الجمعة، 29 ديسمبر 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2412 du 29.12.2006

 archives : www.tunisnews.net


مواطنو جمّال: نطلب من الجهات الأمنية إطلاق سراح أبنائنا المختطفين

كلمة: بعد تواتر الحديث عن اشتباكات جديدة قرب العاصمة التونسية – هل أشرفت وزارة الداخلية عن كشف الحقيقة

الوسط التونسية: معارضون أكدوا وقوع الاشتباكات والسلطة تنفي علاقتها بالإرهاب

الصريح: هوامش على حادثة حمام الشط

الطاهر الأسود: حول الانطلاقة المحتملة لأعمال إرهابية للقاعديين في تونس

أبو ذر: اللعـب بالـنـّار

لطفي حجي: 2006 عام المطالبة بالإصلاحات واحترام الحريات في تونس

محمد الحمروني : الأضحى يهزم رأس السنة في تونس!

سليم بوخذير: المعارض التونسي المنصف المرزوقي يعود إلى فرنسا رغم ملاحقات القضاء الذي وصفه ب »غير المستقل » . .

مجموعة من أولياء تلامذة المدرسة التونسية بالدوحة: إفلاس فرع المنظمة التونسية للتربية و الأسرة بالدوحة

« الشرق الاوسط »: تقرير: الحرب على البطالة هاجس الحكومة التونسية

« مغاربية »: حج البيت الحرام بالنسبة للتونسيين يشكل رحلة جادة كل الجد

عبد الرحمان الحامدي : إلى صاحبة مقالي الختان والحجاب (2 من 2)

عبدالسلام الككلى: صوت الجامعيين يعلو ويتميز في مؤتمر المنستير(2 من 2)

   عمر: نجح الحزب و فشل أحمد نجيب الشّابي

مرسل الكسيبي : نحو مشروع إسلامي مدني وتحرري يحترم وعي الجماهير

عدنان السيد حسين : نحو المنهج الوسطي

رضا الملولي: المرضى على الدّوام…

 د. محمد شقرون: التصوّف فـي زمن الاستقلال السياسي وبناء الدولة الوطنيّة (الجزء الثاني)

محمد فتحي السقا : ويلات الوصاية الامريكية


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 


 

اللهم احفظ تونس

بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك تتقدم هيئة تحرير تونس نيوز إلى السادة القراء داخل البلاد وخارجها بأجمل التهاني سائلين المولى عز وجل أن يحفظ البلاد والعباد من شر الفتن وأن يبصر التونسيين جميعا لما فيه الخير والصواب وأن يفرج عن المساجين جميعا ويخفف عن المصابين جميعا وأن يجمع الشمل ويرد الغربة ويرفع الضيم والغمة عن الجميع إنه سميع مجيب.

 


قناة الحوار التونسي

(الكلمة الحرة ,قوام الوطن الحر)  

 
برامج حصة يوم الأحد 31 ديسمبر 2006 تبث الحصة من الساعة السابعة إلى التاسعة مساء وتعاد يوم الأربعاء على نفس التوقيت. الأخبار: متابعة لآخر الأحداث الاجتماعية والسياسية وللتحركات النضالية الميدانية. أخبار واقع  الحريات – متابعة لمؤتمر الحزب الديمقراطي التقدم – تبادل إطلاق النار في المدة الأخيرة – متابعة لملفات الاعتقالات الأخيرة مع الأستاذة راضية النصراوي حوار مع الدكتور والمحامي حسين الباردي حول كتابه الأخير الذي يتناول موضوع الانقلاب في جمعية القضاة متابعة بالصورة لبعض المداخلات أثناء افتتاح أشغال المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي حوار مع الصحفي لطفي الحجي حول كتابه بورقيبة والإسلام متابعة مصورة لانتخابات المجالس العلمية الأخيرة  مشهد السيد عبد الرحمان التليلي بعد تعرضه للاعتداء من قبل البوليس                قناة الحوار التونسي باريس في 29-12-2006

 


 

أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو

أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين

 

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين

33 شارع المختار عطية تونس 1001

الهاتف /الفاكس:71354984

Email: aispptunisie@yahoo.fr

 

29/12/2006

 

بـــــــلاغ

 

يسر الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين المجتمعة بهيئتها الموسعة أن تتوجه ببالغ الشكر والتقدير للمجلس الوطني للحريات في شخص الناطق الرسمي باسمه و من خلاله إلى جميع المناضلين فيه لما خص به الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين من تكريم عبر إسنادها جائزة الهاشمي العياري وإننا لنغتنم هذه الفرصة لنعبر لكم عن رغبتنا الصادقة في المضي قدما في درب الدفاع عن جميع ضحايا التعسف و الاستبداد إعلاء لراية حقوق الإنسان و ترسيخا لثقافة العدالة و المحاسبة.

 

عن الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين

الرئيس

الأستاذ محمد النوري 

تهنئة بعيد الأضحى المبارك

 

بمناسبة عيد الأضحى المبارك يسر الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أن تتقدم بأخلص التهاني و أطيب الأماني إلى المساجين السياسيين وعائلاتهم و إلى المسرحين و جميع المناضلين من أجل الحق و العدل و الحرية راجية من العلي القدير أن يعيده عليهم جميعا وقد عاد القضاء إلى خدمة والبسمة إلى شفاه جميع العائلات.

 

عن الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين

الرئيس

الأستاذ محمد النوري


تهاني الجمهوريين بمناسبة عيد الأضحى المبارك

يسعدني ويشرفني أن أتقدم باسم المؤتمر من أجل الجمهورية بتهاني العيد المبارك إلى الرهائن السياسيين المحتجزين في زنزانات الدكتاتور، إلى آبائهم وأمهاتهم وأطفالهم ، إلى المنفيين والمغتربين  ،إلى الذين يعانون من الظلم  والخصاصة والترويع والإذلال المجرم من طرف نظام مجرم ،   إلى من أبوا دوما أن يكونوا رعايا ودفعوا الثمن ليكونوا  مواطنين،  إلى كل  المناضلين من أجل وطن لا يستحي منا ولا نستحي منه . نسأل الله ونحن على أبواب سنة محفوفة بالمخاطر أن يحمي وطننا العزيز من الانزلاق إلى  العنف  ، أن يضع حدّا  لمعاناة شعبنا ، وأن يهلّ علينا العيد المقبل وقد أنجلى الليل أخيرا وانكسر القيد وسطعت على تونس الحبيبة شمس الحرية ،  وما ذلك على الله بعزيز. عن المؤتمر من أجل الجمهورية د. منصف المرزوقي


 

بسم الله الرحمان الرحيم

اللقاء الإصلاحي الديمقراطي

عيـــد سعيـــد وعام مبارك

بمناسبة عيد الإضحى المبارك وحلول السنة الميلادية الجديدة تفضلوا باسمي الشخصي ونيابة عن اللقاء الإصلاحي الديمقراطي تهانينا الحارة وأزكى أمانينا سائلين الله تعالى مزيدا من اليمن والبركة عليكم وعلى ذويكم وعلى الأمة جمعاء، وداعينه عز وجل أن يفرج كروب المسجونين وبعيد المشردين ، وكل عام وأنتم بخير والعالم بخير وتونس بألف خير.

د.خالد الطراولي


 

عـــــيد مبارك

 

الإخوة الأعزاء، أنصار الحق والعدل والحرية وفرسان الكلمة الصادقة وجنود الخفاء لنشر الوعي والإلتزام، تحية لكم في مواقعكم حيث ما كنتم، والسلام على من ساندكم ودعم مسيرتكم بالصبر عليكم والدعاء لكم والتنازل عن بعض حقه عليكم. وعيدكم مبارك وكل عام وأنتم وأهاليكم وأحبابكم وإخوانكم وقراؤكم (جميعا) بخير حال يحبها ربنا ويرضاها.

نسأل الله أن يعود العيد علينا وعلى وطننا الحبيب بالخير والفرج وإزالة الغمة.

 

وتحية لكم والسلام عليكم ورحمة الله

 

أخوكم: صــابر التونسي


عيـد مبــارك يطيب لي أن أتقدم إليك وإلى من معك من أهل وأحبة بمناسبة عيد الإضحى المبارك بأحر التهاني سائلا ولي النعمة الأكبر سبحانه لك ولمن معك ومن حولك من المؤمنين والمؤمنات التوفيق إلى خير العمل وحسن القبول. الهادي بريك ــ ألمانيا


عيــدكم مبــارك يطيب لي أن أتقدم إليكم بمناسبة عيد الإضحى المبارك بأحر التهاني والأماني  سائلين  المولى  سبحانه و تعالي أن يوفقكم إلى الخير و أن يعيده علينا وعلى إخواننا من حولنا وعلى الأمّة الإسلاميّة قاطبة  بالخير والبركات.            حسيبة سويلمي عن لجنة الدفاع عن حجاب المرأة في تونس بألمانيا


كل عام وأنتم بخير
عيدكم مبارك وتقبّل اللّه منّا ومنكم صالح الأعمال وأعاده علينا وعلى الأمّة الإسلاميّة قاطبة بالخير والبركات

نورالدين الخميري ـ ألمانيا       


                     الأخ الكريم, تحية طيبة وبعد, أتقدم إليكم بأحر التهاني بمناسبة عيد الأضحى المبارك راجيا من المولى العزيز القدير أن يعيده عليكم وعلى أهلكم وعلى بلادنا باليمن والبركة والإنفراج .. إنه سميع مجيب. والسلام أخوكم عماد                                        


بوش يهنئ بن علــــــي

* قرطاج (وات) تلقى الرئيس زين العابدين بن على برقية تهنئة من الرئيس الامريكي جورج بوش ضمنها باسمه وباسم الشعب الامريكي اطيب الاماني لسيادة الرئيس وللشعب التونسى بمناسبة عيد الاضحى. واكد الرئيس الامريكي في هذه البرقية ان الولايات المتحدة تقدر الصداقة بينها وبين تونس مضيفا قوله «اني آمل أن نتمكن من العمل سويا خلال السنة القادمة من أجل ضمان مزيد من الحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لشعوب الشرق الاوسط». (المصدر: صحيفة « الشروق » التونسية الصادرة يوم 29 ديسمبر 2006)

 


بسم الله الرحمان الرحيم والحمد لله وحده

نطلب من الجهات الأمنية إطلاق سراح أبنائنا المختطفين

يعيش أهالي مدينة جمّال- بالساحل التونسي- منذ أكثر من شهر حالة من الرعب والخوف نتيجة عمليات الاختطاف التي تعرض لها بعض أبناء هذه المدينة من طرف البوليس السياسي. فقد تعرض مجموعة من شباب المدينة من بينهم: الحبيب الميلي, أحمد الشايب, خالد بوعزيز, معز بودقة إلى عمليات اختطاف منذ أكثر من شهر ومداهمة منازلهم وحجز بعض الكتب والاقراص الدينية المتداولة في السوق, من طرف رجال بالزي المدني على متن سيارة مدنية. وقد تم الاختطاف من الشارع , من أمام المسجد, من المنزل, من العمل مما تسبب في ذعر أهالي المدينة وخاصة عائلات هؤلاء الشباب الذين لا يعلمون مصير أبنائهم وما الجرم الذي ارتكبوه وهم من خيرة شباب مدينة جمّال سيرة وسلوكا. نحن موطنو مدينة جمال: – نطلب من الجهات الأمنية إطلاق سراح أبنائنا المختطفين والمذكور أسمائهم سلفا بدون قيد أو شرط. – ندعو المسئولين عن الأمن في البلاد والفرق الخاصة الكف عن ترويع المواطنين وإتباع القانون والتخلي عن أساليب الخطف. – ندعو كل المنظمات والهيئات والأحزاب بتونس وخارجها التضامن مع أبنائنا المختطفين والسعي للإفراج عنهم. والسلام عليكم مواطنو جمّال ( لم نذكر أسماء خوفا من تتبع البوليس)

 


 

بعد تواتر الحديث عن اشتباكات جديدة قرب العاصمة التونسية

هل أشرفت وزارة الداخلية عن كشف الحقيقة

لطفي حيدوري

 

تواصل السلطات التونسية التكتّم على حادثة تبادل إطلاق النار في الضاحية الجنوبية للعاصمة ولم يُعلن إلى حد الآن عن هوية المقتولين والمقبوض عليهم والفارّين. ربّما يندرج ذلك في سياق إحاطة العملية بالسرية حتى استكمال الأبحاث ولكنّ المعلومات التي بدأت تتسرّب إلى الرأي العام أكّدت أن السلطات التونسية لم تعلن الحقيقة للناس عن ملابسات ما حدث وأنّ الأمر لم يكن مجرد حادث استثنائي في مواجهة مع عصابة دولية للمخدرات.

 

الحديث عن مجموعة جهادية تنشط في الجبال القريبة من العاصمة أصبح هو المتداول اليوم في الشارع التونسي، رغم أنّ حجم العملية يفوق بكثير قدرات المجموعات التونسية المتبنّية للفكر الجهادي والتي تخضع لمراقبة أمنية مكثّفة من مختلف أجهزة وزارة الداخلية تعوقها أمام تحويل البلاد التونسية إلى ساحة للإعداد لعمليات مسلحة. وهذا ما يقوّي فرضية تورّط مافيا دولية في هذه القضية خاصّة مع استخدام أسلحة « متطوّرة » ليس من السهولة مرورها إلى داخل البلاد ووصولها إلى أيدي أولئك الشبان الذين تشتبه بهم السلطات التونسية وتحتجزهم في سجونها بتهمة الإرهاب.

 

آخر السيناريوهات المتداولة المتعلقة بالعملية تفيد بأنّ الأحداث انطلقت بعد إفادات تلقتها المصالح الأمنية بمدينة قرمبالية عن وجود مجموعة من الأشخاص بينها عنصر جزائري تتدرّب على استخدام السلاح في الجبال المجاورة وتواجد عنصر منها باستمرار في أحد مقاهي مدينة قرمبالية. وقد أمكن القبض على هذا الشخص والحصول منه على اعترافات عن مكان تواجد المجموعة. فتحوّلت على الفور إلى المكان المشار إليه غير أنّه بالوصول إلى جبل الرصاص تبيّن أن المنطقة لا يمكن الوصول إليها إلاّ باستخدام سيارة ذات قوة دفع أكبر ثم عادت بعد ذلك لصعود الجبل حيث دارت المواجهة الأولى التي سقط فيها ضحايا من الجانبين وألقي فيها القبض على عنصرين من المجموعة تم الحصول منهما على دليل على مكان وجود بقية المجموعة في حمام الأنف أين داهمت تعزيزات من القوى الأمنية المنزل المعنيّ وحصلت مواجهة لا تعرف نتائجها الكاملة بعد.

 

ويضيف المصدر أنّه بعد إخلاء المنزل بفرار عدد من المتحصنين به وسقوط ضحايا من بينهم عثر بالمنزل على وثائق ومعلومات هامة عن عملية يتم التحضير لها بأحد العلب الليلية ليلة رأس السنة الميلادية.

 

رواية بمثل هذه الوقائع تحتوي على عناصر صدق لا يمكن إثباتها إلاّ بانتظار ما ستسفر عنه الأحداث. وإذا كانت تتوفر على جانب من الصحة فإنّه لن يكشف عنه إلاّ بعد تحكم القوى الأمنية في الأوضاع هذا بالإضافة إلى أنّ أيّ معلومة في هذا الشأن وبهذه الخطورة لا تخدم بالمرة المناسبة السياحية المربحة لليلة رأس السنة الميلادية.

 

هذا وقد تلت الحادثة حملة اعتقالات جديدة واستدعاءات لمناطق الأمن في صفوف الشبان المتديّنين.

وقد جرت العادة بعد كلّ « نصر أمنيّ » أن تعرض وزارة الداخلية صورا وشهادات ومحجوزات لم يحصل أي شيء منها إلى حدّ الآن.

 

(المصدر: مجلة « كلمة » بتاريخ 29 ديسمبر 2006)

الرابط: http://www.kalimatunisie.com/article.php?id=425


معارضون أكدوا وقوع الاشتباكات والسلطة تنفي علاقتها بالإرهاب

من مرسل الكسيبي (*)

بلغ الوسط التونسية ظهيرة هذا اليوم الجمعة 29 ديسمبر 2006,الموافق للتاسع من ذي الحجة 1427 ه,أنه استمع ليلة البارحة الخميس الثامن من ذي الحجة الى دوي طلق ناري حي وكثيف بمنطقتي باب بنات وباب سعدون بالعاصمة تونس,وأفادت مصادر وثيقة وجد مطلعة على اتصال بالوسط التونسية أن البلاد التونسية تعيش حالة من الطوارئ غير المعلنة في أغلب ولايات الجمهورية ,حيث لازم معظم السكان منازلهم وامتنعوا عن التنقل خارج مدنهم نتيجة الانتشار الأمني الكثيف ونشر الحواجز بين تقاطعات مختلف الطرق السريعة والوطنية. هذا وعمدت وحدات من مختلف قوى الأمن والحرس الوطني والتدخل السريع وقوات النظام العام ومختلف التشكيلات الأمنية إلى القيام بحملات تفتيش غير مسبوقة شملت كل السيارات وخطوط النقل البعيدة بين المدن والجهات,فيما شهدت مناطق الجنوب التونسي تدفقا غير مسبوق لحافلات السياح الى جهات غير معلومة رجحت بعض المصادر أن تكون من أجل تـأمين مغادرتها للبلاد عبر مطار جربة التونسية . وفي السياق نفسه ذكرت مصادر الوسط بأن مختلف الطرق المؤدية الى الجنوب التونسي شهدت خلوا من حركة المرور المدنية المعتادة ,فيما عدى تواجد أمني مكثف وتدفق واسع لقافلات من حافلات السياح المرفوقة بوحدات من الأمن باتجاه الجنوب. من جهة ثانية أفادت مصادرنا من داخل الجمهورية أن دوي الطلق الناري استمع له أيضا مساء يوم أمس على مستوى الطريق السيارة الرابطة بين العاصمة تونس ووسط البلاد ,وقد ذكرت مصادر الوسط من داخل البلاد بأن اشتباكات متقطعة ومتجددة وعلى علاقة راجحة باكتشاف إحدى الخلايا النائمة لعناصر ما يسمى بـ »السلفية الجهادية » ,وقعت بمنطقة حمام الأنف-15 كم جنوب العاصمة تونس يوم السبت الماضي . يذكر أن مواجهات مسلحة بين عناصر من الجيش الوطني وعناصر قيل أنها تنتمي لجماعات متشددة على علاقة بالإرهاب ,قد وقعت ليلة الثلاثاء الماضي واستمرت إلى حدود صباح نفس اليوم بمنطقة جبل الرصاص . هذا وعمدت السلطة في تونس إلى التكتم الشديد على الأحداث نتيجة ما يمكن أن يترتب عنها من حالة ذعر وقلق في صفوف وكالات الأسفار الأجنبية, والتي تنظم رحلات مكثفة باتجاه البلاد التونسية انطلاقا من كبريات العواصم الغربية والعالمية وفي سياق آخر على علاقة بالأوضاع السياسية للبلاد حيث تعرف تونس انتقادات شديدة ولاذعة من الأوساط السياسية والحقوقية العالمية نتيجة سجلها غير المريح في موضوعات حقوق الانسان والحريات العامة والأساسية ,تأكد للوسط خبر فقدان الشيخ الحبيب اللوز الرئيس السابق لحركة النهضة المحظورة للقدرة على السمع في مستوى الأذن اليمنى علاوة على فقدان تام للإبصار على مستوى العين اليمنى وذلك على خلفية الإهمال الصحي الذي تعرض له أثناء فترة اعتقاله لأسباب سياسية على مدار عقد ونصف. وفي خبر آخر ورد للتو من تونس فان الوجه الإسلامي البارز المهندس محمد المسدي ,وهو طيار من أمهر طياري الخطوط الجوية التونسية والقريب هو الآخر من تيار النهضة المحظور ,اصبح جراء ما تعرض له من تعذيب واهمال داخل المعتقل عاجزا عن المشي ,اذ أفادت مصادر موثوقة للوسط بانه لايمكنه القيام بابسط الواجبات الا بمساعدة لصيقة من زوجته أو افراد عائلته. هذا وقد أضافت مصادر سياسية مطلعة للوسط بأن السلطة قد استدعت للتحقيق مجموعة من ابرز القيادين في حركة النهضة على خلفية رسالة حسن نية واستعداد للاصلاح والمصالحة وطي صفحة الماضي وجهوها لجهات سياسية عليا في شهر جويلية المنقضي ,وقد ذكرت مصادرنا في تونس بأن موضوعات التحقيق دارت حول سبل وكيفية التقاء هذه القيادات والتنسيق الحاصل فيما بينها. وعلى علاقة بنفس الموضوع عبرت مجموعة من أبرز قياديي الحزب الحاكم « التجمع الدستوري الديمقراطي » عن حالة قلقها العميق تجاه ما آلت إليه أوضاع البلاد من انغلاق واحتقان سياسي وأكدت في محادثات جانبية مع بعض الأوساط السياسية القريبة من المعارضة عن حالة تذمرها العميق من سيطرة بعض العناصر اليسارية الاستئصالية على دواليب الحكم والدولة ,وأكدت الكوادر الحزبية العليا للبلاد على ارتهان خطير للقرار السياسي في تونس لهذه المجموعة التي اخترقت التجمع سنة 1988 . وفي تذكير أخير أشارت مصادر الوسط في تونس إلى حالة قلق شعبي واسع وغير مسبوق على خلفية انتقال الاحتقان السياسي من واجهة القلق المدني إلى حالة من المواجهة المسلحة التي تنبئ بعواقب خطيرة في بلد ترتكز فيه اعتمادات الدخل القومي بصفة رئيسة على قطاع الخدمات السياحية. وفي اتصال هاتفي قامت به الوسط التونسية بجهات قريبة من السلطة أكدت هذه الأخيرة على غياب أي علاقة بين هذه الأحداث وموضوعات الارهاب والتطرف,كما أشارت إلى تضخيم مقصود للموضوع من قبل بعض الأوساط القريبة من المعارضة ,وألحت من جهة ثانية على الطابع الإجرامي لأحداث حمام الأنف ونسبتها بشكل قطعي إلى أوساط على علاقة بقضايا الاتجار في المخدرات وقضايا الحق العام (*) كاتب وإعلامي تونسي ومدير صحيفة الوسط التونسية

reporteur2005@yahoo.de (المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » الالكترونية بتاريخ 29 ديسمبر 2006 على الساعة 15 بتوقيت وسط أوروبا)


بعد النداء الذي وجهه فريق « تونس نيوز »، وافانا أحد السادة القراء الكرام مشكورا بنص افتتاحية يومية الصريح ليوم الاربعاء 27 ديسمبر 2006 بقلم صالح الحاجة والمنشورة على صفحتها الثالثة:

 

هوامش على حادثة حمام الشط

** الحادثة كشفت عن وجود أسلحة دخلت البلاد بطريقة غير شرعية

** من المبكر جدا أن نتحدث عن كل التفاصيل

** لأول مرة يقع تبادل لإطلاق النار بين الشرطة وجماعة إجرامية

** ما حدث قد يكشف عما هو أهم وأخطر

 

منذ البداية أقول وأكرر « اللهم اجعل هذا البلد آمنا »…فنحن قد نختلف حول أشياء كثيرة ولكن عندما يتعلق الأمر بأمننا واستقرارنا فإننا نصبح كالرجل الواحد… فلا اختلاف… ولا جدال… وإنما هو الاتفاق الكامل الشامل الذي يصل إلى حد الإجماع… ولذلك فإن كل من يعكر صفوفنا ويخل بأمننا ويمس استقرارنا فإننا نكون وبلا تردد ضده بل نساهم جميعا في التصدي له وضربه ومنعه من الإضرار بنا.

 

أنتم تعرفون ولا شك قولتنا الشعبية الشائعة « كل شيء وإلا اللعب بعشانا »… وهذا العشاء يرمز إلى أشياء كثيرة تندرج ضمن المقدسات من بينها الوطن والعائلة والحرمة الشخصية وما إلى ذلك من هذه الأمور التي لا يسمح التونسي بمسها أو حتى بالإقتراب منها… فهي بمثابة الخط الأحمر الذي لا يجوز العبث به أو المساومة حوله.

 

إن موضوع الأمن والاستقرار في تونس لا يهم الدولة والحكومة وكل المؤسسات الرسمية وحدها.

هذا الموضوع يهمنا جميعا مهما اختلفت مواقعنا واهتماماتنا وأساليب تفكيرنا

 

إنه الموضوع الذي لن تجد تونسيا واحدا… وأنا هنا لا أتحدث عن المجانين والسفهاء والمرضى… فهؤلاء لهم طريقتهم في التفكير… وهي طريقة غير سوية.

 

لن تجد تونسيا واحدا يقول لك هذا الموضوع لا يعنيني… حتى أنني أستطيع أن أقول إنه موضوع شخصي لكل تونسي يهمه شخصيا ولذلك من واجبنا جميعا أن نعمل على حماية بلدنا بما نقدر عليه ولا نرمي الكرة للشرطة والمؤسسات الأمنية.

