيازات الهامة والبنزين والهواتف والسيارات أن يستغل مركزه وتوظيف أدوات التجمع لخدمة أغراضه الأخرى ومكتبه الخاص بالمحامين وهذا حصل عام 1995 وبعدها.

 

فهل هذا يعتبر وطنيا وله الروح النضالية وروح السخاء والعطاء أم الأخذ والاستغلال فالتجمع ليس بقرة حلوب بل هو نضال وتضحية ونكران الذات.

 

وفي الختام أتمنى أن تأخذ هذه الرسالة المفتوحة للتاريخ بعين الاعتبار والعناية لما احتوت عليه من حقائق وقائع.

 

أملي إعادة الاعتبار للمناضلين الأوفياء وإعادة الدّر إلى معدنه والدار لمن بناها. فالحزب هو حزب الأحرار المناضلين وهم أجدر بالعناية والأقرب لمواقع القرار والإصغاء.

 

والمناضلون الاحرار هم اولى بتكوين جمعية للمحافظة عاى تراث الزعيم الحبيب بورقيبة ورفاقه ورموز الحركة الوطنية.

 

و لا خوف و لا خشية من تكوين الجمعية على غرار اخواننا في فرنسا و اصدقائهم الفرنسيين الذين تحمسوا لتكوين جمعية للمحافظة على تراث بورقيبة ووجدوا الدعم من وزارة الداخلية بحكومة فرنسا و التحصل على التاشيرة القانونية.

 

لماذا نحن في تونس ننتظر الحصول على التاشيرة منذ يوم 13 جوان 2005 و الصمت مخيم لا رد سلبا او ايجابا و نحن في دولة القانون و المؤسسات التي ترعونها باشرافكم و حماسكم المعهود.

 

و الله ولي التوفيق.

 

والســــــلام

محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري

تونس


 

بسم الله الرحمان الرحيم حركة النهضة  بتونس

وزير الشؤون الدينية يتهجم على الحجاب و يعتدي على الحريات

 
أجرت يومية الصباح بتاريخ 27ديسمبر حديثا مع وزير الشؤون الدينية « الأخزوري »  أفصح  فيها بوضوح عن عدة قضايا تتعلق باخص خصوصيات الحريات الشخصية للمواطن مثل نوعية ملابسه رجلا أو امرأة  وحلاقة لحيته أو توفيرها، حيث قال. « فالحجاب دخيل ونحن نسميه بالزي الطائفي باعتبار أنه يخرج من يرتديه عن الوتيرة، فهو نشاز وغير مألوف ولا نرضى بالطائفية عندنا وخطاب الرئيس بن علي في 25 جويلية الماضي يوضح ذلك »
بعد إستشهاده هنا بخطاب الرئيس  لم يستظهر في عدوانه على حريات الناس الشخصية وهوالمفترض فيه العلم بالشؤون الدينية لا بآية ولا  بحديث ولا بقول لفقيه ولا هو استظهر إن كان فعلا يستند الى مرجعية حداثة كما يزعم لنفسه، بنص من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أهم وثيقة مرجعية لحقوق الأنسان في العصر أين يتنزل فيها حظر الزي « الطائفي و الهركة واللحية ».
لم تكتف السلطة بمصادرة الحريات العامة لشعب تونس بكل اتجاهاته حتى تحولت البلاد سجنا ضخما والسياسة قلاعا فارغة، بل عمدت الى التدخل في أخص خصوصيات المواطن، والإعتداء على  حقه في اختيار لباسه وشكله.
وحركة النهضة:
– تذكرأن الاسلام  يمثل لشعبنا أصلب وأعمق مقومات هذه الشخصية، وهو لئن كان متقبلا لاجتهاد المخلصين من العلماء فإنه يتأبى عن كل عبث وتلاعب. ولأن الحجاب بكل صوره هو من خصوصيات المرأة المسلمة الملتزمة به والتي تعتبره ركنا من أركان شخصيتها تتعبد ربها به فلا يجوز لحاكم ولا لغيره التدخل فيه. – تشجب بكل قوة تصريحات وزير الشؤون الدينية وتعتبره جزء من الاستمرار في سياسات متطرفة تعتدي على كل قيم الديمقراطية والحريات الخاصة والعامة ومقومات الهوية العربية الإسلامية لشعبنا. – تشد بأزر كل المومنات الحريصات على لباس الزي الشرعي، وتدعوهن الى الثبات والصبر وإعلاء صوتهن بالمطالبة بحقوقهن الدينية والانسانية، ازاء هذا العدوان السافر. – تطالب  كل الهيآت الاسلامية والحقوقية والنسوية داخل البلاد وخارجها أن تتصدى لهذا الاستهتار المتصاعد والعدوان المتكرر على حق النساء في إرتداء الزي الذي يخترنه. قال تعالى: « ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون » ‏28‏ ذو القعدة‏، 1426 الموافق 29 ديسمبر 2005
حركة النهضة  بتونس الشيخ راشد الغنوشي (المصدر:موقع نهضة.نت   بتاريخ29  ديسمبر 2005)


وزير الشؤون الدينية التونسي يعد باجتثات الحجاب

لطفي حجي –تونس
وصف وزير الشؤون الدينية التونسي أبو بكر الأخزوري الحجاب بالدخيل والنشاز غير المألوف على المجتمع التونسي.
وقال الأخزوري في حوار مع صحيفة الصباح اليومية التونسية إن « الحجاب زي طائفي يخرج من يرتديه عن الوتيرة »، واعتبر أنه ظاهرة آخذة في التراجع بسبب ما وصفه بثقافة التنوير التي تنشرها الحكومة، مضيفا أن هذا الفكر كفيل باجتثاث الحجاب على حد قوله.
وأضاف الأخزوري أنه يرفض أيضا ارتداء الرجال للجلباب الأييض الخليجي الذي يطلق عليها في تونس »الهركة البيضاء » وإطالة اللحية وقال إن هذه المظاهر تنبئ عن اتجاه معين.
وشدد الوزير التونسي على أن حكومة بلاده تدعو في المقابل إلى الزي التقليدي التونسي قائلا « هل من العيب أن نحترم خصوصيتنا ونعطي الصورة اللائقة بنا ». وأشار إلى خطاب الرئيس زين العابدين بن علي في 25 يوليو/تموز الماضي الذي تطرق بوضوح إلى تلك المسألة.
المناهج الدينية
وعن خطة وزارة الشؤون الدينية في هذا المجال أكد الأخزوري أنه يعمل على مواجهة الفضائيات التي تدخل البيوت دون استئذان على حد تعبيره.
وتسعى الوزارة لتحقيق ذلك من خلال برنامج ديني متلفز يعده أساتذة شبان من جامعة الزيتونة يتطرقون فيه إلى القضايا التي تهم الشباب.
كما تساهم الوزارة في خطة المراجعة المستمرة للمناهج الدينية المدرسية والتي أصبحت تدعو إلى الفكر المستنير والقيم السمحة على حد تعبير الوزير.
وقال إنه يتعين التصدي لكل ما له علاقة بالماضي وطرح قضايا تشجع على النظر و النقد مشيدا بالدور الذي تقوم به وزارة التربية التونسية.
يذكر أن السلطات التونسية تحظر على الإناث الدراسة والعمل في المؤسسات العمومية بالحجاب استنادا إلى قانون صدر سنة 1981 في عهد الرئيس السابق الحبيب بورقيبة يعرف « بالمنشور 108 » ينعت الحجاب بالزي الطائفي.
ومع بدء العام الدراسي في سبتمبر/أيلول الماضي شن مسؤولو التعليم في تونس حملة واسعة النطاق لتطبيق القانون 108. وتم منع الطالبات المتحجبات من دخول المدارس والكليات وهو ما اضطرهن إلى تغيير شكل حجابهن حتى يوفقن بين الدراسة والتمسك بالحجاب.
وترفض السلطات التونسية التهم الموجهة إليها بمحاربة الحجاب أو أي شكل من أشكال التدين معتبرة أن ما تقوم به يدخل في باب محاربة ما تصفه بملابس دخيلة على العادات والتقاليد التونسية.
ويرجع مراقبون تنامي ظاهرة الحجاب في السنوات الأخيرة في صفوف التونسيات إلى تأثير البرامج الدينية في عدد من الفضائيات التي يشاهدها التونسيون بكثافة. ______________________ مراسل الجزيرة نت. (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 29 ديسمبر 2005)


أكاديمية تونسية اعتبرت الصحابي عمر بن الخطاب « عدو » المرأة

موجة استنكار تثيرها تصريحات وزير تونسي اعتبر الحجاب « زيا طائفيا »

 
 
 تونس، باريس – قدس برس أثارت تصريحات وزير الشؤون الدينية التونسي أبوبكر الأخزوري لجريدة (الصباح) التونسية، وتصريحات الدكتورة منجية السوائحي، الأستاذة بجامعة الزيتونة، والمختصة في التفسير وعلوم القرآن، لقناة لبنانية بشأن الحجاب، واعتبار الصحابي عمر بن الخطاب العدو الأول للمرأة في التاريخ، ردود فعل غاضبة داخل تونس وخارجها. إذ اعتبر الشيخ ونيس المبروك الأستاذ بالكلية الأوروبية للدراسات الإسلامية في ويلز، والعضو المراقب في المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، ما أعلنه وزير الشؤون الدينية التونسي من تصريحات « سابقة خطيرة من مسؤول ديني في تاريخ تونس »، معتبرا أنها تمثل « مخالفة صريحة لنص قرآني محكم، امتثلت له الأمة الإسلامية من عصر النبوة إلى يومنا هذا، ولم يكن له من كل طوائف أهل القبلة مخالف معتبر ». كما اعتبرها « شذوذا علميا في تقويم هوية المجتمع التونسي، الذي يقع الإسلام منه موقع الروح السارية، والمنارة الهادية، وهو انتهاك واضح لحق مقدس من حقوق الإنسان في أن يختار لنفسه ما يشاء من لباس، ما دام لا يضر ذلك بحقوق الآخرين، أو أن يمنعهم من أداء واجب مفروض ». وأعرب الشيخ المبروك في حديث لوكالة « قدس برس » عن مخاوفه من « أن تكرس هذه التصريحات الفجوة بين الشارع التونسي المسلم وبين الدولة، بدل أن تقارب بين الناس، وتقدم مصلحة الوفاق الوطني في هذه المرحلة التي تمر بها الأمة »، راجيا من وزير الشؤون الدينية التونسي « أن يراجع نفسه، ويستشير إخوانه من العلماء الثقاة في هذه الأمة »، على حد قوله. من ناحيته استنكر عالم دين بارز من داخل تونس تصريحات الوزير الأخزوري والجامعية السوائحي بقوة، معتبرا إياها اعتداء جديدا على الشعائر الإسلامية. وقال عالم الدين، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لأسباب أمنية، ان هذه التصريحات تندرج ضمن سلسلة ما وصفها بالاعتداءات المتتابعة على الإسلام، ابتداء من حث الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة الناس على إفطار رمضان، إلى سخريته من الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فضلا عن تجويز التبني في مجلة الأحوال الشخصية التونسية، الذي يحرمه القرآن الكريم بشكل قاطع، على حد قوله. « نسخة من التراث الستاليني » في حين اعتبر الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية تصريحات الوزير « نسخة منتزعة من تراث الإدارة الدينية في الاتحاد السوفييتي المقبور برئاسة بباخانوف »، مشيرا إلى أنها تعبر « عن الهوة الشاسعة التي تتزايد اتساعا بين الدولة والمجتمع في تونس، (…) حيث نجد مجتمعا يتجه قدما وبسرعة هائلة نحو التدين.. نحو المساجد والحجاب »، مستنكرا الأصوات النشاز التي قال إنها « تطلع علينا بين الفينة والفينة » و »تحاول أن تغمض الأعين عن هذا التطور، وتضع البلاد في بداية التسعينيات »، مشددا على « أن مياها غزيرة مرت تحت الجسور »، على حد قوله.  وكان الوزير الأخزوري قد اعتبر الحجاب، في حوار نشرته جريدة « الصباح » التونسية الثلاثاء (27/12)، « ظاهرة دخيلة » على تونس، و »نشازا » و »زيا طائفيا » و »ظاهرة غير مقبولة في تونس »، قائلا إن « الحجاب دخيل، ونسميه بالزي الطائفي، باعتبار أنه يخرج من يرتديه عن الوتيرة، فهو نشاز وغير مألوف ولا نرضى بالطائفية عندنا »، منوها إلى « تراجعه في تونس، لأن الفكر المستنير الذي نبث كفيل باجتثاثه تدريجيا بحول الله »، كما قال. في حين اعتبرت الدكتورة منجية السوائحي (*) ، الأستاذة بجامعة الزيتونة، في لقاء مع قناة « ANB » بثته مساء الثلاثاء (27/12) الحجاب من الموروثات الإغريقية والرومانية، وأنه ليس أمرا إسلاميا أصيلا، معتبرة أن الإسلام يحث على الستر والحشمة، وأنه لا ينص على الحجاب، الذي اعتبرته زيا طائفيا مرفوضا في تونس، وأن التونسيين تخلوا عنه باختيارهم، بعد أن ترسخت الثقافة الحديثة بينهم، على حد قولها، نافية أن يكون الشرع قد حث على الحجاب، معتبرة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب أكبر عدو للمرأة في التاريخ، الأمر الذي جعل المذيع يستوقفها عند هذا التصريح. وصف الشيخ الغنوشي، في حديث لوكالة « قدس برس »، تصريحات الوزير الأخزوري وموقف الدكتورة السوائحي، بأنه أمر غير جديد عن الثقافة، التي تحاول الدولة التونسية، التي وصفها بالاستبداد، فرضها على التونسيين، قائلا « هذه السياسة ليس فيها جديد، هي جزء من منزع استبدادي موغل في الستالينية، تبنته الدولة التونسية الحديثة، باسم حداثة مزيفة، لا تكتفي بالسيطرة على الشأن العام كمصادرة الحريات، وإفراغ الحياة السياسية من كل مضمون إلا النفاق، وإنما تتجاوز ذلك إلى الشأن الخاص، تتصدى للتحكم في أخص خصوصيات الإنسان في زواجه ولباسه ومظهره »، على حد قوله. تعليقات متنوعة وكان حوار الوزير الأخزوري قد أثار كما هائلا من التعليقات على موقع « العربية.نت »، التي أعادت نشره، بلغ حجمها أكثر من 30 ألف كلمة، وشارك فيه المئات من قراء الموقع، من دول عربية وأجنبية مختلفة، حتى كان ذلك الخبر هو الأكثر قراءة وطباعة وحفظا وإثارة للتعليقات وإرسالا بالبريد الإلكتروني. وجاء بعض التعليقات جادا غاضبا، في حين جاء بعضها الآخر هازلا ساخرا. وفي حين هاجم معظم القراء تصريحات الوزير، وقف البعض معه، معتبرين إياه رمزا من رموز التنوير في العالم العربي والإسلامي. وتساءل أحد القراء قائلا إذا كان هذا موقف وزير الأوقاف والشؤون الدينية، فكيف يكون موقف وزير السياحة؟ وأجاب بلهجة عامية ساخرة « أكيد بيقول إن المرأة لا تلبس فستان طويل من شأن (حتى) لا تكون طائفية.. الله يخلف على الإسلام والمسلمين هذا كلام وزير دولة موعامل في بنك ». أما القارئ الذي عرف نفسه بخالد فيقول « المشكلة أنه وزير الشؤون الدينية.. لو واحد ثاني كان قلنا عادي »، متسائلا كيف يسمح بالحجاب في أمريكا وبريطانيا ويمنعه بعض العربان، على حد قوله. أما ابن رجب الحنبلي، ويبدو متشددا في حكمه، فيقول للوزير « خلي الحداثة تنفعك وتنفعك رئيسك يوم العرض على الديان جل جلاله!! نحن متمسكون بالحجاب ودونه ضرب الرقاب ». في حين يذهب ميسرة إلى القول « ده مش عدل أنت تفرض على الناس إلي أنت عايزه، وفين الديموقراطية إلي انتوبتتكلموا عاليها وفالقينا بها؟ ». أما فاتن فترى أن الوزير يريد ترقية من رئيسه ومن ثم « منحه المزيد من الأموال والقصور، نظرا لقيامه بالمهمة المكلف بها على أكمل وجه »، على حد قولها.  في حين يخالف قارئ عرف نفسه بأنه مسيحي لبناني « متنوّر » الوزير في تعريفه للطائفية قائلا « الطائفية هي في ازدراء أمثالك لحقوق المرأة التونسية، بالحفاظ على هويتها الإسلامية والعربية.. ولا تكون الطائفيّة بتأكيد المرء على هويته الدينيّة، بل بالتعصّب ضد أتباع الأديان الأخرى من بني البشر ». وبلهجة قاسية يضيف « تعالى عندنا إلى لبنان وتعلّم الطائفية ثم تكلم ». أما أبوأحمد من فلسطين فيعتبر « هذا الوزير وأمثاله من علامات الساعة ». ويذهب علي التونسي نفس المذهب حين يتساءل « عن أي طائفية يتحدث هذا… تراه سمع هذه الكلمة في السياق العراقي أو اللبناني فأراد استعمالها »، قائلا إن « 99 في المائة من التونسيين عرب سنة، وأغلبهم متسامحون، وتونس من البلدان الإسلامية القلائل التي ليست فيها صراعات مذهبية أو عرقية ». لكن من عرف نفسه بأنه علماني سوري يؤازر الوزير التونسي بالقول « الله معك يا وزير.. أنت مثال الرجل المتحرر.. الله يوفقك خلينا نتخلص من هكذا تخلف، لأن الإسلام دين متحرر ومتسامح وقابل للتطور ». ويذهب سيد عبد الجبار، من مصر، نفس المذهب، حين يتساءل « أين كان الحجاب والنقاب في الستينيات والسبعينيات وما قبل ذلك؟ ». ويضيف « الراجل بيقول الحق.. الحجاب ظاهرة جديدة دخيلة على مجتمعنا المصري خصوصا. أدخلها الإخوان المسلمون علينا لمصدر رزق لهم، لبيع ملابس المحجبات والمنقبات، فأصبحت شوارعنا وجامعاتنا مليئة بالمجرمين والهاربين من القانون وتجار المخدرات والرجال، الذين يختبئون تحت النقاب »، على حد قوله. لكن سعيد الجطلاوي من سويسرا فيعبر عن غضبه وتعجبه لأن « الحجاب في أمريكا وأوروبا منتشر وفي بلاد العرب يحارب؟؟ عجبي والله ». في حين يتحدى أبووليد علي « وزير الشؤون الدينية التونسي أن يتلو جزء عم تلاوة صحيحة وليس حفظه، لأنه إن كان يحفظه فهو يستحق الإمامة على الأمة »، كما قال. ويتساءل محمد من مصر إن كان الوزير المعني هو حقا وزيرا تونسيا، قائلا بسخرية « أنا يا جماعة قرأت المقال مرتين لأني مش مصدق أنه من وزير تونسي »، مضيفا القول « لوسمحت حد يفهمنى هي دي تونس اللي في إفريقيا اللي بين ليبيا والجزائر، ولا في دولة جديدة اسمها تونس، وبيفكروا لسة يبقوا مسلمين ولسة عايزين يتعلموا ألف باء إسلام.. يا جماعه حد يراجعني لوغلطان ». في المقابل يعتبر حسين كامل، وهو من مصر، الوزير أبوبكر الأخزوري أعظم وزير عربي، ويقسم بالله لو أن الأمر بيده لجعل الوزير يحكم مصر بل يحكم كل الأمة العربية، « علشان تخلصنا من الجهل والتخلف اللى احنا عايشين فيه »، كما قال. لكن التونسي منصف العياري يتهم الوزير بأنه يقرأ قرآنا مستوردا من فرنسا في إشارة لمنع فرنسا للحجاب على المسلمات. أما أطرف مقترح فجاء ممن عرف نفسه بـ »عربي »، مقترحا إرسال بعثة من البرلمان المصري إلى تونس لإثارة القضية أمام نوابها. وفي هذا يقول « أنا لدي سؤال ألا يوجد إخوان مسلمون في تونس، ولو موجودون ألم يصلوا للبرلمان بعد، ولو وصلوا ألم يقدموا استجوابا للوزير التونسي، ولو كانوا قدموا لماذا لم نر أي نتيجة ». ومن ثم يقترح « أن نبعث لتونس مجموعة من نواب الإخوان في مجلس الشعب المصري ليعلموا نواب تونس أصول العمل البرلماني في المسائل الحجابية! »، كما قال. (المصدر: موقع العربية.نت بتاريخ 29 ديسمبر 2005) وصلة الموضوع وتعليقات القراء عليه: http://www.alarabiya.net/Articles/2005/12/29/19905.htm#1 (*) ملاحظة من « تونس نيوز » : يمكن الإطلاع على أفكار ومواقف السيدة منجية السوايحي من خلال المقالات التي تنشرها منذ فترة على موقع « شفاف الشرق الأوسط » على الرابط التالي:  http://www.metransparent.com/authors/arabic/mongia_saouhi.htm


