(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows (
التعذيب يفقد حافظ البرهومي بصره
أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين
تونس 18 سبتمبر 2007
بــيـــان
اجتمعت الهيئة المديرة الموسعة للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين يوم 18 سبتمبر 2007، وبعد التداول في ما شهدته الجمعية في المدة الأخيرة من اختلافات في وجهات النظر حول بعض المسائل .
قررت التوجه لأعضاء الجمعية والمساجين السياسيين والمسرحين وعائلاتهم وللرأي العام الوطني والدولي بما بلي:
* تأكيدها على التمسك بوحدة الجمعية واستمرار نضالها من أجل تحقيق أهدافها السامية في الدفاع عن المساجين السياسيين والوقوف الر جانبهم حتى يستعيدوا حرياتهم وحقوقهم كاملة.
* حرصها على تجاوز كل تداعيات ما حصل من خلاف داخل الهيئة المديرة .
* تجديدها الدعوة لكل أعضاء الجمعية لحضور الجلسة العامة الانتخابية المقررة ليوم 2 أكتوبر 2007
الإمضاء:
الأستاذ محمد النوري
الاستاذ المختار اليحياوي
الأستاذة سعيدة العكرمي
السيد رشيد النجار
السيد احمد السميعي
الأستاذ محمد بوثلجة
الأستاذ محمد عبو
الأستاذ سمير بن عمر
الأستاذ سمير ديلو
الأستاذ خالد الكريشي
السيد الأسعد الجوهري
السيدة فوزية السنوسي
السيد عثمان الجميلي
السيد طارق السوسي
السيد محمد علي البدوي (موجود في الخارج و صادق على القرارات المتخذة عبر الهاتف)
تونس في 20/09/2007
والسّـــــــــــلام
فتحي الورغي
الدندان2011 منوبة
الهاتف الجوّال: 24450506
المختار اليحياوي يعلن انسحابه من الجمعية الدولية للمساجين السياسيين
انعقدت يوم أمس الهيئة المديرة للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين وفق مقتضيات قانونها الأساسي الذي ينص على تكونها من أعضائها الثمانية عشر المؤسسين لها و ذلك للنظر في تجاوز الضجة التي قامت مؤخرا حول الخلاف القائم بين أعضاء هيئة الإتصال الستة من جهة و رئيسها السيد محمد النوري
و لإعادة ترتيب أوضاع الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين بما يسمح بعقد جلستها العامة وتجديد انتخاب هيئاتها التنفيذية في موعدها و تمكينها من مواصلة عملها بعيدا عن كل التجاذبات والتدخلات التي برزت في المدة الأخيرة من داخل الجمعية و خارجها.
و يهمني بحكم موقعي و الدور الذي اضطلعت به داخل الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين التأكيد على أن النقاش المطول و الذي استمر إلى ساعة متأخرة من الليل قد أكد كما يبرزه البيان المنبثق على الإجتماع وحدة أعضاء الجمعية و تكاتفهم من أجل العمل على تحقيق أهدافها و تكريس جهودهم لتفعيل دورها و خدمة الأغراض التي أنشئت من أجلها.
و حيث أني مع تثميني للعلاقة النضالية التي جمعتني بكل من عملت معهم من أعضائها،
و دون الدخول في جدل عقيم حول الإفتراءات الكاذبة و الحملات المغرضة و الممارسات البائسة التي حاولت أساسا النيل من شخصي على خلفيات لا علاقة لها بالجمعية،
و إقرارا بما يقتضيه كل عمل ديموقراطي يعلي المؤسسات و لا يستبيح كرامة الأفراد:
أعلن أنني قررت الإنسحاب نهائيا من الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين و قطع أي انتساب مستقبلي لها بأي شكل كان من الأشكال.
المختار اليحياوي
تونس في 19 سبتمبر 2007
(المصدر: موقع تونس أون لاين نقلا عن مدونة القاضي المختار اليحياوي)
مراسلة خاصة و عاجلة من موقع الحزب الديمقراطي التقدمي القسم العرب
ميّة الجريبي و أحمد نجيب الشابي في إضراب عن الطعام
عاجل: دخل اليوم الخميس 20 سبتمبر 2007 كل من السيدة مية جريبي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي، والسيد أحمد نجيب الشابي الأمين العام السابق للحزب ومدير جريدة الموقف في إضراب جوع مفتوح، و ذلك بعد المضايقات المتواصلة لنشاط الحزب من طرف السلطة ،للتصدي لمحاولتها طرد الحزب من مقرّه المركزي بتونس العاصمة.
المسؤول عن الموقع
(المصدر: موقع pdpinfo.org بتاريخ 20 سبتمبر 2007)
نص تدخل مية الجريبي و أحمد نجيب الشابي في التدوة الصحفية لاعلان دخولهما في اضراب عن الطعام
الحزب الديمقراطي التقدمي
يوميات الصمود -1-
ورقة إخبارية يومية عن إضراب الجوع
20 سبتمبر 2007
بداية الاضراب
أعلن الأخوين مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي وأحمد نجيب الشابي المدير المسؤول لجريدة « الموقف » خلال ندوة صحفية عقدت عند منتصف نهار اليوم 20-09-2007 بالمقر المركزي للحزب بالعاصمة الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام بداية من اليوم إلى أن يوضع حد لكل الاجراءات الجائرة التي يتعرض لها الحزب في مختلف المناطق وايقاف كل الدعاوى المشارة ضده ❊.
حضور إعلامي
حضر الندوة الصحفية إعلاميون عن صحف « لوطون » و »الاعلان » و »أخبار الجمهورية » و »الطريق الجديد » و »مواطنون » و »الموقف » ، ووكالة الانباء الغربية ووكالة « أسوشايتد برس » و »وكالة رويترز للأنباء » وقناة الحوار التونسي .
ضيوف
كان من بين الضيوف الذين حضروا الندوة الصحفية السادة والسيدات: مصطفى بن جعفر الأمين العام للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات حاتم الشعبوني والجنيدي عبد الجواد وسليم بن عرفة عن حركة التجديد علي العريض عن حركة النهضة عبد الرؤوف العيادي نائب رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية محمد جمور الناطق الرسمي باسم حزب العمل الوطني الديمقراطي خديجة الشريف وسعيدة قراش رئيسة والكاتبة العامة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات مختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان منور السعيدي عن حزب اليسار الاشتراكي رشيد النجار عن الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين الحبيب الحمدوني عن رابطة الكتاب الأحرار راضية النصراوي رئيسة لجنة مقاومة التعذيب بتونس والسادة السفير أحمد ونيس والمناضل الديمقراطي الاشتراكي أحمد الخصخوصي والاستاذين عمر الشتوي ومنذر الشارني والاعلامي العربي شويخة ومناضلين ديمقراطيين ونقابيين وأعضاء المكتب السياسي وكوادر ومناضلي الحزب الديمقراطي التقدمي.
طوق أمني
قبل انطلاق الندوة الصحفية ضربت قوات الأمن بالزي المدني طوقا أمنيا على الأنهج المؤدية إلى مقر الحزب.
منعت قوات الأمن الأخوين لطفي حجي والعياشي الهمامي ومحمد النوري من الالتحاق بالندوة الصحفية.
حضور دبلوماسي
كما سجلت الندوة الصحفية حضور السيدة « ترينا ساها » المكلفة بالشؤون السياسية بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية بتونس و »مريم فرحات » مساعدة الملحق الاعلامي بالسفارة البريطانية بتونس.
اتصال
تلقى الأخوين أحمد نجيب الشابي ومية الجريبي اتصالات هاتفية حال الاعلان عن دخولهما في إضراب الجوع من الأخوة الطاهر بلحسين مدير قناة « الحوار » والحقوقي البارز خميس الشماري وحمة الهمامي الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي وخميس قسيلة الكاتب العام للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والسيدة سهير بلحسن رئيسة الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان.
بيان تضامني
أصدرت اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الانسان بتونس بيانا تضامنيا مع الحزب الديمقراطي التقدمي مطالبة بوقف الحملة التي تستهدف الحزب ودعت الجميع إلى التجند من أجل الدفاع عن الحريات في تونس.
تجمع تضامني
يعقد أصدقاء الحزب الديمقراطي التقدمي بباريس اجتماعا عاما مساء غد الجمعة 21 سبتمبر 2007 للتضامن مع الحزب في وجه الهجمة التي يتعرض لها.
لجان
تشكلت أربع فرق لدعم الاضراب والمداومة وهي الفريق الاعلامي وفريق التعبئة والاتصال وفريق تنظيم الاضراب والفريق الطبي ، علما وأن هذه اللجان مفتوحة وسيعلن عن تركيبتها لاحقا .
لقاء في الخارجية الفرنسية
بمبادرة من لجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الانسان في تونس تشكلت من الأحزاب الفرنسية التالية: الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي وحزب الخضر ورابطة الشيوعيين الثوريين بادرة بالاتصال بالخارجية الفرنسية التي حددت موعدا لاستقبالها صباح يوم الاثنين 24 – 09 – 2007 ، كما طلبت اللجنة موعدا للقاء السفير التونسي بفرنسا.
زيارة
أدى السيد الحبيب مرسيط رئيس فرع تونس لمنظمة العفو الدولية زيارة تضامن إلى مقر الحزب الديمقراطي التقدمي أين التقى بالمضربين عن الطعام وعبر لهما عن مآزرته ومساندته لمطالب الحزب في رفع التضييقات عنه ودعم حرية العمل السياسي في البلاد.
الخميس 20 سبتمبر – أيلول 2007 بقلم : الحزب الديمقراطي التقدمي
الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس International Campaign for Human Rights in Tunisia
Tel: (0044) 02083813270 -7903274826
تضامنا مع الحزب الديمقراطي التقدمي وصحيفة الموقف
بدأت السيدة مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي، والأستاذ احمد نجيب الشابي الأمين العام السابق للحزب ومدير صحيفة الموقف، اضرابا مفتوحا عن الطعام بداية من اليوم الخميس 20 سبتمبر، احتجاجا على الإجراءات التعسفية التي يتعرض لها الحزب، لإخلاء مقراته الجهوية في كل من قابس ومدنين وتطاوين وتوزر وجندوبة والقيروان، وكذلك المقر المركزي للحزب وصحيفة الموقف، الذي بقي فضاءا يتيما لإجتماع المعارضة وقوى المجتمع المدني.
واننا في الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس، اذ نعبر عن مساندتنا للحزب الديمقراطي التقدمي وصحيفة الموقف في المطالبة برفع كل العوائق أمام أنشطة الحزب السياسية ورسالة صحيفة الموقف الإعلامية، فإننا نندد بالأساليب المتخلفة التي تصر السلطة على انتهاجها في التعاطي مع المعارضة والإعلام المستقل، بتوظيف القضاء في حسم الخلافات السياسية، ومحاصرة الإعلام وخنق حرية التعبير. ونطالب بإلغاء الدعاوى القضائية المرفوعة ضد الحزب الديمقراطي التقدمي، ليواصل مسيرته النضالية من أجل ترسيخ قيم الحرية و الديمقراطية حتى تكون تونس لكل التونسيين.
عن الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس
علي بن عرفة
لندن في 20 سبتمبر 2007
بسم الله الرحمان الرحيم
رسالة تضامن
السيد أحمد نجيب الشابي مدير صحيفة « الموقف »
السيدة مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي
تحية طيبة وبعد، اننا في موقع « تونس أونلاين » نتابع وببالغ القلق والاستنكار مايتعرض له الحزب الديمقراطي التقدمي من مضايقات تستهدف إخراجه من المقر المركزي للحزب بأساليب خسيسة تتناقظ مع كل ما ترفعه السلطة التونسية من شعارات حرية العمل السياسي و الانفتاح على مؤسسات المجتمع المدني.
اننا في « تونس أونلاين »إذ ندين هذه الممارسات التي أقل ما يقال عنها متخلفة، نعلن عن تضامننا المطلق مع الحزب الديمقراطي التقدمي في مطالبه المشروعة، كما نعرب عن مساندتنا للسيد أحمد نجيب الشابي و السيدة مية الجريبي في إضرابهما عن الطعام ونحث السلطات التونسية على احترام القوانين المنظمة للنشاط الحزبي والمسارعة بالاستجابة لمطالب المضربين عن الطعام
تونس أونلاين نت
ألمانيا في: 20 سبتمبر / أيلول 2007
زعيمة حزب تونسي معارض تعلن إضرابا مفتوحا عن الطعام
معارضان تونسيان يبدآن إضرابا عن الطعام
القضاء التونسي يوجه لـ 29 تونسيا تهمة الارهاب ومحاولة القيام بانقلاب
تونس ـ ا ف ب: وجه القضاء التونسي لـ 29 شابا تونسيا اعتقلوا مطلع العام 2007 اثر مواجهات مسلحة مع الامن التونسي عشرة تهم من بينها الانتماء لتنظيم ارهابي ومحاولة القيام بانقلاب ويواجه المتهون في حال ادانتهم احكاما تصل الي الاعدام علي ما افاد محامي الدفاع سمير بن عمر امس الاربعاء في حديث لوكالة فرانس برس.
وقال بن عمر ان التهم الموجهة الي المتهمين تتضمن التآمر علي امن الدولة الداخلي و محاولة الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة و حمل السكان علي قتل بعضهم بعض و اثارة الهرج و القتل و المشاركة في عصيان مسلح و تلقي تدريبات عسكرية لارتكاب جرائم ارهابية .
و علي خلفية التهم الموجهة لافراد المجموعة الذين تتراوح اعمارهم بين 20 و30 عاما ينتظر صدور احكام في غاية القسوة تصل الي عقوبة الاعدام حسبما قال بن عمر مشيرا الي ان ملف التحقيق مع المتهمين اغلق في 8 ايلول (سبتمبر) الجاري ومن المتوقع ان تبدأ محاكمتهم نهاية العام الحالي .
وفي السياق ذاته يحال التونسي زهير جريد (27 عاما) علي القضاء بتهمة كتمان معلومات تتعلق بالتحضيرات داخل ضيعة علي ملك العائلة بعين طبرنق (40 كلم جنوبي تونس) للقيام باعمال ارهابية .
وجريد هو شقيق مكرم الذي لقي حتفه خلال المواجهات الدامية التي وقعت في منطقة سليمان علي بعد 40 كلم جنوب العاصمة في 23 كانون الاول (ديسمبر) والثالث من كانون الثاني (يناير) 2007 واسفرت عن مقتل 14 شخصا بينهم شرطيان واعتقال 15 من افراد المجموعة الاسلامية.
ويعتقد ان المسلحين واغلبهم تونسيين تسللوا الي تونس عبر الحدود الجزائرية وقد يكونون علي صلة بالجماعة السلفية للدعوة والقتال بالجزائر.
واعلنت السلطات التونسية انذاك ان قوي الامن ضبطت مع عناصر المجموعة رسوما موقعية لبعض السفارات الاجنبية كما تم حجز وثائق تتضمن اسماء بعض الديبلوماسيين الاجانب المقيمين بتونس لم يكشف عن هويتهم وكمية من المتفجرات من صنع تقليدي محلي. وتمت ملاحقة المتهمين بناء علي قانون مكافحة الارهاب المصادق عليه في 2003.
