الخميس، 24 مارس 2011

  Home – Accueil

فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS 10ème année, N°3957 du 24.03.2011  

archives : www.tunisnews.net


المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب:تقـــــــــرير مـــــــوجز

لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس:اعتصام حاشد أمام  وزارة الداخلية التونسية 1 أفريل 2011

الشروق:سكب على نفسه البنزين داخل مقر ولاية القيروان: أعوان الجيش ينقذون كهلا حاول الانتحار… بسبب أطفاله الخمسة

كلمة:خمسة قوارب مهاجرين إلى لمبادوزا

«الشروق» كانت في استقبالهم بالمطار:أخيرا، بحارة «حنبعل2» بين عائلاتهم

الصحافة:محكمة الاستئناف بتونس تؤجل البت في قضية حل التجمع الدستوري الديمقراطي إلى يوم 28 مارس

الصحافة:قابس مسيرة شعبية تنادي بحلول جذرية لمعضلة التلوث

كلمة:مواصلة التحرك من أجل إنقاذ مطار المنستير

كلمة:مثقفون من باجة يعترضون على تعيين أحمد الشوبانـي مندوبا للثقافة

كلمة:اعتداء على الكاتب العام للنقابة الأساسية للتعليم الثانوي بباجة

الصحافة:في الندوة الصحفية لحزب العمال الشيوعي التونسي الملكية لها وظيفة اجتماعية، وعلاقة الدين بالدولة شجرة تحجب الغابة

الصباح:الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة تفاصيل الجلسة الثانية.. والسبت جلسة حاسمة

الجزيرة نت:قضاء تونس يبحث عن استقلاليته

الصباح:في لقاء مع الاعلاميين مدير « نسمة »يصرح لا « برلسكوني » ولا بن عمار جلبا لنا « هيلاري كلينتون » خالد نجاح:

بعد سقوط نظام بن علي وحل التجمع أي مصير للبيادق والسماسرة؟

نجاة ملايكي:بن علي الفاسق» للكاتب البشير التركي » 27لماذا لم يقدم نظام بن علي نتائج التحقيقات حول مقتل أبو جهاد؟

الشروق:إسماعيل السحباني بعد 12 عاما من الصمت: المخلوع سجنني حتى لا أنافسـه على «الرئاسيـة»

رويترز:تونس تجمد أصول القذافي وأسرته

الشروق:أمريكا تقدم 20 مليون دولار لإنشاء صحف وأحزاب في تونس

عبدالحميد العدّاسي:الإعانة على القتل

يسري الساحلي:لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا من يرأسهم

 العائلات التي تمارس النهب المنظم لخيرات تونس

الجزيرة نت:وعود سورية بالإصلاح وغليان بدرعا

الجزيرةنت:لا وجود للإسلاميين بمعارضة ليبيا

تايم:في غياب دعم مباشر للثوار إزاحة القذافي ليست سهلة

القدس العربي:الامارات ترفع معاشات العسكريين لتجنب شبح الاضطرابات

عزمي بشارة: للثورات العربية منطق


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


تابعوا جديد أخبار تونس نيوز على الفايس بوك
الرابط

http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141

 


 
المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب ORGANISATION CONTRE LA TORTURE EN TUNISIE تــــونس في:24/03/2011 تقـــــــــرير مـــــــوجز

اتصل بالمنظمة اليوم 24/03/2011 الشاب محمد صدقي بن العبيدي حليمي من مواليد القصرين في 24 جانفي 1976 يحمل بطاقة إعاقة عضوية قاطن بحي التحرير بالقصرين وذكر انه لدى عودته إلى مدينة القصرين اثر انتهاء اعتصام القصبة 2 تم إيقافه من محل سكناه بالقصرين في حدود الرابعة من مساء يوم 4 مارس 2004 من طرف دورية مشتركة من شرطة وجيش ونقل إلى ثكنة الجيش بالقصرين وادخل إحدى الغرف بعد أن جرد تماما من ملابسه ووجه ناحية الحائط وانهال عليه أعوان ملثمون ضربا وركلا ولكما في كامل أنحاء جسمه كما علق بأسلوب الدجاجة المصلية وقام احد الأعوان بإدخال عصى في مؤخرته كما ذكر للمنظمة أن مسؤولا امنيا يعرفه أصابه على مستوى جهازه التناسلي مما أدى إلى فقدانه الوعي تماما فحمل إلى مصحة الثكنة العسكرية.
وبعد أن استفاق هدده المسؤول الأمني المذكور بالمزيد.
ونقل اثر ذلك إلى غرفة ثانية تضم أزيد من 50 موقوفا وقد أمضى سبعة أيام موقوفا وتعرض للتعذيب والضرب عديد المرات ونقل إلى المصحة في أربع مناسبات وقد اجبره طبيب على شرب دواء مضمخ بالقطن.
وفي اليوم الرابع قدم له محضر بحث لم يطلع على محتواه وطلب منه الإمضاء عليه إلا انه رفض ذلك وتعرض للضرب جراء ذلك.
وأحيل اثر ذلك إلى قاضي التحقيق بالقصرين وقد أمضى على محضر استنطاق تضمن انه ينكر ارتكابه لجرائم حق عام مثل السرقة وتم الإفراج عنه.
وبحوزة المنظمة صور للشاب محمد صدقي حليمي تظهر فيها آثار انتفاخ على مستوى إحدى العينين وعلى مستوى الشفتين  كما ذكر للمنظمة انه يعاني من نزيف دموي على مستوى المؤخرة وانه بطلب من طبيبه بمستشفى الحبيب ثامر بتونس سيجري تحليلا في الغرض كما انه مازال يعاني من مخلفات الإصابة على مستوى الجهاز التناسلي.
ويذكر انه تم إيقاف مجموعة أخرى من شبان بمدينة القصرين في نفس الفترة مثل الشاي وليد علوي عضو لجنة حماية الثورة بحي النور.
إن المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب :
–       تندد بالتعذيب الوحشي الذي تعرض له الشاب حليمي من أعوان ملثمين ومن مسؤول امني يعرفه. –         تنبه إلى خطورة هذه الممارسات على المسار الانتقالي الذي تعرفه البلاد. –         تطالب السلط القضائية بفتح تحقيق فوري في الانتهاكات الحاصلة للشاب المذكور وبقية الموقوفين معه. عن الهيئة الوقتية للمنظمة الكاتب العام  منذر الشارني للاتصال بالمنظمة: 25.339.960 – 98.351.584 – 25.506.299 البريد الالكتروني : octorture. tn @g  mail.com  


لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس:اعتصام حاشد أمام  وزارة الداخلية التونسية 1 أفريل 2011


تعلم لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس الرأي العام التونسي و العالمي أنه بعد الاعتصام الناجح الذي تم  يوم الجمعة 18/03/2011 أمام وزارة الداخلية التونسية على الساعة  13 و30 دق والذي استمر إلى الساعة 16:00ورفعت خلاله شعارات مطالبة بحق النساء المحجبات في بطاقة تعريف بالحجاب تمكنت اللجنة من تسليم نص بيانها المؤرخ بتاريخ 15/03/2011  إلى مسؤول رفيع المستوى بوزارة الداخلية تعهد بإيصاله لوزير الداخلية  و الذي ذكر خلاله الحالات التي رصد  حرمانها من بطاقة تعريف بالحجاب،ومطالبة السلطة التونسية و وزارة الداخلية التونسية بالانسجام مع مقتضيات الثورة التونسية و تمكين المحجبات في حقهن  المشروع في بطاقة تعريف بالحجاب .
ونظرا لعدم اتخاذ السلطة التونسية ووزارة الداخلية التونسية تحديدا لموقف مغايرمن حق المحجبات في بطاقة التعريف بالحجاب .
و نظرا لرصدنا لحالات جديدة لمواطنات تونسيات حرمن من حقهن في بطاقة هوية تونسية بالحجاب مثل السيدة عفاف عمار حرم السيد ثامر عبروق صاحبة بطاقة تعريف وطنية عدد 06816874 و ذلك بمنطقة جمال بالساحل التونسي وتعرضت لنفس الإشكالية السيدة جليلة العمري بمركز المروج 1 التابع لولاية بن عروس .
فإننا ندعو الشعب التونسي نساء  و رجالا و كل المناضلين في لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس للالتحاق باعتصام حاشد أمام  وزارة الداخلية التونسية لتجديد العهد مع النضال من أجل حرية المعتقد و اللباس في تونس و ذلك يوم الجمعة 1أفريل 2011. كما ألحقنا هذا البيان بمقاطع ، صور و فيديو لاعتصامنا السابق بتاريخ 18/03/2011 . و الله  ولي التوفيق صفحة الفايس بوك : لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس. البريد الالكتروني :   protecthijeb@yahoo.fr
 


سكب على نفسه البنزين داخل مقر ولاية القيروان: أعوان الجيش ينقذون كهلا حاول الانتحار… بسبب أطفاله الخمسة


٭ القيروان ـ «الشروق»:
أقدم كهل على سكب البنزين على جسمه ومحاولة احراق نفسه داخل مقر ولاية القيروان، لكن أعوان الجيش تمكنوا من انقاذه. حدث ذلك يوم السبت 20 مارس اثر مقابلته والي الجهة بسبب بطالته ومن اجل المطالبة بمورد رزق لأسرته وقد تم نقله الى منطقة الشرطة بالجهة ثم أطلق سراحه.
نجا الكهل لكن محاولته إحراق نفسه خلفت أكثر من سؤال لكونها حدثت أمام عشرات المتواجدين بالولاية. فأي دافع ليفعل الكهل ما فعل بعد تحقق الثورة ؟ «الشروق» التقت الكهل رضا مراد (46 سنة) بمحل إقامته بحي صفاقس بالقيروان، للاستفسار عن سبب محاولته إحراق نفسه وعن فحوى لقائه بوالي القيروان.
حياة بلا معنى
«أصبحت اخجل من نفسي، لقد ضعت وجعت» هذه أولى صرخات السيد رضا، والد الأطفال الخمسة مضيفا انه عاطل عن العمل منذ اشهر وانه لم يجد المال لتسديد معلوم الكراء المتخلد بذمته منذ 3 اشهر وأنه لم يجد ما ينفقه على اسرته من غذاء وملابس وأدوات مدرسية وغيرها.
مهنته «مرشد سياحي» أو «بزناس» بالأحرى تأثرت كثيرا وتوقف السياح جعله في أسوإ حال. وقال رضا انه أضحى مدينا لجميع الأقارب والأصدقاء كما أصبح يخجل من المرور امام الدكاكين وهو مطأطأ الرأس من الديون. وأوضح انه عند العودة الى أطفاله (بين 10 و18 سنة) وهو خالي الوفاض بلا طعام وهدايا ولا مستلزمات دراستهم يخجل من نفسه.
وقال انه «يذوب» حسرة وهو ينظر الى أطفاله ينتظرونه عند الباب ولا يحمل إليهم ما يحلمون وما يحتاجون. وبين انه أضحى يكره العودة الى المنزل كما يكره مقابلة الأصدقاء والجيران لان الجميع يريد أن يطالب بديونه بينما لا يجد الى خلاصها خلاصا. وقال وهو يعتصر من الالم انه كلما طرق باب المنزل وهو بالداخل خفق قلبه خشية قدوم من يطلبه أمواله. بل وصل به الحال الى تقديم احدى السيدات شكوى ضده لأنه لم يسدد لها أموالا اقترضتها زوجته. دموع الرجال…بنزين
«لا شيء يساوي دموع الرجل وشعوره بالذل»، هو الحال الذي أصبح عليه منذ أشهر. ظروفه الصعبة دفعته لاول مرة في حياته الى ان يلتجئ الى المسؤولين. ويقول رضا انه توجه مساء السبت الى والي الجهة. واعترف انه عندما قصده عزم على تحقيق أمر من ثلاث حسب قوله. وهي اما تمكينه من مورد رزق اوان يسجن اثر خلاف او…وذلك ما حاول فعله وخطط له مسبقا.
وبعد ساعات من الانتظار بين طوابير المواطنين المترقبة دورها نجح في مقابلة الوالي وقدم اليه مطلبه حسب قوله. لكن وبسبب غياب تواصل جدي بينه وبين والي الجهة حسب روايته بسبب تشنجه، وعدم تمكنه من تحقيق المطلب الاول وهو تمكينه من مورد رزق، بسبب عدم وجود حل بالشكل السريع الذي يريده، قرر الكهل تنفيذ بقية المخطط.
وعندما خرج من مكتب الوالي غاضبا حسب وصفه، عمد الى قارورة البنزين التي قال انه اقتناها وجلبها معه الى مقر الولاية ثم اخفاها بين النباتات قبيل دخوله الى الوالي، سكب البنزين على نفسه الى ان ابتلت ملابسه لكن أعوان الجيش المتواجدين بالقرب منه وهم يطلبون منه الخروج، نجحوا في منعه من إضرام النار في نفسه…وفشل كذلك في تحقيق المخطط الثاني.
مسؤول…يسمع!
رغم صعوبة وضعه المادي، الا انه كان خفيف الظل غزير النكتة..صادقا. وقال رضا ان قوات الجيش سلمته الى إحدى الفرق الأمنية. وتم اصطحابه الى منطقة الشرطة، ولم يتم إيقافه(حسب استعداده المبدئي) بل تم الاستماع الى روايته التي قدمها بكل تفاصيلها. وبعد ساعتين عاد رضا الى منزله والى أبنائه وغير ملابسه المبللة بالبنزين وتطهر من «غضبه».
«أعرف انها مخالفة للشرع وللقانون» يؤكد السيد رضا مضيفا انه لم يكن يشعر بمعنى حياته وهو لا يجد ما ينفقه على أسرته. وطالب المسؤولين بتغيير معاملتهم والاستماع الى مشاغل المواطنين حتى وان لم يقدروا على ايجاد الحلول، مؤكدا انه عندما وجد من يسمعه بمقر منطقة الشرطة هدأ روعه واستعاد ثقته بالناس وبنفسه.
عاد رضا الى أطفاله لكنه عاد الى بطالته وعاد اليه في المقابل الدائنون وأصحاب المحل يطالبون بمعلوم الكراء، ولان طلبه في مورد رزق او منحة اجتماعية لم يتحقق، فانه ما زال يخجل من نفسه ومن أطفاله ومن جيرانه ومن أصدقائه! ٭ ناجح الزغــدودي
 
المصدر: جريدة « الشروق  » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 مارس 2011)  


خمسة قوارب مهاجرين إلى لمبادوزا


حرر من قبل التحرير في الإربعاء, 23. مارس 2011 وصلت في الليلة الفاصلة بين الثلاثاء والإربعاء 5 قوارب هجرة سرية من تونس إلى جزيرة لامبدوزا الإيطالية محملة بحوالي 500 شاب تونسي، وذكر مراسل راديو الـ « ف دي آر » من الجزيرة أن حوالي 6 آلاف من المهاجرين أغلبهم من التونسيين ينامون في العراء، وقد بدأوا يخوضون تحركات احتجاجية من أجل نقلهم إلى داخل إيطاليا.

وأفاد أن السلطات الإيطالية تتباطئ في نقلهم على أمل أن يبرم وزير الخارجية « روبارتو ماروني » الذي يزور تونس في غضون هذا الأسبوع اتفاقية لإرجاعهم.
 وفي شأن متصل صرح وزير الدفاع الإيطالي أمس الإربعاء أن المهاجريين السريين من حاملي الجنسية التونسية لن يتحصلو على اللجوء السياسي، وأفاد الوزير في تصريحات إذاعية أن السلطات الإيطالية ستعمل على تحديد هويات اللاجئين قبل إعادتهم إلى تونس واعتبر وزير الدفاع الإيطالي أن المهاجرين لم يهربوا من دولة في حالة حرب إنما هربوا من دولة تفتقد النظام.
 وقال وزير الدفاع إن وزير الداخلية الإيطالي سيزور تونس في وقت لاحق الاسبوع الجاري للقاء المسؤولين الحكوميين وبحث مسألة الهجرة السرية. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 23 مارس 2011)
 


«الشروق» كانت في استقبالهم بالمطار: أخيرا، بحارة «حنبعل2» بين عائلاتهم


٭ تونس ـ «الشروق»:
شماريخ وزغاريد وورود وهتاف لتونس وللحرية كانت تلك ابرز ملامح ما حدث مساء اول أمس الثلاثاء في بهو المحطة الثانية لمطار تونس قرطاج الدولي… حيث كان من المنتظر وصول طاقم السفينة حنبعل 2 المفرج عنهم الاسبوع الماضي في الصومال بعد اختطافهم من قبل قراصنة في شهر نوفمبر الماضي..
مشهد احتفالي لم ترهقه ساعات الانتظار المطولة التي قضتها عائلات الرهائن… فأغلبهم كان يغني ويبتسم ويرقص ويعانق بعضهم البعض ويقول ما إن بادره صحفي بالسؤال: «فلتصل الطائرة متى تشاء… ولتتأخر متى تشاء… يكفينا فقط اليقين بأنهم في الطريق إلينا».
ظهروا أسرة واحدة في تلك الأمسية… فالكل يتحدث الى الكل بحميمية… والكل يستقبل بذات الحميمية كل وافد جديد من عائلات المخطوفين. وحّدتهم الأزمة كما يقولون وجمعت أصواتهم المتباعدة في صوت واحد ينادي باطلاق سراح أبنائهم.
تآزر
«كان علينا ان نتآزر ونتحرّك بخطوة واحدة لمواجهة الأزمة» هكذا قالت منى الزواري شقيقة المفرج عنه أيمن الزواري اصيل مدينة قليبية والبالغ من العمر 27 سنة … مشيرة الى أن أشهر الاختطاف مرّت على العائلات وكأنها سنين… وهم يعايشون حادثة ظلّت لسنوات مجرد قصص تروى للأطفال تقول ان القراصنة هم مجرمون محترفون يسكنون عرض البحر.
«ظل أيمن طيلة اشهر الاختطاف يهاتفني مرة واحدة في الشهر لمدة لا تتجاوز 5 دقائق يخبرني فيها أنه مايزال على قيد الحياة وأنهم انتزعوا منه كل ما هو ثمين حتى حذاء» هكذا تروي والدته غزالة النمر ما حدث خلال أشهر الاختطاف.
وأضافت لـ «الشروق» ان الخوف تملّكها بعد 14 جانفي اذ هاتفها أيمن بصوت متلعثم وقال لها كلاما لم تفهمه… يومها أمضت ليلتها في «السانية» دون ان تفهم ما قد يحصل على حد قولها.
رسائل مشفرة
«شكرا للإذاعة الوطنية» هذا ما كان يقوله الجميع… فالعائلات استطاعت التواصل مع المخطوفين في الصومال بتمرير رسائل مشفّرة… كانوا يتوجهون بالقول الى الربّان فوزي فرادي بالقول: «نحن بخير يا فوزي وغدا سيكون لنا «ماتش» في الساعة الثالثة وسنفوز وسنحاول الاتصال» وهي كلمات مشفّرة تعني انه لنا لقاء جديد مع مسؤولين في الخارجية حول تقدم المفاوضات وحول الاتصال بنا»… كل هذا كان يتم عبر موجات الإذاعة الوطنية.
مراوغة
تعترف أسماء أنه لولا ثورة 14 جانفي ما كان ليطلق سراح شقيقها وبقية المختطفين… إذ «أن المفاوضات كانت متوقفة من الجانب التونسي وهذا ما أكده لنا المختطفون أنفسهم، حسب قول أسماء إذ يقولون انه ليس هناك اي تفاوض وحين نتصل بالسيد فريد عبّاس يقول لنا انهم تحت الضغط لذلك مجبرون على القول بأنه ليس هناك اي تفاوض… لكن المخطوفين كانوا يؤكدون في كل اتصال ان مفاوض القراصنة لم يستطع الاتصال بالجانب التونسي». وتضيف أسماء انه كان من الممكن ان تتم التضحية بالمخطوفين لولا الثورة وضغط وسائل الاعلام.
كما صرّحت أسماء ان تونس الجديدة بلد تعامل علنا مع القراصنة فقط من أجل أبنائه لتثبت أن مواطنيها أغلى من أي ثمن.
عروس
وسط ذلك المشهد الاحتفالي الذي ميّز بهو المحطة 2 اين كان من المتوقع وصول الطائرة القادمة من دجيبوتي وعلى متنها المفرج عنهم وعلى الساعة السابعة مساء ظهرت عروس استقبلها كل من تواجد في المطار بالزغاريد والغناء.
كانت رشيدة الخرداني زوجة المفرج عنه محمد علي بونوّارة أصيل منطقة قربة والبالغ من العمر 27 سنة… والتي غاب عنها زوجها بعد مضي حوالي شهر ونصف عن زواجهما.
تزوّجا يوم 11 أكتوبر 2009 سافر بعدها الزوج في مهمة وظيفية على متن حنبعل 2 وعاد بعد ثلاثة أشهر… ثم غادر في مهمة جديدة استغرقت هذه المرة 9 أشهر وعاش خلالها حادثة الاختطاف.
تقول رشيدة لـ «الشروق» ان عريسها هاتفها قبل الحادثة بثلاثة أيام ليخبرها انه يشعر بالضيق وانه لم يخف قبل هذا اليوم وروى لها كيف تعرّضت السفينة الى عاصفة وهي في طريق العودة لتونس..
وأضافت انها طمأنته رغم انها تشاطره ذات الاحساس اذ «أنني حلمت أنني ابحث عن «حنبعل 2» في عرض البحر لكنني فقدتها».
رجل البحر
تحدثت بصوت مرتعش وقالت إنها تخاف وقوعها في حالة إغماء لحظة وصول الطائرة ورؤيتها لعريسها.
سألناها ان كانت ستوافق على عودته للعمل مجددا في البحر… فردّت «بالنسبة اليّ يستحيل ذلك لكنني مقتنعة انه سيعود لانه رجل يحب البحر». قالت ان محمد علي التقني المختص في الميكانيك نجح مرتين في انقاذ «حنبعل 2» لأنه لا يخاف الأزمات المفاجئة في البحر.. اذ نجح ذات مرة في طلب النجدة للسفينة بعد توقفها المفاجئ عرض البحر بسبب نفاد وقودها وهي في الطريق من اسبانيا الى ليبيا… اذ استخدم حينها خطّا جوالا تونسيا في محاولة لطلب النجدة من تونس… ونجح الامر .
كما نجح محمد علي مرة ثانية في اخماد حريق شبّ بشكل مفاجئ على متن «حنبعل 2».
بعد اختطافهم عاشوا لحظات رعب حقيقي حسب قول رشيدة… اذ فشلوا بداية في التصدّي للقراصنة (قبل خطفهم) اذ استمرّت محاولة التصدي وطلب النجدة حوالي 30 دق قبل ان يستخدم القراصنة أسلحة خاصة ورشاشات.
انتهت المغامرة
بعد خطفهم استمروا في تناول وجبة واحدة في اليوم كان يقدمها لهم القراصنة وشرب مياه مخصصة لتنظيف السفن.. كما كانوا مجبرين على استخدام بيوت الراحة لمدة دقيقتين فقط في اليوم وفي مخاطبة أهاليهم في تونس مرة واحدة في الشهر لمدة لا تتجاوز 5 دقائق. وانتهت المغامرة باطلاق الرصاص ارضا على مقربة من أرجلهم كردّة فعل غاضبة على تأخر موعد تسليم الفدية.
وترفض اليوم عائلات كل المخطوفين عودة أبنائها للعمل في عرض البحر.. بعد وقوعهم في قبضة قراصنة… في حادثة قد لا تمحى من ذاكرة الجميع.  
 
٭ أسماء سحبون  

(المصدر: جريدة « الشروق  » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 مارس 2011)  


محكمة الاستئناف بتونس تؤجل البت في قضية حل التجمع الدستوري الديمقراطي إلى يوم 28 مارس


أجلت محكمة الاستئناف بالعاصمة يوم الخميس البت في القضية التي رفعتها هيئة الدفاع عن حزب التجمع الدستوري الديمقراطي للطعن في الحكم الابتدائي الصادر ضده والقاضي بحله إلى 28 مارس الجاري للمفاوضة والتصريح بالحكم.

