باردو- بناء نيوز- عمار عبيدي
شهدت جلسةالهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة التي انعقدت يوم امس الاربعاء 15 جوان 2010نقاشا حادا ومطولا وجدلا كبيرا، على خلفية النقاش الدائر منذ مدة حول ادراج مقاومة التطبيع في الصيغة النهائية للعقد الجمهوري.
واحتدم هذا الجدل بعد ان تم اقتراح صيغتين للبند المتعلق بمسالة التطبيع في محاولة من لجنة الصياغة لتجاوز الجدل الذي شهدته الساحة السياسية بخصوص هذا المشكل الذي انتقل منذ أمس إلى اللجنة المضيقة لصياغة الإعلان…
كما شهدت الجلسة في بدايتها مشادة كلامية بين نور الدين البحيري عن حركة النهضة وفوزي الهضباوي عن حزب الخضر توقفت بسببها اشغال الهيئة لتعود بعد فترة من الجدل.
ويعود الخلاف آنف الذكر إلى طلب تقدم به اثنا عشرة عضوا في الهيئة بتمكينهم من الرد على اتهامات وجهت لهم من عدد من الأعضاء مفادها أنهم عملاء لحركة النهضة ووصفوهم « بحثالة النهضوية »، لكن رفض رئيس الهيئة تمكينهم من الرد وهو ما أدخل القاعة في حالة من الهيجان لم ينته إلا بإعطاء الكلمة إلى عضو من مجموعة الإثنا عشرة وليدخل الأعضاء في صلب الموضوع ومناقشة الإعلان.
في البداية ذكر عياض بن عاشور بأن الجلسة ستتناول مسألة إعلان تونس لأسس المواطنة وتم تأخير النقاش حول مشروع مرسوم يتعلق بتنظيم الجمعيات ومشروع اخر يتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية إضافة إلى تعيين بديل للناطق الرسمي باسم الهيئة. اما بالنسبة للإعلان الخاص بالإعلام والاتصال فأكد بن عاشور انه لم يتم إعداده إلى حد الآن.
وتناوب عدد من الأعضاء على الكلمة وتقدموا بمقترحاتهم حول الإعلان وأجمع اغلب المتدخلين على ضرورة التأكيد على مناهضة كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني وطالبوا من أسموهم دعاة التطبيع إلى مواجهة الشعب التونسي بمطلبهم هذا وعدم المطالب بذلك في السر فقط.
ومن جملة التدخلات ذكر العضو زهير مخلوف أن من بين أعضاء الهيئة ثلاثة شخصيات زارت إسرائيل مرات عديدة، لكن بعض الأعضاء مثل نجيب اللوز وعصام الشابي عن الديمقراطي التقدمي رفضوا إدراج بند مقاومة التطبيع تحت ذريعة أن ذلك من مشمولات السياسة الخارجية وليس من صميم الإعلان المواطني.
كما طالب أعضاء آخرون بعدة مطالب بينها إضافة بعض البنود مثل رفض العمالة للأجنبي زيادة على أن أغلب المتدخلين أكدوا على وجوب احترام الهوية العربية الإسلامية لتونس. كما شهدت الجلسة جدلا حول مسالة علاقة الدين بالدولة وهو البند الذي اعتبره الأعضاء عن حركة النهضة إقحام لما هو إيديولوجي في إعلان يفترض أن يكون ديمقراطيا. ومن المفترض ان تتم دراسة المقترحات التي طلب رئيس الهيئة تقديمها كتابية ليتم إقرار الصيغة النهائية للإعلان والمرور إلى المسائل الأخرى المدرجة في جدول أعمال الهيئة.
لم تمر المسودة الثانية لـ »العقد الجمهوري » التي عرضت يوم أمس للمرة الأولى للنقاش في جلسة عامة لهيئة تحقيق اهداف الثورة بمجلس المستشارين بباردو، دون جدل ونقاش شديدين مثلما كان متوقعا، ووصل الجدل خلال الجلسة التي خصصت لمناقشة مشروع مسودة العقد الجمهوري التي أعدتها لجنة ثانية عوضت لجنة أولى شكلت لنفس الغرض حد تبادل الشتائم والتهم.