ويقدر محامون تونسيون بحوالي الف عدد التونسيين الموقوفين بتهم وجنح ينص عليها هذا القانون.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 20 سبتمبر 2007)
منظمة نسوية تونسية تندد بحملات التكفير تجاه المفكرين
اعتذار وتصحيح:
حصل سهو في عدد الأمس حيث تحدثنا في سياق التعليق على برقية لوكالة رويترز للأنباء عن خطإ في موقع المرصد الوطني لحرية الصحافة والإبداع والنشر في تونس لكننا نسينا إيراده.
أما العنوان الرسمي للمرصد على الشبكة فهو التالي: http://www.observatoire-olpec.org
استخفاف
رغم الـ500 فرقة للمراقبة الاقتصادية… ما انفك الغش يتزايد حتى بصورة علنية، بل ان الأمر يصل ببعض المخالفين… إلى رفض الاستظهار ببطاقة تعريفهم للمراقبين.
مما يجعل الفرق مضطرة إلى الاستنجاد بالشرطة… وهذا يطرح سؤالا: «كيف تنجح مراقبة ليست لها سلطة؟»
محمد قلبي
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 20 سبتمبر 2007)
مدفع رمضان ينفجر في وجهه
نقل تونسي إلي قسم العناية المركزة بمستشفي مدينة سيدي بوزيد وسط تونس بعد أن انفجرت في وجهه قذيفة « مدفع رمضان » التي اعتاد اطلاقها منذ سنوات مع أذان صلاة إيذانا بحلول موعد الإفطار.
وقالت صحيفة « الشروق » في عددها الصادر أمس (19 سبتمبر 2007) إن الرجل 50 عاما وضع القذيفة في المدفع وقام بتشغيله لكنها لم تنطلق فاقترب من الآلة لتحري الأسباب لتنفجر في وجهه.
وقرر الأطباء الاحتفاظ ب مروّض مدفع رمضان عدة أيام بقسم العناية المركزة لحين الشفاء من الحروق البالغة التي أصابت مناطق مختلفة من جسده.
(المصدر: صحيفة « الراية » (يومية – قطر) الصادرة يوم 20 سبتمبر 2007)
انتظار في تونس لقرارات لم تتّـضح معالمها بعدُ
صلاح الدين الجورشي – تونس
كيف يبدو الوضع السياسي في تونس قبل شهرين من حلول الذكرى العشرين لاستلام الرئيس بن علي للسلطة؟ رغم الشكوك القوية التي تسكن الكثيرين، تولي الأوساط السياسية، خاصة منها المنتسبة لصفوف المعارضة، لهذه المناسبة أهمية خاصة.
الأوساط السياسية، خاصة المنتسبة لصفوف المعارضة، تولي لهذه المناسبة أهمية خاصة، حيث يتوقع البعض أو يأملون في أن يقدم رئيس الدولة على اتِّـخاذ بعض الإجراءات التي قد تساعد على حلحلة الوضع العام والسماح للمجتمع المدني بقدر أعلى من الحريات، فرغم الشكوك القوية التي تسكن الكثيرين، إلا أن هناك من هو مُـصر على إشاعة حالة من التفاؤل الحذر.
خلافا للتوقعات، شهِـدت الأسابيع الأخيرة من هذا الصيف سلسلة من المناوشات، استهدفت وجوها معروفة بمعارضتها للسلطة، وكان أخطرها على الإطلاق تعرّض مكتب المحامي عياشي الهمامي – الذي سبق وأن احتضن إضراب 18 أكتوبر الشهير – لعملية حرق مثيرة، لكنها تبدو متعمدة.
وبالرغم من أن التحقيق الذي تعهّـدت به الجِـهات الأمنية المختَـصة، لم يكشف حتى الآن عن هوية الجاني، فقد سارع المعني بالأمر إلى اتِّـهام البوليس السياسي بالوقوف وراء الحريق، وهو ما نفته الأوساط الرسمية. وقبل ذلك بفترة وجيزة، تعرّض السيد نجيب الشابِّـي إلى مضايقة غريبة من قِـبل الشرطة التي منعته من الجلوس في مقهى أو حتى على رِمال الشاطئ صُـحبة أفراد من حزبه (الحزب الديمقراطي التقدمي).
كما تجدّد الاشتباك بين رجال الأمن وأحد صحفيي قناة « الحوار » المستقلة، التي تبث برامجها من إيطاليا، ويبدو أن تطوّر أداء هذه القناة التي نجحت في تسليط الأضواء على عديد الأحداث والملفات الخاصة بأوضاع الحريات، إلى جانب اتِّـساع قاعدة جمهورها خلال الأشهر الأخيرة قد بدأ يُـزعج السلطات.
وفي محاكمة السيد عمر المستيري، تعرّض الدكتور خليل الزاوية، عضو الهيئة المديرة للرابطة إلى جانب بعض المحامين (من بينهم المحامي رؤوف العيادي) للعنف المادي والمعنوي على يد محام ينتمي للحزب الحاكم، حدث الاعتداء حسبما أوردته مصادر حقوقية، أمام رجال الأمن الذين فضّـلوا عدم التدخل.
تضارب في المؤشرات ولكن..
هذه المُـعطيات وغيرها لا تزال تحتاج إلى تفسير، لكنها في العموم جاءت خارج سِـياق الانفراج المحدود الذي يجري الحديث عنه منذ فترة والذي دلّـت عليه وقائع ومؤشرات سبق أن تمّ التعرّض إليها.
وتكفي الإشارة في هذا السياق، إلى إطلاق دفعة جديدة من مساجين حركة النهضة وتحريك مِـلف رابطة حقوق الإنسان وفتح الحوار بين وزارة العدل وعميد المحامين، الأستاذ بشير الصيد، الذي كان يُـعتبر في مرحلة سابقة شخصية غير مرغوب فيها، كما اتخذ قرار بإيقاف التتبعات القضائية ضد السيد عمر المستيري. وآخر هذه الأحداث التي تصب في الاتجاه المعاكس المحاولات الجارية لغلق المقر الرئيسي للحزب الديمقراطي التقدمي بحجة أنه يستعمل لغير الغرض الذي تمت عملية الإيجار على أساسه.
وتتوقع قيادة الحزب بأن المحكمة التي تنظر في هذه القضية، ستصدر حكمها بطرد الحزب من المقر، وهو أمر، إذا ما تم، فسيترك حسب اعتقاد الكثيرين آثارا سلبية كثيفة، ويزيد من حجم الشكوك في نوايا السلطة ومدى جدية استعدادها لتحقيق قدر من الانفتاح والإصلاح السياسي.
وإذ تعتبر السلطة أن المسألة ليست سوى خلافا عقاريا بين صاحب العمارة والحزب، إلا أنه مع دخول رئيسة الحزب مية الجريبي ومسؤول العلاقات الخارجية نجيب الشابي في إضراب عن الطعام، بدء من يوم الخميس 20 سبتمبر الجاري، فإن مبادرات عديدة قد تتخذها أوساط المعارضة ذات الصلة الجيدة بهذا الحزب من أجل الدفاع عما وصفه البعض بـ »آخر مربع للحرية في تونس »، نظرا للموقع المحوري الذي احتله هذا المقر في دعم الحراك الديمقراطي.
أما بالنسبة للتحوير الوزاري الجزئي الذي أدخله الرئيس بن علي قبل أكثر من أسبوع فقد أجمعت التعليقات على كونه تقنيا ولا يستشف منه أي بعد سياسي.
ورغم هذا التضارب في المؤشرات، فإن المراقبين يستبعدون أن تحُـل الذكرى العشرون للسابع من نوفمبر، دون إجراءات ذات مدلول سياسي.
.. وتابع التونسيون الانتخابات المغربية
إذا كانت التجارب السابقة قد أثبتت بأن النظام الحاكم في تونس يظهر باستمرار عدم تأثره بما يجري في محيطه الإقليمي، غير أن ذلك لا يمنع تفاعل التونسيين بما يحدث، خاصة في دول الجوار.
فالشفافية التي تمّـت بها الانتخابات البرلمانية في المغرب، بعد التجربة الموريتانية وما صاحب ذلك من أجواء ديمقراطية لافتة للنظر، قد تركت أثرها بوضوح على الشارع التونسي المتلهِّـف للتعبير والمشاركة، وإذ تجنّـبت السلطة في تونس وصُـحفها التعليق على ما جرى في المغرب، إلا أن المعلِّـق السياسي القريب من مصادر القرار (برهان بسيس) قد شكّـك في الديمقراطية المغربية لمجرد اعتقاد أصحابها بأن هناك إسلاميون معتدلون وأن من حقِّـهم المشاركة في الشأن العام.
الأكيد، أن أصحاب الشأن في المغرب لهم وِجهة نظر مختلفة، وفي مقدمتهم الملك محمد السادس، الحريص على استقرار بلاده وعرشه والذي أدرك، مثلما فعل والده في آخر عهده، بأن ترويض جُـزء من ساحة الإسلاميين، هو أفضل للسلطة من رَمي الجميع في سلّـة واحدة والرِّهان على تعزيز صفوف الراديكاليين.
لقد توقّـفت السلطات المغربية منذ فترة طويلة عن سياسة خلط الأوراق واختارت عن وعي أسلوب التمييز بين الفرقاء السياسيين، حتى وإن بدت أطروحاتهم مُـتقاربة في بعض الجوانب. ورغم التحريض المتواصل من قبل أوساط سياسية وأيديولوجية، عرفت بنزعتها الاستئصالية، فقد رفض الملك الخلط بين هواة العمليات الانتحارية وبين المتمسِّـكين بالأساليب السلمية.
ويتَّـفق المراقبون حول الاعتقاد بأن الحالة السياسية في المغرب هي اليوم أفضل مما كانت عليه خلال سنوات الرصاص، والغريب أن بعض الصحف والمجلات التونسية اعتبرت في تعاليقها أن حزب العدالة والتنمية قد فشِـل في هذه الانتخابات، دون أن تُـحلل ما الذي يعنيه حصوله على المرتبة الثانية وإطاحته بأحزاب الكتلة، وفي طليعتها الاتحاد الاشتراكي، الذي كان يمثل أهم حزب يساري في كامل المنطقة العربية.
مخاوف مما يحدث في الجزائر
خلافا للحالة المغربية، فإن ما يحدث في الجزائر يثير قلقا فِـعليا لدى عموم التونسيين. فعودة العنف المنظم ونجاح تنظيم القاعدة في أن يكون له قَـدم في الجزائر، مسألة لا يمكن الاستخفاف بها، خاصة بعد الذي حدث في تونس خلال شهر ديسمبر الماضي.
فالسلطة في تونس تتابع باهتمام شديد استئناف الجماعات الإرهابية لعملياتها في الجزائر، هذه العمليات التي تميّـزت في الأشهر الأخيرة بقسْـوة ضرباتها والدقة التي اكتسبتها وقُـدراتها المتزايدة على استهداف المؤسسات الرسمية، لكن المؤكد أن ما يُـسمى بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي يشكِّـل حاليا ظاهرة معزولة على الصعيد الشعبي.
لكن الملاحظ، أن الذين نزلوا إلى الشوارع للتَّـعبير عن رفضهم لهذه الجماعات، بدعم من السلطة والأحزاب السياسية، رفعوا شعار الدفاع عن المصالحة التي شكّـلت المبادرة الأساسية التي ميّـزت عهد الرئيس بوتفليقة، فعلوا ذلك لأنهم لا يريدون العودة إلى جحيم الحرب الأهلية، لهذا، اعتبر البعض أن مِـنطقة المغرب العربي تجِـد نفسها في هذا النِّـصف الثاني من العشرية الأولى للقرن الجديد بين سيناريو الانفتاح السياسي، الهادف إلى امتصاص الاحتقان، وذلك على الطريقة المغربية والموريتانية أو سيناريو التفجيرات والتبشير بالحروب الأهلية.
معارضة ضعيفة ونقاط استفهام حول الرئاسيات
لن يتِّـضح المشهد السياسي في تونس، إلا بعد انقضاء شهر رمضان، الذي ينشغل فيه التونسيون عادة عن شؤون السياسة، لكن أجواء الصيف لم تمنع الأحزاب، ذات العلاقة الجيدة بالسلطة، من رفع اقتراحات إلى الرئيس بن علي، استجابة لدعوة وجّـهها للجميع في سياق الاستعدادات الجارية للذكرى العشرين لاستلامه السلطة.
كما شهدت الأسابيع السابقة إنجاز حركة التجديد لمؤتمرها الثاني، هذا المؤتمر الذي تأخّـر موعده كثيرا، أراده أصحابه أن يجعلوا منه مناسبة لتطعيم الحركة برافد قوي من قاعدة واسعة لمستقلين ينحدر أغلبهم من اليسار الماركسي، لكن ما حدث خلال فعاليات المؤتمر والاستقالات التي سجّـلت في أعقابه، تركت عديد التساؤلات حول مدى نجاح الحركة في تجاوز العوائق التي كانت تحدّ من نموها وتحُـول دون أن تتمكّـن من بناء « القطب اليساري الديمقراطي والتقدمي »، القادر – حسب تطلعات الحركة – على الوقوف في وجه الإسلاميين من جهة، وتوفير ما يصفونه بـ « الخيار الثالث » من جهة أخرى، فالإجماع المنشود داخل الحركة لم يتحقق، مما أعاد أجواء الشك والاختلاف والتنازع، رغم الخطوة الهامة التي حققتها، والتي تمثلت في تعزيز صفوفها بكوادر جديدة وذات خبرات سياسية.
أما حركة 18 أكتوبر، فقد استمرت في تعميق حواراتها من أجل بلورة خطة تحرك للفترة القادمة. لكن ذلك لم يمنع بقاء نقاط ظل كثيرة، لا تزال تنتظر اتفاقا واضحا بين مختلف الأطراف لتحديد الخطوات المقبلة.
الجديد في هذا السياق هو التصريح الذي أدلى به السيد أحمد نجيب الشابي (الأمين العام السابق للحزب الديمقراطي التقدمي المعارض) لصحيفة « الشرق » القطرية، دعا فيه الرئيس بن علي إلى جمع كل الفرقاء السياسيين لكي « يطرح معهم أجندة الإصلاح السياسي باتجاه الحريات والديمقراطية ». كما أعلن عن عدم نيته في الترشح من جديد للانتخابات الرئاسية القادمة التي ستجري عام 2009 « إلا إذا توفرت حدود دنيا ». وخلافا لما قام به عام 2004، قال الشابي « إما أن يكون ترشحي محض صورة من صور الاحتجاج كالتي مارستها في السابق، فأعتبر أن تونس تجاوزت هذه المرحلة« .
البعض رأى في هذه التصريحات نزوعا نحو التعامل بواقعية مع المرحلة السياسية الراهنة، لكن الشابي لا يزال يعتقد بأن المدخل الوحيد لتفعيل دور المعارضة الذي أقر بضعفها، هو دعوتها للتفكير من الآن في اختيار مرشح لها لكي ينافس الرئيس بن علي في الانتخابات الرئاسية القادمة. وهو مقترح ليس فقط محل خلاف عميق بين مكونات حركة 18 أكتوبر، ولكن أيضا يجري حوله جدل ساخن داخل صفوف الحزب الذي ينتمي له الشابي.
