الجمعة، 21 مارس 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2858 du 21.03.2008
 archives : www.tunisnews.net
 

 


حــرية و إنـصاف:السجين السياسي السابق العجمي الوريمي يتعرض للمضايقات لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس: إستدراك بخوص إعتداء أستاذ بالضرب وتمزيقه حجاب الفتاة أسماء الحبوبي السبيل أونلاين : تونس : تظاهرة غاضبة بمناسبة عيد الإستقلال  ا ف ب: مؤسسة القذافي تستثمر رصيدها السياسي والمالي للإفراج عن الرهينتين النمسويين رويترز: تنقيح دستوري يُقصي معارضا بارزا من سباق الرئاسة بتونس موقع ميدل ايست اونلاين:بن علي: يمكن لأي زعيم حزب سياسي أن يترشح لمنصب الرئيس وات: الرئيس زين العابدين بن علي يشرف على موكب بمناسبة عيدي الاستقلال والشباب موقع « أخبار تونس »:خطاب الرئيس زين العابدين بن علي بمناسبة عيدي الاستقلال والشباب وكالة قدس برس إنترناشيونال :نشطاء وسياسيون: رغم المكاسب فإنه لا خيار اليوم إلا بالخروج من دولة التعليمات إلى دولة القانون موقع « إيلاف »:تونس: فيلم إباحي لكل شاب يحمل هاتف نقال صالح بن عبد الله: أمّاه اعذريني مدونة مرسل الكسيبي: »الانسلاخسلامية » ومصادرة الحرية تصنع « الغلوسلامية » والحداثة المشوهة عبد السّلام بو شدّاخ:الاستقلال وما حقّق للشعب التونسي من اعتزاز بالهوية العربية الاسلامية وكيف الاحتفال به (الجزء الثاني) محمـد العـروسـي الهانـي:مذكراتي حول نضالاتي طيلة 54 سنة على 6 محطات تتزامن مع الذكرى 52 لعيد الاستقلال كمال بن يونس: تفعيل العلاقات التونسية-الفرنسية النفطي حولة :بعد مرور 5 سنوات على غزو العراق الامجد الباجي :خمسة سنوات على احتلال العراق عبدالسلام الككلي:سرائيل في معرض الكتاب بباريس:مقاطعة للكتاب ام مقاطعة للكيان العنصري ؟ شعبان العبيدي:  شب اللهب صحيفة أوان :العلاقات الفرنسية الإسرائيلية في عهد ساركوزي رشيد خشانة: »من أجل المتوسط » بديلاً لمسار برشلونة برهان بسيس: السلام الآن… صحيفة « العرب »:هل يعرف المغرب مقدمات حملة استئصالية ضد التيار الإسلامي؟ صحيفة « القدس العربي »:ملك المغرب يعفو عن 566 سجينا بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف صحيفة « القدس العربي »:بلدية اشبيلية تمنح سكانها المسلمين قطعة ارض لتشييد مسجد كبير صحيفة « الحياة » :تساءلت لماذا يتنازل المغاربة عن لهجتهم في حين لا يفعل المشارقة؟ … صحيفة « القدس العربي »:حصيلة خسائر التحالف الدولي في العراق منذ خمسة أعوام صحيفة « العرب »:هل يعرف المغرب مقدمات حملة استئصالية ضد التيار الإسلامي؟ صحيفة « القدس العربي »:لقاء بن جدو ـ نجم علي خلفية الخضار والفسيخ صحيفة « القدس العربي »:ياسر عبد ربه يتهم اسرائيل بالعمل علي اضعاف السلطة وينفي نية الاعلان عن انهيارها صحيفة « القدس العربي »:الجزيرة في مرمي الاستهداف الصهيوني موقع إسلام أونلاين.نت :شريطة ألا تخالط هذا الاحتفال منكرات ومخالفات شرعية:القرضاوي: الاحتفال بالمولد النبوي ليس بدعة وكالة قدس برس إنترناشيونال : »الجزيرة »: محايدون في تعاطينا مع الأخبار الفلسطينية ولا نخشى المنافسة  


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم وماساة عائلاتهم متواصلة بدون انقطاع منذ ما يقارب العقدين. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين اعتقلوا في العامين الماضيين ف رجا قريبا عاجلا- آمين  

21- رضا عيسى

22- الصادق العكاري

23- هشام بنور

24- منير غيث

25- بشير رمضان

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش/.

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte_equite@yahoo.fr تونس في 20/03/2008

السجين السياسي السابق العجمي الوريمي يتعرض للمضايقات

 
يتعرض السجين السياسي السابق العجمي الوريمي أصيل ولاية سوسة منذ خروجه من السجن في شهر نوفمبر 2007 إلى المتابعة اللصيقة و المضايقة المتنوعة و بالخصوص التردد المكثف و المتواصل على بيته الكائن بشط مريم من طرف أعوان البوليس السياسي التابع لمنطقة الأمن بسوسة و قد تعرضت والدته لأكثر من مرة للتخويف و الترهيب و كان آخرها منذ يومين حيث فجعت الأم الطاعنة في السن باقتحام منزلها من طرف أفراد بالزى المدني دون استئذان أو طرق للباب و أخضعوها للاستجواب عن مكان توجد ابنها و علاقاته و عن طبيعة دراسته و أسئلة أخرى غريبة كما أخضع السجين السياسي السابق السيد العجمي الوريمي في كثير من المرات الى الاستجوابات نفسها. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري
 

 
بسم الله الرحمان الرحيم لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس تونس في21.03.2008

إستدراك بخوص إعتداء أستاذ بالضرب وتمزيقه حجاب الفتاة أسماء الحبوبي

 

على إثر إصدار لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس بيان بخصوص إعتداء الأستاذ محسن بالشادلي استاذ مادة الرياضيات بمعهد حسن حسني عبد الوهاب بحي البساتين المنيهلة بتونس على الفتاة أسماء الحبوبي والمؤرخ في 16.03.2008 تلقينا رسالة من السيد حاتم الفقيه الكاتب العام للنقابة الجهوية للتعليم الثانوي باريانة واستاذ مادة العربية بالمعهد المذكور يؤكد لنا فيها أن خلفية الإعتداء الذى حصل في حق الآنسة أسماء الحبوبي لم يقع على خلفية قضية الحجاب وإنما على خلفية خلاف شخصي وقع بين الأستاذ محسن بالشادلي والفتاة أسماء الحبوبي ونحن نشكره جزيلا على هذا التوضيح . وقد عملنا جاهدين على التحقيق في الحادثة وقد ثبت لدينا أن الإعتداء حصل كما ورد ببيان اللجنة غير أن سببه هو خلاف شخصي لا يعنينا الدخول في تفاصيله . لذلك وجب منا الإستدراك للتوضيح , ونؤكد للرأي العام الداخلي والخارجي أن حرصنا على تحري الحقيقة كاملة سيظل إلتزامنا على الدوام . عن لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس البريد : protecthijeb@yahoo.fr


 
جريدة « الطريق الجديد »

ندوة « غرامشي: الثقافة والمثقفون » تونس، دار الثقافة المغاربية ابن خلدون

الجمعة 28 مارس 2008     البرنامج        س 15.00 – س 15.30 : الجلسة الافتتاحية   س 15.30 – 16.50 : الجلسة الأولى   –  س 15.30 – س 15.50 : سيلفيا فينزي:          « غرامشي: الإنسان »    (بالفرنسية) – س 15.50 – 16.10 : بكار غريب:            » نحو منابع « الهيتيرودوكسا » الغرامشية :  التاريخية المطلقة » (بالفرنسية) – س 16.10 – س 16.30 : رضا التليلي :            « تأثيرات قكر غرامشي في أمريكا اللاتينية »  (بالفرنسية) – س 16.30 – س 16.50 : نقاش –  س 16.50 – س 17.10 :  استراحة   س 17.10 – س 19.00 : الجلسة الثانية   –  س 17.10 – س 17.30 : زهير الخويلدي:          » الفيلسوف الديمقراطي بين النقد والبراكسيس » – س 17.30 – س 17.50 : إبراهيم العميري:           » الأبعاد السياسية للثقافي »  –  س 17.50 – س 18.10 : أحمد إبراهيم: « غرامشي والمسألة اللغوية » – س 18.10 – س 18.30 : صالح الحاجي:             » غرامشي والمسألة التربوية »   – س 18.30 – س 19.00 : نقاش   س 19.00 – س 19.30 : الجلسة الاختتامية


 

تونس : تظاهرة غاضبة بمناسبة عيد الإستقلال

 

 السبيل أونلاين – تونس – عاجل بمناسبة عيد إستقلال تونس الذى تم في 20 مارس 1956 و الذى يصادف اليوم الخميس 20 مارس 2008 , إجتمع عدد من نشطاء حقوق الإنسان وبعض المواطنين والطلبة اليوم الخميس على الساعة 10:15 بتوقيت تونس وذلك أمام مقر بلدية بنزرت وسط المدينة . وقد أكدت مصادرنا التى حظرت التظاهرة أن أعداد كبيرة جدا من أعوان البوليس السياسي تدخلت و طوقت المكان وحاولت منع التجمع بإستعمال القوة . كما إعتدى البوليس على السيد بشير الجميلي و خالد بوجماعة الذي مُزقت ثيابه والسيد محمد الهادي بن سعيد الذى أحدث له الإعتداء أضرارا في رجله. وقد أصر مناضلوا حقوق الإنسان على مواصلة التجمع وتمكنوا فعلا من ذلك رافعين شعارات مثل : – حريات حريات .. لا رئاسة مدى الحياة – يا حكومة عار عار .. الأسعار شعلت نار وذلك أمام أنظار المئات من المواطنين الذين إحتشدوا على الرصيف المقابل وعبروا عن تعاطفهم عبر التلويح بأياديهم إلى المتظاهرين , وقد دام الإعتصام في الطريق قرابة ساعة عجز أمامها البوليس الساسي بكل الطرق التى إستعملها عن تفريق المتظاهرين . المصدر : السبيل أونلاين , بتاريخ 20 مارس

مؤسسة القذافي تستثمر رصيدها السياسي والمالي للإفراج عن الرهينتين النمسويين

 
باماكو ـ ا ف ب: دخلت ليبيا علي خط المساعي للافراج عن الرهينتين النمسويين اللذين خطفهما تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي في 32 شباط/فبراير، معولة علي خبرتها السابقة في مالي والنيجر وعلي رصيدها السياسي والمالي. وقال مامادو ساماكي الاستاذ في كلية العلوم القانونية والسياسية في باماكو لوكالة فرانس برس ينبغي الا ننسي الجانب (المالي)، لكن الامتياز الرئيسي لهذا البلد هو رصيده السياسي . وكانت مؤسسة القذافي التي يديرها نجل الزعيم الليبي سيف الاسلام اضطلعت بدور اساسي في ملفات مماثلة. فقد ورد اسم هذه الجمعية الخيرية التي تتبني الدفاع عن حقوق الانسان في العديد من قضايا خطف الرهائن التي عولجت خلال الاعوام الاخيرة. ففي العام 2000، خاضت مفاوضات للافراج عن عشرة غربيين احتجزتهم جماعة ابو سياف الاسلامية المتمردة في جزيرة جولو في الفيليبين. وفي العام 2003، شاركت ايضا في المفاوضات التي افضت الي الافراج عن مجموعة من الرهائن الاوروبيين، احتجزتهم الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي صارت لاحقا فرع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، في الصحراء الجزائرية ثم اطلقت سراحهم في الاراضي المالية. كذلك، ساهمت مؤسسة القذافي العام 2006 في الافراج عن ايطاليين خطفهما متمردون في النيجر وفي اطلاق رهائن ماليين ونيجيريين خطفهم المتمردون الطوارق. وقال ساماكي ان الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي متخصص في الافراج عن الرهائن. فالقذافي الذي يحلم بصحراء كبيرة يكون فيها الآمر الناهي، تربطه علاقات ممتازة بكل القبائل وجميع المتمردين السابقين الذين يقطنون تلك الصحراء ، لافتا الي ان الزعيم الليبي يمضي وقته في استقبال متمردي الطوارق السابقين وزعماء دينيين نافذين . وعادت ليبيا اخيرا الي الساحة الدولية بعدما دعمت ابان التسعينات المتمردين الطوارق في مالي والنيجر واتهمها الغربيون طويلا باقامة صلات مع الارهابيين. واوضح ساماكي ان القذافي حافظ علي علاقاته وعززها وفي الوقت نفسه تحرص ليبيا اليوم علي (التصرف بحكمة) لتفادي ادراجها علي قائمة (الدول المارقة) . وعلق دبلوماسي في باماكو رفض كشف هويته حين تطلب الامر دعم حركات التحرر، لم تترد ليبيا في القيام بذلك. واليوم، لا يمكن معالجة كل القضايا بواسطة السلاح ولا بد من الحوار وكسب ثقة الناس، وهذا ما تتقنه ليبيا . واللافت ان الوساطات الليبية تحاط بتكتم شديد وتعول خصوصا علي رجال الدين وزعماء القبائل. لكن الرصيد السياسي لا يكفي علي الدوام، لان مطالب الخاطفين تنطوي غالبا علي جانب مالي يتخذ شكل المطالبة بـ مشاريع تنموية . وتظهر ليبيا الغنية بالنفط سخاء حيال جيرانها الجنوبيين، مثل النيجر ومالي وبوركينا فاسو التي تعتبر بين الدول الاشد فقرا في العالم. وفي هذا الاطار، تمول طرابلس مشاريع تنموية في المناطق الثلاث التي تؤلف شمال مالي. وفي النمسا، لم يتحدث اي مصدر رسمي عن مفاوضات تستند الي دفع فدية. ووحدها صحيفة كوريير النمسوية اشارت الي مبلغ يناهز خمسة ملايين يورو مقابل الافراج عن الرهينتين فولفغانغ ايبنر (51 عاما) وصديقته اندريا كلويبر (44 عاما). وبحسب دبلوماسي ليبي في باماكو، فان الحكومة النمسوية (هي التي) طلبت من ليبيا المشاركة (في الجهود) للافراج عن الرهائن .   (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 مارس 2008)


تنقيح دستوري يُقصي معارضا بارزا من سباق الرئاسة بتونس

 
تونس (رويترز) – أعلن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي يوم الجمعة عن نيته تنقيح الدستور خلال الانتخابات الرئاسية التي ستجري العام المقبل بشكل سيقصي آليا أبرز معارضيه أحمد نجيب الشابي الذي أعلن ترشح نفسه لخوض هذا السباق.  
وقال بن علي يوم الجمعة في كلمة بمناسبة الذكرى السنوية 52 لعيدي الاستقلال والشباب ان الترشح لانتخابات الرئاسة المقررة في نوفمبر تشرين الثاني المقبل سيقتصر بالنسبة للاحزاب التي لا تمتلك عددا أدنى من النواب (20 نائبا) على زعماء الاحزاب المنتخبين منذ ما لا يقل عن عامين وهو ما يقصي الشابي بصفة آلية.   وفي ديسمبر كانون الاول عام 2006 اعلن الشابي تخليه عن منصبه أمينا عاما للحزب الديمقراطي التقدمي لمية الجريبي ليعلن الشهر الماضي عن ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية المقبلة.   وقال بن علي في خطابه انه « في صورة عدم توفر شرط تقديم المترشح من قبل عدد ادنى من النواب..سندرج تنقيحا وبصورة استثنائية بالنسبة للانتخابات القادمة امكانية ان يترشح لرئاسة الجمهورية المسؤول الاول عن كل حزب..شريطة ان يكون منتخبا لتلك المسؤولية. »   وجاء هذا الاعلان بينما يقوم الشابي (60 عاما) -وهو ابرز معارضي حكومة بن علي- بحملة انتخابية في نفطة باقصى الجنوب التونسي لحشد التأييد.   وفي تونس تسعة احزاب من بينها سبعة ممثلة في البرلمان بينما هناك حزبان ليس لهما اي نائب وهما الحزب الديمقراطي التقدمي والتكتل من اجل العمل والحريات.   وقال الشابي لرويترز عبر الهاتف معلقا عن نية تنقيح الدستور  » القانون معد على المقاس لإقصائي أنا شخصيا من الانتخابات وهذا غير معقول..انا مستاء جدا. »   لكن التعديل الدستوري المقرر سيتيح لمية الجريبي الامينة العامة للحزب التقدمي الديمقراطي الترشح لانتخابات الرئاسة ان رغبت في ذلك اذ ان التعديل الدستوري يمكن الامين العام للاحزاب غير الممثلة في البرلمان من تقديم ترشحه بعد عامين من تاريخ انتخابه.   وانتخبت مية أمينة عامة للحزب في ديسمبر 2006 ويمكنها ان تقدم ترشيحها نهاية هذا العام اذار رغبت في خوض معركة الرئاسة.   وفاز بن علي الذي يحكم البلاد منذ 1987 بنسبة 94.4 بالمئة من الاصوات لكن بن علي لم يحدد حتى الآن ان كان سيترشح للانتخابات المقبلة رغم مناشدات متكررة من حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم.   (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 21 مارس 2008)

بن علي: يمكن لأي زعيم حزب سياسي أن يترشح لمنصب الرئيس

 
في الذكرى 52 للاستقلال، الرئيس التونسي يعلن قرارات لتعزيز الديمقراطية والتعددية والمشاركة السياسية.   تونس – أعلن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي جملة من القرارات لتعزيز المسار الديمقراطي والتعددية السياسية وحقوق الإنسان وتوسيع مشاركة المرأة والشباب في الحياة السياسية وفي مواقع القرار.   وشدد بن علي في خطاب ألقاه بمناسبة احتفال تونس بالذكرى الثانية والخمسين للاستقلال أنه جعل من الديمقراطية وتكريس حقوق الإنسان في ظل دولة القانون والمؤسسات أسسا جوهرية لمشروع تغيير 7 نوفمبر 1987 ومبادئ محورية للحكم الرشيد بما يزيد دعم استقلال تونس ويعزز مكاسبها ويدفع بتنميتها ملاحظا أن الديمقراطية تفقد معناها في غياب تنمية مستديمة ومتضامنة كما أن التنمية تفقد جدواها وعدالتها في غياب مناخ ديمقراطي سليم.   وقرر بن علي تقديم مشروع لتنقيح الدستور يدرج ضمنه إمكانية أن يترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2009 المسؤول الأول عن كل حزب سياسي شريطة أن يكون منتخبا لتلك المسؤولية وأن يكون يوم تقديم ترشحه مباشرا لها منذ مدة لا تقل عن سنتين متتاليتين مبرزا أن هذا المشروع يهدف إلى توسيع تعدد الترشحات لرئاسة الجمهورية.   كما يشمل مشروع التعديل الدستوري هذا، التخفيض في العمر اللازم لاكتساب حق الانتخاب إلى 18 سنة بما من شأنه توسيع المشاركة السياسية إلى ما يزيد عن نصف مليون شاب إضافي سوف يتاح لهم حق الانتخاب سنة 2009.   وقرر بن علي عقد المؤتمر الخامس للتجمع الدستوري الديمقراطي (الحاكم) من 30 يوليو/تموز إلى 2 أغسطس/اب القادمين تحت شعار « التحدي » مشددا على أن الأحزاب هي قبل كل شيء مدرسة للوطنية والمواطنة والتربية على الحوار والمشاركة وأن الحزب القوي يظل في حاجة إلى معارضة قوية لان في التعددية إثراء للحياة السياسية.   وجدد التأكيد على أن التعددية الحزبية هي من مقومات المنظومة السياسية التونسية وهي شرط للتنافسية الحقيقية داعيا الأحزاب السياسية إلى التعويل في المقام الأول على قدراتها وعلى التصاقها بمشاغل المواطنين.   كما أكد الرئيس بن علي انه سيواصل جهوده لمزيد النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها نصا وممارسة وفقا للمقاربة التي ارسي دعائمها والقائمة على شمولية تلك الحقوق وترابطها وتكاملها.   وتعزيزا لمكانة المرأة التونسية في الحياة العامة دعا بن علي إلى أن تكون المرأة ممثلة بنسبة لا تقل عن 30 بالمائة في مجلس النواب والمجالس البلدية في القائمات الانتخابية للتجمع الدستوري الديمقراطي. كما أعلن عن انطلاق حوار شامل مع الشباب تحت شعار « تونس أولا » وشدد على ضرورة أن يكون هذا الحوار بدون مواضيع محرمة أو رقابة على الرأي والتعبير وذلك لصياغة ميثاق وطني للشباب حول الثوابت والخيارات الكبرى يبرز هوية تونس الحضارية والوطنية ويولي مبادئ التفتح والاعتدال والتسامح والحداثة المكانة الجديرة بها.   وأبرز بن علي انه جعل من التشغيل هدفا وأولوية مشتركة لكل السياسات مؤكدا أن تونس توفقت إلى إحداث أكثر من مليون و200 ألف موطن شغل خلال العشريتين الأخيرتين بما مكن من تراجع نسبة البطالة بنقطتين داعيا إلى توسيع مجال الاستشارة الوطنية حول التشغيل حتى تشارك فيها كل الأطراف المعنية.   (المصدر: موقع ميدل ايست اونلاين (بريطانيا) بتاريخ 21 مارس 2008)

الرئيس زين العابدين بن علي يشرف على موكب بمناسبة عيدي الاستقلال والشباب

 
قرطاج 21 مارس 2008 (وات) اكد الرئيس زين العابدين بن علي لدى اشرافه يوم الجمعة على موكب الاحتفال بالذكرى الثانية والخمسين لعيد الاستقلال وعيد الشباب العزم على مواصلة البذل والتضحيات بكل تفان واخلاص في سبيل الوطن حتى يبقى مكسب الاستقلال منيعا شامخا وحتى يزداد رسوخا مع كل انجاز جديد.   وأوضح ان الهدف من مسيرة التحول هو بناء الغد الأفضل لكل التونسيين والتونسيات في ظل مجتمع متماسك متضامن راسخ في هويته ومقومات شخصيته الوطنية متمكن من أسباب الحداثة ومن أرقى ما بلغته الحضارة الانسانية من تقدم في كل المجالات.   وبين رئيس الدولة انه سيبقى على العهد من اجل تونس وسيادتها ورقيها وان عزمه على الإصلاح والتحديث متواصل ومتجدد معلنا في هذا الاطار عن جملة من القرارات تتعلق بتنقيح الدستور بما يوسع المشاركة السياسية الى ما يزيد عن نصف مليون شاب في انتخابات سنة 2009 ويضمن إمكانية أن يترشح المسؤول الأول عن كل حزب سياسي للانتخابات الرئاسية لسنة 2009   ودعا مختلف الاحزاب السياسية الى التعويل في المقام الاول على قدراتها وعملها القاعدى وعلى التصاقها بمشاغل المواطنين.   واكد سيادة الرئيس في هذا السياق ان التجمع الدستورى الديمقراطي الذى اؤتمن على مسيرة التغيير والاصلاح كان في مستوى الثقة والرهان معلنا عن الإذن بانطلاق اشغال اللجان الوطنية لاعداد الموءتمر الخامس للتجمع وعن قراره بان ينعقد من 30 جويلية الى 2 اوت القادمين تحت شعار « التحدى » تحدى الصعاب لنيل المنى ومن اجل التألق والارتقاء الى كوكبة البلدان المتقدمة.   واشار الرئيس زين العابدين بن علي الى المكانة المتميزة التي يحظى يها الشباب في المشروع الحضارى للتغيير والمنزلة المركزية التي يحتلها في اختياراته للحاضر والمستقبل معلنا عن الاذن بان ينطلق اليوم الحوار الشامل مع الشباب تحت شعار « تونس اولا » وبالشروع في تنظيم منتديات محلية وجهوية تشارك فيها كل فئات الشباب التونسي وقطاعاته في الداخل والخارج لتختتم بمنتدى وطني خلال شهر سبتمبر القادم. واشار الى ان نتائج هذا الحوار ستكون مرجعا لاعداد استراتيجية وطنية للشباب بالنسبة للمرحلة القادمة.   ودعا في هذا السياق مختلف وسائل الاعلام والاتصال الى التفاعل مع هذا الحوار الذى قال  » اننا نريده حوارا بدون مواضيع محرمة او رقابة على الراى والتعبير في اطار احترام الثوابت الوطنية والقيم الاخلاقية المتعارفة في مجتمعنا » . كما اكد ضرورة ابراز منزلة هوية تونس والقيم الحضارية الوطنية وايلاء مبادىء التفتح والاعتدال والتسامح والحداثة المكانة الجديرة بها في تلك الثوابت .   وذكر رئيس الجمهورية من جهة اخرى بالاهمية التي يحتلها التشغيل الذى جعله التحول هدفا وأولوية مشتركة لكل السياسات القطاعية معربا عن الامل في ان تكون الاستشارة الوطنية حول التشغيل التي كان سيادته اذن بتنظيمها في عشرينية التحول فرصة لكل الاطراف لاجراء حوار معمق حول أهم المسائل المرتبطة بالتشغيل واقتراح حلول عملية لتوظيف الطاقات المتوفرة لدى الشباب.   وأذن في هذا السياق بانطلاق فعاليات هذه الاستشارة على المستويين المحلي والجهوى ليتم الاستئناس بنتائجها في الاستشارات الاقليمية التي ستنظم في ما بعد تمهيدا للندوة الوطنية حول التشغيل.   كما ذكر رئيس الدولة بالاستشارة الوطنية التي كان اذن بها بنفس المناسبة لتحديث الوظيفة العمومية ودعم قدرتها على مواكبة التحولات معلنا عن الاذن بانطلاق أشغالها اليوم وداعيا الى توسيع مجالها حتى تشارك فيها مختلف الاطراف المعنية مع الاستئناس بتجارب البلدان الاكثر تقدما في هذا المجال.   واكد الرئيس زين العابدين بن علي العزم في المرحلة الجديدة التي تقدم عليها البلاد على تحدى الصعاب وعلى بذل المزيد من الجهد والعطاء مجددا التاكيد على ان التفاني في خدمة تونس والذود عن حماها وصيانة مكاسبها واجب مقدس على كل التونسيين والتونسيات.   وجرى موكب الاحتفال بحضور النائب الاول لرئيس التجمع الدستورى الديمقراطي والوزير الاول ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين وأعضاء الديوان السياسي للتجمع وأعضاء الحكومة.   كما دعي لحضوره الامناء العامون للاحزاب السياسية ورؤساء المنظمات الوطنية والهيئات القائمة والمجالس الاستشارية وعدد من المناضلين والشخصيات الوطنية.   (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 21 مارس 2008)