وتصاعد التوتر بين اعضاء الهيئة على الأقل لسببين أولهما تجدد الجدل بخصوص ما بات يعرف ببيان « مجموعة الـ12 » الموقعين عليه والذي نشر مؤخرا ببعض الصحف وتضمن نقدا شديدا لرئاسة الهيئة واسلوب عملها وتعاطيها مع الملفات المعروضة عليها، اما السبب الثاني فكان مضمون المسودة الثانية التي عرضتها اللجنة المكلفة بإعدادها، بسبب تحفظ جانب من اعضاء الهيئة على طريقة تشكيل اللجنة التي عوضت لجنة أولى كانت مكلفة بنفس المهمة ولم تجد الفرصة لتعديل المسودة التي عرضت فعلا للنقاش قبل اسابيع.
كما طال النقاش الحاد عدة بنود في مسودة العقد الجمهوري او »اعلان تونس لأسس المواطنة وقيم الجمهورية »، خاصة ما يتعلق بمسألة هوية تونس، ومسألة منع التطبيع مع الصهيونية، والصيغة التي جاءت بها المسودة.. إذ طالب شق بضرورة التنصيص على القطع نهائيا مع الصهيونية، في حين راى البعض الآخر الابقاء على الصيغة المقترحة..
وشهدت بداية الجلسة تشنجا كبيرا وصل حد المشادات الكلامية بين بعض أعضاء الهيئة، حتى أن بعض الأعضاء طالب الهيئة باتخاذ موقف صارم تجاه بعض الصحف ووسائل الإعلام، بل إن أحدهم طالب بطرد الإعلاميين!!؟، لكن جانبا عريضا من أعضاء الهيئة ساندوا الإعلاميين الحاضرين لتغطية جلسة الهيئة منددين باستهداف الصحفيين ومعبرين عن رفضهم المساس بحرية التعبير. عودة ممثلي النهضة
وكان لافتا هذه المرة عودة ممثلي حركة النهضة لحضور جلسات الهيئة بعد مقاطعة استمرت لبضع جلسات احتجاجا آنذاك على عدم التوافق على موعد انتخابي وتفرد الهيئة المستقلة للانتخابات في اتخاذ قرار بتأجيل الانتخابات دون تشاور مع الحكومة او الأحزاب حسب تبريرهم. وأكد ممثلو النهضة أن عودتهم إلى الهيئة جاءت بعد اتخاذ الحكومة قرارا في تحديد موعد انتخابي توافقي بعد تشاور واسع مع الأحزاب ومكونات المجتمع المدني.
أما بخصوص البند المتعلق بحرية ممارسة الشعائر الدينية بعيدا عن التوظيف السياسي فطلب ممثلو النهضة توضيح عبارة « التوظيف السياسي »، في حين طالب ممثلو التكتل من أجل العمل والحريات تعديل البند المتعلق بالهوية للتنصيص صراحة على الهوية العربية الاسلامية والحداثية لتونس.
في حين طالب ممثلو اتحاد الشغل في الهيئة اضافة تعديلات على البند المتعلق بـ »حق الشغل والصحة والتعليم والسكن على قاعدة تكافئ الفرص دون تمييز واستنادا إلى منوال تنموي عادل.. »، اضافة فقرة تنص على الحق النقابي والحوار الاجتماعي..
كما اقترح بعض الأعضاء في النقطة المتعلقة بالقطع مع الاستبداد والفساد اضافة عبارة تنص على تحجير الاستقواء بالأجنبي. استنكار..