 

لا يكفي أن نتعلق بالاستقرار… وإنما علينا أن نضيف إلى ذلك التعلق العمل والفعل والسلوك… فلن ينجح رجل الأمن إذا لم نكن نساعده ونقدم له ما يستعين به على آداء مهمته النبيلة.

 

قبل أيام فقط سمعت من أحد إطاراتنا الأمنية ما يلي:

 

حدثت مؤخرا عملية سطو على رجل كان يحمل حقيبة بها مبلغ مالي كبير استلمه من أحد البنوك بالعاصمة… ولكن وبسرعة وفي وقت قياسي أمكن لأعوان الأمن القبض على الجاني وإعادة المبلغ المالي إلى صاحبه.

هل تعرفون كيف تم ذلك؟

لقد تم على أساس معلومة قدمها (حارس البركينغ) إلى أعوان الأمن.

قال الحارس: لقد شاهدت سيارة رقمها كذا يركبها شخص له أوصاف معينة خرج من (البركينغ) بطريقة غريبة وملفتة للنظر… وقد شاهدته يتجه صوب سيارته وهو يجري ويلهث وبيده حقيبة لونها كذا.

ماذا نقول عن هذا الحارس؟

هل نصفه بأنه « صباب »؟

نحن نخطئ كثيرا إذا قلنا ذلك واتهمنا هذا الرجل ب »الصبة » ونقع في غلطة كبيرة وفظيعة وشنيعة ونكون ضد مصلحتنا الجماعية.

 

إن المواطن السلبي هو بالأساس مواطن غير واع ولا يدرك مصلحته ويقف ضد نفسه وقد ينتحر وهو لا يعلم أنه بصدد الانتحار.

 

و أرجو أن لا يكون بيننا هذا الصنف من المواطنين… بل نكون جميعا من جنود هذا الوطن نعمل على حمايته وصيانته والذود عنه و لا نتركه في مهب الرياح عرضة للذئاب التي تعوي في الليل وتشكل خطرا علينا دون استثناء… فالذئاب عندما تخرج من عقالها فإنها تهجم على من يصادفها بصرف النظر عن وزنه ولونه وقيمته.

 

إنني أنبه… ولا أتهم… ولا أريد إثارة المخاوف… وإن كان الحذر واجبا في هذا العصر الذي أصبح فيه الإرهاب في العالم خطرا يوميا وكأنه داء و وباء وبلاء لا دين له و لا لون له ولا عقل له و لا قومية له… وله هدف واحد وهو إبادة أكثر ما يمكن من الناس وإسقاط أكثر ما يمكن من الناس وإسقاط أكثر ما يمكن من الضحايا وتسجيل أكثر منا يمكن من الخسائر ونشر أكثر ما يمكن من الخوف.

 

والإرهاب ما هو في نهاية التحليل إلا إجرام… ولكنه إجرام جماعي منظم له وسائل ضخمة وإمكانيات جبارة ويتخفى خلف شعارات هي نفسها وقع عليه العدوان والعبث والمسخ والتشويه… وما الإرهاب والإجرام إلا وجهان لعملة واحدة.

 

وما حدث في حمام الشط مساء السبت الماضي هو من صنف هذا الإجرام المتوحش

 

إنه إجرام من شأنه أن يثير اهتمامنا ويسترعي انتباهنا لأننا لم نتعود عليه فهو وافد علينا وهو كذلك بمثابة العضو الغريب على جسمنا الجماعي.

 

وحتى لا نقع في الخلط غير المفيد فإننا نكتفي بما أذاعته الجهات الرسمية من معلومات حول الحادثة ونترك الجهات الأمنية تواصل عملها فتحقق وتبحث ومن المؤكد أنها ستتوصل إلى الحقيقة وعندئذ لكل حادث حديث.

 

عندما يتم البحث والتحقيق ستذيع الجهات الأمنية الحقيقة كاملة وتقدم لنا كل التفاصيل والمعلومات الدقيقة واليقينية.

 

أما الآن فما زال من المبكر جدا أن نعرف الحقيقة كاملة.

 

ولكن وفي كل الأحوال ما حدث خطير على أكثر من صعيد

– خطير لأنه لأول مرة يقع تبادل للنار بين الشرطة وجماعة إجرامية

– خطير لأن الحادث كشف عن وجود أسلحة لدى جماعة إجرامية.

– خطير لأن هناك من أصبح يهرب الأسلحة إلى داخل البلاد ويعمل على استخدامها.

 

وهذه من المرات النادرة جدا التي تدخل فيها إلى بلادنا أسلحة بطريقة غير شرعية… وأسلحة من نوع خطير حتى أن هناك وكالة أنباء أجنبية ادعت أن من الأسلحة التي حجزتها الشرطة لدى المجموعة الإجرامية بندقية الكلاشنكوف.

 

وهذه أول مرة نسمع فيها عن الكلاشنكوف في تونس.

 

وقد تكشف هذه الحادثة عن أمور أخطر كانت تتهددنا وتتربص بنا ونحن لا ندري.

 

ولكن رب ضارة نافعة… فقد يمنع الكشف عن هذه الجماعة الإجرامية تنفيذ مخطط إجرامي كبير وخطير لو تم –لا قدر الله- تنفيذه لأدى بنا إلى وضع سيئ يسيء إلى استقرارنا الاقتصادي والسياحي والاجتماعي.

 

وقد برهنت هذه الحادثة على أمر في منتهى الأهمية وهو أن مؤسستنا الأمنية كانت في مستوى التحدي الجديد الذي لم نعهده من قبل.

 

إنه امتحان آخر ومختلف تماما لمؤسستنا الأمنية نستطيع أن نقول وبكل ثقة في النفس وبدون ادعاء أو غرور أنها نجحت فيه نجاحا لم يتحقق في أمريكا نفسها و11 سبتمبر أكبر مثال… وقي على أمريكا جميع البلدان الغربية بدون استثناء.

 

أما كيف برهنت هذه الحادثة أن جهازنا الأمني في كامل لياقته وحضوره ويقظته فذلك عندما بادر هو بالهجوم على هذه العصابة ولم يكن في حالة دفاع ولم يفاجأ بالأمر.

 

وهذا الهجوم يدل على أن العصابة كانت محل مراقبة ومتابعة… ولم تكن تعمل كما كان يخيل إليها.

 

وهذا معناه أن جهازنا الأمني لم يكن نائما في العسل… ولم يكن غافلا عما يجري

 

وهذا في حد ذاته مطمئن جدا… ويؤكد أن هذه العصابة وأمثالها لا تستطيع أن تمضي بعيدا

 

نعم… قد تنبت… وقد تظهر هنا وهناك… وقد تتخفى… وقد تتوهم أنها بمنأى عن عيون الأمن… ثم ما هي إلا خطوة واحدة وتسقط في « المنداف ».

 

وتأسيسا على هذا النجاح أستطيع أن أقول أنه حتى في صورة ما تكون هذه العصابة التي وقع الكشف عنها في حمام الشط مجرد خلية من خلايا أخرى تشكل عصابة كبيرة وقوية… وحتى في صورة ما إذا كان مخطط هذه العصابة ما هو إلا جزء صغير من مخطط أكبر وأوسع

 

أستطيع أن أقول أنه حتى في أسوأ الاحتمالات وفي كل الصور سيستطيع أمننا بما لديه من كفاءات وقدرات ومعرفة وإمكانيات ضرب هذه العصابة في العمق ومنعها من تنفيذ أي مخطط من مخططاتها الإجرامية.

 

هذا أولا… وهو أساسي… ولكن يمكن أن نضيف إليه عاملا آخر وهو أن كل جسم طبيعي يرفض كل عضو غريب عنه ويلفظه ولا يستطيع حتى وإن حاول التعايش والتأقلم معه.

 

وهذا النوع من الإجرام أو الإرهاب الذي كشفت عنه حادثة حمام الشط غريب عن مجتمعنا ولذلك فلا سبيل إلى أن يستمر أو يطول عمره أو يحقق أغراضه.

 

ذلك أمر مستحيل

 

على أن اليقظة تبقى من أوكد واجباتنا جميعا بدون استثناء… فالوطن له جهازه الأمني ما في ذلك شك ولكن له لذلك شعبه الذي عليه أن لا يسمح لأعدائه من الشواذ والمرضى والمغامرين بأن يلعبوا بمصيره

 

وبما بدأت أختم فأقول « اللهم اجعل هذا البلد آمنا« .

 

صالح الحاجة

 

(المصدر: صحيفة « الصريح » التونسية الصادرة يوم 27 ديسمبر 2006)


 

حول الانطلاقة المحتملة لأعمال إرهابية للقاعديين في تونس:

استمرار التعامل الساذج في أوساط الطبقة السياسية التونسية مع تيار الفتنة الأهلية

الطاهر الأسود باحث تونسي يقيم في أمريكا الشمالية

 

تلاحقت أنباء محددة و من مصادر مختلفة في فترة وجيزة خلال الأسبوع الأخير حول احتمال بداية نوع من الاستعدادات لانطلاق أعمال ارهابية في قطرنا العزيز تستهدف السلم الأهلي و النظام القائم من خلال استهداف الجهاز الأمني و هو ما انكشف في بعض الاشتباكات المسلحة المتفرقة. إن ذلك خط أحمر و ليس إلا تكرارا سمجا لبرامج الفتنة الأهلية المدمرة السابقة في المنطقة. و لكن من الواضح أن هناك استمرارا لنوع من الغيبوبة تجاه خطر المجموعات القاعدية مغاربيا و تونسيا من قبل معظم النخبة السياسية بما في ذلك القيادات المحلية و عدم إدراك للبنى الجديدة التي بصدد التشكل. و يأتي هذا المقال في اتجاه التأكيد على أن مثل هذه تحقق هذه الأعمال الارهابية ليست إلا مسألة وقت للأسف الشديد و هو ما أشرت إليه أكثر من مرة و توقعت حدوثه مؤخرا. و بغض النظر عن صحة الأخبار المتداولة أخيرا— و التي يجب التعامل معها بحذر كبير من خلال رفض التعتيم المحلي المعتاد و الذي يمس السلامة الأهلية في هذه الحالة و لكن أيضا من خلال تجنب التضخيم و التوقف عن التعامل مع هذه الأحداث كمجرد مناسبة للمناورة ضد النظام القائم—قلت بغض النظر عن صحتها و دقتها فإن هذه الأعمال ستحدث لامحالة لوجود ما يكفي من العوامل و المؤشرات و المعطيات لحدوثها.

 

و قد كتبت لأكثر من مرة في السنة الأخيرة حول الخطر المتعاظم لتنظيم القاعدة على السلم الأهلي في المنطقة العربية بشكل عام. و كان إصراري على هذه النقطة ينبع فيما ينبع من سذاجة مثيرة للانتباه لنسبة كبيرة من النخبة العربية و التي « تطلبنت » سياسيا و فكريا من خلال دعمها للاستراتيجيا القاعدية خاصة في العراق إما دعائيا أو تحليلا بتصنيفها ضمنيا في إطار « المقاومة العراقية » من دون حرص على التمييز الواضح و البين بين أطراف  « المقاومة » و « الارهاب » و تغاضيها عن كل المؤشرات الدالة بشكل قاطع على أن هذه الاستراتيجيا بشكل عام لا تستهدف « كفار الخارج » فحسب بل أيضا و خاصة « كفار الداخل » (حيث تم التغاضي المثير و لفترة طويلة عن الاستهداف القاعدي البين في العراق لعامة الشيعة و حتى للسنة من خلال مفهوم « التترس ») حيث أكد أيمن الظواهري في أكثر من وثيقة أن مسألة « حاكمية الشريعة » تأتي في مقدمة أولويات التنظيم ليس في العراق فحسب بل في خارجه و بقية الأقطار الاسلامية بشكل عام (أنظر مثلا: الطاهر الأسود « مرة أخرى في ماهية المقاومة العراقية…: حول التيار القاعدي و حتمية منهجه الطائفي » ميدل إست أون لاين 19-09-2005). و برزت في العراق مثلا نوايا القاعدة في تأسيس دولة طائفية في « المناطق السنية » باسم « دولة العراق الاسلامية » في ظل صمت مثير للقلق بين أوساط النخبة السياسية العربية و التي تساهم بصمتها في تفاقم ما يجري خاصة في ظل تركيزها المتناسق على « الخطر الفارسي الشيعي ».

 

إن الرؤية الساذجة العامة تجاه تنظيم القاعدة بما في ذلك في العراق تتقاسمه النخبة المغاربية و التونسية أيضا و كان له تأثير بين على رؤيتها لحضور القاعدة ضمن مجالها المغاربي. حيث تم تجاهل تطورات أساسية في علاقة بوجود التيار القاعدي على الساحة المغاربية و التغاضي عن أهميتها البالغة في تحديد مسار المرحلة المقبلة و هو ما تعرضت له في أكثر من مقال في السنوات الأخيرة (أنظر مثلا: الطاهر الأسود « في إطار تحليل الرؤية الأمريكية لمسألة الديمقراطية السياسية في تونس » العدد العاشر/ فبراير 2004 نشرية أقلام أون لاين) و مؤخرا بالتفصيل في مقال في العدد التاسع عشر من نشرية أقلام أن لاين بعنوان « في العلاقة بين القوميين و الاسلاميين عربيا و ومغاربيا » (نُشر أيضا في صحيفة القدس العربي في عدد 29 نوفمبر 2006). و سأكتفي هنا بإعادة نشر بعض الفقرات الخاصة بمشروع التنظيم القاعدي عربيا و مغاربيا:

 

«  القاعديون و التهديد بالحروب الطائفية و الأهلية: التقويض الآخر للأمن القومي

 

و حسب الاستراتيجيا العملية و المعلنة للتنظيمات القاعدية فإن مسألة « حاكمية الشريعة » تتبوأ مكانة مركزية. و بعنى آخر فإن « أمن الشريعة »، بما يتضمن ذلك من المعاني الطائفية الضيقة للـ »سلفية الجهادية »، يحتل المكانة العليا التي يتم على أساسها الفرز العام لقائمة « المؤمنين » و « المرتدين ». وتستبدل هذه المنظومة ذلك المعطى الواقعي المتمثل في الامن القومي…

 

أفق الحوار القومي-الاسلامي مغاربيا

 

هناك ملمح جديد في الوضع المغاربي سيساهم بشكل بالغ في إعادة تشكل الواقع السياسي: « قاعدة الجهاد في بلاد المغرب ». فمنذ البيعة الرسمية مؤخرا لتنظيم « الجماعة السلفية للدعوة و القتال » تجاه تنظيم القاعدة و حسم مسألة القيادة التي سيتم إحالة « أمر بلاد المغرب » اليها من قبل الامارة القاعدية و التقارير الصحفية عن تدريب عدد من المواطنين المغاربيين من قبل التنظيم الجزائري بهدف تحقيق هدف امتداد الصراع الأهلي الى بقية الأقطار المغاربية فإن مسألة بروز تهديد التنظيمات القاعدية للسلم الأهلي مغاربيا سيصبح مجرد مسألة وقت. إن ذلك سيدفع الى الواجهة الحاجة التاريخية لعقد اجتماعي جديد يجب العقد الاجتماعي المرتجل لما بعد مرحلة الاستقلال و يحظى بالقبول و الاقناع و هو ما لم يتحقق حتى الآن. و ليس العقد الاجتماعي في هذه الحالة و بالتعابير السياسية الراهنة سوى مشروع المصالحة الوطنية.

إن مسار المصالحة الوطنية مغاربيا هو المسألة الجوهرية في المستقبل السياسي المنظور. لا يتعلق ذلك بمجرد تمنيات بل هو ما سيشكل جوهر الصراع السياسي بالذات و حوله سيتم حسم طبيعة المرحلة المقبلة. و ليست مسألة الدمقرطة بمعزل عن هذا المسار. إن التفاعلات و التجاذبات المتصاعدة مغاربيا تبين أن الدمقرطة لا يمكن أن تتم بمعزل عن واقع معقد فيه الكثير من التوازنات المحلية و الاقليمية و الدولية. و مثلما كان الحال دائما، بما في ذلك في النماذج الغربية، فإن الدمقرطة ستتحدد مسارا و توقيتا و سرعة حسب توافقات موضوعية معقدة. و التوافقات وحدها و ليس عقلية الفرض و الإملاء أو التوتر و الصراخ هي التي ستحل المعضلات القائمة. و من هذا المنظور يجب النظر لمسألة المصالحة الوطنية. فهي، بمعنى آخر، البعد الواقعي و العملي التي ستشكل القاعدة التوافقية الممكنة لإرساء مسار دمقرطة حقيقي و من ثمة تحقيق المثال الديمقراطي. إن مسار المصالحة الوطنية الذي هو في وضع تشكل في بعض الأقطار و في حالة ماقبل الولادة في أقطار أخرى سيصبح مسارا حتميا للبقاء بمجرد أن يسترجع التهديد القاعدي للسلم الأهلي حيويته (في المثال الجزائري) أو يصبح أمرا واقعا (في بقية الأقطار)، و هي للأسف و كما أشرت ليست إلا مسألة وقت. إن استمرار البعض في إنكار هذه الآفاق بدعوى نجاح ما هو قائم لن يغير في الأمر شيئا إلا في اتجاه تعقيد الحلول و تأجيل التوافق.  » (انتهى).

 

إن رؤيتي هذه و التي أكدت عليها في المقال المشار إليه أعلاه تأتي جزئيا كرد فعل على صمت محلي في تونس حول هذه الظاهرة تشارك فيه جميع الأطراف تقريبا. حيث التقت أطراف معارضة مع أوساط داخل السلطة (كما يظهر في صحف مقربة من النظام كصحيفة الشروق و لكن غيرها أيضا) في الموقفين التاليين:

 

أولا، تطبيع ممارسات القاعدة في العراق ضمن مسار « المقاومة » خاصة من خلال عدم الحرص على مواجهة واضحة لممارساتها الارهابية البينة المستهدفة تحديدا إشعال الفتنة الطائفية في التقاء لا يمكن تجاهله مع بقية الأجندات الطائفية في العراق بما في ذلك أوساط نافذة في سلطات الاحتلال الأمريكي (آخرها مؤشرات واضحة عن التقاء مجموعة تشيني أو ما تبقى من النيومحافظين في واشنطن مع قيادات سعودية للمراهنة على صراع الشيعة ضد السنة في إطار مزيد صب الزيت على النار كخيار أخير لإنقاذ مشروع الاحتلال، و هو ما سأتعرض اليه في مناسبة لاحقة في مقال خاص). إن هذه الرؤية التونسية للوضع العراقي التي تشمل جميع الأطراف تقريبا تعكس عدم إدراك للأهمية المتعاظمة للوضع العراقي و حضور القاعدة فيه سلبيا على الوضعين المغاربي و التونسي.

 

ثانيا، التعامل من قبل معظم الطبقة السياسية مع ظاهرة السلفية الجهادية المتصاعدة في تونس بشكل ساذج:

 

-من جهة السلطة و بعد إصدار « قانون الارهاب » و الذي كان يهدف الى تحقيق نقاط سياسية على المستوى الدولي أكثر منه مواجهة جدية لما يحدث من تطورات داخلية تم تدشين الحملة على أوساط السلفية الجهادية بما في ذلك أوساط متعاطفة و قريبة منها (تم في هذا الاطار خلط مواجهة « الارهاب » مع مواجهة مشاعر جدية لدعم المقاومة في فلسطين و العراق خارج الأطر القاعدية). و قد أدى استمرار التعامل الأمني الاستئصالي في المساهمة بجدية في إقحام عناصر جديدة كانت في هامش تيارات السلفية قبل اعتقالها ضمن مسار السلفية الجهادية من خلال الممارسات المتهورة و التعذيب و الاهانة الشخصية للمعتقلين و عائلاتهم. و ساهمت الحملة الأخيرة على الحجاب بشكل قاطع ليس على استهداف حركة النهضة كما اعتقد البعض في الأوساط المؤثرة في السلطة بل في استهداف تيار عريض غير مسيس يعيش على هامشه تيار السلفية الجهادية لينتهز الأخير فرصة إيغال هذه الأطراف في نهجها الاستئصالي لتثبيت و تبرير رؤيته التكفيرية للنظام. لقد استخدم النظام و لفترة طويلة تعميما للساحة الاسلامية اتهم فيه أطرافا لم تعد تشك حتى القوى الدولية المؤثرة في اعتدالها بتهمة « الارهاب ». و الآن تحققت للأسف نبوءة الاستئصاليين. و لكن لم يعد ممكنا التعامل التكتيتكي و المناور مع قضية الارهاب في تونس كما اعتاد هؤلاء حيث ستصبح هذه المعضلة  أمرا واقعيا و ليس مجرد شعار هلامي و ستؤثر بشكل سلبي للغاية على النسيج الاجتماعي و على الوضعية الاقتصادية الحساسة أصلا. و الجميع يعرف الأهمية الخاصة للتهديد الأمني على قطاعات اقتصادية أساسية مثل القطاع السياحي. إن جزءا من مسؤولية السلطة فيما يجري يشمل أيضا وجود أطراف لا تستهدف الاسلاميين المعتدلين فحسب بل أيضا ما ترى فيه « قاعدة ثقافية للتطرف » و هو ما يشمل أحيانا كثيرة مبادئ دينية يؤدي استهدافها لاستفزاز مشاعر كثيرين يعتبرون المس منها خطا أحمر. و بالرغم من وجود مؤشرات كثيرة على أن هذه الأطراف الاستئصالية تواجه داخل النظام نفسه معارضة قوية إلا أن سياساتها السلبية حققت أضرار بالغة. إن هذه السياسة عامة و عبر الخمسة عشر سنة الأخيرة انعكست ميدانيا من خلال ضرب الأسس التي تسمح يوجود تيار واسع من الأئمة و القادة الدينيين المستقلين و المعتدلين كما هو موجود في كثير من الأقطار العربية و هو ما ترك الساحة فارغة أمام من جهة أولى « أئمة موظفين » مكلفين بمهام و من ثمة لا يحظون بالمصداقية و من جهة ثانية « أئمة متمردين » لا يشغلون ضرورة مناصب الامامة و المشيخة و لكن يعملون على الهامش و بصمت بالغ و مؤثر خاصة منذ سنة 2000.

 

-في الجهة المقابلة تقف المعارضة (لا أعني هنا طبعا أطراف الديكور و التي لا تقوم حتى الآن على الأقل إلا بمسايرة النهج الرسمي من دون أي « مغامرات غير محسوبة ») بخطاب غير مواكب للتطورات الداخلية. حيث بدى أنها تنظر للوضع نظرة متمركزة على الذات. و كان من الواضح أن أطرافا محدودة الفاعلية ميدانيا و لكن كثيرة الصخب إعلاميا اعتقدت أن صخبها الاعلامي في الخارج يعكس أنها موجودة في مركز التطورات الميدانية في الداخل و من ثمة تعمدت تجاهل الانتشار المتعاظم في الساحة التونسية لتيار السلفية بجميع مشاربه و بقية الأطراف الجديدة (الصوفية، الشيعة…) مما يعكس تغيرا في الخارطة السياسية الداخلية و ذلك للاستمرار في الاعتقاد و الترويج لأنها تمسك بمقاليد المعارضة. و اعتقد البعض أن المطلوب الرجوع لما قبل 1990 و هو أمر لم يعد ممكنا. و كانت أكثر الصور الكاريكاتورية صورة السيد منصف المرزوقي راجعا للبلاد بدعوة « للعصيان المدني » و « المقاومة السلمية » بشكل كشف نرجسية و طوباوية لافتة حيث يبدو أنه كان هناك اعتقاد بأن « الجماهير » كانت تنتظر فقط رجوع الزعيم الكارزمي لتنطلق في احتجاجاتها و هو ما عكس غيبوبة كاملة عن الخارطة السياسية و الفكرية الجديدة التي بصدد التشكل و التي هي في قطيعة كبيرة مع الوجوه السياسية التقليدية. إن استراتيجيا المعارضة القائمة على التركيز على الدعم الخارجي المتنوع (الحقوقي و السياسي و الاعلامي خاصة على مستوى الاتحاد الأوروبي) لا تعكس عدم ثقة في جذب دعم داخلي فحسب بل تشير الى أن حاجات الداخل الأقل سياسوية و المصطبغة بقوة بتأثير ديني راديكالي متعاظم أصبحت خارج قدرات و برامج طيف هائل من المعارضة و التي لازالت تكابر تجاه هوية عموم شعبها و تركز بشكل بالغ على مسائل « جوهرية » مثل حقوق التوريث.