الإتحاد العام التونسي للشغل  الإتحادالجهوي للشغل بجندوبة جندوبة في 28 ديسمبر 2005 إعـــــلام
استعدادا للقاء الذي يظم الإطارات النقابية الجهوية والقطاعية بالاتحاد العام التونسي للشغل حول « مساهمة الاتحاد العام التونسي للشغل في تأسيس منتدى اجتماعي تونسي  » نظم المكتب التنفيذي للإتحاد الجهوي للشغل بجندوبة يوم الإربعاء 28 ديسمبر 2005 ندوة جهوية تحت عنوان << مفهوم المنتدى الإجتماعي وعلاقة النقابات به >> حضرها مناضلي المجتمع المدني بالجهة وأعضاء الهيئة الإدارية الجهوية وضيوف من عدة جهات منها الإتحادات الجهوية بكل من تونس وبن عروس والقيروان وباجة والكاف والقصرين وزغوان وعضو من المكتب التنفيذي للإتحاد العام لطلبة تونس وفرع جندوبة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان . افتتح الندوة الاخ المولدي الجندوبي الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل الذي رحب بكل الضيوف وأكد على أن بعث منتدى اجتماعي تونسي ضرورة يفرضها الواقع الإجتماعي والإقتصادي والسياسي على المستوى العالمي والوطني والجهوي مذكرا بالندوات التي انعقدت في الغرض وكل محاولات بعث هذا المنتدى.  ثم احال الكلمة مباشرة الى الأستاذ عبد الجليل البدوي الذي قدم مداخلة حول  » مفهوم المنتدى الإجتماعي وعلاقة النقابات به  » قدم خلالها لمحة تاريخية عن الضروف الإجتماعية والإقتصادية حول تأسيس المنتديات الإجتماعية ومفهومها ؛ وما قدمته على المستوى العالمي ؛ فأكد ان النيو ليبرالية وهيمنة رأس المال على العالم والإمبريالية تتطلب التصدي لها عالميا عبر منتدى اجتماعي عالمي .وأن دور الإتحاد العام التونسي للشغل هام  في بعث منتدى اجتماعي تونسي .    ثم فتح باب النقاش الذي ساهم فيه كل من الكتاب العامين للإتحادات الجهوية بالقيروان وبن عروس وزغوان وممثلين عن الإتحادات الجهوية بتونس وباجة والكاف والقصرين وعن الإتحاد العام لطلبة تونس وفرع جندوبة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وعديد من الإطارات النقابية ومناضلي المجتمع المدني وقد اجمع كل هؤلاء على ضرورة بعث منتدى اجتماعي تونسي في أقرب الآجال . ملاحظــتين الاولى : أصدرت الندوة برقية مساندة لجمعية النهوض بالطالب الشابي ونددت بما تعرضت له من منع  قوات البوليس للندوة التي دعت اليها حول  » المنتديات الإجتماعية في العالم : النشـــأة والآفــاق  » وذلك يوم الأحد 25 ديسمبر 2005 . الثانية :اعتذر كل من الكاتبين العامين للإتحادين الجهوين بالمهدية واريانة عن الحضور لإلتزامات نقابية ملحة .                                                                                                                            رئيـــس الندوة                                            الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل بجندوبة                             المـولدي الجندوبي   

 

Rencontre Culturelle Euro –Arabe   الملتقى الثقافي العربي الأوروبي                                

17 Quai de grenelle75015

info @  euroarabe.org

 

دعوة

 

يتشرف الملتقى الثقافي العربي الأوروبي بدعوتكم لحضور

ندوة فكرية حول:

الديمقراطية والاحتلال.

يحاضر فيها

الأستاذ عوني القلمجي

الدكتور محمد الرنتيسي

 

بحضور العديد من الوجوه الفكرية والسياسية

العربية.

 

الجمعة الموافق الثلاثين من ديسمبر 2005 وذلك على الساعة السادسة

                                    18h

                                     بقاعة الـ :AGK

  العنوان:

Métro Alexandre

Dumas 177 rue Charonne 75011

 

الملتقى الثقافي العربي الأوروبي

 

ٌRenseignement : 06.60.33.84.04


التنمية في ظل استشراء مظاهر الفساد المالي

أي معنى؟

الجزء الاخير: 

فكل هذه العوامل الواقعية التي نعيشها معرقلة في الحقيقة لبرامج التنمية، وليست عوامل إنجاح ودفع وتحسين لها، رغم المجهودات التي تبدو مبذولة باتجاه انجاحها . ولكن الفساد المالي والإداري، وإسناد المسؤوليات على أساس الولاء الحزبي، وليس على أساس الكفاءة والحرفية والصدق والإخلاص والقدرة على الإبداع ،هو الذي يأتي على رأس أسباب فشل برامج التنمية في مختلف قطاعات الإنتاج في بلادنا.

ومما يزيد برامج التنمية ضعفا تلك الأرصدة المالية المجمدة بالبنوك التي يعمل أصحابها على تجنب المغامرة، بروح لا وطنية، وبعيدا عن المسؤولية، وبانتهازية وأنانية فائقة، في إدخالها في الدورة الإقتصادية مباشرة، في توق إلى اكتفاء بالربح ألربوي المحرم السهل الذي تدره عليهم كل يوم أو كل شهر أوكل سنة. أو باستثمارها في قطاعات غير منتجة وغير مفيدة للإقتصاد الوطني ( كقطاع البناء لغرض الإيجار مثلا وغيره من القطاعات…).

هذه الأموال التي كان يمكن أن يوجد من التشريعات بعيدا عن الموروث التشريعي الرأسمالي الإستعماري الضامن للملكية الفردية والمقدس لها ما يجيز للدولة أن تتدخل لتفرض ـ إذا لزم الأمرـ على أصحابها إلحاقها بدورة اقتصاد البلاد على غير النحو السلبي الموجودة به، وإدراجها في برامج التنمية في مشاريع وقطاعات منتجة تعود بالنفع على البلاد والعباد، وفق دراسات علمية تتوفر لها بها كل أسباب وشروط النجاح. وأن تصادر منهم إذا لزم الأمر فوائدها وأرباحها وإيراداتها للصالح العام، أو اعطائهم حق التمتع ببعضها مع الإحتفاض لهم بحقهم في الأصل و ضمانه لهم وفق صيغ قانونية محددة. لأن اكتفاء الدولة بجمع الضرائب والجباية والآداءات والمكوس بعد وضع الإقتصاد بين يدي الرأسمال الوطني والأجنبي ،وعدم تدخلها في ما زاد على ذلك، يكتسي مخاطر كبيرة يمكن أن تكون هي المتضررة فيها بالدرجة الأولى، ومن ورائها في النهاية المجموعة الوطنية كلها، في صورة امتناع أصحاب هذه القطاعات وغيرهم ، وفق صيغ قانونية أوغير قانونية، عن دفع الضرائب والآداءات والجباية. أو هجرة هذه الرساميل الى مناطق وجهات أكثر استقرارا وأوفر ربحا، ويلحق الضرر بذلك الوطن والشعب كله.

إن سياسة نظام اقتصاد السوق عموما، لا يمكن أن يتحقق بها في أوطاننا ما يتوهم البعض إمكان تحققه في العالم الغربي الذي كانت الدولة فيه من إنتاج الطبقة الرأسمالية صاحبة الرأسمال الخاص والمالكة للقطاع الخاص والذي كان سابقا لنا في ذلك بقرون من الزمن. والذي أقام قواعد حياته الإجتماعية وأوضاعه الإقتصادية على ذلك الأساس منذ البداية، بعيدا عن كل منافسة اقتصادية أو حضارية أقوى منه،أو لها عليه إشراف أوتأثير مباشر أو غير مباشر الى حد الوصاية عليه، مثلما هو عليه الحال عندنا. وبذلك لا يمكن أن يتحقق لنا من خلاله برنامج تنموي حقيقي وناجح في ظل استفحال أزمة ثقة تسود المجتمع المحلي الداخلي والدولي كله. وفي ظل أزمة ثقة تحكم الحاكم والمحكوم. وتفشي عقلية الرغبة في الربح السهل، على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة، واستيلاء ظاهرة النهم والجشع على الأنفس، واستشراء ثقافة الطمع والخوف بين الناس.

فلا تنمية حقيقية بدون حرية حقيقية وأمن واستقرار حقيقيين وبدون قطاع عام في ظل نظام ديمقراطي مستكملا لكل شروطه في التعددية الحزبية وحرية الإعلام والصحافة والتعبير واستقلال القضاء والتداول السلمي على السلطة وصيانة وضمان حقوق الإنسان.

بقلم : علي محمد شرطاني قفصة

تونس


 

طلب ملح من الإخوة المتبارزين في مواضيع الشرائع والمقاصد والأوهام والعقائد وما اتصل بها من مصالح ومفاسد

بقلم : حيّان الأخوة الأفاضل  اسمحوا لي أحبتي أن أحكي لكم قصة قصيرة جدّا : قبل أزيد من ثلاثين سنة، أذكر أن والدتي رحمها الله كانت مولعة بتربية الدجاج. وكان فناء بيتنا الواسع غالبا ما يكون مسرحا لعشرات الكتاكيت من كل الألوان والأشكال والأحجام. وكنت أتسلى بذلك المنظر وأنا صبي  لم أتجاوز الثامنة من عمري، فأهيّج الكتاكيت بعضها ضد بعض برمي قطع الخبز بينها لتتهافت عليها تهافت الجوعى، فتتقاتل بنقر عيون بعضها البعض نقرا فاحشا، فتنهاني والدتي زاجرة عن فعل ذلك، وكان ربما مر قط كان لي بالمكان، فاذا تقدم نحو قطعة الخبز الملقاة، تفرقت الكتاكيت مذعورة كأنها حمر مستنفرة، فرت من قسورة . وكنت أسأل أمي مرات ومرات : ما بال الكتاكيت يكثر نزاعها بينها لكنها لا تجرأ ألبتة  مجتمعة على الهرّ؟؟ وكان جواب أمي دوما جاهزا على باب شفتيها البهيّتين، رحمة الله عليها : « الفلّوس [الكتكوت] ما ينقر إلا عين خوه [عين أخيه] »….. عاودتني هذه الذكريات وأنا أتابع مع قراء صحيفتنا الالكترونية الغراء « أخبار تونس » جملة العنتريات والتراشقات والنقرات والصولات والجولات في مواضيع تخبر الحليم عن حال من البؤس في مستوى الحكمة وقصر النظر عجيب. وكل مزايد يزيد في طول مقالته ويلونها بشتى التلاوين ظنا منه أنه ينقر  بها رأي أخيه نقرا في مقتل. سامحكم الله من ذرية جماعة حضنتكم طويلا فاستعملتم ما تعلمتموه في غير ما هو له. إن الخاسر الأوحد من عنترياتكم السياسوية والفقيهية والأصولوية هي ثغرة البلاد التونسية التي نحن مسؤولون عنها جميعا أن تؤتى أمة المصطفى من قبلها. فيا لأسى سجناء الرأي بسجالاتكم التي لا تدفع فيما أحسب ظلما ولا تقترح حلا. ورغم ذلك، فها أنا أكمد حنقي وأتسالى بأن في شتات المهجر من هو في مستواكم من المحاججة وحسن المقارعة ونبش سطور الكتب. أما وقد أخذتم حظكم في التدريب على نقر بعضكم البعض، فلنكن إيجابيين ونعتبر أن ذلك من باب رياضة الاستعداد لمعركة واحدة هي إصلاح شأن بلدنا كجزء من إصلاح أمتنا  فما رأيكم في الاقتراح التالي الذي أضعه بين أيديكم في شكل تحدي، فإذا قبلتموه عن طيب خاطر فسأشهد جميع قراء صحيفتنا الغراء لكم بالفحولة والمروءة والحكمة، ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا؟؟؟ والاقتراح ـ التحدي هو: لا يدركنّ السيدين خميس الماجري والهادي بريك رمضان سنة 1427 إلا وقد كتبا كتابا مشتركا حول رؤية كل منهما بشأن المواضيع المفصلية التي تهم القطر التونسي في المرحلة القادمة وسبل الإصلاح الواجب والممكن، في باب السياسة والمجتمع والتنمية الاقتصادية والثقافة والتعليم والأمن والتعاون والحريات وغيرها. ولتكن مقالة كل أحد خاصة بكل نقطة، فيتبين أهل الديار التونسية وغيرهم نقاط الاتفاق فنتعاون فيها جميعا، ونقاط الافتراق فيعرفها الناس ويتلقفها أهل الحكمة بالتمحيص حتى نطمئن فيها إلى رأي أو يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين؟؟؟. وإنني مستعد أن أقترح عليكما ـ علنيا ـ فهرس مثل هذا الكتاب وأن نضرب جميعا موعدا في رمضان القادم. فلو قمتما بهذا فستكون سابقة لم تحصل في التاريخ ـ على حدّ علمي البسيط ـ  فتسنون بها سنة حسنة في باب فقه الاختلاف فتنوراننا ـ  نحن الأتباع الرعاع ـ بشعاع طرق حسم الخلاف بالحب والجمال والذوق عوضا عن الشنفريات المقرفة {مع شديد احترامي للشنفرى الماسك بسيفه والذي أدعوه أن يساند المقترح}. فإن لم تقوما بذلك، فالحجة عليكما وأترك الحكم للقراء، أما من طرفي، فلو قبلتما ما أطرحه عليكما، فإنني أعدكما في حال عدت إلى تونس حياّ أن أقف على قبر أمي وأستسمحها أن تعذرني بترك ما ردّدته على مسامعي مرات، رحمها الله، من أن الكتاكيت لا تحسن النقر إلا في مآقي نظائرها. والسلام على من اتبع الحكمة. 

 


 

فقه المصالحة في الاسلام

 الحلقة الثالثة والاخيرة

الاسلام بما هو دين خاتم يتسم بالشمول والكمال والاطلاق والصلاحية لكل زمان ومكان وإنسان وحال يحتضن مبادئ الصلح بين الناس سواء زمن الخصومات أو بما يحوي من تشريعات عقدية وأخلاقية وعبادية وإجتماعية عامة من شأنها توطئة حياة السلم والامن والتعايش بين الناس على إختلاف أديانهم وأعراقهم وحضاراتهم . لو فحص دارس للاسلام ذلك الزاد الكبير من مبادئ الصلح والاصلاح لوقف على فقه لا يتردد في تسميته بفقه المصالحة في الاسلام ولقد تناولت الحلقة الاولى أهم مرتكزات الكتاب العزيز في بناء ذلك الفقه أما ما يخص السيرة النبوية فإننا نواصل بإذنه سبحانه بسط بعض ما يفي بالغرض أو يكاد من فقه المصالحة مؤجلين ألتقاط المرتكزات المناسبة إلى خاتمة هذه الحلقة الثالثة والاخيرة . مما يختلف فيه التشريع الاسلامي عن غيره في كل قضية تقريبا هو عمله بسياسة الوقاية وهي وقايتان نفسية تحصن الانسان من السقوط في مهاوي ردى الخصومة والحرب ووقاية مادية تتمثل في سن التشريعات الجزائية العقابية الحائلة دون تعقد بؤر الفساد أو تطوق مناطقها ولابد لمن أراد التوسع هنا من مراجعة ما كتبه المرحوم الزرقاء . كما يرتكز فقه المصالحة في الاسلام على المدخل الثقافي والاجتماعي بأعتباره صمام أمان ضد تعفن حالات الحرب السياسية والخصومات الطائفية المدمرة وبذا تكون المعالجات الاسلامية دوما وقائية أولا ثم إصلاحية ثانيا من جهة وشاملة مضمونية غير جزئية مبتسرة من جهة أخرى.

فقه الاضحى وفعله في المصالحة :

الفقه القرآني للاضحى يستند وينطلق في الحقيقة من قصة إبراهيم مع إبنه الذبيح إسماعيل عليهما السلام وما ينبغي أبدا إهمال ذلك المنطلق لكل دارس لفقه الاضحى في الاسلام سيما عند الحديث عن فقه المصالحة فيه . معلوم إذن من القرآن الكريم بأن أساس فقه الاضحى هو فداء الله سبحانه للنبي إسماعيل ولابيه إبراهيم معا عليهما السلام بكبش تكريما لهما لا بل تكريما لذريتهما من الانسانية العاقبة . فقه الاضحى إذن يستند على كون الانسان مكرما عند ربه سبحانه إلى درجة أن يعفيه من أن يذبح بمدية دون ذنب إقترفه والانكى من ذلك أن يذبح بيد أحب الناس إليه أي أبيه . ذلك مظهر من مظاهر التكريم الالهي للانسان ولو لم يكن الامر كذلك لما سيقت القصة في قرآن كريم يتلى يؤجر تاليه حتى لو كان أعجميا لا يعرف من العربية حرفا واحدا . أجل يموت الانسان في سبيل الله سبحانه رخيصة روحه فداء للاسلام وللانسان ولسائر القيم الحقة التي جاء بها خاتم الانبياء عليهم السلام جميعا وذلك مظهر آخر من مظاهر التكريم الرحماني للبشر يؤتيه الشهداء ولكن ذلك لا ينطبق على حادثة ذبح والد لولده الذي رزقه بعد طول أمل بأم يديه بمدية حادة لذلك كان التكريم الالهي للانسان ممثلا هنا في النبي إسماعيل وأبيه إبراهيم عليهما ا لسلام فكان الفداء أسبق إليهما من المدية ولكن كانت العملية إختبار طاعة وولاء وخضوع وخنوع وتسليم مطلق من لدن إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام فلما نجحا في الامتحان بإمتياز شديد كانت المكافأة مضاعفة : مكافأة تربط على جأش إبراهيم عليه السلام بالبرد والسلام ومكافأة بتكريم الانسان أن يذبح بمدية بيد والده وفدائه بذبح عظيم . ذلك هو فقه الاضحى الاصلي وذلك هو الدرس منه وإسهامه في المصالحة بين الناس واضح جلي مؤداه أن الانسان مكرم مرتين : مكرم والده فلا يحمل مالا يقدر عليه غريزة وفطرة من مثل ذبح إبنه بيده بمدية حادة ويكتفى بدرس الطاعة المطلقة لرب العزة سبحانه مالك إبراهيم وإسماعيل وواهب الحياة والموت ومكرم هو ذاته حين وهبت له الحياة مجددا وفدي بذبح عظيم فالانسان أكبر من أن يذبح أو يهراق دمه أو يهان ومخلوقات الله سبحانه تفديه فهو مالكها بإذن ربه سبحانه وهي مسخرة له تسخيرا . أساس المصالحة بين الناس هو التكريم الالهي للانسان حيا وميتا ومؤمنا وكافرا وفقيرا وغنيا وحاكما ومحكوما وذكرا وأنثى .

