TUNISNEWS
8 ème année, N° 3146 du 02.01.2009
الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية: بيان صحفي – وضع حدّ فوري للهجومات على قطاع غزّة
منظمة العفو الدولية : أوقفوا الهجوم غير القانوني ولبوا الاحتياجات الطارئة لغزة
حــرية و إنـصاف: يوميات المقاومة غزة رمز العزة (7)
السبيل أونلاين:منع زوجة عدنان الحاجي من الزيارة والإعتداء على حسن شلبي ومعز الجماعي
الحزب الديمقراطي التقدمي: دعوة إلى كل التونسيين من أجل التبرع بالدم لأهل غزة
الحزب الديمقراطي التقدمي: بيان
موقع الحزب الديمقراطي التقدمي: إدارة السجون تحرم « عدنان الحاجي » من مقابلة زوجته
البديـل عاجل:لجنة المعطلين في قفصة تحتفل بذكرى تأسيسها في أجواء التنكيل والاعتقالات والمتابعات
قدس برس: أبرز معالم مشهد العام 2008 – تونس: احتجاجات اجتماعية متصاعدة وأزمة سياسية بين السلطة والمعارضة
الخبر: اتهمتهم سلطات بلدهم بمحاولة تهريب رؤوس أبقار إلى الجزائر – أكثـر من 50 تونسيا يحاولون اختراق الحدود بتبسة
العرب: الآلاف يخرجون في هبّة شعبية عارمة لمناصرة أهالي غزة – تونس: الأمن يمنع المتظاهرين من الوصول إلى السفارة المصرية
البديـل عاجل:بيان المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل إثر القمع الذي تعرّض له المتظاهرون والنقابيون
د ب أ: قوات الأمن التونسية تمنع خروج مسيرة تضامنية مع سكان غزة
البديـل عاجل: مسيرة صوريّة تحت الحصار واعتداء على المشاركين « غير المنضبطين » لإرادة الحزب الحاكم
البديـل عاجل: النقابيون في سوسة يتضامنون مع غزة ويواجهون قوات القمع
pdpأنفو: الأمن التونسي يقمع مسيرة سلمية مرخص لها
صلاح الدين الجورشي: تونس: التحضير للرئاسيات يقترن بتحركات احتجاجية تُقابل بتشدد سياسي
صالح بن عبد الله: عندما تغيب الشمس
د.خــالد الطراولي: مشـاهد من وراء خطوط النـار
النفطي حولة: ولا بد للظلام من نور يبدده
المنصف زيد: تدمّرُ غزّة لتحييا الخيانة على أنقاضها
محمد كريشان: مظاهرات غزة
حياة السايب: شلالات الدّم في غزّة قد لا تكفي في عرف العرب حتى للتلويح بتهديد ضدّ إسرائيل
عبد الباري عطوان: غطاء عربي لمجزرة غزة
خبيران فرنسيان: لا يمكن تصفية حماس في غزة
عدنان أبو عامر: »بقعة الزيت » ستطفو على « الرصاص المنصهر » أخيرا
قدس برس:صحف إسرائيلية:إسرائيل التي احتلت الضفة وغزة والجولان وسيناءوهزمت الجيوشالعربية تخشى عملية برية في قطاع غزة
باتريك سيل:حرب إسرائيل المجنونة على غزة
بروجيكت سنديكيت فاتسلاف هافيل وآخرون : إعدام الإنسانية في قطاع غزة
صبحي حديدي: حرب غزة: ثمن إسرائيلي فادح لقاء ظفر حمساوي معلن
مصطفى الخلفي : نحو قراءة مغايرة للعدوان على غزة
عاطف معتمد: مصر.. العدو في الداخل
حمدوني : أي المصائب أشتكي
حسام.ب: بيــــــان للرأي العام
النقابيون الرديكاليون: بـــــلاغ إعــــــلامي ( 1و2 )
الصباح: تحليل إخباري: تونس… والأزمة المالية العالمية الواقع… الممكن… والمستحيل
الصباح: قراءة في عام حمل حقائبه الثقيلة ورحل (2-1): مفاوضات اجتماعية صعبة… ووضع اقتصادي مفتوح على احتمالات عديدة
د. الضاوي خوالدية: اين موقع العرب في خارطة التغيير الجذري الذي عرفه العالم؟
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows(
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
قائمة الموقعين على مبادرة حق العودة http://www.manfiyoun.net/list.html الرجاء من المقتنعين بهذه المبادرة إرسال الاسم وبلد الإقامة وسنة الخروج من تونس على البريد الالكتروني للمبادرة:
الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية
تونس في 30 ديسمبر 2008
بيان صحفي وضع حدّ فوري للهجومات على قطاع غزّة والإستجابة المستعجلة للحاجيات الضرورية للمواطنين
« يواجه المدنيون الفلسطينيون مخاطر الموت والدمار والرعب نتيجة الضربات الجوية الإسرائيلية ويفتقرون للأدوية والغذاء والكهرباء والماء وأبسط ضروريات الحياة » هذا ما صرح به الناطق باسم منظمة العفو الدولية في اليوم الثالث من بداية الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة حيث تجاوز عدد القتلى 300 قتيل والجرحى 1500 جريح. إن هذه الحصيلة المفجعة من شأنها أن تتفاقم في ظل غياب الوسائل الطبية الضرورية لعلاج المصابين والجرحى حيث يعاني قطاع الصحة في غزة من نقص فادح في التجهيزات والأدوية والطواقم الطبية نيتجة الحصار الطويل المضروب على القطاع بحيث أصبح عاجزا عن الإستجابة لحاجيات العدد المتزايد للضحايا. ولا يعقل أبدا أن تواصل إسرائيل محاصرة مليون ونصف من المواطنين وتحرمهم من الماء والغذاء والدواء. وتدعو منظمة العفو الدولية إسرائيل إلى رفع الحصار عن القطاع فورا وتمكين المساعدات الإنسانية لبلوغ السكان وتخفيف الضغط على المستشفيات وتمكين الجرحى من مغادرة القطاع لتلقي الإسعافات الضرورية. وتدعو منظمة العفو الدولية إلى الوقف الفوري لإطلاق النار من طرف الجيش الإسرائيلي وتدعو أيضا حماس لإيقاف إطلاق الصواريخ على القرى والمدن الإسرائيلية. وتدعو منظمة العفو الدولية كل من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وأعضاء الرباعي والجامعة العربية إلى القيام بالخطوات الضرورية لإيقاف الهجومات والضغط على الدولة الإسرائيلية لإيقاف إنتهاكاتها للقانون الدولي وإحترام معاهدات جنيف والقانون الإنساني الدولي. ويؤكد الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية على الإسراع بوضع حد لما يعانيه سكان غزة من إنتهاكات جسيمة لحقوقهم ورفع الحصار عليهم وتمكينهم من التمتع بحقهم في السلم والأمن والحياة الكريمة. إنتهى. الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية
أوقفوا الهجوم غير القانوني ولبوا الاحتياجات الطارئة لغزة
29 ديسمبر 2008 يظل المدنيون الفلسطينيون معرضين للقتل أو الإصابة بجروح في الضربات الجوية الإسرائيلية وهم يفتقرون بصورة متزايدة إلى ما يكفي من الرعاية الطبية والمواد الغذائية والعقاقير الطبية والكهرباء والماء وغيرها من الضروريات، على حد قول منظمة العفو الدولية اليوم عقب مرور ثلاثة أيام على الهجوم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة الذي قُتل فيه أكثر من 300 فلسطيني. وقالت منظمة العفو الدولية « هناك خطورة في ارتفاع الحصيلة الرهيبة للوفيات بسبب عدم توافر الرعاية الطبية الكافية لمئات الجرحى. ويفتقر القطاع الصحي في غزة إلى المعدات والأدوية والخبرة في أفضل الأحوال، وقد استُنـزف بدرجة أكبر جراء الحصار الإسرائيلي المطول. وهو الآن يعمل فوق طاقته وبات عاجزاً عن مواجهة العدد الكبير من الإصابات ». وينبغي على إسرائيل السماح بإدخال الجرحى إلى المستشفيات في إسرائيل، وإلى المستشفيات الفلسطينية في القدس الشرقية، وسائر أنحاء الضفة الغربية. ويتعين على السلطات المصرية أيضاً فتح المستشفيات المصرية أمام الذين يحتاجون إلى رعاية طبية غير متوافرة في غزة، وعليها ضمان عدم لجوء حرس حدودها إلى الاستخدام المفرط للقوة ضد الذين يفرون من القصف. كذلك يجب على إدارة الأمر الواقع التي تتولاها حماس ضمان عدم إقدام قواتها الأمنية