TUNISNEWS
8 ème année, N° 3145 du 01.01.2009
حــرية و إنـصاف :يوميات المقاومة لغزة رمز العزة (6) المسيرةالكبرى بتونس العاصمة :مسار واحد و مسيرات متعددة.و قمع وحشي
السبيل أونلاين: تحركات واسعة النطاق في تونس تضامنا مع غزة تقمع بشراسة
حزب الخضر للتقدّم: بيان المكتب السياسي : حول الأوضاع في غزة
مجموعة من نقابيي نفطة:* بيان إعلامي *
أبوالوليد : بنزرت : تجمع عمالي ناجح …مسيرة في الأفق
رويترز : رئيس وزراء تونس يقود مظاهرة تنديدا بالاعتداء الإسرائيلي على غزة
رياض الشعيبي: الفصل الأخير: غزة تتحدى…
محمد كريشان : مظاهرات غزة
إسلام أونلاين.نت : برهان غليون : لا حل إلا بمشروع مقاومة فلسطيني كامل
د. عصام نعمان : مجزرة غزة أخمدت الشراكة مع إسرائيل وأشعلت الانتفاضة ضد الحكام
الشيخ راشد الغنوشي : إلا تونس، لم يكد يسمع لها ركز….
الجزيرة نت: عزمي بشارة يكتب عن الأهداف الإسرائيلية من العدوان
جدعون ليفي : ما لا يراه الطيارون الإسرائيليون بشير موسى نافع : جولة يمكن تحقيق الانتصار في نهايتها
نورالدين علوش: غزة بين ظلم الأعداء وغبن الأصدقاء قناة « الحرّة » تخصّص حلقة كاملة من برنامج « عين على الديمقراطيّة » لملف التعذيب في تونس مغاربية : الاحتجاج على الرقابة على الانترنت يتحول إلى جدل في صفوف المدونين التونسيين قدس برس : تونس : منظمة حقوقية تحذّر من حملة منظمة على الصحفيين المستقلين
إيلاف: الإعتداء على صحافيين تضامنوا مع غزة في تونس
المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية: رفضا لكل اعتداء على النقابيين ودفاعا عن حقهم في التظاهر السلمي الصباح :في الاتحاد الجهوي للشغل بتونس : ايقاف الكاتب العام مؤقتا عن النشاط النقابي… pdpinfoالشباب الديمقراطي التقدمي : من المراقبة الأمنية إلى التهديدات
السبيل أونلاين: اعتقال الناشط السياسي أنور بالحاج عمر
معز الجماعي: غزالة محمدي تتمسك بتتبع رئيس منطقة الشرطة قضائيا
أحمد الورغـمي: إلي كل من يهمه الأمر الصباح : اتحاد الكتّاب : الاتجاه نحو بعث «هيئة حكماء» في المنظمة نزار شقرون : اتّحاد الكتّاب وخيبة النّخبة الصباح : شخصيات وطنية تقيّم سنة 2008 وتتحدث عن تطلعاتها للعام الجديد
إيلاف : الأزمة الاقتصاديّة العالمية…بأخفّ الأضرارتونس تُودّع عام الاحتجاجات و تستقبلُ عام الانتخابات
محمد العروسي الهاني: تمنياتي من الله تعالى في العام الميلادي الجديد 2009 النصر لفلسطين و العراق وافغانستان احميدة النيفر : الحوار الإسلامي المسيحي (2).. هل يثمر اللقاء والمشي قهقرى؟
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows(
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
قائمة الموقعين على مبادرة حق العودة http://www.manfiyoun.net/list.html الرجاء من المقتنعين بهذه المبادرة إرسال الاسم وبلد الإقامة وسنة الخروج من تونس على البريد الالكتروني للمبادرة:
أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 04 محرم 1430 الموافق ل 01 جانفي 2009
يوميات المقاومة لغزة رمز العزة (6)
1) المسيرة الكبرى بتونس العاصمة : مسار واحد .. و .. مسيرات متعددة.. و .. قمع وحشي شهدت تونس العاصمة اليوم الخميس غرة جانفي 2009 المسيرة الكبرى التي دعا إليها الاتحاد العام التونسي للشغل لمساندة الشعب الفلسطيني و للتنديد بالعدوان الغاشم على غزة ، فقد تجمع النقابيون بأعداد غفيرة منذ صباح اليوم حوالي الساعة التاسعة في قاعة بورصة الشغل بإشراف أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد يتقدمهم الأمين العام السيد عبد السلام جراد، و انطلقت المسيرة في حدود الساعة العاشرة باتجاه مفترق الطرق بين شارع الحبيب بورقيبة و شارع محمد الخامس، و قد لاحظ المشاركون الحضور غير المسبوق لقوات الشرطة بالزي الرسمي مدججين بالهراوات و الخوذات و اللباس الخاص بالتصدي للمظاهرات و المئات من أعوان البوليس السياسي و استطاعوا الانتشار على يمين و يسار و طول شارع محمد الخامس، و حاول بعض الأعوان بالاقتراب من المتظاهرين افتكاك بعض اللافتات و أعلام الكيان الصهيوني و أمريكا عندما تم إحراقها، و توقف المتظاهرون مدة من الزمن بوسط شارع محمد الخامس مرددين عديد الشعارات حتى لا يلتحموا بمجموعة من منتسبي الحزب الحاكم كانت في مقدمة المسيرة. كما تم رفع عديد الشعارات طيلة المسيرة من بينها: – لا إله إلا الله و الشهيد حبيب الله – بالروح بالدم نفديك يا فلسطين – غزة غزة رمز العزة – وقف العدوان واجب / رفع الحصار واجب / فتح المعابر واجب / – مقاومة مقاومة لا صلح و لا مساومة – فلسطين عربية لا حلول استسلامية – الانتقام الانتقام يا كتائب القسام – الحكام و الأمريكان شركاء في العدوان – عملاء الامبريالية هزوا أيديكم على القضية – جهاد جهاد نصر و استشهاد – المطالب لا تتجزا من الرديف حتى لغزة – الله أكبر عاصفة للصهيونية ناسفة – أرض حرية كرامة وطنية – يا شهيد لا تهتم الحرية تفدى بالدم – يا شهيد ارتاح ارتاح احنا نواصل الكفاح و لما وصل المتظاهرون إلى مستوى السفارة المصرية وجدوا بانتظارهم قوات أمنية كبيرة تحاصر المداخل المؤدية إلى السفارة عندئذ رفع المتظاهرون شعارات تندد بموقف النظام المصري من دعم الشعب الفلسطيني و فتح معبر رفح في قضية الحصار على غزة و عند تقدم المسيرة فوجئ الجميع بقوات الشرطة تتدخل بعنف لقمع المتظاهرين و تفريقهم مستعملة الهراوات و العصي و اعتدت عليهم باللطم و اللكم و الركل و الكلام البذيء ، فتفرق المتظاهرون في تدافع شديد و سجلت حالات سقوط و إغماء في صفوفهم و خاصة النساء و الشيوخ و الأطفال مما انجر عنه كسر في يد أحد المتظاهرين الذي تعرض للضرب بهراوات الشرطة. 2) قفصة : تجمع عام بمقر الاتحاد الجهوي و الشرطة ترمي المشاركين بالحجارة تجمع عدد كبير من النقابيين و المناضلين السياسيين اليوم الخميس غرة جانفي 2009 بمقر الاتحاد الجهوي بقفصة للتنديد بالعدوان الصهيوني على غزة و كالعادة كانت قوات الشرطة بالمرصاد إذ حاصرت المقر من كل الجهات و رمى عناصرها الحجر على المشاركين المتحصنين بالمقر الذين رددوا عديد الشعارات التي تجاوب معها المواطنون في الخارج مما جعل قوات الشرطة تعتدي عليهم بالعنف، ثم تقتحم باب الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة و تعتدي على النقابيين بالعنف الشديد و تكسر و تتلف أثاث المقر مما تسبب في إصابة عديد من المشاركين بجراح خطيرة نذكر من بينهم النقابيين السيدين عمار الزارعي و الناصر الكطواني ( نقابة التعليم الأساسي )، و قد علمت حرية و إنصاف أن السيد الزارعي منع من المبيت في المستشفى و هو الآن بالمصحة. و روى شهود عيان ملاحقة الشرطة للطلبة في بيوتهم كما روى نفس الشهود إشراف قادة الشرطة المعروفين من أمثال المدعو فاخر فيالة و محمد اليوسفي على هذه الاعتداءات بأنفسهم، علما بأن الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة قرر المشاركة في إضراب عام يوم الثلاثاء المقبل. 3) قابس: اعتصام داخل مقر التقدمي و دعوة الاتحاد الجهوي للشغل لمسيرة الجمعة اعتصم أعضاء جامعة قابس للحزب الديمقراطي التقدمي اليوم الخميس غرة جانفي 2009 داخل المقر للتنديد بالغارات الصهيونية على غزة، و دعا الاتحاد الجهوي للشغل بقابس بتنسيق مع مكونات المجتمع المدني بالجهة لتجمع عام و الخروج في مسيرة غدا الجمعة 02/01/2009. 4) سوسة : تجمع عام بمقر الاتحاد و منع الخروج في المسيرة تجمع النقابيون بمقر الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة المقابل لمنطقة الشرطة و لما أراد المشاركون في هذا التجمع العام الخروج في مسيرة احتجاجية اعترضت سبيلهم قوات الشرطة المحاصرة للمقر و منعتهم بالقوة من الخروج. 5) بنزرت : وقفة احتجاجية و محاصرة أمنية: شارك عديد المناضلين بمدينة بنزرت يوم الأربعاء 31/12/2008 في وقفة احتجاجية أمام مقر الاتحاد الجهوي للشغل في ظل محاصرة بوليسية تامة و وضعوا كمامات على أفواههم مكتوب عليها »لا » و رفعوا عديد الشعارات المنددة بالعدوان الصهيوني على غزة. 6) صفاقس : دعوة إلى إضراب عام : قرر الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس القيام بإضراب عام غدا الجمعية 02/01/2009 تشارك فيه جميع النقابات حيث يخرج العمال على الساعة التاسعة صباحا من مقرات عملهم و يتوجهون إلى مقر الاتحاد الجهوي للشغل للمشاركة في مسيرة تضامنية. 7) مدنين:دعوة إلى الخروج في مسيرة قرر الاتحاد الجهوي للشغل بمدنين الخروج في مسيرة يوم غد الجمعة 02/01/2009 بعدما تم منع المسيرة الأولى التي كانت مبرمجة على إثر التجمع العام الذي انتظم يوم الثلاثاء 30/12/2008 داخل مقر الاتحاد حيث تداول النقابيون على الكلمة كما رفعوا عديد الشعارات في ظل محاصرة أمنية كاملة للمقر. 8) بن قردان: تجمع عام محلي: انتظم بمقر الاتحاد المحلي للشغل ببنقردان اليوم الخميس غرة جانفي 2009 تجمع عام تداول فيه الخطباء على الكلمة و رفعوا شعارات المقاومة للتنديد بالعدوان على غزة، و يشهد الاتحاد المحلي ببنقردان تداولا في الحضور منذ يوم الثلاثاء 30/12/2008 كما يشهد كذلك تنشيطا ثقافيا و إذاعة داخلية طيلة هذه الأيام. 9) جرجيس: محاولتان للخروج في مسيرة و الرد الوحيد هو المنع: حاول أعضاء الاتحاد المحلي للشغل بجرجيس الخروج في مسيرة يومي الثلاثاء و الأربعاء 30 و 31/12/2008 إلا أن قوات الشرطة منعتهم من الخروج فنظموا اجتماعا عاما داخل المقر للتنديد بالعدوان على غزة. 10) سيدي بوزيد: تعنيف للنقابيين و إضراب عام يوم الثلاثاء المقبل: تعرض النقابيون بسيدي بوزيد إلى الاعتداء بالعنف من قبل قوات الشرطة التي منعتهم من الخروج في مسيرة للتعبير عن غضبهم و للتنديد بالعدوان الصهيوني الغاشم على غزة، و قد قرر الاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد المشاركة في إضراب عام لكل القطاعات يوم الثلاثاء المقبل.
و حرية و انصاف :
1/ تدعو الشعب التونسي و قواه الحية من أحزاب و منظمات و جمعيات إلى الاستمرار في التعبير عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني الصامد و المجاهد في غزة ضد العدوان الصهيوني الهمجي و كل من يقف معه بالوسائل السلمية المتاحة. 2/ تدعو السلطة للكف عن قمع التحركات المساندة للشعب الفلسطيني و احترام حق التونسيين و التونسيات الدستوري في التعبير و التنقل و الاجتماع و التظاهر السلمي.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
تحركات واسعة النطاق في تونس تضامنا مع غزة تقمع بشراسة
السبيل أونلاين – من زهير مخلوف – تونس مشاهد من مسيرة فريانة بالقصرين (والصور ملتقطة بالهاتف النقال) انقرهنا الرابط على اليوتوب : http://www.youtube.com/watch?v=q-a2WOs3nFg وقع اليوم الخميس 01 جانفي 2009 ، تجمّع بالمكتب الجهوي لإتحاد الشغل بجهة قفصة , وذلك على الساعة العاشرة صباحا ، من أجل تسيير مسيرة تضامنية مع قطاع غزة الذى يتعرض لإبادة ، وقد حضرت أعداد كبيرة من البوليس السياسي التى منعتهم من الخروج من مبنى الإتحاد الجهوي ، وقد إستدعيت قوات إضافية تابعة لـ »قوات التدخل » لتعزير الحصار الأمني المضروب على المقر ، وقام البوليس بالإعتداء الهمجي على المواطنين بالهراوات ، وأغلق الأبواب بالقوة وحاصرهم داخل المبني ومنعوهم من الخروج ، قد نتج عن إعتداءات البوليس عدد كبير من المتضريين نذكر منهم : – عمار الزارعي الذى نقل إلى المستشفى بعد تعرضه إلى إصابات ورضوض في وجهه . – أيوب الضاوي . – ضياء الضاوي . – الناصر القطواني وهو كاتب عام نقابة التعليم الأساسي الذى أصيب في رأسه ونقل إلى المستشفى أيضا . وقام المواطنون بحرق علم « إسرائيل » ببهو مقر الإتحاد ، وعقد أعضاء المكتب التنفيذي بقفصة إجتماع عاجل ، أصدروا على إثره بيانا نددوا فيه بالهجوم الصهيوني على إخوانهم في غزة ، وإستنكروا عدم تمكينهم من ترخيص للقيام بمسيرة في الشارع ، وشجبوا اعتداءات البوليس على المواطنين وتعنيفهم ، و قررالمكتب التنفيذي أن يكون يوم الثلاثاء 06 – 01 – 2009 ، يوم إضراب عام بكافة القطاعات بكامل ولاية قفصة ، وذلك إحتجاجا على الإنتهاكات التى حدثت اليوم الخميس . كما صدر بيان مشترك في جهة قفصة ضم كل من « الحزب الديمقراطي التقدمي » و »التكتل من أجل العمل والحريات » و »حركة التجديد » و »حزب العمال الشيوعي » ، وقد عبّروا عن دعمهم اللا محدود للنضال الفلسطيني ونددوا بالهجمة الشرسة ضد قطاع غزة ، وعبّروا عن إستنكارهم للعنف الذى تعرض له المناضلون في الجهة كما عبّروا عن تمسكهم بحق الأحزاب في التعبير عن آراءها بكل حرية وحقها الكامل في التظاهر . من جهتها إستنكرت « الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان » المحاصرة التى تعرض لها المواطنون وأيضا تعنيفهم من طرف البوليس . وقد صدر بيان عن « مكتب شباب الحزب الديمقراطي التقدمي » بقفصة ، ندد بالعدوان الإسرائيلي على غزة ، وبالحصار على مقر الإتحاد ومنع التظاهر ، والإعتداءات بالعنف ضد شباب الحزب بالجهة في الأيام الأخيرة. وفي سيدي بوزيد تجمّع عدد كبير من المناضلين النقابيين والسياسيين بمقر إتحاد الشغل بالجهة ، لتسيير مسيرة تضامن مع قطاع غزة كانت مقررة سابقا ، وقد تعرضت التظاهرة للقمع والعرقلة قبل إنطلاقتها ، وإعتدت قوات التدخل على المتجمعين بالعنف الشديد . كما تمّ منع خروج مسيرة تضامنية مع قطاع غزة من مقر الإتحاد الجهوي للشغل بالقصرين ، وإستخدم البوليس فيها العنف لقمع المواطنين والنقابيين . وفي فريانة من ولاية القصرين ، إنطلقت مسيرة من مقر الإتحاد المحلي بالجهة ضمت حوالي 3000 مواطن ، تعرضت لها قوات التدخل لقمعها ، غير أنها لم تتمكن من كسر إردة الجموع التى طافت كافة الشورع وقد أحرقوا علم « اسرائيل » بساحة الإستقلال وسط المدينة ، ونددوا عبر شعاراتهم بالأنظمة العربية المتواطئة في العدوان على غزة وطالبوا بغلق « مكتب الإتصال الإسرائيلي » بتونس ووضع حدّ للإتصالات السرية مع العدو الصهيوني ، وقد دامت المظاهرة ساعتين أصدر الإتحاد المحلي بفريانة على إثرها بيانا ، عبّر فيه عن مساندته لغزة ، وندّد بالتوطىء العربي الرسمي وبالهجمة الإجرامية على القطاع ودعى الشعب التونسي بكل ما أوتي من إمكانات لخرق الحصارالخانق المضروب على غزة . (المصدر:السبيل أونلاين ، بتاريخ 01 جانفي 2009)
تونس، في 29 ديسمبر 2008 بيان المكتب السياسي لحزب الخضر للتقدّم حول الأوضاع في غزة
عقد المكتب السياسي لحزب الخضر للتقدّم جلسة طارئة لمتابعة وتدارس تطوّرات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والمتميّزة بالهجمة الإجراميّة للكيان الصهيوني على قطاع غزّة المحاصر. وعبّر المكتب عن عميق انشغاله بالممارسات البشعة الّتي تستهدف شعبا أعزل يتعرّض لمختلف أصناف الحصار والتجويع منذ فترة طويلة وعن أسفه الشديد لصمت المجتمع الدولي وبالأخص منها الدول العظمى والدول الراعية لمسار السلام وعجز النظام الرسمي العربي عن التأثير في مجريات الأحداث والضغط من أجل إنقاذ الشعب العربي في فلسطين من سياسة الإبادة والتقتيل الّتي تستهدفه وفي ظلّ إصرار الكيان الصهيوني على مواصلة حربه والدفع بآلته الحربية وترسانته العسكريّة نحو أفق خطير من التصعيد. ويُدين المكتب السياسي بشدّة إرهاب الدولة الذي يمارسه الكيان الصهيوني على أهالي ومتساكني قطاع غزّة وإقدامه على ارتكاب مجازر في حق المواطنين الفلسطينيين العزّل ذهب ضحيتها المئات من الأطفال والنساء والمسنين الأبرياء. وإذ يتقدّم حزب الخضر للتقدّم بأحرّ التعازي وأصدقها إلى عائلات الشهداء الأبرياء الذين سقطوا في هذه المجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني في حقّ أهلنا بقطاع غزّة ويُعرب عن تضامنه الكبير مع أهالينا في القطاع فإنه: 1-يدعو المنتظم الدولي والجامعة العربية والأطراف الراعية لمسار السلام في الشرق الأوسط إلى ضرورة التحرك العاجل والفوري لوقف هذا العدوان الغاشم والمرور بعملية السلام في المنطقة إلى مرحلة التنفيذ الفعلي لا الشعارات وعقد الجلسات والمؤتمرات. 2-يُطالب جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي بالقيام بدورهما الكامل وتحمل مسؤولياتهما التاريخية في الدفاع عن شعب عربي ومسلم أعزل يُستهدف اليوم بحملات عدوانية بشعة بغية استئصاله وإثنائه عن المطالبة بحقه المشروع في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. 3-يؤكّد على ضرورة توفير الحماية للإخوة الفلسطينيين أمام ما يتعرضون له من جرائم وتنكيل عبر تحرك كل المحبين للسلام والمدافعين عن حقوق الإنسان من الفعاليات المدنية والتنظيمات السياسية والحزبية من أجل الضغط على حكوماتها لتعزيز نفوذ القرارات الدولية والوقوف في وجه الآلة العسكرية الصهيونية لفكّ الحصار ورفع المعاناة عن إخواننا في قطاع غزة المنكوب. 4-يُشير إلى أنّ ما يجري حاليّا في القطاع مدعاة للانشغال البالغ بشأن تزايد مشاعر النقمة والاحتقان لدى الشعوب العربيّة والمسلمة ومحبّي السلام العادل في العالم وهو ما يُنذر بتفاقم مظاهر الإرهاب وردّ الفعل والتطرّف ومزيد إحلال الفرقة والصراع بين مختلف الديانات والحضارات والشعوب. 5-يُناشد الإخوة الفلسطينيين من كلّ التوجهات والانتماءات والتيارات والفصائل للعمل توحيد الصف الفلسطيني وتجاوز الخلافات الداخلية للوصول بالموقف الفلسطيني إلى القوة والنجاعة المطلوبتين لمجابهة الغطرسة الإسرائيلية وحالة الصمت الدولية وعجز النظام السياسي العربي على التأثير الفعلي والايجابي في مسار الأحداث في المنطقة. وفي هذا الصدد يرى حزب الخضر للتقدّم أنّ وحدة الصف الفلسطيني في هذا الظرف بالذات أقوى ردّ على آلة الدمار الإسرائيليّة وحالة الصمت الدولي وهي المعبر الأسلم لإنقاذ تطوّر الأمور إلى ما لا يُحمدُ عقباه في اتجاه المزيد من الخسائر والضحايا. وأخيرا يعلن حزب الخضر للتقدم عن مساندته للموقف الرّسمي التونسّي الذّي أعرب عنه رئيس الدولة في العديد من المناسبات والمنادي بتحكيم الشّرعية الدولية والعودة إلى المنتظم الأممي وتغليب الحوار والتفاوض على الصّراع وإراقة الدّماء كما يُكبر الحزب في الرئيس بن علي تحرّكه من أجل العمل على إيقاف الهجمات الإسرائيليّة الحالية والدفع بالأوضاع نحو التهدئة واستعادة مسار التفاوض لإقرار سلام عادل ونهائي في كامل منطقة الشرق الأوسط. حزب الخضر للتقدّم عن/ المكتب السياسي الأمين العام منجي الخماسي
مجموعة من نقابيي نفطة:* بيان إعلامي *
تجمّع عدد من النقابيين بدار الاتحاد المحلّي للشغل بنفطة تضامنا مع أهالي غزّة فيما يتعرّضون له من عدوان صهيوني وحشيّ و قد حاولوا الخروج إلى الشارع رافعين العلمين التونسيّ و الفلسطيني و مردّدين النشيد الوطني و عدّة شعارات مساندة و منددة بالمجزرة غير أنّ أعدادا غفيرة من البوليس بالزيّ المدني قد دفعت بالحاضرين بطريقة فظّة و عنيفة داخل الاتحاد المحلّي فواصل المتجمعون هتافاتهم المنددة بالقمع ثم عقدوا اجتماعا أصدروا على إثره البيان الإعلامي التالي : نحن الهياكل و القواعد النقابيّة المجتمعون اليوم بدار الاتحاد المحلّي للشغل بنفطة تضامنا مع الأشقّاء الفلسطينيين فيما يتعرّضون له من هجمة وحشيّة و حرب إبادة و تناغما مع المواقف المبدئيّة للاتحاد العام التونسي للشغل في دعمه للقضايا القومية و على رأسها القضيّة الفلسطينيّة فإنّنا : 1/ نندد بالممارسات القمعيّة التي مورست ضدّنا و منعنا بالقوّة من طرف أفواج من البوليس من ممارسة حقّنا في التعبير. 2/ ندعو الاتحاد الجهوي للشغل بتوزر إلى تحمّل مسؤولياته في تأطير تضامن عمّال الجهة مع أشقائهم في غزّة و ذلك بتنظيم تظاهرات و مسيرات جهويا و محليّا . مجموعة من نقابيي نفطة
بنزرت : تجمع عمالي ناجح …مسيرة في الأفق
تحت إشراف الإتحاد الجهوي للشغل ببنزرت و » ا للجنة الجهوية لمساندة أهالينا في غزة » تجمع عدد كبير( قرابة 300) من النقابيين والعمال والمناضلين أمام مقر الإتحاد الجهوي للشغل ببنزرت (شارع الحبيب بورقيبة) يوم الثلاثاء 30 ديسمبر2008 بداية من الساعة الثالثة بعد الزوال للتعبير عن مساندتهم لأبناء شعبنا في غزة. رفع المتجمعون العديد من الشعارات مطالبين بوقف العدوان على غزة وفتح المعابر ورفع الحصار، منددين بتواطؤ النظام الرسمي العربي مع العدو الصهيوني وإعتبروا السكوت عن الجرائم التي ترتكب في حق أبناء شعبنا خيانة. ردد المتجمعون شعارات: « غزة غزة رمز عزة » و »مقاومة لا صلح ولا مساومة » و »وطن عربي واحد شعب عربي واحد » وأحرفت أعلام الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية. رغم الحصار الأمني المضروب على الطرق المؤدية إلى مقر الإتحاد الجهوي للشغل ببنزرت حاول المتجمعون مغادرة المقر والخروج للشارع ونجحوا في الوصول للطريق العام لكن العنف الصادر عن قوات الأمن جعلهم يتراجعون. خلال هجما ت قوات الأمن المتتالية استخدم بعض الأعوان بالزي المدني زجاجات من الغاز الخانق لتفريق المتجمعين . أصيب قيدوم النقابيين المناضل الطاهر العبيدي بجرح في جبهته كما وقع تعنيف النقابيين: رضا المهذبي الكاتب العام للإتحاد المحلي لمنزل بورقيبة، عبد الكريم الخالقي عضو المكتب التنفيذي، رضا الماجري، فتاح الهيشري عضو الإتحاد المحلي بمنزل بورقيبة، منصور البوغانمي ومجيد العباسي والمناضلة فاتن فرحات. طالب المتجمعون بمسيرة مساندة خلال عطلة نهاية الأسبوع والتفكير في آليات الدعم المادي لأبناء شعبنا في غزة. أبوالوليد
رئيس وزراء تونس يقود مظاهرة تنديدا بالاعتداء الإسرائيلي على غزة
تونس أول يناير كانون الثاني /رويترز/ خرج ألوف التونسيين يتقدمهم رئيس الوزراء محمد الغنوشي اليوم الخميس في مظاهرة حاشدة بالعاصمة تنديدا بالغارات الإسرائيلية على قطاع غزة والتي أدت حتى الآن إلى مقتل حوالي 400 فلسطيني وجرح أكثر من 1700 آخرين. وطالب المتظاهرون الذين رفعوا لافتات تدعو غزة للصمود بوقف الهجمات الإسرائيلية فورا. وشارك في المظاهرة التي جابت شارع محمد الخامس بالعاصمة ممثلون عن عدة منظمات نقابية من بينها نقابة الصحفيين والاتحاد العام التونسي للشغل إضافة لأحزاب سياسية مختلفة كما شارك فيها عبد الله القلال رئيس مجلس المستشارين ومحسن عباس شيخ مدينة تونس. وردد المتظاهرون //غزة غزة رمز العزة// و//بالروح بالدم نفديك فلسطين//. كما رفعت أعلام فلسطين والعراق وتونس ورفع آخرون صورا للرئيس العراقي السابق صدام حسين وأغلقت عشرات من قوات الشرطة كل الممرات المؤدية إلى سفارة مصر المحاذية لشارع محمد الخامس حيث مرت المظاهرة تحسبا لاي ردود فعل ضد السفارة. وهاجم متظاهرون في عدة بلدان عربية مصر بسبب عدم فتح معبر رفح وفي اليمن اقتحم محتجون السفارة المصرية. وحرق المتظاهرون في تونس أعلام إسرائيل وصور الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جورج بوش. كما رفع عشرات الصحفيين أحذيتهم بأيديهم بينما أشهر أعضاء من اتحاد الكتاب التونسيين أقلامهم تعبيرا عن ان سلاحهم هو الكتابة. واستمرت الهجمات الجوية الإسرائيلية على القطاع اليوم الخميس لليوم السادس وحشد الجيش الإسرائيلي قواته المدرعة وقواته البرية على طول الحدود استعدادا لغزو محتمل لغزة.