فقه الحرمات وفعله في المصالحة :

فقه الحرمات هو فقه كرامة الانسان بلغة العصر ذلك أن الله سبحانه حرم الانسان وحرم من أجله الزمان والمكان يحرسان حرمته ويكلآن عيشه ويحفظان حريته ويشتد هذا الحديث إلحاحا في أيامنا هذه أيام الاشهر الحرم الثلاث المتتالية وأيام النصف الثاني من السنة حيث تتكثف الاعياد والمناسبات الاسلامية إيذانا بتفرغ الناس للعبادة وحقن الدماء وتكريم الانسان ووضع الحراب أي أيذانا بتدشين مرحلة مصالحة جديدة فإذا ما فرض على المؤمنين التشريع الاسلامي مصالحة عامة على مدى نصف عام تقريبا مثبتا فوق جدول زمانهم فإن ذلك يشحنهم بمعين من التقوى على نحو يرعوون فيه عن إنتهاك كرامة الانسان وإقتراف السوء ضد حمى الملك الديان سبحانه في الشطر الاخر من السنة . فقه الحرمات بتحريم وتقديس الثلاثي المكون لهذا الوجود المخلوق المملوك للمالك سبحانه أي الانسان والزمان والمكان يعني أن الاسلام يحوي على فقه في المصالحة الشاملة بين الناس يرعاها بتزكية النفس وإرساء التشريع ومنه الثواب والعقاب . أساس المصالحة إذن هو كرامة الانسان المفروضة من السماء بالتزكية وبالقانون معا . طبعا لن أطيل هنا بحكم تناول فقه الحرمات في أكثر مما كتبت في مواضع أخرى .

فقه الحج وفعله في المصالحة :

الحج عبادة إنسانية قديمة قدم الكعبة المشرفة ولو إختصرنا المسألة لقلنا بأن من مقاصد الحج العليا بعد غرس التزكية والتقوى وبناء اليقين في الله ووعده سبحانه نجد أن تلك الشعيرة تهدف بحكم طابعها العلني الاستعراضي العام في جموع كثيرة إلى إعلان رسالة التوحيد إلى الناس كافة بما فيها من تلبية معلنة ظاهرة تحل محل النية مع الاحرام وبما فيها من زي موحد للذكور زمن الاحرام والتنقل بين مواضع كثيرة متباعدة نسبيا داخل الحرم من الكعبة وموطن السعي وماء زمزم إلى عرفات وإلى مزدلفة ومنى وغير ذلك وذلك فضلا عن التنقل من كل فج عميق لشهادة منافع مادية ومعنوية للحاج . الحج إذن يختلف عن سائر العبادات في كونه عبادة علنية شديدة العلنية إستعراضية بالمعنى الايجابي المعاصر وليس ذلك سوى لتوجيه رسالة إلى الناس كافة من غير المسلمين بأن دين التوحيد هذه شعائرة وشرائعه ومعانيه وهؤلاء هم أهله رجالا ونساء فالحج إذن دعوة علنية سلمية للناس كافة إلى التوحيد والاسلام . الحج بما هو رسالة تكتنز التوحيد الخالص كما تفعل الصلاة ولكن بشكل جماعي معلن إستعراضي في مواكب حاشدة ملبية بصوت عال مهرولة كأنها جيش جرار منظم تروح وتغدو في زمان واحد ومكان واحد وطقوس واحدة وزي موحد … إذا كان الحج كذلك فهو رسالة سلمية للناس كافة ودعوة تصالحية إليهم جميعا مع ربهم الواحد الاحد . الحج هو رسالة يسر للناس كافة بالخطاب النبوي الذي تردد مرات ومرات مع الاصحاب الكرام وهم يخطؤون  » إفعل ولا حرج  » . الحج هو رسالة دعوية للناس كافة قوامها السلم والعفو والرحمة وينبجس ذلك من لباس الاحرام الابيض الناصع في إشارة إلى أن الانسان عاد اليوم في فناء بيت إبراهيم عليه السلام إلى فطرته التي فطره الفاطر عليها سبحانه جاء ملبيا لاهجا  » أفضل الحج العج والثج  » لا يأخذ من شعره ولا من ظفره شيئا للزينة ولا يتطيب أصلا يتبع خطى إبراهيم عليه السلام وهو يرجم إبليس رمز الحرب والعداوة بين الناس وخطى زوجه عليها السلام ترمل بين الصفا والمروة تبحث لوليدها عن ماء في أرض غير ذات زرع وواد ملأه الجفاف وحولته أشعة الشمس المحرقة إلى أطواد من السراب . فقه الحج إذن يقوم على إخلاص التوحيد وهي الدعامة الاولى التي يقوم عليها فقه المصالحة في الاسلام كما يقوم على التجرد من الدنيا التي بسببها تلغى المصالحات وتشن الحروب كما يقوم على العلنية والسلمية والعفو والرحمة والاناة والحلم بين الجموع الزاحفة فيذكر الناس بأن المصالحة بينهم هي الضامن لحسن تعايشهم رغم إختلافهم كما يقوم على الدعوة الاستعراضية أمام أعين الناس غير المؤمنين وقلوبهم فيفيئون إلى ربهم الحق فهي دعوة صلحية وأسلوب تصالحي حسن كما يقوم على إتباع خطى جد الانبياء من تعلقت به كل أو جل قصص التوحيد في القرآن لكريم ذلك النبي الكريم الذي فداه سبحانه في ولده بذبح عظيم تكريما له ولابنه وإتباعا لخطى زوجه الساعية على ولدها بين جبلين تنشد ماء فكان ماء زمزم رمز الصلح وتحضر المرأة في الحج لينداح الاصلاح الاسري وفي سائر جنبات المجتمع بين الرجال والنساء ويطوف الناس بالكعبة تائبين عابدين كما تطوف الملائكة بالبيت المعمور الواقع رأسا على رأس الكعبة في السماوات العلى إيذانا بأن الانسان عليه رسالة إصلاحية يتزود لها من موسم الطواف تشبها بالملائكة الذين لا يختصمون ولا يتحاربون … كل مظاهر فقه الحج في الاسلام مما ذكرت ومما أهملت وأغفلت ولم أعلم تعلمني بأن فقه الحج في الاسلام صالح لان يكون رسالة إصلاحية بين الناس كافة حتى أن الخطاب الفارض عليهم الحج جاء بصيغة  » ولله على الناس حج البيت … » وكأن فيئهم إليه حتما محتوما إن لم يكن اليوم فهو في الغد القريب أو البعيد لان الحج أقدم عبادة وإبراهيم صاحبها عليه السلام ترجع إليه كل الديانات السماوية الثلاث كما فصلت في ذلك سورة البقرة  ولن يزال التنافس على النسبة إليه عليه السلام محتدما بين تلك الديانات فما كان منها حنيفا مسلما لله وحده فهو نسيب إبراهمي عليه السلام حقا وما إزور إزرو في جحيم عذابات الدنيا . الحج إذن رسالة إصلاحية بين المسلمين قاطبة بما يجمع حول الكعبة من ملايين يختلفون في كل شئ ولا يشتركون سوى في الادمية والدين فهو رسالة إصلاح داخلية وهو رسالة إصلاح خارجية بما يعلنه من مؤتمر سنوي تحفل به البشرية من آمن منهم ومن كفر وهو اليوم أكبر تجمع بشري سنوي على وجه البسيطة تنقله الفضائيات وهو ينقل السلام إلى الناس كافة في لباس السلام وشعائر السلام وإزدحامات السلام .

فقه الهجرة وفعله في المصالحة :

أذكرك بداية بأن حياتك تبدأ في الاسلام بالحرمة أي قدسية الزمان في المحرم وتنتهي بذات الحرمة والقدسية في ذي الحجة ويتخللها رجب المحرم فالزمان لك محرم والمكان وأنت مكرم بالحرمة والقدسية لانك أغلى عند باريك من الكعبة لو هدمت لا قدر الله سبحانه . كما أذكرك بأن حياتك في الاسلام تبدأ بالهجرة في شهر محرم الحرام وأنت مهاجر إلى الله سبحانه كادحا ساعيا آئبا تائبا عابدا لائذا بالصبر يوما وبالشكر آخر . فأكرم بإنسان حياته هجرة وقوته إحرام وقدسية وقاتله يائس من رحمة الرحمان سبحانه . ذلك هو أساس فقه المصالحة في الاسلام . فقه الهجرة يقوم على صبر كريم جميل دام عقدا كاملا على أذى لم تسلم منه المرأة التي كانت تحظى بشرف الدفاع عنها في الجاهلية ولكن إزدواجية المكاييل عملة الجاهليات في كل زمان ومكان . كان يمكن للمهاجرين التشبث بأرضهم ووطنهم ومالهم وأهلهم فيتأبون على الهجرة كلما كانوا مسالمين يعبدون ربا غير رب قريش الكاذب وكان يمكن لهم كتم إيمانهم كما فعل مؤمن آل فرعون ولكن قيام الهجرة على فضيلة الصبر الجميل جعلهم يضحون في سبيل حريتهم لممارسة دينهم بالارض والمال والوطن والاهل وما أعسر أن يضحي الانسان بذلك وإسأل به خبيرا . ذلك يعني أن فقه الهجرة يقوم على المصالحة بدل التحارب حتى لو كانت المصالحة تعني الهجرة أو التهجير القسري لثلة تزاول تفكيرا  وسلوكا جديدا لا يؤذي أحدا ولا يسفه أحدا . فقه الهجرة يقوم على عدم التمييز بين عبد وحر يومها وبين رجل وإمرأة وغني وفقير وشريف ووضيع ونبي وغير نبي فكان فقه الهجرة مصالحة داخلية عامة لا تفضل هذا على ذاك فهم سواسية كأسنان المشط . فقه الهجرة يقوم على بناء مصالحة بين أهل مكة والمدينة رغم أختلاف الاوطان والعادات والتقاليد سواء مع إتحاد الدين أو إختلافه كما هو الحال مع اليهود وبعض النصارى وهي المصالحة التي مهد لها مسبقا بسفارة مصعب عليه الرضوان ثم ببيعتي العقبة التي أخمدت عداوات طويلة سحيقة بين الاوس والخزرج . فقه الهجرة يقوم على بناء المسجد ناديا عاما للمسلمين يزاولون فيه كل شئ من الاحتفال حتى العبادة ومن العلم حتى الحوار في القضايا العامة ولم يكن ذلك لايذاء أو لمنافسة صوامع وبيع وصلوات بل لتحقيق التعدد الديني في ظل حسن التعايش الانساني . وذلك معناه أن المصالحة العامة بين الناس هي مصالحة دينية من بعض زواياها تقوم على التعدد الديني والمذهبي والطائفي والعشائري في كنف الوحدة الاسلامية العامة والتعاون البشري العام . فقه الهجرة يقوم على عقد مؤاخاة عملية حقيقية ملموسة مسطرة بالاسماء بين المهاجرين والانصار ولو لم يكن ذلك مسطرا في التاريخ فلا ينفيه سوى من ينفي حدوث حربين عالميتين من قبلنا لعددنا ذلك اليوم ضربا من الدجل لفرط ما توطدت عرى الاخوة الاصلاحية بين الناس يومها ومعنى ذلك أن المؤاخاة هي أبرز بند من بنود فقه المصالحة في الاسلام . فقه الهجرة يقوم على عقد سياسي جامع يضم شتات كل سكان البلد الواحد وهو المدينة يومها بمختلف أديانهم وأعراقهم وألوانهم وطوائفهم ومللهم ونحلهم ولغاتهم وعاداتهم وتقاليدهم وأنسابهم وأحسابهم على أساس وحدة جامعة ضد كل عدوان خارجي وعلى قاعدة التنوع والتعدد والاختلاف وإحترام الخصوصيات العرقية والثقافية . ومعنى ذلك أن أساس المصالحة الشاملة بين الناس هو الجمع بين الوحدة وبين التنوع أي بين الالتزام وبين الحرية ضمن عقد صلحي مكتوب مشهود عليه لا يقصي أحدا أبدا و لا يحابي أحدا مطلقا . فقه الهجرة الذي يقوم على كل تلك المعاني المذكورة آنفا يعني أن فقه المصالحة في الاسلام يقوم على ذات تلك المعاني من مؤاخاة وتكافل وتعاون وتعاقد حر مشترك وإحترام للتعدد والتنوع والاختلاف من الديني إلى الفقهي البسيط جدا ومن صبر جميل على الاذى حتى لو وصل حد القتل لمرأة لا تملك لنفسها شيئا أو حد التهجير القسري .

كلمة ختامية : ماهي مرتكزات فقه المصالحة من السيرة النبوية إذن ؟

لك أن ترجع إلى مرتكزات فقه المصالحة في القرآن الكريم بنفسك في الحلقة الاولى ثم أضف إليها ما يلي من مرتكزات فقه المصالحة في السيرة النبوية الكريمة : 1 ــ تثبيت مبدإ حرية الكلمة وحق الانسان في التعبير والانتماء والانتظام دون إكراه . 2 ــ إهتبال كل فرصة ممكنة لعزل الحرب ومنع الظلم ووصل الحبل مع الناس كافة بمن فيهم أعداء الامس القريب ولو على حد أدنى من التفاهم والعيش المشترك المتدرج نحو الامثل يوما بعد يوم . 3 ــ إحتمال الاذى والصبر والرضى بالدون فيما دون الثوابت المثبتة القطعية أملا في تغير موازين القوى عبر السلم والتطور والتغير والتبدل وعامل الوقت وتداول الاجيال . 4 ــ تثبيت كرامة الانسان ثابتا إسلاميا قطعيا ثاني إثنين مع وحدانية الواحد سبحانه . 5 ــ تثبيت المصالحة الاسرية أساسا للمصالحات الاجتماعية فيما فوق ذلك تكريما للمرأة . 6 ــ إنتهاج سياسة إقرار الطيب مهما كان مأتاه وإلغاء الخبيث مهما كان مأتاه وإعتماد النسبية في الحكم على الاشياء والظواهر والناس وذلك هو أبرز مقتضيات الوسطية المعتدلة . 7 ــ عدم العدوان على الحقوق المكتسبة مهما كان أصحابها فهي ملك لهم خاص بهم . 8 ــ إحترام الخصوصيات الثقافية والعرقية واللغوية لكل قوم وشعب وفئة وطائفة . 9 ــ توخي العدل الاقتصادي في كسب المال وتوزيعه وإتاحة الفرص المواتية لكل الناس . 10 ــ تثبيت مبدإ المساواة التامة الكاملة الشاملة الحقيقية بين بني آدم قاطبة دون خرق ذلك بدعوى كفر وإيمان في الدنيا وإستحقاقاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحساب الناس عند ربهم سبحانه يوم القيامة لمن يؤمن به . 11 ــ إنتهاج الاسلوب السلمي في الدعوة إلى الاسلام وإلى الحرية فلا يفرضان فرضا ولا يهملان إهمالا وتقديم أسلوب القدوة الحسنة بمحامدها المادية المحسوسة على غيرها . 12 ــ إنتهاج أسلوب الحوار الاخوي الهادئ في كل القضايا دون أدنى إستثناء فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر بصريح القرآن الكريم وليس بعد كلمة القرآن الكريم من تعقيب . 13 ــ حرية تشييد أماكن ودور العبادة لكل دين في كنف التعدد السلمي المتكامل . 14 ــ أولوية المؤاخاة العملية المادية المحسوسة فريضة مفروضة وليست إحسانا وتبرعا . 15 ــ العمل على تهيئة الاوضاع لعقد المصالحات المكتوبة بين الناس بمختلف مشاربهم الدينية والفكرية والثقافية والاجتماعية على أساس تفاعل مبدأي الوحدة الوطنية والحرية الشخصية والعامة تفعيلا لسنة التعدد وقانون الزوجية وناموس الاختلاف والتنوع . رسالة هذه الحلقات الثلاث هي إذن أن فقه المصالحة الشاملة بين الناس المختلفين بالضرورة والغريزة والجبلة مبدأ ثابت في الاسلام قرآنا كريما وسنة وسيرة نبوية شريفة ولو كان الوقت يسمح هنا لاسندت ذلك بما تيسر من الفقه الراشدي في قضية المصالحة . رسالة هذه الحلقات الثلاث هي إذن أن المسلمين عامة والاسلاميين خاصة بعد عقود طويلة من الاشتباك مع هذا الطرف أو ذاك سواء كانوا مرغمين على ذلك أم مختارين عليهم إنجاز ورقة بل ورقات معمقة في مصالحات شتى بين كل الفرقاء في السلط الحاكمة وخارجها ممن يختلفون معهم ثقافيا أو سياسيا . رسالة هذه الحلقات الثلاث هي إذن أن المصالحة المنشودة من الناس اليوم عمادها ثقافة فكرية تعيد توجيه بوصلة العقل إلى الاصلاح بدل الافساد والصبر بدل الهجوم والتعايش بدل التنافر والتربية على ثقافة الصلح . تلك رسالة طويلة تستغرق سنوات بل عقودا ولنا منها حظ غير يسير ولغيرنا منها حظ مماثل والعبرة دوما بوضوح الرؤيا وبخلق الصبر والعمل الدائب وزرع الامل. الهادي بريك / ألمانيا


الخطاب  الإسلامي  في  الغرب بين  الإشكاليات  والبناء (2/3)

 