وميليشياتها تحت أي ظرف من الظروف على عرقلة أو منع مرور الجرحى أو غيرهم من المرضى الذين يحاولون مغادرة غزة. وبرغم التأكيدات الصادرة عن السلطات الإسرائيلية بأنه يُسمح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، ففي الحقيقة، لا تتجاوز كمية المساعدات والمؤن الإنسانية التي سُمح بإدخالها في الأشهر الأخيرة نذراً يسيراً من المطلوب. وقالت منظمة العفو الدولية « إنه من غير المقبول على الإطلاق أن تواصل إسرائيل عمداً حرمان 1,5 مليون نسمة من المواد الغذائية وغيرها من الضروريات الأساسية. ولا يمكن تبرير مثل هذه السياسة بأسباب أمنية أو سواها، ويجب أن تتوقف فوراً »؛ وتابعت تقول إنه « ينبغي على إسرائيل السماح للعاملين الدوليين في مضماري الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان بالدخول الفوري والآمن إلى غزة. » وتكرر منظمة العفو الدولية دعوتها إلى وضع حد للهجمات الإسرائيلية المتهورة وغير القانونية على المناطق السكنية المزدحمة، والتي أسفرت عن مصرع ما يزيد على 300 فلسطيني منذ 27 ديسمبر/كانون الأول، بينهم العشرات من المدنيين العزل وأفراد الشرطة غير المشاركين في العمليات العدائية، وعن إصابة عدة مئات آخرين بجروح. كذلك تدعو منظمة العفو الدولية مرة أخرى حماس، وكافة الجماعات المسلحة الفلسطينية الأخرى في غزة، إلى الكف عن إطلاق الصواريخ بلا تمييز على البلدات والقرى الواقعة في جنوب إسرائيل، والذي أودى بحياة اثنين من المدنيين الإسرائيليين وأصاب عدة أشخاص غيرهما بجروح في الأيام الثلاثة الماضية. وفي أعقاب أنباء أفادت أن عدداً غير مؤكد من المعتقلين، بينهم معتقلون سياسيون أعضاء في حركة فتح التي ينتمي إليها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سقطوا بين قتيل وجريح في الضربات الجوية الإسرائيلية على المنشآت الأمنية ومراكز الاعتقال، تدعو منظمة العفو الدولية إسرائيل إلى عدم استهداف مرافق الاعتقال. وينبغي على حماس أيضاً تزويد عائلات المعتقلين بمعلومات دون إبطاء حول مصيرهم والسماح لها بزيارتهم إذا أمكن. وقد استهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية منازل سكنية وغيرها من المباني، بينها إحدى الجامعات. ومما زاد من أجواء الخوف الناجم عن عمليات القصف الإسرائيلي إقدام القوات الإسرائيلية على إرسال رسائل هاتفية عشوائية، كما يبدو، إلى العديد من أهالي غزة تأمرهم فيها بمغادرة منازلهم بسبب ضربات جوية وشيكة ستوجه إليها. وتلقى مثل هذه الرسائل سكان مبنى للشقق السكنية مؤلف من عدة طوابق، ما أثار الذعر ليس فقط في صفوف الذين تلقوا المكالمات، بل أيضاً لدى جميع جيرانهم. وقد استخدمت القوات الإسرائيلية هذه الممارسات على نطاق واسع في غزة ولبنان في العام 2006، لكن لم ترد أنباء حولها منذ ذلك الحين. ويبدو أن التهديدات الهاتفية ترمي إلى بث الذعر في قلوب السكان المدنيين، لأنه في معظم الأحيان لم تُشن غارات جوية على المباني. فإذا كان هذا هو الغرض، وليس توجيه تحذيرات فعلية، فإن هذه الممارسة تنتهك القانون الدولي ويجب الإقلاع عنها فوراً. وينبغي على المجتمع الدولي، وبخاصة أعضاء اللجنة الرباعية (الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية)، فضلاً عن الدول الأعضاء في الجامعة العربية، أن يتجاوزوا الخطب الطنانة، ويمارسوا ضغطاً فعلياً على كلا الطرفين لإنهاء النـزاع وانتهاكات القانون الدولي التي يرتكبانها. وينبغي على الأطراف الأصلية المتعاقدة في اتفاقيات جنيف النظر في عقد اجتماع طارئ لمعالجة الموقف.
أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 05 محرم 1430 الموافق ل 02 جانفي 2009
يوميات المقاومة غزة رمز العزة (7)
1) صفاقس: 30000 مشارك في المسيرة الجماهيرية: نظم الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس اليوم الجمعة 02/01/2009 مسيرة جماهيرية شارك فيها زهاء 30000 مواطن و شاركت فيها جميع النقابات بالجهة ( قطاع النسيج و قطاع السكة الحديدية و قطاع الصحة…)، خرج العمال من مقرات عملهم بداية من الساعة التاسعة صباحا بعدما أعلنوا الإضراب العام للتعبير عن غضبهم و تنديدهم بالجرائم البشعة التي اقترفها و ما زال يقترفها الكيان الصهيوني في حق شعبنا الفلسطيني في غزة و لإعلان مطلق مساندتهم لإخوانهم الفلسطينيين و انطلق المشاركون بتجمع عام أمام مقر الاتحاد الجهوي ثم خرجوا في مسيرة اعتبرت هي الأكبر من حيث العدد و جابوا شوارع مدينة صفاقس رافعين علم فلسطين و مرددين لعديد الشعارات المعبرة عن التنديد بالأعداء و الخونة. 2) نابل: تأجيل المسيرة إلى يوم السبت تم تأجيل المسيرة الاحتجاجية ضد جرائم العدو الصهيوني التي كانت ستنتظم اليوم الجمعة بنابل إلى يوم غد السبت 03/01/2009 على الساعة التاسعة صباحا. 3) سوسة و جندوبة و بنزرت و القيروان: دعوة إلى المشاركة في مسيرة يوم السبت أعلن الاتحاد الجهوي للشغل بكل من سوسة و جندوبة و بنزرت عن تنظيم مسيرة للتنديد بالعدوان على غزة غدا السبت 03/01/2009 على الساعة الواحدة و النصف بعد الزوال أما بالقيروان فستنطلق المسيرة على الساعة الحادية عشر صباحا. 4) قابس: قمع مسيرة سلمية في قابس تم اليوم السبت 02/01/2009 تجمع عام بمقر الاتحاد الجهوي للشغل بقابس و انطلق المشاركون في مسيرة مرخص لها من طرف السلطة إلا أن قوات الشرطة اعترضت سبيلها بعد فشل محاولة عناصر الحزب الحاكم في قيادة المسيرة لكن المتظاهرين تمكنوا من مجاوزة حواجز الشرطة ، و عند مفترق الطرق حاولت الشرطة تحويل وجهة المسيرة للمرور أمام مقر لجنة التنسيق « للتجمع » ( الحزب الحاكم ) و أمام رفض المتظاهرين تدخلت قائد الشرطة معلنا عبر مكبر الصوت عن نهاية المسيرة رغم أنها لم تقطع بعد نصف الطريق المخصص لها، ثم تدخلت الشرطة لتفريق المتظاهرين بالقوة و افتكاك اللافتات و اعتدوا على المتظاهرين بالهراوات متسببين في أضرار بدنية للعديد منهم و اعتقال الطالب فداء العلوي الذي أطلق سراحه فيما بعد. 5) الشابة: انتظم على الساعة الثالثة بعد ظهر اليوم السبت 02/01/2009 اجتماع عام بمقر الاتحاد المحلي للشغل بالشابة ضم نقابيين و مناضلين سياسيين و ناشطين حقوقيين خرجوا على إثرها في مسيرة لم تقطع إلا مسافة 500 متر وقع قمعها و تفريقها بالقوة، و بعد نصف ساعة وقع تجمع ثان بمقر جمعية النهوض بالطالب الشابي أين أحيت فرقة الكرامة حفلا موسيقيا تضامنيا وقع محاصرته من قبل مجموعة تتكون من حوالي 200 عون من الشرطة عمد بعضهم إلى استفزاز الحاضرين ، و تم الاعتداء بالعنف على النقابيين الأستاذة أم الخير الهذيلي و رشاد شوشان من قبل نائب رئيس المركز المدعو محمد سلام. 6) منزل بورقيبة: وقع اليوم السبت 02/01/2009 اختطاف مجموعة من الفتيات هن أسماء البجاوي و رفيقة و خولة و رحاب و رانية و ريم و سماح و نادرة و أميرة اللواتي التي تم تعنيفها و تهديدها بنزع ثيابها من قبل مجموعة من أعوان البوليس من بينهم المدعو عادل المغروم عندما عبرت عن اعتزازها بعمها السجين السياسي السابق السيد بشير اللواتي، كما تم اعتقال والدتين و السيد رضا البجاوي من منزل بورقيبة إثر صلاة الجمعة تحت ذريعة منع خروج مسيرة تضامنية مع غزة و تم تعنيفهن بمركز الشرطة و استجوابهن حول تنظيم مسيرة باعتبارها شغبا بالضرب المبرح و بالكلام البذيء و سب الجلالة إلى درجة أن إحدى السيدات لم تعد تقدر على الوقوف على ساقيها، كما وقع تعنيف السيد رضا البجاوي و جلب بناته الثلاثة إلى المركز بالقوة من قبل عون الشرطة المدعو عادل المغروم، مع الإشارة إلى أن الفتيات اللواتي تعرضن للاختطاف سبق و أن تعرضن لمضايقات عديدة بسبب ارتدائهن للحجاب. و حرية و إنصاف تدين هذا الاعتداء على الفتيات و أفراد عائلاتهن و تدعو إلى فتح تحقيق و معاقبة المجرمين. 7) المنستير: 5000 مشارك في مسيرة المنستير انطلقت مسيرة على الساعة الثانية بعد الظهر من أمام مقر االاتحاد الجهوي بالمنستير جابت عديد شوارع المدينة و التحق بها المواطنون ليصل عدد المشاركين إلى ما يقارب 5000 مشارك. 8) مدنين: على الساعة الواحدة بعد الظهر انطلقت مسيرة من مقر الاتحاد الجهوي للشغل بمدنين شارك فيها عدد من النقابيين و المناضلين السياسيين و الحقوقيين بالجهة.
