الخميس، 24 يوليو 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année,N°2984 du 24.07.2008
 archives :www.tunisnews.net 

إيلاف:رسالة موجّهة من رئيس البرلمان الأوروبي إلى نظيره التونسي بوادر ضغط أوروبي على تونس من أجل ‘عملية إنتخابية شفافة’

حـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــركة التجديد:بـــــــــــــــلاغ

 أحزاب المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدم: بيان مشترك

الحزب الديمقراطي التقدمي :بـــــــــــــــــيــــــــــــــــــان

الوحدويين الناصريين بتونس بمناسبة الذكرى السادسة والخمسين للثورة الناصرية المجيدة:بيــــــــــــان

البديـل عاجل: بعد لجوئها إلى القمع الموسّع في الحوض المنجمي: الدكتاتورية النوفمبرية تدخل مرحلة جديدة وحاسمة

البديـل عاجل: شهادات مروّعة عن التعذيب الوحشي

البديـل عاجل:الطــــــــــــــــــــــــــــــــوائف الرياضية

البديـل عاجل: أزمة الغذاء في تونس الخضراء: الحاجة وعدم القدرة

البديـل عاجل:بين الفلفل والبطاطا ضاع فلاّحو الوطن القبلي

سليم الكراي:الأحزاب السياسية ومؤتمر التجمع فى تونس

الصباح:مؤتمر التجمّع بعد أيام:الرّهان الانتخابي… والرّهان السياسي

الصباح : في إقامة بالحمامات وفاة فتاة مختنقة بالغاز ووكيل وموظفان في قفص الاتهام

مراد رقية:أي دور للجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي بعد صدور المنشور83؟؟؟

د. محمد الهاشمي الحامدي:التوحيد في قصة هود عليه السلام (الحلقة الرابعة)

  عبدالحميد العدّاسي: لكلّ بوقه ولكلّ فرقته (ردّ على البوجادي)

السبيل أونلاين : محمد شمام يدعو إلى محاكمة للأحداث وفق المنهج القرآني (3)

أيمن نور:موجابــــــــــــــي ليس الأســـــــــــــــــوأ!!  

العربية.نت: قياديان بإخوان مصر يتبادلان التهم حول جهاز سري متطرف بالتنظيم

إسلام أونلاين:شباب الإخوان والوفد.. انتقادات مستمرة لثورة 52

إسلام أونلاين: سانت برو: السلفية حركة اجتهاد عصرية متوافقة مع الإسلام

كونا : إعتقالات جديدة على خلفية التخطيط لإنقلاب في تركيا


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم وللصحفي سليم بوخذير وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- هشام بنور

22- منير غيث

23- بشير رمضان

24- فتحي العلج 

 

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- الصادق العكاري

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


 

إيلاف تنشر رسالة موجّهة من رئيس البرلمان الأوروبي إلى نظيره التونسي بوادر ضغط أوروبي على تونس من أجل ‘عملية إنتخابية شفافة’

 

 
 إيلاف من بروكسيل: في خطوة إعتبرها عدد من المتابعين رسالة ضغط واضحة المعالم على الحكومة التونسية، وجّه رئيس البرلمان الأوروبي هانس جارت بترينغ رسالة إلى فؤاد المبزّع رئيس مجلس النواب التونسي (البرلمان) تأمّل من خلالها أن يكون مشروع التعديل الدستوري المعروض حاليًا على البرلمان التونسي ‘فرصة تتيح للمرشحين التنافس بشكل ديمقراطي بين برامج سياسية واجتماعية و اقتصادية مختلفة’.   بترينغ اعتبر في رسالته التي حصلت ‘إيلاف’ على نسخة منها إنه يتوقّع أن يفضي القانون المطروح حاليًا للمناقشة أمام البرلمانيين التونسيين إلى ‘دعم عملية انتخابية نزيهة وشفافة تحترم القانون الانتخابي التونسي ومبادئ التعددية والديمقراطية التي ينادي بها الاتحاد الأوروبي ».   وشدد بيترنغ على أن الاتحاد الأوروبي سيولي بالضرورة اهتمامًا كبيرًا و خاصًا لسير العملية الانتخابية في تونس دون أن يشير إلى كيفية الاهتمام آو آلياته (وفد للمراقبة الانتخابية مثلا).   وربط رئيس البرلمان الأوروبي بين قمة باريس التي أُعلن خلالها الاتحاد من أجل المتوسّط والشأن التونسي، راجيًا أن يكون الاتحاد فرصة للنهوض بمستوى التزام الفاعلين السياسيين بين ضفتي المتوسّط. وإعتبر أنه من واجب الأوروبيين وبالتحديد البرلمانيين العمل على إبراز قيم التعددية والتنوع في المجتمعات المنخرطة في الاتحاد الجديد خصوصًا أن تونس تعتبر شريكًا أساسيًا في نشأة الاتحاد ونجاح انطلاقته.   وعلى الرغم من أن الرسالة لم تتطرق إلى اقتراحات عمليّة لمراقبة الانتخابات المزمع إجراؤها في تونس العام المقبل ، إلا أن الدعوة كانت صريحة إلى ضرورة أن يحترم التعديل الدستوري الذي تقدم به الرئيس بن علي في 21 مارس / آذار الماضي مبدأ تعددية الترشّحات وتنوعها.   واللافت هنا أن رسالة البرلمان الأوروبي تأتي بعد زيارة أداها المعارض التونسي أحمد نجيب الشابي في يونيو الماضي إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي و حاول من خلالها التعريف بوجهة نظره في ما يخصّ الاستحقاق الرئاسي المقبل. ويعتبر الشابي نفسه مستهدفًا مباشرة بالتعديل الدستوري الذي أعلنه الرئيس بن علي و الذي لا يتيح له الترشح إلى منصب الرئاسة، وإنما يجيز الترشّح  للانتخابات الرئاسية لعام 2009 المسؤول الأول عن كل حزب سياسي شريطة أن يكون منتخبًا لتلك المسؤولية وأن يكون يوم تقديم ترشحه مباشرًا لها منذ مدة لا تقل عن سنتين متتاليتين، وهي شروط لا تتوفر في السياسي والمحامي أحمد نجيب الشابي الذي تخلّى عن زعامة الحزب الديمقراطي التقدمي في 2006 لفائدة مايا الجريبي الأمينة العامة الحالية . و في سياق يعزز ظهور بوادر الضغط السياسي الأوروبي على الحكومة التونسية أطلقت البرلمانيتان الأوروبيتان باسكوالينا نابوليتانو وبياتريس باتري تحذيرا حادّ اللهجة مما سمّيتاه « إرادة الإقصاء » التي تسيطر حالياً في الأوساط التونسية لدى الحديث عن التعديلات الدستورية التي تستبق الانتخابات الرئاسية للعام المقبل’ .   وطالبت البرلمانيتان الأوروبيتان السلطات التونسية بأن يكون أي تعديل على القانون الانتخابي التونسي « منفتحا وديمقراطيا » بالشكل الذي يسمح لممثلي جميع الأطياف السياسية، بما في ذلك المعارضة، بالتقدم بطلبات ترشيحهم للانتخابات الرئاسية. و في ما يلي تنشر ‘إيلاف’ نسخة من رسالة رئيس البرلمان الأوروبي هانس جارت بترينغ إلى نظيره التونسي محرّرة باللغة الفرنسية:   الرسالة باللغة الفرنسية على الرابط:  http://www.elaph.com/ElaphWeb/Politics/2008/7/350875.htm   المصدر: ايلاف بتاريخ 24  جويلية 2008 


بلاغ من حركة التجديد

 

 
أقدمت السلط عشية يوم الأربعاء 23 جويلية 2008 على محاصرة المقر الرسمي لحركة التجديد بشارع الحرية بالعاصمة وسد كل المنافذ المؤدية إليه من قبل أعداد غفيرة من أعوان الأمن بالزي المدني لمنع المدعوين من أصدقاء الحركة من الدخول للمشاركة في الندوة التي قررت عقدها لمتابعة آخر المستجدات بالحوض المنجمي بقفصة. وقد حاولت قيادة الحركة دون جدوى الاتصال بوزارة الداخلية للاستفسار عن أسباب هذا التصرف الغريب والمطالبة بوضع حد له.    إن مثل هذه الممارسات، فضلا عن كونها تعديا على الحريات العامة، تمثل تدخلا غير قانوني ومرفوض لعرقلة النشاط السياسي العادي لحزب وطني معترف به، وهو تصرف يخشى أن يكون مؤشرا على تطورات سلبية في الحياة السياسية نحو مزيد الانغلاق، والبلاد مقدمة على استحقاقات سياسية  هامة تقتضي-  على العكس مما يقع – اتخاذ تدابير جدية في اتجاه احترام الحريات السياسية  وتوسيع فضاءات النشاط السياسي التعددي.   وحركة التجديد، إذ ترفع احتجاجا صارما على هذا التصعيد غير المسبوق الممارس ضدها فإنها تطالب بالإقلاع  نهائيا عن مثل هذه الممارسات اللاديمقراطية.   تونس في 23 جويلية 2008   عن حركة التجديد الأمين الأول أحمد إبراهيم

بيان مشترك  لأحزاب المبادرة الوطنية  من أجل الديمقراطية والتقدم

 

 
على إثر إقدام السلط على منع ندوة لمتابعة الأوضاع بالحوض المنجمي وذلك يوم 23/07/2008 بالمقر المركزي لحركة التجديد. إذ عمدت إلى محاصرته وسدت المنافذ المؤدية إليه أمام المتوجهين لحضور الاجتماع. إن أحزاب المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدم الموقعة أدناه تدين هذا المنع، وتعتبره خطوة تصعيدية في اتجاه مزيد من الانغلاق يندرج ضمن التدخل الأمني للتضييق على الأنشطة السياسية. وهي تعتبر أن هذا المنع يمس بحقوق الأحزاب المدنية في النشاط وتحول دون إنجاز مهامها في تأطير المواطنين وفسح المجال أمامهم للتعاطي مع الشأن العام.   إن التضييق على النشاط السياسي القانوني للأحزاب المرخص لها ومنع الأحزاب المدنية المطالبة بحقها المشروع في العمل القانوني هو توجه خطير لسدّ آفاق كل عمل سياسي جدي يطرح المعالجة الحقيقية لمشاكل المواطنين السياسية والاجتماعية وفي طليعتها اليوم الوضع في الحوض المنجمي الذي تجدد أحزاب المبادرة الوطنية مساندتها لأبنائه، وتطالب السلطة بالإفراج عن المعتقلين منهم وإيقاف المحاكمات والحوار مع المواطنين والاستجابة الفعلية لمطالبهم والتداول في الحلول المقترحة لتجاوز الأزمة وتحقيق تنمية عادلة وحلول مرضية كما تدعو السلطة لمراجعة نهجها التصعيدي وإقرار إجراءات إنفراجية عامة تفتح آفاقا لحياة سياسية ديمقراطية فعلية تحفظ للمواطنين حقوقهم وتقي البلاد نوازع التطرف والتخلف والانزلاق نحو الأسوأ.     إن مثل هذا التصرف اللاديمقراطي واللاقانوني يدعو للانشغال خاصة والبلاد مقبلة على مواعيد انتخابية هامة يطمح الشعب إلى أن تكون فرصة للقطع مع سلبيات التجارب الماضية. ولا يفوت أحزاب المبادرة الوطنية أن تشكر المناضلين الذين استجابوا للدعوة ومنعوا من حضور هذا النشاط وتتعهد أمام الرأي العام الوطني أنها متمسكة بحقوقها في النشاط وأنها  ستكثف عملها  وتوسع تحالفها مع كل قوى التقدم والحداثة والديمقراطية والاستنارة وكل المناضلين المستقلين المتطلعين للعمل المشترك، كما أنها ستعمل على مقاومة كل عرقلة أو تضييق، خدمة لمصلحة تونس وشعبها.     تونس في 24 جويلية 2008    حركة التجديد             حزب العمل الوطني الديمقراطي            الحزب الاشتراكي اليساري  


الحزب الديمقراطي التقدمي 10 نهج آف نوهال – تونس تونس في 24 جويلية 2008 بيـــــــــــــــــــــــــان

 

 
منعت شرطة الحدود السيدة غزالة محمدي من السفر إلى المغرب للمشاركة في المنتدى الاجتماعي المغاربي الذي ينعقد في المغرب الأقصى أيام 25، 26، 27 جويلية الجاري بتعلة تشابه في الأسماء. ومعلوم أن السيدة غزالة محدي هي عضوة في مكتب الشباب الديمقراطي التقدمي بجامعة قفصة زمناضلة اجتماعية وحقوقية، وقد فُصلت عن العمل منذ ثلاث أسابيع على خلفية نشاطها في مساندة أهالي الحوض المنجمي. والشباب الديمقراطي التقدمي إذ يكبر إصرار مناضلته على التمسك بحقها في العمل السياسي المستقل والنشاط الحقوقي والعمل الاجتماعي المناضل والطموح لتمثيل تونس باقتدار في المحافل الدولية: – يستنكر هذه الممارسات المخلة بالقانون ويطالب الحكومة بالكف عنها وباحترام حرية التنقل لكل المواطنين، – يذكّر أننا في سنة « الحوار مع الشباب » وأن مجلس النواب مجتمع اليوم لإصدار قانون استثنائي يمكّن من « تعدد الترشحات » للانتخابات الرئاسية 2009 ونحتفل غدا بالعيد الواحد والخمسين لإعلان الجمهورية، – يجدد تأكيده أن كل التضييقات والعراقيل التي تستهدف أنشطته ومناضليه لن تثنيه عن القيام بوظيفته كاملة وعن تحمل مسؤولياته الوطنية وعن تعبئة الشباب من أجل مستقبل أفضل يغيب فيه الاستبداد وتُضمن فيه الحريات ويعلو فيه القانون وتُؤمّن فيه حياة قوامها الحرية والعدل والكرامة  لكل المواطنين. د. أحمد بوعزّي عضو الكتب السياسي مسؤول عن الشباب والمرأة
 
Professor Ahmed S. Bouazzi, Dr. Ing. University of Tunis El-Manar address: ENIT, PO Box 37, 1012 Tunis, Tunisia Tel/fax: + 216 – 71 886 757 (home) Tel: 71 874 700 #535 (office) Fax: 71 872 729 (office) URL: http://adsl.hexabyte.tn/bouazzi/Tech_CI/as_bouazzi.htm


 

بسم الله الرحمن الرحيم  بيان الوحدويين الناصريين بتونس بمناسبة

الذكرى السادسة والخمسين للثورة الناصرية المجيدة  تونس في 23 يوليو 2008

 
تهل علينا الذكرى السادسة والخمسين لقيام ثورة 23 يوليو1952 المجيدة التي كانت عملا عظيما أنتج تجربة ثورية رائدة صنعتها إرادة ثورية ترفض أي قيد أو حد لحقوق الجماهير ومطالبها، وطليعة ثورية مكنتها إرادة التغيير الثوري من سلطة الدولة لتحويلها من خدمة المصالح القائمة إلى خدمة مصالح الجماهير الشعبية، ووعي عميق بالتاريخ وأثره على الإنسان وقدرة هذا الإنسان على التأثير في التاريخ، وفكر منفتح على كل التجارب الإنسانية يتفاعل معها أخذا وعطاء بلا تعصب أو عقد، وقبل ذلك كله، إيمان لا يتزعزع بالله ورسله ورسالته القدسية التي بعثها إلى الإنسانية جمعاء في كل زمان ومكان. لقد كانت تجربة عظيمة تجاوزت باندفاعها ما بعد المواجهة السياسية الظاهرة مع القصر والأنجليز لتصل إلى أعماق المشكلة الاقتصادية والاجتماعية، فأعادت توزيع الثروة وجردت رأسمال من أدوات الاستغلال سعيا لبناء دعائم مجتمع الكفاية والعدل، وتخطت بوعيها الأصيل وعنادها الثورى حدود مصر لتنازل العدو حيث ما أمكنها ذلك على كل شبر من الأرض العربية أو ضمن الدائرة الإسلامية أو الإفريقية، وكشفت خداع الاستعمار الذي شرع من بعد الحرب الأوروبية الثانية مباشرة في تغيير أساليبه مستعيضا بخدمات عملائه عن بطش جيوشه. لذلك، التحمت بها جماهير الأمة العربية، حركيا ووجدانيا، على الرغم من إرادة حكامها، فحركت احتمالات الثورة في كامل أرجاء الوطن العربي وأحدثت زلزالا عنيفا تهاوت أمامه صروح الرجعية البائسة وأجبر الغزاة على الرحيل من على أرض العرب مكرهين صاغرين ليعيدوا ترتيب حساباتهم الإستراتيجية على أساس القيمة الاعتبارية التي أصبحت للأمة العربية بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر، ثم ليرتد صدى هذا الزلزال الهائل ليشكل دافعا قويا لصيرورة الثورة الأم ودعامة متينة لها؛ فسطرت عندئذ صفحات من روائع النضال العربي المعاصر وأقامت نبراسا يهتدي به أحرار العالم في مشارق الأرض ومغاربها. لقد حققت الثورة بهذه العوامل مجتمعة، وفي زمن وجيز دون العقدين، صروحا من المنجزات ظلت شواهدها عصية على الهدم رغم إصرار قوى الردّة على محو آثارها مذ تمكنوا من رأس الدولة برحيل القائد فجأة وهو يخوض مع المقاومة الفلسطينية في الأردن معركة الصمود في وجه التصفية، . وككل عمل إنساني معرض للأخطاء، كان للثورة أخطاؤها في الممارسة يعرف أبناؤها الذين عبرت عن آلامهم وآمالهم كيف يقرؤونها بلا تهويل أو تهوين، وكيف يستفيدون منها في رسم مسيرتهم النضالية لتحقيق أهداف أمتهم في الحرية والاشتراكية والوحدة.   تهل علينا هذه الذكرى والصراع محتدم على أشدّه بين التحالف الصهيوني الرجعي الإمبريالي من جهة، وجماهير الأمة العربية وقواها المناضلة من جهة ثانية. فجحافل الاحتلال قد عادت تدنس الأرض العربية وترهب أبناء شعبنا في فلسطين والعراق والسودان والصومال وتسومهم ألوانا من العذاب، ناهيك عن مخططات طمس الهوية التي يتعرض لها شعبنا في الأحواز وفي لواء الإسكندرونة، أو مشاريع تفكيك النسيج الاجتماعي وإعلاء الروابط العرقية البائدة والعشائرية والطائفية المتخلفة التي تزايد نشاط أصحابها بدعم وتأييد من دوائر الاستعمار والإمبريالية؛ هذا، وأنظمة سايكس – بيكو تحكم بالمصلحة والهوى وتحاول أن تفرض علينا المذلة والخنوع، ورأس المال يمارس ألوانا من الاستغلال البشع يهدر الثروة الوطنية ويحرم منها أصحابها الشرعيين بعد أن استطاع السيطرة على الحكم وترويضه لخدمته، واغراء قيادات العمل السياسي بالهبات والمزايا فاجتذبها وامتص منها كل قدرة على الصمود ثم استعملها في خداع جماهير الشعب تحت وهم الديمقراطية الزائفة. وعلى الرغم من مرارة المآسي وبؤس الواقع، فأمتنا العربية بتاريخها الحافل بالانتصارات والنكبات، قادرة على إبداع أساليب تتناسب مع إمكاناتها وغايات نضالها؛ فكانت المقاومة أنبل ظاهرة أنتجتها في تاريخها المعاصر، هي اختيارها الواعي، والتحرير الشامل هو خيارها الأصيل، والوحدة الكبرى التي يتحقق فيها مجتمع الكفاية والعدل هي غايتها التي لا مناص منها مهما كانت التضحيات جسيمة. فبالمقاومة تمكنت من إجبار العدو الصهيوني على دفع الثمن السياسي لهزيمة عدوانه على لبنان العروبة خلال شهر يوليو/ تموز 2006 فيضطر صاغرا للقبول بالإفراج عن عدد من الأسرى يتصدرهم عميدهم البطل سمير القنطار قائد عملية جمال عبد الناصر، إضافة إلى عدد من جثامين الشهداء الأبرار الذين قضوا على أرض العروبة في فلسطين ولبنان؛ وبالمقاومة ينصاع العدو الصهيوني إلى التوسل بأصدقائه- جماعة كامب ديفيد ووادي عربة وغيرهم من الأوروبيين – من أجل تحقيق هدنة في غزة المقاومة بغية إعادة ترتيب أوضاعه الداخلية وإزالة الحرج عن فريق المساومة على القضية؛ وبالمقاومة يترنح الآن جنود المتصهين جورج بوش الصغير في عراق الرشيد ويستعد للرحيل بعد أن تكبد خسائر جمّة على الأًصعدة العسكرية والسياسية والاقتصادية وفشل في تحقيق مآربه العدوانية؛ وبالمقاومة تستعد الحكومة العميلة في الصومال إلى حزم حقائب الرحيل بغير رجعة؛ وبالمقاومة ستؤول مشاريع تفتيت السودان إلى الفشل، وكما فشل مشروع برشلونة ومشروع الشرق الأوسط الكبير سيكون مصير مشروع ساركوزي الساعي إلى إدماج دولة العصابات الصهيونية في جسم الأمة العربية. وبكل ذلك نستخلص أنه على الشعب العربي أن يدرك أن الهزائم التي حصلت لهم هي نتيجة تخليهم عن المشروع القومي الناصري وعليه ندعو جميع العرب إلى العودة للنهج الوحدوي الناصري بإعتباره المنقذ الوحيد للأمة العربية من الإستبداد والتجزئة والإستغلال والتخلف.   المجد والخلود لشهداء الأمة العربية المجد والخلود لقائد الأمة وشهيدها جمال عبد الناصر عاش نضال جماهير الأمة العربية على طريق الحرية والاشتراكية والوحدة.   الوحدويون الناصريون بتونس