(المصدر: وكالة (رويترز) للأنباء بتاريخ 1 جانفي 2009)
رياض الشعيبي – باحث تونسي في الفكر السياسي بان منذ اللحظة الأولى لمعركة غزة أنّ الصراع بين مشروع المقاومة وحملة فرض التسوية يدخل جولته الثانية بعد أن حققت المقاومة اللبنانية انتصارها الحاسم في مرحلته الأولى. فالغارات التي يشنها الطيران الإسرائيلي على غزة تعيد إلى الذاكرة أحداث صائفة 2006 في لبنان. إذ أنّ التصريحات الإسرائيلية هي نفسها والموقف الرسمي من بعض الدول العربية في تبرير العدوان هو نفسه والتشكيلات السياسية الفلسطينية تذكرنا بالانقسام اللبناني المتواصل. بل حتى الأهداف التي أعلنت عنها القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية بقيت نفس الأهداف أي محاربة إرهاب حزب الله في المرة الأولى وحماس هذه المرة وأن لا تراجع إلا بتصفية هذا الإرهاب. ومع ذلك بدأ المشهد الغزاوي ينحو لمخالفة قواعد اللعبة الإسرائيلية مثلما استعصى الواقع اللبناني عن آليات التخطيط الإسرائيلي من قبل. لقد بدأت معركة غزة منذ حوالي ستة أشهر عندما أغلقت المعابر وأعلن الحصار التام لأكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني في منطقة لا تزيد مساحتها عن ثلاث مائة كيلومتر مربع. فتارة منع الوقود ومرة الغذاء وثالثة الدواء وأخرى الحصار السياسي والدبلوماسي وهكذا تتدحرج الخطة الإسرائيلية مثل كرة الثلج فلا تقارب نهاية المنحدر إلاّ وقد أصبحت من الخطورة والصلابة ما ينذر بالزلزال الكبير. وبالفعل فقد أعلن أخيرا الإسرائيليون خطتهم ووحّدوا جبهتهم الداخلية لدعمها نظرا للأهمية الإستراتيجية لأهداف هذه الخطة ولخطورة الآثار المحتملة في حال فشلها. وفي إطار تعبئة الموارد لإنجاح هذه الخطة قسم المخطط الإسرائيلي الأدوار بين: – العمل المباشر: متمثلا في تشديد الحصار السياسي بغلق المعابر ومنع تدفق الأموال وخنق الاقتصاد وتعطيل أي عمل قد يحسن من الظروف المعيشية للمواطنين. كل ذلك من أجل خلق واقع يائس قد يتحول فيما بعد إلى انفضاض من حول حماس وعزل لمناضليها حتى تسهل تصفيتهم في وقت لاحق. -تعزيز أطر الاهتراء الداخلي: فقد شجع الإسرائيليون حالة الانقسام داخل الساحة الفلسطينية، بل ولعبوا في اغلب الأحيان دورا محددا في العلاقات الفلسطينية/الفلسطينية إما من خلال الاشتراط على منظمة التحرير عدم التفاوض معها إن لم تستسلم للاملاءات الإسرائيلية فيما يخص الحوار الداخلي أو عن طريق الضغط الأمريكي المباشر على السلطة الفلسطينية في رام الله أو بافتعال محاور إقليمية عربية مؤيدة لهذا الطرف أو ذاك. -تقوية تأثير المحيط الإقليمي المحفز: شهدت القضية الفلسطينية حالات جذب ودفع لكن كان المطلب الإسرائيلي دائما أن تبقى هذه القضية فلسطينية خالصة دون ربطها بمحيطها العربي ولا الإسلامي، لكن يبدو أن الإسرائيليين قد انتبهوا أخيرا إلى أن المحيط الجغراسياسي والإقليمي يمكن توظيفه لتكريس سياساتهم وأهدافهم خاصة في ظل تهرم الأنظمة السياسية العربية وضعفها واستعدادها للنجاح فيما يوكل لها من مهام مقابل الرضى الاميريكي ومن خلفه الدولي وتوفير الدعم لبقائها في السلطة. فلاحظنا أن النظام الرسمي العربي في أغلب تشكيلاته مثل الحلقة الأقوى في حصار القرار الفلسطيني المستقل والمقاوم. -استغلال الوضع الدولي المناسب وتوظيفه: اتسم الوضع الدولي منذ قدوم بوش إلى السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية بالتحفز الشديد للقبول بمنطق القوة وشرعية الأمر الواقع لذلك لم يجد الإسرائيليون أنسب من هذا الظرف لإعلان حروبهم من دون خشية لا من القانون الدولي ولا من الضغوطات السياسية الخارجية. ويبدو أنهم أرادوا الاستفادة قدر الإمكان من هذه الحالة الدولية في فرصتهم التي قد تكون الأخيرة لخوض مثل هذه المعارك غير المبررة أخلاقيا ولا قانونيا ولا حتى سياسيا. هذه هي مقومات الخطة الإسرائيلية، مرحلتها الأولى الحصار والعزل والإضعاف ومرحلتها الثانية القصف والاجتياح لتكون مرحلتها الأخيرة استثمار نتيجة المعركة لتحقيق أهدافها. فلقد أدت كل الأطراف مهمتها كاملة لكن عوض أن تنتظر إسرائيل اكتمال آثار الحصار أو ما تتوقعه من نتائج قد يؤدي إليها نراها تستعجل الغارات على غزة. فما الذي يبرر ذلك؟ يبدو أن اختراق القرار السياسي الفلسطيني وانتهاك استقلاليته قد أصبح أولوية في السياسات الإسرائيلية منذ مؤتمر مدريد سنة 1992. وقد نجحت في ذلك بتفاوت طوال المرحلة السابقة إلاّ أن ما أبداه الشهيد ياسر عرفات من تمسك بالثوابت الوطنية، قد ألجم صناع القرار الإسرائيلي وحول حلمهم الوردي إلى كابوس هستيري. هذا الوضع لم يجد الإسرائيليون غير سفك دم جديد لتجاوزه، وقد كان هذه المرة دم عرفات نفسه أمام اليأس من إمكان تطويعه. ولأنّ أبو مازن كان دوما مثار جدل على الساحة الفلسطينية لأدواره الهامة التي لعبها في المفاوضات السرية ولاستجابته للطلب الأمريكي للحد من صلاحيات أبي عمار ولتعهده المعلن بتجريم المقاومة وعزلها، نظرا لكل ذلك فان قدومه للسلطة مثل نجاحا آخر للتدخل الإسرائيلي في الشؤون الفلسطينية الداخلية، ومؤشرا على دخول مرحلة جديدة في مسار تسوية القضية الفلسطينية. ثم وأمام الحرص الأميركي على أن تكون التسوية دائمة كان لا بد من توفير غطاء من الشرعية لأي اتفاق قد يبرم مع الفلسطينيين. فجاءت قضية الانتخابات الفلسطينية، عنوانها الشرعية الشعبية وتقوية مؤسسات السلطة وأهدافها الديمقراطية التطبيعية. غير أن فوز حماس الساحق في هذه الانتخابات لم يمثل مجرد مفاجأة وإنما الحسم النهائي لصالح خيار المقاومة في مقابل سياسات التسوية. وقد قرأت إسرائيل هذا الحدث ذا الطابع الاستراتيجي جيدا، فأعلنت منذ اللحظات الأولى معارضتها لنتائج الانتخابات ورأت أن الشعب الفلسطيني بهذا الخيار قد افسد كل مخططاتها. في هذا الإطار جاءت الخطط الإسرائيلية المتتالية والتي آخرها « الكرة المتدحرجة ». وهذا ما يبعث على الاعتقاد في أن هذه الخطة ليست جديدة على الأقل في روحها. فالسياسات الإسرائيلية تجاه قطاع غزة منذ تولي الحكومة الفلسطينية المنتخبة كانت كلها توحي بهذا التدحرج أي بهذا التصاعد في الحصار والإعداد المتكاثف للمواجهة الشاملة. فبعد المعالجات الموضعية لقضية إطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية جاء الاجتياح الجزئي للقطاع ثم سياسة العقاب الجماعي من خلال الحصار وغلق المعابر وأخيرا إعلان الحرب المفتوحة. غير أن التحول للمرحلة الأخيرة من العملية المتدحرجة لم يأت تعبيرا عن مسار نسقي متصاعد من الضغط وإنما نلاحظ القفزة التي عبرت عنها السياسات الإسرائيلية من مرحلة الحصار إلى المحطة الأخيرة المتمثلة في المواجهة الشاملة. إن مرحلة الإعداد للانتخابات الإسرائيلية لم تكن المناسبة الأفضل لشن مثل هذه العمليات الواسعة إما لضعف الحكومة الإسرائيلية الآيلة للتغيير وعجزها عن تمرير مثل هذه الخيارات أو لتسويق كل الأطراف الإسرائيلية المتنافسة لخطاب السلام الذي يتناقض مع حالة التصعيد، أو للتأكيد على أهمية الأمن الإسرائيلي والتخوف من أن يؤدي التصعيد إلى ردود فعل قد تخرج على السيطرة مثل العمليات الاستشهادية أو إطلاق الصواريخ الأمر الذي قد يؤثر على الحظوظ الانتخابية لهذا الطرف آو ذاك. إن ما يدعونا لاعتبار قرار الحرب الشاملة على غزة قرارا استباقيا، أنّ إسرائيل لم تعدم الوسائل في مواجهة حماس من اغتيالات داخلية وخارجية، سياسية وعسكرية، أو مواصلة الحصار السياسي والميداني لها. وربما كان الوقت سيكون كفيلا بتفتيت سلطتها في غزة وانكماش تأثيرها وعجز خياراتها. لكن مع أن مرحلة الحصار والخنق في خطتها لم تنته بعد إلا أنها لم تنتظر ولم تراع التدفق المتصاعد لسياساتها بل انتقلت إلى المرحلة الأخيرة. إن ملاحظة تطور الأحداث ينبهنا إلى عوامل قد تكون وراء هذا الحسم، منها أنّ صانع القرار الإسرائيلي يرى أنّه بات من الضروري الاستعجال في حسم مسألة غزة نظرا لعدة أسباب: -قد يتمثل السبب الأوّل في أن سياج الحصار حول حماس وحول غزة بدأ يتفتت نتيجة صبر الفلسطينيين ومقاومتهم ونتيجة المد الشعبي العربي والإسلامي والدولي الذي ناصر غزة المحاصرة ودعم صمودها. -السبب الثاني يتمثل في عجز السلطة الفلسطينية على المسك بزمام المبادرة والتأثير الفعلي في واقع المقاومة. وقد تجلى ذلك في فشل مشروع دحلان ثم الطيب عبد الرحيم، فكان لا بد من التدخل المباشر للقيام بدورها في تصفية المقاومة. -السبب الثالث أن السلطة الفلسطينية معرضة لاهتزازات عنيفة نتيجة انتهاء ولاية عباس وحرص أطراف فتحاوية على انجاز مؤتمرها القادم في اقرب الآجال وهو ما يدعو لتوقع تغيرات في التركيبة القيادية لفتح قد لا تتساوق مع السياسات الإسرائيلية. -السبب الرابع الخشية من أن وصول الديمقراطيين للسلطة في الولايات المتحدة سيعطل مشاريعهم على الأقلّ من جهة حاجتهم لبعض الوقت لترتيب بيتهم الداخلي واستيعاب الواقع السياسي الخارجي. فمعظم الإدارات الأميركية المتعاقبة كانت تحتاج لمثل هذا الوقت في بداياتها وهذا من شأنه أن يعطل نسق السياسات الإسرائيلية. -السبب الخامس أنّ السياسات الإسرائيلية قد منيت بهزيمة إستراتيجية في لبنان وان المجتمع الإسرائيلي بحاجة لرد اعتبار ولرفع من معنوياته قد تكون غزة فرصة سانحة لتحقيق هذا الهدف. -السبب السادس يتمثل في أنّ غزة قد تكون في نظر الإسرائيليين فرصة حقيقية للتدرّب على خطط عسكرية لاعتمادها في حروب قادمة في جنوب لبنان أو حتى مع سوريا. والمتابع للمناورات والتدريبات العسكرية في شمال فلسطين أو على الحدود مع سوريا يلاحظ أن سيناريو الحرب في تلك البقاع يعد الشاغل الأهم في الفكر العسكري الإسرائيلي. ما نستنتجه إذن أنّ الخطة المتدحرجة الإسرائيلية في غزة قد انطلقت منذ مدة طويلة وليس السبت الماضي. لكن المهم أيضا ملاحظته أن هذه الخطة قد تدحرجت بالفعل لكنها وحتى تدرك السبت الماضي كان لا بدّ من أن تقفز في الهواء أو أن تسارع حركتها بشدة – وهذا لم يحصل بالفعل- قبل أن تصل مرحلتها الأخيرة. فلا موجب نوعي ولا واقعي لان تبلغ ما بلغته اليوم، وهنا بالضبط يكمن ضعف السياسة الإسرائيلية. فقدرتها على التخطيط مشهود لها، وما دام هذا التخطيط يراعي اللين في التنزيل ويقيس بمقادير حدود الإمكان فانه يحقق أهدافه. أمّا متى يتحول إلى رعوانية واعتباطية فانه يطلّق النجاعة والفاعلية. فالهجوم على غزة سلط الأضواء من جديد على القضية الفلسطينية باعتبارها أحد المحاور المحدّدة في السياسة الدولية، كما عبّأ القوى الرافضة للسياسات الإسرائيلية بالمنطقة وأجج من مقاومتها لهذه السياسات. مثلما أن بعض الأطراف الفلسطينية و الأنظمة العربية التي حاولت تسويق منطق حصار حماس في غزة واستهدافها في الساعات الأولى للحرب، نراها اليوم تعجز عن الاستمرار في هذا الخطاب أمام الضغط السياسي والشعبي الذي يواجهها وتأخذ مسافة أبعد عن السياسات الإسرائيلية. وإنّ هذه السياسات العدوانيّة لا تستطيع أن تصمد طويلا أمام الضمير الأخلاقي الدولي والحسابات السياسية الداخلية. فالخروج للشارع في مدن وعواصم العالم العربي والغربي يمثل إدانة صارخة لهذه السياسات لا قبل لإسرائيل ذات الوضع الهش والتي تتغذى أخلاقيا من تسويق خطاب الاستضعاف، على تحمله. ورغم أنّ الخطاب الإسرائيلي يتحدث عن جاهزيته لحرب طويلة فان امتداد أيام الهجوم الجوي وتواصل صواريخ المقاومة في انتظار ملحمة المواجهة البرية والانزلاق في « بقعة الزيت » التي رسمتها حماس، هذا فضلا عن الحسابات الانتخابية التي ستظهر بعد برهة وتزايد التمايز السياسي والاصطفاف وراء قدسية الحقوق الفلسطينية كلها عوامل ستجعل من المرحلة الثانية من المواجهة الإستراتيجية بين مشروع المقاومة من جهة وفرض التسوية من جهة أخرى، مماثل لنتائج المرحلة الأولى التي تحققت في جنوب لبنان.
مظاهرات غزة
محمد كريشان المظاهرات الصاخبة المنددة بما يجري في غزة والتي اجتاحت كل البلاد العربية قد تكون شكلت مفاجأة لكثيرين لسببين على الأقل، الأول أنه ساد اعتقاد ما بأن القضية الفلسطينية، وبسبب ما عرفته في الفترة الماضية من شقاق ومزايدات داخلية، لم تخلف في وجدان الرأي العام سوى المرارة المحبطة لأي تحرك تضامني حار معها، والثاني أن لكل مواطن عربي في بلاده من الهموم والمنغصات المعيشية والسياسية ما يحول دون تبلور همة خاصة للتنديد بشؤون أخرى حتى وإن كانت لها مكانتها في وجدانه تاريخيا.الآن اتضح أن الأمرين خاطئان أو على الأقل لم يكونا بالشكل الذي تصوره كثيرون. تعامل السلطات العربية مع هذه المظاهرات المحرجة لها لم يخرج عموما من بلد إلى آخر عن ثلاث صيغ، إما المنع والقمع التقليديان أو ترك الشارع يعبر بالكامل عما يختلج فيه من مشاعر أو اختيار المنزلة بين المنزلتين بمعنى السماح بمظاهرات لا تخرج عن رقعة محددة بما يحول دون اتساعها. وفي كل الأحوال فإن هذه المظاهرات لا يمكن سوى أن تؤكد لأصحاب القرار في البلاد العربية أن الملف الفلسطيني بات شاءوا أم أبوا ملفا داخليا لم يكن ممكنا لا في السابق ولا في الظرف الراهن التعامل معه على أنه شأن خارجي لا يختلف عن أي شأن خارجي آخر في أمريكا الجنوبية أو آسيا. ورغم كل ما جرى في السنوات الماضية من محاولات، مقصودة أو غير ذلك، لفك الارتباط بين المسألة الفلسطينية وعمقها العربي إلا أن ذلك فشل فشلا ذريعا، وإلى الآن ما زال هناك من المسؤولين والمعلقين الأجانب من لم يفهم بعد أو لم يستسغ كيف يمكن لمواطن في أقصى الجنوب الموريتاني أن يخرج غاضبا مما يجري في فلسطين وكأن الأمر يحدث في قريته الصغيرة. أما هذه المرة فقد خرج أيضا متظاهرون في العراق رغم أن فيها من المشاكل السياسية والنكد المعيشي ما كان يفترض أن يحول دون التعاطف مع أي شيء آخر سوى الدائرة الضيقة المحيطة بكل واحد. وتماما كما وقع صيف عام 2006 إبان الحرب على لبنان حين لم تقم الجماهير الغاضبة آنذاك وزنا لشبهة أن التنديد بما يجري في غزة إنما يعني التأييد لحــــزب الله، لم يكن في وارد الغاضبين الآن أن الخروج إلى الشارع يعني بالضرورة وآليا تأييدا لحركة حماس رغم أن كثيرا منهم بالتأكيد لديه هذه القناعة خاصة في أوساط التحركات التي دعت إليها أو قادتها أو هيمنت عليها تيارات إسلامية مختلفة في أكثر من عاصمة عربية. الملاحظ هنا أنه في الوقت الذي نرى فيه ان أغلب المظاهرات في البلاد العربية تعبر تعبيرا عفويا وصادقا عما يختلج في الصدور من غضب على العدوان الإسرائيلي والخيبة العربية الرسمية في التصدي له، ولكن ربما دون أفق واضح لكيفية التأثير العملي الذي يمكن أن تكون لهذه التحركات بسبب غياب أو ضعف المؤسسات والأحزاب والهيئات القادرة على تفعيل وتوجيه تحركات رأي عام ضخمة كهذه التي تحدث، فإن الأمل ربما يكون معقودا أكثر من هذه الزاوية على الجاليات العربية في الخارج التي خرجت غاضبة في الولايات المتحدة وأكثر من عاصمة أوروبية، وكذلك مظاهرات تركيا وأكثر من دولة إسلامية هامة لأن البيئة السياسية والجمعياتية هناك تسمح بـ’رأسملة’ هذه التحركات وتوظيفها بدرجات مختلفة أكثر وضوحا وانصهارا في قنوات المؤسسات القائمة بما يفرز في النهاية قدرة على الضغط أو التدخل الجاد لوقف الممارسات الإسرائيلية البشعة، في وقت ينظر فيه أغلب المسؤولين العرب، وغيرهم كذلك حتى من بين النخب، لتحركات الشارع الحالية على أنها مجرد فقاعة ستذهب مع الرياح كما ذهبت غيرها في ملمات أخرى لا تقل بشاعة. (المصدر: جريدة القدس العربي (يومية – بريطانيا) بتاريخ 1 جانفي 2009)
برهان غليون: لا حل إلا بمشروع مقاومة فلسطيني كامل
حوار – هادي يحمد اعتبر المفكر العربي برهان غليون، أستاذ علم الاجتماع السياسي ومدير مركز الشرق المعاصر في جامعة السوربون بباريس، أنه لا حل لمواجهة الأحداث الراهنة في غزة إلا بـ « مشروع مقاومة فلسطيني كامل لا يقتصر على حركة حماس »، ويقوم على مبدأي « الوحدة الوطنية » و »مشروع المقاومة »، مع التخلي عن الاعتماد على الوساطات الخارجية، فالحل، كما يقول غليون، « قائم عند الفلسطينيين أنفسهم، وليس في أي مكان آخر، ولا تجدي المراهنة على الأطراف الخارجية مهما كانت، عربية أو دولية ». وأكد غليون أن غزة « تدفع ثمن الأزمة المأساوية الإيديولوجية والسياسية والوطنية التي تعيشها الأمة العربية بأكملها »، مشبها الوضع في غزة بالوضع في لبنان في فترة سابقة، « فغزة بضعفها السياسي والإستراتيجي والاقتصادي تجذب جميع الأطراف للعب على ساحتها، وتنفيس تناقضاتها وخوض معاركها السياسية والرمزية على أرضها، بما في ذلك أطراف عربية وأجنبية ». وأبدى المفكر العربي استغرابه من شكوى الكثيرين من موقف الأنظمة العربية الحاكمة مما يحدث في غزة، فهذه الأنظمة، من وجهة نظره، « لا تعبأ بالرأي العام العربي، لأنها ببساطة لا تدين له بوجودها في الحكم واستمرارها في السلطة، وإنما تدين في ذلك إلى دعم المعسكر الغربي، الأوروبي الأمريكي، وتأييده وتغطيته السياسية والإستراتيجية، وبالتالي هو الذي تأخذه هذه الأنظمة في الاعتبار وليس رأي الجمهور العربي الذي تعرف كيف تواجهه بالعنف أو بالتلاعب أو بالتنفيس العاطفي ». وفيما يلي نص الحوار * كيف ترون الوضع الآن في غزة وما هو تقييمكم لما آلت إليه الأمور؟ – تعيش غزة اليوم وشعبها محنة حقيقية تجمع بين الحرب الغاشمة والحصار الطويل، تذكر بأيام النكبة الأليمة عام 1948 وتجددها، وهي تدفع في وقت واحد ثمن المقاومة المخططات الإسرائيلية والغربية، والتنافس بين الزعامات الإسرائيلية قبيل الانتخابات التشريعية القريبة، وانهيار التضامن العربي التقليدي، وانسحاب العرب من ساحة المواجهة، وكذب الدول العربية والإسلامية التي تتلاعب بالقضية الفلسطينية وتستخدمها مصدرا للتعويض عن فقدانها الشرعية السياسية، وجهل قادة حماس بقوانين السياسة الإقليمية والدولية، وضياع الرأي العام العربي وتشتت فكره، وبحثه عما ينفس عن كربه أكثر من مطالبته بخطة منظمة ورؤية واضحة للعمل الوطني، والحكم على سلوك القوى السياسة على أساس مقدرتها على تحقيقها أو السير بها خطوات ولو صغيرة إلى الأمام. باختصار غزة تدفع ثمن الأزمة المأساوية الإيديولوجية والسياسية والوطنية التي تعيشها الأمة العربية بأكملها، وهي بضعفها السياسي والإستراتيجي والاقتصادي تجذب جميع الأطراف للعب على ساحتها، وتنفيس تناقضاتها وخوض معاركها السياسية والرمزية على أرضها، بما في ذلك أطراف عربية وأجنبية، كما كان لبنان في فترة سابقة. * وضعت إسرائيل من ضمن أجندتها في العملية العسكرية الحالية هدفا لها هو تصفية ما تصفه بخطر حركة حماس الإسلامية الآتي من حدودها الجنوبية، فإلى أي حد هي قادرة على ذلك، سيما وأن حماس تمثل جزءا معتبرا من الشارع الفلسطيني ؟ – غليون: الهدف الرئيسي لإسرائيل هو توجيه ضربة قوية تزعزع سلطة حماس في غزة وتدفعها إلى الترنح والسقوط إذا أمكن، وذلك من خلال قصف مواقع السلطة ومؤسساتها، واستهداف المدنيين ليثوروا على هذه السلطة. والهدف البعيد هو بالتأكيد وضع حد لمقاومة الاحتلال، وفرض الأمر الواقع على الشعب الفلسطيني، في غزة والضفة على حد سواء. وهناك أهداف أرى ما وراء ذلك، فإسرائيل تمتحن في هذه الضربة إرادة الدول العربية، لترى أين وصل حدود تراجع تضامنها مع القضية الفلسطينية، وهي أيضا تستبق استلام الرئيس الأمريكي السلطة في واشنطن بوضع قواعد للعبة في المنطقة تظهرها بوصفها اللاعب الوحيد والقادر، وأنه لا يوجد للعرب وزن وليس هناك أي ضرورة لأخذهم بالاعتبار في تحديد سياسات واشنطن المقبلة في الشرق الأوسط. وهي تمتحن أيضا قوة اتفاق الشراكة المعززة الذي وقعته في 16 من الشهر الجاري مع أوروبا، وتحولت بموجبه إلى ما يشبه العضو الكامل في الاتحاد الأوروبي، وهو ينص على التعاون والحوار والتفاهم في مسائل عديدة ومنها المسائل الأمنية. لكن لن تستطيع الحملة العسكرية الإسرائيلية أن تقضي على حماس وسلطتها في غزة بالضرورة، بل ربما عززتها. إنما ليس هناك شك في أنها ستدمي شعب غزة وتساهم بشكل أكبر في تفكيك العالم العربي وتعميق الشرخ بين أعضائه ومحاوره، وتزيد الشك واليأس والإحباط عند الشعوب العربية، وتدفع إلى تفريغ العالم العربي ككل، حكومات وشعوبا، بصورة أكبر من ثقله النوعي، حتى يبدو عالما ضعيفا مفككا مشتتا تحكمه النزاعات والمشاحنات والمشاعر السلبية واليأس، لا يستحق الاعتبار ولا يؤخذ لأقواله وأفعاله حساب. وهذا ما يساهم أكثر في تدهور الموقف العربي، فوق تدهوره، ويفاقم من الأزمة السياسية والفكرية والوطنية التي يعيشها منذ عقود. * الموقف العربي حتى الآن يبدو كالعادة ضعيفا، وهناك قوى شعبية عربية تحمل مصر مسئولية ما يجري، فهل توافق على هذا التوجه؟ – للأسف في كل مناسبة من هذا النوع، أي أمام ضربات إسرائيل المتعاقبة على مناطق قوى أو شعوب عربية، تعود الشكوى من ضعف الموقف العربي كلازمة لا بد منها. كما لو أننا لا نزال غير مقتنعين بأن روح التضامن العربي القديمة قد زالت تماما، على الأقل في أوساط النخب والسلطات الحاكمة، وأننا لا نزال غير مدركين أنه لا تضامن ممكنا من دون تفاهم مسبق أو رؤية مشتركة تجمع بين المتضامنين. والقصد من هذا الكلام أن التضامن بالمعنى السياسي، وما بالك العسكري، ليس مزروعا في الدم والمشاعر وإنما يبنى بالعمل السياسي والدبلوماسي بين القوى، حتى عندما تكون من أسرة واحدة، ولا يقوم إلا على أسس واضحة تجعل المتضامن يشعر بأن تخاذله عن دعم حليفه لا يسيء إلى شريكه وإنما يرتب خسائر سياسية وإستراتيجية عليه هو أيضا. والحال أن ضرب هذا التضامن وإزالة فكرته من الوجود هو اليوم أحد محاور سياسة الهيمنة الغربية في الشرق الأوسط، وبالتالي فإن الأنظمة التي تمتنع عن إظهار هذا التضامن أو تعطله لا تخسر وإنما تربح دعما إضافيا أو على الأقل تضمن استمرار الدعم الغربي لها. بالتأكيد يثير هذا الموقف الرأي العام العربي، بيد أن الأنظمة الحاكمة اليوم لا تعبأ بالرأي العام العربي، لأنها ببساطة لا تدين له بوجودها في الحكم واستمرارها في السلطة، وإنما تدين في ذلك إلى دعم المعسكر الغربي، الأوروبي الأمريكي، وتأييده وتغطيته السياسية والإستراتيجية. وهو الذي تأخذه هذه الأنظمة في الاعتبار وليس رأي الجمهور العربي الذي تعرف كيف تواجهه بالعنف أو بالتلاعب أو بالتنفيس العاطفي. ولا تختلف مصر في هذا عن باقي الدول العربية. وبالرغم من أن لمصر مسئوليات إضافية بوصفها الدولة العربية الأكبر والمتاخمة لغزة التي ترتبط بها بروابط جغرافية وبشرية قوية، إلا أنها ليست الوحيدة المسئولة عن تقويض أسس التضامن العربي، الذي يشكل وحده ورقة يمكن الرهان عليها لإجبار إسرائيل على أخذ المطالب الفلسطينية بالاعتبار. وليس هناك من بين الحكومات العربية حكومة واحدة أظهرت في العقدين الأخيرين انشغالها بتطوير التضامن العربي أو حتى الحفاظ عليه، وقامت بالحد الأدنى من التضحيات المطلوبة لاستيعاب تناقضات العالم العربي ومصالحه المتعددة والمتضاربة وسعت إلى تذليلها وتجاوزها. بالعكس، لقد تنافست الأنظمة على التحلل من ارتباطاتها والتزاماتها العربية الجماعية، وقام كل نظام بتحميل المسؤولية على النظام الآخر ليبرر موقفه ويعززه أمام رأيه العام. وهكذا عمل الجميع، كل بطريقته وأسلوبه وخطابه الخاص على تعميق الشرخ داخل أقطار العالم العربي، بما في ذلك داخل الصف الفلسطيني نفسه. من هنا ينبغي في نظري أن نحمل جميع النظم العربية المسئولية الجماعية عن تحطيم التضامن السياسي العربي، وإفراغ الفكرة العربية نفسها من مضمونها، والانكفاء نحو إستراتيجيات قطرية عن سابق إدراك وتصميم. وتستثمر جميع الأنظمة، بوسائلها وحسب رزنامتها الخاصة، تحطيم التضامن العربي وقتله لتحسين علاقتها بالكتلة الغربية. وكلها في نظري شريك في الجريمة. * كنت اعتبرت في حوار سابق أن وضع حماس في مقدمة الحكم في غزة هو خطأ استراتيجي لن تقوى على تحمله ألا زلتم على هذا التحليل؟ – أكثر من أي وقت سابق، فالحركات الإسلامية، عموما، منتجة في المقاومة، ربما أكثر من الحركات القومية أو الوطنية أو العلمانية، حيث أنها تحظى برصيد من العطف الشعبي يقوم على قاعدة قوية من الأفكار والاعتقادات والرموز التي بقيت وحدها حية بعد الزلزال الذي أصاب الإيديولوجيات الكلاسيكية اليسارية والليبرالية في مجتمعاتنا. لكنها غير منتجة، بل ذات نتائج سلبية، في الحكم، لأنها تحرم الشعب الذي تحكمه من أي هامش مناورة أو مبادرة سياسية على الساحة الإقليمية والدولية معا. فالعالم كله، بحكوماته ورأيه العام معبأ ضد الحركات الإسلامية التي يطابق بينها والعنف والإرهاب والتعصب والردة للماضي والظلامية، وليس هناك أي فائدة في أن تحمل القضية الوطنية لأي شعب عبء هذه الصورة المروعة، التي نجمت عن وقائع جزئية بالفعل مثل ممارسات بعض فرق السلفية الجهادية، لكن بشكل أكبر عن عملية غسل الدماغ المتواصل والواسع النطاق التي مارستها أجهزة الإعلام وبعض المثقفين الغربيين أيضا على الرأي العام العالمي. ولذلك عندما تستلم حركة إسلامية الحكم لا تدفع إلى عزل الشعب الذي تريد أن تقوده، حتى لو كان مجمعا عليها، عن العالم فحسب، وهذا ما حصل لغزة، حتى على المستوى العربي، وهو ما يحصل لإيران وما حصل لأفغانستان وللسودان من قبل، وإنما تجعل من مهاجمته ومعاقبته هدفا للنظام الدولي بأكمله. وهذا ما يفسر ضلوع هذا النظام الدولي الفعلي مع القنابل الإسرائيلية التي تسقط على شعب غزة، إلى درجة ساوى فيها بيان الأمم المتحدة فيها بين العنف الإسرائيلي وعنف حماس، وبرر بصورة غير مباشرة العدوان الإسرائيلي باعتباره نوعا من رد الفعل، وأقصى ما يمكن أن ننتظره من الرأي العام العالمي اليوم هو أن يقول إن العنف الإسرائيلي لا يتناسب مع العنف الفلسطيني. لكن من وراء كل ذلك ضاعت القضية الرئيسية التي تتجاوز العنف من أي طرف جاء، وأعني قضية الاحتلال. يضاف إلى ذلك غياب أي خطة منظمة للمقاومة واللجوء من أجل تأكيد التميز عن فتح أو غيرها من الحركات إلى سياسة التراشق بالصواريخ التي لا تفيد شيئا سوى في تقديم مادة دسمة للإعلام الدولي المحب لإسرائيل يستخدمها من أجل التغطية على العدوان الإسرائيلي الجوهري الكامن باستمرار الاحتلال، وإبراز المسألة وكأنها تعنى بأمن إسرائيل، الدولة العضو في الأمم المتحدة التي تتعرض لإرهاب قوى غير منظمة وغير مسؤولية. والحال إن ما ينبغي علينا أن نفعله هو تجنب كل ما من شأنه أن يغطي على القضية المركزية في النزاع العربي الإسرائيلي، وهي قضية الاحتلال والاستعمار المرتبط به، ولا نقدم لإسرائيل وأبواقها الدولية القوية ما يساعدها على التشويش على الرأي العام الدولي. بالمثل، لا ينبغي استخدام العنف الشرعي والمشروع الذي يخوله لنا حق الدفاع عن النفس وطرد الاحتلال للتنفيس عن الغضب وإلهاب المشاعر والتغطية على الشعور بالعجز واليأس والإحباط، وإنما أن نوفره للاستخدام الناجع ضمن رؤية إستراتيجية وخطة مقاومة منظمة وطويلة النفس تهدف إلى فضح الاحتلال وتعريته واقتلاعه. فليس المطلوب مقاومة تعبر عن الوجود وإنما تغير الموجود، وتبدل الأوضاع السلبية القائمة. وهذا يحتاج إلى بلورة خطة عمل للمقاومة تتجاوز رشقات الصواريخ الروتينية وتسمح بالتفاف أوسع قطاعات الرأي العام الفلسطيني حولها، كما يحتاج إلى ضمان الوحدة الوطنية الفلسطينية وتوسيع هامش مبادرة الشعب الفلسطيني السياسية في المنطقة وعلى الساحة الدولية. ولا يمكن لحركة مطبوعة بالصبغة الدينية، مهما كان إخلاصها للقضية وحماسها لها، أن تحقق هذه الشروط. لكن بإمكانها أن تلعب بامتياز دور المعارضة والمقاومة وتترك لقوى أخرى، وطنية جامعة، مسألة قيادة سلطة لا تزال، مهما كابرنا على أنفسنا، تستمد شرعيتها من الاحتلال وتتبع له عمليا في كل شيء. بالتأكيد هذا ليس وقت المحاسبة، لكن لا أزال أعتقد أنه كان بإمكان حماس أن تتعفف على السلطة، وأن تفاوض على نجاحها الانتخابي مقابل تأليف مثل هذه الحكومة الوطنية الواسعة التي لا تبقي السلطة احتكارا لفتح أو لفريق محمود عباس، لكنها لا تقبل بحمل مسؤوليتها وحدها. وكان بإمكانها أن تشكل السوط المحرك للإصلاح داخل السلطة القائمة والرقيب الدائم عليها. * ما هي الخيارات المطروحة أمام حماس في الوقت الحالي و كيف تستشرفون مستقبل قطاع غزة بعد هذه المواجهة؟ – الآن أصبح الوضع أكثر تعقيدا، فالعدوان الإسرائيلي الراهن جاء تتويجا لإخفاق محادثات رأب الصدع الفلسطيني، واستفاد منه إلى حد كبير. وكما أن من الصعب على حماس أن تقبل بما كانت ترفضه من قبل من دون أن تعطي ثمنا للعدوان، كذلك من الصعب على السلطة الفلسطينية التي أخفقت هي أيضا في الحفاظ على وحدة الصف الفلسطيني بسبب سياساتها العصبوية، وفساد جزء كبير من كادرها واستقالتها السياسية، أن تقبل بما سيترجم من قبل إسرائيل على أنه إعادة الاعتبار لحماس وسلطتها في غزة. ما يمكن أن تفعله حماس هو أن تنسى انتصارها الانتخابي الماضي، ولا تظل متعلقة به، وأن تعمل على إعادة بناء السلطة في غزة على أسس جديدة تضمن التعددية السياسية ومشاركة كبيرة لقوى وطنية مستقلة، يمكن أن تمهد لمفاوضات جديدة مع السلطة الوطنية، لا من أجل تقاسم المناصب مناصفة، وإنما من أجل توسيع مفهوم حكومة الوحدة الوطنية التعددية وتعميمها على جميع المناطق الفلسطينية، والقبول بالحد من نفوذ فتح وحماس معا في الحكومة الموحدة القادمة. ينبغي أن يكون هدف التسوية ومحورها وغايتها معا أمران: الحفاظ على الوحدة الفلسطينية من جهة وعلى خط المقاومة للاحتلال من جهة ثانية. وإعادة النظر في جميع الشؤون الأخرى على أساس هذا الهدف. وفي اعتقادي لا مخرج من الأزمة الفلسطينية المستمرة منذ سنوات والتي شجعت وستشجع إسرائيل على الاستهتار بالحقوق الفلسطينية واستسهال العدوان والجريمة بحق الفلسطينيين، إلا بدفع فتح وحماس معا ثمن الكارثة التي حلت بالشعب الفلسطيني. هذا يعني أن الحل قائم عند الفلسطينيين أنفسهم، وليس في أي مكان آخر. ولا تجدي المراهنة على الأطراف الخارجية مهما كانت، عربية أو دولية. فإذا رفض الفلسطينيون أن يقوموا بواجبهم تجاه قضيتهم، فلن يقوم بهذا الواجب أي طرف آخر عوضا عنهم. وإذا لم يقتنع الفلسطينيون بضرورة العمل جبهة واحدة للاحتفاظ بمقدرتهم على مقاومة الاحتلال، فلن تفيدهم وساطة أحد ولا ضغوطه ولا تأييده. فكل طرف من الأطراف العربية والإقليمية لا يتدخل إلا لخدمة مصالحه السياسية والإستراتيجية، ولن يكون حافزه للتدخل سوى استغلال النزاع الفلسطيني- الفلسطيني من أجل تحقيق أهدافه الخاصة. ولا يعني توسيط هذا الطرف الخارجي أو ذاك، سواء أكان الطلب من قيادة فتح أو حماس، سوى التهرب من الحوار والوصول إلى حل، والتمسك بالسلطة، حتى لو كانت على حساب القضية الوطنية وعلى أنقاضها. (المصدر: موقع « إسلام أونلاين.نت » (القاهرة – الدوحة) بتاريخ 30 ديسمبر 2008)