المؤكد أن ما قد يتخذ من قرارات خلال الأسابيع القادمة ستكون له صلة وثيقة بمحطة 2009، لكن ما يخشاه البعض هو أن تتورط المعارضة من جديد في حسابات وهمية وتتعمق خلافاتها في الأثناء، مما يزيدها ضعفا على ضعف وعجزا على عجز.
لا شك في أن ما سيعلن عنه الرئيس بن علي في الذكرى العشرين لاستلامه السلطة، سيشكل أرضية تنطلق منها الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني لتحديد موقفها من الرئاسيات ووضع خططها للمرحلة القادمة.
أما ما هو ثابت الآن، هو أن رئيس الدولة، الذي لا يزال صاحب المبادرة ويمسك بجميع الخيوط، خلافا لما يذهب إليه البعض، هو بصدد التفكير في اختيار ما يراه مناسبا من قرارات جديدة قد تشمل إطلاق سراح من تبقى من مساجين حركة النهضة والاعتراف بأحزاب وجمعيات جديدة، لكن من الثابت أيضا، أن هذه القرارات ستكون محكومة بسقف الحفاظ على استمرارية تحكم النظام في مفاصل الحياة العامة وحماية موازين القوى الراهنة، أي أنه من المستبعد حدوث منعرج كبير أو جذري في الحياة السياسية كما يأمل الكثيرون.
(المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 20 سبتمبر 2007)
رسالـة اللقـــاء رقم (23)
كرامـة الإنسـان قبـل إذاعـة القـرآن
د. خــالد الطراولي
يكاد يتميز المشهد السياسي التونسي بركوده وتواصل سياسة الانغلاق مع منهجية القطرة قطرة التي تجعل الفعل السياسي يرتبط بمكرمات أميرية وعطاءات ملكية وحاجب على الباب ينهر كل متطفل أو غريب. مما يدفع الحالة السياسية إلى انتظار دائم، وتجعل البعض في حالة اقتناص أبدي لأي لفتة أو بسمة أو إشارة أو شبه موقف لتبني عليه في بعض الأحيان أحلاما وقصورا من ورق، سريعا ما يتحول بعضها إلى كوابيس وأشباح.
هذه الحالة المرضية هي إحدى سمات المشاهد السياسية المغشوشة والتي تتعارض مع أي فلسفة ديمقراطية للحكم والإدارة، وستظل منبتا للقصور والتقوقع والتخلف ولا تستطيع أن تبني صرحا من تدافع سليم وناجع بين أطراف معادلة السلطة والمعارضة.
لن يكــون خيـــار
دخل المشهدَ هذه الأيام على حين غرة خبرُ إطلاق إذاعة للقرآن الكريم في تونس، وليس في الأمر عجب لو نبّهنا القريب والبعيد على أننا ننتمي لبلاد مسلمة أغلب سكانها مسلمون وأحد بنود دستورها الرئيسية يؤكد انتمائها لهذا الدين، غير أن الخبر لاح وكأنه نزل في بلاد وقع فتحها البارحة وأن أهلها قد دخلوا في دين الله أفواجا بين ليلة وضحاها، وعلا التهليل والمباركة والتثمين من أفراد ومجموعات من اقترب من السلطة وممن وقف يعارضها.
لقد خيّرت في البداية الصمت على أن أعلق، لأن الصمت في بعض الثنايا موقف، لكني فضلت في النهاية الإدلاء برأيي حتى تصفو الأذهان وتتجلى المواقف ولا نعيش على التأويل رغم اعتقادي الجازم بالنسبية الشديدة للحدث الذي لا يستدعي بيانا ولا تحبيرا.
فلو خُيّرت بين إطلاق إذاعة للقرآن وإخراج سجين مظلوم واحد من أقبية السجن وظلام الجدران وظلم السجان، ما ترددت لحظة في اختيار صف الحق والعدل وخروج السجين…
ولو خُيّرت بين إطلاق إذاعة القرآن وعودة مشرّد واحد مغلوب على أمره، غادره الوالد يوما دون أن يراه ولا أن يصحبه إلى مثواه ولا أن يتلمس منه كلمة شفاعة ورضا، وأمّ مرميّة في ركن من البيت، تلفها الأمراض من كل جانب وفي كل حين، تنتظر دعوة السماء، بعد أن خيبها أهل الأرض وتنتظر أن يجمعها عدل الآخرة مع حبيبها الذي لم تره منذ عقود… لو خُيّرت لما كان لي خيار!
لو خُيّرت بين إطلاق الإذاعة وسحب المنشور 108 حتى تعيش الأم والزوجة والأخت والبنت حرية الاختيار في ملبسها ومظاهر تعبدها وخروجها آمنة من بيتها وعودتها إليه سالمة معافاة ، لاخترت الحرية على الاستعباد، والاحترام على الاستنقاص، والأمن على الترهيب، والحياة على الموت!
لو خُيرت بين إذاعة القرآن وبين بسمة تعود إلى محيا طفل صغير، وُلد وترعرع ولم ير أباه إلا من وراء القضبان، لما تردّدت أن أنظمّ منحني الظهر حياء وتوقيرا إلى ركب هؤلاء المظلومين والمنبوذين…
لو خُيّرت بين إطلاق إذاعة القرآن وإطلاق حقوق العباد وكرامة مواطن وسيادة وطن، لما تركت للعقل والنقل زمنا لإعلان الولاء إلى صف حقوق الإنسان!
نعم يمكن أن نثمّن كل فعل خير ونبني على حسن النية ولكننا لا نريد سجانا بمسبحة ولا جبارا يقرأ علينا ميثاق حقوق الإنسان..، لا يمكن أن تكون هذه الحالات حلقات استثنائية كجزيرة نائية مرمية في بحر الظلمات، ولا تعبر عن منهجية متكاملة وفعل متواصل وعقلية بناء وثقافة إصلاح ومصالحة! لا يمكن لنا أن لا نتساؤل بكل حذر عن مغزى هذه الأفعال الميكروسكوبية في واقع لا يزال يعيش أسترة من حديد و نحاس؟ كيف التثمين والمحابات والتعلق بالأهداب وفتح الأحضان ولم نر حبيبا واضح المعالم والأفعال والخطاب؟
نحن نريد أن نثمّن الكلمة الطيبة والعمل القويم اللذان يحملهما مشوار سوي ومنهجية صادقة ومتكاملة، وليس إسقاطا ظرفيا أو استثنائيا يمر مع مرور الريح ونهاية عاصفة أو بداية أخرى.
لقد قيل لنا لننظر إلى نصف الكأس الملآنة في هذه النقطة بالذات وليس النصف الفارغ، ولقد نظرت وقدّرت ثم نظرت وقدّرت وأعدت الكرة مرتين، ثم نظرت إلى كل الكأس فما وجدت فيها ماء » كسراب بقيعة يحسبه الضمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا » [1] ففي نفس الزمن الذي أطلقت فيه الإذاعة يتواصل مسلسل التضييق والاستفزاز على المعارضة، من رابطة حقوق الإنسان والحزب التقدمي، وسلسلة من المضايقات والاعتداءات على أفراد ومناضلين وقدامى نزلاء سجون الرأي. .. فمن نصدق؟؟؟
السياسة فن الممكن ولكن…
لعل البعض بنى موقفه على التكتيك والمناورة والكر والفر، وعلى أن السياسة فن الممكن، ونحن نتساءل بدورنا هل من غير الممكن أن يصطحب إطلاق إذاعة القرآن الكريم أو يسبقها إطلاق كل سجناء الرأي، من بقي من أتباع حركة النهضة ومن لحقهم ممن ثبت نضاله السلمي من أجل رأيه؟
هل من غير الممكن أن تطال حرية الرأي والتنظم كل الفضاء العام؟ هل من غير الممكن أن يعيش كل أبناء تونس تجمعيون وغير تجمعيين داخل أوطانهم معززين مكرمين دون إقصاء أو تمييز؟ لم نطلب لا شمسا ولا قمرا ولكن أن يعيش الجميع مواطنة كاملة غير مقطوعة الأطراف.
إننا لا نريد لتونس إلا الخير لكل أهلها حكاما ومحكومين، وسنظل نحسن الظن بالجميع ما ظل المشهد واضحا والإرادة والعزيمة نحو الأفضل السمة الغالبة عليه، ولكن هناك أيضا مبادئ تظل تحكمنا وثوابت لا نزيغ عنها وقيم وأخلاق تضبط فعلنا وتؤطره نحو الأصلح والأنفع، ومنها أن كرامة البشر تعلو على الجماد والحجر أيا كان شأنه أو علا مقامه ولهذا يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في شأن الكعبة وهي الأعظم شرفا والأرقى تشريفا والأعلى منزلة، وهو يطوف حولها يوما : (ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وأن نظن به إلا خيراً) [2]
ونظر ابن عمر رضي الله عنه يوماً إلى البيت أو إلى الكعبة فقال : (ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك) [3]
هـــوامش :
[1] التوبة (39)
[2] رواه ابن ماجة وصححه الألباني في صحيح الترغيب 2/630.
[3] رواه الترمذي.
المصدر: موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net
بسم الله الرحمان الرحيم تونس في 2007/09/19
والصلاة والسلام على أفضل المرسلين
بقلم محمد العروسي الهاني
الرسالة رقم 298 مناضل دستوري
على موقع تونس نيوز رئيس شعبة الصحافة الحزبية سابقا
تعقيبا على قول الزور والبهتان بدون « برهان »
بكل وضوح وصدق وصراحة لا أريد أن أنزلق في متاهات وشطحات والأعيب أكل عليها الدهر وشرب. ولا أريد الخوض في مسائل شخصية وسرية وسلوكية بأباها الضمير والأخلاق وتأباها القيم الإسلامية والأخلاقية ونتمسك بالقيم الخالدة حتى إذا شاهدنا منكر أو رذيلة لا نفضحها والسترة واجبة ومن ستر أخاه ستره الله لكن نردّ ونعقب على الأشياء الظاهرة والأقوال المكتوبة والمتاهات والافتراءات التي وردت في رد المعني بالأمر والذي أليت على نفسي عدم ذكر اسمه حتى أكون وفيا لعهدي ووعدي… لماذا لأن ذكر الإسم يوحي إليك بصور وموافق ومتناقضات والعاقل في غنى عن هذا ولا نضيع ساعة من عمرنا في الخوض في كلام لا يحتاج إلى ردّ أو تعقيب والمثل يقول إذا أتتك مذمتي من ناقصا فاعلم بأنها الشهادة بأني كامل… هذا في خصوص الزبد والافتراءات واما في خصوص هذا الرجل لا أعرفه صحيح الحمد لله أني لن أصاحب في حياتي رجل أو شاب متقلب مثل ما قال الرئيس الزين العابدين بن علي في شأن مسؤول ما قال أنه متقلب المزاج ولا يستقر على رأي وفعلا كان الوصف دقيقا وصحيحا وأعود لأقول اني عرفت هذا الرجل يوم 2005/01/29 في نزل المشتل بالعاصمة قاعة التياترو لمناقشة كتاب لطقي الحجي بورقيبة والإسلام الزعامة والإمامة وقد جاءالمعني بالأمر للمشاركة في الحوار طبعا معاكسا وعندما جاء دوره في أخذ الكلمة بعد أن ساهمت في النقاش الثري الغزير قام صاحبنا وبدأ في مهاجمة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة بكلام جارح للغاية فما كان مني إلا أن قاطعته فورا وقلت له لا أسمح لك بنعت الزعيم الأكبر بهذا النعت وجرت مناقشة حادة في القاعة وطلب مني رئيس الجلسة بالتعقيب عليه إثر مداخلته هذه نقطة البداية ثم تلكم في قناة حنبعل في حوار ثلاثي حوار السياسة ودور الأحزاب وكعادته أراد نبش الماضي والتهكم على الزعيم والمرة الثالثة في أواخر فيفري 2007 كتب مقال في جريدة الصباح وذكر السلبيات لعهد الزعيم الراحل بورقيبة بقصد وتعمد لتشويه تاريخ الفترة الذهبية في هذه المرة أخذت القلم والقرطاس وعقبت على مقاله بشيء من الجرأة وذكر بعض الحقائق التي لا يريد قراءتها وبعد 3 أيام اتصل بي صباحا عن طريق الهاتف ودامت مكالمته حوالي 20 دقيقة حتى قلت له كفى كلاما وبما الرصيد المالي أوشك على النهاية في الهاتف وقد اعتذر لي اعتذار شديدا وطلب مني الكف على الكتابة حول شخصه وقال لي حرفيا وكلامه مسجل عليه في الهاتف يا خي انت في مقام والدي وابنك جمال الدين قرأ معي وزميلي في الدراسة أعذرني ربما أنا شاب صاعد في أول تجربة إعلامية ربما أرتكبت هفوة عندما كنت مراسلا لإحدى الفضائيات واليوم ندمت على هذه الأعمال واردف قائلا أن الزعيم بورقيبة هو رئيسنا الذي علمنا وفتح المدارس لنا فرحت بهذا الكلام وقلت له اكتبه في الصباح ووعدته وعد الصراحة بأني لا أعود للكتابة في الموضوع وفعلا نسيته رغم ان هذه الحادثة قصصتها على إخواني في النضال فقالوا لي هذا الرجل لا يؤمن جانبه وقد عرفنا وخبرنا أسلوبه وصدقت رؤية إخواني بعد 7 أشهر عادت حليمة لعادتها القديمة فكان ردي عليه يوم 9 سبتمبر والرد الثاني يوم 2007/09/11 بلطف ونصح لكن المكر والزور و قلب الحائق لها أبطال وصاحبنا واحد منهم فكتب مقالا كله افتراءات ومن جملة قوله أني بسيط ومن الميليشيا اضحك من هذا الكلام السخيف نعم أضحك منه لأنه لا يمت للواقع بصلة وهذا من قوة وشدة البهتان والزور أقول لهذا الرجل المادي أن شهادة الزعماء والأبطال والمسؤولين الكبار تفنّد أراجيكم ماذا قال الزعيم الحبيب بورقيبة مؤسس الحزب وباني الدولة العصرية ومحرر الوطن قال في رسالة يوم 1979/05/03 موجهة لرئيس شعبة الصحافة الحزبية اَنذاك العبد المتحدث أقدر حق التقدير نشاطكم وحماسكم وأعتذر عن عدم اشرافي على مؤتمر شعبتكم وأني حاضرا معكم بالقلب والوجدان وبلغ تحياتي إلى أعضاء شعبتكم وإلى كل المنخرطين وقال الزعيم الهادي نويرة الأمين العام للحزب والوزير الاول يوم 1979/09/03 بمناسبة مقابلته لأعضاء الشعبة المهنية الدستورية علق على مداخلتي قائلا أهنئكم بهذا النشاط والجو الحزبي الرائع والإنسجام والعمل المثمر من أجل إسعاد الاَخرين وأقول أن هذه الشعبة العظيمة يجب أن نغير اسمها لتصبح الشعبة القومية لصحافة الحزب وقال اعتبر نشاطها في حجم لجنة التنسيق وهي اعتبرها رقم 19 هذه شهادة المناضل الكبير الهادي نويرة رحمه الله واكتفي بهذا القدر لحلقات قادمة إن شاء الله. قال الله تعالى : » إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب » صدق الله العظيم
محمد العروسي الهاني
كوخ تربوي نموذجي في مدينة المنستير؟؟؟
تونس : جيل جديد في قيادة التجمع
مرسل الكسيبي (*)
الأستاذ علي بنصير وجه قيادي صاعد في هياكل التجمع الدستوري الديمقراطي في تونس وهو على وجه الدقة والتحديد عضو باللجنة المركزية للحزب الحاكم , وجه شبابي لم يتجاوز عقد الأربعينات وربما يكون أيضا في نهاية عقد الثلاثينات , وهو رجل متكلم وذو سلاسة وبلاغة وفصاحة في التعبير قلما تجدها في قيادات الأحزاب الحاكمة ببلادنا العربية ..