تجدر الإشارة إلى أن جانب مهما من اعضاء الهيئة عبرت عن استغرابها واستنكارها من طريقة تشكيل لجنة ثانية حلت محل لجنة أولى منتخبة متوافق عليها من جميع اعضاء الهيئة لتعد مسودة ثانية للعقد الجمهوري الذي تضمن مجموعة من القيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان، ومبادئ تضمن التزام الأحزاب بمبادئ الدولة المدنية القائمة على الديمقراطية والتعددية الحزبية والفصل بين السلطات وحرية التعبير والمعتقد والتنظم… ويرى مصطفى بو بكري عضو الهيئة أنه كان أجدى بمكتب الهيئة الابقاء على نفس تركيبة اللجنة الأولى حتى تقوم بالتعديلات اللازمة على نص المسودة الأولى التي عرضت للنقاش في جلسات سابقة، وقالت إن تنحية اللجنة وحلها وتعويضها بلجنة ثانية جديدة امر مثير للريبة خاصة أن الانتقادات الموجهة للنص المقترح منها عكست غياب التوافق عليه.
يذكر انه تم رفع الجلسة دون ان يتم التصويت على نص المسودة المقترح، وستعمل اللجنة المكلفة بإعداده بإجراء تعديلات جوهرية على نص المسودة قبل عرضه ثانية للنقاش. وينتظر ان تعقد الهيئة اليوم جلسة جديدة لمناقشة مسألة مهمة ينتظر أن تأخذ حيزا كبيرا من النقاش وهو قانون الأحزاب وما يتضمنه من أحكام تهم تمويل الأحزاب، وكيفية مراقبة تمويلاتها.
علما أن لجنة الخبراء اعدت مشروع قانون للغرض وزع على الأعضاء وتضمن عدة مقترحات لعل اهمها ما يتعلق بمراقبة تمويل الأحزاب إذ يقترح وضع سقف للتمويل العمومي والخاص بالأحزاب على قاعدة عدد المنخرطين فيها..
رفيق بن عبد الله- خليل الحناشي
(المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 16 جوان 2011)
<
بقلم: البشير بن سلامة (*)
قرأت بجريدة الصّباح كلمة معبّرة للصّحفي القدير صالح عطيّة علّق فيها على ما قامت به لجنة صياغة العقد الجمهوريّ، وهي اللجنة الّتي تمّ تشكيلها صلب الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثّورة والإصلاح السّياسيّ والانتقال الدّيمقراطيّ.
وحسب ما جاء في جريدة الصّباح أنّ هذه الهيئة قد اختتمت أعمالها مقدّمة نصّا جديدا أطلق عليه اسم إعلان تونس لأسس المواطنة وقيم الجمهوريّة ويظهر من السّياق أنّه وقع الخوض في مسألة هويّة الشّعب التّونسي ومشاكل الانتماء وخصوصا ما يجب أن يتمتّع به المواطن التّونسيّ من حقوق مدنيّة وسياسيّة وما يتعيّن إضفاؤه على العمل السّياسيّ من قيم ومثل ولفت نظري ما قيل عن المناقشات في صلب الهيئة وخصوصا انقسام الأعضاء إلى متمسّك بالتّراث ومناد بإعلان القطيعة تجاهه. وفي هذا الخصوص أردت مساهمة منّي في هذا الموضوع السّياسيّ ظاهرا ولكنّه فكريّ تختلط فيه على الأصحّ الوظيفة الفكريّة مع الوظيفة السّياسيّة، أن أسوق الملاحظات التّالية إثراء للنّقاش :
– لئن كان من حقّ كلّ باحث من الأعلام التّونسيّين المذكورين أن يقول كلمته في هذا الموضوع ويتحمّل مسؤوليّته الفرديّة فيما يصدع به وهو أمر لا يكون له أثر بالغ في الرّأي العامّ أمّا إذا وجد في لجنة رسميّة مثل هذه فهو غير مسموح له بأن يتّخذ موقفا لا يتماشى مع متطلّبات الظّرف الدّقيق الّذي يمرّ به الشّعب التّونسيّ اليوم وما يقتضيه من تحاشي كلّ ما من شأنه أن يدخل البلبلة بين المواطنين، خصوصا أنّ هذه المسائل كانت في مراحل كثيرة من تاريخ تونس مثارا للفتن والمحن.