وسجلت الجلسة اليوم حضور ممثل عن المكلف العام لنزاعات الدولة تكفل بتقديم تقرير الرد على الدعوى وذلك إلى جانب المحامي فوزي بن مراد النائب عن وزير الداخلية، وغياب المحامي سامي جميل لسان دفاع التجمع الذي أناب محاميا آخر للحضور محله، والذي اكتفى بتقديم تقرير مرفوق بمستندات إلى القاضي.
فمن ناحية الشكل استند الدفاع للطعن في الحكم الصادر ضد التجمع الدستوري الديمقراطي « إلى التشكيك في مصداقية إنابة المكلف العام بنزاعات الدولة للمحامي فوزي بن مراد لتقديم القضية ». أما من ناحية الأصل فقد استند إلى أن « توقيف العمل بالدستور يترتب عنه وجوبا حل المنظومة القانونية في البلاد بمجملها ».
وفي تصريح بعد الخروج من قاعة الجلسة، أكد المحامي فوزي بن مراد أن حضور ممثل المكلف العام لنزاعات الدولة، اليوم، هو تأكيد على أن هذا الهيكل هو الطرف القائم بالدعوى.
أما في ما يتعلق بالطعن أصلا في الحكم كان رده أن « الدستور هو مجموعة من القواعد المنظمة للمؤسسات السياسية للدولة ولا يمثل كل القوانين، بدليل أن بقية هياكل الدولة مازالت قائمة والمحاكم مفتوحة وتصدر الأحكام يوميا ».
كما أشار إلى أن محامي الدفاع « ارتكب خطأ إجرائيا، إذ خالف الفصل 21 من القانون المنظم للأحزاب » الذي يفرض أن يقدم المستأنف طلب الاستئناف إلى المحكمة التي صدر عنها الحكم الأول، موضحا أن محامي الدفاع قدم قضيته إلى محكمة الاستئناف بالعاصمة عوضا عن المحكمة الابتدائية بتونس.
وللتذكير فان المحكمة الابتدائية بتونس كانت أصدرت في 9 مارس الجاري حكما في القضية الاستعجالية التي رفعها وزير الداخلية يقضي بحل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي وتصفية أمواله والقيم الراجعة له عن طريق إدارة أملاك الدولة وحمل المصاريف القانونية على المدعى عليه. (المصدر: جريدة « الصحافة  » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 مارس 2011)  


قابس مسيرة شعبية تنادي بحلول جذرية لمعضلة التلوث


خرج اهالي قابس عشية أمس الاثنين فى مسيرة شعبية كبيرة للمطالبة بمعالجة اشكاليات التلوث الناجمة عن تحويل الفسفاط بوحدات المجتمع الكيميائي التونسي ووضع حد لمعاناتهم وتعويض الجهة عن الأضرار التى لحقت بها جراء هذه الصناعة.

وجاءت هذه المسيرة التى شاركت فيها مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية وجابت الشوارع الرئيسية للمدينة ضمن تظاهرة تحسيسية التأمت تحت شعار (تلوث ..ارحل) ببادرة من الاتحاد الجهوي للشغل وجمعية قابس 2000 .
وارتدى العديد من المشاركين أقمصة كتبت عليها شعارات تؤكد على ضرورة القضاء على التلوث بقابس فيما وضع البعض الآخر كمامات لإبراز الخطر الذي بلغه تلوث الهواء بالجهة.
ويمثل الملف البيئي الهاجس الأكبر لمتساكني مدينة قابس ولكل مكونات المجتمع المدني فيها ولم يقع التعامل مع هذا الملف من قبل نظام الرئيس المخلوع بجدية اذ لم تتعد الحلول التي تم الاعلان عنها حدود الاستهلاك السياسي.
يذكر أن صناعة تحويل الفسفاط بولاية قابس كانت من بين العوامل الرئيسية لتراجع الصيد البحري بخليج قابس الذي تلوث بمادة الفوسفوجيبس وأحد الأسباب الهامة لبروز العديد من المشاكل الصحية التي لم تكن موجودة من قبل.
كما ترتب عن هذه الصناعة استغلال مفرط للمائدة المائية وإضرار كبير بالنشاط الزراعي فضلا عن سد الآفاق أمام القطاع السياحي على الرغم من الإمكانيات السياحية الهامة التي تتمتع بها الجهة. (المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 مارس 2011)  


مواصلة التحرك من أجل إنقاذ مطار المنستير


حرر من قبل التحرير في الإربعاء, 23. مارس 2011 عقدت اللجنة المحلية للدفاع عن مطار المنستير الدولي واللجنة القانونية المنبثقة عنها مؤتمرا صحفيا بأحد نزل جهة المنستير يوم الثلاثاء 22 مارس حضره عدد من وسائل الإعلام الوطنية والدولية و ذلك لتفسير آخر مستجدات الإعتصام الذي يخوضه أعوان وموظفو المطار منذ أكثر من أسبوعين وقد أكد أعضاء اللجنة أن القضية التي يناظلون من أجلها ليست قضية مطلبية إنما هدفهم المحافظة على منشأة وطنية تريد الشركة التركية تهميشها وإغلاقها بتحويل انشطتها إلى مطار النفيضة الدولي.

وأكد المعتصمون أن جميع خيارات التصعيد تبقى ممكنة في حال لم تتحرك السلطة والجهات المسؤولة لإعادة مطار المنستير تحت إشراف ديوان الطيران المدني و المطارات.
 كما أكد أحد أصحاب النزل عن تضرر القطاع السياحي وسيارات الأجرة ووكالات الأسفار من التقليص في نشاط المطار وتضررت من تهميشه كل الولايات الساحلية. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 23 مارس 2011)


مثقفون من باجة يعترضون على تعيين أحمد الشوبانـي مندوبا للثقافة


حرر من قبل التحرير في الإربعاء, 23. مارس 2011 تجمع يوم أمس الأربعاء 23 مارس عشرات الأكاديميين ومئات المثقفين ونشطاء من الهيئات المدنية المستقلة بولاية باجــة أمام مقر المندوبية الجهوية للثقافــة، وذلك للاحتجاج على قرار وزير الثقافة بتعيين أحمد الشوبانـي على راس الإدارة، وطالبوا برحيله فورا متمسكين بمحاسبته على خلفية التهم التي وجهت له من قبل إطارت ومثقفين من ولاية جندوبة التي كان يتولى إدارة شؤونها الثقافية.
ورفع المعتصمون شعارات تتهم المدير الجديد بالفساد الإداري والمالي وخاصة انتمائه المعلوم للحزب الحاكم سابقا. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 23 مارس 2011)


اعتداء على الكاتب العام للنقابة الأساسية للتعليم الثانوي بباجة


حرر من قبل المولدي الزوابي في الإربعاء, 23. مارس 2011 قالت مصادر حقوقية ونقابية أن رشيد العمدوني الكاتب العام للنقابة الأساسية للتعليم الثانوي بمدينة باجة تعرض يوم أمس الأربعاء 23 مارس إلى اعتداء بالعنف اللفظي والمادي.

وحسب تصريح أدلى به العمدوني قال بأنه تعرض للاعتداء من قبل عناصر مليشيا مدعومة وممولة من الكاتب العام للاتحاد الجهوي والنائب بالبرلمان عن التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، وصرح بأنها عناصر مسخرة لتصفية الاتحاد من المناضلين المستقلين فضلا على عدم استجابة الاتحاد للواقع الثوري الموجود بالجهة والبلاد عموما على حد تعبيره. وحسب مصادر نقابية فإن عددا من النقابيين أشعروا قبل أيام الأمين العام للاتحاد عبد السلام جراد بالاعتداءات الموجهة من الكاتب العام وتمسكهم بأنه لم يعد يلزم القواعد ولا يمثل مناضلي الجهة.
 فيما أضافت مصادر حقوقية بأن نقابيين سيتوجهون اليوم الخميس أو غدا الجمعة إلى مقر الاتحاد بتونس للاعتصام والمطالبة بتجميد ومحاسبة محمد بن يحي الكاتب العام للاتحاد الجهوي في انتظار انجاز مؤتمر ديمقراطي يحترم إرادة وطموحات النقابيين بمختلف أطيافهم. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 23 مارس 2011)
 


في الندوة الصحفية لحزب العمال الشيوعي التونسي الملكية لها وظيفة اجتماعية، وعلاقة الدين بالدولة شجرة تحجب الغابة


 
نحن مع حكومة مؤقتة تكون بنتا للثورة… والرئاسة المؤقتة والحكومة الانتقالية الحاليتان من الماضي

تمكنا من إقتلاع حقنا في العمل السياسي بواسطة الثورة الشعبية. شهداء ثورة 14 جانفي هم حلقة متقدمة لشهداء الاستقلال، والسلطة مازالت بعيدة عن الشعب والمهمات كثيرة ومتكاثرة. تلك هي أبرز الأفكار، في المداخلة الافتتاحية للسيد عمار عمروسية في الندوة التي أقامها حزب العمال الشيوعي التونسي في فضاء التياترو، أمس الاربعاء 23 مارس 2011، ابتداء من الحادية عشرة صباحا.الحضور في فضاء التياترو كان كبيرا، على الجدران علقت لافتات حملت صور «الرفاق»الذين غيبهم الموت (الطاهر الهمامي، المنجي الدهماني، ساسي الزيادي…) كما حملت شعارات من نوع (أمميون ولكننا  مفعمون بالعزة القومية، من أجل المساواة التامة والفعلية بين الجنسين…) وكانت الندوة قد فتحت بنشيد من فرقة موسيقية تابعة لشبيبة الحزب (عهدا أبدا لن ننسى شهداء الحقل، المصنع…).
حمة الهمامي، زعيم حزب العمال الشيوعي في كلمته الافتتاحية حيى النساء والرجال والعائلات الذين حموا الحزب ومناضليه في أوقات الشدة، وذكر ان الشعب التونسي أسقط الدكتاتور وهو الآن بصدد تفكيك الدكتاتورية.
ظاهرة كثرة الأحزاب لا تزعجنا
ردّا على سؤال حول ظاهرة تكاثر الاحزاب في تونس، بعد الثورة، ذكر حمة الهمامي أن الأمر عادي، بعد اكثر من خمسين سنة من انعدام حرية الانتظام، واضاف نحن لسنا منزعجين من كثرة الأحزاب، الحياة والبقاء ستكون للحزب الذي يملك قاعدة شعبية واجتماعية.
وأكد على أنه إذا ما بدأنا منع تكوين الأحزاب يمكن أن يتوسع هذا المنع كما حصل في العهد السابق.
نحن ضد النظام الرئاسي ومع تأميم القطاعات الاستراتيجية
عن النظام السياسي، الذي يتبناه الحزب، ذكر السيد حمة الهمامي أن تونس عانت أكثر من 50 سنة من النظام الرئاسي وليس من المعقول تكرار التجربة، واضاف نحن مع نظام برلماني تكون فيه سلطة الرئيس رمزية، وهو الخيار الذي تبنته دول مثل ايطاليا وألمانيا واليونان، التي عانت من الدكتاتورية.
وعن المسألة الاقتصادية، ذكر الهمامي ان الثورة يجب ان تكون في يد الشعب. واضاف ان حزب العمال الشيوعي التونسي سيدعو الى تأميم القطاعات الاستراتيجية التي لا يمكن أن تكون في يد حفنة من الأفراد، كما سيدعو الى أن تكون إدارة هذه القطاعات الاستراتيجية في يد العمال وتدار بشكل ديمقراطي، وليس بحكم الرئيس المدير العام. «الملكية لها وظيفة اجتماعية» هو مبدأ سنعمل على أن يقع التنصيص عليه في الدستور. كما أن مراجعة العلاقة مع الخارج ضرورية، وعلى النظام الوطني الديمقراطي ان يناقش من جديد كل الاتفاقيات حتى لا يضر الرأسمال الكبير بالعمال والمزارعين والحرفيين والتجار الصغار وأصحاب المؤسسات الصغرى.
مجلس حماية الثورة والحكومة المؤقتة
شاركنا في مجلس حماية الثورة، الذي يضم أعضاء وممثلين عن 29 حزبا وجمعية ولا تزال أبوابه مفتوحة، قال حمة الهمامي مؤكدا على أن هذا المجلس هو الأقدر على قيادة المرحلة الانتقالية وعلى رقابة الحكومة المؤقتة والرئاسة المؤقتة، اللتين نعتبرهما من الماضي.
الرقابة ضرورية وتبرز هذه الضرورة أخطاء الحكومة المؤقتة التي برزت في تعيينات الولاة والمعتمدين وفي سلك الأمن. كما أن  السياسة الخارجية التونسية تطرح العديد من التساؤلات. لماذا ذهب السيد الباجي قائد السبسي الى الجزائر? تساءل السيد الهمامي مشددا على رفض حزبه لاستعمال المجال الجوي التونسي لضرب ليبيا، وعلى ضرورة أن تتشاور الحكومة المؤقتة مع الجميع.
وخلص الى القول نحن مع حكومة مؤقتة تكون بنتا لهذه الثورة.
الدين والدولة أو الشجرة التي تحجب الغابة
عن الجدل المثار حول الدين في علاقته بالدولة،قال حمة الهمامي ، نحن مع نقاش كل القضايا، ولكن من الضروري اليقظة والانتباه مع بعض القضايا المفتعلة. كما حدث مع قضية الجهوية، في قصر هلال، وقضية العروشية في قفصة، واعتبر الهمامي أن علاقة الدولة بالدين لا ترتبط بالهوية التونسية التي تمتد على اكثر من ثلاثة آلاف سنة، ولكن العلاقة ومسألة الدين والدولة مربوطة أساسا بالحريات وحقوق الانسان. هذا النقاش قد يتحول الى الشجرة التي تحجب الغابة.  
عربي ومسلم من أجل ماذا? تساءل الهمامي مؤكدا على قيمة الفكر والديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة وحرية الابداع. الإدارة لم تقهر بعد والبوليس السياسي لا يزال يعمل والاعلام مازال مكبلا، واعداء الثورة سيعودون الى السلطة بشعارات الثورة نفسها، ورد الهمامي عن سؤال حول رأيه في تكوين أعضاء من التجمع لأحزاب جديدة، وحذر من أن التزوير بالمال والإرشاد، هو الذي يهدد انتخابات المجلس التأسيسي المقررة في 24 جويلية 2011، واعتبر أن الموعد لا يسمح للاحزاب بتهيئة نفسها، خصوصا وأن الشباب والعائلات ستكون منشغلة في هذا التوقيت بامتحانات نهاية السنة.
بالعودة الى المسألة الدينية ألح الهمامي على ضرورة فصل الدين عن الدولة وقال: كما أننا ضد منع لباس الحجاب بالعصا، نحن أيضا ضد لباس الحجاب بالعصا. واشار الى مفارقة حماية بريطانيا العلمانية  لراشد الغنوشي، الاسلامي  والتجاء بن علي شبه العلماني، الى السعودية.
 عن الموقف من الوضع في ليبيا اشار زعيم حزب العمال ان أحد ابعاد الثورة التونسية هو هذا البعد العربي، الذي امتد الى مصر وليبيا واليمن والبحرين، نحن ضد التدخل الأجنبي في ليبيا وكان على الأمم المتحدة الضغط بالتفاوض على النظام الليبي، وحذر من تدخل الرجعية العربية مع الإمبريالية لخنق هذه الثورات.
في ملاحظة أحد الحضور لإغفال مشروع العفو التشريعي العام للمساجين السياسيين في فترة ما قبل 1987، أكد الهمامي على ضرورة أن يشمل العفو والتعويض لكل هؤلاء وذكر أمثلة من أعدموا في سنة 1982، ومثال أحمد المرغني وجماعته، التي لا تعرف عائلاتهم أماكن دفنهم. كمال الهلالي

(المصدر: جريدة « الصحافة  » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 مارس 2011)  


الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة تفاصيل الجلسة الثانية.. والسبت جلسة حاسمة


انتهى الاجتماع الثاني للهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي الثلاثاء على الساعة الثامنة مساء واتسم  النقاش بالحدة  بين مكوناتها، وأصر جميع الحضور على التدخل وكانت القضية الأساسية التي تناولها الاجتماع هي تركيبة الهيئة وتوسيعها.

و من جانب آخر اتفقت الأغلبية  على استكمال عمل هذه الهيئة رغم وجود دعوات لتعليق أعمالها كما تقرر أن تؤجل الجلسة المقررة اليوم إلى يوم السبت 26 مارس.
وكلف الاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان لاعتبار امتداد هاذين المكونين جهويا إضافة إلى هيئة المحامين، -بطريقة غير رسمية-  بالعمل بالتنسيق مع عياض بن عاشور رئيس الهيئة على الاتصال بالجهات واقتراح ممثلين عنها
وشدد مختلف المتدخلين في هذه الجلسة المغلقة التي منع الصحفيون من حضورها على أحقية الإعلام في تغطية جلسات الهيئة المستقبلية، خاصة الجلسات الافتتاحية منها والختامية وأيضا تقرر أن ينجز بيان صحفي للإعلام . 
ويذكر أن اقتراحات ركزت على نقطة تنقيح المرسوم الذي قرره الرئيس المؤقت عدد6 القاضي ببعث الهيئة خاصة الفصل 7 منه القاضي بأن تجتمع الهيئة بدعوة من رئيسها أو من ثلثي أعضائها وتكون مداولاتها سرية ولا تكون جلساتها شرعية إلا متى توفر النصاب بحضور أكثر من نصف أعضائها.
مقررات

تقرر دعم تمثيلية الأحزاب داخل الهيئة بإضافة عضوين عن كل حزب بشرط أن يدعم كل حزب ممثل بالهيئة بعنصر شاب وآخر نسائي، ويأتي  ذلك بعد نقاش حاد على التركيبة الحالية وغلبة الشخصيات الوطنية وغياب العنصر الشبابي والنسائي، خاصة من الممثلين للأحزاب السياسية.
وأكد محمد القوماني الممثل في الهيئة عن « حزب الإصلاح والتنمية » أن هناك مساعي لمزيد تمثيلية أحزاب أخرى داخل الهيئة.
كما تقرر تطعيم الهيئة  بعناصر ممثلة لعائلات شهداء  الثورة للمشاركة في أشغال المجلس تكريما لأرواح أبنائها شهداء ثورة الحرية والكرامة.
ويذكر أن قوى سياسية ونقابية  تشمل ممثلين عن أحزاب رفضت الانضمام للهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة وعددا من الحقوقيين هم الذين بادروا بتكوين اللجان الجهوية والمحلية لحماية الثورة. وترتبط عدد من اللجان بالهياكل الجهوية والمحلية للاتحاد العام التونسي للشغل.
واعتبر أحمد الرحموني رئيس جمعية القضاة التونسيين وممثلها داخل الهيئة أن جلسة السبت ستكون مختلفة عن سابقاتها، وقال » يتوقع أن تستكمل الهيئة تشكيلها وسيتم تجاوز الخلاف القائم حاليا »

ومن جانبه أكد  عياض بن عاشور أن  الحكومة تفاعلت مع ملاحظات أعضاء الهيئة ، وأنها أبدت استعدادا  لتجاوز مختلف النقائص. ويتوقع أن يتجاوز عدد أعضاء الهيئة الـ130 عضوا بأخذ الاعتبار لمكوني هيئة الخبراء.
جوانب أخرى

النقاش الحاد وإصرار الجميع على التدخل، وجعل الجلسة تستمر قرابة 5 ساعات، وفي خضم الأجواء الحارة، لم يستطع  عياض بن عاشور أن  يواصل رئاسة الجلسة بل عوضه أحد أعضاء لجنة الخبراء، ولكنه عاد في خاتمة  الاجتماع ليتلو المقررات  الختامية.
كما تطرق عدد قليل من الحضور إلى ضرورة الشروع في نقاش مشروع القانون المنظم لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي، غير أن صوت الاحتجاج على التركيبة غلب في الأخير.
وعلمت « الصباح » من مصادر كانت حاضرة في الجلسة أن عددا من الشخصيات الوطنية، شملها اتهام بالولاء للنظام السابق وهو مما اضطر العميد السابق للمحامين عبد الجليل بوراوي إلى التدخل والرد على اتهام شمله شخصيا. 
كما طالب عدد من الممثلين عن الأحزاب الاثني عشرة المشاركة بالهيئة بضرورة تشريك عدد من الشخصيات الوطنية التي « كانت ومازالت حاضرة بقوة في الساحة » حسب رأيهم  وتكررت أسماء عدة على غرار هشام جعيظ والصادق بلعيد ومحمد الطالبي وسليم دولة وقيس سعيد على أن يقع استثناء شخصيات أخرى مشاركة في هذه الهيئة.
كما شهدت هذه الجلسة انسحاب العضو جلبار النقاش احتجاجا على منع الاعلام من تغطية أشغال هذه الجلسة.
هل تحسم العملية السياسية الخلاف؟
يبدو أن النية متجهة نحو فسح المجال للعملية السياسية، لتجاوز الخلافات الحاصلة داخل الهيئة التي رافق عملها ضغط داخلي وخارجي بدلا عن الجانب الفني. ومن ناحيتها تواصل  الحكومة التعامل بمرونة كبيرة مع اقتراحات مكونات الهيئة  وأيضا مع عدد من الأحزاب التي تطالب بالتمثيل، ولم تستثن هذه المرونة أحزابا أخرى ترفض التواجد في الهيئة العليا. ويتوقع المتابعون أن يجري وفاق تتممه العملية السياسية لتجاوز الخلاف الذي يشق الهيئة .
ويتوقع أن تشهد الهيئة تمثيلا لأحزاب أخرى مازلت لم تمثل أو غير راضية عن مهام هذا الهيكل، ولكن بطرق أخرى غير التمثيل المباشر وبصيغ أخرى. وستكون جلسة يوم السبت حاسمة في مستقبل الهيئة العليا لحماية الثورة ويتوقع أن يتم  حسم تركيبة الهيئة، غير أن أطوارا وحلقات  أخرى لا تقل أهمية تنتظر  عمل عياض بن عاشور وزملائه خاصة أن الأولويات ستكون للقانون المنظم للعملية الانتخابية للمجلس الوطني التأسيسي وأيضا الهيئة المشرفة على هذه الانتخابات.
 أيمن الزمالي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 مارس 2011)


قضاء تونس يبحث عن استقلاليته


إيمان مهذب-تونس

يرى مختصون في مجال القضاء بتونس أن مرحلة ما بعد الثورة هامة لجهاز القضاء، ودعوا إلى ضرورة العمل لتحقيق استقلالية وشفافية هذا الجهاز، مؤكدين أن العدالة شهدت في الفترة السابقة وضعية متدهورة لمدة تزيد عن نصف قرن، ما أدى إلى هيمنة تكاد تكون مطلقة للسلطة التنفيذية على القضاء، فضلا عن غياب حرية التعبير والتجمع.

وتأتي هذه المواقف بينما تستعد جمعية القضاة التونسيين لتنظيم يوم وطني لاستقلال القضاء السبت القادم، وستدعو فيه جميع القوى الحية من جمعيات وهيئات ونقابات وأحزاب.
وأكد رئيس جمعية القضاة التونسيين أحمد الرحموني للجزيرة نت أن « هيمنة الإدارة على القضاء وتركيز نظام وصاية عليه كان من أثره ممارسة إدارة رئاسية على القضاة والمحاكم ومختلف المؤسسات القضائية »، مشيرا إلى أن ذلك ساهم في غياب قيم المشاركة والشفافية والانتخاب.
وأضاف أن ذلك تسبب أيضا في انحسار ممارسة القاضي لواجبه بصفة مستقلة وتم تهميش المجلس الأعلى للقضاء كمؤسسة دستورية وتم بصفة أساسية -حسب قول الرحموني- تسخير المؤسسة لخدمة أغراض النظام السياسي الفاسد.
والأمر نفسه أبرزه الناشط الحقوقي عضو الهيئة الوطنية للمحامين بتونس فتحي العيوني الذي قال إن « القضاء التونسي  كان يعاني من أهم مشكل يتمثل في استقلاليته »، معتبرا أن النصوص القانونية كانت تكبل القضاء ولا تجعله يتصرف كسلطة مستقلة.
وأوضح العيوني أن الدستور التونسي قد خص السلطة القضائية بأربعة فصول فقط، ولم ينص على استقلالية القضاء، ففي الفصل الـ65 من الدستور تمت الإشارة فقط إلى أن القضاة مستقلون دون التأكيد على استقلالية القضاء.
وقال إن الفصول الأخرى التي تعد مثلا أن الأحكام تصدر باسم الشعب التونسي لكنها تنفذ باسم رئيس الجمهورية، في حين أن الأحكام في الدستور الفرنسي تصدر وتنفذ باسم الشعب الفرنسي.
ومن جهته، اعتبر المحامي وكاتب عام المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب منذر الشارني أن النظام السابق كان يستخدم القضاء جهازا من أجهزة القمع، وأن وزارة العدل كانت تحكم قبضتها على القضاء، مشيرا إلى أن القضاة كانوا يتعرضون للعديد من الضغوط حتى في القضايا غير الجنائية.
وبيّن الشارني أن القضاء كان بصفة عامة سلاحا بيد السلطة التنفيذية والسياسية، غير أنه أبرز للجزيرة نت أن المحكمة الإدارية كانت نوعا ما مستقلة وكانت تحكم بإسناد جوازات سفر للمحرومين منها، كما أن هذه المحكمة كان لها مواقف من حرية اللباس معتبرة إياه منشورا غير قانوني، حسب قوله. مرحلة انتقالية

وأكد المختصون أن جهاز القضاء لم يشهد الكثير من التغيير بعد رحيل نظام الرئيس زين العابدين بن علي، وقالوا إن المؤسسات  لم تتغير من الناحية الهيكلية، إلا أنهم أكدوا أهمية تحقيق مطالبهم المتمثلة قي رفع يد السلطة التنفيذية على القضاء وتحقيق استقلاليته.
وقال الرحموني إن « الفترة الحالية تتطلب توفير الضمانات اللازمة في الفترة الانتقالية »، موضحا أن ذلك سيتم بعدد من الآليات منها تكوين لجنة قضائية منتخبة لإعداد الحركة والتوجه إلى رفع المظالم المقترفة في الفترة السابقة، بناء على أسس موضوعية وطبق معايير يتم ضبطها والإعلان عنها.
وبين أنه وعلى المستوى الوطني اقترح تشكيل لجنة وطنية بقصد إعداد مشروع للنهوض باستقلال القضاء.
من جهته رأى الشارني أن تطبيق العدالة الانتقالية هو الذي سيكون المساهم في الانتقال الديمقراطي، وأن هذه القترة تقتضي معاقبة كل من أذنب بحق الشعب التونسي، والنظر في كل قضايا الفساد المالي والسياسي والإداري وقضايا الأحداث الأخيرة التي وقعت أثناء الثورة التونسية.
وفي سياق متصل قال العيوني إن الهيئة الوطنية للمحامين دعت إلى إصلاح القضاء بتحريره وتكريس مبدأ الاستقلالية عن طريق منظومة قانونية تضمن الفصل بين السلط الثلاث.           (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 24 مارس 2011)


في لقاء مع الاعلاميين مدير « نسمة »يصرح لا « برلسكوني » ولا بن عمار جلبا لنا « هيلاري كلينتون »


تعاليق « الفايس بوك » لا تعيق عملنا ـ نظمت ادارة قناة « نسمة » صباح أمس لقاء اعلاميا لتوضيح بعض المسائل حول ما يروج من تعليقات وأخبار وأحكام حول هذه القناة في الفترة الأخيرة وخاصة في »الفايسبوك ».