 

و لقد انعكس هذا التوجه الساذج في محاولة الالتصاق بالمجموعات الجديدة و معتقليها في السجون التونسية و التبني الحقوقي لها و من السخرية أن ذلك اصطدم بلامبالاة المعتقلين بالمسألة الحقوقية و هم الذين قاموا أكثر من مرة برفض السلطة القضائية و عدم الاعتراف بها أصلا (لا يرجع ذلك كما أشار بعض محاميهم لفقدان هذه السلطة لمصداقيتها بل لأن جزء هام من المعتقلين المعنيين يتعاملون مع النظام القائم على أنه « طاغوت » بما في ذلك السلطة القضائية). و كان السيد نجيب الشابي في خطابه الافتتاحي لمؤتمر حزبه قد تعامل مرة أخرى بشكل ساذج مع مسألة المعتقلين الحاليين مشيرا فقط الى أنهم مجموعة من الشباب المتعاطف مع المقاومة ليعكس الرغبة في تهميش هذه الأطراف الجديدة و لكن أيضا العمل على استخدام هذه المسألة في المناورة على النظام لا غير عوض الانتباه الجدي لها و فحص آثارها الممكنة على المستقبل السياسي للبلاد. إن الخطاب الذي سنسمعه بين أوساط هذه المعارضة و بشكل جامع في الأيام القادمة هو خطاب التركيز على مسؤولية السلطة فيما يحدث. و سيتم العمل على تهميش الأسس الداخلية للتيار القاعدي و التعامل معه مثلما تتعامل معه الأطراف الأمنية بالذات أي على أنه مجرد تيار مستورد من الخارج (« عبر الفضائيات » كما لا يزال البعض يردد) مما يهمش الأسس الداخلية العميقة لوجود هذا التيار. حيث سيقع التركيز على مسؤولية غياب الديمقراطية فحسب فيما يجري مقابل الاصرار على تهميش قضية مركزية أخرى و هي مسألة الصراع على الهوية و الاستفزاز الخطير للمشاعر الدينية و لكن أيضا أزمة التجديد الديني و التي يتقاسم مسؤوليتها الجميع بما في ذلك بعض الدعاة المزيفين للـ »تجديد الديني » و المنتشرين كالفطر بصفات « دكاترة » و « جامعيين »، صفات توصلوا اليها بفضل التواطئ الأمني و السياسي لا غير.

 

إن بدايات الحل ليست بأيدي المعارضة كما هي راهنا. إن مركز المواجهة القادمة أحب من أحب و كره من كره ستكون متركزة ليس بين « الديمقراطيين » و غيرهم بل بين أوساط دينية معتدلة و أخرى متطرفة قاعدية تدعو للارهاب الداخلي لحسم مسألة الهوية. و هنا تحديدا يصبح دور التيارات الاسلامية المعتدلة محوريا في مواجهة التيار المتعاظم للفتنة الأهلية. و هذا يعني مسؤولية خطيرة يجب أن تؤدي الى الترفع عن الخطاب المعتاد تجاه السلطة في ظل التغير الدراماتيكي للوضع السياسي و الأمني. و هذه فرصة تاريخية لإثبات اعتدال هذه الأطراف و نبذها الجدي للعنف في ظل تشكيك أطراف مختلفة من المعارضة و السلطة لأسباب ايديولوجية و سياسوية في آن واحد و ليس لتحليل رصين و واقعي للتيار الاسلامي المعتدل. غير أن المسألة الديمقراطية ستأخذ في هذه الظروف بالذات صيغة جديدة حيث أن مشروع المصالحة الوطنية سيصبح مطلبا جوهريا كصيغة عملية لدمقرطة واقعية و لن يصبح في مقدور السلطة أو بعض أطرافها المؤثرة على الأقل مواصلة تجاهل استحقاقاتها. و لم يعد متاحا الاصرار على « خصوصية تونسية » تتميز « بمناخ يسوده الاعتدال » كما يشير « الاستبيان » المسيس الذي نشرته هذا الأسبوع وزارة االشباب و الرياضة في تونس بين صفوف الشباب و الذي يشير الى « 92% » من الشباب يعتقدون في « إسلام معتدل » (أنظر صحف أمس). و من المؤكد أن هناك أطرافا في السلطة ستستغل سياسويا ما سيحدث و ستحاول التأكيد على ضرورة تعميم صفة « الارهاب » و « التطرف » على كل طرف إسلامي غير أن تونس تبقى جزءا من نسيج عربي و اسلامي تتأثر بمشاكله مثلما تتأثر بحلوله. و لم يعد هناك مجال في هذا الاطار بالذات لاستمرار تحريم و حضر التيارات الاسلامية المعتدلة مثلما لم يعد ممكنا التسويق لذلك على المستوى الدولي في ظل علم قوى دولية مؤثرة بتعاظم التيارات الدينية عموما في الساحة الشعبية. حيث  أصبح من الضروري الاستفادة من تجارب الأنظمة العربية الأخرى  في مواجهة تيارات الفتنة الأهلية (مصر، الجزائر، المغرب…) و التي أثبتت أن صيغة التعاون مع التيارات الرافضة للعنف و خاصة التيار الاسلامي المعتدل جوهرية و حاسمة لتخطي مشاريع الحرب الأهلية و تفاقمها. و لا يوجد مثال واحد تم فيه الاقتصار على الحلول الأمنية. حيث ساهمت سياسات التنفيس السياسي و فسح المجال لقيادات دينية مستقلة و معتدلة بشكل رئيسي في نزع الشرعية و المصداقية الميدانية لتيارات الفتنة الأهلية. و رغم أن ذلك لم يؤد الى تطورات ديمقراطية دراماتيكية في هذه الأقطار إلا أنه طرح أسس حقيقية و جدية لتطور ديمقراطي على المدى الطويل. في المقابل يتبين أن « الخصوصية التونسية » و ما تعنيه من سياسات أمنية تدعي « قطع دابر التطرف » لم تكن في النهاية و كما تثبت الأحداث الراهنة سوى تأجيلا لخطر الارهاب الحقيقي و ليس الوهمي هذه المرة.

 

إن هناك حاجة جدية للتوقف عن التعامل بشكل سياسوي مع موضوع التيار القاعدي و مشاريعه المهددة للسلم الأهلي سواء من قبل السلطة أو المعارضة. إن المرحلة الحساسة التي تقبل عليها تونس (المحفوفة أيضا بظروف اقتصادية صعبة و متفاقمة على الأرجح) تتطلب تغييرا دراماتيكيا يتناسب مع التطورات المتوقعة يضع مسألة تهديد السلم الأهلي و مبدأ احتكار الدولة للسلاح كخط أحمر لا يقبل المناورة السياسية. إن تحميل السلطة المسؤولية و التفرج بشماتة عما يحدث سيضر الجميع و ستصبح أمثولة « أكلت يوم أكل الثور الأبيض » صحيحة مرة أخرى. و هنا عدم الخلط بين التنديد بالقمع و تهديد الأمن العام. و يجب التفريق بكل صرامة بين الدور القمعي المسنود من قبل السلطة السياسية للجهاز الأمني بما في ذلك وجود عناصر أمنية تتسم بوحشية بالغة و بين الدور الدستوري غير القابل للجدل للمؤسسة الأمنية و الذي يجعل استهدافها المسلح جريمة يعاقب عليه القانون. إن حسم هذه المسألة لا يعني وقوفا مع السياسة القمعية للسلطة بل يعني وقوفا مع النظام الدستوري القائم و مؤسسة الدولة. إن الحديث عن « ضرورة القطيعة » مع النظام القائم و أطروحات من نوع « الاستقلال الداخلي » تلامس موضوعيا و من حيث لا تدري نهج تكفير التيارات القاعدية للنظام (و المعارضة أيضا). و هذه، طبعا، مسألة في غاية الخطورة.


الـلـّـعـب بـالــنـّـار
بقلم: أبو ذر من المستفيد إن وقعت تونس لا سمح الله في مستنقع العنف اﻷعمى ؟ الجواب الواضح و البديهي هو لا أحد. اسألوا أيا من العقلاء الذي تعرفون. اسألوا إخواننا في الجزائر اسألوا العراقيين بكل طوائفهم وأعراقهم اسألوا أنفسكم وأنتم تشاهدون كل يوم صور الجثث المشوهة على شاشات التلفزة. هذا النوع من العنف معناه أنه عندما يخرج أحد أقربائك ابنك أو ابنتك أخوك أو أختك في الصباح فقد تستدعى للتعرّف على جثته في إحدى ساعات النهار أو قد تستدعى للمشاركة في جمع فتات جسده..

ولا تشغل بالك كثيرا عند ذاك بأن تفكر في السبب. قريبك هذا لم يكن عميلا ﻷمريكا وربما لم يكن يعرف من هي كوندليزا رايس أو دونالد رامسفلد وهو قطعا لم يكن يوما انفصاليا يريد الإستقلال بقطعة أرض ليشق صفوف اﻷمة. هو فقط مرّ من هناك ساعة الصفر. مجرد صدفة أو هو أجله المحتوم قد ساقه إلى تلك السوق ليشتري بعض الخضر. و ﻷن المجاهدين البواسل لا يتوقفون عند هذه الجزئيات البسيطة عند ممارستهم لمهمّتهم المقدسة لقطع دابر الذين كفروا فإن قريبك سيحسب إن شاء الله من القديسين و الشهداء إن كان طبعا لا يعترض على مثل هذه اﻷعمال الجهادية وهو حي. هذه هي الحقيقة التي سترونها بأم أعينكم و لن تكون مجرد صور في التلفزيون. في كل زاوية سيارة مفخخة وبين السيارة المفخخة و التي تليها يكمن الاستشهادي بحزامه الناسف و لن يهدأ لهم بال حتى ينجزوا المهمة..

في وسط هذا الجحيم صدقوني ستحنون ﻷيام بن علي و الطرابلسية و الحجامة كما يحن اليوم الكثير من العراقيين ﻷيام صدام و جلاوزته. لقد سعدت فعلا عندما قرأت للسيدة أم زياد مقالتها التي قالت فيها أنها راودتها فكرة لبس الحجاب ليوم لتسجيل التضامن مع أخواتنا المضطهدات رغم إنّي لا أوافقها تماما في هذا الرأي فالحجاب تكليف شرعي للمرأة المسلمة ولا يوضع ليوم أو يومين و أدعوها فعلا للتعمق في هذا اﻷمر فهي امرأة عظيمة في مواقفها شجاعة همامة في وقت عزت فيه الشجاعة و الهمة و سيفرحني كثيرا أن أراها محجبة فتكون أكثر قربا من الله سبحانه و تعالى. ولكني أدعوها في نفس الوقت و من خلالها بقية من استهوتهم تلك اللعبة ﻷن تفكر مليا في هذا اﻷمر.

إذا كان البعض يعيش في رفاهية في ديار الغرب و البعض الآخر يمكنه أن يجد ملاذا هنا هو و أفراد عائلته تماما كما يفعل اليوم الكثير من العراقيين اللائذين باﻷردن فإن غالبية الشعب هو الذي سيسحق بنيران العنف اﻷعمى فهل هذا هو مصير الشعب الذي تريدون تحريره ؟ هل هذا يرضيكم ويشبع غرور المغرورين؟ هل هذا سيشفي غليل من يتشهون دماء الإنتقام ؟ نعم لقد قتل بن علي و شرد و عذب و أهان و لكنكم لن تنتقموا من بن علي و حده بهذا الصنيع. من يريد مقارعة بن علي فليكن رجلا و ليتأسّى فعلا لا قولا كما يفعل منذ عشرات السنين بالصّحابة العظام و ليقارع بن علي بدون التمترس وراء المظلومين كما تعوّد. إن اضطهاد بن علي للمحجبات ليس بالأمر الجديد عليهن منذ زمن النكبة التي قادها بعض من أصبحوا اليوم أصدقاء و ليس صحيحا أن الإضطهاد كان أشرس هذه المرة ولكن الجديد هو تحالف أكتوبر الذي يبدو أنه أصبح مشؤوما وتعالي هذه الدعوات التكفيرية المنذرة بالشرور هذا الإستدعاء المبطن من أدعياء الحداثة لناشري القتل والدمار طمعا في تمهيد الطريق لهم. إن هذه لعبة خطرة لم تبلغ أهدافها هذه المرة و أرجو أن لا تبلغها أبدا. فقط أدعوكم للتفكير مليا قبل اتخاذ هذا الطريق إذا اشتعلت النيران يوما لا قدر الله فلا أظن عاقلا يقف مكتوف اﻷيدي يومها و لن تنفعكم أمريكا و لا فرنسا وستدفعون الثمن غاليا .. القديم والجديد  (المصدر: منتدى « تحت السور » بموقع نـواة بتاريخ 28 ديسمبر 2006 على الساعة 11 و58 مساء) الرابط: http://www.nawaat.org/forums/index.php?showtopic=13188

 


2006 عام المطالبة بالإصلاحات واحترام الحريات في تونس

لطفي حجي- تونس عرفت الساحة التونسية العديد من الأحداث المتنوعة ومن أبرزها اعتبار سنة 2006 سنة العلامة التونسي ابن خلدون بمناسبة الذكرى المئوية السادسة لميلاده، وشهدت تونس على امتداد السنة العديد من الندوات الوطنية والدولية التي أبرزت مكانة ابن خلدون ضمن علم الاجتماع المعاصر باعتباره من أول من وضع قواعد علم العمران وكانت له إضافات واضحة في الرصيد العلمي للبشرية. إفراج ومحاكمات واتسمت السنة المنقضية بسلسلة من الاعتقالات والمحاكمات في صفوف الشباب السلفي الذي  يحال على المحاكم باسم قانون مكافحة الإرهاب وهو ما يقع لأول مرة في تونس، وقد قارب عدد المعتقلين في هذا السياق 500 شخص حسب مصادر حقوقية، ومنهم من سلمتهم الجزائر وسوريا، وكانوا يرغبون في الذهاب إلى العراق لمساندة المقاومة العراقية حسب ما صرحت به عائلاتهم. وفي مقابل تلك المحاكمات المتواصلة شهدت سنة 2006 الإفراج في مناسبتين عن أكثر من مائة قيادي من حركة النهضة الإسلامية المحظورة من بينهم ثلاثة رؤساء سابقين للحركة، وهو ما اعتبر من قبل المراقبين خطوة انفراج لكنها لم تتبع بالإفراج عن كافة المساجين السياسيين، الذي يعد مطلب القوى المدنية الديمقراطية في تونس. مكاسب اجتماعية و تحركات احتجاجية وفي المجال الاجتماعي أقرت الحكومة خلال هذه السنة زيادات في الأجور نتيجة للمفاوضات الاجتماعية بين مختلف الأطراف التي تدار ضمن جولات مستمرة تتم المصادقة عليها مرة كل ثلاث سنوات، وتعتبر السلطة أن التوصل إلى اتفاق ضمن تلك المفاوضات قاد البلاد إلى ما تسميه السلم الاجتماعي حيث يسود الاستقرار بين العمال وأرباب العمل والحكومة كطرف وسيط بينهما. لكن السلم الاجتماعي الذي تبرزه الحكومة في كل مناسبة لم يمنع العمال والموظفين من شن إضرابات خلال السنة في قطاعات حساسة مثل التعليم والمواصلات والبريد والكهرباء والصحة للمطالبة بتحسين أوضاعهم المالية والمهنية ونجحت قطاعات منها في تحقيق بعض المكاسب. وعرفت البلاد في هذا المجال تحركات جديدة من نوعها قام بها أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل الذي تجمعوا ضمن اتحاد لم تعترف به الحكومة ونظموا اعتصامات متكررة أمام عدد من الوزارات مطالبين بحقهم في الشغل. وفي المجال الاجتماعي كذلك انعقد خلال السنة الماضية المؤتمر التأسيسي للمنتدى الاجتماعي التونسي الذي يدخل ضمن سلسلة التحركات العالمية المناهضة للعولمة في أوجهها المتعددة. كما عرفت تونس في المجال الاقتصادي والاجتماعي أكبر عملية خصخصة في تاريخها بالتفويت في 35% من رأسمال شركة اتصالات تونس الحكومية وقد فازت بهذه الصفقة شركة الإمارات للاتصالات بعد تنافس شديد مع شركات اتصال كبرى منها شركات إسبانية وفرنسية. مطالب الإصلاح السياسي وعلى المستوى السياسي شهدت البلاد الاعتراف بحزب جديد هو حزب الخضر للتقدم الذي أثار الاعتراف به ردود فعل متباينة في الساحة السياسية بين الرفض والقبول، وذلك لأن هناك حزبا بيئيا آخر سبق أن تقدم بطلب الترخيص إلا أن الحكومة أسندت الترخيص للحزب الجديد، وهو ما اعتبر إجراء لصالح حزب موال للسلطة. ولم تغب التحركات السياسية المطالبة بإصلاحات جذرية عن  الساحة التونسية خلال السنة المنقضية فقد نظمت هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات التي تضم أحزابا وجمعيات، العديد من الندوات والتحركات الميدانية جوبهت بالقمع الشديد من قبل قوات الشرطة وخاصة التحرك التي نظمته في شهر مارس/آذار الماضي بمناسبة الذكرى الخمسين للاستقلال.  وترفض السلطات السماح لهذه الهيئة بتنظيم تحركات ونشاطات على الرغم من أنها تضم من بين مكوناتها أحزابا قانونية. وشهد الأسبوع الأخير من هذه السنة انتخاب مية الجريبي أمينة عامة للحزب الديمقراطي التقدمي المعارض في بادرة هي الأولى من نوعها تتولى فيها امرأة المسؤولية الأولى في حزب سياسي. تحركات حقوقية لم تخل سنة 2006 من تجاذب بين الحكومة وعدد من القضاة المستقلين الذين اتهموا وزارة العدل بالانقلاب على المكتب التنفيذي الشرعي لجمعية القضاة التونسيين وتنصيب هيئة موالية لها، وعمدت وزارة العدل إلى تشتيت شمل القضاة المستقلين بنقلهم إلى محافظات مختلفة بعيدة عن العاصمة في محاولة لمنعهم من مواصلة نشاطهم. وواصلت السلطات منع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من عقد مؤتمرها السادس بحجة وجود حكم قضائي يمنع الهيئة المديرة الحالية من القيام بأي نشاط تحضيري للمؤتمر وهو ما اعتبرته قيادة الرابطة تدخلا في شؤون الرابطة لمنعها من القيام بدورها الطبيعي في الدفاع عن حقوق الإنسان ولا تزال القضية محل صراع بلغ صداه البرلمان الأوروبي الذي طالب في أكثر من لائحة الحكومة التونسية بالسماح للرابطة بعقد مؤتمرها والقيام بنشاطاتها في كنف الحرية. وخاض المحامون في منتصف السنة اعتصاما بدار المحامي بالعاصمة للاحتجاج على ما أسموه سيطرة وزارة العدل على المعهد الأعلى للمحاماة وتهميش مكانة الهيئة الوطنية للمحامين، وقد أدى الاعتصام إلى مواجهات مع قوات الأمن لم تشهدها تونس منذ عقود طويلة. زيارات واتفاقيات على المستوى الدولي دعمت تونس شراكتها مع الاتحاد الأوروبي على الرغم من الاحتجاجات المتكررة التي أبداها الاتحاد حول أوضاع حقوق الإنسان في تونس إذ نص البند الثاني من اتفاق الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي على ضرورة احترام حقوق الإنسان. وقد أبرمت تونس خلال سنة 2006 العديد من الاتفاقيات تهدف أغلبيتها لتطوير التعاون في المجال الاقتصادية والتجاري. كما شهدت السنة الماضية زيارة وزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رمسفيلد ورئيس الـ(أف بي أي) في إطار جولة مباحثات أمنية في عواصم بلدان المغرب العربي. وسمحت الحكومة لوفد من منظمة الصليب الأحمر الدولي بزيارة السجون التونسية لإعداد تقرير عنها بعد أن تعددت التقارير التي أشارت إلى تدهور الأوضاع داخل تلك السجون. الحجاب و تدنيس القرآن ومن أهم الأحداث المثيرة في تونس خلال السنة الماضية ما حدث في المجال الديني حين شنت الحكومة حملة جديدة على الحجاب أثارت موجة من الاستنكار الواسع وطنيا وعربيا مما دفع الحكومة إلى توضيح موقفها ضمن سلسلة من المقالات والندوات للتأكيد على أنها لا تمنع الحجاب وأنها مع الحشمة، لكنها تمنع اللباس الطائفي الدخيل وتشجع اللباس التونسي الأصيل. كما أثيرت في هذا السياق من قبل فرع مدينة بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان قضية تدنيس القرآن الكريم في أحد السجون التونسية مما أثار غضب السلطات التونسية ودفعها إلى اعتقال رئيس الفرع المذكور واثنين من المسؤولين، أفرجت عنهم في اليوم نفسه بعد فتح قضية عدلية ضد رئيس الفرع. الإعلام وحقوق الصحفيين رغم إلغاء السلطات خلال السنة المنقضية الإيداع القانوني الذي يعد بمثابة الرقابة المسبقة على الصحف واصلت سيطرتها على الصحف ومنع نقابة الصحفيين التونسيين من عقد اجتماعاتها، وسكتت عن طرد الصحفيين مما دفع اثنين منهم إلى خوض إضراب عن الطعام لمدة شهر كامل للاحتجاج على طردهم بطريقة تعسفية على حد قولهما من إحدى الصحف اليومية. وكان مطلب تحرير القطاع الإعلامي من سيطرة الحكومة أحد أهم مطالب القوى السياسية والمدنية بالبلاد على امتداد السنة المنقضية.  (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 28 ديسمبر 2006)


الأضحى يهزم رأس السنة في تونس!

 تونس – محمد الحمروني – إسلام أون لاين.نت رغم حرص قسم من التونسيين على الاحتفال برأس السنة الميلادية في سهرات صاخبة، فإن تزامن هذه المناسبة مع عيد الأضحى المبارك، تسبب في إلغاء معظم احتفالات العام الميلادي الجديد، بعد أن « هزمت أجواء العيد أجواء رأس السنة » وطغت عليها، وفق القائمين على تنظيم سهرات رأس السنة الميلادية بأحد فنادق العاصمة. ففي حين كانت بعض العائلات تفضل الاحتفال بهذه المناسبة في المنازل، وتحضر المرطبات والدجاج أو الديك الرومي، فإن أعدادا كبيرة من العائلات والشباب كانت تفضل الاحتفال بمقدم العام الجديد في النزل. وتتواصل تلك الاحتفالات حتى ساعة متأخرة من الليل، وسط أجواء من شرب الخمر والرقص، وغيرها، غير أن معظم النزل التونسية (الفنادق) ألغت حفلاتها الخاصة برأس السنة هذا العام. ولأن لعيد الأضحى، وللمناسبات الدينية عامة، حرمة لدى التونسيين، بمن فيهم مرتادو حفلات النزل، فإنه حتى السهرات التي ستقام لن تشهد هذه السنة الإقبال المعهود، وفق إفادات عدد من أصحاب هذه النزل ومرتاديها. وفي جولة لمراسل إسلام أون لاين.نت على عشرة نزل بالعاصمة، تبين أن اثنين منها فقط ستقيم سهرة للاحتفال برأس السنة الميلادية، في حين ألغت البقية برامجها الاحتفالية بهذه المناسبة لتزامنها مع عيد الأضحى. صاحب نزل، طلب عدم الكشف عن اسمه، برر لـ »إسلام أون لاين.نت » إلغاء الاحتفال بقوله: « أجواء عيد الأضحى هزمت أجواء رأس السنة، فللمناسبات الدينية في نفوس التونسيين حرمة كبيرة.. فحتى أولئك الذين يتجرؤون على شرب الخمر، وغيرها، عادة ما يكفون عن ذلك خلال المناسبات الدينية بالرغم من عدم وجود قوانين تسنها الدولة لتحريم ذلك ». و »لأن السهرات- يضيف صاحب النزل- بما فيها من شرب ورقص، ركيزة أساسية في احتفالات رأس السنة، فإن التونسيين الملتزمين منهم وغير الملتزمين يتجنبونها احتراما لحرمة مناسبة عيد الأضحى » الذي يبدأ في تونس غدا السبت. شعيرة دينية لا عادة بجانب تزامنه مع رأس السنة، يتميز عيد الأضحى في تونس – كما جرت العادة في السنوات القليلة الماضية-بعودة روح الالتزام به كشعيرة دينية، بعد أن كاد يتحول إلى مناسبة عائلية فقط تفرضها فرحة الأطفال ورغبة العائلات في مجاراة النسق العام في البلدان الإسلامية. الباحث في علم الاجتماع، منصف المحمدي، يبين ذلك بقوله لـ »إسلام أون لاين. نت »: « خلال السنوات الأخيرة تحول العيد إلى مجرد مناسبة عائلية يسعى فيها الأب إلى إدخال الفرحة على أطفاله، كما طغت روح التقليد على هذه المناسبة والمفاخرة بأسعار الأضاحي ». لكن الملاحظ خلال السنتين الماضيتين، يضيف المحمدي، « عودة ما يمكن أن نطلق عليه « روح الشعيرة الدينية » لهذه المناسبة، بجانب عودة الالتزام بالأضحية كشعيرة دينية بالأساس »، وهو ما أدى لارتفاع أسعار الأضاحي. يقظة نسبية الشيخ أحمد على، إمام أحد مساجد العاصمة، لا حظ أيضاً هذا التحول في نظرة الكثير من التونسيين لمناسبة العيد. ويقول الإمام التونسي: « نعم هناك عودة بهذه المناسبة إلى طابعها الديني بعد أن أصبحت أشبه بالمناسبة العائلية وهيمن عليها التقليد والسلوك التفاخري، وهو ما يؤكده إقبال عدد كبير من التونسيين على الأئمة لسؤالهم عن الشروط الواجب توافرها في الأضحية، وما يجوز أو لا يجوز في هذه المناسبة ». هذه الصحوة النسبية في الوعي الديني، وبداية تحوّله إلى سلوك جمعي، يرجعها مراسل « إسلام أون لاين.نت » إلى: انفتاح الكثير من التونسيين على الفضائيات الدينية الجادة. ويقول: تلعب هذه الفضائيات دورا في تشكيل وعي التونسيين الديني، وإمدادهم بمعرفة شرعية، ولو في حدّها الضروري، بعد أن تمّ القضاء داخل تونس، ولو نسبيا، على المرجعية الدينية التقليدية، بجملة من الإجراءات التي تصبّ في إستراتيجية « تجفيف المنابع » المتخذة منذ بداية التسعينيات في مواجهة المد الإسلامي آنذاك. إضراب عن الطعام ليس ما سبق فقط هو ما يميز عيد الأضحى في تونس هذه السنة، فقد أعلنت عائلات مساجين الرأي وضحايا قانون مكافحة الإرهاب عزمها الدخول في إضراب عن الطعام، ابتداء من أول أيام العيد؛ احتجاجا على إيقاف أبنائها، وسجنهم في ظروف قاسية، وتعرضهم للتعذيب دون مبرر. وقالت العائلات في بيان حصلت « إسلام أون. نت » على نسخة منه: « إن أبناءنا يتعرضون في السجون للإهانة بالضرب والحبس الانفرادي والمنع من الزيارة والاستحمام، وتحريض سجناء الحق العام عليهم ». عدة تقارير إخبارية أفادت بتجاوز عدد الموقوفين تحت طائلة قانون مكافحة الإرهاب 900 موقوف، أغلبهم طلاب لم يتجاوز عمرهم الـ 22. وتشهد الساحة السياسية التونسية ردود فعل غاضبة على الأحكام التي صدرت بحق هؤلاء الموقوفين. ففي بيان، حصلت « إسلام أون لاين.نت » على نسخة منه، انتقدت « الجمعية التونسية للدفاع عن المساجين السياسيين » الأحكام الصادرة غيابيا بحق خمسة شبان لمدة 24 سنة، بالإضافة إلى فرض الرقابة الإدارية عليهم لمدة 5 أعوام. محمد النوري، رئيس المنظمة الحقوقية، قال لـ »إسلام أون لاين.نت »: « إن المحاكمات شملت شبانا من مختلف جهات البلاد، وإن أعداد الموقوفين ترتفع بسرعة كبيرة، إذ قفز عددهم من 200 إلى 950 في بضعة أشهر ». وعبّر النوري عن خشيته من أن تكون تلك الايقافات بوادر لحملة جديدة كالتي عاشتها تونس خلال التسعينيات حين بلغت أعداد الموقوفين والمحاكمين من أبناء « حركة النهضة »، ذات التوجهات الإسلامية، أكثر من 20 ألفا. (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 29 ديسمبر 2006)

المعارض التونسي المنصف المرزوقي يعود إلى فرنسا رغم ملاحقات القضاء الذي وصفه ب »غير المستقل » . .