و حرية و انصاف :
1/ تدعو الشعب التونسي و قواه الحية من أحزاب و منظمات و جمعيات إلى الاستمرار في التعبير عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني الصامد و المجاهد في غزة ضد العدوان الصهيوني الهمجي و كل من يقف معه بالوسائل السلمية المتاحة. 2/ تدعو السلطة للكف عن قمع التحركات المساندة للشعب الفلسطيني و احترام حق التونسيين و التونسيات الدستوري في التعبير و التنقل و الاجتماع و التظاهر السلمي. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
منع زوجة عدنان الحاجي من الزيارة والإعتداء على حسن شلبي ومعز الجماعي
السبيل أونلاين – من زهير مخلوف – تونس
منع زوجة النقابي السجين عدنان من زيارته
وقع اليوم الجمعة 02 جانفي 2009منع السيدة جمعة حاجي زوجة النقابي السجين عدنان الحاجي من زيارته بسجن القصرين ، ويعتقد أنه يخضع لعقوبة السجن الإنفرادي المضيّق .
الإعتداء على النقابي حسن شلبي يسبب له كسر في يده
بعد المسيرة التى وقعت أمس الخميس 01 جانفي 2009 بالعاصمة تونس ، وقع الإعتداء على عضو المكتب التنفيذي للإتحاد الجهوي ببنزرت حسن شلبي الذى شارك في المسيرة . وقد سبب له الإعتداء كسر في معصم يده اليسرى .
قمع مسيرة تضامنية في قابس
وقع اليوم الجمعة 02 جانفي 2009 ، قمع مسيرة تظامنية مع قطاع غزة ، بمدينة قابس إنطلقت من المقر الجهوي لإتحاد الشغل، ووقع الإعتداء على عديد المناضلين ، وقد أصيب الناشط السياسي معز الجماعي برأسه ، كما أصيب الناشط النقابي محمد العيّادي ، وقد أحرق أثناء المسيرة العلم « الإسرائلي » ورفعت شعارات منددة بالإعتداء الآثم على غزة.
(المصدر:السبيل أونلاين ، بتاريخ 02 جانفي 2009 )
الحزب الديمقراطي التقدمي
10 نهج ايف نوهال – تونس دعوة إلى كل التونسيين من أجل التبرع بالدم لأهل غزة
يدعو الحزب الديمقراطي التقدمي كافة التونسيين إلى إطلاق حملة من أجل التبرّع بالدم لفائدة الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة ، وذلك يوم السبت 3 جانفي 2009. و سيكون الانطلاق من مقرّ الحزب الديمقراطي التقدمي المركزيّ في حدود منتصف نهار يوم السبت نحو مركز نقل الدم بالعاصمة. مشاركتكم في حملة التبرع بالدم نصرة لأهل غزة المحاصرين
الحزب الديمقراطي التقدمي 10 نهج آف نوهال ، تونس بيان
تصاعدت في الأيام الأخيرة حملة استهداف شباب الحزب الديمقراطي التقدمي فبعد ما تعرضت له غزالة محمدي من تعنيف من قبل مسؤولين أمنيين بمدينة قفصة سبب لها كسرا بالأنف ومضاعفات صحية مستمرة، عمدت قوات الشرطة إلي إيقاف الطالب وسام الصغير منسق مكتب شباب تونس وعضو المكتب الوطني للشباب مساء أمس فبل أن تطلق سراحه في ساعة متأخرة من الليل ثم تعيد إيقافه صباح اليوم الأربعاء 31 ديسمبر، وقد تعرض الرفيق وسام قبل إخلاء سبيله مجددا مساء اليوم إلي ضغوطات علي خلفية نشاطه وانتمائه السياسي للحزب ونشاطه النقابي الطلابي في صفوف الإتحاد العام لطلبة تونس وقد رفض الإمضاء علي أي التزام بوضع حد لنشاطه متمسكا بحقه في مواطنة كاملة لا تقيدها الإجراءات التعسفية والقوانين الجائرة. إن استهداف وسام الصغير ومن خلاله شباب الحزب الديمقراطي التقدمي وكل شباب تونس المتطلع للحرية والديمقراطية والذي يترافق هذه الأيام مع منع التونسيين جميعا من التعبير عن إدانتهم للعدوان علي غزة وتضامنهم مع أشقائهم في فلسطين يكشف مرة أخري انغلاق النظام السياسي والاستمرار في تغليب المعالجة الأمنية لكل مطالب المعارضة والمجتمع المدني . وإذ يدين الحزب هذه السياسة عموما وهذا الاستهداف الذي يتعرض له شبابه فإنه يجدد تأكيده علي حقه في النشاط السياسي المستقل ويجدد عزمه علي الدفاع عن الحق وعلي حماية شبابه وكل منا ضليه بكل الوسائل السياسية والسلمية المشروعة. عن المكتب السياسي مسؤول الشباب ماهر حنين