وقال مدير القناة السيد نبيل القروي أنه يعول على الاعلام المحلي لمساندة قناة « نسمة » التي أمكن لها الخوض في المسائل السياسية بعد تاريخ 14 جانفي الذي جاء بتغيرات ايجابية لصالح القناة، ثم استدرك ليذكر بحلقة 30 ديسمبر 2010 التي صورتها القناة عن سيدي بوزيد والتي كانت بايعاز من أسامة رمضان رئيس وكالة الاتصال الخارجي أيام حكم بن علي وقد جاء ذلك المطلب لغاية دحض ما كانت قناة « الجزيرة » و »فرنسا 24″ تبثانه عن تفاقم الوضع الاجتماعي ووصول سكان هذه الولاية الى المنعرج الخطير. وأضاف القروي « لقد طبقنا التعليمات ولا ننكر ذلك ولكن كان ذلك مع شرط أن نصور من سيدي بوزيد ومنذ بث الثمانية دقائق الأولى انطلق الهجوم علينا ووجدنا البوليس السياسي يحاصر مقر استوديوهاتنا برادس ».
وتحدث نبيل القروي عن الضغوطات التي كانت تمارس على قناة « نسمة » في الفترة الوجيزة التي سبقت الثورة وانقلاب الحكم فقال أن المنشط كان يغادر « البلاتوه » باكيا لأنه كان مطالبا بتمرير مادة تلفزية مفرحة في الوقت الذي كانت فيه مناطق من تونس محاصرة وأهلها يقتلون.
وعن لقاء « هيلاري كلينتون » بالمشاهد التونسي عبر « نسمة » قال نبيل القروي: « لم نسع الى دعوة « كلينتون » ولم يكن « برلسكوني » ولا طارق بن عمار سببا في اختيار هذه السيدة لقناتنا بل ان الموضوع من تدبير وزارة الخارجية الأمريكية لانها كانت ترغب في استهداف الجمهور الليبي والمغربي والجزائري و »نسمة » هي قناة مغاربية لذلك اتصلت بنا وزارة الخارجية الأمريكية ونسقنا لهذا اللقاء ».   « طولك شو » فرضنا فيه اللهجة التونسية   ولمزيد من التوضيح قال القروي « هذا اللقاء ليس ندوة صحفية لذلك لا تنتقدوا الأسئلة ولا غياب عدد هام من الصحفيين، فاللقاء الذي حدد بساعة من الزمن هو « طولك شو » وقد كنا مطالبين باعداد قائمة المتدخلين من فئات ومهن اجتماعية مختلفة وقد فرض علينا في البداية أن ندير الحوار باللغة الانقليزية ولكننا رفضنا مفضلين اللهجة المحلية وقد اجتهدنا وحاولنا أن نقنع من خلال ما قدمنا ولكن يبدو أن موجة الانتقادات كانت أكبر مما توقعنا وبعض الصحفيين حملونا ما لا طاقة لنا به، فنحن لم نكن سبب الغاء الندوة الصحفية التي كانت ستعقدها كلينتون قبل التسجيل معنا ثم انها وعدتنا مثلا بالحضور في حدود الساعة الرابعة مساء وتأخرت عن موعدها ساعة كاملة وهذا دليل على أننا نحن أيضا قد تعرضنا لبعض ما تعرض له الاعلاميون في سفارة الولايات الأمريكية ».

وعن الاتهامات التي توجه الى خطاب « نسمة » اللائكي في الفترة الأخيرة علق القروي « لكل مؤسسة اعلامية خطها التحريري، ونحن منذ 14 جانفي انفتحنا على محيطنا وأسسنا للحوارات السياسية ولم نكن نفقه الكثير في هذا المجال،اذ كان يمنع عنا الخوض في السياسة والاكتفاء بالترفيه ومن الطبيعي أن يتكلم الجميع ويختلط الحابل بالنابل ولكننا وعبر مرور الزمن أصبحنا أكثر قدرة على الغربلة ولكن دون اقصاء، فنحن ضد السب والثلب ولكننا نحاول اعطاء الكلمة لكل الأطراف المسؤولة.
وصرح نبيل القروي بخبر مفاده أن القناة تتعرض في هذه الفترة الى التهديد من متطرفين يرسلون عددا من « الفاكسات » التي تحمل في مضامينها الكثير من الحقد على توجه القناة الذي يعتبرونه لائكيا ولا يخدم الدين الاسلامي، كما حاول عدد من المتظاهرين التعبير عن هذا الموقف أمام مقر القناة، وقال القروي « نحن نكذب هذه الادعاءات ونعتبرها لغاية التشويش على ما انطلقنا في ارسائه من حرية في التعبير ».
علاقتنا بـ »كاكتوس »..
واعتبر نبيل القروي ان « كاكتوس » كانت العائق الأبرز في عهد بن علي لتحركات « نسمة » في الملاعب وسعيها الى توفير القدر الأدنى من المعلومات والمشاهد الرياضية وقال :  » لا أنسى أن التلفزة الوطنية كانت سابقا تمنع عنا كراء حافلاتها المجهزة للتصوير الخارجي لأن جماعة « كاكتوس » يرفضون ثم تهدى هذه الحافلات لسامي الفهري لتربض احداها باستوديوهات « أوتيك » طيلة 4 سنوات كاملة. » وأضاف « نحن ندفع 25 ألف دينار مقابل يوم واحد من الكراء ومع ذلك كنا نرفض ».
نادية بروطة (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 مارس 2011)


بعد سقوط نظام بن علي وحل التجمع أي مصير للبيادق والسماسرة؟


بقلم: خالد نجاح*
 
بالامس  كانوا يتهافتون على كسب بطاقة الانخراط الحمراء في التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل ابتدائيا..كانوا يضعونها بكل فخر و بشكل بارز في حافظة اوراقهم..

يرفعونها كلما ارادوا قضاء حاجة هنا و هناك و كلما ارادوا الحصول على امتيازات لا يخولها لهم  القانون وحتى كلما أوقفهم شرطي المرور.. يرفعونها أيضا للتخويف و الترويع من منطق  » أعرف فيشكون إتكلم  » البطاقة الحمراء كانوا يعتبرونها حصانة لهم ضد القانون و ضد الحق و ضد « الكرامة » …  البطاقة الحمراء كانت مفتاحهم لكل الابواب مهما كانت صلابة الاقفال  وشرطا أساسيا لكل منصب مسؤولية في الادارة التونسية ، و من لا يحملها يبقى حبيس وضعه حتى يغادر الادارة كما دخلها أول مرة و لكني أريد ان أستثني بعضا ممن كانوا يرفضون شرط الحمراء و ارتقوا في سلم الوظائف نظرا لكفاءتهم المهنية و لكن تم إبعادهم بسرعة لانهم لم يستوعبوا الدرس جيدا حسب منطق التجمعيين .. لم يفهموا ان تمكينهم من المناصب كان لهدف إغرائهم واستقطابهم فرفعوا في وجوههم البطاقة الحمراء لاقصائهم و لكنهم عاشوا في عزة نفس و كبرياء رغم ما عانوه من قهر وتهميش ولم يطأطئوا رؤوسهم بل ظلوا يسيرون مرفوعي الهامة متحدين الاقزام الذين كانوا بيادق للتجمع المنحل ،و لست كاتبا لهذه السطور لأبين اني واحد ممن رفضوا قناعة و تحديا الانخراط في التجمع و مسك البطاقة الحمراء و لست كاتبا لهذه السطور لأستغلها في بيان ما تعرضت له من ظلم اداري من خلال قطع متكرر لجزء من راتبي و تعطيل للترقية المهنية و لست كاتبا لهذه السطور لأبين أني عانيت من تعسف عبد الوهاب عبد الله وأتباعه و هذا الشخص لمن لا يعرفه من العامة كان واضع المنظومة الاعلامية المهللة و المطبلة و الممجدة للرئيس المخلوع وزوجته و كان يجوع و يدمر من لاينخرط في صلب تلك المنظومة و يتبناها و قد نجح في تنفيذ مخطط لتجميد الكفاءات أو إقصائها من مؤسسات الاعلام الوطنية و خاصة الاذاعة و التلفزة ، و بلغ هدفه بداية من سنة 1994  بعد نحو ثلاث سنوات من عودته الى تونس بعد ان شغل منصب سفيرفي بريطانيا و قد شكل وقتها و حتى نهاية عهد بن علي المخلوع فيالق من الصحفيين و المسؤولين الاعلاميين عملوا فيما كنت اسميه بامبراطورية عبد الوهاب عبد الله الذي كان يجازي جماعته بكل الطرق و كان يملك من  الدهاء ما يجعله يشعل النيران و يتساءل عن مصدر الدخان  ..لست كاتبا لهذه السطور لاتحدث عن شخصي و انما لأبين أن بيادق العهد الماضي ما زالوا يتحركون على رقعة الشطرنج رغم خروج الاميرة و الرخ و الحصان و يبدو ان البيادق لم يستوعبوا ان ملكهم  قد مات فسدوا آذانهم عن  كلمة  » كش مات »  او ربما أنهم لا يريدون إغضاب ملكهم  خوفا من ردة فعله لانه يعرفهم جيدا و يعرف كيف كانوا يتوددون اليه طمعا في رضاه و سخائه و يعرف كيف كانوا يتقربون منه و يتطوعون لخدمته و المساهمة في إسقاط من كان يراهم أعداؤه من منطق  » ان لم تكن معي فانت عدوي  »  و يعرف جيدا كيف استدرجهم و بأي مقابل استدرجهم …هؤلاء البيادق يتحركون تائهين على رقعة الشطرنج يتوهمون ان ملكهم لم يمت بعد و يتخيلون انه موجود خلفهم و امامهم ليحميهم كما كان يفعل من قبل و هم يتخيلون ذلك خوفا من افتضاح ممارساتهم السابقة التي لن يطول زمان كشفها لان مؤيداتها ملموسة و غير خافية سواء تعلق الامر بممارسات صلب بعض المؤسسات الاعلامية او اخرى مرتبطة بما كان يسمى وكالة الاتصال الخارجي التي شجعت في السنتين الاخيرتين بعضا ممن كانوا يطمعون في ودها وسخائها على بعث شركات انتاج سمعي بصريخاصة لتساهم في الترويج للبرامج الوهمية و المزيفة للرئيس المخلوع و يهللوا و يضخموا من قدرة زوجته على قيادة منظمة المرأة العربية على أكثر ما يمكن من القنوات التلفزيونية العربية وهؤلاء فاجأتهم وفاة نظام السابع من نوفمبر ولم يتمعشوا كما كانوا يحلمون من الشركات التي بعثوها بمساندة من وكالة الاتصال الخارجي  او تقربا منها و توددا لها..
لقد بدأت حديثي عن البطاقة الحمراء  للتجمع الدستوري الديمقراطي لكني قطعته دون ان اشعر و سلكت مسلكا آخر أراه غير مفصول عن الاول .. و أستعيد كلامي عن البطاقة الحمراء لاقول انها لم تتسرب مطلقا الى حافظة أوراقي ولم أسع اليها باي شكل من الاشكال و لأي غاية من الغايات رغم الاغراءات و حتى التهديدات وتركت ذلك لغيري ممن كان مؤمنا بفكر التجمع أو من كان طامعا في امتيازات  ، و مهما كان الدافع فان  عددا كبيرا من هؤلاء و اولئك أسقطوا اليوم من حافظات  اوراقهم بطاقاتهم الحمراء و أضحوا يبحثون عن بديل لها يفتح لهم مجددا ابواب ممارساتهم الماضية و لكن اعتقد ان البطاقة الحمراء اليوم لن تستعمل كما استعملت في الماضي.. و لن تنفع مستقبلا المتلونين كالحرباء والباحثين عن بدلة جديدة تعوض بدلتهم البنفسجية او الحمراء التي تراكمت فوقها أوساخ لن تقدر على إزالتها أحدث آلات الغسيل لانها تحوي بقعا متعددة ترمز كل واحدة منها الى إساءات في حق الشعب و تونس. و ليفهم هؤلاء الذين ينجح بعضهم مع الاسف في الاستمرار في مواقعهم وحتى في كسب مواقع جديدة ، ليفهموا ان التاريخ لن يمنحهم صفحات اخرى ليلوثوها باعمالهم ،و أتمنى ألا اكون مخطئا ، و ارجو نهاية ان يفهم القارئ لما كتبت اني اقصد الطامعين الذين لن يستطيعوا اليوم تغيير طباعهم لانها ترسخت فيهم طوال مسيرتهم الاعلامية و هم اليوم يبحثون عن مسلك جديد يضمن لهم استمرار مصالحهم السابقة و يبعد عنهم شبهات ماضيهم و لهؤلاء أقول » ليس هناك بوليس سياسي لتبلغوه تقاريركم اليومية و لم تعد هناك بيانات مناشدة جديدة لتوقعوا عليها ، فلتنصرفوا لم يعد ثمة ما تشاهدونه و ما تتمعشون منه ، و إن أردتم الإنصهار في تونس الجديدة فلتصدعوا بالحقيقة كاملة عن ممارساتكم السابقة و بعدها إلبسوا بدلة الشرف و الكرامة  و لا تغيروها ما حييتم » و أتمنى مجددا ألا اكون مخطئا.  

صحفي في مؤسسة التلفزة التونسية (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 مارس 2011)
 


بن علي الفاسق» للكاتب البشير التركي » 27 لماذا لم يقدم نظام بن علي نتائج التحقيقات حول مقتل أبو جهاد؟


حسب التحقيق الذي نشرته جريدة معاريف فإن الموساد قد استفادت من بعض الموظفين السامين التونسيين لتصفية أبو جهاد. ووعد بن علي بالقيام بتحقيق حول هذه الجريمة، لكن نظام بن علي لم يف بوعده في هذا الإتجاه ولم يقدم أي معلومات أو نتائج عن التحقيق المزعوم للقادة الفلسطينيين أو للرأي العام التونسي والفلسطيني والعربي والدولي.
وإذا كان هناك تعاون بين النظام التونسي ومصالح المخابرات الإسرائيلية فلا يمكن أن يكون ذلك سوى منذ انقلاب السابع من نوفمبر 1987. إذ منذ تلك الفترة فتح مكتب إسرائيلي بتونس وتوسعت بذلك الروابط السياسية والأمنية والإقتصادية والتجارية والمالية في تمام السرية وبعيدا عن أنظار الرأي العام التونسي والعربي.
وذكر أحمد بنور أيضا :«ان إقحامي في مقتل القائد الفلسطيني محمود المبحوح بدبي لهو دليل قاطع على درجة الحقد الذي يكنه لي بن علي الذي لا يستطيع القبول برئيسه المباشر بكل من وزارة الدفاع الوطني وبإدارة الأمن الوطني التونسي لا يستطيع الى يومنا هذا تقييم الولاء له.
إذ لم يكتف بن علي بخيانة 11 مليون تونسي بل هو بحاجة مرضية لخضوع كل رؤسائه القدامى.
ويضيف أحمد بنور: «إن حملة الكراهية ضدي قد اتخذت مرحلة جديدة منذ تدخّلي بقناة الحوار المتمركزة في لندن حيث لم يتم التمكن من إيقاف البث رغم التهديدات التي تلقاها المنشط الصحفي فبن علي لا يتحمل وجود منافسيه.
كما تم اتهام سليم بقة بالتعامل مع الموساد وبتقديم معلومات لمخابرات أجنبية وبإيواء يوغسلافية بسيدي بوسعيد للإعداد لاغتيال أبو جهاد وقد أجاب سليم بقة عن هذه الإتهامات في موقع تونس نيوز وأوضح أنها لا أساس لها من الصحة وأن الإتهامات قد وجهّها له أشخاص يتخفون تحت أسماء مستعارة على غرار «مناضلون تونسيون» و«خير الدين التونسي» و«بالمرصاد» و«نبّار تونسي» وذكر: «هذا النظام البوليسي هو أوّل من يعرف أنه بعد إيقاف أسبوعية «حقائق» من قبل وزير الداخلية بن علي يوم 23 جوان 1986 (كان سليم بقة يعمل في هذه الأسبوعية) تركت تونس باتجاه باريس ولم أعد إلا في شهر أفريل 1988 مما يكذب الإتهامات الباطلة إذ أدلى ايهود باراك تصريحا حول مقتل أبو جهاد واعترف بوجود موقعا للموساد في تونس فضلا عن مساعدة بوليسية.
ألى يكون وراء ذلك بن علي نفسه الذي يعمد إلى اتهام الغير لإخفاء جريمته? أو ألم  يتم القضاء على الإدارة الفلسطينية لمنظمة التحرير عندما شغل بن علي منصب مصالح الأمن في 1984?
فبن علي لا يستطيع تحمل مسؤولية الإفصاح عن علاقته بالدولة العبرية في وقت يرفض فيه الشعب فكرة التطبيع مع إسرئيل مادامت تواصل سياستها الإستعمارية واعتداءاتها على الفلسطينيين والوقوف ضد كل إمكانية إقامة دولة فلسطينية.
فبن علي يبحث عن ضرب عصفورين بحجر واحد تشويه سمعة منافسيه السياسيين من ناحية وتضليل الرؤية امام انظار التونسيين تجاه علاقته بإسرائيل من ناحية ثانية.
اذ في الوقت الذي كانت مصالح بن علي تحاول فيه  تشويه بعض وجوه المعارضة باتهامهم بالتعاون مع اسرائيل كان فيه مسار التطبيع في بعض المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية مع اسرائيل متواصلا ليس على هامش الهيئات الرسمية وانما بموافقته وتشجيعاته.
ففي نوفمبر 2005 حطت طائرة سيلفان شالوم بمطار تونس قرطاج وهي تحمل بشكل واضح علمين بالابيض والازرق.ومثل هذا الاخير رسميا بلده في قمة المعلومات التي نظمتها تونس من 16 الى 18 نوفمبر 2005 نيابة عن الوزير الاول اريال شارون الذي اثارت دعوته الرسمية من قبل بن علي احتجاجات كبيرة في صفوف المعارضة وصدمت اغلبية التونسيين. سيلفان شالوم لم يشارك فقط في هذا الاجتماع الدولي المنظم تحت اشراف الأمم المتحدة وانما حظي ايضا باستقبال شخصي للغاية مع وقفة بمطار جربة-مليلة (بنفس الطائرة التي تحمل العلمين الاسرائيليين) وتحول لمسقط رأسه قابس أين زار بيت والديه الذي رمم بالمناسبة من مال دافعي الضرائب،وتنقل والي قابس وكل المسؤولين المحليين انذاك للترحيب به، وتم بث صور هذه الزيارة بوسائل الاعلام الاسرائيلية وبعض وسائل الاعلام الدولية لا غير. نجاة ملايكي (المصدر: جريدة « الصحافة  » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 مارس 2011)


إسماعيل السحباني بعد 12 عاما من الصمت: المخلوع سجنني حتى لا أنافسـه على «الرئاسيـة»