-ولقائل أن يقول هل من صلاحيّات الهيئة العليا أن تفرض على المجلس التّأسيسيّ تصوّرها لما يجب أن يكون عليه دستور الجمهوريّة الثّانية في مجال المواطنة والقيم ؟ والحال أنّ هذه المواضيع قد وقع البتّ فيها منذ أن سنّت نخبة من الزّيتونيّين المستنيرين دستور 1861 والتفّتْ حول خير الدين التّونسيّ صاحب كتاب «أقوم المسالك في أحوال الممالك» لتخطّ الطّريق لتونس في مجال الحداثة بتأسيس المدرسة الصّادقيّة واختيار اللّغة والثّقافة الفرنسيّتين كمنفذ للالتحاق بالأمم المتقدّمة مع التّمسّك بالهويّة العربيّة الإسلاميّة والعمل على إصلاح التّعليم الزّيتونيّ وهو الخطّ الإصلاحيّ المتفرّد الّذي فيه مزاوجة ذكيّة بين الدّين والدّولة والّذي لم تتنكّب عنه كلّ الحركات الإصلاحيّة الّتي عرفتها تونس في أواخر القرن 19 وطوال القرن العشرين وخصوصا الحزب الحرّ الدّستوريّ التّونسيّ قديمه وجديده وعلى أساس هذا الخطّ تمّ إقرار أوّل دستور لتونس المستقلّة خاصّة في توطئته وسارت الدّولة التّونسيّة الحديثة على هديه في الجملة. وكنّا في مجال الذّود عن الهويّة العربيّة الإسلاميّة قائمين بدورنا في صلب الدّولة والحزب الجديد وفي المجتمع المدنيّ وخصوصا لم تأل مجلّة الفكر جهدا في النّضال من أجل ذلك، وكذلك اتّحاد الكتّاب التّونسيّين الّذي جعلناه جسرا بيننا وبين الأمّة العربيّة والإسلاميّة. وفي رأيي أنّه لا مجال اليوم لصراع الأيديولوجيات ولا لمحاولة الأخذ من أيّة تجربة كانت إذ كنّا سبّاقين حتّى بالنّسبة إلى الدّولة العثمانيّة في القديم إذ أنّ السّلطان العثمانيّ عيّن خير الدّين التّونسي صدرا أعظم ( 1878-1879) (رئيس وزراء ) بعد أن غادر تونس إثر إقالة الصّادق باي له من الوزارة الكبرى وكان المطلوب منه تطبيق ما جاء في كتابه من إصلاحات تتعلّق بالعالم الإسلاميّ ولكنّه لم يتمكّن من القيام بدوره الإصلاحيّ لأنّ الدّولة العثمانيّة كانت في وهن تامّ آنذاك ولم ينقذ تركيا من الاستعمار إلاّ أتاتورك ولكنّه حاد بها عن هويّتها وهو ما أنكره عليه بورقيبة عندما زار تركيا في خطاب رسميّ بالبرلمان التّركيّ واليوم نرى الدّولة التّركيّة تتبنّى ذلك الخطّ الّذي اختارته تونس منذ مائة وخمسين سنة في مزاوجتها بين الدّين والسّياسة. – -ولا بدّ من أن ألاحظ أنّ الثّورة التّي قام بها الشّعب التّونسيّ وأطاح فيها في 14 جانفي 2011 بالحكم المطلق لم تدخل في هذه المتاهات الأيديولوجيّة إذ هي ثورة قامت من أجل الحرّيّة والكرامة والعدالة والمساواة والغد الأفضل اقتصاديّا واجتماعيّا وثقافيّا ونصيحتي الّتي أقدّمها للهيئة العليا مع التّنويه بما قامت به من أعمال جليلة من أجل حماية الثّورة والانتقال الدّيمقراطيّ برئاسة الأستاذ عياض بن عاشور هو أن تعمل على تمهيد الطريق فيما يتعلّق بالمشاريع المستقبليّة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثّقافيّة فتدعو من المختصّين من تميّز بمشروع في جميع هذه