 

بعد لجوئها إلى القمع الموسّع في الحوض المنجمي: الدكتاتورية النوفمبرية تدخل مرحلة جديدة وحاسمة

 

 
بعد أكثر من شهر من انطلاق الحركة الاحتجاجية بالرديف كنا قد رفعنا أصواتنا عاليا لننبه أكثر من مرة الرأي العام الداخلي والخارجي إلى خطورة الأوضاع وتداعياتها المحتملة. وكتبنا أكثر من مقال على أعمدة « البديل » الإلكتروني حذرنا فيه من احتمال لجوء السلطة في نهاية المطاف إلى الحل الأمني للإجهاز على الحركة وإخمادها (« حذاري من المجزرة في الرديف » منتصف فيفري 2008، « مرة أخرى حذاري من المجزرة » أواخر أفريل 2008…). وقد بنينا تحليلنا لا على طبيعة نظام بن علي الدكتاتوري البوليسي فحسب بل كذلك على العديد من المؤشرات التي كانت تظهر في الواقع (رفض الحوار مع الأهالي، جلب جحافل من قوات البوليس من مختلف الجهات ومحاصرة مدينة الرديف، الاعتداءات المتكررة على النشطاء، الحصار الإعلامي…). وللأسف الشديد جاءت تفاصيل يوم 6 جوان 2008 لتأكيد مشروعية تخوفاتنا. فقد أقدمت قوات البوليس المتركبة أساسا من عناصر « فرق التدخل » والمسنودة بقوات من « الحرس الوطني » والمئات من أعوان البوليس السياسي السريين إلى إطلاق النار على المواطنين الذين كانوا يقيمون تجمعات وتظاهرات سلمية للمطالبة بالشغل وكانت النتيجة استشهاد الشاب الحفناوي المغزاوي (وهو رابع ضحية منذ انطلاق الأحداث) وسقوط أكثر من عشرين جريحا، البعض منهم إصابته خطيرة مثل حالتي إبراهيم فجراوي وحبروش أحمدي. ومنذ تلك اللحظة أخذت الأحداث منعرجا خطيرا. فقد اقتحم الآلاف من أعوان فرق مكافحة الشغب (حوالي 7 آلاف عون) المدعومين بأعوان البوليس السياسي البلدة وتوغلوا في ساحاتها العامة وأحيائها لإحكام القبضة على الأهالي وشل حركتهم. وفي الأثناء تم إيقاف العشرات مـــن الشبان لمجرد أنهم شبان. وفي المساء وتحت جنح الظلام توسّعت حملة المداهمات لعشرات المنازل، التي عاث فيها الأعوان فسادا (نهب ممتلكات، تخريب أثاث…) بشكل أعاد إلى أذهان السكان الحملات التأديبية التي كان يقوم بها أعوان « الباي » أو الجيش الاستعماري الفرنسي ضد السكان في القرنين التاسع عشر والعشرين، أو تلك الحملات القمعية التي يقوم بها جيش الصهاينة في غزة أو الضفة لـ »تأديب » الفلسطينيين » أو الجيش الأمريكي في المدن العراقية. وقد استمرت الصورة على هذه الحالة حتى ليلة 7 جوان 2008 حين أقدمت السلطة للمرة الرابعة أو الخامسة منذ عام 1956، على إقحام الجيش في أحداث اجتماعية داخلية، لقمع المواطنين المحتجين على أوضاعهم المتدهورة. لقد انتشر المئات من عناصر الجيش ببلدة الرديف لمعاضدة قوات البوليس التي عجزت عن السيطرة على حركة الأهالي، وتسهيل انتشارها داخل الأحياء، كما ضربت قوات الجيش طوقا على الجبال المحاذية للرديف لقطع الطريق أمام الشبان الذين كانوا يلتجئون إليها للاحتماء بها. كما سدّت الطريق القادمة من تمغزة لمنع وصول ممثلين عن الأحزاب والجمعيات للتعبير عن مساندتهم للأهالي. ومن المعلوم أن تدخل قوات الجيش حصلت بعد وقت قصير من التقاء بن علي بقادة الجيش بقصر قرطاج. وخلال الأيّام الموالية استباح البوليس بلدة الرديف. وفعل بها وبأهاليها ما فعل ثم توسعت، بقرار من السلطات العليا بالطبع، حملة الاعتقالات لتشمل بداية من ليلة 21 جوان 2008 قيادات الحركة الاحتجاجية من نقابيين وسياسيين ونشطاء من حركة أصحاب الشهادات العليا المعطلين عن العمل. اعتقل عدنان الحاجي وعادل الجيار والبشير العبيدي والطيب بن عثمان. وتم كالمعتاد تحريك الآلة القضائية التابعة للسلطة التنفيذية والخاضعة لأوامر البوليس السياسي لإضفاء طابع قضائي على القمع المسلط على الأهالي وعلى النشطاء من أبناء الجهة وللتغطية على فظاعات التعذيب الذي سلط على الموقوفين وعلى انتهاك القوانين المتصلة بالاحتفاظ (تزوير تواريخ الإيقاف بالنسبة إلى البعض، عدم إعلام العائلات بالإيقافات…) ولاستصدار أحكام شنيعة على الأبرياء تجاوزت الثلاث سنوات بالنسبة إلى البعض، في انتظار ما ستسفر عنه محاكمة قادة الحركة الذين أحيلوا بتهم إجرامية، وسيحالون في صورة الاحتفاظ بهذه التهم على محكمة الجنايات بقفصة. وهكذا فإن بلدة الرديف تحولت منذ يوم 6 جوان الماضي، أي يوم إطلاق النار على المواطنين، إلى مدينة أشباح، بل إلى سجن كبير افتقد فيه السكان أحيانا إلى أبسط مقومات العيش ناهيك أن ثمن الخبزة وصل في بعض الفترات إلى 500 مليم. وبالتوازي مع هذه الحالة المرعبة امتدت الهجمة البوليسية إلى مدينة قفصة التي بدأت فيها المحاكمات (الخميس والجمعة من كل أسبوع). فقد عمدت جحافل من البوليس السياسي إلى تطويق منطقة المحكمة ومنع الناشطات والنشطاء ليس فقط من حضور الجلسات التي هي نظريا جلسات عمومية بل كذلك من ارتياد الأماكن العامة من شوارع ومقاه… والاعتداء عليهم بالعنف الفظي والمادي. وانتهى الأمر يوم الأحد 29 جوان إلى الاعتداء بالعنف الشديد على المناضل عمار عمروسية من قبل رئيس فرقة الإرشاد وأحد أبرز جلادي الحركة الاحتجاجية بالحوض المنجمي، المدعو محمد اليوسفي وتهديده للمرة الثالثة، بالقتل أمام العموم. وليس بعيدا عن قفصة تعرض في نفس الفترة (الخميس 26 جوان) السيد عمر قويدر، مراسل جريدة « الطريق الجديد » المقيم بنفطة لاعتداء فظيع على يد عونين من أعوان البوليس السياسي وللتهديد بالقتل إذا استمر في تغطية ما يجري بالحوض المنجمي. أخيرا وليس آخرا أصدر حاكم التحقيق بقفصة يوم السبت 5 جويلية بطاقة تفتيش في حق كل من عمار عمروسية، والفاهم بوكدوس مراسل قناة الحوار. إن السلطة تريد بكل هذا الإجهاز على الحركة الاحتجاجية بمنطقة الحوض المنجمي، وخارجها (فريانة من ولاية القصرين)، معتقدة أن ذلك سينقذها من الإفلاس والانهيار إن عاجلا أو آجلا. ولكن حساباتها محدودة وضيقة. إن الهمجية التي تعاملت بها مع الأهالي فتحت عيونهم على طبيعة نظام بن علي الاستبدادية، الدكتاتورية، الفاشستية، كما فتحت عيونهم على أن هذا النظام لا علاقة له بهم وإنما هو يمثل حفنة من العائلات المتنفذة التي يشار إليها بالإصبع من شمال البلاد إلى جنوبها ومن الشركات والمؤسسات النهابة الأجنبية، وعلى أنه يعاملهم كرعايا ويرفض، بل يعجز، عن توفير أدنى مقومات العيش الكريم لهم. وبهذه الصورة فقد تعمقت الهوة بينهم وبين هذا النظام. ومن جهة أخرى فإن القمع الذي طال أبناءهم (قمع، تعذيب، قتل، سجن…)، لن يزيد هؤلاء إلا مكانة لدى أولئك الأهالي، ولدى الشعب التونسي عامة، ومهما يكن من أمر فإن قمع انتفاضة أهالي الحوض المنجمي لا يعني بالمرة نهايتها بل إن هذه الانتفاضة تمثل بداية مرحلة جديدة من الحركات الاجتماعية التي لن تقف في حدود الجنوب الغربي بل هي مرشحة للاتساع بالنظر إلى تفاقم البطالة والفقر والتهميش وغلاء الأسعار في الوقت الذي يزداد فيه الثراء الفاحش والاستفزازي للأقلية المحيطة بالقصر، التي تتخذ من الدكتاتورية أداة للحفاظ على مصالحها الأنانية ومواصلة إخضاع الشعب. وكما وقف حزب العمال الشيوعي التونسي مع أهالي الحوض المنجمي منذ انطلاق تحركاتهم، فإنهم يجدونه إلى جانبهم في مثل هذه الأيام الصعبة، يدافع عن مطالبهم المشروعة التي لا ينبغي أن يطمسها القمع ويطالب بإطلاق سراح أبنائهم الموقوفين وإيقاف قتلة الحفناوي المغزاوي وهشام بن جدو ونبيل بوشوة والطاهر السعيدي ومقاضاتهم، والتعويض عما لحق العديد من العائلات من نهب وتخريب لممتلكاتهم من قبل قوات البوليس (الرديف، المتلوي… (المصدر: « البديـل عاجل »- صوت الوطن (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ11 جولية 2008)  

شهادات مروّعة عن التعذيب الوحشي

تعرّض العشرات من الشبان الذين تم إيقافهم بمدن الحوض المنجمي (الرديف، أم العرائس، المتلوي) إلى تعذيب وحشي [1] أثناء إيقافهم وخصوصا وقت استنطاقهم. وحسب ما صرّح به أغلب الموقوفين المحالين في الجلسات القضائية مؤخرا أمام حاكم التحقيق لمن كانت التهم المنسوبة إليهم جنائية فإن مركز التعذيب الأساسي هو منطقة الشرطة بالمتلوي حتى أن البعض أضحى يسميها « أبو غريب ». وفي ما يلي بعض الشهادات: جابر الطبابي: أصيل الرديف، أوقف في الليلة الفاصلة بين 5و6 جوان. تم تجريده من ثيابه تماما في الشارع والاعتداء عليه وسحله حتى مركز الشرطة (حوالي 500 متر). قضّى كل أيام الإيقاف عاريا بشهادة ما أوقف معه. تمّ إخضاعه لتعذيب همجي وصل حدّ إدخال عصا بمؤخرته أكثر من 3 مرات. ووقع ضربه على جهازه التناسلي. أطلق سراحه يوم 10 جوان فخرج مرتديا أسمالا تم مدّه بها أثناء جلبه للمحكمة. كان حافي القدمين ويحمل أكثر من « 18 غرزة » برأسه زيادة على جروح عميقة بأماكن مختلفة من جسمه. أثناء خروجه كان الكثير من المحامين وبعض النشطاء والمواطنين بالجهة غارقين في البكاء. أجرى عمليتان جراحيتان على خصيته اليسرى انتهت إلى الفشل وانتهى الأمر إلى خصيه من قبل جلاديه. وقد علمنا أنه تحصّل على شهادة طبية في الغرض وتقدم بقضية إلى المحكمة الابتدائية بقفصة. عادل سولمي: أصيل أم العرائس، مثل سابقه لم يتجاوز عمره 26 سنة. بالرغم من انتسابه لجامعة قفصة للاتحاد الديمقراطي الوحدوي » فإنه تعرض إلى تعذيب همجي حيث صرّح أمام حاكم التحقيق وبعد خروجه يوم 10 جوان أمام بعض النشطاء قائلا: » منذ إيقافي تم تمزيق كل ثيابي وانهالوا عليّ بالضرب ركلا وبالعصيّ. بعدها نقلوني إلى المتلوي عاريا ومنذ وصولي تم تعليقي عاريا في وضع « الفروج »… ذقت الموت واستمر الحال تقريبا مدة إيقافي التي وصلت 5 أيام… » وأضاف: » هذه الثياب التي أرتديها سلموني إياها صبيحة إخراجي إلى المحكمة، كنت حافيا ولم ألبس نعلا إلا منذ لحظات وقد مدني به أحد المحامين ». وختم قائلا: » انظروا إلى الجروح العميقة بمختلف أجزاء جسمي، انظروا إلى الزرقة التي تغطي كل جسمي، انظروا إلى الغرز برأسي وعددها 18.. ». عمار عبيدي: أصيل الرديف، يبلغ من العمر 58 سنة. أوقف يوم 7 جوان. صرّح أمام القاضي يوم 26 جوان الماضي وبحضور عدد غفير من المحامين أنه لم يكن على صلة بالاحتجاجات، فهو متقاعد وكل ما في الأمر أنه أنجب ابنا يبلغ من العمر 22 سنة.. » يوم إيقافه كان بالمنزل صحبة زوجته وبناته وفجأة اقتحم أعوان أمن منزلي بحثا عن ابني فأخذوني مكانه. تعرضت لتعذيب كبير بالرديف ومنطقة شرطة قفصة. لديّ أكثر من كسر بيدي، أخذوني أكثر من مرة إلى المستشفى الجهوي للتداوي وبعدها يعيدوني للتعذيب ليلا ونهارا. وقد صرّح أحد الموقوفين أمام القاضي يوم 29 جوان الماضي، وهو كهل ينتمي إلى ما يعرف بـ »الطريقة » في الرديف إذ قال: » تعرضت إلى التعذيب والتعليق… » وأشار على لحيته وقال: » انظروا كانوا يحرقون لحيتي وينتفون الشعر منها ويتبولون عليها… » وأضاف: » في اليوم الثاني أثناء تعليقي كدت أموت عطشا فطلبت من أحدهم أن يسلمني شربة ماء فأقدم على التعرّي وتبوّل في فمي وعلى وجهي… ». مؤكدا: » من قام بهذه الفعلة شاهدته الآن ببهو المحكمة »… فأمر قاضي التحقيق بإخراجه للبهو عساه يتعرف على الفاعل لكن ذلك لم يحدث بما أن الجاني وقع تهريبه من طرف البوليس السياسي الذي يُحكم سيطرته على المحكمة. – يسقط جلاد الشعب، يسقط نظام بن علي -المجد لنضالات أهالي الحوض المنجمي – من أجل محاكمة الجلادين�أمرا وتنفيذا -لا مستقبل لنظام يَحكم بالتعذيب والترهيب [1] انظر أيضا شهادات حول التعذيب (المصدر: « البديـل عاجل »- صوت الوطن (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ11  جولية 2008)


 
الطوائف الرياضية  
في القديم وتحديدا زمن البايات كان للانتماء العروشي قيمة ثابتة في تحديد هوية أي شخص. وكانت الأسبقية عامة لهذا الانتماء على حساب المواطنة بما تعنيه من حقوق وواجبات في إطار الوطن تونس. والسبب الرئيسي في ذلك هو ضعف فكرة المواطنة وعدم التسليم بالحقوق والحريات الأساسية التي من المفروض أن يتمتع بها كل المواطنين التونسيين مهما كانت عروشهم وجهاتهم الأصلية ومهما كانت أفكارهم ومعتقداتهم، إلى جانب غياب المؤسسات والجمعيات الأهلية التي تثقف المواطنين وتؤطـّرهم وتعرفهم بحقوقهم المختلفة وتوفر لهم حدا أدنى من الحماية ضد كل أشكال القمع والاضطهاد. عند دخول الاستعمال المباشر إلى تونس برزت الروح الوطنية وتنامى الشعور بالانتماء للوطن قبل الجهة أو العرش. وقد تجسم ذلك في تنظيم المقاومة المسلحة (الفلاقة) والمظاهرات الشعبية والإضرابات العمالية التي أطرها الاتحاد العام التونسي للشغل. إلا أن فكرة العروش والجهويات لم تضمحل نهائيا إذ وظفتها دولة « الاستقلال » بهدف التفريق بين مواطني البلاد وخلق تناقضات وهمية من أجل السيطرة وتبرير القمع والاستغلال. لقد اعتمد الحزب الاشتراكي الدستوري العروشية والجهويات لحشد الأنصار والأتباع ولف أوسع الجماهير حوله حتى يقوى ويشتد عوده ليمرر مشاريعه اللاوطنية واللاشعبية ويكرس سيطرة البورجوازية الكبيرة العميلة على مقدرات البلاد. فالصراع بين « البلدي » و »العربي »، والجلاصي والهمّامي، والصفاقسي والساحلي.. هي لا محالة صراعات وتناقضات شكلية لكنها تدعم الحزب الحاكم وتضعف إمكانية بروز التناقضات الجوهرية: التناقض بين البورجوازي والعامل، بين السلطة والمواطن، بين البرجوازية الفلاحية وكبار الملاكين العقاريين من جهة والفلاح الفقير من جهة أخرى. لكن مع تطور الوعي وسريان الحس المدني والحقوقي بين الناس وتشكل الأحزاب ومنظمـات المجتمع المدني وطرح المطالب المتعلقة بالحقوق والحريات (الحق في الشغل، الحق في الصحة والتعليم، الحق في السفر والاتصال، حرية التنظم والتعبير والإضراب ولتظاهر…) تراجعت ظاهرة العروشية والجهوية تاركة مكانها شيئا فشيئا للانتماء الطبقي وللفكرة. فهذا نقابي وذاك « دستوري » وهذا حداثي وذاك رجعي وهذا علماني والآخر إسلامي وأصبحت لهذه الهويات قيمة أكبر من العرش أو الجهة… إلا أن الظاهرة سرعان ما عادت إلى الوجود وانتعشت مع تكاثر الجمعيات الرياضية التي أصبحت بمثابة المؤسسات التي تؤطر آلاف اللاعبين والأنصار والمشجعين، وهي تلقى دعما كبيرا من الدولة سواء عبر توفير التجهيزات الأساسية (ملاعب، معدات، رياضية…) أو التأطير والتكوين (تكوين المدربين والحكام…). لقد عادت إلى السطح فكرة الانتماء الجهوي الضيق وصار التنافس على أشده بين أنصار باب الجديد وباب سويقة والسواحلية والقوابسية والصفاقسية… وأصبح لكل جمعية رياضية جمهورها وأتباعها وأعلامها (درابو) وشعاراتها وفرقها الموسيقية ومغنوها وملحنوها الذين يرددون أغاني وأهازيج هابطة ترشح عداء وكراهية وحاطة من كرامة المنافس. وقد ساهمت الصحافة الرياضية الرسمية وخاصة المرئية منها في الترويج لهذه « الثقافة الجديدة » من خلال تغطية حركة الجماهير وإثارة النزعات الجهوية. وقد أفرز هذا الواقع الجديد ميليشيات كروية متعصّبة تتهجّم على أنصار المنافس وتقذفهم بالقوارير والحجارة وتهشـّم التجهيزات وتعتدي على الممتلكات العامة والخاصة وترهب المواطنين الأبرياء. إنها « الطائفية الكروية » العمياء التي تتخذ من الجمعية/الجهة مرتكزا لحركتها ومبررات سلوكاتها المتعصبة. ومما لا شك فيه أن السلطة التي تتظاهر بلعب دور الحكم وتتدخل لضبط الأمور عندما يتجاوز أحد الأطراف الخطوط الحمراء تستثمر هذه الحالة للإبقاء على مناخ الهستيريا والتهميش والتفرقة الجهوية والتعلق بانتصارات وهمية بإمكانها أن تحجب إلى حين أوضاع البطالة والاستيلاب الثقافي وانعدام الحريات وتواصل حالة المواطن/ الرعية الذي يجند في الانتخابات والاستفتاءات للعب دور المزكي والموافق دون اعتراض أو تساؤل أو احتجاج والذي يسكت عن غلاء المعيشة وتفشي البطالة… إن معالجة جدية لهذه الوضعية تمر حتما عبر معالجة جذرية لأوضاع البلاد بوضع حد لحالة الانغلاق والكبت وتكميم الأفواه والتجويع الممنهج وبيع مقدرات البلاد… وطرح جميع القضايا التي تهم البلاد بما فيها قضايا الرياضة والتربية والبدنية على طاولة النقاش والتقييم لاتخاذ القرارات الضرورية. وبصفة مباشرة فإن المعارضة في تونس مطالبة بإدراج الملف الرياضي ضمن اهتماماتها والعمل على فرض جملة من المطالب من أهمها: انتخاب مسيري الجمعيات الرياضية حتى تتحدد المسؤوليات ويحاسب كل من يخل بواجباته في التأطير وإعلاء مبادئ الروح الرياضية والتعامل مع المنافس في كنف الاحترام، وسن قوانين تجرم العنف اللفظي والمادي والتحرش بالمنافس والتعصب. ونجاح هيئة رياضية لا يقاس بما تحصلت عليه من ألقاب فحسب بل وكذلك بكسب رهان الروح الرياضية والتعامل الحضاري مع المنافس داخل الملاعب وخارجها. وبذلك يمكن للرياضة أن تساهم في تأطير المجتمع وتكريس الروح المدنية.
(المصدر: « البديـل عاجل »- صوت الوطن (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 11 جولية 2008)  