د. خالد الطراولي*

ktraouli@yahoo.fr الجزء الثاني : مدخل لبناء الخطاب
1/ هذا الخطاب هو خطاب الوسطية والجمالية، وقد تناول محمد عمارة في الخطاب العام الإسلامي[] ذكر بعض محدداتها عبر ثنائيات نزيد عليها : الله والإنسان، الفكر والمادة، الجبر والاختيار، الوحي والعلم، النص والاجتهاد، الدين والدولة، الرجل والمرأة، الفرد والجماعة، الطائفة والأمة، الوطنية والإسلامية،، دار الإسلام ودار العهد. وتتشكل فسيفساء  هذا الخطاب الوسطي والجمالي عبر الإجابة الميسرة والموضوعية والبراغماتية لهذه الثنائيات. ولعل فقه الموازنة يعتبر خير الطرق والوسائل لملامسة هذه الثنائيات وغيرها حتى ينجلي البعد الوسطي والجمالي لهذا الخطاب. وهي موازنة « بين المصالح بعضها وبعض من حيث حجمها وسعتها ومن حيث عمقها وتأثيرها، ومن حيث بقاؤها ودوامها، وأيها ينبغي أن يقدم ويعتبر وأيها ينبغي أن يسقط ويلغى…(وكذلك للمفاسد)..والموازنة بين المصالح والمفسد إذا تعارضتا بحيث نعرف متى تقدم ردء المفسدة على جلب المصلحة، ومتى تغتفر المفسدة من أجل المصلحة. »[] 2/ وهو خطاب سلمي تعارفي، وهذه السلمية ليست ظرفية ترتبط بحالة الضعف والقلة التي نعيشها، ولكنها حالة مبدئية وهيكلية وحاسمة للخطاب، لا رجعة فيها ولا تردد، تستمد أصولها من المقدس الذي نحمله والذي تجعل من بني الإنسان أخوة متعاونين ومتعاضدين قبل اختلاف العقيدة والرؤى والتصورات والمقاربات « اللهم ربنا ورب كل شيء ومليكه أنا شهيد أن العباد كلهم أخوة »[حديث]. وهي ليست رمزا خافتا لمرحلة فانية وظرفا متعديا، ولكنها ميزة ثابتة لمشروع هداية، شعاره « يأيها الناس ادخلوا في السلم كافة » [البقرة 208 ] لتنفض الكثير من الغبار عن ترهلات في تاريخنا، وتأويلات منحرفة في حاضرنا أضرت بنا قبل أن تضر بغيرنا. 3/ وهو خطاب نحو الإنسان، حتى أن الصفة الملحقة به يجب أن تتمثل البعد الإنساني فيكون الخطاب إنسانيا ذو توجه إسلامي. لقد كان القرآن كتابا إنسانيا في طرحه وفي جمهوره [يأيها الناس، يابني آدم، يأيها الإنسان]، كان كتابا للإنسان وليس كتابا للمسلمين، وهذا يجعل الخطاب يحمل توظيفا دقيقا لهذا الإنسان وتوظيفا مناسبا له فيه التكريم والتشريف والاعمار والاستخلاف. 4/ وهو خطاب المرافق والدليل لفهم الإسلام وليس خطاب الأستاذية، حتى في جانبه الأخلاقي التي علا فيه صخبنا، وقدناه تنظيرا وأفلسنا فيه ممارسة وتنزيلا. فخطاب المعية يؤدي إلى إثراء ونقاش حول أشياء تبدو مسلمات بالنسبة لنا وهي غير ذلك عند الآخر، على عكس الأستاذية التي غالبا ما تنحو منحى الجمود أو التحرك في نفس النقطة. 5/ هذا الخطاب توفيقي أساسا، فإذا كانت هناك فجوة قائمة دائما بين الخطاب والفكرة من ناحية، والواقع من ناحية أخرى، فلأن الخطاب يكون غالبا أقرب إلى المثالية، إذ أنه نتمتع بمنهجيتين لطرق هذا الواقع، إما تغييره بالمجاهدة [ولكن هل هذه مهمتنا؟ وهل هي من مصلحة الخطاب ومصلحة ضيوفه؟]، أم نتوافق معه عبر استنباط الدلالات من النصوص، وطرق باب الاجتهاد بكل قوة وإخلاص، وهذا يستلزم جرأة وعلما ووعيا، يقول الدكتور جمال الدين عطية في شأن الفقه العام، والحديث جائز في غيره :  » ولكن الذي لا ينتبه إليه الكثيرون هو ضرورة إعادة النظر في المسائل القديمة، أي الاجتهاد مجددًا في المسائل القديمة. فإن من المقرر أن لتغير ظروف الزمان والمكان والأشخاص أثره في تغير الاجتهاد والفتوى. ولا نوافق على حصر دور المجتهد في هذه الحالة على الانتقاء من بين الآراء القديمة رأيًا يكون أصلح أو أوفق ولو كان مرجوحًا في نظر أهل الترجيح من القدماء. فللمجتهد المعاصر أن يصل إلى رأي لم يقل به الأقدمون طالما أن له مستنده الشرعي في هذا الاجتهاد. ونحن لا نوافق على مقولة إنه إذا كان للقدماء ثلاثة آراء في المسألة (أو أربعة) فللمجتهد المعاصر أن يختار أحدها وليس له أن يقول برأي رابع (أو خامس) لم يقل به أحد من قبله، على أساس أن الآراء القديمة استنفدت بالقسمة العقلية جميع الاحتمالات؛ فهذا حَجْر على المجتهد لا أساس له من الشريعة »[]. وهنا يطرح بقوة ماصطلح على تسميته بفقه الأقليات والذي لنا عليه بعض التحفظات، لأننا لا نريده أن يبقى في مستوى فقه الفتوى والنصيحة وردّ الفعل ودعها حتى تقع! ولكنه يجب أن يكون له تصور كامل ومستقل عن الفقه العام، في مستوى أصوله على الأقل. ليس فقه الأقليات فقه الضرورات والحاجات والنوازل والمصالح المرسلة، وليس فقه العابد ولا العالم فقط، وليس فقه الواعظ والعارف فقط، بل هو كل ذلك، هو فقه رجل الشرع ورجل الاختصاص. وهو ليس فقها اقتصاديا فقط يفتي بجواز التملك والتصرف فقط، ولا يجب أن ينحبس مدراره في قضايا الفقه العام المتنوعة والتي غلب عليها في تاريخنا الجانب العبادي والشعائري وضمر البعد السياسي والحقوقي، بل يجب إدراك ما للسياسة من دور أساسي في استقرار الجالية وتمرسها بوسائل المدنية الجديدة وتعاملها في إطار ديمقراطي رحب وتعددية فكرية وسياسية متمكنة، والتركيز على بروز فقه سياسي متطور يحترم الموروث الاجتهادي نقدا أو تجاوزا ويثبت المقدس ولا يتخاصم مع الواقع. لقد عدّد الدكتور القرضاوي تسعة ركائز لبناء وبلورة فقه الأقليات، نعتبرها تلم بالنواقص و تضفي شروطا موضوعية وواقعية لنجاح الخطاب الإسلامي في الغرب ونجاح هذه الأقلية في التفاعل السليم مع محيطها، وهي على التوالي: لا فقه بغير اجتهاد معاصر قويم، مراعاة القواعد الفقهية الكلية، العناية بفقه الواقع المعيشي، التركيز على فقه الجماعة لا مجرد الأفراد، تبني منهج التيسير، مراعاة قاعدة تغير الفتوى بتغير موجباتها، مراعاة سنة التدرج، الاعتراف بالضرورات والحاجات البشرية، وأخيرا التحرر من الالتزام المذهبي[]. علينا أن نبحث إذا عن الثوابت في خطابنا التي لا تقبل التغيير وحصرها، والبحث عن ثوابت الواقع الغربي التي لا تقبل التبديل، والتحرك إثر ذلك في متغيرات الواقع واجتهادات « المبدأ »، بوعي وفهم داخل مؤسسة ومن خلال خطة عمل. 6/ وهذا يجرنا إلى صفة أخرى لهذا الخطاب، وهو أنه خطاب مؤسساتي، تحمله مؤسسة وتنزّله مؤسسة، بما يحمله هذا المصطلح من آليات وقوانين تبعدنا عن الفردية والمذهبية والطائفية واللاواقعية. خاصة ونحن في مجتمع المؤسسات ولا يمكن أن توجد لنفسك ولخطابك قدما وصوتا إذا كنت تغردّ خارج السرب، بعيد عن المؤسسة من جمعيات ونوادي ومراكز وأحزاب. 7/ لهذا الخطاب أولويات في التنظير والتنزيل، ونعود في هذا إلى مصطلح لم يخلو منه خطاب إسلامي، وهو فقه الأولويات، أو فقه المرحلة كما يقول فهمي هويدي، أو فقه المسار وفقه محطاته. وهو الفقه الذي يعني وضع كل شيء في مرتبته، فلا يؤخر ما حقه التقديم أو يقدم ما حقه التأخير، ولا يصغر الكبير ويكبر الصغير، كما يقول الشيخ القرضاوي. وهذه الأولويات يحددها فقه بالأحكام وبالضوابط من ناحية، وفقه بالواقع من ناحية أخرى، فالحالة الفرنسية مثلا وما تمثلها اللائكية من وجود قانوني وثقافي وتاريخي متميز في البلد ولدى المواطن، تدفع إلى رؤية وأولوية لمعالجة قضية العلاقة بين الإسلام والعلمانية وحسم هذه الثنائية قبل غيرها، على عكس المجتمع البريطاني مثلا الذي تنعدم فيه هذه الثنائية أو لا تطرح فيه بمثل هذه الحدّة. 8/ إن حسن عرض هذا الخطاب يمثل جزء من نجاحه، وهو محدد أساسي لتمكنه، فحسن عرض البضاعة جزء من تسويقها وشغف الناس بها. فالكلمة الطيبة وسعة الصدر والحوار الرصين وقبول الآخر، واللين والرفق، والمعاملة على أساس البرّ حينا والقسط أحيانا أخرى، تمثل مناهج عمل وتعامل، تقارب ولا تباعد، وتبني ولا تهدم وتضفي على تواجد الخطاب وحامليه شرعية وتقبلا وتيسيرا ينعدم في أطر أخرى ومن خلال مناهج الرفض والانعزال والعداوة. »ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن »[النحل 125] « قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني »[يوسف 108] فلا ننسى أبدا أننا مازلنا ضيوفا على أهل الديار حتى وإن تم الاستقرار، فذهنية الضيف عند الآخر وتخوفه على ثقافته واجتماعيته، لا يزالان قائمين ويجب تفهمهما، وأن تاريخ تواجدنا لا يزال لم تجف أحرفه، ويجب التعامل معه بلطف ورفق وصبر ومجاهدة للنفس وكثيرا من الأناة.
ـ يتبع ـ


 

وتستمر ردود الأفعال على تصريحات وزير الشؤون الدينية إلى « الصباح » يوم 27 ديسمبر …

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

« إذا لم تستح فقل ما شئت« 

 

حقيقة من المؤسف ومن المؤلم أن نرى تونس الزيتونة، تونس العلم و الفقه، تونس التي كانت رائدة بعلمائها وفقهائها، تونس الصدر الأعظم خير الدين باشا وتونس الإمام الأعظم الشيخ الخضر حسين وتونس الإمام بن عاشور… من القاسي علينا أن يتصدر الإفتاء في الخضراء أشباح ولا أشباه علماء لا ناقة لهم و لا بعير لا في العلم و لا في الفقه… أشباح علماء لا حظ لهم من العلم إلا مفردات لا يفقهون حقيقة معناها « حداثة و تنوير و… » ؟؟؟ و فشلوا في كل شيء إلا النفاق و الرياء فهم فيه علماء من الطراز الأول ….

 

ما هذا الانحطاط الذي أوصلنا إليه هؤلاء… أليس في تونس عالم وفقيه رشيد يرد على هذا الدعي. فالعيب ليس فيه و لا في من أوضعه موضعه المخزي إنما العيب في امة بأكملها تسمع وتقرا لمثل هذا الدعي

 

نعم انه مؤسف حقا أننا لا زلنا نسمع مثل هذه الآراء في بلدنا ولكن هذا دليل على العجز والوضع المتردي الذي بلغ بهذه الزمرة المتعصبة وأبواقها الفاسدة في محاربة هوية الأمة وحضارتها وشذت عن كل أطياف المجتمع… بل و شذت حتى عن أسيادهم في الغرب

 

ولكن العيب ليس في هده الثلة من المتطرفين والاستئصالين لجذور وهوية الأمة، ولكن في الأحرار والوطنيين في هذا النظام الدين تركوا لهؤلاء الساحة كاملة لينهبوا خيرات البلاد ويشوهوا ماضيها وحاضرها ويتآمروا على مستقبلها، كما أن العيب في العلماء والفقهاء والأئمة الشرفاء في الخضراء الذين سمحوا لمثل هذا الدعي أن يتطاول على الله ورسوله

 

وفي الختام نقول لهذا الدعي وأمثاله من المتطرفين عليك أن تحزن كثيرا فالحمد لله وحده فكما تربى موسى في أحضان فرعون فالإسلام هو روح تونس والتونسيين وإن حب الإسلام يسري فينا مسرى الدم في العروق وإن الحجاب ينتشر وسينتشر أكثر فأكثر فأكثر بفضل الله وعزته وإن المساجد عادت لتعمر بالشباب المسلم لا انتماء لطائفة و لا لحزب ولكن حبا في الله و بغضا في الشرك والنفاق وأهله.

 

« وقل جــاء الحقّ وزهـق الباطل إن الباطل كــان زهُـوقا« 

 

مع تحيات صديق

 

(المصدر: منتدى الحوار الإسلامي بالمنتديات الكتابية لموقع حوار.نت بتاريخ 28 ديسمبر 2005)


 

زبعلية و الفتاوي العصرية

الشنفرة شاد سيفوا

 

مسيكم بالخير يا أهل الخير و ليلتكم زينة و رحمة الله و بركاته

 

نستسمحكم لحظة قبل ما ندخل في الموضوع ,حتى نفهمكم العنوان , كيما تعرفو باللي الزوااااا  *زهير اليحياوي*الله يرحمو هو اللي طلع بمصطلح *الزعبع* و العبد الضعيف الي طلع *زابا زابا رئيس العصابة* واليوم باش نضيفلو لقب جديد وهو زبعلية  ,ربما تقولو اش تقصد لحقيقة انو في ها العالم صارت فيه كثير من الثورات و اخرها ثورة الزاباتيست في جنوب امريكا و الزاباتيرو في السبانيور,وسي زابا زابا  قال هاذوما ما  همشي خير مني ,حتى انا باش نعمل ثورة ,لكن هذي ثورة بالمقلوب,ثورة ضد الدين ثورة ضد الفضيلة ثورة ضد العدل ثورة ضد الحق ثورة ضد المعلومات,المهم خلي يقولو ثورة و هاكا هو. فقررت باش نسميه زبعلية صاحب الثورة العصرية

 

 ,المهم نرجعو للموضوع ما تعرفوش يا جماعة قداش امي دوجة ركبها السكر و طلعلها غلظ الدم كيف قرالها و لد أختي جريدة الصباح  كيفاش أكا الممسوخ متع إلي حاسب روحو وزير الشؤون الدينية يحكي على الدين وهو يبات يشرب في  الوسكي للصباح وظاهر فيها جريدة الصباح قومتو من النوم  والراجل ما زال مثمول يعفى علينا و عليكم ربي ,وهذي أخر طلعة قلو الحجاب لباس طائفي يسخايلنا نعيشو في لبنان ولا في الهوتو والتوتسي ,

 

بالله ما يعرفشي الي في تونس كل بلاد عندها لباسها التقليدي من البلوزة للحايك للملية للحرام وكل بلاد و زينتها  و كل بلاد و رطالها وكلها لبسة مستورة و امي دوجة كان تعطيها كنوز الدنيا ما تبدل   السفساري و كيما يقول سيدي المدب الله يرحمو كل لبسة تستر لبدن هي لباس الدين والحشمة ,يظهرلي هل مثمول كان يفيق من السكرة لما يكتشف  إلي يقولو عليه  الحجاب  أرحم  وأخف ويوحد الناس الكل  ويساعد على حركة المرور و التنقل

 

أما بالنسبة للكتاب الله يهلكو قداش يكذب في عام 2001 زبعلية سكر 15000  كتاب ,قالك حقه حقه باش يخدمو الروضة والمروضين, حتى من لوليدات الصغار خايف منهم يسخايلهم  صيودة يحب يروضهم, وزيد التلفزة التونسية,أش من دين تقدم للشباب السناب و الراب و المزود خدام  وحتى من امي دوجة كيف نغلط  نحط تونس تقلي سكر اعلية  أكا مكبوبة السعد و لا حطلي الجزيرة  راهي حيرتنا يعطيها حيرة وشعلت فينا النار وحلتلتنا عينينا قبل و قتنا ,اما  المصاريف  متع  الجوامع هذي قالتلهم  بف  و يزي من الهف ,اخي ما زالت مدبية  في  تونس , هاو  العمدة و المعتمد  والبرقادي  و رئيس مركز كيف يحيلوه على التقاعد  يعطوه جامع  يعمل فيه مدب و يبدى كيف الطبل  يضرب من جيهتين  و يخدم خدمتين و يصور شهريتين  أما  المدبية متع الصح  هاو  كان يلقى ينفيهم كيما نفى عبدالله الزواري الله يرجعو سالم غانم لعايلتو

 

 يا سيدي  ثم  مدب تبرك الله  عليه  الجامع إلي يشدوا يتعبى بالشباب  وهوما كل مرة منقلينو لبلاد ما زال كان رجيم معتوق ما بعثوهش ليها , و أخر طلعة  ليلة الحجامة  عملت  أجنس فوياج  متع الحج  تحب ادبر راسها   و تقلب لعباد في حق العلوش قالت لسي المثمول متع  الشعائر الزعبلية قوللهم حكاية الهدي  ماهيش من الدين و ما ثماثش منها…والله ما يحشمو على رواحهم هل قطعية…..

 

و في الأخير نقول للمدب  الهادي  والمدب الماجري شفتو  أش صار كيف خليتو لبلاد وهجيتو  غيب يا قط  العب يا فار

 

الشنفرة شاد سيفوا

 


 

اوساط مغربية تنتقد طريقة نشر الانصاف والمصالحة مضمون تقريرها عن انتهاكات حقوق الانسان

طالبت باعتذار رئيس الحكومة امام البرلمان

 

الرباط ـ القدس العربي من محمود معروف

 

وجهت اوساط حقوقية واعلامية مغربية انتقادات شديدة لطريقة نشر هيئة الانصاف والمصالحة لتقريرها الذي قدمت نهاية الشهر الماضي نسخة منه للقصر الملكي وامر العاهل المغربي الملك محمد السادس فيما بعد بنشره كاملا. ويمثل التقرير الموزع في ستة مجلدات تضم حوالي 700 صفحة حصيلة عمل الهيئة التي كلفها الملك محمد السادس بداية 2004 بالكشف عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي عاشتها البلاد بعد الاستقلال في 1955 وتقديم توصيات لعدم تكرارها والالتزام بحقوق الانسان كما نصت عليها المواثيق الدولية.