لم يحصل لي الشرف بلقاء الرجل وجها لوجه ولكن كان لي الشرف منذ أشهر وأسابيع و أيام برؤيته على الشاشة الصغيرة محاورا لبقا في موضوعات عربية وأخرى ذات علاقة بالشأن التونسي , وهو ماجعلني أزداد قناعة بأن مايروج عن قيادات الحزب الحاكم ورموزه من كليشيات على مستوى الأوساط التونسية المعارضة أمر يحتاج الى المراجعة والتنسيب واعادة النظر .
تحدث الأستاذ بنصير في مناسبتين على فضائية الأ ان بي في حوار جميل وهادئ وراقي مع زميلنا الأستاذ برهان بسيس , وهو ماجعلني أخرج بانطباع مختلف تماما عما قيل لي أيام دراستي الجامعية بتونس عن قيادات التجمع الدستوري الديمقراطي …
ولاأخفي على القارئ الكريم أن فرص الاحتكاك بالعناصر التجمعية أيام الدراسة الجامعية كان ضيقا الى أبعد الحدود ولقد نصحني أحد أصدقاء الحارة يوما بالاستماع الى الأستاذ عبد الرحيم الزواري كواحد من أبرز القيادات التجمعية وواحد من أبرز الوزراء المفوهين غير أن انكبابي على الدراسة يومها وانغماسي في نشاطات الحركة الطلابية الاحتجاجية سلب مني كثيرا من الطاقات والأوقات ..
وبحكم تواجدي الاضطراري في فترة لاحقة بالمنفى , وفي ظل احتدام الصراع بين الحركة الاسلامية التونسية والسلطة ومع انضمام قطاعات أخرى من المجتمع المدني الى الوسط المعارض تعزز لدي الانطباع بأن مساحات التواصل والفهم بين النخب التونسية جد ضيقة ومحدودة وهو ماعزز وفاقم من مساحات الاختلاف والاشتباك , بل ان قناعتي بتهافت بعض الطروحات الراديكالية بالوسط السياسي المعارض ازدادت رسوخا مع اقترابي أكثر من أغلب الوجوه القيادية البارزة بالمهجر , حيث ازددت ايمانا بأن مزيجا من التنازع على السلطة ومساحة واسعة من الطموح الشخصي ذهبت بطاقات شبابية وعلمية متألقة في أدراج الوهم والحلم الوردي .
لقد ناضلنا ومازلنا نناضل الى اليوم من أجل مأسسة الدولة التونسية وترسيخ قيم العدل واحترام القانون , وهو ماجعل أصواتنا لاتمل الى حد الساعة معزوفة الاصلاح والتطوير السياسي وبناء منظومة حقوقية وقضائية قوية ومستقلة تشكل سلطة رادعة في بئة عربية ومغاربية وتونسية تحتاج الى كثير من الاصلاحات القانونية والسياسية …, ولذلك لن نخشى اليوم من كليشيات الماضي ومسلمات الخطاب السياسي النقائي والطهوري , الذي كان يلوح به في وجوهنا يوم كنا طلابا بين أسوار الجامعة التونسية …
الحديث عن الأحزاب الحاكمة وأطرها القيادية وأدائها العام لابد أن يراجع اليوم من زاوية أن ليس كل ماتقدمه المعارضة من خطابات ووعود وممارسات يعد أفضل مما نراه في المشهد السياسي الحاكم , اذ أن تجارب الجبهة القومية الاسلامية في السودان وحماس في غزة والثورة في ايران أثبتت أن للمعارضة متطلباتها وللدولة منطقها واحتياجاتها …, بل انني عايشت من خلال تجربة ميدانية زادت عن العقد ونصف المشهد السياسي الغربي من نافذة قربي من تجربة حزب الخضر الألماني , الذي تميز أداؤه السياسي في المعارضة بالاحتجاجية والوعود ليخفت بريقه فيما بعد حين مارس السلطة واصطدم باكراهات الواقع الداخلي وضغوطات المجتمع الدولي , وهو ماحصل أيضا لشريكه السابق الحزب الاشتراكي الديمقراطي .
الفارق بين تجاربنا السياسية وتجاربهم هو أن الالة الأمنية لاتتدخل بشكل مباشر في الحياة السياسية بل انها تخضع لتراتيب ومنظومات قانونية تجعلها في خدمة وحماية الوطن والمواطن , وهو مايجعل التجربة السياسية الغربية أكثر اشعاعا ومرجعية وتألقا لدينا كسليلي الدولة العربية التحكمية .
وبالعودة الى منطلق حديثنا الأول فانني اكتشفت في الأستاذ علي بنصير من خلال مشاهدته والاستماع اليه فضائيا قدرة على التحليل والفهم كما ذكاء في تفكيك لعبة الصراعات الداخلية بالمنطقة العربية وقوة ذهنية في رصد مايحدث من تحولات اقليمية ودولية .
مالفت انتباهي عند الاستماع الى الرجل هو رفضه القاطع لما أسماه بالعلمانية المتطرفة والاسلاموية المراوغة , وهو ماجعلني أرصد ولأول مرة تحولا لافتا في عناصر قيادية بارزة بالحزب الحاكم , حيث ساد الاعتقاد ومن خلال الممارسة بأن النموذج اللائكي المتطرف مازال مستحكما في المشهد السياسي العام تونسيا .
واذا كنت لاأستطيع التعميم بأن رؤية الأستاذ بنصير تشكل الرؤية الغالبة في الأطر القيادية للتجمع الدستوري الديمقراطي , الا أنني أستطيع القول بأن رفض التطرف من الجهتين المتصارعتين داخل الفضاء النخبوي يعد توافقا كبيرا بيني وبينه في الأفكار , حيث سبق لي وأن كتبت عن رفضي لتحويل العلمانية الى دين وعقيدة شوفينية متسلطة , كما وسبق لي وأن حبرت عشرات المقالات التي اعلنت فيها عن مراجعة نقدية لاداء الحركة الاسلامية العربية ومن ثمة رفضي لما يمارسه بعض قادتها من توظيف متقلب وملتف للنص الاسلامي المقدس .
لقد كتبت عن مراجعات ضرورية داخل الحركة الاسلامية التونسية وعن مراجعات أخرى ملحة داخل الفضاء الحزبي الاسلامي المؤمن بوسطية الاسلام واعتداله وسماحته وخيريته عالميا , ودعوت الى جعل الاسلام قاسما مشتركا ومرجعية محترمة في فضائنا التشريعي والثقافي العام , كما ألححت في كل مرة على الزامية ابعاده عن سوق البورصة السياسية رغبة مني في الحفاظ على استقرار أسهمه وصعودها في مهج الناس …
ولعل الله وفقني الى دعوة الأطراف العلمانية في منطقتنا العربية من أجل الالتقاء على ارضية الانساني والوطني والديني المشترك بدل تضييع أجيال كاملة في جدلية بيزنطية لن تزيد منطقتنا العربية والاسلامية الا نكوصا وتخلفا , وهو مايدعوني اليوم من جديد الى مباركة كل تحول ايجابي ولو بسيط تشهده بلادنا او دول المنطقة على طريق فك الاشتباك بين علماني حاكم واسلامي معارض , أو اسلامي مشارك في الحكم وعلماني متربص , أو اسلامي مكتسح للحكم وعلماني مستقوي بالقوى الدولية النافذة …
انها فرصة من أجل توجيه التحية الى واحد من قيادات اللجنة المركزية للتجمع الدستوري الديمقراطي , وهي فرصة لتحويل الحوار من أدواته الأمنية الى سياقاته الطبيعية وهي الكلمة الشريفة والقلم النظيف , وماأظن النفس قد أساءت الاختيار والتوقيت , بل انها بداية لازالة الريبة والشكوك والحواجز بين أبناء الجيل الواحد والوطن الواحد حتى وان تباينت المسافات ووقع التشويش على الرؤى المشتركة بعد الابتعاد قسريا عن أرض الوطن .
(*) رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية
(المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (اليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 19 سبتمبر 2007)
دعوهم يتكلّمون!!!
بقلم برهان بسيس
بعيدا عن التهويل والتضخيم. ما حصل في مدينة بنزرت بعد لقاء الكرة يعتبر على الاقل مبعثا جديا وموضوعيا للحيرة والخوف.
لا أسباب مقنعة للعنف الذي انفلت تلك العشية حيث لا رهان ولا توترات سابقة ولا مقدمات رياضية موحية، السؤال يطرح بالتأكيد خارج تفاصيل دائرة الكرة ومقابلاتها ليتصل مباشرة بالسؤال الاهم عن قدرة التأطير والتوجيه التي توفرت اليوم لشبابنا حتى نقيه من متاهات العنف والانحراف.
انه فراغ مزعج بصدد محاصرة المكان، لا خطاب اعلامي مقنع، ولا احزاب قادرة على تأطير الشباب ودمجه في العمل العام خارج «فنطازيا» الشعارات وديكور القاعات الممتلئة لاستقبال المسؤولين، لا جمعيات مدنية بلغت درجة الجدية ـ رغم كثرتها ـ في منافسة المقاهي على استقطاب الشباب، لا خطاب ديني وسطي قادر على صياغة منهج وأسلوب في الاقناع، يضاف الى هذا وذاك أم المعضلات: البطالة.
ما حصل في بنزرت انفلات قد يحصل في اي مكان بالعالم لكن يحق لنا حبا في بلادنا وغيرة على مستقبل شبابها ان نطمح الى ألا يحصل عندنا ما يحصل للاخرين.
لم تقصر الدولة في جعل الانصات للشباب عمل دوري متجدد مع كل استشارة وطنية لكن المطلوب اعمق من ذلك، المطلوب فعلا هو الاطلاق الحيوي للمنابر المتعددة التي تحتضن اصوات الشباب وتستمع الى هواجسه ومشاكله واحترازاته وانتقاداته وطموحاته وتتركه يتكلم بكل حرية دون خوف او رقابة او «تزويق» شكلي.
ينبغي ان تتأسس المنابر في كل مدينة وجهة وقرية، منابر للكلام والانصات لان الكبت وحده بوابة للانفجار والتهميش واللامبالاة تجاه الافكار والاراء هو ما يصنع الغبن المؤدي للانحراف.
دعوهم يتكلّمون حتى لو تحدثوا خطأ، دعوا الشباب ينتقد، يحترز، يحرج، يخرج عن الموضوع، يعبر عن سخطه بالحديث عن الواسطة عن الرشوة عن تساوي الفرص عن الحرية عن الدين عن الجنس عن الهجرة عن المساواة عن بن لادن عن صدام عن قناة 7 عن الجزيرة عن الحب عن الجسد عن البطالة عن ألف قصة وقصة..
ينبغي ان نجرب فعلا الاستماع الى الانسياب الحر للكلام في منابر مسؤولة ومحترمة سنكتشف في غمرة الفوضى افكارا متناسقة وطموحات مشروعة، سنكتشف ان شبابنا طاقة خلاقة في البناء والمسؤولية اذا ما راهنّا عليه فعلا ولم نتعامل معه كقاصر لتأثيث اجتماعات الهتاف والتصفيق او ككائن سطحي تستوعبه بطولة شيقة في الكرة او حفل غنائي راقص.
من خرّب اليوم قد وقع في الخطيئة التي تستوجب الردع القانوني لكن المشكلة في من تتهيأ له الظروف ليخرب غدا.
من أجل هؤلاء ينبغي ان نفكر بجدية في استراتيجية جديدة لمخاطبة وتأطير الشباب، في استراتيجية جديدة لصياغة حلم اكبر من جمعية رياضية واكثر حرارة من الكمبيوتر والعلاقات الرقمية.
كفى ترددا… كفى تهميشا.. لنستمع اليهم، دعوهم يتكلمون وليتفتّح ألف منبر ومنبر.
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 20 سبتمبر 2007)
إثر انكشاف سلوك الاعتداء بواسطة خطاب التكفير عند أصوليينا التونسيين صار من الضروري سن قانون ضد التكفير.
عاهل المغرب يختار سياسيا مخضرما رئيسا للوزراء
الرباط (رويترز) – اختير السياسي المخضرم عباس الفاسي ليكون رئيس الوزراء التالي للمغرب يوم الاربعاء وهو يواجه تحديات خاصة بتفشي الفقر وتصاعد نشاط المتشددين الاسلاميين.
ويقول محللون سياسيون ان تعيين الفاسي يشير الى الاستمرارية. والسلطة في النهاية في يد الملك الذي يعد الرئيس التنفيذي للدولة وقائد الجيش والرمز الديني وله الكلمة النهائية في أمور السياسية.
وقال المحلل السياسي محمد ظريف « لا يمكننا ان نتحدث عن ابتعاد عن برنامج الحكومة القديمة. »
واضاف « الامر يتعلق بمدى فعالية تنفيذ الحكومة الجديدة للسياسة القائمة. »
وطبقت الحكومة السابقة التي تشغل موقعها منذ 2002 اصلاحات سياسية واقتصادية حذرة حيث خفضت الرواتب التي تدفعها الدولة وبدأت توسعات طموحة في الطرق والمواني والسياحة لجذب المزيد من المستثمرين من اوروبا المجاورة.
وكان الفاسي الذي اختاره الملك محمد السادس يشغل منصب وزير بلا حقيبة وزارية في الحكومة المنتهية ولايتها ويتولى المنصب بعد انتخابات برلمانية اتسمت بانخفاض نسبة الاقبال من الناخبين حيث لم تتجاوز 37 في المئة.
والفاسي زعيم حزب الاستقلال المحافظ الذي اصبح اكبر الاحزاب في مجلس النواب بعد انتخابات السابع من سبتمبر ايلول التي ابلى فيها حزب اسلامي بلاء حسنا.
يقع المغرب على مسافة اقل من 20 كليومترا من اوروبا الغربية ولكنه يحتل المركز 123 في مؤشر التنمية البشرية الذي تعده الامم المتحدة. والكثير من السكان يعتمدون على الزراعة المحدودة وهو وجود تحفه المخاطر في دولة شبه جافة في شمال افريقيا تحيط بها الصحراء.
والفقر متفش في المدن الشمالية المزدحمة حيث يعيش كثيرون في الاحياء العشوائية ويحاول آلاف الشباب كل عام الهجرة بصورة غير شرعية الى جنوب اوروبا. ودفع اليأس بعض شبان المغرب الى أحضان الجماعات الاسلامية المتطرفة العازمة على الاطاحة بالملكية وفرض حكم الشريعة الاسلامية من خلال العنف.
وأوجدت الحكومة وظائف في الصناعات النامية مثل السياحة ومراكز الاتصالات وبدأت هدم الاحياء الفقيرة وتعهدت بخفض الامية المتفشية.
ولكن محللين يقولون ان انخفاض نسبة الاقبال في الانتخابات تظهر ان الكثير من المغاربة ليس لديهم ثقة في السياسيين الذين ينظرون اليهم على انهم ليسوا على صلة بالواقع وعاجزون.