مجزرة غزة أخمدت الشراكة مع إسرائيل وأشعلت الانتفاضة ضد الحكام
د. عصام نعمان ليس الميدان من سيحدد هوية المنتصر في معركة غزة بل السياسة. ما جرى ويجري في غزة معركة، لكن ما جرى ويجري في المنطقة حرب. السياسة ستقرر نتيجة الحرب او فيها ستتقرر. وهي نتيجة بدأت ملامحها ترتسم في غزة وتشي بحقيقة بازغة : إخماد شراكة إنعقدت، او كادت، بين بعض العرب ‘المعتدلين’ وإسرائيل، ونجاح العرب المتشددين، بل المقاومين، في إشعال نار إنتفاضة شعبية عارمة ضد الحكام المتواطئين والمتخاذلين . جورج دبليو بوش أعلن ‘الحرب ضد الإرهاب’ عقب هجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001. حربه تلك تحوّلت حرباً ضد الشعوب ومقاومتها الضارية للهيمنة الإمبراطورية الأمريكية والصهيونية العنصرية والرأسمالية المتوحشة . بعض العرب ‘المعتدلين’ إلتحق بحرب بوش العدوانية بدعوى المشاركة في مكافحة الإرهاب. بعضهم الآخر سعى إلى تطوير المشاركة في مكافحة ‘الإرهاب’ إلى شراكة مع أمريكا وإسرائيل في مواجهة شعوب وحركات سياسية معادية للهيمنة الأمريكية وللصهيونية العنصرية ولنظم استبدادية ورجعية تنهب خيرات الشعوب . عشية الهجمة الوحشية على غزة كان نظام الشراكة بين بعض الحكام ‘المعتدلين’ وأمريكا وإسرائيل قد إكتمل أو كاد. موضوع الشراكة ومحورها العداء لإيران. لماذا إيران؟ لأنها نجحت في إكتساب التكنولوجيا النووية وسلكت طريقها إلى صنع قنبلة ذرية، وربما الى تسليح حركات المقاومة في المنطقة بأسلحة دمار شامل خفيفة . إيران هي الخطر العاجل. إسرائيل هي الخطر الآجل. بل ان بعضاً من أهل ‘الاعتدال’ ذهب إلى أبعد من ذلك بإجازته التحالف مع إسرائيل، ضمناً أو علناً، من اجل مواجهة إيران . بدعوى أن إيران هي الخطر العاجل، فقد تورط فريق من عرب ‘الاعتدال’ في بلورة مخطط متكامل يرمي إلى تسوية قضية فلسطين على نحوٍ يُعطي أهل ‘الاعتدال’ من الفلسطينيين كياناً وسلطة بحدود دنيا. هذا من شأنه، في رأي المخططين، إرضاء شريحة كبيرة منهم من دون الإساءة إلى أمن إسرائيل . في هذا الإطار تولّت قيادات نافذة من أهل ‘الاعتدال’ مهمات سياسية لترويض المتشددين من أهل المقاومة ووضعهم تحت إبط محمود عباس بما هو رجل ‘الاعتدال’ النموذجي والشريك الأفضل لإسرائيل في تخريج تسوية مناسبة للصراع . جرت اتصالات واجتماعات ومؤتمرات كثيرة في القاهرة وواشنطن والرياض وعمان ورام الله من اجل بلورة التسوية المرتقبة وتخريجها. غير ان الإنتخابات التشريعية التي انتهت إلى فوز مبين لحركة ‘حماس’ أربكت أهل الاعتدال وعطلت مخططهم. إزاء ذلك، باشر عرب ‘معتدلون’ بالاشتراك مع بعض اقرانهم من الإسرائيليين المعتدلين بإعداد خطة لضرب حركة ‘حماس’ وإخراجها من السلطة الفلسطينية . يقدّرون فتضحك الأقدار . أحسّت ‘حماس’ بأن العدّ التنازلي قد بدأ للإنقلاب عليها في قطاع غزة بغية تجريدها من السلاح والسلطة وبالتالي المقاومة، فتحركت بسرعة وقوة وتغدّت جماعة محمد دحلان وحلفائه قبل ان يتعشوها. منذ 17 حزيران/يونيو 2007 يتحدث محمود عباس وجماعته عن ‘انقلاب’ قامت به ‘حماس’ في غزة، وان السبيل الوحيد لإستعادة وحدة العمل الفلسطيني إنما تكون بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه . ‘حماس’ وحلفاؤها رفضوا هذا ‘الحل’ الفئوي، فكان ان باشر أهل ‘الاعتدال’، بالتعاون مع شركائهم من الإسرائيليين ‘المعتدلين’ بفرض سلسلة عقوبات متصاعدة لإنهاك ‘حماس’ وحملها على التراجع. في هذا السياق جرى إلقاء القبض على عشرات النواب الحمساويين وزجهم في سجون إسرائيل، وفرض الحصار على قطاع غزة، وإقامة حكومة اسماعيل هنية الإئتلافية. الاعتقالات والإقالات والحصار والتجويع فشلت جميعا في ترويض ‘حماس’ وإعادتها الى بيت الطاعة. لكن العلاج لدى أمريكا وإسرائيل لمثل هذه الحالات معروف. إنه السلاح الأخير: الحرب . عندما اخفق الحصار على العراق في ترويض صدام حسين، جرى اللجوء الى الحرب سنة 2003. وعندما فشل الحصار السياسي في تجريد حزب الله من السلاح جرى اللجوء الى الحرب سنة 2006. وعندما اخفق أهل ‘الاعتدال’ في كسر شوكة ‘حماس’ أو في ترويضها، جرى اللجوء الى الحرب أواخر سنة 2008. الحرب هي السلاح الأخير. تلجأ إليه أمريكا أو إسرائيل بالاستخدام غير المتكافئ للعنف الأعمى وتحاولان تسويغه وتمريره بالاعتماد على التخاذل المفرط لدى أهـل ‘الاعتدال’، بل على تواطؤ هؤلاء المكشوف مع إسرائيل الذي بلغ، في حالة غزة، مستوى الشراكة الكاملة في تصميم العدوان . إذ انكشف التخاذل والتواطؤ والشراكة المخزية مع العدو على هذا النحو، ما العمل؟ الجواب: آن أوان الصدق في المصارحة والموضوعية في التحليل والجذرية في المعالجة . إن حكاماً متحكمين في وطننا العربي يعتقدون بأن بعض حركات المقاومة تهدد مصالحهم ونظمهم السياسية، وانها بالتالي خطر عليهم وليس إسرائيل. بل هم يشعرون أيضا بأن إيران اخطر على مصالحهم ونظمهم وليس إسرائيل . يتأسس على هذه القناعة ان بعض الحكام والنظم السياسية باتوا حلفاء بل شركاء لإسرائيل في محاربة حركات المقاومة والقوى الحية وفي مناوئة ايران . ذلك تجلّى في حرب أمريكا على العراق، وحرب إسرائيل على لبنان، وحرب إسرائيل على غزة بما هي تعبير حي مقاوم عن فلسطين . إزاء هذه العداوة الواضحة والممارسة العدوانية الفاضحة، يتوجب على حركات المقاومة والقوى الحية في الأمة إستخلاص العبرة الساطعة من حقائق الصراع وبالتالي إعادة ترتيب أولويات المواجهة على النحو الآتي : اولا: إعتبار الصهيونية وكيانها الإستيطاني العنصري السرطاني العدو القومي والحضاري الأول للأمة . ثانيا: اعتبار المؤسسة الحاكمة ‘الاستبلشمانت’ في الولايات المتحدة الأمريكية، المطعّمة عضوياً بقيادات وكادرات وقوى صهيونية، شريكاً وحليفاً للصهيونية العالمية ولمشروعها الاستعماري المتمثل بإسرائيل وسياستها الاستيطانية التوسعية . ثالثا: توسيع الاشتباك ضد الكيان الصهيوني بكل القوى المتاحة، سياسياً واقتصادياً وحضارياً وعسكرياً، من خلال إستراتيجية للممانعة والمقاومة تنهض بها جبهة وطنية عريضة للقوى الحية في الأمة. رابعا: مواجهة الولايات المتحدة، سياسياً وميدانياً، في كل مواقع وجودها العسكري وهيمنتها السياسية في الوطن العربي من حيث هي قوة استعمارية طامعة من جهة وشريك عضوي للكيان الصهيوني من جهة أخرى. خامساً: تصنيف النظم السياسية العربية ذات الطابع والأداء الاستبداديين المقرونين بالنهب المنهجي للموارد والثروات العربية والتحالف الضمني او العلني مع إسرائيل والولايات المتحدة، كياناتٍ معادية الأمر الذي يستوجب مواجهتها سياسياً وشعبياً وميدانياً. أياً تكن نتيجة المواجهة الميدانية في غزة، فإن نتيجتها السياسية قد حُسمت إذ تمكّنت قوى المقاومة في الأمة من فضح شراكة النظم السياسية الممالئة لأمريكا مع إسرائيل وإخمادها، كما تمكّنت من إشعال إنتفاضة شعبية نامية ضد الحكام المتواطئين والمتخاذلين . بذلك يستعيد الشارع العربي حركيته وقضية فلسطين مركزيتها في حياة الأمة. كاتب وسياسي من لبنان (المصدر: جريدة القدس العربي (يومية – بريطانيا) بتاريخ 1 جانفي 2009)
الخميس, 01. جانفي 2009
…إلا تونس، لم يكد يسمع لها ركز
الشيخ راشد الغنوشي هل ستجرؤ شعوبنا المقهورة على دفع ثمن كسر قيودها ملتحقة بحركة الشارع المندلعة في العالم،ضد العربدة الصهيونية وشركائها، فتكون بذلك قد أسهمت لا في تحرير فلسطين فحسب بل في تحرير نفسها من قيود الطغيان، ووضع نفسها مجددا في موكب التاريخ والنهضة والديمقراطية؟ أولا:تصاعد النقمة على السلطان:
تعيش الامة الاسلامية والعربية ومعهما أحرار الانسانية حالة بالغة من الكمد والغضب تفتّت الاكباد وتحرق الضمائر والقلوب ،فتتصاعد النقمة على كل صاحب سلطة يضن بها عن الاستخدام للوقوف مع أهل غزة، كفّا لانفلات أعتى جيوش المنطقة تسليحا وفتكا وتوحشا بلا قيود ولا حدود،يهرس المدينة هرسا، بعد سنتين من الحصار الخانق، فكانت عملية ذبح عشوائية جبانة، بلا حتى تذكية، فتكومت الجثث آلافا بين قتيل وجريح، بما لا نظير له في اعتى حروب العصر..الغضب يغلي في القلوب والرؤوس وينفجر في الشوارع من استراليا الى جنوب افريقيا نقمة على أصحاب السلطان المتربعين في مجلس الامن والمنظمات الدولية الذين لا يحركون ساكنا لوقف المجزرة بل زعيمتهم المشجع الاكبر. وألعن منهم حكام العرب الجاثمون على صدور 300مليون عربيا، لم تدفعهم المجازر لفعل شيء ذي بال من مثل قطع النفط والغاز أو حتى التهديد به عن حلفاء الصهاينة ، بله إعمال اتفاقية الدفاع المشترك وتوجيه انذار الى الكيان الصهيوني المعربد في المخيمات حتى لا يتعرض لانتقام جيوش تعدادها بالملايين واستهلك تسليحها مئات المليارات. أوليس ليوم كريهة مثل هذا تعد الجيوش؟ .لم يفعلوا شيئا من ذلك .وكان كل ذلك ممكنا أو بعضه في الاقل لو تحرك الشارع بقوة أكبر. لم يكتفوا بالصمت الذليل إزاء مجزرة غزة الرهيبة ، لم يقدموا على قطع علائق الفضيحة التي أقاموها من وراء ظهر الشعوب سرا وعلانية مع الكيان الصهيوني ..وكأيّ منهم اهتبل مؤتمرا دوليا للظفر بملامسة حنونة ليد صهيونية ملطخة بالدماء أو لدعوة مجرم من مجرميه للمشاركة في مؤتمر. لم يقدم كبيرهم حتى على فك الحصار عن غزة بإزاحة سور الجبن والنذالة، أقاموه مشاركين نهارا جهارا في تجويع غزة في تحد سافر لشعوبهم ،بلا أدنى فرق بينهم وبين الصهاينة،..لم يكلفوا أنفسهم حتى عناء المسارعة بالاجتماع ليضيفوا بيانا آخر لبياناتهم الصفراء تشحذ نصرة لفلسطين ممن أقطعوها للصهاينة، بل ظلوا يماطلون ويتحركون وكأنهم جلاميد صخر بلا إحساس ولا ضمير. حدّدوا موعدا لاجتماع وزرائهم ولكن بعد خمسة أيام من اندلاع الحريق ، حتى يعطوه الوقت الكافي للاتيان على كل شيء ،حتى كان وزراء خارجية اروبا أسرع منهم تلاقيا .. وهل ستلتقي ولم، جلاميد الصخر الكبيرة من الملوك والرؤساء، قبل أن يجهز على آخر شيء متحرك في غزة ؟ لقد فشلوا حتى في مجرد اللقاء. هل لتفسير لذلك غير التواطؤ مع المخطط الصهيوني الذي يحمد للرئيس عمر بشير ولمعمرّ القذافي فضحهما له،وهو التواطؤ الذي ظهر صريحا في معظم بلاد العرب حيث عمدت أنظمة السوء والتواطئ الى عسكرة البلد ووضعه في حالة طوارئ قصوى، لا استعدادا لمواجهة العدو الصهيوني وإنما لمواجهة شعوبها التي تغلي مراجل قلوبها غضبا وحزنا وكمدا لما يجري في غزة وتريد أن تعبر عن ذلك ولو بمجرد الصراخ في الشارع. لقد أنزلت أنظمة السوء والتواطئ مئات الآلاف من زبانية قمعها ، كان يجب أن تكون على الجبهة للدفاع عن غزة وليس في الشوارع لخنق أصوات الاحتجاج حتى لا تبلغ العالم ولا تشوش على المخطط الصهيوني الذي تعهدوا له أن يوفروا له ما يلزم من صمت لإنجاز مخططه دون ضجيج، مقابل دعمه وحلفائه الامريكان شرعيتهم المنتهية. ويمكن بيسر أن نقيس مدى ما يتمتع هذا النظام العربي أو ذاك من شرعية لدى شعبه بمقدار ما يوفره لشعبه من مساحات للتعبير الحر والاحتجاج السلمي ، وذلك أنه معروف في عصرنا أن الاحتجاج السلمي بكل أشكاله ومنه المسيرات والاعتصامات والاضرابات هو تعبير عن رقي نظام واطمئنانه الى شرعيته أي قبول شعبه به، فلا يخشى خروجه الى الشارع ولو في مسيرات مليونية كما حصل في كل العواصم الاروبية خلال الحرب على العراق دون أن تهراق قطرة دم واحدة أو يعتل أو يحاكم أحد. فعلى قدر ما يمتمتع به نظام من شرعية وديمقراطية ووطنية بقدر ما يسمح لشعبه من تعبير احتجاجي سلمي .
ثانيا: النظامان المصري والتونسي الأسوأ:
ولو أننا صنفنا بحسب ذلك الانظمة العربية للوقوف على مدى وطنيتها أو ديمقراطيتها لألفينا من أسوإها النظامين التونسي والمصري. النظام التونسي هو الاسوإ بانفراده في منطقة المغرب العربي بفرض صمت مطبق على شعب تونس المتقرّح القلوب على ما يجري من مجازر في غزة على يد صهاينة كثيرا ما تاق هذا النظام للمبيت معهم تحت سقف واحد، لولا مقاومة الشعب ، حتى شارون المجرم الاعظم لم يحرم من دعوة كريمة لزيارة تونس. مظاهرات عمت الكوكب من استراليا الى موريطانيا إلا تونس، فلا تظاهرات حاشدة ولا حتى محدودة رغم محاولات هنا وهناك، عدا بعض التمثيليات الرسمية ، خلافا لما يحصل في المغرب واليمن والسودان والاردن وليبيا ..، ولا تسيير لخط مساعدات كما فعلت الجزائر وليبيا، مع ان ذلك غير مجز .فهل سينجح القمع السلطوي في منع المرجل التونسي من الانفجار للتعبير عما يعتمل في صدره من ولاء عام وجارف وعميق لكل قضايا الامة وبخاصة قضيتها المركزية في فلسطين؟. يقول الاديب سامي الجندي » رغم ما يبدو على التونسي من ظواهر تغرّب فإن قلبه خفاق وعينه لمّاعة لكل ما يصيب المشرق « ولم يكن عجبا أن ارتحل الى المشرق زهاء عشرة آلاف تونسيا مجاهدا في معركة 1948.وقد لا يكون المشاركون اليوم في معارك المشرق أو الذين فكروا في ذلك – وآلاف منهم في غياهب السجون- بسبب ذلك، أقل عددا ، هل سينجح القمع في الحؤول دون أحفادهم اليوم حتى من مجرد الصراخ والتظاهر العارم في الشارع احتجاجا على ما يجري لمنطقة القلب في الامة من تدمير ومجازر لو اقترفت في حق حديقة حيوان وحشي لخرجت البشرية على بكرة أبيها محتجة.ومعهم تونس!! إن أنظمة القمع وفي طليعتها النظام المصري والتونسي وكلاهما يتفوق على الآخر في بلاوى، لكأنّها ،تستشعر زلزالا يرج الارض من تحت أقدامها مركزه غزة والقضية الفلسطينية عموما، ولذلك تواطآ ضدها.فتم ترويض منظمة التحرير للحلول الاستسلامية في تونس ، وتمهيدا لإتمام مسار أوسلو تمت تصفية خيرة القيادات الفلسطينية في تونس.أما النظام المتحكم في مصر فلم يكفه استقالته من القضية الفلسطينية بعد كامب ديفد وهي بوابة الامن القومي المصري، بل عاد اليها السنوات الاخيرة منتقلا من طور المحرر لفلسطين الى طور المستقيل الى طور الوسيط . وياليته كان وسيطا محايدا مثل دور الالمان في التفاوض بين حزب الله والكيان الصهيوني بل تعهّد بدور ترويض المقاومة الفلسطينية منحازا بالكامل لفريق أوسلو ارضاء للامريكان وللصهاينة علّهم يدعمون مشروعه التوريثي ، ضائقا ذرعا بسلطة حماس في غزة، واضعا كل ثقله مع الصهاينة لتصفيتها، حتى أنه لم يتورع لدى اعتقاله لمجموعة من القسام أن يسلط عليهم أقسى التنكيل على أمل التعرف على مكان إخفاء « العزيز شاليط »، على غرار ما كان يفعل الامن الوقائي المقبور.وكان تواطؤه سافرا في تخدير سلطة غزة وخداعها بتطمينها بتمديد التهدئة حتى تؤخذ على غرة.وهل يحتاج هذا التواطؤ الى دليل أقوى من الاصرار على الايصاد الكامل للمتنفس الوحيد لمليون ونصف: معبر رفح، ومنع الإغاثات العربية من العبور إلا من المعبر اليهودي، بل هو حرص حتى على تدمير قصبات الهواء التي تحفظ لمليون ونصف رمقا من الحياة أعني الانفاق. هل هو يفعل ذلك لحساب الصهاينة والامريكان؟ هل يفعله التزاما بالموقف العربي المتواطئ جملة؟ هل يفعله خشية من نجاح نموذج غزة وتشكيله سابقة لسلطة منتخبة تدير في الوقت نفسه مقاومة باسلة، انطلاقا من منظور اسلامي؟ وكل ذلك يمثل مشكلة داخلية له :الديمقراطية والاخوان والمقاومة.
ثالثا:زلزال غزة يرجّ المنطقة باسرها؟
1- إن المنازلة الكبرى وهي في يومها الخامس لئن جللت بالدماء الزكية أكثر من ألفين من أبناء وبنات ونساء وأطفال وجنود غزة الاشاوس،المئات منهم زفوا في مواكب الشرف الاعظم الى جنات النعيم إن شاء الله. وجرحى فخورون بجراحاتهم مياسيم شرف وعزة، لئن أحدثت دمارا على يد الهمجية الصهيونية في مسعى جديد لحكومة فاشلة بائسة ونخبة صهيونية مفلسة وجيش مهترئ العقيدة يستهدف ترميم بكارة مفقودة من أيام تموز المجيدة ، باستعادة قدرات ردعه التي مرغت في هضاب لبنان الشامخة، إن هذه المنازلة غير المتكافئة قد فشلت في الافادة من الصدمة الاولى والتواطئ العربي والدولي. فلقد استوعبت المقاومة الصدمة الاولى » وإنما الصبر عند الصدمة الاولى »كما ورد في الحديث. ودليل ذلك الواضح أن قيادات المقاومة السياسية والاعلامية والعسكرية استمرت حاضرة في الميدان ممسكة بالوضع تعمل في مواقعها المختلفة ومنها الرد بإطلاق الصواريخ التي يتقدم مداها وفاعليتها يوما بعد يوم.وقد لا 2- إن هذه المنازلة المتوحشة مرشحة بسبب ذلك لان تطول أكثر رغم حرص كل الاطراف الفاعلة والمتواطئة ومنها النظام العربي على أن يتم الامر بأسرع ما يمكن ، ولكن تماسك المقاومة التي صمدت في مخيم جنين في مساحة أقل من كيلو مرشحة لصمود أطول بكثير في غزة بأحيائها وقراها ومخيماتها، بما يجعل تحقيق الهدف المعلن للعدوان وهو اقتلاع سلطة حماس وإسكات صوت المقاومة بمنع إطلاق الصواريخ وتامين ذلك بتنصيب عباس كرزاي على غزة. جماعة أوسلو الذين أخذ بعضهم في انتظار متلهف يوزع الحلوى استبشارا بقرب عودة عصابات الامن الوقائي. المؤكد أن انتظارهم سيطول وقد نجحت المقاومة في استيعاب الصدمة الاولى بفضل الله. 3- ما يخشاه الصهاينة في صورة الفشل هو عودة الى التهدئة بشروط حماس، اقلّها مبادلة التهدئة بفتح المعابر وكفّ أيدي المعتدي عن المقاومين في غزة والضفة.وذلك الذي سكون باذن الله.ذلك أن التهدئة التي قامت كانت قسمة ضيزى أملاها النظام المصري »عدو مالك من صداقته بد ». ومخيال الامة عامر بكل ما هو ذميم حول فصيل الهدنة والتهدئة وما اليها. 4- وكما أنهت انتخابات 2006أوسلو انتخابيا بعد أن أنهتها اسرائيل باغتيال عرفات، وأنهاها »الحسم الحمساوي » فإن المواجهة القائمة ستنتهي بالاجهاز على بقايا اوسلو وما تبقى من صيغة مخرّقة للعمل الوطني الفلسطيني ممثلة في منظمة التحرير الوطني بقيادة فتح . إن هذه المنازلة التاريخية تنقل قيادة العمل الوطني الفلسطيني الى حركة حماس وحلفائها ومنهم فصيل شريف من فتح، ولا يؤخرإنجاز هذه العملية غير تكلس النظام العربي. 5- أثبتت المواجهة القائمة مرة أخرى اكثر من أي وقت مضى الفراغ القيادي في العالم العربي. موقع القيادة الطبيعي مصر، إلا أن مصر ذاتها تبحث عن قيادة قادرة على حماية أمنها القومي الذي يبدأ في أقرب خطوطه من غزة. بينما هي تحاصر غزة وتمد عدو الامة الصهيوني بالغاز والبترول بكلفة الانتاج وأقل،فأنى لها حماية الامن العربي. وما لم يتحمل رجال مصر الاحرار ممثلين في الحركة الشبابية والنقابية والقضائية والعسكرية والسياسية وبالخصوص الاخوانية مسؤوليتهم التاريخية في تصحيح وضع مصر وإعادتها من هامش التاريخ الى القلب لتاخذ بزمام قيادة الامة، سيظل جملة الوضع في المنطقة مختلا. 6- -كشفت المنازلة التاريخية أكثر من أي وقت مضى مدى سعة الهوة بين الشعوب والحكام وكانت القضية الفلسطينية المباركة الصاعق الذي أخذ يفجر غضب الجماهير في زمن ثورة الاعلام، بما يجعل تحريرفلسطين أعظم روافع الحراك الشعبي والتحول الديمقراطي المحبط .فلا غرو أن يكون الطريق الى الديمقراطية والى الوحدة والعدالة والنهضة يمر بطريق تحرير فلسطين، بما يجعله استثمارا عظيما قمينا باسترخاص عظيم التضحيات. ولماذا تنفتح بوابات الجنة في ارض غزة العز والشرف وتظل مغلقة في الساحات الاخرى؟مطلوب الاصرار على انتزاع الحق في التظاهر في الفضاء العام، ومن الطبيعي أن يكون لهذا الصنف من الجهاد السلمي شهداؤه في الميدان بدل أن يكونوا في السجون وتحت سياط الجلاد، ليس ذلك عزيزا إذا كان هو السبيل لتحرير ارادة الشعوب وفرضها على الحكام. « إن تنصروا الله ينصركم »
الشيخ راشد الغنوشي
عزمي بشارة يكتب عن الأهداف الإسرائيلية من العدوان
عزمي بشارة من أغرب ما سمع من كلام السياسة حتى في أيام غرائبية كالتي نعيش ولا يُستغرَبُ فيها أمرٌ بسهولة، ما كرره المسؤولون الإسرائيليون كما تُنشَد لازمة في نشيد الموت.. هكذا تكلم أولمرت، ومن بعده ليفني حتى آخر القوم: أ- « لسنا ضد الشعب الفلسطيني، نحن ضد حماس.. هذه ليست حربا ضد الفلسطينيين، بل حرب ضد حماس ». ب- « نحن لسنا أعداء، بل لدينا نفس الأعداء: حماس وحزب الله وغيرهما ». والحقيقة أن أهداف هذه الحرب العدوانية على قطاع غزة لا تختلف كثيرا عن سجالها العلني، فالقصف الجوي والقصف الإعلامي -صناعة الموت وصناعة الأجواء- ليسا مختلفين كثيرا كما يبدو. تفضح اللازمة « ب » الحساب الإسرائيلي المعلن بوجود حلف موضوعي على الأقل، أو وجود محور إقليمي يضم دولا عربية وإسرائيل يشترك في نفس الأعداء، وهذا منطق المحاور على أية حال. ولكن ما يرشح قبل التصريحات العلنية وبعدها، أن المحور ليس موضوعيا فحسب، ولا لقاء مصالح فقط. بهذا ننتهي من هذه الفكرة التي سبق أن تطرقنا لها. ولكن ماذا تعني مقولة إسرائيل: ليست (أو كما سُمِعَت: نحن لسنا) ضد الفلسطينيين؟ بحسب هذا المنطق لا يوجد استعمار ضد شعب من الشعوب، فهو فقط يريد بلد هذا الشعب، ويريد سلبه ثروته وإرادته، وإذا خضع لهذا المصير « المقدَّر » له، فلا أحد ضده. تبرز « المشكلة » إذا قاوم الشعب هذا المصير الذي يراد له. ولكن حتى عندها يدعي المستعمِر أنه ضد المقاومة والمتطرفين الذين يحملون الفكرة ويمارسونها، وليس ضد الشعب نفسه. وعندما يقوم بمحاربة المقاومة ويقصف المدنيين والناس دون تمييز، فذلك ليس لأنه ضدهم بل لأن المقاومة تعيش وتسكن بينهم، وعلى الشعب أن يتحمل القصف صامتا، فهو ليس موجها ضده، ولا ضد أطفاله الذين سقطوا، بل ضد المقاومة التي أنجبها. المقاومون هم من أبناء الشعب، وليسوا جيشا منفصلا عنه في معسكرات، وطبيعي أن يعيشوا بين صفوفه. وإذا كان هذا صحيحا في كل مكان فإنه في غزة أمر مسلمٌ به، لأن غزة عبارة عن معسكر اعتقال مكتظ ومزدحم ومغلق، يعيش فيه الناس دونما تمييز بين غني وفقير، ومقاوم وغير مقاوم، ومنتم لحماس وغير منتم لها. لا غابة ولا جبل ولا نهر، ولا مناطق محيَّدة يلجأ إليها الناس كما في لبنان. وحتى عندما يكون القصف غير عشوائي في غزة، فإنه يكون عشوائيا بالنتيجة.. لا يمكن للحرب على غزة إلا أن تكون جريمة حرب. هذه حرب على معسكر اعتقال، تتواصل فيها غارات على « غيتو » ضخم، تستخدم فيها طائرات « أف15″ و »أف16 ». كان هذا الفعل بحد ذاته غير ممكن التصور قبل عشر سنوات، كان بحد ذاته غير ممكن التنفيذ دوليا.. لقد صنع باراك هذه السابقة في بداية الانتفاضة الثانية. إنها أجبن حرب في التاريخ الإسرائيلي، وربما في التاريخ الحديث. لا توجد دولة استعمارية تستخدم هذا النوع من السلاح ضد هذا النوع من الأهداف. وعلى وقع الانفجارات تطلع علينا وزيرة خارجية إسرائيل الطموحة لتخاطب الفلسطينيين كمشاهدين وفي فمها كلام من نوع « لسنا ضدكم ».. يا للهول!! سلبت إسرائيل وطن الشعب الفلسطيني، وقد شردته في كافة أصقاع الأرض ليس لأنها ضده، بل فقط لأنها تريد وطنه، وهو لا يريد أن يتنازل بطيبة خاطر.. هذا كل شيء، ولكنها ليست ضده. ولو خضع وقبل بأن يمنح وطنه عن طيبة خاطر، فلن يصيبه منها حربٌ ولا قتال. ولو قبلت المقاومة بمضاعفة الاستيطان بعد أوسلو، وباستمرار تهويد القدس، وبالانسحاب من طرف واحد من غزة مع بقائها مطوقة كالسجن، لما كانت هناك مشكلة إسرائيلية مع غزة. ولو انتخب الشعب الفلسطيني من أرادته إسرائيل أن يُنتخب عام 2006 لما نشأت مشكلة. ثم.. وبعد هذه الانتخابات، لو قبل الشعب الفلسطيني بالحصار التجويعي راضيًا باعتباره نتيجة منطقية للانتخابات، ولو استنتج من هذا الحصار النتائج المرجوة منها وأطاح بمن انتخب، ولو اعتبر حماس هي سبب الحصار وليس من يفرض الحصار.. لما كانت هناك مشكلة بين إسرائيل والقطاع.. هذا هو منطق القصف الإعلامي الإسرائيلي الذي يرافق القصف الوحشي على قطاع غزة، (وربما اجتياحها مع نشر هذه السطور).