خطاب الرئيس زين العابدين بن علي بمناسبة عيدي الاستقلال والشباب

 
قرطاج، في 21 مارس 2008   بسم الله الرحمان الرحيم   أيها المواطنون،   أيتها المواطنات،   بكل فخر واعتزاز يحيي شعبنا الذكرى الثانية والخمسين للاستقلال وعيد الشباب. عيدان تلتحم فيهما معاني التضحية والحرية والكرامة والسيادة بمعاني الأمل والتفاؤل بالمستقبل.   وهي مناسبة نقف فيها بكل إجلال وإكبار ترحما على شهدائنا الأبرار الذين بذلوا دماءهم الزكية حبا للوطن وذودا عن حماه، كما نستحضر بكل تقدير نضال زعماء الكفاح الوطني وقادته ومقاوميه وتضحياتهم، وفي طليعتهم الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة.   إن أمانة الاستقلال أمانة مقدسة في أعناق التونسيين والتونسيات كافة. وقد واصل شعبنا نضاله منذ تحقيق الاستقلال، بكل عزم وإصرار، لتركيز الدولة الحديثة وبناء مقومات السيادة.   وإذ لبينا نداء الواجب يوم السابع من نوفمبر1987، وأنقذنا البلاد مما تردت فيه من وهن وتفكك، وفاء لتلك الأمانة، وأعدنا السيادة إلى الشعب، وحققنا المصالحة الوطنية، وأسسنا مشروعا حضاريا طموحا، فإننا نواصل اليوم بكل تفان وإخلاص البذل والتضحيات في سبيل الوطن حتى يبقى ذلك المكسب العظيم، مكسب الاستقلال، منيعا شامخا، وحتى يزداد رسوخا مع كل إنجاز جديد.   إن هدف مسيرتنا هو بناء الغد الأفضل لكل التونسيين والتونسيات في ظل مجتمع متماسك متضامن، راسخ في هويته ومقومات شخصيته الوطنية، متمكن من أسباب الحداثة ومن أرقى ما بلغته الحضارة الإنسانية من تقدم في كل المجالات.   وقد جعلنا من الديمقراطية وتكريس حقوق الإنسان في ظل دولة القانون والمؤسسات أسسا جوهرية لمشروع التغيير، ومبادئ محورية للحكم الرشيد بما يزيد دعم استقلال البلاد ويعزز مكاسبها ويدفع بتنميتها.   فالديمقراطية تفقد معناها في غياب تنمية مستديمة ومتضامنة، كما أن التنمية تفقد جدواها وعدالتها في غياب مناخ ديمقراطي سليم.   وقد راهنا على تلازم الديمقراطية والتنمية وكسبنا الرهان بفضل وعي شعبنا والتفافه حول خياراتنا التي ظلت دوما في مستوى طموحاته وتطلعاته.   وإننا ماضون بكل حزم وعزيمة على درب توطيد أركان الديمقراطية في بلادنا وتعزيز مقومات الاستقرار والطمأنينة، لا تثنينا الصعاب والتحديات.   إننا على العهد من أجل تونس وسيادتها ورقيها وعزمنا على الإصلاح والتحديث متواصل متجدد.   وإذ كنا أعلنا بمناسبة الذكرى العشرين للتحول جملة من الإصلاحات في هذا الاتجاه كان من بينها التخفيض في العمر اللازم لاكتساب حق الانتخاب إلى ثماني عشرة سنة، فإننا نأذن اليوم بتقديم مشروع قانون دستوري لتنقيح نص الدستور في هذا الخصوص. وهو ما يوسع المشاركة السياسية إلى ما يزيد عن نصف مليون شاب إضافي سوف يتاح لهم حق الانتخاب سنة 2009.   وحرصا منا على توسيع إمكانية تعدد الترشحات لرئاسة الجمهورية، وفي صورة عدم توفر شرط تقديم المترشح من قبل عدد أدنى من النواب ورؤساء المجالس البلدية المنصوص عليه في الفصل 40 من الدستور، فإننا سندرج في مشروع التنقيح وبصورة استثنائية بالنسبة إلى الانتخابات الرئاسية القادمة لسنة 2009 إمكانية أن يترشح كذلك لرئاسة الجمهورية المسؤول الأول عن كل حزب سياسي سواء كان رئيسا أو أمينا عاما أو أمينا أول لحزبه شريطة أن يكون منتخبا لتلك المسؤولية وأن يكون يوم تقديم مطلب ترشحه مباشرا لها منذ مدة لا تقل عن سنتين متتاليتين منذ انتخابه لها.   وتأكيدا لما ورد في خطابنا يوم 10 ديسمبر الماضي بأن هذه السنة ستشهد دفعا جديدا لمنظومة حقوق الإنسان في بلادنا، فقد اتخذنا عديد المبادرات والإجراءات، سواء لمزيد تطوير الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، أو لاستكمال التزامات بلادنا بالاتفاقيات الدولية في هذا المجال. ومن ذلك: سحب جل الاحترازات التي كانت لنا بشأن بعض فصول اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل وكذلك اعتماد بلادنا البروتوكول الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.   وهكذا يتدعم دور تونس في تعاونها مع هياكل الأمم المتحدة وأجهزتها ذات الصلة، وتحظى بشرف الحصول على عضوية أول دورة لمجلس حقوق الإنسان.   وسنواصل جهودنا لمزيد النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها نصا وممارسة، وفقا للمقاربة التي أرسينا دعائمها والقائمة على شمولية تلك الحقوق وترابطها وتكاملها.   وإن احترامنا لحياة الإنسان هو الذي حدا بنا في أكثر من مناسبة إلى تأكيد موقفنا من مسألة تنفيذ عقوبة الإعدام، وامتناعنا عن الإذن بذلك بما لدينا من صلاحيات دستورية. كما قمنا في بعض الحالات وفي إطار نفس الصلاحيات، بإبدال عقوبة الإعدام بعقاب آخر نص عليه القانون، وذلك كلما سمحت الظروف الموضوعية التي تأخذ في الاعتبار حقوق الضحايا ومشاعرهم وتأثيرات العامل الزمني والحالة الجزائية والاجتماعية للمحكوم عليهم.   أيها المواطنون،   أيتها المواطنات،   إن التعددية الحزبية من مقومات منظومتنا السياسية ونحن حريصون على دعمها في كل مرحلة وهي شرط للتنافسية الحقيقية. لذلك سبق أن أكدت أن الحزب القوي في حاجة إلى معارضة قوية لأن في التعددية إثراء للحياة السياسية.   ومن هذا المنطلق، فإننا ندعو مختلف الأحزاب السياسية إلى التعويل في المقام الأول على قدراتها وعملها القاعدي وعلى التصاقها بمشاغل المواطنين، ويبقى دور الدولة أساسيا في ضمان مناخ المنافسة الديمقراطية بين الأحزاب التي عليها كسب ثقة المواطنين من خلال تقديم البرامج وطرح البدائل المقنعة للرأي العام والتفاعل الإيجابي مع اهتمامات المواطن. فالأحزاب السياسية في نظرنا هي قبل كل شيء مدرسة للوطنية والمواطنة والتربية على الحوار والمشاركة.   وإن التجمع الدستوري الديمقراطي بتاريخه المجيد وبجليل الأعمال والتضحيات التي قدمها رواده وزعماؤه من أجل الاستقلال وبناء الدولة الحديثة، يتحمل الدور الأساسي في كسب الرهانات الوطنية، بعزيمة واقتدار، وصيانة مكاسبنا والاجتهاد في إثرائها بالفعل والإنجاز، وهو مدعو إلى المثابرة على هذا المنهج، وتوسيع دائرة تحركه وإشعاعه وتفاعله مع مشاغل المواطنين وتطلعاتهم و مالهم، ومزيد الانفتاح على كل الطاقات والعزائم الصادقة لتتحمل قسطها من المسؤولية، في بناء تونس التغيير وتعزيز تقدمها ونمائها بإخلاص وروح وطنية عالية. وهو مدعو أيضا، إلى استشراف التحولات والتفاعل معها وتعميق النظر في ما يحدث في العالم من مستجدات، ليعد العدة للمستقبل بكل عزيمة ومسؤولية حتى يبقى على الدوام في موقع المبادرة والفعل والريادة.   وقد شرع التجمع الدستوري الديمقراطي بكل حماس واعتزاز، في الإعداد لمؤتمره الخامس منذ التغيير وفق ما رسمناه له من توجهات وما وفرناه من شروط ليكون هذا الموعد السياسي الوطني فرصة متجددة لحزبنا العتيد لمواصلة مسيرته الريادية على درب الإنجاز والإصلاح.   وسيعمل المؤتمر على تعميق النظر في أقوم الطرق وأنجعها لإثراء طاقات التجمع في كل المجالات ومزيد تطوير خطابه، وتنظيم أساليب عمله، وتحسين أدائه، ودعم قدراته على التواصل والاستقطاب والتعبئة والتحرك الميداني، بما يعزز مكانته على الساحة الوطنية باعتباره الحزب المعبر عن إرادة الأغلبية والفضاء المفتوح أمام كل من يتفانى في خدمة تونس وشعبها. وقد ائتمناه على مسيرة التغيير والإصلاح وكان في مستوى الثقة والرهان.   وإذ أعرب عن ارتياحي لحركية اللجان الجهوية والمحلية لإعداد المؤتمر داخل الوطن وخارجه، وما ميز أشغالها من حضور متنوع وحوار جاد مسؤول، ونقاش مستفيض، ومشاركة واسعة للمناضلين والإطارات والشباب والمرأة، فإني آذن اليوم بانطلاق أشغال اللجان الوطنية لإعداد المؤتمر، وفق المنهجية التي رسمناها لها، وباعتماد أدبيات التجمع السياسية ووثائقه ومراجعه الفكرية، وما تضمنته تقارير اللجان المحلية والجهوية من مقترحات وتوصيات.   وإننا حريصون على تأمين الترابط والتكامل بين مختلف مستويات العمل التجمعي ومراحله لصياغة مشاريع لوائح المؤتمر التي ستعرض على اللجنة المركزية في دورتها القادمة، والتي نريدها نابعة من مشاغل شعبنا واهتماماته وطموحاته ومما يحدث في مجتمعنا وفي العالم من تغيرات.   وإذ نؤكد اعتزازنا بالحركية الفكرية والسياسية التي سجلها التجمع في المرحلة الأولى لإعداد المؤتمر في الداخل والخارج، فإني أوصي بأن تكون أعمال اللجان الوطنية فرصة حقيقية لتمكين الطاقات التي يزخر بها التجمع وإطاراته النسائية والشبابية وكفاءاته الفكرية والثقافية وخبراته في مختلف الميادين، لإعطاء الروح النضالية المتجددة واللازمة للمرحلة القادمة، وبعث النفس القوي والضروري لرفع التحديات القادمة وكسب رهانات المستقبل.   فبهذه الروح يكون مؤتمرنا الخامس مؤتمر الإضافة والخطط والبرامج الطموحة التي تثري رصيد إنجازاتنا وتجسم بحق كل أهدافنا وتعمق وعينا وتزيد في يقظتنا وتحفزنا إلى مزيد البذل والعطاء.   وإذ تقبل بلادنا على مرحلة جديدة من مسار تقدمها الشامل، وعلى تحول حاسم في علاقاتها مع محيطها ومع الاتحاد الأوروبي خاصة، بعد إرساء منطقة التبادل الحر معه، وإذ نواجه اليوم تحديات هامة، ولا سيما على المستوى العالمي، فإننا ندرك أن كسب الرهانات ورفع التحديات يرتبطان بقدرة حزبنا على التغلب على الصعاب، وما يتحلى به مناضلوه من روح البذل والمغالبة، لذلك قررنا وضع المؤتمر القادم تحت شعار «التحدي»، تحدي الصعاب لنيل المنى، تحدي الصعاب من أجل التألق، تحدي الصعاب من أجل الارتقاء إلى كوكبة البلدان المتقدمة.   كما قررنا الدعوة إلى عقد مؤتمر «التحدي» من يوم 30 جويلية إلى يوم 2 أوت القادمين.   وإننا ندعو لجان التفكير الوطنية إلى العمل على تجديد الخطاب السياسي وتطوير المفاهيم حتى تواكب مقتضيات المرحلة وتتفاعل مع المستقبل. وندعوها إلى بلورة فكر سياسي متجدد النفس، فكر يستهدف الشباب والنخب ويتفاعل مع التحول العميق الذي يعيشه المجتمع. كما ندعوها إلى الانكباب على تطوير عمل منظمات الشباب صلب التجمع حتى تضطلع بدورها على أحسن وجه.   وإذ ينعقد المؤتمر الخامس للتجمع في فترة تشهد فيها المرأة التونسية بفضل ما بادرنا به من إصلاحات وقرارات، تعزيزا متميزا لمكانتها في الأسرة والمجتمع، وفي مقدمتها المرأة التجمعية التي ستمثل بنسبة لا تقل عن 30% في كل قائماتنا الانتخابية لمجلس النواب وللمجالس البلدية. فإني أدعوكم إلى مزيد توسيع مشاركة الكفاءات النسائية في أعمال اللجان الوطنية لإعداد المؤتمر والحرص على تمثيلها بما يتلاءم مع منزلتها في حزبنا وفي مجتمعنا وذلك في مستوى قائمات نواب المؤتمر وفي قائمات اللجنة المركزية وبنفس النسبة على الأقل.   إن عملنا المتواصل لتطوير مكاسب المرأة عبر الإصلاحات المتوالية والمبادرات المختلفة إنما ينطلق من إيمان شخصي بأن حماية حقوقها وتفعيلها ودعم أوضاعها من المقومات الأساسية للإصلاح.   وإن حضور المرأة التونسية اليوم في مختلف الأنشطة والمسؤوليات ومواقع القرار يجسم ما بلغته من كفاءة واقتدار في كل المجالات ويثبت للجميع أنها بحق طرف فاعل لإرساء مجتمع الحرية والتضامن والتقدم ومواجهة نزعات الرجعية والتطرف.   أيها المواطنون،   أيتها المواطنات،   إننا لن ندخر جهدا في استكمال البناء التنموي الذي توفقنا إليه وأثبت الواقع صواب اختياراته وأهمية إنجازاته، فالنتائج التي تحققت لتونس اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا كانت في مستوى الطموحات الكبيرة التي رسمناها على مدار سنوات التغيير. وهو ما سجلته بكل تقدير تقارير الهيئات والمؤسسات الدولية والمنتديات الاقتصادية التي وضعت تونس في مراتب متقدمة ضمن اقتصاديات البلدان الصاعدة، رغم الظروف العالمية الصعبة بسبب الارتفاع غير المسبوق لأسعار المحروقات وأغلب المواد الأساسية وفي مقدمتها الحبوب.   إنها ظروف جديدة بالغة الشدة، وتحتم علينا اليوم وعيا عميقا بتبعاتها وتأثيرها المباشر وغير المباشر في الاستهلاك وفي كلفة الإنتاج وتنافسية الاقتصاد الوطني، لذلك بات من الضروري والمتأكد أن يكون الجميع مهما كانت مواقعهم منتبهين إلى كل هذه الظروف، حريصين على ترشيد استهلاك الطاقة والاقتصاد فيها، مساهمين بنجاعة في إنجاح الحلول والسياسات والبرامج التي نضعها لمواجهة مختلف المتغيرات. ونحن نعول في ذلك على الإعلام بشتى وسائله وقنواته المكتوبة والمسموعة والمرئية، وعلى الأطراف الاجتماعية ودورها الأساسي في نشر هذا الوعي لدى كل مواطن وإرساء هذا السلوك الجديد وتغيير العقليات في هذا الشأن.   أيها المواطنون،   أيتها المواطنات،   لقد حرصنا منذ التغيير على أن يقترن احتفالنا بعيد الاستقلال، بعيد الشباب، وفي ذلك إكبار لتضحيات أجيال متعاقبة من أبناء هذا الوطن للظفر بالحرية والكرامة، وتكريس تواصل التفاني في حب تونس والإخلاص لها والذود عن حماها.   إن للشباب مكانة متميزة في مشروعنا الحضاري. وقد بوأناه منزلة مركزية في اختياراتنا للحاضر والمستقبل، ووجهنا كل المخططات التنموية لفائدته. وهيأنا له سبل الانخراط الفاعل في مسيرة البناء والتشييد. وعملنا على دعم مشاركته في الحياة العامة وفتحنا له أبوابا متجددة من الثقة والأمل مؤكدين بذلك حرصنا على تشريكه في وضع البرامج الموجهة إليه بدرجة أولى من خلال فضاءات الحوار والاستشارات وكذلك عبر المجالس الاستشارية والهياكل الجمعياتية.   كما جعلنا من الحوار مع الشباب أحد مقومات السياسة الشبابية باعتباره منهجا يوفر له فرصا للتعبير عن مشاغله بكل حرية ومسؤولية، وحرصنا على تفعيل آلياته ومزيد تطويرها من خلال إقرار دورية الاستشارات الشبابية وتوسيعها لتجمع بين الاستطلاع العلمي الواسع، وسبر الآراء والتحاور مع جميع فئات الشباب في مختلف مجالات حياته الاجتماعية.   وفي هذا الإطار، وتجسيما لقرارنا بمناسبة الذكرى العشرين للتحول، نأذن اليوم بانطلاق الحوار الشامل مع الشباب وقد اخترنا له شعار « تونس أولا ». كما نأذن بالشروع في تنظيم منتديات محلية وجهوية تشارك فيها كل فئات الشباب التونسي وقطاعاته في الداخل والخارج وتختتم بمنتدى وطني خلال شهر سبتمبر القادم.   وإننا ندعو كذلك مختلف وسائل الإعلام والاتصال إلى التفاعل مع هذا الحوار ومزيد توسيع المساحات المخصصة للشباب سواء في الوسائل المكتوبة أو المسموعة أو المرئية أو على شبكة الأنترنات، وإلى وضع برامج حوارية حول المواضيع المدرجة ضمن الحوار الشامل مع الشباب ومواكبة مشاغله، وإلى تمكين الشباب من التواصل والتعبير عن رائه، وتقديم تصوراته ومقترحاته بكل حرية وأريحية، حتى نقف على تطلعاته وآرائه وأفكاره حول حاضر بلادنا ومستقبلها.   إننا نريده حوارا بدون مواضيع محرمة أو رقابة على الرأي والتعبير، في إطار احترام الثوابت الوطنية والقيم الأخلاقية المتعارفة في مجتمعنا.   ولما كان الهدف من تنظيم هذا الحوار هو صياغة ميثاق وطني للشباب حول الثوابت والخيارات الكبرى التي نعمل جميعا على تكريسها، فإننا نؤكد مجددا ضرورة إبراز منزلة هويتنا وقيمنا الحضارية والوطنية، وإيلاء مبادئ التفتح والاعتدال والتسامح والحداثة المكانة الجديرة بها في تلك الثوابت.   إن مستقبل تونس أمانة بين أيديكم أيها الشباب، فلتحافظوا على الأمانة وليكن سبيلكم لمن بعدكم كسبيل من كان قبلكم في الإخلاص لهذا الوطن والتفاني في خدمته.   وستكون نتائج الحوار الشامل مع الشباب مرجعا لإعداد إستراتيجية وطنية للشباب بالنسبة إلى المرحلة القادمة تلتزم بها الأطراف المعنية وتشكل إطارا شاملا ومتكاملا للقطاع، وآلية للتنسيق والتعاون والشراكة في تسيير شؤونه ودعم أدوار مختلف الأطراف فيه وفي مقدمتها مكونات المجتمع المدني.   أيها المواطنون،   أيتها المواطنات،   إننا جعلنا من التشغيل هدفا وأولوية مشتركة لكل السياسات القطاعية، تماشيا مع ما رسمناه من توجهات في برنامجنا لتونس الغد.   وقد توفقت تونس إلى إحداث أكثر من مليون و200 ألف موطن شغل منذ التغيير، بنسق تصاعدي مطرد بلغ معدله 7،2% سنويا خلال العشرية المنقضية.   ولئن مكن هذا النسق من تراجع نسبة البطالة بنقطتين، فإن تطور عدد طالبي الشغل الجدد وحاملي الشهادات العليا منهم خاصة يدعونا إلى مزيد تكثيف الجهود واستنباط الحلول لتوسيع فاق التشغيل وإحداث مواطن الرزق والعمل الحر وبعث المؤسسات.   إن التشغيل مسؤولية مشتركة بين كل أطراف العمل الاقتصادي والاجتماعي ومنظومة التربية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، بالإضافة إلى دور المجتمع المدني في التشغيل وفي المساعدة عليه وفي تحسين نسبة التشغيلية، وكذلك دور الأسرة في غرس عقلية المبادرة والتعويل على الذات وروح المنافسة والمغالبة ونبذ السلوكيات الاتكالية.   وقد كنا أذنا بمناسبة احتفال بلادنا بعشرينية التحول، بتنظيم استشارة وطنية حول التشغيل خلال هذه السنة. ونحن نأمل أن تكون هذه الاستشارة فرصة لكل الأطراف، لإجراء حوار معمق حول أهم المسائل المرتبطة بالتشغيل واقتراح حلول عملية لتوظيف الطاقات المتوفرة لدى شبابنا على النحو الأمثل في الدورة الاقتصادية.   ولتيسير المشاركة المباشرة لكل القوى الحية في مختلف جهات البلاد في هذه الاستشارة، نأذن بانطلاق فعالياتها على المستويين المحلي والجهوي، ليتم الاستئناس بنتائج تلك المرحلة الأولية في الاستشارات الإقليمية التي ستنظم فيما بعد تمهيدا للندوة الوطنية حول التشغيل.   كما أذنا في خطابنا في الذكرى العشرين للتحول بالقيام باستشارة وطنية لتحديث الوظيفة العمومية ودعم قدرتها على مواكبة التحولات إدراكا منا لأهمية دور الإدارة في دفع مسار التنمية وضرورة الارتقاء بأدائها إلى الأفضل.   وسنحرص على أن تكون هذه الاستشارة في مستوى طموحاتنا في مجال تحديث الوظيفة العمومية.   وإذ نأذن اليوم بانطلاق أشغالها، فإننا ندعو إلى توسيع مجالها حتى تشارك فيها مختلف الأطراف المعنية مع الاستئناس بتجارب البلدان الأكثر تقدما في هذا المجال.   وأدعو إلى مزيد العناية بالجوانب التي تخص قيم العمل في الوظيفة العمومية ومبادئها، ومفهوم الحقوق والواجبات فيها، وضرورة تحديث تقنيات التصرف في الموارد البشرية ودفع الإدارة الالكترونية بشكل عملي متميز وناجع فعال.   أيها المواطنون،   أيتها المواطنات،   إن رفع تحديات المستقبل يتطلب من الجميع حزم أمورهم. فلا مجال للتراخي والانتظار، ولا مجال للتواكل والاستكانة.   إنها مرحلة جديدة نؤكد خلالها عزمنا على تحدي الصعاب، وعلى بذل المزيد من الجهد والعطاء، للعمل أكثر وبصفة أفضل، حبا لوطننا وولاء له دون سواه.   إن التفاني في خدمة تونس والذود عن حماها وصيانة مكاسبها، واجب مقدس نضطلع به بكل إصرار، وفاء لمن بذلوا دماءهم الزكية ونفوسهم الطاهرة في سبيل عزة الوطن، وجاهدوا حق الجهاد من أجل أن ننعم اليوم بالكرامة والحرية والاستقلال.   لذلك يجدر بكل التونسيين والتونسيات أن يتمعنوا جميعا في نضالات الشهداء والمجاهدين والمقاومين والزعماء، فيستلهموا منها العبرة والموعظة ويتخذوا منها القدوة والمثل، لتكون مدعاة لهم للشعور بالفخر والاعتزاز والمثابرة على درب الإصلاح والتغيير، حتى تبقى تونس حرة منيعة مزدهرة على الدوام.   قال تعالى: «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون» صدق الله العظيم   والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.   (المصدر: موقع « أخبار تونس » (رسمي) بتاريخ 21 مارس 2008)

نشطاء وسياسيون: رغم المكاسب فإنه لا خيار اليوم إلا بالخروج من دولة التعليمات إلى دولة القانون

تونس ما بعد الاستقلال: ماذا بقي من المشروع الوطني؟

 
تونس – خدمة قدس برس   أحيت تونس يوم الخميس 20 آذار (مارس) اثنتان وخمسون سنة على استقلال تونس. وهي مناسبة سنوية يتوقف عندها التونسيون سلطة ومجتمعا لاستذكار تجربة التحرر من الاستعمار الفرنسي وما تلاها من تجربة امتدت اليوم لأكثر من 50 عاما، متطلعين إلى التخلص من الكثير من سلباتها ومرارتها وإحباطاتها، مستلهمين عناصرها الايجابية. فلم يعد إحياء التونسي لذكرى الاستقلال الذي أعلن في 20 آذار (مارس) 1956، استعادة لتجربة التحرر الوطني، وإنما باتت هذه المناسبة فرصة للتأمل والوقوف على تجربة دولة الاستقلال، التي حملت في طياتها حلم التونسيين، كل من وجهة نظره، وتطلعه. وهو ما يجعل محطات التقييم متعددة يقسّمها كل طرف بحسب رؤيته.   السلطة في تونس تعتقد بوجود مرحلة واحدة شعارها الرسمي المتداول اليوم « مسيرة الإصلاح من خيرالدين التونسي (توفي 1889) إلى زين العابدين بن علي ». أي أنّ القيادة الحالية للبلاد واصلت مشروع التحديث الذي قاده خير الدين التونسي في نهاية القرن التاسع عشر وتتجلى معالمه واضحة في مجالات التعليم والصحة والبنى التحتية وحرية المرأة… ينضاف إلى وجود دولة حافظت على الأمن والاستقرار بعد خروج جيش المستعمر، وهو ما يؤهلها لشرعية الوجود والاستمرار.   لكن يرى آخرون أنّ هناك فئة محدودة قد احتكرت لنفسها تراث البلاد وتطلعاتها وتضحياتها، ففرضت رؤيتها ونهجها، مصادرة حسب تقديرهم أحلام أجيال برمتها، بانحرافات ونكوصا عن أهداف جيل التحرير والمقاومة، وهو ما مثل حسب رأي هؤلاء خسارة للبلاد، ووضعها أمام تحديات تدفعبها نحو المجهول.   فخلال 52 عاما من الاستقال وإعلان الجمهورية، لم تعرف تونس سوى رئيسين قضى الأول وهو الزعيم الحبيب بورقيبة 30 عاما في الحكم، بينما أكمل خلفه الرئيس ابن علي 20 عاما وهو يتجه بإصرار للاستمرار في الحكم، إلى وقت غير معلوم، بينما يسيطر الحزب الحاكم، منذ الاستقلال  على الحياة السياسية، ويبسط نفوذه على جميع مؤسسات الدولة من البرلمان بغرفتيه إلى الحكومة ومنظمات المجتمع المدني، إلا هامش ضئيل متروك لمنظمات لا تختلف معه كثيرا.   دلالات منقوصة للاستقلال   ويرى القاضي مختار اليحياوي أنّه ليس من السهل اليوم الحديث عن دلالة الاستقلال والتعبير عن المعاني التي تثيرها الذكرى 52 لاستقلال البلاد، ويعود ذلك حسب رأيه إلى سببين  « فالمجتمع التونسي اليوم لم تشهد أغلبيته غياب الاستقلال حتى تدرك قيمة الحصول عليه. كما يعود ذلك أيضا لسبب واقعي ناجم عن تغير القيم حيث أصبحت الهجرة لبلاد المستعمر السابق و الحصول على جنسيته أهم حلم يراود التونسي و يشعره باستكمال مقومات ذاته و خاصة لدى الشباب حتى أن مجتمعنا أصبح اليوم في نسبة هامة منه مزدوج الجنسية ».   وقال في تصريح خاص لـ »قدس برس » إنّ « الاستعمار الذي نحتفل بمرور أكثر من نصف قرن على التخلص منه عندما حل ببلادنا إنما جاء للقضاء على المشروع التحديثي الذي بدأ يتبلور في بلادنا في ذلك الوقت. فالاستقلال ليس كسبا في حد ذاته بقدر ما هو نجاح في التخلص من عائق كان يرمي إلى حرمان بلادنا من إبراز طاقتها و ووجهها الحضاري بين الأمم ». ويضيف اليحياوي « إن الوضع لم يتغير و لا يزال نفس المشروع الوطني تحديا قائما على مختلف الأجيال إنجازه و لا بد من الوقوف أمام كل من يحاول تعطيله أو تهميش المجتمع عن دوره في تحقيقه حتى يتم إنجازه ويستعيد التونسي فخره بالانتماء إلى وطنه ».   ويشترك كثير من المنتقدين للنظام التونسي في اعتبار أنّ الدولة هي سبب وجود أزمة عنوانها الاستبداد وغياب الحريات واحتكار السلطة والفساد والضعف الاقتصادي. كما يحذّر البعض من عواقب استمرار هذه الحالة. وفي هذا الصدد أكّد الوجه الإسلامي البارز المحامي نورالدين البحيري لـ »قدس برس » أنّه « رغم ما تحقق من مكاسب في العديد من المجالات وعلى مستويات متعددة،  فإنّ استمرار هيمنة الحزب الواحد على الحياة السياسية وأجهزة الدولة، وغياب حياة برلمانية تعددية حقيقية معبّرة عن التوازنات القائمة في المجتمع وممثلة لمكوناته الفاعلة واستمرار بعض مظاهر مصادمة الهوية والسياسات الداعمة للتغريب في العديد من المواقع والمجالات. والتراجعات المسجلة في ما تحقق من مكاسب في خصوص ضمان مجانية التعليم والعلاج واستفحال ظاهرة التفاوت الطبقي والتمايز بين الجهات كلّها وغيرها مظاهر تدل على أنّه ما زال يفصلنا الكثير على تحقيق طموحات أبناء شعبنا وتجسيد أمل الشهداء والمقاومين في السيادة الوطنية والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ». وحذر البحيري من « أنّ ما تعيشه بلادنا من انغلاق سياسي ومظاهر تمييز وتفاوت يهدد الوحدة الوطنية والاستقلال الوطني في الصميم ويمثل خير أرضية لاتساع مظاهر الرفض والغضب وتنامي ظاهرة العنف الفردي والمنظم التي من شأنها لو استفحلت أن تعصف بكل ما تحقق من مكاسب ».   من جهته يعتبر الأمين العام للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات الدكتور مصطفى بن جعفر أنّ أزمة النظام السياسي التونسي مرشحة وفق المعطيات الحالية إلى الاستمرار وقال « إن ما يعانيه النظام السياسي التونسي منذ البداية، من طابع رئاسوي، ازداد خطورة إثر التحويرات التي أدخلت عام 1988 و2002 على الدستور حيث جعلت من رئيس الدولة شخصا يمسك بكل السلطات ولكنه في نفس الوقت محصن عدليا ولا يسأله أحد في أمر. فنظام تونس اليوم بات نظام حكم مطلق ». وحسب رأيه فإنّ من مخلفات هذا النظام « انتشار الفساد في عديد المجالات منها النظام البنكي الذي أصبح محل نقد من طرف صندوق النقد الدولي نتيجة لتفاقم حجم الديون المشبوهة وتعكر مناخ المعاملات وغياب الشفافية والاستقرار اللازمين في مجال التصرف والتسيير ».   فرص مهدورة   رغم حصول أزمات في علاقة الدولة بالمجتمع كشفت عن فشل سياسات الدولة وعدم الرضى فإنّ النظام « خيّر في كل الحالات الحلّّّّ القمعي على حساب الحلول السياسية التي تفرض القطع مع الحزب الواحد والرأي الواحد، وتقر بضرورة وجود « سلطة مضادة »، وبمبدأ تشريك المواطن في الشأن العام. فكانت جل الأزمات بمثابة الفرص المهدورة والمحطات الحالكة التي ترمز إلى تعطل التنمية السياسية »، حسب الدكتور بن جعفر.    وفي هذا السياق يشير القاضي مختار اليحياوي إلى مآلات الحكم الفردي وانعكاساتها على قدرة المجتمع على المشاركة في صنع مستقبل بلاده قائلا « إنّ مجتمعنا خرج فعلا من حالة بؤس مادي ولكن إلى حالة بؤس معنوي أفقدتنا و خاصة شبابنا- تلك الشعلة المشحونة بالآمال والمشاريع التي أجبرت المستعمر على الرحيل وجعلتنا نمسك بناصية مصيرنا- إلى حالة سلبية من الإحباط والتهميش واهتزاز القيم والمبادئ حكمت على الأغلبية بشعور الأسر في قيود مشروع لم يعد يراهن عليه ولا يشعر بأنه مشروعه ولا يتمنى غير فرصة الفرار من كابوسه ».   استئناف حلم الشهداء   لا مناص لأي فاعل في الساحة السياسية في تونس من أن يحيل على الحركة الإصلاحية والحركة الوطنية كل من وجهة نظره حكما ومعارضة ونخبة فكرية. وفي حين تعتبر السلطة أنّها راسخة في المشروع الإصلاحي الذي ظهر قبل دخول الاستعمار، تعتبر المعارضة أنّ مشروع الإصلاح وحتى المشروع الوطني للاستقلال قد وقع اختطافه ثم إجهاضه.   ويعتبر ابن جعفر أنّه « لم يعد للترميم أي جدوى بل أصبح من المتأكد النضال من أجل تغيير جذري لعلاقة الدولة بالمجتمع وللخروج من دولة التعليمات إلى دولة القانون، ومن قاعدة الولاء مقابل الامتيازات إلى قاعدة الحقوق مقابل الواجبات ومن الزبائنية إلى المواطنة، ومن القمع إلى الحرية. ذاك هو بديلنا الذي حلم به شهداء 9 أفريل 1938 والذي سنحققه لا محالة ».   كما يرى البحيري أنّه « متى وعينا بأنّ الانغلاق والظلم السياسي والاجتماعي ومعاداة الثوابت الوطنية أيسر السبل لتوفير أرضية خصبة لنموّ التطرف والإرهاب فإنّ الطريق الوحيد لحماية البلاد من آثاره المدمرة وتأهيلها لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة يمر حتما عبر الوفاء لدماء الشهداء وتحقيق مطامح شعبنا القديمة الجديدة في حماية السيادة الوطنية والديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية وحماية واحترام ثوابت الأمة ومقدساتها ».   ومن جهته يعتقد مختار اليحياوي « أن أهم مغزى لذكرى الاستقلال اليوم هو الوعي بحتمية إدخال تعديلات جوهرية على المشروع الوطني الذي انبثق عنه من خلال الجمهورية بإعادة الثقة في عدالته وفتح مجال الحرية للجميع في إطاره و التصدي لكل الانحرافات التي أوصلتنا للوضع الذي نحن فيه ».   (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 21 مارس 2008)