٭ حوار: نجم الدين العكاري ٭ تونس ـ «الشروق»:
لأول مرّة منذ مغادرته الاتحاد العام التونسي للشغل بالاستقالة (20 سبتمبر 2000) اختار السيد إسماعيل السحباني الأمين العام السابق للمنظمة الشغيلة (1989 ـ 2000) الخروج عن صمته وكشف تفاصيل وخفايا قرار الرئيس المخلوع تقديمه إلى المحاكمة صحبة ملف مالي بتهمة القيام بتجاوزات مالية في مؤسسات الاتحاد.
السحباني قال إنه تعرّض إلى مؤامرة ابتدأت بوشاية تم تضخيمها وكشف عن سرّ مساندته لبن علي قبل أن يرمي به في السجن.
٭ هل لكم أن تقدم لنا تفاصيل وخفايا غضب الرئيس المخلوع منك وتقديمك إلى المحاكمة خاصة أن الجميع كان يعرف أن علاقتكما كانت متينة وكان الاتحاد مساندا له؟
ـ في البداية لا بدّ من التوضيح إن الاتحاد العام التونسي للشغل لم يكن الوحيد الذي استبشر بقدوم الرئيس المخلوع وتفاءل وقتها ببيانه الذي جاء محملا بالوعود وبتجسيم الحريات والديمقراطية.. وأكاد أقول ان اجماعا حصل حوله وقتها من كل الأحزاب والمنظمات.
ومن جهة أخرى فإننا كنقابيين استفدنا منه في بداية حكمه، إذ أعاد الحياة لمنظمتنا (مؤتمر سوسة 1989) بعد أن تعرّض الاتحاد إلى هجمتين ومحاكمتين في ظرف 7 سنوات (1978 و1985) إضافة إلى أنه أعاد ممتلكات الاتحاد ومؤسساته والخصم المباشر على أجور الموظفين وأقرّ تنظيم المفاوضات الاجتماعية والزيادات السنوية في الأجور لكل العمّال.
وفي المحصلة كانت هذه عوامل وأسبابا جعلتنا نطمئن له ونسانده ثم نخدع فيه بعد ذلك. وشاية عرفات !؟
٭ لكن متى أحسست أن المخلوع تغيّر وغضب منك وما هي الأسباب التي تقف وراء انقلابه على حليفه؟
ـ ما تسميه انقلابا وأطلق عليه استهدافا لي وللاتحاد أو مؤامرة علينا مرده حدث عابر وبسيط تم تضخيمه لتأليب بن علي ضدّي.
ففي أواخر نوفمبر 1999 شاركت في الاحتفالات بالذكرى الخمسين لاحداث الكنفدرالية العالمية للنقابات الحرة (السيزل) بالولايات المتحدة الأمريكية وقد حظيت وقتها بشرف إلقاء كلمة المنظمات العربية والافريقية وركزت فيها على غياب الديمقراطية والحريات وحقوق الانسان في المنطقتين ولقي خطابي تجاوبا من الحاضرين والاعلاميين.
وعند خروجي من المؤتمر استوقفني بعض الاعلاميين وكان من بينهم صحفي عربي مشرقي طرح عليّ بعض الأسئلة ومن بينها سؤال مفاجئ فحواه هل بإمكانك الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة في بلادك فأجبت «ولمَ لا» هذه الجملة أعدّ لها سيناريو محبوك تم تقديمه إلى المخلوع على أساس أنني مصرّ على منافسته في الانتخابات الرئاسية اعتمادا على القاعدة العمالية الكبيرة.
وعلمت في ما بعد أن المرحوم ياسر عرفات هو من نقل ذلك إلى بن علي وأن عبد اللّه القلال وزير الداخلية وقتها نسج السيناريو وألّب رئيسه. بوادر الأزمة
٭ وماذا حدث بعد ذلك وكيف علمت بأن بن علي غاضب منك؟
ـ هناك مؤشرات يجب فهمها وإدراكها من كل مسؤول نقابي أو سياسي. عدت إلى تونس يوم 2 ديسمبر 1999 وبعد يومين كان الموعد وككل عام بالنسبة إلى النقابيين للخروج في مسيرة سلمية من مقر الاتحاد إلى ضريح الشهيد النقابي والوطني فرحات حشاد للترحم على روحه وقبل خروج المسيرة بنحو ساعتين ولما كنت بمكتبي هاتفني عبد اللّه القلال وزير الداخلية ليعلمني بمنع المسيرة رغم اننا قمنا بكل الاجراءات التنظيمية وأكد لي أن لديه تعليمات في ذلك لكني رفضت ذلك وكان بجانبي السيد نور الدين حشاد ابن المرحوم فرحات حشاد وبعض أعضاء المكتب التنفيذي وقلت له المسيرة ستخرج كالعادة وإذا أردتم اعتراضها فافعلوا.
وفعلا ولما هممنا بالخروج وجدنا جدارا أمنيا محيطا بساحة محمد علي فحصلت المصادمة وواصل النقابيون بعدها طريقهم إلى الضريح، ومن الغد (5 ديسمبر) غاب بن علي وعلى غير عادته عن موكب احياء الذكرى.
وتواصل الضغط خاصة أن الهيئة الادارية اجتمعت وأصدرت بيانا نددت فيه بالبوليس ومحاولة منعه المسيرة، وبعد نحو أسبوعين تم إيقاف الكاتب العام للاتحاد الجهوي بتونس بدعوى ثلب رئيس الدولة ولم يتم اطلاق سراحه إلا في آخر اليوم وبعد تقديم أعضاء المكتب التنفيذي احتجاجات لوزير الداخلية. الرئيس كشف السرّ
٭ وكيف علمت بغضب الرئيس منك وهو لم يستقبلك مدة أشهر وخلافا لعادته؟
ـ لقد قابلني في لقاء دار في جوّ متوتر وقال لي «الاتحاد» يريد أن يفعل ما يريد» وكان التشنج مسيطرا عليه فقلت له أتقصد ما صرّحت به في أمريكا فأجابني بتشنج أكبر «العمال نفخوا في صورتك كثيرا» فرددت ببرود ان قوانين الاتحاد وفصول الدستور لا تسمح لي بالترشح للانتخابات الرئاسية. وكانت تلك آخر مقابلة بيننا.
القروي طالبني بالاستقالة
٭ وهل خشيت على نفسك وعلى الاتحاد من غضبه؟
ـ علمت أن القلال ألّبه ضدي وأوهمه بأنني أعدّ مخططا للتقدّم إلى الانتخابات الرئاسية ولم أكن مرتاحا بعد تلك المقابلة. وبعد فترة وجيزة دعاني السيد حامد القروي ليبلغني رسالة شفاهية من «الرئيس» وقال لي: «إنه يريد منك تقديم الاستقالة أو تحمّل بل مسؤوليتك»، ولما أردت مزيد الاستفسار قال لي ليس لدي ما أضيفه كما رفض أن يضبط لي موعدا معه ليخبرني مباشرة بسبب هذا الطلب لكنه رفض مرة أخرى. وقتها تذكرت ما حصل مع عاشور والاتحاد سنة 1985 وفكرت في تجنب ضرب الاتحاد وتحملت مسؤوليتي وتقدمت باستقالتي إلى المكتب التنفيذي الموسع يوم 20 سبتمبر 1999 بعد أن أدركت أنني مهدّد في حياتي وعائلتي وعلمت أن بن علي كلف القلال والنفاتي والزواري وبن ضياء بملف الاتحاد بمعية أطراف أخرى.
الاقامة الجبرية والمحاكمة
٭ بعد ذلك تم تقديمك إلى المحاكمة بتهمة تجاوزات مالية في مؤسسات الاتحاد؟
ـ بعد خروجي من الاتحاد فرضت علي الاقامة الجبرية في منزلي ولم يعد مسموحا بدخول بيتي وزيارتي إلا لأفراد عائلتي وكان البوليس يطوّق منزلي ويمنع النقابيين وأصدقائي من زيارتي.
ولم يغب الحضور الأمني من أمام منزلي إلا يوم زارني وفد من «السيزل» للإطلاع على قضيتي ليعود بعد ذلك قبل أن تتم دعوتي للمثول أمام حاكم التحقيق واعداد ملف مالي ضدّي.
نصيحة عاشور
وللتاريخ أقول ان الزعيم الحبيب عاشور رحمه اللّه نصحني بعد أن تمت إعادة ممتلكات الاتحاد (النزل والتأمينات) باستشارة محام حتى لا تتعرض إلى نفس المصير الذي تعرضت إليه وفعلا اتصلت بالأستاذ الهادي التريكي الذي طلب تعيين خبير في المحاسبة عبر المحكمة للاشراف على هذه المؤسسات وكان يمدني بوصفي رئيس مجلس الادارة بتقارير مالية في مواعيدها وكان آخرها في جوان 1999. وفوجئت بعد ذلك انه قدّم إلى وكيل الجمهورية تقريرا مختلفا عن التقرير الذي أمدني به قبل ذلك. كما أذكر أن بعض الذين شهدوا ضدّي في هذه القضية جاؤوا للاعتذار مني بعد خروجي من السجن.
٭ وتم الحكم ضدك بخمس سنوات سجنا لكنك خرجت قبل انتهاء المدة لماذا؟
ـ صحيح لم أقض غير سنة وشهرين ليتم اطلاق سراحي بعد أسبوعين تقريبا من مؤتمر جربة الاستثنائي الذي انتخب أمينا عاما وقيادة جديدتين وهو ما يعني انهم أرادوا استبعادي. الضيعة اشتريتها بقرض
٭ بعد ذلك تعلقت بك قضية الضيعة التي قيل وقتها انك اشتريتها بأموال الاتحاد؟
ـ تلك الضيعة اشتريتها بإلحاح من صديق كان مسافرا للعمل بالخليج وقد عرضها عليّ بمبلغ مناسب رغم اني لم أكن متحمسا لذلك وقد تحصلت على قرض بنكي توليت سداده بالتقسيط لكن الضيعة افتكت مني في الأخير. ولو كنت متهافتا على الأملاك والضيعات ما كنت رفضت عرضا سخيا قدمه لي وزير الفلاحة آنذاك (وهو حي يرزق وبإمكانكم التأكد منه الآن) إذ أعلمني بأن «الرئيس قرر منحكم ضيعة مشجرة بقرمبالية تمسح أكثر من 500 هكتار» فرفضت وهو ما فاجأ الوزير الذي قدّم لي وقتها قائمة في مسؤولين عن أحزاب ومنظمات تحصلوا على ضيعات مماثلة. الأتعاب انتهت مع الثورة
٭ إذا كنت مظلوما كما تقول لماذا لذت بالصمت وغبت عن الساحة أو اختفيت عن الأنظار؟
ـ بعد أن تم الزج بي في السجن وتشويه سمعتي في الصحف ووسائل الاعلام بتحريض خاص من عبد الوهاب عبد اللّه لم تتوقف المتاعب والملاحقة وظل البوليس السياسي يتابعني باستمرار في كل مكان بل كان يدعوني إلى عدم الاجتماع بأكثر من أربعة أشخاص وحصل أن «طردنا» من مقاه وفضاءات عامة صحبة بعض الأصدقاء والنقابيين.
وفي الحقيقة فإني حاولت أن أتكلّم مع بعض الأصدقاء الاعلاميين حول هذه المؤامرة لكنهم رأوا انه لم يكن بإمكانهم نشر تفاصيل قضيتي وقتها. وإني إذ أتكلم اليوم وأقدم هذه التفاصيل إلى الرأي العام الوطني والنقابي فإن ذلك يعود إلى ثورة الحرية والكرامة وإلى فضل الشهداء والمناضلين الذين أسقطوا الدكتاتور ونظامه الاستبدادي. (المصدر: جريدة « الشروق  » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 مارس 2011)  


تونس تجمد أصول القذافي وأسرته


قال مصدر حكومي تونسي اليوم الخميس إن الحكومة التونسية قررت تجميد جميع أصول الزعيم الليبي معمر القذافي وخمسة من أفراد أسرته، طبقا لقرارات الأمم المتحدة.

ومن المرجح أن يكون لهذا القرار تأثير واضح على العلاقات مع ليبيا التي لها العديد من الاستثمارات في تونس ومنها فنادق وسلسلة من محطات البنزين وحصة في مرفأ نفطي.
وتمتلك الحكومة الليبية أغلب هذه الاستثمارات، لكن الكثير منها يخضع فعليا لسيطرة أفراد من عائلة القذافي، ولا تعرف قيمة أصول عائلة القذافي في تونس.
وتعتبر النخبة في ليبيا تونس قاعدة للأعمال المصرفية وقضاء العطلات والرعاية الصحية وهو ما يرجع لثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي حينما حدت العقوبات الدولية على ليبيا من إمكانية استخدام هذه الخدمات في الداخل.
وجمدت بالفعل بلدان غربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة أصول الحكومة الليبية وأسرة القذافي ضمن مجموعة من العقوبات بعد قمع الانتفاضة المطالبة بسقوط نظام القذافي.
وكانت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبلدان أخرى قد جمدت أصول القذافي وأسرته وبعض حاشيته في عقوبات تستهدف تقليص تمويل النظام الليبي.
كما وسعت عقوباتها الاقتصادية وتركزت بحظر التعامل مع المزيد من الشركات الليبية، خاصة تلك العاملة في قطاع النفط وتلك التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط الليبية.          المصدر:رويترز (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 24 مارس 2011)
 

أمريكا تقدم 20 مليون دولار لإنشاء صحف وأحزاب في تونس

واشنطن ـ محمد سعيد
أعلنت الولايات المتحدة منح تونس عشرين مليون دولار للمساعدة في ما سمته «بناء ديمقراطيتها الجديدة» في سياق الدعم الذي تقدمه لدول عربية أخرى قامت بالإطاحة بحكامها المستبدين وبلغت القيمة الإجمالية لهذه المساعدات 170 مليون دولار. وكانت قيمة المنحة المالية التي قدمتها أمريكا لتونس في العام الماضي لغرض «نشر الديمقراطية» مليوني دولار فقط.
وبموجب المساعدة الجديدة التي تأتي في إطار برنامج «مبادرة الشراكة في الشرق الأوسط» بوزارة الخارجية الأمريكية سيتم توفير التدريب والخبرات حول كيفية إدارة صحافة حرة وتشكيل أحزاب سياسية والإعداد لانتخابات حرة ونزيهة. كما أن جزءا من المساعدة سيساهم في تحسين الوضع الاقتصادي في تونس.
ويذكر أن وزارة الخارجية الأمريكية اختارت تونس لتكون مقرا إقليميا لـ«مبادرة الشراكة في الشرق الأوسط» التي تغطي 17 بلدا في المنطقة. وقالت تمارا وايتس نائبة مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط إن المنحة المالية لتونس «تمثل التزاما مركزا للانتباه والموارد استجابة للاحتياجات والطموحات التي عبر عنها الشعب التونسي».
ويذكر أن الاتحاد الأوروبي تعهد من جانبه أن يقدم 23 مليون دولار مساعدة عاجلة لتونس للترويج للديمقراطية إلى جانب 350 مليون دولار في العامين المقبلين.
 
(المصدر: جريدة « الشروق  » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 مارس 2011)  


الإعانة على القتل

وقفت مع الحديث الشريف الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة لقي الله يوم القيامة مكتوب على جبهته آيس من رحمة الله »، أنظر من خلاله إلى الأرواح المسلمة تُزهق هنا وهناك، في الساحات والأزقّة والشوارع والبيوت وعلى قارعة الطريق؛ في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين وبلاد العرب جميعا، وأستغرب لجرأة المُعِينين بأشطار الكلمات وبالكلمات وبالجمل، وقد توخّوا في ذلك حركتي اللسان أو توخّوا حركته وسكنته؛ فإنّ الإعانة على القتل تكون بالكلام حيث ينطلق المُعين مادحا للفعل الفاسد المفسد المسيء أو مدلّسا للحقائق يوصلها إلى رئيسه فيرغّبه في غيّه ويجرّئه على شرّه أو يبلّغها للنّاس عن رئيسه مزوّقة فينطق بما لم ينطق رئيسه به فيطمئنهم بما لم يقع أصلا تطمينهم به. كما تكون الإعانة على القتل بالصمت عن حقائق لو بلغت رئيسه لعلّها كانت رشّدته أو بلغت عن رئيسه النّاس لعلّها كانت فعّلتهم!… وخشيت أن يكون جميعنا قد أعان على القتل بصمت تعلّلنا فيه بالواقع المعيش، الذي علمنا من التاريخ مثله؛ كذلك الذي مرّ على المسلمين أيّام التتار، ولكنّ التتار من بعد قد أسلموا في حين ذهب حكّامنا هذه الأيّام – وهم « مسلمون » – يتعقّبون أعداءهم منّا، يقتلونهم على السجّاد في المساجد ويهدمون فوقهم المآذن دون خشية من اتّباع كافر لأعمالهم يحملون أوزارهم وأوزارهم مع أوزارهم لعملهم بسنّتهم، ويستأجرون لهم المرتزقة يقتلونهم ويغتصبون نساءهم وفتياتهم… ثمّ تسمّرت أمام هول ما يقترفه آخرون استهانوا بالكلمة فهرعوا يمتشقون الأسلحة ويرفعون الألوية ويحمون الظالم بأجسادهم وأعراضهم يظهرون بجلاء صدق الله في قوله تعالى – وهو الصادق -: « أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا »… فسبحان الله كيف يموت المرء جيفة قذرة من أجل كلب عقور أعمى كالقذّافي أو غيره من أعداء الله الظاهرين وأعداء شعوبهم وأوطانهم الفاسدين المفسدين… وكيف لا يذكر النّاس مواقف بعضهم المنافقة! فقد وقف صاحب اليمن ذات يوم يعلن عدم استعداده للترشّح ثانية لرئاسة البلاد لولا سيل البشر الذي سيّره باتّجاه الساحات المُعينون على القتل يستصرخونه ألاّ يدعهم يفنون بغيابه ما اضطرّه إلى التراجع عن عزمه الكاذب المستخِف كي يواصل مشوارا « ما رغب في مواصلته لولا حبُّه المفرط لهم »، ذاك الحبّ الذي لم يمكّنه – رأفة بهم – من سماع صرخاتهم العالية اليوم في ذات الساحات تنادي برحيله وتعلن الاعتصام المتواصل حتّى استئصاله… إنّه يأخذ الأمور دائما بجد، ويريد أن يعلّم شعبه الثبات على المبدأ؛ فمن أحبّه لا يتراجع عن حبّه كلّف ذلك ما كلّف!… فقديما كان المحبّ يفنى في محبوبه ويذوب فيه هياما وشعرا؛ دون أن يكلّف محبوبه خسارة تذكر؛ ولكنّا اليوم نرى المحبّ يكلّف المحبوب خسارة كبيرة قد تفني ترسانات أسلحة متعدّدة استعمالا ذاتيا أو تدميرا سلبيا من الحلفاء « الحريصين على مصالح الخونة والخارجين عن المصلحة الوطنية أو القومية »!… نردّد حسبنا الله ونعم الوكيل… ونقول لن نفلح إذا سمحنا بعد اليوم لكائن من كان أن يحكمنا أكثر من دورتين انتخابيتين على أقصى تقدير، أو جاملناه إذا ظلم أو عفونا عنه إذا سرق، أو هبناه إذا قلّ حياؤه!…     عبدالحميد العدّاسي الدّنمارك في 24 فبراير 2011 
 


لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا من يرأسهم


و هذا صحيح وقد رأيناه و عايشناه في تونس و مصر و قريبا في ليبيا و اليمن و البحرين و سوريا إن شاء الله…لا يغير الله ما بقوم و لا ينقلهم من حال إلى حال (نرجو أن تكون أفضل) حتى يطيحوا برئيسهم فيفرّ غير مأسوف عليه أو يجبر على التنحي و الاختباء كما في حالتي تونس و مصر. إذا كان بيننا و بين الحريّة و الازدهار و النماء رئيس أو ملك فلا نامت أعيننا حتى يبقى « رأسه بلا تاج أو تاجه بلا رأس » كما قال جمال الدين الأفغاني..إن رحيل الرئيس أو الملك أو الزعيم لابد أن يحدث « تحوّلا » ما و لأني بعيد عما يحدث في مصر فسأتحدث هنا عن تونس. بالأمس القريب كان « التحول » مجرّد كلمة ركيكة تلوكها الألسن البنفسجية للإشارة للتغيير الواقع في تونس في نوفمبر 1987 و هو في الحقيقة مجرد « تحول » التاج من على رأس دكتاتور مثقف إلى رأس دكتاتور جاهل..اليوم كلمة تحول اكتسبت زخمها الثوري و اكتسحت كل الميادين و كل المجالات:

أول تحوّل شمل الرئيس الذي فقد بعض خصائصه القدسية و عاد بشرا عاديا يخطأ و يصيب كما لم يعد الرئيس شمسا تشرق على كل الشوارع و الطرقات و الدكاكين و المقاهي بصوره التي تزيّن (أو تقبّح وهو الأصح على الغالب) الأماكن و حتى في التلفيزيون فقد غابت ديباجة استقبل و ودّع و ثمن و عناية موصولة ووو…صار بعض الناس الآن يطالب بتمرير بعض الأخبار عن نشاطات الرئيس ولو من باب الإطمئنان على صحته.
التحول الثاني طبع الأحزاب فقد صارت النهضة و حزب العمال الشيوعي معترفا بهما أما التجمع الدستوري الديمقراطي فقد غدا بحكم القضاء منحلاّ (كما كان من قبل فهو دائما رائد الإنحلال الثقافي و السياسي و الإجتماعي) و إنتهى الأمر الآن أنه ما إلتقى تجمعي مع تجمعي آخر إلا و كان عون الشرطة ثالثهما.
التحول الثالث شمل الأحزاب « الأليفة » التي تحوّلت من الريادة في العهر السياسي إلى الريادة في النضال و الثورة..ألم يأتكم نبأ من قال منهم أن بن علي ظلمهم و إضطهدهم؟ نسوا مناشداتهم و نسوا الثمن البخس و الدراهم المعدودات التي قبضوها مقابل أن يكونوا في صف نعم لبن علي ليس فقط لسنة 2014 و لكن ما كان فيه عين تطرف و قلب ينبض.
التحول الرابع مسّ إهتمامات الناس فقد إنقلب الحديث من كرة القدم إلى حديث عن السياسة و صارت المقاهي مجالات مفتوحة للنقاش في الشأن العام. كان الحديث عن رئيس الجمعية الفلانية فصار عن رئيس الدولة بشحمه و لحمه و كان الحديث يدور عن اللاعبين فصار الحديث عن الوزراء و كان عن آخر مقابلة رياضية فصار عن آخر مقابلة صحفية. تجاوز الناس الإهتمام بالمستطيل الأخضر ليهتموا بكل تونس الخضراء.
التحول الخامس شمل الشعب الذي أعاد لنفسه الاعتبار و ألتمس عذرا من السيد باجي قايد سبسي لأقول له أنه من الأولى إعادة هيبة هذا الشعب قبل هيبة الدولة,فشعب تونس الذي غيّب و حرم من أبسط حقوقه (و من كل حقوقه تقريبا) محتاج لأن يعامل اليوم  على أساس المواطنة و الإنسانية. مضى زمن اعتبارنا من قبل الرئيس الأول « كغبار أفراد » أو من قبل الرئيس الثاني « كرعايا و خدم لسيادته »..
التحول السادس يخصّ التحرّكات التي يقوم بها الناس و خاصة الإعتصامات..إذا كانت الجزائر بلد المليون شهيد فتونس سائرة إلى أن تكون بلد المليون معتصم..أنا أتفهّم أن بعض المطالب شرعيّة و لكن الإعتصام ليس الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى روما.
التحول السابع شمل الإعلام وهو تحول شكلي و بسيط و سطحي فصحف المجاري التي كانت موجهة من قبل صراصير أمن الدولة حافظت على طابعها « المنحطّ » في الهجوم الفاحش و الغير أخلاقي ( فقط عوضت ناشطي حقوق الإنسان و الحقوقيين التي كانت توجه لهم سهامها المسمومة بعائلتي بن علي والطرابلسي) أما التلفيزيون التونسي فأريد أن أوجه له رسالة قصيرة و هي أن ما جعل التونسيين يهجرونه ليس الإسم (تونس 7) أو العلامة (اللوقو) و لكن المضمون أو المحتوى و إننا نستفيد حقا من الوثائقيات التي تتحدث عن تاريخ هنود أمريكا الجنوبية و عن تكاثر الجواميس في إفريقيا و لكننا بحاجة ألح لوثائقيات تعرّفنا بحمة الهمامي و حزب العمال و بمصطفى بن جعفر و حزب الفوروم و براشد الغنوشي و حركة النهضة و أتمنى لو تقوم التلفزة الوطنية بإحداث برنامج يهتم بالتعريف بالأحزاب التي وقع إحداثها قبل و بعد 14 جانفي.
لقد عاشت تونس فعلا هذه المرة « تحولا » نرجو أن لا يمس فقط شخص رئيس الدولة بل يكون « تغييرا عميقا و شاملا » كما وعدنا بذلك بن علي في آخر خطاب له (و أنجز حر ما وعد بهروبه الذي منحنا هذه الفرصة)…و من أجل هذا التغيير الشامل نحو الأفضل..من أجل هذا الهدف فالطريق الوحيدة الموجودة هي…الإخلاص و العمل.
يسري الساحلي  