 
تونس – كتب سليم بوخذير رفض  رئيس حزب معارض في تونس المثول أمام القضاء ، واصفا سماح السلطات بسفره الثلاثاء 21 ديسمبر 2006 إلى خارج البلاد رغم مُلاحقته عدليا في قضية تحريض السكان على العصيان المدني بأنّه « دليل على ضعف قيمة القانون في البلد و القضاء الساهر عليه « ، حسب تعبيره.

 و قال الدكتورالمنصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية المعارض في بيان له من باريس ، »لقد رفضتُ الإستجابة للإستدعاء القضائي لأنّني لا أتشرّف بالمثول أمام موظّف(القاضي) يلعب دورا تعيسا في تمثيلية العدالة الساقطة » ، متابعا « إلاّ أنّني أتشرف بتهمة التحريض على العصيان المدني ومجدّدا أهيب بكلّ التونسيين التجنّد بكل الوسائل السلمية لإزالة نظام الدكتاتور بن علي » ، على حدّ وصفه .

و عاد.المرزوقي ظهرالثلاثاء 21 ديسمبر 2006 إلى باريس  ، دون أن تمنعه السلطات رغم تتبّعه قضائيا بتهمة التحريض على العصيان المدني على خلفية تصريحات أدلى بها ضمن برنامج « منتصف اليوم  » على قناة « الجزيرة » بتاريخ 14 أكتوبر – تشرين الأول 2006 ، دعا فيها التونسيين إلى ما وصفه ب »المقاومة السلمية لنظام بن علي » .

   و يُحجّر القانون في تونس السفر على أيّ متّهم مُلاحق قضائيا .   و إعتبر المرزوقي في بيانه عدم منع الحكومة لسفره « دليلا على  رغبتها تفادي محاكمة هي عاجزة عن تحمّل تكلفتها السياسية والإعلامية » ، حسب تعبيره .   و  سبق لحكومة الرئيس بن علي أن أعلنت قرارها إغلاقها لسفارتها بالدوحة و إستدعاءها النهائي لسفيرها هناك  بسبب ما وصفته ب »الحملة المنظمة لقناة « الجزيرة » على تونس و بثّتها لتصريحات المرزوقي المحرّضة على الفتنة » .   و نفى د. المرزوقي أن تكون عودته الثلاثاء إلى باريس « عودة نهائية إلى منفاه الإضطراري بفرنسا »  ، بقوله إنّ »قيادة حزبه كلّفته بمهمة سياسية في الخارج وحال إتمام هذه المهمة وحالما تسمح ظروفه الشخصية فإنّه سيعود إلى أرض الوطن » ، متابعا « إنّ سفره كان مقرّرا سلفا أيضا لأسباب عائلية و صحيّة » .

  و كان د. المرزوقي عاد إلى تونس بتاريخ 21 أكتوبر –تشرين الأوّل 2006 بعد إستقراره  بفرنسا لمدة 10 سنوات تقريبا  ،رافضا الإستجابة لإستدعاء قضائي بالمثول أمام المحكمة في نفس اليوم .   و في مرحلة موالية وجّهت له المحكمة إستدعاء ثانيا للمثول أمام قاضي التحقيق بتاريخ 12 ديسمبر 2006 ، لكنّه رفض أيضا الإستجابة له  معلّلا ذلك بأنّه « يرفض المثول أمام قضاء غير مستقلّ يتلقّى تعليماته من الحُكم » .

  و قضى المرزوقي شهرين بالضبط في تونس ، و إتّهمت تقارير متطابقة لمنظّمة « مراسلون بلا حدود » و الشبكة العالمية لمنظمات حرية التعبير « إيفيكس » و الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ، السلطات التونسية بإخضاع المرزوقي خلال أغلب فترة إقامته بتونس إلى  « الإقامة الجبرية في بيته بمنعه بقوّة البوليس من الخروج  في أكثر من مرّة و منع الزيارة عنه  »  .

 و إتّهمت التقارير ذاتها السلطات »بإطلاقها على الدكتور المرزوقي لعدد من مأجوريها أمام أنظار البوليس للإعتداء عليه بالضرب  بمدينة « الكاف » (230كلم غرب العاصمة تونس) بصحبة زوجة السجين السياسي محمد عبو  عندما قرّرا زيارة السجن ، فضلا عن المضايقات الأمنيّة طوال الطريق » . * المصدر : مدوّنة « القلم الحرّ » بتاريخ 23 ديسمبر 2006  الرابط :  http://kalamhor.maktoobblog.com/?post=171400


إفلاس فرع المنظمة التونسية للتربية و الأسرة بالدوحة

من 20 عضوا بقي 4 يكرسّون وقتهم لكتابة العرائض و زرع البلبلة   

 
**نسارع بالقول إنه لم يعد فرعا يمثل المنظمة التونسية  للتربية و الأسرة , بل تحول إلى بؤرة تطفح بسوء الأخلاق و الإساءة إلى الأسر التونسية في دولة قطر , و كلما مرت الأيام يسودنا الإعتقاد أن  » الفقيه » و زمرته سيعودون  إلى رشدهم و يتوقفون عن كتابة العرائض المشبوهة , ويكفون عن الحديث في أعراض من لا يعجبهم من المدرسات العاملات في المدرسة التونسية بالدوحة  أو المستقيلات منهم اللاتي وجدن عملا في مدارس مستقلة أو غيرها إن كثيرين منا , أولياء تلامذة أو غير معنيين مباشرة  بشأن المدرسة التونسية ليبدون تعجبهم من كمّ الوقت الذي تخصصه زمرة « الفقيه » لكتابة العرائض و بعث الرسائل بالبريد الإلكتروني وجميعها تتضمن الكلام البذيء و السب بأنواعه ,مع تخصيص المنسق العام للمدرسة بنصيب الأسد من الشتائم و الإتهامات بالتجاوزات المالية  التي لا نزال ننتظر إلى يومنا هذا دليلا على صحتها , علما بأن المنظمة التونسية للتربية و الأسرة أوفدت منذ سنة تقريبا مسؤولا بارزا للتدقيق في كل الأمور و لم يأت في تقريره ما يدين المنسق العام إننا نعلن لكل المخلصين إن هناك عملية تدمير للمدرسة التونسية  مع سبق الإصرار والترصد      و ليكن في علم الجميع إن هذه المدرسة التونسية هي الوحيدة من نوعها في العالم و اسألوا إخواننا التونسيين المغتربين شرقا و غربا إن كان لهم نموذجا كهذا , وستأتيكم الإجابة قائلة : إن التونسيين المقيمين في الدوحة محظوظون ,محظوظون, محظوظون ,,, و بالمناسبة ليس هناك سّر خطير في وجود هذه المدرسة بمناهجها التونسية , وبإطارها التعليمي التونسي المتميز , فصغر مساحة دولة قطر و قرب مدنها من العاصمة الدوحة حيث مقر المدرسة ( أبعد مدينة تقع على مسافة 100 كلم )  أسهم بقسط كبير في تذليل أية صعوبة للتنقل إليها , فهناك على سبيل المثال عائلات تونسية تقيم على بعد 70 كلم بحكم موقع عمل الأب في منشآت نفطية أو غيرها , وقد سخرت شركاتهم حافلات  خاصة لضمان ذهاب الأبناء الى المدرستين (الإبتدائية و الثانوية المنفصلتين في موقعهما ) و العودة منهما , علما بأن معاليم الدراسة بالمدرسة التونسية هي الأقل بين نظيراتها و يدرس فيها أبناء من الجالية المغاربية (الجزائر- المغرب- موريطانيا ) فهي تضم أكثر من 820 تلميذا إضافة الى هذا العامل  » الجغرافي  » الذي خدم بشكل كبير فكرة إنشاء مدرسة تونسية , فإن  ما يجب التنويه إليه أن هذه المدرسة ما كان لها أن تقوم و تقف فيما بعد على قدميها  و تتحول إلى قيمة ثابتة لولا جهود رائعة من التونسيين الغيورين على مصلحة أفراد الجالية و أبنائهم  , إضافة الى  ما قامت به دولتنا  في البداية حين تكفلت برواتب الإطار التدريسي , دون أن ننسى   الدور المحوري  لبعض السفراء الذين منهم من وضع اللبنة الأولى (السفير سالم الفراتي ) ومنهم من عزز فيما بعد وجود المدرسة بالبحث عن مقر لائق لها (السفير برهان بن عاشور ) و آخر(السفير مصطفى التليلي) الذي  أسهم في تقنين وضع المدرسة  في دولة قطر  بأن أصبحت ذات كيان مستقل  يتبع جهة رسمية ألا وهي المنظمة التونسية للتربية و الأسرة   **هذه المدرسة الرائعة أراحت بال  معظم أفراد الجالية بأن مكنتهم من الحفاظ على أبنائهم بجانبهم دون التفكير في مستقبلهم الدراسي لغاية الباكالوريا , وهو أمر » يحسدنا  » عليه الكثيرون من مواطنينا في الخارج و هو ما نلمسه دائما في العطلة الصيفية , كما أنه حين نتبادل الحديث مع أهالينا وأصدقائنا يقولون لنا أنتم فعلا في نعمة بوجود مدرسة تريحكم هاجس تعليم أولادكم حسب مناهجنا التونسية ** »اللجنة الرباعية  » بقيادة « الفقيه » تريد أن تحوّل هذه النعمة إلى نقمة بإحداث البلبلة و الفتنة بتوجيه سهام الحقد الى الهيكل الإداري للمدرسة و في مقدمته المنسق العام الذي  بات العدو رقم واحد في نظرهم ,فلا يتوانون عن تشويه صورته بكل الوسائل المتاحة من عرائض ورسائل بالبريد الإلكتروني كما ذكرنا في البداية , كما أن التركيز في كتاباتهم  ينصب على الفرع الإبتدائي , فيما لا يحظى الجزء الآخر من المدرسة ( إعدادي- ثانوي)  بأي نوع من الإنتقادات , وإذا عرف السبب بطل العجب كما يقولون , فأحد أعضاء   » اللجنة الرباعية  » يقبع « نصفه الآخر  » في كرسي الإدارة !!! وجدير بالذ كر أن هذه القرابة لا تتوقف عند هذا العضو, بل إن إثنين من « الرباعية » يتلقيان بشكل دائم تقارير عما يحدث في المدرسة الإبتدائية ( حيث مقر المنسق العام ) لوجود     « نصفيهما الآخر  » أيضا في المبنى منهما واحدة تم طردها من أحد السفراء لتعدد الشكاوى ضدها من الأولياء ,فهي مشهورة بكونها كثيرة النوم في الفصل , وشعارها كلما طال النوم  في المدرسة زاد النشاط في المنزل !!! و منذ قراره التأديبي , بات هذا السفير عرضة بدوره لعرائض الزوج  » الفقيه  » , فكل مسؤول تونسي زائر للدوحة يعود إلى تونس محمّلا بعريضة أو أكثر إضافة إلى تجولها  في المواقع الإلكترونية بعد رحيله ؟؟؟ قليلة هي الجهات الرسمية التونسية التي لم تصلها في الآونة الأخيرة  عرائض عن المدرسة التونسية و منسقها العام , وجميعها تصب في خانة واحدة ألا وهي المطالبة بطرد المنسق العام دون أن يكون هناك سبب مقنع أو دليل قاطع على تورطه كما يدعون , والله العظيم لو أن هذا الرجل كان محل شبهة لوقف الأولياء ضده وقفة رجل واحد لأنهم لا يرضون أن تنهب المدرسة و هم يدفعون المال من أجل دراسة أبنائهم , هذا من ناحية , لنأتي الآن إلى أمور الدراسة حيث لا توجد ملاحظات كبيرة , صحيح أن مستوى الإطار التدريسي متفاوت  وهو أمر موجود في كل مكان , و صحيح أن بعض المدرسات أسعارهن مرتفعة في الدروس الخصوصية , وصحيح أن بعضهن لا تبذلن قصارى جهودهن في الفصل , ولكن من نعم الله أن هذه الفئة محدودة العدد  وسط مجموعة مخلصة من زميلاتهن و الدليل أن نسبة النجاح عالية في مختلف الإختبارات الأساسية المؤهلة للإعدادي أو الثانوي أو الجامعي وهذه هو الأهم لأولياء التلامذة إذن ما هو المطلوب طالما أن إيجابيات المدرسة التونسية أكثر من سلبياتها؟؟ الإجابة عن هذا السؤال تؤكد أن   » اللجنة الرباعية  » تعبث بهذا المكسب الكبير , و أن ما يحركها ليس من أجل المصلحة العامة , بل رغبة مخيفة للهيمنة على مقاليد المدرسة  وإدارتها بالطريقة التي تعزز موقع  » الأقرباء  » و تقصي من هم ليسوا على هواهم , ولاشك أن من يقدّم مصلحته الشخصية على  المصلحة العامة ليس جديرا بأن يتولى أية مسؤولية أو حتى يقترب من باب المدرسة , لذلك نقول بالفم المليان لفرع الفتنة و البلبلة : الأجدى لكم أن تتفرغوا لتربية أولادكم بدلا من تخصيص وقتكم لكتابة العرائض , لقد أفلستم و رصيدكم بات تحت الخط الأحمر فأريحونا و اتركوا المدرسة تعمل في هدوء فليس هناك أي شيء كارثي يحدث فيها حتى تجندوا جل وقتكم للتهجم على المنسق العام و من يعمل معه إداريا  , و كم نتمنى أن تتوفر لديكم الشجاعة الكافية للإنسحاب من الفرع بعدما أصبح عددكم لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة والحال انكم انطلقتم بعشرين !!! * مجموعة من أولياء تلامذة المدرسة التونسية بالدوحة 

 
إيرادات قطاع السياحة تجاوزت ملياري دولار في 2006

تقرير: الحرب على البطالة هاجس الحكومة التونسية

لندن – « الشرق الاوسط » تحول القضاء على البطالة أو الحد من نسبتها في تونس خلال عام 2006 اٍلى ما يشبه الهاجس والاستحقاق الوطني لدى مختلف الأطراف باعتبار ان هذه المهمة هي أحدى ابرز ركائز التوازن الاقتصادي والتطوّر التنموي. وبحسب تقرير لوكالة «يو بي آي» تجمع مختلف الأوساط السياسية والاقتصادية التونسية على أن البطالة باتت اليوم من أهم التحديات التي تواجه تونس بغض النظر عن النجاحات المحققة في المحافظة على نسق تطوّر كل مؤشرات التّنمية الاقتصادية والاجتماعية برغم محدودية الموارد الطبيعية للبلاد ! وتقلبات الوضع الاقتصادي الدولي. وارتفاع أسعار النفط واشتداد المنافسة في الأسواق الخارجية. لا بل أن هذه النّجاحات التي أقرّت بها تقارير الهيئات والمؤسسات الدولية اكدت أهمية موضوع البطالة الذي يوصف في تونس بـ«المعضلة الحقيقية» حيث لا يخلو أي خطاب سياسي من الدّعوة إلى ضرورة الإسراع في البحث عن أفكار جديدة لامتصاص آلاف العاطلين عن العمل من مختلف الشرائح العمرية. غير أن هذا الاجماع الذي يعكس ادراكا عميقا لمعضلة البطالة لم يمنع من بروز بعض التباينات في الآراء ووجهات النّظر لجهة تشخيص أسبابها وسبل مواجهة تبعاتها السياسية وأعبائها الاقتصادية وانعكاساتها الاجتماعية والتربوية والثّقافية وتأثيراتها المتزايدة على تماسك المجتمع. وتقول الحكومة التونسية انها ليست غافلة عن أهمية هذه المعضلة وانها تعتبر العمل من «أولوياتها المطلقة الذي رفعته اٍلى مستوى التّحدي بجعله من مقوّمات حقوق الإنسان وفق مقاربة أساسها التّلازم بين الاقتصادي والاجتماعي». وتؤكد أنها نجحت في تغيير مؤشرات البطالة نحو النزول منذ العام 1987 حيث تمكّنت في تسعينيات القرن الماضي من تحقيق انخفاض تدريجي في نسب البطالة على رغم تزايد الضغط الديموغرافي للشريحة العمرية ما بين 18 و 40 عاما. وترى أنها استطاعت بفضل نسب النمو الاقتصادي التي حقّقتها معالجة هذه المشكلة من خلال خلق فرص عمل جديدة غطت بها الطلبات الإضافية الموجهة نحو سوق العمل لتستقرّ نسبة البطالة خلال عام 2006 في حدود 9.13 في المائة مقابل 8.15 في المائة عام 1999. ومع ذلك فان السلطات قللت من خطورة هذه المشكلة! إذ اعتبر رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي أن البطالة في بلاده «ليست بالمزمنة، ذلك أن 6.68 في المائة من العاطلين عن العمل لا تتجاوز مدة بطالتهم السنة الواحدة، في حين أنها تتراوح نسبة بطالة 16 في المائة منهم بين السنة والسنتين». وفي المقابل لا يتردّد الأمين العام السابق للحزب الديمقراطي التّقدمي التونسي (حزب معارض معترف به) أحمد نجيب الشابي، في وصف البطالة في بلاده بـ«العاهة والظاهرة» التي «ساهم انكماش الاستثمار في تزايد ارتفاع نسبتها». وتعوّل السّلطات التونسية على الاستثمار الأجنبي لبعث المشاريع الجديدة التي من شأنها المساعدة على امتصاص ارتفاع نسب البطالة ودفع العجلة الاقتصادية، إذ أكّد وزير التّنمية والتّعاون الدولي التونسي محمد النوري الجويني تطوّر الاستثمار الأجنبي في بلاده خلال العام الحالي بنسبة 13 في المائة بالمقارنة مع النّتائج المسجّلة خلال العام الماضي. ومن جهته رأى عضو المكتب السياسي لحركة التّجديد التونسية (الحزب الشيوعي سابقا) البرلماني عادل الشاوش أنه على رغم النتائج التنموية الاٍيجابية التي حققّتها تونس خلال عام 2006 فاٍن معضلة البطالة «بقيت مستعصية على الحل». وحذر من أن نسبة البطالة التي بقيت مرتفعة في حدود 14 في المائة مرشحة الى مزيد من الارتفاع اذا لم تتطوّر نسبة النمو السنوية من 5 في المائة حاليا الى أكثر من 6 في المائة على الأقل. ويرى مراقبون أن تزايد التدفق العددي الكبير على سوق العمل من بين الشرائح العمرية الشبابية سيعمق معضلة البطالة في تونس حيث يتوقع أن يتجاوز معدل طلبات العمل الإضافية 80 ألفا اٍلى جانب تزايد التّدفق العددي لخريجي الجامعات على سوق العمل. وبحسب الشابي فاٍن مواجهة هذا التّحدي يستوجب من الدولة الاهتمام أكثر فأكثر بالفئات والشرائح التي تأثرت بعمليات الخصخصة واٍعادة التّأهيل الاقتصادي لبعض المؤسسات من خلال ضمان اندماجها من جديد في سوق العمل اضافة الى بعث صندوق للتّأمين عن البطالة وتسهيل مسالك البحث عن فرص العمل لخرجي الجامعات. وبهذا الرأي يقترب الشابي كثيرا من موقف الاتحاد العام التّونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية) الذي لم يتوقف منذ سنوات عن الدّعوة إلى ضرورة بعث صندوق للعاطلين عن العمل يكون على غرار الصناديق المعمول بها في بعض الدول الأوروبية. غير أن السلطات التونسية لا توافق على هذا الرأي وترى أن إقامة مثل هذا الصندوق قد يساعد على الكسل والجمود ولكنها تؤكّد في المقابل أنها ليست غافلة عن التّحدّيات النّاجمة عن ارتفاع عدد خريجي مؤسسات التعليم العالي الذي بلغ 50 ألفا عام 2006 والذي يتوقّع أن يبلغ 100 ألف عام 2014 . وترى أنه على رغم أن ظاهرة ارتفاع عدد خريجي التّعليم العالي غير مطروحة بحدّة كبيرة في تونس مقارنة مع بقية الدول الأخرى باعتبار أن نسبة هؤلاء من بين طالبي العمل لا تتجاوز 7 في المائة فاٍن الحكومة مع ذلك أقرّت جملة من الآليات لمواجهتها مثل إنشاء الصندوق الوطني للتشغيل وآليات تمويل يقدّمها بنك التّضامن الوطني لتشجيع خريجي الجامعات على بعث مؤسّساتهم الخاصّة. وتؤكّد السلطات في هذا السياق! أنه حرصا منها على مواجهة البطالة عمدت اٍلى تطوير الموارد المخصّصة لقطاع التّشغيل ضمن اٍطار الموازنة العامة للبلاد لعام 2007 بنسبة 19 في المائة، حيث ستعمل على توفير نحو 80 ألف فرصة عمل جديدة مقابل 78 ألف فرصة عمل خلال عام 2006 . وبحسب تقارير المؤسسات الاقتصادية الدولية فاٍن تونس التي تمكّنت على رغم مواردها الطبيعية المحدودة من حصر البطالة لديها في نسبة أقل بكثير من جارتيها الجزائر 4.25 في المائة وليبيا (5.14 في المائة) ستبقى مع ذلك مطالبة بتحقيق معدل نمو سنوي بنسبة 3.6 في المائة على مدار السنين العشر المقبلة حتى تصل اٍلى معدل البطالة في حدود عشرة في المائة. وبغض النّظر عن هذا الرأي أو ذاك فاٍن الدراسات الدولية تؤكد أن شعار القرن الحادي والعشرين سيكون «الحرب على البطالة» حيث لا يخلو أي اقتصاد متقدّم أو نام ولو بدرجات متفاوتة من هذه المعضلة التي صارت تشكّل أولوية كل الحكومات ممّا يعني أن مواجهة البطالة والتّحكم في نسبها وتطويق تداعياتها ستبقى الشّغل الشاغل لمختلف الأطراف التونسيين. من جهة اخرى نقلت وكالة رويترز عن مصادر رسمية امس قولها ان عائدات صناعة السياحة بتونس ارتفعت منذ بداية العام وحتى 20 ديسمبر (كانون الاول) الحالي بنسبة 7.5 بالمئة مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي. وأشارت بيانات لوزارة السياحة التونسية نشرتها صحيفة الصباح المحلية أن عائدات صناعة السياحة قفزت الى 67.2 مليار دينار (06.2 مليار دولار) لاول مرة. وتأتي هذه الارقام لتؤكد توقعات الحكومة بتحقيق انتعاشة في قطاع السياحة ثاني مشغل لليد العاملة بعد القطاع الزراعي بنحو 360 الف فرصة عمل. وتغطي السياحة قرابة 75 بالمئة من العجز التجاري لتونس وهي أول مساهم في جلب العملة الاجنبية. وتوافد على تونس ستة ملايين و235 الف سائح مقابل نحو ستة ملايين سائح خلال الفترة نفسها من العام الماضي. وجاء السياح الاوروبيون في المركز الاول باكثر من 8.3 مليون سائح دخلوا البلاد. (المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 29 ديسمبر 2006)  