وفجر سبعة انتحاريين أنفسهم في العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء في مارس اذار وابريل نيسان مما أسفر عن مقتلهم وضابط في الشرطة. وهدد جناح القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي بشن مزيد من الهجمات في مختلف أرجاء المنطقة.
وستكون أول مهمة رئيسية للفاسي اقتراح تشكيلة وزارية لكي يقرها العاهل المغربي.
وقال الفاسي انه سيتمسك حرفيا بنصيحة وتوجيه العاهل المغربي حتى تكون في المغرب حكومة قادرة على مواجهة التحدي وحل المشاكل ولاسيما على المستوى الاجتماعي.
لعب حزب الاستقلال دورا محوريا في القتال من أجل الاستقلال عن فرنسا ولديه برنامج محافظ وطني يشمل التأييد القوي للوجود المغربي في منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها وايضا الهوية العربية للبلاد.
وجطو رجل أعمال سابق ليست له انتماءات سياسية. ودعا النشطاء في مجال الديمقراطية الى أن ينتمي من يحل محله الى الاحزاب التي حصلت على أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات.
وقال ظريف « الجميع يطالب بلعبة سياسية عقلانية وهذا يعني اعطاء هذه الوظيفة لزعيم أكبر حزب. »
وبمقدور عدة أحزاب الى حانب حزب الاستقلال الفوز بمناصب وزارية بما في ذلك حزب العدالة والتنمية الاسلامي المعتدل الذي صار القوة الثانية في مجلس النواب بعد الانتخابات.
وكانت الحكومة المنتهية ولايتها تشمل محافظين واشتراكيين وتكنوقراط عينهم الملك بصورة مباشرة. ومن بين هؤلاء وزير الداخلية القوي.
من توم فيفر
(المصدر: موقع سويس انفو (سويسرا) بتاريخ 19 سبتمبر 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
السلطات تبحث عن قناص تارجيست وتلفزيون سلا خارج دائرة الرقابة الحكومية
المغرب: الصحافة الالكترونية والجرائد المستقلة تزعج الأحزاب وأجهزة الدولة
الرباط ـ القدس العربي ـ من الطاهر الطويل:
شهد المغرب خلال السنين الأخيرة انتشار الجرائد المستقلة، التي تفوقت علي صحف احزاب الأغلبية والمعارضة، واصبحت تجتذب عشرات الآلاف من القراء يوميا، تتصدرها حاليا علي مستوي المبيعات صحيفة المساء
ويُرجع متتبعون نجاح هذه الجريدة ـ في جزء كبير منه ـ الي الشهرة التي يتوفر عليها مديرها العام الصحافي والشاعر رشيد نيني صاحب العمود الساخر شوف تشوف . واليوم صارت المساء الجريدة رقم واحد لدي القراء المغاربة، كما انها صارت العدو رقم واحد لدي بعض الأحزاب لاسيما الحكومية، بالنظر لجرأتها واسلوبها الانتقادي غير المهادن، ولا تخلو الصحف الحزبية من تعليقات وردود علي هذه الجريدة المشاكسة ، حسب وصف البعض.
ومؤخرا، حاولت مؤسسة إعلامية مقربة من دوائر القرار العليا إحداث جريدة مستقلة تتجاوز العثرات التي احاطت بجرائد المؤسسة نفسها الصحراء، لوماتان، لامانيانا ، فأصدرت صحيفة حملت اسم الصباحية ، غير انها سرعان ما قوبلت باحتجاج من لدن مالكي صحيفة أخري اسمها الصباح ، بحجة ان كل مشتقات هذا الاسم حكر عليهم، وهددوا باللجوء الي المحكمة والمطالبة بتعويضات مادية ما لم يتم سحب اسم الصباحية . ويتوقع مراقبون ان تحمل الأيام المقبلة مفاجآت اخري في عالم النشر بالمغرب، ما دامت كل صحيفة تحاول انتهاز النجاح الذي حصدته احدي رصيفاتها، وتعمل علي تقليدها شكلا او محتوي او هما معا.
وبجانب الصحافة المطبوعة هناك الصحافة الالكترونية، ابرزها التجربة التي يخوضها شابان مختصان في المعلوميات، اطلقا عليها اسم سلوان تي في ، وهو موقع يهتم بأخبار مدينة سلا المجاورة للعاصمة الرباط، غير انه أقدم خلال الشهور الأخيرة علي خطوة اكسبته شهرة واسعة، حيث صار اصحاب الموقع يقومون بتغطية بعض الأحداث السياسية والاجتماعية والفنية عن طريق كاميرا فيديو ويعملون علي بثها عبر موقعهم.
وكانت الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت قبل اسبوعين فرصة ذهبية لاولئك الشباب، اذ قاموا بنشر تصريحات وحوارات أجروها مع عدد من مسؤولي الأحزاب، بهدف عرض برامجهم الانتخابية، كما التقوا مواطنين لاستطلاع آرائهم في تلك الانتخابات.
احد المراقبين علّق علي هذا الموقع مازحا بالقول: انه التلفزيون الوحيد الذي لا يخضع لمراقبة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (جهاز حكومي يراقب مدي التزام القنوات التلفزيونية بالقوانين المنظمة لهذا القطاع).
واذا كان قناص بغداد اشتهر بتصيد قوافل الجنود الأمريكيين في العاصمة العراقية واصابة الكثيرين منهم في مقتل كما تدل علي ذلك أشرطة الفيديو المنتشرة عبر شبكة الإنترنت، فإن شخصا آخر في المغرب استلهم سيرة المقاوم العراقي المذكور، وأطلق علي نفسه اسم قناص تارجيست (إحالة علي قرية موجودة شرق المغرب)، حيث يعمل علي تصيد رجال الدرك، ويصوب نحوهم كاميراه عن بعد، ليقتنص الكثيرين منهم وهم يتسلمون الرشوة من سائقي عربات النقل في طرق الأرياف ومعابرها وحواجزها البعيدة.
أشرطة الفيديو التي يصورها هذا المغامر المغربي أصبحت تلقي إقبالا كبيرا من لدن زوار المواقع الإلكترونية، ويتم تداولها بشكل واسع ولافت للانتباه، لاسيما عبر موقع يوتيوب .
وبقدر ما خلقت تلك الأشرطة متنفسا للعديد من المواطنين لكونها ـ بتقديرهم ـ تفضح ممارسات الارتشاء المنتشرة في جهازي الدرك والأمن بالمغرب، بقدر ما تسببت في إزعاج السلطات التي صار كل همها هو البحث عن البطل المتخفي وراء الاسم المستعار المشار إليه.
هكذا صار الإنترنت يوظف للكشف عن بعض الاختلالات الموجودة في السلطة والمجتمع المغربيين، ويستفيد مستعملو الشبكة العنكبوتية ـ سواء كانوا هواة أم محترفين ـ من عدم خضوعها الي اية رقابة او قيود.
ومن بين المواقع التي أضحت تلقي اقبالا كبيرا موقع هيسبريس الذي يقدم نفسه كأول جريدة الكترونية بالمغرب تجدد باستمرار، واضافة الي طابعه الإخباري المتنوع، فإن من بين عوامل الجاذبية التي يتميز بها الموقع المذكور كونه لا يتردد في نشر تعليقات و فضائح تتعلق ببعض الفنانين والسياســـيين بالـــكلمة والصورة والـفيديو.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 20 سبتمبر 2007)
الظواهري يحث المسلمين على قتال أمريكا
دبي (رويترز) – دعا أيمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة المسلمين لقتال الولايات المتحدة وحلفائها في جميع أنحاء العالم في شريط فيديو جديد بث يوم الخميس بمناسبة الذكرى السادسة لهجمات 11 سبتمبر أيلول.
وقال الظواهري في الشريط « قفي يا أمة الاسلام مع أبنائك المجاهدين تحت راية النبي صلى الله عليه وسلم واحملي على راية بوش الصليبي المندحرة. »
وأضاف « واحملي السلاح مع المجاهدين وادعمي المجاهدين ودافعي عن المجاهدين ولا تروعك قوة أمريكا فقد كشفت الغزوتان المباركتان أنها قوة من حديد ونار بلا عقيدة ولا خلق ولا ثبات. »
ودعا الظواهري الذي أشاد بمعارك الجماعات المرتبطة بالقاعدة في أفغانستان وشمال أفريقيا والصومال والشيشان والعراق الباكستانيين للانتقام من مقتل رجل دين كان من المتعاطفين مع حركة طالبان في يوليو تموز.
وقال « فليعلم الجيش الباكستاني أن قتل عبد الرشيد غازي وطلابه وطالباته وهدم مسجده ومدرستيه قد لطخ تاريخ الجيش الباكستاني بالعار والخسة التي لا يغسلها الا الانتقام من قتلة عبد الرشيد وطلابه. »
وقتل ما لا يقل عن 75 من أنصار غازي في هجوم على مجمع المسجد الاحمر الذي يضم المسجد ومدرسة. وكان غازي وأنصاره من المتعاطفين من طالبان التي أطاحت بها قوات تقودها الولايات المتحدة من الحكم في أفغانستان أواخر عام 2001.
وهذا هو ثالث شريط لاحد زعماء القاعدة البارزين تصدره مؤسسة السحاب الجناح الاعلامي للتنظيم هذا الشهر بمناسبة ذكرى هجمات 11 سبتمبر على نيويورك وواشنطن التي قتل فيها قرابة ثلاثة الاف شخص.
وظهر زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في شريط فيديو يوم السابع من سبتمبر قال فيه ان الولايات المتحدة ضعيفة رغم قوتها الاقتصادية والعسكرية وذكر أن اعتناق الاسلام وحده هو الكفيل بانهاء الصراع.
وفي شريط صوتي صدر يوم 11 سبتمبر ايلول أشاد ابن لادن بمن وصفهم بالابطال التسعة عشر الذين نفذوا الهجمات وتلا وصية أحدهم.
وتبلغ مدة الشريط الاحدث للظواهري 80 دقيقة ويضم شرائط صوتية قديمة لابن لادن وتعليقات لمقاتلين من القاعدة ومحللين غربيين ومسؤولين. ويقدم الظواهري ما يبدو أنه تحليل جديد يوضح فيه كيف تلاقي الولايات المتحدة الهزيمة على يد المسلمين في جميع أنحاء العالم.
وقال الظواهري « إن ما يزعمونه أقوى قوة في التاريخ تنهزم اليوم أمام طلائع الجهاد المسلمة بعد ست سنوات من غزوتي نيويورك وواشنطن. »
وأضاف « وبدأ حلف الصليبيين يقاتل قتال اليائس… فيكثف من قصف المدنيين ليصرفهم عن تأييد طالبان. »
وبدأ الشريط بصورة لقمرة قيادة وما قال محللون انه شريط صوتي قديم لمحمد عطا قائد الخاطفين في هجمات 11 سبتمبر وهو يتحدث الى الركاب على متن الطائرة.
ويعتقد أن ابن لادن والظواهري يختبئان في المنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان وهي منطقة جبلية يتعذر الخوض فيها ووصفتها المخابرات الامريكية بأنها ملاذ امن للقاعدة وحلفائها من طالبان.
من لين نويهض
(المصدر: موقع سويس انفو (سويسرا) بتاريخ 19 سبتمبر 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
«الإخوان» يواجهون اتهامات أمريكية بمحاولة التخريب والتورط في قضية «الأرض المقدسة».. وإقامة الشريعة
كتب محمد عبدالخالق مساهل
تواجه جماعة الإخوان المسلمين، وتنظيمها الدولي، اتهامات بمحاولة تخريب الولايات المتحدة من الداخل، والسيطرة علي مؤسسات المجتمع المدني بهاوممارسة العنف، وذلك علي خلفية الدعوي القضائية المقامة ضد مؤسسة الأرض المقدسة الخيرية في الولايات المتحدة الأمريكية، بتهمة تورطها في أنشطة مشبوهة، من بينها تمويل الإرهابيين وغسل الأموال والتعاون مع الحركات المسلحة في المنطقة العربية والشرق الأوسط مثل حماس.
كشفت صحيفة «دالاس نيوز» الأمريكية، في عددها الصادر أمس الأول، عن وثيقة تعود إلي عام ١٩٩١، تم العثور عليها في منزل أحد المتورطين في قضية «الأرض المقدسة» بولاية فيرجينيا، مشيرة إلي أن الوثيقة تحدد أهداف الإخوان، القائمة علي ضرورة فهمهم بأن عملهم في أمريكا هو نوع من الجهاد الأكبر في سبيل إزالة وتدمير الحضارة الغربية من الداخل، وتخريب دارها البائسة بأيديهم وبأيدي المؤمنين حتي تزول ويسود دين الله علي جميع الأديان ويهيمن عليها.
ولفتت الصحيفة إلي أن الوثيقة تشترط للقيام بهذه العملية ضرورة إتقان فن «التحالف» وفن «الاستيعاب» ومبادئ «التعاون»، بينما تؤكد أن النجاح في إقامة قاعدة إسلامية قوية داخل الولايات المتحدة من شأنه أن يشكل أفضل دعم ومساعدة في سبيل إقامة الحكومة العالمية.
كما كشفت الصحيفة عن وثيقة أخري تعود إلي فترة الثمانينات، وتشمل مناقشات حول الحاجة إلي تأمين الجماعة من اختراق الصهاينة والماسونيين والمخابرات الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالية.
واستطلعت الصحيفة آراء عدد من الخبراء الأمريكيين والباحثين في شؤون الإرهاب، مذكرة أن المذكرات وشرائط الكاسيت والوثائق التي جري ترجمة كثير منها من اللغة العربية، تشمل خططا واستراتيجيات تفصيلية وضعها التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، والتي اعتبروها دليلا علي سعي المتطرفين إلي استبدال الشريعة الإسلامية بالدستور.
(المصدر: صحيفة « المصري اليوم » (يومية – مصر) الصادرة يوم 20 سبتمبر 2007)
بيرم التونسي.. والفكر الجديد
بقلم محمد عبدالهادى (*)
ما الأسباب التي تجعل مصر مستمرة في إنجاب علي محمد شحاته وأمثاله؟ هل هي أسباب جينية أم أسباب تتعلق بالقهر والفقر؟ أم هما السببان معًا؟!..وعلي محمد شحاتة مواطن مصري كان يعيش في الثلاثينيات من القرن الماضي، أراد أن يرقي نفسه ماديا واجتماعيا وطبقيا، فقرر أن يعمل خادمًا رخيصًا متطوعًا لدي السلطة.. وأبلغ المباحث عن مجموعة من الطلبة بتهمة التخطيط لقلب نظام الحكم.. وكادت وشايته تنجح، ويسجن المتهمون الأبرياء، الذين كان همهم الأول والأخير هو مصر، لولا أن وزارة الداخلية – وقتها – تأكدت من كذب بلاغه ومن أنه واش حقير، فاستحق أن يخَّلد بهذه الصفة قصيدة حملت اسمه نظمها بيرم التونسي ويقول فيها:
شوف محمد علي شحاتة الفتي العصري الفصيح..
بالطلاق يحلف تلاته إنه يعرف شيء صحيح..
قام وبَّلغ عن مؤامرة تجعل العامر خراب..
إن خسر يخسر مقامرة.. وإن كسب يصبح قارون..
كانت اليوم المشانق تشتغل لو صدقوك..