العائلات التي تمارس النهب المنظم لخيرات تونس


قامت قوى المعارضة التونسية الناشطة في الداخل بتحقيق ميداني حول العائلات التي تمارس النهب المنظم لخيرات تونس، خلال عامي 1991 – 1998. وقد نشرت صحيفة الجرأة الأسبوعية التي تصدر في باريس في عددها (37) شباط 1998 وفي عدديها 43 – 42 بتاريخ تموز – آب 1998، هذه الوثيقة التي تلخص أضرار وجرائم الفساد المرتكبة من قبل هذه العائلات المحيطة بالرئيس بن علي، والتي لا زالت تحظى بالحصانة الكاملة ضد العقاب. وهنا نقدم هذا الملخص للوثيقة المذكورة. عائلة لطيف : تتكون هذه العائلة من ثلاثة أخوة: كمال وصلاح ورؤوف، ويعتبر الأول صديقاً شخصياً للرئيس بن علي منذ وقت طويل. وكانت هذه العائلة القوية والمتكونة من مقاولين في الأشغال العمومية، تمتلك القدرة على تشكيل وإعادة تشكيل الحكومات، طيلة السنوات الخمس الأولى من تاريخ حكم الرئيس بن علي. وقد احتل أحد أعضاء هذه العائلة مولدي زواري وزارة الفلاحة عن طريق التحالف. وكانت كل الشخصيات التونسية تنتظر في مكتب كمال لطيف القائم بنهج بيروت قبل مقابلته. وقد مكنه هذا الامتياز من الظفر بمعظم عقود مقاولات البناء العمومية، وكل مدير عام لشركة تابعة للقطاع ا!لعام مجبر على منحه عقود الأشغال العمومية، لشركته تحت طائلة فصله. وحتى الشركات التابعة للقطاع الخاص، فإنها تخضع للقاعدة نفسها. مثلا لا يستطيع مؤسس فندق أن يحصل على قروض من البنك دون أن يعطي لشركة لطيف مهمة تنفيذ أشغال البناء. وقد استحوذت هذه العائلة على ملايين الدولارات بفضل احتكارها واستحواذها على أسواق مقاولات البناء في القطاعين العام والخاص.غير أنه منذ عام 1992، سقطت هذه العائلة من برجها العاجي بسبب خلاف نشب بين كمال لطيف وبن علي، حيث رفض الأول دخول عائلة مافياوية جديدة في نظام النهب، أي عائلة ليلى الطرابلسي الزوجة الثانية للرئيس بن علي،! ومنذئذ خضعت عائلة لطيف لعقوبات صارمة، ووضعت تحت الرقابة البوليسية، وأحرقت عدة مقرات لها، والتزم أعضاؤها سياسة الصمت ثمن بقائهم على قيد الحياة «. عائلة عمار : ظهرت هذه العائلة الثانية في عام 1987 أيضاً. وكان رئيسها حبيب عمار، أحد المنظمين للانقلاب العسكري، ووزير الداخلية في » العهد الجديد «. وتميز ابنه دريد بطيشه وغطرسته، وقلة الذمة، وانحصرت نشاطاته في الاستيراد غير الشرعي للمواد المحظورة، الكحول، والسيارات الفارهة، وإقامة المشاريع المشبوهة مع شركاء إيطاليين وارتكاب عمليات احتيال، وسلب، ونهب… الخ.ولما وصل تعميم إلى الرئيس بن علي يكشف عن هذه التصرفات المشينة للابن في أيلول 1988، استخدمه هذا لأخير كذريعة لإقصاء الأب حبيب عمار من وزارة الداخلية في نوفمبر 1988، بهدف الاستيلاء على كامل السلطات. وتم تعيين حبيب عمار سفيراً في فيينا، ولم يعد إلى تونس إلا في عام 1995، بوساطة صداقته القديمة مع زوجة بن علي، وبعد إقصاء عائلة لطيف احتل حبيب عمار منصب وزير الاتصالات لكنه أعفي من منصبه في كانون ثاني عام 1997. وكانت العوامل التي أسهمت في سقوطه، جشع أبنائه، وعلاقاته المتميزة مع أجهزة المخابرات الليبية وبعض ضباط الجيش، إضافة إلى خشية بن علي منه، باعتباره رجلاً عسكرياً مثله «. عائلة شيبوب : تعتبر عائلة شيبوب الأقوى من بين كل العائلات النهابة، بإجماع كل المراقبين للأوضاع التونسية.يرأس هذه العائلة سليم شيبوب، الذي كان صاحب مقهى حتى عام 1987، وزوج بنت الرئيس بن علي الثانية دورصاف، ويرأس منذ مدة نادي الترجي الرياضي التونسي (E. S. T ) أقوى أغنى الأندية التونسية على الإطلاق.تضم عائلة شيبوب التي يرأسها سليم، أخويه عفيف وهو نائب في البرلمان، ورئيس لجنة في الجمعية الوطنية، وصاحب شركة تأمين، وقد وضع يده على كل أسواق التأمين منذ بداية العام 1990، وهي تدر عليه أرباحاً تفوق المليون دولار سنوياً. ويضطلع في بعض الأحيان بالقيام بمتابعة أعمال أو عقود مشبوهة بدلا من صاحبها الحقيقي أخوه سليم. أما أخوه الثاني إلياس، فهو متخصص في تصدير منتجات البحر، ويتمتع بامتيازات كبيرة في هذا المجال. وتوظف هذه العائلة خدمات عدد كبير من رجال الأعمال مثل يوسف زروق، تاجر سلاح معروف من قبل أجهزة المخابرات الغربية لأنه كان أحد موردي الأسلحة إلى العراق طيلة حرب الخليج الأولى، أو عزيز ميلاد أيضاً، صاحب عدة فنادق، ولديه الآن ثروة طائلة، ويملك أسهماً كبيرة في عدة بنوك، حصل عليها في ظروف مشبوهة، ويلعب منذئذ دور المسخر لبن علي نفسه لشراء العقارات في أميركا اللاتينية وخاصة في الأرجنتين.ويتمثل اختصاص رئيس هذه العائلة سليم شيبوب في التوسط بين الشركات الأجنبية ومؤسسات الدولة التونسية، ويحصل على نسبة مئوية ناتجة عن كل الصفقات العمومية الدولية. فقد كان الوسيط عندما اشترت الخطوط التونسية للطيران أربع طائرات بوينغ وأربع طائرات إيرباص. وكذلك في صفقة الاتصالات التي انتزعتها شركة نورثرن تيليكوم (Northern Telecom) بقيمة 480 مليون دولار، وصفقة توربينات الغاز لحساب الشركة الوطنية للكهرباء والغاز (STEG)، التي انتزعتها الشركة الإيطالية (Ansaldo) بقيمة 200 مليون دولار، وصفقة شراء سفن من قبل الشركة الوطنية للملاحة وهي في طور إعادة الهيكلة على طريق عملية تخصيها.
إن الشراسة التي يبديها سليم شيبوب في ابتزاز شركات القطاع العام » تثير الإعجاب «، فهو يقبض عمولات عن كل مسحوق الحليب المستورد من الشركة التونسية لصناعة الألبان بفضل تواطؤ أحد أصدقائه المقربين، كمال التليلي، حسبما أكد لنا أحد مدراء شركة (STIL). وهناك مثال آخر يوضح لنا أسلوب سليم شيبوب في اختلاس الأموال العامة: في آذار/مارس 1997، كانت هناك حالة من المساومات بصدد الفوز بصفقة بناء المدينة الأولمبية برادس (ضاحية لتونس)، بقيمة 200 مليون دولار، ولم يتم الاختيار بين مختلف المتعهدين، وخاصة الفرنسيين والكوريين الجنوبيين حسب المعايير الموضوعية، » الخاصية التقنية – السعر«، وإن ما حسب مقدار العمولة (LA,COMMISSION) التي! يقبل المتعهد بدفعها فقط. وحسب مسؤول كبير في وزارة التهجير، فإن الرئيس بن علي يقرر في اجتماع مجلس الوزراء فقط، عندما يكون صهره قد عقد الصفقة مع المتعهد. ويحتكر سليم شيبوب أسواق تجهيزات وزارة الدفاع أيضاً، إذ استولى بالاشتراك مع عزيز ميلاد، صاحب فندق وصديق شخصي للعائلة على مزرعة تابعة لأملاك الدولة تبلغ مساحتها 1200 هكتار. ويمتلك سليم وزوجته بفضل مساعدة »مكلف تونسي « فندقاً خاصاً في مدينة كان الفرنسية على الشاطئ الأزرق وبناية في باريس بقيمة عشرات الملايين من الفرنكات الفرنسية. وتقدر الأموال المسروقة من قبل عائلة شيبوب وشركائها، منهم الرئيس بن علي بعدة مئات الملايين من الدولارات، مودعة في عدة بنوك أجنبية في أوروبا، وبعض بلدان أميركا اللاتينية. وقد استخدمت هذا الأموال ظاهرياً لدفع مشتريات الرئيس بن علي في الأرجنتين، وفلوريدا في الولايات المتحدة الأميركية، كما أكدت ذلك صحيفة البايس الإسبانية. زد على ذلك، فإن افتراض التحويل المتأتي عن عملية تبييض الأموال من تجارة المخدرات لحساب مجموعات أميركية لاتينية يكتسب صدقيته. ولم يكن تعيين محمد علي دواس، ابن أخ الرئيس بن علي محافظاً للبنك المركزي، في حين لم تكن لديه أي ثقافة بنكية، مفاجئاً في شيء.
 
في الواقع، يُقدر تحويل الأموال بالعملة الصعبة خلال السنوات الماضية بنحو 4.5 مليار دولار حسب الدراسة الجديدة المقدمة من صندوق النقد الدولي ( كانون أول/ ديسمبر 1996). وتخضع أصول ومقاصد هذه الحركات إلى امتحان دقيق من أجل تحديد درجة تورط هذه العائلة و الدولة البوليسية التونسية والجنرال بن علي في تبييض الأموال، وإعادة هيكلة دولارات تجارة المخدرات.ويقول مسؤولون كبار، وضباط في الجيش وقضاة وحتى بعض الضباط في البوليس، في الصالونات الخاصة، إنهم على دراية بهذه الممارسات، ويستنكرونها بشدة. ومع ذلك، نظراً لسيادة الإرهاب البوليسي، فإنهم عاجزون عن التنديد بإنحرافات للدولة التونسية هذه. ويذكر التونسيون في أحاديثهم اليومية أمثلة يمكن التحقق منها تقريباً «. عائلة سليم زروق : زوج البنت الكبرى للرئيس بن علي، غزوة ، كان في الأصل موظفا معلوماتياً في وزارة الداخلية، وهو قادم جديد على الساحة، غير أنه حقق صعوداً ساطعاً، وبسرعة، وأصبح مالكاً لوحدات تحويل البلاستيك، بسبب التسهيلات غير المحدودة لدى قطاع البنوك الخاضع لسيطرة الدولة بنسبة 70 في المئة. وهكذا وضع يده على ثلثي سوق البلاستيك، الأمر الذي جعل منافسيه يشتكون من نزعته الاحتكارية.واصبح سليم زروق من بين القيادات المتنفذة في اتحاد أرباب العمل التونسيين (الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (U.T.I,C.A)، إذ يرأس أحد فيدرالياته. ويتساءل أرباب العمل المنتمون إلى الاتحاد إن كانت مصلحته داخل الاتحاد ليس لها من هدف سوى مراقبته، وتقديم تقارير عن نشاطه إلى الرئيس بن علي. وتمثلت إحدى عملياته الناجحة بشرائه مدة أشهر فقط، شركة عامة عرضت للخصخصة (سيراميك تونس ) بقيمة 17 مليون دولار، بعد أن ردع كل المشترين الأقوياء الذين تقدموا لشرائها بوساطة التهديد في أبريل/نيسان 1996. وقام ببيع هذه الشركة بقيمة 24 مليون دولار في أيلول من العام ذاته، محققاً بذلك ابتزازاً مالياً بقيمة 7 ملايين دولار من المال العام. وحين عبر رشيد صفر ( رئيس حكومة سابق ) عن دهشته بصدد سير هذه العملية، أحيل على التقاعد، في اليوم عينه , ومن المعروف في تونس أن رئيس الجمهورية يمتلك وحده صلاحيات تعيين وإنهاء مهامه، وهذا يوضح لنا جيداً طبيعة النظام الذي أقامه.ويثابر سليم زروق الملقب بالسيد » سيراميكس « على السير على نهج سليم شيبوب. ولما كان الرئيس بن علي مدافعاً جيداً عن المساواة والعدل بين المواطنين، فإنه يضع أيضاً بناته على قدر من المساواة في نطاق سياسة النهب.من جهة أخرى، أشرك الرئيس بن علي سليم زروق مع سليم شيبوب في عقد الصفقات المحققة من أجل شراء أربع طائرات بوينغ من قبل شركة الخطوط التونسية. وقد استطاع سليم زروق وزوجته أن يحققا ثروة قدرت بقيمة 42 مليون دولار، الأمر الذي جعل »المجموعة الوطنية «، العارفة بجميل رجل الأعمال اللامع هذا ، تمنحه مجاناً قطعة أرض في قرطاج، حيث يشيد فيها قصراً يليق بموهبته الفذة عائلة مبروك : تزوجت البنت الثالثة للرئيس بن علي سيرين من ابن رجل أعمال ثري من مدينة المهدية هو علي مبروك في صيف عام 1994، وبسرعة مذهلة سارت هذه العائلة على طريق النهب. فقد فرضت نفسها كوكيلة لشركة ( Alcatel) التي فازت بمناقصة تجهيزات الهاتف النقال في تونس، على حساب متعهدين آخرين قدموا منتوجاً أفضل وبكلفة أقل. وقد انسحبت شركة إريكسون من مقرها في تونس، احتجاجاً على هذه الممارسات الاحتيالية. ومكنت هذه العملية سيرين من قبض 1.9 مليون دولار.وبموازاة ذلك، منحت سيرين مهمة الإشراف على الانترنيت، التي تستغلها تحت اسم »بلانيت Planet «، وتدر عليها ارباحاً طائلة، بعد أن أجبر الرئيس بن علي كل المؤسسات العامة والمؤسسات الجامعية والثانوية والابتدائية على الاشتراك في الانترنيت. وزد على ذلك، اشتركت سيرين بن علي بدعم من والدها في صفقة شراء طائرات إيرباص من قبل شركة الخطوط التونسية.أخيراً، كان الرئيس بن علي عادلاً، إذ أنه لم يحرم أي من بناته الثلاث من القبض على مستحقاتها من صفقة مهمة جداً ألا وهي تحديث أسطول طيران شركة الخطوط التونسية «. عائلة الطرابلسي : هي عائلة الزوجة الثانية للرئيس بن علي ليلى الطرابلسي، وتتألف من 11 أخاً وأختاً، وهي الأكثر عدوانية، والأكثر جشعاً، وخصوصاً الأكثر تورطاً مع النظام السياسي القائم. وفي الواقع الفعلي، تسيطر هذه العائلة مباشرة على الحرس المقرب جداً من الرئيس بن علي، منهم عبد الوهاب عبد الله الناطق الرسمي باسم الرئاسة، والمتلاعب والرقيب للإعلام، وعبد الله الكعبي، وزير الداخلية الحالي، والخليفة المزعوم لبن علي، ومحمد علي قنزوعي كاتب الدولة للأمن الوطني، وعلي بالشاوش وزير الداخلية السابق. ويعتبر محمد شكري مهندس كل الدسائس السياسية لهذه العائلة المافياوية، وهو مرتزق يعمل في الظل حسب محاورينا. ويضم فريق محمد شكري رجالاً سياسيين أكثر فأكثر، أمثال عبد الرحيم الزواري وزير الخارجية السابق، وأمين عام حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقاً، وعبد الله كعبي محافظ مدينة تونس سابقاً، وعبد العزيز بن ضياء، ومصطفى بوعزيز وزير أراضى الدولة، وكذلك العديد من المسؤولين الكبار في وزارة الداخلية. ويتخذ هذا الفريق القرارات المهمة ( تعيينات، إعفاءات.. الخ ) عقب الاجتماعات التي تعقد خارج المؤسسات الشرعية،ـ في مزرعة شكري بمرناق، أو في قصره » مريم العذارء – Notre Dame. ثم تقدم هذه القرارات إلى الرئيس بن علي – المتورط حتى النخاع في قضايا النهب – الذي يوافق على تطبيقها.وتتميز هذه العائلة أيضاً بطيش أعضائها. فمراد، الأخ الصغير لليلى ( 36 سنة ) متورط مع ابن أخته سفيان الطرابلسي في تجارة المخدرات، التي انفجرت في شهر كانون ثاني 1998. وعلى الرغم من أن كل الشباب الموقوفين اقروا في اعترافاتهم بأن مراد وابن أخته هم الممولون الرئيسيون للمخدرات، إلا أنه لم يتم التحقيق معهما من قبل البوليس، الأمر الذي يؤكد حسب الشخصيات المحقق معها مدى استقلال القضاء في دولة الحق والقانون.ويركب أبناء أخ زوجة الرئيس السيارات الفاخرة، ويأكلون في المطاعم من الدرجة الممتازة، ويسهرون في المراقص الليلية وفنادق الحمامات، تحت حماية أجهزة البوليس.أما أخ ليلى، بلحسن الطرابلسي، فبعد زواج أخته من الرئيس بن علي، طلق زوجته الأولى، وتزوج بنت هادي جيلاني، رئيس اتحاد أرباب العمل التونسيين، الذي دخل بالمناسبة في عائلة السلطان، وتم محو الفوائد على ديونه المستحقة والمقدرة بنحو 54 مليون دينار تونسي، أي ما يعادل 45 مليون دولار. واُتُخذَ هذا القرار في اجتماع مجلس الوزراء، الأمر الذي جعل بعضهم يرى أن هادي جيلاني باع بنته في بلد تم فيه القضاء على نظام الرق في عام1848. وقد اشتهرت هذه العائلة، حالياًَ باختلاس الموروث العقاري للدولة، بعد ان وضعت يدها على عقارات تعود ملكيتها لأجانب بطريقة غير شرعية مستخدمة الحيل وتزوير الوثائق. ويذكر محاورونا على سبيل المثال حال الأرض المفرزة » خمسة «. فقد منح بلحسن الطرابلسي قطعة ارض بمساحة عدة هكتارات في رأس قرطاج في المنطقة السياحية من قبل الوكالة العقارية للسياحة، بقصد بناء فندق سياحي، بفضل الأموال المتأتية من الابتزاز والنهب (40 مليون دولار). غير أن التونسيين فوجؤا بإعلان في الصحافة في شهر أيار 1998، بطرح بيع مساحات من الأرض المذكورة إلى الخواص بقيمة 300 دينار تونسي ( 300 دولار ) للمتر المربع الواحد، في حين أن قطعة الأرض هذه منحت إلى بلحسن الطرابلسي بسعر رمزي هو 30 دولاراً للمتر المربع الواحد ( وهذه العملية فريدة في نوعها في المناطق السياحية ). وفي ضاحية قمرت، فعل مراد الذي ذكرناه آنفاً أفضل من أخيه بلحسن، إذ منحت الدولة قطعة ارض للوكالة العقارية للإسكان (7000 متر مربع )، وبدلاً من أن تقوم هذه الأخيرة بتخصيصها وبيعها إلى المواطنين، قامت الوكالة ببيع قطعة الأرض هذه إلى مراد الطرابلسي بقيمة رمزية هو 30 دولاراً للمتر المربع الواحد، الذي قام بدوره بتخصيصها وبيعها من جديد بقيمة 320 دولاراً للمتر المربع الواحد، الأمر الذي مكنه من ربح مليوني دولار أميركي في بحر بضعة أسابيع.وفي منطقة مرسى الصنوبر، حقق مراد عملية من طبيعة أخرى. فقام بشراء قطعة أرض تقع في منطقة مصنفة أثرية منذ ما يقارب أكثر من نصف قرن بسعر رمزي، وقامت الدولة بأوامر من الرئيس بن علي بإسقاط صفة الأثرية عن قطعة الأرض هذه، وتحويلها إلى منطقة حضرية. وهو ما مكن مراد من تخصيصها وبيعها بقيمة 320 دولاراً للمتر المربع الواحد، وحصل بذلك على ربح بضعة ملايين من الدولارات تم إيداعها في بنك سويسري.ويضيف الأشخاص الذين قدموا لنا المعلومات حول هذه القضايا، أن الوزراء والمسؤولين الذين سمحوا وابتلعوا هذه الاختلاسات لن يقلقوا من المتابعة القضائية، مثل وزراء السياحة، والثقافة، وديوان قياس الأراضي، والتجهيز، وكذلك مسؤولي الوكالة العقارية للإسكان، وشيخ بلدية المرسى. فالرئيس بن علي نفسه، بنى قصراً في منحدر هضبة سيدي بوسعيد على ارض تعود ملكيتها لوزارة الدفاع، تم فيما بعد إسقاطها. فلا ثروته الشخصية ولا راتبه كرئيس منذ ما يزيد على عشر سنوات، يسمحان له ببناء مثل هذا القصر.وفي ملف آخر، يبتز بلحسن الطرابلسي مالياً شركة فوسفات قفصة والمجموعة الكيماوية التي يرأسها رافع دخيل، المتواطئ معه. إنهما يقبضان عمولات عن كل ما تبيعه أو تشتريه هاتان الشركتان، وقد صرح لنا كوادر هاتين الشركتين، بأنهما يحصلان على ملايين الدولارات سنوياً. وقد بنى رافع دخيل فيلا فاخرة في حي المنار بقيمة ثلاثة ملايين دولار. ويؤكد لنا المسؤولون الذين قاموا بإطلاعنا على مكان هذه الفيل، أن من المستحيل على أي رئيس أو مدير عام، مهما كانت رواتبه والحوافز المالية التي يتقاضاها من الشركة، أن يكون بمقدوره بناء مثل هذا البناء الفاخر. ويطمح رافع دخيل إلى أن يصبح وزيراً للإقتصاد، الأمر الذي سيمكن مافية الطرابلسي من القيام بمزيد من الاقتطاعات المالية، ومزيد من الاختلاسات.وتمكن بلحسن هذا نفسه، في إطار عمليات خصخصة شركات القطاع العام التي تمت في جو من الشفافية حسب الخطاب الرسمي، من تملك » شركة النقل « بالاشتراك مع والد زوجته هادي جيلاني، وهي شركة عامة، ممثلة لشركة فولسفاغن Wolkswagen، وبدعم من فريق تونس العاصمة، المتكون بشكل خاص من حمودة الخوجة، الرئيس المدير العام للبنك العربي – التونسي، ورئيس بلدية المرسى، ومن جعفر محسن كادر سابق في الشركة عينها. وفضلاً عن ذلك، فإن بلحسن هو الممون لكل مواد الأشغال العامة، التي يقتنيها من وزارة التجهيز. وهذه العمليات يحققها حمادي طويل، وهو شخص آخر يضطلع بتبعات عمل أو عقد بدلاً من صاحبها الحقيقي، وشريك لعائلة الطرابلسي. ولا يتردد بلحسن في أي لحظة عن ابتزاز مصارف القطاع العام. ويوضح المثال التالي الذي كشفه لنا أحد مسؤولي بنك الجنوب، نموذجاً لهذا الابتزاز. لقد اشترى عفيف كيلاني الشركة العامة » الرفاهية Le Confort « في عام 1993 – 1994 بفضل قرض بنكي بقيمة 50 مليون دولار. وبدلا من أن توضع هذه الأموال في خزينة الدولة، تقاسمها عفيف مع بلحسن من أجل الحصول على حمايته.إزاء هذا الوضع، نفذ عمال هذه الشركة إضراباً مطالبين بالحصول على رواتبهم. وبعد ذلك، عدل عفيف عن تملكه شركة » الرفاهة « وأعادها إلى الدولة، وأوقفت الشركة نشاطها حالياً. وفي غضون ذلك، تبخر القرض بقيمة 50 مليون دولار، فلا يستطيع البنك استعادته بأي حال من الأحوال. وقد أكد وزير الشؤون الاجتماعية الشاذلي نفاتي بأنه قدم الملف بنفسه المتصل بهذه القضية إلى رئيس الجمهورية، الذي أمر بحفظه.اشتهرت عائلة الطرابلسي بفظاظة أساليبها. وتذكر الأوساط الدبلوماسية في هذا الصدد الاحتلال بالقوة لمنازل في ضاحية قرطاج تعود ملكيتها لأجانب، مثل منـزل السيدة لوهمان طبيبة فرنسية من أصل تونسي، الذي احتله أعوان السيدة الأولى لكي تسكن فيه أمها. وقد سمّمت هذه القضية العلاقات الفرنسية التونسية إلى درجة أن رئيسي الحكومة الفرنسية بالتناوب بالادور وجوبي رفضا زيارة تونس ما لم تتم تسوية هذه القضية. وهناك احتلالات همجية أخرى لمنازل تعود ملكيتها إلى الحكومة الجزائرية المؤقتة، أساءت إلى العلاقات التونسية – الجزائرية.وكان مهندس هذه الاحتلالات محمد شكري، الذي يحمل صفة محافظ، وله مكاتب في وزارة الداخلية. وقد استخدم هو مثل هذه الأساليب في البداية، فأصبح» مالكاً « لعشرات المنازل التي تعود ملكيتها في الأصل لأجانب، وتقع في » المدينة الجنائنية « لتونس. يعتبر الابتزاز المالي من أخطر ممارسات أعضاء عائلة الطربلسي إزاء رجال الأعمال والشركات الوطنية والدولية، التي يترتب عليها دفع مبالغ مالية ضخمة تحت طائلة الملاحقة من قبل وزارة المالية، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS ). ويقود هذه المؤسسة الأخيرة عبد الحميد نويرة رغم معارضة أربع وزراء تناوبوا على وزارة الشؤون الاجتماعية، لا لشيء إلا لأنه يعمل لمصلحة العائلات المافياوية. ولهذا السبب رددت افتتاحية جريدة الشعب لسان حال الاتحاد العام التونسي للشغل في عددها الصادر بتاريخ 15 آذار/مارس 1997 مغامرات مطلعين على الإجرام لمصلحة سلطات سرّية. وقد عرض الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS ) للبيع في المزاد العلني حقوق اكتتاب على أسهم الاتحاد الدولي للبنوك الذي يملكه، قبل ربع ساعة من انتهاء تقديم العروض، وذلك بعد أن تعمد ترك سعر السهم الواحد ينزل إلى ثمن زهيد (0.5 دولار مقابل 3.5 دولار في الصباح ). وقد قدرت الفوائد التي حققها المشترون لهذه الحقوق بنحو 2.5 مليون دولار. وكان المشترون حقوق الاكتتاب هذه هم عزيز ميلاد، وسليم مرزوق، وأحد أخوة عائلة الطرابلسي. وبلا شك فإن مبلغ 2.5 مليون دولار يمثل خسارة »طواعية « لصندوق التضامن الاجماعي.وتتمتع عائلة الطرابلسي بامتازات مالية استثنائية. وفي هذا السياق، حمت هذه العائلة مدة طويلة مصرفي كبير هو السيد منصف كعوش الذي يرأس عدة بنوك: بنك الجنوب والشركة التونسية للبنك، وكان مكلفا بمهمات ثلاث: الأولى: تمويل شؤون وأعمال عائلة الطرابلسي من دون ضمانات أو فرضيات تشكيكية، والثانية، مساعدتها على تهريب أموالها إلى الخارج، والثالثة ممارسة الضغوط أو عرقلة أعمال الشركات ورجال الأعمال الذين يرفضون دفع »خاوة« إلى أخوة الطرابلسي. وقد سقط هذا المصرفي الكبير لأنه قطع مع قانون الصمت. في العام 1992، رفض المسؤول في بنك وطني، محمد بوعوجة، منح قرض بقيمة 1.5 مليون دولار من دون ضمانات لتركة تأجير سيارات ( Magic Cars ) التي يملكها بلحسن الطرابلسي وتدار الآن من قبل منتصر مهرازي صهر ليلى الطرابلسي. فما كان من الرئيس بن علي إلا أن أقاله في اليوم عينه من رفضه التمويل حسب مصدر مسؤول في ذلك البنك.وانتشرت في تونس نصوص سرية بأعداد كبيرة منددة بالاسم بأفـراد عائلة الطرابلسي، وبشكل خاص أزواج أخوات ليلى، مثل » الحاج « » معلّم « غير منازع فيه للتهريب واستيراد المواد الفاخرة التي تباع في شارع زرقون بتونس العاصمة، والذي أحبط محاولة أجهزة الجمارك إجبار تجار الشارع المذكور دفع الحقوق المترتبة عليهم. وقد ذهب محافظ العاصمة شخصياً إلى عين المكان لتقديم اعتذار رئيس الجمهورية إلى جار شارع زرقون المحميين من قبل الحاج.ومن أبرز الحالات المثارة بقوة من قبل محاورينا حال ناصر الطرابلسي، أخ »الرئيسة« الذي تخصص في احتكار استيراد اللحوم إلى تونس، بالاشتراك مع حبيب الصيد، الذي يشغل منصب رئيس ديوان وزير الداخلية . وقد لعب حبيب الصيد هذا دور الغواصة بالنسبة لعائلة الطرابلسي لدى وزير الداخلية السابق بن رجب المتحالف مع سليم شيبوب، في نطاق الحرب الدائرة بين العائلات المافياوية أمام أعين التونسيين. كما أن حال منصف الطرابلسي، الأخ الأكبر » للرئيسة « أثير بإصرار أيضاً، حيث كان يعمل مصوراً في ليبيا، وأحد رواد سجونها، وعاد إلى وضعه السبق كعامل في أحد المطاعم الحقيرة في حلق الواد. لكن منذ عملية التغيير في 7 نوفمبر 1987، فرض نفسه كرجل أعمال عديم الاستقامة بالاشتراك مع ياسين هميلة، المتخصص في استيراد المواد الغذائية ( موز، تون، عسل الخ ). ونظراً لانتمائه إلى عائلة الطرابلسي، فهو معفى من دفع الضرائب إلى أجهزة الجمارك عن كل المواد المستوردة. وهكذا، يقوم بسرقة ملايين الدنانير من المال العام، وتحوَّل إلى البنوك الفرنسية والسويسرية لاحقاً. وعرف عنه احتقاره للقانون وللمواطنين، حسب ما يتردد عنه في الأوساط الشعبية، خاصة في ضاحية رادس، جنوب العاصمة، حيث يحتل منصب نائب رئيس بلديتها 7 عائلة بن علي : في السابق كان أخو الرئيس يرأس هذه العائلة، وهو منصف بن علي، عريف سابق في الجيش، ومؤتمن على أسرار الرئيس، ومعروف في أوساط طبقة اللصوص والحرامية منذ السبعينات. وقد توفي في ظروف غامضة في نيسان/أبريل 1996. وإذا وضعنا جانباً الموت الطبيعي، فهناك احتمال يبرز على السطح، ويتمثل في التصفية الجسدية من قبل المافيا الإيطالية بسبب الاختلاف على تقاسم عوائد بيع المخدرات، إذ أن البوليس لم يسمح لأحد بالإقتراب من جثة المغدور. وجدير بالذكر في هذا الصدد أن منصف بن علي كان قد حكم عليه غيابياً من قبل محكمة فرنسية بالسجن مع الأشغال الشاقة مدة 12 عام. أما شركائه من التونسيين المقيمين في فرنسا، الأخوة روما، فقد قبلوا التعاون مع البوليس الفرنسي، وأطلق سراحهم مؤخراً، ولم يطردوا من الأراضي الفرنسية، ويعيشون تحت الحماية الفرنسية مخافة من ردود أفعال الرئيس بن علي. وفي هذه القضية، تورطت الدولة التونسية في الدفاع عن المتهم منصف بن علي، وعهد بالدفاع في هذه القضية إلى أحد المحامين المقربين من الرئيس بن علي هو عبادة الكافي، الذي تحول إلى باريس. وقامت الوكالة التونسية للاتصال الخارجي ( ATCE) – وهي مؤسسة حكومية – بحملة إعلامية شرحت فيها أن المدعو منصف بن علي غير مسجل في سجل الأحوال المدنية، وأن أخ الرئيس يدعى حبيب. وقد كوفئ رئيس هذه الوكالة على جهوده، ومنح منصب وزير لاحقاً. وفي الواقع، منذ بداية العهد الجديد، نصب منصف بن علي نفسه رئيساً في أوساط أولئك الذين يسيؤون استعمال الوظيفة. فقد بدأ يوزع الرخص الممنوحة بصعوبة من قبل وزارة الداخلية: بارات، مقاهي، مطاعم، أماكن لبيع الكحول، صالات ألعاب بقيمة 10000 دولار عن كل رخصة. كما منح شركاءه في تجارة المخدرات جوازات سفر تونسية حقيقية، ولكن بأسماء مستعارة، نظراً لسيطرته على أجهزة البوليس. وكانت هذه العمليات تدر عليه مبلغاً بقيمة 15000 دولار عن كل عملية، كما ذكر لنا أحد أصدقائه، وقد تخلى مؤخراً عن العمل في هذه الأوساط المرموقة.
 