حج البيت الحرام بالنسبة للتونسيين يشكل رحلة جادة كل الجد

في وسط مناخ الحج السنوي لمكة المكرمة يشعر التونسيون الذين وقع عليهم الاختيار عن امتنانهم الكبير لهذه الرحلة الدينية الكبرى. كتبه شيراز وانيس لمغاربية من تونس-28/12/06 ارتسمت علامات الفرحة والفخر على وجوه الحجاج للبيت الحرام وهم يتجمعون في برج المغادرة في مطار تونس. وفي هذه السنة سيتمكن 9000 تونسي من أصل 41 ألف للقيام بهذه الرحلة إلى مكة. ويمثل هذا 32 ألف من الأحلام الضائعة. وزير الشؤون الدينية بوبكر الأخزوري صرح للصحفيين مؤخرا « لا يمكننا إرضاء الجميع نظرا للحصص المحددة من قبل السلطات السعودية ». ومنذ مارس 1988 فرضت المملكة العربية السعودية حصة لكل بلد فسمحت بتأشيرة واحدة لكل ألف طالب لتفادي الازدحام. ومع مليار مسلم اليوم لا تتسع مساجد مكة الضخمة للجميع. حليمة بلعيش، 50 عاما من تبولبة، قالت إنها محظوظة بانتقاء إسمها. وقالت « إنه من دواعي الشعور بالفرح أن يتم الترحيب بنا هكذا والخدمات رائعة والمكان منظم والمدينة أيضا. وهذا يتناسب جيدا مع الرحلة ». ولم تتمالك ابنة عمها أمينة بن عاشور نفسها من البكاء. وهذه أول مرة تقوم بها بالحج لبيت الله الحرام وتحقق حلمها. وقالت « أظن أن التنظيم هذه السنة صارم جدا وأنا سعيدة بأن نتوجه إلى المدينة رأسا في هذا المساء وهو ما سينقص من التعب والضيق » الرحلة تكلف الحجاج نحو 4000 دينار لكل واحد. وهو سعر بالنسبة للكثيرين لا يمكن تبريره خاصة وأن سعر تذكرة تونس جدة خلال موسم الحج يمكن أن لاتتجاوز 1100 دينار. ويتساءلون عن سر الفرق الكبير. منتزه كماراث للأسفار تكلف زبائنها ما يزيد عن 7000 دينار للحج. وهذا تقريبا ضعف السعر الذي تقترحه الدولة بحيث يجعل ذلك متعذرا على العديد من التونسيين ويجعلهم يبحثون عن بدائل أخرى. ومثل مديرة مدرسة الأطفال التي تنتظر بفارغ الصبر لزيارة المقام المقدس مع زوجها والتي لا تريد أن تنظر في الأعذار لتبرير أسباب الفرق في السعر. فستبحث في مكان آخر. وقالت « الحج من الكويت يكلف 1955 دينار بكل مصاريفه بما في ذلك حصة وكالات الأسفار ». وتتم معاملة الحجاج القادمين عن طريق وكالات الأسفار كجماعات بعناية كاملة فور وصولهم للمملكة العربية السعودية. وقال الأخزوري « لقد تم وضع الترتيبات من قبل مختلف الجهات المعنية لضمان الصحة والأمان العام للحجاج وتوفير أفضل ظروف السفر والسكن ». ولا يمكن للجميع الذهاب مرة واحدة. وكما يقول القرآن النية أبلغ من العمل. الله رحيم ويقبل توبة عباده المؤمنين المخلصين. (المصدر: موقع « مغاربية » (الممول من طرف وزارة الدفاع الأمريكية) بتاريخ 28 ديسمبر 2006) الرابط: http://www.magharebia.com/cocoon/awi/xhtml1/ar/features/awi/features/2006/12/28/feature-01


بداية من غرة جانفي:  الترفيع في معلوم تأشيرة «شنغن» الى 60 أورو

* تونس  ـ «الشروق»: قررت مجموعة شنغن الترفيع في معاليم تأشيرة الدخول الى بلدان فضاء «شنغن» من 35 الى 60 أورو ابتداء من غرة جانفي المقبل تدفع بالدينار التونسي اي ما يفوق 102 دنانير. وقالت مصادر من سفارة المانيا التي سترأس الاتحاد الاوروبي بداية من العام الجديد ان معلوم 35 أورو المطلوب الى حد الآن لا يغطي الا نفقات معالجة مطالب التأشيرة وان المعاليم الاضافية المطلوبة (25 أورو) التي سيتم التعامل بها ابتداء من العام الجديد ستخصص لتمويل الاستثمارات الكبيرة التي تتطلبها عملية اعتماد البصمات وصورة طالب التأشيرة. وأوضحت مصادر السفارة الألمانية انه لن يتم دفع اي معلوم لتأشيرات الاطفال الذين تقلّ اعمارهم عن 6 سنوات وللتلاميذ والطلبة والأساتذة المرافقين الذين يقومون برحلات دراسية او تكوينية والباحثين مهما كانت جنسياتهم. (المصدر: صحيفة « الشروق » التونسية الصادرة يوم 29 ديسمبر 2006)  


صادرات الغلال بلغت الكميات المصدرة من الغلال إلى غاية يوم 13 ديسمبر 22023 طنا مقابل 12008 طن بارتفاع ناهز نسبة 83% مقارنة بنفس الفترة في الموسم الماضي وقد ناهزت نسبة تطور صادرات الرمان هذا الموسم 113% مقارنة بحجم صادرات السنة الماضية.  تصنيع الاختراعات بعد تنظيمها للمناظرة الخامسة عشرة للاختراع والتجديد موفى شهر نوفمبر الماضي تنتظر الجمعية التونسية للمخترعين، مثلها مثل أصحاب الاختراعات مبادرات من المصنعين الخواص لتمويل تصنيع تلك الاختراعات حتى تحصل الفائدة المرجوة منها. مشروع حماية الثروات البحرية بخليج قابس يرمي مشروع حماية الثروات البحرية والساحلية بخليج قابس إلى تشخيص المنظومات البحرية والساحلية بخليج قابس وجرد التنوع البيولوجي البحري والساحلي لخليج قابس ووضع أمثلة تصرف بستة مناطق نموذجية.. وقد تم الشروع في تنفيذ هذا المشروع سنة 2005 وسيتواصل انجازه إلى سنة 2009. في جامعة الدول العربية يتسلم السيد الشاذلي النفاتي مهامه على رأس مركز تونس لجامعة الدول العربية يوم الخميس 4 جانفي المقبل. وبهذه المناسبة ينتظم في نفس اليوم حفل استقبال يتم خلاله توديع السيد نور الدين حشاد وتكريمه. (المصدر: جريدة « الصباح » التونسية الصادرة يوم 29 ديسمبر 2006)  

سوسن معالج خلفا لخميس الخياطي…

تونس ـ الشروق ينطلق بداية من غرّة جانفي 2007، بث برنامج «صورة وصوت» على قناة تونس 7 مع تحويرات طفيفة في التقديم. وستؤمن تقديم البرنامج المنشطة سابقا بقناة 21 وإذاعة موزاييك، الممثلة سوسن معالج مع احتفاظ الزميل خميس الخياطي بالتصور والإعداد. وسيستضيف البرنامج في حصته الأولى، يوم الإثنين غرة جانفي بعد برنامج «المنظار»، المخرج منصف ذويب وذلك بمناسبة العروض التجارية لفيلمه الجديد «التلفزة جاية». كما سيستضيف البرنامج في حصصه اللاحقة، كل من المخرج نجيب بالقاضي للحديث عن شريطه «كحلوشة في آش.آش» الذي سيعرض تجاريا بداية من 08 جانفي 2007، والممثلة دليلة المفتاحي. م . ع (المصدر: صحيفة « الشروق » التونسية الصادرة يوم 29 ديسمبر 2006)


إلى صاحبة مقالي الختان والحجاب (2 من 2)

عبد الرحمان الحامدي (*)

أواصل على بركة الله الرد على مقالي الدكتورة رجاء بن سلامة؛ الختان و الحجاب ؛ و لن أدخل معها في نقاش حول تمشيها في الفصل بين ما هو ديني و ما هو ؛؛حداثوي؛؛  ديمقراطي فيما يتعلق باللباس و قولها في المقال الأول  بأنه على مناصري الحجاب أن يختاروا بين  أن يكون الحجاب (مجرد لباس) و بين أن يكون (فريضة).

 إذ أن كلاما كهذا  يحيلنا إلى مرجعية الفصل بين الدين و الدنيا في تفكيرها  بما هي مرجعية التفكير اللآئكي التي تفوح من مقالها الأول و الثاني لتعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله؛ وإذا كان الفصل بين الديني و الدنيوي خيارها فذاك شأنها  قال تعالى  (ولكل وجهة هو موليها فا ستبقوا الخيرات) صدق الله العظيم

الدكتورة تعلم؛ فيما أحسب؛ أن منهج الفصل بين ما هو ديني وما هو دنيوي مرده في التفكير الغربي إلى  تلك الصيرورة التاريخية:

                                                                                              Processus historique

التي جعلت الكنيسة  ولمدد طويلة  تسطو على كل مناحي الحياة في أوروبا بما فيها الإدعاء بأن  الدين هو مصدر كل العلوم فكان الحرق  من نصيب العالم غاليلي كنتيجة منسجمة لتدخل الكنيسة زورا وبهتانا فيما ليس من إختصاصها   وإني أتحدى من يثبت لي و لو بمثال يتيم أن الإسلام حارب العلم و العلماء أو تدخل فيما  يعني الإنسان من هذا الجانب  ولا يسعني إلا  أن أحيل من يريد الإطلاع على كتاب المفكرة الألمانية  زيغريد هونكة المعنون ب شمس العرب تسطع على الغرب وهي شهادة على سبيل المثال لا الحصر تأتي  من الغرب اللآئكي التي جعلت الدكتورة من آليات تحليله  للأمور مرجعيتها في فهم التراث الإسلامي عوضا عن فهم هذا التراث من داخل منظومته المتناسقة في إطار من صيرورته التاريخية المختلفة طولا  وعرضا عن الصيرورة التاريخية للتاريخ الأوروبي  والتي كان من نتائجها إقصاء الدين من الحياة العامة بل والخاصة  للإنسان الأوروبي!

في بداية المقال الثاني تقول الدكتورة:

(و هناك مظهر أخر خفي من مظاهر الفاشية الإسلاموية

(هكذا)  يتمثل في منع المعرفة غير الدينية عن الدين و إعتبار رجال الدين وحدهم مؤهلين للخوض فيه ).

حقيقة يحتار اللبيب أمام هذا الربط بين الفاشية وموضوع منع المعرفة غير الدينية عن فهم الدين لشرحه  فلست أدري هل أن الدكتورة ستحشرني مع الفاشيين إذا ذكرتها على سبيل المثال بأن لكل علم قواعده و ضوابطه و أصوله و مختصينه وليس متطفليه؛ وهو ما أظن؛ وبعض الظن إثم؛ أن الدكتورة تقره لكافة العلوم إلا للعلوم الدينية و الشرعية   والتي لن تتردد بإسم حرية التفكير وديمقراطيةالبحث العلمي في أن تسمح؛ لكل من هب و دب؛ في الخوض فيها(أي العلوم الشرعية) دون إمتلاك المعارف اللآزمة و الأدوات الضرورية فضلا عن  ضرورة إخضاع منهجية الفهم الديني  إلى منظومته الداخلية  ونسقه الفكري  المتناغم مع إطاره الثقافي و اللغوي الأسلوبي والتاريخي  تجنبا لداء عضال في البحوث الأكاديمية إسمه الإسقاط

 

                                                                                                         La projection

بحيث أن منهجية البحث إذا لم تأخذ بعين الإعتبار كل هذه المعطيات المحيطة بالمسائل المدروسة   تكون النتيجة عبارة عن عمل ممسوخ للمسألة؛ مفرغا لها من معانيها ؛مجانبا لما هو موضوعي؛ وهو ما أخرجته لنا  الدكتورة؛ برأيي؛ عندما أثارت قضية الحجاب و قرنته بموضوع الختان غصبا و إنسجاما مع ضرورة  المنهجية  والمرجعية الفكرية اللتين إختارتهما في المقالين  ليخرج لنا المولود  في صورة مشوهة!!!

 أمافي معرض حديثها  مجددا عن مظاهر  ما أسمته بالفاشية الإسلاموية   تقول الدكتورة ما يلي: (ومن ذلك أيضا مواجهتهم المعارف الحديثة بالمعارف العتيقة التي كان عليها أن تدخل باب تاريخ المعرفة لولا تضخم الظاهرة الدينية في حياتنا و مؤسساتنا التعليمية) و تضيف  قائلة للتدليل على المقصود بالمعارف الحديثة (فعندما تحدثهم مثلا عن الأسطورة بالمفهوم الأنتروبولوجي يواجهونك بالجرح و التعديل…). و الظاهر بالعودة إلى الفقرة الرابعة من مقالها الأول فإن الدكتورة ؛ وتشبعا بعلم تاريخ الأجناس هذا: الأنتروبولوجيا؛ حشرت القرآن الكريم و قصصه ضمن؛ و الكلام لها؛ ما أسمته  (الأساطير التأسيسية التي آمن بها المسلمون القدامى)  لتضيف وفي معرض ردها  عما أسماه علماؤنا بالإسرائيليات قولها: ( ما الفاصل من وجهة النظر هذه بين ما هو إسرائيليات؛ و ما هو توراتي و ماهو قرآني و ما هو جهاز تأويلي أحيط به طيلة عهود طويلة؟)

ووجهة النظر هذه التي حشرت بموجبها كلام الله و أحاديث نبيه صلى الله عليه و سلم الصحيحة  في خانة واحدة مع ما هو توراتي و ما هو من الإسرائيليات و ما هو من التأويل؛ تستند إلى فكرة الأسطورة التي كما ذكرت الدكتورة  (لا تخضع إلى نظام الإثبات التاريخي بل تخضع إلى ما يسمى في العلوم الإنسانية الحديثة ب؛؛النجاعة الرمزية؛؛ إذ بحسب وجهة النظر هذه( لاشيء يثبت تاريخيا الأساطير القديمة).

و عليه أولا؛ يصبح كلام الله و رسوله في خانة الأساطير التي لا يمكن إثباتها تاريخيا!!!

و عليه ثانيا  أفهم مساعي الدكتورة( مع الدكتور عبد المجيد الشرفي والأستاذالمنصف عبد الجليل)  للبحث فيما يزعم هؤلاء من وجود نصوص قرآنية  أخرى موازية للقرآن الكريم  بغاية إثبات ما أوردته الدكتورة من أن القرآن   وقصصه ؛ من الأساطير القديمة التي لا تخضع كغيرها من الأساطير إلى نظام الإثبات التاريخي لأنها في النهاية من صنع البشر و إختراعاته  تعكس حاجات معينة للبشر في ظرف تاريخي معين.

وقد دفعت   محاولات الباحثين الثلاثة هذه  الدكتور هشام جعيط إلى القول في محاضرته التي قدم فيها كتابه الجديد عن تاريخ الدعوة النبوية ضمن أبحاثه في السيرة النبوية  إلى القول:

بأنه لا قيمة لما يحيل عليه بعض الباحثين من وجود نصوص قرآنية موازية « المصاحف الضائعة » مثل مصحف صنعاء (الذي يشتغل على تحقيقه فريق بحث تونسي بإشراف المنصف عبد الجليل وعبد المجيد الشرفي ورجاء بن سلامة: الكلام للأخ الأمين محمد ). واعتبر أن لا قيمة علمية لذلك وأنّ الدراسات النقدية في هذا الشأن « من باب السخافة » إذ لم يثبت وجود مسافة زمنية بين النطق بالقرآن وتدوينه كما لم يثبت أنّ القرآن تعرض لتبديل أو تغيير على مستوى نصوصه أثناء تدوينه أو جمعه. كما أشار إلى أنّ منطق القرآن ومعجمه وأسلوبه خاص به ولا يقارن بأيّ نصّ لاحق شعرا أو نثرا.(هذا ااكلام نقله من محاضرة د:جعيط الأخ الأمين محمد و نشرته  تونس نيوزبتاريخ 12ديسمبر  2006

وعليه ثانيا أقول بعدم جدوى محاولات  إخضاع  القرآن الكريم و جوانب من تراث الأمة إلى أدوات تحليل  نشأت في سياق تاريخي و ثقافي مغاير لسياقنا التاريخي و الثقافي  و محاولة تسليطها على تراثنا بغاية الوصول إلى فهمه من خارج منظومته الفكرية  التاريخية و نسقه الثقافي؛ و هو ما إضطر الدكتور جعيط؛ كما فهمت؛ إلى الإشارة إلى أن منطق القرآن و معجمه و أسلوبه خاص به ولا يقارن بأي نص لاحق شعرا أو نثرا (إنتهى كلام الدكتور)

وهو ما يفيد أن محاولة إخضاع القرآن إلى مفهوم الأسطورة؛ كإنتاج بشري هو من قبيل ما أعتبره شخصيا:  العنف الرمزي

                                                                            La violence symbolique

 أو بتعبير أسهل: الإخضاع القسري: أي محاولة تطويع القرآن الكريم و تراث الأمة لحساب هذا المفهوم أو ذاك؛  والمقصود به هنا مفهوم (الأسطورة من الوجهة الأنتروبولوجية).

وهو ماجددت لنا الدكتورة  معه موعدا عندما حاولت إخضاع الحجاب  للمفهوم الأنتروبولوجي وإعتبار الحجاب (كشارة توضع على الجسد الأنثوي لإخضاعه إلى التنظيم الإجتماعي للمتعة) .. تماما كالختان؛(هكذا!!)؛

 ثم ذكرت في ما معناه أن هذه (الشارة) ؛أي العلامة؛ خاضعة لأحد تعريفات مفهوم (الخصاء)؛ والمقصود هنا (الخصاء الواقعي) ؛هنا الحجاب و الختان؛ والذي بموجبه  تصبح الأمة منتمية إلى المجتمعات البدائية على إعتبار أنها لم تعتمد (الخصاء الرمزي) (وهي جملة القيم و المعايير التي تربى عليها الأجيال) و بقيت في مرحلة الخصاء الواقعي(كالحجاب و الختان) الذي يبوؤها منزلة (المجتمعات البدائية)(هكذا) !

لقد سلخت الدكتورة وفقا لهذا المفهوم   الحجاب  سلخا من سياقه الثقافي و منظومته الفكرية ونسقه القرآني ضاربة عرض الحائط بكل التحصينات الرمزية(القيم و المعايير) التي تساوقت مع الحجاب أو سبقته في إطار  من الضوابط الأخلاقية و السلوكية المعبر عنها بالكلام كأداة رمزية تخاطب العقول في المنظومةالإسلامية  بحيث أن أي فهم للحجاب (خارج  ما أحاطه به الإسلام من كلام و مسارات نفسية غايتها أن يستبطن المسلم و المسلمة المحرم و يضع الحواجز و الحجب لنفسه بنفسه)  يعتبر نوعا من مجانبة الموضوعبة  وما يتطلبه البحث العلمي.

فالقرآن الكريم والسنة النبوية حرصا كل الحرص على تفعيل هذه المسارات النفسية و الكلامية بما  وضعه من قيم و معايير ربى عليها؛ إستباقا؛ الذات البشرية التي قبلت الإسلام؛  دون الإستغناء عن الحجاب   كخطوة تالية لما يكون  إستبطنه المسلم من محرم.

و لست بحاجة إلى إلقاء محاضرة على سبيل المثال  في مفهوم العفة أو الحياء في الإسلام كنموذج من النماذج الكثيرة لمفهوم التحصين الرمزي والكلامي للمسلم و المسلمة في تنظيم العلاقة بين الجنسين بما يدخل في خانة تنظيم المتعة بالكلام و بما أسمته الدكتورة (بالمسارات النفسية) التي تجعل الذات البشرية المسلمة تستبطن المحرم قبل وضع الشارة: هنا الحجاب؛ وهو ما يجعل الرجل في النهاية يحترم غيرية المرأة و حرمة جسدها و يحترم الحدود و الضوابط الإجتماعية بحيث يصبح الحجاب؛ كتعبير و اقعي؛ عنصرا إضافيا يزيد  من تفعيل هذه القيم في نفس المسلمة  والمسلم في إطار من تنظيم العلاقة بين الجنسين بحيث وبعبارة أسهل:

 يصبح الحجاب تتويجا و اقعيا  لما تتحصن به المرأة و الرجل رمزيا (كالعفة و الحياء وهي من رموز إحترام الآخر)  و يصبح كلامها عن ضعف و إخفاق المسارات النفسية المنظمة للمتعة والعلاقة بين الجنسين لا معنى له و غير ذي جدوى كما يصبح للحجاب؛ بالنتيجة؛ معنى يتجاوز كلية ما ذكرته الدكتورة في المقال الثاني بكون الحجاب من (الجروح و الشارات الإضافية) رابطة  بمكر يدوخ العاقل  بين قطع بضر المرأة؛  هنا (الجروح)؛  و الذي ليس من الإسلام في شيء بما قدمته  من أدلة في المقال الأول؛ والحجاب؛ هنا (الشارات)**

 و المسلم بالنتيجة ليس محتاجا إلى أن يكمم فمه لكي لا يقول كلاما غير لائق؛ كما أنه ليس محتاجا لأن (يلف)؛ والمثال دائما للدكتورة؛  (عضوه الجنسي حتى لا يرتكب المعصية)!

 فترسخ الخصاء الرمزي الذي أسميته أنا بالتحصين الرمزي هو من مميزات الشخصية المسلمة في القرآن و السنة لأنه لا يتعلق باللباس فقط بل بكل ما من شأنه أن يساهم في تنظيم العلاقة بالآخر..

 و أرى؛ تبعا لمنطق تحليلي للموضوع؛ أن قول الدكتورة (من أن الحجب النفسية لدى الإنسان مهددة بالخطر) بسبب إختيار المرأة للحجاب غير ذي جدوى إذ الغاية  من الحجاب ليست (اللف والتكميم) كما ورد في مقالها  إذا أخذنا بعين الإعتبار مجددا التحصينات الرمزية التي قدمها الإسلام للمسلمة و المسلم.

أما تعبيرك عن أن  (التكميم و اللف)  يعكسان (حصول كارثة نفسية) في مجتمع قلق فيه (إنفلات ما للغرائز و تضخم للشعور بالإثم) فهو من قبيل الخيال الجانح

                                                                        La pensée fantasmatique

ولا يوجد إلا في ذهنك و في ذهن من يريد أن يدمر التحصينات الرمزية لأبناء المسلمين و بناته في بلدي تونس؛ عبر ضرب ما يمت إلى ثوابت الأمة بصلة.

 

ويبقى الهدف من مقالك كما فهمت  هو المساهمة  في إسقاط الحجاب و تحصيناته الرمزية   

من فكر المسلم و سيكولوجيته بالضربة القاضية! و تلك أمانيك!! عبر سلخه سلخا من منظومته   ووضعه تحت مجهرأدوات تحليل مغايرة؛  نبتت في إطارمرجعيات حضارية أخرى؛ بما يخدم ثقافتها و لا شك؛ و لكن  لا يخدم بأي حال من الأحوال الحجاب و لا أي مسألة أخرى من المسائل المرتبطة بثقافتنا و تراثنا؛ حتى أن مفكري الغرب  ورجال السياسة فيه بدؤوا يضعون موضع تساؤل أدوات تحاليلهم في فهم  الإسلام بعد ما لاحظوه  من مظاهر إقبال مواطنيهم عليه؛ لأن  أدوات تحليلهم لم تعد كافية بل لم تسعفهم في الإقتراب من فهمه من الداخل؛  فبادروا إلى العودة إلى علماء الأمة و مفكريها ليفهموا الإسلام و المسلمين في جوانب من بينها على سبيل الذكر ظاهرة العودة إلى الدين    أو فهم ظاهرة  الإسلام السياسي أو فهم ما يتعلق بأسباب صعوبة إندماج الجاليات المسلمة في المنظومة الثقافية لدول الغرب 

هذا الخيار كان موفقا في رأيي  لأن  إلتجاء  الأوروبيين إلى علماء و مفكرين مسلمين لفهم هذه المسائل و غيرها يعكس الحاجة الملحة للفهم الصحيح لها  إعتمادا على تلك الثلة من أبناء المنظومة الإسلامية الذين  تشبعوا بثقافتها وفهموا نسقها التفكيري.