أزمة الغذاء في تونس الخضراء: الحاجة وعدم القدرة

« ارتفعت الأسعار في تونس » و »الفلوس ما عادش تقضي » و »أزمة غذائية عالمية » إلخ.. هذا ما يردده المواطن التونسي أينما وجدته، في المراكز التجارية ومحلات الخضر والجزارة والمخابز… بالفعل، إن السوق الداخلية في تونس، متماثلة مع الأسواق العالمية، تعرف تزايدا مطردا في أسعار المواد الغذائية، ويهمنا هنا، محاولة رصد الخطاب الرسمي في تعاطيه مع مسألة غاية في الخطورة واستشراف حالة السوق بارتباط مع قرب نهاية الموسم الفلاحي الجاري. في الواقع، وكعادة السلطة، استثمرت أجهزة الدعاية النوفمبرية أزمة المواد الغذائية العالمية فقامت بسلسلة من الندوات البصرية السمعية وتجندت الأقلام مبررة الزيادات الحاصلة وهيئت الرأي العام المتململ لقبول مزيد الزيادات، تعلتها في ذلك منطق اللاحول واللاقوّة ومقارنة ما يحصل داخل القطر من زيادات بواقع الأقطار الرأسمالية الكبرى، وكأن المواطن الأمريكي إذا مات جوعا فعلى نظيره التونسي أن يفنى، وهو ما يكرّس تذيل النظام للقوى الامبريالية الكبرى. إن الزيادات الحاصلة لها أسبابها الجوهرية والمباشرة التي لم تأت السلطة على ذكرها. فالحبوب مثلا، والتي تمثل أساس العادات الغذائية لدى عموم المواطنين، قد شهدت المساحات المخصصة لزراعتها تراجعا إذ لم تتجاوز الـ12 بالمائة من إجمالي الأراضي الفلاحية. وهذا التراجع له دوافعه سواء بالنسبة لصغار الفلاحين وحتى كبارهم إذ يبقى الإنتاج الفلاحي في تونس رهين تقلبات المناخ ورهين جاهزية الدولة في قبول الإنتاج العام من الحبوب باعتبارها الحريف الرئيسي، ونتيجة لذلك وبارتباط مع واقع أن الاقتصاد التونسي موجه للتصدير فالكميات المتوفرة والتي تزودت بها الدولة هي في الأساس للتصدير وهو ما يعني انخراما في السوق وارتفاعا غير مسبوق في أسعار القمح مثلا، فالقنطار الواحد الذي بيع في جويلية 2007 بـ40 دينار أو اقل، صار في جوان 2008 بـ60 دينار وهو مرشح للزيادة. أما الشعير فقد تضاعف سعره تقريبا خلال السنتين الأخيرتين. وقد أثرت الزيادة في الحبوب على أسعار العلف، فـ »بالة القرط » قفزت إلى 7 دنانير والتبن زاد بدينار للبالة الواحدة. هذه أسعار الصيف فكيف ستكون أسعار الشتاء الذي يعرف ارتفاعا مشطا لأسعار العلف. وهذا بالطبع سيؤدي بالضرورة إلى ارتفاع الإنتاج الحيواني من لحوم وبيض وحليب ومشتقاته. وإذا كانت أسعار اللحوم الحمراء قد شهدت خلال هذا الصيف انخفاضا ملحوظا فهذا مؤشر على بداية الأزمة لأن الفلاح بدأ بالتخلص من مواشيه بأسعار بخسة بعد أن عجز عن تلبية حاجياتها من العلف. إن ارتفاع أسعار الحبوب و »انقراض » زراعة الفلفل من عديد الجهات المنتجة مثل الوطن القبلي الذي خلت مساحاته السقوية هذا العام من الفلفل. إلى جانب ما عرفه إنتاج الطماطم من تقلبات وارتفاع غير عادي في أسعار البقول من حمص وفول… وهو واقع يتقاسم تبعاته المؤلمة المستهلك والمنتج على حد السواء. فالمستهلك يعاني من فقدان المواد الأساسية والمنتج دخل دوامة الديون الهيكلية وأصبح مرتهنا للبنوك ولحفنة من مافيات الفلاحة تقوم بالتمويل العيني من بذور وأدوية مقابل احتكار الحق الحصري في شراء المنتوج فارضة بذلك أسعار تؤبد واقع تبعية الفلاحين الصغار لهم وارتهان حياتهم بوجودهم. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن شحّ الإنتاج وارتفاع الأسعار وانخرام السوق نتيجة لهث النظام التونسي لتحقيق أقصى ما يمكن من التصدير دون الأخذ بعين الاعتبار الحاجيات الداخلية، سيكون له تداعيات خطيرة على أسعار العجين ومشتقاته والألبان وزيت الزيتون الذي تجاوز لتره الواحد الـ5 دنانير وبدأت مؤشرات الأزمة الغذائية في أقصى تجلياتها في تحديد سقف تزويد المخابز بأكياس الدقيق المعد للخبز. إن حاجيات المواطن الغذائية الأساسية ستتحول إلى كماليات في ظل تدهور مقدرته الشرائية. ومن خلال رصد الإنتاج وأسعار المنتوجات الفلاحية، يمكن القول أن تونس مقبلة على شتاء « بارد » قد تلهبه أحداث وهزات اجتماعية شبيهة بأحداث الحوض المنجمي. والسلطة وحدها هي المتسببة في ذلك باتباعها خيارات اقتصادية وسياسية أفضت إلى عجز غذائي يتفاقم يوما بعد يوم. (المصدر: « البديـل عاجل »- صوت الوطن (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 11 جولية 2008)  

بين الفلفل والبطاطا ضاع فلاّحو الوطن القبلي

تعتبر منطقة الوطن القبلي من أهم المناطق في البلاد في إنتاج الخضر وذلك لعوامل طبيعة ملائمة خاصة بالنسبة إلى إنتاج البطاطا والفلفل والطماطم. وقد لاحظنا هذه السنة ارتفاعا واضحا في مساحات البطاطا المزروعة في الوقت الذي تراجعت فيه المساحات المخصصة لزراعة الفلفل. ولدى استفسارنا عن سبب ذلك أفاد الفلاحون بما يلي: 1) ارتفاع أسعار البطاطا خلال السنة الفلاحية الماضية مما يبشر بمدخول أوفر قادر على تغطية الديون المتزايدة واسترداد المصاريف والنفقات الكبيرة خاصة مع ارتفاع أسعار الأسمدة والبذور والأدوية. 2) نفقات زراعة البطاطا لا يمكن مقارنتها بمصاريف زراعة الفلفل الذي يتطلب يد عاملة مكثفة واستعمال أسمدة متنوعة مع كثافة الريّ (يكاد يكون يوميا). زد على ذلك أن زراعة الفلفل فيها الكثير من المجازفة بسبب كثرة أمراضه واستغلال البرجوازية وأصحاب القرار (مصانع التحويل ومستودعات التخزين…) لصغار الفلاحين من خلال فرض تسعيرة الشراء. وهو ما يسبب ضررا للفلاح خصوصا أن معظم الأراضي التي يستغلونها ليست على ملكهم بل هي تابعة للغير من أصحاب رؤوس الأموال ويعلمون فيها بمقابل أجر أو نسبة من الربح بعد طرح المصاريف والنفقات. 3) قلة الأمراض التي تصيب البطاطا مقارنة بالفلفل. ومن الطبيعي أن يؤدي ارتفاع الإنتاج إلى انخفاض في الأسعار، حيث تباع البطاطا حاليا بـ250 مليم في سوق الجملة. وهو سعر لا يكفي لتغطية المصاريف الباهظة التي تقدر بـ2500 دينار للطن الواحد من البذور. أي أن الطن الواحد من البذور يجب أن يعطي 10 أطنان لتغطية المصاريف فقط. وبذلك فإن الفلاح الذي هرب من الفلفل سقط في فخ البطاطا وخسر في الحالتين.  
(المصدر: « البديـل عاجل »- صوت الوطن (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 11 جولية 2008)


 

الأحزاب السياسية ومؤتمر التجمع فى تونس  
 
سليم الكراي تعيش تونس على وقع التحضير لمؤتمر التجمع الدستورى الديمقراطي.. وهو الحزب الحاكم فى البلاد، والذى يمتلك من القواعد أوسعها ومن الاشعاع الكبير ما يجعل التغيير يراهن عليه ويأتمنه على مواصلة مسيرة الاصلاح.. ولكن كيف تتفاعل بقية الأحزاب السياسية مع هذا الحدث السياسى الهام فى البلاد؟ وما هى ملامح المرحلة القادمة فى ضوء النتائج التى سيفرزها هذا المؤتمر؟ وما هى التوجهات المستقبلية التى ستحدّد لمواجهة التحديات والرهانات الدولية القادمة. فى البداية لابد من الاشارة إلى أن المشهد السياسى فى تونس يتميز بوجود على الأقل 8 أحزاب سياسية معترف بها إلى جانب التجمع الدستورى الديمقراطى الذى يعقد مؤتمره مرة كل 5 سنوات بحيث يكون مؤتمر التحدى هو المؤتمر الخامس منذ تغيير السابع من نوفمبر.. وهو المؤتمر الذى تأقلم مع المتغيرات العالمية الحالية ووضع لنفسه شعار التحدى فى اشارة إلى التحديات الداخلية والخارجية المطروحة اليوم.. فالتحديات الداخلية تتمثل فى مواصلة جهود الاصلاحات التنموية الشاملة بهدف التقدم بتونس نحو الارتقاء إلى مصاف الدول المتقدمة فى امتلاك مقومات النهضة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتأسيس لتونس الغد، تونس الأجيال القادمة التى سوف تكون مختلفة ومغايرة لتونس اليوم وتونس الأمس. أما التحديات الخارجية فتتمثل فى ظاهرة العولمة وما خلفته من انعكاسات على الاقتصاديات المحلية والثقافات الذاتية وما أدّت إليه هذه الانعكاسات من مضاعفات عديدة ومتنوعة شملت مختلف الأجيال والفئات والقطاعات الاقتصادية ومست التشغيل والاستثمار والتنمية بصفة عامة وكل هذا أصبح يمثل جزءا من التحديات الداخلية المرهونة بالأوضاع والتقلبات الخارجية نتيجة ما تركته ظاهرة العولمة من تأثيرات مباشرة.. الجانب الثانى فى التحديات الخارجية يتمثل فى ظاهرة ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية وهو ما من شأنه أن يزيد فى صعوبة الأوضاع الداخلية من حيث التأقلم مع الأوضاع الناجمة عن هذه المظاهر التى تضر فى النهاية بالمقدرة الشرائية للمواطنين المحليين. هذه التحديات ولدت استراتيجيات جديدة تمثلت فى وضع الخطط التى تسعى للتأقلم مع كل المتغيرات بما يضمن تحقيق مردودية أفضل بالاعتماد على الامكانيات المتوفرة وهو ما يتطلب أيضا مجهودات سياسية أوفر للاقناع والتوضيح وتقديم المعونة فى الوقت اللازم. كل هذه الخطط والاستراتيجيات طرحت على المؤتمر الحالى للتجمع كما طرحت على باقى العائلات السياسية فى تونس وكل طرف تفاعل معها بما يتطلبه الوضع وما توفره الامكانيات الذاتية. لذلك شاهدنا تفاعلات مختلفة من الأحزاب السياسية حول هذه المواضيع وحول الأنشطة المتعلقة بتفعيل المشهد السياسى فى البلاد.. ولذلك أيضا قامت هذه الأحزاب والمنظمات بتحسيس منخرطيها بالرهانات المطروحة والتحديات القائمة من أجل تضافر جهود الجميع لتحقيق الأهداف المرسومة فى المخططات التنموية. وبما أن مؤتمر التجمع موعد سياسى مهم، والتجمع حزب وطرف أساسى فى المشهد السياسى العام فإن كل الذى سينبثق عنه سوف تأخذه باقى العائلات السياسية بعين الاعتبار وسوف تعمل على تقريب وجهات النظر من بعضها البعض خاصة فى المسائل ذات الأبعاد التنموية بما فيها المسائل الاقتصادية والاجتماعية واساسا منها الاستثمار والتشغيل. slim@alarab.co.uk  (المصدر: موقع صحيفة « العرب » (يومية – لندن) بتاريخ 23 جويلية 2008  


 

مؤتمر التجمّع بعد أيام

الرّهان الانتخابي… والرّهان السياسي

 
بقلم: كمال بن يونس   تونس الصباح : بدأ الاعلاميون وممثلو الاحزاب السياسية العربية والافريقية يتوافدون على تونس استعدادا للمشاركة في المؤتمر الخامس لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي سينظم الاسبوع القادم.. والذي ينتظرأن يصادق على عدد من القرارات السياسية المهمة وأن يشهد انتخابات « سخنة » لاعضاء اللجنة المركزية.. بعد الانتخابات التمهيدية في الجهات والتي أفرزت  » تزكية  » لضعف العدد المطلوب بالنسبة للاعضاء المنتخبين.. في انتظار أن يكشف اليوم الختامي للمؤتمر عن القائمة الكاملة لاعضاء اللجنة المركزية..من بين المنتخبين والمعينين من قبل رئيس التجمع. وقد شهدت مختلف الولايات مؤخراانتخابات نواب المؤتمر واعضاء اللجنة المركزية تنافسا بما كشف حقائق عديدة من بينها تواصل اهتمام تيار من رجال الاعمال وكبار الموظفين في الدولة ومسؤولي المنظمات الحزبية بالانتخابات التي يمكن أن تفتح لهم آفاقا سياسية جديدة من خلال الفوز بصفة نائب في المؤتمرأوعضوية اللجنة المركزية أو إحدى هيئات شعب التجمع. هذا الاهتمام والتنافس يفندان تقييمات برزت في أوساط عديدة حول تراجع الرهان على المواقع الحزبية محليا وجهويا ووطنيا بعد أن بادرت الحكومة باحالة مجموعة من الملفات الاقتصادية والاجتماعية والمحلية على المصالح المركزية للوزارات.. من أجل وضع حد للتداخل النسبي في صلاحيات عدد من المؤسسات المحلية والجهوية.. خاصة عندما يتعلق الامر بملفات تستوجب تزكية سياسية.. تنقيح النظام الداخلي وكانت اللجنة المركزية المتخلية المنعقدة امس بدار التجمع في دورتها العادية التاسعة صادقت الاسبوع الماضي على مشروع تعديل الفصل 23 من النظام الداخلي للتجمع.  وبعد هذا التعديل ستصبح اللجنة المركزية للتجمع بعد مؤتمر الاسبوع القادم متكونة من 343 عضوا عوضا عن 250 عضوا حاليا.  وقد جاء هذا التعديل لأن الفقرة الاخيرة من هذا الفصل بصيغته القديمة تنص على أنه » يمكن للجنة المركزية أن تتولى باقتراح من رئيس التجمع عند الاقتضاء واذا تأكدت الحاجة تعديل فصول من النظام الداخلي للتجمع ». وقد فسر الوزير زهير المظفر عضو اللجنة المركزية والخبيرالقانوني والدستوري مشروع التعديل بكونه « تجسيما للعناية التي يوليها الرئيس زين العابدين بن علي لشباب التجمع الدستوري الديمقراطي وتأكيدا للمكانة المتميزة للشباب في هياكل التجمع بادر سيادة الرئيس بتعزيز تمثيل الشباب صلب اللجنة المركزية وذلك بتمثيل كل لجنة تنسيق بالداخل بشابين شاب وشابة وكذلك تمثيل لجان التنسيق بالخارج بشابين شاب وشابة أو بشاب واحد أو شابة اعتمادا على أهمية تواجد الشباب بهياكل التجمع ».  وأورد أنه « اعتبارا لارتفاع عدد المنخرطين في التجمع الدستوري الديمقراطي وتطور عدد الهياكل القاعدية منذ مؤتمر «الطموح» أذن رئيس التجمع بالترفيع في عدد أعضاء اللجنة المركزية بكل لجنة تنسيق بعضو واحد ليبلغ بذلك عدد الاعضاء المقترح اضافتهم الى اللجنة المركزية 93 عضوا 62 منهم يمثلون الشباب و31 عضوا يمثلون لجان التنسيق ».   المستقلون والمعارضون  وقد بينت التجربة السياسية منذ تغيير7 نوفمبر1987 أن كثيرا من أعضاء الحكومة والرؤساء المديرين العامين وكبار المسؤولين في دواوين الوزراء والسفراء والقناصل العامين والقناصل كانوا من بين المستقلين أو نشطاء أحزاب المعارضة وليسوا تجمعيين.. وفي حالات عديدة عين وزراء في الحكومة وسفراء في الخارج من بين المستقلين أو الدستوريين غيرالأعضاء في اللجنة المركزية.. مثل السادة عبد الباقي الهرماسي والمرحوم محمد الشرفي والمرحوم الدالي الجــــازي والدكتـــــور سعد الدين الزمرلي ( الرئيس الول للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان )..فضلا عن عدد من الوزراء والسفراء والقناصل العامين  » التكنوقراط ».. في الديوان السياسي   لكن التجربة السياسية أثبتت أن عضوية اللجنة المركزية شرط رئيسي منذ التغيير لعضوية الديوان السياسي.. وقد حدث ان تحمل بعض الوزراء حقائب سيادية لكنهم لم يعينوا في الديوان السياسي بسبب عدم تعيينهم في اللجنة المركزية خلال المؤتمر..  وحسب النظام الداخلي للحزب فان  » رئيس التجمع يختارمن بين أعضاء اللجنة المركزية الديوان السياسي الذي يساعده في مباشرة مهامه وفي تسيير أجهزة التجمع وتنشيط هياكله وتجسيم اختياراته. وتنفيذ مقررات المؤتمر وتطبيق النظام الداخلي للتجمع. »  ومن خلال قراءة تطور تركيبة الديوان السياسي للتجمع يلاحظ أن عدد أعضائه تطور مرارا منذ مؤتمرالانقاذ في 1988.. وتراوح حسب الفترات بين 7 وحوالي 20 عضوا..  لكن منذ 1989 حافظ على عضوية الديوان السياسي السيدان حامد القروي النائب الاول للرئيس حاليا والوزير الاول سابقا وعبد الله القلال أمين المال الذي تولى حقائب عليا عديدة في الدولة من أبرزها الداخلية والعدل ووزير مستشار لدى رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي قبل أن يكلف برئاسة الغرفة الثانية للبرلمان :مجلس المستشارين. الفصل بين الوزارة الاولى وادارة الحزب  ومن بين ثوابت الديوان السياسي في عهد التغييــــر اسناد صفة نائب رئيس للوزيرالاول ( الهادي البكوش فحامد القروي ثم محمد الغنوشي) مع الفصل بين مسؤوليتي الوزارة الاولى والامانة العامة  للحزب بخلاف ما كان الامر عليه قبل التغيير..وقد تداول على الامانة العامة منذ مؤتمر الانقاذ في 1988 السادة عبد الرحيم الزواري(في دورتين) والشاذلي النفاتي وعبد العزيز بن ضياء وعلي الشاوش ثم الهادي مهني . وقد تقرر في احدى الدورات أن يكون كل الامناء العامين السابقين أعضاء في الديوان السياسي بصرف النظر عن مسؤوليتهم في الدولة.. وهو ما فسر ترفيع عدد الاعضاء.. لكن وقع التخلي عن ذلك لاحقا بعد تخفيض العدد ليشمل اساسا الرئيس ونائبيه والامين العام ورئيسي مجلسي النواب والمستشارين ووزيرالدولة المستشار الخاص لدى رئيس الجمهورية الناطق الرسمي باسم رئيس الجمهورية والوزير مديرالديوان الرئاسي وزيري الداخلية والخارجية (اثنان من وزارات السيادة الاربع) وممثلة المرأة وهي في حاليا السيدة أليفة فاروق.. وقد سبق أن تولت نفس المنصب السيدة نزيهة زروق.. قبل تعيينها سفيرة لتونس في بيروت.. ثم نائبة لرئيس مجلس المستشارين. المواعيد الانتخابية   لكن بصرف النظر عن الجوانب الانتخابية في مؤتمر الاسبوع القادم.. فان الاهم هو ما سيحف بالمؤتمر من رهانات سياسية وطنية وجهوية.. بدءا من رسم ملامح الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والبلدية القادمة..  ويعتقد البعض أن التحالفات الانتخابية ونتائج الاقتراع داخل اروقة المؤتمر (وفي المواعيد الانتخابية التي سبقته) ستكون لها نتائج سياسية مهمة.. بعضها سيؤثر في المواعيد الانتخابية القادمة.. اي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لـ2009 والانتخابات البلدية لعام 2010.. وبحكم فشل عدد من رؤساء الجامعات الدستورية وأعضاء اللجنة المركزية المتخلية ومجلسي النواب والمستشارين في الانتخابات المحلية والجهوية فان مرحلة ما بعد المؤتمر قد تشهد في بعض الولايات تغييرات جزئية.. وتداولا على المواقع.. خاصة أن نسبة التجديد في عضوية المرشحين للجنة المركزية في بعض الجهات تراوحت بين 70 و100 بالمائة. أما من حيث مضمون اللوائح والنقاش العام فينتظر أن تكون التحديات الاجتماعية في الحاجة الملحة لتحسين نسب النمو الاقتصادي في الجهات الداخلية وملفات البطالة والشباب ومشاغله الجدية على راس محاور الاهتمام..   (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 24 جويلية 2008)  