 

وتتفق مختلف الاوساط علي اهمية العمل الذي قامت به الهيئة ان كان من ناحية تتبع الانتهاكات والكشف عنها جبر ضرر الضحايا وعائلاتهم او الكشف عن مصير عشرات الضحايا مجهولي المصير، رغم الانتقادات التي وجهت لعمل الهيئة من منظمات وجمعيات حقوقية تتعلق اساسا في اقتصار بحثها علي مرحلة 1955 الي 1999 وعدم اقترابها من الانتهاكات الجسيمة التي يعيشها المغرب حتي الان، بالاضافة الي امتناع الهيئة عن الاقتراب من المسؤولين عن الانتهاكات والجلادين او تسميتهم. كما وجهت للهيئة انتقادات بعد صدور اجزاء من تقريرها حول عجزها الكشف عن مصير ضحايا رغم مرور عشرات السنين علي تعرضهم للاختطاف او الاغتيال او الاعتقال المفضي الي الموت كما الزعيم اليساري المهدي بن بركة الذي اختطف بالعاصمة الفرنسية باريس وتعرض للتعذيب والاغتيال وبقي جثمانه مجهول المصير وكذلك الناشط اليساري الذي خطف من تونس واحضر للمغرب ثم اختفت اثاره.

 

وتبث وكالة الانباء المغربية يوميا فقرات ملخصة من التقرير الذي من المقرر حسبما اعلنته الهيئة نشره وتوزيعه علي الهيئات والمؤسسات الحقوقية والاعلامية. وقالت الوكالة امس الابعاء ان هيئة الانصاف والمصالحة دعت في تقريرها النهائي الي انشاء لجنة وزارية مختلطة، من الحكومة، لمتابعة تنفيذ توصيات الهيئة، تمثل فيها وزارات الداخلية والعدل والثقافة والاعلام والتربية والتكوين المهني ومتابعة تفعيل نتائج أعمال الهيئة في مجال جبر الأضرار بواسطة آلية للمتابعة تتولي الاعداد الرسمي للمقررات الصادرة في مجال تعويض الضحايا واشعارهم وتوجيهها الي الحكومة قصد التنفيذ، والسهر علي تفعيل توصيات الهيئة في مجال جبر باقي الأضرار.

 

وأوصت باحداث لجنة بالمجلس الاستشاري لحقوق الانسان، لمتابعة تنفيذ التوصيات في مجالات الحقيقة وجبر الضرر وضمانات عدم التكرار، تخول لها صلاحيات وسلط واسعة للاتصال بكل السلطات والجهات المعنية، وتعمل علي تقديم تقرير دوري حول نتائج عملها، بما في ذلك التقدم المحرز أو التأخر الحاصل في هذا المجال. ودعت الي انشاء لجان تقنية لمتابعة تنفيذ مشاريع جبر الأضرار علي الصعيد الجماعي تمثل فيها القطاعات والمصالح المعنية، وتعمل علي احاطة الحكومة ولجنة المتابعة المنبثقة عن المجلس الاستشاري بشكل دوري بنتائج أعمالها. وأوصت بأن يقوم الوزير الأول (رئيس الحكومة)، بعد تقديم تقريرها النهائي، بالادلاء بتصريح أمام البرلمان يتضمن اعتذارا رسميا باسم الحكومة عن مسؤولية الدولة عن ما تبث من انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان في الماضي.

 

وطالبت الهيئة بانشاء لجان متابعة تتكلف بتتبع تنفيذ المشاريع المقترحة وتقديم تقارير دورية الي الجماعات المحلية والحكومة ولجنة المتابعة المنبثقة عن المجلس. وأوصت الهيئة بتأمين التغطية الصحية الأساسية للأشخاص الذين بتت في كونهم ضحايا انتهاكات حقوق الانسان وان يتم ادماج هؤلاء الأشخاص، في المرحلة الأولي، كذوي معاشات تقوم الدولة بتسديد النفقات اللازمة عنهم الي الجهات المعنية بالتغطية، وأنه يمكن للمجلس الاستشاري لحقوق الانسان أن يساهم في اعداد مشروع تعديل باتفاق مع الأطراف المعنية، يتم بموجبه استيعاب هذه الفئة بشكل واضح. وطالبت بتنظيم أنشطة ذات طبيعة اعلامية وتربوية لتقديم التقرير الي عموم المواطنين ومحاضرات ومنتديات لتقديم التقرير ومناقشته علي المستوي الدولي قصد التعريف بالتجربة المغربية في مجال الحقيقة والمصالحة. قدمت هيئة الانصاف والمصالحة في تقريرها النهائي مجموعة توصيات من أجل تعزيز الحماية الدستورية لحقوق الانسان اعتبرت أنها تستوجب الأخذ بعين الاعتبار عندما يكون ممكنا اجراء تعديل في الدستور.

 

وبعد أن ذكرت بأن السلطتين اللتين يمنحهما الدستور المبادرة بالتعديل هما جلالة الملك والبرلمان، سجلت أنه ليس من صلاحياتها تبني موقف، حول وجهات النظر السياسية أو الحزبية المعلن عنها في النقاش العمومي حول الدستور. وأكدت هذه التوصيات علي ضرورة تعزيز احترام حقوق الانسان وتحسين الحكامة الأمنية علي الخصوص في حالة الأزمات ودعم التأصيل الدستوري لحقوق الانسان كما هو متعارف عليها دوليا وذلك عبر ترسيخ واضح لمبدأ سمو المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة وبشكل عام معايير القانون الدولي والقانون الانساني علي القوانين الوطنية.

 

ودعت الي التنصيص الدستوري الصريح بفحوي الحريات والحقوق الأساسية التي يتضمنها مثل حريات التنقل والتعبير والتظاهر والتنظيم النقابي والسياسي والتجمع والاضراب وسرية المراسلات وحرمة المسكن واحترام الحياة الخاصة وتحصينها بالقدر الكافي ضد أي تقلبات للعمل التشريعي والتنظيمي والاداري العادي، مع التنصيص علي المقتضي الذي يجعل تنظيم هذا المجال من اختصاص القانون، والزام المشرع نفسه كلما أقدم علي تنظيم ممارستها، بأن يسن، فضلا عن الضمانات الموجودة، ضمانات أخري وقائية مع سبل اللجوء للعدالة لصالح المواطنين الذين قد يعتبرون أنهم تضرروا في ممارسة أي حرية من تلك الحريات أو حق من الحقوق.

 

وأوصت بتعزيز الضمانات الدستورية للمساواة، وذلك بالتنصيص علي المساواة بين الرجال والنساء في الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتقوية المراقبة الدستورية للقوانين والمراسيم التنظيمية المستقلة الصادرة عن الجهاز التنفيذي، والتنصيص دستوريا علي الحق في الدفع استثناء بعدم دستورية قانون من القوانين، مع الاحالة علي المجلس الدستوري للفصل فيه ووضع شروط مضبوطة لذلك تفاديا للادعاء المفرط باللادستورية. وضمان حق الأقلية في الطعن بعدم دستورية القوانين الصادرة عن البرلمان أمام المجلس الدستوري. وأوصت بتجريم ممارسة الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي والابادة العنصرية وباقي الجرائم ضد الانسانية والتعذيب وكل أشكال المعاملة والعقوبات القاسية وغير الانسانية والمهينة ومنع كل أشكال الميز المدانة دوليا وكل أشكال التحريض علي العنصرية ومقت الأجانب والعنف والكراهية علي مستوي القواعد الدستورية السامية والاقرار دستوريا بمبدأ براءة كل متهم الي أن تثبت ادانته، وضمان حقه في محاكمة عادلة.

 

ودعت الهيئة الي تعزيز المبدأ الدستوري، من حيث فصل السلط، وخاصة في ما يتصل باستقلال العدالة والنظام الأساسي للقضاة، مع المنع الصريح لأي تدخل للسلطة التنفيذية في تنظيم العدالة وسير السلطة القضائية. ثم تقوية الضمانات الدستورية لاستقلال المجلس الأعلي للقضاء وجعل نظامه الأساسي يحدد بقانون تنظيمي يتم بمقتضاه مراجعة تشكيلته ووظيفته بما يضمن تمثيلية أطراف غير قضائية داخله، مع الاقرار له باستقلاله الذاتي بشريا وماليا، وتمكينه من سلطات واسعة في مجال تنظيم المهنة ووضع ضوابطها وأخلاقياتها وتقييم عمل القضاة وتأديبهم مع تخويله اعداد تقرير سنوي عن سير العدالة، والنهوض بالحكامة الأمنية من حيث تقوية الأمن وحفظ النظام العام سواء في الظروف العادية أو عند حدوث أزمات.

 

وطالبت التوصيات بتوضيح وتقوية سلطات البرلمان في البحث وتقصي الحقائق فيما يخص احترام حقوق الانسان والوقوف علي أي وقائع قد تثبت حدوث انتهاكات جسيمة، مع الزامه بانشاء لجان للتقصي ذات الاختصاص الواسع في كل الحالات التي يبدو فيها أن حقوق الانسان قد انتهكت أو هي معرضة لذلك بشكل سافر، مع منح الأقلية هي الأخري حق انشاء تلك اللجان، واقرار مسؤولية الحكومة في حماية حقوق الانسان والحفاظ علي الأمن والنظام والادارة العمومية.

 

كما نصت التوصيات علي ضرورة تشكيل لجنة رفيعة المستوي من فقهاء الدستور والقانون وحقوق الانسان يناط بها تفحص متطلبات وتبعات المقتضي الدستوري المقترح وتقديم المقترحات المناسبة لتحقيق الانسجام بين القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية المصدق عليها من طرف المغرب في مجال حقوق الانسان.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 29 ديسمبر 2005)

 


مسئول أوربي يطالب بتجميد المعونات لمصر

 
عواصم – وكالات    طالب نائب رئيس البرلمان الأوربي بتجميد المساعدات الأوربية التي تحصل عليها القاهرة سنويا احتجاجا على الحكم بسجن أيمن نور رئيس حزب الغد المعارض بعد إدانته بتزوير وثائق تأسيس الحزب في محاكمة اعتبرها مؤيدوه ومراقبون مستقلون « سياسية ». جاء ذلك في أعقاب دعوة أطلقها عدد من النواب الأمريكيين لتجميد المساعدات السنوية التي تقدمها واشنطن لمصر بعد الحكم بالسجن 5 سنوات على نور. وقال إدوارد ماكميلان سكوت نائب رئيس البرلمان الأوربي في تصريحات نقلتها هيئة الإذاعة البريطانية « بي بي سي » الأربعاء 28-12-2005: إن « المساعدات التي يقدمها الاتحاد الأوربي لمصر سنويا والمقدرة بحوالي 350 مليون دولار يجب وقفها احتجاجا على سجن نور ». وأضاف: « من المهم جدا أن ترسل أوربا إشارة قوية بشأن دور الديمقراطية في الشرق الأوسط… أيمن نور يمثل رمز النضال لـ 350 مليون عربي من أجل الحرية والديمقراطية ». من جانبه أعلن الاتحاد الأوربي أن الحكم بالسجن على أيمن نور يشكك في التزام مصر بالإصلاح الديمقراطي. وقالت بريطانيا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوربي في بيان صدر مساء الثلاثاء 27-12-2005 « يبعث الحكم (على نور) بمؤشرات سلبية عن الإصلاح السياسي الديمقراطي في مصر ». وأضاف البيان: « يتوقع الاتحاد الأوربي أن تنظر المحاكم المصرية لأي طعن يتقدم به نور بحيادية ». بريطانيا: العقوبة ستسقط من جانبه رأى « كيم هوالز » وزير الدولة البريطاني لشئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: إنه « ينبغي انتظار ما ستسفر عنه الإجراءات القضائية ضد نور في نهاية الأمر »، مشيرا إلى أن محاميي نور أنفسهم يثقون في أن العقوبة ضد رئيس حزب الغد سوف تسقط في مرحلة الاستئناف أمام محكمة النقض. واستدرك بالقول: « ليس مناسبا أن يشجع الاتحاد الأوربي دولا مثل مصر على الالتزام بالإصلاح الديمقراطي والدستوري ثم يقرر أنها لا تستحق شيئا مطلقا ». باريس: احترام حق الدفاع وانضمت فرنسا إلى قائمة الدول المحتجة على سجن أيمن نور، وقال « دينيس سيمونو » مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية: إن « الوزارة أخذت علما بالحكم الصادر بحق نور الذي يترأس حزب الغد، ونشدد على أهمية احترام حق الدفاع بشكل كامل » في هذه القضية. وأضاف سيمونو في مؤتمر صحفي يوم 26-12-2005: « ندرك أن الحكم ابتدائي وكل وسائل المراجعة لا تزال متاحة ». وأوضح: « إن نجاح الإصلاحات الديمقراطية التي أطلقتها السلطات المصرية والتي جعلها الرئيس (حسني) مبارك إحدى أولويات ولايته المقبلة تقوم على تحرك جميع القوى السياسية المصرية ». وتابع مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية: « في إطار تعزيز الديمقراطية نتمنى اتخاذ كل التدابير التي من شأنها تشجيع نمو الأحزاب السياسية المصرية ». وأعرب متحدث باسم البيت الأبيض عقب صدور حكم يوم 24-12-2005 يقضي بسجن نور عن « انزعاجها الشديد » من الحكم بحق نور، ودعت إلى الإفراج عنه، واعتبرت أن الحكم الذي صدر في حقه يلقي شكوكا على التزام مصر بالإصلاح الديمقراطي. وكانت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية قد طالبت قبل يوم من صدور الحكم على نور الرئيس الأمريكي جورج بوش « بوقف المساعدات التي تقدمها أمريكا للرئيس المصري حسني مبارك حتى يتم إطلاق سراحه ». وكان أيمن نور أحد المرشحين لمنصب الرئيس في أول انتخابات رئاسية تعددية شهدتها مصر في سبتمبر 2005، وحصل على المركز الثاني بعد مبارك، وهو ما دفع مراقبين إلى القول بأنه تعرض لمحاكمة سياسية. وأصدر القضاء المصري حكما بسجن نور 5 سنوات، كما حكم على 6 متهمين آخرين مع نور بعقوبات سجن: اثنان منهم 5 سنوات، و3 بالسجن 3 سنوات، والأخير بالسجن 10 سنوات غيابيا. وقوبل الحكم بسخط بالغ من قبل المئات من مؤيدي نور الذين احتشدوا داخل وخارج قاعة المحكمة. وقال أمير سالم محامي نور: « هذه المحكمة تاريخها أسود في الأحكام القضائية، وهذه الدائرة يتم اختيارها دائما لمحاكمة المعارضين السياسيين ». (المصدر: موقع إسلام أون لاين.نت بتاريخ 28 ديسمبر 2005)


الجزائر واقعة في حب مرضي مع الفرنسيين والتونسيون والمغاربة متعافون من هذا المرض

خميس الخياطي

 

ما موقع المغرب العربي في الخارطة الإعلامية السمعية-بصرية العربية فالمتوسطية؟

 

قد يظهر السؤال بمظهر المراهقة إن لم يكن بلون الطوباوية السياسية. لماذا؟ ذلك أنه منذ إعلان مدينة طنجة حتي اليوم، وإن كانت المسافة المقطوعة لا بأس بها، بمعني أن العلاقات الثنائية لم تعد بالريبة والعداء والتخوين الذين عهدناهم من الجيرة المغاربية في الماضي الأيديولوجي، فإن الحقيقة علي أرض الواقع تقول بعكس الرسائل الشفوية التي يتبادلها رؤساء وملوك وقادة إتحاد المغرب العربي من آونة لأخري وبحسب المناسبات مؤكدة تلاقي المصالح وصفاء العلاقات ووحدة الأهداف وكأنهم يذكرون بعضهم البعض بفصول الكوميديا السوداء التي يؤدونها دون إقتناع وجدوي.

الواقعية السياسية ترفع مقولة أين كنا وأين أصبحنا؟ مكتفية بالحد الأدني مثل مطالبتها مؤخرا بإحداث رخصة سياقة موحدة ، معللة تحركها الحلزوني بالفوارق المتعددة الأجناس والقائمة بين بلدان المغرب الخمسة وهو أمر حقيقي وملموس بين الجمهورية الموريطانية والمملكة المغربية مثلا أو بين الجمهورية التونسية والجماهيرية الليبية، ناهيك عن معظلة الصحراء الغربية التي رغم أهميتها من الجانبين (المغربي والجزائري) ورغم ما يقال سلبا أو إيجابا عن البوليزاريو ، أصبحت ورقة تين تغطي بها هشاشة رغبة هذه الدول في جانبها المغاربي… إلا أن مثل تلك الفوارق، بل أكثر وأثقل، كانت موجودة كذلك بين فرنسا وإسبانيا أو حتي إيطاليا والبرتغال عشية إنضوائهم داخل مظلة الإتحاد الأوروبي… مما يعني بأن الرغبة السياسية موجودة لدي كل الأطراف وبالتالي، بمقدور هذه الرغبة إن كانت صادقة من الطرفين، بمقدورها أن تذلل كل العقبات لا سيما والتجانس الثقافي والتاريخي واللغوي بين البلدان الخمسة أو علي الأقل بين صدر المغرب العربي (المغرب/الجزائر/تونس) لا مثيل له رغم خندق الصحراء الغربية .

 

كنز مجهول القيمة

 

إن وضعنا هذا السؤال الطوباوي والمراهق والغبي كذلك، فذلك لأن قراءة الصورة التي قدمتها شركة سيغما التونسية (التي أسسها صاحبها حسن الزرقوني في العام 1998) مؤخرا حول المغرب العربي الوسيط (المغرب/الجزائر/تونس) من زاوية الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي وقوة الإستثمار الإستشهاري وطبيعته والأرضية العمرية والقوة التنموية والناتج الفردي تبين كلها أننا أمام كنز مجهول القيمة مازلنا لم نعرف بعد كيفية إستثماره. هذه الشركة التي تعمل أفقيا في كل من المغرب والجزائر وليبيا ولها مقرها بتونس أظهرت عبر دراستها هذه (77 صفحة من الأرقام والتخطيطالت باللغة الفرنسية ويمكن الإطلاع عليها علي العنوان الإلكتروني التالي : www.e-sigmaconseil.com) أن القوة السكانية للمغرب العربي الوسيط تعادل 75 مليون نسمة، ثلثها له من العمر أقل من 15 سنة، بمعني أن ضرورة الإتحاد المغاربي هي في صالح الجيل القادم وليست في صالح الـ حرس القديم الذي لم يتأقلم بعد مع محو الحدود… أن أكثر من 60 في مئة هم حضريون، بمعني أن المدنية أصبحت من المقومات الغالبة للمغرب العربي الوسيط أمام الإختفاء التدريجي للثقافة الريفية الزراعية المعروفة بالمحافظة والتشبث بمفهوم جامد للهوية… أن نسبة طيلة العيش تقارب 71 سنة أي أن هناك من المرافق الحياتية ما يجعل الإنسان المغاربي يعمر طويلا لينتج مطولا… أن الأمية تقارب 38 في المئة (50 في المئة بالمغرب، 31 في الجزائر و26 بتونس) وهي نقطة سوداء في لوحة الدول الوطنية المستقلة تعارضها قيمة مضافة تعادل 176 مليارا من الدولارات في العام مع تنمية بمعدل 5 في المئة سنويا… وهو أمر يساعد علي خلق طبقة إجتماعية وسطي هي ما بين 30 في المئة بالمغرب و65 بالمئة في تونس. والمعروف في العلوم الإجتماعية والسياسية أن الطبقة الوسطي عادة ما هي الحارس الاساسي للإستقرار السياسي والوجود المؤسساتي وتميل في غالب الأحيان إلي المحافظة في سلم القيم وفي التطلعات.