المجالات وخصوصا الّتي تعالج الإشكاليّات الّتي تفرضها العولمة في مجالات جدّ حسّاسة مثل تجسيم السّلطة الرّابعة في الدّستور الجديد[1]، والمشروع الثّقافيّ والتربويّ المستقبليّ[2] والموقف من مشاكل البيئة والمحيط، والتّضامن مع المستضعفين في بلادنا والعالم، والحلول الواجب استنباطها لانتشال الشّباب من البطالة والانحراف والتّيه. وهذا في رأيي أحسن ما يمكن أن تقوم به الهيئة لحماية الثّورة وبناء الأسس الدّيمقراطيّة الواقعيّة المجدية لمجتمع تونسيّ متقدّم قادر على حلّ مشاكله بنفس الإرادة الّتي حقّق بها الثّورة. هذه ملاحظات مختزلة تحتاج بالطّبع إلى تحاليل مطوّلة كنت بسطتها في كتبي العديدة ومقالاتي المتنوّعة ولا يسعني إلاّ أنّ أشكر جريدة الصّباح على إتاحتها الفرصة لي للفت النّظر إليها . [1] – راجع ما كتبته بجريدة الصّباح (19-20-21 أفريل 2011) حول تجسيم السّلطة الرابعة في دستور الجمهوريّة الثّانية. [2] – البشير بن سلامة، ومضات من جمر الثّقافة، منشورات الجمل، كولونيا، ألمانيا 2005.
(*) أستاذ محاضر بالمعهد العالي للحضارة الإسلامية
(المصدر: منتدى « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 16 جوان 2011)
<
من أبرز المهام الموكولة للهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي ينتظرها عمل كبير في اعداد وتنظيم أول انتخابات حرة ونزيهة في تونس، تسجيل الناخبين وهي مسألة كان تعني الكثير للنظام البائد لأنها أول باب لتزوير الانتخابات.
فقد اتضح أن مليوني ناخب وهمي معظمهم من الأموات كانوا مسجلين في قائمات الناخبين خلال النظام البائد تحتسب اصواتهم زورا لترجيح كفة « التجمع » المنحل في كافة المحطات الانتخابية السابقة.
ويؤكد شفيق صرصار عضو لجنة الخبراء في الهيئة تحقيق أهداف الثورة أن النظام السابق لم يكن يعتمد فقط على تسجيل الأموات في قائمة الناخبين بل تعمد ايضا اقصاء ما يناهز ثلاثة مليون ناخب تونسي من قائمة الناخبين.
حقيقة مفزعة
وتبرز حقيقة هذه المعطيات المفزعة، في الوقت الذي تستعد فيه الهيئة المستقلة للانتخابات لانتداب اعوان من حاملي الشهادات العليا للقيام بمهمة تسجيل الناخبين التونسيين استعدادا لموعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي 23 أكتوبر المقبل.
وكشف صرصار بمناسبة القائه مداخلة حول القانون الانتخابي للمجلس التأسيسي في دورة تدريبية لفائدة الصحفيين حول تغطية الانتخابات نظمتها نقابة الصحفيين التونسيين بالتعاون مع وكالة فرانس برس، أن قائمات الناخبين التي كان يعتمد عليها النظام البائد، تضم فقط 4,5 مليون ناخب، نسبة كبيرة منهم من الأموات، أو من الذين تتكرر اصواتهم أكثر من مرة، ومنهم من كان يصوت اكثر من مرة، وهي واحدة من عشرات الخروقات القانونية والممارسات كان يعمد اليها النظام البائد الذي اطيحت به ثورة الكرامة والحرية بعد 23 سنة من الحكم الحزب الواحد والاستبداد بالسلطة، لتزوير الانتخابات.