في إقامة بالحمامات وفاة فتاة مختنقة بالغاز ووكيل وموظفان في قفص الاتهام

 

 
انطلقت الأبحاث في قضية الحال على إثر ورود مكالمة هاتفية على ممثل النيابة العومية المكلف بحصة الاستمرارصادرة على رئيس مركز الاستمرار للأمن الوطني بالحمامات مفادها قبول ادارة مستشفى الطاهر المعموري بنابل لمجموعة من الأشخاص تعرضوا الى الاختناق بالغاز    داخل اقامة  بالمكان  وذلك في الليلة الفاصلة بين 8 و9 افريل 2008 واتضح وأن احد المتضررين فتاة قاصر عمرها 19 عاما توفيت وثبت من التحريات الاولية ان المتضررين استغلوا غرفتين ومارسوا الجنس فيما بينهم وان الهالكة لا تحمل اثار عنف مع وجود آثار تقيء على ارضية غرفة الجلوس.   وبسماع والد الهالكة لدى قاضي التحقيق بقرمبالية افاد ان ابنته زاولت دراستها باحدى قرى الشمال الغربي ثم انقطعت عنها ودرست الاعلامية وتحصلت على شهادة في ذلك وخلال شهر اوت 2007 تحصلت على شغل بمصنع بالعاصمة واقامت رفقة فتيات يعملن معها وكان يزورها في غالب الاحيان كما انها تزوره بدورها وقبل الواقعة باسبوعين اعلمته بانها تحصلت على عمل بجهة بنزرت وانها ستقيم هناك رفقة صديقتها ويوم 4 افريل زارت الهالكة اهلها رفقة صديقتها التي تقيم معها وبقيتا بالمنزل الى غاية يوم 7 افريل وقد اتصلت الهالكة بوالدها واعلمته انها تسلمت المفتاح من صاحب المنزل غير انه يوم 9 افريل تم اعلامه بوفاتها على اثر اختناقها بالغاز بمدينة الحمامات وقد ثبت من خلال الابحاث ان الهالكة وصديقتها تعرفتا على شابين نقلاهما الى مدينة الحمامات اين قضوا السهرة ثم تحولوا الى اقامة بالمكان لقضاء بقية الليل واثناء تواجدهم بغرفتين تسرب الغاز مما ادى الى اختناقهم الا ان الهالكة تعكرت حالتها الصحية بسبب استنشاقها لكمية هامة من الغاز ادت الى وفاتها.   وقد تم على ذمة الابحاث ايقاف كهلين وهما موظفين كما تم ايقاف وكيل الاقامة التي جدت بها الواقعة.   إقامة لتعاطي الخناء   ولدى قاضي التحقيق بقرمبالية اقر وكيل الاقامة بحجزه  لغرفتين للمتهمين والفتاتين ومؤكدا ان ذلك كان على حسن نية واضاف انه ليلة الواقعة تقدم منه المتهم الاول وطلب منه ان يحجز له غرفتين بعد ان ادلى له بهويته كموظف واعلمه بانه سيعود في ساعة متأخرة من الليل رفقة صديق له وخطيبته وصديقتها فتسلم وكيل الاقامة منه 30 دينارا كتسبقة وبعد قدوم كامل المجموعة  تولى الوكيل تدوين هوية كافة الاطراف على البطاقات الخاصة بالنزلاء بعد ان استظهروا له ببطاقة هويتهم وتفطن حينها ان الفتاتين لم تتجاوزا سن العشرين فاعتقد وان سن الرشد هو 18 عاما فقط ثم تولى المتهم الاول دفع بقية اجرة الاقامة ومكنهم الوكيل من غرفتين على اساس ان يستقل المتهمان غرفة في حين تستقل الفتاتان غرفة ثانية واضاف الوكيل ان احد المتهمين تقدم منه وطلب منه التثبت في آلة تسخين الماء فتولى الوكيل تشغيل الآلة وعاد الى غرفته وخلال استنطاقه نفى الوكيل المتهم عن نفسه نفيا قطعيا ان يكون اعد الاقامة التي يشرف عليها كمحل للخناء وانما تصرف مع المتهمين عن حسن نية ولم يكن يعلم انهم حجزوا الغرفتين لممارسة الجنس كما اعتقد وان تمكين الفتاتين من الاقامة غير مخالف للقانون رغم عدم بلوغهما سن العشرين.   اما المتهم الثاني وهو موظف فقد نفى مواقعته للهالكة او صديقتها ولا يعلم ان كانتا قد مارستا الجنس مع صديقه المتهم الثالث كما نفى علمه بكونهما قاصرتين.   ولدى قاضي التحقيق اعترف المتهم الثالث بمواقعة الهالكة ونفى علمه بكونها كانت قاصرا باعتباره لا تربطه بها علاقة سابقة وانما تعرف عليها يوم الواقعة وقد نقلها الى مدينة الحمامات رفقة صديقتها بطلب منها دون ان يستعمل معها اي ضغط او عنف او اكراه كما ان مواقعته لها كانت برضاها وبطلب منها.   وقد احيل المتهمون الثلاثة وهم وكيل اقامة وموظفان اول امس على انظار هيئة الدائرة الجناحية الصيفية بالمحكمة الابتدائية بقرمبالية لمقاضاة المتهم الاول من اجل التوسط في الخناء باعداد محل لذلك وضد قاصر والثاني والثالث من اجل نقل شخص من المكان الذي وضعه به اولياؤه بدون حيلة ولا عنف ولا تهديد وتضاف للثاني تهمة مواقعة انثى برضاها سنها فوق الخامسة عشر عاما كاملة ودون العشرين سنة كاملة.   فاطمة الجلاصي   (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 24 جويلية 2008)

مراد رقية:أي دور للجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي بعد صدور المنشور83؟؟؟ مقال مهدى الى النقابيين/نور الدين الورتتاني ،محسن الحجلاوي،رشيد الشملي

 

 مراد رقية: 
لقد اعتقد الجامعيون خطا بأن بمجرّد أن تتخطى الجامعة العامة للتعيم العالي والبحث العلمي عقبة التشكيك في تمثيليتها النقابية لدى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الحريصة على اغتيال حقوق الجامعيين التونسيين المادية والمهنية والمعنوية جملة وتفصيلا،اعتقدوا بأن الجامعة العامة خصوصا بعد نجاح اضراب يومي19 و20 أكتوبر2007 بأنها ستشمّر على ساعد الجدّ،وتحدد خريطة طريق أو خطة عمل دقيقة مرتبطة بحيّز السنة الجامعية ككل عمل نقابي في قطاع التربية والتعليم وصولا لتحقيق مختلف المطالب والانتظارات المادية والمعنوية للجامعيين بعد تحدي سلطة الاشراف لهم بتمرير وفرض القانون التوجيهي للتعليم العالي خصوصا وأن هذه السنة الجامعية اكتسبت أهمية خاصة من خلال تصادف أو اقتران الاحتفال بالخمسينية مع مباشرة المفاوضات الاجتماعية في شقيها الخصوصي والعام؟؟؟ ولكن خيبة الجامعيين التونسيين كانت كبيرة في المكتب الحالي للجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي الذي التزم الجمود وانعدام المبادرة ومقاطعة القواعد النقابية لا سيما في كلية الآداب والعلوم الانسانية بسوسة حيث وعدنا الكاتب العام للجامعة بالقدوم والحوار في أكثر من مناسبة،ولكنه لم يبرّ بوعده خشية احراجه ووضعه أمام مسؤولياته؟؟؟ان الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي التزمت خاصة بعد صدور المنشوربالتزام الصمت الكامل وبتنفيذ بنود هذا « المنشور البوليسي الماسخ »الذي حوّل الاتحاد العام بقيادة »كرزاي التونسي » الى وزارة داخلية موازية ذات اختصاصات ومهام عمّالية؟؟؟ ويعتبر الترفيع في الخصم من الأجر لفائدة الاتحاد العام المتضرر من تقلبات سوق النفط والغذاءالمكسب الوحيد الذي تحقق للجامعيين التونسيين بعد فشل الجامعة العامة في تحقيق الزيادات الخصوصية للقطاع قياسا على الزيادات غير المعلن عنها لفائدةقطاعات أخرى ذات صبغة أمنية،أو رقابية،أو قضائية،وفشلها كذلك مع الاتحاد العام ككل في المطالبة بزيادات في الأجور تتناسب مع النسق الجنوني لارتفاع الأسعارولعل الشرف الوحيد الذي تحظى به الجامعيون حاليا هو أن الكاتب العام للجامعة العامة هوعضو في الوفد النقابي الذي فوض له الاتحاد العام التفاوض بخصوص الزيادات ،أ, قل الترقيعات الماسخة في الأجور والمرتبات؟؟؟ ان العمل النقابي للجامعة العامة للتعليم العالي أصبح عملا هزيلا،ماسخا،موسميا،يقتصر على التلويح بالشعارات والدعوة الى امضاء بعض العرائض الاستعراضية لكسب المشروعية الغائبة مثل تلك الخاصة بمساندة متضرري أحداث الحوض المنجمي على قدم المساواة مع أحزاب المعارضة الممثلة في مجلس النواب وغير الممثلة حفاظا على بعض ماء الوجه ورفعا للعتب لا غير،فهل أصيبت الجامعة العامة بذات »فيروس المعارضة التونسية » من خلال تحولها الى « دكان مرخص له »يرفع الشعارات ويمضي العرائض دون تحقيق أي نوع من المكاسب الكبرى والصغرى في ماعدا الترفيع في الخصم؟؟؟ ولعل حادثة مثول  الجامعيين نور الدين الورتتاني ومحسن الحجلاوي ورشيد الشملي أمام مجالس التأديب جاءت في وقتها المناسب لترفع « ورقة التوت » عن الجامعة العامة للتعليم العالي الملتزمة بالطاعة لكرزاي التونسي بموجب المنشور83،وفي تحد كامل للاتفاقية الدولية عدد135 الضامنة لحرية وحصانة العمل النقابي،فطالما أن الجامعة العامة تقوقعت ودخلت في غيبوبة مفروضة عليها من قبل سلطة الانتداب العمالي،فهل يجب على الجامعيين التونسيين التفكير بصفة جدية في فك الارتباط مع وزارة اتلداخلية العمالية ومع فروعها المدينةلها بالولاء ،وفي تأسيس هيكل نقابي مستقل عن المنشور83 المكرّس لطغيان « الغيبوبة النقابية » وسيطرة البوليس العمالي مدفوع الأجر من الشغالين بالفكر والساعد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟  

بسم الله الرحمن الرحيم

التوحيد في قصة هود عليه السلام (الحلقة الرابعة) 

 

 
  د. محمد الهاشمي الحامدي    هذه هي الحلقة الرابعة من رسالة علمية عن « الإيمان قبل قيام الفرق والمذاهب »، وهي تهدف إلى بيان أركان الإيمان في الإسلام، كما عرضها محمد رسول الله وخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم في حياته على الناس، وقبل تفرق الأجيال التي جاءت بعده من المسلمين إلى فرق ومذاهب. إنها رسالة تسعى إلى بيان العقيدة الإسلامية بلغة واضحة ومبسطة يفهمها المسلمون وغير المسلمين في القرن الهجري الخامس عشر، الحادي والعشرين للميلاد، ومن يأتي من بعدهم، بالإستناد إلى القرآن الكريم وصحيح السنة النبوية الشريفة. هذا وبالله التوفيق، هو المستعان، وعليه التكلان.   * * * كان الناس قبل بعثة نوح عليهم السلام على الإيمان والتوحيد الخالص، ثم انحرفوا. لقد اتجه بعض كبرائهم تدريجيا لتقديس أناس صالحين من بينهم. فلما ماتوا أقاموا لهم أنصابا أو تماثيل ومقامات. ومع تراجع العلم وشيوع الجهل، بدأ الناس في عبادة تلك الأصنام واعتقاد قدرتهم على النفع والضر. وتدل الحوادث والأخبار أن لدى البشر، أو لدى كثير منهم، في الماضي وفي كل العصور، نقطة ضعف هائلة تجاه من يعتقد بهم الصلاح والقرب من الله عز وجل. لدى كثير من البشر ميل تدريجي لرفع هؤلاء الصالحين الموتى فوق مكانتهم البشرية، واتخاذهم واسطة وزلفى إلى الله عز وجل، وأحيانا شركاء وأندادا لله عز وجل. ولعل من بين أسباب هذا الإنحراف قوة النزعة المادية والتعلق بالمحسوس والملموس عند الإنسان، مع الرغبة الملحة في قضاء الحاجات، لذلك يلجأ كثير من العباد إلى أقرب محسوس.   التاريخ دليلنا على هذه الحقيقة. ودليلنا قبل التاريخ القول الصادق الذي نطق به القرآن الكريم واضحا لا لبس فيه.   بعد أن طويت صفحة نوح وقومه، ونجا المؤمنون من الطوفان، وأحيوا سنن التوحيد الصحيحة، تعاقبت القرون بعد ذلك، وأطل الشرك برأسه من جديد، أعظم ظلم يظلم الإنسان به نفسه، إذ يكفر بالذي خلقه وسواه وعدله، ويجعل له شركاء وأندادا. وسبق أن علمنا في قصة نوح عليه السلام أن ذلك وارد في علم الله عز وجل، كما تدل على ذلك الآية الكريمة: « قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ » (هود: 48)   إن الأمم المستحقة للعذاب في الآية أمم ولدت عاشت بعد قرون من وفاة نوح عليه السلام ومعاصريه. وهم كانوا من ذرية هذه الأمة المؤمنة، لكنهم انحرفوا ولم يستطيعوا الثبات على عقيدة التوحيد الخالص.   قال القرآن الكريم يروي قصة هذا الجيل في سورة هود عليه السلام:   وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِن أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ (50)  يَا قَوْمِ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (51) وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52)  قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (53) إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56) فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (58) وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (59) وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ عَاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُود (60)     صدق الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. مرة أخرى يعلمنا القرآن الكريم أن جوهر ما أرسل به النبي هود عليه السلام هو الدعوة للتوحيد الخالص: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ). وقد مر بنا هذا المعنى العظيم من قبل في سورة هود. في أولها علمنا خلاصة الرسالة التي بعث بها محمد صلى الله عليه وسلم: (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ  (1) أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (2) »). وبعد ذلك علمنا حقيقة ما أرسل به نوح عليه السلام: (أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللَّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ).   ليس في الأمر غموض من أي نوع. لا يذكر القرآن الكريم عند عرضه لقصة هود أي أمر آخر دعا إليه غير التوحيد. رسالته هي رد الناس بالمنطق والحجة والدليل إلى التوحيد الخالص، ثم بيان ما ينتظرهم من الأجر والخير والفلاح عند القبول بالتوحيد الخالص والتوبة إلى الله تعالى من كل انحراف عقدي: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ). أجل، الإستغفار من الشرك، والإقلاع عنه، وكثرة الإستغفار من الذنوب بشكل عام وصفة ناجحة بيقين تقود للسعادة والقوة والإزدهار، سواء تعلق الأمر بالفرد أو بالجماعة.   التوحيد الخالص، والإستغفار من الشرك، والإقلاع عنه، وكثرة الإستغفار من الذنوب بشكل عام، وصفة لسعادة الإنسان في قلبه، وتوازنه النفسي مع محيطه الصغير والكبير، ووصفة لقوة المجموعة البشرية، قبيلة، وشعبا، وأمة، باستحقاقها لهذا الوعد الصادق من عند الله عز وجل للموحدين التائبين المستغفرين.   وفي قصة هود عليه السلام فائدة أخرى: عندما تدهورت العلاقة تماما بين النبي الكريم وقومه، وكثرت مضايقاتهم واتهاماتهم الباطلة له، إلى من لجأ؟ هل طلب النصرة من نبي سابق له، أو من ولي صالح ممن كانوا مع نوح عليه السلام؟ كلا، لقد صدر منه إعلان صريح يظهر فيه توكله على الله وحده، وليس على نفسه، مع مكانته الرفيعة العالية، أو على أي أمر آخر. قال: « إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ».   التوحيد هو أعظم ما يريده الله تعالى من كل إنسان، في كل زمان ومكان. وهذه القصص التي يطلعنا عليها القرآن الكريم قصص واقعية صادقة يطلب منا الإعتبار والإتعاظ بها. فلينتبه إذن كل مؤمن على وجه الأرض: أعظم شأن في القرآن الكريم يجب أن يكون أعظم شأن في اهتمامات المؤمن، وليحذر أن يجري عليه ما جرى على كثير من الذين من قبلنا: تركوا التوحيد الخالص لله عز وجل، وجادلوا أنبياءهم فأكثروا جدالهم، واتهموهم بالسعي لتحقيق أهداف سياسية أو مادية، واستخفوا بهم، وهددوهم، فما كان عاقبة أمرهم إلا الخسران المبين، كما رأينا في قصة نوح عليه السلام مع قومه، وكما رأينا في قصة هود عليه السلام مع قومه أهل عاد.   ختم عصر الأنبياء بوفاة خاتم النبيين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وبقي القرآن الكريم حجة بالغة على الناس في كل زمان ومكان. وها هي آياته تتلى علينا ناصعة واضحة بينة، تحرر عقولنا من الأوهام والخرافة والطغيان، وتملأ نفوسنا طمأنينة وسكينة وعزة، وتهدينا إلى أسرار السعادة والفلاح والإزدهار أفرادا وجماعات. تلك بعض ثمار التوحيد الخالص الذي تعاقب كل الأنبياء لبيانه ودعوة الناس إليه.  