 

تفتت المشهد السمعي ـ بصري

 

المشهد السمعي بصري للمغرب العربي الوسيط كما تبينه هذه الدراسة يقوم علي جانبين، الجانب الهرتزي (الأرضي) والجانب الفضائي. في الجانب الأول نجد 3 قنوات تونسية (تونس7، قناة 21 وحنبعل)، وقناتان جزائريتان (ENTV, Canal Algerie) فيما نجد بالمغرب قناتان هما قناة الإذاعة والتلفزة المغربية و 2M . علي المستوي الفضائي هناك قناتان تونسيتان (تونس7 وحنبعل)، قناتان جزائريتان (Canal Algerie, A3) في ما نجد بالمملكة المغربية سبع قنوات محلية فضائية هي RTM sat, 2M intl, Maghrebia, arrabia, alyaoun, la 6eme, والدينية. بمعني أننا أمام قوة إعلامية بها سبع قنوات أرضية وإحدي عشرة قناة فضائية. ما هو المردود الإعلامي والترفيهي لهذه الشبكة؟ لو نظرنا إلي نسب صدي هذه القنوات لدي جماهيرها المحلية لوجدناه أقل من المتوسط إذ النسب لم تتعد الـ50 في المئة إذ هي بـ46 في المئة لتونس و35 بالمئة للجزائر و44 بالمئة للمغرب. ذلك أن هذا المشهد يتفتت عند مجابهته المد الإعلامي الترفيهي الوافد من القنوات العربية (45 في المئة لتونس، 15 في المئة للجزائر و41 في المئة للمغرب) ومن القنوات الفرنسية (5 في المئة لتونس و48 في المئة للجزائر و11 في المئة للمملكة المغربية).

 

ما يستخلص هنا هو الهوة القائمة بين التجانس النسبي الموجود بين المغرب وتونس إذ كلاهما متوازن نوعا بين توجهاته المحلية والعربية والفرنسية في ما نجد عكس ذلك بالنسبة للحالة الجزائرية. خلاصة الدراسة في هذا الباب أنه، بما أن المنطقة تقع تحت ضغط تغطية قمرية إصطناعية مكثفة من أوروبا والمشرق العربي، يعيش المغرب الوسيط منافسة القنوات العربية للقنوات المحلية خاصة مع وصول قنوات جديدة مثل روتانا سينما و الجزيرة الرياضية . وبما أن العرض (وجود باقات كبيرة من القنوات تتعدي 2500 قناة) لا محدود أمام طلب غير محدد، فإن تفتت المشهد السمعي ـ بصري قائم. رغم أن المغرب الوسيط مغطي بكيفية محترمة من الموجات الهرتزية المحلية، فإن سياسات الدول في هذا الباب غير متكافئة إذ تمتلك المملكة المغربية هيئة تعديل ومراقبة للمشهد السمعي ـ بصري فيما هي غائبة بالجزائر. أما وجود المجلس الأعلي للإتصال بتونس فيبقي شكليا إذ هو هيكل خاوي المفعول لسبب عدم إستقلاليته وقلة مصداقية غالبية أعضائه المهنية، مما قد يدفع ببعض العاملين في الإعلام التونسي إلي إنشاء هيئة مستقلة موازية… هذه الصورة لها مفعولها علي المشهد الإعلامي السمعي كما المكتوب في المغاربية البلدان الثلاثة. وهو ما تبينه الدراسة الميدانية في أبواب أخري.

 

مغاربية بين العرب والفرنجة

 

هذا التفتت يجعل أنه سواء تعلق الأمر بالعام 2004 أو 2005، يميل المشاهد الجزائري للقناة الأولي الخاصة الفرنسية (TF1) بنسبة تقارب إهتمامه بتلفزته (37.7 في المئة مقابل 33.7 في المئة) فيما تحصل هذه القناة علي 5 في المئة بتونس و7.1 في المئة بالمغرب. من جهة أخري نجد أن المشاهد المغربي كما التونسي يولي إهتمامه الرئيسي لإعلامه المحلي (53.2 للثانية المغربية و18.7 للتلفزة العمومية و41.9 في المئة لتونس7 و10.2 لقناة حنبعل). القنوات الفرنسية في تراجع ملحوظ .نجد من بين العشر الأوائل بتونس ولسنتي 2004 و2005 قناة فرنسية واحدة هي الأولي الخاصة. أما في المغرب، فقد انضافت للأولي القناة الخامسة بنسبة 5.3 في المئة. في المقابل، نجد بالجزائر نفس التقسيم لعامي 2004 و2005. يتضمن إختيار المشاهد الجزائري علي السادسة الخاصة (24.6 مقابل 30.7 في المئة) والثانية العمومية (9.6 مقابل 12.1 في المئة) وباقة TPS الخاصة (4.2 مقابل 6.1 في المئة) والثالثة العمومية (2.0 مقابل 4.3 في المئة) وتنضاف للسلم باقة Multivision الفيلمية بنسبة 1.9 في المئة. القناة العربية الوحيدة التي إختفت من سلم 2004 هي قناة LBC (1.2 في المئة) وقد أستبدلت بقناةMBC (2.1 في المئة). مما يعني، بالنسبة للحالة الجزائرية، أننا أمام البطن المغاربي المرخي إعلاميا حيث الإعلام المحلي والعربي يأتي في المرتبة الثانية بعد الإعلام الفرنسي… وهي حالة فريدة وإن موضوعية نظرا لتاريخ البلاد الخاص وعلاقته المرضية بالقوة الإستعمارية السابقة. الحالة التونسية ونظيرتها المغربية تبين كلاهما جذبا عربيا يتمثل بالنسبة لتونس في روتانا سينما (15.4 في المئة)، الجزيرة (8.8 في المئة) LBC (8.5 في المئة)، روتانا (5.7 في المئة) وMBC (4.7 في المئة) وMBC2 (4.3 في المئة). في الحالة المغربية تحتل روتانا سينما المرتبة الثالثة بـ8.9 في المئة والجزيرة 8.8 في المئة وMBC2 بـ5.6 في المئة و MBC1 بـ5.1 في المئة ودبي بـ5.1 في المئة.

 

بعد الإطلاع علي هذه الأرقام واكتشاف وجود مشاريع قنوات تلفزية جديدة خاصة إحداها عامة بالمغرب وهي MEDI1 ورياضية بتونس مع ضبابية كثيفة بالجزائر إضافة إلي فراغ قانوني بتونس وليبيرالية قوية بالمغرب جعلت بعض الأوساط تتوجس من أن المجال يفتح علي مصراعيه أمام قوي مالية غربية (منها إذاعة سوي الأمريكية)، نعلم جيدا أن المغرب العربي لن يولد إذا لسبب بسيط وهو أن المخاض لم يكتمل. وامغارباه.

 

(*) ناقد وإعلامي من تونس

khemaiskhayati@yahoo.fr

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 29 ديسمبر 2005)


 

الانتخابات المصرية وأزمة السياسة والفكر السياسي في المجال العربي

د. بشير موسي نافع (*)

 

تلقت القوي السياسية المصرية، التي تمثل المعارضة الشرعية، هزيمة فادحة في انتخابات مجلس الشعب (البرلمان المصري) الأخيرة. فلم يحصل كل من حزب الوفد، ليبرالي التوجه وصاحب التاريخ الطويل، وحزب التجمع، الذي يضم في صفوفه أغلب اتجاهات اليسار المصري، إلا علي عدد قليل من المقاعد. أما القوي الناصرية فحصلت علي مقعدين فقط، ذهبا لحزب الكرامة تحت التأسيس؛ بينما فشل الحزب الناصري المتواجد علي الساحة السياسية منذ سنوات في الفوز بأي مقعد. وقد جاءت هذه النتيجة المخيبة لآمال تيارات المعارضة الرسمية في تباين صارخ مع الفوز الكبير للإخوان المسلمين، القوة الرئيسة للاتجاه الإسلامي المصري. مثل هذه النتيجة لابد ان تثير اهتمام دارسي ومراقبي الشأن العربي. أولاً، لأن كل هذه القوي تنتمي إلي ما يعرف في المصطلح العربي السياسي الشائع بالمعسكر العلماني (أو ما يسمي أحياناً بالمدني، أو غير الإسلامي). وثانياً، لأن ما شهدته مصر في الانتخابات الأخيرة جاء مصداقاً لما شهدته دول عربية أخري خلال العقدين الماضيين. ولكن كون مصر هي أكبر بلاد العرب وأكثرها تمثيلاً للتحولات العربية السياسية، فإن تراجع قواها الحزبية العلمانية لابد ان يري باعتباره الدليل الحاسم علي أزمة الفكر والتيارات السياسية غير الإسلامية في البلاد العربية.

 

ثمة عدد من المقولات المتداولة لتفسير هذه الظاهرة، أهمها هي تلك التي تربط بين أزمة الأحزاب العلمانية وأزمة السياسة نفسها. طبقاً لهذا التفسير، فإن التراجع المطرد في الوزن الشعبي للأحزاب غير الإسلامية وفي أدائها الانتخابي هو نتيجة طبيعية لظاهرة الاستبداد السياسي العربية، الاستبداد السافر او المقنع. ومصر هي النموذج الرئيس لهذا التفسير. فمنذ سمح بالتعدد الحزبي في منتصف السبعينات، والحكم المصري يسيطر علي الساحة السياسية في شكل شبه كامل، موفراً كل الدعم والظروف الملائمة للحزب الوطني، الذي ولد في حضن الدولة واستمر حاكماً لمصر منذ ولادته. هذا، في الوقت الذي واجهت فيه أحزاب المعارضة الشرعية عقبة تلو الأخري في محاولتها الاتصال بالقاعدة الشعبية أو العمل كمنظمات حزبية حديثة ومسؤولة. بل ان حالة التعدد الحزبي ظلت حالة نظرية إلي حد كبير؛ فقد ورث الحزب الوطني الحاكم مواقع ومقار وامتيازات الاتحاد الاشتراكي العربي (الحزب الوحيد لنظام ما قبل التعددية)، وعوملت أحزاب المعارضة الشرعية وكأنها منظمات خارجة علي القانون. وباستثناء جولة أو جولتين انتخابيتين، استخدمت الدولة كل الوسائل الممكنة خلال ربع القرن الأخير لفرض هيمنة الحزب الوطني علي البرلمان المصري، ولم تترك لقوي المعارضة إلا فتات المقاعد. وهو ما أدي في النهاية إلي تراجع فادح في الاهتمام الشعبي بالعمل السياسي، وانفضاض الناس عن أحزاب المعارضة، التي بدت وكأنها لن تستطيع الوصول إلي البرلمان بقوة كافية لخدمة توجهات ناخبيها والتعامل مع همومهم، ناهيك عن إمكانية الوصول للحكم.

 

في ظل هذه الظروف، هكذا يمضي منطق هذا التفسير، وجد الناس في المعارضة الإسلامية (الممنوعة في أغلبها) ملجأ وملاذاً. بل ان المنع هو في حد ذاته قوة جذب هائلة، سواء للغموض الذي يضفيه علي هذه القوي، أو لتجنبها المسائلة الشعبية الفاحصة لبرامجها، أو لما يولده من تعاطف مع قوي مطاردة ومضطهدة ليس لشيء سوي لقناعاتها السياسية والفكرية. من ناحية أخري، فإن للخطاب والشعارات الإسلامية سحرها وتأثيرها علي ملايين العرب المسلمين، الذين يصعب علي عامتهم الشك في « قدرة الإسلام علي الحل »، كما تعد الأحزاب الإسلامية الجموع. في النهاية، كان لابد مما ليس منه بد؛ فقد أصبح الإسلاميون القوة السياسية الكبري في مواجهة أنظمة مستبدة تزداد قلقاً وارتباكاً، أنظمة قامت بكل ما تستطيع لمحاصرة الأحزاب المدنية المعارضة وتقويض قواعدها الشعبية.

 

كما الكثير من دارسي التاريخ العربي الحديث، كنت مقتنعاً بمجمل هذا المقولة التفسيرية واتجاهها العام. ولكنني اعتقد الآن ان هذه المقولة ليس قاصرة فحسب، بل وربما غير صحيحة في فرضياتها الأساسية؛ وأن المشكلة لابد ان تري في توجهات الفكر السياسي العربي وتاريخ القوي الحزبية العربية. فقد ولدت الاحزاب العربية الحديثة خلال العقدين الأولين من القرن العشرين، بعد تجربة حزبية عابرة وغير ذات أثر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وقد كانت كل الأحزاب العربية حديثة بالفعل، تكويناً وفكراً، بما في ذلك القوي الإسلامية السياسية؛ بمعني ان أطروحاتها الفكرية الأساسية كانت أطروحات طارئة، استعيرت من الفكر السياسي الغربي او تأثرت به تأثراً واسعاً. الفارق بين القوي الإسلامية (كالأخوان المسلمين، مثلاً) والأحزاب الأخري، ان الإسلاميين عبروا عن مقولاتهم من خلال مرجعية إسلامية (حقيقية أو متصورة)، وخاطبوا مجتمعاتهم بلغة إسلامية، وهو ما وجد استجابة في الضمير الجمعي. هذا، في حين عبرت القوي الحزبية الأخري عن توجهات فكرية – سياسية مختلفة: قومية، ليبرالية، ماركسية، أو ما شابهها. ولم تكن اللغة التي تحدثت بها هذه الأحزاب مستجدة (ومستعارة أحياناً) فحسب، بل ان أكثرها أيضاً افتقد القاعدة الاجتماعية، التي يفترض ان تعبر برامج تلك الأحزاب عن مصالحها.

 

في مصر، كما في أغلب البلدان العربية، ارتكزت الأحزاب الليبرالية علي أعيان المدن وكبار الملاك، وفي حالات قليلة، استطاعت ان تضم بعضاً من أبناء الطبقات الوسطي. وهذه في مجموعها قوي اجتماعية محافظة، ما كان من تلازم موضوعي ملموس بينها وبين المحتوي الفكري للأحزاب الليبرالية. أما الأحزاب اليسارية، فقد قادها وشكل القطاع الأكبر من كوادرها، لا أبناء الطبقة العاملة بل عناصر من الانتلجنسيا العربية الجديدة، التي ضمت بعضاً من أبناء أكثر الأسر العربية ثراء. وإن أخذنا الأسس النظرية الماركسية في الاعتبار، فإن المنطقة العربية لم تصل بعد إلي مرحلة من التطور الرأسمالي الكافي لبلورة تنظيمات حزبية ماركسية فعالة! وفي المقابل، احتضن الفكرة القومية العربية عدد واسع من القوي الحزبية، من الأحزاب الإسلامية العروبية إلي أحزاب ما بعد الحرب الثانية القومية العقائدية، كالبعث والقوميين العرب. وقد ارتكزت هذه الأخيرة بالذات، لاسيما قبل وصولها إلي السلطة، علي فئة الانتلجنسيا الحديثة نفسها التي شكلت عماد الأحزاب الماركسية.

 

ليس المقصود هنا القول بان التجربة العربية الحزبية في النصف الأول من القرن العشرين كانت فشلاً كلها. الحقيقة ان قوي حزبية عربية، مثل الكتلة الوطنية في سوريا، حزب الوفد في مصر، حزب الاستقلال في المغرب، والحزب الدستوري الجديد في تونس، لعبت دوراً حيوياً في نيل الاستقلال الوطني. ولكن هدف الاستقلال، لا أي فكرة أو برنامج آخر، هو الذي أعطي لهذه الأحزاب معناها ومبرر وجودها. وما ان أنجز هدف الاستقلال حتي واجهت هذه الأحزاب الإشكاليات المستعصية التي كانت تواجهها الأحزاب الأخري.

 

أدي الافتراق بين القاعدة الاجتماعية وبرامج الأحزاب العربية، من ناحية، والقاعدة الجماهيرية الضيقة لهذه الأحزاب، من ناحية أخري، إلي حالة تأزم محكمة في البنية الحزبية وفعاليتها السياسية منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين. في الدول العربية التي شهدت انقلابات عسكرية، عجزت الكيانات الحزبية بكافة توجهاتها عن مقاومة الحكم العسكري، وسرعان ما افترقت القيادات الحزبية بين المهجر والتقاعد القسري أو العمل لدي الحكام الجدد.

 

أما الدول العربية التي حافظت علي أنظمتها التقليدية وعانت من فترات استبداد طويلة فقد عجزت الأحزاب السياسية فيها عن الدفاع عن الحكم الدستوري وحق الناس في المشاركة ورقابة الحكم. وما ان بدأت الحياة السياسية العربية تشهد بعض الانفراج منذ نهاية السبعينات حتي برزت بعض من أغرب الظواهر في العالم. عادت الأحزاب الليبرالية إلي الحياة بأسمائها القديمة أو بأسماء جديدة؛ ولكن أغلب قادة وكوادر هذه الأحزاب لم يأت من قوي اجتماعية واقتصادية ذات مصلحة حقيقية في تحقيق برنامج حكم ليبرالي. بل ان القوي الليبرالية الاقتصادية، مثل طبقة رجال الأعمال والصناعة الجدد، وجدت مصلحتها في الارتباط بنظام الحكم، بغض النظر عن توجهاته الليبرالية أو الاستبدادية. وتعتبر مصر، مرة أخري، هي المثال الأبرز لهذه الحالة، حيث تحول الحزب الوطني الحاكم إلي مرتع لرجال الأعمال والتجارة. ودخلت الدول العربية مرحلة جديدة من تاريخها لم تعرفها من قبل، اجتمعت فيها السلطة والثروة في يد طبقة واحدة.

 

وبانهيار الاتحاد السوفييتي ونهاية الحرب الباردة، فقدت الأحزاب اليسارية الكثير من الثقة بالنفس ومبرر الوجود، وانفرط عقد اليسار العربي كما لم ينفرط أي تيار سياسي آخر. بعض اليساريين العرب انقلب علي معسكره وانحاز نهائياً إلي المعسكر الأميركي، أما ما تبقي من أحزاب اليسار العربي فقد انهمك في خصومته مع التيار الإسلامي إلي الدرجة التي أصبح فيها أداة لأجهزة الأمن والدعاية الرسمية. من جهة أخري، عانت الحركة القومية العربية معاناة ثقيلة من العبء الذي ألقته عليها أنظمة الأحزاب العربية العقائدية وممارساتها البشعة في الحكم، كما عانت من التراجع الفادح في تيار الوحدة العربية لصالح الدولة القطرية. ولم يعد من الممكن، في أغلب الدول العربية، الحديث عن تيار قومي عربي شعبي.

 

لم تحدث هذه المتغيرات في فراغ سياسي؛ بمعني ان الساحة السياسية العربية لم تقتصر علي أنظمة الحكم والأحزاب المرتبطة بها من ناحية وأحزاب المعارضة الشرعية من ناحية أخري. بل كان هناك طرف ثالث هو التيار الإسلامي، الذي نجحت قواه الرئيسية خلال عقد الثمانينات في تطوير خطاب ديمقراطي، تعددي، حديث. وذلك في الوقت الذي قدمت فيه القوي الإسلامية نفسها باعتبارها الحارس لأهداف الحركة العربية في الوحدة، المدافع عن حقوق الفقراء، والجهة الوحيدة القادرة علي اجتثاث جذور الفساد المستشري في أركان الأنظمة العربية الحاكمة. بكلمة أخري، وبتفاوت في الخطاب وفرص النجاح، تبني التيار الإسلامي أهم ما تعنيه الفكرة الليبرالية والحركة القومية والخطاب اليساري بالنسبة لأغلبية الجماهير العربية. ومرة أخري، فإن مصر هي المثال الأبرز علي هذا التطور.