تونس: فيلم إباحي لكل شاب يحمل هاتف نقال

 
أمال الهلالي من تونس: تقنية البلوتوث اقتحمت أماكن تجمع الشباب  من مقاهي، أحياء جامعية، نوادي رياضة ووصلت حتى غرف النوم وبيوت الاستحمام، وكثيرة هي الحكايات التي نسمعها يوميا وتتناقلها صحفنا في صفحات الحوادث عن ضحايا « البلوتوث ».   فهذا شاب عاش قصة حب  مع فتاة و لأسباب ما قطعت العلاقة فقرر الشاب الحاقد الانتقام بطريقته الخاصة حين طلب من صديقتها تصويرها وهي بصدد تغيير ملابسها ثم قام بتوزيعها على كل الهواتف وعلى الانترانت.   حكاية أخرى لا تقل إثارة عن سابقتها حيث عاشت منطقة الوطن القبلي  بالضاحية الشرقية لتونس  السنة الفارطة على وقع حادثة وصل مداها إلى قاعات المحاكم  وتسببت في حصول 12 حالة طلاق للضرر‍‍، بعد أن استغل صاحب معمل نسيج بالجهة الظروف المادية الصعبة للعاملات وقام بتصويرهن بهاتفه المزود بالة تصوير وخاصية البلوتوث  في وضعيات مخجلة مقابل إغراءات مادية ثم قام بتوزيعها في كامل المنطقة ووصلت الصور إلى أزواج بعضهن   فما كان منهم إلا أن تقدموا بشكاية في الغرض و طلب الطلاق .   كما نظرت  إحدى الدوائر الجناحية مؤخرا  في وضعية فتاتين تم إطلاق سراحهما بعد ذاك بعد أن عبرا عن حسن نيتهن حين قامتا بتصوير النساء في الحمام فتفطنت لهن صاحبته.حادثة أخرى ذهبت ضحيتها فتاة جميلة ومن عائلة محافظة تسببت لها في أضرار  معنوية جسيمة  فبعد زواجها من فتى أحلامها قام هذا الأخير بتصوير تفاصيل ليلة العمر للذكرى بعد موافقة الزوجة الشابة لكن الفرحة لم تدم طويلا بعد أن دبت الخلافات بينهم و انتهت بالطلاق  وفي محاولة من الزوج الحاقد لرد الاعتبار لكرامته بطريقته الخاصة قام بتوزيع مشاهد ليلة الدخلة « الساخنة » على فتيان الحي الذين صاروا يداولونها عبر هواتفهم المحمولة في المقاهي .   مسلسل فضائح البلوتوث متواصل بشكل يومي و ما هذه  إلا عينات قليلة مما يحدث من سلسلة الجرائم اللاأخلاقية تحت عنوان التكنولوجيا  طبعا بعد إساءة استخدامها ذهب ضحيتها أشخاص  أبرياء بسب تصرفات مستهترة و غير مسؤولية.   ناقوس الخطر   « زبائن المحل كلهم من فئة الشباب الذين يريدون تحميل مقاطع فيديو و صور إباحية أو لتفريغ محتوى هواتفهم في أقراص  ليزرية و معظمها مشاهد جنسية لفتيات وفتيان صورت عبر كاميرا محمولة »هذا الإقرار جاء على لسان وليد 25 سنة  صاحب محل  متخصص في خدمات الأجهزة الرقمية و صيانة الهاتف الجوال.من جانبه  يؤكد لنا لطفي 23 سنة تقني في أجهزة المحمول أن تحميل الصور المخجلة لا تقتصر على فئة الذكور بل أنه تعرض لمواقف غريبة حين طلبت منه فتاتان في عمر الزهور تحميل مقاطع فيديو ساخنة لكنه رفض الأمر  و طردهم من المحل.   أيمن يستنكر هذه الظاهرة التي  باتت تهدد شرف أسر و عائلات محترمة و يفسرها بغياب عنصر الرقابة عند الأبوين إضافة إلى انتشار القنوات الفضائية الإباحية التي تشجع على نشر وممارسة الرذيلة وتغذي الغريزة الجنسية عند الذكور و الإناث على حد قوله، « و يؤكد صديقه أنيس « لإيلاف » أن جل أصدقائه يحملون في هواتفهم النقالة مشاهد جنسية وهناك من يحتفظ بصور لعشيقاته  قصد التباهي بها أمام أصدقائه و إبراز مهارته في اصطياد الفتيات الجميلات أو قصد ابتزازهن إن اقتضى الأمر ذلك.   ضحايا و بعد   غير بعيد عن هذه الشهادات تروي لنا هند حكايتها مع البلوتوث قائلة: « لقد كنت في يوم ما أحد ضحايا هذه التقنية حين قام أحد زملائي في المعهد بتصويري في حصة الجمباز ثم قام بفبركة الصورة واستبدال جسمي بجسم أكثر إثارة ووزعها على أصدقائنا فكانت الفضيحة و ما كان مني إلا أن غيرت المعهد  أما هو  فقد تم طرده نهائيا من مقاعد الدراسة.   و إذا كان تغيير المكان حلا لهند فآن سوسن الطالبة الجامعية قد فضلت تغيير هاتفها الجوال المزود بكاميرا و خاصية البلوتوث  بهاتف كلاسيكي بعد تعرضها لموقف مخجل وهي بصحبة خطيبها حين تلقت رسالة مجهولة المصدر وهي جالسة في أحد المقاهي برفقته  تضمنت صور فاضحة لفتيات وفتيان بصدد ممارسة جنسية‍  الأمر الذي أحرجها مع خطيبها الذي اطلع على مضمون الرسالة و عاتبها كثيرا .   إنصاف نادلة في أحد المقاهي تصف » البلوتوث » بالزبون الدائم على طاولة  الحر فاء من خلال تبادلهم لصور و لقطات خليعة محاولين ترصد فتيات يملكن أجهزة محمول تحمل هذه الخاصية و إرسال هذه المشاهد قصد إحراجهن. وترى زميلتها دلال أن الحل في مثل هذه المواقف يكمن في توعية وتحسيس الشباب الطائش بالانعكاسات النفسية و المعنوية لهذه التصرفات الغير مسؤولة إضافة إلى تشديد العقاب على مرتكبي هذه الجرائم اللاأخلاقية التي تهدد كيان مجتمع بأسره.   مرض الكتروني   يفسر الدكتور » السيد النيفر » الاختصاصي في الأمراض النفسية و العلوم الجنسية تفشي هذا السلوك في صفوف الشباب تحت قاعدة كل ما هو ممنوع مرغوب و للأسف فان مجتمعاتنا العربية لا تهتم بالثقافة الجنسية لدى أبنائها الأمر الذي يخلق نوعا من الكبت و الرغبة في الاكتشاف بطرق سرية و مع توفر هذه التقنية فاءن الأمر صار أسهل لشبابنا في مشاهدة ما يحلو لهم من مادة جنسية عبر هواتفهم النقالة  في كنف السرية ومن  دون رقيب،كما يدخل هذا السلوك تحت باب المباهاة واثبات الذات لدى المراهقين ،فقلة الوعي  المنتشرة عند أغلب الشباب هو السبب الرئيسي في انتشار هكذا أمراض الكترونية. إن وجود تقنية البلوتوث في أجهزتنا الخلوية جاء لتحقيق أهداف بعيدة كل البعد عما نراه الآن  من استخدام خاطئ و غير مسؤول من شباب مستهتر هدفه التسلية على حساب كرامة و سمعة ضحايا أبرياء.   (المصدر: موقع « إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ 21 مارس 2008)

والي قفصة الجديد يؤدي اليمين أمام رئيس الجمهورية

 
انتظم يوم الجمعة موكب باشراف الرئيس زين العابدين بن علي أدى أثناءه والي قفصة الجديد السيد محمد الشايب اليمين أمام رئيس الجمهورية . وحضر الموكب وزير الداخلية والتنمية المحلية .   (المصدر: موقع « أخبار تونس » (رسمي) بتاريخ 21 مارس 2008)

اجتماع المكتب التنفيذي لاتحاد الطلبة

 
عقد مؤخرا المكتب التنفيذي للاتحاد العام لطلبة تونس بمقره بالعاصمة اجتماعا خصص للتحضير لاجتماع الهيئة الادارية للمنظمة الطلابية المزمع عقده يوم 25 مارس الجاري والذي سينظر في موعد ومكان عقد المؤتمر 25 للاتحاد وشعاره.    جدير بالذكر ان عملية تنظيم الانتخابات الجزئية تمت في اكثر من 50 جزءا جامعيا افرزت اكثر من 400 مؤتمر سيشاركون في انتخاب مكتب جديد للاتحاد وذلك حسب مصادر من المكتب التنفيذي الحالي   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 21 مارس 2008)

 


 
أمّاه اعذريني
 
أماه أودعك اليوم وفي القلب حسرة وفي العين دمعة تأبى أن تسقط. أودعك اليوم وفي داخلي صوت يقول إنّني خسرت وإلى الأبد كنزا لا يعوّض. أودعك وفي الداخل صوت يقول : »إبك بكاء النساء على عز لم تحافظ عليه كما يفعل الرجال ». أماه أودعك اليوم كما ودعت منذ ما يزيد عن عقد ونصف رفيق دربك وأنا على وجل أن أكون ممن عناهم أمين السماء في حديثه لأمين الأرض : »يا محمد رغم أنف رجل أدرك والديه أحدهما أو كلاهما ولم يدخلاه الجنة، فقل آمين ». أماه اعذريني، إن فشلت في تحقيق آمالك المشروعة : بيت واسع وعيش مستور في ظل قانون عادل لا فضل فيه لأحد على أحد إلاّ بالتقوى والعمل الصالح. أمّاه، لقد انتظرت ما يقارب العقدين لقطف الثمرة. ابنك يقطع المراحل التعليمية بنجاح الواحدة تلو الأخرى، سيصبح يوما ما أستاذ أو مهندسا ولم لا طبيبا. وعندها ستمطر السماء ذهبا وفضة، سيفتح باب العرش، سنتخلص من حياة الشظف في البادية، ستتوفر السيارة والبيت الفاره والعيشة الهانية. إنّه حق مشروع، لقد كابدت ووصلت الليل بالنهار ليكمل رجل الغد المشرق دراسته في ظروف طيّبة. لم يكن البيت من طهي وغسل وغزل ونسج ميدانك الذي لا تبارين فيه بل الحقل والبيدر أيضا. لقد كنت « تقاتلين » على أكثر من جبهة دون كلل ولا ملل، تصلين الليل بالنهار، تعمّرين الأرض وتحرسين الديار، لا تطلبين جزاء ولا شكورا. وإنصافا للحقيقة لم تكوني تحصلين على معشار ما تستحقين. وليت الأمر وقف عند هذا الحد. لقد خوّلت ثمار جهدك وجهد بناتك لرفيق دربك أن يفكر في إدخال ضرة عليك، وفعلا أقدم على ذلك. لست أدري هل استشرت في الأمر أم لا. قد يكون الوالد رحمه الله له مبرراته المعقولة، فالضرة أصغر منك سنّا وابنها اليتيم سيكون من نصيبه الاهتمام بقطيع الغنم ولاحقا حين يكبر بحراثة الأرض وابنتها ستكون عروسة دون مهر يذكر لابنك حين يكمل دراسته. وستساعد على كل حال إلى جانب أمّها في شؤون البيت والعمل الفلاحي. فالصفقة في ظاهرها أكثر من رابحة. وإنصافا للحقيقة مرة أخرى لقد كنت مقاتلة بارعة، فقد استبسلت في الدفاع عن مملكتك التي بنيتها عبر السنين الطويلة بعرقك ومعاناتك. ألم تحرثي في الأربعينات من القرن الماضي قطعة أرضك الصغيرة بفأس ووفرت على مدى العشرين سنة البذور الضرورية للحرث ؟ ألم تقطعي المسافة الفاصلة بين وادي بوصالح ومدينة الكاف حيث يسجن الوالد ظلما (80 كلم) سيرا على الأقدام وأنت تحملين فوق ظهرك المؤونة وابنتك الصغرى رحمة الله عليها ؟ فكيف تسمحين لغيرك منازعتك « مملكتك الخاصة » ؟. وأخيرا، ثمّ لك ما أردت وتبخرت أحلام رفيق دربك ولم يهنأ العيش للضرة وتركت الجمل بما حمل. وإنصافا للحقيقة مرة ثالثة لقد كنت بارعة غاية البراعة. ففي الوقت الذي كنت تحرضين على عودة ضرتك كلما غضبت ورجعت إلى أهلها، كنت تجتهدين بأسلوبك الخاص كي لا يقرّ لها قرار في « مملكتك الخاصة ». لست أدري ماذا كنت ستفعلين لو تيسّر لك حظ وافر من التعليم. وكم كان موقفك لافتا وأنت تفصحين عن الجرح الغائر في صدرك، فمنذ ثلاثين عاما وأنت تخاطبين رفيقة دربي : »خْذيتي منّي ولدي »، لقد رافقتك روحك « القتالية » إلى آخر يوم في حياتك. كانت المعادلة في ذهنك في غاية البساطة : البيت بيتك، ابنك وزوجته خادمة له ولمن حلّ به من أهله. أمّاه اعذريني، بعد طول انتظار تحقق الحلم وتم التخرج. لم يكن رجل الغد المشرق طبيبا أو معلما أو محاميا مما تعرفين من الألقاب بل كان موظفا ساميا أو بالأحرى « إطارا عاليا » في « دولة الحداثة ». كان المطلوب منه أن يكون « عجلة » تسير بها وعليها « دولة الحداثة » لتحقيق أهداف مرسومة سلفا. فالمقود بيد الكبار وما على « الإطار العالي » إلاّ أن يسير في الاتجاه المطلوب. لم يدرك مبكرا أنّ رغبته في أن يكون مواطنا صالحا له رأي في الشأن العام يتناقض جوهريا مع المهمّة التي أسندت إليه بعد كل هذه السنوات من الدراسة. لم يدرك مبكرا أن ما تعلّمه من الإسلام « أنّ الناس سواسية كأسنان المشط » وأن لا فرق بين غني وفقير ولا بين أبيض وأسود و »أنّ الناس شركاء في ثلاث ، الماء والكلأ والنار » وأنّ الناس متساوون في الحقوق والواجبات، لم يدرك مبكرا أنّ هذا لا ينسجم مع المهمة الجديدة التي تقتضي قول « سمعنا وأطعنا »، لم يدرك مبكرا أنّ ما يحمله من أفكار وقناعات لا يتفق مع منطق « دولة الحداثة » : »ما أريكم إلاّ ما أرى وما أهديكم إلاّ سبيل الرشاد ». وكان لا بد لهذا التناقض أن يؤول إلى نهايته المحتومة، اعتقال فمحاكمة فسجن. المدة ليست « طويلة » عشرة سنوات فقط، حكم « عادل » يناسب حجم الجريمة: »ترويج أخبار زائفة، الإساءة لرئيس الدولة والانتماء إلى جمعية غير مرخص فيها[*] ». وكانت هذه دفعة على الحساب ثم تتالت بعدها المحاكمات وتتالت المحن. أمّاه اعذريني، لقد خيّبت آمالك وحطمت أحلامك، كان ذلك فوق طاقتي. لقد تغيّر سلّم أولوياتي منذ شرفني الله بحمل راية الدعوة إليه واتخذت الإسلام منهج حياة. فتضاءل حجم « مملكتك الخاصة » أمام مهمة النهوض بالأمة. كانت أحلامي وأحلام مئات الآلاف من شباب الصحوة المباركة أكبر من أن يسمح « الكبار من وراء البحار » بأن تعرف طريقها إلى عالم الحقيقة. صحيح أنّ طموحي كان خلال السنوات الأخيرة من المرحلة الثانوية أن أنهض « بمملكتك الخاصة » وأرد لك ولوالدي رحمة الله عليه القليل ممّا أسديتما لي. ولكن مع دخولي الجامعة وتشرّبي للفكر الإخواني مضيت لا ألوي على شيء ولسان حالي يقول مع مجدد القرن الماضي الشهيد حسن البنا طيّب الله ثراه : »ماذا لو عاشت أمة وضاعت أسرة ». اعذريني، قد يكون ذلك فهم في غير سياقه ولكن كان حالي وحال الكثير الكثير من إخواني وممن تربّوا على أيدينا. أماه اعذريني، لقد سيطرت هموم أمتي على النفس ونسيتك ونسيت معاناتك. تفتحت عيناي على مأساة المسلمين الأولى، مأساة فلسطين. حلمت مع أبناء جيلي  وأنا أتابع عبر أمواج الراديو البطولات التي يحققها الجيش المصري والجيش السوري وكذلك الجيش الأردني. حلمنا بتحقيق النصر الذي انتظرناه طويلا. فالجيوش العربية تتقدم حسب إعلامنا العربي الرسمي نحو القدس. وأفقت على هول الصدمة لقد حقق الصهاينة في خمسة أيام اختراقا رهيبا باستيلائهم على القدس الشرقية والضفة الغربية والقطاع والجولان وفتح اجتياحهم الباب واسعا أمام هجرة مئات الآلاف من الفلسطينيين. رافقني الهم الفلسطيني إلى مدينة نيويورك عاصمة « القرار الدولي » المسؤول الأول عن المأساة الفلسطينية. وجدت ذات يوم جمعة شيخا فلسطينيا جاوز السبعين ظننته تائها فسألته بغية مساعدته فبادرني بالقول « أضاعوها يا ابني » قلت « من ؟ » قال « فلسطين ». واسيته ومضيت وفي القلب حسرة. وتعرفت أثناء إقامتي القصيرة تلك على ناشط فلسطيني اسمه أحمد لعله من « فتح ». رافقته في تحركاته من أجل القضية. سلمني لما فارقته عائدا إلى تونس كتابا دراسيا باللغة الأنقليزية. بعد فترة من العودة تصفحت الكتاب فوجدت مكتوبا في صدارته « أخي صالح إياك أن تنسى فلسطين ». تابعت حصار بيروت سنة 82 وعايشت مجزرة صبرا وشاتيلا من وراء قضبان سجن برج الرومي ولا يزال الهم الفلسطيني يكبر ويكبر والجرح يزداد عمقا مع الأيام رغم بصيص الأمل القادم من جبل عامل الشم وغزة العزة. أمّاه اعذريني، قبل أن تغادرينا بنصف ساعة كنت أتابع على شاشة قناة الجزيرة الغراء شريطا وثائقيا بعنوان « الاحتلال.. الاحتلال »، دخل عليّ ابني الأكبر معاتبا « جدتي قد تموت الليلة وأنت تتفرج على الجزيرة ». لم أحمل قوله محمل الجد لأنّ الطبيب كان عندك منذ ربع ساعة. ومع ذلك قمت للاطمئنان عليك. كان الهم الفلسطيني حاضرا بقوة، صحيح أنّي لم أكن أتوقع أنك ستغادرين بتلك السرعة الفائقة، وصدق الله العظيم « وَنَحْن أقْرَبُ إلَيْه منْ حبْل الوريد ». اعذريني أماه، النفوس الكبيرة وحدها قادرة على تحقيق التوازن وتستطيع أن تجمع بين الهم الكبير وغيره من الهموم دون عناء. أماه اعذريني، لم تشفع خدماتك الجليلة للوطن من الوقوف إلى جانب المجاهدين أثناء حرب التحرير وتوفير الغذاء لشريحة واسعة من أبنائه وعمارة الأرض التي من أجلها سالت دماء الدغباجي والهادي شاكر وفرحات حشاد وغيرهم ممن لا نعرفهم ولكن الله يعرفهم، لم تشفع لك كل تلك الخدمات وحرمت من أبسط الحقوق ولم تشملك ولا رفيق دربك المنحة المخصصة لكبار السنّ. كانت جريرتكما أنّ ابنكما « مواطن غير صالح » وأنّكما احتضنتما شباب الدعوة المباركة. وكان بيتكما قبلة لشباب الصحوة الإسلامية. أمّاه اعذريني، إنّ الحقول التي عمّرتيها وعضضت عليها بأسنانك طوال عمرك المديد أقفرت الآن وأتى عليها الانجراف واستبدلت قمحها وشعيرها بُكّا وشوكا ونباتات طفيلية، لقد خلت منها السواعد السمراء التي كانت تحرثها وتوقفت عنها منذ عقود قوافل « بني زيد والهمامة » التي كانت تساعد على حصد « الصابة » وتنهل من خيراتها. ولكن اطمئنّي أما لن يتركنا « العم سام » نجوع وسيرسل إلينا الفرينة من وراء البحار تعويضا عن وقوفه في وجه أحلامنا وطموحاتنا. ولكن مهلا أماه ليس على شكل الأكياس البيضاء التي تعرفينها أثناء الثورة الجزائرية والتي كتب عليها « هدية من الولايات المتحدة الأمريكية » بل سنشتريها منه وبالثمن الذي يحدده بالعملة الصعبة التي لن نعجز في توفيرها عبر « تدبير الراسْ » وتشجيع السياحة الجنسية التي نعدّ لها بناتنا منذ نعومة أظفارهنّ. لا تقلقي أمّاه لقد تركت وراءك جيلا خبر العولمة جيدا فلا يهمّه إلاّ « الدولاب يدور » بإلقاء شبابه في البحر بعرض كل شيء، كل شيء للبيع. المهم أنّ  » الدولاب يدور » وأنّ عجلة الاقتصاد تتحرك للأمام للخلف، لايهمّ. أمّاه أعذريني، إن دفنتك بعيدا عن الأرض التي ألفتيها وألفتك، بعيدة عن مثوى رفيق دربك وغاب عن تشييعك الكثير من معارفك. ولكن اطمئنّي أمّاه لقد رافقك إلى مثواك الأخير الكثير من أبناء الصحوة الإسلامية المباركة ممن تعرفين وممن لا تعرفين. ورافقك أيضا آخرون تعرفينهم، إنّهم « زوّار الفجر » القدامى. لا أظنّهم جاؤوا شامتين. فالموت باب وكل الناس داخله. وهم يدركون حتما أنّهم سيذوقون يوما من الكأس التي شربت منه. وما أظنهم جاؤوا لأداء واجب العزاء، فابنك ليس أصيل جهة يقرأ لها حساب، ولا سليل أسرة عريقة في المجد ولا ممن أسدى خدمات جليلة للوطن حتى يستحق التفاتة من « الكبار ». المهمّ لقد جاؤوا وكانوا آخر من غادر. وصدق رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه : »إنّما الأعمال بالنيات وإنّما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته لله ورسوله فهجرته لله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ». أمّاه اعذريني، إن أطلت فما يعتمل في الصدر لا تتسع له مجلدات، إنّها مأساة جيل بأكمله، واعذريني إن قلت لك إنّ ما نالك منها يعتبر هيّنا أمام ما نال عشرات الآلاف من أمّهاتنا الصابرات المحتسبات، أذكر منهنّ على سبيل المثال أم السجين المجاهد رضا البوكادي فكّ الله أسره وأسر إخوانه قريبا، وأمّ أخينا الشيخ لطفي السنوسي وأم الأخوين محمد ومراد الخديمي شفاه الله، رحمة الله عليهنّ جميعا. أمّاه إلى أن يجمعنا الله في يوم تنصب فيه محكمة العدل الإلهية أسأل الله العلي القدير أن يتغمدك بواسع رحمته وأن يحسن رفادك وأن لا يحرمنا أجرك ولا يفتنّا بعدك. وإنّي إن شاء الله على العهد ما حييت. ابنك صالح بن عبد الله [*]  كان ذلك في صائفة 1981 حين تم محاكمة ما يزيد عن مائة قيادي وكادر في حركة الاتجاه الإسلامي على إثر ندوة صحفية عقدها مكتبها السياسي برئاسة الشيخ راشد الغنو
 


 

« الانسلاخسلامية » ومصادرة الحرية تصنع « الغلوسلامية » والحداثة المشوهة

 
مرسل الكسيبي (*)   بين مدلولات الألفاظ والمعاني وقفت متأملا في أجوبة الدكتور محمد الطالبي على بعض أسئلة الزميل لطفي الحيدوري بمناسبة احتفاء الساحة الثقافية والفكرية التونسية باصدار كتاب  » ليطمئن قلبي  »  والذي ضمن فيه المؤرخ والدكتور الطالبي خلاصة تحولات فكرية شخصية عميقة يبدو أنها كانت نتاجا لما تعرفه الساحة العربية والاسلامية من مخاض على مستوى الجماهير والنخبة …   الساحة التونسية وبالتأكيد لم تكن هي الأخرى بمعزل عن هذه التحولات منذ أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات حين بدأت الساحة الطلابية تشهد أوج تدافع الأفكار والنظريات والايديولوجيات والرؤى السياسية على أرضية الابتعاد أو الاقتراب من رصيد الهوية الدينية واللغوية الوطنية …   غير أن ماعرفته تونس من حالة تراجع ثقافي وفكري وسياسي في ظل كبح الدولة لتطلعات المجتمع والنخبة باتجاه الموازنة بين مشروعية والحاحية التحديث ومطلبية وضرورة الانسجام مع مقاصدية وثوابت الهوية العربية الاسلامية حال دون تواصل الكثير من السجالات النخبوية ضمن الفضاء الاعلامي والثقافي والسياسي الطبيعي منذ اجهاض تجربة التحول الديمقراطي الذي وعد به في مشروع السابع من نوفمبر .   كانت حقبة التسعينات وماعرفته من تغول للدولة والتهام للمساحات الفكرية والثقافية كفيلة بتحويل المشهد العام الى مشهد متصحر أفسح الباب واسعا الى ثقافة « الهجانة » و »السجانة » من أجل تصدر ركح المهرجانات والمسارح والسينما وحتى دور الثقافة والشباب ومعارض الدولة للكتاب … مشهد ثقافي وأكاديمي مؤلم عرفته تونس يوما ما ومازالت تعاني من اثار مشهديته التراجيدية حين وصل الأمر بالدكتور محمد الطالبي للكتابة عن الامه على صفحات احدى الصحف اللندنية , ليتحدث حينها عن اخضاع نشر أطروحات الدكتوراة التونسية اواخر التسعينات الى استشارة المؤسسة الأمنية المركزية …   استعاد الحراك الثقافي والسياسي بعيد ذلك بعضا من مساحات الجرأة والشجاعة برغم تربص جناح متنفذ داخل السلطة , ليشهد الانتاج الفكري والسينمائي والمسرحي بعضا من الديناميكية التي رأيناها في كثافة المادة الاعلامية والاخبارية والسجالية على صفحات صحف المعارضة أو الشبكة العنكبوتية أو حتى بعض الصحف شبه المستقلة , ومن ثمة خرج الجدل من محيطه السياسي المحكوم بهاجس محاكمات التسعينات الى محيطه الفكري والثقافي في بعض الكتابات التي تجردت من عقدة السجن والسجان وأدب السجنيات لتعانق بذلك روح التفكير والاختلاف الكلي أو النسبي والابداع من جديد …   ضمن هذا السياق التاريخي والسياسي المعاصر يمكن أن أنزل الجدل الشجاع الذي أثاره كتاب ليطمئن قلبي للمفكر والمؤرخ التونسي د.محمد الطالبي , والذي يبدو أن عامل السن والنضج والجرأة النضالية مع ثراء المخزون المعرفي… , كل هذه العوامل وربما غيرها ساهمت في تسليط الأضواء على افكار جديدة ربما لم نعرفها عن الكاتب من قبل , لاسيما أن هجومه الفكري والجدلي على أطروحات عبد المجيد الشرفي كانت تتسم الى حد ما بالصدموية والفاجعية لدى البعض …   قد نختلف أو قد نتفق مع بعض أطروحات صاحب الكتاب ولكن حتما سنقف أمام رجل له من الشجاعة والجرأة ماجعله يتحدى تيار الاستبداد والنكوص الى الوراء عبر سلسلة من المواقف والكتابات والتحركات الميدانية التي تحفظها له الذاكرة الوطنية في سن متقدم يتوارى فيه الكثيرون عن العطاء والابداع – الرجل قد يكون قفل عقده التاسع من العمر – …   عموما أهم ماأعجبني في بعض ماأورده الطالبي بالكتاب المذكور هو لفظ الانسلاخسلامية الذي يعتبر لفظا طريفا وجديدا على الساحة الثقافية العربية , وأظن أن مرادفه الفكري هو الأصولية العلمانية التى تريد أن تلتهم الدنيا والاخرة عبر كتابات ثقافية وفكرية لم تراع خصوصيات المنهج النقدي أو التحليلي أو السيميائي أو التأويلي أو التفكيكي عندما تتعاطى مع النص المقدس بصفته حسب تعبيرها نصا تاريخيا وبشريا تنفي عنه مصدرية الوحي !!!   هذا الاشكال عالجه أيضا الدكتور أبو يعرب المرزوقي على طريقته الخاصة حين كتب عن بعض مؤلفات محمد الشرفي أو حمادي المرداسي بصفتهما نماذج ثقافية للعلمنة الأصولية غير المرنة , والتي ثبت بالتجربة انها لاتتوانى عن التحالف مع عصا البوليس من اجل فرض رؤية ثقافية أو سياسية قهرية ومتعسفة على اعتدال ووسطية وسماحة الاسلام عبر تجريده من قداسة الوحي أو عبر اخضاع نصوصه المقدسة لاليات الهدم والتقويض في مناهج التحليل والتأويل المعتمدة في المدارس الاستشراقية .   « الانسلاخسلامية » لخصت بوضوح رغبة أمنية وسياسية وثقافية لدى أقلية فكرية من أجل تقويض التفاعل المرن بين الاسلام كهوية وطنية وبين التحديث كمطلب ملح في المنطقة العربية والاسلامية , وهو ماخلف في تقديري حالة من ردة الفعل غير المتوازنة عربيا واسلاميا حين جنحت بعض عناصر التيار المخالف الى الجنوح بالاسلام الى مايمكن أن أطلق عليه صفة « الغلوسلامية » عبر اختطافه الى مشاريع العنف أو التحجر أو النكوصية التي نزعت عن مقتدري وعلماء الاسلام ومجتهديه الحاجة الملحة الى التطوير والتجديد والاجتهاد _ أخذا بعين الاعتبار شروط الأهلية في ذلك طبعا- …   لقد صنعت الانسلاخسلامية مضافا اليها مصادرة الحرية والكرامة البشرية تحديثا مشوها قرن بين التطور والارتقاء وصورة القهر والاستبداد , وهو ماأحال النموذج التونسي على سبيل المثال الى نموذج ترادف فيه الحداثة بين القشرية والمظهرية اللباسية وبين صورة لدولة غول لاتترك مساحة للمجتمع المدني حتى وان كان هو الاخر من انصار الانسلاخسلامية الفكرية دون استعمال أدوات بوليسية تفرضها على المجتمع …   الانسلاخسلامية التونسية صنعت دولة لها قانون راقي في معظم الأحيان ولكن غير محترم , ولها دستور حداثي ولكن لايطبق ! …   الانسلاخسلامية التونسية أفرزت ايضا دولة الفرد وصناعة الصنمية كبديل عن دولة القانون والمؤسسات , وهو مايعني أن شروط التحديث فيها قد أجهضت مادام التقنين أصبح ظاهرة ورقية أو حبرية لايعبر عنها في المساواة بين المواطنين أو استقلال واضح للمؤسسة القضائية أو في نأي بأجهزة الأمن عن الاعتقال السياسي , أو بالقضاء عن محاكمات الرأي والانتماء للفضاء الأهلي والعمومي بنضالية وفاعلية…   النتيجة المقابلة للانسلاخسلامية حينئذ كانت خليطا مرا وبائسا من القمع والاستبداد مع مضاف اليه يعرب حقيقة وميدانا ب »الغلوسلامية »-اللفظ هنا لي وليس للدكتور الطالبي- أي الغلو والتطرف في فهم الدين عبر عودة غير ناضجة لشروط الاسلام الناهض والتنويري والتحديثي الذي يشكل قوله تعالى  » اقرأ باسم ربك الذي خلق  »  منطلقه التوجيهي والحضاري الأساسي .   اننا بموجب هذا الواقع نقف في تونس أمام معضلتين حقيقيتين ينبغي معالجتهما شعبيا ونخبويا وسلطويا وهما معضلتي الحداثة المشوهة – حداثة ملوثة بالاستبداد والابرتايد السياسي والاجتماعي – وانسلاخسلامية أفرزت غلواسلامية مقابلة لخصها الدكتور الطالبي حين أجاب على هذا السؤال للزميل لطفي الحيدوري وهو يروي له تجربة مجلة مقاصد التي أجهضتها السلطة لفائدة مشاريع العنف والتطرف الذان نسأل الله أن يحفظ بلدنا والعالم بأسره من شرورهما :   سؤال/لطفي الحيدوري : الشباب التونسي اليوم مقبل في عمومه على التدين بأشكاله التقليدية الاتّباعية التي تصل حد التشدد بم تفسّر ذلك ؟   د.محمد الطالبي: يحدث ذلك عندما تمنع الدولة جميع الحريات ولا تسمح للمفكرين بالكلام رغبتُ في نشر مجلة « مقاصد » والتي هدفها تجديد الفكر الإسلامي، رفضت وزارة الداخلية وفي ذلك الوقت كان معي عبد المجيد الشرفي وكمال عمران وحضر معنا حتى عبد الباقي الهرماسي- وهو غير متهم بالتشدد الديني- كانت المجلة تنوي أن تكون إسلامية – بدون أي أدنى شك- ولكن بكل ضمانات الحرية كي تخلق فكرا حرا تفاعليّا. وعندما تتصرف السلطة هكذا لا يبقى سوى اتجاه واحد هو الإنصات إلى قناة إقرأ… والعنف والتطرف من الناحيتين.   (*) رئيس تحرير صحيفة « الوسط التونسية »   (المصدر: مدونة مرسل الكسيبي بتاريخ 20 مارس 2008) الرابط: http://morsel-reporteur.maktoobblog.com