 و لست بحاجة إلى إعلامك بأن في كثير من معاهد الدراسات الإستراتيجية و كبار الجامعات والمجالس الإستشارية الكبرى و المجالس الحوارية بين الديانات  تجدين مسلمين هذه مهمتهم؛ وهي  مساعدة الغرب على فهم الإسلام من داخل منظومته و إستنادا إلى مرجعيته الحضارية بما أزال بعضا من اللبس  و الغموض في العلاقة بين الساسة ومسلمي تلك الدول بل  ممامكن المسلمين في بعضها  من الحصول على بعض من حقوقهم التي تحفظ عليهم هويتهم.وتحد من سوء الفهم المسبب لتوتر العلاقة.

 ها أن الكثير من مفكري الغرب و ساسته إهتدوا  إلى الجدوى من  أن تدرس ثقافة الغير من داخل منظومتها و مرجعيتها و بأدوات تحليلية نابتة منها؛ بحيث أن كثيرا من البرامج و القوانين المخصصة للجالية المسلمة في بعض دول الغرب أصبحت تأخذ بعين الإعتبار مرجعية هده الجالية    الحضارية ضمانا لإندماج يستجيب لمتطلبات الواقع و ثقافة المهاجر في آن.

 فمتى تفهمين أنت و غيرك هذا الأمر؟ و إلا   فسيبقى بينك وبين مفكري الغرب ؛أيتها الدكتورة؛  سنوات من النضج الفكري  لفهم المسائل المرتبطة بالهوية على أساسها الصحيح؛ ومن بينها الحجاب!

ولست بحاجة في الأخير إلى تذكيرك بقدرتك العجيبة على الإستفزاز وخلط الأمور بطريقة جعلتني في البداية لا أعرف من أين أبدأ للرد عليك؛ من ذلك تنزيل الحجاب في إطار تنظيم العلاقة بين الجنسين بما فيها تنظيم المتعة  وربط ذلك بالختان؛  ثم حديثك عن كون الحجاب يهدف إلى الحفاظ  على نظام الإختلاف الجنسي بجعل لباس المرأة مختلفا تماما عن لباس الرجل؛ و ها أنك هنا تحجبين القارئ بحجاب مرجعيتك الفكرية عن حقيقة مفادها أن لباس  الجلابيب كان القاسم المشترك بين الجنسين زمن تشريع الحجاب؛ حتى أن غطاء الرأس كان مطلوبا للجميع بحيث أن الإختلاف الظاهري بين المرأة والرجل في الأماكن العامة  كان فقط في تغطية (الجيب) و هو أعلى الصدر؛ لغايات بينها القرآن الكريم.

 فعن أي إختلاف في اللباس تتحدثين و أنت تعلمين أن الإختلاف في اللباس ظهر حديثا؛ ثم تستنتجي بناء على هذه المغالطة التاريخية  لتتحدثي عن فكرة ما أسميته (بنظام تبادل النساء)  في الإسلام  ولتضيفي قولك( بحيث أن المرأة تكون محجوبة إلا عن المحارم و يكون لزوجها حق النظر إليها لأنه هو الذي يملكها بما دفعه إلى أسرتها من مهر) بدون تعليق!!!

أما حديثك عن تيارات الإسلام الحركي التي (مازالت تفضل الدعاية و التعبئة الجماهيرية و تجييش العوطف على الحوار)؛ والمقصود بالأساس ما نشر هذه الفترة من مقالات للدفاع عن الحجاب؛ فأقول نيابة عن نفسي و عن إخوتي بأننا حقا دعاة حوار  و لكنك تتغافلين كعادتك؛ وللأسف؛ عن الظروف الموضوعية التي دفعت بعض الإخوة إلى ’’تجييش العواطف’’؛ الذي هو في حد ذاته نوع من الحوار والخطاب  الرمزي الذي أرى فيه  إنسانية  في مواجهة خطاب لا إنساتي  و بدائي متوحش متمثلا في تجييش السلطة في تونس لبوليسها  لإنتهاك الحرمات الجسدية   والنفسية للمواطنات و المواطنين.

هل هي التخمة الفكرية  والعيش في الأبراج العاجية والمكاتب المكيفة  التي تبلد الإحساس بحجم مأساة المضطهدات و المضطهدين في بلدي في أبسط خصوصياتهم؟ أم ماذا؟

حتى أن الدكتورة إستكثرت على بني جلدتها  الدفاع ’’ ولوبطريقة ؛؛التجييش و التعبئة’’ عن المكتوين بنيران الدكتاتورية!

 ويبقى ذلك إجتهاد خاص من هؤلاء الإخوة  ليس من النزاهة التركيز عليه و إهمال الإجتهادات الأخرى بغية التشهير و الإستنقاص!! وصدق المثل التونسي القائل(إلي إيدو في الماء موش كلي فيدو في النار).

أما قولك في آخر مقالك الأول بأنك تكتبين (للنساء عسى أن ينتزعن حجابهن بأنفسهن بشوقهن التلقائي إلى الحرية لا بحد عصا الشرطي) أقول لك أكتبي ما شئت فهذا من حقك الذي قاومنا و ما زلنا نقاوم بمختلف الوسائل المتاحة لصونه في تونس ودفعنا ولازلنا ندفع ثمنه؛ و لكني أدعوك إلى قليل من تواضع المفكرين إذا شئت أن تحسبي نفسك من بينهم؛  و تعيدي النظر بالخصوص إلى مفهومك للحرية و علاقته بالحجاب و تتوقفي أرجوك عن الإدعاء؛ و هو ما فهمته من كلامك؛ من أن لباس الحجاب جاء بالإكراه بما أنه مخالف تماما لمبدإ الحرية كما تفهمينه  وهو ملخص ما ضمنتيه بإستعمالك لمفردة (عصا الشرطي).

(عصا الشرطي)

هذه؛ والتي أنت في مأمن منها؛ لم تثن بنات جلدتك عن الإصرار على الحفاظ على لباسهن مما يفيد بأن لباسهن للحجاب جاء عن إختيار وقناعة وعشق للحرية لا دخل للذكور ولا لعصيهم في إجبارهن عليه!!

 لقد عمدت  السلطة في بلدي إلى القبضة الحديدية لضرب الحجاب  وإسكات المدافعين عنه   من المكتوين بنار الديكتاورية؛  و أنا لم أسمع لك فيها ركزا إلا من باب التشهير بالمضطهدين من بني جلدتك  وأعني بهم الإسلاميين و غيرهم إناثا و ذكورا.

أما أنت؛ أيتها الدكتورة؛ فإنك تكملين من حيث تشعرين أو لا تشعرين الوجه الآخر للقبضة الحديدية؛ وهو ما أسميه ؛؛بالقبضة الفكرية؛؛ لتكتمل بذالك؛ وعلى التمام؛ سنمفونية ضرب  كل من إختار أن يكون حرا في بلدي العزيزة تونس!!!  بل وخذلان من تجشم من أبناء بلدي و غيرهم عناء الدفاع عن الحقوق  المهضومة في تونس و منها حق إختيار اللباس؛ و كأنه لا ينقص الجميع في هذا الظرف العصيب  إلا أنت و قلمك هذا !!!.

كلمة أخيرة إلى الكتورة:

وفي الختام أطمئنك إلى أني لن أكفرك؛ وهو ما إتهمتنا به في بداية مقالك الثاني؛ إذ للتكفير شروط ليس من مشمولاتي ولا من مشمولات إخواني الخوض فيها؛ كما لن أطلب لك الهداية بالنتيجة؛  وهو ما قرنتيه (بالعنف و بالفاشية الإسلاموية) في بداية مقالك الثاني   وهو بالنتيجة ما ترفضيه  طولا وعرضا!.

 و لكني سأطلب لك؛ و هذا رغما عن أنفي هذه المرة؛ الهداية الفكرية بما قد يقربك مما أدركه مفكرو الغرب من أنه لا جدوى من لي عنق المسائل المندرجة ضمن ثقافات مغايرة للثقافة الأوروبية إسلامية كانت كالحجاب أم غيرإسلامية  بإخضاعها قسرا  إلى أدوات تحليل نابتة من سياق تاريخي مغاير و منظومة مختلفة  حتى لا تسقطي أيتها الدكتورة من جديد  في العنف الرمزي و الفاشية الفكرية التي طالما إتهمنا به أدعياء إمتلاك الحقيقة العلمية و البحوث ألأكاديمية!!!

(*) أستاذ و سجين سياسي سابق – لاجئ سياسي مقيم حاليا بسويسرا

متخصص حاليا في التربية النفسية والإجتماعية  بأحد ملاجئ سويسرا.

– للإطلاع على المقال الأول في الرد على الدكتورة يمكن الرجوع إلى تونس نيوز23 12 2006

ما بين قوسين وباللون الأزرق هو من كلام الدكتورة المأخوذ من مقاليها المنشورين بتونس نيوز بتاريخ 27 نوفمبر و4 ديسمبر 2006

 

صوت الجامعيين يعلو ويتميز في مؤتمر المنستير 2- 2

   تغطية عبدالسلام الككلى *
استعرضنا في الحلقة  الاولى من هذا المقال تاريخ أزمة التمثيل النقابي فى الجامعة وقدمنا صورة عن مداخلة الأخ الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم العالي و نكمل هنا بقية المداخلات 

كلمة الأخ  عبدالسلام الككلئ

حين أخذ الكلمة  المتدخل الثاني المتحدث باسم قطاع التعليم العالي والبحث العلمي ( وهو كاتب هذه السطور) ، لم يكن في حاجة إلى إلهاب القاعة اذ كانت مهيأة بفعل التدخل الأول إلى مزيد فهم الأزمة في الجامعة، اذ أن البعض كان إما على غير دراية كافية بتفاصيلها أو جاهلا تماما لمعطياتها فقال « لأول مرة في تاريخ الجامعة التونسية ينتخب الجامعيون هيكلا عصريا مسؤولا وناضجا ممثلا لكل الأسلاك في الجامعة، تقوم تمثيليته على أساس المحاصصة المدروسة، أنجزنا المؤتمر التوحيدي في 15 جويلية 2006، واعتقدنا أننا بذلك نقدم محاورا واحدا ممثلا وكفءا إلى وزارة الإشراف، فإذا بالقضاء يستولي مرة أخرى على قضيتنا وتتحول مسائل يريد البعض أن يجعل منها خلافات نقابية نقابية إلى قضايا تنظر فيها المحاكم. لقد استسهل البعض الاتحاد وتطاولوا عليه بتخطيط وإيعاز وتدبير من قبل السلطة التي لا ترغب في وجود شركاء حقيقيين أو أطراف فاعلة، لها رغبة فقط في خلق واستنساخ مكونات مشوهة لا دور لها غير مباركة سياسة السلطة الأحادية التي لا تنهض على غير منطق ضمّ الأتباع وشراء الذمم والضمائر » ثم واصل الككلي كلمته قائلا  » لقد أنجزنا المؤتمر التوحيدي في ظرف تمر فيه الجامعة بتحولات هيكلية خطيرة، في هذا الظرف بالذات، تلتجئ السلطة مرة أخرى إلى محاولة نسف الوحدة النقابية بافتعال أزمات داخلية واستخدام أدوات التخريب فتعود إلينا بلا رادع سياسة حشر القضاء في قضيتنا. وكما هو الحال في النوازل السابقة نتوقع -إن لم يوضع حدّ لهذا الاستنزاف لطاقات الاتحاد- أن يطول أمد الفصل وان تحجز القضايا للمفاوضة لتحل المفاوضة مرارا وتكرارا، فلا السلطة قادرة لانعدام براهينها على مواجهة الاتحاد العام باستصدار أحكام نافذة ضده والاستجابة لمطالب خصومه ولا هي مستعدة لإنصافه خوفا من الجلوس على مائدة المفاوضات مع ممثلين حقيقيين للقطاع » وواصل المتحدث مؤكدا على خطورة الأزمة فقال  » أنه من غير المقبول بمفردات التضامن النقابي أن يترك الجامعيون والجامعة التونسية إلى مصيرهم في صراع مرير وطويل مع السلطة، فحذار ثم حذار من مغبة هذا الوضع، فجهد البشر محدود، واليد الممدودة لابد لها، أسوة بشعار الاتحاد نفسه، أن تجد لها أختا تشدّ عليها وتؤازرها ». ثم حلّل الوضعية المؤلمة التي يعيشها النقابي الجامعي فهو في الواقع بين نارين: بين  نقابيين صادقين بلا شك ولكنهم ملّوا الحديث عن الأزمة فكاد يدخلهم الشك في جدوى العمل النقابي، ومزايدين على العمل النقابي يختفون وراء نقد القيادة النقابية من أجل التمسك بالمواقع والتنفذ ومن أجل تنفيذ مخططات التفرقة وزرع الفتنة وإثارة البلبلة، وتحقيق أجندة السلطة. وشكر في الأخير المؤتمرين على تبنيهم بيان الجامعة العامة .. حين انتهى الوقت المخصص لكلمته كانت القاعة على وقع كلماته الهادئة وتوصيفه الدقيق للأبعاد السياسية للقضية بل حتى لأبعادها النفسية. فطالب الجمهور مرة أخرى بتمكينه من مزيد الوقت ولكن الأخ ناجي مسعود رفض ذلك هذه المرة مؤكدا أن باب الاستثناء قد أغلق وان المقصود حصل.  
كانت أصداء التدخلين الأولين على غاية من التأثير إذ أن قضية الجامعة التونسية قد تحولت شيئا فشيئا إلى قضية المؤتمر نفسه، فطغت على نقاشات المؤتمرين في قاعة العشاء، وتكثف اتصال الوفود النقابية من كافة القطاعات بالوفد النقابي الجامعي فتنوقلت بذلك أصداء البيان المعروض عليهم.

كلمة الأخ رابح الكحلاوي

ثم أخذ الكلمة في نفس الحصة ممثل القطاع الأخ رابح الكحلاوي فأكد هو الآخر على جملة النقاط المذكورة مذكرا بتضحيات القطاع وبالإضراب الإداري الذي نفذه وألح على وضعية الفوضى التي يعيشها العمل النقابي في الجامعة، فاستعرض صورا دقيقة من الاستهانة التي يتعامل بها البعض مع الاتحاد واستقوائهم عليه برفع قضايا ملفقة الى العدالة تم تحدثهم رغم ذلك باسم القطاع أو باسم سلك من أسلاك وحيازتهم لطوابع الاتحاد ومطبوعاته وناشد الاتحاد الدفاع عن سيادته وتطبيق القانون.

كلمة الأخ سمير بالطيب

ثم أخذ الكلمة في اليوم الموالي الأخ سمير بالطيب فأكد أولا على انه يبارك مساندة النقابيين لقضايا الحق والعدل في العالم وبارك وقوف الاتحاد مع إخوتنا في فلسطين والعراق ولبنان، ولكنه ذكّر أننا في حاجة أيضا إلى تضامن داخلي وركز تدخله على مسألة حشر القضاء في الشؤون النقابية، فأكد أن طول أمد الفصل في القضايا المرفوعة ضد الاتحاد تختفي وراءه إرادة سياسية، معرجا على الوضع الذي يعيشه القضاء في بلادنا مستشهدا  بأزمة     جمعية القضاة التونسيين ومعاناة هياكلها الشرعية، ونبّه إلى خطورة الوضع، فقال « إن بعضهم يتقدمون بقضايا ضدنا وضد الاتحاد ولكنهم يتصرفون بعد ذلك بلا رادع وباسم الاتحاد ويستحوذون في مخالفة صريحة للقانون على طابع المنظمة وينشرون بين الجامعيين بلاغات باسم نقابات لم يعد لها أي صلة بهياكله ومقرراته » ثم توجه الأخ بالطيب بشكل صريح باللوم على المكتب التنفيذي الذي يقبل بهذه الوضعية في سلوك أقل ما يقال فيه انه يتسم بالسلبية، ودعاه إلى مساندة الجامعة العامة للتعليم العالي بأكثر حزم وبأن يطرد من الاتحاد كل من تسول له نفسه حشر القضاء في شؤونه الداخلية، ثم عرج على طبيعة الأزمة فحلل مبدأ الاستقلالية داخل اتحاد الشغل واعتبر أزمة التمثيل النقابي الجامعي إحدى المؤشرات على أن هذا المبدأ يمر بامتحان صعب وطالب المركزية برفع هذا التحدي والاستجابة فورا لانتظارات الجامعيين.

كلمة الأخ الخموسي الحليوي

ثم تحدث في الأخير الأخ الخموسي الحليوي فعاضد موقف زملائه وذكر ببعض تفاصيل الأزمة النقابية في الجامعة وشكر المؤتمرين على تعاطفهم ومساندتهم للوفد الجامعي وعلى تبنيهم لبيانه وطالب باتخاذ قرار حاسم لمواجهة الأزمة، مثمنا مساندة قيادة الاتحاد وفي مقدمتها الأمين العام للجامعيين وشدد أخيرا على ضرورة أن تقلع الوزارة عن المماطلة، إذ أن الكل يعلم أن ما تسميه أطرافا نقابية أخرى لا يمثلون غير أنفسهم وأكد في الأخير أن أصحاب الحق، على حق وهم الذين سينتصرون أخيرا.
هذه أهم تفاصيل تدخلات نواب الجامعيين في المؤتمر وهي تدخلات تركت لدى المؤتمرين إحساسا واضحا بخطورة الأزمة في الجامعة وبضرورة تفعيل التضامن النقابي لحلها.

مهلة بشهر وإلا …

ولعل أهم نتيجة لمشاركتنا تضمنها ردّ الأخ الأمين العام على هواجسنا ومطالبنا فذكر بالمساندة اللامشروطة التي قدمتها قيادة الاتحاد للجامعة العامة وبوقوفها معها إبان الإضراب الإداري وبمباركتها توحيد التمثيل النقابي بالقطاع لكنه اعتبر في كثير من الصرامة أن الوقت قد حان لإيجاد حل نهائي للازمة وصرح بوضوح انه يضع أمام وزارة الإشراف مهلة شهر فقط للتفاوض الجدي مع ممثلي الجامعة مهددا بأنه في حالة عدم تحقق ذلك سيضطر إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية حتى ولو احتاج الأمر إلى تفعيل التضامن النقابي بتحريك قطاعات التعليم بأسرها بل أكثر من ذلك إن لزم الأمر، ثم أعلن الأمين العام عن تبنيه البيان الخاص بقطاع التعليم العالي الذي طالب ممثلو الجامعة العامة بمصادقة المؤتمر عليه والذي نورد فيما يلي ملخصا لأهم البنود التي تضمنها:

·       مساندة الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي المنبثقة عن المؤتمر التوحيدي للقطاع وتثبيتها داخل الهيكلة التنظيمية للاتحاد وتبني مطالبها المشروعة. ·       تكليف القيادة التي ستنبثق عن المؤتمر بالتفاوض مع أعلى هرم السلطة حول ملف التعليم العالي من اجل احترام استقلالية الاتحاد وحمل سلطة الإشراف على الاستجابة لمطالب الجامعيين. ·       المطالبة العملية والحازمة برفع يد القضاء عن الشأن النقابي الداخلي وعدم التردد في رفع قضية لدى منظمة العمل الدولية في الغرض في حالة استمرار هذا الوضع. ·       استنكار النهج الذي تتبعه حاليا وزارة الإشراف في التحاور مع الجامعة العامة بإقحام أطراف أخرى تحضر باسم الاتحاد ولا علاقة لها به. ·       عقد هيئة إدارية وطنية حول التعليم العالي تتناول كل قضايا القطاع وتأخذ ما تراه صالحا من القرارات الكفيلة بمجابهة هذا الوضع وبتفعيل التضامن النقابي بين ·       القطاعات.

                        * الكاتب العام  للنقابة الاساسية  بكلية الاداب    بمنوبة  

 

 

المؤتمر الرّابع للحزب الدّيمقراطي التقدّمي

نجح الحزب و فشل أحمد نجيب الشّابي

بقلم: عمر

 

أجمع أغلب المتابعون للحياة السّياسية الوطنية في تونس على نجاح المؤتمر الرّابع للحزب الدّيمقراطي التقدّمي، المنعقد الأسبوع الفارط بنابل؛ حيث كان مؤتمرا ديمقراطيا، شفّافا و ثريّا. و يمكن في هذا الإطار أن نسوق الملاحظات التّالية:

 

** شهدت مختلف لجان المؤتمر في أغلبها مداخلات جيّدة و عميقة ممّا يشهد بنجاح الحزب في استقطاب الكادر السّياسي النوعي و المميّز، و هو ما تجلّى كذلك في  عسر المفاوضات و تعطّلها في عديد الأحيان حول تشكيلة اللّجنة المركزية و بشكل أكثر عسرا حول تركيبة المكتب السّياسي.

 

** كان النّقاش سياسيا صرفا و تمحور أساسا حول الخطّة السياسية للحزب و رؤيته المستقبلية، و قد ركّزت جلّ التدخّلات على العلاقة مع السّلطة و مع قوى 18 أكتوبر المعارضة، حيث أكّدت جميعها تقريبا على ضرورة المحافظة على مصداقية الحزب و جرأته و ضرورة مواصلة تعميق العلاقة مع قوى المعارضة التّونسية مع التركيز أساسا و أوّلا على البناء التنظيمي للحزب.

 

** تمّ التصويت على جميع اللّوائح التي عرضت على المؤتمرين بفوارق بسيطة جدّا و هو ما يؤكّد التوازن الحاصل داخل الحزب بين رؤيتين سياسيتين مختلفتين، كما شهد المؤتمر إسقاط اللاّئحة الشبابية و مرور اللاّئحة السياسية بصعوبة كبيرة بعد انقسام الأصوات على نصفين و احتفاظ حوالي 20 مؤتمرا بأصواتهم و هو ما يثبت الرّوح الإيجابية التي قادت أحد طرفي التنافس السّياسي برفضهم إسقاط اللاّئحة.

 

** لئن نجح الحزب الدّيمقراطي التقدمّي في إنجاز مؤتمر يعتبر ناجحا للغاية مقارنة بما يقع في بقيّة الأحزاب السياسية بما في ذلك الحزب الحاكم (ديمقراطية، شفافية و نقاش مفتوح و ثريّ) فقد فشل أمينه العامّ السّابق في ترك انطباع جيّد لدى المؤتمرين خاصّة في اللّحظات الحرجة التي عاشها المؤتمر.

 

** عندما اشتدّ النقاش بين المؤتمرين حول الرّؤية السياسية للحزب و اختلفت الآراء كثيرا، و في الوقت الذي انتظر فيه المؤتمرون تدخّل الأمين العامّ السّابق على الأقلّ لتثبيت القواسم المشتركة بين الرّؤيتين وصياغة توافقات حول الإختلافات فإذا بهذا الأخير يأخذ الكلمة و يلقي خطبة عاطفية (و هو ما أثار تهكّم المؤتمرين) و يتحوّل إلى مناصر شرس لأحد طرفي الصّراع.

 

** شدّة مناصرة الأمين العامّ لرأي المقاطعة و التّصعيد السّياسي فسّره أغلب المؤتمرين بالتداخل الواضح بين الأجندة السّياسية الشخصية للأمين العامّ السّابق و بين الأجندة السياسية للحزب فكما لا يخفى على أحد فإنّ الأستاذ الشّابي يرى نفسه زعيم الحركة الدّيمقراطية وأنّ الوقت قد حان ليلعب دروا وطنيا متقدّما في2009 ؟؟؟؟؟.

 

** نجحت بعض أبواق الدّعاية للأمين العامّ السّابق في آخر المؤتمر (بعد انفضاض أغلب المؤتمرين وبقاء أعضاء اللّجنة المركزية فقط) في تمرير مقترح إعطاء الأمين العامّ خطّة سياسية مرموقة تليق بحجمه السّياسي ؟؟؟ وقد كان هذا المقترح قد قوبل بالرّفض في أثناء أشغال المؤتمر. والأمين العامّ قال أنّه لن يقبل هذه الخطّة (مفوّض أعلى للشؤون الدّولية و الوطنية\ فماذا ترك للأمينة العامّة؟؟؟) إلاّ بإجماع المؤتمرين. فيا خيبة المسعى لقد رفض المقترح 10 مؤتمرين وتحفّظ عليه 16 مؤتمرا وكما كان منتظرا فقد اعتبر الأمين العامّ ذلك إجماعا (علما وأنّ من تبقّى من المؤتمرين لا يتجاوز 100 مؤتمر).

 

خلاصة لقد نجح الحزب و فشل أمينه العامّ السّابق وخرج المؤتمرون و لسان حالهم يقول: ما بالطّبع لا يتغيّر فالأستاذ مع ما قدّمه من نضالات وتضحيات لم ينجح في نكران ذاته وفي تقديم درس نضالي كامل الشروط  حول التداول الدّيمقراطي ورسّخ لدى أبناء الحزب و بناته ولدى الرّأي العامّ الوطني أنّه لا يختلف كثيرا عن دينصورات السياسة التّونسية من بن علي إلى مصطفى بن جعفر وحمّة الهمّامي ومحمّد حرمل و غيرهم من الحفريات التي ولّى زمنها. وعزاؤهم في ذلك هذه الجيل الجديد من المناضلات و المناضلين علّهم يرسون تقاليد نضالية جديدة في حزب هو الأكثر انفتاحاً و أملاً.