لكلّ بوقه ولكلّ فرقته (ردّ على البوجادي)

 

 
كتبه عبدالحميد العدّاسي:   علّق البوجادي على مقالتي « إلى صديقي البوجادي » بمقالة عنونها « لكلّ بوقه ولكلّ فرقته »، صدرت في القسم الفرنسي بتونس نيوز بتاريخ 22 جويلية 2008، ردّا منه على وصفي إيّاه بالبوق لمّا رأيته يردّد ما يقوله أعداء الضعفاء دون مراجعة أو تثبّت. والواقع أنّ هذا العنوان الذي اختاره البوجادي مطابق تماما للحقيقة التي فطر الله النّاس عليها، فمن النّاس مهتد ومنهم ضال ومن النّاس سوي ومنهم منحرف ومن النّاس سابق بالخيرات ومنهم ظالم لنفسه. وقد أُحْصُوا بطبيعتهم وحسب حالاتهم السابقة فانتموا بذلك إمّا إلى حزب الله الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه وإمّا إلى حزب الشيطان الذين كرهوا الله فكانوا من الخاسرين. وقد رجوت أن يكون كلّ التونسيين المسلمين، قناعة ووراثة وثقافة، من الصنف الأوّل ما جعلني أعيب على صديقي البوجادي عدم توفّقه في اختيار الفرقة التي انحاز إليها.   وقد رأيت في هذه العجالة مناقشة بعض ما جاء في مقالته كي لا يساعده سكوتي على ترسيخ مغالطات غلّطته ثمّ غلبته على تسويقها دون روية. وسأبدأ بما ختم به البوجادي لمّا خلص إلى أنّ الفرق بيني وبينه هو الفرق بين الديمقراطي (يعني نفسه) والثيوقراطي (يعنيني) لأكّد أنّ الفرق بيني وبينك يا بوجادي هو أنّني انحزت إلى الضعفاء (أو هكذا حدّثت نفسي) أدفع عنهم ظلم « الديمقراطيين » المجرمين، في حين انحزت أنت – دون حرص على معرفة مدلول المصطلح – إلى القويّ، تبيّض صنائعه السود، وإلاّ كيف يصل بك الأمر إلى عشق « ديمقراطيّة » دموية مجرمة، يراها الجميع باستثناء « الديمقراطيين » قد تنكّرت لمبادئها الأساسية، فلا هي منعت الدكتاتورية ولا هي مكّنت الشعب من الحكم!… أم أنّ الديمقراطيّة عندك مجرّد التحرّر من تعاليم الدين كي يسيح المرء في دنيا المثليين وغيرهم من الشواذ؟!… ألا تراني أكثر جرأة منك في الدّفاع عن ديمقراطيّة كان هدفها الأوّل الرّقي بكلّ أصناف الشعب ما جعلها تُفهم حسب المصطلح بأنّها « حكم الشعب »؟!.. عفوا صديقي أنت لست ديمقراطيّا، ولو كنته لدافعت عن أهل بلدك المظلومين ولندّدت بما يقترفه ديكتاتور تونس دون أن تستوقفك شهادة « ثيوقراطيّ » في رجل وقف إلى جانبه اليوم مجلس الأمن برمّته ليحكم ببراءته ليس مناصرة له أو لجنسه وبلده ولكن مراعاة لمصلحة حرصت « الديمقراطيّة » الحاكمة في العالم على استرسالها!…   تقول: وإذا كان الحال كذلك فلماذا اخترت التواجد بين ظهراني هؤلاء القوم الذين أذمّ « ديمقراطيتهم »، والذين تجرّؤوا حتّى على النيل من الرّسول صلّى الله عليه وسلّم بما أجرموا من كاريكاتور!؟… وهو تساؤل منطقي ومعقول غير أنّه قد لا يكون ضروريا إذا كان صاحبه ديمقراطيا حقّا… فالديمقراطي الحقيقي يا بوجادي يعلم أنّ الكثير من أهل تونس قد تعرّضوا للسجن والمضايقة والمطاردة والتعذيب المفضي إلى الإعاقة أو الموت، ويعلم أنّهم ممنوعون من العمل والحركة والقول في السياسة أو الدين والسفر ولو داخل البلاد ما جعل البعض منهم يغادر البلاد فارّا مضطرا… كما أنّ الاتفاقات المتخلّفة الموقّّعة بين العرب العار الحادّة من إنسانية البشر جعلت الفارّين لا يجدون الأمن إلاّ في بلاد الغرب، التي، وإن أساء حكّامها استعمال الديمقراطيّة في السيطرة على ثروات بلداننا، فقد حافظوا على بعض مبادئ الديمقراطية الخادمة لمصالح شعوبهم!… واللجوء السياسي في هذه البلاد لا يزال – من فضل الله – محروسا بحرص الشعوب على مبادئ الديمقراطية الأولى التي قد تجد نبعها في كفّار قريش ممّن كانوا يجيرون النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكر وغيرهما رغم علمهم بخروجهم عن ملّة عشيرتهم، وإلاّ فالأحزاب الغربية المتطرّفة « الديمقراطيّة » تطالب في كلّ لحظة بتشديد الخناق على المهاجرين وخاصّة الإسلاميين منهم… نحن صديقي لا نجد مشكلة في التعايش مع سكّان العالم ولكنّنا نُقابَل بالمضايقة الشديدة من « الديمقراطيين » الدمويين فافهم واعقل أصلحك الله!…   هذا، وأراك قد أسأت الفهم في مناقشة زيارات الصهاينة إلى جربة التونسية (ليست يهودية ولا صهيونية)، فإنّي لم أرد الإشارة إلى تنمية الإقتصاد التونسية كما ألجأك فهمك إلى تحكيم الأرقام والنسب المائوية، ولكنّي بذلك طرحت السؤال: ما الذي يُلجئ حكّام تونس إلى استقبال صهاينة لطّخت أيديهم بدماء أهلنا في فلسطين؟!… وأمّا القول بأنّ هؤلاء تونسيون ولهم الحقّ في زيارة « دورِهم »، فهو قول مردود لأنّ التونسي لا يقتل النّاس ولا ينتهك حرماتهم ولا يحتلّ أرضهم، والتونسيون المسلمون أو الديمقراطيون الأحرار يبرؤون من تصرّفات اليهود الذين قتلوا المسلمين في فلسطين أو في غيرها، ولا يقبلون بهم « أهلا » ولا زوارا ولا حتّ منمّين للإقتصاد!..   أجدّد لك صديقي في الختام الرغبة في أن أراك تقف وقفة رجل مودّع (فسنّي وسنّك أحسب لم تعد تسمح بالاتّباع التقليدي) لتقول مرّة قبل الموت (أسأل لك ولنفسي حسن الخاتمة) كلمة حقّ تمسح بها آثار كلماتك التي لم تقصّر أبدا في تمجيد الظالم وتجريم المظلوم كما تفعله دائما في تناولك للإسلاميين!… بقي أن لا أجاريك فيما دأبت عليه من الحديث عن « حماس » بشكل يثير الشفقة على فهمك للأحداث، أو عن طالبان التي – وإن أساءت بعض التطبيقات – شهد لها الغرب نفسه بنبوغها في أمور عجزوا هم عنها مجتمعين ومتحزّبين، أو عن إيران التي لم يتردّد نظام تونس المحارب « للخمينيين » في التعامل معها لخدمة المفهوم « الديمقراطي » عنده، كي ينتقم (يحسب) من خصم سياسي وقد يدخل البلاد برمّتها في متاهات لا يعلم مدى ضررها إلاّ الله سبحانه وتعالى!…   ملاحظة: من حقّك التعقيب، غير أنّي لن أعود لهذا الموضوع ولكن قد يكون في غيره…     

بسم الله الرحمان الرحيم حتى لا يشوش على الواجب الشرعي – الحلقة الحادية عشرة أدعو إلى محاكمة للأحداث وفق المنهج القرآني (3) طبيعة محكمة الإسلام وحقيقتها وروحها

 

 
  كانت الحلقات (7 و8 و9 و10) السابقة في هذه السلسلة في موضوع التوبة والاعتذار، حيث أعلنتُ في الأولى منها توبتي إلى الله واعتذاري إلى المتضررين ، ودعوت في الثانية حركة النهضة إلى التوبة والتصحيح ، ودعوت في الثالثة منها التونسيين إلى التوبة والرجوع إلى ربهم قبل أن يفاجئهم الموت فيرحلوا كما رحل من كانوا معنا ، وجعلت الرابعة رسالتي إلى كل محبي الحرية من أجل حرية آمنة وعميقة وشاملة.   يبدو أن حلقات التوبة هذه وخاصة منها الحلقة السابعة قد استفزت أخانا العزيز المنجي الفطناسي ، فكان منه موقف شد انتباهي كتبه كتعليق في موقع الحوارنت ، على رسالة الأخ العزيز مصطفى الونيسي التي نشرها عبر الإنترنيت يوم 16 جوان 2008 فجازاهما الله خيرا .   وليس همي في هذه الحلقات الدفاع عن نفسي ولكن بيان الحق والانتصار لحقائق ومفاهيم وقيم الإسلام . ومن أجل ذلك فأنا مع أصل ما دعا إليه الأخ الفطناسي بالدعوة إلى محاكمة قر آنية للأحداث وفق المنهج القرآني ، كما اجتهدت في بيانه في حلقات « المنهج القرآني في النقد والتقويم وفي التوبة والتصحيح ». إن أي منهج آخر سيكون قاصرا عن تحقيق العدل واحقاق الحق ، وعن تحقيق المردود المرجو.   وتفاعلا مع موقف الأخ الفطناسي كانت هذه الحلقة الحادية عشرة في هذه السلسلة، وستكون في عدة أجزاء وليس في جزأين كما كان تقديري السابق، قدمنا الأول منها وقد كان وقفات مباشرة مع موقف الأخ الفطناسي ، ثم قدمنا الثاني الذي تناول مقدمات في الواقع وفي المنهجية نقدر أنها ستكون مساعدة وميسرة لتحقيق المحاكمة التي نصبو إليها. ونحن الآن بصدد تقديم الجزء الثالث منها ويتعلق بطبيعة محكمة الإسلام وحقيقتها ومناخها وروحها وهي طبيعة وحقيقة وروح بقدر إدراكها بقدر ما يحصل لنا فقه محكمة الإسلام وفقه تناولها للقضايا والأحداث . وسنتناول هذا الجزء في العناصر التالية:   1 – من فقه محكمة الإسلام 2 – حادثة الإفك كانت مناسبة لمحاكمة قرآنية على الملأ 3 –  محاكمة الإسلام للثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك   من فقه محكمة الإسلام   1 – حساب الدنيا هو بين العدل والإحسان مع التزام الحقيقة    حساب الآخرة – وهو حساب رباني – حساب لا يترك لا شاردة ولا واردة إلا ويحصيها؛ ويكون الوزن يومئذ الحق؛ والجزاء على الذرة فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. ويكون العدل المطلق مع أهل النار ويؤول الأمر إلى الإحسان المطلق مع أهل الجنة.   وأما في خصوص حساب الدنيا وفيما بين البشر بعضهم ببعض، فمن نَحَا نحو حساب الآخرة فقد سما إلى الإحسان ، ومن تمسك بالحقوق وجبر الأضرار والقصاص فذلك من حقه. وهذا عدل لا يصح لأحد أن ينكره عليه، ويمكن ترغيبه في الأوْلى وهو الإحسان ، والذي يُنكر ولا يجوز قبوله بحال هو تجاوز العدل إلى الظلم .   وكل ما سبق يتعلق بالإنصاف والإحسان، ويسعنا فيه كل المواقف المتراوحة بين أسمى درجة وهي درجة الإحسان والعفو والتسامح، وأدنى درجة وهي العدل. وأما ما يتعلق بالحقيقة ففي كل الأحوال لا ينبغي أن تُمَسّ، ولا يُمس جلاؤها ووضوحها؛ فالحق حق، والباطل باطل، والظلم ظلم، والعدل عدل، والمعروف معروف، والمنكر منكر،… فلا للتمييع، ولا لخلط الموازين ولا قلبها. (انظر الجزء2 من هذه الحلقة)   2 – محكمة الإسلام في الآخرة   محكمة الإسلام تعقد في الآخرة للخلائق جميعا في مشهد مهيب ، القاضي فيها بينهم هو المولى سبحانه .   قال تعالى : {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47) وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِدًا (48) وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)} (سورة الكهف)   وقال تعالى : {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ (7) وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ (9)} (سورة الأعراف)   وقال تعالى : {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26) يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)} (سورة الفجر)   وقال تعالى : {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ (18) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ (29)} (سورة الحاقة)   وقال تعالى : {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75)} (سورة الزمر)   محكمة الإسلام  في الدنيا   وأما في الدنيا فيعقدها المسلمون لأنفسهم ليتأهلوا لمحاكمة الآخرة وليسلموا منها ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا ، فإنه أخف عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم وتزينوا للعرض الأكبر ، {يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية }) (ابن كثير) .   محكمة الإسلام هي محكمة شورية ، محورها وهمها الحق، يتوحد فيها الجميع من أجل الحق وإعلائه، ومن أجل البحث وتتبع كل ما يُخلّ به ، خاصة في دواخل النفوس والقلوب والعقول وخلجاتها. مثل تلك الإخلالات هي عدو الجميع تكاد تُنسى معها الشخوص والأفراد حتى وإن كانوا من أهل الكفر والفسق والفجور، وكأن الجميع في هذه المحكمة هم المتهمون وهم القضاة، وأيضا هم مُدّعو الحق العام وهم المحامون والمدافعون. جلسات هاته المحكمة هي جلسات صدق وإخلاص لا كذب فيها ولا نفاق، وجلسات تأمل وانفتاح القلوب والعقول والنفوس وكأنها ليست مع الناس ولكن مع الله . وإذا كانت جلسات محكمة الآخرة هي جلسات جزاء لا تدارك فيها ، فإن جلسات الدنيا التي يعقدها المؤمنون هي جلساتُ تدارك واعتبار وتوبة وتصحيح وتعقيب ، على كل ما حصل ومهما كان حجم ما حصل.   ومثل هذه المحكمة فصلت في العديد من الأحداث والقضايا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، بل لكون القرآن هو الذي فصل فيها فقد جعل الله لنا فيها أمثالا ونماذج نقتدي بها وننهج نهجها فيما نعقده لأنفسنا من محاكمات. وقد ذكرتُ العديد منها في حلقات « المنهج القرآني في النقد والتقويم وفي التوبة والتصحيح »: محاكمة غزوة بدر/ محاكمة غزوة أحد/ محاكمة غزوة الأحزاب…، إلا أن حادثة الإفك ثم حادثة المخلفين الثلاثة في غزوة تبوك هما أشبه بالمحاكمات التي تعودنا عليها . ومن هنا فسوف نخصهما بالتفصيل ، مقدرين أنه سيكون أيسر لنا في فهم طبيعة محكمة الإسلام وحقيقتها وروحها من خلالهما .   التهمة بين الإفك والافتراء وبين الخطإ والضعف   حالنا من زاوية التهم الموجهة إلينا هو جامع بين الوجهين: وجه الإفك والافتراء علينا ووجه الخطإ والضعف فينا. الأول هو وجه الإفك والافتراء والبهتان علينا ، وهو الوجه الذي طغى وغلب على حالنا . إن أصل كل ما اُتهمنا به لا علاقة له بأصل أفكارنا وقناعاتنا وطبيعتنا ، وما يمكن أن نؤاخذ عليه جاء في سياق الدفاع عن النفس . وفي هذا كان منا الخطأ والضعف والقصور، وهو الوجه الثاني. كان ذلك جهدنا واجتهادنا في أداء واجباتنا ، في الوقت الذي قعد عنها الآخرون. وكنا في كل ذلك صادقين…   ومَثلنا في الوجه الأول مثل يوسف عليه السلام في تهمته مع زوجة العزيز ، ومَثل عائشة رضي الله عنها في تهمتها بالإفك. ومثلنا في الوجه الثاني مثل موسى عليه السلام في قتله القبطي، ومثل الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك.   ولقد كانت حادثة الإفك محاكمة علنية ربانية على الملإ لعائشة وللرسول صلى الله عليه وسلم وللصحابة رضي الله عنهم ، ومن هنا فهي مثلنا في كشف الإفك والافتراء.   و كانت حادثة الثلاثة الذين تخلفوا في غزوة تبوك محاكمة علنية ربانية على الملإ لهؤلاء الثلاثة ، ومن هنا فهي مثلنا في التوبة والتصحيح والترقي من أخطائنا وضعفنا.   وهكذا نرى أن أهمية حادثة الإفك وحادثة المخلفين لم تبق أهميتهما في استجلاء طبيعة وحقيقة محكمة الإسلام، ولكن أيضا في دلالتهما على كيفية التعامل مع التهمة الموجهة لنا من طرف الآخرين بوجهيها.   حادثة الإفك كانت مناسبة لمحاكمة قرآنية على الملأ :   سوف نورد هذه الحادثة بإجمال كما وردت تقريبا في الجزء السابق من هذه الحلقة ، وهي مفصلة في الحلقة الرابعة من سلسلة  » المنهج القرآني في النقد والتقويم وفي التوبة والتصحيح ».   أولا :  ما نزل من قرآن في غزوة أحد كان محاكمة ربانية على الملأ لأحداث الغزوة وللصحابة. وما نزل من القرآن في حادثة الإفك كان هو أيضا محاكمة على الملإ لعائشة رضي الله عنها ولأصحاب الإفك وللصحابة رضوان الله عليهم :   1 – انطلقت التهمة من عصبة المنافقين حتى راجت وشاعت في مجتمع المدينة.   2 – فحاول الرسول صلى الله عليه وسلم حل المشكل باستشارة قرابته (أسامة وعلي) ليخرج بعدها للمسلمين يطلب إعذاره في من ينالون من عرضه ، إلا أن المحاولة كادت أن تشعل فتنة بين الأنصار.   3 – ثم وقف الرسول صلى الله عليه وسلم موقف القاضي مع المتهمة عائشة رضي الله عنها فلم يفض إلى شيء غير التوقف والتفويض إلى الله رب العالمين ، كما بان على أكمل وأنصع صورته  عند عائشة رضي الله عنها.   4 – وعقب تحقق هذا التوكل والتفويض نزل حكم الله وقضائه في الأمر.   ثانيا : كانت أحداث أحد سريعة ، وحصل المقصود منها سريعا ، كما عبر عليه الصحابة – في آخر مشهد لأحداث أحد – في قوله تعالى: « الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ». وكانت المحاكمة بما نزل من الوحي تاج هذه الأحداث.   وأما أحداث الإفك فقد كانت ممتدة ، حيث بدأت التهمة من المنافقين ، وبقيت تنتشر وتتعقد ويُبتلى بها مجتمع المدينة حتى تحقق الغرض منها. ولم تكن المحاكمة إلا بعد انقطاع الرجاء في الأسباب غير سبب الله سبحانه وتعالى ، وبعد حصول التفويض الكامل له ، كما يعبر عليه المشهد الأخير من هذه الحادثة قبل نزول حكم القرآن . قالت عائشة : »وأنا والله أعلم حينئذ أني بريئة , وأن الله تعالى مبرئي ببراءتي . ولكني والله ما كنت أظن أن ينزل الله تعالى في شأني وحيا يتلى . ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى . ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرؤني الله تعالى بها » . . .   ثالثا : ومن الفوائد الجليلة من هذا كله:   1 – إن الأحداث العامة والمحاكمات المفتوحة قد تكون خطيرة ، وقد تشعل فتنة ، وقد تؤول إلى وضع غير متحكم فيه. وهذه مخاطر كبيرة إلا أنه ما ينبغي أن تدفعنا إلى إهدار المهمة الأصل (إعلاء الحق ونشره و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبمنطق العلمانية حرية التعبير) ، بل إلى ضرورة الالتزام بأخلاقيات التعامل السليمة .   2 – إن الابتلاء يطول حتى تتحقق الحكمة منه – والله أعلم بها – ، وقد لا يكون الانفراج إلا بعد انقطاع الرجاء في الأسباب إلا في الله سبحانه  » حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا…”، وإلا بعد تحقق حسن التوكل عليه والتفويض له. وقد يتحقق هذا التوكل وهذا التفويض في مجمل الجماعة بشكل واضح كما في أحداث أحد، وقد يتحقق في ثلة م مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لنها كما في حادثة الإفك لتحصل رحمة المجموع برحمة تلك الثلة.   رابعا : إن مثل هاته المحاكمات كانت محاكمات ربانية، أي أنه قضى وفصل فيها الوحي. وقد كانت كذلك لنتعلم منها كيف تكون قراءاتنا للأحداث ومحاكماتنا لها فننهج نهجها، ونقتفي أثرها، ونحذر محاذيرها وانزلاقاتها ؛ فأين نحن من ذلك في قراءاتنا للأحداث وتقويماتنا للأعمال والابتلاءات؟ فالله نسأل أن يهدينا سواء السبيل .                                                                                                    محاكمة الإسلام للثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك   قال تعالى :{لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ (119)} ( سورة التوبة)   لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت    ندع أحد الثلاثة يتحدث عما كان وهو كعب بن مالك رضي اللّه عنه كما ورد في صحيحي البخاري ومسلم :    قال كعب: لم أتخلف عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط إلا في غزوة تبوك , غير أني تخلفت في غزوة بدر ولم يعاتب أحد تخلف عنها , إنما خرج رسول اللّه صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عير قريش حتى جمع اللّه بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد .   ولقد شهدت مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام , وما أحب أن لي بها مشهد بدر , وإن كانت بدر أذكر في الناس منها وأشهر .    وكان من خبري حين تخلفت عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك , أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة , واللّه ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتهما في تلك الغزوة ; وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة , فغزاها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في حر شديد , واستقبل سفراً بعيداً ومفاوز , واستقبل عدواً كثيراً , فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة عدوهم , فأخبرهم بوجههم الذي يريد , والمسلمون يومئذ مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كثير .فقلّ رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفى عليه ما لم ينزل فيه وحي من اللّه عز وجل .   وغزا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال , وأنا إليها أصغو , فتجهز إليها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه , وطفقت أغدو لكي أتجهز معهم فأرجع ولا أقضي شيئاً , فأقول لنفسي: قادر على ذلك إن أردت . فلم يزل ذلك يتهادى بي حتى استمر بالناس الجد , فأصبح رسول اللّه صلى الله عليه وسلم غادياً والمسلمون معه ولم أقض في جهازي شيئاً , فلم يزل يتهادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو , فهممت أن أرتحل فأدركهم , وليت أني فعلت ; ثم لم يقدّر لي ذلك , فطفقت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يحزنني أني لا أرى لي أسوة إلا رجلاً مغموصاً عليه في النفاق , أو رجلاً ممن عذر اللّه . ولم يذكرني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك , فقال وهو جالس في القوم بتبوك: » ما فعل كعب بن مالك  » ? فقال رجل من بني سلمة: يا رسول اللّه حبسه برداه والنظر في عطفيه . فقال له معاذ بن جبل: بئسما قلت , واللّه يا رسول اللّه ما علمنا عنه إلا خيراً .   فسكت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم .    أما هذا فقد صدق   قال كعب بن مالك:فلما بلغني أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم توجه قافلاً من تبوك حضرني بثي , فطفقت أتذكر الكذب , وأقول بماذا أخرج من سخطه غداً ? وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلي . فلما قيل:إن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قد أظل قادماً زاح عني الباطل حتى عرفت أني لم أنج منه بشيء أبداً , فأجمعت صدقه , وأصبح رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قادماً .    وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع ركعتين ثم جلس للناس . فلما فعل ذلك جاءه المخلفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له . وكانوا بضعاً وثمانين رجلاً ; فقبل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم منهم علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم , ووكل سرائرهم إلى اللّه ; حتى جئت ; فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب ثم قال لي: » تعال  » فجئت أمشي حتى جلست بين يديه , فقال لي: » ما خلفك ? ألم تكن قد اشتريت ظهرك ?  » فقلت يا رسول اللّه , واللّه لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر . لقد أعطيت جدلاً , ولكني واللّه لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى عني به ليوشكن اللّه أن يسخطك علي , ولئن حدثتك بحديث صدق تجد علي فيه , وإني لأرجو فيه عقبى من اللّه . واللّه ما كان لي عذر , واللّه ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك ! فقالصلى الله عليه وسلم : » أما هذا فقد صدق , فقم حتى يقضي اللّه فيك  » فقمت .    وبادرني رجال من بني سلمة وأتبعوني فقالوا لي: واللّه ما علمناك كنت أذنبت ذنباً قبل هذا , لقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به المتخلفون , فلقد كان كافيك من ذنبك استغفار رسول اللّه صلى الله عليه وسلم. قال: فواللّه ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فأكذب نفسي , ثم قلت لهم: هل لقي هذا معي أحد ? قالوا: نعم , لقيه معك رجلان قالا ما قلت , وقيل لهما مثل ما قيل لك . فقلت:من هما ? قالوا مرارة بن الربيع وهلال بن أمية الواقفي , فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدراً , لي فيهما أسوة , فمضيت حين ذكروهما لي .   المقاطعة   قال: ونهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم الناس عن كلامنا نحن الثلاثة , فاجتنبنا الناس – أو قال تغيروا لنا – حتى تنكرت لي في نفسي الأرض , فما هي بالأرض التي كنت أعرف , فلبثنا على ذلك خمسين ليلة , فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما . وأما أنا فكنت أشد القوم وأجلدهم , فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف بالأسواق فلا يكلمني أحد , وآتي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة وأقول في نفسي: هل حرك شفتيه برد السلام أم لا ? ثم أصلي قريباً منه وأسارقه النظر , فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي , فإذا التفت نحوه أعرض عني , حتى إذا طال ذلك من هجر المسلمين مشيت حتى تسورت حائط أبي قتادة – وهو ابن عمي وأحب الناس إلي – فسلمت عليه . فواللّه ما رد علي السلام . فقلت له:يا أبا قتادة أنشدك اللّه تعالى . هل تعلم أني أحب اللّه ورسوله ? قال فسكت , قال فعدت فنشدته فسكت ; فعدت فنشدته . قال: اللّه ورسوله أعلم . ففاضت عيناي وتوليت حتى تسورت الجدار .   وهذه أيضاً من البلاء   وبينا أنا أمشي بسوق المدينة إذا نبطي من أنباط الشام ممن قدم بطعام يبيعه بالمدينة يقول: من يدل على كعب ابن مالك ? فطفق الناس يشيرون له إلي , حتى جاء فدفع إلي كتاباً من ملك غسان , وكنت كاتباً , فقرأته فإذا فيه:   أما بعد فقد بلغنا أن صاحبك قد جفاك , ولم يجعلك اللّه بدار هوان ولا مضيعة , فالحق بنا نواسك . فقلت حين قرأتها: وهذه أيضاً من البلاء . فتيممت بها التنور فسجرتها . .   مضاعفة المقاطعة بالمقاطعة الزوجية    حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين إذ برسول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يأتيني فقال: إن رسول اللّه  صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك , فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل ? قال: بل اعتزلها ولا تقربنها . وأرسل إلى صاحبي مثل ذلك . فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي اللّه في هذا الأمر . فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقالت:يا رسول اللّه , إن هلالاً شيخ ضائغ , وليس له خادم , فهل تكره أن أخدمه ? قال  » لا , ولكن لا يقربنك  » فقالت:إنه واللّه ما به من حركة إلى شيء , وواللّه ما زال يبكي من لدن أن كان من أمرك ما كان إلى يومه هذا . فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في امرأتك ! فقد أذن لامرأة هلال أن تخدمه . فقلت: واللّه لا أستأذن فيها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وما أدري ما يقول إذا استأذنته فيها وأنا رجل شاب .   حتى إذا ضاقت عليّ نفسي وضاقت عليّ الأرض بما رحبت سمعت البشارة   قال: فلبثنا عشر ليال فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهي عن كلامنا . قال:ثم صليت الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا , فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر اللّه منا قد ضاقت عليّ نفسي وضاقت عليّ الأرض بما رحبت , سمعت صارخاً أوفى على جبل سَلع يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر . فخررت ساجداً ; وعرفت أن قد جاء الفرج ; فآذن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بتوبة اللّه علينا حين صلى الفجر . فذهب الناس يبشروننا , وذهب قبل صاحبي مبشرون , وركّض إليَّ رجل فرساً وسعى ساع من أسلم قِبلي , وأوفى على الجبل , فكان الصوت أسرع من الفرس , فلما جاء الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته , واللّه ما أملك غيرهما يومئذ ; فاستعرت ثوبين فلبستهما فانطلقت أؤم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يتلقاني الناس فوجاً بعد فوج يهنؤونني بالتوبة ويقولون:   ليهنك توبة اللّه عليك . حتى دخلت المسجد , فإذا رسول اللّه ضاقت عليّ نفسي وضاقت عليّ الأرض بما رحبت , سمعت جالس في المسجد وحوله الناس , فقام إليّّ طلحة ابن عبيد يهرول حتى صافحني وهنأني , واللّه ما قام إليّّ رجل من المهاجرين غيره , قال: فكان كعب رضي اللّه عنه لا ينساها لطلحة .   أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك    قال كعب رضي اللّه عنه:فلما سلمت على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال وهو يبرق وجهه من السرور: » أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك  » قلت: أمن عندك يا رسول اللّه أم من عند اللّه ? قال: » لا بل من عند اللّه  » وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر , وكنا نعرف ذلك منه .   يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ    فلما جلست بين يديه قلت:يا رسول اللّه , إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى اللّه وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم , قال: » أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك  » فقلت:إني أمسك سهمي الذي بخيبر . وقلت يا رسول اللّه إنما أنجاني اللّه بالصدق , وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقاً ما بقيت . فواللّه ما أعلم أحداً من المسلمين أبلاه اللّه من الصدق في الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم أحسن مما أبلاني اللّه تعالى , واللّه ما تعمدت كلمة منذ قلت ذلك لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا كذباً , وإني لأرجو أن يحفظني اللّه فيما بقي . وأنزل اللّه: لقد تاب اللّه على النبي والمهاجرين والأنصار – إلى قوله – وكونوا مع الصادقين .   قال كعب:فواللّه ما أنعم اللّه علي من نعمة قط بعد أن هداني اللّه للإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يومئذ ألا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوه . فإن اللّه قال للذين كذبوه حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد , فقال (سيحلفون باللّه لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس – إلى قوله – الفاسقين).   خاتمة وخلاصة   تلك هي قصة الثلاثة الذين خلفوا ثم تاب اللّه عليهم وخلاصتها صفحتان :   الأولى صفحة الشدة والضيق (حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت) ، فالأرض  إن هي إلا بأهلها ، وإن هي إلا بالقيم السائدة فيها ، وإن هي إلا بالوشائج والعلاقات بين أصحابها ؛ وحتى (وضاقت عليهم أنفسهم) . إن استحضار مثل هذه الحقيقة في هذا الجو المكروب يخلع على المشهد ظلاً من الكربة واليأس والضيق , لا مخرج منه إلا بالالتجاء إلى اللّه مفرج الكروب (وظنوا أن لا ملجأ من اللّه إلا إليه) ، فكان الفرج منه سبحانه (ثم تاب عليهم ليتوبوا إن اللّه هو التواب الرحيم). تاب عليهم من هذا الذنب الخاص , ليتوبوا توبة عامة عن كل ما مضى , ولينيبوا إلى اللّه إنابة كاملة في كل ما سيأتي . ومصداق هذا في قول كعب:قلت:يا رسول اللّه , إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى اللّه وإلى رسوله ، وقوله:يا رسول اللّه إنما نجاني اللّه بالصدق وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقاً ما بقيت .   والثانية صفحة البشرى ، بشرى القبول ، بشرى العودة إلى الصف ، بشرى التوبة من الذنب ، بشرى البعث والعودة إلى الحياة . . هكذا كانت الأحداث تُقدّر وتقوّم في الصحابة ، وهكذا كانت تستقبل وتعظم فيهم التوبة المقبولة . كانت بشرى يركض بها الفارس إلى صاحبها , ويهتف بها راكب الجبل ليكون أسرع بشارة . وكانت التهنئة بها والاحتفاء بصاحبها جميلاً لا يُنسى , فهو في يوم كما قال عنه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم – وهو يبرق وجهه من السرور- : » أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك  » . (مقتبس من الظلال)   بقلم محمد شمام للاتصال بي في موضوع هذه الحلقات أوغيرها :  العنوان البريدي : mohacham@gawab.com الهاتف النقال : 0046736309986   وإلى الحلقة القادمة إن شاء الله وهو الهادي إلى سواء السبيل  