الاستقلال وما حقّق للشعب التونسي من اعتزاز بالهوية العربية الاسلامية وكيف الاحتفال به (الجزء الثاني)

** وضع النقاط على الحروف للمحافظة على حقوق المواطنة للجميع في ظلّ الهوية العربية الإسلامية والحريات الشخصية  ** الحق في الاختلاف واجب واحترام المصالح العليا للبلاد والعباد.. ضرورة.  ** لا تقدم  بدون ضمان حرية التفكير والتعبير.. ولا تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية دون حد أدنى من الحريات والتنمية السياسية..   « قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله » (سورة يوسف 108)

 
باريس في 22 مارس 2008   بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس   أي هيكلة للحوار نريد؟   هذه الأرضية التوافقية المبنية على صيانة الهوية كقاعدة صلبة و مرجعية ثابتة لأي علاقة سوية بين المعارضة و الحزب الحاكم، غير أنها تبقى في حاجة دائمة إلى تأكيد و ترجمة فعلية على الأرض، وذلك من خلال الممارسة المتواصلة للحوار في شتى المسائل ذات العلاقة بالشأن العام، فالحوار بقنواته المختلفة و مضامينه المتنوعة و نتائجه الإيجابية الملموسة هو المؤشر الفعلي على حيوية و صوابية المسلك التوافقي في مسيرة الانتقال الديمقراطي، مثلما هو العامل الحاسم في تعميق أجواء الثقة المطلوبة بين مكونات الحياة السياسية و تجفيف منابع التوتر وأعراض الانفصام بين المواطن و الدولة و المجتمع.   لا شك أن الإجراءات الرئاسية الأخيرة المعلن عنها بمناسبة الذكرى العشرين للتحول تدعم هذا التوجه التفاعلي و الأسلوب الحواري في مجرى العلاقة بين الحزب الحاكم و المعارضة، فتوسيع المجال أمام هذه الأخيرة للتواجد بحجم أكبر في المجالس المنتخبة و في المشاركة في الاستشارات الوطنية، فضلا عن تكثيف حضورها في الملفات التلفزية و مضاعفة الدعم المادي المقدم لصحفها الحزبية… كل ذلك ايجابي و غيركاف  لاعادة صياغة الحقل السياسي بحيث تترتب علاقات القوى فيه من منطق الاحتكار و الاستحواذ و الهيمنة لفائدة حزب الأغلبية و على حساب ما تتطلع إليه الأقلية من دور و مشاركة وفاعلية الى منطق المشاركة و المساهمة الفعّالة.   لجنة عليا أو مجلس للحوار الوطني   على أهمية ما أنجز وما هو بصدد التحقق في مجال تدعيم أركان التوافق الوطني، فإن الحزب الحاكم هو اوّل معني بتطوير أشكال الحوار مع المعارضة على اعتبارها منافسا وشريكا في بناء الوطن، و لعله من المناسب في الوقت الراهن المبادرة إلى هيكلة الحوار من خلال إنشاء مجلس او لجنة عليا للحوار الوطني بين مكوّنات المجتمع على اختلافها. الحق في الاختلاف واجب واحترام المصالح العليا للبلاد والعباد. ضرورة. اذ لا تقدم  بدون ضمان حرية التفكير والتعبير ولا تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية دون الحد الادني من الحريات والتنمية السياسية..   و يمكنه ان يشمل بقية مكونات المجتمع المدني من رؤساء جمعيات و منظمات و شخصيات عامة، لانّ التحديات المطروحة داخليا و خارجيا تتطلب مزيدا من الالتحام الداخلي و التكاتف الجماعي، وهذه التحديات هي من الضخامة بمكان حيث تستعصي على المواجهة من دون مناخ سياسي مفعم بالثقة المتبادلة بين أطراف المعادلة السياسية و محفز لجميع الطاقات و الكفاءات و القدرات الوطنية لبذل الأقصى من الجهد و العطاء و النشاط. ما هي مضامين الحوار المنشود؟   لكي يكون الحوار ذا جدوى ومردودية لا بد أن يتطرق للقضايا الحقيقية وذلك في أفق البحث المشترك بين مكوّنات المعارضة و الحزب الحاكم على السواء لتساهم في دفع العملية الديمقراطية و الإصلاح الشامل وإزاحة ما أمكن من العراقيل و مظاهر التعطيل في أكثر من مجال و على أكثر من صعيد.   الحق في الاختلاف واجب واحترام المصالح العليا للبلاد والعباد. ضرورة. اذ لا تقدم  بدون ضمان حرية التفكير والتعبير ولا تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية دون الحد الادني من الحريات والتنمية السياسية..   استقلالية المجتمع المدني    من قضايا الخلاف الأساسية، إذ لازالت الجمعيات و المنظمات ذات الطابع الأهلي على كثرتها تشكو من غياب الفاعلية و التأثير و الإشعاع. و ليس هناك من سبب سوى فقدانها القدرة على المبادرة الذاتية بحكم تقاليد التبعية التي تربطها بالحزب الحاكم الذي يقيد دورها في الوظيفة التعبوية خصوصا في المناسبات الانتخابية، هذا دون الحديث عن منظمات أخرى عطلها الصراع بين أتباع الحزب الحاكم و بين أطراف معارضة له عن استئناف عملها او النهوض بمهماتها.   المجلة الانتخابية :مراجعة المجلة الانتخابية بحيث يضمن لجميع العائلات السياسية حق المشاركة دون احتكار للسلطة من طرف أي حزب من الاحزاب أي كانت شرعيته بتحديد سقف لعدد المقاعد المسندة لاي حزب من الاحزاب.   الحياد الاداري دون الاحتواء الحزبي   إن عقلية الاحتواء الحزبي لمنظمات المجتمع المدني سواء من قبل الحزب الحاكم أو من قبل معارضيه من الأطراف السياسية يجب تصبح جزءا من الماضي المطلوب التخلص منه و من رواسبه لكي يستعيد المجتمع حيويته و لتستفيد الدولة من مردوده .   فالإدارة بمؤسساتها و أجهزتها و مرافقها ملك عمومي لا يمكن الاستحواز  عليه او احتكاره من أي طرف سياسي وإن كان حائزا على الأغلبية الانتخابية، ويعتبر التحدي الأضخم الذي يجب مواجهته لتوفير التنافس الحزبي النزيه و الاحالة دون الإستقواء غير القانوني من قبل أي طرف السياسي .وقد حان الوقت لفك هذا الارتباط غير المبرر، لتمكين الحزب الحاكم من استعادة ذاتيته المغتربة داخل الدولة و من تبديد حالة الالتباس المحيطة بكيانه من منظور الموالين و الخصوم على حد سواء. الاعتراف بالتعددية الفعلية   وعلى نخب الحزب الحاكم الحاصلة لدرجة من التمثل في الوعي و السلوك الحسن بقبول للرأي الآخر و الاقتناع بجدوى التعددية و مشروعيتها، فإن الأمر على مستوى الشعوب في الجهات الداخلية على وجه الخصوص مازال يشكل مصدر قلق فعلي و تهديد ميداني و ملموس لجملة ما تقرر دستوريا و قانونيا ومؤسسيا من ضمانات لحماية الممارسة التعددية و التعاطي السياسي للشأن العام. التوافق في المجال الاعلامي   ان الفضاء الإعلامي العمومي مسخر للدعاية السياسية و الأنشطة الحزبية التي يقوم بها الحزب الحاكم على الدوام، فيما ينحصر نشاط المعارضة في في مقراتها ويكاد يقتصر ظهورها الإعلامي على ما يصدر من صحفها أو على بياناتها و مواقفها التي تتولى بعض الجرائد المستقلة عرضها بقدر من الاختزال و الاحتشام.   للإنصاف و الحقيقة، هذا المشهد غير المتوازن بدأ يتغير بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وأخذت تنفتح الفضاءات العامة لأنشطة المعارضة وتتوسع مساحات الظهور الإعلامي عن طريق الانتنات و في التلفزة و الإذاعة و الصحافة المكتوبة. غير أن هذه الخطوات المقطوعة باتجاه الانفتاح مازالت محكومة بشيء من التردد و الحذر.   إن المطلوب راهنا المسارعة نحو القطع مع موقف التردد و اللاحسم الذي مازال يطبع سلوك الحزب الحاكم ويشده إلى مواقع المحافظة على الموجود ،رغم ان هذا الحال بدأ اليوم في حالة تناقص بمزيد الانفتاح على التعددية  نتيجة النضالات الداعية للقطع مع الماضي فلا مجال للون الواحد و الرأي الواحد.   تلك هي أبرز قضايا الحوار، هي إشكاليات و مصاعب تفرض علينا جميعا مواجهتها في مسار سياسي شعاره المركزي الإصلاح المتدرج و المتواصل، و في نطاق مسلسل انتقال ديمقراطي يقتضي عبر توافق عام التخلص من كل العوائق و الترسبات الموروثة ،بموازاة العمل المشترك لإرساء و تدعيم و ترسيخ مقومات البديل الديمقراطي المنشود.   هذا التوافق العام لا سبيل إلى المحافظة عليه و البرهنة على ضرورته المبدئية و نجاعته العملية إلا من خلال التعويل على آلية الحوار المهيكل و الدائم. هذا الإطار القادر على صهر الإرادات السياسية و تأليف الطاقات الوطنية و توطيد أركان الثقة المتبادلة و تجفيف منابع الاحتقان و تنقية المناخ العام. فبالحوار إذن يمكن التخلص من موروثه الأحادي والنزعة الاحتكارية ليتموقع من جديد كسند قوي لمشروع التغيير.   خطوة استباقية لا ننكرها   برّر الأستاذ أحمد نجيب الشابي ترشحه بأنّ الحكومة التونسية مقبلة على إجراء قانون انتقالي في الأشهر القادمة يتعلّق بشروط الترشّح للانتخابات الرئاسية وسيكون القانون متوجّها بالأساس نحو أحزاب المعارضة. ولذلك فهو يرى بأنّه لا بدّ من التحرّك للضغط وعدم تفويت الفرصة حتى لا يكون التعديل المتوقّع إجراء شكليا.   وكان قانون انتقالي قبل انتخابات 1999 قد خوّل الترشح لأمناء عامّين لأحزاب معارضة قريبة من الحكم. ثم تلاه قانون آخر قبل انتخابات 2004 مكّن أعضاء الهيئات السياسية للأحزاب الممثلة بالبرلمان من الترشح واشترط أن يكونوا مزاولين لمسؤولياتهم الحزبية قبل خمس سنوات. وهي شروط لا تتوفر في حزب الاستاذ احمد نجيب الشابي.   وسبق للشابي أن وجّه رسالة إلى أعضاء البرلمان سنة 2004 طلبا للتزكية دون أي استجابة. ولم يحظ الترشح الاستباقي من أي حزب معارض حتى من حلفاء الحزب الديمقراطي التقدمي.   هذا الترشّح هل يضعف العمل المشترك؟   وكان الأستاذ أحمد نجيب الشابي قد اقترح مشروعه على « هيئة 18 أكتوبر » خلال أربعة اجتماعات ولم يحظ بمساندة رسمية. فالتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، الذي يقوده مصطفى بن جعفر، ولئن أقرّ حق كل طرف في الترشح والنضال من أجل فتح الباب للجميع، فإنّه أكّد في بيان صادر عن مجلس الإطارات « ضرورة عدم اتخاذ مواقف متسرعة…. وأنّ الأولوية اليوم هي الحفاظ على وحدة الصف ودفع فكرة العمل المشترك الذي بدأ يؤتي ثماره ».   وانتقد الدكتور ابن جعفر أمين عام التكتل الترشح الاستباقي باعتباره « يطرح مسائل لم يقع تجاوزها بنقاش عميق… ويحول دون أن تتوحد القواعد الديمقراطية حول المرشح الممكن ». وأضاف « الأولوية هي تغيير قواعد اللعبة باعتبار أنّ الانتخابات هي تتويج لمسار ».   هذا ويعتقد الكثير من المراقبين أن الشابي بإعلانه ترشحه، بدا وكأنّه غامر بإطلاق مبادرة وإن كانت جريئة، إلا تأتي في ظروف تشهد تململ حزبي داخلي، وضعف التفاف سياسي، وغياب رهان انتخابي، معوّلا على ما يحظى به شخصيا من احترام وطني وتعاطف في أوساط النخبة العربية، وتقدير بعض المراقبين الأجانب . (ان أريد الا الاصلاح ما استطعت و ما توفيقي الا بالله عليه توكّلت و اليه أنيب).( هود 88)   أما الأحزاب المختلفة فيبقى آداؤها ضعيفا، وإذا كان الحزب الديمقراطي التقدمي قد حقق نصرا جزئيا في معركة المقرات، فإن بقية مكونات الحركة الديمقراطية والوطنية مازالت تعاني من ضعف الكادر الجماهيري، ومن ضبابية أهدافها النضالية، ومن ركونها إلى النضال السهل ونضال البيانات والمؤتمرات.   انتخابات المحامين الشبان –   نتائج الانتخابات هل تعود إلى عدم التنسيق أوللحسابات الإيديولوجية التي طغت لدى بعض الأطراف السياسية، إذ كان بالإمكان الفوز بقائمة كاملة من المستقلين وهي القائمة الوحيدة التي واجهت الحزب الحاكم وصمدت أمامه.   أمّا قائمة اليسار فقد أعلنت أنّها تقاطع أي تحالف مع الإسلاميين أو القوميين. ويرجّح أحد المحامين فضّل عدم ذكر اسمه أن تكون العناصر اليسارية وضعت في حساباتها التكتيكية. وكان التجمع الدستوري الحزب الحاكم قد نظّم قبل يومين من الانتخابات ندوة وطنية للمحامين التجمعيين بالعاصمة حضرها أمين عام الحزب ووزير العدل. والنتيجة ان سيطر الحزب الحاكم على مكتب الجمعية لدورتين متتاليتين. وجرت آخر انتخابات في مارس 2006 ومنع خلالها المحامون من غير الحزب الحاكم من الدخول إلى مكتب الاقتراع وروى بعض المحامين كيف وقع منعهم قبل سنتين من دخول مقر الاقتراع بأحد نزل العاصمة والاعتداء عليهم بالعنف.   وكانت هيئة المحامين التونسيين قد رفضت الاعتراف بنتائج تلك الانتخابات، غير أنّ مكتب الجمعية واصل عمله.   مؤتمر الجمعية التونسية للمحامين الشبان   أفرزت النتائج صعود اثنين من المستقلين وتجديد انتخاب خمسة من الهيئة السابقة. وقد أعلن عن نتائج الانتخابات صباح الأحد 9 مارس 2008 بعد حوالي سبع عشرة ساعة من فرز أصوات ألف وستمائة مقترع.   وتنافس على مكتب الجمعية 33 محاميا من جملة ألفي منخرط. وتقدمت إلى الانتخابات قائمات ضمّت إحداها عناصر ما يعرف بخلية الحزب الحاكم في مهنة المحاماة، وأخرى تحت اسم « القائمة المهنيّة المستقلّة » وضمّت تحالفا من المحامين المقربين من التيار الإسلامي ومحامين قوميّين.   وفاز منها اثنان هما المحامي خالد الكريشي الذي سبق أن صعد إلى المكتب في دورة سابقة، وضياء الدين مورو ابن المحامي المعروف الشيخ عبد الفتاح مورو أحد مؤسسي حركة الاسلامية في تونس. كما ترشحت قائمة تضمّ عناصر من أقصى اليسار ولم تحز سوى على أصوات معدودة نسأل الله تعالى لهم جميعا التوفيق لخدمة مهنة المحامين النبيلة.   وقال الاستاذ خالد الكريشي  » إنّ القائمة المهنيّة المستقلّة كان بإمكانها تحقيق نتيجة أفضل خاصّة وأنّ الفارق في الأصوات بين محاميي الحزب الحاكم والأصوات التي حازها المستقلون ضئيل، وكان بالإمكان تداركه ».   الحالة الاجتماعية   ففي وضع اقتصادي واجتماعي وسياسي يطغى عليه الشعور بالانغلاق والاقصاء لكلّ رأي مخالف زيادة الى تدهور القدرة الشرائية وانتشار البطالة عن الشغل لدى جميع الفئات الاجتماعية التي طالت ذوي الشهائد العليا و تفاقم الفساد والمحسوبية.   فرغم بعض النجاحات الاقتصادية التي شهدت بها بعض الصناديق الدولية، ورغم الاستثمارات الضخمة التي ميزت المشهد الاقتصادي في الأشهر الأخيرة، فإن المواطن التونسي لم تتحقق رفاهيته الموعودة، ولم يقع حل معظلة البطالة المستفحلة في صفوف أبنائه، وخاصة من حاملي الشهادات.   كما ازدادت بعض الفئات والعائلات، وخاصة في ولايات الجنوب الغربي والشمال الغربي فقرا وتدهورا في المقدرة الشرائية مع زيادة الأسعار بشكل دوري وخاصة في المواد الأساسية. وهو الامر الذي دعا الاتحاد العام التونسي للشغل في بيان يوم 5 يناير/جانفي الماضي إلى التعبير عن بالغ انشغاله إزاء الارتفاع المتزايد للأسعار ولنسبة التضخم في البلاد، وما أدت إليه من إضعاف للمقدرة الشرائية.   في هذا الوضع المتردّي تعيش البلاد التونسية بمختلف التيارات السياسية العلمانية منها والاسلامية على السواء استبدادا سياسيا بلغ ذروته خلال العقد الاخيروتجفيفا شاملا وحصارا شديدا لمنابع الثقافة الهادفة المخالفة للتنوع مما جعل حالة جدب سياسي وتصحر ثقافي تنتشر في البلاد ودفعت البلاد الى التخلف السياسي بالمقارنة مع دول الجوار منذ سنوات و اصبحت معدودة فى ضمن قائمة البلدان الاكثرتخلفا.   واذا كانت هذه المعارضة قد واجهت ولا زالت تواجه تحدي الاستبداد رغم شراسته برباطة جأش وثبات على المبدإ واستمرارية فى النضال من أجل تحرير المجتمع والدولة من هيمنة عقلية الحزب الواحد وإرساء نظام تعددي يسع الجميع ويستجيب لتطلعاتهم فى الحرية والكرامة والتنمية فان معركتها اليوم تبدو اكثر تعقيدا واكثر ازدواجية .   من المظاهر المستفحلة عملية التداول السلمى على الحكم هي من أبرز الحلقات المفقودة فى بلادنا منذ  نصف قرن من الزمن تمكّن خلالها التجمع الدستورى الديمقراطى ( الحزب الاشتراكى الدستورى سابقا ) من المسك على الحكم بيد من حديد وخضع فيها التونسيون جميعا لرئاسة مدى الحياة افقدت معنى دولة القانون وألغت التعددية السياسية والفكرية وأطلقت العنان  للاستبداد في جسد المجتمع بلا توقف.   الاستعمـار اللّغـويّ والثّقافـي وآثـاره فـي تونس   ان الموقف المشوب بالسّلبيّة لأغلبيّة التّونسيّين اليوم من اللّغة العربيّة هو وليد الاحتلال الفرنسيّ  وحال اللّغة العربيّة بتونس بعد الاستقلال، و ضرورة القيام بجرد لمواقف التّونسيّين اليوم كأفراد ونخب سياسيّة، وجماعات ومؤسّسات، وطبقات اجتماعيّة من اللّغة العربيّة ومدى اعتزازهم الى الانتماء لالاأمة العربية الاسلامية، مع تحليل انعكاسات تلك المواقف على شخصيّة التّونسيّين وبالخصوص الشباب وثقافة مجتمعهم، و بثّ موقف التّحقير إزاءها، وبثّ مركّب النّقص بينهم تجاه استعمال العربيّة أو الدّفاع عنها كلّ هذا أمر واقع لا يمكن لأيّ كان أن يتجاهله او دحضه.   لقد حاول الإصلاح التربوي 1991 معالجة الأزمة التعليمية معالجة جذرية فأكد على عروبة تونس وضرورة « ترسيخ الوعي بالهوية الوطنية » و »الشعور بالانتماء الحضاري وطنيا ومغاربيا وعربيا وإسلاميا.. » وتم تعريب التعليم الإعدادي  وتعريب نصيب هام من التعليم العالي.   ثمّ كان أن تعثر الإصلاح السياسي إثر مواجهة السلطة للحركة الإسلامية الذي استغلته السلطة المتفرنسة والمعادية للعروبة والإسلام لتنقلب على مسار الإصلاح التربوي وتنفيذ التعريب الشامل فتوقف التعريب بالمرحلة الإعدادية .   وعادت الفرنسية بقوة لتفرض نفسها في الجامعات والمعاهد العليا والكليات وبعد إقرار تعميم اللغة العربية مادة رئيسية بكافة أنواع البكالوريات سنة 2004 عرف التعليم أخيرا عودة قوية للفرنسية تمثلت في التخفيض من ساعات العربية وحذف مادة التفكير الإسلامي باعتبارها رديفا للعربية ومكملا لها من الشعب التقنية والاقتصاد والإعلامية.   كما أقر فتح الباب على مصراعيه لتدريس الاختصاصات المهنية بالفرنسية بمدارس المهن والإنكليزية والفرنسية كمادة أساسية في الإعداديات النموذجية ولعل ما زاد الطين بلة حقا هو تقديم وزارة التربية مؤخرا مشروع قانون يهدف إلى تنقيح القانون التوجيهي عدد 80 لسنة 2002 المؤرخ في 23 جويلية 2002 المتعلق بالتربية والتعليم بما يضعف حظوظ اللغة العربية، فقد جاء في الفصل 24 (جديد) تدرس المواد الاجتماعية والعلمية والتقنية والفنية في مرحلتي التعليم الأساسي بالغة العربية غير أنه يمكن اعتماد لغة أجنبية أو أكثر للتدريس في كل مراحل الدراسة » !!!   وهذا المشروع يكرس التطور المنكسر للتعريب منذ الاستقلال فلئن شهد تعريب الابتدائي ثم الإعدادي خطوات مهمة وإن كانت بطيئة ومنقوصة خاصة في تعريب الرياضيات فإن المرحلة الثانوية والتعليم العالي كانت ولا تزال القلاع الحصينة للفرنكفونيين المدعومين بالإنفاق السخي من المستعمرالسابق والشريك الأوفر حظا والأبلغ تأثيرا في  وثقافتنا.   يقولالأستاذ البشير بن سلامة([1])و هو كاتب ووزير سابق: « يجب التّفريق بين أمرين: بين قضيّة تعريب التّعليم والإدارة وبين الإرث الثّقافيّ الفرنسيّ الّذي ليس في إمكان أيّ كان أن يمحوه بجرّة قلم أو بقرار سياسيّ، لأنّ هذا الأخير دخل في كيان الشّخصيّة التّونسيّة لأنّ تأثير الثّقافة الفرنسيّة في النّخبة التّونسيّة بما في ذلك فلسفة الأنوار لم يأت مع الاحتلال الفرنسيّ، بل جذوره بعيدة تمثّل في موقف النّخبة الزّيتونيّة الّتي قامت بحركة الإصلاح ».   ومن أهمّ ما أنجزته تأسيس المدرسة الصّادقيّة الّتي أخذت على عاتقها تدريس اللّغات وخاصّة اللّغة الفرنسيّة، وكذلك جهودها لإصلاح التّعليم الزّيتونيّ وتعصيره. هو اختيار هذه النّخبة ألدّخول في الحداثة والتّشبّع بثقافة التّنوير. حتّى أنّ تونس كانت أوّل دولة إسلاميّة سنّت دستورا ( سنة 1861)اعتمد ثقافة مغايرة للثّقافة السّائدة آنذاك بالرّغم من اعتراضات المحافظين من مشايخ الزّيتونة والمؤسّسات القائمة وعامّة الشّعب.   يقول الأستاذ البشير بن سلامة([2]) »أنّ اللّغة العربيّة وبالتّالي الثّقافة العربيّة لم تتغلغل في إفريقيّة بسرعة، إذ أنّ بقايا اللّغة اللاطينيّة ظلّت بارزة ناهيك أنّ والد ابن رشيق ( القرن الرّابع والخامس هجري ) كان روميّا يحذق هذه اللّغة، وأغلب الظنّ أنّ ابنه الشّاعر كان عارفا بـها ولا نتحدّث عن البربريّة الّتي لم تزُل سيطرتها إلاّ بعد زحفة بني هلال. »   « إنّ القول بأنّ القيادة السّياسيّة البورقيبيّة بعد الاستقلال كانت ترحّب باستمرار ببقاء ذلك الإرث الاستعماريّ في المجتمع التّونسيّ فيه الكثير من التّجنّي. صحيح أنّ فئة قليلة من المسؤولين السّياسيّين أثناء حكم بورقيبة كانت لا ترى ضيرا في ذلك من باب الخوف من استحكام الرّجعيّة والنّكوص على الأعقاب على حدّ زعمها. ولكن من تتبّع ما قامت به الأغلبيّة الغالبة من الفاعلين تربويّا وثقافيّا وإعلاميّا يجدْ أنّ إجراءات عديدة تمّت لمحو التّأثير السّلبيّ للاستعمار الثّقافيّ. وإلاّ بم يفسّر الباحث النّزيه ما تقرّر من تعريب الحساب والإيقاظ العلميّ في التتّعليم الابتدائيّ وتدريس العلوم الإنسانيّة باللّغة العربيّة في الثّانويّ والعالي. وهنا لا بدّ من التّنويه بما قام به أساتذة أجلاّء من جهود لتثبيت أقدام اللّغة العربيّة في الجامعة (مواقف د. محمّد اليعلاوي مثلا) وخاصّة في أقسام التّاريخ والجغرافيا والفلسفة والحقوق وغيرها ».   و لا ننسى ما قامت به بعض الجمعيّات من نّهوض بالثّقافة العربيّة ومناصرة اللّغة العربيّة مثل الاتّحاد العامّ لطلبة تونس واتّحاد الكتّاب التّونسيّين وجمعيّة الفلسفة واللّجان الثّقافيّة التّابعة لوزارة الثّقافة وغيرها وكذلك المجلاّت والجرائد مثل  » الفكر  » و »العلم والتّعليم » و »جوهر الإسلام » وغيرها.  »   إنّ مشروع الإصلاح الّذي قام به الأستاذ محمّد مزالي بما فيه التّعريب كان بموافقة الدّيوان السّياسيّ للحزب الاشتراكيّ الدّستوريّ بعد جلسات عديدة.   إلا انّ ما قام به محمّد مزالي جاء محمّد الشرفي الوزير السابق للتربية و مشروعه لتجفيف منابع التدين و مواجهة ما أسماه ال »تطرف ديني »، وعبأ لذلك النخبة العلمانية، من أجل محو آثار الإسلاميين. فإنه لا مانع من أن تبقى الدول في العالم الإسلامي تنتمي رمزيا للإسلام وتحمي المساجد وتدرس التربية الدينية في المدارس الحكومية وفي نفس الوقت تنظم حياة ديمقراطية حقيقة أي بدون توظيف للدين في السياسة. وهذا يقتضي مراجعة بعض المسلمات الفقهية التي هي من صنع البشر ومن مخلفات التاريخ.   إن تراجع الفكر التقدمي في العالم العربي منذ نصف قرن تقريبا وسيطرة الفكر التقليدي على الأذهان تمنع من القيام بهذه المراجعة وبالتالي هي تمنع من نشر مبادئ مثل حرية المعتقد أو المساوات بين الجنسين فضلا عن وجوب عدم توظيف الدين في السياسة أي أن سيطرة الفكر التقليدي تمنع من وصول الشعوب إلى مستوى الفكر الديمقراطي الحر.([3])   ويقول أيضا :  » منذ ما يزيد عن القرن شرعت البلاد الإسلامية في عملية التحديث وهي عملية لا بد منها للخروج من التخلف. كانت المرأة -أي نصف المجتمع- سجينة البيت والجهل و الخمار فتحررت شيئا فشيئا. ..كان القانون بيد » أهل الحل والعقد ». فأصبح يصدر باسم السيادة الشعبية (وإن كانت الانتخابات في غالب الأحيان مزيفة وهذا موضوع آخر).   « إن المجتمعات البشرية تشتمل على شق يساري تقدمي وشق يميني محافظ والمحافظون في ديارنا هم الأصوليون الإسلاميون ومن الطبيعي أن يوجد بيننا يمين محافظ . إلا أن هذا اليمين له خاصياته الناتجة عن لباسه الثوب الديني فهو يستعمل الدين في دفاعه عن التقاليد وفي معارضته للحداثة وهذا عنصر يجعل ا لممارسة الديمقراطية صعبة.   عوض عن أن يكون السباق بين اليمين واليسار تنافسا بين مشروعين سياسيين يصبح هذا التنافس صراعا بين خطاب العقل وخطاب العاطفة , بين النسبي والمطلق, بين البشري و اللإهي. ..كأنه صراع بين الإيمان و الكفر… نتيجة لإقحام الدين في السياسة تصبح الحياة السياسية وكأنها خليط من المعطيات الموضوعية والعناصر الميتافيزيقية. ويؤدي ذلك إلى إكساء النقاش حدة وتشنجا مضرين بالنظام الديمقراطي خاصة أثناء فترة إنشائه. مثله في تلك الفترة مثل شجرة صغيرة تحتاج في الأسابيع الأولى بعد غرسها إلى عناية خاصة قبل أن تكبر ويشتد عودها.   إن المؤسف في الأمر أن الإسلاميين كثيرا ما يتقدمون وكأنهم ممثلو الدين الإسلامي و بالتالي يتهمون خصومهم- بصفة غير مباشرة وأحيانا بصفة مباشرة- بالخروج عن الدين. ولا تخفى خطورة تهمة التكفير في مجتمع مسلم ولا يخفى أن هذا الخطاب يؤدي لاستعمال العنف سواء أراد أصحابه هذا العنف أم انه نتج عن خطابهم بدون قصد منهم. »   لذلك يعتقد محمّد الشرفي أن الديموقراطية لن يمكنها أن تستقر في بلادنا إلا عندما تقتنع أغلبية عريضة بواجب التفريق بين الدين والسياسة. وفي انتظار بلوغ هذا المستوى من النضج السياسي علينا أن نتعامل مع الظاهرة الأصولية بطرق ديموقراطية متحضرة أي أن لا نعامل القوى الأصولية بالطرق الأمنية وأن لا يتم الالتجاء للبوليس وللقاضي إلا عند ارتكاب العنف أو الدعوة الصريحة إليه.   « من الواجب تمكين كل من لا يستعمل العنف ولا يدعو إليه من حقه في النشاط في الحقل السياسي كغيره من الاتجاهات أي الاعتراف للأصوليين بالحق في حرية النشر وتنظيم الأحزاب والمشاركة في الانتخابات الخ.   « وفي المقابل علينا أن نندد بخطاب التكفير وبلهجة التشنّج وأن نشرح للمواطنين- ونكرر الشرح كل يوم- بأن الديمقراطية ليست فقط إجراء الانتخابات وإعطاء الحكم للأغلبية بل هي أيضا – وبالخصوص- أخلاق تقتضي احترام الآخر والكف عن استعمال الوسائل غير المشروعة بما فيها توظيف المعتقدات الدينية لربح الأصوات أو للتشهير بالخصوم. » ([4])   يقول الأستاذ البشير بن سلامة([5]) « وحسب علمي، وقد كنت في صلب النّظام تحمّلت مسؤوليّات سياسيّة عديدة، لا أعرف أنّ بورقيبة أبطل سعيا في اتّجاه تثبيت الثّقافة العربيّة الإسلاميّة أو وقف ضدّ من قاوم الاستعمار الثّقافيّ، بل ترك للمجلاّت والجمعيّات وحتّى الوزارات مثل التّربية القوميّة والعدل والثّقافة والإعلام المجال للاجتهاد كلّ حسب قناعاته، من دون أن يترك الفرصة للتّعبير عن رأيه وفرض إرادته في مسائل يراها هو أساسيّة وتتعلّق بطبيعة الحكم. وما على الباحث الموضوعيّ إلاّ الرّجوع إلى الجرائد والمجلاّت والقرارت الّتي اتّخذت في هذا الباب للتّأكّد من صحّة ما أقوله، ولا يُكتفي بالاقتصار على وجهة النّظر المعاكسة فقط، لأنّ المسالة لا تعدو أن تكون إلاّ صراعا بين تيّارات عديدة متباينـة.    أنّ الأجيال من المتخرّجين من معاهد التّعليم سواء الابتدائيّ أو الثّانويّ أو العالي بقيت متمسّكة في معظمها باللّغة العربيّة لم تتأثّر كثيرا بدعاة العامّيّة وعددهم قليل آنذاك، لأنّنا كنّا نشبّه سعيهم بسعي النّظام الاستعماريّ في الحطّ من اللّغة العربيّة. وحافظت وسائل الإعلام على الفصحى.   يقول الأستاذ البشير بن سلامة([6]) « عندما كنت رئيسا لديوان المدير العام للإذاعة والتّلفزة أنّني فرضت، باتّفاق مع الأستاذ محمّد مزالي، على كلّ تسجيل بالفصحى أنّ يمرّ بلجنة متركّبة من أحمد خير الدّين وحسين الجزيري ومحمّد اللّقّاني عليهم رحمة اللّه، ولكن للأسف لم يعمّر هذا الإجراء طويلا بعد انتقالنا إلى مسؤوليّات أخرى. أمّا البرامج بالعامّيّة فكانت في حدود معقولة متمشّية مع تقاليد الإذاعة التّونسيّة الّتي أرساها بناة هذه الوسيلة الإعلاميّة الهامّة من دون أن يكون من وراء ذلك حرص على جعلها تنافس الفصحى.أنّ المشكل الّذي سيطر على العقود الثّلاثة من حكم بورقيبة في المجال اللّغويّ يتعلّق بالثّنائيّة اللّغويّة أي استعمال اللّغة العربيّة والفرنسيّة معا في ميادين التّعليم والإدارة خاصّة.   وكانت هناك محاولات كثيرة لتعريب الإدارة منها ما نجح مثل وزارة الدّاخليّة بما فيه الأمن والإدارة المحليّة ووزارة العدل ومنها ما كان من باب المبادرة والحماس من مسؤولين في ميادين أخرى. أمّا في التّعليم فكان الالتباس كامنا في أنّ التّيّار الّذي تغلّب وفرض الثّنائيّة في آخر الأمر لم يقرأ حسابا لسلبيّاتها عندما يقع تعميمها. وغاب عمّن أُوكل إليهّ النّظام التّعليميّ، ثنائيّ اللّغة والثّقافة لم ينجح إلاّ لأنّه لم يشمل إلاّ نزرا قليلا من التّلامذة.وهؤلاء تلقّوا تعليمهم الابتدائيّ في المدارس الفرنكو- عربيّة   يقول الأستاذ البشير بن سلامة([7]) »هكذا أصبحت الثّنائيّة الّتي كانت نعمة قبل الاستقلال وبُعيْده نقمة لا تحصى ولا تعدّ سلبيّاتها. فالمسألة كامنة في حسن التّصرّف في هذه الثّنائيّة بإيجاد مزاوجة بين تعليم نخبويّ وفي الآن نفسه جماهيريّ. وهي معادلة صعبة إن لم تكن مستحيلة التّحقيق. وتكاد تكون ذلك من باب تربيع الدّائرة ». لذا لم يكن من اليسير ترقيع النّظام التّعليميّ وباءت محاولات الإصلاح الكثيرة بالفشل   وهنا نتوقف عن الحديث من الجزء المقبل   و صدق الله العظيم اذ قال في سورة الاسراء :  » وقل جاء الحقّ وزهق الباطل انّ الباطل كان زهوقا » (الاسراء 81)   و السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.    باريس في 22 مارس 2008   [1] – (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 16 مارس 2008) [2] – (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 16 مارس 2008) [3] – (المصدر: موقع آفاق تونسية بتاريخ 15 أفريل 2005) [4] – (المصدر: موقع آفاق تونسية بتاريخ 15 أفريل 2005) [5] – (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 16 مارس 2008) [6] – (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 16 مارس 2008) [7] – (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 16 مارس 2008)