وإنت في النسوان تعانق بالفلوس لو صدقوك..
وعلي محمد شحاتة يتكرر في كل الأوقات والمراحل، لكن زاد أمثاله، وتعددت وشاياتهم منذ قرر الرئيس السادات بعد نصر أكتوبر ١٩٧٣، أن يكون هذا النصر هو آخر الانتصارات، وأن يكون الفساد والجهل هو الباب الملكي للترقي الوظيفي والمادي والطبقي في مصر، وأن يكون تولي المناصب في كل المواقع للأسوأ، فتم عزل ونفي أصحاب الكفاءات والخبرات وتصعيد معدومي الخبرة والموهبة الذين باتت وسيلتهم للثروة والمنصب هي الإيقاع بالشرفاء وقهرهم، وإقامة الاحتفالات بذبح الشرفاء والمبدعين قربانًا للصعود.
وعلي محمد شحاتة موجود في كل موقع… هل تذكرون مدرسًا اسمه حسن البياع – اسم علي مسمي – الذي أبلغ العام الماضي عن طفلة في عمر الزهور كتبت في كراسة امتحان اللغة العربية بمركز شبين بمحافظة الدقهلية، أن الرئيس الأمريكي جورج بوش مسؤول عن تدمير جهود التنمية في مصر.. فتقرر رسوبها، لولا تدخل الرئيس مبارك بنفسه وليس وزير التعليم يسري الجمل؟.. وهل تذكرون كيف تغلب الحس «الأمني» علي الفعل التربوي لدي ذاك الذي يدعي معلما؟.. هل تذكرون رئيس تحرير سابقا، لصحيفة قومية كانت شهرته أنه «يقلع وينزل» في معارك الحزب الوطني الحاكم دفاعًا عنه؟!
وعلي محمد شحاتة في الوسط الصحفي أرَّق الكاتب الكبير الراحل أحمد بهاء الدين في السبعينيات من القرن الماضي، فأبدي غضبه لوزير الداخلية آنذاك ممدوح سالم من كتبة التقارير والوشاة من أمثال شحاتة، فاعترف سالم بذلك وسأل أستاذنا إذا كان أحد من ذوي المؤهلات والكفاءات الصحفية علي استعداد للقيام بهذا الدور حتي تطمئن وزارة الداخلية إلي صدق تقاريره؟!…
ويبدو أن أمنية ممدوح سالم قد تحققت من باب واسع، وكأن أبواب السماء كانت مفتوحة له وللحزب الوطني والحكومة معًا.. فلم يعد الوشاة والخدم الرخيص من أصحاب المؤهلات فقط.. بل باتوا في خدمة كل صاحب سلطة ونفوذ وثروة.. والأدهي أن وشاياتهم لم تعد مكتومة في تقارير سرية بل أصبحت تقارير صحفية منشودة وبلاغات للنيابة وعرائض دعاوي.
.. إنه عصر علي محمد شحاتة.. عصر الفجاجة والصفاقة بدون حد أقصي، فشحاتة هو القضية.. وليس عادل حمودة ولا إبراهيم عيسي ولا وائل الإبراشي ولا عبدالحليم قنديل، ولا غيرهم حتي لا تزيغ الأبصار.
كيف نصدق رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف وأصحاب الفكر الجديد عندما يقولون إنهم يخططون لمصر عام ٢٠٥٠، وإن مصر ستكون دولة متقدمة عام٢٠٢٠… بينما يتركون علي محمد شحاتة يعيث في مصر فسادًا منذ الثلاثينيات من القرن الماضي، وربما قبل ذلك بكثير ويحتفلون معه بانتصاراته نيابة عنهم وبتوكيل منهم؟!
يا شعراء مصر.. يا شاعر الوطنيين الغلابة أحمد فؤاد نجم.. خلدوا علي محمد شحاتة «الجديد» .. الذي وشي بطفلة ثم بيت النية للصحفيين… تجريس علي محمد شحاتة فرض عين علي كل مصري.
وعلي محمد شحاته ستتوقف مصر عن إنجابه إذا قرر الرئيس أن لا صلة له به.. ياريت يا سيادة الرئيس متصدقش علي محمد شحاتة.
(*) كاتب مصري
(المصدر: صحيفة « المصري اليوم » (يومية – مصر) الصادرة يوم 19 سبتمبر 2007)
الرابط:http://www.almasry-alyoum.com/article.aspx?ArticleID=76577
أمة مهزومة.. ومناضلون كسرهم قهر الأنظمة
فخر الدين فياض (*)
ليس من السهل الكتابة عن رواية الأزهر الصحراوي، وهو الكاتب الذي حضر بقوة إلي العالم الروائي من خلال عمله الأول (وجهان لجثة واحدة) بحيث يكاد الأزهر في روايته هذه أن يشكل استثناءً بالنسبة للروائيين العرب: أن يبدأ من القمة في هذا الفن الجميل والغني والمعقد.
ليس في هذا القول أية مبالغة ـ حسب ظني ـ لكاتب استطاع أن ينجز (وجهان لجثة واحدة) وهي الرواية التي تمسك بالقاريء من تلابيبه، بحيث لا يستطيع التخلص منها، حتي وهو ينتهي من قراءة آخر جملة فيها، فإن طعم الرواية وطقسها يظلّ عابقاً داخل النفس طويلاً.
مع التأكيد أن القارئ حتي حين يختلف مع الأزهر من حيث الرؤية و الفهم و التطلع نحو الواقع و عبره نحو المستقبل الوطني و القومي فإن هذا القارئ سيتمسك بالرواية كعمل أدبي جميل لا يستطيع أن يأخذ منها موقفاً سلبياً بحيث تظل عملاً حراً مستقلاً مجرداً وبعيداً عن الأيديولوجيات و الشعارات و الأهداف.
ومن المهم بمكان التنويه إلي أن رواية (وجهان لجثة واحدة) قد نالت المركز الأول عن الأعمال الروائية في جائزة الشارقة للإبداع العربي في دورتها الأخيرة، وقد قامت دار (النايا) في سورية بطباعتها مؤخراً.
و إن كنت سأقتصر في الحديث علي عالم الرواية الفكري و السياسي فإني أحب أن أؤكد أن الرواية تمثل بناءً روائياً مدهشاً، بحيث تشعر أنها وصلت إلي حد الكمال من الناحية الفنية.
وليس من المبالغة ان نقول أن (وجهان لجثة واحدة) هي العمل الروائي الكبير الذي أتي بعد ربع قرن من رائعة (وليمة لأعشاب البحر) للروائي السوري حيدر حيدر، والروايتان تقتربان من الأعمال الملحمية الكبيرة في تاريخ الرواية العربية.
إلي الأصدقاء الذين فشلوا في تغيير أنفسهم.. قبل تغيير العالم !!
يبدأ الأزهر الصحراوي روايته متشائماً و بعد (366) صفحة حاول خلالها نبش الواقع و تعرية قوي الظلم و الاضطهاد من أنظمة و أجهزة مخابرات و حركات أصولية يصل إلي الخاتمة و قد وصل بتشاؤمه حد التخمة
ففي الإهداء نقرأ ما يلي:
( إلي أصدقائي الأعزاء..
الذين فشلوا في تغيير العالم.. و تغيير أنفسهم.
أهدي هذا العمل )
والأصدقاء هنا هم رفاق دربه داخل الحزب الشيوعي التونسي.. الذي حاول من خلال تسليط الضوء علي آليات عمله التنظيمية وأهدافه السياسية، أن يوضح أن تغيير العالم ليس عملاً بسيطاً أو ساذجاً أو صبيانياً، وليس تجريباً أو نقلاً أو استيراداً أو محاولة تفصيل الواقع علي (قد) النظرية..وأن العمل السياسي الحقيقي أبعد ما يكون عن (سرير بروكست) أو تغليف الواقع بغلالة حمراء لنري من خلاله أهدافنا وشعاراتنا البعيدة.
ليس الشيوعيون فحسب، وإنما هناك القوميون أيضاً وبساطتهم في معانقة إشكاليات الأمة، فضلاً عن قطيعتهم مع موضوعة الديموقراطية والحريات العامة، بوصفها إشكاليات مؤجلة، حتي تصل الرواية إلي التيارات الدينية السياسية التي تري الواقع من خلال رؤية ماضوية تعمل علي التغيير ضمن ما يسمي العودة إلي السلف الصالح، وهي محاولة فاشلة للهروب من إشكاليات العصر وضروراته.. إن لم تكن ضرباً من الفصام السياسي والفكري والمجتمعي.
هؤلاء أصدقاء الأزهر الصحراوي ـ علي ما يبدو ـ الذين لم يفشلوا في تغيير العالم فحسب وإنما فشلوا أيضاً في تغيير أنفسهم.
احتراق الطين
تبدأ الرواية بفصل يحمل عنوان ( احتراق الطين) تتحدث من خلاله الرواية عن تجربة الاعتقال السياسي والتعذيب الذي يتعرض له المعتقل داخل زنازين وأقبية الأجهزة الأمنية.. ورغم أنه موضوع طرق مرات ومرات في الرواية العربية، فمنذ رواية (البصقة) للروائي المصري رفعت السعيد، ورواية ( شرق المتوسط) للروائي السعودي عبد الرحمن منيف، وأعمال نبيل سليمان.. وفي القصة القصيرةكذلك (ابراهيم صموئيل نموذجاً) وغير ذلك، إلا أنه علي ما يبدو سيظل موضوعاً مفتوحاً يحمل من الدهشة والغرابة الكثير..
خصوصاً أن تلك الأجهزة في حالة تطور دائم لجبروتها وتطوير مستمر لوسائلها في القهر والتعذيب والإذلال والخروج عن معايير الإنسان وحقوقه نحو تشييئه والتعامل معه بمعايير حيوانية.يتعرض الأزهر الصحراوي ـ وهو السجين السياسي سابقاً والخارج منذ مدة ليست بعيدة من مصح نفسي ـ لشتي أنواع التعذيب والإذلال.. في سبيل أن يعترف بالجريمة المنسوبة إليه وهي الجريمة نفسها التي يواجه بها كل الناشطين ديموقراطياً وحقوقياً في العالم العربي: الإخلال بالأمن العام ومحاولة تغيير النظام بالقوة.
كانت جريمة المعتقل هي المشاركة في تظاهرة للتنديد بالاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وفضح المجازر الإسرائيلية داخل مخيمات المدنيين والعزل في غزة والضفة الغربية.. وتم اختطافه من المظاهرة إلي سجن للمخابرات.
الأزهر يصور الحالة النفسية للمعتقل داخل السجن بأنه وصل إلي الدرك الأسفل.. إزاء ما يتعرض له، بحيث لا يدع له شيئاً من الممانعة أو الرفض، إلي الحد الذي يتصوره القارئ أنه تحول إلي شخص فاقد لأي إحساس بعزته وكرامته.
وهو الموقف الذي يصدمنا ويطرح تساؤلاً تلقائياً: هل تعتبر هذه الأجهزة ـ بكل قسوتها وفاشيتها ربما ـ كلية القدرة، بحيث تستطيع تحويل هذا المعتقل ـ بكل ما يحمله من رفض ومعارضة وحلم بالتغييرـ من فرد إلي دودة لا حول لها ولا قوة ؟! ويبدو هذا الموقف واضحاً، حيث يقدمون للمعتقل وجبة عشاء ملوثة بالفضلات.. فلا يتورع عن أكلها! رغم أنه يستطيع ألا يتناول الطعام ويبقي علي قيد الحياة شأنه شأن من يضرب عن الطعام لأسابيع.
في هذا الفصل (احتراق الطين) يقرأ المرء عن وسائل التعذيب التي تمارس علي المعتقل السياسي بأشكال يعجز عن تخيلها بدءاً من الكي والحرق والتمزيق لأعضائه التناسلية وصولاً إلي الكلب الإنكليزي ( الهيب هاب) الذي اعتاد علي نكاح المعتقلين، مروراً بلعبة القط الأسود والجرذ داخل كيس ضيق كانواً قد أدخلوا جسد المعتقل فيه.. فضلاً عن جلب صورة أخت أو زوجة أو ابنة المعتقل وإيهامه أنهم اغتصبوها.. في سبيل تحطيم معنوياته بسلاح الأخلاق القائم علي العادات والتقاليد والمحرمات الدينية.
وقد يري المرء أن الإنسان حين يتعرض لكل هذه الأساليب، فمن الطبيعي أن يموت في داخله إحساسه بالرفض والمقاومة؟!
إلا أننا نري أن مهمة المثقف الأزلية والتي يجب عدم التنازل عنها، ليست فضح قبح الواقع فحسب وإنما التحريض علي مقاومته وتغييره. وهو الأمر الذي ابتعد عنه الأزهر الصحراوي بحيث فتح الباب علي مصراعيه نحو تبرير الاستكانة والتراجع.. وربما القبول بالذل واعتبار هذه الأنظمة أشبه بالقدر المكتوب علي هذه الشعوب.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!!
مدينة العكاكيز القصيرة
الفصل الثاني من الرواية وقد حمل عنوان (مدينة العكاكيز القصيرة) يعتبر من المقاطع الروائية العظيمة في عالم الرواية العربية.
هو وصف تجريدي ليس لواقع الشعب في تونس فحسب، وإنما لواقع الشعوب العربية عامة، وربما لواقع شعوب العالم الثالث قاطبة، وهي الشعوب التي تعيش تحت وطأة الاستبداد من جهة ووطأة الفقر والحاجة من جهة ثانية.
مدينة العكاكيز القصيرة، هي مدينة يتخيلها الأزهر الصحراوي لشعب رأي خلاصه الوحيد أن يحني ظهره ويطأطئ رأسه، ويلبس المرء السترة بالمقلوب بعد أن يحكم وضع النظارة السوداء علي عينيه ويتكئ علي عكاز قصير بحيث يظل ظهره محنياً نحو الأرض دائماً.. وأبداً !!
هو الحل لمواجهة الرياح العاتية التي ضربت المدينة ذات يوم، فاقتلعت البشر الذين يرفعون رؤوسهم وصدورهم.. بينما نجي من شرها من طأطأ رأسه وحني ظهره.. وبالتالي فلا حل أمامنا إلا بالظهر المحني علي عكاز قصير. هو توصيف تجريدي لحال الأمة وشعوبها.. والرياح العاتية تبدو عند الأزهر الصحراوي هي الأنظمة المستبدة وأساليبها.. وربما تبدو القوي العالمية وعلي رأسها أميركا التي تجتاح العالم ليس بالسيطرة السياسية والهيمنة الاقتصادية فحسب، وإنما عن طريق الغزو والاحتلال التقليدي أيضاً.
في مدينة العكاكيز القصيرة، حاكم يري خلاصه وخلاص نظامه في هذا الاختراع المدهش: عكاز قصير ونظارة سوداء وسترة تلبس بالمقلوب!!
وبالتالي دعم الحاكم هذا الاختراع وعممه وحماه بالدستور والقوانين النافذة!!
هل حقاً تحولت مدننا إلي مدن للعكاكيز القصيرة؟! هو سؤال لا بد أن يسأله القارئ وهو يختم هذا المقطع الروائي الجميل الذي سيظل درساً هاماً في العمل الروائي الحقيقي.