وهو -على فظاعته- يحظى أن يكرره البعض بالعربية بين السطور، وهو منطق يتضمن هدف العدوان. والهدف هو قبول الشعب الفلسطيني بالشروط الإسرائيلية في حال التوصل إلى تسوية، وبالاستكانة والهدوء في حال عدم وجود تسوية. لا مشكلة مع « شريك عربي » في تسوية يقبل فيها بشروط إسرائيل التاريخية، ولا مع خصم هادئ يرضى على الأقل بموازين القوى، فيعيش ويترك الناس تعيش في ظل الاحتلال والظلم، ويرفض التسوية نظريا فقط، أما عمليا فينشغل عن الصراع مع إسرائيل بقضايا « أكثر أهمية » مثل الحفاظ على سلطته. وإسرائيل لم تمنح حماس حتى مثل هذه الفرصة الأخيرة.. لقد حاصرتها منذ اليوم الأول على انتخابها، وانضم « العالم » إلى الحصار، ولم تحظ حماس حتى بفرصة للانشغال عن الصراع مع الاحتلال بسلطتها. لا يهم إسرائيل كثيرا من يحكم القطاع داخليا بعدما انسحبت منه، ما دام يقبل بالشروط الإسرائيلية في حالة تسوية، أو بالهدوء في حالة عدم التوصل إلى التسوية. لقد فُرِض الحصار التجويعي فعلا، وكان على حماس -من وجهة نظر المطالبين بعودة « التهدئة » حاليا- أن تقبل بالهدوء ليس فقط دون زوال الاحتلال، وليس فقط مع استمرار الاغتيالات في الضفة الغربية وقطاع غزة، بل حتى دون فك الحصار. انتقلت إسرائيل إلى استخدام السلاح وهي تهدف من ذلك إلى تقويض قوة حماس أو إجبارها على القبول بالشروط الإسرائيلية. ولا يهم إسرائيل أي الهدفين يتحقق قبل الآخر، فإذا قبلت حماس بشروط إسرائيل تكون جحافل باراك قد عادت بإنجاز، وإذا أصرت على عدم القبول فسيتابع الجيش الإسرائيلي مهمته حتى يعود بإنجاز ملموس، ولو على شكل عملية « كوماندوز » برية كما يحب باراك بموجب سيرته العسكرية.. المهم أن تعود بصور اغتيالات واعتقالات ناجحة لقيادات. إذا توقفت إسرائيل رغم استمرار القدرة لدى حماس على إطلاق الصواريخ، فهذا يعني أن حربها الجبانة فشلت. ولكن لا يمكن « للترويكا » الإسرائيلية الحالية وقف القتال والعودة دون أنجاز، إلا إذا فرض عليها ذلك بالقتال والخسائر أو بغيرها. وإذا لم يتحقق أحد الهدفين أعلاه دون عملية برية فسيدخلون ولو على شكل إنزالات واجتياحات انتقائية.. يريدون صور انتصار على شكل استسلام علني أو اعتقال وانهيار علني، وهذا ليس بالأمر السهل التحقيق، وإذا لم تأت هذه الصور فسيكونون في وضع حرج. بغض النظر عن الأهداف التي وضعت إسرائيليا، فإن وضاعة الحرب ونوع الخصم لا يبشر بخير لإسرائيل، فجلد الماء لا يوقف النهر، ولن تحقق إسرائيل هدفا ملموسا من هذه الحرب. وما أنجز حتى الآن هو خسارة « محور الاعتدال » عربيا. ترغب إسرائيل في استعادة هيبة الردع أيضا، لكن الهدف سهل من الجو، وأي قنبلة تلقى على حي مكتظ تقتل وتدمر.. الثمن رخيص والحرب جبانة، ليس فيها بطولة، ولا يستعيد فيها أي جيش هيبته. وحتى المديح الذي تكيله وسائل الإعلام الإسرائيلية لإيهود باراك على المكر والدهاء ما هو إلا خداع للذات، فقد كان الجميع يعلم أن إسرائيل تستعد لشن عملية عسكرية ضد غزة، بل وكتبت الصحف الإسرائيلية عن عملية قادمة خلال أيام. ولكن ماذا تفعل غزة حتى لو علمت؟ هل تعلن عن حالة تأهب في صفوف جيشها الجرار، أم تموه قواتها الجوية طائراتها في المطارات؟ نحن نتحدث عن حي فقير، عن مخيم لاجئين كبير ليس فيه حتى ملاجئ. وسائل الإعلام الإسرائيلية التي تكيل المديح لدهاء باراك هي نفسها التي تتحول إلى جوقة تطبيل وتزمير في بداية كل حرب، ثم تنقلب على المسؤول فقط إذا فشل في تحقيق الأهداف. أما إذا ارتكب جرائم ونجح فلا بأس، المهم ألا يفشل، وألا يسقط الكثير من الإسرائيليين بحيث يتحول النجاح إلى فشل. ولا ينقلب الإعلام الإسرائيلي على حكومة تشن حربا إلا إذا فشلت الحرب في تحقيق أهدافها، أو إذا كانت الخسائر بالجنود مرتفعة.. عدد الضحايا من الفلسطينيين لا يهم هؤلاء. جاء رد الفعل الشعبي العربي على الحرب سريعا، وفاق التصورات، فهو غاضب ناقم لا يعتبر الحرب شطارة أو بطولة إسرائيلية كما اعتبر حروبا سابقة، بل يعتبرها جريمة ضد المدنيين. كما لا يأبه بإدانات جزء كبير من النظام الرسمي العربي لهذه الحرب، ويصر على مقولة التواطؤ. لقد صاحب بعض الإدانات العربية العلنية جملا علنية أخرى تتضمن تعبيرا عن رغبة في البناء على انتصار إسرائيلي، مثل قبول الشروط الإسرائيلية لفتح معبر رفح، أو رهن فتحه بالاعتراف بانتصار إسرائيلي، ومثل التمني العلني غير المفهوم بأن تكون هذه الحرب « خيرا » إذا استنتج منها من يتعرض للحرب ضرورة توحيد الصفوف.. ولماذا لا يستنتج البعض الذي لا يتعرض للحرب توحيد الصفوف مع من يتعرض لها في مقاومة المعتدي؟! لماذا يجب أن يكون الاستنتاج توحيد الصفوف في الاستسلام؟! ولما يجب أن يستنتج منها المعتدى عليه وليس من يبني على التسوية مع هذا المعتدي الذي لم يعطه شيئا؟! حتى لو صدقت تمنيات المعتدين المستعمرين وصدقت أحلام حلفائهم، فإن كل ما يمكن أن تفرضه إسرائيل بعد هذه الحرب لا يحظى بشرعية، ولذلك لا يمكن أن يعمِّر. وبالعكس، فبعض القوى التي أسست موقفها على واقعية الشارع وبراغماتية القبول بموازين القوى إزاء مشاهد القصف فقدت شرعيتها في ظل القصف الإسرائيلي.. أقول: فقدت شرعيتها بصيغة الفعل الماضي، وليس ستفقد هذه الشرعية. وبقي أن تدرك هذه القوى أن الحسابات القصيرة النفس في إسرائيل والمسماة « توفير الأمن للمستوطنات »، أو « أمن حدودنا الشمالية »، أو « ضمان أمن القرى الحدودية »، هي أكثر أهمية وإستراتيجية لها من قوة وشرعية ما يسمى معسكر الاعتدال عربيا.. وأن هذه ليست مزايدة انتخابية لكسب بضعة مقاعد في انتخابات الكنيست. (ملاحظة: من باب الرمزية الغرائبية الفاقعة أن المقاعد التي أضافها حزب العمل على دم الفلسطينيين مع ازدياد شعبيته قليلا بعد العدوان بموجب الاستطلاعات، يشغلها عربيان من الداخل، فالعرب المستفيدون من العدوان من المنتمين لمعسكر الاعتدال موجودون في كل مكان). حساب المقاعد البرلمانية وارد في حسابات وزراء العمل وكاديما عند شن الحرب بالطبع، ولكنه ليس الحساب الأساسي.. هذه مسألة أمن قومي إسرائيلي تجمع عليه القوى السياسية الإسرائيلية يسارها ويمينها. وقوة الردع والجدار الحديدي العسكري يأتي في إسرائيل قبل التسوية وقبل التفاهم مع « قوى الاعتدال ». وهذا ليس موقف اليمين الإسرائيلي كما يعتقد البعض، بل هو موقف إجماع قومي تختلف إسرائيل على أساسه (وليس عليه)، وتنقسم حول ضرورة إجراء بعض التنازلات الإقليمية في ظله من عدمها، كما تنقسم حول واقعية التسوية السياسية. ــــــــــ كاتب عربي (المصدر: موقع الجزيرة نت ( الدوحة – قطر ) بتاريخ 1 جانفي 2009)
ما لا يراه الطيارون الإسرائيليون
بقلم: جدعون ليفي أفاضل ابنائنا، الذين وجّهوا الى الطيران يهاجمون غزة الآن. شبان اخيار من بيوت خيرة ينفذون افعالا سيئة. اكثرهم اذكياء مثيرون واثقون بأنفسهم، بل انهم احيانا ذوو قيم في نظر انفسهم، خرج عشرات منهم في السبت الاسود لقصف اهداف من « بنك الاهداف » في غزة. لقد خرجوا لقصف حفل تخريج لرجال شرطة شباب وجدوا مصدر رزق نادر في غزة وذبحوا عشرات منهم؛ وقصفوا مسجدا وقتلوا بذلك خمس بنات شقيقات، من عائلة بعلوشة، الصغيرة في الرابعة؛ وقصفوا محطة شرطة واصابوا طبيبة جارة تنام الآن مثل نبتة في مشفى الشفاء المزدحم بالجرحى والجثث؛ وقصفوا جامعة يسمونها عندنا « رفائيل الفلسطينية »، ودمروا مساكن الطالبات الجامعيات؛ وألقوا مئات القنابل من سماء زرقاء صافية ونقية من المقاومة. قتلوا في اربعة ايام 375 شخصا. لم يميزوا ولم يستطيعوا التمييز بين شخص من حماس وطفلة، وبين شرطي مرور ومطلق صاروخ قسام، وبين خزان ذخيرة وعيادة، وبين الطابق الاول والثاني في مبنى سكني مأهول بازدحام بعشرات الاولاد. على حسب التقارير كان نحو من نصف القتلى مواطنين ابرياء. لا ينبغي ان نحتج على دقة الطيارين، فلم يكن يمكن ان يكون الامر مختلفا والسلاح طائرة والهدف قطعة ارض مأهولة بكثافة. طيارونا الممتازون هم الآن ابطال على ضعفاء: بغير أي سلاح جو بإزائهم وبغير نظام دفاع ما في مواجهتهم، يقصفون ويقصفون بلا عائق كما في طلعات تدريبية . يصعب أن نعلم ما الذي يخطر في بالهم وما الذي يحدث في قلوبهم. لست أخال هذا ذا صلة. انهم يقاسون باعمالهم. إن الصورة من فوق ارتفاع آلاف الاقدام تبدو نقية مثل امتحان حبر رورشاخ: تسديد الى الهدف، وضغط الزر ثم غيمة دخان سوداء مرتفعة. « اصابة جيدة اخرى للهدف ». لا يرى احد منهم نتائج افعاله لا قبل ولا بعد، في مستوى عينيه بل في الطائرة من الاعلى فقط. ومن المحقق ايضا انهم مغمورون بقصص الرعب عن غزة – فهم لم يكونوا فيها قط- وكأنه لا يعيش فيها مليون ونصف من البشر يريد اكثرهم العيش بأدنى قدر من الكرامة فقط. غزة التي يوجد فيها شبان مثلهم، مع احلام انسانية كأحلامهم بالدراسة والعمل وانشاء عائلة، لكن يعوزهم أي احتمال لتحقيقها مع القصف او بغيره. هل يفكرون فيهم، في ابناء اللاجئين الذين طرد آباؤهم وآباء آبائهم مرة من حياتهم؟ هل يفكرون في آلاف الجرحى الذين يتركونهم معوقين طوال حياتهم في منطقة ليس فيها مشفى واحد يستحق هذا الاسم، ولا يوجد حتى مركز تأهيل واحد؟ هل يفكرون في الكراهية المتقدة التي يثيرونها لا في غزة فقط بل في انحاء اخرى من العالم ازاء الصور الفظيعة؟. لم يقرر الطيارون هذه الحرب لكنهم مقاولو تنفيذها. يجب ان يكون الحساب الحقيقي لمتخذي القرارات، لكنهم هم شركاء ايضا. عندما يعودون الى البيت سيحظون بالتكريم والاجلال، كالعادة عندنا مع افاضل الطيران. يبدو أن لا احد سيحاول ان يثير عندهم حيرات اخلاقية، بل العكس هم الابطال الحقيقيون لهذه الحرب اللعينة. يبالغ متحدث الجيش الاسرائيلي كل مساء في مدحهم على « العمل الرائع » الذي يعملونه، ويتجاهل بطبيعة الامر ايضا الصور من غزة. فهم ليسوا من ساديي حرس الحدود الذين ينكلون بالعرب في ازقة نابلس وفي قصبة الخليل، او مستعربين قساة يقتلون من مدى الصفر بدم بارد. فهم كما اسلفنا افاضل ابنائنا. ربما لو كانوا قابلوا ولو لمرة واحدة نتائج « عملهم الرائع »، لكانوا اصيبوا بالوسواس، وربما فكروا ثانية في افعالهم. لو ذهبوا مرة الى مشفى ايلين في القدس، حيث تعالج منذ نحو ثلاث سنين البنت ماريا امان، وهي بلا اعضائها كلها وتدفع كرسيها المتحرك وحياتها بذقنها فقط، لتضعضع كيانهم. اصيبت ماريا الساحرة بصاروخ في غزة قتل كل ابناء عائلتها تقريبا، وهذا فعل ايديهم. لكن كل هذا خفي مخفي عن عيون الطيارين. فهم يعملون عملهم فقط كما يقولون، وينفذون الاوامر مثل آلة قنابل فقط. في الايام الاخيرة يأتون بالعجب وتبدو النتائج لنظر العالم كله: فغزة تلعق جراحها مثل لبنان قبلها بالضبط، ولا يكاد احد يقف لحظة ليسأل: هل هذا ضروري حقا؟ اهو غير ممتنع؟ أيسهم في امن اسرائيل وصورتها الاخلاقية؟ هل يعود طيارونا حقا بسلام الى قواعدهم او يعودون اليها أناسًا متبلدي الاحساس وعميانًا وقساة؟ (المصدر: صحيفة هآرتس (يومية – الكيان الصهيوني) بتاريخ 31 ديسمبر 2008)
جولة يمكن تحقيق الانتصار في نهايتها
بشير موسى نافع لم يكن في الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة من مفاجأة؛ المفاجأة الوحيدة ربما كانت في التوقيت. وإن كان التصريح الصادر عن أحد قادة حماس حول تلقي حكومة الحركة في غزة اتصالاً من مسؤول عربي يفيد باستبعاد هجوم إسرائيلي على القطاع صحيحاً، فإن هذا على الأرجح السبب خلف مفاجأة التوقيت. بغير ذلك، فإن أهداف العدوان لا بد أن تُقرأ في ضوء سعي الإسرائيليين وحلفائهم حسم ميزان القوى لصالحهم، وبناء مناخ موات جديد، إقليمياً ودولياً. ولكن من الضروري التأكيد على أن من الممكن إيقاع هزيمة حقيقية وملموسة بهذا العدوان ومن تعهدوه. وهنا بعض من الملاحظات الأولية حول هذه الجولة من الصراع، وما يمكن أن تنتهي إليه: الملاحظة الأولى أن الهجمة الإسرائيلية لا تتعلق بإطلاق الصواريخ وحسب. إطلاق الصواريخ هو بالتأكيد تحد كبير لسيادة الدولة العبرية، لوظيفة الدولة الأولى، أية دولة، في توفير الأمن لشعبها، ولقوة الردع الإسرائيلية. ولكن الهجمة الإسرائيلية ولدت من مناخ أوسع من المسألة الأمنية، وتستهدف بالتالي ما هو أكبر من إيقاف إطلاق الصواريخ. بدأ العد العكسي للهجمة الإسرائيلية منذ أخفقت جهود بدء الحوار الوطني الفلسطيني. الهدف المعلن للحوار الوطني كان إنهاء الانقسام الفلسطيني، ولكن الحوار كان يستبطن أيضاً إعادة سيطرة السلطة الفلسطينية، سلطة الرئيس محمود عباس، على قطاع غزة، وتوفير تفويض وطني فلسطيني لعباس لاستمرار مفاوضات مسار أنابوليس. ولكن الحوار فشل، وفشلت بالتالي محاولة ترتيب الشأن الفلسطيني لاستقبال الإدارة الأميركية الجديدة، وتعهدها بمواصلة الجهود التي أطلقتها إدارة بوش، الذي استبطنه قرار مجلس الأمن الأخير المتعلق بالمفاوضات. ولأن الأفق الذي كانت تتجه إليه العملية التفاوضية يطول إعادة رسم الخارطة الإقليمية السياسية، فقد كان لا بد من محاولة تحقيق أهداف الحوار المستبطنة بالقوة. ولذا، فلا بد من فهم الهجمة الإسرائيلية باعتبارها قراراً إسرائيلياً، وقراراً أميركياً وقراراً عربياً كذلك. كل الأطراف المعنية بخلق الظروف الفلسطينية المواتية لاستئناف المفاوضات في شوطها الأخير معنيون بالهجمة الإسرائيلية على قطاع غزة، إيقاع ضربة بالغة بحكومة القطاع، وتعميق الفجوة بين هذه الحكومة وأهالي القطاع، تمهيداً لإسقاط حكومة حماس أو لاستئناف الحوار الفلسطيني في ظل توازن قوى جديدة، ليس من الضروري أن تكون هذه الأطراف العربية قد وافقت صراحة على العدوان الإسرائيلي؛ ولكن الفلسطينيين جزء من دائرة عربية واسعة، تقوم على موازين وثوابت، حتى وهي تعاني من الانقسام. عندما تستشعر القيادة الإسرائيلية أن الغطاء العربي قد كشف عن الفلسطينيين، أو عن جزء منهم، تفترض مباشرة أنها أصبحت مطلقة اليد في التصرف، تماماً كما أدى رفع الغطاء العربي عن عرفات إلى اغتياله. وربما كانت زيارة أولمرت لأنقره، وزيارة ليفني للقاهرة، بين سلسلة التحضيرات الإسرائيلية للعدوان على القطاع، وبناء صورة من التوافق الإقليمي في ما يسمى بمعسكر الاعتدال. المشكلة، بالطبع، أن رد الفعل التركي الهائل على الهجمة الإسرائيلية أفسد المخطط الإسرائيلي في جانبه التركي، ولكن رد الفعل المصري المرتبك لم ينجم عنه سوى تأكيد المخطط الإسرائيلي، أو الصورة التي عمل الإسرائيليون على صناعتها. الملاحظة الثانية، أن السلطة الفلسطينية برزت في هذه الجولة، ليس كشريك في الهجمة الإسرائيلية فقط، ولكن أيضاً وكأنها قطعة أثاث هامشية لا دور ولا تأثير لها في مشهد يمس شعبها مباشرة، حياة هذا الشعب ومعاشه ووجوده. تصريحات عباس الأولى كانت أقرب إلى تصريحات من ينتظر استسلام قطاع غزة؛ وجهده لعقد اجتماع يضم الفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية، استهدف استيعاب الغضب الشعبي والإحاطة بتوجهات اندلاع انتفاضة في الضفة الغربية، وهو ما تبذل أجهزة السلطة الأمنية في الضفة كل جهدها لمنعه. عباس الآن يقف على مفترق طرق، قد يكرس بالفعل، وفي شكل نهائي، واقع أنه لا يمثل الكتلة الوطنية الفلسطينية، ولا حتى في الضفة الغربية، وأنه مجرد رئيس لمؤيديه في طبقة السلطة الحاكمة وللمرتبطين به وبالسلطة حزبياً. تتعلق الملاحظة الثالثة بالتحرك الشعبي العربي والإسلامي. فمنذ بدء الهجوم الإسرائيلي، اندلعت حركة تضامن واحتجاج شعبي في كافة المدن العربية والإسلامية الرئيسة. وسرعان ما انتقلت حركة التضامن والاحتجاج إلى العواصم الأوروبية. هذه حركة تضامن شعبي غير مسبوقة منذ عقود. المهم، هو استمرار هذه الحركة الشعبية لتصبح عاملاً رئيساً في ميزان القوى الآخذ في التبلور بين شعوب المنطقة وسلطاتها الحاكمة، وبين شعوب المنطقة وقواها السياسية، من ناحية، والدولة العبرية وحلفائها، من ناحية أخرى. قبل أسابيع قليلة من العدوان الإسرائيلي، كان قطاع واسع من المثقفين العرب يسخر من القوة الشعبية، ويبشر بنهاية أسطورة «الشارع العربي»؛ وقد أشار كثيرون إلى انفضاض التضامن العربي والإسلامي عن فلسطين والفلسطينيين. وبدافع أو آخر، أصبح المدخل الرئيس لمعالجة الشأن الفلسطيني التأكيد المتكرر على الانقسام الفلسطيني الداخلي. خلال ساعات من بدء الهجوم الإسرائيلي، عادت البوصلة العربية والإسلامية لتشير من جديد إلى الاتجاه الصحيح، وعاد التأكيد على القانون العربي – الإسلامي الرئيس: أن المسألة الفلسطينية هي المسألة المركزية في هذه المنطقة من العالم. الملاحظة الأخيرة أن هذا العدوان لن يتوقف سريعاً، وربما يستمر لأسابيع وأكثر. هدف العدوان تغيير خارطة القوة، والتمهيد بالتالي لتغيير خارطة المنطقة. ولذا فإن الرهان الإسرائيلي كبير؛ والإسرائيليون لن يعترفوا بفشل عدوانهم خلال أيام. وبالرغم من التسلح النسبي والاستعداد وروح التضحية المرتفعة في قطاع غزة، فليس من المستبعد أن يحاول الإسرائيليون اقتحام القطاع برياً، على نطاق واسع وكبير، بهدف إسقاط حكومة حماس فعلياً، أو على نطاق جزئي، بهدف إيقاع أكبر خسائر ممكنة، استعادة قدرة الردع الإسرائيلي المتراجعة منذ حرب صيف 2006، وادعاء النصر. ولكن إفشال هذا العدوان، وتحقيق نصر فلسطيني هو أمر ممكن، بل لا بد أن يكون هو الهدف. قطاع غزة هو منطقة صغيرة ومحدودة، ولكنه لم يكن أبداً لقمة سائغة؛ وقد اعتاد أهله تحمل المصاعب، مهما بلغت من وطأة، سواء استمرت الهجمة لأسابيع أو شهور، فلا ينبغي القبول بالعودة إلى الوضع السابق، أية هدنة مقابل هدنة محدودة. صمود قطاع غزة، واستمرار الحركة الشعبية، ودخول قوى جديدة إلى خارطة القوة، مثل تركيا وإيران، وتأزم موقف ما يعرف بدول الاعتدال العربية، كفيلة معاً بإفشال العدوان وتحقيق النصر. أي اتفاق جديد، لا بد أن يكون واضحاً في تأكيده على رفض العودة إلى الوضع السابق لانهيار التهدئة، في إقراره كسر الحصار عن قطاع غزة، إسرائيلياً وعربياً، وفي إظهاره أن هناك طرفاً قد حقق مكاسب وطرفاً قد خسر. إن كانت القيادة الإسرائيلية وضعت أهدافاً كبرى للهجوم على قطاع غزة، فإن هذه الجولة يمكن أن تنتهي بفرض حقائق كبرى جديدة. ثمة فرصة متاحة لإفشال مسار التسوية في صيغته الراهنة، المسار الذي يتجه نحو خسارة الفلسطينيين لمعظم الضفة، وإقامة الدولة الفلسطينية في الأردن. كما يمكن أن يؤدي إفشال هذه الهجمة إلى وضع نهاية للمفاوضات السورية-الإسرائيلية. وفي ظل المتغيرات المتسارعة التي يشهدها النظام العالمي، يمكن أن يبرز ميزان قوة مختلف تماماً في المشرق العربي – الإسلامي.
bmnafi@yahoo.co.uk (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 1 جانفي 2009)
غزة بين ظلم الأعداء وغبن الأصدقاء
نورالدين علوش تعاني غزة المجاهدة من حصار ظالم , بل من إبادة حقيقية ؛ لا تبق ولا تذر من الإنسان والحيوان والنبات . الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني تفوق الهولوكوست , لكن لا نجد لا الإعلام الدولي ولا المنظمات الدولية ولا المجتمع الدولي ولا الدول العربية ولا منظمة المؤتمر الإسلامي تندد بما يجري للفلسطينيين أو تعمل على فك الحصار قبل ان تقع الكارثة الكبرى . هناك حقيقتين أساسيتين يمكن استنتاجهما :
1- وهم الديمقراطية
نتساءل لماذا الدول الديمقراطية تحاصر غزة الديمقراطية هي ايضا؟ أ لم ينتخب الشعب الفلسطيني حركة حماس؟ّ لماذا تجهض التجربة الديمقراطية في فلسطين بهذه الطريقة؟ لماذا تحاصر الحركة الاسلامية؟ أين المجتمع الدولي ؟ الحصار المضروب على غزة المجاهدة فضح ادعاءات الدول الديمقراطية وتبين بالملموس زيف الشعارات التي يدافع عنها الغرب, ودفاعه فقط عن مصالحه أما مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان ما هي إلا واجهة يدافع بها عن مصالحه أما هو في قرارة نفسه لا يهمه حقوق الإنسان او الديمقراطية . إذا كان الغرب متواطئ مع الكيات الصهيوني فأين المنظمات الحقوقية الدولية التي تدافع عن حقوق الإنسان في العالم ؟ الم تسمع بالحصار المضروب على غزة؟ الم تشاهد صور المعاناة والألم تتجسد في شوارع غزة؟ المنظمات الدولية لا تتحرك إلا إذا تحركت المقاومة الفلسطينية باطلاق الصواريخ , أما الإبادة التي تتعرض لها غزة فليست بالأهمية التي تجعلها تتحرك ؛ حتى المنظمات الدولية تكيل بمكيالين وانكشف أمر تلك المنظمات الدولية الحقوقية التي تشبعنا بيانات وخطابات حول حقوق الإنسان .