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين   الرسالة رقم 420 على موقع تونس نيوز الحلقة : العاشرة والأخيرة بقلـم : محمـد العروسـي الهانـي مناضل – كاتب في الشأن الوطني والعربي والإسلامي 

الحرية أغلى مكسب للمواطن فارفعوا الرقابة على هذا مذكراتي حول نضالاتي طيلة 54 سنة على 6 محطات تتزامن مع الذكرى 52 لعيد الاستقلال

 
بمناسبة الاحتفالات الوطنية بعيد الاستقلال الوطني يوم 20 مارس 1956 أعظم عيد وطني في تونس على الإطلاق فهو يوم الحرية والسيادة والكرامة والاستقلال. يسعدني مواصلة الكتابة حول مذكراتي في أعظم ذكرى… ولا أسمى وأنبل وأعمق وأغلى من الحرية والكرامة والسيادة. وكل الشعوب في الدنيا ناضلت وكافحت من أجل عزتها ومناعتها وسيادتها واستقلالها وتونس كافحت وناضلت وجاهدت واستبسل رموزها ورجالها ومناضليها واستهشد عدد منهم في ساحة الوغى وفي كل المعارك والمظاهرات ودم الشهداء سال في الشوارع والأنهج والمدن والقرى والمداشر والأرياف. استجابة لنداء الواجب وتلبية لتعليمات الحزب الحر الدستوري التونسي وتعليمات قادته وفي طليعتهم المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله. وبفضل هذا الانسجام والتضامن والتفاعل والتناغم والوئام والامتثال للأوامر تحقق النصر المبين وتجسم الحلم ونجح الحزب في قيادة الشعب وانجز القائد ما وعد به شعبه وتوج الكفاح الوطني المسلح والكفاح الوطني المتنوع في شتى المجالات بما في ذلك السياسة وسياسة الكر والفر. والحمد لله جاء يوم غرة جوان 1955 معبد لمبدأ الاستقلال الداخلي الذي وقع إمضاء الوثيقة المتعلقة بالاستقلال الداخي يوم 3 جوان 1955 على إثر عودة القائد الزعيم الحبيب بورقيبة إلى أرض الوطن حاملا لواء النصر والسيادة. وبعد 9 أشهر توج الاستقلال الداخلي بالاستقلال التام يوم 20 مارس 1956 بفضل عبقرية زعيم الأمة. وبهذه المناسبة السعيدة والحدث السار والموعد الحاسم والمنعرج التاريخي التاريخي العظيم يسعدني ان نرفع أسمى آيات الوفاء والعرفان بالجميل لروح الزعيم أب الاستقلال الوطني كما سماه السيد ديلا نوي رئيس بلدية باريس… ومن الواجب الوطني الترحم على روح هذا الرمز الخالد وكل الزعماء والأبطال والرموز والمناضلين والشهداء الأبرار الذين ناضلوا وكافحوا وساندوا القضية الوطنية وصعدوا الجبال وسجنوا ووقع إبعادهم وتعذيبهم وحرمانهم ومحاكماتهم لكل هؤلاء الرموز ألف تحية للأحياء ومليار رحمة لمن قضوا نحبهم أو الأحياء منهم… ويتزامن نشر مذكراتي الختامية في الحلقة العاشرة مع ذكرى عيد ألإستقلال و إلى الإشارة إلى المحطة السادسة التي بدأت من عام 2003 إلى 2008. بعد أن ذكرت في الحلقات السابقة كل المحطات الخمس من سنة 1954 إلى 2003 وقد أشرت إلى كل المراحل باختصار وبأسلوب برقي واليوم اختتم هذه الحلقة العاشرة والأخيرة بما يلي من المعلومات باختصار: ففي عام 2003 وعلى إثر بعض المحاولات من عام 2001 التي أشرت إليها في إحدى الحلقات حول موقفي يوم 6 أفريل 2001 بمناسبة إحياء الذكرى الأولى لوفاة الزعيم الراحل بورقيبة رحمه الله وكان لهذا الموقف ضريبة عاجلة. وأشرت أن مسؤولا حاول إقصائي على كل نشاط ولكن واصلت العمل كمؤطر حزبي. وفي عام 2003 صعد هذا المسؤول من اللهجة وأعطى تعليماته بوصفه مسؤولا وكلمته مسموعة لتعتيم مقالاتي وحذفها في مجلة حقائق وجريدة الصباح. وبعد هذه المحاولة واصلت العمل في جريدة أخبار الجمهورية وفي إحدى المقالات التي لم ترق لهذا المسؤول فصعد في اللهجة ووقعت دعوتي لمقابلة مسؤول هام كان على غاية  من التربية والأخلاق والتواضع والتفاهم والوطنية وأعلمني بصدق تعليمات المسؤول وبدوري طلبت منه إبلاغ المسؤول المذكور بأن المناضل الدستوري حر في كتاباته وأفكاره وهذا ما جاء ونص عليه دستور البلاد… وفي عام 2004 تشرفت بدعوة لحضور موكب تدشين أكبر ساحة للزعيم الحبيب بورقيبة بباريس بدعم من بلدية باريس والسيد ديلا نوي وأعضاء المجلس البلدي وعند العودة إلى تونس أردت نشر صورة حية على وقائع التدشين لكن للأسف الشديد كل الصحف امتنعت عن النشر والصحيفة الوحيدة التي استجابت ونشرت المقال في الصفحة الأول هي جريدة الموقف. وبعدها بأسبوع جريدة الشعب لسان الاتحاد العام التونسي للشغل مشكورين… لكن هذا لم يعجب المسؤول وازداد غضبه وانفعاله وأذن بتصعيد التهديد في إطار سياسة الترغيب والترهيب… ولكن حصل العكس وبعدها وخلال 26 جوان 2005 اكتشفت هذا الموقع وأصبحت بفضل الله أكتب بصفة رسمية بمعدل 13 مقالا شهريا والحمد لله اليوم سجلت نشر 420 مقالا في ظرف 33 شهر حوالي 3 أعوام وجزاء الله الشدائد كل خير والمثل يقول رب ضارة نافعة وجزاء الله المسؤول كل خير هو الذي كان سببا في اكتشاف هذا الموقع الممتاز الديمقراطي. وأجدد شكري لهذا المسؤول الذي أراد غلق باب حرية الكلمة…؟ ولكن الحمد لله أبواب الله أوسع. وإرادة الله أعظم وأقوى وعدله أكبر ونصره أعمق وأسمى. ورعايته وسعت كل شيء و رحمته أوسع واشمل… قال الله تعالى :  » ولنصبر على ما أذيتموها وعلى الله فليتوكل المتوكلون  » صدق الله العظيم محمـد العـروسـي الهانـي الهاتف : 22.022.354


تفعيل العلاقات التونسية-الفرنسية

 
بقلم: كمال بن يونس   يتواصل في تونس وباريس التحضير لزيارة الدولة التي من المقرر أن يؤديها الرئيس الفرنسي ساركوزي الى تونس تلبية لدعوة من الرئيس زين العابدين بن علي.   في هذا السياق انتظم بباريس هذا الاسبوع لقاء شارك فيه وزير الصناعة مع نظيره الفرنسي المكلف بالتجارة الخارجية بدعوة من جمعية المبادلات التونسية الفرنسية تحت شعار » تونس عنصر أساسي في الاتحاد المتوسطي ».   هذه التظاهرات تهدف إلى تشجيع سيناريو تطوير الشراكة والاستثمار المشترك في تونس وفرنسا.. لأن فرنسا تحتل المرتبة الاولى بين شركاء تونس الخارجيين تجارة وسياحة ومن حيث عدد المؤسسات المشتركة والتي بلغت الـ1180 بينها 800 في قطاع الصناعة.   كما تفيد الاحصائيات الرسمية أن 70 بالمائة من المؤسسات الفرنسية والمشتركة وفقت في ترفيع رقم معاملاتها خلال العامين الماضيين وهو معطى يمكن أن يشجع على إحداث المزيد من المؤسسات المشتركة في البلدين.   وفي الوقت الذي يتواصل فيه الاخذ والرد حول فرص تجسيم المشروع الفرنسي حول بناء « الاتحاد المتوسطي » (او « الاتحاد من أجل المتوسط ») جاءت تظاهرة باريس والمحادثات الرسمية التي جرت على هامشها لتؤكد دعم تونس المبدئي لمشروع ساركوزي المتوسطي.. باعتباره يمكن أن يدفع الاتحاد الاوروبي نحو تخصيص موارد مادية وطاقات بشرية أكبر لتنمية دول جنوب المتوسط وعلى رأسها الدول المغاربية.. لا سيما من حيث مساعدتها على تخفيف حدة ملفات البطالة والفقر والتهميش الاجتماعي والجهوي.. وغير ذلك من الاسباب العميقة التي تبرر تزايد الطلب على الهجرة في صفوف دول الجنوب في وقت ضاعفت فيه دول شمال المتوسط اجراءاتها الامنية الحمائية لحدودها..   إن فرنسا التي تستضيف حوالي 600 الف تونسي وتونسية (غالبيتهم من بين حاملي الجنسية المزدوجة ) وترسل سنويا الى تونس أكثر من مليون سائح وتستقطب نحو ثلث صادرات تونس تبقى شريكا استراتيجيا ومن المفيد استباق زيارة الدولة التي سيقوم بها ساركوزي لتحقيق مكاسب جديدة على هامشها لفائدة الجانبين.. لا سيما في مجال الاستثمارات المشغلة والمشاريع الثقافية والاعلامية المشتركة.. وابرام اتفاقية ثنائية تفتح فرصا جديدة للهجرة المنظمة لاسيما عبر نظام الحصص السنوية للمساهمة في معالجة ملف الهجرة غير القانونية بشكل جذري.   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 21 مارس 2008)


 

بعد مرور 5 سنوات على غزو العراق

 
هل انتشرت الديمقراطية المفقودة في العراق حسب زعمهم؟ هل تحقق الأمن الداخلي والخارجي للشعب والدولة في ظل الاحتلال الأمريكي البريطاني ؟ هل أصبح الشعب حرا طليقا بعيدا عن التسلط والاستبداد المزعومين؟ هل انتهت الدكتاتورية المزعومة في عهد صدام حسين والى الأبد ؟ هل كان الشعب العراقي يعاني من التمزق الطائفي والعرقي ؟ الم يكن آمنا في دولته المستقلة الحرة ؟ هل كان يعيش الخصاصة والفاقة والحرمان؟  هل كان شعب العراق العظيم المنتج للحضارة والمساهم فيها بشكل تقدمي وإنساني يؤمن بالطائفية ؟ من أسس الطائفية والمذهبية  ومن تسبب في الفتن الداخلية والقتل والدمار؟ هل كان الشعب فعلا يشكو من الاستبداد حقا كما سوقته لنا أبواق الدعاية الأمريكية والصهيونية والرجعية ؟ الم يكن العراق دولة وشعبا ينعم بالاستقرار والتنمية مستقلا عن دوائر القرار الامبريالية ؟ الم يبني العراق في عهد صدام حسين اكبر شبكة علمية فكثر عدد العلماء والعالمات في علم الطب والغذاء والدواء والذرة ؟ الم يبني العراق في عهد صدام حسين بنية تحتية صلبة ؟ الم يكن النفط مؤمما لفائدة الشعب ؟ كلها أسئلة مشروعة كمشروعية الثورة على المحتل الغاصب  في كل عصر وكل مصر. بقي انه  بادئ ذي بدء لابد من وضع العدوان الأمريكي البريطاني الصهيوني الرجعي في الإطار الصحيح وهو تأكيد الهيمنة الأمريكية على العالم بعد خروج الاتحاد السوفيتي من المعادلة وتامين الكيان الصهيوني والسيطرة على منابع النفط .فليس من قبيل الصدفة أن تخرج على الإجماع الدولي وتخرق قرارات مجلس الأمن بمعية بريطانيا وتقرر من جانبها العدوان على العراق ليلة 20 مارس 2003 . فهذا يدل على الأجندة الأمريكية التي تؤمن بان السيطرة على الوطن العربي من خلال العراق تؤدي إلى غاياتها الإستراتيجية في تكريس التقسيم والتجزئة و نهبها للنفط وثروات الأمة  وضرب كل محاولة للتحرر والوحدة خدمة للكيان الصهيوني و مصالحها الاقتصادية البعيدة المدى . ولتنفيذ مخططها كانت واعية منذ البداية بان ذلك لن يتم إلا باختراق الساحة الداخلية لشعب العراق . وأوكلت هذه المهمة كالعادة إلى جهاز مخابراتها  بتنسيق مع مخابرات الكيان الصهيوني وبالفعل جهزت خطتها جيدا بشراء الذمم تحت غطاء مقاومة دكتاتورية صدام فجيشت العديد من العملاء والخونة ودربتهم  وقسمتهم إلى فرق  . وضعت على رأس هذه الفرق نخبة تدعي معارضتها للنظام القائم جيء بها على ظهور الدبابات ومنهم من جاء من إيران ممن تقاطعت مصالحه مع مصالح المحتل, وهكذا بدا احتلال العراق وتدمير قدراته وإمكانياته البشرية والمادية والعلمية في مشهد ينم عن حقد دفين لحضارة الأمة العربية حيث وطئت أقدام الغوغاء الذين جاء بهم المحتل على دباباته وعرباته العسكرية متحف بغداد والمكتبة الوطنية في منظر عنصري مقيت لا يؤمن بالانفتاح الحضاري والتكامل الإنساني . وكنا على وعي تام من انه إذا كانت هذه مقدمات العدو فلا نجهد أنفسنا كثيرا في ما سيأتي فيما بعد . فسيكون التدمير والوعد والوعيد والقتل والدمار.وهذا ما حصل ولا يزال  إلا أن المقاومة الوطنية العراقية التي لم تنتظر ليلة 9  ابريل حتى تبدأ مشروع التحرر والاستقلال كانت بالمرصاد تخطط  للرد الطبيعي ألا وهو ما افتك بالقوة لا يسترد بغير القوة .وهكذا فشلت مخططات العدو في تنفيذ ما سماه وقتئذ بمشروع الشرق الأوسط الكبير باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان . وها هو العدو يتخبط في المستنقع العراقي بفضل وحدة شعبه وراء المقاومة الوطنية الصامدة الصخرة التي ستتكسر عليها كل مشاريع الهيمنة والاستسلام والتقسيم الطائفي.  وستظل بغداد عاصمة الرشيد عربية صامدة بنخيلها الواقف كما تعود شعبها الوقوف في وجه كل المحن والظروف الصعبة . . فتحية لك آيتها المقاومة البطلة وتحية لك يا شعب العراق العظيم  المؤمن بالوحدة الوطنية وتحية لكم أيها الشهداء في يوم الشهداء والخزي والعار للخونة والأعداء . النفطي حولة :21 مارس 2008

خمسة سنوات على احتلال العراق

 
قبل ان يدخلوا الى العراق باعوا لنا سلعة الاخوة بين الشعوب  ومفهوم المواطن العالمي واشتغلوا سنوات ليفسخوا بالمبرد  ايماننا باننا عرب .وسرحوا بيننا  بشر في شكل قروح   تقوم بادماء ونزف الاحساس بالانتماء.جيوش من الفركوفونيين واللواطيين والغجريين والانغلوفونيين واليهوديين  تعمل ليلا نهارا على ان  ينتهوا من هذا التجمهر المرعب الذي يسمونه عرب.جيشوا شركات الاشهار والاعلام لانتزاع بؤبؤ العين العربية  وتعويضها بعين اصطناعية  لاترى الا لونا واحدا . كسروا عظام الناس في فلسطين وركبوا عظاما اصطناعية  مبنية على الانحناء.نجحوا الى حد ما  في اسكاتنا واخمادنا عبر انظمة  لايقف  فيها احد بطوله الا البوليس.تكدسنا على عرض الارض امواتا  في انتظار الدفن الجماعي. ثم دخلوا الى العراق تحت زغاريد  الديمقراطية. وكانت ديموقراطية   في عظمة ديمقراطية الموت.انها ديمقراطية القتل والنهب. ديموقراطية تفوح منها رائحة اسرائيل رائحة نتنة ملطخة بالدم والنفط والوسخ والعرق. بعد الانتفاضة الاولى العظيمة انتفاضة 87 دمرت صورة اسرائيل في الغرب.خرج وودي الان ليقول (اني محبط لاني لم اكن اعرف اني كنت ادفع  الملايين لهذه الدولة الاسرائيلية المجرمة. قال  لا لا لم اكن في خيالي اني ادفع الاموال لهذه الدولة انما لدولة اخرى كنت احلم بها) كادت اسرائيل بعد تلك الانتفاضة ان تخسر  كل ما تملكه  في الغرب. ففكروا جيدا ماذا يمكن ان يصنع لاستعادة موقعها  ومن شانه ان يدمر صورة العرب.بحثوا طويلا فوجدوا صدام حسين. كان يخرج من حرب عبثية ضد ايران. وكانت خزانته تعاني  من نقص كبير وكان يطالب الاخوة الخليجيين برفع  ثمن البرميل.ولكن الاخوة في الخليج لا يمتلكون حق الترفيع .وهذا كان مدخلا لتوتير العلاقة بين العراق  والكويت. ثم ارتكب صدام حسين  تلك الغلطة الاستراتيجية  بدخوله الكويت.وبعد ذلك ورغم صعود الشارع العربي برمته ووقوفه الى جانب صدام.الا ان الة  الدمار الصهيونية  كانت تعمل في العمق على تحويل الشارع العربي الى شئ لا يشبه حتى الذرة. وضعوا فتيلا في ظهر الجزائر  .سرحوا الامازيغ في البداية.ثم استعملوا الغضب الذي جمعه بن جديد حوله واوعزوا للدولة الجزائرية  بتسريح الاسلاميين  .وفي غضون ايام معدودات باتت الجزائر تحت رعب حرب اهلية مدمرة اخرجتها نهائيا من المعادلة العربية.بل واضافوا لها  جيوش من المجاهدين الافغان او ما يسمونهم افغان  وكانت الجزائر والبوسنة  مصيدة لانهاء ذلك الجيل من المحاربين  واخراجه من  معادلة اية حرب مقبلة ستكون على ارض العراق. عشية الحادي عشر من سبتمبر كان العالم العربي منهكا.وكان الضغط على المملكة العربية السعودية  امر لا يقبله العقل.بلغ الامر بالامريكان ان وضعوا هذه البلاد ونظامها في قائمة الاعداء. ثم انجزوا الحادي عشر من سبتمبر   مستلهمين فعلتهم تلك مما فعله هتلر  في 33 عندما احرق مقر البرلمان الرايشستاغ  وجعله ذريعة لتصفية  كل من يخالفه الراي وتجميع الشعب استعدادا للحرب. دخلوا العراق وكانوا يجيشون العرب على بعضهم البعض.ويحرضون الناس على حكوماتهم ويحرضون الحكومات على شعوبهم. ارسلوا من ارسلوا ليصيح اكثر من اللازم الديمقراطية الديموقراطية الديمقراطية. وعندما سقط نظام صدام  كانت زغاريد البعض  زغاريدا عسكرية ديمقراطية.  ومنهم من اعتقد ان الجيش الامريكي  سيدخل الى كل تلك البلدان العربية لازاحة  الانظمة الدكتاتورية العربية. وبعد ذلك انهمر الدم  العربي في العراق  واستباحت ارض العراق  ودمرت المتاحف ونهبت المكتبات  وانتهكت الاعراض  وصار العراقيين يموتون بالحزمة  مائة ماتين ثلاثمائة الف عراقي.كل يوم في العراق ترتكب المجازر.كل يوم دير ياسين وقانا .كل يوم محرقة كل يوم هولوكوست. لعبت ايران في العراق دورا سيئا.وهي لا تزال تلعب دورا سيئا. ما فعلته  ايران في العراق  كانما تريد ان تثبت ان صدام حسين كان على حق عندما  حاربهم.لقد كانت ذريعة القيادات الدينية  الشيعية في بداية الغزو ورفضهم  اعلان الجهاد هو حقن الدماء.فهل حقنت الدماء. ايران  لعبت دورا سيئا حتى بمنظور دفاعها عن امنها القومي.لان استعمالها للقوى الشيعية  في العراق بالطريقة التي فعلتها  هو حساب مكلف للكل.لقد ظهرت ايران التي تبحث عن القوة النووية  كمن يضحي بالعراق. ولكن ايران تدفع من مقدراتها ومن رفاهية شعبها ما كانت في غنى عنه لو  تركت الشعب العراقي يقرر سبيل المقاومة.ان هزيمة شنيعة وعارمة للامريكان على ايادي شعب عراقي موحد كانت تغني الايرانيين عن قنبلتهم النووية .فمتى يفهم الايرانيين ان الشعوب العربية والاسلامية التي تساندهم وتساند معاركهم تنظر بعين الريبة لما تفعله في العراق .فما هي كمية الدم العراقي التي يكون فيها الايرانيين  جاهزين  لانهاء هذا الدور الفاسد الذي يلعبونه في العراق. كنت اعتقد انه  بعد  موت صدام حسين كان الايرانيين سيعدلون سهامهم وانهم سينسحبون خلف المقاومة. ولكن الايرانيين يواصلون بصلف  سياسة استعمال العراق  سيفا مرفوعا على رقبة الامريكان دون ان يحرروا معاقل هذا الشعب ويتركونه يواجه قدره .انهم يضعفون  حجة  الاطراف الشيعية القريبة منهم. فبعد انتهاء الاحتلال  وسياتي هذا لا ريب فيه .انا متاكد من ان ايران ستدفع ثمن الدم العراقي  غاليا. لانها مهما امتلكت من مناصرين فان شيعة العراق هم قبل كل شئ عراقيين. على الايرانيين ان يعلموا ان هذا ليس في مصلحتهم.واذا انسحب الامريكان خلف خطوط دفاعاتهم فلا يعني انهم لن يحتفظوا باوراق   لمواصلة زعزعة اية استقرار يقوم على طرف واحد.فهم ايضا سيستغلون هذه الشكوك  وهم ايضا يحسبون حسابا  للتصفيات القادمة. اذا كانت ايران تريد ان تؤمن طريقا واعدا لمستقبلها ولمستقبل شعبها ومستقبل المنطقة فعليها ان تعيد حسابات التوازن.وعليها ان تصطف خلف الصوت القوي اليوم وهو صوت المقاومة لا ان تنتظر ان تاتي خلفها المقاومة.انها ستربح الكثير وخصوصا بناء هذه الثقة الضرورية.اما اذا ما واصلت اللهاث وراء صفقة مع الامريكان  فهي تعلم انها لاتمتلك شيئا على المدى البعيد لتعطيه للامريكان في العراق.اما المقاومة التي تلعب كل الخيارات فهي لن تخسر شيئا اذا ما ابقت شوكتها مهزوزة تجاه ايران. لقد تمكنت المقاومة العراقية من تدمير قاعدة هامة من قواعد تواجد الاحتلال.المقاومة العراقية منعت الامريكان من الاستقواء بمواقع دفاعية داخل الارض المحتلة.لقد منعت الامريكان من توفير تحصينات لعسكرها. ان الذعر الذي عرفه الجندي الامريكي في العراق لا تعرفه الذاكرة الحربية الامريكية.امريكيا تحتل العراق ولكن جيشها لا يمتلك ارضا حقيقة يقف عليها .انها فرق متحولة متحركة باستمرار .ولقد علمت هذه المقاومة  عماد مغنية قاعدة جديدة في الحرب استغلها وهزم بها  الجيش الاسرائيلي.لقد تعلم مغنية من المقاومة العراقية ان جيش العدو لا يحق له ان يمتلك شبرا من الارض يقف عليها. وعندما رايت الجنود الاسرائليين يروون ما صنعه بهم  مقاومين حزب الله تذكرت عبارات الرعب التي بدت على وجه  جندي امريكي    ابيدت كل فرقته بعد ان ثبت انهم  استعملوا مسبح من مسابح صدام حسين. في الفياتنام كان العسكر الامريكي يخاف من الغابة.في العراق  عسكرهم صار يرتعب حتى من صوت باب يفتح.لا مكان يعتبر امنا.لا مكان يصلح للنوم ولا التغوط ولا اللهو ولا الاكل ولا حتى لتدخين سيجارة. كل مكان صار ثابوتا.وهذا درس جديد في الحرب اضافت له عبقرية عماد مغنية في حرب تموز تشكلا نظاميا يعتمد على قدرة  خارقة للتواصل  وتامين شبكات امداد  وافكار جديدة حول مفهوم مواقع  الدفاعات الافتراضية . وخلافا لخطبة ذاك المخبول جورج بوش.الامريكان خسروا حربهم في العراق.امريكيا اليوم هي في امس الحاجة الى رئيس حكيم  تسنده مجموعة من الحكماء  لانقاذ امريكيا.عليهم ان يقرروا خروجا سريعا فلقد بلغوا من استعمال القوة ما لم تعد تتحمله القوة .واذا بقي لهم ذكاء فعلى الاقل يمكنهم ان يستعملوه للابقاء على العلاقة التي تربطهم ببلدان الخليج .لانهم فقدوا ومنذ زمان امكانية ابرام اتفاقية. فلا وجود لاتفاقية او معاهدة او ما شابه  للابقاء على مصالحهم في المنطقة بالشكل الذي يريدونه . ولا اعتقد ان اتفاقا مع ايران سيمنع انهيارهم. ايران هي طرف قوي في ايران.ولكن ما تمتلكه  من قوة في العراق هو حضور طارئ يزول  بزوال الاحتلال .اما الطرف العراقي فيبقى عراقيا  مهما تغيرت المناخات.وعندما تاتي لحظة الحقيقة  ستكون المصلحة العراقية  هي الغالبة.فلا يوجد عاقل على الارض يصدق ان عراقيا مهما كانت طائفته سيقبل يوما بوصاية ايرانية.ثم اذا ارادو ابرام اتفاقية ترعاها ايران عليهم اما ان يفسخوا المقاومة العراقية  او ان يكلفوا الايرانيين بانهاء ها.وهذا ما لاحد عليه حول ولا قوة. الاتفاقية الوحيدة الممكنة والمتبقية هي اتفاقية وقف اطلاق نار يتم بموجبها توفير  الامان لانسحاب العسكر الامريكي. اما الابقاء على حانوت في شكل دولة وحكومة عراقية مخترقة او موالية للامريكان  تتكفل بضمان المعاهدات فهذا  جنون خصوصا اذا ما خطط الامريكان ان تكون هذه الحكومة  تحضى بمباركة ايرانية. فكما قال صدام قبل رحيله العراق اكسير لا يعرف خلطه الا العراقيين. وهذا عمل تكفلت به قرون من الزمن نحتت  فيه التحالفات والانقسامات وليس بوسع  احد التدخل فيه الا اذا كان حقا عراقيا. الامريكان فقدوا اليوم  القدرة على  الحرب.ولم يعد بامكانهم فرض شروطهم في المعاهدات .خبراءهم المعتوهين يقنعونهم بان هذه مسالة مؤقتة وانهم في حاجة الى هدنة.يبقون  فيها شئ من حضورهم العسكري في العراق  في انتظار ان يستعيدوا قوة الردع. ولكن ما حدث لاسرائيل يحدث لهم.لقد فقدو قوة الردع في المنطقة.اسرائيل لا تمتلك حلول لنوع الحرب التي يفرضها عليهم حزبالله.والامريكان الذين زعزعت كيانهم العسكري مقاومة  ذكية مدربة مبدعة وعقائدية ليس لهم ما يكفي  لايقاف التقدم الايراني  عسكريا وسياسيا. لقد فقدوا حلولهم المعتمدة على العنف والقوة بعد ان استعملوا اقصى ما يمتلكون في معركة  كان بامكانهم ربحها كما اوصى  بها اصدقائهم الفرنسيس .كان بامكانهم الحصول   على العراق  باقل تكلفة ودون اطلاق قذيفة واحدة.ودون ارسال جندي واحد داخل الارض العراقية.ولكن حقدهم  واحقاد الصهاينة على الجيش العراقي العظيم  الذي سيبقى  رمزا من رموز اساطيرنا العربية .جاؤوا تحت خشخشة مجموعة من الموميسن  الحقودين  على عظمة هذا الجيش  وارادوا تدميره.حتى تبقى اسرائيل بجيشها  اكبر قوة عسكرية في المنطقة. ولكن عدم الحكمة في استعمال القوة  فضحت عيوبهم ودفعت ايران الى التسلح والاعداد الجيد ضد  عسكر درسوا حركته  وعناصر قوته عن كثب.ولو طلبت امريكيا عشرة سنوات للتسلح من جديد. فانها كافية لدولة مثل ايران ان  تستعد لما لا تتخيله عقلية الامريكاني الصغيرة الميلودراماتكية. كان على الامريكان ان يتعلموا .كان هناك امام اعينهم درسا. لقد ارتكب صدام حسين خطا استراتيجيا بدخوله الى الكويت.ودفع  ثمنا لذلك ان دمر العراق وانتهت حياته. اما هم فكان عليهم الاستماع الى الفرنسيس.ولكن كبريائهم  اعماهم. وصار واضحا ان خروجهم من العراق سيخرجهم من  التاريخ جملة وتفصيلا.فلا مكان بعد اليوم سياوى جثثهم المتعفنة.  الامجد الباجي