أيمن نور موجابي ليس الأسوأ!!

     

 
.. أقسم لكم بالله -ثلاثًا- أن الرئيس روبرت موجابي ليس هو أسوأ إخوانه المستبدين، ربما يكون أصدقهم!! .. بسام بونني -إعلامي تونسي- يبدو أنه متخصص في تغطية الانتخابات الرئاسية في الدول الأكثر استبدادًا في العالم!! حيث يعمل بإحدي وسائل الإعلام المرئي. .. بسام نشر تقريرًا -وربما أكثر من تقرير- عن مشاهداته كمراقب وإعلامي للانتخابات في زيمبابوي فور عودته من العاصمة هراري، حيث كان واحدًا من عشرة إعلاميين تابعوا المعركة منذ بدايتها إلي نهايتها. .. اللافت في تقرير بسام بونني، الذي نشرته صحيفة «الحياة» الدولية، في 28 يونيو الماضي، أن التقرير جاء محشوًا بالمقارنات -المثيرة- بين مشاهداته في الانتخابات بزيمبابوي والانتخابات في العديد من الدول العربية حدد منها مصر علي وجه الخصوص. .. يقول بسام إن المنظمات الأهلية في زيمبابوي نددت بضيق الحيز الزمني والمكاني المخصص للمعارضة في الإعلام والصحف الحكومية!! لكن اللافت أن صورتا مورجان تشانجراي مرشح الحركة من أجل التغيير وسيمبا ماكوني المستقل كانتا توشحان الصفحة الأولي والأخيرة لصحيفة «الهيرالد» التي تملكها الحكومة!! .. ويضيف بسام معلقًا: تذكرت في حينه الصحف الحكومية في مصر التي حرمت مرشحي الرئاسة عام 2005 من أي مساحات ولو ربع عمود ولو في صفحة الوفيات(!!) .. ويمضي بسام في مقارنته قائلاً: لقد اتخذت الحركة من أجل التغيير من فندق حكومي هو «ميكلس» أفخم فنادق هراري مركزًا للقاءاتها ومؤتمراتها الصحفية دون تدخل من أحد!! .. يقول بسام: «لقد ذهلت عندما اعتقلتنا قوات الأمن في زيمبابوي، لكنها لم تمنعنا من الاتصال بأرباب أعمالنا ولم توجه لنا أي اعتداءات لفظية أو جسدية بشكل يختلف عما تعرضنا له في ذات الظروف في العديد من الدول العربية»! .. وأمسك بسام بأبلغ أوجه المقارنة عندما قال إنه رغم ما أعلنته اللجنة الانتخابية من نتائج لصالح موجابي، إلا أنه لم يتم تغييب المرشحين المعارضين في السجون، بل إن مورجان حضر قمة لوساكا لدول مجموعة التنمية في جنوب أفريقيا!! .. ويعود بسام للمقارنة، مشيرًا إلي واقعنا العربي، حيث تتم محاكمات غير عادلة، رغم أن التهم باطلة -أصلاً- ويحرم المسجونون من لقاء ذويهم ومحاميهم وحقوقهم!! .. يختتم بسام بونني تقريره قائلاً: شعرت في زيمبابوي -أحيانًا- بأني أعيش حلمًا أري فيه دولة فقيرة تعيش نسقًا ديمقراطيًا تنقصه تفاصيل وبعض الضمانات كي يكون نسقًا متزن ومتواصلاً!! لم نري مثله في الانتخابات العربية!! .. هذا أبرز ما ورد علي لسان الإعلامي التونسي العائد توًا من زيمبابوي والذي تشير سطوره لسابقة متابعته الانتخابات الرئاسية في مصر 2005. .. وأنا أوافق بسام في كل ما ذهب إليه، فموجابي رغم فجاجته، إلا أنه ليس الأسوأ -بالقطع- إذا ما قورن بغيره ولو كان الأسوأ لكان وضع القواعد التي تحول من البداية دون ترشيح أحد من منافسيه!! أو لم يسمح أن تصل الأمور إلي حد إعادة الانتخابات!! .. تري لو كان موجابي قد قرأ نص المادة 76 من الدستور المصري بعد تعديلها الأول، والثاني هل كانت الأمور يمكن أن تصل معه إلي ما وصلت إليه؟! لا أظن! .. تري لو كان الرئيس موجابي قد فصّل قانون الانتخابات الرئاسية الزيمبابوي علي غرار القانون 174 لسنة 2005، والذي يجعل للجنة الانتخابية التي يرأسها رئيس المحكمة الدستورية، الذي يختاره -أصلاً- الرئيس ولها سلطة «إلهية» مطلقة تعلن أي شيء، وأي أرقام!! وأي نسب، دون أن يكون لك كمرشح حق مراجعتها أو الطعن عليها، هل لو كان فعل ذلك موجابي، هل كان مضطرًا أن يدخل في هذه الدوامة؟! .. الحقيقة أن موجابي، كان مشروعًا ديمقراطيًا لكنه لم يكتمل!! بينما غيره مشروعًا اسبتدادي تحت التشطيب -وإن طلي- بالطلاء الديمقراطي!! (المصدرموقع حزب الغد الليبرالي-مصر- بتاريخ 24 جويلية 2008)   


قياديان بإخوان مصر يتبادلان التهم حول جهاز سري متطرف بالتنظيم

 