2- خوف الأنظمة العربية من التجربة الديمقراطية بفلسطين
لم تسلم فلسطين الديمقراطية من المؤامرة خاصة من الجيران العرب (مصر والأردن والسعودية ) ففوز حركة حماس اقظ مضاجع الأنظمة العربية , فخافت من تكرارا النموذج فناصبت التجربة الفلسطينية العداء وتواطأت مع الكيان الصهيوني لإجهاض التجربة . نتساءل أين هي جامعة الدول العربية؟ وأين هي منظمة المؤتمر الإسلامي ؟ حتى بيانات التنديد لم نسمعها , الشعب الفلسطيني يتعرض للإبادة والأنظمة العربية تعقد اللقاءات مع قادة الكيان الصهيوني في السر والعلن..عار ثم عار أيها القادة العرب فمصر الدولة العربية الكبيرة تطرح شاليط مقابل فتح المعبر , لم نعرف بعد أين هو الصديق وأين هو العدو ؟ اذاكانت الدول العربية تلوذ بالصمت فما هو موقف الشعب العربي؟ حتى الشعب العربي أصابه فيروس الأنظمة العربية فلم يتحرك ولم يدعم الشعب الفلسطيني مع بعض الاستثناءات , أين هي الأحزاب العربية ّ وجمعيات المجتمع المدني ؟ هل أصابها الشلل؟ لماذا لا يتحرك العرب مثل المتضامنين الدوليين الذي يحاولون فك الحصار بحريا ويتحدون البحرية الصهيونية ؟ أيها العرب لا تظنون أنكم في منأى عن الخطر , فان المخطط الصهيو الامركي سيصل إلى كل البلدان العربية ولا تنسوا المثل القائل » إنما أكلت يوم أكل الثور الابيظ » أيها العرب فالوقت لا يزال سانحا لتصحيح الخطأ وتقويم المسار فان الأوان للتضامن العربي العربي وفك الحصار عن الشعب الفلسطيني ولنا في ليبيا العبرة الم تتجه بعد فك الحصار إلى افريقيا وصرفت الأنظار عن الدول العربية ؛ اذا لن نلوم الشعب الفلسطيني اذا صرف الأنظار عن الوطن العربي واتجه إلى إيران أو أي دولة أخرى فحذار ثم حذار من التأخير في معالجة هذا المشكل.
قناة « الحرّة » تخصّص حلقة كاملة من برنامج « عين على الديمقراطيّة » لملف التعذيب في تونس
خصّص برنامج « عين على الديمقراطيّة » على قناة الحرّة كامل حلقته الأخيرة لمناقشة موضوع التعذيب في تونس إثر صدور الحكم القضائي من محكمة سترازبورغ ضدّ خالد بن سعيد نائب القنصل التونسي السابق المورّط في تعذيب السيدة زليخة الغربي في عام 1996 . وقد بثّ البرنامج تسجيلا مصوّرا في باريس لمقابلة مع السيدة زليخة واستضافها في الحلقة أيضا عبر الأقمار الاصطناعية من باريس ، وشارك كذلك في مناقشة موضوع الحلقة المحامي أستاذ القانون الدولي الأستاذ سعد جبار من لندن . قبل بثّ هذه الحلقة الشيّقة لأوّل مرة الأحد الفارط ، بثّت نشرة الأخبار بالقناة خبرا عن التهديدات التي تلقّاها مؤخّرا القلم الحرّ سليم بوخذير على خلفيّة خطّه في الكتابة وتعرّضت النشرة إلى بيان المرصد التونسي لحرية الصحافة و النشر و الإبداع المُندّد بذلك . يمكن لمن فاتته الحلقة الأخيرة من برنامج « عين على الديمقراطيّة » الذي يقدّمه الإعلامي المعروف محمد اليحيائي متابعتها على موقع القناة :
www.alhurra.com
الاحتجاج على الرقابة على الانترنت يتحول إلى جدل في صفوف المدونين التونسيين
نظم التونسيون احتجاجا جديدا على الانترنت يوم 25 ديسمبر دعوا فيه المدونين إلى نشر صفحة بيضاء تشير إلى الرقابة. ويقول النقاد إن المسألة تحتاج إلى مزيد من التحرك المباشر.
جمال العرفاوي من تونس العاصمة لمغاربية أثار يوم وطني للاحتجاج على الرقابة في تونس يوم 25 ديسمبر انتقاد بعض المدونين الذين يعتقدون أن هذه الجهود ليست في محلها. ورغم مشاركته في الاحتجاج، فإن المدون أنيس اعتبر « مبادرة التدوينة البيضاء 2008 » التي نشر فيها المدنون صفحة بيضاء إشارة إلى الرقابة، هدرا للوقت. وشعر بخيبة أمل لتعبئة المدونين من أجل « هذه التفاهات » عوض تعبئتهم « لفائدة الأشخاص المسجونين ظلما ». المدونة سلوى سخرت من الفكرة وقالت إنه على التونسيين عوض ذلك مضاعفة كتاباتهم في ذلك اليوم « وإلا فسيعتبر أننا نمارس الرقابة الداخلية وخاصة أننا نتعرض للرقابة كل يوم ». عاشور ناجي أو إكسمسلم دعا إلى توسيع مهمة الاحتجاج. وكتب « ونحن نستعد ليوم التدوينة البيضاء ضد الحجب أرى أنّه يجب أيضا أن نقف ضد… إدّعاء زائف بالحديث باسم الله وباسم الشعب وتهديد صريح بعنف مبطّن ». ويعتقد ناجي إن طلبات حذف مقالات أو تدوينات والتهديدات المصاحبة لها مجرد « ما ظهر من جبل الجليد للعنف المستشري في أوردة التفكير الإسلاموي ». ومنذ 2006، استعمل المدونون في تونس 25 ديسمبر لرفع الوعي عن منع الكتابة على الانترنت والتلاعب بها. وشارك حوالي 160 مدون في تظاهرة هذه السنة. واستاء عدد من المدونين سنة 2008 من التطفل على المواقع وحجبها من قبل الوكالة التونسية للانترنت. ويتهم العديد من التونسيين أيضا الوكالة بدعم المنع ضد العديد من المواقع الشعبية. وكانت هذه المسألة هي التي دفعت الصحفي زياد الهاني لرفع دعوى ضد الوكالة متهما إياها بحجب موقع التعارف الاجتماعي فيسبوك قبل إعادة فتحه في غشت الماضي بناء على أمر من الرئيس. الهاني خسر الدعوى في المرحلة الابتدائية ويستعد للاستئناف. ويعتبر العديد من التونسيين التدوين ملاذهم الأخير للتعبير عن آرائهم ومواقفهم. المدونة منى فرجاني كتبت « لا أحد ينكر أن إغلاق فضاءات التعبير في وجه التونسيين دفعهم إلى التدوين. لكني أعتقد أن التونسيين لم يكونوا ليلجأوا للتدوين لولا اهتمامهم بالتكنولوجيا ولولا قناعتهم بأن هذه الوسيلة فعالة ». وتابعت أن ارتفاع عدد المدونين « ظاهرة صحية في الثقافة التونسية والوعي السياسي…حيث اعتمد المدونون مسافة آمنة عن الإعلام [التقليدي] لأنهم وجدوا بديلا أفضل ». الأكاديمي عادل حاج سالم يعتقد أن انتشار المدونات في تونس أمر طبيعي. « في البلدان التي تملك إعلاما متعددا وموضوعيا، نلاحظ ارتفاع التدوين. ماذا عن بلد كبلدنا تحتكر فيه السلطات السياسية كافة فضاءات التعبير الجماهيري؟ » لطفي عزوز، مدير فرع تونس لمنظمة العفو الدولية يعتقد أن انتشار المدونات أمر جيد بناء على مضمونها وواقع الرقابة في البلاد. وقال إنه تم حجب موقع منظمة العفو الدولية في تونس بعد أن قام عضو بنشر تصريح مثير للجدل. وقال « لدينا مدونة خاصة بفرعنا هناك وأنا حريص على نشر كل ما يتعلق بتونس. لا يحق لنا الدفاع عن المساجين في تونس لكن يحق لنا نشر التقارير أو البيانات الصحفية التي تصدرها منظمتنا في تونس. وبالتالي ليست هناك أية أنباء على مدونتنا عن أحداث الحوض المنجمي رغم أن منظمتنا أصدرت العديد من البيانات حول هذه القضية؛ كما أننا لا ننشر أنباء عن التعذيب ». وانضم مدونون من مصر لنظرائهم التونسيين في مباردة التدوينة البيضاء هذه السنة. مروة رخا دعت إلى مساندة القضية التونسية وأدانت الرقابة على الانترنت وكتبت « الشباب التونسي استوعب هذه التكنولوجيا وتجاوز القنوات الإعلامية التقليدية…خلق وسيلة للتعبير عن الذات يطبعها الصدق والشفافية والعفوية وتجذب جمهورا ملّ الخطابات الرسمية ». وتابعت « نجاح المدونات العربية لم يكن بدون ثمن في البلدان التي لا تدعم حرية التعبير حيث تتعرض العديد من المدونات للحجب… [و] شهدت مصر والسعودية والمغرب حالات اعتقال مدونين ». « من هذا المنبر أدعو كافة المدونين العرب للمشاركة في مبادرتنا السلمية للاحتجاج على حجب المدونات ومضايقة المدونين في بلدانهم ».
(المصدر: موقع « مغاربية » (ممول من طرف وزارة الدفاع الأمريكية) بتاريخ 31 ديسمبر 2008) الرابط
http://www.magharebia.com/cocoon/awi/xhtml1/ar/features/awi/blog/2008/12/31/feature-02 :
تونس: منظمة حقوقية تحذّر من حملة منظمة على الصحفيين المستقلين
تونس – خدمة قدس برس أدان « المرصد التونسي لحرية الصحافة والنشر والإبداع » الاعتداءات التي تعرض لها الصحافيون على خلفية تغطيتهم تحركات المجتمع المدني احتجاجا على العدوان الإسرائيلي على غزة. وقال المرصد في بيان حصلت « قدس برس » على نسخة منه إنّه سجل أوّل أمس (الثلاثاء 30 كانون أول/ ديسمبر) « استهدافا خاصا للصحفيين بالنيل من حرمتهم الجسدية وتهديدهم ومنعهم من مزاولة عملهم ». وأورد البيان حالات اعتداء تعرض لها صحفيون يراسلون مؤسسات إعلامية أجنبية للضرب والتهديد والمحاصرة الأمنية. وقال المرصد إنّ السلطات التونسية « كثفت في الأيام الأخيرة حملة اعتداءات منظّمة جعلت الإعلاميين المستقلين هدفا رئيسيا للقمع والترهيب من قبل الأجهزة الأمنية والتشويه عبر الصحف المأجورة ». واتهم المرصد السلطات التونسية « بإدارة حملة شعواء تهدف إلى تشويه سمعة الصحفية و الناشطة الحقوقية سهام بن سدرين مديرة موقع مجلة (كلمة) الإلكترونية عبر الصحف التونسية المأجورة أو عبر الإعلانات مدفوعة الأجر بصحف أجنبية »، على حد عبارة البيان. إلى جانب ذلك، اعتبر المرصد التونسي لحرية الصحافة والنشر والإبداع، أنّ ما جرى للصحفيين « هو اعتداء نوعي منظم وخطير الهدف منه الترهيب لإخراس أصوات الصحفيين المستقلين لمنعهم من أداء رسالتهم الإعلامية بحيادية خاصة وأنّ النظام التونسي يخوض مهرجانا إعلاميا بالأساس في سياق حملة التمديد للرئيس الحالي لولاية خامسة خلال 2009 ». وكانت السلطات التونسية حشدت منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، تعزيزات هائلة من قوات الأمن في كامل البلاد، لمنع خروج مسيرات بدعوى عدم حصولها على ترخيص قانوني في ذلك، ومنعت النشطاء والمواطنين وحتى الصحفيين من وصول مقرات التجمعات و التظاهرات. (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 1 جانفي 2009 )
الإعتداء على صحافيين تضامنوا مع غزة في تونس
« إيلاف » من تونس: لم يكن عدد من الصحافيين التونسيين المستقلين يتصوّرون أنّ دعوة » الحزب الديمقراطي التقدمي » إلى مسيرة للتضامن مع غزة يوم امس ستنتهي بذلك الشكل. ضرب و ركل وصفع وانتهاكات بالجملة طالت المواطنين الراغبين في التظاهر و النشطاء الحقوقيين و السياسيين و لم يستثن كلّ ذلك الصحافيين الذين هبوّا لتغطية الحدث لوسائل الإعلام. واعتدت عناصر الأمن بالزيّ المدني على الصحافي محمد الحمروني المحرر بصحيفة « الموقف ومراسل « العرب » القطرية وهددت بإيداعه السجن إن واصل تغطية الشأن التونسي، وذكر الحمروني في تصريحات لـ إيلاف: »قامت حشود هائلة من البوليس السياسي بإغلاق المداخل الرئيسية للمقر المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي و صحيفة الموقف، ومنعت المئات من النشطاء السياسيين و الحقوقيين و المواطنين بالالتحاق بالمقرّ و المشاركة في المسيرة، مستعملة في ذلك شتى أنواع التنكيل من ضرب و تهديد و ركل و صفع و لكمات،قاموا بمحاصرتي بين الجموع التي رغبت في التظاهر وقالوا لي بالحرف الواحد: » لقد ثقل ميزانك عندنا و اقترب موعد الحساب سنحيلك إلى السجن ». وناشد الصحافي محمد الحمروني كلّ منظمات حقوق الإنسان الوطنية و الدولية و الجمعيات التي تعنى بحرية الصحافة في تونس وخارجها حمايته وحماية الصحافيين التونسيين المستقلين مما قد يتعرضون له من سجن و تنكيل وإذلال على خلفية حيادهم و تغطياتهم الإخبارية فيما يتعلق بالشأن التونسي ». واعتدت عناصر الأمن بالزيّ المدني على الزميل إسماعيل دبارة مراسل موقع « إيلاف » بالضرب المبرح وهو متوجه لتغطية المسيرة التضامنية التي أرادت المعارضة التونسية تنظيمها احتجاجا على الهجوم على قطاع غزة، و خلف الاعتداء عليه إصابات و رضوض متفاوتة ، كما افتك أعوان الأمن من الزميل دبارة كلا من هاتفه الجوال و آلة التصوير الخاصة به و حافظة أوراقه، علاوة على تهديده بالاعتداء مجددا إن حاول تغطية مثل تلك الأحداث. و تكرّرت ذات الاعتداءات مع الصحافي لطفي الحيدوري مراسل وكالة قدس برس انترناشيونال (مقرها الرئيس في لندن) ، وفوجئ الحيدوري حسب ما صرح به لإيلاف لدى عودته إلى منزله مساء يوم الثلاثاء بتطويق المكان من قبل أكثر من عشرة أشخاص غرباء انتشروا قرب المنزل، وكانوا قد حضروا على متن سيارتين سياحيتين ودراجتين نوع « فيسبا » فيما ربضت سيارة نوع مرسيدس غير بعيد عن المكان في نفس الشارع. لم يكن من الصعب التعرف إلى هؤلاء كونهم من البوليس السياسي، من أين جاؤوا « .وتابع الحيدوري : »حوالي الساعة التاسعة غادروا مسرعين وعوّضتهم سيارة رسمية للشرطة أمام المنزل، توجهت إليهم وطالبتهم بتبرير تواجدهم الغريب أمام منزلي فردّوا بأنّهم في عمل روتيني ويتابعون « خيط زطلة (مخدرات) »، لكنّهم استوقفوا صديقا لي جاء للمبيت عندي وتثبتوا في أوراق هويته قبل أن يعيدوها له ، والملفت أنّ هذه الواقعة تأتي أسبوعين بعد منعي من السفر إلى بيروت وإيقافي في مطار تونس قرطاج بعد ختم جواز سفري بالسماح بالمغادرة ثم نقلي إلى محلات الإيقاف ببوشوشة ثم إيداعي بسجن المرناقية بدعوى بطاقة تفتيش صادرة ستة أشهر على تبرئة ذمتي من خطية مالية « . إلى ذلك تعرض الصحافي لطفي حجي مراسل قناة « الجزيرة » القطرية إلى الاعتداء بالعنف الشديد أثناء محاولة المتظاهرين التوجه إلى الشارع الرئيس للعاصمة ، مما تسبب في تحطم نظاراته الطبية وإصابته برضوض وكدمات متفاوتة. صحافيو راديو ومجلة « كلمة » المحليين تعرضوا هم الآخرون لانتهاكات عدة ، إذ منع الصحافي ظافر عطي من الالتحاق لتغطية المسيرة التضامنية التي منعت قبل أن تبدأ، و تعرض إلى عنف لفظي غير مسبوق ، و تكرّر ذات السلوك مع زميلتيه فاتن حمدي و مروة الرقيق التي هُدّدت بالاعتداء على خلفية حملها لآلة تصوير (كاميرا فيديو). ودان الحقوقيّ التونسي زهير مخلوف بشدّة ما تعرض له الصحافيون المستقلون من اعتداءات فظيعة على خلفيّة ممارستهم لعملهم وطالب السلطة بالكفّ عن هذه الممارسات ومعاقبة المسؤولين عنها . من جهته ندّد حمزة حمزة عضو المكتب التنفيذي لمنظمة حرية و إنصاف للدفاع عن حقوق الإنسان بما تعرض له الصحافيون التونسيون من انتهاكات تستهدف ترويعهم و ثنيهم عن ممارسة نشاطاتهم الصحفية و مسؤولياتهم الإعلامية ، و اعتبر حمزة حمزة في حديثه لإيلاف إن هكذا ممارسات تبدو متخلّفة خصوصا و أنها تتزامن مع استقبال تونس لسنة انتخابية تقتضي بالأساس وجود إعلام حرّ و حدّا ادني من الحريات الصحافية التي تتيح لمراسلي وسائل الإعلام القيام بواجبهم في نقل الحقائق دون تضييقات أو تهديدات. و قال لطفي حيدوري عضو المجلس الوطني للحريات بتونس: »إن ما جرى الثلاثاء في تونس ينمّ عن حملة تخويف تستهدف الصحافيين التونسيين المستقلين وهي محاولة جديدة تستهدف منعهم من أداء واجبهم المهني وتحمل مسؤولياتهم في نقل الحقائق ». و يضيف: »لقد تعودنا على التعامل العنيف مع النشطاء الحقوقيين والصحافيين ، لكنّ الفترة الأخيرة شهدت استهدافا و تركيزا خاصا على الصحافيين المستقلين و المثير أن هذا الاستهداف يتزامن مع استعداد البلاد لولاية رئاسية جديدة للرئيس الحالي بن علي ». كما شدّد الحيدوري على أنّ « السلطة منعت التظاهرات المندّدة بالهجوم على غزة لأنها تخشى أن يتوسع الأمر إلى المطالبة بالحقّ في التظاهر الذي حُرم منه التونسيون منذ أمد بعيد وهي تخشى أن يتوسع التنديد بالهجوم على غزة إلى مطالب داخلية تهم إطلاق الحريات و تحقيق الانتقال الديمقراطي وهو ما لا يروق لها و لن تسمح به في الوقت الحاضر و ما حدث يوم الثلاثاء دليل على تصلبها في هذا الموضوع بالذات. ولم تصدر الحكومة التونسية أي تعليق على ما جرى حدّ اللحظة ، إلا أنّ بعض الإعلاميين المحسوبين على الحزب الحاكم قالوا إنّ المسيرة التي دعا لها الحزب الديمقراطي غير قانونية و بالتالي فإنّ تجمع المواطنين غير قانونيّ ، لكنهم رفضوا في ذات الوقت التعليق على الاعتداءات التي طالت زملائهم المستقلين.
(المصدر: موقع إيلاف (بريطانيا) بتاريخ 31 ديسمبر 2008)
المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية البريد الالكتروني marced.nakabi@gmail.com تونس في 01 / 01 / 2009
رفضا لكل اعتداء على النقابيين ودفاعا عن حقهم في التظاهر السلمي
منذ بداية العدوان الصهيوني على غزة الصامدة تداعى النقابيون إلى التعبير عن تضامنهم المبدئي والمطلق مع أهالي غزة المحاصرين وذلك عبر تنظيم تجمعات واعتصامات في مقرات الاتحاد العام التونسي للشغل وطنيا وجهويا إضافة إلى محاولة الخروج في مسيرات سلمية ومن ابرز أشكال التضامن النقابي مع أهالي غزة نذكر * تونس العاصمة : شهدت ساحة محمد على مقر الاتحاد العام التونسي للشغل تجمعات عمالية يومية منذ يوم الأحد 28 / 12 / 2008 ومحاولا ت للخروج في مسيرات احتجاجية إلا أن قوات الأمن تصدت بقوة للنقابيين ومنعتهم من تنظيم هذه المسيرات علما وان المكتب التنفيذي الوطني أصدر بيان بتاريخ 28 / 12 / 2008 دعا فيه إلى تنظيم أسبوع تضامني مع غزة أطلق حملة للتبرع بالأدوية والدم كما وعد بإرسال طائرة أو سفينة إلى غزة وفي نفس الإطار دعا إلى تنظيم مسيرة كبرى يوم 01 / 01 /2009 رفقة بعض من مكونات المجتمع المدني والحزب الحاكم وقد وقع انجاز هذه المسيرة اليوم إلا أن حشودا هائلة من النقابيين فضلوا الانفصال عنها والتراجع إلى الخلف إلا أن قوات الأمن تصدت لهم وأجبرتهم على الالتحاق بالمتظاهرين وعنفت الكثير منهم . * بنزرت : شهد الاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت تجمع عمالي ناجح يوم الثلاثاء 30 / 12 / 2008 وقد حاول النقابيون الخروج في مسيرة إلا أن قوات الأمن تصدت لهم وعنفت الكثير من النقابيين مثل رضا المهذبي الكاتب العام للاتحاد المحلي للشغل بمنزل بورقيبة وعبد الكريم الخالقي عضو المكتب التنفيذي * نفطة : تجمع الكثير من النقابيين بمقر الاتحاد المحلي للشغل يوم 30 /12 / 2008 وقد حاولوا الخروج في مسيرة تضامنية إلا أن قوات الأمن تصدت بقوة للنقابيين ومنعتهم من الخروج وعنفت بعضهم وقد أصدر الاتحاد المحلي للشغل بيانا ندد فيه بالعنف المسلط على النقابيين * سيدي بوزيد : تجمع النقابيون اليوم 01 /01 / 2009 في مقر الاتحاد الجهوي للشغل وقد حاولوا الخروج في مسيرة لكن قوات الأمن تصدت لهم وهو ما اجبرهم على مغادرة مقر الاتحاد والتجمع من جديد أمام المفازة العامة ثم الانطلاق في مسيرة حاشدة جابت بعض شوارع المدينة وقد تعرض عديد النقابيين إلى اعتداءات من طرف قوات الأمن مما خلف لدى البعض منهم أضرارا متفاوتة مثل النقابي علي الزارعي من نقابة التعليم الأساسي وقد أصدر الاتحاد الجهوي للشغل اثر هذه الإحداث ندد فيه بالعنف الذي تعرض له نقابيو سيدي بوزيد * قفصة : حاول نقابيو قفصة اليوم 01 / 01 / 2009 الخروج في مسيرة تضامنية مع غزة انطلاقا من مقر الاتحاد الجهوي للشغل لكن قوات الأمن تصدت بقوة الى النقابيين واقتحمت بهو الاتحاد الجهوي وعنفت الكثير منهم وهو ما ادخل حالة من الاستياء والتوتر على نقابيي قفصة وعلى اثر هذه الإحداث انعقدت هيئة إدارية جهوية نددت بالاعتداء على حرمة الاتحاد وقررت الدخول في إضراب عام جهوي يوم 06 / 01 / 2009 احتجاجا على ممارسات قوات الأمن ودفاعا عن حرمة الاتحاد وتضامنا مع غزة *سوسة : نفذ نقابيو سوسة تجمعا عماليا اليوم 01 / 01 / 2009 لكن الحضور كان باهتا ويقل عن 200 مناضل ورغم قلة العدد حاصرت أعداد غفيرة من قوات الأمن مقر الاتحاد ولم تسجل حالات تعنيف بين النقابيين وقد عبر العديد من النقابيين عن استيائهم من قلة الحضور وتساءلوا عن الدوافع . * القصرين : فرض الحصار الأمني المضروب على الاتحاد على النقابيين التجمع أمام احد المقاهي الشعبية ثم الانطلاق في مسيرة جابت بعض شوارع المدينة باتجاه الاتحاد الجهوي للشغل , كما تمكن نقابيو فريانة من تنظيم مسيرة حاشدة انطلقت من الاتحاد المحلي للشغل ودامت قرابة ساعة ونصف علما وان مسيرات القصرين وفريانة تمت في كنف الانضباط والهدوء ولم تسجل أية حالات اعتداء ضد النقابيين . كما شهدت مدن تونسية كثيرة أخرى تحركات مماثلة لم نتمكن من متابعتها ويهم المرصد في هذا الإطار أن يعبر عن المواقف التالية : * يثني على مجهودات النقابيين لمؤازرة أهالي غزة رغم حالات الحصار والتعنيف * يدين كل حالات التعنيف التي تعرض لها النقابيون في مختلف مناطق البلاد سواء في قفصة أو تونس العاصمة أو سيدي بوزيد أو غيرها من مناطق البلاد ويدعوا إلى تتبع المعتدين حفاظا على كرامة النقابيين ومنعا لكل احتقان اوتوتر. *يطالب السلط الجهوية والوطنية باحترام الحق الدستوري والقانوني للنقابيين في التظاهر السلمي وفي التعبير عن أرائهم بكل حرية في كنف المسؤولية واحترام القانون. * يأمل من كافة التشكيلات النقابية المساهمة بفعالية في حملة التضامن العملي بالأدوية والدم لتخفيف معاناة أهالي غزة ويطلب من قيادة الاتحاد التعجيل بإرسال سفينة كسر الحصار إلى غزة . المرصد فضاء نقابي مستقل ديمقراطي وهو مفتوح لجميع النقابيين بدون استثناء ويمكن التواصل مع المرصد على العناوين الالكترونية التالية : http://nakabi.maktoobblog.com http://nakabi.blogspot.com عن المرصد المنسق محمد العيادي
في الاتحاد الجهوي للشغل بتونس : ايقاف الكاتب العام مؤقتا عن النشاط النقابي…
تونس ـ الصباح: اتسم الوضع بين المركزية النقابية والاتحاد الجهوي للشغل بتونس منذ مدة بخلاف ما انفك يتطور ويحتد.. وقد بلغ هذا الخلاف حد ايقاف الكاتب العام للاتحاد الجهوي بتونس توفيق التواتي عن النشاط مؤقتا، وغلق بعض مكاتب الاتحاد في وجه بعض الاعضاء المساندين للكاتب العام. وقد تم هذا الاجراء بانتظار ما ستقرره لجنة النظام الداخلي على ضوء ملف مالي كان قد احيل اليها خلال فترة سابقة ويتعلق باوضاع داخل الاتحاد الجهوي. السيد توفيق التواتي اتصل بنا لتوضيح وجهة نظره، وقدم لنا ملفا بخصوص حقيقة الازمة وابعادها والتطورات الحاصلة بين عدد من اعضاء الاتحاد الجهوي والمركزية النقابية فكيف يفسر التواتي وجه الخلاف واسبابه وابعاده؟ ولما تفجر الآن؟ وما هي الاسباب الحقيقية التي آلت اليها الأوضاع الحالية بين الاتحاد الجهوي للشغل بتونس والقيادة المركزية في الاتحاد العام التونسي للشغل؟ وماذا عن محتوى الملف الذي عرضه والوثائق التي وجدت به؟ الخلاف.. تاريخه وابعاده يشير السيد توفيق التواتي في بيان مرفق بالملف صادر بتاريخ 26 ديسمبر 2008، ان ملف جهة تونس دخل منعرجا حاسما وبخصوص خلفيات واهداف الصراع يقول «هناك اسباب اخرى عميقة، وان الاسباب المالية وملفها لا يمثل سوى حياد عن الاسباب الحقيقية للخلاف». ويواصل الاشارة فيقول: «ليست هذه المرة الأولى التي تنظم فيها حملة ضد تشكيلة المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بتونس او ضد جزء منها، ان الخلاف الاساسي والوحيد بين القيادة النقابية والاتحاد الجهوي وخصوصا الامين العام والاتحاد ونائبه المكلف بالنظام الداخلي هو خلاف نقابي بحت، بدأ منذ مؤتمر جربة 2002، وانضافت اليه جملة من المعطيات وتعمقت في مؤتمر الاتحاد الاخير بالمنستير في سنة 2006». ويواصل التواتي: «عنوان الخلاف هو الديموقراطية الداخلية والتباين الحاصل في وجهات النظر حول كيفية تسيير الشؤون النقابية وقد آل الصراع في مؤتمر المنستير الى انتصار النظرة الديموقراطية والوقوف ضد قائمة «الامين العام» وقد اعتبرت هذه الخطوة القطرة التي افاضت الكأس واصبحت مبررا لحقد دفين بداية من مؤتمر المنستير في 2006.. هذه حقيقة الاسباب التي فجرت الخلاف بين الاتحاد الجهوي والقيادة ومن ذلك انطلق بحث هذه الاخيرة لتبدو في ظاهرها منطقية للهجوم علينا وعلى بعض الاتحادات الجهوية». ويشير التواتي الى جملة ما حصل بالاتحادات الجهوية ببنزرت ونابل وقفصة والقصرين وغيرها من الملفات والممارسات التي تعمدت القيادة النقابية افتعالها بسبب الخلاف المشار اليه آنفا. حول الملف المالي والاجراءات التي تلته يقول التواتي بخصوص الملف المالي المثار ضد الاتحاد الجهوي للشغل بتونس، «انه ليس سوى وسيلة دعائية لاخفاء حقيقة الخلاف وتسهيل حسمه في الاتجاه المقصود». ويواصل: «اذا كان الدافع لاثارة هذا الملف هو رغبة صادقة في حماية مداخيل واموال المنظمة والشغالين من التلاعب وسوء التصرف فلماذا لم يقع النظر في الملفات المالية التي طلب من القيادة النقابية في اكثر من مرة النظر فيها؟.. واني شخصيا باعتباري المعني بهذا الملف اعلن على الملأ استعدادي لتحمل تبعات كل تصرفاتي امام هيئة مستقلة وكفأة وأرفض الطريقة المتبعة». ومن خلال هذا الملف مدنا الكاتب العام التواتي ببيان صادر في 27 ديسمبر 2008 جاء فيه ان الاتحاد الجهوي للشغل بتونس دعا الى اجتماع عام في اليوم الذي سبق هذا التاريخ لتوضيح موضوع الخلاف وحقيقة ما يسمى بالملف المالي. واشار البيان انه في اليوم الموالي للاجتماع العام تم منع اعضاء الاتحاد الجهوي من الالتحاق بمكاتبهم داخل الاتجاد واستئناف نشاطهم النقابي، وذلك بغلق مكتب الكاتب العام و3 من اعضاء المكتب وذلك بتغيير اقفالها. وقد تم اثبات ذلك من خلال محضر معاينة لعدل منفذ ضم الملف وثيقة منه.. كما تم ايقاف الكاتب العام توفيق التواتي عن كل نشاط نقابي مؤقتا دون ان توجه اليه دعوة بصفة قانونية للمثول امام اللجنة الوطنية للنظام الداخلي في الاتحاد العام التونسي للشغل. ماذا قال الاتحاد العام التونسي للشغل في الموضوع؟ وبناء على ما جاء في الملف الذي قدمه لنا الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بتونس، وللاطلاع بشكل دقيق وأكثر وضوحا عما يدور بين المركزية النقابية والاتحاد الجهوي اتصلنا بالسيد علي رمضان الامين العام المساعد للاتحاد المكلف بالنظام الداخلي افادنا بما يلي: «بناء على المتابعة المالية في الاتحاد تسلمت اللجنة العليا ملف الاتحاد الجهوي، وقامت بالتدقيق الكامل لمصاريف الاتحاد الجهوي للشغل بتونس، وقد تبين ان هناك العديد من التجاوزات وذلك بناء على مستندات دقيقة وضافية». ويضيف علي رمضان: «بناء على هذا تم تقديم لملف اللجنة المالية الى لجنة النظام حيث تولت بحث كل الاطراف المعنية به، وقد أمضوا على ذلك بعد تمكينهم من الاطلاع على كافة الملف. وقد اقر هؤلاء بالتجاوزات المالية الحاصلة؟ وبخصوص الكاتب العام للاتحاد الجهوي بتونس يقول السيد علي رمضان: «لقد تم استدعاؤه للسماع اليه وعرض الملف على نظره، لكنه لم يحضر». وبيّن رمضان انه امام هذه التجاوزات القائمة على مستندات دقيقة يمكنكم الاطلاع عليها، قررت لجنة النظام ايقاف السيد توفيق التواتي مؤقتا عن النشاط النقابي، ريثما يمثل امام لجنة النظام. وأكد على ان كل الاجراءات قد تمت في اطار القانون، وقد تم اعلام السيد توفيق التواتي بكافة الاجراءات القانونية، وهو يعتبر في نظر لجنة النظام للاتحاد العام التونسي للشغل مدانا، خاصة بعد تمكينه من الاطلاع على بعض العينات من هذه التجاوزات المالية. علي الزايدي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 1 جانفي 2009)
الشباب الديمقراطي التقدمي من المراقبة الأمنية إلى التهديدات
لليوم الثالث على التوالي تواصل قوات الأمن محاصرة المقر المركزي الحزب الديمقراطي التقدمي و منع عدد من النشطاء و الصحافيين من الإقتراب منه . و طال المنع حتى مناضلي الحزب و نذكر منهم المسؤول في التنظيم الشبابي للحزب « وسام الصغير » الذي يعاني منذ الصباح من مراقبة و مضايقات أمنية وصلت إلى حد منعه من التواجد في شارع الحبيب بورقيبة . و من جهة أخرى ضربت فرقة الأمن سياسي مراقبة لصيقة على المكلف بالدراسات و التوثيق في مكتب شباب قابس « صالح مخلبي » حيث تتمركز سيارة أمن منذ البارحة أمام منزل عائلته و تتبع تحركاته ، كما وقع تحذيره من التحركات التضامنية مع الشعب الفلسطيني.