سرائيل في معرض الكتاب بباريس

مقاطعة للكتاب ام مقاطعة للكيان العنصري ؟

 
افتتح الرئيسان الإسرائيلي شيمون بيريز  والفرنسي نيكولا ساركوزي معرض باريس للكتاب الذي يلتئم من 14-الى19-مارس الجاري و الذي تحل إسرائيل عليه ضيفة شرف هذه السنة فيما يقاطعه العديد من الدول العربية والإسلامية.و قد فرضت إجراءات أمنية مشددة حول هذه التظاهرة التي طغت فيها السياسة على الثقافة بسبب الدعوات إلى المقاطعة وسط تصعيد في التوتر في الشرق الأوسط.وأبدى بيريز الاثنين 11مارس لدى وصوله إلى فرنسا في زيارة دولة أسفه للمقاطعة معتبرا أن « من يقرر المقاطعة إنما يعاقب نفسه ».وقال في ختام لقاء مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي استمر ساعة « إنني ضد إحراق الكتب وضد مقاطعة الكتب (..) الهدف من الكتب هو إيقاظ الفكر ومحاولة دفع الأفكار إلى الالتقاء ».ومعرض الكتاب أهم تظاهرة أدبية في فرنسا تستقبل نحو مئتي ألف شخص.وينتظر حضور أربعين كاتبا إسرائيليا إلى معرض الكتاب  الذي يحيي هذه السنة الذكرى الستين لقيام دولة إسرائيل وبينهم بعض كبار وجوه اليسار أمثال ديفيد غروسمان وعاموس اوز وافراهام يهوشع. 1 )العرب يقاطعون المعرض اتخذ وزير الثقافة اللبناني طارق متري قراراً بالامتناع عن المشاركة في معرض باريس للكتاب بسبب استضافة إسرائيل ضيف شرف.                                                                     ويُعدُّ لبنان الدولة العربية الثانية، بعد اليمن، التي أعلنت مقاطعتها المعرض الباريسي، علماً بأن مواقف عربية عدة مشابهة صدرت عن اتحادات الناشرين واتحاد الأدباء والكتّاب في الجزائر والمغرب وتونس وفلسطين ومصر                                                                            وتأتي أهمية المقاطعة اللبنانية كون لبنان عضواً في المنظمة الفرنكوفونية إلي جانب العلاقات التاريخية والثقافية التي تربط هذا البلد بفرنسا                                                           وكانت هيئات ثقافية وقانونية في مصر وقعت على « مذكرة أرسلت إلى الخارجية  الفرنسية اعتراضاً على وجود اسرائيل كضيف شرف في المعرض                                                                       .  وانضمت الى الدول العربية المقاطعة المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم « الايسيسكو       وجدد الاتحاد الأوروبي العربي للديمقراطية والحوار ـ باريس، دعوته إلى تكثيف الجهد وإطلاق المزيد من النداءات عبر مواقع الانترنت والمدونات وأصحاب الأقلام الشريفة من أجل مقاطعة معرض باريس ومعرض تورينو ( ماي المقبل) وإعلان هذه المقاطعة في أسرع وقت ممكن. و قال إننا في النهاية لا نملك سوى العمل الجاد على منع هذه المهزلة السياسية والثقافية والإنسانية، غير أن الواقع سوف يفرض نفسه في نهاية الأمر، لذا نرجو استمرار الحملة وتتبع مسار المعرضين وكشف كافة المؤسسات العربية والكتاب العرب الذين سوف يباركون بحضورهم ويشاركون في الاحتفال بستين عاما على إقامة الكيان الصهيوني على أنقاض كافة المشاعر العربية.  2) ولليهود نصيبهم من المقاطعة أيضا وجدير بالذكر في هذا الصدد أن الاتحاد اليهودي الفرنسي لأجل السلام أصدر بيانا أوضح فيه أن حضوره في المعرض ليس « مشاركة » بل « مقاومة » لما اسماه « العملية التزويرية التي تكرم دولة تقوم تحت ستائر الديمقراطية بالتفريق بين مواطنيها غير اليهود وتتجاهل باعتبارها قوة محتلة كل التزام اتخذته كما تمارس العقوبات الجماعية بحق شعب كامل ». وتساءل البيان « كيف يمكن الاحتفاء بستين عاما على نشوء اسرائيل ونسيان أن هذا التاريخ يتوافق ونكبة الفلسطينيين وهل نحقق العدالة لذاكرة البعض إذا حذفنا ذاكرة البعض الآخر؟ » وأكد البيان أن الاتحاد اليهودي والمجلة التي يصدرها « من الجانب الآخر » إضافة لمطبوعات دار النشر « لافابريك » ستكون حاضرة في المعرض « لتذكر بالواقع وبمعنى النكبة عبر أصوات لم تكفّ عن القول داخل اسرائيل أن السلام لا يمكن إحلاله بالإلغاء والكذب فيما يخص الماضي وهي أصوات تدعو للاعتراف بالآخر ». ورد اهارون شبتاي  الكاتب اليهودي المعروف على الدعوة برسالة نشرتها صحيفة المانيفستو الايطالية. جاء فيها « لا اعتقد أن دولة تستمر في الاحتلال وترتكب كل يوم مجازر بحق المدنيين تستحق أن تدعى إلى أي أسبوع ثقافي كان فهذا ضد الثقافة بل هو عمل بربري متنكر بزي الثقافة ويعبر عن دعم فرنسا لإسرائيل ودعمها للاحتلال وأنا لا أريد المشاركة في ذلك ». واتهم شبتاي الكتاب المشاركين وعلى رأسهم عاموس عوز ودافيد غروسمان بكونهم « وسيلة في يد دولة اسرائيل التي تستخدمهم متى شاءت »  ومن الجدير بالذكر هنا مقاطعة بني زيفر للمعرض وهو المحرر الشهير في الملحق الثقافي لجريدة هاريتز.   3) مقاطعة للكتاب ام للكيان العنصري ؟ يرفض المثقفون الأوربيون  هذه المقاطعة مثلما يرفضها أيضا بعض المثقفين العرب مثل الطاهر بنجلون الذي صرح “أرفض فكرة مقاطعة كاتب”، وأضاف “لماذا نرفض القراءة لكاتب لأنه ينتمي إلى دولة لا تناسبنا سياستها”. وكتب بنجلون في صحيفة )لوجورنال دو ديمانش) الفرنسية “أميز بين سياسة دولة وبين كتابها، فقد رفضت دعوة وجهها إلي الرئيس ساركوزي للمشاركة في عشاء رسمي مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، فهذا كان عملا سياسيا”. واعتبر بنجلون أن “سياسة إسرائيل بالتدمير المتواصل والقتل المستهدف في الأراضي الفلسطينية أمر غير مقبول“، وذكر أن “الكتاب الإسرائيليين لا يأتون إلى باريس كممثلين رسميين عن دولة إسرائيل بل عن أنفسهم” ورأى أن “مقاطعة هؤلاء الكتاب هي إقرار بالضعف“، على حد قول الروائي الفرانكفوني الأكثر ترجمة في العالم، والحائز على العديد من الجوائز الأدبية . ان هذا الموقف المناهض للمقاطعة أيا كان مصدره ينسى أو يتناسى بعض الحقائق الجوهرية التي لابد من التذكير بها أ) إن دعوة إسرائيل كضيفة شرف الى معرض الكتاب تزامنا مع مرور ستين سنة على تأسيسها وافتتاح المعرض من قبل الرئيسين الفرنسي والإسرائيلي عمل سياسي وليس له صلة بالثقافة . كل ذلك على خلفية التصريحات الغريبة التي خرج بها الرئيس الفرنسي عن حدود المنصب والتحفظ المستوجب من قبل رؤساء الجمهورية حين صرح في إحدى الجمعيات اليهودية ( CRIF )انه لن يمد يده في المستقبل لكل من لا يعترف بإسرائيل. ب) إن دعوة اسرائيل تعكس بلا شك الموقف السياسي لفرنسا ولأوروبا عموما التي اختارت أن تحتفل بإسرائيل فتغذي بذلك تحالف الصمت إزاء سياسة التفرقة العنصرية التي تطبقها هذه الدولة مستخدمة في ذلك نفس الخلط القديم المتعمد بين انتقاد اسرائيل ومقاطعتها والتصدي لها وبين معاداة السامية ج)إن الحوار الذي يتنادى به البعض مستعملين نفس لغة التأثيم القديمة  » إنهم يحرقون الكتب  » ومتحسرين على قداسة الثقافة وجدارة الكتاب بفتح جسور التلاقي يصمتون حين يلاحظون هم أنفسهم رغم عيونهم نصف المغمضة أن هذا الحوار يخون ذاته حين يحصر نفسه في كتّاب العبرية مستثنيا بذلك أدباء الشتات ( أولئك الذين إذا أبادتهم المحرقة أثموا في حق إسرائيل وإذا نجوا تعقبهم الشك في صدقهم ) .أي حوار هذا الذي يستثني كتّاب العربية أو الروسية أوالفرنسية من اليهود ؟ ويختار أن يحتفي بالدولة وبلغتها . انه لجسر مفتوح وهما ، منغلق في الأصل على أصالة منتزعة من قلب الأحادية ، مرتبط بذاكرة المعبد القديم ومستقبل دولة الاستثناء ، مكرس للخلط المقيت بين ما هو يهودي وما هو إسرائيلي . أليست العبرية هي الانتصار الأعظم للصهيونية السياسية ؟  د) أين هؤلاء حين رفض منضمو معرض ترينو أن يدعوا الى المعرض الكتاب الفلسطينيين جنبا الى جنب مع الكتاب الاسرائليين ؟ أم أنهم تشربوا حتى الثمالة سياسة المكيالين تلك التي تفقد صوتها حين يعني الأمر الدولة التي ترعاها الأموال وسياسة الصمت الآثمة نريد أن نقول أخيرا إننا بحكم اهتمامنا الجامعي باليهودية  توراة وبحثا عميقا في أصول التوحيد لا يمكننا أن نطالب دون أن نخون وظيفتنا بمقاطعة أي جهد فكري ولكن الذين تعمدوا الخلط بين الكتاب والدولة التي تحتفل في قلب معرض الكتاب بعيد ميلادها الستين على وقع صراخ الأطفال اليتامى والنساء الثكالى في غزة لا حق لهم بعد ذلك أن يقدموا لنا دروسا في التمييز بين الثقافة والسياسة عبدالسلام الككلي.


إلى صديقنا الراحل الذي أخذه الموت فجأة فأخذنا بعده الحزن.إلى المربي الفاضل والإنسان الأمثل إلى صديق جاد به الزمن علي من سنين سبعة. ثم أخذه مني. إلى من يتقن حوار المجانين. إلى المرحوم المنذر بن عمر أستاذ الفلسفة بمعهد 7 نوفمبر المحمدية الذي وافاه الأجل يوم: 08/02/2008 لا أجد من بكائي إلا كلماتي هذه أذكرك بها.

 شب اللهب   أزف الرحيل، أم جاء موتك خلسة. أم غار سهمه، تحت عيوننا بغتة. سرجت خيلك من دموعي وسبتني. في هول غربتي سبتني، أين الحبيب   والصديق أين الذي يقاسمني الجنون، وغربتي. ما شأن سيجارتي، بعدك، مرة وحلاوة قهوتي ،خلفك، حنظلا  والصدر شب على لهب. تبت يداك يا زمان وألف تب. كل الليالي يزور طيفك مخدعي و ينادي صوتك للعويل أدمعي و أمد نحوك، من وجع قلبا تقطع وانقطع.     يا صاحبي! ما بال بابك موصد؟ ما بال طيفك لا يطل عن كثب. ما شأن بعدك؟ هل هجرت صفيك؟ أم قد خذلتك في اللقاء؟ آت إليك…. فلا تلمني. فالموت شرع أبوابنا لغزاته وعلى ركابه أزلامه وأبو لهب.   قل للزمان، رويدك، قد سرقت جيادنا وحديثنا وجنوننا أنا ميت فوق الثرى أو تحته أنا ميت تحت سياط عيونكم فوق هدير شفاهكم………. أنا ميت ، يا صاحبي ، لا تبتئس في وطن عنوانه قط  ابتئس في دولة عنوانها: مت ابتئس. طبشورهم  صار الغذاء جلاد هذا الوطن الموبوء سحب الدواء  من الدواء.     أفقرونا على الكتاب جوعونا تحت عنوان الكتاب قتلوك وقتلوني فتب حلمك، يا غريب وألف تب.       نحن نموت كل يوم ساعة نحن نموت كل ساعة ميتة نحن نصير كل ميتة هزأة لحديثهم……… ولحبرهم وموائد الشطار في إعلامهم . ماذا أقول لخلفك إن سئلت؟ ولماذا أنت من البشر؟ ماذا أقول لمن يؤم فصلك حين السؤال؟ أقتلوك أم قضاء قد قتل؟     الناس بعدك في ظلام وعيوني بعدك من ظلام والنورس، سقط جريحا في الزحام. و لم يزل في سمائنا إلا غراب من قتام. وأنا الغريب، فلا رفيق أنا الوحيد، بلا صديق و الموت يرصد بالخيول على الطريق….       طار الحبيب راح الحبيب مات الرفيق ونحن عزل فلا سلاح و لا لهيب. ستظل نجما في سمائي وستبقى حلما لرجائي وستبقى أنت و أنت وحدك صوت الهدير و الغضب وسأصنع من عجين عشقنا وكنوز آلام الرجال بقلعتي لك نصب.                                                                        شعبان العبيدي                                                                  المحمدية: 11/02/2008                                                                                                                                                                              – تونس-
 

 

العلاقات الفرنسية الإسرائيلية في عهد ساركوزي

 
توفيق المديني ليس من قبل المصادفة الدبلوماسية أن يخص الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي نظيره الإسرائيلي شمعون بيريس بأول زيارة دولة يقوم بها رئيس دولة أجنبية لفرنسا، منذ بداية عهده. فالرئيس الإسرائيلي الذي بدأ زيارة لفرنسا يوم 10 مارس الجاري، واستمرت أربعة أيام، قال لدى مغادرته قصر الإليزيه، “إنه وجد في الرئيس الفرنسي ساركوزي صديقاً حقيقياً للشعب اليهودي، وصديقا نزيها لدولة إسرائيل”.وفي الخطاب الذي ألقاه بيريز خلال سهرة نظمها المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا في قصر المؤتمرات، ذكّر الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس بموقف فرنسا خلال الحرب الإسرائيلية العربية الأولى العام 1948، وقال “كثير من الدول التي صوتت لمصلحة قيام دولة يهودية رفضت تقديم السلاح لنا. فرنسا في ذلك الوقت وقفت إلى جانبنا بشكل مميز لا ينسى.. أقول للشعب الفرنسي وللقادة الفرنسيين.. شكرا”. وكان القادة الإسرائيليون قد حيوا وهللوا لوصول ساركوزي لسدة الرئاسة، حتى وإن جاء وصوله بعد فترة شهدت فيها العلاقات بين البلدين توتراً قليل الأهمية، وذلك إثر زيارة أرييل شارون إلى باريس العام 2005. وكان الرئيس جاك شيراك يمثل الاستمرارية الديغولية لنهج (سياسة فرنسا العربية) وقبيل انتخابه ابتعد ساركوزي مسافات عن هذا النسب وهذه الاستمرارية، ولم يرفض تكرار التصريحات الرسمية والمتوازنة حول الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي فحسب، بل لقد وصفها (بالقصيدة التراجعية) المتعارضة مع تقاليد وزارة الخارجية المركزة على (شيطنة إسرائيل).‏ القادة الإسرائيليون يرون في ساركوزي “الصديق الحقيقي للشعب الإسرائيلي ولدولة إسرائيل”. وقد عبر ساركوزي بشكل صريح عن تقاربه مع إسرائيل، وكان مهتماً بألا تظهر إسرائيل بمظهر المعتدي، بينما يراها هي الضحية، وبالتالي ليس مستغرباً أن يتم استقباله في إسرائيل كرجل دولة، وحينها كان يرأس الحزب الحاكم زمن شيراك، وتلك الصداقة المتولدة عن الالتزام والواجب على غرار الوضع الذي كان قائماً زمن صديق آخر هو فرانسوا ميتران، والذي لم يمنعه ذلك من المطالبة ومن على منبر (الكنيست) بإقامة دولة فلسطينية، فإن الرئيس ساركوزي مقتنع أن دعمه المبدئي لإسرائيل يفرض عليه تحذير قادتها من السياسة التي يراها تتعارض و الأهداف المتوخاة.‏ وإذ استقبل ساركوزي ضيفه بحفاوة الصديق الكبير لفرنسا، وأراد ان يظهر “قوة الصداقة بين البلدين وماضيها”، فإن هذا لم يمنعه من قول الأمور بصراحة لصديقه. فهو سجل موقفه عندما طالب إسرائيل بوقف الاستيطان، وبإنشاء دولة فلسطينية قبل نهاية السنة الحالية.. وكأن إسرائيل تصغي إلى نداءاته. فأي سلام تحدث عنه الناطق باسم الرئاسة الفرنسية؟ هل هو استمرار الاستيطان الإسرائيلي ومعاقبة الشعب الفلسطيني بالإغلاق والحواجز والحرمان من الإيرادات والمساعدات التي ترسل إليه؟ أم هو سلام الحائط الأمني المذل للشعب الفلسطيني؟ أم سلام تغيير معالم القدس، المدينة المقدسة للديانات الأربع؟ أو سلام الحرب الإسرائيلية على لبنان التي دمرت مطاره وطرقاته وجسوره، ومنازل المدنيين من الجنوب الى الضاحية الجنوبية، علماً أن بيريس كان أيد هذه الحرب؟ زيارة شيمون بيريس لباريس تلخص ستين سنة من تاريخ العلاقات الفرنسية- الإسرائيلية، التي لعبت فيها فرنسا دورا مهما، لجهة مدها إسرائيل التكنولوجيا والقدرة النوويتين، و بناء المفاعل النووي في ديمونة، ولاسيما في إسهام الطائرات الفرنسية من نوع ميراج التي بفضلها قامت إسرائيل بحربها الخاطفة في حزيران من العام 1967، حققت فيها إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية نصرا كبيرا على الزعيم الراحل جمال عبدالناصر والحركة القومية العربية، عندما دمرت الطائرات المصرية وهي جاثمة في المطارات. هكذا بدأت “حرب استباقية” احتلّت إسرائيل في نهايتها أربعة أضعاف مساحة أراضيها، في الضفة الغربية والقدس الشرقية وسيناء والجولان. في فرنسا أعلن الجنرال ديغول أمام مجلس الوزراء في 2 يونيو (حزيران) 1967: “ان الدولة التي ستكون البادئة في استخدام السلاح، لن تلقى تأييداً ولا دعماً من فرنسا”. وفي خطوة منطقية، أعلن مع انفجار الحرب حظراً على إمداد أطراف النزاع بالسلاح. وبعد أشهر، وخلال مؤتمر صحافي، لم تُحفظ منه سوى جملة مثيرة للجدل عرّف فيها اليهود بأنهم “شعب واثق من نفسه ومتسلّط”، أضاف أن إسرائيل “تنظّم الاحتلال في الأراضي التي غزتها، وهذا ما سيؤدي إلى الظلم والقمع والنفي، وحينها ستلقى مقاومة ستسميها إرهاباً”. ومع مرور الوقت، أصبح هذا التحليل أقرب إلى النبوءة، مع أنّه كان له وقع الصدمة في حينه. حتّى قالت مجلة “لو نوفيل أوبسرفاتور” في عنوانها بتاريخ 7 يونيو (حزيران): “لماذا تخلّى ديغول عن إسرائيل”، موضحة: “ليس لفرنسا الديغولية أصدقاء بل لديها مصالح فقط”. صحيح أن خيار الجنرال كان بمنزلة قطيعة مع عقودٍ من الدعم غير المشروط لزعماء إسرائيل الذين سمحت لهم فرنسا بالتزوّد بالقنبلة النووية ومن بعدها الهيدروجينية. وقد اصطدم ديغول لدى البعض بشعور الذنب- المشروع – الذي خلّفته مشاركة حكومة فيشي في حملة الإبادة على اليهود، في حين خرّب لدى آخرين فرحة الثأر من “العرب” الذي وفّرته إسرائيل عندما كان الحنين إلى الجزائر الفرنسية يسكنهم. لقد انتهى الزمن الذي كانت فرنسا تساند فيه إسرائيل بإطلاقية، زمن الصداقة الكبيرة الذي قاد إلى العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956، والذي شكل نقطة التحول لجهة توجه إسرائيل نحو توطيد علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية، التي أصبحت الحليف القوي لها، والتي تمدها بأرقى ما توصلت إلية مصانع الأسلحة الأميركية. ومع مر السنين، ظلت العلاقات الفرنسية- الإسرائيلية، لاهي بالسيئة، ولا هي بالجيدة، وخاضعة لأهواء الأحداث والحروب، إلى أن جاءت حرب الاجتياح الإسرائيلية للبنان في يونيو 1982، وارتكاب مجازر صبرا وشاتيلا في سبتمبر (أيلول) من العام عينه، ومن بعدها انتفاضة الحجارة ابتداء من 1987، كي يتخذ الفرنسيون مسافة من إسرائيل ويدعون إلى قيام دولة فلسطينية مستقلّة مجاورة تكون عاصمتها القدس الشرقية. آنذاك، أصبحت فرنسا في نظر القادة الإسرائيليين مهمشة .ومع مجيء الرئيس جاك شيراك المتهم بسياسته المتعاطفة مع العرب والداعمة لحقوق الفلسطينيين، إذ ظلت زيارته التاريخية للقدس في أكتوبر 1996، عالقة في ذاكرة الشعب الفلسطيني، بسبب تصديه لأجهزة الأمن الإسرائيلية، وتهديده بقطع زيارته لإسرائيل. واستمرت العلاقات الفرنسية- الإسرائيلية في التدهور مع صعود آرييل شارون إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية في فبراير 2001، كي تصبح سيئة. ففي يوم 19 أكتوبر 2003، نشرت صحيفة معاريف الإسرائيلية صورة للرئيس شيراك مع مانشيت كبير “ المتعاون”، محللة أن الرئيس الفرنسي يمثل “وجه اللاسامية الفرنسية”. وفي 18 يوليو 2004، طالب شارون يهود فرنسا بالهجرة إلى إسرائيل، للهروب من “اللاسامية الفرنسية المنفلتة من عقالها”.وزادت الحفاوة والعناية الكبيرة التي قدمتها فرنسا للزعيم الراحل ياسر عرفات الذي جاء للعلاج في المشفى العسكري الباريسي بيرسي دو كلامار، إلى أن توفي في 11 نوفمبر 2004، لتزيد من تسميم العلاقات بين البلدين. مع وصول الرئيس ساركوزي إلى قصر الإليزيه، ابتعد عن “السياسة العربية لفرنسا” التي كان ينتهجها سلفه شيراك، واصبح يعبر عن صداقته لإسرائيل. وهو مهتم شخصيا بملف إسرائيل، حيث إن الملفات الدولية الأخرى يتولاها فريق عمله الديبلوماسي البارع في قصر الرئاسة بإشراف المستشار الديبلوماسي للرئيس السفير جان دافيد ليفيت. ولكن الصداقة لإسرائيل تخلق أيضا التزامات، هذا ما يقولة الرئيس ساركوزي. وزيارة الدولة لشيمون بيريس أظهرت مدى صداقة فرنسا ساركوزي تجاه إسرائيل، لكنها أظهرت أيضاً استخدام الرئيس الفرنسي “لغة الحقيقة والواقع” تلك التي قادت فرنسا إلى العودة إلى الموقف التقليدي للدبلوماسية الفرنسية: إن أفضل ضمان لأمن إسرائيل هو إقامة دولة فلسطينية حديثة ديمقراطية وقابلة للحياة قبل نهاية العام 2008 وتلك الدولة تفرض الانتهاء من الاحتلال، لأنه وفي الأساس لم تغير فرنسا سياساتها في الشرق الأوسط بشكل جذري منذ انتخاب ساركوزي، إذ وخلال عشرة أشهر من استلام الرئاسة، انتهج ساركوزي سياسة عربية فعالة، وزار العديد من الدول العربية من المغرب إلى الخليج العربي، ولكن الذي تبدل بين إسرائيل وفرنسا بشكل خاص هو المناخ، وكما قال السفير الإسرائيلي في باريس في أجواء انفتاحية فإن الاختلافات تغدو سهلة جداً.‏ كاتب من تونس صحيفة أوان(يومية كويتية)الجمعة, 21 مارس 2008
 


السلام الآن…
 
بقلم: برهان بسيس   انتهى العدوان على غزّة وخفت هدير الرّصاص والقنابل وهدأت المشاعر بمضامينها المختلفة.   القتل في فلسطين تحوّل إلى مُناسبة دوريّة لممارسة نفس الطقوس الروتينيّة: وعود إسرائيلية بالقضاء على التمرّد ووعود فلسطينية بالصّمود، نخب تندّد، شارع غاضب في ذروة انغماسه في هدوئه اليومي ومشاغل الحياة ثمّ بانكفاء المعركة يعود حديث السياسة والتفاوض وتوقيع اتفاقات الهدنة.   يرجع الحجر السيزيفي إلى أسفل الجبل وكأنّ شيئا لم يكن في انتظار موسم دم جديد… مسكين من يصدّق هذه اللّعبة.   الجميع يناور ما عدا الشّهداء والقتلى حيث لا مناورة مع قابض الأرواح… هل نصدّق حماس ووعودها بالنّصر والصمود أم سلطة الرئيس عباس ومراهنتها على التّفاوض وتوازنات السياسة الدولية.. لماذا كلّ هذا الموت والدم والدمار ما دامت كلّ النتائج ستنتهي كالعادة إلى البحث عن اتفاقات الهدنة واستئناف التّفاوض والبحث عن التفاهمات… الأطفال والأبرياء المتساقطون موتا في فلسطين هم ضحايا هذا العبث السيزيفي الذي يشترك في صياغته صُنّاع السياسة في إسرائيل وفلسطين والعالم العربي.   يموت هؤلاء لكي يوفّروا لرجل السياسة موقعا أفضل في التّفاوض ويعطوا للحركة أوراقا أقوى للمناورة ويقدّموا لهذه النّخبة أو تلك الدّليل السّاطع على صحّة أطروحاتها الفكريّة والنظريّة فيشعر «المثقّف الثّوري الملتزم» بالرّاحة السعيدة وهو ينفث دخان غليونه تأكيدا لصحّة تحليله الدّقيق للأوضاع بعد أن يكون قد أبدع صراخا في تقديمه من خلال الشاشة.   حان الوقت أن ينتهي هذا العبث المستهتر بقداسة الحياة، جميعهم مسؤولون عن هذا الاستهتار، إسرائيل الصهيونيّة وحماس الأصوليّة وفتح الضعيفة الخانعة والعرب السلبيّون، جميعهم يشتركون في صياغة نفس المشهد بنفس السلوكات وردود الأفعال دون تجديد أو تغيير ليقفلوا المسلسل العبثي بنفس الخواتم والنهايات.   وسط جنون الموت المتدثّر بمختلف الشعارات ومراجع الإيديولوجيا، ذاك الذي اختطف معاني الشّجاعة والكرامة والصمود والحياة ليضعها في مقياس واحد هو إلغاء الآخر وسط تشجيع ومُباركة نخب دمويّة فقدت توازنها الفكري والنّفسي إسرائيليّا وفلسطينيا وعربيّا وسط هذا المناخ الكالح بروائح الصواريخ والجثث المُتناثرة التي سرعان ما يقع سحبها إلى قواعدها في المعسكرات أو منازل الآدميين في انتظار استئناف موسم جديد للتلاعب بالحياة والأعصاب، وسط مثل هذا العبث أَلَمْ يحن الوقت أن تسطع النّداءات الشجاعة الحقيقية التي يطلقها شجعان حقيقيّون لم يتلوّثوا باللّعبة الآثمة المستهترة بالحياة:   السّلام الآن …   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 21 مارس 2008)
 