خاص pdpانفو
خبر عاجل إدارة السجون تحرم « عدنان الحاجي » من مقابلة زوجته
توجهت السيدة « جمعة » زوجة المناضل السجين عدنان الحاجي لزيارة زوجها بسجن القصرين و لكنها فوجئت بمنعها من الزيارة و من رؤية زوجها المعتقل . و السيدة جمعة إذ تستغرب ما يحدث فإنها تعبر عن خوفها على مصير السيد عدنان الحاجي و تخشى أن يكون حجبه عنها و منعها من الزيارة نتيجة مرضه أو سوء معاملته . و السيدة جمعة تهيب بكافة الأحزاب و الجمعيات أن تسعى إلى تمكين عدنان الحاجي من رؤية عائلته أثناء الزيارة . و تدعو السلطة إلى تمكينه من حقوقه كسجين. عبد الجبار الرقيقي المصدر : موقع الحزب الديمقراطي التقدمي
لجنة المعطلين في قفصة تحتفل بذكرى تأسيسها في أجواء التنكيل والاعتقالات والمتابعات
قفصة في 1 جانفي 2009 في 1 جانفي 2006 أسس جملة من خريجي الجامعة، اللجنة الجهوية للدفاع عن أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل بقفصة، كإطار مؤقت ومفتوح لكل ضحايا البطالة من تلك الشريحة، للتعريف بقضيتهم، وتأطير نضالاتهم وتنظيم صفوفهم في الدفاع عن حقهم المشروع في العمل والتمتع بكل الخدمات الاجتماعية الضرورية، ولفّ أكثر القوى المجتمعية لمساندتهم ومناصرتهم. لقد تمكنت اللجنة سريعا من تثبيت أقدامها في الحركة الاجتماعية التونسية جهويا ووطنيا، فنجحت في تشكيل لجان محلية فاعلة في أغلب معتمديات الولاية، وقادت عديد التحركات الاحتجاجية والمطلبية (اعتصامات، وقفات احتجاجية، إضرابات الجوع…) وفرضت حق التفاوض على أغلب المسؤولين بالجهة، ونجحت في تشغيل العديد من مناضليها ومناضلاتها، وربطت جسور التواصل مع باقي هياكل المعطلين في مختلف أنحاء البلاد ونسقت معهم تحركات مشتركة، وناقشت معهم إمكانيات تأسيس هيكل وطني يصهر طاقاتهم الكفاحية، كما تواصلت مع باقي هيئات المجتمع المدني في سبيل تصليب عود الحركة الاجتماعية في بلادنا في وجه المخاطر التي تهددها في ظل عولمة رأسمال المنفلت العقال وما يحمله من تقزيم لدور الدولة وخصخصة القطاعات الأساسية وتعميق الفوارق الطبقية وتكريس مظاهر البطالة والفقر والتهميش… لقد ساهمت اللجنة بحركيتها الميدانية والإعلامية في تحويل ملف المعطلين من هم مخصوص لفئة معينة إلى قضية رأي عام، مثلما حولت حق الشغل من منة وهبة إلى جدارة واقتدار، منددة برهنه للرشوة والمحسوبية والزبونية والفرز الأمني والسياسي ورافضة لاستغلالها كورقة ضغط سياسية وكمجال دعاية انتخابية سلطوية. ولقد جاءت أحداث الحوض المنجمي لتبرز أهمية المعارك التي خاضها المعطلون عن العمل في الجهة في الدفاع عن الحق في الشغل القار والعمومي، إذ يبدو أن التحركات المتعددة التي خاضوها والتي انتبه لها الأهالي وتعاطفوا معها قد تركت بصماتها في أذهانهم ووعيهم، كما يبدو أن الشعارات التي صاغوها طيلة السنوات الأخيرة والتي وضعت الشغل في صدارة الأولويات والاهتمامات، وربطته بالكرامة والحياة، قد لفّ حوله جماهير غفيرة من غير تلك الفئة، فحصلت تلك المساهمة التراكمية الواعية التي ساعدت في إنجاح الاحتجاجات الأهلية في الرديف وأم العرائس والمظيلة والمتلوي، وفي تعرية الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والصحية والبيئية، وفي تحديد مطالبها وتبويبها. ولقد تجاوز المعطلون دور المراكمة للأحداث للمساهمة الفعلية فيها، مصرين