وبما أن مؤسسة القضاء فاسدة ومخترقة في تونس، فقد نصب منصف بن علي نفسه »رئيساً لهذه المؤسسة «، حيث أنه بإمكان أي أحد إذا أراد أن يكسب حكماً لمصلحة قضيته، أن يدفع ما بين 20 ألف دولار إلى 30 ألف دولار إلى منصف بن علي. ولما رفض أحد القضاة الإذعان لمثل هذا الأسلوب طرد من باب القصر العدلي أمام أعين كل الناس، وبلا أي تفسير كما روى لنا ذلك أحد المحامين المشهورين في تونس. كما تخصصت أكثر من عشرين شركة استيراد وتصدير، وشركات خدمات أخرى بمشاركة أجنبية في رأسمالها، والتي تعود ملكية بعضها إلى منصف بن علي أو إلى رجاله فاقدي الشخصية من غازي ملولي، وأحمد قبي، في تبيض اموال المخدرات لحساب مجموعة إيطالية ! أو أميركية لاتينية. وقد وظف منصف بن علي محاميين يعملان كامل الوقت في مكتبه بالمدينة الأولمبية من أجل الاشراف على تركيب عملياته المعقدة. ويمتلك منصف بن علي قصراً فخماً في مرناق، المنطقة الزراعية، وهو شبيه بقصور رؤساء الكارتلات في الميدلاين (Medlin) ويتحرك دائماً في سيارة مصفحة وتحت حراسة مشددة. وبعد موته، استمرت أعمال العائلة في الازدهار تحت قيادة الرئيس بن علي نفسه. لقد تخصصت عائلة بن علي بالاستيراد عن طريق تهريب الأشياء الثمينة، من السجائر، والكحول الفاخرة، والموز، والماكينات الإلكترونية، وألعاب البليار.. الخ. أما مكان نشاط هذه العائلة، فد تمركز في منطقة سوسة مسقط رأسها، حيث تعيد استثمار أموالها في الفنادق. وقد بنت هذه العائلة فندقين بقيمة 45 مليون دولار: الأول تعود ملكيته لأخ الرئيس بن علي في حمام سوسة، والثاني بنته أخته الكبرى حورية التي توفيت منذ سنوات قليلة. وهذه المعلومات يمكن التأكد منها لدى سجل الديوان التونسي للسياحة.وشقيقتها نعيمة التي تشارك مع ابنها عماد لطيف في حالات الغش والتدليس في الممتلكات العقارية مع إدارة شؤون الدولة والمواطنين من العديد من التونسيين ضحيةأعمالهم واحتكاراتها جمارك والموانئ تونس أما الأخت الصغرى للرئيس بن علي حياة، والتي يمثل زوجها سيفير المنظمة الوطنية للعمال التونسيين في ألمانيا (ON TT ) فقد تخصصت في تهريب الذهب والماس، وقد أكد لنا رجال الجمارك هذه الحقائق. ويحتكر ابن أخي الرئيس بن علي صلاح، قيس بن علي توزيع الكحول في منطقة الساحل التونسي، حيث اقتصر دور البوليس على حماية زبائنه حسب رواية أحد العاملين في محافظة مدينة سوسة. وفضلاً عن ذلك، فقد منحته إدارة تليكوم استثمار مجموع التاكسيفون (الهاتف العام) في كل المطارات التونسية، كما استعاد سفيان بن علي ابن المتوفى منصف بن علي قسما من نشاط والده في استيراد وتوزيع المخدرات، ولما اتهمته بعض الجهات الرسمية، غادر تونس بضعة أسابيع بناء على توجيهات عمه الرئيس، لكي تمر العاصفة. وقد اشترى مؤخراً كل الفري – شوب ( FREE SHOP) في كل المطارات التونسية، حيث عهد استثمارها إلى شركة سويسرية متخصصة ( Weitnauer)، الأمر الذي مكنه من ربح ملايين الدولارات سنوياً. وهناك أعضاء آخرون من العائلة يحتلون وظائف رسمية أمثال مهدي مليكة ابن أخي الرئيس الذي عين وزيراً للبيئة، من غير أن يحمل شهادة جامعية. وقد وصف بأنه رجل متعجرف وعديم الذمة. وهو الآن يمتلك ثروة تقدر بنحو 40 مليون دولار، ويلقبه كوادر وزارته بالسيد 20 %، لأنه يفرض على كل الموردين للخدمات أو للأعمال دفع كومسيون بقيمة 20 %. ويمتلك قصرين، الأول في تونس العاصمة بمنطقة المنار، والثاني في حمام سوسة، وهو بصدد بناء قصر ثالث في ضاحية قمرت بتونس الشمالية، بعد أن قام بتخريب قسم من البيئة الخضراء المحيطة به.وهو شريك مكتب للدراسات متخصص في دراسة التأثيرات المختلة على المحيط البيئي. وهذا الوضع يفرض على أي شركة صناعية تريد فعلاً الحصول على ترخيص لإقامة مصنعها أن تمر أتوماتيكياً على هذا المكتب. أما حامد مليكة المستشار في القصر، فتكمن مهمته في اقتطاع كومسيونات عن كل الصفقات التي تبرمها الرئاسة، حسب المعلومات المقدمة لنا من قبل ضباط من البوليس. ويحتل الابن الأكبر من عائلة مهيري ( أبناء عم الرئيس ) منصب رئاسة الاتصالات لمنطقة تونس، حيث تكمن مهمته في التنصت على المكالمات الهاتفية لمصلحة الرئيس، الذي ينعم عليه من أموال الصناديق السوداء. أما الأخ الأصغر ظفر الله مهيري صاحب نص ممنوع نشره وتوزيعه في تونس ويحمل العنوان التالي » جمهورية ابن عمي « فقد عاد من باريس بعد إبرام تسوية بين أبناء العم، ومنح منصب مراقبة الأنترنيت ليمنع بذلك التونسين من الدخول إلى مواقعها الحساسة . وقد تم وضعه على رأس هذه المؤسسة من قبل أحد أخويه في كانون ثاني عام1997. ويعمل الآن مستشاراً للبنوك، ويتمتع بامتيازات كثيرة، من دون أن يكون له دوام فعلي، كما أكد لنا مدير بنك الجنوب. وهناك ابن أخت بن علي، محمد علي دواس، الذي أصبح محافظاً للبنك المركزي في بداية عام 2001. وهناك عدد هائل من هذه العائلة الكبيرة تم تعيينهم في مناصب بالخارج، كممثلين للمصالح التونسية، وهي وظائف تمكن هؤلاء من الإثراء السريع عن طريق نهب أموال الدولة التونسية «. عائلة الجري: هذه العائلة محمد الجري، الذي كان في البداية مجرد موظف في الدولة، لكنه أصبح بعد ذلك الرجل القوي بعد بن علي طوال ثماني سنوات، بوصفه مديراً لديوان الرئاسة. إنه ينفذ كل الأوامر الموكلة إليه، مقابل السماح له بإنشاء جمعية إساءة سوء استعمال الوظيفة مع الأخوة مزابي، منصف، مزوغي، وصادق، وهم رجال أعمال من مدينة جربة بالجنوب التونسي، حيث كان الأول أحد أعضاء لجنة تنظيم الحملة الانتخابية للرئيس. وقد استفادوا جميعاً سنوات طويلة من احتكار استيراد سيارات الشحن » سكانيا – Scania «، وهم الآن يسيطرون على أربعين شركة في مختلف الميادين.وفي الوقت !عينه، تسيطر عائلة محمد الجري بالاشتراك مع أعضاء من عائلته على بنك لا شكلي يعمل في الواقع، على الطريقة المؤدية إلى ليبيا في مدينة مدنين، كمركز مالي لتصريف العملة الليبية بطريقة غير شرعية، وخارج نطاق معدلات الصرف الرسمية. وهكذا يحول هذا البنك أكثر من نصف مليون دولار يومياً، مستفيداً من الحصار الذي كان مضروباً على ليبيا منذ العام 1992.وحصلت عائلة الجري على ملكية شركة تابعة للقطاع العام تم تخصيصها بقيمة (700000) ألف دولار في نهاية عام 1995، في حين أن سعرها الحقيقي قدر من قبل أحد محاورينا بنحو 4.5 مليون دولار.
 
الخـاتمـة نستخلص من هذا العرض حول الفساد في تونس، الذي كثيراً ما ينطوي على تحويل أو تحريف وجهة الموارد المالية أو الخدمية من الاستفادة العامة إلى العائلات الخاصة النهابة، إذ غالباً ما يتطلب هذا التحريف تحويلاً للأموال إلى مصارف وبنوك أجنبية، ما سبب حدوث تسريبات ضارة بالإقتصاد الوطني تعمل على زيادة عرقلة التنمية الإقتصادية. والفساد في تونس له علاقة بالمتغيرات الإقتصادية و الاجتماعية الناجمة عن سياسة الخصخصة، التي بدأ النظام يطبقها منذ مجيء الرئيس بن علي إلى السلطة. وفي ظل غياب قوانين صارمة ضد الاحتكار تعني الخصخصة استبدال احتكار القطاع العام باحكار القطاع الخاص، وهذا يؤدي إلى استشراء الفساد بكلفة إقتصادية واجتماعية كبيرة. هناك حاجة إلى موازاة التخصيص مع وجود قوانين ضد الاحتكار لدرء الفساد، وهذه القوانين كانت علامات أساسية في التطور الإقتصادي في الدول الرأسمالية المتقدمة. يعمل الفساد في تونس على تقزيم التنمية الإقتصادية، ويعمل أيضاً على مفاقمة الفقر، لأن الطبقة السياسية الحاكمة التي وصلت إلى السلطة في الـ 7 من نوفمبر 1987، أحاطت نفسها فجأة ببهارج السلطة ومفاتنها، لا سيما سبل الوصول إلى الموارد المالية والسلطة الاستثنائية في منح العقود والمجاملات. وقد اجتهدت هذه الطبقة السياسي التي تلوثت بالفساد حتى النخاع، بد أن ذاقت ثماره في جعل الفساد منهجياً ومستديماً بذاته، بحيث أنه تحول إلى »مؤسسة «. كما أن ممارسات الفساد في تونس ليست مجرد ممارسات فردية خاصة لهذه العائلة أو تلك من العائلات النهابة، كما جاء في حيثيات قضايا الفساد الكبرى التي تم عرضها في هذا الفصل من الكتاب، وإنما هي تتحرك من خلال » أطر شبكية « و » مافيات « منظمة، وهكذا تكتسب ممارسات الفساد طابعاً مؤسساتياً في إطار تلك » المنظومات الشبكية «. إن للفساد آثاراً سلبية ومدمرة على الاستثمار الأجنبي والمساعدات الأجنبية، والتنمية الإقتصادية، حيث أن الفساد يعوق التنمية السياسية ويقوض الفعالية واكفاءة الإدارية، وشرعية القادة السياسيين والمؤسسات السياسية. غير أن الفساد ما كان له أن ينتشر في تونس، وينمو ويزدهر، لولا أنه لم يجد » بيئة حاضنة للفساد «. هذه البيئة الحاضنة للفساد، هي الدولة البوليسية بزعامة الرئيس بن علي، الذي ترك العنان للفساد يستشري في تونس، ولم يمارس أي دور في كبح جماحه. بل أن هذه الديكتاتورية البوليسية لجأت إلى تأسيس علاقات وروابط مع رجال » البزنس « لاقتسام العمولات والصفقات والغنائم ليس فقط كنتيجة لضعف رموزها أمام إغراءات المال والثراء، وليس فقط بدافع تأمين المستقبل وإنما أيضاً لضرورات البقاء في السلطة. وكلما تعززت علاقات الطرفين وتشابكت مصالحهم قويت دافع الطبقة الأخيرة لحماية النظام وإحاطته بسياج من الولاء مدفوع الثمن. وهذا تحديداً ما ساعد بن علي على الاحتفاظ بالسلطة طويلاً. وحين تكون السلطة السياسية القائمة هي التي تحث على الفساد، لا بل، تدفع إليه دفعاً منظماً ، كما هي الحال بالنسبة لسلطة السابع من نوفمبر في تونس، فإن الفساد يصبح »مؤسسة«. فكما يقول المثل الشعبي » المال السايب يعلّم السرقة «. إن الفساد ليس ظاهرة تونسية، أو عربية فقط، بل هو ظاهرة عالمية. وقد كشف النقاب عن فضائح للفساد في الدول الرأسمالية المتقدمة، في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا الغربية واليابان طيلة عقدي الثمانينات والتسعينات. وبينت الدراسات الحديثة جداً التي تناولت بالتحليل ظاهرة الفساد وعلاقته بالإقتصاد العالمي، أن الرشوة تعمل على تشويه الأسواق العالمية، وتعرقل التنمية الإقتصادية عن طريق إحلال الكسب غير المشروع محل النوعية والأداء والملاءمة، وتقوض الخضوع للسياسة الديمقراطية. كما أن الفساد يضعف الحكومات غير المستقلة، ويهدد الديمقراطيات الناشئة. ! إن السؤال المطروح تونسياً وعربياً هو: هل يمكن انتهاج سياسة واضحة لمكافحة الفساد على المستوى الوطني والعربي ؟. إن مكافحة الفساد، تتطلب توافر الإرادة السياسية، ومشاركة المجتمع المدني، وتقوية المؤسسات، فضلاً عن دور التعاون الدولي. ويرجع الدكتور محمود عبد الفضيل في دراسته القيمة عن إقتصاديات الفساد، إلى أن القضاء على التداعيات السلبية للفساد على عملية التنمية ومسيرة التقدم في الوطن العربي، يتطلب التحرك على المحاور الرئيسية التالية: 1 – محور توسيع رقعة الديمقراطية والمساءلة: ويقتضي ذلك توسيع دائرة الرقابة والمساءلة من جانب المجالس التشريعية والنيابية، والأجهزة الرقابية، ومنظمات المجتمع المدني لتحقيق درجة أكبر من » الشفافية « في العقود الدولية والعطاءات وإتفاقيات المعونة، للقضاء على ما يسمى بـ » الفساد الكبير «. وليس هناك من شك في أن الضمان الحقيقي لحل » مشكلة الفساد « حلاً جذرياً يكمن في تداولية السلطة، حتى لا يعشش الفساد طويلاً ويتم توارثه والتستر عليه. وهنا يبرز دور هام منوط بالإعلام والصحافة في تسليط الضوء على » الفساد الكبير « في أعلى المواقع، مع توافر الضمانات ا! لقضائية اللازمة لحصانة الصحفي ورجل الإعلام. 2 – محور الإصلاح الإداري والمالي : لا بد من وضع القواعد والضوابط اللازمة لمنع »التداخل « بين الوظيفة العامة وممارسة النشاط التجاري والمالي ( بالأصالة أو بالوكالة ) لمنع اختلاط المال العام والمال الخاص. وهذا يقتضي بدوره إعادة النظر في اللوائح المالية والإدارية، وتشديد القيود والضوابط والقضاء التدريجي على مفهوم » الدولة – المزرعة «. 3 – محور إصلاح هيكل الأجور والرواتب : ولكي يمكن محاصرة الفساد عند أدنى المستويات، لابد من تحسين أوضاع صغار الموظفين وكبارهم في الخدمة المدنية، من حيث مستوى الأجور والرتبات وبما يتمتعون به من مزايا، حتى تصبح تلك الأجور والمرتبات أداة لـ » العيش الكريم « (Living wages)، مما يساعد على زيادة درجة حصانة » صغار الموظفين « و » كبارهم « إزاء الفساد والمفسدين، وبما يساعد على القضاء على » الفساد الصغير « بأشكاله المختلفة. وغني عن القول أن محاصرة الفساد وتقليص مساحته، يقتضيان التحرك على » المحاور الثلاثة « في وقت واحد.. إذ إن إصلاح هيكل الرواتب والأجور وتحصين »الموظف العام « لا يكفيان وحدهما للقضاء على الفساد والنهب المنظم.
 


وعود سورية بالإصلاح وغليان بدرعا


قالت بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري بشار الأسد إن سوريا اتخذت قرارات هامة، من بينها دراسة إنهاء العمل بقانون الطوارئ بشكل عاجل، بينما شيع أهالي درعا قتلاهم وسط هتافات تطالب بالثأر لهم والحرية لسوريا. ويتزامن ذلك مع دعوة وجهها ناشطون إلى تنظيم مظاهرات في كل أنحاء سوريا يوم غد في إطار ما سموه « جمعة الكرامة ».

وقالت شعبان في مؤتمر صحفي في دمشق إن القيادة القطرية لحزب البعث اجتمعت برئاسة الرئيس بشار الأسد وقررت وضع آليات جديدة لمحاربة الفساد وإنهاء الطوارئ ودراسة إصدار قانون ينظم عمل الأحزاب السياسية وقانون جديد للإعلام.
وأضافت شعبان أن القيادة القطرية قررت أيضا زيادة رواتب العاملين في الدولة، وإيجاد التمويل اللازم للضمان الصحي، وتمكين الموارد اللازمة لتوفير وظائف جديدة للعاطلين عن العمل.
وبشأن الوضع في مدينة درعا، قالت شعبان إن القيادة القطرية قررت تشكيل لجنة قيادية عليا للاتصال بمواطني المدينة لمعرفة ملابسات الأحداث ومحاسبة المقصرين والمتسببين بالتصعيد.
ونقلت شعبان تعازي الرئيس الأسد لأهالي الضحايا في مدينة درعا، التي قالت إن اختيارها للمظاهرات يأتي لقربها من الحدود وسهولة تصدير السلاح لها. وأكدت أن مطالب أهالي درعا هامة وشرعية وتستحق النقاش، لافتة إلى أن استهداف سوريا هو استهداف للمقاومة واستهداف للتعايش بين أطيافها، مشددة على عدم وجود أي خلاف بين المواطنين والحكومة على أهمية سوريا التي قالت إنها مستهدفة لتصبح عبارة عن مناطق طائفية وعرقية.
تأتي هذه القرارات في وقت شارك فيه نحو 20 ألف شخص في جنازة تسعة محتجين قتلتهم قوات الأمن في مدينة درعا رددوا أثناءها هتافات تنادي بالحرية والثأر للشهداء. كما نظم سكان آخرون اعتصاما في حي المحطة احتجاجا على مقتل محتجين على يد قوات الأمن السورية.  

قتلى الاحتجاجات

في غضون ذلك نقلت وكالة رويترز عن مصادر طبية في مستشفى درعا بجنوبي سوريا أن المستشفى استقبل جثث 37 متظاهرا قتلوا في المواجهات بالمدينة. ولكن وكالة الصحافة الفرنسية أفادت بأن عدد قتلى الأحداث في درعا ومنذ اندلاعها قبل نحو أسبوع، وصل إلى 21.
وقالت مصادر حقوقية إن 15 شخصا على الأقل قتلوا في مواجهات يوم الأربعاء وحده، حيث تشهد درعا مظاهرات غير مسبوقة منذ يوم الجمعة تطالب بالإصلاح السياسي ومحاربة الفساد، أما الرواية الرسمية فتتحدث عما وصفتها بأنها عصابة مسلحة اعتدت على طاقم طبي. وعرض التلفزيون السوري صور أسلحة وذخائر، قال إنها تخص العصابة، لكن معارضين سوريين شككوا في صحة هذه الرواية.
وقال شاهد عيان للجزيرة إن محتجين قدموا مساء أمس من بلدات مجاورة -مثل جاسم وحوران- لمؤازة المحتجين في درعا تعرضوا بدورهم لإطلاق النار عند المدخل الشمالي للمدينة حيث تحدث شهود عن جثث متناثرة في الشارع.
وتحدث شاهد العيان نفسه عن روايات مؤلمة بشأن أعمال القتل التي حصلت في المدينة, مشيرا إلى أن الأهالي شيعوا اليوم مزيدا من القتلى.
ورجح شاهد عيان آخر في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية أن عدد القتلى ربما يفوق 200, وتحدث عن استهداف قوات الأمن السورية لمحتجين قدموا من البلدات الشمالية بعدما سمحت لهم بدخول درعا.
وحسب وصف الشاهد نفسه, تحولت درعا إلى « مدينة أشباح » في ظل انتشار وحدات خاصة ينتمي بعضها لجهاز مكافحة الإرهاب, بينما قطعت عنها الاتصالات الهاتفية.
ووفقا لروايات الشهود, فإن من بين القتلى الذين سقطوا حتى الآن طبيبا وسيدة وطفلا, وجنديا يدعى خالد المصري قتل لرفضه المشاركة في اقتحام الجامع العمري.
وكانت الحكومة السورية قد أرسلت في وقت سابق وفدا إلى درعا قبل أن تعلن لاحقا عن إقالة المحافظ فيصل كلثوم بمرسوم من الرئيس الأسد وإطلاق بعض المعتقلين, لكنها لم تفلح في احتواء غضب الأهالي الذين يطالبون بإصلاحات سياسية تشمل إلغاء الطوارئ وإطلاق الحريات العامة بالإضافة إلى مكافحة الفساد.
وبدا أن سقوط أعداد كبيرة من القتلى قد يدفع باتجاه تصعيد أكبر مع دعوة مدونين على المواقع الاجتماعية وناشطين سياسيين إلى التظاهر غدا في كل المدن السورية.
وفي دبي تجمع العشرات من الجالية السورية في الإمارات العربية المتحدة أمام مقر القنصلية السورية في وقفة احتجاجية ضد ما أسموه الأعمال الإجرامية للنظام السوري ضد المدنيين في درعا وبقية المدن السورية. وطالب المحتجون بوقف ما سموه قتل السلطات الأمنية للمواطنين وتعذيبهم في سوريا، كما طالبوا بوقف الاضطهاد والفساد في البلاد. ورددوا شعارات تصف من يقتل شعبه بالخائن.  