نحو مشروع إسلامي مدني وتحرري يحترم وعي الجماهير

مرسل الكسيبي (*) حين علقت قبل يومين على الجزء الأول من ورقة الأخ الفاضل الدكتور خالد الطراولي والمعنونة ب »المشروع الاسلامي التونسي ونزيف الانسحابات » ,ظننت أنني قد أغلقت قوسا لم أود الرجوع اليه ,ولكن تبين لي في ثنايا تصفح ماأتبعه من حلقات حول مسائل الخروج السياسي والخروج الفكري وطبيعة المشروع الاسلامي الذي تتعدد قراءاته وتصوراته في الساحة العربية والتونسية ,تبين لي أن الاضافة والبيان في موضع اثارة كثير من الأسئلة حول واقع ومستقبل الظاهرة الاسلامية التونسية بات من قبيل الواجب الذي لايمكن أن نتخلى عنه ولاسيما في ظل ماحملته ورقة الأخ الطراولي من ايماءات وتلميحات كنا أحد أطرافها المعنيين دون أدنى شك ,حيث أن اللبيب من الاشارة يفهم ,ولو أن جزءا من طروحاته في هذه الورقة كان موجها لاخوان اخرين اثروا الخروج من حالة الصمت الحزب الداخلي والانضباط المشيخي من أجل التعبير عن قناعاتهم في كنف الحرية وبعيدا عن كل أشكال الوصاية التي تمارس باسم قداسة التنظيم أو باسم قداسة القائد الأعلى الذي ينبغي أن ينزه عن العيب والنقصان. ابتداء أود أن أذكر كافة الاخوة القراء بأن مجموعة التجارب التي مرت بها الحركة الاسلامية في تونس والتي حملت تسمية حركة الاتجاه الاسلامي سابقا وحركة النهضة حاليا ,لم تكن تجربة خالية من كثرة الاخفاقات والعذابات والتعثرات السياسية الكبيرة,ولعله ليس بخاف على الجميع بأن المسؤولية في هذا الموضوع لاتعود فقط الى طبيعة السلطة في تونس التي مالت على مدار عقدين ونصف الى التعاطي مع ملف الاسلاميين الوسطيين في تونس بطريقة أمنية غير معقولة وغير مقبولة,بل ان أسلوبها في تفريك التعقيدات السياسية للبلاد والأزمات الكبرى كان يحمل على الدوام بصمة امنية لم تعد اطلاقا مبررة ومفهومة,ولاسيما في ظل ماحققته تونس من مكاسب وطنية تنموية وتعليمية وصحية واجتماعية لن اسمح لنفسي بنكرانها مهما اختلفت مع السلطة نتيجة محاكمتها لي في ثلاث مناسبات على خلفية سياسية. لقد تحدثت في العشرات من المقالات والتحليلات السابقة حول ماارتكبته السلطات في تونس من خطايا سياسية دعوتها وفي كنف الشفافية والجرأة الى مراجعتها وتضميد جراح ضحاياها حتى لاتنقلب الأمور الى حالة من الاحتقان السياسي والاجتماعي غير محمود العواقب ,ولعل ماحدث مؤخرا من أحداث صدامية ذات منزع ارهابي منبوذ وقبيح بضاحية حمام الأنف هو أحد التعبيرات الخطيرة عن مصائر الأمور في ظل ممارسة سياسة الهروب الى الأمام بدل معالجة جذرية لمسببات التطرف الفكري والسياسي. ومن هذا المنطلق كان لزاما على في هذا الموضع عدم الخوض مجددا في الدور الكبير الذي لعبته أجنحة مغالية داخل النظام التونسي في الوصول بالبلاد الى حالة من التأزم الفكري والنفسي والسياسي المنذر باكراهات وارهاصات قد تذهب بأمن وطمانينة الناس-وهو مايؤسفنا ويحزننا حقا في ظل عدم الالتفات الى أصوات ونغمات النصح والتوسط والاعتدال. وعودة الى حركة النهضة التي نكن لكل مناضليها الشرفاء والذين حافظوا على خط التوسط والاعتدال والوطنية كبير الاحترام,فان وجه الاحتجاج لدينا على هذه التجربة يكمن في عدم محاسبة عناصر قيادية بارزة مازالت ممسكة بزمام الأمور الى اليوم على مغامراتها المتكررة وغير المسؤولة بأجيال كاملة من التونسيين ,وهم للأسف الشديد ليسوا مئات ولاالاف وانما أكون صادقا اذا قلت عشرات الالاف من التونسيين والتونسيات. اذ أن الماكينة السلطوية ليست وحدها المسؤولة على ما وقع اليوم لتونس وخيرة شبابها وشاباتها,وانما أيضا اولئك الذين كانوا يخوضون بشباب في مقتبل العمر المغامرات تلو المغامرات تارة باسم مقتضيات دولة الاسلام وتارة أخرى باسم فرض الحريات وتارة أخرى باسم التمكين والانبثاث وغير ذلك من شعارات وكلمات جميلة لم تأخذ في الحسبان التوازنات الكبرى للبلد والمساحات المتلونة للتشكيل الفكري والسياسي والاجتماعي. ان هؤلاء الذين لايستشعرون المسؤولية العظيمة أمام الله تعالى ثم امام الشباب الغض الطري الذي وضع وراء القضبان نتيجة عدم النضج السياسي وجراء طموحات من الوزن الثقيل بالنسبة لبعض الكوادر التي كانت تحلم بتولي زمام الأمور في مشروع سياسي ضبابي لم تكتمل عناصر نموه ونضجه الفكري والتربوي وعلى حساب الاستقرار الاجتماعي وعلى حساب أطراف سياسية أخرى ترى نفسها أسست للدولة الوطنية الحديثة أو ساهمت في جمالية المشهد والفضاء العام ,ان هؤلاء وفي صراحة مع النفس والناس ليسوا جديرين اليوم بقيادة ركب الاسلاميين واعادة تسويق أنفسهم اخوانيا واعلاميا من أجل التربع على رؤوسنا من جديد وقيادتنا باسم الاسلام أو الحرية التي يقع اهدارها حين يتعلق الأمر بأشخاصهم التي ينبغي أن تبقى منزهة عن النقد والمحاسبة عن اهدار عشرات الالاف من مشاريع الكوادر العليا للبلاد والذين وقع تخريجهم بأرباع وأثلاث وانصاف شهادات عليا في سلك السجناء والمنفيين… ان الأمانة أمام الله تعالى أولا تحتم علي القول بأن تصرفات السلطة كانت ظالمة وجائرة ومتسلطة ولاانسانية في حق هؤلاء ,ولكن لايعني هذا أبدا أنه ليس من حق النهضويين الأحرار والشرفاء أن يتركوا مثل هذه القيادات المغامرة بمستقبل بلدها صلب حركتهم تمر ضمن مقولات المشيخية الناعمة والقداسوية الدينية التي يضفيها البعض على شخصه من خلال اعتماد مرجعية اسلامية في الخطاب السياسي… اننا لسنا في زمن يمكن أن نجر فيه الى المحن المتتالية والذي تدفع فيه تونس ضريبة في اسلامها وعمقها الحضاري والأخلاقي والاجتماعي والسياسي باسم الصبر على الابتلاء والاقتداء في ذلك بمسالك الرسل والأنبياء..-عليهم أفضل الصلاة والسلام-,حيث أن مثل هذا الخطاب لايمكن أن يمرر على النبهاء في مجتمع عربي واسلامي يفترض في أهله جميعا الاسلام والانتماء الديني الحضاري ,اننا لسنا في معركة مع المشركين أو القرشيين أو فراعنة العقيدة الذين ينكرون الألوهية, بقدر ماأننا أمام ظواهر انحراف فكري وسياسي وقعت في مراحل تاريخية معاصرة من عمر دولة الاستقلال ,ولاسبيل الى تصحيحها الا بالدفع بالتي هي أحسن وتوسيع دائرة الفعل والمشاركة الهادئين والحكيمين في الفضاء العام. ان المشروع الاسلامي السليم أجده اليوم في الحزب الديمقراطي التقدمي حين يعكف مناضلوه الأحرار على تجربة ديمقراطية في التداول على أمانته العامة وهو مايغيب حقا وفعلا عن الحركة الاسلامية التي ابتليت بقداسة الزعيم نتيجة بنية فكرية وسياسية وتربوية في حاجة الى التحديث والتصحيح … ان المشروع الاسلامي أجده في نضال الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان حين تصبر على كل مااصابها من اذى من أجل عقد مؤتمرها الخامس ,ومن أجل الذود عن كرامة الانسان وسلامته الجسدية… ان المشروع الاسلامي أجده في مرابطة الأحرار داخل المجلس الوطني للحريات من أجل ترسيخ قيمة احترام الانسان وكيانه الفكري والسياسي والبدني ,ومن ثمة رفع شموع الحريات في ليالي وربوع تونس الخضراء… ان المشروع الاسلامي أجده رابضا في نضالات الشرفاء داخل المؤتمر من أجل الجمهورية حين يتشبث أحراره بقيم العدل والسيادة والكرامة الوطنية من اجل مستقبل افضل للجمهورية الثالثة التي نطمح الى رؤيتها نحن معشر التونسيين… ان المشروع الاسلامي نجده اليوم ايضا في نضالات النقابيين داخل الاتحاد العام التونسي للشغل حين يرابطون داخل الخيام لاشهر متتالية من أجل الحفاظ على مؤسساتنا العمومية وعدم تفتيتها تحت مسمى التفويت… ان المشروع الاسلامي يتلمس خطاه الناجحة والمثابرة داخل الجمعية الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين ,وهي تخوض نضالات بطولية من أجل تحرير سجناء الرأي.. ان المشروع الاسلامي هو بذرات الخير داخل كل الأحزاب الوطنية التونسية بما في ذلك الحزب الحاكم ,حين يجنح مناضلوه الأحرار والشرفاء الى التصحيح والاصلاح والانفتاح .. ان المشروع الاسلامي نجده اليوم داخل سلك الأمن الوطني ,في عقول وممارسات أولئك الرجال الذين يتصدون للانحراف والجريمة والاتجار في الأعراض والمخدرات وكل الممنوعات ,وهم يخاطرون بحياتهم من اجل تأمين حياة اكثر أمنا وطمأنينة لكل التونسيات والتونسيين… ان المشروع الاسلامي نجده في جنود تونس الذين يحمون الثغور ويتصدون لمخاطر الارهاب الأعمى الذي يريد أن يحول اسواقا الى اشلاء من دماء ووطنا امنا الى ساحة من اللااستقرار… ان المشروع الاسلامي موجود اليوم في ربوع تونس في مدارسها ومعاهدها وجامعاتها التي تربي الناس على الخيرات وفضائل الأخذ بناصية العلم والتقنية والرقي قي سلم المعارف… ان المشروع الاسلامي موجود اليوم في مصانع تونس وشركاتها واسواقها وكل ربوع الانتاج فيها ,حيث يتجند مئات الالاف من اجل تأمين حياة اقتصادية وخدماتية أفضل لعشرة ملايين من المواطنين الذين ينشدون حياة كريمة افضل… المشروع الاسلامي موجود في مساجد تونس التي يتعلم فيها الناس الخيرات والكلمة الطيبة والخلق الرفيع ,ويتذكر فيها الناس اسم الله ويتعبدون فيها اليه بالصلوات والذكر الحكيم والتوجيهات الاسلامية الصادقة… المشروع الاسلامي ليس فقط واجهة حزبية لابد أن نحشر جميع التونسيين فيها ,ونعادي من أجلها كثيرا من الناس ونطرح فيها الاسلام على التصويت ,من مع الاسلام ومن ضد الاسلام ؟!… ينبغي أن نستفيق اليوم وندرك أن المشروع الاسلامي ليس حكرا على حركة أو حزب وانما هو خيرات تسير في ربوع المجتمع ,ولابد أن تصبح سلوكا متأصلا في فضائنا  الحزبي والجمعياتي والثقافي والرياضي …,بعيدا عن العصبيات والشوفينيات وقسر الناس على مذهبية سياسية معينة يصبح مفهوم الأخوة بعدها مرهونا الى الانتماء السياسي للحزب الاسلامي…,وانه لمن عجائب الدهر والزمان أن الكثير ينقطع عن الاتصال بك أو السؤال عن احوالك وأحوال بنيك واهلك بمجرد نقدك لحركة النهضة أو دعوتك علنا الى مراجعة سلوكها السياسي في ضوء كثير من المستجدات والمتغيرات…! أي اسلام هذا وأية أخوة هذه وأية مبشرات للمشروع الاسلامي المفترض !… ينبغي الاقرار صراحة أن المشروع الاسلامي في حاجة ماسة اليوم الى مراجعة الاليات والأدوات واساليب التفكير ,والى تنسيب الممارسة على ضوء مايحدث للناس من أقضية وحاجات ,وأن مفهوم التشريع الاسلامي واسلمة الحياة لابد أن تخضع لخصوصيات الأوضاع القطرية والسياسية والاجتماعية ,وأن التعبد الى الله تعالى كبد ومشقة لابد أن تدرك بالحكمة والموعظة الحسنة والابتسامة في وجوه الناس وتوخي الوسيلة الى كل عمل صالح عبر مد يد الخير والتعاون والصفح الى الجمهور ,دون أن يعني ذلك تغييرا للأحكام أو الفرائض أو المتطلبات والتي نترك شأنها لزاما الى المتخصصين من الراسخين في العلم بدل ادخالها في مزادات البورصات السياسية ومن ثمة تضييعها وتضييع القائمين عليها ولاقدر الله تضييع الأوطان من وراء كل ذلك.. والى مصافحة قادمة بمشيئة الله تعالى… (*) لمراسلة الكاتب يرجى الاتصال على العنوان الاتي: reporteur2005@yahoo.de (المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » الالكترونية بتاريخ 28 ديسمبر 2006)  


نحو المنهج الوسطي

عدنان السيد حسين (*)      «في غمرة الأحداث التي تعصف بالعالم الإسلامي، وفي ظل تصاعد الأزمات وتشكّل المحاور السياسية والطائفية والمذهبية داخل الأمة، وصولاً الى الاشتباك الأمني والسياسي والثقافي، والصراع على الأوهام تحت عناوين حماية هذه الجماعة أو تلك، أحببت أن أتوجه الى علماء المسلمين من السنّة والشيعة لأطلب منهم ان يتحملوا مسؤوليتهم التاريخية أمام الأمة ومصيرها». هذا النداء من السيد محمد حسين فضل الله، يدل الى الخطر الكبير الذي يحدق بالأمة الإسلامية بعدما صارت مفككة بالصراع على الأوهام. نعم، إنها أوهام السلطة والثروة التي تدور في خلد الجماعات المتطرفة، والتي تتلطّى بالدين الحنيف لتبرير عنفها وإرهابها. وإنها أوهام «الإصلاح الديموقراطي»، الذي وجد ويجد في الشكل دعماً أميركياً، بينما يسقط العشرات يومياً في العراق تحت وطأة الاقتتال المذهبي والعرقي، ناهيك عن شبح الحرب الأهلية الفلسطينية الذي يخيّم على الضفة الغربية وقطاع غزة، ويهدد قضية العرب والمسلمين الأولى التي طالما دبّجنا البيانات والشعارات حولها، من دون أن نُحسن إدارة الصراع مع الصهيونية وإسرائيل. وفي لبنان، يسيطر الاحتقان الطائفي والمذهبي بإصرار قوى داخلية وخارجية. بعضها يدعي احتكار الإسلام، وبعضها الآخر يدعي احتكار الديموقراطية. وكل ذلك مطروح في وسائل الإعلام لحساب فرقاء الأزمة دونما اعتبار للمصلحة العامة، جوهر الشريعة، ومبتغى الاصلاح! وفي غير بقعة من العالم الإسلامي صراعات داخلية، بعضها بين فرقاء يحتمون بالسنّة والشيعة، وبعضها الآخر بين «معتدلين» و «متطرفين» في وقت ضاع فيه معيار التمييز بين الاعتدال والتطرف. ويا للمفارقة عندما تطرح الإدارة الأميركية الحالية مساندتها ضناً بالديموقراطية، بينما تسقط سيادة العراق على جميع المستويات. ومن المظاهر المأسوية احصاءات بعض المراقبين والدارسين عن أعداد السنّة والشيعة هنا وهناك، وعن مكامن قواهم، وعن تطلعاتهم المتباينة، فكيف يواجه علماء المسلمين هذه الفتنة؟ ثمة بيانات ونداءات سابقة لوأد الفتنة، صدرت عن مجامع ومرجعيات. بيد ان الواقع على الأرض لم يتغير، لأن الحركة الميدانية ظلّت في أيدي المفتنين، أو هي أسيرة إعلام مضلِّل ومضلَّل. ويبقى السؤال الكبير: لماذا وقف التاريخ الإسلامي عند عصر الفتنة الكبرى، ولم يتحرك بعدها نحو رحاب الإسلام وآفاق المستقبل الإنساني؟ هنا لا يستطيع أحد التبرؤ من هذا التخلف. لا بد من مكاشفة مسؤولة، تستند الى حقائق العلم، ومنهجيات العصر بما يحمله من تطور في البحث واكتشاف الحقائق مهما كانت نسبية. ولا بد من إعادة نظر شاملة بوسائل تأهيل الدعاة، وبثقافتهم الموروثة. مع الإشارة الى أن الموروث الثقافي يحمل أحياناً إيجابيات معتبرة، لكن لماذا التحنيط المتحفي؟ نعود الى المشروع الأميركي لتقسيم العالم الإسلامي، فنجد الإرهاب يتوسع بعد ادعاء مكافحة الإرهاب. ونجد الحروب الاستباقية غير المبررة في القانون والشريعة. ونجد مشاريع الشرق الأوسط، الجديد أو الكبير، لخدمة المشروع الإسرائيلي أولاً. فإسرائيل محور هذه المشاريع، منذ مطلع خمسينات القرن الماضي، أي منذ البيان الثلاثي الشهير بين الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا حول النظام الأمني في الشرق الأوسط. وإذا تفاقمت الفتنة، ماذا يبقى من صمود العالم الإسلامي أمام مشاريع المحافظين الجدد بالتحالف مع إسرائيل؟ وما هو مصير قضية فلسطين؟ وإذا اتجه العراق تحت وطأة الفتنة نحو التقسيم، هل ستنجو بلاد أخرى من هذه الآفة؟ من المهازل الكبرى، أن يعترف جميع المتطرفين بمخاطر الفتنة، وكيف انها تخدم المشروع الاسرائيلي أولاً وأخيراً، ثم يتجه هؤلاء نحو إثارة الفتنة في بيانات وتصريحات، غير آبهين بالمنهج الوسطي، ولا بتسامح الإسلام. بات على المثقفين في العالم الإسلامي واجب أخلاقي، هو واجب وأد الفتنة، وليس الانخراط فيها. ولا مكانة لعلومهم، إذا ما استشرت الفتنة لأنها ستأكلهم. ولا حماية لهم في أوطانهم، وداخل منازلهم، إذا ما عمّت الفوضى. أما علماء المسلمين فإنهم مطالبون برفع راية التوحيد، وإعلاء شأن المواطنة بعيداً من التصنيف الطائفي والمذهبي والعرقي. وحريٌ بهم إدراك مدى تقديس الإسلام لحقوق الإنسان، في الحياة والكرامة الشخصية والحرية والتعلّم والعيش… إنهم مطالبون بمواكبة العصر لمعالجة مشكلاته بالعلم وفق قاعدة المصلحة العامة، جوهر الشريعة. (*) كاتب لبناني (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 28 ديسمبر 2006)


المرضى على الدّوام…

رضا الملولي   (1) نماذج بشريّة عديدة تعيش معنا وتتقاسم معنا الهواء بصنفيه، النقي والملوّث، ومع ذلك تصرّ على الملوّث وتدفع إلى أن يكون قاسما مشتركا بين الجميع. من بين هذه النماذج يوجد الوشاة والكذّابون والمخادعون والمتخرّجون من مدرسة (استفيد) الشهيرة التي تحوّلت عند الصنف الذي نتحدّث عنه إلى سعي محموم للكذب العلني والإيقاع بالآخرين. وكم مرّة ضُبط أحد عتاة هذا الصنف وهو بصدد إجراء مكالمة هاتفيّة : –  »آلو سي فرج، راني ما نرقد إلاّ ما نتهنّى على تونس، وبالمناسبة راهو… – ماذا بيك ما عادش تضرب تونس زوجتك، راو القانون يعاقبك… -لا، سي فرج، أنا نقصد تونس الأخرى، وبالمناسبة راهو… – آش بيه عقلك صغيّرْ، يزّي من الكذب ومضرّة العباد… هذه عيّنة من تشبّث النماذج البشريّة غير المنتجة بصلفها وادّعائها الكاذب بخدمة الصّالح العام… والحال أنّها سليلة مهن مختلفة، فقد تهتمّ بالبورصة واللّيزين والثلاجات والعرّافين وشراء العقارات وتحشر أنفها في السياسة والإبداع والبنوك والإعلام الخاصّ… هذه النماذج، تربّى بعضها في مدارس التزمّت والأحجبة المختلفة وتريد اليوم أن تتظاهر بمظهر التقدّميين، لكن بواسطة حجاب آخر، قد يكون (كأس دجين) أو الإيهام بأنّها على علاقة وثيقة بمستثمرين عرب ومسلمين وفي كلتا الحالتين : كاد المريب أن يقول خذوني !! (2) لن نأتي بالجديد إذا قلنا إنّ مقدار تحرّر الشعوب اليوم يقاس بمدى توظيفها للزمن وقدرتها على اختراق الموانع مهما كان سمكها… ومن الثابت أنّ للعولمة مضمونها الإعلامي والثقافي الرّهيب الذي تؤطّره الفضائيّات المتعددة والكابلات والانترنات وكلّ ذلك ييسّر إلى حدّ بعيد ترويج ثقافة العولمة مثلما يسهّل في نفس الوقت ترويج السّلع القادرة على المنافسة دون غيرها. فهل تنسحب هذه البديهيّة على بعض المنشورات ببلادنا واللّهاث المحموم لأصحابها للرّبح السريع دون غيره، حتّى ولو كان ذلك على حساب القيم الكونيّة ؟ بعض النشريات يتأوّه صندوق القمامة عندما توضع داخله لما تحويه من سخف ومهنيّة مفقودة حتّى على صعيد كتابة الأخبار والتعليقات، وبالمناسبة ندعو إلى إدراج بعض المنشورات ضمن مواد التدريس بمعهد الصحافة كعيّنة على المنشورات البائسة التي على الطالب(ة) تجنّب صياغتها وعناوينها الكبرى ومنحاها الارتزاقي. ومع ذلك يصرّ صاحب النشريّة على عبقريّته والإيهام بقدرته على ترويض عقول أخرى معدّة سلفا للتزمّت وهناك موضة جديدة بدأت بالبروز على أعمدة بعض المنشورات هي ظاهرة (العبيد الذين يشتغلون بالقطعة) -Nègres- حيث يكتبون ما يشبه المقالات ويمضيها آخرون من مشعوذي هذا الزمان الذين يغيّرون مواقعهم بوتيرة تغيير سراويلهم ونظاراتهم كذلك… (3) وما دمنا نتحدّث عن النماذج البشريّة المريضة، علينا أن نشير إلى خطورة المتزمتين القدامى-المتجدّدين، ممّن حبّروا مقالاتهم على أعمدة مجلاّت مقبورة كالمجتمع والمعرفة، فهؤلاء مازالوا يمارسون التقية المفضوحة إلى اليوم، مغرمون بالهمسات لا يتجرّؤون على إبداء الآراء الواضحة، يظهرون عكس ما يضمرون، ينقدون الشعوذة ويبيعونها كمادّة للأوهام وكثيرا ما تصطبغ أقوالهم بالتذبذب والغريب أنّ هذه العناصر يسوؤها باستمرار النجاح والوضوح والنظافة، فتراها تسعى إلى التعكير وخلط الأوراق والكذب وتسمّى ذلك (تنشيط المدينة) عبر هواتفها المحمولة… (4) إنّ الانفصال المفضوح بين اللفظ والفعل، بين الكلمة والحركة هو سمة النماذج البشريّة المريضة، الذين يشكّلون لوحدهم واقعا فاسدا لابدّ من القضاء عليه حتّى لا تستفحل أمراضه. (المصدر: مجلة حقائق، العدد 1096 بتاريخ 28 ديسمبر 2006)
 

 

التصوّف فـي زمن الاستقلال السياسي وبناء الدولة الوطنيّة (الجزء الثاني)