« من أجل المتوسط » بديلاً لمسار برشلونة

رشيد خشانة (*)   اتفاق رؤساء الدول والحكومات الأوروبية في 14 آذار (مارس) الجاري في بروكسيل على تحويل مسار برشلونة الأوروبي المتوسطي إلى «الاتحاد من أجل المتوسط»، أنهى جفوة استمرت نحو ستة أشهر بين برلين وباريس، اللتين تُعتبران قاطرة الاتحاد الأوروبي. وكانت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل انتقدت مشروع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمام كوادر حزبه «الاتحاد من أجل حركة شعبية» بشكل لا يخلو من السخرية عندما قالت متحدثة عن أعضاء الاتحاد الأوروبي «هل يُعقل أن يهتم بعضنا بالمتوسط فيما ينشغل الآخرون بأوكرانيا؟». لكن، بقدر ما استعادت القاطرة الألمانية – الفرنسية حيويتها وسرعتها السابقتين، بدا العرب في الضفة الجنوبية للمتوسط مصابين بالذهول أمام مشهد الغليان الأوروبي. اتسمت المواقف العربية بالتباعد ولم يُعقد أي لقاء رسمي أو غير رسمي لدرس المشروع، أقله لبلورة خطوط كبرى لرؤية عربية تخص مستقبل العلاقات بين ضفتي المتوسط، قبل اتخاذ الاجتماع الدوري للمجلس الأوروبي قراراً في شأنه. ويخص هذا الإطار الجديد عشرة بلدان عربية تطل غالبيتها على المتوسط هي المغرب والجزائر وليبيا وتونس وموريتانيا ومصر وسورية ولبنان وفلسطين والأردن، إضافة الى إسرائيل وتركيا. ويمكن القول إن الطريق باتت سالكة أمام ساركوزي لإعداد القمة المتوسطية المقررة 13 تموز (يوليو) المقبل في باريس، والتي ينضم إليها في اليوم التالي قادة البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وتتزامن القمة المزدوجة مع العيد الوطني الفرنسي وكذلك مع تولي باريس الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من العام الحالي. ويأمل ساركوزي من خلال تحويل باريس إلى عاصمة متوسطية تكريس زعامة فرنسا في المنطقة. راودت فكرة «الاتحاد المتوسطي» ساركوزي حين كان مرشحاً للرئاسة وفي ذروة حملته المناهضة لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. وأطلقها في اجتماع انتخابي، بات شهيراً، عقده في مدينة تولون المطلة على المتوسط في 8 شباط (فبراير) 2007، فرأى فيها المراقبون إطاراً فضفاضاً لإدماج تركيا من دون الاضطرار لإدخالها إلى النادي الأوروبي الخاص. وبالعودة إلى خطاب ساركوزي نلحظ عبارة بدت غامضة لكنها حبلى بالدلالات، أكد فيها أن «هذا الاتحاد يمكن أن يشكل حلاً بديلاً للبلدان التي ليس لها مكان في الاتحاد الأوروبي مثل تركيا». غير أن الأتراك الذين أبدوا امتعاضهم من الموقف الفرنسي معتبرين إياه نوعاً من الفيتو على انضمامهم للاتحاد الأوروبي، لم يبقوا مكتوفي الأيدي وأجروا اتصالات مع حكومات أوروبية بينها لندن وبرلين وبوخارست وصوفيا بالإضافة للرئاسة السلوفينية، لحشد الاعتراضات على المشروع. أما إسرائيل فاستخدمت نفوذها لكبح اندفاع الزعامة الفرنسية خوفا من أن يؤدي الاتحاد المتوسطي إلى «تذويب» علاقاتها الثنائية مع البلدان الأوروبية في إطار فضفاض مادامت أحد المعنيين بمشروع ساركوزي. غير أن باريس أعطتها تطمينات واضحة بأن المشروع لن ينتقص من المكانة «الخاصة» التي تتمتع بها لدى بلدان الاتحاد الأوروبي. حتى روما ومدريد تحركتا في الكواليس للعمل على جعل الاتحاد المتوسطي (الذي أعلنتا دعمهما له) مشروعاً أوروبياً جماعياً وليس فرنسياً. وأبدت المفوضية الأوروبية انتقادات لاختيار 13 تموز المقبل منطلقاً للقمة الأورومتوسطية في باريس. وكررت مفوضة العلاقات الخارجية وسياسة الجوار في الاتحاد بنيـتـا فريرو فالدنر (نمسوية) تلك الانتقـادات بلغة ناعمة حين أكدت في ختام زيارتها للجزائر في الرابع من الشهر الجاري أن نجاح الإتحاد المتوسطي «متوقف على موافقة جميع الدول المعنية عليه»، وهو ما يعني ضمنياً معارضة تفرد فرنسا بالمشروع.   أجهزة مركزية   ركز ساركوزي فكرته على إنشاء اتحاد إقليمي يقتصر على البلدان المطلة على المتوسط ويستثني البلدان الأوروبية الشمالية. وأعلن عن نيته إقامة أجهزة مركزية للاتحاد مقتبسة من مؤسسات الاتحاد الأوروبي، خصوصاً مجلس رئاسة يكون مركز صناعة القرار، وإنشاء بنك متوسطي للاستثمار أسوة بالبنك الأوروبي، ونظام أمني جماعي «يسمح بضمان السلام من دون اللجوء الى سباق التسلح أو الردع» على حد قوله. ثم اختزل هذا المشروع الكبير إلى صيغة متواضعة في أعقاب القمة التي جمعته مع المستشارة الألمانية أنغيلا مركل في هانوفر في 3 آذار (مارس) الجاري على هامش مشاركتهما في معرض للتكنولوجيات الحديثة. وكان عليه أيضاً تبديد الخلاف مع لندن التي تدافع بقوة عن انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي. وتعين على ساركوزي أن يرسل موفدين خاصين إلى شركاء فرنسا في الاتحاد لطمأنتهم وتهدئة مخاوفهم، مثلما أرسل السفير ألان لوروا في وقت سابق إلى البلدان المتوسطية لاستطلاع استعداداتها للتفاعل مع مشروعه. وأظهرت التصريحات التي أدلى بها ساركوزي لصحيفة «لو فيغارو» ونشرتها بعد ثلاثة أيام من القمة أنه قام بتمرين رياضي قاس لاختزال المشروع وتدوير معظم زواياه، ليتطابق مع الحجم الذي ترتضيه ألمانيا وبريطانيا وباقي الشركاء الغاضبين. وتحدثت مركل في «قمة المصارحة» مع الرئيس الفرنسي بصفتها مفوضة من البلدان الأوروبية المتحفظة على الصيغة الأولى للاتحاد المتوسطي، والتي تمتد من السويد شمالاً إلى سلوفينيا جنوباً، التي تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي حالياً والتي لم تُخف معارضتها الصريحة للمشروع الفرنسي. كذلك لاقت باريس معارضة من اليونان وسلوفاكيا بحجة أن إنشاء المؤسسات المتوسطية سينافس مؤسسات الاتحاد الأوروبي. بهذا المعنى شكل قرار القمة الأوروبية الأخيرة في بروكسيل ترضية أساسها تنازل فرنسا للموقف الألماني، إذ رضـي ساركوزي بأن تكون أبواب الاتحاد المنوي إنشاؤه مفتوحة لجميع أعضاء الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين بلا استثناء، أي بما فيها الدول غير المتاخمة للمتوسط. وسيتيح هذا التعديل لألمانيا ألا تترك فرنسا تنفرد بزعامة الاتحاد. لكن هذا التنازل كان قاسياً وصعباً على الجانب الفرنسي، مما جعل ساركوزي يُصر في محادثاته مع مركل على حصر الرئاسة الدورية للاتحاد في البلدان المتوسطية على أساس التناوب بين الضفتين، وهو التعديل الذي قبلت به المستشارة الألمانية في نهاية المطاف. ويمكن القول إن الفرنسيين هم أصحاب المصلحة في إنهاء الجفوة مع برلين بهذه الصيغة التوافقية لأنهم يستعدون لتسلم رئاسة الاتحاد الأوروبي من سلوفينيا في مطلع تموز، وهذا يتطلب تبديد الغيوم من سماء العلاقات بين الشركاء الأوروبيين.   معارضة جماعية   وفي رأي ديبلوماسي ألماني أن ما شجع برلين على إبداء معارضة قوية للمشروع أنها كانت تتحدث باسم كثير من البلدان الشمالية والشرقية، فغالبية بلدان أوروبا غير المطلة على المتوسط انتقدت المشروع بدرجات متفاوتة، واتهمت فرنسا بالتخطيط لتحويل وجهة الاعتمادات المخصصة لبلدان الضفة الجنوبية للمتوسط الإثني عشر في إطار مسار برشلونة، من أجل ضخ الدماء في شرايين اتحاد «ها» المتوسطي. مصدر فرنسي عزا المناكفات والخلافات بين فرنسا وشركائها الأوروبيين إلى التباين بين رؤيتين لحصاد المسار الأورومتوسطي الذي انطلق منذ عام 1992 وتلقى دفعة قوية بعد مأسسته في مؤتمر برشلونة عام 1995. ففيما هاجم ساركوزي هذا المسار منذ كان يخوض حملته الرئاسية، وكرر انتقاداته أخيراً في حديثه لصحيفة «لوفيغارو» وإن بأسلوب لبق، عبرت ألمانيا في أكثر من مناسبة، وآخرها لقاء القمة الألماني – الفرنسي في هانوفر، عن رضاها على نتائجه. واعتماداً على هذا التباعد تمحور الخلاف بين باريس وبرلين في شأن مشروع الاتحاد المتوسطي حول ثلاث مسائل جوهرية، أولها: هل يكون هذا الاتحاد في إطار برشلونة أم سيشكل مساراً مستقلاً عنه؟ وثانيها شروط العضوية التي لا ينبغي بحسب الألمان أن تستند على عنصر الجغرافيا وحده، ما يتيح لألمانيا نفسها وحلفائها في شمال أوروبا وشرقها أن ينضموا إلى الاتحاد. أما نقطة الخلاف الثالثة فخصت المؤسسات المتوسطية، إذ اعترضت برلين على إنشاء أجهزة شبيهة بأجهزة الاتحاد الأوروبي مخافة أن تثقلها الأعباء البيروقراطية عن القيام بوظائفها، ولذلك استغنى الفرنسيون مُكرهين عن التصور الطموح الذي صاغوه للاتحاد في البداية، والذي عرضه ساركوزي شخصياً على العواصم الجنوبية التي زارها، خصوصاً الرباط والجزائر وتونس وطرابلس والقاهرة. وعثر وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية جان بيار جوييه على تخريجة لغوية لتبرير تراجع باريس عن الصيغة الأصلية للاتحاد، فقال في 26 شباط الماضي في بروكسيل إن الانتقال من تسمية «الاتحاد المتوسطي» إلى «الاتحاد من أجل المتوسط» ليس خدعة ولا موقفاً محايداً، وإنما يعكس قناعتنا بكوننا لن نستطيع أن نفعل أفضل مما تم فعله في إطار مسار برشلونة أو يوروميد. وطمأن الشركاء الأوروبيين إلى أن أي استخدام للأموال الاتحادية لا يمكن أن يتم خارج إطار الضوابط المرعية في الاتحاد الأوروبي.   مثل «مجلس دول البلطيق»   في نهاية المطاف اتفق القادة الأوروبيون على صيغة قيام اتحاد متوسطي يكون مقتبساً من نمط مجلس دول البلطيق الذي أنشئ في عام 1992 والذي يضم دولاً غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل روسيا والنروج وايسلندا، وأتاح هذا المجلس تطوير التعاون الإقليمي بين أعضائه في مجالات محددة بإشراف سكرتارية قليلة العدد ومُتخففة من التضخم البيروقراطي. وكانت بلدان أعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا انضمت إليه في وقت سابق بصفة مراقب. أما الاتحاد المتوسطي فسيشمل طبقاً للتصور الفرنسي المُعدل عدداً محدوداً من المؤسسات لا يتجاوز تسعاً، هي عبارة عن وكالات للتعاون في قطاعات رئيسية، وستديره رئاسة دورية تقتصر على اثنين من البلدان المطلة على المتوسط أحدهما من الضفة الشمالية والثاني من الجنوبية. إلا أن هذا الاقتراح سيسبب تعقيدات إضافية بحسب المحللين بالنظر الى العلاقات السيئة بين المغرب والجزائر، والعلاقات المتدهورة بين سورية وفرنسا ما يجعل احتمال التوافق على دولة جنوبية، كي تحظى بمقعد المشارك في الرئاسة، أمراً بعيد المنال، حتى بالنسبة الى مصر التي ستلقى منافسة من ليبيا والجزائر والمغرب. وعلى خلاف الاتحاد الأوروبي الذي أرسى آليات عمل جماعية بين أعضائه منذ نصف قرن، مازالت بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط، وغالبيتها عربية، تتوجس من بعضها البعض وتتصارع على أبسط مواقع النفوذ وإن كانت وهمية. مع ذلك أكد الفرنسيون أنهم سيقترحون إقامة عدد قليل من المشاريع التي تساعد على الاندماج الإقليمي في المتوسط لا تتعدى ثلاثة أو خمسة، بينها النقل والطاقة وحماية البيئة، بالإضافة الى إنشاء بنك متوسطي للاستثمار. وكان ساركوزي أومأ لدى إطلاقه المشروع في السنة الماضية إلى ضرورة صوغ سياسة مشتركة لإدارة ملف المياه ووضع استراتيجية موحدة في مجال الهجرة، وخطة جماعية لمكافحة الإرهاب. لكن، هل ستترك المتاعب الداخلية الوقت الكافي لساركوزي، الذي يواجه تحدياً صعباً في الإنتخابات المحلية، كي يرفع سواري سفينته المتوسطية ويطلق أشرعتها نحو الفضاء البعيد قبل 13 تموز؟   (*) صحافي من أسرة «الحياة»   (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 20 مارس 2008)

ملك المغرب يعفو عن 566 سجينا بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف

الرباط ـ ا ف ب: اصدر العاهل المغربي الملك محمد السادس عفوا كاملا او جزئيا عن 566 شخصا وذلك بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف الذي صادف الأمس الخميس، حسب ما اعلن مصدر رسمي مغربي. وقد اطلق سراح ما مجموعه 466 سجينا علي الفور. واوضح المصدر تخفيض احكام بالسجن المؤبد الي فترات محددة عن اربعة سجناء اخرين. كما استفاد الاشخاص الاخرون الذين شملهم العفو من اجراءات لتخفيف مدة السجن او قيمة الغرامات، حسب المصدر نفسه. ولم يعرف ما اذا كان هناك اسلاميون بين الذين شملهم العفو. وغالبا ما يصدر العاهل المغربي عفوا عن السجناء بمناسبة الاعياد الوطنية والدينية.   (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 مارس 2008)

بلدية اشبيلية تمنح سكانها المسلمين قطعة ارض لتشييد مسجد كبير

 
مدريد ـ القدس العربي من حسين مجدوبي: رخصت سلطات بلدية مدينة اشبيلية الاسبانية للجمعيات الاسلامية بتشييد مسجد في منطقة كارتوخا والذي سيكون من أكبر المساجد في الأندلس، وذلك بعد سنوات من الانتظار، بينما تعاني الجالية الاسلامية في هذا البلد من غياب مساجد مناسبة لحجمها وغياب سياسة حكومية في الشأن الديني الاسلامي. واتخذت البلدية القرار خلال الأيام الماضية، وستعلن عنه في صحيفتها الرسمية ليصبح ساري المفعول. وكانت الجمعيات الاسلامية قد اختارت في البدء موقعا في منطقة براميخو بهذه المدينة الأندلسية، ولكن السكان اعترضوا ونظموا تظاهرات عديدة وجمعوا توقيعات سلموها للسلطات. وبعد أربع سنوات من المفاوضات بين ممثلي الجالية الاسلامية مع البلدية التي يديرها الحزب الاشتراكي منحت الأخيرة للمسلمين بقعة أرضية في منطقة كارتوخا التي كانت قد احتضنت المعرض العالمي سنة 1992، وتعتبر من أجمل مناطق المدينة. وأكدت مصادر الجماعة الاسلامية الاسبانية التي كانت المفاوض الرئيسي مع البلدية أن المسجد سيقام علي مساحة قدرها ستة آلاف متر مربع وسيكون مكتملا سنة 2010. ومن المنتظر أن تساهم في ميزانية بناء المسجد تبرعات أفراد الجالية الإسلامية أنفسهم وكذلك بعض الدول العربية من الخليج المغرب العربي. وقال خالد نييتو وهو اسباني اعتنق الاسلام وكان من محاوري البلدية أن المسجد يجب أن يكون من مكونات هذه المدينة، لأن الاسلام هو جزء من تاريخ اشبيلية والذي ترك بصماته واضحة عبر التاريخ، فالإسلام له جذور هنا ويظهر في كل مكان . وتعيش اسبانيا مفارقة كبيرة مقارنة مع الدول الأوروبية الأخري، فهي البلد الذي به أكبر عدد من مآثر المساجد التي تعود الي حقبة تواجد العرب فيها، ولكنها في الوقت نفسه البلد الأوروبي الذي به أقل عدد من المساجد مقارنة مع حجم الجالية الاسلامية الذي يقارب المليون مسلم. فإشبيلية، وهي أكبر المدن الاسبانية، لا تتوفر علي مسجد كبير شبيه بمسجد مدريد أو ماربيا أو غرناطة أو فالنسيا، وهو حال كثير من المدن الاسبانية التي شهدت خلال العشر سنوات الأخيرة ارتفاعا للجاليات الاسلامية وخاصة المغربية منها، وتجد صعوبات في بناء المساجد. ويعود السبب الي تردد البلديات في منح الترخيص للمساجد حيث يرفض الكثير من السكان الاسبان إقامة مساجد في أحيائهم، لأن الفكرة الرائجة أنه كلما جري تشييد منزل في حي معين إلا وانخفضت قيمته العقارية. وفي الوقت نفسه، لا تخصص اسبانيا ميزانية مالية لبناء المساجد بحكم أنها دولة علمانية. ويطرح الكثير من المراقبين والمهتمين بالشأن الديني أن الدولة الاسبانية مطالبة بتوفير مسجد كبير في كل مدينة اسبانية حتي تجعل القرار الديني للجالية الاسلامية مستقلا وغير مرتبط بالدول الأجنبية، لكن هذه الفكرة لا تحظي بالإجماع حاليا. وأمام غياب مساجد مناسبة، يلجأ أغلب المسلمين الي استئجار مستودعات صغيرة يحولونها الي مساجد مؤقتة.   (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 مارس 2008)

تساءلت لماذا يتنازل المغاربة عن لهجتهم في حين لا يفعل المشارقة؟ …

سونيا مبارك: أنطلق من الموسيقى التونسية لأنفتح على الآخر

 
تونس – صالح سويسي       سونيا مبارك، من الأصوات التونسية المتميّزة، اتخذت لنفسها خطاً واضحاً. وعلى رغم اختيارها الطريق الصعبة، تبدو سعيدة بهذا التوجه، كما قالت لـ«الحياة». يرى البعض أنها صوت نخبويّ، وترى هي أنها تغنّي لكل الناس.   تجربتها تمتد لسنوات طويلة بدأتها وهي طفلة لم تتجاوز التاسعة من عمرها حين اعتلت خشبة المسرح البلدي في تونس، وهي المطربة العربية الوحيدة التي بدأت مسيرتها بأغانيها الخاصة التي قدمها لها ملحنون لهم تجربتهم وتاريخهم الطويل إيماناً منهم بقدراتها.   مثّلت سونيا همزة وصل بين المغرب العربي والغرب من خلال مشاركاتها الكثيرة في مهرجانات أوروبية، كما تستعد للقيام بجولة في الدول الأوروبية تبدأها قريباً. هي ليست صاحبة صوت جميل فحسب، بل إنها امرأة مثقّفة ومتعمّقة في أحوال الموسيقى. تدير منذ أربع سنوات مهرجان الموسيقى التونسية التي قدمت فيها إضافاتها وتركت بصمتها، وآخر إنتاجاتها «رحلة في المتوسط « لقي إقبالاً طيباً ونجاحاً يبشر بمزيد من النجاحات.   شاركت سونيا في أعمال ناجحة في المسرح الغنائي، مع الموسيقار محمد القرفي من خلال العمل الضخم «صابر في مدينة سلطان تاج»، ومسرحية «صيف 61»، و «عسكر الليل» التي تحكي قصة نضال الشعب التونسي من أجل التحرر من الاستعمار الفرنسي. وتقول: «هذه التجربة مميّزة جداً وأفادتني في مشواري، فقدمت في ما بعد مسرحية «تحت السور». وتعتقد بأن المسرح والموسيقى والرقص والسينما فنون تتكامل أكثر من غيرها في شكل كبير، كما أنّ المسرح كان دائماً الحاضن الأول للفنان وهو الذي يصقل موهبته ويعوّده على لقاء الجمهور بكل ثقة.   وتشير الى أنها على استعداد للمشاركة في عمل مسرحي غنائي عربي متى أتيحت لها الفرصة وكان العمل على مستوى فنّي جيّد».   اختارت سونيا مبارك منذ البداية أن تكون مختلفة ومتفردة، وفضّلت أن تغرد وحدها خارج السرب، حتى أن كثيرين اتهموها بأنها مطربة نخبويّة، إلاّ أنها توضح: «فضّلت السير في طريق لم يسبقني إليها احد، أجمع في أعمالي بين روح الموسيقى التونسية وكلاسيكيات الموسيقى الغربية، وأعتقد بأنني نجحت، والدليل أن اسطواناتي موجودة بكثرة ومطلوبة في الغرب». وتضيف: «أنطلق من الموسيقى التونسية وروحها العربية لأنفتح على الآخر مقترحة عليه صورة سونيا مبارك المطربة العربية التي تنادي بحوار الثقافات والتواصل الفنّي مع الآخر». وقالت أنها «تسعى الى الدفاع عن خصوصية موسيقية تونسية، من دون أن تغفل الموسيقى العربية في شكل عام».   اللهجة التونسية ليست عائقاً   وعلى رغم أنها عرفت بأدائها باللهجة التونسية، تذكّر بأنها أدت اللون المصري قبل سنوات طويلة في أغنية من تلحين الملحن المصري الراحل حسن أبو السعود. كما أبدت استعدادها للغناء بأي لهجة عربية، «شرط أن يناسب العمل قناعاتي وصوتي».   وترفض سونيا اعتبار اللهجة التونسية عائقاً أمام وصول الأغاني التونسية إلى المشرق العربي، معتبرة أن «في عصر الفضائيات لم تعد ثمة لهجات غير مفهومة، وهنا يكمن دور الفنان في إيصال لهجته الى أكبر جمهور ممكن».   وتساءلت: «لماذا لا يتنازل المشارقة أو الخليجيون عن لهجاتهم، بينما علينا نحن التنازل»؟   توافق سونيا على القول إن المطربين التونسيين وصلوا الى المستمع في المشرق العربي بأصواتهم لا بأغانيهم، ما جعل الأغنية التونسية تنحسر في وطنها. وفي هذا السياق تحمّل المطربين مسؤولية هذا الانحسار، وتقول: «هؤلاء الذين تمكّنوا من الظهور في المشرق العربي بأصواتهم، عليهم الدفاع عن الخصوصية الموسيقية التونسية». ومع ذلك فهي سعيدة جداً بتلك الأصوات التونسية المتميّزة، وتشجّع على تقديم تجارب غنائية بلهجات عربية عدّة، من دون إهمال الأغنية التونسية.   وتعتبر سونيا أن الانتشار الواسع صار صعباً، ويتطلّب إمكانات مادية كبيرة، وإدارة وتسويقاً». وتأسف لأن الأعمال الفنيّة الجيدة لا تحظى باهتمام كاف ولا تجد من يموّلها، «لأنّ التمويل والاهتمام مصبوبان على أعمال تجارية»!   ومع كل تلك الصعوبات استطاعت سونيا المبارك، تقديم عدد من الألبومات الناجحة، منها «رومنسيات»، و «يا طير المنيار»، و «رحلة في المتوسط «الذي حقق نجاحاً في المهرجانات التونسية خلال الصيف الماضي. وستكون لها لهذا العرض جولة في عدد من العواصم الأوروبية قريباً.   وتدعو سونيا شركات الإنتاج والتلفزيونات والفضائيات إلى تنفيذ أعمال عربية مشتركة لمساندة قضايا الأمة، فهي ترى أنّ نقاط اللقاء كثيرة ولكنها تنتظر من يوحّدها.   … وملحّنة أيضاً   وقدمت سونيا عدداً من التجارب اللحنيّة، وأثبتت موهبتها في هذا المجال أيضاً، إذ نجح بعضها كثيراً مثل لحن «اللؤلؤة « للشاعرة جميلة الماجري، و «العهد هلمّ نجدده» للشاعر محي الدين خريّف. كما لحّنت عدداً من قصائد أبي القاسم الشابيّ والطاهر الحداد لم تُسجلها بعد. لكنها لا ترى أن تجربتها في التلحين ستعوض الغناء، إذ «تؤمن بالتخصص وتحاول أن تكرس جهداً للغناء».   وتفكّر سونيا في تقديم أغان للأطفال، وتقول: «لكنني لا أريد أن أقدم عملاً عادياً، فطفل اليوم ذكيّ جداً يفهم في كلّ شيء أكثر من الكبار، لذلك أدرس مشروعاً متكاملاً لتصل الأغنية الى الطفل في شكل ملائم لتطلعاته وزمنه، بفكرة جديدة وشكل عصري. وسأركز في ذلك على الصورة متى توافرت الإمكانات…».   وقائع مهرجان الموسيقى   للسنة الرابعة على التوالي تدير سونيا مبارك مهرجان الموسيقى التونسية الذي يمتد من 25 الى 31 آذار (مارس) الجاري، في المسرح البلدي في تونس.   وعن إضافاتها الى المهرجان، تقول سونيا أن المسابقات تنوعت من حيث الشكل، فأصبحت أربعة وهي: مسابقة الإنتاج الخاص بالمهرجان ومسابقة الإنتاج المتداول ومسابقة المعزوفات الموسيقية التي استُحدثت سنة 2005 لتشجيع المبدعين في مجال الموسيقى التجريبية ومسابقة المجموعات الموسيقية.   وسيكون التونسيون على موعد مع المطربين المتوّجين في الدورة السابقة: سفيان الزايدي، رؤوف ماهر وزياد غرسة، في حفلة الافتتاح. وتشير سونيا الى أن المهرجان أصبح فرصة للقاء المبدعين في احتفال كبير بالموسيقى التونسية، لا سيّما أنه رفع شعار «لكل المبدعين»، وأصبح بالتالي فضاء لكل المبدعين في المجال الموسيقي. كما أصبحت سهرة الختام مغاربية بدعوة أصحاب أسماء فنيّة معروفة، وهذا يأتي في إطار تمتين العلاقة بين الفنانين المغاربة ومنحهم فرصة للتلاقي. ومن هؤلاء المغربي عبدالهادي بلخيّاط وشيخ المالوف من ليبيا وحسن العريبي ومعلومة بنت المداح من موريتانيا ونبيهة كراولي من تونس.   (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 20 مارس 2008)  

حصيلة خسائر التحالف الدولي في العراق منذ خمسة أعوام

 
بغداد ـ ا ف ب: تكبدت القوات المتعددة الجنسيات التي تقودها الولايات المتحدة مقتل اكثر من 4298 عنصرا في العراق، غالبيتهم العظمي من الجيش الامريكي منذ شن الحرب في 20 اذار (مارس) 2003. اما خسائر العراقيين، فان التقديرات بشانها تتراوح بين عشرات ومئات الآلاف. ووفقا لارقام رصدتها هيئة ايراك بادي كاونت البريطانية، قتل اكثر من 81 الفا منذ بدء الحرب، قضي معظمهم في اعتداءات وهجمات وعمليات قتل. كما دفعت قوات الامن العراقية ثمنا باهظا بحيث قتل 12 الف شرطي وجندي منذ سقوط نظام صدام حسين. في ما يلي حصيلة القتلي بحسب جنسياتهم: ـ امريكيون: قتل 3991 عسكريا وعاملا في صفوف الجيش استنادا الي حصيلة يعدها مصدر مستقل بينهم العديد خارج نطاق المعارك. ـ بريطانيون: قتل 175 عسكريا منذ الاول من ايار (مايو) 2003 بعضهم في حوادث لا علاقة لها بالاشتباكات. ـ ايطاليون: قتل 32 عسكريا بينهم 17 في عملية انتحارية استهدفت قاعدة عسكرية في الناصرية (جنوب) في تشرين الثاني (نوفمبر) 2003. كما قتل اخرون في حوادث متفرقة. وقد غادرت اخر وحدة ايطالية العراق في كانون الاول (ديسمبر) 2006. ـ اوكرانيون: قتل 18 عسكريا بعضهم في حوادث لا علاقة لها بالمعارك قبل ان تقرر كييف سحب الوحدة في العام 2005 بعد سنتين من انتشارها. ـ بولنديون: قتل 22 عسكريا بينهم 11 قضوا في معارك فيما قتل الاخرون في حوادث. ـ بلغار: قتل 13 عسكريا من الوحدة البلغارية وكانت صوفيا قررت تمديد وجودها العسكري حتي 31 اذار (مارس) 2008. ـ اسبان: قتل 11 عسكريا اسبانيا في العراق بين الاول من ايار (مايو) 2003 وانسحاب القوة الاسبانية في ايار (مايو) 2004، عشرة منهم (بينهم ثمانية من عناصر الاستخبارات) في اعتداءات وآخر في حادث. ـ دنماركيون: قتل ثمانية جنود، بعضهم خلال حوادث. ـ سلفادوريون: قتل خمسة جنود. ـ سلوفاكيون: قتل اربعة جنود قبل ان تغادر الوحدة العسكرية العراق في شباط (فبراير) 2007. ـ ليتوانيون: قتل ثلاثة جنود. ـ استونيون: قتل جنديان استونيان خلال معركة العام 2004. ـ تايلانديون: قتل جنديان تايلانديان في اعتداء في كانون الاول (ديسمبر) 2003، قبل انسحاب القوة في ايلول (سبتمبر) 2004. ـ هولنديون: قتل جنديان العام 2004 قبل انسحاب الوحدة العسكرية في آذار (مارس) 2005. ـ رومانيون: قتل جنديان خلال العامين 2006 و2007. ـ تشيكيون: قتل جندي في حادث سير العام 2003. ـ كازاخستانيون: قتل جندي كازاخستاني في التاسع من كانون الثاني (يناير) 2005. ـ لاتفيون: قتل عسكري في الثامن من حزيران (يونيو) 2004 في هجوم بقذائف الهاون جنوب بغداد. ـ مجريون: قتل جندي في حزيران (يونيو) 2004 في اعتداء. وانسحبت القوة المجرية في كانون الاول (ديسمبر) 2004. ـ استراليون: قتل جندي استرالي في تحطم طائرة بريطانية اواخر كانون الثاني (يناير) 2005 قرب بغداد. ـ كوريون جنوبيون: قتل جندي في ايار (مايو) 2007 واتخذت سيول قرارا بخفض عدد الوحدة في العراق من 3200 عسكري الي 1200 فقط.   (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 مارس 2008)  