 

هناك بالطبع مشكلة استبداد عربية مستعصية، ولكن هذه المشكلة لم تكن السبب الرئيس وراء تراجع القوي الحزبية العربية غير الإسلامية. المشكلة هي في تكوين هذه الأحزاب، في تاريخها وخطابها. وبتراجع هذه الاحزاب، لم يكن من الغريب ان تتحول القوي الإسلامية إلي المعارض الرئيس لأنظمة الفساد والاستبداد، والبديل الجاد الوحيد لها. لبروز تعددية عربية حزبية، لابد من إعادة نظر شاملة في مبررات الخارطة الحزبية الحالية وفي اتجاهات الفكر السياسي العربي المعاصر. وليس من المستبعد في النهاية ان يصبح التيار الإسلامي ذاته الرحم الذي تولد منه تعددية حزبية جديدة. ولكن مثل هذا التطور سيكون نتاج الظروف الموضوعية لا الأمنيات.

 

(*) كاتب وباحث عربي في التاريخ الحديث

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 29 ديسمبر 2005)

 


هل يريد الأوروبيون حقا الديمقراطية العربية؟!

المبروك بن عبد العزيز (*)

 

إنّ مشاركة حركة حماس في السّلطة الفلسطينية سيجعلها تتعامل بواقعية اكبر مع الحلول السياسية الممكنة، كما سيجعل أي حلول مستقبلية للصراع أكثر عدلا وقربا من الشعب الفلسطيني بما أنّه سيكون صاحب القرار.

ولا يستغرب احد من الموقف الإسرائيلي المتعنت والرافض لأن تكون فلسطين دولة ديمقراطية فتسقط مقولة إسرائيل واحة ديمقراطية في صحراء دكتاتورية عربية .

 

لكن الأمر المثير للاستغراب هو الموقف الأوروبي الذي عبّر عنه منسّق السياسات الخارجية للاتحاد خافير سولانا. فقد كشف عن حقيقة موقف هؤلاء المتشدقين بدعم الديمقراطية والإصلاحات وحقوق الإنسان في البلدان العربية، بينما نراهم يرفضون نتائج انتخابات نزيهة ومطابقة للمعايير الدولية بشهادة الجميع.

 

لم نسمع منهم عن تهديد بقطع المساعدات اثر انتخابات البلطجة أو انتخابات الأربع تسعات. وهل يسمح الأوروبيون للدول العربية أن تحتجّ علي مشاركة الحركات الأوروبية المتطرفة والعنصرية في انتخاباتهم كالجبهة الوطنية الفرنسية مثلا؟ علما وأنّ حماس ليست حركة عنصرية بل هي حركة تحررية نادت بما نادي به الزعيم الفرنسي ديغول إبان الاحتلال الألماني لبلاده.

 

ومقارنة مع الوضع العراقي، حيث أجريت انتخابات عربية أخري تحت الاحتلال مع اختلاف أنّ الاحتلال الإسرائيلي لأراضي فلسطين هو غير شرعي بينما نجحت أمريكا وبريطانيا في استصدار غطاء أممي بعد احتلالهما للعراق، نجد أنّ من يريد منع حماس من المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة يتوسّل إلي الأحزاب والمنظمات الإسلامية العراقية المشابهة لحماس والأكثر تطرّفا، ومنها من رفع السلاح في وجه المحتلين، لكي تشارك في الانتخابات.

كما أنّ الأحزاب العراقية الفائزة في الانتخابات هي إسلامية وترفض الاحتلال لكنّها لم تستنفذ الوسائل السلمية كالمنظمات الفلسطينية بعد.

 

إنّهم بتهديدهم بقطع مساعداتهم المالية، يستغلون المال في سلب الشعوب العربية المغلوبة حقّ اختيار ممثليها بكلّ حرّية، ويقمعون إرادتها ويقتلون توقها للتغيير. وإذا علمنا بانّ جميع الدول العربية تقريبا، عدا الدول النفطية الـ معفاة قسرا من مشكل الانتخابات، تُعتبر من مستهلكة حتي الإدمان للمساعدات الأوروبية والأمريكية، فيمكننا حينئذ فهم أسباب إجهاض المحاولات الديمقراطية وإلغاء الانتخابات وتزويرها.

 

اثبت الشعب الفلسطيني علي مدي نصف قرن أنّه لا يتاجر بكرامته وبقضيته، ولا يمكن أن تؤثّر في عزيمته بضعة ملايين من الدولارات. لكنّ المؤسف حقّا أن نري الفوائض المالية العربية المنجرّة عن ارتفاع أسعار النفط متكدسة لدي بعض العرب، بينما تمد الشعوب العربية الفقيرة يدها.

 

ويبدو أنّ مصير تلك الأموال سيكون كالعادة سوق السلاح الغربي كما ذكر الأستاذ رئيس تحرير جريدة القدس العربي في مقاله منذ أيام، وبالطبع حتّي لا يقال بأنّها ذهبت لتمويل الإرهاب. وأضيف بدون مبالغة أنّه لو تعلّق الأمر بشركة غربية علي وشك الإفلاس لهرولوا لإنقاذها.

 

(*) كاتب تونسي 

 

(المصدر: بريد القراء صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 29 ديسمبر 2005)

 


نقد مقولة « الإسلام هو الحل »  

بلال التليدي (*)

 

« الإسلام هو الحل » كان هذا هو الشعار الذي تلقيناه من التجربة الحركية الإخوانية، وكنا إذ نتدارس الاختيارات الفكرية والسياسية المطروحة في الساحة، لا يساورنا شك في أن ما عندنا من أسس ومنطلقات هو الكفيل بخروج الأمة من مأزقها.

 

وكنا ننظر إلى الآخرين بعين الإشفاق، إذ حرموا أنفسهم من الانطلاق من عقيدة هذه الأمة وقاعدتها المرجعية، وكان الشعور بالتعالي والتميز هو الذي يطبع أطروحاتنا النظرية وسلوكنا السياسي.

 

وزاد في تأكيد هذا التوجه نظرتنا للمشروع المجتمعي الذي كنا نبشر به، إذ لم تنقطع كتابات تؤسس لعقلية الانعزال والانفصال عن نمط الحياة الذي يعيشه أفراد المجتمع، منطلقة من مفهوم العزلة الشعورية الذي نحته الشهيد سيد قطب.

 

وغلب على كتابات عديدة الحديث عن المستقبل للإسلام عقب كل مقاربة ومناظرة، وقد كان القصد من ذلك تبرير الانسجام ما بين الشعار المؤسس للعمل وبين الخلاصة المستنتجة من كل دراسة وتحليل.

 

لم يكن العقل الإسلامي حينها معنيا بالقدر الكافي بالنقاش الأصولي الذي يميز بين النص الشرعي وبين فهمه، أو بين المراد الإلهي وبين الاجتهاد في تحصيله.

 

كان الإسلام حينها يعني قيم الدين ومقاصده، واجتهادات العلماء، والتجربة التاريخية الإسلامية.. كان الإسلام يتضمن كل هذا الرصيد الهائل الذي يشمل ما يتوافق مع مقصود الشرع، وما يختلف، وما يتعارض.

 

وكان العقل الإسلامي الحركي في كثير من الأحيان معنيا بالدفاع عن اجتهادات مرجوحة، انطلقت من تغليب فهم من الفهوم عند النظر إلى نص ظني الدلالة، أو حققت المناط بشكل لا يستقيم مع موارد النازلة، أو بنت حكمها بناء على مآل لا يتصور بالضرورة « سد الذرائع »، وفي بعض الأحيان كان الفقه الإسلامي -السياسي منه على الخصوص- مناصرا لصور من الاستبداد في التاريخ الإسلامي.

 

لم يكن التمييز بين الموارد في الحقل الإسلامي حاضرا بشكل كبير، إذ كان ينظر لمثل هذا التمايز -على الأقل من طرف نخبة من مثقفي هذه الأمة- وكأنه تأسيس لعلمنة فكرية وثقافية سرعان ما ستهدد كل الحصون، وتنحي الدين من مواقعه الرئيسية.

 

وفي هذا الإطار وضمن هذه الخلفية انبعثت مقولة « الإسلام هو الحل » كأرضية تعبوية نهضوية، تلفت الأمة إلى منطلقها الإستراتيجي وإلى ثوابتها المرجعية، وتؤسس لاختياراتها المتميزة، وتفاضل بين رؤيتها الفلسفية والمنظور الغربي المستحكم.

 

في هذا السياق إذن، طرحت هذه المقولة وهذا الشعار ليكون عنوان عمل وأرضية برنامج حركي يهدف إلى التغيير، في حين لم تكن اللحظة تسمح بالحديث عن البرامج والاختيارات التفصيلية.

 

فالنخبة السائدة والمتحكمة هي التي تملك السلطة ومؤسساتها وآليات تجديدها، والحركة الإسلامية التي طرحت ذلك الشعار لم تكن في أحسن أحوالها سوى نخبة فكرية ريادية، تحاول أن تنغرس في الشعب وتتجذر داخل شرائحه، وهي بالضرورة تتوسل من أجل ذلك آليات متعددة في الدعوة والحركة والعمل الاجتماعي والسياسي والإعلامي.

 

إنها بعبارة واضحة، كانت تبحث عن « الخطاب » وتنحت مفرداته، وتضم بعضها لبعض، لتظهر في النهاية ملامحه الكبرى. وطبيعي أن أي خطاب إنما يتشكل ابتداء بالشعار.

 

« الإسلام هو الحل » مقولة فكرية فيها كثير من اللبس والغموض، فهي تفتح الباب واسعا لطرح السؤال، خاصة في حقل التدبير السياسي والاقتصادي، إذ إن الإسلام لا يقدم بخصوص هذه الموارد سوى مبادئ عامة ومقاصد كلية يمكن للاجتهاد البشري أن ينطلق منها ليفرع مئات الجزئيات والتفاصيل، حتى يكون الاختيار والبرنامج السياسي والاقتصادي أقرب إلى تحقيق مقصود الشرع.

 

قد ترد في بعض النصوص أحكام تفصيلية لبعض الجزئيات والوقائع، غير أنها بالنظر إلى الكم الهائل من القضايا المستجدة التي تنتظر تأطيرا شرعيا، تبقى نادرة لا يمكن أن نبني عليها حكما عاما.

 

وقديما دار نقاش أصولي حاد حول محدودية النصوص ولاتناهي الوقائع، ولم يكن لرأي ابن حزم في المسألة وجاهة، وإن كانت بعض تكلفاته في اجتهاداته الفقهية في كتابه المحلى، تصور النصوص وكأنها محيطة بكل الوقائع على سبيل التفصيل.

 

والذي ترجح وتحقق بدليل الاستقراء، أن النصوص مستوعبة لكل الوقائع من حيث الإجمال، إذ الوقائع كلها تندرج ضمن الأصول العامة والمقاصد الكلية. أما على سبيل التفصيل فالقول بذلك وهم وادعاء يضر بالنصوص من حيث يريد أن يخدمها.

 

وللدكتور أحمد الريسوني في هذا المقام كلام محقق، إذ يرى في كتابه نظرية المقاصد أن المصالح المرسلة إنما هي مرسلة لاعتبار عدم التنصيص التفصيلي عليها، أما من حيث اندراجها ضمن القواعد العامة التي تؤصلها الآيات الكريمة مثل « إن الله يأمر بالعدل والإحسان.. » فليست هناك مصلحة مرسلة بهذا الاعتبار.

 

وحيث إن الأمر بهذا الوضوح فالاجتهاد في حقل السياسة والاقتصاد مرجعه النظر والتقدير العقلي، وفهم الواقع ضمن القواعد العامة للشريعة ومقاصدها. وما دام الأمر متعلقا بالاجتهاد، وما دامت موارده مفتوحة لكل العقول، فشعار « الإسلام هو الحل » يبقى طرحا عاما لا يسعف في بيان المقصود، وقد يربك العقول ويجعلها تخلط بين الإسلام كدين وكمقاصد وبين الاجتهاد البشري المنطلق منه.

 

وحينها يصبح هذا الشعار بغير مضمون، خاصة في حقل النظر والتدبير السياسي، إذ إن العقل الاجتهادي الذي ينسب اجتهاده إلى الإسلام ويحتكر بذلك الصفة الإسلامية يجوز أن لا يبصر مقاصد الشرع، ويجوز أن يفقد الصواب، وحينها يضيع الكسب السياسي ويسيء إلى الإسلام حين يقدم اجتهاده بمنطق المطابقة.

 

والمطابقة بين الإسلام والاجتهاد في فهمه أمر غير مطرد، فالاجتهاد قد ينطلق من فهم غير صحيح للنص الشرعي، وقد يخطئ القراءة السليمة للواقع، وقد تختل منهجية التنزيل وتحقيق المناط.

 

وإذاك تصبح عملية التماهي بين المراد الإلهي وبين الفهم البشري ذات خطورة بالغة، إذ ينسب الخطأ في الاجتهاد إلى الدين، فيعود هذا الأمر على شعار « الإسلام هو الحل » بالإبطال.

 

فإذا ما ساوينا على سبيل الافتراض بين الاجتهاد الذي نقدمه للنص الشرعي، وبين الإسلام في مقاصده وقواعده، وإذا اجتهد العقل الإسلامي في إقناع الناس بأن ذاك الاجتهاد هو عين الإسلام وتبين بعد ذلك أن لهذا الاختيار نتائج كارثية على المجتمع، أو على الأقل لم يحقق ما أمله الناس فيه، فالضرر لا يصيب الحركة الإسلامية وكسبها الاجتهادي والسياسي فحسب، وإنما يعود على الإسلام كله، فتضعف بذلك قناعة الناس به كمصدر للتشريع، وتقوى حجج العلمانيين القاضية بضرورة فصل الدين عن السياسة.

 

وعملية المطابقة هذه بين الفهم البشري للنص وبين الإسلام ومقاصده، تطرح مشكلة احتكار الحديث والاجتهاد باسم الدين، وهي معضلة خطيرة ما زالت تجثم على العقل المسلم.

 

والواقع أن دعاوى العلمانيين في هذا الباب وانتقاداتهم للحركة الإسلامية ليست عارية من كل صحة، خاصة أن التجربة الغربية شاخصة بدلالاتها وتداعياتها.

 

ولعل صور الاستبداد والتحكم التي مورست باسم النص الديني قد تفزع هذه الأطراف حين ترى مكونات من الحركة الإسلامية تقدم اجتهادها على أساس أنه الدين، وأنه هو المراد الإلهي الذي أمرنا بتحصيله واتباعه.

 

صحيح أن الحركة الإسلامية في مكوناتها الكبرى لا تطرح مثل هذه التصورات ولا تقتنع بمثل هذه القناعات والأفكار في أدبياتها وحتى في سلوكها السياسي، غير أن الشعار يبقى معبرا عن طبيعة الرؤية ومنهج العمل.

 

يكون مناسبا أن يكون هذا الشعار عنوان مشروع للأمة بكل مكوناتها وأطيافها، ولا يستقيم بالنظر إلى إحالاته المفهومية والسياسية أن يكون عنوان فئة معينة أو مكون واحد.

 

حينها ووسط الفرز السياسي، ينظر الطرف المغاير والمخالف إلى نفسه وكأنه ينازل مضمون هذا الشعار ويضع بذلك نفسه خصيما للدين، وتلك معضلة كبرى قد تجلب من الخصومات على الحركة الإسلامية أكثر مما قد تكسبها من قوة جماهيرية تتعبأ وراء جاذبية الشعار وقوته السياسية.

 

لا يهم إذن الكسب السياسي المؤقت الذي ستربحه الحركة الإسلامية من جراء توظيفها الآني لهذا الشعار، إنما الأهم بالنظر الإستراتيجي ليس فقط هو القوة الشعبية الجماهيرية، وإنما أيضا حجم العلاقات التي تنسجها هذه الحركة مع المكونات الأخرى، وطبيعة السلوك الذي يتعامل به معها من رف دوائر صناعة القرار والنخبة الاقتصادية، ومراكز الضغط الخارجي.

 

وليس خافيا أن تجارب عديدة إنما أجهضتها قوة الخطاب الذي التفت إلى البعد الجماهيري وأغفل عناصر أساسية في معادلة التمكين، فكان أن ضاعت الجماهير وفقد المشروع الإسلامي إشعاعه، وتراجعت مواقع الحركة الإسلامية إلى الخلف، في حين تقدمت الأطروحات العملية ذات المرجعية الإسلامية، واستطاعت أن تؤسس لنفسها تجربة معتدلة تنساب بهدوء وتحقق قانونيا وسياسيا وحتى بالمقياس الجماهيري مكاسب عديدة على الأرض.

 

والمتأمل في رصيد التجربة الحركية الإسلامية وكسبها السياسي، لا يمكن أن يزيح من الحساب مثل هذه الخلاصات المهمة التي قد تفيد في إنضاج الخطاب وتسديد السلوك السياسي وتصويبه وترشيده.

 

مطلوب من الحركة الإسلامية أن تقدم اجتهادها على أساس أنه إمكانية واحدة للفهم من موارد الشريعة، لأن نصوص الشرع يتسع فضاؤها لإمكانات متعددة، ولأنه لا يضير هذه الحركة أن تتعدد الاجتهادات من داخل النص الديني، ما دامت تنطلق من المرجعية الإسلامية.

 

وإذا نجحت هذه الحركة في أن تقنع الشعب والنخب أنها إنما تقدم اجتهاداتها واختياراتها النسبية، وأنه يجوز في حقها الخطأ كما يحتمل الصواب، فإنها تكون بذلك قد أسهمت في مراجعة نقدية لمقولة « الإسلام هو الحل »، وأسست لأرضية التوافق بين فعاليات المجتمع وفرقائه السياسيين.

 

فكم من حاجز أقيم، وكم من إمكانات للحوار والتواصل أجهضت من هذا الباب، إذ تقرأ مجموعة من النخب أدبيات الحركة الإسلامية وخطابها السياسي، وتلمس فيه بعض نزعات الإقصاء، فترفض الجلوس للحوار فضلا عن الحديث عن التقارب والتنسيق.

 

وحين تقتنع الأطراف الأخرى أن الحركة الإسلامية إنما تقدم اجتهادا إلى جانب اجتهاداتها، وأنه لا يميزها عن غيرها سوى أنها قد اتخذت من المرجعية الإسلامية منطلقا لإبداع اختيارها، حينها تتغير الرؤى وتتأسس أرضية حقيقية للحوار البناء.