بقلم د. محمد شقرون نواصل في هذا العدد نشر الجزء الثاني والأخير من المحاضرة التي ألقاها الدكتور محمد شقرون في الملتقى الأول للإخوان التيجانيين الملتئم بالجزائر من 23 إلى25 نوفمبر 2006 وكنا قد نشرنا الجزء الأول منها في العدد السابق. يمكننا القول إنّ دور التصوّف في التأطير الاجتماعي قد تراجع بعد استقلال الدّول الإسلاميّة على ما كان عليه في السّابق وخاصّة في فترة الاستعمار حين كانت الزّوايا مدارس للجهاد السلمي أو الحربي و معاقل للحفاظ على الهويّة و العقيدة ضدّ حملات التنصير والتّشكيك في القيم الدينيّة والأخلاقيّة للشعوب الإسلاميّة، فقد أخذت تلك الدّول على عاتقها مسؤوليّة تسيير الحياة الاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة لشعوبها. بل لعلّه يكون قد اختفي تماما من الحياة العامّة في بعض الدّول إلاّ من بعض المظاهر في بعض المناسبات حين توقّفت عنه مصادر التّمويل مثل تونس التي بادرت حكومتها بعد الاستقلال بإيقاف العمل بنظام الوقف فحلّت  »الأحباس » و أصلحت نظام التعليم ووحّدته، وخصّت به المدارس الحكوميّة و جعلت من جامع الزيتونة جامعة مثل بقيّة الجامعات التونسيّة تابعة لوزارة التعليم العالي، عصريّة التنظيم و البرامج مع تخصّصها في علوم الدّين وحضارة الإسلام، أو تركيا التي سبقت تونس في هذا التوجّه بل ذهبت فيه بعيدا، أو الدّول التي وقعت تحت حكم النّظام الشيوعي في الاتّحاد السوفياتي السابق حيث لم تعر الحكومات أيّ اهتمام بالتّعليم الدّيني، بل ذهبت إلى حدّ منعه و مقاومته. نعم تراجع دوره في العالم الإسلامي بظهور الأحزاب السياسيّة و المنظّمات ذات الصبغة الاجتماعيّة و الثقافية التي نجحت في جلب النّاس إلى صفوفها وقامت بعمليّة التأطير السياسي والاجتماعي والثقافي فسلبته دوره في تلك العمليّة أو هي قلّصت من ذلك الدّور حتّى ليتراءى للملاحظ أنّه اختفى تماما و لكنّ ذلك لم يقع. وكان لخروج التّعليم من الزّوايا والمساجد وتعديل البرامج و المناهج، و تأثير حملات التشكيك في دور التصوّف ودور رجاله في الحياة العامّة، وكذلك تأثير القيم الغربيّة التي جاءت مع الاستعمار وتواصلت بعده، دور هامّ في تراجع أمره، ولكنّه ورغم كلّ هذا لم يختف تماما. فحلقات الذّكر بقيت قائمة في المساجد والزوايا واجتماع النّاس في مناسبات تسمّى «الخرجة» أو  »الزردة » أو  »الزيارة » أو  »الموسم » أو غيرها من التسميات مازال مشاهدا في الكثير من الأماكن على امتداد العالم الإسلامي. بل إنّنا لنجد له حضورا مكثّفا في بعض المناطق من هذا العالم وخاصّة في إفريقيا جنوب الصّحراء الكبرى، حيث نلحظ تزايدا في أعداد المنتسبين إلى الطرق الصوفيّة، بل لعلّنا لا نغالي إذا قلنا إنّه قلّ أن نجد مسلما في المنطقة لا ينتسب إلى طريقة صوفيّة. لقد نجح التصوّف فيها في الحفاظ على مكانته في المجتمع وصار شريكا اضطراريّا للدولة الوطنيّة في عمليّة التنمية و مساهما في الحياة السياسيّة والثقافيّة للمنطقة. لقد حقّق التصوف جنوب الصّحراء التحوّل وتمكّن من التأقلم مع المعطيات الجديدة لحياة الأفارقة في ظلّ دول وطنيّة منخرطة في معركة التنمية و التحديث على النمط الغربي واستطاع المحافظة على دوره في التأطير الاجتماعي والثّقافي، و التأثير في الحياة السياسيّة وإن كان ذلك بطرق غير مباشرة ودون الانخراط في العمل السياسي المباشر. وساعده على ذلك، في رأينا، عاملان : أوّلهما تجذّره في الحياة الاجتماعيّة إذ كانت الطّرق الصوفيّة هي العامل الأساسي في انتشار الإسلام في تلك الرّبوع، فكان الإسلام طرقيّــا والمسلمون مريدين لشيوخهم، وله إلى جانب هذا رصيده التاريخي في مقاومة الاستعمار والحفاظ على الهويّة الإسلاميّة للمنطقة. وثانيهما طبيعة الدول الوطنيّة التي قامت في المنطقة بعد خروج الاستعمار لقد كانت تفتقر إلى الوحدة اللغويّة والعرقيّة، فكلّ دولة تضمّ أعراقا مختلفة يتكلّم أصحابها لهجات مختلفة أيضا لا رابط بينهم إلاّ الحدود الجغرافيّة التي رسمها الاستعمار حسب ما أملته عليه مصالحه في المنطقة، وفرّق فيها بين الأعراق و اللغات، فكان شعور الشخص بالانتماء إلى الإسلام وإلى طريقة صوفيّة فيه مثل شعوره بالانتماء إلى وطن تحدّه حدود جغرافيّة و إن كان يراها مصطنعة و يوجد خلفها إخوان له في المعتقد واللغة و العرق. كانت تلك الدّول تضمّ إثنيات متعدّدة ولغات متعدّدة و أديانا متعدّدة، فلم يكن بمقدورها احتكار الشأن الديني مثلما هو الأمر بالنسبة إلى الدّول العربيّة، فاختارت اللاّئكيّة مذهبا في السياسة، ولغة المستعمر لغة رسميّة للبلد، وتركت الدّين لأهله يرعون شؤونه، وقامت الطّرق الصّوفية بالمهمّة. لهذين السببين إذن بقيت الطرق الصّوفية حيّة في المنطقة عابرة للحدود، ولكنّها في نفس الوقت متعاملة مع الدّول الوطنيّة في تنفيذ السّياسة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثّقافيّة أيضا. فشيوخ الطرق رجال دين وعلم و لكنّهم إلى جانب هذا رجال أعمال. وهم بهذه الصّفة شركاء للدّولة الوطنيّة يساهمون في نشر المعرفة الدينيّة والأخلاق الإسلامية التي تضمن استقامة الفرد في حياته الأسريّة وفي تعامله مع غيره المؤمن بنفس العقيدة أو المختلف عنه. وتساعد مدارسهم على مقاومة الأميّة وتبديد ظلمات الجهل، كما تساهم مؤّسّساتهم الاستشفائية في نشر الثقافة الصّحيّة ومقاومة الأمراض والأوبئة. وفي الجانب الاقتصادي تقوم مزارعهم ومصانعهم ومؤسّساتهم الخدماتيّة بمعاضدة مجهود الدّولة في خلق مواطن الشغل وتوفير موارد الرزق. فكم من منطقة ريفيّة لم تصلها عناية الدّولة لضعف الإمكانيات، بنيت فيها المدارس و شقّت إليها الطّرقات، و أحيت فيها الأرض الموات. و كم من طفل فقير تمكّن من التعلّم في منطقته و واصل تعليمه بالمدن الكبرى و حتّى بالجامعة في بلده أو في الخارج، و ما كان ليحصل على ذلك لولا جهود شيوخ الطّرق و مساعداتهم. و إنّ ما تقوم به الطّريقتان الصّوفيّتان التيجانيّة و المريديّة في السّنغال مثلا، يعدّ نموذجا للشراكـة الفاعلة بين الدّولة العلمانيّة والطّرق الصوفيّة حاملة لواء الدّين، وحارسة الهويّة الإسلاميّة. فتعليم القرآن حفظا وتلاوة وتفسيرا، وتدريس مختلف فروع المعرفة الدّينيّة الإسلاميّة وكذلك تدريس اللغة العربيّة و آدابها، والحضارة الإسلامية وتاريخها، كلّ هذا يكاد يكون حكرا على مدارس الطّرق الصّوفيّة و شيوخها. وهؤلاء الشيوخ هم الذين يقع على عاتقهم تكوين الأيمّة في المساجد في أمة غالبية سكانها مسلمون، و هم الذين يتخرّج على أيديهم مدرّسو اللغة العربيّة في المدارس الحكومية و العاملون في وزارة الخارجية و في قنصلياتها في الدول العربيّة والإسلاميّة. ويكفينا أن نذكر أسرا مثل «طال» و«سي» و«نياس» من التيجانيين و«امبك» و«فال» من المريدين و«كان» من القادريين، ونذكر مدارسهم ومساجدهم ومؤسّساتهم الفلاحيّة والصّناعيّة والخدماتيّة، حتّى نعرف مدى مساهمتهم في مقاومة الأميّة بنشر العلم والمعرفة، وخدمتهم للدين الإسلامي بنشر أحكامه و تعاليمه السّمحة التي تقي العارف بها الوقوع في براثن التطرّف والإقصاء. ونعرف كذلك حضورهم الفاعل في الدورة الاقتصاديّة للسنغال بمساهماتهم في رفع مستوى الدّخل الفردي، ومعاضدتهم مجهود الدّولة في الحدّ من تفاقم البطالة. وما نذكره عن السّنغال يصحّ وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة على بقية بلدان المنطقة جنوب الصّحراء الكبرى. التصوف في زمن العولمة : يعيش العالم الإسلامي اليوم تحت ضغط العولمة الزّاحفة التي تحاول فرض نمط واحد في التفكير والتصرّف و التعامل مع الطبيعة ومع الإنسان. والعولمة غربيّة يراد لها أن تكون مادّية لا دينيّة، تكرّس قيم الفردية واستغلال الفرصة وتحقيق الرّبح بأيسر السّبل و أقلّ التكاليف، هي تدعو إلى المنافسة ولا تتراجع عن استعمال القوّة إذا رأت فيها مصلحة لتحقيق أهدافها ، وتعرض عن قيم التّضامن و التّراحم واحترام الآخر المختلف في التّفكير أو في طريقة العيش. هي تعمل بمبدإ الثالث المرفوع ولا تؤمن بالمنزلة بين المنزلتين ويتمتّع أنصارها المستفيدون منها بإمكانيات ماديّة يسخّرونها في نشر قيمها وسيادة مفاهيمها، و يلقون بعض الصّعوبات في تحقيق ذلك. فالمعارضة قائمة والرّفض واقع لا يمكن إنكاره، ولكنّه غير موحّد وهو من هذه النّاحية ضعيف قليل الفائدة وعاجز عن التصدّي والمنازلة ما لم تتغيّر الظروف و تثبت المواقف. وهو يهمّ جانبا واحدا من مظاهر الحياة هو الجانب الثّقافي إذ ليس له بديل في الجانب الاقتصادي كما أنّ إمكانياته ضعيفة بالمقارنة بما توفّر لأنصار العولمة من إمكانيات. هو غير موحّد لأنّه مختلف ما بين الشّرق والغرب و نعني بالشّرق الدّول الإسلاميّة. فهو في الغرب اقتصادي اجتماعي بالدّرجة الأولى ثمّ ثقافيّ، و هو في الشّرق ثقافيّ بالأساس ثمّ اجتماعيّ و ليس للشرق ما يقدّم في المجال الاقتصادي باستثناء الموادّ الخام التي يعجز في غالب الأحيان عن استغلالها الاستغلال الأمثل. في الغرب يتحدّث المعارضون للعولمة عن الأضرار اللاّحقة بالمؤسّسات الاقتصاديّة الصّغرى من جرّاء هيمنة الشركات العالمية على الاقتصاد. هم يتحدّثون عن فقدان مواطن الشّغل بسبب غلق المؤسّسات الاقتصاديّة نتيجة المنافسة غير المتكافئة، أو نتيجة نقلها إلى أماكن أخرى بحثا عن الرّبح بتقليل نفقات الإنتاج، وما ينشأ عن ذلك من مشاكل اجتماعيّة تطال الفرد والأسرة والمجتمع عامّة. كما يتحدّثون عن الأضرار التي تلحق بالمحيط وتنعكس على صحّة الإنسان وما يتبع ذلك من مشاكل. في الغرب يتحدّث مناهضو العولمة عن التّخفيف من آثارها السيّئة اقتصاديّا واجتماعيّا ولكنّهم قليلو المناهضة لها في الجانب الثّقافي إذ العولمة غربيّة و قيمها كذلك غربيّة و هي تخدم مصالح الغرب. أمّا في الشّرق فالمعارضة قائمة في الجانب الثّقافي خاصّة ، و ما يمسّ الهويّة و العقيدة، لذلك كانت في هذا الجانب أقوى بكثير من الجوانب الاقتصادية و الاجتماعيّة. ليس للشرق صناعات يخشى عليها من الاندثار بفعل المنافسة غير المتكافئة مع الشركات الكبرى الغربيّة. كما لم يعرف الشرق التلوّث البيئي لغياب تلك الصناعات، ولم يعرف مشاكل البطالة النّاتجة عن فقدان الشّغل لأنّه لم يعرف رفاه العمل. فإذا نحن استثنينا الدّول النّفطيّة الغنيّة وجدنا أغلب الدّول الأخرى في بدايات الطّريق من حيث التّصنيع وتشغيل اليد العاملة، وهي تصدّر طاقاتها البشريّة كما تصدّر مصادر الطّاقة، وتستورد الخبرات ومعها تأتي الثقافة التي تخشاها وتسعى جاهدة إلى مقاومتها، إذ ترى فيها تهديدا لهويتها وعقيدتها. ولكن إلى أيّ مدى يمكن لهذه المقاومة أن تنجح في الحفاظ على العقيدة والهويّة؟ وهل لها برنامج بديل تطرحه على طاولة الحوار وتعرضه للمفاوضات بدل الدّخول في صراع الحضارات ؟ إنّ ما يلاحظ في هذه المقاومة هو اتّجاهها إلى الرّفض الكلّي لمقولات العولمة ، وهو رفض قد يأخذ منحى عنيفا في بعض الأحيان يصل إلى درجة المقاومة المسلّحة حين ينتقل الصّراع إلى غزو مسلّح. و ليس للغزو سوى المقاومة وما يتبعها من خسائر في الأرواح والممتلكات من الجانبين. و قد يطول النّزاع المسلّح و لا يحسم الأمر لفائدة طرف أو آخر. إنّ صراع الحضارات الذي بدأت بعض الأصوات في الغرب تتحدّث عنه وتكتب فيه، مقولة خطيرة النّتائج يجب أن تعوّضها مقولة حوار الحضارات، وهي مقولة قائمة ولكنّ أنصارها قليلون والإمكانيات الموضوعة على ذمّة أنصارها ضعيفة بالنّسبة إلى ما توفّر لأنصار مقولة صراع الحضارات. ولكي يكون حوار لابدّ من وجود بدائل، ولابدّ من السّعي إلى الإقناع بجدوى تلك البدائل، وهذه مهمّة الشرق . ولكي يتيسّر الإقناع يجب أن تكون تلك البدائل قابلة للحياة، بمعنى أن تراعي المتغيّرات التي عرفتها الإنسانيّة بفضل التقدّم العلمي وتنامي قدرة الإنسان على السيطرة على الطّبيعة، أي بقبول الصّالح والمفيد من ذلك التقدّم، من الثّورات التقنيّة والاتّصاليّة والاكتشافات العلميّة والطبية، وتعديل ما يمكن أن يدخل الضرر على علاقة الإنسان بالطّبيعة وبخالق الإنسان و الطّبيعة. إنّ للعولمة مساوئها و هذا الأمر يشترك في الاعتراف به عقلاء الغرب و الشرق، و في هذا الاتّجاه يجب، في رأينا، أن يقدّم الشرق البديل الذي يزيل المساوئ ويعدّل المسار و يضمن النّجاة فتكون العولمة شراكة و تبادلا للعطاء لا هيمنة من طرف على آخر. و إنّ للشرق ما يقدّم، و له ما يطرح، و في تاريخه من العبر ما يصلح للإنسانيّة، و في ثقافته من القيم ما يقيها الانزلاق المردي للجميع. و عليه أن ينتقي منها ما هو صالح للجميع متعال عن الخصوصيّة الاجتماعيّة والثقافيّة، يهمّ الإنسان مهما كان معتقده الديني أو المذهبي ومهما كان جنسه أو لونه أو لغته. كما أنّ عليه أن يأخذ من العولمة قيمها التي تعلو كذلك على الخصوصيّة الاجتماعيّة والثقافيّة للغرب. إنّ العولمة يراد لها أن تكون غربيّة، و نحن نؤمن أنّها يمكن أن تكون لا غربيّة و لا شرقيّة لو صدقت النوايا و صحّت العزائم. لو صدقت نوايا أنصار العولمة في الغرب في سعيهم الظّاهر نحو مساعدة شعوب العالم الثالث على التخلّص من الفقر والمرض و الجهل، والتخلّف الاقتصادي والاستبداد السّياسي. لو صدقت نواياهم في توفير الطّعام لكلّ فم والبيت لكلّ أسرة، واللقاح لكلّ طفل والرّفاه لكلّ فرد والحريّة لكلّ مواطن. ولو صحّت عزائم معارضي العولمة في الشّرق، على أن يكونوا شركاء فيها لا معارضين لأنّه لا سبيل إلى أن تكون المعارضة دائمة و ليس لها أن تكون كذلك و إلاّ تخلّف الشرق عن ركب الحضارة الإنسانيّة،و أصبح يعيش على هامش التاريخ المعاصر، أوهو فرضت عليه العولمة في شكلها الغربي فرضا لا يستطيع له ردّا، و نال منها فتاتا لا يسمن ولا يغني من جوع، فإذا هو لم يستفد من إيجابياتها ووقع تحت طائلة سلبياتها. الشرق والعولمة إنّ للشرق ما يساهم به في تعديل مسار العولمة، وله من الإمكانيات ما يساعده على طرح مساهمته فيها. إنّ له قيمَ التضامن والتسامح الخالدة، التضامن بين الأفراد و الأمم، والتسامح مع المختلف والمخطئ. وهي قيم تناهض الاستعلاء والاستغلال اللذين يتّصف بهما أنصار العولمة في الغرب حيث لا يقرّون بحقّ الاختلاف، و يسعون إلى استغلال الفرصة واقتناص اللحظة لتحقيق الرّبح وإدماج المختلف و القضاء على هويته التي هي مصدر معارضته قيم ليست خاصّة بالشرق إذ هي مشتركة بينه و بين الغرب ، جاء ت بها الأديان ودعت إليها النّفوس الطّيبة في كل أرض و زمان . ولعلّ في اشتراك الأديان في هذه القيم ما يسهّل عمليّة قبولها من الجميع إذا ما بادر الشرق بالدّعوة إليها و دعّم دعوته بالعمل على تحقيقها. و إنّ لنا في ذلك مثلا نضربه وهو قبول الأمم المتّحدة اقتراح تونس إنشاء صندوق عالمي للتضامن يساعد الدّول الفقيرة على الخروج من ربقة التخلّف الاقتصادي والاجتماعي الذي قد تكون العولمة في شكلها الحالي عاملا من عوامل وجوده و له من الإمكانيات ما يساعد على أن تكون لتلك القيم مكانة في نظام العولمة إن قدر على استغلال تلك الإمكانيات ، و هي إمكانيات مادّيّة و بشريّة غير خافية على الغرب. و لن يقدر على ذلك ما لم تتوقّف معارضته السلبيّة للعولمة و يأخذ بقيمها الدّاعية إلى العمل وخلق الثّروة والاستفادة من منتجات العقل البشري، ويسير على هدي قيمها الدّاعية إلى الحرية والتنوير وحقوق الإنسان والدّيمقراطية في تسيير الشّأن العام، ويولّي ظهره للخرافة والتواكل، و الإيمان بالقضاء والقدر مع ترك العمل و استعمال الحيلة، وبعصمة البشر وإلهام القيادات. وللطّرق الصوفية في كلّ هذا دور هامّ في الأخذ بأسباب الرّقي الغربي و التخلّص من أسباب التخلّف الشرقي بعد أن حقّق التصوّف نقلته النوعيّة من التفرّغ عن الدّنيا إلى العمل لها. هي مدعوة إلى القيام بهذا الدّور حتّى تضمن بقاءها واستمرارها من جهة، وتحقّق أهدافها في الحفاظ على هويّة الأمّة مع انتقالها إلى عالم المعاصرة مثلما تمكّنت من تحقيق ذلك في زمن الاستعمار من جهة ثانية. إنّ الطّرق الصوفيّة يمكن أن تحقّق نقلة نوعيّة ثانية و أن تكون منظّمات للمجتمع المدني إلى جانب المنظّمات الأخرى على النّمط الغربي، مستقلّة عن الدّولة متعاونة معها في تحقيق أهداف المجموعة الوطنيّة، وذلك بحكم تجذّرها في بعض المجتمعات الإسلاميّة وما توفّر لديها من إمكانيات مادّية ومن رصيد أدبي يضمن لها انخراط مريديها ومتابعتهم لها في توجّهها الجديد. وإذا تمكّنت من تحقيق تلك النّقلة النّوعيّة أصبحت شريكا للدولة في عمليّة التّنمية ومساعدا على نشر قيم التّضامن على المستوى المحلّي ودافعا إلى نشرها على المستوى العالمي بفضل ما وفّرته العولمة من وسائل الاتّصال السريع ووجود جاليات مسلمة و منخرطة في الطّرق الصّوفيّة في العديد من البلدان الغربيّة. فتستغلّ ما وفّرته العولمة لمقاومة مساوئ العولمة. وبحكم وجود الكثير من هذه الطّرق في مناطق تتعدّد فيها الأديان مثل الدّول الإفريقيّة الواقعة جنوب الصّحراء الكبرى أو الدّول الآسيويّة، فهي قادرة كذلك على أن تكون المحرّك الأساسي لحوار الأديان والتّعايش بينها في بلدانها، ومنها في المناطق الأخرى من العالم ، ذلك العالم الذي اتّفق عقلاؤه على أن لا حياة له في المستقبل بدون حوار جدّي بين الأديان والحضارات. بذلك تكون الطّرق الصّوفيّة سدّا منيعا ضدّ التطرّف والإقصاء، ومدارسَ للتسامح والحوار والتعايش السلمي، فتقي أممها شرور الفتنة وإهدار الطاقات، و تعلّم الآخر مبادئ التسامح والاعتراف بالاختلاف والخصوصيّة وتدعوه إلى كلمة سواء بينها وبينه. هي مدعوة إلى العمل على تكريس تلك القيم ، وإنّها لقادرة على أن تكون مدراسَ لنشرها (وقـُلْ اعْمَلـُوا فـَسَيَرَى اللهُ عَمَلـَكُمْ وَرَسُولـُهُ وَ المُؤْمِنـُون)َ صدق الله العظيم. (المصدر: مجلة حقائق، العدد 1096 بتاريخ 28 ديسمبر 2006)


ويلات الوصاية الامريكية

محمد فتحي السقا – تونس فعلا، الاخطبوط العملاق الامريكي قد تمطط في العالمين العربي والاسلامي ودمر كل ما يعترض طريقه. فان كان يحق لنا ان نعذر البعض في تماهيه مع المشروع الامريكي ـ الصهيوني في منطقة الشرق الاوسط نظرا لضبابية الرؤية فان الامور قد تغيرت جذريا بعد انتفاضة الاقصي ايلول (سبتمبر) 2000 وعدوان 12 تموز (يوليو) 2006 في لبنان. الفاشية الصهيونية والتي تستمد قوتها من الغول المتوحش الامريكي والتي اجتازت كل الخطوط الحمراء والتي ارتكبت مجازر مروعة في حق الانسانية وضافت الي سجلها الدموي مجازر اخري كمجزرتي مروحين وقانا ـ 2 ـ في لبنان ومجزرة بيت حانون في فلسطين، والكل يتذكر العنصري بولتن وهو يرفع الفيتو ضد قرار ادانة الكيان الصهيوني، هذا نفسه الذي رشحه فريق الاكثرية 14 آذار في لبنان، ومن غير المستبعد ان هذا الفريق يسعي الي اتفاق 17 ايار جديد ينضاف الي نكبة كامب ديفيد واتفاقية وادي عربة! هؤلاء يتنفسون برئة المجتمع الدولي والذي كان موقفه اكثر من مشين والآلة العسكرية الصهيونية تدمر البشر، الشجر والحجر ولمدة 33 يوما، هذا المجتمع نفسه يدافع عن حكومة السنيورة المنتخبة ديمقراطيا ويسحق حكومة حماس والمنتخبة ايضا ديمقراطيا! أنا حقيقة كعربي اغبط الشعب اللبناني لمستوي الوعي السياسي المرموق الذي وصل اليه والذي افرز ديمقراطية حقيقية! ولأن الدكتاتورية والاستبداد يولدان الكبت السياسي والذي يفرز احباطا مميتا لدي النخبة النظيفة، عليه فعلي اللبنانيين ان يعضوا بالنواجذ علي هذا المكسب الوطني الجذاب وان يتخلصوا شيئا فشيئا من اية وصاية كانت عربية او اقليمية او دولية لأن اللبنانيين قادرون علي ان يحكموا بأنفسهم وبمشاركة فعلية للجميع. أما عن الشأن الفلسطيني، أنا حقيقة اعجب من التهليل الاعلامي العربي لخطاب اولمرت الاخير الذي جاء نتيجة ازمة داخلية سياسية صهيونية، وخاصة بعد تململ موقف اوروبي جديد (اسباني، فرنسي وايطالي) من اجل عقد مؤتمر دولي جديد وهذا الخطاب هو الاسوأ علي الاطلاق، حيث انه ولأول مرة يجرؤ رئيس وزراء صهيوني علنا ويطلب من الفلسطينيين ان يتخلوا عن حق العودة والقرار الدولي 197 بعدما كان الحديث عن حل عادل لقضية اللاجئين. (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 28 ديسمبر 2006)

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.