عن الاستئصال ومقولاته بالمغرب مصطفى الخلفي 

هل يعرف المغرب مقدمات حملة استئصالية ضد التيار الإسلامي؟

 
يتردد هذا السؤال بشكل لافت في الآونة الأخيرة، وذلك بفعل أربعة تطورات تسارعت في الشهر الماضي. إذ كانت البداية مع تفكيك ما سمي بخلية بلعيرج وحل حزب البديل الحضاري، في خطوة تأكد ضعف سندها القانوني وهشاشة المرتكزات التي انبنى عليها، فضلا عن التسرع البالغ في القيام بها. ثم جاء الكشف عن وجود دورية رسمية لوزير الداخلية وجهت للمسؤولين المحليين، وتقضي بتشديد التضييق على جماعة العدل والإحسان وعدم التساهل معها. وتوازى مع كل ذلك عودة خطاب استئصالي يسوّق للنموذج التونسي، ويعتبر أن قضية ما سمي بخلية بلعيرج حملت معها ناقوس إنذار للدولة من أجل أن تراجع سياستها القائمة على التمييز بين المعتدلين والمتطرفين وخوض حرب شاملة ضدهم. فضلا عن التحليلات التي عبرت عن كون الموضوع يحمل من بين ما يحمل رسالة إنذار لحزب العدالة والتنمية، ويقدم مؤشراً على المدى الذي قد تبلغه الدولة في مراجعة أي من خياراتها، مع الإشارة إلى أن الموقف الرسمي حرص على استبعاد مثل هذا الأمر في خطاباته وتصريحاته. أما التطور الرابع فهو الخطاب الذي واكب ظهور ما سمي بحركة «كل الديمقراطيين بالمغرب» التي يرعاها الوزير المنتدب في الداخلية سابقا، والتي تقدم نفسها كحركة قائدة لمد ديمقراطي حداثي في مقابل مد إسلامي متنام.   تفيد التطورات السابقة أن حالة الانفتاح على الحركة الإسلامية في المغرب حالة هشة ومهددة، ودون أن تكون هناك مقدمات واضحة لها. وهو ما يشير إلى أن ما يسمى بالنموذج المغربي في التعاطي مع الحركة الإسلامية لم يستطع أن يتجاوز مرحلة الاختبار، فضلا عن أن يكون مشروعا قابلا للتعميم والتصدير لغيره من دول المنطقة المرتهنة لمخلفات سنوات من السياسات الاستئصالية دون أن تصل للاستقرار المنشود.   ولعل من عناصر الهشاشة هي استمرار عدد من المقولات النظرية حاكمة لمنطق تفكير عدد من المؤثرين في صناعة القرار حول الحركة الإسلامية، مع تفاوت بين من يعمل على ضوئها مجتمعة وبين من يأخذ ببعض منها، ويمكن إجمالها في خمس:   – الاستثناء الديمقراطي: ويقوم على أنه لا ديمقراطية لغير الديمقراطيين، خاصة أن المشروع السياسي للإسلاميين يحمل خطرا على الحريات الفردية. وهذه مقولة هشة، بحكم أن المناهض للديمقراطية لا يمكنه أن يقدم نموذجا عنها في حياته التنظيمية الداخلية.   – ليس في القنافذ أملس: وهي مقولة تعتبر أنه لا فرق بين المعتدلين والمتطرفين، فكلاهما خطر على الاستقرار، وأن الأهداف هي نفسها والاختلاف هو على مستوى الوسائل. وهذه مقولة سطحية تفضح غياب أي معرفة بالخطابات الفكرية في الحركة الإسلامية، ومستويات التعارض بين مكوناتها في قضايا حيوية في المجتمع والدولة، ليس أقلها الموقف من الديمقراطية نفسه.   – نموذج الحكم البديل هو النموذج الدموي: وتستدعي نموذج الجماعات المسلحة في الجزائر. وهذا استنساخ يتجاوز التجربة المعاشة والميدانية ذات العلاقة بالاحتكاك المباشر ليستعير تجارب استثنائية ومنبوذة في الصف الإسلامي قبل غيره.   – الثقة في الإسلاميين وَهْم: وتستند في ذلك على مبدأ التقية، في حين أن ذلك يستلزم غياب أي تقارب بين الإسلاميين في أي قضية من القضايا فالتقية إن كانت منهجا لهم، فالأولى أن يحذر كل واحد منهم الآخر.   – المسؤولية المعنوية: حيث يقدم الخطاب الاحتجاجي للحركة الإسلامية والمتعلق بقضايا الهوية والفساد العام والأزمة الاجتماعية أو ضعف الموقف الرسمي في قضايا السياسات الغربية كسبب لبروز الإرهاب وشحن منفذيه، وهي مقولة تتجاهل كون التطرف برز قبل التوجهات المعتدلة، وأن هذه الأخيرة مستهدفة هي الأخرى به باعتبارها مهادنة ومستكينة وعاجزة.   آثرت التوقف المركز عند كل مقولة من المقولات الناظمة للتفكير الاستئصالي بالمغرب، مع شيء من التعليق المركز عليها لإثبات هشاشتها وتفاهتها، إلا أنها مؤثرة وقادرة على التكيف مع المتغيرات السياسية والاجتماعية، وهو ما يعود إلى غياب جهد فكري قوي يعمل على تفكيكها ونقضها وفضح امتداداتها في تدبير العلاقة بين الدولة والحركة الإسلامية، وبدون ذلك لا يمكن أن نتوقع تجاوز المغرب للخطر الذي تمثله على المستقبل الديمقراطي له.   (*) كاتب مغربي   (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 21 مارس 2008)

لقاء بن جدو ـ نجم علي خلفية الخضار والفسيخ

 
زهرة مرعي جمهورية المقطم   لفتني ذلك الفضاء الشعبي المزدوج الذي إنفتح عليه برنامج حوار مفتوح للزميل غسان بن جدو مع الشاعر المصري العربي الأكثر شعبية أحمد فؤاد نجم. الفضاء الشعبي المزدوج يعني فيما يعنيه الإنسان الشعبي بحد ذاته والمتمثل بالضيف، وبالمكان الذي يسمي المقطّم حيث يسكن وسط ناسه وأهله وبيئته الطبيعية التي تشحنه يومياً بالوقود غير الملوث والذي ينتج شعراً مغمساً بعرق الفقراء، وبأفكارهم، وإنتماءاتهم الوطنية والإنسانية. سمعت عن تلك الحلقة ولم يتسن لي متابعتها في حينها، فطلبتها بحكم الزمالة DVD من مكتب قناة الجزيرة في بيروت لأن من حدثوني عنها زادوا من شوقي لمتابعتها. وبعد المشاهدة كان بودي أن أتوجه بسؤال لشاعرنا الكبير الذي حفظنا أشعاره منذ السبعينيات من القرن الماضي وهي كثيرة بصوت الراحل الشيخ إمام، حيث تحضرني في هذه اللحظة أغنية مصر يما يا بهية . أما وقد إستطردت بعيداً عن السؤال فعذراً، والسؤال هو: لو أتيح لأحمد فواد نجم أن يسكن الزمالك أو المهندسين هل كان هجر المقطّم؟   ولأن الزميل غسان كان في وسط المقطّم وقريباً من السطوح التي يسكنها أحمد فؤاد نجم وأم زينب وزينب كان لا بد من أن يتوجه إليه بهذا السؤال حتي وإن كان شخصياً. لكني شخصياً أسمح لنفسي بالإجابة علي السؤال الذي طرحته بنفسي بالنفي. فميزة أحمد فؤاد نجم أنه لم يكن يوماً شاعر سلطة أو بلاط. ولو أراد ذلك ونزل من صفائه وعليائه وقوامه الشعري الرفيع إلي حيث أهل السلطة والبلاط لفعل، ولرحبوا به خير ترحيب ولكانوا زوّدوه بعضاً من النعم التي يعيشون بها، علي أمل أن يرتاحوا من كلمته التي تقول الحقيقة علي الدوام دون تنميق. ونحن نعرف كم هي حقائق السلطات مخيبة ومعيبة. لم يفعلها أحمد فؤاد نجم يوماً في حياته، ولم يرض بأن يوصم يوماً بالمثقف القريب من السلطة التي بيدها النعم. فضّل البقاء مثقفاً ينهل أفكاره وشعره من نبض الشارع المصري والعربي ومن المقطّم بالتحديد. ومن هناك راح يدير جمهورية مجلس إدارة السطوح ، وفي ذاك المكان أمضي أكثرية عمره الذي قال عنه 78 سنة من العمر والشعر مجرجرني .   أما بعد تلك العجالة عن شاعر حقيقي نعود إلي الحلقة التلفزيونية بحد ذاتها لنري أنها من السوابق. فلم نشاهد من قبل حلقة تلفزيونية تتمتد لساعة من الزمن علي خلفية سوق الخضار والفسيخ، والأولاد يلعبون ويستعرضون بعضاً من قدراتهم بحضور الكاميرا وإحتفاءً بالعم أحمد، الذي يقاسمهم أتراحهم وأفراجهم، ويمدونه بدورهم بحيوية الحياة.   وكما كان الزميل غسان بن جدو ومعه مخرج برنامجه يقدمان لنا هذه الخلفية وذاك المشهد الذي يغلب علي الأحياء الشعبية في كافة أرجاء الوطن العربي، فهما في الوقت نفســـــــه كانا سبّاقين في إطلاعنا علي آخر ما كتبه الضيف أحمد فؤاد نجم. إنها قصيدة للشهيد الراحل القائد عماد مغنية. ولا ينقص أحمد فؤاد نجم شهادات لنقول له أنه علي الدوام السبّاق في إلتقاط نبض الشارع العربي.   (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 مارس 2008)
 


هاجم الجزيرة وقال انها بوق لحماس

ياسر عبد ربه يتهم اسرائيل بالعمل علي اضعاف السلطة وينفي نية الاعلان عن انهيارها

 
غزة ـ القدس العربي ـ من أشرف الهور:   اتهم ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أمس الخميس اسرائيل بالعمل علي اضعاف السلطة الفلسطينية، في الوقت الذي جدد فيه هجومه علي قناة الجزيرة الفضائية، وقال انها غير محايدة في تغطيتها الاخبارية . وأكد عبد ربه في تصريح صحافي أن كل أشكال الحصار والطوق الأمني الذي تفرضه سلطات الاحتلال الاسرائيلية سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة، وكذلك استمرارها في الفصل بينهما وبالتساوق مع أحلام الانقلابيين (يقصد حركة حماس) يساهم في زيادة ضعف السلطة الفلسطينية . وقال أيضاً ان استمرار الجيش الاسرائيلي في اقتحام المدن واستمراره في اضعاف الدور الذي تقوم به الأجهزة الأمنية الفلسطينية واستمرار الحكومة الاسرائيلية في سياسة توسع الاستيطان واستباحة مدينة القدس يشكل انقضاضا اسرائيليا علي السلطة وعلي كافة الاتفاقيات التي وقعت . وشدد علي ان هذه الأفعال الاسرائيلية تؤكد أنها لا تريد شريكا فلسطينيا لتحقيق سلام . وقال هي (اسرائيل) تريد أطرافا فلسطينية مختلفة ومتفرقة تفرض عليها حلولا مؤقتة يعملون علي تنفيذها في قطاع غزة . واعتبر المسؤول في منظمة التحرير ان التهدئة التي تحاول اسرائيل ابرامها مع حركة حماس برعاية مصرية خلاصة هذه الحلول علي أساس ان غزة مفصولة عن الضفة الغربية وعن الجسم الفلسطيني وان غزة مسؤولية مصرية فقط . واشار عبد ربه الي ان موضوع التهدئة مع اسرائيل ينسجم مع أحلام الانقلابيين لأنهم يريدون أن لا يكون هناك سلام مع أحد ويريدون ان تكون مملكتهم ودولتهم التي ينفردون فيها بقطاع غزة مفصولة عن بقية الجسم الفلسطيني . وطالب عبد ربه بـ مواجهة السياسية الاسرائيلية التي تعمل علي اضعاف السلطة وتدفع باتجاه انهيار الوضع الفلسطيني ، منوهاً الي أنه في حالة تحقيق هذا الأمر فانه سيشكل مكافأة للسياسة التي تنتهجها اسرائيل التي تعمل جاهدة لاضعاف السلطة الفلسطينية . لكنه عاد وأكد ان منظمة التحرير الفلسطينية لا تدرس امكانية الاعلان عن انهيار السلطة الفلسطينية كما توقع البعض بسبب الممارسات الاسرائيلية . وقال يجب ان نعمل في كل الأحوال علي أن لن يكون هناك فراغ وطني أو سياسي . وكان الدكتور صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة الحرير حذر مساء الأربعاء من انهيار السلطة في حال عدم التوصل الي اتفاق سلام مع اسرائيل في العام الجاري . وقال اذا فشلنا في التوصل الي اتفاق مع اسرائيل حتي نهاية هذا العام فيمكن ان نمضي الي زوال ، مشيراً الي ان تداعيات انهيار السلطة لن تنحصر باسرائيل والفلسطينيين وانما ستمتد الي كل المنطقة . الي ذلك فقد جدد عبد ربه انتقاداته اللاذعة لقناة الجزيرة الفضائية، ووصفها بأنها بوق لحركة حماس . وقال هذه القناة لا هي محايدة في تغطيتها ولا لها علاقة بالحيادية . وأضاف في سياق تصريحه انهم في هذه القناة (يقصد الجزيرة) يلعبون دورا وأنا لا أريد أن أحلله لأن كثيرا من الناس يعرفون هذا الدور بأنه دور في صالح أطراف معينة في المنطقة ودور يريد أن يغطي علي أهداف سياسية لا أريد أن ادخل فيها . وأشار الي ان القناة طرحت بـ أسلوب مفشل المبادرة اليمنية ومواقف حماس الرافضة للمبادرة . كذلك اتهم عبد ربه الجزيرة بانتهاج أساليب تحريضية ضد السلطة الفلسطينية وقادتها، مقابل مباركة سياسية الانقلابيين والتغطية عليها وتلميع هذه السياسة واعطائها أبعادا تشجع علي الانقسام الفلسطيني الداخلي . وقال هذا الأمر يقود الي تعميق الانقسام ولهذا السبب تعمل قناة الجزيرة وهذا ما يبدو لنا علي ارض الواقع .   (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 مارس 2008)

الجزيرة في مرمي الاستهداف الصهيوني

 
سعيد الشيخ (*)   مشاعر اسرائيل الديمقراطية بامتياز بشهادات عالية مخدوشة هذه الايام! لا بل هي مجروحة وبحاجة الي عناية خاصة لان قناة الجزيرة الفضائية صوبت عين كاميرات مراسليها في قطاع غزة الي جنودها وهم ينفذون المحرقة التي وعد بها احد جنرالات الاحتلال شعبنا الفلسطيني. لذلك قررت سلطاتها مقاطعة القناة بشكل رسمي بسبب ما ادعته وقوف القناة المتحيز الي جانب الشعب الفلسطيني خلال العدوان الاخير علي قطاع غزة. وبذلك ينضم الكيان الصهيوني الي العديد من الانظمة العربية التي قاطعت القناة في وقت سابق علي خلفية اسباب مختلفة، الا ان المستهدف الرئيسي من هذه الخطوة تظل الحقيقة التي لا يستسيغها النظام القمعي ولا الاحتلالي علي حد سواء. فالحقيقة ضحية… مثل كل الضحايا الذين يتساقطون علي مذبح الحرية. فلا النظام العربي الرسمي يجيز الحرية، ولا مؤسسة الاحتلال تسمح للحرية ان تأخذ مداها فعندئذ تكون النتائج فضيحة للمستور الذي تحاول هذه الانظمة اخفاءه عن الرأي العام، وقد يتطور هذا المستور الي جريمة بحق حقوق الانسان تؤدي الي محاكمة حسب القوانين الدولية الموقعة في جنيف بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. وما قامت به قوات الاحتلال الصهيونية مؤخرا في قطاع غزة من قتل جماعي جلهم من الاطفال يعتبر حلقة من حلقات حرب الابادة المستمرة ضد شعبنا الاعزل ترتقي الي عداد جرائم حرب تحتاج الي محكمة دولية تجلب كل جنرالات الحرب الصهاينة لوضعهم امام المساءلة القانونية لما اقترفته اياديهم الملطخة بدماء الابرياء من ابناء شعبنا علي مدي ستين عاما هي عمر النكبة الفلسطينية. ولكن كيف يمكن وضع هذا الحق حيز التنفيذ والعالم المتحضر الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية قد وضع ضميره في غيبوبة وراح في سبات عميق؟… ولا بأس لو ارسلنا له السؤال المدوي: عالمكم المتحضر كم بحاجة لاطفال يتساقطون في الشوارع عند ذهابهم وإيابهم من مدارسهم، او اطفال رضّع يضرجون بدمائهم وهم في احضان ذويهم كي تدركوا حجم الجريمة الصهيونية؟ ان كاميرا الجزيرة في ميدان عملها ليست بعيدة عن هذا السؤال وهي تطالع العالم بمشاهد القتل اليومي للاطفال الفلسطينيين وصور آلة الدمار الصهيونية وهي تدك المنازل الآمنة بعيارات المدفعية وبصوايخ الطائرات الثقيلة، مما سبب الكثير من الحساسية والاحراج للمؤسسة العسكرية الصهيونية التي تعودت من قبل علي فعل جرائمها في ظلام دامس وبعيدا عن وسائل الاعلام أو أمام اعلام من طينتها يعتبر قتل العزّل من المدنيين بطولة يعلّمونها بكثير من التباهي لاطفالهم في المدارس ضمن مناهج الحقد والعدوانية. وكان علي اعلام اسكندنافي كنت اتابعه اثناء العدوان علي غزة ويعتبر الي حد ما في عداد سياسة الحياد ان يحسب مرور اربعة ايام وليرتفع عدد الضحايا الي اكثر من مائة ليبدأ ببث اخبار العدوان بصور جامدة لا تحمل في ثناياها رائحة الشواء الآدمي المنبعثة من ارجاء قطاع غزة، في حين لم تمر دقائق معدودة حتي بدأ ذات الاعلام ببث اخبار العملية الفدائية في القدس بكثير من الأسي علي المستوطنين اليهود الذين سقطوا صرعي. اما باقي وسائل الاعلام الرسمية العربية فقد ظلت علي كسلها وتخلفها تتابع ما يجري بكثير من البرود وتؤخر اخبار المذبحة الي خبر هامشي يأتي بعد اخبار سيادته وفخامته وجلالته واخبار العشيرة كلها حتي يصاب المرء بالملل والغثيان… ولكن الغثيان الكبير سيأتي في كل مناسبة من اعلام فضائي آخر منافس للجزيرة اقل ما يقال فيه بأن خطابه يدعو الي التفسخ والانحطاط وعلي عكس ما يخدم القضية الفلسطينية قضية العرب الاولي ! وهو الاعلام السبّاق في اسقاط حق ضحايانا في الشهادة ونعتهم بالقتلي، وعلي ذات الخطي لحقه كل اعلام مشبوه. ان الخطوة الصهيونية تجاه مقاطعة فضائية الجزيرة يمنح هذه القناة المزيد من الفخر. وهي شهادة بأن سياسة الجزيرة هي في الخط الصحيح وبما يرضي ابناء امتنا، هؤلاء الذين يستشعرون الخطر الصهيوني المتدحرج باتجاه البلاد العربية كلها. ولن اغامر لو قلت ان من اوقف محرقة الانسان الفلسطيني الاخيرة هي كاميرا الجزيرة التي صورت الضحايا من اطفال غزة، وبالتالي وضعت العالم علي حقيقة صورة القاتل الصهيوني. تلك الصورة التي تتسم بالبربرية والفاشية، وهي الصورة التي يخشاها جنرالات ادمنوا القتل في الظلام. ومهمة المحرقة ستظل من الآن وصاعدا صعبة امامهم طالما هناك كاميرا الجزيرة وكل اعلام شريف يؤدي عمله بكل أمانة ويتربص باعمال جنود قوات الاحتلال المشينة.   (*) كاتب وشاعر فلسطيني   (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 مارس 2008)

شريطة ألا تخالط هذا الاحتفال منكرات ومخالفات شرعية القرضاوي: الاحتفال بالمولد النبوي ليس بدعة

 
محمد صبرة   الدوحة – أفتى العلامة د. يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بجواز الاحتفال بذكرى المولد النبوي من أجل التذكير بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبشخصية النبي العظيم، وبرسالته العامة الخالدة التي جعلها الله رحمة للعالمين. ونفى أن يكون الاحتفال بتلك الصورة بدعة في الدين. واستند في فتواه إلى أن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم تذكير للناس بـ »نعمة عظيمة »، مؤكدا أن « التذكير بالنعم مشروع ومحمود ومطلوب، والله تعالى أمرنا به في القرآن الكريم ». وأبدى الشيخ القرضاوي في الوقت نفسه استنكاره للاحتفالات التي « تخالطها منكرات ومخالفات شرعية وأشياء ما أنزل الله بها من سلطان ». وجاءت فتوى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ردا على سؤال تلقاه من عدد من محبيه واطلعت عليه « إسلام أون لاين.نت » مفاده: « ما حكم الاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من المناسبات الإسلامية مثل مقدم العام الهجري وذكرى الإسراء والمعراج؟ ».   تذكير بنعمة عظيمة   وبين القرضاوي في فتواه، التي حصلت « إسلام أون لاين.نت » على نسخة منها، أن « ذكر النعمة مشروع ومحمود ومطلوب، وتذكير المسلمين بالأحداث الهامة في تاريخهم وما فيها من عبر وما يستخلص منها من دروس مشروع ولا عيب فيه ولا يصح وصفه بأنه بدعة أو ضلالة ».   وتابع قائلا: « من حقنا أن نتذكر سيرة النبي الكريم كلما جاءت مناسبة من المناسبات، وليس هذا من الاحتفال المبتدع، لأننا نذكر الناس بالسيرة النبوية ونربطهم بالرسالة المحمدية، وهي نعمة عظيمة، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يذكرون رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل حين ».   وأشار إلى قول الصحابي سعد بن أبي وقاص: « كنا نروج لأبنائنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نحفظهم السورة من القرآن »، مبينا أن الصحابة كانوا يروون لأبنائهم ما حدث في بدر وما حدث في أحد وما حدث في الخندق وفي بيعة الرضوان.   ودعا إلى أن « نهتدي بالصحابة وننتهز الفرص بعد الفرص لنذكر الناس بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ».   وعاب الشيخ القرضاوي على المسلمين الذين يعتبرون « أي احتفاء أو أي اهتمام أو أي حديث بالذكريات الإسلامية، أو بالهجرة النبوية، أو بالإسراء والمعراج، أو بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، أو بغزوة بدر الكبرى، أو بفتح مكة، أو بأي حدث من أحداث سيرة محمد صلى الله عليه وسلم، أو أي حديث عن هذه الموضوعات بدعة في الدين، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ».   وقال: « هذا ليس بصحيح على إطلاقه، إنما الذي ننكره في هذه الأشياء الاحتفالات التي تخالطها المنكرات، وتخالطها مخالفات شرعية وأشياء ما أنزل الله بها من سلطان، كما يحدث في بعض البلاد في المولد النبوي وفي الموالد التي يقيمونها للأولياء والصالحين ».    واستطرد قائلا: « ولكن إذا انتهزنا هذه الفرصة للتذكير بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبشخصية هذا النبي العظيم، وبرسالته العامة الخالدة التي جعلها الله رحمة للعالمين، فأي بدعة في هذا وأية ضلالة؟! »   واستطرد قائلا: « عندما نحتفل بمولده عليه الصلاة والسلام فنحن لا نحتفل بمولد شخص إنما نحتفل بمولد رسالة ظهرت على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتباره شخصا أعدته العناية الإلهية ليحمل الرسالة الخاتمة للبشرية ويحمل الرسالة العالمية التي امتدت طولا حتى شملت أبعاد الزمن، وامتدت عرضا حتى انتظمت آفاق الأمم وامتدت عمقا حتى استوعبت شئون الدنيا والآخرة ».   قدوة للجميع   وأشار القرضاوي إلى أن حياة محمد صلى الله عليه وسلم رحبة فسيحة فيها مجال لكل من يريد أن يقتدي به، سواء كانوا من الشباب أو الآباء أو الأزواج أو من الحكام أو المحكومين أو من الفقراء أو الأغنياء.   وبين قائلا: « يستطيع الشاب أن يجد في حياته أسوة عندما كان شابا يأكل بكد يمينه وعرق جبينه لا يتكل على نسبه ولا حسبه، ويستطيع العزب أن يجد في حياته أسوة لأنه ما تزوج إلا في الخامسة والعشرين من عمره، فهو عاش عزبا مدة من حياته يستطيع أن يجد فيها أسوة ».   « ويستطيع الزوج ذو الزوجة الواحدة أن يجد في حياته أسوة عندما كان زوجا لخديجة عاش معها معظم حياته إلى الخمسين من عمره 25 سنة، كما يستطيع من يتزوج أكثر من واحدة أن يجد في حياة الرسول أسوة لأنه صلى الله عليه وسلم تزوج في العشر سنوات الأخيرة من عمره عدة زوجات، وكان منهن البكر ومعظمهن ثيبات ومنهن الصغيرة ومنهن الكبيرة « .   وكذلك يبين الشيخ القرضاوي « يجد الأب في حياته أسوة في النبي حينما يُرزق الأولاد وحينما يُبتلى بوفاة الأولاد، ويجد الجد أسوة في حياة النبي في كيفية معاملة الأحفاد كما كان يعامل الحسن والحسين وغيرهما ».   ويجد المقاتل أيضا في حياته صلى الله عليه وسلم « أسوة في كيف يكون القتال وكيف تكون آداب القتال، وعندما ينتصر كيف يقابل النصر وكيف يقابل الهزيمة كما في غزوة أحد »، ويجد كذلك « رئيس الدولة سواء كان أميرا أو ملكا أو رئيسا للجمهورية في حياة الرسول أسوة لأنه حكم فعدل وأقام الموازين القسط بين الناس وترك لنا تراثا هائلا في حسن القيادة ».   وأكد أن « كل إنسان يجد في حياته صلى الله عليه وسلم أسوة، الحاكم والمحكوم لأنه عاش محكوما في مكة وعاش حاكما في المدينة ».   ولم يتوقف الدكتور القرضاوي عند هذا الحد بل أردف قائلا: « الفقير والغني يجدان فيه أسوة لأنه عاش فقيرا في فترة من الفترات حتى كان يشد الحجر والحجرين على بطنه من الجوع، وأتته الدنيا حينما فتح الله عليه الفتوح وهيأ له الغنائم ودان له العرب وجزيرة العرب فجرَّب هذا وجرب ذاك ».   وختم بالتأكيد على أن « السيرة النبوية العظيمة تحتاج منا أن ندرسها ونقرأ فيها ونطَّلع على مصادرها الموثقة حتى نعرف رسولنا صلى الله عليه وسلم، فإذا عرفناه ازداد إيماننا به وحبنا له وأدى ذلك إلى أن نتبعه فنحسن اتباعه كما قال الله تعالى (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [آل عمران : 31] ».   وعلمت « إسلام أون لاين.نت » أن خطبة الجمعة المقبل التي سيلقيها الدكتور القرضاوي بجامع عمر بن الخطاب بالدوحة، ستتناول جوانب من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في ذكرى مولده الشريف. كما سيعلق في آخر الخطبة على بعض الأحداث الراهنة.   (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 20 مارس 2008)
 


« الجزيرة »: محايدون في تعاطينا مع الأخبار الفلسطينية ولا نخشى المنافسة

 
الدوحة ـ خدمة قدس برس   نفى مصدر مسؤول في قناة الجزيرة الفضائية الاتهامات التي كالها أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه بالسعي إلى تعميق الانقسام الفلسطيني وتشجيع التشرذم الفلسطيني، واعتبر اتهامات عارية لا أساس لها من الصحة في شيء.   وأكد رئيس تحرير قسم الأخبار في قناة الجزيرة الفضائية أحمد الشيخ في تصريحات خاصة لـ « قدس برس » أن قناة « الجزيرة » تتعامل مع الشأن الفلسطيني بمهنية عالية مثله في ذلك مثل أي أخبار عربية أو عالمية، وقال « ليس صحيحا أننا نتعامل مع الشأن الفلسطيني بانحياز لأي طرف سواء كانت « حماس » أو « فتح »، وما قاله ياسر عبد ربه على قناة فلسطين اليوم من أن قناة الجزيرة طرحت بأسلوب مفشل المبادرة اليمنية ومواقف حماس الرافضة للمبادرة اليمنية للعودة للوفاق، ادعاء لا أساس له من الصحة في شيء، ذلك أننا نتعامل مع الخبر الفلسطيني باعتباره خبرا من دون تحيز لهذا الطرف أو ذاك ».   وأوضح الشيخ أن معايير الصدق والنزاهة والدقة والحياد معايير أساسية في عرض الأخبار على قناة الجزيرة، وقال « لا توجد معايير خاصة بالشأن الفلسطيني دون غيره، نحن نتعامل مع الشأن الفلسطيني بذات المعايير المهنية التي نتعامل بها مع باقي الأخبار العربية والعالمية، ولذلك نحن لا نأبه لما يقوله ياسر عبد ربه، ولي س لدينا أي فيتو ضد أي من قادة العمل السياسي وصناع الأخبار في أي مكان من العالم بما في ذلك الشأن الفلسطيني وقادة فتح والسلطة الوطنية الفلسطينية منهم »، كما قال.   على صعيد آخر نفى الشيخ وجود أي تخوف أو خشية لدى إدارة قناة « الجزيرة » من أن انضمام قناة « بي بي سي » البريطانية إلى البث باللغة الغربية قد يكون على حساب الجزيرة، وقال « ليس صحيحا أننا نخشى قناة « بي بي سي » العربية، فهذا سوق مفتوح وعوامل المنافسة فيه مفتوحة للجميع، ونحن نعرف كيف نحافظ على جمهورنا، ونرحب بالمنافسة أيا كانت ولا نخشاها، لأننا نرى أن المنافسة مفيدة للمشاهد في المقام الأول، ونحن هدفنا المشاهد. ونحن لسنا سندة الفضاء بل نحن جزء من هذه القنوات ونعمل ما نستطيع للمحافظة على مكانتنا ونستطيع، فهذا هواء مكشوف للجميع »، كما قال.   (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 20 مارس 2008)

 

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.