إدانات
وقوبل قمع الاحتجاجات في درعا بإدانات دولية واسعة ومطالبات بوقف استخدام القوة ضد المتظاهرين.

وفي أحدث موقف بهذا الاتجاه، حثت بريطانيا الحكومة السورية على احترام حق شعبها في الاحتجاج السلمي واتخاذ إجراء حيال مطالبه المشروعة. ودعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في كلمة أمام البرلمان كل الأطراف، بما فيها قوات الأمن السورية للتحلي بأكبر درجات ضبط النفس في الاحتجاجات التي دعي للقيام بها غدا في سوريا.
من جهته طالب وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله بوقف العنف على الفور، ودعا الحكومة السورية إلى ضمان احترام حقوق الإنسان الأساسية والمدنية وأيضا سيادة القانون.
وقال فيسترفيله إن الاضطربات في العالم العربي تظهر أن الاستقرار لا يأتي من العنف، ولكن من خلال الحوار والإصلاحات فقط.
وقبل ذلك دعا وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه اليوم سوريا إلى أن تستمع لصوت الحرية والديمقراطية, بعدما كانت باريس طالبت أمس دمشق بالكف عن استخدام القوة.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون دعا من جهته أمس إلى « فتح تحقيق شفاف عن المجازر » في درعا, ومحاسبة المسؤولين عنها.
وحث السلطات السورية على عدم استخدام العنف, كما طالبها بالالتزام بتعهداتها الدولية بشأن حقوق الإنسان، بما في ذلك حق التجمع السلمي.
وفي واشنطن, قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر « إن بلاده تشعر بقلق عميق لاستخدام العنف والترهيب والاعتقالات التعسفية التي تقوم بها الحكومة السورية لمنع الشعب من ممارسة حقوقه الأساسية, وتدين هذه الأعمال ».
يذكر أن الاحتجاجات في سوريا انطلقت يوم 15 مارس/آذار الحالي عبر مظاهرات صغيرة في دمشق بناء على دعوة على موقع فيسبوك حملت عنوان « الثورة السورية ضد بشار الأسد »، لكنها سرعان ما امتدت إلى جنوبي البلاد.           (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 24 مارس 2011)


لا وجود للإسلاميين بمعارضة ليبيا


قالت صحيفة « لوس أنجلوس تايمز » إنه خلافا للمزاعم التي رددها كثيرا العقيد الليبي معمر القذافي من أنه يحارب تنظيم القاعدة، فإنه لا وجود تنظيميا للإسلاميين في ليبيا.

واستندت الصحيفة في ذلك إلى تقرير استخباري أميركي « كشف عدم العثور على أي وجود منظم للإسلاميين في المعارضة بمنطقة الشرق » التي عرف في الماضي أن بها إسلاميين.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمني أميركي أن أجهزة التجسس الأميركية ركزت نشاطها في محاولة لمتابعة الموضوع في ليبيا، لكنها لم تجد أي رابط بين المعارضة والإسلاميين المتطرفين.
وقال مسؤولون أميركيون إن نحو 100 ليبي دخلوا العراق لقتال القوات الأميركية بين أغسطس/آب 2006 وأغسطس/آب 2007، وأغلبهم جاء من بنغازي. وقالت الصحيفة إن إدارة أوباما تخشى أن يطول الصراع في ليبيا مما يسمح للإسلاميين بالتجذر، كما تخشى من استفادة تنظيم القاعدة من الوضع للتغلغل بسبب وجود تدخل غربي.
وكان تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي قد قال في بيان أصدره في 24 فبراير/شباط الماضي إنه سيفعل ما بوسعه لمساعدة الثوار الليبيين.
وقال نعمان بن عثمان، وهو معارض ليبي في لندن، « لا يوجد إسلاميون في المعارضة الليبية، بل أناس عاديون، معتدلون وليبراليون ومحامون وكتاب ». ومن جهته قال روبرت باب، وهو خبير في موضوع الإرهاب بجامعة شيكاغو وسافر إلى ليبيا، « ليست هناك أدلة على أن أيا من الزعماء من المتطرفين، وبقدر ما نعلم، يبدو أنهم علمانيون ».  
من جهته تشارلز فاديس -الذي قاد فريق وكالة المخابرات المركزية الأميركية في شمال العراق قبل الغزو عام 2003، الذي تقاعد في العام 2008- عندما سئل ما إذا كانت أجهزة الاستخبارات الأميركية تعرف الثوار حقا قال « الجميع يريد أن يعتقد أن المعارضة تتألف من أفراد ديمقراطيين ».
ومضى متسائلا « هل هذه حركة سياسية أو قبلية؟ ما نحتاجه هو معلومات استخبارية مؤكدة حول طبيعة المعارضة، من هي شخصياتها الرئيسية، ومن منهم يتجه إلى تولي السلطة. أظن أننا لا نملك معرفة ذلك، لأن معرفتنا بما يجري داخل ليبيا ضعيفة للغاية منذ فترة طويلة جدا ».
وقال ميلاد حسني وهو صحفي ليبي في درنة في مقابلة الأسبوع الماضي إن متشددين إسلاميين يسعون لفرض نفوذهم في المدينة، ويضيف « في البداية كنت متفائلا جدا حول إمكانية الإصلاح والتغيير، ولكن حدثت سيطرة عنيفة، ونحن الآن نشهد مقاتلين أجانب وإسلاميين، من الخليج والدول العربية الأخرى ».
وقالت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في جلسة استماع للجنة مجلس الشيوخ يوم 2 مارس/آذار الجاري إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تسمح لليبيا بالانزلاق إلى الفوضى كما في الصومال.             المصدر:لوس أنجلوس تايمز (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 24 مارس 2011)


في غياب دعم مباشر للثوار إزاحة القذافي ليست سهلة


قالت مجلة « تايم » الأميركية إن مسؤولية القيادة في الحرب الجوية على قوات القذافي ليست أمرا مهما، لكن المشكلة الكبرى تكمن في تحديد غرض الهجوم، كما أكدت أن غياب الدعم المباشر للثوار يجعل إسقاط القذافي مهمة صعبة.

وقالت المجلة إن تدمير القوة الجوية الليبية ودفاعاتها تم بعد خمسة أيام من القصف. وهذا ما دفع قادة الولايات المتحدة إلى الحديث عن تقليص التدخل الأميركي، والسماح للآخرين بتحمل قسط أكبر واستخدام القوة الجوية لمراقبة ما يجري على الأرض. وتقول المجلة إن هذا أيضا تم تحقيقه، فقد تم فرض منطقة حظر طيران، وتم تدمير مدرعات القذافي قرب بنغازي ومصراتة. لكن ليس هناك علامة حتى الآن تدل على أن هذه الجهود يمكن أن تنهي الصراع. وحتى لو نجحت طائرات التحالف في وقف هجوم قوات القذافي على المدن التي تسيطر عليها المعارضة، يقول قادة الجيش الأميركي إن أوامرهم لا تشمل تقديم دعم إضافي لمقاتلي المعارضة. وقال قائد قوة أفريكوم الجنرال كارتر هام للصحفيين يوم الاثنين الماضي إن مهمته تقتصر على حماية المدنيين وفرض انسحاب قوات القذافي التي تحاصر المدن التي بيد مقاتلي المعارضة، ولكنها لا تشمل الحماية أو دعم المقاتلين لمهاجمة قوات نظام القذافي.
وتضيف « تايم » أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لم تخف رغبتها في إطاحة القذافي، رغم أن هدف الحملة العسكرية التي أذن بها قرار مجلس الأمن الدولي هو حماية المدنيين فقط، لكنه في الوقت نفسه يحظر غزو ليبيا ويدعو إلى وقف إطلاق النار وبدء مفاوضات سياسية.
ويأمل القادة الغربيون، بطبيعة الحال، أن يؤدي تقييد قوات القذافي وتأثير مفعول الصدمة والرعب بسبب رؤية الآليات العسكرية المدمرة إلى حدوث انهيار داخلي في النظام، وكانت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون قد صرحت يوم الثلاثاء الماضي بأن الولايات المتحدة لمست مؤشرات تدل على أن القذافي قد يكون يبحث عن طريقة للخروج.
كما أن التقارير الواردة من الجبهة تشير إلى أن المعارضين لا يملكون القدرة على شن هجوم على معاقل القذافي، بسبب افتقارهم إلى الأسلحة والتدريب والانضباط والتنظيم والهيكل القيادي لكسب حرب برية.  
وتؤكد « تايم » أن فشل المعارضين في استعادة أجدابيا، أضعف الأمل في إحراز أي تقدم ضد القوات القذافي هناك.
وقال الأميرال في البحرية الأميركية صموئيل لوكلير يوم الثلاثاء إنه « إذا تراجع نظام القذافي عن جهوده لاستعادة هذه المدن التي فقدها فسيتوقف القتال، وستنتهي مهمتنا ». لذا، فنتائج الحملة الجوية للتحالف، في الوقت الراهن، تبدو أكثر احتمالا في فرض أمر واقع على الأرض بدلا من طرد قوات القذافي. كما أن شاشانك جوشي من مركز ثينكتانك للأبحاث الإستراتيجية ومقره لندن لاحظ أن « إضعاف قوة مدرعات القذافي الثقيلة وقوته الجوية، يسمح لقوات التحالف بأن تدعي أنها قدمت حماية للمدنيين وطبقت قرار الأمم المتحدة التاريخي ».
وتوقعت « تايم » أنه من المحتمل أن تشهد الأيام المقبلة مزيدا من الهجمات على قوات القذافي التي تحاصر المدن الواقعة بيد المعارضين، وربما أيضا زيادة الهجمات على نظم القيادة والسيطرة لزيادة الضغط على القذافي ودفعه إلى التراجع. لكن القوات الغربية لا تخطط لغزو بري، كما أنها ملتزمة بأن المعارضة هي القوة التي تقاتل لطرد القذافي، مع بعض القلق في الدوائر السياسية الغربية من عدم التنظيم الذي تعرفه المعارضة الليبية.
وتقول « تايم » إن عدم التنظيم يتمثل في غياب كيان تنظيمي واحد يشرف على المقاومة المسلحة، ووجود مختلف الانتماءات الفكرية والقبلية، ضد النظام الذي نظم دفاعاته على أسس وإقطاعيات الولاءات القبلية المتناحرة، وهذا ما يجعل شبح الفوضى يخيم على المرحلة القادمة، وبالتالي فمن غير المحتمل إعادة بناء الدولة الليبية من دون آلاف من قوات حفظ السلام الأجنبية، وهو احتمال لا تتصوره سوى قوى غربية قليلة.
والآن، تقول « تايم »، من الصعب رؤية الحملة الجوية وهي لا تحقق سوى تقسيم فعلي لليبيا بين مدن تسيطر عليها المعارضة وأخرى تسيطر عليها الحكومة، الأمر الذي يتطلب تدخلا عسكريا على المدى الطويل من جانب الغرب للحفاظ على التوازن، مما يستدعي عملا دبلوماسيا يهدف إلى ترقيع الدولة الليبية. وتؤكد المجلة أن قادة الدول الغربية بدؤوا يعترفون وبآمال قليلة، وعلى الأقل في المدى القصير، بأن يبقى العقيد القذافي في السلطة، ولو في وضع ضعيف. ولهذا تنصح المجلة قائلة إنه من الحكمة بدء التفكير، بعد تنفيذ قرار مجلس الأمن 1973، في مسألة إنهاء القتال والتفاوض على حل سياسي.              المصدر:تايم (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 24 مارس 2011)


الامارات ترفع معاشات العسكريين لتجنب شبح الاضطرابات


2011-03-23 دبي ـ رويترز: ذكرت وسائل اعلام محلية امس الاربعاء ان الامارات العربية المتحدة أمرت بزيادة معاشات تقاعد العسكريين بنسبة 70 في المئة في اجراء يستهدف تجنيب البلاد شبح الاضطرابات التي تجتاح المنطقة.

ويشمل الامر الذي أصدره رئيس الامارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وأذاعته وكالة أنباء الامارات ونشر في الصحف منح علاوات للعاملين بوزارة الدفاع والقوات المسلحة ويسري اعتبارا من اذار (مارس).
وهذا هو أحدث اجراء ضمن سلسلة اجراءات من جانب ثالث أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم لتجنب الاضطرابات التي تجتاح دولا عربية خليجية ثرية كانت تعتبر نفسها في الماضي محصنة من الصراع السياسي.
وفي الاسبوع الماضي قالت الامارات انها ستجري ثاني انتخابات للمجلس الوطني الاتحادي الاستشاري في ايلول سبتمبر في خطوة حذرة نحو الاصلاح السياسي.
وشارك في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي في عام 2006 نحو 6600 ناخب بينهم 1160 امرأة وهو رقم يمثل أقل من واحد بالمئة من تعداد السكان. وفي وقت سابق هذا الشهر أطلقت الامارات خطة استثمار للبنية الاساسية تتكلف 1.6 مليار دولار للامارات الشمالية الاقل تطورا والتي يوجد تباين شديد بينها وبين دبي وأبوظبي المركزين الثريين للتجارة والسياحة.
وتشمل الاجراءات الاخرى التي كشف النقاب عنها اتفاقا مع المتاجر الكبرى لخفض أسعار السلع الغذائية والسلع الاساسية الاخرى بنحو 40 بالمئة في اذار مارس وتقديم دعم لاسعار الارز والخبز بدءا من نيسان ابريل حتى نهاية العام لمواجهة ارتفاع الاسعار.
تأتي هذه الاجراءات رغم ان دخل الفرد يزيد على 47 ألف دولار مما يجعله من بين أعلى مستويات الدخول في العالم. وقالت مصادر لرويترز يوم الثلاثاء ان الامارات العربية المتحدة يمكن ان تتخلى عن خطط لرفع اسعار البنزين.
وعرض الحكام الخليجيون عددا من الاعانات الاجتماعية لمواطنيهم في إطار جهود لارضائهم بعد الانتفاضات التي اسقطت رئيسي تونس ومصر في تشرين الثاني يناير وشباط فبراير الماضيين وأثارت احتجاجات مماثلة في شبه الجزيرة العربية.
وفي وقت سابق الشهر الحالي طالبت مجموعة من المثقفين الإماراتيين حكامهم باجراء انتخابات حرة في مؤشر على ان بعض الاماراتيين يشتركون في نفس المطالب العربية بأن يكون لهم قول أكبر في الحكم.
ولا توجد مؤشرات على احتجاجات بالشوارع في الامارات حيث يمثل الاجانب ما يصل الى 80 بالمئة من تعداد السكان البالغ نحو خمسة ملايين نسمة. وعرضت سلطنة عمان زيادة الرواتب ووعدت بمنح سلطات تشريعية للمجلس المنتخب جزئيا. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 23 مارس 2011)


عزمي بشارة: للثورات العربية منطق


حاوره في الدوحة: حسين جلعاد يقف المفكر العربي عزمي بشارة في صف الثورات العربية، منطلقا من أن المثقف العضوي مرتبط بطموحات الجماهير خصوصا جيل الشباب الذي فجر الربيع العربي. ورافق بشارة هدير الجماهير، ليس فقط عبر إطلالته الإعلامية في تحليل الثورات، بل -وقبل ذلك- من خلال تطوير خطاب ديمقراطي ثوري وعقلاني في الوقت نفسه، استطاع فيه أن يعمل المبضع في التراكيب الاجتماعية السياسية والفكرية العربية.

وليس غريبا والحالة هذه أن من تابع الثورات العربية يستطيع أن يلمس أن كتبه الأخيرة مثل « أن تكون عربيا في أيامنا » و »المسألة العربية »، إضافة الى مقالاته وخطابه المعروف منذ نهاية التسعينيات مما روج لفكرة « دول المواطنين »، كانت في العديد من الحالات مراجع وبيانات للتغيير استند لها المنتفضون في تحليل الأوضاع التي ثاروا عليها.
الآن، والعيون شاخصة إلى ليبيا واليمن والبحرين، والثورات المحتملة في البلدان العربية الأخرى، يبدو الحوار مع بشارة ضرورة ملحة، خصوصا أنه اشتبك مع الشؤون العامة من خلال التثوير الفكري ضد أنظمة ترى أي تحليل نقدي عملا تحريضيا ضد سيادتها. كما أن اشتباك بشارة في نقد الفكر اليومي يضعه في دائرة الضوء ويجعله مادة خصبة للتحليل، وحتى الخصومة من قبل أنصار الوضع القائم ربما، وهذا ما يجعل هذا الانحياز لقضايا الناس بالعمل اليومي تورطا وتضحية من المفكر لهما ثمن. فمن الأسهل للمثقف العربي البارز أن يجلس ويكتب وينشر فقط، ويتعالى على الخصومات، ولكن كيف يستقيم ذلك مع التنظير للديمقراطية ودور المثقفين.
وإذا اختار المثقف ألا يقف على الحياد في هذه اللحظة التاريخية ولو كلفه الأمر ثمنا، فلا بد أن تتوالى الأسئلة، كيف يستقيم مثلا أن يحمل هذا المفكر لواء العروبة، ثم ينحاز للثورة على القذافي « أمين القومية العربية »، وكيف يدعو بشارة إلى دولة مدنية ديمقراطية لجميع المواطنين، وهو يدرك قبل غيره أن دولا عربية عدة تتكون من فسيفساء إثنية وطائفية ستنفجر إذا أرخت الدولة العربية قبضتها أمام « خطاب الأماني »، فتتهم الأنظمة الفكر الديمقراطي بالتخريب، تخريب التوازنات التي لا يحرسها الا الاستبداد. وتاليا الحوار:  

ما أنجزه التونسيون والمصريون كبير جدا بمقياس التاريخ، فقد استطاع الشباب تغيير رؤوس الأنظمة، ولكن إذا نظرنا إلى الموضوع من زاوية التحولات الاجتماعية الاقتصادية للثورات التاريخية، فما جرى في مصر وتونس ثورات ناجزة أم حركات يمكن الارتداد عليها؟
بشارة: حتى الثورات الناجحة في التاريخ حدثت ضدها ارتدادت أحيانا، لكن ذلك قطعا لم ينقص من كونها ثورات، والسؤال الآن هل ستنجح هذه الثورات في صنع التحولات! وأذكرك هنا بأن الثورة الفرنسية استمرت سنين طويلة، فهي لم تكن مجرد الهجوم على سجن الباستيل، بل تشكلت خلال سنوات طويلة، موجات إثر موجات من الحكام الذين وصلوا إلى الجمعية الوطنية (البرلمان) في باريس، وغيروا صيغة النظام، ثم حصلت ردة طويلة من النظام الملكي. ولم تنتشر مبادئ الثورة في عموم أوروبا إلا عام 1848، أي أن الثورة الفرنسية مرت منذ قيامها عام 1789 وحتى العام 1848 بمراحل من الانتصار والارتداد.  

يعني أن علينا أن نمر بنصف قرن من التحولات في العالم العربي حتى ينتشر ربيع الثورات والانتصارات الديمقراطية؟

بشارة: لا، قطعا لا، لن نمر بنصف قرن ولا حتى بخمس سنوات، لأن طبيعة العصر والمرحلة تختلف، فهناك حاليا مؤسسات دولة، وجيوش حديثة ووسائل اتصال متطورة، وفئات المثقفين والطبقات الوسطى، وصيرورة تشكل الأمم. من المفيد أن نسترجع الثورات الكبرى كي نفهم الثورتين المصرية والتونسية، وإذا أخذنا الأمر من باب الشمولية واتساع وعمق المشاركة الشعبية، وطرحها مسألة نظام الحكم، فسوف نرى أن ما انطلق من تونس ومصر هو ثورات. حجم المشاركة الشعبية عميق ومتسع، والشعب كله خرج إلى الشوارع وأسمع صوته بوضوح، وخلال مسيرة الثورة همش الشعب الأحزاب القائمة بل واضطرها إلى اللحاق به، كما اضطرت هذه الأحزاب القائمة إلى تغيير ثوبها حتى يقبلها الشعب. لقد كان الشعب هو الذات السياسية الفاعلة في اللحظة التاريخية، لا النظام ولا الأحزاب ولا الطوائف ولا الولايات المتحدة، إن الثورة هي اللحظة التاريخية التي لا يكون فيها الشعب مجازا بل حقيقة ملموسة وذاتا فاعلة وواقعا عمليا.
لقد أطلق كفاح الشباب المارد الشعبي، وما قام به الشعب هو أنه ثوّر النظام والمعارضة معا، أي أن ما حدث هو ثورة شاملة بكل معنى الكلمة، وسوف تعقبها ثورة ثقافية وفكرية أيضا، فمثلا قام شباب الإخوان المسلمين المشاركون بالثورة بتغيير طبيعة هذه الجماعة التاريخية نفسها، وسوف يستمر هذا التغيير برأيي، وحدث هذا أيضا في صفوف حزب الوفد وحزب التجمع وداخل صفوف الناصريين، إنها ثورة شاملة، وأهم عامل فيها هو الشعب نفسه، وليس أميركا ولا أوروبا ولا الرأي العام العالمي ولا المجتمع الدولي.
لقد أعلن الشعب عن نفسه دون وسطاء ولا أيديولوجيا، وفي الحالتين المصرية والتونسية هما ثورتان دون شك، لكنهما تختلفان عن الثورات التاريخية في العالم خلافا لما يعتقد، وذلك لأنها انطلقت أولا بشكل غير مخطط، أي بدأت بحوادث احتجاج وانتهت إلى شيء آخر، وثانيا أنها كانت عفوية وبلا قيادة قبل أن تنتج لها لاحقا قيادتها بالتدريج، وليس واضحا بعد إذا كانت الثورة قد وفقت ببلورة قيادة تمثلها، لأن الثورة بدأت وحققت منجزات بسرعة، ولم يتضح إذا كانت الأحزاب القديمة قد تطورت بما يكفي لتحمل رسالة الثورة ولكي تكون أمينة عليها، يبقى أن تتبلور قيادة الثورة من خلال الثورة الثانية الجارية حاليا، أي بعد رحيل رأس النظام أمام إرادة الشعب، وهي الثورة اليومية لترجمة هذا المنجز إلى تغيير ديمقراطي في قطاعات الدولة والمجتمع المختلفة.  

 ولكن ألا يعد غياب القيادة والعفوية ضعفا؟ أي جمع هاتين الصفتين مما قد يقود بالتالي إلى إمكانية انعكاس ذلك سلبا على مستقبل هذه الثورات؟
بشارة: هذا يعد عنصر ضعف وعنصر قوة معا، فلو كانت هناك قيادة للثورة منذ البداية لاختلفت الأحزاب عليها وشككت بها، وهذا يعيدنا إلى مرضية الحياة الحزبية في ظل الأنظمة العربية، لأن الأحزاب العربية تقصي بعضها بعضا، وكل طرف يشكك بالآخر، مما يشكل عائقا أمام هذه الأحزاب في أن تعمل معا. وعنصر القوة في غياب قيادة وتركز المبادرة بأيدي الشباب، وما أطلق عليه « الثوار »، هو الذي مكن من الوحدة حول الثورة. ولك أن تتخيل لو أن هذه الثورات قادها القوميون، إذن لما شارك فيها الإخوان المسلمون، وفي المقابل لو قادها الإخوان المسلمون لما شارك فيها أكثر من نصف المجتمع، إذن لم يكن هناك بد من ألا يقود الثورات إلا الشباب، ومن هنا تبع أهمية تعبير « الشباب » الذي انتشر أيضا للتدليل على ان المقصود ليس حزبا بعينه.  