ســــارق الانتمـــــاء
في مقطع الرواية الثالث يعود الأزهر بالذاكرة نحو البدايات، الطفولة، الأم والأب، القرية الفقيرة والبسيطة حيث حدود العالم لا تتعدي حدود الضيع القريبة، عالم حافل بالطيبة والخير إلي جانب الجهل والإهمال.. وشيوع الخرافة والإيمان بالغيبيات والمعجزات..لكنه مع ذلك ـ أي العالم ـ حافل أيضاً بالحلم والسر.. وربما التغيير أيضاً.
في طفولته يتعرف مصادفة علي الكتب الحمراء، تستهويه الأفكار والنوايا الطيبة لتغيير العالم نحو عدالة اجتماعية ـ اقتصادية تختلف كلياً عما يعيشه الناس آنذاك، ربما لم تقدم له تلك الكتب منظومة فكرية أو سياسية، ولكنها زرعت في داخله بذور النقمة علي الطغاة والمستغلين من جهة، وبذور الحب والانتماء للكادحين والفقراء ومعانقة قضاياهم وإشكالياتهم من جهة أخري.
في هذا المقطع يبين الأزهر بساطة الرؤية والتصور عند الشيوعيين الذين يجوبون تلك القري النائية بأفكار ووسائل تحريضية تبدو بعيدة عن فهم الناس ووعيهم، بحيث يبدو هذا السياسي الداعي إلي التغيير أشبه بمن يغني في الطاحونة.. فلا الآخرون يستمعون إليه ولا هو يسمعهم!!
إلا أن الأزهر لا يشكك بنوايا هؤلاء وتفانيهم إزاء الناس وإشكالياتهم من خلال حكاية معلم المدرسة (عمار)الذي يعيد بناء مدرسة القرية بعد أن هدمها الطوفان ويتابع العملية التدريسية لأطفال الضيعة ولكافة المستويات التعليمية رافضاً أن يأخذ أي أجر مقابل عمله.
تورط جميل وكفاحي ـ كفاحهم
يتابع الأزهر سرده الروائي الجميل في هذين المقطعين،ليتحدث عن مرحلة التعليم الثانوي والنضالات الحزبية بين الطلاب دون أن يغيب عن ذاك السرد الخلافات المستمرة مع التيارات الأصولية.. وقد حوي هذان المقطعان الكثير من المفارقات الواقعية التي تعبر في كثير من الأحيان عن لا معقولية الواقع التي تتجاوز حدود الجدل والمعقول والمنطق..
لكن الملاحظة الهامة في هذا السياق أن ما كان يعيشه المغرب العربي آنذاك يكاد يتطابق مع سيرورة المشرق العربي، وهو الأمر الذي يبدو طبيعياً بالنسبة لشعب يحمل الموروث نفسه ويتعرض للثقافات المحلية والعالمية نفسها.. إن ما قدمه الأزهر الصحراوي عن مدارس تونس آنذاك لا يختلف عن مدارس القاهرة ودمشق وبغداد.. وهو الأمر الذي يجعل المرء في المشرق يقرأ تاريخه المحلي من خلال الرواية، رغماً عن بعض التفاصيل المختلفة هنا أو هناك. من ناحية ثانية، تبدو سيرورة الأحزاب الشيوعية العربية متماثلة في إخفاقاتها وانتصاراتها، ومتماثلة علي ما يبدو في حالة الفصام السياسي في رؤية الواقع العربي ـ الإسلامي وكيفية التأثير به.
انحــــدارات شتّــــــي
يخصص الأزهر الفصل الأخير من الرواية إلي ما بعد السجن، فالمعتقل يخرج بعد سنتين من السجن، يخشي الحرية ويخاف الناس إلي الحد الذي تنتابه الرغبة لأن يطلب من مدير السجن البقاء..سجيناً!!
يلخص الأزهر في المقطع التالي حالة المعتقل النفسية وانكساره الكلي بعد تجربة السجن: كنت خلال هذه المدة ـ فترة السجن ـ التي قضيتها هناك كالمقطوع من شجرة، تجاهلني أقاربي وتناساني الرفاق وحاولت أنا بدوري لحظة خروجي نسيان الجميع بل احتقارهم وأفرغت ذاكرتي منهم جميعاً وقلت لنفسي مواسياً: هذه محنتك وحدك فلتعشها كما يجب..هذا السجن دخلته وهذا العذاب تحملته وهذا المستقبل الذي كنت تحلم به لم يبق منه سوي سواد رماده.. عايش محنتك أيها البدوي وكن لها خير عشير.
تماماً ما عاشه الأزهر بعد السجن هو عبارة عن رماد ومحنة وهزيمة حتي نقي العظام.. بحيث لم يبق من المناضل شيء يذكر.
تدبر عملاً في غسل الموتي مع امرأة قبيحة ونصف مجنونة.. ولهذا دلالة رمزية في غاية الأهمية بحيث حاول الأزهر تصوير واقع قوي الممانعة والرفض في العالم العربي أشبه بواقع غسل الموتي ووضع القطن في فتحات جسدهم ليس إلا !!
الأمة ( أو الشعب) هناك من يقتلها يومياً والحلم الكبير بالتغيير والعدالة تحول إلي جثة..ولا دور لمناضل مهزوم إلا تنظيف تلك الجثة وتلميعها.. قبل إرسالها إلي التراب.
قلت آنفاً، إن الرواية بدأت بإهداء متشائم ووصلت في خاتمتها إلي التشاؤم حد التخمة وهو ما يتضح في المقطع الأخير بعد أن تصل به الحال إلي ضرورة الزواج من تلك المرأة القبيحة الصلعاء نصف المجنونة التي تغسل الموتي معه:
قادتني قدماي إلي ساحة مقر اتحاد العمال، فسمعت هناك مجموعة تتجادل بانفعال وحماس، فهذا يقول: الضم حركة تصحيحية يعيد الصبي إلي أمه والفرع إلي أصله والصوت الآخر يقول: باختصار شديد أنت مع الضم، فأنت مع العراق والأمة والتاريخ، أنت ضد الضم فأنت ضد العراق والأمة والتاريخ . وسمعت آخرين يقولون بفرح وإعجاب: أربع ساعات فقط..بلعها في أربع ساعات فقط.. هل هذه نزهة أم حرب؟ .
انشغلت بجدالهم ونسيت نفسي ومكثت أتساءل قائلاً: عن أية حرب يتحدثون؛ أية حرب هذه التي اندلعت أخيراً ودامت أربع ساعات ؟ تماماً وهو المعتقل قبل ثلاث سنوات بتهمة المشاركة في مظاهرة لمساندة الشعب الفلسطيني.. يصل بعد سنة تقريباً من خروجه من ذاك المعتقل ليكتشف بالمصادفة أن هناك حرباً ستغير وجه المنطقة العربية.. وربما غيرته، تدور رحاها في الخليج العربي.
وهنا يبدو المعتقل مهزوماً ومنكسراً ولم يعد له أية علاقة بما يحدث في هذا العالم الذي حلم يوماً ما بتغييره!!
(*) كاتب وصحافي من سورية
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 20 سبتمبر 2007)
أمريكا في العراق: من إخفاق المشروع الي الاحتلال طويل المدي
د. بشير موسي نافع (*)
طبقاً لتقرير وكالة متخصصة نشرته الأوبزرفر البريطانية يوم الأحد الماضي، السابع عشر من هذا الشهر، فإن عدد الضحايا العراقيين الذي سقطوا منذ بداية الغزو الأمريكي للعراق يقدر الآن بمليون ومئتي ألف. الضحايا المدنيون هم بلا شك العامل المسكوت عنه في الحرب الدائرة علي أرض العراق منذ أربعة أعوام ونصف العام. فتقرير الجنرال بترايوس والسفير كوكر، مثلاً، الذي سيطر علي جدل الحرب والخطط الأمريكية لمعالجتها خلال الأسبوعين الماضيين، لم يشر مجرد إشارة الي الضحايا العراقيين، وكأن هؤلاء لا مكان لهم في التقدير الاستراتيجي الأمريكي للوضع العراقي. ولكن هذا هو جانب واحد فقط في كشف حسابات الفشل والنجاح.
الإنجازات الوحيدة التي سلط عليها تقرير بترايوس ـ كروكر الضوء، والتي يمكن الإقرار بها بالفعل، هي تلك المتعلقة بتراجع نسبي في معدلات ضحايا الصراع الطائفي، لاسيما في بغداد الكبري، وبانقلاب عشائري في محافظة الأنبار علي تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، أدي الي إضعاف ملموس للقاعدة في المحافظة. بغير ذلك، فالمشهد الأمريكي في العراق هو مشهد فشل لا جدال فيه. العملية السياسية، المصطلح الإمبريالي الجديد لإعادة بناء الدول الواقعة تحت السيطرة الأجنبية، وصلت الي حائط مسدود. فبعد انسحاب كتلة التيار الصدري الشيعية من الحكومة، جاء انسحاب كتلة التوافق السنية، والكتلة العراقية ذات التوجه العلماني. ولم يكد المسؤولان الأمريكيان الكبيران ينتهيان من تقديم تقريرهما للجان الكونغرس المختصة حتي أعلن الصدريون انسحابهم من التحالف الشيعي، الذي يشكل ركيزة الحكومة الحالية. وقد جاء انسحاب الصدريين من التحالف الشيعي بعد انسحاب حزب الفضيلة من التحالف ذاته قبل شهور. ما قام به المالكي وحلفاؤه في جماعة الحكيم من تأسيس تفاهم رباعي قلق في الشهر الماضي مع الحزبين الكرديين، ربما ساعد علي ضمان الحد البرلماني الأدني لحكومة المالكي، مقابل الإسراع في تنفيذ المطالب الكردية في كركوك ومحاصصة الثروة النفطية، ولكنه في المقابل أسرع من عملية التشظي السياسي التي يعيشها العراق المحتل. التفاهم الرباعي كان في جوهره تحرك اليائسين، أكثر منه خطوة الانفراج الكبري لمرحلة سياسية جديدة، كما حاول عرابوه تصويره.
التشظي السياسي هو كلمة السر في عراق اليوم. فالتوافق السنية، بالرغم من اتفاقها علي الخروج من الحكومة، لم تستطع إقناع وزير من وزرائها بالبقاء خارج الحكم. وفي حين تقوم جبهة التوافق بدور تمثيل السنة العرب والدفاع عن مصالحهم، تشن حرباً شعواء علي هيئة العلماء المسلمين، وتعجز عن استيعاب الكتلة النيابية الصغيرة التي يقودها صالح المطلق. أما علي الجانب الشيعي، فالأمور أسوأ بكثير. التحالف الشيعي، الذي شكل بمباركة من علماء النجف ليقود الدولة الجديدة باسم الطائفة، عاد الي ما كان عليه أصلاً: كتل متصارعة علي المال والثروة والنفوذ والمواقع الأمنية والعسكرية.
الإنجازات الأمنية المدعاة في بغداد والأنبار يقابلها اندلاع حرب حقيقية، من صدام الميليشيات والاغتيالات، في المحافظات الجنوبية، يخوضها الكل ضد الكل، ويصعب فيها فرز جماعة بدر عن جيش المهدي، والأخيرين عن المنشقين عنهم، وهؤلاء عن مسلحي الفضيلة أو المجموعات الأصغر المرتبطة بهذه الجهة أو تلك، أو التي تسعي لتحقيق مكاسب خاصة. ولا تدور هذه الحرب في الديوانية والرميثة والعمارة والبصرة وحسب، بل وتدور علي حصص النفط المنهوب، علي طرق التهريب من والي إيران، وللسيطرة علي أوقاف وهبات المقامات الشيعية في النجف وكربلاء. وحتي في المنطقة الكردية، التي يسيطر عليها الإقطاع السياسي الذي يقوده البارزاني والطالباني بيد من حديد، ثمة شواهد متزايدة علي أن الشعب الكردي ضاق ذرعاً بالحزبين المهيمنين وبات يسعي بالفعل للتعبير عن نفسه في لغة وأشكال جديدة ومختلفة.
بيد إن الإنجازين الرئيسيين اللذين بني عليهما بترايوس وكروكر تقريرهما يحتاجان أيضاً لبعض التأمل. تراجع أعداد القتلي من المدنيين هو حقيقة لا جدال فيها؛ ولكن السؤال لابد أن يكون الي أي حد، ولماذا، وبأي تكلفة. الأرقام شبه الرسمية، الصادرة عن الوزارات العراقية (وهي بالمناسبة أقل بكثير من الأرقام الحقيقية) تشير الي تراجع معدلات الضحايا شهرياً عن الفترة خلال نهاية العام الماضي وبداية هذا العام. ولكن الأرقام الحالية تتطابق مع معدلات الضحايا المدنيين خلال 2005، العام الذي شهد الانهيار الكامل والملموس للمشروع الأمريكي في العراق في صيغته المبكرة. الضحايا العراقيون جراء العمليات العسكرية للقوات الأمريكية وقوات النظام العراقي هي في ازدياد، وكذلك هي أعداد ضحايا اشتباكات الميليشيات المختلفة. أما أعداد المعتقلين العراقيين فقد تجاوزت الستين ألفاً، لتصل الي مستويات غير مسبوقة في مسيرة الاحتلال، بل وتاريخ أي احتلال إمبريالي سابق. ما حدث في بغداد علي وجه الخصوص هو تطور يشير الي الحلقة المفرغة التي يدور فيها نظام الاحتلال. فقد صاحب تراجع العنف الطائفي، ونجم عنه، تقسيم المدينة الي أحياء منفصلة كلية عن بعضها البعض، سواء بوصول التطهير الطائفي الي نتائجه الأخيرة، أو بفعل عدد متزايد من الأسوار العازلة التي حولت العاصمة العراقية التاريخية الي فضاءات جغرافية محدودة، تودي مغامرة الخروج منها في الكثير من الأحيان الي الموت. كما تعيش دولة ما بعد الغزو والاحتلال سجينة المنطقة الخضراء، بات سكان العاصمة العراقية يعيشون سجناء أحيائهم المطهرة طائفياً. وفوق ذلك كله، فإن الإنجاز الأمني في بغداد وجوارها لا يمكن أن تدعيه قوات الاحتلال ووحدات أمن النظام؛ فالواقع أن أمن الكثير من أحياء بغداد قد عهد به الي الأهالي أنفسهم، الذين اضطرت إدارة الاحتلال الي تسليحهم من جديد، بعد أن قضت سنوات الاحتلال الأولي تحاول نزع سلاحهم.