معز الجماعي المصدر :موقع الحزب الديمقراطي التقدمي www.pdpinfo.org
اعتقال الناشط السياسي أنور بالحاج عمر
السبيل أونلاين – من زهير مخلوف – تونس وقع هذا اليوم الخميس 01 – 01 – 2009 ، إعتقال أنور الحاج عمر عضو « الحزب الديمقراطي التقدمي » وذلك على الساعة العاشرة والنصف صباحا ، وتُركت سيارته الخاصة على قارعة طريق قصر السعيد ، ونُقل إلى منطقة الحرس بوادي الليل ، ولا تعلم أسرته إلى حد الآن سبب إحتجازه .
فلماذا تصرّ السلطة على مضايقاتها للـ »حزب الديمقراطي التقدمي » وإعتقال أعضائه رغم تمتعه بالتأشيرة القانونية ؟؟؟ ولماذا تصرّ السلطة على عدم إعلام العائلات عند إعتقال أبناءهم ؟ (المصدر:السبيل أونلاين ، بتاريخ 01 جانفي 2009)
خاصpdpinfo غزالة محمدي تتمسك بتتبع رئيس منطقة الشرطة قضائيا
تقدم المحامي « رضا الرداوي » نيابة عن الناشطة السياسية « غزالة محمدي » صباح اليوم بقضية لدى وكيل الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بقفصة . و جاء رفع القضية لمقاضاة رئيس منطقة الشرطة بعد تعمده الإعتداء بالعنف الشديد على الأنسة « غزالة » مما تسبب لها في إصابات بليغة و كسر على مستوى الأنف . و تضمن ملف القضية شهادة طبية ب30 يوما من طبيب الصحة العمومية تثبت فظاعة الإعتداء الذي تعرضت له مع وثائق أخرى تأكد على تعمد رئيس المنطقة إستعمال العنف أكثر من مرة ضد « المحمدي » دون أسباب تتطلب ذلك . وذكرت « المحمدي » في تصريح خاص بموقع الحزب الديمقراطي التقدمي أن عدد من المحامين عبروا عن استعدادهم لتبني القضية و الدفاع عنها ، و أشارت إلى أنها مصممة على تتبع المعتدي عليها قضائيا رغم التهديدات الشبه اليومية التي تصلها لثنيها عن رفع الموضوع لدى القضاء . معز الجماعي المصدر : موقع الحزب الديمقراطي التقدمي
السلام عليكم إنني المعارض أحمد الورغـمي من باريس أجيب عن السؤال الذي أرسل لي لكل من يهمه الأمر لقد وقعت معكم على العريضة في حق العودة لا لأني أريد العودة المذلة والمهينة والرخيصة ولا لأني أريد أن أتنازل عن الحق الذي دافعت من أجله وسلكت طريق المعارضة بإختياري وحرمت من أجله من الدخول لبلادي من إثنين وعشرون سنة كما حرمت من زوجتي وأولادي الذين لم أراهم من سنت ثلاثة وتسعين كل غايتي هيا المشاركة مع الأحرار من أبناء وطني في التغييرالحقيقي في هرم السلطة العميلة التي فرضها علينا الإستعمار من إثنين وخمسون سنة وقد سموهم بالمناظلين وهم عملاء للفرنسين والصهاينة والقرارات اللتي تأتيهم من البيت الأسود الصليبي الصهيوني لقد وقعت معكم لأزيدكم صوة لمن يريد أن يعود لبلاده وهو حرا في آختياره ولكن أقول لكم جميعا ومع كل حرماني من جميع الحقوق بفرنسا من الإقامة والعمل والمحاصرة من طرف الحكومة الفرنسية لأني لم أرضخ أن أكون عميل لمخابراتهم وبوليسهم ضد إخواني المسلمين ومع هذا لن أعود ولن أدخل تونس إلا بعد سقوط الدكتاتورأو موته ولن أبخل عن العمل مع الأحرار والمناظلين لتغيير هذا النظام والسستام والمستنفعين وتبديل الحكم والنظام والدستور بطاقات شابة وجديدة ووطنية ونافعة لبلادها وشعبها وأمتها العرابية والإسلامية سأدخل بلادي ورأسي مرفوع لن ينحني لبوليس ولا لدكتاتور ولا للعمالة ولا للجبن والخوف أو ليتفردون بي عصابات القمع والإرهاب من البوليس المجرم السياسي لن أكون بحول الله لقمة سهلة لهم وأريد أن أقاومهم حتي الموة عندما أجد من يريد أن ينزعهم من عروشهم بالقوة كما لهم القوة نعم مأخذا بالقوة لا يرد إلا بالقوة هذا إيماني في كل القضاية المتعلقة بالداخل والأمة وأشكركم على تفهمكم لي وإني أساند كل المضطهدين والمظلومين والمهاجرين وكل من له الحق فأنا بجانبه وأسأل الله القدير أن يعيننا في إسقاط كل الأنظمة الدكتاتورية والعميلة والمستبدة كما أسأل الله أن يوفق كل الوطنيين الأحرار والشرفاء في هذه الأمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اتحاد الكتّاب : الاتجاه نحو بعث «هيئة حكماء» في المنظمة
تونس ـ الصباح: ما ان تسلمت مقاليد تسيير دواليب اتحاد الكتّاب حتى شرعت الهيئة المديرة في تبويب الملفات التي ستنظر فيها تباعا حسب الاهمية وعلمنا في هذا الاتجاه ان النية متجهة الى الاتصال بعدد من «كبار» الادباء قصد تشريكهم في اعادة هيكلة الاتحاد والمساهمة في تطوير اساليب عمله وافادنا شمس الدين العوني العضو المكلف بالعلاقات الخارجية في المكتب الجديد للاتحاد ان هناك تفكير جدي لاجل بعث ما يعرف بـ«هيئة حكماء» في صلب الاتحاد تجمع العديد من المثقفين والادباء والكتاب الذين انقطعت صلتهم بالاتحاد منذ سنوات عديدة للمساهمة بالرأي والمشورة في اعداد برامج الاتحاد القادمة على اكثر من صعيد. ومن هذا المنطلق فان الايام القليلة القادمة ستشهد اتصالات بأسماء ادبية كمحمد صالح الجابري والحبيب الجنحاني ومحمد صالح بن عمر وعزالدين المدني والجيلاني بن الحاج يحيى ومحيي الدين خريف وابوالقاسم محمد كرو وغيرهم لاجل العمل على تشريكهم في كل ما يهم مستقبل الاتحاد. المجال مفتوح للجميع ومن جهة اخرى اكد محمد الهادي الجزيري الكاتب العام للاتحاد ان ابواب الاتحاد سيتم فتحها على مصراعيها لاحتضان كل الكتّاب والادباء بدون تهميش او اقصاء لاي كان.. والدعوة حسب الكاتب العام للاتحاد مفتوحة «لكل المبدعين والمستقيلين للالتحاق بمنظمتهم بدون شروط.. لتأكيد القطيعة النهائية مع «ممارسات سابقة ولت دون رجعة..» وللتذكير فان المؤتمر السابع عشر لاتحاد الكتّاب الذي انعقد السبت الماضي انتخب هيئة مديرة جديدة في تركيبتها برئاسة الشاعرة جميلة الماجري وشهدت الهيئة المديرة انضمام عدد من الاسماء لاول مرة على غرار شمس الدين العوني ومحمد الهادي الجزيري ومراد العمدوني الى جانب مسعودة بوبكر والساسي حمام وابراهيم الدرغوثي وصلاح الحمادي والمولدي فروج وهذا الثلاثي الاخير تم تجديد انتخابه للدورة الثانية على التوالي في حين ان مسعودة بوبكر وساسي حمام عادا الى الهيئة المديرة بعد غياب طويل شأنهما في ذلك شأن جميلة الماجري التي مثل صعودها الى رئاسة الاتحاد كأول امرأة حدثا هاما لكل الاعضاء الذين باركوا هذا الامر على اعتبار ما تتوفر عليه جميلة الماجري من قوة شخصية وهدوء ورغبة جامحة في تطوير عمل الاتحاد نحو المزيد من الاشعاع لهذه المنظمة. محسن بن احمد (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 1 جانفي 2009)
اتّحاد الكتّاب وخيبة النّخبة
نزار شقرون إنّ أغلب الكتّاب العرب هم خارج اتّحادات الكتّاب العربيّة، وهذا معطى بارز لا يحتاج إلى تدخّل السّوسيولوجيّين العرب الذين ما استطاع أغلبهم مغادرة المقرّرات الدّراسيّة. ولا يعني وجود الكتّاب في ‘الخارج’ قصور الاتّحادات عن استيعابهم لضيق في الأمكنة أو في الأزمنة، فأغلب الاتّحادات العربيّة شبيهة بعموم الهياكل العربيّة التي تستمدّ مشروعيّة وجودها وضرورتها من افتقارها إلى الكتابة أي إلى الشّرط الإبداعي للوجود، أقصد لوجود الظّاهرة الكتابيّة، مادام الاتّحاد يعنى بالكاتب دون كتابته أو دون الكتابة كشأن محوري بشكل عامّ وهذا ما يتيح تحديدا مخصوصا لهويّة اتّحادات الكتّاب، فهي اتّحادات ـ إلاّ ما ندر منها- ترفض الكتابة كفعل نقدي وهي مع الكتّاب الذين يريدون مظلّة لأنّ الطّقس ممطر في الخارج ويحتاج إلى جهد ذاتي لمواجهة الوجود، وهي ترفض الخوارج لأنّهم يكشفون الدّواخل، كما أنّ هذه الاتّحادات التي فشلت في أن تكون لدى البعض معبرا سياسيّا لليسار أو لليمين خلت من اليساريّين ومن اليمينيّن وعجّت بأصحاب اليسار وأصحاب اليمين أي امتلأت بإيديولوجيا القوت اليومي والمستقبلي في ظلّ غياب مشروع إقليمي أو قومي، أي في ظلّ هزيمة نكراء للنّخبة العربيّة التي لم تستطع أن تكون إنتلجنسيا فاعلة لمجتمعاتها. وبذلك صار اليسار في الاتّحادات أوّل مطبّع مع الأنظمة القائمة ويتّهم الخوارج بأنّهم ‘يسراويّين’ وهكذا أصبح المناضل الوطني الدّيمقراطي اليساري في السّابق ذي النّظّارات الطّبيّة والشّارب البلشفي هو الحليف المركزي للمشروع التّطبيعي . كما أصبح يساريّا في زيّ المستقلّ الذي تسعد به السّلطة وتهزأ منه لنفاقه بل تستخدمه في تنظيف جيوب ‘اليسراويّة’ . ويستمرّ هذا المثقّف المنتمي دون أن يكون منتميا لأيّ مشروع بطبيعة الحال، في ادّعاء الاستقلاليّة، ويتشدّق بـ ‘الوطنيّة’ التي تؤمن بقهر الرّأي المختلف، في حين أنّ بعض السّلط العربيّة ذاتها يحزنها مشهد هذا ‘التّقدّمي’ الذي يدخل من مغرب الشّمس ليعلن أنّه البديل التّنويري في المجتمع. إنّ هذا النّموذج، ليس غير صورة موجزة لجناح من اليسار العربي الذي فشل في المحافظة على صورته، لذلك عجزت أغلب الاتّحادات العربيّة عن تيسير الحوار مع كلّ الكتّاب خارجها. هؤلاء الذين اهتمّوا بالكتابة قبل إشاعة صورة الكاتب التي أضحت بفعل خور الاتّحادات مجلبة لضحك العامّة. وتستمرّ الاتّحادات في عدم الإنصات، بل اعتادت أن تغلق أذنيها عن صوت المثقّفين، وأقصى ما تفعله أنّها تتحوّل إلى هيكل للخدمة الاجتماعيّة في الظّاهر. وإذا نقدت من أيّ جهة فإنّها تعلن بأنّ لها مشروعا واضحا وهو مشروع القواعد من الكتّاب، إلاّ أنّ المشروع ـ وذلك لضرورات بلاغيّة- يعلن عنه بكاتم الصّوت. هكذا إذن يكون المشهد في فصل طويل من مسرحيّة ذات فصول ممتدّة ومتشابهة. وإذا كان هذا هو المشهد الإطاري للوضع العربي فإنّنا نخشى على اتّحاد الكتّاب التّونسيّين من هذه الانفلونزا العابرة دون جوازات سفر. فلقد بادر اتّحاد الكتّاب التّونسيّين إثر مؤتمره الأخير بترميم مقرّه قبل أن يبادر بترميم آليّاته أو تغييرها، فأنقذ مظهريّته دون أن يمسّ جوهر أدوات عمله. وبدا أنّ نوايا بعض الأعضاء غير قادرة من الخروج من فضاء اجتماعات الهيئة من المقرّ إلى الشّارع العمومي، علامة على وأدها في الطّريق إليه. واستمرّ الاتّحاد في إنقاذ هذه ‘المظهريّة’ التي بلغت في المرحلة الأخيرة من عهد الميداني بن صالح إلى بركة الماء الآسن، إذ تشكّلت صورة الاتّحاد لدى عامّة النّاس كحلبة صراع دموي فرجوي، لقد كان وضع الاتّحاد شبيها بلعبة ‘الكاتش’، فيه استعراض كبير للعضلات والقدرات والمهارات في كلّ شيء باستثناء الكتابة طبعا؟ ومن علامات إنقاذ المظهريّة التّمثيل’الدّيبلوكتّابي’ لأعضاء الهيئة المديرة في أغلب التّظاهرات العربيّة والدّوليّة والسّعي إلى إقامة اتّفاقيّات شراكة مكلفة ولكنّها منقذة في كلّ الحالات لمظهريّة الاتّحاد كما تعزّز الاتّحاد بواجهة أنترناتيّة في السّياق ذاته. غير أنّ هذا النّجاح النّسبي في فسخ صورة الحلبة لدى الرّأي العامّ لم تكف لبلورة رهانات حقيقيّة كانت وراء إضرام لهيب الحلبة في السّابق. وهو ما يجعل من الاتّحاد هادئا ووديعا كوداعة من يشتمّ رائحة الحريق المتأجّجة في غرفة داخل الدّار. ولئن أزعجت بعض الاستقالات والمناوشات هذه المظهريّة فإنّها لم تعكّر صفوها بشكل مطلق، هناك اعتقاد لدى العارفين بدواخل الاتّحاد أنّ هذه المرحلة مؤقّتة وضروريّة ولا بأس إن غمرها التّوتّر أحيانا، ففي كلّ الحالات لن تبلغ ما بلغته في السّابق. ولكن إذا ما أقررنا بأنّ هذه المرحلة انتقاليّة، أيعقل أن تختفي مخطّطات المرحلة ؟ أين هي البرامج الاستراتيجيّة للرّفع من منزلة الكاتب في تونس؟ بل أين هو منصب الكاتب في الاتّحاد؟ هل تحوّل الاتّحاد إلى مجرّد متعهّد للتّظاهرات مثله مثل متعهّدي الحفلات؟ في أشقّ الظّروف تعمل أيّ هيئة في مرحلة انتقاليّة على تحقيق منجزات استراتيجيّة في أساليب العمل لترسيخ تقاليد جديدة وتدفن في الذّاكرة تقاليد بالية مركزيّة ومتعالية عن القاعدة ولكن ما الذي حدث من المؤتمر إلى حدّ الآن؟ هل فكّرت الهيئة المديرة في الإنصات إلى مطلبيّات الاتّحاديّين؟ هل دعت إلى تشخيص وضع الاتّحاد إثر استقالات البعض أم ينظر إلى ذلك على أساس أنّه دفع لحسد الحاسدين على نعمة الهدوء والاستقرار الجامد لآليّات الاتّحاد. هل نريد من الاتّحاد أن يكون فاعلا في الخيارات الثقافيّة الوطنيّة أم نريده موجودا فحسب؟ وربّما فكّر بعض الأعضاء في تشخيص الأوضاع ولكن ما الذي يجبر الاتّحاد فعلا على الوقوف وقفة المشخّص والمراجع مادامت الغالبيّة صامتة لأنّها صبورة على ما أصابها و ترتجي الخير دائما إثر مؤتمر الاستسقاء. ولكنّ لا مطر، لا مطر، إلاّ الغيم الواجم؟ وأغرب ما في الأمر أنّ الكاتب العربي الذي ينادي كتابة وشفاها بتطبيق اللّوائح والنّصوص هو آخر معنيّ بهذا الشّأن عندما يتعلّق الأمر بذاته. فلقد نادت قائمة ‘المستقبل ‘ في المؤتمر الأخير لاتّحاد الكتّاب التّونسيّين، ببرنامج لم تتوصّل الهيئة الحاليّة إلى تنفيذ ثلثه بالكامل، وحتّى النّقاط التي طبّقت لم تخرج عن دوائر جغراثقافيّة ضيّقة أي أنّها طبّقت في مدارات بعض الفروع دون أن تحقّق انخراطا كاملا للاتّحاديّين، كما أنّها وليدة إرادة قلّة قليلة في الهيئة المتخلية ولو جمّد بعض أعضاء الهيئة عضويّتهم لفترة وجيزة لسكت الاتّحاد عن الفعل المباح. فرغم أنّ المنعطف التّاريخي للمؤتمر تمثّل في إحلال لامركزيّة الاتّحاد من خلال تمثيليّة الأقاليم فإنّ هذه اللاّمركزيّة أحلّت صبغة مركزيّة أخرى تمثّلت في تأجيل متواصل لمؤتمرات الفروع التي لم تنجز مؤتمراتها منذ أكثر من خمس سنوات ضاربة بذلك كلّ القوانين والأعراف الجمعيّاتيّة لأنّ اتّحاد الكتّاب كما يظنّ ‘حالة خاصّة واستثنائيّة’ ؟ في النّسيج الجمعيّاتي التّونسي. وهكذا انتقل الاتّحاد من المركزيّة المعلنة إلى المركزيّة المتوارية، وهو لاشكّ تحوّل حداثي في آليّات التّصرّف يشبه تحوّلات النصّ الحداثي العربي من المباشرة إلى فعل التّخفّي. ولا شكّ أنّ عدد منخرطي الاتّحاد قد ارتفع في ظلّ غياب نظام داخلي كان من أوكد رهانات المؤتمرين، وفي سياق غياب لجنة استشاريّة محكّمة نادى المؤتمرون بأن تكون مهمّتها درس مطالب الانخراط وفق مقاييس مضبوطة لا لبس فيها. ألم يكن من الطّبيعي أن تعكف الهيئة المديرة المتخلية على إعداد تصوّر أوّلي للقانون الدّاخلي فتعرضه بعد ذلك على القاعدة العريضة، أم أنّ ذلك هو من الأولويّات الانتخابيّة فحسب؟ ثمّ لماذا بقي أغلب الكتّاب التّونسيّين خارج الاتّحاد؟ ألم ننادي بضرورة إدماج الكتّاب في حوارات الاتّحاد وفي تشخيص مستقبل الاتّحاد؟ قد يحدث ذلك بشكل فردي وانفرادي لغايات عديدة إلاّ أنّه لم يتحوّل إلى رهان حقيقي. يعكس وضع الاتّحاد نسبيّا وضعا أشمل للنّخبة التّونسيّة التي ينتظر منها الكثير من الرّياديّ لتفعيل مسار التّحديث والعقلانيّة على الاتّحاد أن يحدّد دوره في هذه المرحلة التّاريخيّة، أم هو مثل النّخبة التّونسيّة التي افتقرت إلى رهانات واضحة فهي لا تفكّر في وضع سلّم أولويّات وافتقدت منصبها ودورها الرّيادي في حركة المجتمع. هناك ملفّات كثيرة تحتاج إلى الحوار والمساءلة فلماذا يبقى الكاتب داخل الاتّحاد رهين تواصليّة واحدة قديمة متجدّدة لا تتعالى عن التّهاني بالأعياد الدّينيّة والمدنيّة، ثمّ أين صدى هذا الحراك، وهو مفقود بالطّبع، في المنبر الإعلامي للاتّحاد، أعني مجلّة المسار التي شحبت وتحتاج إلى تأهيل ومراجعة على كلّ المستويات، أليست هي مرآة المشهد الإبداعي والفكري داخل الاتّحاد؟ ولكن من يقرأ المسار يكتشف وهن المسار، فهل هناك خطّة نشر؟ وهل ثمّة رهانات عميقة تجعل من هذا المنبر متفاعلا مع حركيّة الكتابة، لا الكتّاب فقط، في الدّاخل والخارج. هل استطاع الاتّحاد أن يحرّك السّياق الأدبي والإبداعي التّونسي؟ أليست هذه ضرورات مباحة؟ أم أنّنا لا نستثمر كلّ هوامش الحرّيّة المباحة للكتابة والتّعبير والتّقدّم بالمشهد الأدبي قدر ما نستخدمها لأغراض أخرى. إنّ مشكلتنا الأساسيّة في الاتّحاد وخارجه أي في إطار النّخبة تتلخّص في شخصنة الأوضاع و تبرير الواقع دون العمل على تغييره مرحليّا. لذلك قد يفهم أيّ موقف رصين وعملي على أنّه انتهاك لعلاقة إنسانيّة أو خروج من معطف أبوّة زائفة و لا ينظر إليه من زاوية ضرورة الاختلاف والإنصات إلى الآخر في واقع غابت فيه المواقف البنّاءة وتعاظمت فيه فزّاعات المتكتكين، وغلاة المصالح الآنيّة. كاتب من تونس (المصدر: جريدة القدس العربي (يومية – بريطانيا) بتاريخ 1 جانفي 2009)
شخصيات وطنية تقيّم سنة 2008 وتتحدث عن تطلعاتها للعام الجديد
تونس ـ الصباح: في سياق استقراء أهم الاحداث التي شهدها العام 2008، واستشراف السنة الجديدة، قامت «الصباح» ضمن التقليد الذي تعودت عليه مع مطلع كل عام، بنوع من سبر الآراء مع عدد من رموز الاحزاب السياسية وأعضاء في مجلس النواب والمستشارين حول تقويمهم للسنة المنقضية، ورؤيتهم لسنة 2009، من زوايا سياسية واقتصادية واجتماعية مختلفة.. وفيما يلي المساهمات التي تلقيناها من عدد من الشخصيات السياسية والبرلمانية.. أحداث لافتة على الساحة الوطنية خلال سنة 2009 بقلم: هشام الحاجي فيما يتعلق بالتوقف عند أهم المحطات التي تفاعلنا معها في السنة التي غادرتنا بعد أيام في المستويين الوطني والدولي فان استعراضها بشكل مفصل قد يبدو صعبا وهو ما يدفعنا الى الاختزال والتوقف عند أهمها وهي: * في مستوى الساحة الوطنية: كانت الاحداث اللافتة ايجابية في مجملها ولعل من أهمها في هذا المستوى: ـ التنقيح الذي عرفه الفصل 40 من الدستور الذي كرس تعدد الترشح لرئاسة الجمهورية وحمل خطوة اضافية من خلال فتح الباب امام الاحزاب غير البرلمانية، وهذا التنقيح رغم استثنائيته يمثل تطورا هاما. ـ انعقاد المؤتمر الوطني للتجمع الدستوري الديمقراطي وما أبرزه من توجه نحو التشبيب وفي تعيين السيد محمد الغرياني أمينا عاما للحزب الحاكم رسالة ايجابية في اتجاه الشباب تدعمت بالتحاق السيد سمير العبيدي بالتشكيلة الحكومية. ـ تواصل الاستشارات الوطنية حول أهم الملفات وهي الوظيفة العمومية والتشغيل والشباب. ـ احياء حزب الوحدة الشعبية للذكرى 25 لحصوله على تأشيرة العمل القانوني وفي المقابل فان ملفين اجتماعيين لفتا الانتباه من حيث انعكاساتها المحتملة وهما: ـ أزمة الحوض المنجمي ونتطلع في هذا الملف الى اجراءات رئاسية اضافية تدعم الاجراءات التي اتخذها رئيس الدولة منذ فترة وكان لها وقعها الايجابي. ـ تواصل المفاوضات الاجتماعية لفترة طويلة وهو ما يمثل دافعا للتفكير في فلسفة هذه المفاوضات ومضمونها وآلياتها. وفيما يتعلق بأهم ملفات السنة القادمة التي ستطرح نفسها فهي في اعتقادنا: ـ التعاطي مع تداعيات وانعكاسات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية ـ الاعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية بما يضمن لها السير الجيد ويكرس شفافيتها. ـ مواصلة الاقتراب من الشباب والبحث عن حلول لبعض الظواهر السلبية التي يمثل العنف في الملاعب أحدها. أما في المستوى الدولي فإن من أهم الاحداث التي شهدتها السنة الحالية: ـ الأزمة الاقتصادية العالمية التي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك تهافت الايديولوجيا الرأسمالية وتناقضاتها الداخلية. ـ الانتخابات الرئاسية الامريكية وايجابية الدلالات الرمزية لانتخاب باراك أوباما. ـ الاعتذار الايطالي لليبيا عن جرائم المرحلة الاستعمارية ـ زيارة العماد ميشال عون لسوريا زيارة لا تتجاوز المستوى السياسي لتمثل رسالة للمسيحية الشرقية من أجل دعم الثوابت الوطنية وتجنب مشاريع الانقسام المذهبي والطائفي. ـ فتح صفحة جديدة في العلاقات السورية ـ اللبنانية ـ تراجع المشروع الاستعماري الامريكي في أفغانستان والعراق ـ انسحاب الرئيس جورج بوش من الساحة السياسية بعد سنواته المجنونة والمدمرة وارتباط رحيله في المخيال العربي بحذاء منتظر الزيدي الذي حمل لمهندس الحروب الاستعمارية الجديدة مشاعر الأغلبية الساحقة من العرب والمسلمين. وأما فيما يتعلق بأهم الملفات الدولية بالنسبة للسنة القادمة فتتمثل في: ـ الوضع الفلسطيني الباعث على الانشغال في ظل تواصل الخلاف الفلسطيني ـ الفلسطيني ـ الضغوط التي تتعرض لها سوريا تحت عناوين مختلفة ـ تواصل التوتر في العلاقات المغربية الجزائرية وما يمكن أن يتركه من آثار سلبية على المنطقة خاصة أنه يغذي حاليا سباقا محموما على التسلح. ـ تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية ـ تفاعلات الوضع الداخلي في باكستان وآفاق العلاقات الهندية ـ الباكستانية لأن هذه العلاقات محكومة بتداعيات الوضع الأفغاني المعقد وللبلدين قدرات نووية معلومة. ـــــــــــــــــــــ سنة الصعوبات والتحديات بقلم: منذر ثابت (*) تشكل سنة 2009 وفق المقاييس والاعتبارات سنة مفصلية على الصعيدين الوطني والدولي وهي تعلم عن طبيعتها وعن مقدماتها من خلال ما تلقيه من ظلال على الساحة الدولية بمفعول الأزمة المالية والاقتصادية التي تعتمل تداعياتها بصفة متدرجة في شرايين الاقتصاد العالمي وما تحمله من تقلبات يفترض أن تكون هامة في محصلتها الاستراتيجية، خاصة أن القوى الدولية السائدة تتجه نحو الانقلاب على مفاهيم محورية في السياسة الاقتصادية الدولية. من ذلك تشكيك العديد من رؤساء الحكومات في شرعية وجود «الجنة الجبائية» (Le paradis fiscal) التي وصفها رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فييون بالثقب السوداء. ويبدو أن هذا الوضع يتجه نحو اثبات تطور غير مرتقب للقوى الاقتصادية الصاعدة التي تفيد كل المؤشرات أنها ستكون الرابح الأول في صلة بإعادة انتصاب الشركات الكبرى (La délocalisation). لكن الواضح أن سنة 2009 ستكون سنة الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية وتفيد مصادر صندوق النقد الدولي أن نهاية سنة 2009 قد تكون موعد عودة الاقتصاد العالمي الى الانتعاشة. ومن البديهي أن تونس من خلال انخراطها في ديناميكية الاقتصاد المعولم وعبر منظومة العلاقات الاستراتيجية التي تشدها الى الاتحاد الأوروبي ستنفعل بصفة أو بأخرى بتداعيات هذه الأزمة. وسنة 2009 تطرح على بلادنا تحديات لعل من أبرزها: ـ اقتصاديا: الحرص على انجاز المشاريع الكبرى المبرمجة ضمن المخطط التنموي الراهن نظرا للأهمية التي تمثلها في مستوى الانعاش العام للاقتصاد وتحريك التشغيل بصفة خاصة. في ذات السياق يمثل الحفاظ على التوازنات المالية الأساسية تحديا لا ينفصل عن رهان الحفاظ على التوازنات العامة وعلى الخصائص التنافسية لاقتصادنا. ـ اجتماعيا: يتعلق رهان سنة 2009 بالحفاظ على الطبقة الوسطى والتحكم خاصة في نسبة التضخم وتبني خطة واقعية في مواجهة قضية التشغيل عبر تقييم الآليات المعتمدة في مجال التشجيع على الانتصاب للحساب الخاص وتطوير نظام القروض الموجهة لهذا الغرض. هذا اضافة الى بعث صندوق وطني للبطالة في تمفصل مباشر مع برامج التكوين الموجهة لحاملي الشهادات العليا. ـ وتبقى الانتخابات الرئاسية والتشريعية لسنة 2009 الموعد الأبرز في أجندا سنة 2009 حيث يرتقب أن تترجم التحولات التي عرفها المشهد السياسي خلال المرحلة الأخيرة ومن المرتقب أن تلعب التحالفات دورا أساسيا في إعادة رسم الخارطة السياسية خاصة في مستوى الانتخابات التشريعية كما يرتقب ارتفاعا لنسق الجدل السياسي بصدد ملف الاصلاح من جهة التقييم ومن حيث استشراف آفاقه على الصعيد السياسي خاصة وتتعلق طموحات الحزب الاجتماعي التحرري بتجديد الوفاق السياسي وصياغة أجندا الاصلاح السياسي للمرحلة الجديدة لتوسيع مجال الحريات ولتطوير آليات احترامها وصيانتها ذلك أن التحرري يعتبر ولاية 2009 ـ 2014 حاسمة ومحددة لتطور النظام السياسي، وهو يؤكد على الطبيعة الاستراتيجية لهذه المرحلة لتأمين المسار الديمقراطي التعددي وتأسيس البنية التحتية لنظام ديمقراطي متطور. ـ مغاربيا: يتعلق أملنا بمواصلة الحراك الاقتصادي والتجاري الايجابي الذي شهدته العلاقات الثنائية بين بلدان المنطقة خلال الفترة الأخيرة وأن يتدعم على مختلف الأصعدة لايجاد حالة تكامل فعلي لتكون الرقعة المغاربية بالفعل تكتلا اقتصاديا فاعلا في المنطقة المتوسطية، كما نترقب تحركات ديبلوماسية خاصة من الحكومة التونسية لتقريب وجهات النظر بصدد قضية الصحراء الغربية. ـ عربيا: تتنزل القضية الفلسطينية في صلب وفي مقدمة الهموم التي تشغل العالم العربي ونعتقد أن مواجهة التحديات على هذه الواجهة مدخله الأول تحقيق المصالحة بين مكونات الساحة الوطنية الفلسطينية وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير عبر عقد المجلس الوطني ومجاوزة تفكك الجبهة الفلسطينية لتجويد شروط التفاوض مع الطرف