ولكن هذا يتركنا في مأزق، إنه سؤال الاستمرارية، بمعنى إذا كان الشباب ليس منظما، على الأقل في البداية، الآن: ما الذي يضمن أن تستمر هذه الثورات وتحقق فعلا تحولاتها النوعية؟

بشارة: هناك شيء يمكن أن نسميه « روح الثورة »، تغلغل داخل المؤسسات، فأصبح الناس يشعرون بأنهم أمينون عليه. وبالتالي تحقق شيء عزيز على النفوس أشعر الناس بالكبرياء والاعتزاز معا، كما أشعر الناس أنهم حماته، وهذا أمر حصل قطعا في تونس ومصر.
لقد مرت لحظة تاريخية في تاريخ الشعبين المصري والتونسي -لا تحلل اقتصاديا- وهم يشعرون بالكبرياء بسببها، وهو نوع من الوطنية، إنه شعور عام بالانتماء للوطن، وهو أهم ضمان للثورة، ويجب أن يبني شباب الثورة عليه لكي يطرحوا قيادات أمينة لمبادئ الثورة، ولكي لا تحتوى من جديد من قبل أشخاص وقوى من فلول النظام. المهم الآن هو طرح رؤية الثورة بشكل منظم ومثابر ومحاسبة التطورات والإجراءات بموجبه.  

 ألا يحتاج الأمر وجود ميكانيزمات تترجم هذا الشعور العام، خصوصا في ظل الخشية من ترهل الأمور مجددا أو من خطر ثورات مضادة؟

بشارة: نعم، الأمور أكثر تعقيدا وتحتاج إلى تخطيط وإستراتيجيات وأحزاب، وينبغي تطوير الشعور العام، مثال على ذلك الاقتصاد والقضاء والجيش، ينبغي وجود خطة بشأن كل قطاع منها، كان بالإمكان الإطاحة بالرأس عفويا، ولكن لا يمكن حكم البلاد عفويا، وإذا لم يتوفر جسم منظم لديه فكر وإستراتجية للقيام بتغيير تدريجي ولكن مثابر، فسوف تستمر بالحكم عناصر النظام السابق المنبثة في كل قطاع من قطاعات الدولة والمجتمع.
إن أي نظام مقبل ينبغي أن تكون لديه خطة بشأن الجيش ودوره، وهذا يحتاج إلى إستراتيجية وحزب وأفراد وضباط يدخلهم إلى المؤسسة العسكرية إضافة إلى خلق حالة من التأثير الفكري على المواطنين الذي يرتدون الزي العسكري، وفي الوقت نفسه يجب أن يملك القدرة على التأثير في البرلمان ومؤسسة الرئاسة، كما فعل حزب العدالة والتنمية في تركيا، صحيح أن الأخير جاء إلى الحكم في ظل جيش قوي وعات، لكن الحزب استطاع بالتدريج وبوجود خطة مسبقة أن يعيد الجيش إلى الثكنات، وأصبح الجيش نفسه جزءا من النظام الديمقراطي ومن دون أن يفقد قوته، هنا يلزم أن تكون لمن يتحكم بالسلطة التنفيذية والتشريعية خطة متناسقة تنفذ بالتدريج، هذا غير ممكن من دون تنظيم.
ولا بد أيضا من مراجعة الإستراتيجيات والسياسات المصرية الخارجية والعلاقة مع إسرائيل، ودور مصر تجاه القضية الفلسطينية، والدور الذي تقوم به على المستويات الإقليمية والدولية.
وأبسط مثال على ذلك أن أمرا بسيطا مثل تخفيف الحصار على غزة لم يتم بعد، فما بالك برفعه تماما والانحياز للمقاومة الفلسطينية كما يتطلب دور مصر الديمقراطية التاريخي.  

بعد وقت من بدء تنفيذ الضربات الجوية ضد معاقل القذافي، خرجت مواقف تتحفظ، منها تصريحات الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، كما ظهرت آراء في الشاعر العربي كما حصل في تونس علاوة على بعض الكتابات ممن يعدون أنفسهم قوميين ترى أن الأمر في تطبيق قرار مجلس الأمن تجاوز من كونه حماية المدنيين إلى مهاجمة دولة عربية، خلافا لما كان يؤمل من القرار الدولي؟

بشارة: في عملية تغيير النظام الليبي حصلت تعقيدات كثيرة، ومرت الثورة بتعقيدات نتيجة لبنية النظام الليبي الحاكم أو ما أسميناه في تحليلات كثيرة سابقة « اللانظام الفاقد البنية » التي لم تتح قيام مؤسسات مجتمعية شاملة، ولا أتحدث هنا عن برلمان فقط بل عن نقابات واتحادات وأحزاب ونواد، ناهيك عن وجود معارضة منظمة مسيسة.
إذن هناك في ليبيا حالة خاصة، أضف إلى ذلك اتساع البلاد الجغرافي، وعدم وجود مراكز مدينية كبرى يمكن أن يتجمع الناس فيها للتظاهر وإسقاط النظام، لقد نشأ فيها وضع استخدم فيه العقيد القمع وإطلاق النار على المواطنين من دون روادع، ثم أمسك فيه النظام بالمركز، وبالتالي كان متنفس المعارضة في الأطراف، مما ترتب عليه وضع مخالف لوجود حركة سلمية احتجاجية في المدن، وإنما أطراف انسحبت منها الأذرع المسلحة لنظام القذافي، فاستولت المعارضة على أسلحة خفيفة، وتمكنت من السيطرة على المدن بسهولة نسبية.
لكن النظام استرجع أنفاسه، وعاد ليخوض حربا شاملة مع المعارضة التي لم تكن جاهزة لحرب.
إذن هناك حركة معارضة لم تتمكن من التحول إلى قوة سلمية ضاغطة نتيجة لطبيعة النظام، الذي لا يرى بشعبه مواطنين، بل معطى يضيق به ذرعا ويقلل من فرص تحقيق عظمته، فهو كان يود أن يكون زعيما لدولة أكبر، ولأسباب تاريخية وجغرافية تتعلق بالثقافة السياسية التي روجها النظام في البلاد، إضافة إلى عوامل الطبوغرافيا والتضاريس وبنية البلد السكانية، وهذه المعارضة في الوقت نفسه ليست قادرة على خوض كفاح مسلح مع النظام، لأن تضاريس ليبيا لا تمكن من شن حرب عصابات، فهي صحراء مفتوحة.
وعليه وجدت الثورة نفسها شبابا متفرقين على مساحة شاسعة مسلحين بسلاح خفيف أمام دولة تتسلح بسلاح ثقيل، هذا هو الوضع الذي نشأ، إنها حالة من عدم التكافؤ في القوة، وفي ظل مخاوف من احتمالية قيام مذابح اضطرت الجامعة العربية إلى التدخل، وهي تجنبت ذلك في أماكن أخرى، وبعد ثماني سنوات على تجربة العراق ما كان لمجلس الأمن الدولي أن يتدخل أو يتخذ قرارا لولا قرار الجامعة العربية، كما أن جميع الأنظمة سواء الملكية أو الجمهورية تعرف فعلا ما هي طبيعة القذافي.
يعد القذافي نفسه حالة رسولية فوق مفهوم الدولة، وهذا ما رماه إلى ما قبل مرحلة الدولة عمليا، لم تنشأ دولة في ليبيا بظل القذافي، هو يعتقد أنه تجاوز مفهوم الدولة إلى الأمام، لكنه فعليا عاد إلى القبلية المحضة، وهكذا حكم ليبيا بآليات قبلية، وهو يعد نفسه فوق الأخلاق مع أنه عمليا وصل إلى وضعية ما تحت الأخلاق، وهذا ما يصيب كل من يعد نفسه فوق الأخلاق.  

إذن نشأت حالة من الدكتاتورية المطلقة وأصبح الرجل حاكما بأمره؟

بشارة: ليس هناك مؤسسات تردعه، والجميع يعرف ذلك، لم تكن هناك مؤسسات ليبية يمكن مخاطبتها، مثل الجيش مثلا في مصر أو تونس أو اليمن، بل هناك مجموعة مليشيات مسلحة يسميها كتائب، وهي تابعة لأبنائه وتنطوي هذه الكتائب على عصب قبلي، وهذا أمر ليس معقولا.
من هنا نشأ وضع لا يمكن احتماله وقاد إلى تدخل الجامعة العربية ثم صدور القرار الدولي، وانتبه إلى أنه رافق ذلك الوضع يأس مطلق من قبل الجامعة العربية في إمكانية محاورة هذا الرجل أو مفاوضته، أو تغير النظام، لأن القذافي يعد نفسه فوق الأنظمة وفوق الزعماء العرب، طبعا الوضع يختلف الآن، وهو يتوسل الأنظمة للتدخل، ليس هذا فقط، بل ينبغي أن نلاحظ أن من قاد الحملة السياسية في الغرب ضد القذافي هم سفراؤه في الخارج، وكان سفير ليبيا في الأمم المتحدة الأكثر حدة في هذا التحرك، وهذا يدلل على غرابة النظام الليبي وعدم مألوفيته في تعاطيه وتعامل العالم معه.
علي هنا أن أضيف أنه يبدو كما اتضح لي أن جزءا من المعارضة الليبية قد راهن منذ البداية على التدخل الغربي للأسف الشديد.  

إذن أنت كمفكر عروبي لا تعد خطاب القذافي قوميا من الأساس؟

بشارة: قلت في الكثير من المواقع بما فيها كتبي الأخيرة إنني لا أتبنى الخطاب القومي أيديولوجية، وإن هنالك قومية ثقافية عربية أو عروبة ثقافية يمكن تسييسها لتلعب دورا هاما في توحيد المجتمعات العربية على أسس حديثة. وطبعا كثيرون من أعداء القومية العربية يقولون ذلك الآن بعد الثورات من دون أن يعترفوا بخطئهم أو أن يعترفوا بصحة ما قلته طيلة السنوات الأخيرة والذي تحول إلى ثقافة معممة، تماما كما تحولت « عبارة دولة المواطنين » التي رفعتها بداية في وجه الصهيونية إلى شعار رائج عربيا.
وفي كل حال لم أر قط بالقذافي رجلا يتبنى أي أيديولوجية قومية أو إسلامية أو أفريقية، بل رجلا وصل إلى الحكم شابا في زمن المد القومي وعبد الناصر، واستلم الحكم وهو غير ناضج، ثم تحول إلى حالة ليست طبيعية، حالة نرجسية يتبنى فيها الخطاب القومي لمجده الشخصي، وهو لم يتفهم أو يتذوت أو يستدخل الخطاب القومي ولا فكرة العروبة حتى، بل بقي في بنيته الاجتماعية وفي تعامله مع ليبيا قبليا بالكامل، واستخدم الخطاب القومي في تعامله مع الخارج، لأنه يشعر أن ليبيا صغيرة عليه.
لقد نشأ القذافي في زمن عبد الناصر ووجود فكرة الزعيم القائد الملهم فأراد أن يكون كذلك، وأصبح في الواقع كاريكاتيرا عن هذا النوع من الزعامة، وحين لم ينجح غضب على العرب الذين لم يقبلوه قائدا واستخدم الخطاب الإسلامي ثم الخطاب الأفريقي، وعلينا الانتباه هنا إلى أن القذافي كان دائما يستخدم خطابات توسع رقعته بوصفه زعيما، ولاحظ كيف يعرف القذافي نفسه -وأنا لا آخذ هذا الكلام مزاحا- هو وصف نفسه بأنه عميد القادة العرب وملك ملوك أفريقيا وإمام المسلمين، هذا يدل على أنه مصاب بالحسرة من أنه زعيم ليبيا وليس بلدا أكبر، وهذا أنشأ حالة من الاغتراب بينه وبين شعبه لا يريد زعيما يتعالى عليه.  

 أنت الآن فككت فكر القذافي لجهة رفضه، ولكن هناك من كتب -لسبب ما- وقال إنك كنت يوما صديقه، وبينكما لقاء فكري، فالقذافي يطرح نفسه قوميا عربيا، وكذلك يصور نفسه مفكرا، كما أنك زرته وتعرفه شخصيا.

بشارة: دائما يوجد من يكتب، لا بأس بالنقاش والخلاف بالرأي، ولكن لا أدري لماذا قد ينشر كاتب معلومات كاذبة لا أساس لها.
فمع أني لست ضد من يغير موقفه إذا غيره قناعة وليس تذبذبا، فإنه في هذه الحالة لم يتغير موقفي، فقد كنت دائما ضد القذافي كشخص وكظاهرة مسيئة للأفكار العروبية، وكنت ناقدا لمن يدور في فلكه من قوى سياسية وحركات بحثا عن دعم مالي أو غيره، فقد نجح بذلك في تخريب حركات سياسية في دول عربية عديدة وفي فلسطين، وهو دعم مؤخرا قوى سياسية « معتدلة » حليفة للغرب في فلسطين وغيرها، وحتى عند عرب الداخل بواسطة نجله وأصدقاء نجله على الساحة الفلسطينية. وقد سمعت القوى الوطنية بهذه الأمور من بعيد، فنحن لم نتصل به ولم يتصل بنا.
ووصلتني في الماضي دعوات لزيارة ليبيا لم ألبها، فقد تجنبت زيارتها طيلة حياتي السياسية -رغم كثرة الدعوات- إلا مرة واحدة لإلقاء محاضرة في طرابلس، وقد انتقدت النظام الليبي في تلك المحاضرة، أي أن جملتي التي قلتها مؤخرا في وسائل الإعلام وهي « الفوضى قد تكون أمثل غطاء للاستبداد »، كنت قد قلتها في محاضرة في طرابلس، وهذا أمر نادر الحدوث في ليبيا، وطبعا التقيته في هذه الزيارة اليتيمة وناقشته، ولم أصدر بيانا بعد اللقاء لا مدحا ولا ذما، أما سيف الإسلام فلا أعرفه ولم ألتقه في حياتي.   

 في أي سنة حدث ذلك؟

بشارة: هذا فقط قبل أقل من عام، قبلت دعوة رغبة مني أن أثير ما بلغنا من أن سيف الإسلام فتح قنوات مع إسرائيل ونقدي لهذه الخطوات وللموقف الليبي من حصار غزة، وقد فعلت، وعملت على أن ينتقد ذلك آخرون أيضا، من داخل ليبيا وخارجها، وقد فعلوا، وكنت قد انتقدت علنا وفي الإعلام عدة مرات التهريج السياسي للنظام، والعلاقة بين القذافي ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي عينه مستشارا له، واختلفنا كما هو متوقع، هي زيارة يتيمة، ولم أزر ليبيا لا قبلها ولا بعدها.
الغريب أن نفس من يثيرون الإشاعات لا يتطرقون إلى كثيرين ممن ربطتهم فعلا علاقة تعاون بالقذافي ونجله، ومنهم من يعارضه الآن، وأنا سعيد بانتقال من كان يدعمه ويحظى بتمويله من عرب وليبيين إلى معارضته، ولكن أنصار الواقع القائم يثيرون إشاعة حول من لم تكن له أي علاقة به، الهدف السياسي من ذلك مفهوم وواضح، ولكن الكذب ليس مسموحا، ومن هنا لم يأخذ أحد الأمر بجدية، وأنا لم أعلق حتى الآن، وأشكرك على السؤال على أي حال.
ولكن المهم أن كتاباتي وفكري كلها تقود باتجاه هذه المواقف النقدية، فأنا أرفض هذا النوع من الديماغوغيا القومية العربية، لقد أكدت في كتبي ذلك، ويصح ذلك عنه وعن غيره ممن يستخدمون القومية العربية أيديولوجيا، ناهيك عن مقالاتي في السنوات الأخيرة التي تحدثت فيها عن تحالف الأسر الحاكمة والأجهزة الأمنية ورجال الأعمال ووصفته بأنه « كارتيل » جديد يحكم الدول العربية، كما أن حديثي عن الجمهوريات التي باتت تشبه الملكيات واضح ومعمم، وقد أصبحت أسمعه يتردد في الإعلام، وطبعا أنا سعيد بذلك.  

 هل تحيل هنا إلى أن هناك جهات متضررة من الثورات العربية تثير شائعات لغرض المس بمصداقية التحليل، بدلا من مناقشة التحليل نفسه؟

بشارة: هذا هو بالضبط، وهذا طبيعي أيضا، وبالتالي فإن تلك المحاولات لها أسباب سياسية، وهي ليست بريئة على الأقل عند من يعممها، لكنها لا تستحق أكثر من تكذيب لمرة واحدة، وليس لدي ما أضيفه، وقد قمت بالتكذيب لكي لا يقال لاحقا إني لم أنف.
استرداد الكرامة
 
بعد الثورتين المصرية والتونسية سادت حالة لدى الشعوب العربية يمكن تسميتها « استرداد الكرامة »، مفادها أننا نحن العرب لسنا خارج التاريخ، ولا « ظاهرة صوتية » كما سمانا البعض، بل نحن قادرون على خلق أقدارنا، ولكن الثورة الليبية قدمت نموذجا مختلفا جعل الناس تحبس أنفاسها، في مصر وتونس قامت الثورتان على التظاهر السلمي، لكن ما قام به القذافي ضد شعبه فاجأ الجميع، بدا أن فاصل الدم وحجم العنف عكر نمط « الربيع » فاختل التنميط، هل الثورات العربية تستتبع أشكالا متعددة للتغيير؟
بشارة: أولا في الثورتين التونسية والمصرية كان هناك دم أيضا في الأيام الأولى، ما حصل في مدينة السويس المصرية مذبحة ذهب ضحيتها العشرات في يوم واحد، كما أن نظام زين العابدين ارتكب مجازر…  
نعم ولكن في الحالة الليبية سال الدم بغزارة، وكانت الكلفة بالآلاف في حالة القذافي؟

بشارة: دعنا نؤكد أولا أن الدكتاتوريات العربية أقل قمعية من مثيلاتها في الصين أو أميركا اللاتينية وروسيا، وهي هشة أيضا، هذا لا يعني أن نصاب بظاهرة الموضة بسبب وسائل الاتصال الحديثة ونعتقد أن الصورة هي « الكليشيه » الذي يمكن استنساخه، أي تعميم صورة ميدان التحرير وكأنه النموذج.
صورة ميدان التحرير لها علاقة بطبيعة الشعب المصري وخصوصيته، وقد تطورت الصورة بجدلية لها علاقة مع الشخصية المصرية، في حين أن اللحظة التاريخية في تونس كانت في اقتحام شارع بورقيبة الذي لا يقتحم، وكذلك المظاهرة أمام وزارة الداخلية ووقفة الجيش مع الشعب.  

 إذن كل شعب يصنع ثورته الخاصة وفقا لشخصيته وهويته والمواصفات الخاصة به؟

بشارة: بالضبط، بالضبط. وهذا كتبته سابقا في كتابي « المسألة العربية »، وتحدثت مطولا عن المجتمع التونسي ثقافة وتعليما وهوية، وقلت إن المجتمع هناك لا ينقسم على أساس قبلي بل يجري الاختلاف سياسيا، لأن هوية المجتمع التونسي متجانسة.
إذن تاريخيا نشأت هوية عربية تونسية، وهناك هوية مصرية قوية، وهي أيضا عربية ولا يوجد تعارض، الآن أيضا يثبت لنا وجود هوية يمنية قوية تضاف إلى الهويات الجهوية والقبلية وربما سوف تتفوق عليها، ويجري الآن في صنعاء وتعز- وهما بؤرتا الثورة- عملية تشكيل هوية وطنية يمنية عابرة للطوائف، الآن يجري تشكيل هذه الهوية. وما فشلت فيه الدولة من تشكيل هوية سياسية متماسكة، فإن الثورة تفعله الآن.  
يعني أنت لا تخشى على المجتمع اليمني مما يشاع بأن البلاد قد تذهب إلى انفجار دموي؟

بشارة: لقد حصل انفجار دموي، لكن تماسك المعارضة وسيطرتها على ذاتها ثم تركها السلاح في البيوت والقدوم للتظاهر سلميا، هذا أمر يجب أن يكتب بمداد من الذهب، ففي ليبيا شعب أعزل ذهب وسلح نفسه، لكن في اليمن الشعب مسلح أصلا وتخلى عن سلاحه، وهذا أمر فائق.
لقد سئم الثوار اليمنيون تقسيم اليمن جهويا وقبليا، لكنهم يرتكزون إلى هوية ثقافية وحضارية، فالبلاد ليست كيانا مصطنعا، بل هو ضارب في عمق التاريخ، وهناك مشترك بين الشعب.  
 وفي حالة دول المشرق العربي؟ هل نستطيع الحديث عن هوية متجانسة؟

بشارة: في المشرق العربي هناك مشكلة أصعب، فالهوية الوطنية ليست راسخة الحدود، وهناك هويات طائفية وعشائرية مختلفة جرى تسييسها في فترات مختلفة وبدرجات مختلفة في ظل أنظمة استبدادية، في المشرق العربي تقع على كاهل المعارضة مهمة تجاوز الهويات الفرعية كي تتمكن من طرح نظام بديل ديمقراطي مدني، لا بد أن تقوم المعارضة بذلك وأن يبدو ذلك الجهد واضحا على بنيتها التنظيمية وعضويتها وقيادتها.
إن أي معارضة ذات طابع مذهبي أو طائفي أو عشائري سوف تفشل في معارضة النظام، لأن الأخير لن يستند فقط إلى أجهزته وأصحاب المصالح، بل إلى فئات سكانية واسعة ترى في نفسها متضررة إذا جاءت مثل هذه المعارضة إلى الحكم.  

 وماذا عن الخليج العربي؟ هل سيمتد تأثير الثورات العربية ليطول الخليج هذا الربيع؟

بشارة: في الخليج دول كثافتها السكانية صغيرة، وهناك وضع اقتصادي اجتماعي معقول، ويمكن للدولة أن توفر رفاهية، ولا يلاحظ في هذه الحالات أن النقد السياسي وجودي بالنسبة للناس, والمطالب هنا تتفرق بين أمور مثل نيل حصة أكبر من الثروة، ومثل نقد مظاهر الفساد، ومن هنا يتوقف الأمر على الكثافة السكانية وحجم الثروة وحسن الإدارة وتوفر رؤية لدى الحكام.
وفي الخليج تفاوت، إنه ليس مصبوبا من مادة واحدة، هناك تفاوت من حيث طبيعة الأنظمة، وفي مسألة الشرعية وإدارة البلاد.
والمفارقة أن الثورات حدثت في الأنظمة الجمهورية، وتحديدا في الأماكن التي جرى فيها الحديث عن التوريث، فهذه الجمهوريات تستمد شرعيتها من سيادة الشعب، لكن الترتيب للتوريث أحدث تناقضا بين مصادر الشرعية، وهي في النظام الجمهوري سيادة الشعب، وبين سلوك النظام الجمهوري الوراثي بأسرة حاكمة ومزيج من « الأوتوقراطية » (السلطوية) و »نيبوتيزم » و »كليبتوكراسي » (حكم الأقارب وحكم اللصوص) مما أدى إلى الثورات.
في حالة الملكيات خصوصا التي تملك شرعيات وامتدادات عائلية وتقاليد وأعرافا ودينا فإن النظام أكثر قدرة على الاستمرارية وإجراء الإصلاحات في ظله. ولكن مع ذلك لا يوجد قانون يحميها من التغيير، فإن هذه الملكيات إذا لم تتجاوب مع متطلبات شعبها، فمن المؤكد أنه سوف تتطور معارضة. وإحدى هذه الحالات هي مملكة البحرين، ففي هذه الدولة وعد النظام بالإصلاح أكثر من مرة لكنه لم ينفذه، وما أنقذه حاليا ليس حسن إدارته للأزمة ولا إصلاحاته، بل حصول استقطاب طائفي، ولو كان المجتمع البحريني منسجما طائفيا لما خرج النظام سالما.
الاستقطاب الطائفي في البحرين أوجد تدخلا عربيا، ولكني أقول لك « هذا الاستقطاب أنقذ النظام الملكي هذه المرة، ولكنه قد لا ينقذه في المستقبل إذا لم يصلح حاله، وربما لن تسنح الظروف أن يتحرك درع الجزيرة مجددا لإنقاذه. ينبغي على النظام أن يجد طريقة لكسب غالبية شعبه، ولا يوجد مبرر في ألا يفعل ».
من جهة أخرى يجب أن تحسم المعارضة البحرينية مسألة ولائها الكامل للبلاد، لأن التأثير الخارجي مذهبيا كان أم غيره سيتحول إلى تأثير سياسي كما حدث في العراق، وذلك سيقود قطعا إلى استنفار العالم العربي بأكمله، لأنه لن يسمح بتكرار تجربة العراق، إنه ولاء مذهبي يتحول إلى منفذ لدولة إقليمية تسيطر سياسيا في دولة عربية، وهذا لن يسمح به أحد، وما أقوله الآن لا يبرئ نظام الحكم في البحرين من المسؤولية، فهو المسؤول عن مواطنيه واستيعابهم، ويجب أن تكون الدولة في النهاية لجميع مواطنيها.            (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 24 مارس 2011)
 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.