2,5 مليون ناخب حقيقي فقط مسجل من جملة 7,5 مليون
وأكد المحاضر في القانون العام أن العدد الحقيقي للناخبين المسجلين في آخر انتخابات جرت خلال العهد البائد لم يتجاوز 2,5 مليون ناخب حقيقي، وهو ما يثبت حقيقتين على الأقل تتمثل الأولى في أن النظام السابق كان فعلا مورطا في تسجيل ناخبين وهميين من الأموات، والناخبين المكررة اسماؤهم اكثر من مرة. والحقيقية الثانية هو أن مئات الآف الناخبين كانوا اما مقصيين من حقهم الانتخابي ولم تحتسب اصواتهم في العمليات الانتخابية السابقة، او لم تمارس نسبة كبيرة منهم حقها في التصويت.
وإن كانت قائمات الناخبين سابقا تعد وفق آليات لا تضمن شفافيتها، وإن أخذنا في الاعتبار أن مليوني ونصف تونسي فقط كانوا فعلا مسجلين من جملة 7,5 مليون تونسي يحق لهم التصويت حاليا، يمكن الجزم أن نسبة المشاركة في التصويت خلال المحطات الانتخابية السابقة لم تكن تتجاوز في احسن الحالات الـ30 بالمائة..
ضمان شفافية تسجيل الناخبين
ويطمئن شفيق صرصار على أهمية عملية تسجيل الناخبين التي ستقوم بها الهيئة المستقلة للانتخابات، لأنها ستلغي نهائيا آليات غير شفافة في تسجيل الناخبين كان يعمل بها النظام البائد، وستعتمد بدل ذلك على ضوابط واجراءات جاء بها مرسوم انتخابات المجلس التأسيسي، تضمن شفافية العملية برمتها وتسجيل جميع الناخبين بنسبة لن تقل عن 95 بالمائة، على اعتبار انها لن تعتمد مثلا على التسجيل الآلي للناخبين بل على التسجيل الإرادي والمباشر للناخبين.
ويتوقع صرصار ان تشهد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي اقبالا كبيرا من الناخبين التونسيين قد يصل إلى 80 بالمائة، نظرا لقيمة الرهان الانتخابي من جهة، ولثقة الناخبين المتوقعة في مصداقية العملية الانتخابية ونزاهتها لأنها معدة لأول مرة في تونس من الفها إلى يائها من قبل هيئة مستقلة للانتخابات، لا دخل للإدارة فيها.علما ان جل الانتخابات السابقة كانت تشرف عليها وزارة الداخلية.
بطاقة التعريف الوطنية لتسجيل الناخبين
ويعتمد قانون انتخابات المجلس التأسيسي لبطاقة التعريف الوطنية الجديدة التي تحمل هوية رقمية واحدة لصاحبها ما يعني أن الناخب سيسجل لمرة واحدة، وتضمن عدم تسجيل اسمه مرتين وبالتالي يستحيل للناخب التصويت أكثر من مرة. لكن الناخب عليه القيام قبل ذلك بتسجيل نفسه واختيار الدائرة الانتخابية التي يرغب ممارسة حقه الانتخابي فيها. وهي آجال ستضبطها الهيئة المستقلة للانتخابات في الأيام القادمة.
وتعتبر قائمة الناخبين عمليا حاضرة في القاعدة المعلوماتية لأنها ستعتمد على بطاقة التعريف الوطنية، علما أن مكاتب تسجيل الناخبين قد يترواح عددها بين 450 و700 مكتب حسب ما افاد به الأستاذ محمد شفيق صرصار، وسيتم قريبا انتداب ما لا يقل عن ثلاثة آلاف من حملة الشهادات العليا وتدريبهم على مهمة تسجيل الناخبين.
تجدر الإشارة إلى أن حوالي 400 ألف ناخب ما زالوا يحملون بطاقات تعريف قديمة، ويتعين عليهم الإسراع بتجديد بطاقاتهم وفق مواصفات البطاقة الجديدة التي لا تقبل التدليس، علما ان وزارة الداخلية تقوم حاليا بحملات تحسيسية لتجديد البطاقات كما قلصت من آجال اعدادها إلى 10ايام..
رفيق بن عبد الله (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس)الصادرة يوم 16 جوان 2011)
<