وهذا ما يأخذنا الي الأنبار، والمناطق الأخري التي يجري الآن محاولة نسخ التجربة الأنبارية فيها، مثل سامراء وديالي. فما شهدته المحافظة التي تشكل ثلث مساحة العراق خلال العام الماضي، وهي التي سجل فيها انطلاق المقاومة العراقية للاحتلال، لم تكن له علاقة أصلاً بخطة وتصور أمريكيين استراتيجيين. فمنذ أن أطلقت القاعدة مشروع دولة العراق الإسلامية الجنوني، وضعت نفسها تلقائياً في صدام مع العشائر وتقاليدها. أعطت القاعدة لنفسها شرعية النطق باسم الدين، واعتدت علي أرواح الناس وممتلكاتهم وحرماتهم ومصادر عيشهم. وكان طبيعياً بالتالي أن تنتفض العشائر في وجه القاعدة، لاسيما بعد أن اتسع نطاق الهوة الفاصلة بين القاعديين وقوي المقاومة الأخري. وفي كثير من الحالات، وجدت عناصر المقاومة نفسها تقاتل في صف العشائر ما أصبح استبداداً أهوج ومشروعاً يحمل في طياته تبرير ما تسعي إليه جماعة الحكيم من تقسيم للبلاد. الأمريكيون جاءوا متأخرين نسبياً الي هذا المشهد، وامتطوا، في لحظة يأس وقنوط بالغين، حصان عشائر الأنبار، وهم يجيرون اليوم نجاح هذه العشائر النسبي لصالحهم. والمشكلة في هذا الوضع ليست في قيام القاعدة باغتيال الشخصية الرئيسية وراء تصدي العشائر للقاعدة بينما بترايوس وكروكر يقدمان تقريرهما للرأي العام الأمريكي، ولا في أن ثلث الخسائر الأمريكية في العراق يقع حتي اليوم في الأنبار، ولا في أن الصراع بين العشائر والقاعدة لا علاقة له بقوي المقاومة الأخري، ولكن أصلاً فيما سيترتب علي التسليح واسع النطاق لقوي عشائرية علي المدي البعيد، سواء بالنسبة للاحتلال نفسه أو بالنسبة للنظام الذي ولد من رحم الاحتلال.
بيد أن من الضروري الاعتراف بأن تقرير بترايوس ـ كروكر يمثل نجاحاً فعلياً لإدارة بوش. وربما تنبغي الإشارة، علي أية حال، الي أن اللغة التي استخدمها السفير كروكر في دفاعه عن التقرير تختلف الي حد ملموس عن تلك التي استخدمها الجنرال بتريوس. فالسفير الذي يعرف المنطقة العربية جيداً، لغة وثقافة وبحكم التجربة الطويلة، والذي سبق أن عارض الحرب علي العراق، أوضح بما يكفي أنه لا يتوقع نصراً في العراق، وأن أقصي ما يمكن السعي الي تحقيقه هو إقامة نوع أولي من الاستقرار. الأهداف الكبري التي أسس عليها مشروع الغزو والاحتلال هي في عرف كروكر مستحيلة التحقق. ومع ذلك، فقد نقل التقرير الجدل بين الإدارة ومعارضيها في الكونغرس من نطاق القضايا الكلية المتعلقة بجدوي الاحتلال وإخفاق المشروع الأمريكي في العراق الي دائرة التكتيكات الصغيرة المتعلقة بهذا الإجراء أو ذاك. وبإعلان الرئيس عن بدء خفض ضئيل وبطيء في تعداد القوات الأمريكية، ربما يكون نجح أيضاً في إيقاف تسرب أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الجمهوريين من معسكر الموالاة الي المعارضة. ليس ثمة أدلة علي أن الرأي العام الأمريكي ابتلع طعم تقرير بترايوس – كروكر وبيانات إدارة الرئيس بوش الابن الموازية، ولكن الأكثرية الديمقراطية في الكونغرس أصبحت أقل قدرة علي إحراج الإدارة والتضييق علي سياساتها. فما الذي يعنيه هذا التطور للوجود الأمريكي في العراق؟
منذ بداية الاحتلال، لاسيما بعد أن تحقق إخفاق المحتلين في القضاء علي المقاومة العراقية، والقطاع الأكبر من المراقبين يؤكد علي اختلاف الحرب في العراق عن التجربة الأمريكية في فيتنام. مسائل الاختلاف أصبحت مكررة: أن الجيش الأمريكي الحالي هو جيش من المحترفين، وليس كما كان عليه الحال من غلبة المجندين في فيتنام؛ أن عبء الخسائر البشرية والمادية في العراق لم يصل بعد الي مستوي لا يمكن احتماله؛ إضافة الي افتقاد القوي المسلحة في العراق، لا سيما المحسوبة علي المقاومة السنية العربية، دعماً دولياً وإقليمياً مثل الدعم السوفييتي ـ الصيني للفيتناميين الشماليين. هذا كله، بهذه الدرجة أو تلك، صحيح. ولكن العراق يستدعي فيتنام بطريقة أخري. الإدارة الأمريكية الحالية لن تنسحب من العراق، وهي تخطط لوجود عسكري طويل المدي فيه. وليس ثمة ضمانة لأن يتغير جوهر هذه السياسة سريعاً في ظل الإدارة الأمريكية القادمة بعد خمسة عشر شهراً، جمهورية كانت أم ديمقراطية. ولكن الإدارة، بخلاف ما حاول تقرير بترايوس ـ كروكر قوله، تدرك أنها تواجه وضعاً أمنياً وسياسياً متدهوراً في العراق، وأن إنجازاتها المحدودة قد لا يمكن المحافظة عليها علي أية حال.
الخشية الهائلة من العواقب الاستراتيجية لقرار الانسحاب من العراق، من ناحية، والعجز عن تحقيق أهداف الاحتلال، من ناحية أخري، قد يؤديان الي واحد من طريقين: الأول، هو الاعتراف بتعقيدات الوضع العراقي وأن الفشل والإخفاق نجما عن مشروع الغزو والاحتلال نفسه، وعن مجمل السياسات التي اعتمدت لإعادة بناء العراق علي أسس طائفية وإثنية، ومن ثم التعامل بعقلانية مع واقع الفشل والإخفاق ومع القوي المعارضة للاحتلال. والثاني، هو التصميم علي المسار الحالي، ومحاولة تأبيد الوجود الأمريكي في العراق بتوسيع نطاق الحرب والموت والدمار في العراق وجواره، تماماً كما حدث في فيتنام. في هذه الحالة ستكون الإدارة الأمريكية في طريقها الي تحويل اخفاقها في العراق الي حرب طويلة مع العرب والمسلمين، بكل في ذلك من عواقب علي مستقبل شعوب المنطقة والعالم، وعلي مستقبل تدافعات القوي الدولية الكبري.
(*) باحث عربي في التاريخ الحديث
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 20 سبتمبر 2007)
برنامج جماعة .. أم حزب الإخوان المسلمين
بقلم د.عمرو الشوبكى (*)
بعد فترة طويلة من الجدل والانتظار ظهر برنامج جماعة الإخوان المسلمين في صورته النهائية، وأرسل إلي حوالي ٥٠ مفكرًا وكاتبًا وباحثًا، بعد أن اعتمده مكتب الإرشاد، ليحافظ الإخوان علي تقاليد غابت عن كثير من القوي السياسية، تتمثل في التواصل مع جانب من النخبة، والحرص علي التحرك بشكل مؤسسي ومنظم، في ظل حالة الفوضي والعشوائية التي تكتنف كل شيء في مصر، بدءًا من مرور شهر رمضان الكريم، وانتهاء بكل الكيانات والتنظيمات السياسية.
وربما يساعد طرح هذا البرنامج علي استعادة بعض تقاليد الحوار داخل النخبة المصرية، خاصة بعد الثرثرة التي دارت حول قيام الجماعة بدعوة بعض الخبراء لكتابة أجزاء من برنامجه، وهو أمر يعكس عدم فهم لطبيعة عمل الجماعة، التي قد تنفتح علي كتاب وسياسيين من خارجها، وفق شروطها وقواعدها هي، فتتحاور معهم وتستمتع إليهم وربما تأخذ ببعض نصائحهم، لكن حين يتعلق الأمر بكتابة برنامج أو بيان يخرج عليه اسم الجماعة، هنا لا مكان لأحد من خارجها في صياغته، أو حتي مجرد الاطلاع عليه.
ولذا فإن تجربة طرح « القراءة الأولي لبرنامج الإخوان » للمناقشة، ستمثل فرصة حقيقية لإعادة الاعتبار مرة أخري إلي « مساحة الوسط »، التي اعتادت أن تجتهد وفق ما يمليه عليها ضميرها وقناعتها، وتثري الساحة السياسية بحوار وجدل يناقش الأفكار والرؤي والاجتهادات بعيدا عن الإشاعات، أو التسطيح والاستسهال، أو تنفيذ الإملاءات الأمنية، فكل هذا سيبقي معنا في العهد الحالي، وسيبقي جانب منه في ظل الديمقراطية، ولكن الأساس هو في الحفاظ علي «عافية الوسط» أوالـ »Main stream« ، فهو الذي يمكنه أن يحيي أو يستعيد تقاليد الجدل العام، حتي لو بقي معه تجمعات الهامش.
ورغم تقديري وشكري للجماعة علي القيام بهذه الخطوة، ولمساهمتها في استعاده جدل الأفكار والرؤي في مصر، فإن هذا البرنامج كان صادما لي ولكثيرين ممن حصلوا عليه، واختلفوا مع الجماعة ولم يعادوها، ويمكن اعتباره هو الأسوأ في تاريخ الجماعة مقارنة حتي ببرامجها الانتخابية المختلفة، خاصة ما قدمته في انتخابات ٢٠٠٥.
والمؤكد أن أي قارئ من خارج الجماعة لهذا البرنامج، سيكتشف فورًا، أن هناك أكثر من يد أو بالأحري أكثر من رؤية قد صاغته، وأن بصمة التيار الديني / الدعوي كانت العليا، وفرضت فهمها لأمور الدنيا والدين معا.
وإذا قارنا هذا البرنامج بالنسخ الأولي التي تسرب بعضها إلي الصحف، ونشرت إحداها المصري اليوم، أو تلك التي عرضها موقع إسلام أون لاين، سنجد أن لغتها السياسية كانت أكثر وضوحًا من النسخة الأخيرة التي بين أيدينا، وبدا «التيار السياسي» داخل الجماعة، وكأنه صاغ النسخة الأولي، وأن التيار الدعوي المسيطر أضاف فقرات دينية، كثير منها في غير محلها علي نسخة البرنامج الأصلي، بصورة بدت في بعض الأحيان وكأنها عملية قص ولصق، حتي يكون لكلمة الإسلام والفقه الإسلامي حضور ولو في غير موضعها، ولمعالجة قضايا جزئية ومتغيرة لا يجب أن يكون للمقدس فيها مكان.
ومن هنا كان من المتوقع أن نري تحليلاً نظريا عميقًا في مقدمة البرنامج، أو في بابه الأول الذي جاء تحت عنوان «مبادئ وتوجهات الحزب»، حول طبيعة المساهمة التي يمكن أن يضيفها حزب سياسي ذو مرجعية إسلامية إلي الحياة السياسية المصرية والعربية، ولكنه للأسف جاء باهتا ويكرر عموميات لا تمثل أي إضافة لا فكرية ولا سياسية، فحين تقول: إن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع كما جاء في الدستور، أو إن الشوري هي جوهر الديمقراطية ،أو إن الإصلاح السياسي والدستوري هو نقطه الانطلاق الأولي، والمواطن هدف التنمية الأول، فهل في هذا أي جديد، وهل هذا مكانه الأسس والمنطلقات؟؟.
ولأن البرنامج انشغل بوضع الديني في غير محله وأقحمه في قضايا جزئية وتفصيلية لا يجب أن يدخل فيها، فغاب حين كان يجب استدعاؤه بمعناه الفلسفي والنظري، وتحديدًا في المقدمة وفي الباب الأول، ولم يبذل أي جهد من أجل الاستفادة من اجتهادات مفكرين إسلاميين كبار: مثل يوسف القرضاوي وطارق البشري وفهمي هويدي وسليم العوا في توضيح دلالة أن يكون هناك حزب ذو مرجعية إسلامية، وما الإضافة أو نقاط التمايز التي ستفرقه عن الأحزاب الأخري ذات المرجعية غير الإسلامية.
وبدلاً من ذلك انشغل البرنامج بإقحام الدين فيما يعرف في علم السياسية، بمجال السياسات العامة، أي كل ما هو يتعلق بترجمة الأفكار السياسية علي أرض الواقع، في مجالات كالصحة والتعليم والسكن، والمواصلات وغيرها، وهو الجانب المتغير في السياسة، لأنه لا ينتمي إلي الخيارات الفكرية التي تتغير بدورها ولكن ببطء، فنري عناوين من نوع «المنهج الإسلامي في مكافحة الجريمة»، ونجد أمثله ضربت في هذا السياق في غاية السذاجة، ولا يمكن بأي حال اعتبارها منهجًا «إنما يمكن النظر إليها باعتبارها قيماً أو مبادئ يمكن الاستفادة منها حين يتم صياغة قواعد قانونية حديثة لمكافحة الجريمة، قابلة للخطأ والصواب والتغيير، أما الدين فهو غير قابل للخطأ والصواب والتغيير».
أما النقطة الأخري فيمكن اعتبارها تمثل تراجعًا واضحًا عن الخطاب المعلن الذي طرحه كثيرون من قادة الجماعة، حين أكدوا أن المحكمة الدستورية العليا هي التي من شأنها فقط أن تحسم دستورية القوانين ومدي مطابقتها للمادة الثانية من الدستور، وليس هيئة كبار العلماء المنتخبة كما جاء في صفحة ١٢ من برنامج جماعة الإخوان.
إن هذا الطرح بوجود هيئة دينية مهمتها مراقبة القوانين الصادرة عن مجلس الشعب ورئيس الجمهورية تمثل انتكاسة حقيقية في خطاب الإخوان، و يضع أساسًا لدولة دينية تتناقض ليس فقط مع تقاليد الدولة المدنية المصرية، إنما مع التراث المدني الذي صنعه الإخوان أنفسهم علي مدار ربع قرن والدور النشط والفعال الذي لعبوه في الحياة السياسية وتحت قبة البرلمان وفي داخل النقابات المهنية، ليعودوا مرة أخري ويتحدثوا بشكل صريح عن دولة دينية تساهم في وضع قوانينها هيئة من كبار العلماء.
ولا أعرف من أين سيأتون بعد الانهيار الذي أصاب الأزهر ورجال الدين، بعلماء حقيقيين مثل القرضاوي أو الراحل محمد الغزالي، حتي يمكن أن نقول إن هناك علي أفضل تقدير من يصلح لأن يشكل هيئة استشارية أو دعوية، تنصح المؤسسات السياسية، لا أن تراقبها.
من المؤكد أن برنامج الإخوان ليس برنامج حزب سياسي إنما هو برنامج جماعة دينية، وأن المعضلة التي نتحدث عنها منذ سنوات في ضرورة الفصل الكامل بين الجماعة الدينية والحزب السياسي لا بديل عنها لإصلاح الإخوان، ولأن النظام السياسي لن يشجع الإخوان علي التطور بل ربما سيعاقبهم علي ذلك، فإننا سنبقي كما نحن محلك سر، جماعة دينية لن تغير كثيرا في خطابها السياسي، لأنها بحاجة إلي هذا الفهم للدين لتحافظ علي وحدتها وتماسكها، وكلام في السياسة لا علاقة له بالسياسة، ولا بما يجري حولنا في العالم، ويعيد تجارب الفشل في العالم العربي، ولم يتعلم الكثير من تجارب النجاح في تركيا وماليزيا وغيرها ….
وللأسف لا يوجد في الأفق ما يدل علي أنه سيتغير مادامت خيارات النظام القائم كما هي بلا تغير، أي استبعاد كل من له حيثية، أو دور أو تأثير من المجال العام ، وهنا لن يختلف كثيرا أيمن نور عن الإخوان المسلمين، ولا إبراهيم عيسي عن باقي الصحف المستقلة.
(المصدر: صحيفة « المصري اليوم » (يومية – مصر) الصادرة يوم 20 سبتمبر 2007)