 
القاهرة- مصطفى سليمان فجّر قيادي بجماعة « الإخوان المسلمين » بمصر، الدكتور عبدالستار المليجي، جدلا عنيفا باتهامه أعضاء في مكتب إرشاد الجماعة المصرية بإحياء التنظيم الخاص داخلها قائلا في حديث مع « العربية.نت » إن هذا التنظيم لا يزال « يفكر في الاستيلاء على الاذاعة والتلفزيون وإعلان بيان الثورة الإسلامية »، مؤكدا أنه « لا يعمل لوحده من أجل إصلاح الجماعة بيد أن محمود عزت، الأمين العام للجماعة وأحد اللذين طالهم اتهام المليجي، نفى وجود مثل هذا التنظيم، وقال لـ »العربية.نت » إن طرح المليجي « مجرد أوهام في عقله ومهاترات لا نحب الخوض فيها ونتمنى أن يغفر الله له » ولم يفصح الأمين العام للجماعة عما إذا كان قرار قد اتخذ أم لا بفصل الدكتور المليجي الذي كان اختير في العام 1995 عضوا بمجلس شورى الجماعة وهي هيئة من نحو 100 عضو تقوم باختيار أعضاء مكتب الإرشاد رسائل المليجي للجماعة وفي تصريحاته للعربية.نت قال المليجي إنه أرسل عدة خطابات، منذ 10 سنوات، إلى قيادات التنظيم يحثهم فيها على إصلاح الجماعة، وبتر ما أطلق عليه اسم « التنظيم الخاص » الذى يعمل بشكل سري فى داخل هيكلها العام، ويضم عددًا من المتطرفين والمنعزلين ولم يكشف المليجي ما إذا كان يعني بتعبير التنظيم الخاص وجود تنظيم سري حقيقي يخترق الجماعة أم أنه مجرد إشارة إلى الجناح الأكثر تشددا في مكتب الإرشاد، ولكنه أوضح، أن أعضاء هذا التنظيم لا يحملون سلاحًا، « لكنهم يعملون فى الخفاء بعيدا عن أعين قيادات الجماعة وهذا خطر كبير يضر بالجماعة »، مشيرا إلى أن سبب صدامه الآن مع الجماعة، الذي دفعه لكشف هذا التنظيم الخاص هو « تجاهلهم لهذه الرسائل والنصائح طوال السنوات الماضية لاصلاح الجماعة من الداخل ملامح التنظيم السري وعن أهم ملامحه، أكد المليجي أن التنظيم الخاص في الجماعة أحياه المرشد السابق مصطفى مشهور، بعد عودته، مع الامين العام الحالي للجماعة الدكتور محمود عزت الأمين، من جولات فى أوروبا وباكستان وأفغانستان. وأشار إلى أن هذا التيار موجود في الجماعة منذ أربعينيات القرن الماضي، « وقد لفظهم الامام حسن البنا، وقال عنهم إنهم ليسوا اخواناً ولا بالمسلمين، وتسببوا في اغتياله، وهم دائما يجتمعون من وراء المرشد ويديرون التنظيم حسب إرادتهم، لظنهم أن هذا هو العمل الاسلامي أو الدعوة الصحيحة التى أرساها البنا ». وأضاف المليجي أن أفراد هذا التنظيم يعملون داخل الجماعة دون علم جماهير الإخوان، ويعقدون لقاءات سرية بعيدا عن مكتب الارشاد، موضحا أن قيادات التنظيم الخاص « ما زالت تفكر فى الاستيلاء على الاذاعة والتلفزيون واعلان بيان الثورة الاسلامية ». وقال  » لقد تبرأ منهم المرحوم حسن الهضيبي، وفصل المعروفين منهم في عهده مثل محمود الصباغ وأحمد علي سليمان، وكذلك تخلص منهم المرحوم عمر التلمساني، حتى جاء المرشد السابق (مصطفى مشهور) وأعاد احياء هذا التنظيم من جديد متمثلا فى محمود عزت ومحمود غزلان وصبرى عرفة ومحمد بديع وغيرهم من أعضاء مكتب الارشاد ». واتهم المليجي « التنظيم السري » في الإخوان بالوقوف وراء غرس أفكار عسكرية عند شباب الإخوان، وإطلاق « ميليشيات الاخوان  » في العرض العسكري الذي قدمه طلاب جامعة الأزهر منذ عامين، رغم أن الإخوان يرفضون العنف أهداف التنظيم وأشار المليجى الى أن من مخططات هذا التنظيم التحكم فى الجماعة، وتسيير أمورها وفق تصوراته، ظانين أنهم بذلك يقيمون الدعوة تمهيدا للوصول الى الحكم، « علما بأنهم لا يعرفون شيئا في السياسة ولديهم الكثير من الجهل الفكري والهوس الديني بمفهوم الدولة الاسلامية »، كما يقول. وقال إن أعضاء هذا التنظيم « هم الذين يديرون الجماعة الآن ويصدرون القرارات من أعلى، دون أن يكون لها سند قانوني يتوافق مع الجماعة، وهم أصحاب رفع لافتات الاخوان فى الانتخابات التشريعية مما استفز الدولة لتقيم حملة اعتقالات واسعة بحق قواعد وكادرات الجماعة، خاصة وان هذا التنظيم تغلغل في جميع مكاتب الاخوان على مستوى محافظات « . . مصر جيل الوسط يؤيد وقال المليجي إن رأس المال أصبح يسيطر الآن في الجماعة، لافتا إلى أنه أرسل رسالة لقيادات التنظيم بخصوص أموال الجماعة « طالبتهم فيها بتحقيق الشفافية باعلان الارقام الصحيحة لأموال الاخوان.. وقلت ليس لدينا مانع أن يكون منهم أثرياء، أما أن يكون في قيادات الدعوة التي تعيش على التبرعات أثرياء على النحو الذي نراه فالأمر يحتاج إلى توضيحات لطمأنة الرأي العام على تبرعاته للإخوان، وكيف تنفق ». وكشف أنه لا يعمل وحده فى هذا الاتجاه لاصلاح الجماعة، مضيفاً أن « هناك مؤيدين لي من شباب الاخوان وقيادات جيل الوسط، مثل فريد عبدالخالق والدكتور عبدالستار فتح الله سعيد وغيرهم، وسنصعد من خطواتنا لاصلاح الجماعة مهما كانت المواجهة مع أعضاء التنظيم الخاص ». وأضاف أنه بدأ مشروعا عمليا لاصلاح الجماعة متمثلا فى التقدم للشؤون الاجتماعية المصرية بتأسيس « حمعية الاخوان الخيرية  » لترسيخ العمل الدعوي الاخواني الاجتماعي بشكل معلن وليس بسري أو محظور، « وقد عرضت هذا المشروع على مكتب الارشاد الا أنه قوبل بالرفض، لذا سأبدأ في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإشهار جمعية الإخوان الخيرية، خاصة أن معي توقيعات كثيرة من جميع القطاعات الإخوانية، كما أنني أحظي بدعم وتأييد من كل الفصائل والتيارات السياسية علي اختلاف مشاربها وانتماءاتها ». الجماعة تنفي في المقابل، نفى الأمين العام للجماعة الدكتور محمود عزت وجود مثل هذا التنظيم السري، وقال لـ »العربية.نت »: « طرح المليجي مجرد أوهام في عقله، ومهاترات لا نحب الخوض فيها ونتمنى أن يغفر الله له. فالاخوان حركة عالمية يعرفها الناس جميعا وهذه الادعاءات التي يقولها ملفقة، ويعرف الصغير قبل الكبير مخالفتها للواقع، وكنت أود من المليجي ألا يورط نفسه في مثل هذا الكلام ». وأضاف « لا يوجد على الاطلاق ما يسمى بالتنظيم الخاص والواقع خير دليل على كذب هذه الادعاءات، فالاخوان لولا رفع شعاراتهم في الانتخابات وتواصلهم مع المجتمع لما وصلوا الى هذه المكانة الآن، فلهم نسبة تمثيل عالية فى البرلمان المصري والنقابات المهنية والشعب المصري يعرف تماما من هم الاخوان ». وحول رفض الجماعة فكرة تأسيس جمعية خيرية للاخوان، أوضح الدكتور عزت « الاخوان من أنشط التيارات في العمل الاجتماعي وهذا يعلمه المليجى جيدا، منذ أن كان طفلا، واذا أراد هو شخصياً أن يقوم بعمل خيري بنفسه فلن يمنعه أحد، فلسنا في حاجة الى جمعية خيرية أو غيرها، أما بالنسبة لأموال الجماعة فالجماعة هي أكثر التنظيمات شفافية فى هذا ولا أحد يستطيع أن يزايد عليها « . الحكم على المليجي وحول ما اذا كان قد صدر قرار بفصل المليجي من الجماعة، قال عزت: « الجماعة قامت لنفع الناس وتوضيح الحق والذي يريد أن يقوم بهذا الواجب الشرعي نحن معه، والذي يريد أن يتخلى عن هذه الرسالة هو الذي يحكم على نفسه، فكل شخص فى التنظيم بتصرفاته يضع نفسه حيث يريد وهذا ينطبق على المليجي. وعما اذا كانت تصريحات المليجي ستؤثر على سمعة الجماعة داخلياً وخارجياً، نفى عزت « أي تأثير في كلامه، فقد قيل وسيقال ما هو أكثر، فالناس تعرف من هم الاخوان وهم جماعة قائمة قبل المليجي وقبلي وستظل قائمة بعدي وبعده ولست منزعجاً من هذا « .   (المصدر: موقع العربية.نت  بتاريخ 23 جويلية 2008) http://www.alarabiya.net/articles/2008/07/23/53599.html#000


 
 

شباب الإخوان والوفد.. انتقادات مستمرة لثورة 52

 

إيمان عبد المنعم لوحة صممها بعض الشباب على « فيس بوك » تزامنا مع ذكرى الثورة القاهرة – « ده انقلاب مش ثورة ».. « ده ثورة رجعت حقوق الفلاحين ».. « ده ثورة على الحريات، وانقلاب على الشعب ».. « الثورة عسكرت الحكم، وحرمتنا من الحرية والخبز ».. بتلك العبارات أعرب شباب مصريون ينتمون لتيارات سياسية مناهضة في الأصل لثورة يوليو 1952 منذ انطلاقها، عن موقفهم الحالي من الثورة. فمع الاحتفال بالعيد الـ 56 لقيام ثورة يوليو (تحول الحكم في مصر بموجبها من الملكية للجمهورية) إلا أنه ما زالت الثورة تجد انتقادات من شباب بعض هذه التيارات (خصوم الثورة) مثل حزب الوفد الليبرالي، وجماعة الإخوان المسلمين. وفي تصريحات لـ »إسلام أون لاين.نت » يقول محمود منصور (أحد شباب حزب الوفد): « هناك حالة من الاعتزاز الزائد بثورة يوليو وكأنها كانت مصباح علاء الدين للمصريين ». وأضاف: « الثورة كانت الملاذ للفئات الفقيرة والمعدمة خلال فترة الاحتلال والحكم الملكي، ولكن منافع الثورة لم تدم طويلا، وتحملنا نحن سلبياتها وفسادها ومساوئها؛ فثورة يوليو قضت على الحياة السياسية في مصر في مرحلة كادت أن تصل فيها إلى النضج ». طالع: اللحم الحلال في البرازيل.. للأغنياء فقط « الحلال » يبحث عن معايير عالمية موحدة ويتساءل منصور، قائلا: « ماذا كان سيحدث في مصر لو لم تقم ثورة يوليو؟! أعتقد أن المجتمع المدني والعمل السياسي كان قادرا على تغيير الأوضاع السيئة، مع تجنب الاستبداد الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه الآن ». أما محمد عبد الخالق « ليبرالي » فيقول: « ثورة يوليو انقلاب عسكري على الملك.. ثم تطور إلى انقلاب على الدستور والديمقراطية، إلى جانب مساوئ أخرى كقتل حرية الرأي ». ومع أنه رأى أن للثورة مميزات ومنافع تجسدت « في استرداد حقوق الكثيرين التي كانت مسروقة، والاهتمام بالفقراء، وتنمية البلد صناعيا، لكن بعد ضياع الحرية والكرامة، وسحق قيمة الإنسان لا قيمة لأي إنجاز، فالحرية قبل الخبز أحيانا ». وتابع قائلا: « فنهج جمال عبد الناصر (أحد قيادات الثورة) من قمع الحريات مهد لمشروع البث الإعلامي لأنس الفقي (وزير الإعلام) والذي يقضي على كافة وسائل التعبير »، وكشفت صحيفة مصرية مؤخرا عن مشروع قانون لوزارة الإعلام ينظم البث الفضائي والإنترنت، الأمر الذي رأى فيه مراقبون وسيلة لتحجيم لحرية الإعلام. « أسوأ ميراث » هبة العسيلي من جماعة الإخوان المسلمين من جانبها ترى أن « ثورة يوليو كانت حلما لملايين المصريين للتخلص من الاحتلال الأجنبي، وفساد قصر الملك، إلا أن زمرة سرقت هذا الحلم لصالح فئة معينة، وحولته إلى كابوس ». واعتبرت أن « أسوأ ميراث للثورة هو الحكم العسكري الذي لا زلنا نرسف في قيوده إلى اليوم ». المدونات أيضا وفي الإطار ذاته عكست المدونات ومجموعات موقع الـ « فيس بوك » الإلكتروني رؤى الشباب من ثورة يوليو؛ فقد شكل عدد من الشباب مجموعة جديدة على الفيس بوك بالتزامن مع ذكرى الثورة تحت عنوان: « ضد انقلاب يوليو العسكري.. ضد الانقلاب على الحرية والكرامة)، وهو العنوان الذي اقتبسته المجموعة من توصيف الكاتب الصحفي الشهير محمد حسنين هيكل للثورة على إحدى الفضائيات بقوله: إنها « لم تكن ثورة، ولكنها كانت انقلابا ». كما حملت المجموعة -التي تضم 100 شاب وفتاة من مصر من مختلف التيارات، جمعهم رفض الثورة- جمال عبد الناصر مسئولية مقتل آلاف المصريين في هزيمة 1967. وتسرد المجموعة ملامح لعلاقات الثورة مع من حالفها في البداية كالإخوان والشيوعيين، وما تعرضوا له من حظر، ومحاكمات عسكرية، وأحكام بالإعدام لاحقا. كما أشاروا إلى حل نقابتي المحامين والصحفيين، والحياة النيابية والحزبية في عام 1959. ومع تباين آراء الشباب حيال الثورة إلا أن « مجموعة 6 أبريل » والتي تضم شبابًا من التيارات السياسية المختلفة وجدوا من تاريخ الثورة فرصة للمطالبة عبر مجموعتهم على « فيس بوك » بـ »خروج الشعب على حكم العسكر الذي أرسته الثورة ». « مرونة نوعية » ورغم حالة النقم وسرد السلبيات، إلا أن رؤية الشباب حملت نوعا من المرونة قد تختلف عن رؤية قيادات التيارات السياسية، بحسب مراقبين. وأرجع د.سمير فياض نائب رئيس حزب التجمع (يساري) في تصريحات لـ »إسلام أون لاين.نت » أن رؤية شباب هذا الجيل بشكل عام تختلف عن رؤية قيادات التيارات السياسية التي عاصرت الثورة ». واعتبر أن ذلك يعود إلى سعة اطلاع هؤلاء الشباب، وتنوع ثقافتهم مما يساعدهم على تكوين رؤيتهم وثقافتهم التي تدعوهم إلى التفكير، وتكوين رؤى مختلفة. وشباب حزب التجمع مثلهم كباقي التيارات لا يحملون رؤية واحدة نحو ثورة يوليو، إلا أنهم يجتمعون على أن ما يعانيه المصريون الآن من مشكلات سياسية مثل كبت الحريات، والمشاكل الاقتصادية يعد امتدادا لنتائج الثورة. بدوره، يرى الدكتور عصام العريان، مسئول المكتب السياسي بجماعة الإخوان المسلمين « أن نظرة الشباب بشكل عام ومن بينهم الإخوان قد تتسم بنوع من المرونة مع الثورة ». لكنه اعتبر أن حالة « الانسداد السياسي التي يعيشها المجتمع ويفرضها النظام السياسي الحالي والمستمد شرعيته من ثورة يوليو يمنع القيام بحالة تقييم حقيقي، أو التحاور عن إنجازات ومساوئ الثورة ». ويؤكد العريان أن « الإخوان ليس لهم خصومة مع ثورة يوليو، باستثناء بعض القيادات خلال منتصف الستينيات ». (المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 24 جويلية   2008)


مفكر فرنسي يتهم القاعدة بتقديم صورة سلبية عن السلفية سانت برو: السلفية حركة اجتهاد عصرية متوافقة مع الإسلام