الاسرائيلي. ويبقى الملف العراقي الاحراج الأكبر بالنسبة للجهة العربية التي فقدت كل نجاعة في التعاطي مع الراهن العراقي بكل ما يحمله من تحد للأمن القومي العربي وحيث استفحل تغلغل القوى الاقليمية والدولية في هذه المساحة الاستراتيجية من المنطقة العربية فإن توحيد الموقف العربي من هذا الملف يعد مهمة أكيدة وعاجلة بالنسبة لسنة 2009. (*) أمين عام الحزب الاجتماعي التحرري ــــــــــــــــــــ المحطات الانتخابية المقبلة محطة مفصلية للارتقاء بالواقع السياسي الوطني بقلم: أحمد الإينوبلي(*) تميزت السنة السياسية بمؤتمرات بعض الأحزاب السياسية مثل مؤتمر التجمع الدستوري الديمقراطي ومؤتمر حركة الديمقراطيين الاشتراكيين وهو ما افرز قيادة لكلا الحزبين قد يحمل هذا فهما جديدا لمفاصل الواقع السياسي الجديد ومتطلباته. وتميزت سنة 2008 بسنة الحوار مع الشباب والذي أفضى إلى ميثاق وطني شبابي وكذا الحوار حول التشغيل وما أفضى إليه من مقاربات وكذلك ما حملته الذكرى الحادية والعشرين للتغيير من إعلان عن عديد الإجراءات السياسية وغيرها لها أهميتها في الواقع السياسي الذي نأمل أن يأخذ طريقه نحو التطوير بما من شأنه أن يفتح أبواب أفق سياسي لمرحلة جديدة من حيث منهج التعاطي مع الواقع ويحدد أهدافا وطنية أساسها الشراكة الوطنية التي أكد عليها الرئيس بن علي في مؤتمر التحدي للتجمع الدستوري الديمقراطي وفي ظل التمسك المتجدد لحركة التغيير بثوابت الإصلاح والمسار التعددي. كما شهدت الساحة السياسية عديد التجاذبات أهمها أحداث الحوض المنجمي الذي نأمل أن يقع تجاوز مخلفاتها بإطلاق سراح جميع المحكومين فيها تنقية لأجواء المرحلة السياسية المقبلة خاصة وان تونس مقبلة على سنة سياسية ذات استحقاقات انتخابية رئاسية وتشريعية تتطلب مناخا سياسيا متميزا. ولعل ما حدث من عدوان ظالم على شعبنا العربي في غزة بعد حصار وتجويع طال أمده يعتبر الحدث الأبرز لمساسه بوجدان كامل مكونات الشعب العربي في تونس في مقدمتها القوى السياسية التي توحدت في تفاعلها المنحاز لنصرة شعبنا في فلسطين. أما ما يتطلع إليه حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي وما يروم العمل من أجله، إضافة إلى المتطلبات الحزبية اليومية من أجل مواصلة بناء الذات وصياغة متطلبات التطوير والتحديث للأداء الحزبي تنظيميا وسياسيا فانه سيواصل العمل باتجاه مكونات الساحة الوطنية من أجل مواصلة بناء الذات وصياغة متطلبات التطوير والتحديث للأداء الحزبي تنظيميا وسياسيا فانه سيواصل العمل باتجاه مكونات الساحة الوطنية من أجل تفعيل رؤيته لتطوير المشهد السياسي وتعميق الإصلاح من خلال العمل على إعادة طرح مبادرته في سبيل مأسسة الحوار الوطني الشامل انتصارا للإصلاح في جوهره المعلن. وانطلاقا من تقييمنا في الاتحاد الديمقراطي الوحدوي للمرحلة السياسة الماضية واعتبارها مرحلة انتقالية حققت الأغراض المطلوبة منها بإيجاد أرضية توافقية دنيا بين مكوناتها فان الدخول في مرحلة جديدة لتطوير البناء المجتمعي الديمقراطي يكون واضح الآليات والأهداف. واعتبارا أن الحياة الديمقراطية في عمقها الذي يتطلع إليه مجتمعنا لم تعد تحتمل الترحيل أو التأجيل أو العرقلة. والاتحاد الديمقراطي الوحدوي وبوعي منه لطبيعة المرحلة القادمة سيواصل أداء دوره الوطني بروح مسؤولية عالية بعيدا عن خط التشكيك والإرباك كاشفا لكل من يحاول تعطيل أو ترحيل التنمية السياسية المعبرة عن تطلعات الشعب في حياة ديمقراطية وطنية محصنة تشريعا ومنزلة في أرض الواقع تلج الحياة العامة في كل مفاصلها ومعبرة عن عمق بيان حركة التغيير بعيدا عن المزايدة والوصاية. كما يأمل الاتحاد الديمقراطي الوحدوي أن تكون المحطات الانتخابية لهذه السنة محطة مفصلية للارتقاء بالواقع السياسي الوطني يكون نتيجة فعل وطني مشترك، وقطعا بلا رجعة مع كل الهنات والسلبيات. أما على المستوى القومي العربي فان الاتحاد الديمقراطي الوحدوي سيواصل أداء دوره بأكثر فاعلية في رفض كل المشاريع المشبوهة التي يحاول الأعداء فرضها سواء مباشرة أو بواسطة طابورهم الخامس بدءا من مشاريع الاستسلام والتطبيع وصولا إلى الابتزاز والتدجين فحزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي متمسك بثوابت المقاومة ضد الاستعمار في فلسطين والعراق وجنوب لبنان وكل الأراضي العربية المحتلة، فلا مجال للتنازل أو التفريط في الحقوق المشروعة لأمتنا العربية. وسنكثف فعلنا على الساحة العربية من خلال علاقتنا بالأحزاب العربية ذات التوجه الممانع والمنتصر لخط المقاومة. كما سنعمل على الدفع بمبادرتنا حول الحوار القومي في الساحة الوطنية والعربية كي يكون الفعل الوحدوي ذا فاعلية سياسية. (*) أمين عام الحزب الديمقراطي الوحدوي ــــــــــــــــ لتكن 2009 سنة تواصل الحوار الهادف بين مختلف الاطراف الوطنيّة بقلم: منجي الخماسي (*) أرى شخصيّا أنّ الحياة السياسيّة في تونس تتطوّر مثلما عكست ذلك عديد الاصلاحات الدستوريّة وكذلك الوعي المتزايد لدى أحزاب المعارضة بضرورة القيام بدورها في البلاد مثلما يُنادي بذلك الرئيس بن علي أي باعتبارها أحد أطراف العمليّة الديمقراطيّة التعدّديّة. وستُساهم الاصلاحات الدستوريّة المتعلّقة بضمان تعدّدية الانتخابات الرئاسيّة والتخفيض من السن الدنيا للانتخاب من إحداث المزيد من الحركيّة السياسيّة التعدّديّة في البلاد خلال السنة المقبلة وخاصة من حيث إيجاد المزيد من الفرص للفئة الشبابيّة الّتي تمثّل بحقّ المستقبل الواعد للبلاد. وأعتبر أنّ قبول الرئيس زين العابدين بن علي للترشّح للانتخابات الرئاسيّة القادمة أهمّ حدث سياسي وطني خلال سنة 2009 ، حدث استبشرت له قطاعات واسعة من الشعب وباركه المؤتمر الاوّل لحزبنا الّذي رأى في بن علي الشخص الامثل والاصوب لمواصلة قيادة البلاد وقيادة الحركة الاصلاحيّة بها وفق التوجّهات والخيارات الواردة في بيان 7 نوفمبر 1987. وحزبيّا ، لا شكّ في أنّ توصّل حزب الخضر للتقدّم لعقد مؤتمره الوطني الاوّل والّذي كان مؤتمرا ثريّا عبر مختلف لوائحه ووثائقه وكذلك عبر النهج الانتخابي الّذي جرى فيه والمشاركة الواسعة للممثلين عن ما يزيد عن 13 جامعة وكذلك الاعلان عن تأسيس « تجمّع أحزاب الخضر وحركات البيئة العربيّة » في يومه الافتتاحي واحتضان تونس لمقرّه الدائم ، يُعتبر أمرا مهمّا عكس حجم التطوّر والنماء الّذي عرفه الحزب برغم حداثة نشأته. وعلى مستوى المشهد السياسي والمعارض منه على وجه الخصوص تحقّق خلال السنة المنقضية ما يُشبه عمليّة الفرز بين مختلف الفاعلين السياسيّين وتهاوت رغبات البعض لتوظيف أحداث اجتماعيّة لغايات سياسيّة وحزبيّة وكذلك سعيهم للاستقواء بالاجندات الاجنبيّة عملا على تغيير الوضع العام في البلاد وقد تمّ التصدّي لمختلف هؤلاء من قبل القطاعات الواسعة من المجتمع المدني والسياسي ممّا أوجد حالة واسعة من الوفاق حول ضرورة صيانة القرار الوطني واحترام الثوابت الوطنيّة. كما لا يفوتني بهذه المناسبة أن أؤكّد على توسّع دائرة الحوار والتشاور بين الحكومة ومختلف الاحزاب والاطراف الاجتماعيّة وهذا مهمّ في اعتقادي منذ ضمان النجاعة المطلوبة لمختلف البرامج والخطط التنمويّة المستقبليّة وقد شهدت السلطة التشريعيّة بغرفتيها وكذلك مختلف المجالس الاستشاريّة والاستشارات الوطنيّة جدلا واسعا انتهت بتبادل للعديد من المقاربات والرؤى ووضع ما يُشبه التوافقات المبدئيّة للعمل الجماعي والمشترك لخدمة مستقبل البلاد وتأمين تواصل المكاسب والنجاحات. وأنتظر أن تكون سنة 2009 سنة تواصل لسياسة الحوار الهادف بين مختلف الاطراف الوطنيّة والتخلّي نهائيّا عن كلّ الاعتبارات الضيّقة والمصلحيّة لانّ الواقع يؤكّد وجود العديد من الرهانات والتحديات الّتي علينا كتونسيّين أن نقف في وجهها صفّا موحّدا. وبعيدا عن النوايا الّتي تُخفيها المواعيد الانتخابيّة القادمة فإنّ الاوضاع تدفعنا جميعا إلى الحرص على المساهمة بالرأي الصائب والاقتراحات البنّاءة ومزيد الارتقاء بأدائنا جميعا بما يضمن تأطير المزيد من المناضلين وخاصّة من الشباب الّذي ما تزال العديد من المخاوف تتهدّده وعلى رأسها الارهاب والتطرّف والافكار الهدّامة. كما أعتقد أنّه على الحكومة أن تواصل مراقبة الاوضاع في العالم ومتابعة نسق التحوّلات الجارية في أعقاب سريان تأثيرات سلبيّة للازمة الماليّة العالميّة على اقتصاديات العديد من الدول. وآمل في الختام أن تجد القضية الفلسطينيّة خلال السنة المقبلة حلّها النهائي بما يُوقف حرب الابادة الّتي تُجريها الالة الاسراييلية على قطاع غزّة ويحقّق للشعب العربي المسلم في فلسطين حقوقه المشروعة والعادلة في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلّة وعاصمتها القدس. (*) الامين العام لحزب الخضر للتقدّم ــــــــــــــــــــــ من معالم الإصلاح السياسي الضروري لإنجاح الانتخابات القادمة بقلم: أحمد ابراهيم (*) شهدت السنة المنقضية عديد الاحداث والتطورات ذات المغزى على الصعيدين العالمي والوطني ومن المفيد التعرض باقتضاب إلى أهمها وتقديم بعض المقترحات حتى تكون السنة التي بدأت مناسبة لتلافي النقائص والتقدم نحو الاحسن. فعلى الصعيد العالمي كان لانتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة الامريكية وانتشار الازمة المالية والاقتصادية الدولية من هذه الدولة ذاتها أكثر من دلالة. فلئن أثار صعود زعيم أسود شاب سدة الحكم في أكبر دولة وأقواها آمالا واسعة – لعلها ستكون في معظمها أوهاما ـ داخل أمريكا وخارجها، إلا أن هذه الانتظارات نفسها كانت في حجم المأزق الذي تردت فيه السياسة العدوانية، سياسة الغزو الاستعماري والحرب المدمرة في العراق وافغانستان وغيرها، وانكشاف الاكاذيب التي انبنت عليها تلك السياسة. ومن تلك الاكاذيب ما اعترفت به الحكومة الامريكية ذاتها، مثل تبرير إدارة بوش قرار غزو العراق بامتلاك هذا البلد لاسلحة « الدمار الشامل »، ومنها ما كشفته للعيان تطورات الاحداث مثل ما قطعه جورج بوش من وعود أثناء قمة أنابوليس حول اتفاق قد يفضي إلى قيام « دولة فلسطينية » قبل نهاية 2008، فإذا بهذا العام ينتهي بجريمة الحرب النكراء التي تقترفها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة… إن واجب الوقوف إلى جانب كفاح الشعب الفلسطيني من أجل تحرير أرضه وبناء دولته المستقلة وواجب الوقوف إلى جانب الشعب العراقي في صراعه من أجل جلاء القوات الاجنبية، وواجب العمل على تحكم العرب في ثرواتهم يفرض على القوى الحية في جميع المجتمعات العربية أن تناضل من أجل أن تكون سيادة الشعب هي الركيزة الاساسية لسيادة الوطن لان ذلك هو المدخل لتحقيق التضامن والتكامل بين مختلف الاقطار ولتغيير نمط العلاقة والتعامل مع الدول الكبرى، ومع الولايات المتحدة على وجه الخصوص، لاجبارها على التخلي عن مساندتها اللامشروطة لاسرائيل وعلى احترام المصالح المشتركة للشعوب العربية بوجه عام. أما الازمة المالية والاقتصادية فقد أبرزت بوضوح فشل العولمة الرأسمالية ونمط التنمية الليبرالي المبني على الجري وراء الربح السهل على حساب أغلبية المجتمع في الدول الرأسمالية الكبرى وعلى حساب بقية شعوب العالم بل على حساب البيئة ومصلحة المعمورة ومصير الانسانية بكاملها،مما يدحض المقولات التي انتشرت بعيد انهيار التجارب البديلة في « البلدان الاشتراكية » حول « نهاية التاريخ » وكأنه لا وجود لحياة ممكنة بغير النظام الرأسمالي، ويفتح آفاقا جديدة أمام اجتهادات قوى اليسار وأنصار العولمة البديلة لتعرض على شعوبها وعلى البشرية برامج بديلة لهذا النظام، برامج ترفض الاستغلال والاستعمار والحرب تربط بين التنمية المستديمة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية. وعلى الصعيد الوطني، يمكن القول أن سنة 2008 كانت إجمالا سنة « الحوار المفقود » الذي طالما دعونا إليه في حركة « التجديد » بوصفنا حركة معارضة وطنية واعية بأن تشعب المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في مجالي التشغيل وتحقيق التنمية المتوازنة بين جميع جهات البلاد، لا يمكن أن يواجهه طرف اجتماعي أو سياسي بمفرده دون غيره أو على حساب غيره، بل يتطلب تظافر جهود المجتمع بكامل الطاقات والحساسيات والمقاربات المتنوعة التي يزخر بها، مما يفترض انفتاحا على مطالب جميع التونسيين والتونسيات من كل الفئات والجهات وطموحهم للعيش الكريم كمواطنين أحرارا في مجتمع عادل، أي وجود نظام سياسي ديمقراطي يقوم على حرية التعبير وعلى التعددية وعلى الحوار الدائم. فغياب منطق الحوار هو الذي كان وراء استمرار أزمة الحوض المنجمي على مدى سنة بكاملها، كما أنه كان وراء تواصل الاعداد للانتخابات القادمة بأسلوب أحادي الجانب وفي جو يعطي انطباعا بأنه يراد لهذه الانتخابات أن تكون مجرد إعادة إنتاج لسابقاتها، كأن عقلية الحزب الواحد والخيار الاوحد لم يتجاوزها الزمن، وكأن الشعب لم يبلغ منذ عقود درجة من الوعي والنضج تسمح له بالمشاركة الفعلية في رسم الاختيارات ومراقبة تطبيقها عبر من ينتخبهم انتخابا ديمقراطيا لا غبار على مصداقيته. وفي رأينا أن رفع التحديات – بما فيها تلك التي تطرحها مواجهة تبعات الازمة العالمية المحتملة على اقتصادنا – تتطلب أكثر من أي وقت مضى مساهمة كل القوى الحية بالبلاد، مما يتطلب مناخا يسمح بالحوار والتشاور وبتحمس المواطنين للمشاركة في الشأن العام. من هنا جاءت ضرورة « دفن » الممارسات والاساليب السلبية مع السنة المنقضية، والعمل على تنقية الاجواء اجتماعيا وسياسيا بدءا بإطلاق سراح مساجين الحوض المنجمي وإصدار عفو تشريعي عام، وحل القضايا المعلقة كقضية رابطة حقوق الانسان حلا يحترم استقلاليتها ويسمح لها بأن تلعب دورها كاملا، والشروع في إصلاح سياسي عميق في اتجاه إنجاح الانتخابات القادمة كي تكون محطة حاسمة في الانتقال من الانغلاق إلى الديمقراطية، ومناسبة حقيقية لممارسة التعددية وتعبيرا وفيا عن إرادة الشعب في كنف احترام حق المواطنات والمواطنين في أن يختاروا من يمثلهم بحرية كاملة. إن المنظومة الانتخابية التي وقع اعتمادها حتى الان في حاجة إلى مراجعة عميقة من حيث التصور والنص القانوني والممارسة، وذلك في اتجاه احترام تكافؤ الفرص بين جميع المتنافسين دون استثناء، وتوفير ظروف المصداقية للانتخابات الرئاسية والتشريعية، مما يستلزم مراجعة المجلة الانتخابية مراجعة جوهرية على أساس إقرار التسجيل الالي لكافة الناخبين، وتوفير المساواة الكاملة بين الاحزاب في امكانيات الدعاية والتعريف ببرامجها، وحماية سرية الاقتراع وشفافية فرز الاصوات، وجعل مراقبة سلامة الاقتراع ممكنة لجميع ممثلي المترشحين بالتقليص من عدد مكاتب الاقتراع طبقا للمقاييس المعتمدة دوليا،والحرص على الحياد الكامل في الاشراف على العملية الانتخابية. وفي هذا الصدد فإني اعتقد أنه من غير المعقول أن يبقى تنظيم الانتخابات والاشراف عليها من مشمولات وزارة الداخلية ومن ورائها الحزب الحاكم أي طرف واحد هو « الخصم والحكم ». إنه من الاعدل والاسلم أن تتولى الاشراف عليها هيئة وطنية مستقلة يتم التوافق على تركيبتها بين جميع الاطراف سلطة ومعارضة. بذلك يضمن الحياد وتضمن الموضوعية للعملية الانتخابية من أولها إلى آخرها : من التسجيل في القائمات الانتخابية إلى الاعلان عن نتائج الاقتراع وفض النزاعات المتعلقة بالانتخابات مرورا بتعيين المسؤولين عن مراكز ومكاتب الاقتراع. كما اعتقد أنه من غير المعقول أن تظل وسائل الاعلام المرئية والمسموعة حكرا على حزب واحد ومرشح واحد. فليتم الاسراع بفتحها من الان ودون انتظار الايام المعدودة والدقائق المحدودة التي تخولها « الحملة الانتخابية » حتى يتمكن جميع المرشحين إلى الانتخابات الرئاسية ـ وأنا منهم ـ وجميع الاحزاب والتيارات التي تنوي التقدم بقائمات إلى الانتخابات التشريعية حتى يتمكنوا جميعا من التعريف بمواقفهم وتحاليلهم وبرامجهم أمام المواطنين، فيتاح بذلك لهؤلاء أن يختاروا عن روية من يرون فيهم الجدارة والكفاءة والوفاء لقضايا الوطن والشعب. (*) الأمين الأول لحركة التجديد ــــــــــــــــــــــ لا بد من إعادة النظر في ملف انتخابات 2009.. ووضع حدّ لحالة التمزّق الفلسطيني.. بقلم: محمد ثامر إدريس (*) سنة 2008 سنة مفصلية باعتبار الأحداث الكبيرة التي عرفتها. فعلى المستوى التشريعي تميّزت هذه السنة بالمصادقة على مجموعة كبيرة من القوانين التي تمسّ مختلف القطاعات. ومن أبرز ما ميّز هذه الدورة التشريعية اتسام العديد من المداخلات بالجرأة المسؤولة وبتواتر الاعتراضات على مشاريع قوانين بما يرجّ منطق التماثل ويرسي بواكير منطق التناقض بما يخدم التقدم والتطور. ولعلّ من أبرز هذه القوانين ذلك المتعلّق بتنقيح الفصل 20 من الدستور القاضي بالنزول بحق الترشح من 20 إلى 18 سنة، وتنقيح الفقرة الثالثة من الفصل 40 باتجاه السماح، بصفة استثنائية، لرؤساء الأحزاب والأمناء العامين والأمناء الأول بالترشّح إلى الانتخابات الرئاسية، مع توسيع المشاركة إلى الأحزاب غير البرلمانية. وبعد إعلان الرئيس زين العابدين قبول الترشّح مجددا لانتخابات 2009 أعلن الأمينان العامان لحزب الوحدة الشعبية وللاتحاد الديمقراطي الوحدوي ترشّحهما، كما قرّر المجلس الوطني لحركة التجديد ترشيح أمينه الأول الرفيق أحمد إبراهيم لهذه الانتخابات. والملاحظ أن بعض الأحزاب الأخرى قرّرت أن يكون مرشّح التجمع الدستوري الديمقراطي مرشّحا لها، وكأنه لا يضيرها أن تكون برامج التجمّع الدستوري الديمقراطي برامجها، بما يعنيه ذلك من تعارض مع قانون الأحزاب الذي يمنع وجود حزبين ببرنامج واحد. إن الانتخابات الرئاسية والتشريعية هي جزء هام من عملية الإصلاح السياسي الذي ظلّ يسير في بلادنا بخطى متخلّفة عن الأشواط التي قطعها الإصلاح الاقتصادي. وإن مزيد تحفيز الإصلاح السياسي سيكون خير مدعّم للسياسة الاقتصادية وسيشكّل ركيزة نحو مزيد من التقدّم والانطلاق. ومن هذا المنطلق دعت حركة التجديد إلى إعادة النظر في ملفّ الانتخابات بشكل شامل في سبيل القطع مع التجارب السابقة، وإسناد الإشراف على كامل العملية الانتخابية إلى هيئة وطنية مستقلة تكون تركيبتها محلّ توافق الجميع. كما أن الفصل في الزمان بين الانتخابات الرئاسية والانتخابات التشريعية مطلب له مبرّرات كثيرة. كما تميّزت سنة 2008 بتنظيم الاستشارة الوطنية حول الشباب والاستشارة الوطنية حول التشغيل التي شُهد لها بالجرأة في طرح قضية التشغيل وإبراز الثغرات والنقائص التي حالت دون النزول بنسب البطالة . وبقطع النظر عن الأرقام والنسب حول التشغيل فإن العديد من المؤشرات تدلّ على عدم التوصّل إلى الصيغ الكفيلة بالتغلّب على معضلة البطالة. والمطلوب اليوم هو أخذ القرارات التي يشعر بها المواطنون والعاطلون عن العمل من حاملي الشهادات العليا، فتعود بالنفع على الكل لما فيه خير تونس. ومن بين القرارات التي نتمنّى لو وقع اتخاذها في الأيام القادمة إطلاق سراح المحكوم عليهم في ما يعرف بقضية الحوض المنجمي بعفو رئاسي، مع تسريع إدخال القرارت المتخذة إثر الاستشارة الوطنية حيّز التطبيق. ومن أبرز الأحداث التي طبعت سنة 2008 انفجار الأزمة المالية العالمية التي لم يعرف العالم مثيلا لها والتي امتدّت تموّجاتها إلى مختلف دول العالم لتُدخل الاقتصاد العالمي في حالة ركود ستتضرر منه وبالخصوص الدول السائرة في طريق النمو. والخشية كل الخشية أن تزيد الأزمة المالية العالمية، التي طبعت الأشهر الأخيرة من سنة 2008 ،في تفاقم مشكلة البطالة. ولذلك لا بدّ أن تكون سنة 2009 سنة معالجة استتباعات هذه الأزمة على الاقتصاد التونسي بمزيد من الاجتهادات لتأمين الوظائف الموجودة أولا، وبمزيد من الاجتهاد لإيجاد وظائف جديدة ثانيا. وقد اتخذت الحكومة خطة للتحرك في حالة امتداد الأزمة المالية إلى تونس، وهذا لا يمنع من التأكيد على ما تتطلبه المرحلة المقبلة من بلورة سياسات جديدة قوامها الإقرار بدور الدولة في إدارة الاقتصاد بشكل متوازن يراعي مطلب الكفاءة والنجاعة الاقتصادية بإزالة كل ما من شأنه عرقلة الكفاءات عن الانطلاق، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى مراعاة مطلب العدالة الاجتماعية بتوزيع عائد الثروة على منتجيها الحقيقيين. وأمام التحولات السريعة والكبرى لا بد لقادة المغرب العربي وللنّخب في هذه البلدان من إدراك التحدّيات التي تواجه المنطقة والفرص التي تتيحها حالة الركود الاقتصادي التي ضربت أوروبا لبلورة رؤية مشتركة لتجنّب حالة التشتّت والضعف بامتلاك أسباب القوة وتفعيلها عبر بلورة مشروع الاتحاد المغاربي لما فيه خير الشعوب. والمرجّح خلال سنة 2009 أن يشهد العالم بروز تكتّلات إقليمية جديدة تنهي عصر الهيمنة الأحادية القطب للولايات المتحدة الأمريكية. كما أن فوز أوباما في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، كأوّل رئيس أسود من أصول كينية، سيكون له التأثير الكبير باتجاه مراجعة الأخطاء التي وقع فيها سلفه، الذي رُمي بحذاء منتظر الزيدي في العراق تعبيرا عن رفضه لصلفه. وإضافة لكل هذا مثلت سنة 2008 الذكرى الستين للنكبة، ولقيام دولة إسرائيل ككيان مغتصب لحقوق الشعب الفلسطيني، وكدولة فوق القانون الدولي وخارج معايير حقوق الإنسان. ومع التنديد بالمجزرة الوحشية التي اقترفتها إسرائيل في غزة، فلا بدّ من القول أنه من المخجل أن ينمو الاقتتال الداخلي بين حماس وفتح وأن تصبح المقاومة مغامرة تستحق أن يقاومها العرب، فيضربوا حولها حصارا كما حصل في غزة الشهيدة منساقين في ذلك وراء الإملاءات الأمريكية. وكل ما نتمنّاه أن تأتي سنة 2009 لتضع حدّا لحالة التمزق التي تعرفها الساحة الفلسطينية عبر إرساء حوار حقيقي بين الفصائل يعيد الاعتبار للكلمة التي ستُبقي أشعار محمود درويش محفوظة، تعْبُر به إلى الأبدية بعد رحيل جسده إلى الأبد. وعلى العرب أن يضعوا حدّا لسياسة إسرائيل العدوانية، إذ أن الأمن العربي هو المقدمة الضرورية للنمو وللتنمية وللحرية وللسيادة ولكسر قيود الروح القبلية ومختلف الأمراض التي تحول دون كسب روح التقدم والحداثة والقبول بفكرة التنوع والاختلاف. وبالطبع لا يمكن الغفلة عن بعض الأحداث التي عرفتها المنطقة العربية، كاللجوء إلى الانقلاب للإطاحة برئيس منتخب كما حصل في موريتانيا، أو التمديد في ولاية الرئيس الجزائري بتعديل الدستور، أو إمضاء العراق لاتفاقية تسمح ببقاء الجيوش المحتلة في بلاده بعد مصادقة البرلمان على ذلك، والحكم على الرئيس السوداني كأول رئيس عربي ليصبح مطلوبا القبض عليه دوليا. كل هذه الأحداث تؤكد أن الطريق إلى أن تصبح الدولة حاضنة للسلطة ما زال طويلا في المنطقة العربية إذ كل الوقائع تشير بأن السلطة هي الحاضنة للدولة بما يعنيه ذلك من تعطّل في تنامي مفهوم المواطنة في صالح أشكال الولاء التقليدية كالولاء الجهوي أو الديني أو الطائفي… والمطلوب هو العمل على أن تكون الدولة حاضنة للسلطة وليس العكس. في آخر هذه الورقة أتقدّم إلى الجميع بأصدق التمنيات بسنة جديدة ملؤها النجاح والتوفيق والسعادة، متمنيا لتونس مزيدا من التقدّم والسؤدد. ــــــــــــــــــــــ 2008 سنة التّضامن والشّباب والتّكنولوجيا بقلم: د.منجية السوائحي (*) تستعد بلادنا لتوديع عام واستقبال عام جديد، فما الذي ميّز العام المنقضي؟ وماذا نأمل من العام المقبل؟. عبر تقييم سريع لأبز المنجزات التونسية يمكن أن نقول إنّ بلادنا وُفّقت في تحقيق نقلة نوعيّة في مختلف مجالات العمل السّياسي والاجتماعي الاقتصادي والرياضي، مسجلة تفوّقا ملحوظا ونموا غير مسبوق،بالاعتماد على جملة من الإصلاحات الهيكلية التي تهدف إلى ترسيخ معادلة صعبة بين تأهيل الاقتصاد الوطني ودعم قدرته التنافسية وسط عولمة متوحشة، وبين توفير معطيات التّقدم الاجتماعي لكل تونسي في الحاضر وفي المستقبل. سأقتصر على بعض الإنجازات التي عرفتها تونس خلال عام 2008 ، والّتى سجّلت حضورا بارزا في الدّاخل وفي الخارج، وكلّما ذكر هذا العام تصدرت هي المنجزات: أولها: ما شهدته الحياة السياسية من تطور ديمقراطي بالغ الأهمية أفصح عنه التنقيحان الدستوريان، وسّع أحدهما قائمة المتنافسين على الانتخابات الرئاسية لسنة 2009 ، وحدّد الثّاني السنّ الدّنيا لحقّ الانتخاب ب 18 سنة مما سيمكّن عددا كبيرا من أفراد الشعب من المشاركة في الحركة السياسيّة في البلاد. ثانيهما:مبادرة سيادة الرئيس زين العابدين بن عليّ بروما يوم 3جوان 2008 أثناء انعقاد » مؤتمر الأمن الغذائي الدّولي تحديات تغير المناخ والطاقة الحيوية » التي نادى فيها برصد دولار واحد عن كل برميل نفط لدعم الصندوق، وتوظيفها للتّصدّي لظاهرة الجوع في العالم،وقد شدّت هذه المبادرة انتباه العالم وأشاد بها « بان كي مون » الأمين العام للأمم المتحدة،وكان سيادة الرئيس بن عليّ دعا العالم لبعث هذا الصندوق، وصادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 ديسمبر 2002، ثم أقرّت منذ 2006 الاحتفال باليوم العالمي للتضامن العالمي ، وتأتي هذه المبادرة لتفعيل أعمال هذا الصندوق. ثالثها:سنة 2008 سنة الحوار مع الشباب دون منازع،حوار خص به سيادة الرئيس كل فتيات وفتيان تونس في الأرياف والمدن ،في الداخل والخارج، من الأحزاب ومن الجمعيات ومن الشباب غير المهيكل في تنظيمات المجتمع المدني،يتحاورون على الأنترنات، وفي مختلف الفضائيات، وسائل الإعلام، في جرأة غير معهودة ، وفي حرية تعبير كبيرة؛ حتى أنّ بعض وسائل الإعلام الفرنسية تابعت فعاليات عدد من منتديات حوار الشباب، وذكرتها بإسهاب، معجبة بتفرّد التجربة التونسية في تنظيم مثل هذه الملتقيات الحوارية مع الشباب، حتّى أنّ المنظمة الإسلامية للتّربية والعلوم والثقافة « اسيسكو » عقدت مؤتمرا يخص الشباب في تونس من 24 إلى 26 نوفمبر 2008، معجبة بقرار سيادة الرئيس هذا لصالح الشّباب، وهاهو المدير العام للمنظمّة يحثّ الدّول الإسلاميّة على الاقتداء بتونس، وتنظيم استشارات شبابيّة في بلدانها، واختيار سنة 2009 سنة الحوار مع الشباب في العالم الإسلامي. رابعها: المعجزة الاقتصاديّة التونسيّة الّتي مكّنت تونس من الصّمود أمام الأزمة المالية التي عصفت بأعتى اقتصاديات العالم، وهدّت عروش العديد منها،وحقّقت نسبة تنمية محترمة، ونزلت بنسبة الفقر إلى 3.8 بالمائة وسط نظام اقتصاديّ معولم متوحّش.إضافة إلى تميّز تونس عام 2008 في قطاع التكنولوجيا، وخاصّة على مستوى تعصير الشبكات وتوزيع خدماتها، وتطوير القطاع ممّا جعل من تونس وجهة تقبل عليها المؤسّسات العالميّة الكبرى الّتي تعمل في مجال صناعة المنظومات والبرمجيات والخدمات الإلكترونية الموجهة إلى السوق الأجنبية، وهذا بوّأ تونس مرتبة محترمة على الصعيد الدولي،أسندها لها منتدى دافوس الاقتصادي في تقريره سنة 2007/2008 الرتبة 35 دوليا من بين 127 دولة، والمرتبة الأولى إفريقيّا. خامسها:العناية الموصولة التي توليها تونس لقطاع التربية والتعليم بجميع مراحله ،إيمانا منها بأنّ مؤشّرات الأمم وتقدّمها أضحت تقاس بثروة مواردها البشريّة وكفاءاتها العالميّة، فخصّته بجملة من الإصلاحات الجوهريّة لتبلغ به المعايير الدوليّة ،فتمّ تركيز التّعليم الافتراضي، واعتماد نظام الأستاذية، والماجستير، والدكتوراه، بما ساهم في ارتفاع عدد الطلبة وتوسيع نطاق المعرفة. سادسها:تميزت سنة 2008 بإنجازات رائعة في عديد الألعاب الرياضيّة في تونس، سطع فيها نجم أسماء فردية وفرق رياضية نذكر منها أسامة الملولي الذي وشّح صدر تونس بـ12 ميدالية ذهبية مسجّلا انتصارات باهرة، وكذلك الانتصارات التي حققّها المنتخب التّونسي لرياضة المعاقين التي كانت حاضرة بقوّة في الألعاب الأولمبيّة الموازية في بيكين، وحصد نصف الميداليات التي أحرز عليها الرّياضيون العرب ليصل عددها إلى 21 ميداليّة. ولا يمكنني في آخر حديثي عن بعض إنجازات 2008 أن لا أذكر قانونين لصالح المرأة والأسرة، فالأول صدر في ماي 2007 ضمَن المساواة التّامة بيْن الجنسين في سنّ الزواج ب 18 سنة، والثّاني صدر في فيفري 2008 لحماية حقّ السّكن الذي تقرّره المحكمة للحاضنة وللمحضون عند توتّر العلاقة الزوجية أو عند الطلاق.وهو قانون رائد وإنسانيّ يحمي الأطفال من التشرد. هذه بعض الإنجازات التي تميّزت بها تونس سنة 2008، وتجاوزت أصداؤها الداخل لتصل إلى الخارج ،لا يمكن نسيانها؛ لأنّها تعبّر عن إرادة قويّة ،وسياسة ناجحة، وعن عزم ثابت على الرقي بهذه البلاد إلى أعلى المراتب. ونأمل في السنة الجديدة 2009 أن تواصل بلادنا صمودها أمام الهزات المالية العالمية،وأن يساهم الفرد التونسي في هذا الصمود باستهلاك المنتوج التونسي، وبالعزم على العمل، ومزيد الإنتاج لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء ، فالفرد الألماني ينتج كيسين من البطاطا سنويا معدل استهلاكه السنوي إضافة إلى عمله اليومي، وفي إمكان التونسي- إن عزم – أن ينتج مقدارا من الحبوب وغيرها ليوفر غذاءه السنوي. نأمل دوام الأمن والاستقرار الذي تعيشه بلادنا، وأن يعمّ السّلم، والأمن العالمَ ؛ليواصل الإنسان – في كل مكان – التّنمية، ويقلّص من المجاعات ويحدّ من الحروب وإنصاف المظلومين في الكون. من أكبر أمنياتي أن يقع الحدّ من البطالة في بلادنا وخاصة في صفوف أصحاب الشّهائد العليا.وآخر أمنياتي أن ينتصر الفكر المتسامح والوسطي والمعتدل؛ لكي نتجنّب الفكر المتشدّد، وما يجلبه من دمار للإنسانية، ذلك الفكر الذي يتلذّذ برؤية الدّماء تسيل أمام عينه ، وينشر الفوضى، ويقنن للترهيب والترويع. (*) عضو بمجلس المستشارين (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 1 جانفي 2009)
الأزمة الاقتصاديّة العالمية…بأخفّ الأضرارتونس
تُودّع عام الاحتجاجات و تستقبلُ عام الانتخابات
إسماعيل دبارة من تونس العام 2008 في تونس كان بلا ريب عام الاحتجاجات والاستعدادات، احتجاجات أهالي منطقة الحوض المنجمي على البطالة وسوء توزيع الثروات تزامنا مع تعمّق الأزمة المالية العالمية وتحولها إلى إعصار لا يبقي ولا يذر، والاستعدادات للانتخابات الرئاسية و التشريعية المزمع عقدها في أكتوبر تشرين الأول 2009. احتجاجات بالجملة، منها للأهالي على الخيارات الاقتصادية الحكومية وكذلك للمجتمع المدني على تعامل الحكومة وللأمن وللقضاء، للحكومة على أداء المعارضة وللمنظمات الحقوقية في ما بات يعرف بأزمة الحوض المنجمي. أما الاستعدادات للانتخابات، فاختُزلت لدى المراقبين في التعديل الدستوري الذي أعلن عنه الرئيس بن علي في آذار الماضي و الذي أراد من خلاله » توسيع الترشحات والحفاظ على جديتها « ، و اعتبرته أطياف من المعارضة » تأبيدا للرئاسة مدى الحياة وتكريسا لمنطق الوصاية » على قرارات الأحزاب السياسية واستقلالياتها وهو ما فتح ما اصطلح بتسميته بـ » معركة الترشّح « . الإعصار المالي لم يمر من تونس أدت الأزمة المالية العالمية إلى حالة من عدم الثقة في الأسواق المالية انعكست سلبا على كل القطاعات الاقتصادية ،كما تسببت أزمة الرّهون العقارية في صعوبات كبيرة أمام الاقتصاديات العالمية ،إلا أن بعض العمولات قامت باختراقات إلى الأعلى و هذا ما حدث مع الدولار الذي ارتفع بشكل كبير أمام اليورو في مرحلة أولى، وأثبت الدولار أنه عملة قوية فعلا .و انتهت منظومة « وول ستريت » التي عرفت منذ عشرات السنين وخصوصا في زمن الرأسمالية التي يتحكم فيها المضاربون و هدفهم الوحيد هو الربح الوفير والسريع. يرى الباحث الاقتصادي التونسي في معهد الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية بباريس محمود البارودي إن إجماعا لمسناهُ في تونس على أن السوق المالية المحليّة ستبقى في منأى عن اضطرابات السوق العالمية باعتبار أنها اتخذت عدة إجراءات قصد التحكم في فوائض العملة الصعبة والترفيع في نسبة الاحتياطات القانونية للبنوك بهدف التحكم في نسبة السيولة.بالنسبة إلى بورصة تونس فإن نسبة مساهمة الأجانب في الشركات المدرجة تقدر بـ 25 % وهي في أغلبها مساهمات إستراتيجية. و يتابع البارودي: « في نفس الإطار لا تتجاوز مساهمات صناديق الاستثمار الأمريكية والبريطانية في رأس مال الشركات المدرجة مبلغ 30 مليون دينار. و لقد تسببت هذه الأزمة في تفاقم الهوة بين الاقتصاد الحقيقي و المالي ، فإذا دخل الاقتصاد العالمي مرحلة ركود فإن الأثر سيكون مباشر على الاقتصاد التونسي باعتباره اقتصادا منفتحا على الخارج. و تبعا للأزمة المالية تأثرت عدة قطاعات هامة أبرزها قطاع النسيج و المؤسسات المختصة في الصناعات الالكترونية و الكهربائية التي انخفضت نسبة نمو صادراتها بـ 4 % مقارنة من العام الماضي وهذا ناتج عن انخفاض مبيعات السيارات في أوروبا بنسبة 15 % خلال شهر أوت/ أغسطس الماضي . لكن في نفس الوقت يمكن أن تدفع هذه الأزمة عديد الشركات العالمية الكبرى إلى تغيير استراتجياتها خصوصا في عام 2009. فالمختص الأول في صناعة القطع الإليكترونية للسيارات في العالم « يازاكي » أعلن عن فتح مصنع في جهة قفصة. و يرى خبراء اقتصاديون إنّ تراجع الاستهلاك في أوروبا خلال العام الحالي سيؤثر على كل القطاعات و بالتالي تراجع الطلب الخارجي على البضاعة التونسية الذي سيؤدي بدوره إلى ارتفاع نسب البطالة و ما يمكن أن يترتب عنه من اضطرابات اجتماعية. من جهة أخرى تتميز سوق العقار في تونس بالاستقرار و حسن الأداء فنسب الفائدة على القروض قارة و لا تتغير، خصوصا و أنه أقر أخيرا التمديد في فترة تسديد قروض السكن من 15 إلى 25 سنة. و قد تعكس المشاريع العقارية الضخمة المزمع إنجازها في تونس كمروع مدينة العصر لمجموعة دبي القابضة و مشروع المدينة الرياضية لمجموعة أبو خاطر و مشروع مدينة الورود، مدى ثقة المستثمرين الأجانب في أداء السوق العقارية التونسية و في أفاق تطورها العام المقبل. و من ضروري الإشارة إلى أنّ الوضع المالي في تونس يتميز بفائض في السيولة خلال العام 2008 لذلك فقد اقترح البنك المركزي عدم الخروج إلى الأسواق العالمية و الاقتصار في تعبئة الموارد الضرورية لميزانية الدولة بصفة استثنائية على السوق المحلية. الخبير الاقتصادي محمود البارودي قال لإيلاف إنّ الفائدة الأكبر للبلاد تتمثل في تراجع أسعار النفط العالمية بسبب انخفاض الطلب عليه في الولايات المتحدة التي تتميز بقاعة استهلاكية هائلة. كما يمكن لتونس أن تستفيد من تدفق الاستثمارات الخليجية عليها لا سيما بعد الخسائر التي تكبدتها في الولايات المتحدة. وأكدت أغلب التقارير الاقتصادية العالمية أن تونس من الأسواق الواعدة والتي يمكن أن تحقق أرباحا مضمونة للمستثمرين الأجانب. خصوصا و أنّ 89 % من الشركات الأمريكية الموجودة في تونس عبرت عن رضاها عن مناخ الأعمال و أكدت 79 % منها على مزيد دعم استثماراتها. و يعتبر البارودي أن السوق المالية في تونس لم تتأثر بالأزمة العالمية ولكن الاقتصاد التونسي سيتحمل بعض الصعوبات ،إذا أخذنا بعين الاعتبار أن من أهداف المخطط الحادي عشر للتنمية هو بلوغ نسبة نمو تقدر بنسبة 6.1 % في الوقت الذي سينخفض فيه الطلب الخارجي و خاصة من الإتحاد الأوروبي نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة ، عند ذلك يصبح الطلب الداخلي المحرك الأساسي للاقتصاد. واستنادا إليه فإنّ المشكل الرئيسي الذي سيواجه تونس العام الجديد هو ارتفاع نسبة البطالة و خصوصا في صفوف حاملي الشهائد العليا الأمر الذي يستوجب دفع الاستثمار خاصة في القطاعات الواعدة و ذات القيمة المضافة العالية، للحد من هذه الظاهرة التي تمثل عائقا حقيقيا للتنمية. احتجاجات قفصة …هل تتكرّر؟ يبدو أنّ السؤال سيضلّ متداولا في تونس حتى انتهاء العام الجديد وربما إلى ما بعده ،فعلى الرغم من أنّ ديسمبر 2008 حمل معه بداية النهاية للاحتجاجات الاجتماعية الأشهر في تاريخ تونس الحديثة ، إلا أنّ متابعين رأوا في طريقة تعاطي الحكومة مع الأزمة حلولا ردعية قمعية أو تسكينية ظرفية لا يمكن بأيّ حال من أحوال أنّ تُحصّن البلاد من احتجاجات مماثلة تستمرّ أشهر و يسقط خلالها قتلى وجرحى و معتقلون بالعشرات. النائب السابق في البرلمان التونسي ونائب رئيس المؤسسة الأورومتوسطيّة لمساندة المدافعين عن حقوق الإنسان السيّد خميّس الشّماري قال في مقابلة خصّ بها « إيلاف » إنّ أحداث الحوض المنجمي التي اندلعت في يناير 2008 بسبب البطالة و الفساد و المحسوبية خلفت رجة قوية لكلّ الأطراف الفاعلة في البلاد. و يرى الشّماري إنّ الاحتجاجات التي استمرّت لشهور طويلة هي ظاهرة اجتماعية عميقة لم يتمكن النظام التونسي من تلبيسها – كالعادة – بلباس إيديولوجيّ لتبرير قمعها .و خسرت السلطة معركة الإعلام خلال أزمة الحوض ، فالمحتجون ومن يسندهم لجئوا هذه المرة إلى التقنيات الحديثة للتشهير بالمظلمة المسلطة عليهم ، أما المعارضة فقد أثبتت هذه المرة أنها ابتعدت عن التوظيف السياسي الحزبي الضيقة لهذه الحركة الاجتماعية المطلبيّة الرّاقية. و استنادا إلى خميسّ الشماري فإنّ الأسباب التي أدت إلى اندلاع الاحتجاجات لم تعالج بعدُ و لذلك فالظرفية سانحة خلال العام الجديد لتشهد تونس احتجاجات مماثلة ما لم يتحرك المعنيون مباشرة لفتح حوار جدّي حول مشكل « الحوض المنجمي « ككل و ليس مشكلة التشغيل أو الانتداب فقط، فالأزمة سياسية ، اقتصادية ، اجتماعية و بيئية و العمل على النهوض بأوضاع تلك المنطقة بات أمرا جدّا ملح و مصلحة وطنية عليا. انتخابات 2009…سيناريو مألوف يتوقّع متابعون للشأن السياسي في تونس ألا تختلف انتخابات 2009 بشقيها الرئاسي و التشريعي عن سابقاتها ، كون النظام التونسي لا يزال محافظا على ذات العقلية التي يعتبر نفسه من خلالها وصيّا على البلاد نظرا لغياب البديل الجديّ الذي يمكن أن يحمل المشعل من بعد تغيير 7 نوفمبر، صاحب الفضل فيما وصلت إليه تونس من رقي اجتماعيّ و اقتصاديّ أو ما يسميه إعلام الحكومة بـ » المعجزة التونسية ». النائب السابق في البرلمان التونسي خمس الشّماري أبدى « أسفه الشديد » لأنه مقتنع اقتناعا راسخا بانّ دار لقمان ستضلّ على حالها في انتخابات العام المقبل. ويقول: »ستدور الانتخابات في مناخ سياسي و تشريعي متخلف للغاية ، فلا القانون الذي أعلن عنه الرئيس بن علي في 21 آذار الماضي و الذي حدّد بموجبه سلفا من سينافسه في السباق الرئاسي يمكن أن يكون ضامنا لتعدّد الترشيحات او جديتها باستثناء تعدّد ممثلي أحزاب الديكور التي تعرضت للاحتواء من قبل الحكم ، و لا وضع الحريات الصحفيّة و الحريات الخاصة يسمح بانتخابات شفافة وديمقراطية. الأمور محسومة و لا يمكن أنّ نلمس أيّ مؤشر على انفتاح من نوع ما يجعلنا نقرّ بانّ انتخابات 2009 لن تكون كسابقاتها مادام الخصم هو ذاته الحكم في كلّ عملية انتخابية ناهيك عن عدم إفساح المجال أمام الشخصيات الوطنية و الجدية لإعلان ترشّحها بموجب هذا التعديل الدستوريّ الجديد ». الشّماري اعتبر إنه و انطلاقا من تجربة خاضها في السابق مع مجلس النواب التونسي (البرلمان) يمكن التأكيد على أنّ قضية عدد النواب في البرلمان و التي رفعها الرئيس الحالي لتبلغ 25 نائبا معارضا هي « مهزلة بكلّ المقاييس ». فالنواب في تونس موزعون بين قسمين ، نوّاب موالون للسلطة و ينتمون إلى أحزاب الديكور (أحزاب تسمي نفسها معارضة لكنها تساند الخيارات الحكومية) و عددهم الأكبر، ونواب قليلون للغاية ينتمون إلى الأحزاب التي لها نفس استقلاليّ و بعض المصداقية. و يشير هنا إلى أنّ حزبين قانونين هما الحزب الديمقراطي التقدمي و التكتل من أجل العمل و الحريات غير ممثلين في البرلمان و لا يبدو أن السلطة مستعدة لمنحهما مقاعد نظرا لمحاولتهما الحفاظ على استقلاليتهما ضدّ سياسة الاحتواء التي ينتهجها النظام تجاه الأحزاب المعارضة الراديكالية ومنظمات المجتمع المدني المستقلة. الانتخابات في تونس لن تحمل أيّ رهان انتخابيّ، هذا ما يخلص إليه مراقبون و محللون سياسيون ، فعلى الرغم من حملة العلاقات العامة التي تقودها الحكومة المُقبلة على استحقاق يقتضي إعادة إنتاج نظام في حلل بهية غير الموجود عليها حاليا ، استطاعت بعض الشخصيات المعارضة على غرار المحامي أحمد نجيب الشّابي بإعلانه للترشح للانتخابات الرئاسية – وهو ممنوع قانونا من فعل ذلك- من فضح « الفلم » الجديد الذي يتمّ التحضير له قبيل العملية الانتخابية. « لطالما أكدنا على أنّ معاركنا في تونس لا تحمل أبعاد انتخابية و إنما رهانات سياسية نبتغي من خلالها توحيد صفوف المعارضة المشتتة لكن للأسف لم يحصل هذا خلال الستة الأشهر الماضية التي أعقبت التعديل الدستوري الجائر. » يقول خميس الشّماري و يضيف: »حتى من يدعو إلى مقاطعة الانتخابات اليوم مقاطعة نشيطة فهو في نظري مخطأ ، لأن المقاطعة تتطلب موازين قوى غير الموجودة حاليا « . أوباما …تونس …وحقوق الإنسان بشهادة أكثر من متابع كانت الاحتفالات بالذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في تونس مميزة للغاية ، فالتظاهرة الاحتفالية التي أرادت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان (المنظمة الحقوقية الوحيدة المرخص لها) تنظيمها ،شهدت محاصرة أمنية غير مسبوقة و تعرض عدد كبير من النشطاء الحقوقيين و السياسيين إلى المنع من بلوغ مقرّ الرابطة ، ولم يستثن المنع مُمثلي البعثات الدبلوماسية الأجنبية أيضا. وقبيل ذكرى الستينية بأيام قليلة ، صدرت الأحكام الثقيلة على المتهمين في قضايا أحداث الحوض المنجمي وما شابها من خروقات و انتهاكات كبيرة على حدّ بيانات منظمات حقوق الإنسان الوطنية و الدوليّة بالإضافة إلى إعادة القياديّ النهضوي المعروف (إسلامي) الصادق شورو إلى السجن بعد أن خرج لمدة شهر واحد من عقوبة بالمؤبد قضى منها 18 سنة وراء القضبان. هذه الأحداث مجتمعة وغيرها اعتبرها السيد خميس الشماري نائب رئيس المؤسسة الأورومتوسطيّة لمساندة المدافعين عن حقوق الإنسان دليلا على أنّ ما تحدثت عنه كبرى المنظمات الحقوقية الأجنبية ،الرسمية منها و غير الحكومية، حول واقع الحريات في تونس هو صحيح و لا غبار عليه. وحاول الشّماري التركيز في حديثه المطول مع « إيلاف » على حادثة محاكمة الدبلوماسي التونسي السابق خالد بن سعيد أمام محكمة فرنسية في ستراسبورغ بالسجن لمدة ثماني سنوات بسبب « التعذيب والوحشية المقترفة » في تونس. و يخلص إلى القول بأنّ التعذيب أضحى سياسة ممنهجة في تونس يتعرّض لها المساجين السياسيون المعروفون أو حتى سجناء قضايا الحقّ العام على حدّ سواء. أما ملفّ « الرابطة » الممنوعة من عقد مؤتمرها بسبب مشاكل داخلية على حدّ التفسير الحكومي فلا تسوية مرتقبة في أفق العام الجديد. انتخاب باراك أوباما في الولايات المتحدة أيضا كان له نصيبه من حديث الشماري ، فالرجل لن يغير سياسات أمريكا تجاه عدد من الدول العربية و من بينها تونس ، فهو سينشغل كثيرا بالملفات الكبرى كالملف الاقتصادي و العراقي و الإيراني والأفغاني،كما أنّ مطالب الإصلاح السياسي و الضغط من أجل إطلاق المزيد من الحريات في تونس لن تجد لها آذانا صاغية كون تونس من الدول التي لا تمثّل للولايات المتحدة بؤر تطرّف أو أزمات اجتماعية. (المصدر: موقع إيلاف (بريطانيا) بتاريخ 1 جانفي 2009)
بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين
تونس في 01- 01- 2009 بقلم
محمد العروسي الهاني مناضل – كاتب في الشأن الوطني و الحزبي و الإسلامي الرسالة 528 على موقع تونس نيوز
تمنياتي من الله تعالى في العام الميلادي الجديد 2009 النصر لفلسطين و العراق وافغانستان و الاستقرار للأمة الإسلام و التقدم و التفاهم للدول العربية و الإسلامية
بمناسبة حلول السنة الادارية الجديدة 2009 التي اقترنت بحلول السنة الهجرية المحمدية 1430 هجري يسعدني كمناضل وطني من بلد جامع الزيتونة المعمور و من ارض الوفاء و التضحية و ارض اللقاء و الكفاح الوطني و ارض العروبة و الاسلام و ارض احتضان الثورة الجزائرية المباركة و دعمها و ارض احتضان الثورة الفلسطينية المباركة ايام المحن و الشدائد و الأزمات و قد ضاقت الارض بما رحبت و ارض تونس الطاهرة احتضنت الثورة الفلسطينية المباركة و وجدت الدفئ و العطف و الدعم الرئاسي من زعيم عربي ذاقت ويلات الاستعمار الفرنسي و الاحتلال و الظلم و القهر و المحن و الشدائد و الوان السجون و الابعاد و القهر و بات على الاسمنت في الصحراء و الجبال و برج البوف و التراب العسكري بقبلي و تبرسق و فرنسا و زعيم ذاق هذه المحتشدات و السجون يدرك معاني التضحية و يفهم قضية فلسطين. الفهم الدقيق و هذا ما جعل الزعيم بورقيبة يحتضن الثورة في تونس و يدعمها و يرعاها و يسهر على نجاحها و يأذن باستقلالية قرارها السياسي. هذا البلد العربي الذي انجب العظماء و الزعماء و الابطال لا زال يقف مع الامة العربية و لا زال قلبه ينبض بالاسلام و العروبة و لا زال يدافع عن الكرامة و الشهامة العربية و فيه رجال اوفياء للثورة الفلسطينية و رجال اعلام احرار يدافعون بالقلم و الرأي الحر و ما استمراري في الكتابة و مساهمتي في هذا الموقع الالكتروني الحر الذي جاء فتحه في الوقت المناسب و الظرف المناسب إلا تأكيدا على أن تونس أرض معطاء شعبها و في أقلام الأحرار جريئة لا تخاف الحصار و لا تخاف البهتان و لا تخاف الوعيد و لا تخاف التهديد و لا تخاف الخطوط الحمراء … و هذه الأقلام تقول كلمتها بكل حرية و شجاعة و جرأة و لا تخاف لومة لائم و لا تخشى الموت و لا الوعيد . هذه الأقلام المؤمنة بالقضية الفلسطينية و لا تفرق بين الفصائل و لا تنحاز إلى فصيل دون أخر و ليست أقلام مؤجورة تعمل ضد حركة حماس أو الجهاد الإسلامي أو حزب الله في لبنان كما اطلعنا في صحيفة تونسية تحامل احدهم على حركة حماس ظلما و زورا و هذا و الله عيب ان نهاجم أي مقاومة إسلامية شريفة ضد الطغيان . هذه الأقلام ليست لها مشاكل و لا حسبيات ضد المقاومة الإسلامية الشريفة . هذه الأقلام كما في هد الثورة التونسية و الثورة الجزائرية و الثورة المغربية و الثورة الليبية و الثورة الفلسطينية و معارك العبور و المقاومة في العبور هي اليوم تساهم باقلامها في قضية الساعة قضية القرن الواحد و العشرين قضية الكرامة و الشهامة العربية و الإسلامية قضية الشرف العربي كيف لا و أقلامنا التونسية مجندة لقول الحق و رفع شعار المقاومة و ضد الانبطاح و الإذلال و الركوع و الأمريكي و الألماني وبعضهم بدعوى مقاومة التطرف و الإرهاب كلمة حق أريد بها باطل و شعبنا قاوم الإرهاب الاستعماري و الظلم و الاحتلال و البطش الفرنسي و الحماية و اذناب الاستعمار و حلفائه و أتباعه و عملائه الذين كنا نسميهم قوادة الإستعمار . أقلامنا كشفت التجاوزات و الفساد في كل مكان بحرية و كتابنا الذي طبع مؤخرا يدل على شجاعتنا و حجزه على ما يدل يا ترى ؟؟؟ أقلامنا كشفت نوايا الاستعمار الفرنسي و توسعاته. أقلامنا لا زالت تكشف كل محاولة لنزع الحياء و الفساد و التسكع و الانحرافات و التجاوزات. أقلامنا لا زالت تقول للمحسن أحسنت و المسيئ أسأت. أقلامنا لا زالت ضد المنافقين و السماسرة و التجار الجدد الذين يقولون البهتان و الزور و لا أريد ذكرهم. أقلامنا لا زالت تسعى لوضع حد لأصحاب المنافع و المصالح و الحسابات الخاصة. أقلامنا لا زالت تؤمن بوحدة الصف العربي و الوحدة و التعاون النزيه. أقلامنا و أدمغتنا النظيفة و عقولنا الطاهرة و قلوبنا العامرة بالإيمان لا زالت تنادي بدعم العدالة الاجتماعية و التضامن و الاستقرار و المساواة بين الأجيال و الجهات بعيدا عن التهميش و الإقصاء و التدخلات و الجهوية و الاكتاف و نتمنى من الله تعالى أن يجعل أمتنا العربية أمة قوية متوحدة متضامنة و صامدة و أن يجعل قادتنا و حكامنا العرب على نغمة واحدة و كلمة واحدة من أجل دعم الكرامة و الشهامة و استقلال القرار العربي. هذا ما نتمناه في السنة الهجرية الجديدة 1430 هجري و السنة الإدارية 2009 مزيد الدعم و الاستقرار و النصر المبين لامتنا و شعوبنا و النصر و التمكين للشعب الفلسطيني الصامد و الهزيمة لأعداء الإسلام و النكسة و الهزيمة للكيان الصهيوني الطاغي بدعم أمريكا و حلفاتها كما أتمنى أن تتحرك وسائل الإعلام و أ ن تتحرر من الخطوط الحمراء و السماسرة و التجار و أصحاب المنافع و أن تلعب الجزيرة دورها الفاعل الحاسم مع قناة المنار و العربية و نتمنى لقناة المستقلة أن تستعيد دورها و مصداقيتها و أن تعود إلى سالف عهدها دون وصاية أو تدخلات أو املاءات. هذا ما نتمناه لوسائل الأعلام حتى تواكب المسيرة الإعلامية مثل الجزيرة التي لها دور فاعلا لا غبار عليه تتصل بالجميع و تسمع الجميع و تتحاور مع الجميع بكل وضوح و شفافية و قد نسجت المستقلة على منوالها عام 2007-2008 و لكن تراجعت لماذا يا ترى؟ قال الله تعالى : « و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون » صدق الله العظيم محمد العروسي الهاني