 

هذه رؤية منفتحة لا تتنازل عن المرجعية الإسلامية وعن أسسها المنهجية، غير أنها تنضبط للصرامة الأصولية، وتفسح المجال لكل ناظر في موارد الشريعة أن يدلي بدلوه، وأن يسهم باجتهاده لتحصيل المراد الإلهي المثبث في النص الشرعي. وهي دعوة لكل الأطراف أن تنطلق من ذات المرجعية وأن تشحذ آلتها الذهنية، وتفجر إبداعها للوصول إلى أفضل الاختيارات والبرامج التي يمكنها أن تقود هذه الأمة إلى نهضتها ويقظتها.

 

مطلوب إذن وضمن هذا النسق، أن نطهر خطاباتنا، وبدرجة أكبر شعاراتنا، من كل نفس قد يلمس فيه الإقصاء واحتكار الحديث والاجتهاد باسم الدين.

 

ولعل الكسب يكون كبيرا لو انبرت مكونات هذه الأمة لتنطلق من المرجعية الإسلامية، وتنافس الفاعل السياسي الإسلامي على مستوى البرامج والاختيارات، وينطلق بذلك حراك سياسي وثقافي يغني التجربة ويثريها، ويسهم في خلق ديناميكية ضرورية لكل تنمية شاملة.

 

(*) كاتب مغربي

 

(المصدر: ركن المعرفة بموقع الجزيرة.نت بتاريخ 28 ديسمبر 2005)

 


 

التجارب الخاطئة من غوانتانامو إلى سجن أبو غريب؟

تركي علي الربيعو كان سيمور هيرش قد أقام الدنيا ولم يقعدها عندما نشر مقالته الشهيرة «المنطقة الرمادية: كيف انتقل برنامج سري للبنتاغون الى أبو غريب» وذلك في الدورية الأمريكية الشهيرة نيويوركر 24 مايو 2004، ومنذ ذلك الحين لم يكل الرجل ولم يمل وقد ترجم ذلك بصدور كتابه الجديد «القيادة الأمريكية العمياء: الطريق من 11 سبتمبر الى سجن أبو غريب 2005»، الذي يمثل عصارة خبرته وعصارة متابعة حثيثة امتدت على مسافة ثلاث سنوات في إعداد التقارير والتحقيقات الصحفية عن أحداث الحادي عشر وتبعاتها وصولا الى احتلال بغداد وفضائح وفظائع الاحتلال. كان مايكل مور قد وسم القيادة الأميركية للعالم بالغباء وذلك في كتابه الشهير «رجال بيض أغبياء» 2004 أما سيمور هيرش فيصفها بالعمى وفقدان البصيرة، وهو يعتمد هنا على آلاف الوثائق والمقابلات ، في معاينته للدرك الذي انحدرت إليه الآلة العسكرية الأميركية في غوانتانامو. فالمعتقل هناك الذي وصفه أحد الضباط بأنه أشبه بـ«سجن قانوني أبدي» يضم قرابة؟ 600 معتقل موضوعين في أقفاص حديدية فولاذية بالكاد تقيهم من حرارة الشمس، أضف الى ذلك منعهم من النوم ووضعهم في درجات حرارة باردة (يذكر سيمور هيرش هنا وعلى سبيل المثال ما جرى للأميركي جون ووكر ليند البالغ من العمر عشرين عاما والذي ألقي القبض عليه في أفغانستان وهو يقاتل مع القاعدة، فقد قام المحققون الأمريكيون بتجريده من ملابسه وسدّ فمه وربطه الى لوح خشبي وعرضه على الصحافة وعلى أي جندي رغب في رؤيته). كان هؤلاء قد اعتقلوا في إطار الحرب على الإرهاب في أفغانستان ، ولم تعتبرهم إدارة بوش أسرى حرب، وإنما «مقاتلون أعداء» غير شرعيين لا يتوجب حمايتهم. كأن الحرب لا تتم مع مقاتلين أعداء وفق الطريقة الأمريكية؟ ما يخلص إليه هيرش في تقويمه لما يجري داخل هذا السجن الأبدي أن الإدارة الأمريكية «ترتكب جرائم حرب في معتقل غوانتانامو». وأن ما يجري في غوانتانامو «لا يمت الى القيم الأمريكية». في الحقيقة لا يكتفي هيرش بفضح ما يجري داخل هذا السجن بل يذهب الى فضح ما يسميه «فلترة المعلومات» التي يلجأ إليها البنتاغون فيما يتعلق بما جرى على ساحة «معارك أفغانستان السرية» وكيف تعرضت نخبة القوات الأمريكية «قوات دلتا» الى هزائم مذلّة على يد قوات القاعدة (كان جنود الوحدات المظلية الذين كلفوا بالإنزال على مواقع القاعدة يسمعون قهقهات رجال القاعدة وهم يهزأون من هزيمة هؤلاء الجنود). قيادة أمريكية عمياء وشاهد الكاتب على عمى بصيرتها هو: نقل تجربة غوانتانامو الفاشلة الى العراق، وهذا مثير للانتباه على قيادة باتت رؤيتها للأمور حسيرة. فعلى الرغم من الفشل الذريع الذي مني به سجانو معتقل غوانتانامو في انتزاعهم للمعلومات من المعتقلين هناك، لم يحصلوا إلا على معلومات ضحلة كما يقول هيرش، إلا أن ما يلفت النظر هو استنساخ تجربة غوانتانامو في العراق، فابتداء من أواخر أغسطس من عام 2003 كانت هناك عمليات استخبارية مهمة تتم في عدة سجون في العراق. وفي إطار الوضع السيئ الذي تمر به القوات الأمريكية في العراق مع تنامي شدة المقاومة ونوعيتها، قام رئيس الاستخبارات هناك وفريق الأمن القومي التابع له بتطبيق إرشادات الجنرال جيفري ميللر مدير معتقل غوانتانامو على الأرض العراقية مع إدراكهم لعقمها وفشلها ونتائجها الضحلة. وما يلفت النظر أيضاً هو استدعاء الجنرال ميللر لاحقاً الى العراق، بهدف «تحويل سجن أبو غريب الى مركز للاستخبارات من أجل حرب إدارة بوش العالمية ضد الإرهاب». فقد اعتقد كل من الجنرال ريكاردو سانشيز والجنرال جيفري ميللر أن سجناء العراق، إذا ما تم استجوابهم بشكل صحيح، فسيتم الحصول منهم على معلومات استخبارية استراتيجية. والأمر المضحك هنا أن هذه «المعلومات الاستخبارية الاستراتيجية» كان عليها أن تأتي من عتاة المجرمين العراقيين الموقوفين في سجن أبو غريب، الذين كانوا قد أطلقوا من السجون العراقية قبل الحرب، وهؤلاء ليسوا إرهابيين دوليين أو أعضاء في تنظيم القاعدة، وليست لديهم معلومات عن المقاومة الآخذة بالتنامي ولا عن كيفية عملها، وبالتالي فالقيمة الاستخبارية التي يمكن الحصول عليها منهم، كما صرح الجنرال أنطونيو تاغوبا، لا تساوي شيئا. ولأن «الوصول الى داخل قيادة المقاومة أشبه بعملية كسر جوزة الهند» كما علق مسؤول سابق في الاستخبارات الأمريكية، وأنه «أشبه باختراق المقاومة الفيتنامية فيما مضى» كما علق مسؤول سابق رفيع المستوى. كان الحصول على «المعلومات الاستخبارية الاستراتيجية» وفقاً للطريقة الغوانتانامية إن جاز التعبير، يعني إطلاق يد المحققين من المخابرات والشرطة العسكرية ومحققي الجيش وحتى من المدنيين الأمريكيين المتعاقدين مع الجيش في ابتكار أشد أساليب التعذيب والموت اليومي «فارتكبت إساءات سادية وصارخة وخليعة وإجرامية، وتم التعامل مع المعتقلين خلف جدران السجن وكأنهم اعتقلوا في معارك جرت في أفغانستان». ويورد الجنرال تاغوبا الطريقة التي اتبعت أولا في تعذيب المعتقلين: «كسر الأنوار الكيميائية وصب السائل الفوسفوري على المعتقلين، وصب الماء البارد على المعتقلين العراة، وضرب المعتقلين بأيدي المكانس والكراسي، وتهديد المعتقلين بالاغتصاب، والسماح للشرطة العسكرية بتقطيب الجروح التي تعرض لها المعتقلون أثناء ضربهم بجدران الزنزانات، وإدخال مصابيح الإنارة وحتى أيدي المكانس الخشبية في مؤخرة المعتقلين واستخدام الكلاب البوليسية لإخافة ومهاجمة المعتقلين فعلاً». ولكن كل ذلك لم يأت بنتيجة مرجوة، فكان الإذلال الجنسي هو أول وآخر هذه الابتكارات، فقد باتت الانتهاكات الجنسية للمساجين وللسجينات العراقيات عبارة عن تسلية يومية وانتهاكاً تبيحه السلطات الأمريكية لاتفاقيات جنيف كما يعلّق أحد الضباط الأميركيين بتهكم. يقول هيرش: فكرة أن نقطة ضعف العرب هي الإذلال الجنسي بشكل خاص باتت مثار جدل لدى المحافظين الجدد المؤيدين للحرب في واشنطن قبل شهور من تاريخ غزو العراق، أي في مارس 2003 وقد كان دليلهم الى ذلك كتاب رافاييل باتاي عن «العقلية العربية» الذي بات بمثابة «الكتاب المقدس للمحافظين الجدد في السلوك العربي». يقوم الكتاب على فكرة أن العرب لا يفهمون إلا لغة القوة، والثانية أن أكبر نقاط الضعف عند العرب هي العار والمهانة والإذلال الجنسي. كان طريق الإذلال الجنسي صفعة في وجه المدنية الأمريكية، والملفت للنظر أنه لم يقد الى نتيجة تعزز «المعلومات الاستخبارية الاستراتيجية» ولم يدفع الى ضعف العرب، فقد ازدادت المقاومة شراسة، وتزايدت العمليات النوعية التي تشهد على قدرة رصد كبيرة عند المقاومة كما يقول هيرش، وعلى اختراق كبير حتى للمنطقة الخضراء. لم يكل الأميركيون من استنساخ التجارب الفاشلة وغيرها فراحوا يطورون في وقت مبكر تعاونا أميركيا إسرائيليا هو من قبيل المسكوت عنه أو «لا أحد يرغب في الحديث عنه» كما قال أحد الدبلوماسيين الإسرائيليين لهيرش. فقد قررت الحكومتان أن تبقيا تعاونهما سرياً، هذا التعاون كان لهدف تدريبي غرضه تفكيك المقاومة العراقية. يقول هيرش: لقد أخبرني ذلك الضابط أنه تم حثّ الأميركيين للتشبه بوحدات الكومندوس الإسرائيلية التي تعمل متخفية في الضفة وقطاع غزة، بحيث يمكنهم الاقتراب من المنزل الهدف ومن ثم الانقضاض عليه، وأضاف: «من وجهة نظر إسرائيل، يتوجب أن تتعلم وحدات القوات الخاصة كيفية الحصول على شبكة من المخبرين» فكذا شبكة مكنت إسرائيل من اختراق المنظمات الموجودة في الضفة الغربية وقطاع غزة والوصول إلى أهدافها؟ الوصول الى الهدف لا يتم إلا من خلال الإرهاب المضاد وقد ترجم أحد الجنود الأمريكيين ذلك بالقول: «إذا كنت أستطيع إطلاق النار عليه في الشارع، فلماذا لا أفعل ذلك، فهو تحت سيطرتي في السجن» وهذا ما جرى، إذ بات سجن أبو غريب ساحة لممارسة كل أشكال التعذيب والإذلال الجنسي وغيره، وهذا من وجهة نظر هيرش يظل شاهداَ على تلك العقلية البائدة التي توجه مسيرة القيادة الأميركية العمياء والتي دفعتها ولا تزال الى مزيد من ارتكاب الأخطاء؟   (المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 29 ديسمبر 2005)

طهران «الفلسطينية»… واستراتيجية «الردع الشامل»

محمد صادق الحسيني (*)     

 

ثمة تحولات متسارعة تحيط بالاقليم الذي تعيش فيه إيران تبدو وكأنها تهدف، فيما تهدف إليه، الى تشديد الخناق على السلوك الإيراني بعدما بدا في الآونة الأخيرة وكأنه بات «يغرد خارج السرب» العالمي تماماً.

 

ولأن الرئيس أحمدي نجاد والقيادة العليا من ورائه قرأت ذلك مبكراً ولديها القناعة بأن عالماً متغيراً ومضطرباً يسوده التقلب، يجعلها قادرة على «انتزاع» تنازلات مهمة من المجتمع الدولي لمصلحة ملفها القومي الأهم ألا وهو الملف النووي، فقد أخذت على عاتقها الرمي بكرة النار الملتهبة المحيطة بالاقليم وبها في وجه خصمها المركزي، ألا وهو الكيان الإسرائيلي الذي لا تعترف به بالأساس وتعتبره كياناً يفتقر الى المشروعية القانونية، فضلاً عن المقبولية الجماهيرية في الاقليم الذي تعيش.

 

أحمدي نجاد الذي يغرف من «اناء» الثورة أكثر مما يغرف من اناء الدولة الإيرانية، يسعى جاهداً في هذه الأيام أن يوصل رسائل حازمة وقوية وصارمة الى خصم الثورة الإيرانية اللدود والمركزي، ألا وهو الدولة العبرية. وفي هذا الإطار تأتي خطوة «الجبهة الاستراتيجية» الجديدة التي أعلن عنها خالد مشعل من طهران أثناء زيارته لها أخيراً، ليعلن منها: «ان حماس سترد على أي عدوان تتعرض له إيران ما دامت الأخيرة تدافع عن الخطوط الفلسطينية وتحميها…».

 

وتحت سقف هذه الجبهة ايضاً يمكن متابعة مهمة المبعوث الإيراني الرفيع المستوى الى كل من دمشق وبيروت، حاملاً معه رسالة واضحة وشفافة الى بشار الأسد وإلى حلفاء طهران في بيروت «بأن الدفاع عن أسوار العاصمتين إنما هو دفاع عن أسوار طهران والأمن القومي الإيراني في الواقع…».

 

ثمة من يرى في ديبلوماسية أحمدي نجاد الجديدة بأنها عودة الى «المربع الأول» للثورة الإيرانية، وكأن كل ذلك العالم المتغير خلال العقدين الماضيين لا يراه صانع القرار الإيراني أو لا يريد أن يراه.

 

المتابعون لحركة التحولات الإيرانية الداخلية منذ صعود هذا «الشاب الثوري المتحمس» الى سدة الرئاسة، إذ يؤكدون بأنه لا تحول أساسياً حصل أو في طريقه للحصول في السياسات الإيرانية العامة، إلا أنهم يؤكدون في الوقت نفسه بأن «هذا النوع الجديد من الأداء…» مطلوب بوعي والحاح من القيادة الإيرانية العليا، لأنها تستشعر منذ مدة بأن شيئاً ما يتم التحضير له بخصوص الملف القومي الإيراني الأساس، وبالتالي لا بد من استنفار كل الوسائل والآليات و «الوجوه» القادرة على التصدي لأي نوع من المواجهات المحتملة، فضلاً عن مناكفتها وحشرها في الزاوية والضرب على الوتر الحساس من «جبهة الخصم المترامية» لإرباك مشروعها الصدامي المحتمل ضد طهران.

 

المعلومات المتواترة التي تتسرب عن فريق التفاوض النووي الإيراني الجديد تجمع على أن بنداً واحداً في أجندة هذا الفريق مسموح له التفاوض حوله، وهو الجدول الزمني المناسب واللائق لبدء التخصيب والانطلاق مجدداً بالدورة النووية المخطط لها بعد توقف طوعي طال أمده ولا يقبل التمديد في أية مفاوضات مستقبلية…

 

ولما كانت طهران تعتقد بأن الحليف الرئيسي لخصمها المركزي، أي الولايات المتحدة الأميركية، بات «رهينة» في أكثر من موقع اقليمي بيدها أو بيد حلفائها، فإنها ترى بأن اللحظة التاريخية باتت مناسبة تماماً لاشهار استراتيجية «الردع الشامل» من أجل ترسيخ انجازاتها القومية وانجازات حلفائها في المواقع الممتدة في الاقليم مهما كانت «جزئية» أو تبدو «متضاربة» أحياناً.

 

لقد أثبتت الأيام بأن كل الرهانات الأميركية باتجاه دفع إيران للتخلي عن برنامجها النووي تحت ضغط الابتزاز الإسرائيلي أو التهديد الأميركي بنقل ملفها الى مجلس الأمن الدولي، لم تأت أكلها، والسبب في ذلك، كما يعتقد الإيرانيون، هو صلابة الموقف الإيراني واستراتيجية الردع الشامل المتبعة من قبل طهران في مواجهة الضغط، قبل أن تكون بسبب شفافية برنامجها والتزامها بمعايير النشاط النووي المسموح والملتزمة به علناً.

 

المصادر الوثيقة الصلة بمطبخ صناعة القرار الإيراني في طهران، ومن خلال متابعاتها اليومية للسلوك الإيراني العام تجاه حركة الخارج المحيط بها وبالاقليم، تؤكد بما لا يقبل الشك والترديد، بأن طهران ليست بصدد تقديم أي تنازلات تذكر في مجال ملفها القومي الرئيسي كما أنها ليست بصدد التخلي عن أي من حلفائها الأساسيين والاستراتيجيين في المنطقة بما فيهم سورية ونظامها الراهن.

 

لا، بل ان العارفين ببعض بواطن الأمور يعتقدون بأن طهران في طريقها الى التشدد في الدفاع عن كل حلفائها في العراق وسورية ولبنان وأفغانستان، معتبرة أن الدفاع عن اصدقائها وحلفائها جزء لا يتجزأ من استراتيجية «الردع الشامل» التي باتت مطلوبة بالحاح ليس فقط من أجل تثبيت الانجازات المكتسبة الإيرانية والحليفة، كما تم ذكره، بل ومن أجل ايقاع المزيد من الخسائر والارباك في جبهة الخصم.

 

وفي هذا السياق تستعد طهران في الأشهر القليلة المقبلة لاطلاق مبادرة عمل جديدة حول الملف الأكثر أهمية وخطورة في المنطقة، وهو الملف الفلسطيني، حيث تجري جهات إيرانية معنية بهذا الخصوص مشاورات مكثفة مع اصدقائها وحلفائها لبلورة مثل هذه المبادرة. وكلام خالد مشعل لم يكن سوى خطوة على الطريق… خطوة يضعها المراقبون والمحللون السياسيون في «سلة» خطوات محتملة ومرتقبة قد يتم اطلاقها في أكثر من عاصمة اقليمية لإعاقة مشروع «الشرق الأوسط الكبير» المعطوف على رعاية إسرائيلية.

 

ثمة من يتوقع في هذا السياق تسارعاً في سياسة استراتيجية الخروج الأميركي من العراق عقب تبلور المجلس الوطني الجديد والحكومة التي ستنبثق عنه، والذي قد ينبئ بتطورات دراماتيكية تجعل الأميركي الغارق في المستنقع العراقي غير قادر على ملاحقة فصول السيناريو الذي أعده لسورية، فضلاً عن بدء الخط العكسي لخروجه من دائرة النفوذ اللبناني!

 

(*) كاتب متخصص في الشؤون الإيرانية

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 29 ديسمبر 2005)


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.