 
هادي يحمد شارل سانت برو غادرت مقهى ساحة « التروكاديرو » في قلب العاصمة الفرنسية باريس دون أن أسأل المفكر والخبير الفرنسي « شارل سانت برو » سؤالا كنت أريد أن أختم به حوارنا: « هل أنت معتنق للإسلام أم لا؟! ». فـ « شارل سانت برو » يقدم رؤية مغايرة تماما للسائد، ويجري عكس تيار الأبحاث الأكاديمية في الغرب حول الإسلام.. فهو يمجد « السلفية » كاتجاه إسلامي، ويعتبر أن هذا الدين (الإسلام) يمكن « أن يكون بارقة أمل في الضياع الوجودي، والسقوط الأخلاقي الذي يعيشه الغرب ». ربما عدم طرحي للسؤال – أي سؤال إسلامه من عدمه – يبقى هامشيا، وربما شخصيا في الرؤية الفرنسية للحياة.. لكن المهم أن أفكار الرجل كما يطرحها « شارل سانت برو » – وهو مدير « مرصد الجغرافيا السياسية » وأستاذ القانون في جامعة السربون – تعد نقلة نوعية في رؤية الفكر الغربي للمنظومة الإسلامية.. وحتى لا نستغرق كثيرا في تعداد مميزات نظرة الرجل للإسلام، نترككم مع الحوار. الإسلام بين الوهابية وبن لادن وأتاتورك * أخرجت كتابا جديدا عنوانه « الإسلام: مستقبل التقاليد بين الثورة والتغريب »، وهو يأتي في إطار اهتمامك بقضايا العالم الإسلامي ومستقبل الحضارة العربية.. لماذا الآن؟ – هدف الكتاب هو محاولة الإجابة عن عدد من الأفكار المغلوطة حول الإسلام، خاصة عندما نلاحظ أن (المتشددين والإرهابيين) أخذوا رهينة بعض مصطلحات الإسلام مثل « السلفية »، و »الإسلامية » ومثل « الجهاد »، من أجل الإيهام بأن معركتهم تتم باسم الإسلام، وهدفي من خلال هذا الكتاب هو بيان أن هذه المصطلحات التي فتكت بها من قبل المتطرفين لا يتوافق استعمالها الحالي مع حقيقة معانيها، وبالتالي فإن عملي هو العودة إلى حقائق هذه المصطلحات، أي الرجوع إلى حقيقة الإسلام، ومن أجل العودة إلى حقيقة الإسلام يجب مسبقا معرفة الإسلام وكل الجزء الأول من الكتاب يهدف إلى معرفة الإسلام عبر تاريخه وعبر الأحداث، وعبر الفكر الإسلامي وتطوره، مع محاولة تصحيح كل الأفكار المسبقة ابتداء من معنى التوحيد ذاته، فأنا قرأت العديد من المقالات التي تقول إن إله المسلمين (الله) الذي يختلف عن آلهة الأديان الأخرى، وهم لا يفهمون أننا نتحدث في هذا المجال عن إله واحد، وهذا أول مشكل، فيجب التأكيد أننا عندما نتحدث عن إله المسلمين وإله المسيحيين وإله اليهود فإننا نتحدث عن إله واحد، وعندما نقر هذه الحقيقة فإننا نخطو خطوة كبيرة من أجل ترسيخ الفهم نحو أن الإسلام يأتي في سياق الأديان التوحيدية؛ وجاء ليكمل ويضيف للعمل الذي قام به الأنبياء من قبل. ثم في مرحلة ثانية كان بحثي ينصب على الجانب الإيجابي للإضافات التي قدمها الإسلام، وكيف أن الفكر الإسلامي واجه دائما المشكلات عبر آلية الاجتهاد؟ ومن الخطأ القول إن أبواب الاجتهاد أغلقت، وهي القصة التي يرددها الكثيرون، وأنا أذهب إلى القول إن الفترة الوحيدة التي كانت عامل تراجع في التاريخ الإسلامي هي فترة الإمبراطورية العثمانية، فبالوصول إلى القرن الثامن عشر والتاسع عشر وصلنا إلى مرحلة الانحطاط.. لماذا؟ لأن الإمبراطورية العثمانية لم تكن في الحقيقة مهتمة بالإسلام، وكان همها هو الهيمنة السياسية، وقد فقدت أهداف ورسالة الإسلام، ولم تأت محاولات الإنقاذ إلا فيما بعد عن طريق الشيخ محمد عبد الوهاب دون أن أقول إن كل ما قاله يجب أن يؤخذ حرفيا، وأنا لا أقول إن كل ما قاله يجب أن يكون مبادئ يجب أن تتبع، ولكن ما يجب قوله إنه طبع مرحلة إيجابية كاملة من التاريخ الإسلامي شهدنا فيها مرحلة انحطاط. ففي تلك الفترة كان هناك خمول، والناس لم يعودوا يعرفون شيئا عن حقيقة الإسلام، ويطبقونه دون أن يفهموا شيئا، فجاء الإمام محمد بن عبد الوهاب ليقول لهم يجب أن تفهموا الإسلام، وقال لهم المهم ليس أن نصلي، ولكن يجب علينا أن نفهم لماذا نصلي؟ وفي هذا الاتجاه بالذات كان محمد بن عبد الوهاب مصلحا فقط، وأنا هنا لا أقوم بعملية إشهار للشيخ محمد عبد الوهاب، ولكني أعتقد أنه لعب دورا تاريخيا رئيسيا؛ لأنه تصدى للنظام السائد. كما تحدثت في الكتاب عن المفكرين الكبار مثل رشيد رضا، ومحمد عبده، وجمال الدين الأفغاني، ومحمد إقبال، والذين واصلوا عملية الاجتهاد، والذين أسسوا معنى الإسلام كدين وسط، لا باعتباره ديانة تطرف كما يروج البعض الآن من قبل الإعلام الغربي، والذين يريدون أن يحصرونا بين خيارين، إما المتطرفين أو التغريب، وهذا خطأ؛ لأن الخيار ليس بين أسامة بن لادن وكمال أتاتورك. والإسلام بالتالي ليس هو إسلام المتطرفين المتعصبين الذين لم يفهموا شيئا منه، والذين أعطوه صورة كاريكاتورية، ولا هو إسلام الذين يريدون التخلي عنه، والذين يريدون تقليد الغرب بالكامل ونسيان الهوية الإسلامية من أجل أن يصبحوا غربيين، وأنا من الذين يعتقدون أن الخيار هو بين الاثنين عن طريق اتباع حركة الإصلاح الكبرى التي كانت على الدوام تقدمية، وهنا لا نتحدث عن المحافظة، ولكن نتحدث عن الاجتهاد. السلفية حركة اجتهاد عصرية متوافقة مع الإسلام * قلت إن الحركات المتشددة أخذت بعض مصطلحات الإسلام كـ « السلفية » و »الاجتهاد » رهينة، فكيف يمكن إنقاذ هذه المصطلحات برأيك؟ – العمل الأول الذي يمكن أن نقوم به هو استعمال هذه المصطلحات دون تردد، وبالتالي نكسر الحجة التي تقول إنها مستعملة من قبل المتشددين، فستالين زعيم الاتحاد السوفيتي السابق الذي كان قاتلا كان يدعي أنه اشتراكي، كما أن هتلر السفاح كان يقول إنه وطني واشتراكي في نفس الوقت، ونحن في هذا الإطار لا يمكننا أن نمنع الناس من أخذ المصطلحات واستعمالها في غير سياقها الصحيح، ومن الواضح أن ستالين لم يكن اشتراكيا بما تحمله الكلمة من معان نبيلة، وهتلر كذلك، فالأمر تعلق بتوظيف للمصطلحات. وفي الحالة الإسلامية فإن هؤلاء الناس أخذوا مصطلح السلفية، وهو مصطلح كان يقصد منه الإصلاح، وكان محمد عبده أول من استعمله، وطابق في ذلك جهود محمد بن عبد الوهاب، وقبله شيخ الإسلام ابن تيمية الذي دعا إلى الرجوع إلى ما كان عليه « السلف الصالح » من أجل انطلاقة جديدة، ولكن مصطلح السلفية استعمل في صيغته الحالية أول مرة من قبل محمد عبده وجمال الدين الأفغاني، ولما تبنى عبده هذا المصطلح لم يكن إرهابيا، ولم يكن متشددا في أفكاره، وكان مفكرا محترما في أرجاء العالم في ذلك الزمان، وكان يريد أن يتبنى إسلاما مندمجا مع العالم العصري. ومن هذا المنطلق فإن السلفية الحقيقية هي الإصلاح الكبير الذي قام به محمد عبده ورشيد رضا، والتي أعطت فيما بعد ثمارها عن طريق الفكر الثري الذي ظهر على أعمدة مجلة « المنار »، والذي ساهم فيما بعد في ظهور مفكرين مسلمين من أمثال: محمد إقبال، وعبد الرحمن الكواكبي، وابن باديس في الجزائر، والفاسي في المغرب، وميموزا في ماليزيا، وكان كل هؤلاء مفكرين أثروا الفكر الإسلامي دون أن يتخلوا عن الاجتهاد. ومن الأشياء المأساوية أن نجد اليوم المتشددين يستعملون مصطلح السلفية، وهو الذي أعطى صورة سلبية عن السلفية، وبالتالي فأنا أعتقد أنه من الواجب نزع هذه المصطلحات، وسحبها من استعمال أناس مثل هؤلاء؛ لأننا إذا تركنا استعمال مصطلح السلفية أو الجهاد في أيادي القاعدة فإننا سنترك يوما مصطلح الإسلام بين أيديهم، ولن نجرؤ على استعمال كلمة « إسلام »؛ لأن الإرهابيين يستعملون كلمة « إسلام ». فمن المهم القول اليوم إن السلفية ليست بن لادن، وليست هي جماعة القاعدة في الجزائر، ويجب سحب هذه المصطلحات من تحت أقدامهم، فالسلفية هي حركة اجتهاد عصرية، وهي متوافقة تماما مع مصالح الإسلام، ونفس الأمر بالنسبة لمصطلح « جهاد »، ففي القانون الإسلامي، وكما في التشريع، وكما يقوله كل مفكري الإسلام، وكما هو مذكور في القرآن، فإن الجهاد هو « الدفاع الشرعي عن النفس لما يتعرض له المسلمون من اعتداء »، وفي القانون المعاصر هو « الدفاع الشرعي عن الذات »، ثم إننا في هذا السياق يجب أن نفرق بين الجهاد الأكبر، وهو الجهاد ضد شرور النفس، ثم هناك الجهاد الأصغر، وهو عندما يتعرض المسلمون إلى الهجوم من الأعداء، وحتى في هذه الحالة فإن الدعوة إلى الجهاد يجب أن تكون من قبل مرجعية، وعالم نافذ، ومعترف به، وفي ظروف تتوفر فيها الشروط التي تدعو بالفعل إلى الجهاد، وليس لأي واحد أن يقول إنه مخول بإعلان الجهاد لخوض الحروب ضد الآخرين، وفي هذه النقطة بالذات فإن هؤلاء الناس قد حولوا وحرفوا معاني الجهاد، وبالتالي فإن ما يقومون به في الوقت الحالي هو يخدم الذين يعادون الإسلام في الغرب؛ لأن هؤلاء يقولون اليوم انظروا هذه هي الصورة الحقيقية للإسلام. وفي هذا الإطار نجد العديد من الكتب التي تصدر، خاصة في فرنسا، حول الجهاد والجهاديين، ومع كل هذا الخلط من المصطلحات فهؤلاء ليسوا جهاديين، ولكنهم إرهابيون، ولا علاقة لهم بالجهاد، ثم إننا نلاحظ أن هؤلاء يقتلون من المسلمين أكثر مما يقتلون من غير المسلمين، وبالتأكيد فإن الجهاد ليس هو قتل غير المسلمين، ثم إن الإسلام يحرم قتل الأبرياء سواء كانوا مسلمين أو لا، فما بالك بقتل المسلمين. وأنا أعتقد أنه من الواجب في هذه المرحلة إظهار أن هؤلاء لا علاقة لهم بالإسلام، وأنا أسميهم « الخوارج الجدد »، وهم تواصل لتقليد « الخوارج » في القتل الأعمى، فهم الذين قتلوا الخليفة (علي) – رضي الله عنه – وهم الذين قتلوا النساء والأطفال.  
الإسلام بين المتشددين والمتفرنجين غلاف كتاب الإسلام.مستقبل التقاليد بين الثورة والتغريب من المهم أن نظهر أن هؤلاء ليس لهم علاقة بالإسلام، وعندما نظهر أن هؤلاء لا يمثلون الإسلام فإننا نصل إلى نتيجة هي أنه ليس من الضروري أن نكون غربيين في سلوكنا حتى نتبرأ منهم مثلما يظهر ذلك بعض المثقفين المسلمين مثل: « حمادي الرديسي »، و »عبد الوهاب المؤدب » في فرنسا… وغيرهم ممن يقدمون قراءة جديدة للإسلام، ويقدمون أنفسهم على أنهم « المفكرون الجدد للإسلام »، وأنا في اعتقادي أنهم المفكرون الجدد لتدمير الإسلام، فهؤلاء يدعون إلى التخلي عن السنة، ويدعون إلى إسلام ذي مقاييس معينة من أجل إرضاء الغربيين، وأنا أعتقد أن هؤلاء « المتفرنجين » هم أيضا يمثلون خطرا؛ لأن هؤلاء بصدد تدمير الإسلام من الداخل. وأنا من أنصار الذين يقولون إن الإسلام لا يجب بالضرورة أن يرضي الغرب؛ لأننا يجب أن نعلم شيئا مهما، وهو أنه ليس هناك أيضا غرب موحد، فهناك فرنسا، وهناك ألمانيا، وهناك بريطانيا، والولايات المتحدة، وكلها عوالم مختلفة تماما، وأنا عندما أكون في ألمانيا أشعر أن ليس لي أية علاقة بألمانيا، وعندما أكون في الولايات المتحدة فإني أشعر أني لا أنتمي إلى ذلك العالم، ومن المفارقات أني عندما أكون في المغرب، أو في مصر، أو العربية السعودية، أو في لبنان أشعر أني بين أصدقائي وأني بخير. فمفهوم الغرب يحتاج إلى المراجعة إلا إذا فهمنا الغرب على كونه كل من يقف تحت الراية الأمريكية، فالحضارة الغربية هي مجموع من المركبات المختلفة، فهناك الحضارة الفرنسية، وهناك الحضارة البريطانية، وهناك الحضارة الجرمانية، فأولا نحن في الغرب لا نتكلم نفس اللغة، وليس لنا نفس العقائد، فالفروق بين الكاثوليك والبروتستانت هي أكثر عمقا من الفروق بين السنة والشيعة في العالم الإسلامي. * بوصفكم مدير مرصد الجغرافيا السياسية بباريس، وبالنظر إلى ما يجري في الكثير من مناطق العالم الإسلامي، خاصة في أفغانستان والعراق، كيف تنظرون إلى ما يقوم به تنظيم القاعدة، خاصة أن هذا التنظيم في هذين البلدين يتقدم إلى الصفوف الأمامية لمحاربة الاحتلال الأمريكي، فكيف تنظرون إلى هذه المفارقة أمام وصفكم لهذا التنظيم بكونه مجموعة من القتلة والسفاحين، أو »الخوارج » كما تصفهم؟ – في العراق هناك وضع خاص، فالغزو الأمريكي للعراق يعتبر مأساة كبرى؛ لأنه كان تدميرا للعراق، وهو مأساة للشعب العراقي الذي لا يعيش اليوم أفضل مما كان عليه في الماضي، وهي مأساة جغرافية سياسية؛ لأن الأمر تعلق بقلب الاستقرار في المنطقة بكاملها، وهي مأساة مكنت الإيرانيين من الاستفادة من الأزمة عبر بث نفوذهم في العراق، وهو نفوذ غير نظيف، وأعتقد أن في العراق الآن تواطأ إيرانيا – أمريكيا، وهما اللذان تقاسما العراق ضد العرب، بما أسفر عنه من توظيف للتطرف الشيعي، حيث نجد « الشعوبية » القديمة تستيقظ من جديد، وهي المؤامرة الفارسية الشيعية في أكثر تجلياتها بروزا، واستعملت في ذلك الورقة الشيعية في العراق للقيام بهذه الحرب ضد العرب. * غير أن كل هذا لا يبرر التقتيل الأعمى للذين ينتسبون إلى ما يسمى بالقاعدة، والفكر السلفي ضد المسلمين الشيعة، وتقتيلهم وزرع القنابل في الأسواق والمساجد الشيعية، فهل هذه مقاومة؟! – القاعدة وجدت لكي تخدم المشروع الأمريكي في العراق، ووضع القنابل بين المدنيين العراقيين يخدم بالقطع المبررات الأمريكية في البقاء مدة أطول في العراق، والقاعدة في العراق تمنعنا اليوم من الحديث عن المقاومة الحقيقية الوطنية، أو التي انحدر الكثير منها من حزب البعث. كما يجب القول إن المقاومة في هذا البلد انطلقت شرارتها الأولى من رجال حزب البعث، وأنا كنت في العراق قبل أسابيع قليلة من الحرب، والعراقيون كانوا جاهزين لإعادة صفوفهم في شكل مقاومة بعد مرحلة الغزو، ونحن نعلم الدور الذي يقوم به « عزت إبراهيم الدوري » اليوم في تنظيم المقاومة. وفي أفغانستان نعلم أن الولايات المتحدة استعملت نفس الأشخاص، والذين يحملون نفس الفكر من أجل مقاومة الروس في البداية، وفي مرحلة معينة خرجت هذه التنظيمات من أيادي الأمريكيين. ومن وجهة نظر جغرافية سياسية نعلم أن الأمريكان – وعلى الدوام – كانوا يريدون محاصرة الاتحاد السوفيتي سابقا، وروسيا في الوقت الحالي، وأعتقد أن أفغانستان هي ذريعة لتحقيق هذا المخطط في الوقت الراهن؛ ولأن البلد هو في خط إمداد الغاز، وفي المنطقة التي تحتوي أكبر احتياطي النفط في العالم، ومن أجل تبرير وجودهم في أفغانستان فإن الأمريكان في حاجة إلى وجود ذريعة والقول بأن هناك إرهابيين يجب التخلص منهم في هذا البلد. البشرية بحاجة إلى الدين * في حديثك لا تخفي أن للدين دورا كبيرا في نهضة المجتمعات، خاصة في الوقت الذي نتحدث فيه عن مقولات عديدة من قبيل صدام الحضارات وتحاورها، ما هي رؤيتك لمنزلة الدين في وقتنا الحالي؟ – كل دين له أبعاد اجتماعية، وهذا لا يعني أن الدين يجب أن يقود السياسة، ولكن هذا يعني أن السياسة متأثرة بالقيم الدينية، والمجتمعات التي ليست لها قيم دينية هي المجتمعات التي تفتقد قيمة التحضر فيها، والرئيس « نيكولا ساركوزي » – وبصرف النظر على المؤاخذات التي يمكن أن نقولها في سياسته – يقول « ليس هناك حضارات كبيرة لم تبن على الأديان »، وبالتالي فإن العلاقة بين الحضارة والدين أمر أساسي، وعلى الرغم من أن هناك حضارات دون دين كالحضارة الصينية، ولكن عندهم عقائد، ونحن أصحاب الحضارات التي امتدت من إيران إلى نهر الراين في أوروبا، والتي تنتمي إلى أجواء الحضارات التوحيدية كان لنا دوما حضور للدين في تاريخنا، وحتى الإغريق فإن حضارتهم كانت متأسسة على قيم دينية دفينة بالرغم من أنهم يؤمنون بآلهة عديدة، فإنهم كانوا شديدي الاعتقاد. فالمهم القول في وقتنا الحاضر إن الأديان ليست شيئا من الماضي، وهي ليست من الأشياء التي تلقى في سلة المهملات ومنسيات التاريخ، وهي تبقى من الأشياء الأساسية التي تساعد الإنسان على عدم الضياع والقلق. وأعتقد أننا أكثر من أي وقت مضى محتاجون إلى الأديان؛ لأننا مهددون بطغيان المادة، ونحن مهددون بمجتمع الآلة، فعندما نطلب شيئا أحيانا من شركة معينة فإن الرد في أحيان كثيرة يأتي بأن جهاز الحاسوب لا يقبل ولا يعطي نتائجه في هذا الأمر، ولا أبالغ في القول إننا بصدد خسران الكرامة الإنسانية في هذا المجال. وأعتقد أنه إذا أردنا الحفاظ على الكرامة الإنسانية، فإننا يجب أن نحافظ على الأديان، ولا يتعلق الأمر بأن يكون كل الناس متدينين، ولكن يتعلق الأمر باحترام الأديان، وهو الأمر الذي نفقده في مجتمعاتنا الغربية؛ ولهذا السبب بالذات فإن الإسلام من الممكن أن يقدم الإضافة إلى هذا العالم؛ لأن الإسلام هو آخر ديانة جاءت من أجل احترام القيم الأخلاقية؛ ولهذا السبب أقول بأن الحوار بين الحضارات الهدف منه هو التعرف أكثر على الآخرين، وعلى الأخذ منهم، وهو في اعتقادي الأمر الذي فهمه البابا حينما استقبل ملك السعودية، وهو أمر مهم في مثل هذه اللقاءات. وأعتقد أن البابا على الرغم من معارضة بعض الكرادلة فهم أن الحوار لا يعني التعارض بين الأديان؛ لأن الأمر يتعلق بالتصدي للضغوطات المعادية للأديان، والمعادية للحضارة. * تقولون إن الإسلام من الممكن أن يقدم إضافة إلى البشرية، فما هي الإضافة التي يمكن أن يقدمها الإسلام برأيكم؟ – بالضبط.. فالإسلام اليوم هو أكثر ديانة شبابية في العالم من بين كل الأديان، وبالتالي فهو الأكثر ديناميكية، وهو يحتوي على إطار قيمي مهم فقده العالم الغربي، هذا العالم الغربي الذي انخرط في عالم القيم الفردية والقيم المادية، فما عادت هناك الروح الاجتماعية، وما عادت هناك روح التضامن، وكل واحد منغلق على نفسه.. هناك ثقافة واحدة مهيمنة، وهي ثقافة المال والنجاح المادي، وبانعدام الروحانيات فإن الإنسان أصبح في حالة انحدار في الغرب؛ أي أصبح الواحد منا بمثابة آلة للاستهلاك والإنتاج. وما يستطيع الإسلام تقديمه للعالم المتحضر هو كما قلت المحافظة على الكرامة الإنسانية وروحانيتها؛ لأن إنسانية دون روحانية هي إنسانية آيلة للفناء، وهي إنسانية حيوانية، وهذا الدور الكبير الذي يمكن أن يقدمه الإسلام. وحتى بالنسبة للأشخاص غير المسلمين فإنهم يعتقدون أنه من المهم أن يكون الإسلام قويا، وهو الأمر الذي أعتقده.. إن الإسلام هو حبل النجاة الأخير للإنسانية التي فقدت كل قيمها الأخلاقية. العلمانية صناعة كنسية *عندما تتحدثون في كتابكم عن تعريفكم للإسلام على أنه: « دين ودنيا » ألا تعتقدون أنكم بذلك تخرقون مبدأ العلمانية والفكر العلماني في نظرته للأديان؟ – نعم.. وأنا أقول ذلك لأن العلمانية تاريخيا هي اختراع فرنسي، وهي مبنية على معطيات تاريخية سياسية يجب عدم تجاوزها، وتتمثل في المعركة القديمة بين ملك فرنسا وبابا الفاتيكان، وكان ملك فرنسا يردد دائما أننا أسياد في أرضنا. ثم يجب أن نقر بأن داخل المسيحية هناك كنيسة يقودها بابا، وبهرمية معينة، ثم جاءت الثورة الفرنسية، وجاء الجدل حول المحافظة على الملكية أو لا، والحزب الجمهوري الذي كان أقلية وقتها وجد فكرة العداء للدين التي تقول بأنه يجب الفصل بين الدين والدولة من أجل إثبات وجوده، وقام مناصروه بالهجوم على الكنيسة التي كانت تساند الملكية، وفي هذا الإطار بالذات ترعرت فكرة العلمانية، وهي بالتالي – وفي اعتقادي – شأن فرنسي خالص. وإضافة إلى هذا يجب أن ندقق لنقول إن هناك مفهومين للعلمانية، فهناك الفصل بين الكنيسة والسياسة؛ وهو مفهوم لا يشمل الإسلام الذي لا كنيسة عنده، ونحن هنا نتحدث عن الإسلام السني، وفي الإسلام الشيعي الأمر مختلف؛ لأن هناك مرجعية، وفي الإسلام السني لم يوجد قط قائد ديني، وحتى الخلفاء كانوا رجال سياسة، وكانت لهم مهام عديدة في رعاية شئون الناس، والدفاع عن الخلافة وأراضي المسلمين، ولا شيء آخر، وبالتالي فإن العلمانية غير مطروحة في المجال الإسلامي. الأمر المثير للانتباه أن الثقافة الفرنسية كانت دائما تتصور نفسها عالمية ومركز العالم، ولكني أرى أن هذه العلمانية، التي هي شيء جيد بالنسبة لفرنسا، يجب ألا نفكر أنها صالحة للعالم بأكمله، وعندما نفكر جيدا نجد أن الكلمة غير قابلة للترجمة للإنجليزية والألمانية، ولا إلى العربية. والمصطلح الذي يستعصي على الترجمة أعتقد أنه مصطلح ليس عالميا، وإذا اختارت فرنسا طريقها، والذي هو اختيار قديم، ولكن حتى في المجتمع الفرنسي هذا لا يعني أن الدين يجب ألا يلعب أي دور. وأنا هنا لا أتبنى شكلا آخر من العلمانية، وهو العلمانية المعادية للدين، وهو المعنى الثاني للعلمانية، والكثير من الناس الذين يقولون إنهم علمانيون يكرهون الأديان مثل الجرائد التي تقوم بالكاريكاتير ضد الأديان، وغيرها من الأعمال، وهم أناس غرضهم ليس الفصل بين الدين والسياسة، ولكن غرضهم هو هدم الأديان. خلاصة القول إن العلمانية صالحة في فرنسا، وليست بالضرورة أن تكون صالحة خارجها، وليست صالحة في العالم الإسلامي، وفي كل الأحوال فإن المشكلة غير مطروحة هناك؛ لأني أعتقد أن الإسلام دين ودنيا، وربما ينطبق الأمر على الأديان الأخرى؛ لأن الديانة التي لا تدخل في الحياة الاجتماعية تموت. واليوم فإن سبب انحدار الكاثوليكية والبروتستانتية هو أن الناس لم يعودوا مؤمنين؛ لأنهم اعتقدوا في فكرة فصل الدين عن الدنيا.   صحفي تونسي مقيم بباريس. (المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 24 جويلية   2008)  

إعتقالات جديدة على خلفية التخطيط لإنقلاب في تركيا

 

 
كشفت مصادر إعلامية تركية اليوم أن الشرطة اعتقلت عددا من الشخصيات المعروفة على خلفية تورطها في التخطيط لانقلاب ضد الحكومة.وقالت وكالة الأناضول للأنباء أن الشرطة التركية اعتقلت اليوم عضو التدريس السابق في كلية الغابات بجامعة اسطنبول البروفيسور أوتشكون غريه والمرشح السابق لحزب الكادحين في الانتخابات الأخيرة يوسف بولدو وذلك بعد اجراء عملية تفتيش دقيقة في منزلهما باسطنبول.وأضافت أن المعتقلين كانا ضمن قائمة مكونة من 17 شخصا تبحث عنهم الشرطة على خلفية تورطهم في التخطيط لانقلاب على الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية.واعتقل 21 شخصا بينهم جنرالان سابقان بارزان في الجيش وصحافيون وسياسيون معروفون في الأول من الشهر الجاري للاشتباه في وجود علاقات لهم بما يسمى منظمة (ارغينكون).وعثرت الشرطة التركية التي تحقق بشكل موسع بقضية منظمة (ارغينكون) في مطلع الشهر الجاري على أثمن وثيقة متصلة بالملف الأكثر تعقيدا في تاريخ تركيا الحديث « دستور » التنظيم وهي وثيقة تحوي على مبادئه السياسية والتنظيمية والعسكرية وطريقة انتقائه لعملائه والكلمة السرية المسيرة لنشاطه.وكانت منظمة (ارغينكون) تشكلت في عام 1999 كمنظمة سرية هدفها « المحافظة » على تركيا كدولة عسكرية وقوية تماما كما أرادها كمال أتاتورك لكن الاعتقالات بدأت في يونيو الماضي بعد اكتشاف 27 قنبلة يدوية في منزل باسطنبول كما أدت عمليات التنصت الى العثور على أسلحة أخرى ووثائق تتضمن تفاصيل الترتيبات الأمنية لمسؤولين كبار وضعوا على قائمة القتل.وتتهم المنظمة التي أطلقت على نفسها اسم (ارغينكون) نسبة الى جبل أسطوري لجأ اليه الاسلاف الأتراك هربا من البطش المغولي بتنفيذ هجمات بالقنابل ونسف صحيفة واغتيال قس ايطالي وقتل اعلامي تركي من أصل أرمني وهي عمليات تستهدف كما يقول المحققون خلق جو من الارهاب والفوضى يمكن استغلاله للقيام بانقلاب عسكري « يخلص » تركيا من حكومة حزب (العدالة والتنمية) التي يرأسها رجب طيب اردوغان. (المصدر وكالة الأنباء الكويتية – كونا بتاريخ 24 جويلية 2008)

 

Home – Accueil الرئيسي

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.