على الدفاع عن حقهم في التشغيل ومندفعين في اتجاه افتكاكه، كما مارسوا قناعتهم في ارتباط قضيتهم بمجمل قضايا ضحايا التفقير والتهميش. لقد كانوا في طليعة المحتجين منذ 5 جانفي 2008، منظمين تحركات فاعلة ونوعية في أم العرائس لافين حولهم أعدادا متزايدة من أصحاب اقتنعت بضرورة النضال من أجل تشغيلهم، ومتحملين قساوة الظروف الطبيعية (البرد، الأمطار…) وشتى أنواع الهرسلة والتضييق في سبيل التعبير عن مطالبهم، ومتمسكين بروح المسوؤلية والتعقل والهدوء رغم تجاهل سلطات الإشراف لهم في مرحلة أولى، وإمطارهم بالوعود الكاذبة والتطمينات الزائفة في مرحلة ثانية، وحتى الحلول المقدمة لهم في آخر المطاف (المناولات) فإنها كانت وقتية وهشة وغير عادلة، واعتبرتها اللجنة الجهوية في وقتها إهدارا للمال العام ومكافأة لمتنفذي الجهة ورجال أعمالها، واستهتارا بكفاءة المعطلين وقدراتهم العلمية والمعرفية وامتهانا لحقوقهم المشروعة. لقد تأسست اللجنة وناضلت في ظروف قاسية وصعبة، حيث ربطت السلطات الاعتراف بها وناصبتها العداء، وسلطت عليها العصا الأمنية لإفشالها ودحرها، إلا أن ذلك لم يفل في عزائم مناضلاتها ومناضليها، ولم يجعلهم يخلون الساحة للحلول الفردية والوساطات المشبوهة، لذلك دفعوا ضريبة غالية على إثر الهجوم على الحركة الاحتجاجية بالحوض المنجمي حيث نكل بالعديد من قياداتها الذين عذبوا وحوكموا، وكانت الأحكام في شأنهم كالآتي: – حسن بن عبد الله: عضو اللجنة الجهوية ومنسق اللجنة المحلية بالرديف: 10 سنوات وشهرا سجنا غيابيا مع النفاذ العاجل. – رشيد عبداوي: عضو اللجنة الجهوية: 6 سنوات وشهر سجنا مع تمتيعه بالسراح. – الفاهم بوكدوس: عضو اللجنة الجهوية: 6 سنوات سجنا غيابيا. – رضوان بوزيان: عضو اللجنة الجهوية: سنتان سجنا مع تأجيل التنفيذ. – غانم الشريطي: عضو اللجنة المحلية بالرديف: 6 سنوات وشهر سجنا. – هارون حليمي: عضو اللجنة المحلية بالرديف: 6 سنوات وشهر سجنا. – حفناوي بن عثمان: عضو اللجنة المحلية بالرديف: 4 سنوات سجنا. إن اللجنة الجهوية للدفاع عن أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل بقفصة، إذ تحيّي مناضليها المعتقلين والملاحقين، فإن ستواصل النضال صحبة مناضلي الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية من أجل إطلاق سراحهم كما حال كل سجناء الحركة، مؤكدة أن كل ذلك لا يمكن أن يثنيها عن مواصلة فعلها دفاعا عن الأهداف التي سطرتها والقناعات التي تشكلت وفقها. عفاف بالناصر منسق اللجنة الجهوية للدفاع عن أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل بقفصة (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 02 جانفي2009)
أبرز معالم مشهد العام 2008 تونس: احتجاجات اجتماعية متصاعدة وأزمة سياسية بين السلطة والمعارضة
تونس – خدمة قدس برس شهدت بداية العام المنقضي انطلاقة أطول انتفاضة شعبية في تاريخ تونس منذ استقلالها، فقد انطلقت وقفات احتجاجية شعبية واعتصامات في مدن الحوض المنجمي بمحافظة قفصة جنوب غرب البلاد يوم 5 كانون ثاني (يناير) 2008 رفضا لنتائج دورة انتداب موظفين بشركة فسفاط قفصة لما شابها من محاباة وتزوير على حساب أبناء الجهة العاطلين وهو الأمر الذي اعترفت به الحكومة التونسية فيما بعد. وتحوّلت تلك الاعتصامات إلى انتفاضة اجتماعية طرحت معظم القضايا الاجتماعية التي تشكو منها المنطقة، والتحق بها النقابيون وساندتها المنظمات المستقلة والأحزاب السياسية. وتراجعت تلك التحركات مع استخدام قوات الأمن للرصاص الحي لقمع المتظاهرين يوم 6 حزيران (يونيو) ممّا أوقع قتيلين وعدد من الجرحى. وامتدت الاحتجاجات الاجتماعية إلى جيوب الفقر في محافظة القصرين على الحدود الجزائرية (وسط غرب تونس) لكنّها لم تتوسّع. وعرف العام الماضي محاكمة ما يعرف بـ »مجموعة سليمان » وصدور حكم نهائي بالإعدام وأحكام بالسجن المؤبد والسجن 30 عاما يوم 21 شباط (فبراير) في مجموعة ضمّت ثلاثين شابا ينتمون للتيار السلفي اتهموا بالتورط في الاشتباكات التي عرفتها مدن الصاحية الجنوبية للعاصمة أواخر العام 2006 وبداية العام 2007 بين القوات النظامية وعناصر من المجموعة المذكورة وسقط فيها خمسة عشر قتيلا منهم اثنان من الجيش والشرطة. وكانت تلك المحاكمة هي الأبرز ضمن المحاكمات السياسية التي عرفتها السنة المنقضية، حيث مثل خلالها مئات من الشباب السلفي أمام القضاء وصدرت في شأنهم أحكام متفاوتة بالسجن، إضافة إلى محاكمة بضع مئات من النقابيين والنشطاء والعاطلين عن العمل على خلفية مظاهرات مدن الحوض المنجمي. أما الحدث السياسي الأبرز فدار حول الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في خريف 2009، كان الفاعل البارز في تنشيط هذه المعركة القانونية والدستورية هو المحامي أحمد نجيب الشابي الأمين العام السابق للحزب الديمقراطي التقدمي، ورغم أنّ القانون المعمول به كان يحرمه من الترشح ولم يكن يتوقع من جانبه تحويرا يستفيد منه، خاض بداية من شهر شباط (فبراير) مدعوما من حزبه وشخصيات بارزة من المجتمع المدني حملة مبدئية من أجل فرض حق الترشح ورفع الاستثناءات. لكن النظام التونسي مضى في تحوير قانوني دستوري أعلنه الرئيس زين العابدين بن علي وصادق عليه البرلمان وأبقى الأمور على ماهي عليه. وكاد عام 2008 أن يطوي ملف مساجين حركة النهضة المعتقلين منذ العام 1991 بعد الإفراج عمّن تبقى منهم في 5 تشرين ثاني (نوفمبر)، لكنّ إعادة اعتقال رئيس الحركة الأسبق الدكتور الصادق شورو بتهمة « الاحتفاظ بجمعية غير مرخص فيها » أسبوعين بعد الإفراج عنه أعادت التوتر على حاله بين النظام والحركة. وشهدت الساحة الحقوقية نهاية العام محاكمة قنصل تونسي سابق بفرنسا اتهمته مواطنته بالمسؤولية على تعذيبها تحت إشرافه في محافظة شرطة كان يرأسها أواسط التسعينات من القرن الماضي. وقضت محكمة سترازبورغ في 15 كانون أوّل (ديسمبر) بإدانة خالد بن سعيد والحكم عليه غيابيا بثماني سنوات سجنا، في محاكمة أعادت التساؤلات حول الكيفية التي واجه بها النظام التونسي خصومه وعلى رأسهم حركة النهضة لإحكام قبضته على الحكم في السنوات الأولى عقب وصوله إلى سدة الحكم بعد إزاحة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 02 جانفي 2009 )
اتهمتهم سلطات بلدهم بمحاولة تهريب رؤوس أبقار إلى الجزائر أكثـر من 50 تونسيا يحاولون اختراق الحدود بتبسة
علمت »الخبر » من مصدر مطلع أن أكثـر من 50 مواطنا تونسيا اخترقوا، أمس، الحدود التونسية متجهين نحو مشتة سيدي ظاهر التابعة إقليميا لبلدية الحويجبات بتبسة. وقد قامت على إثرها عناصر حرس الحدود التونسية بملاحقة هؤلاء المواطنين ومنعتهم من العودة، إلى غاية إتمام إجراءات التحقيق القضائي والأمني، متهمة أفراد هذه المجموعة بمحاولة تهريب رؤوس أبقار لبعض المواطنين الجزائريين الذين يستقبلونها على الشريط الحدودي، ليعاد بيعها في الأسواق الداخلية. وفي سياق مستقل، تحرك أعوان حرس الحدود بإقليم التراب الجزائري بغرض إحكام الرقابة على مواقع ريفية يحتمل التسلل منها من طرف هذه المجموعة، التي ظلت إلى ساعة متأخرة من مساء أمس تحاول اختراق الحدود الجزائرية، هروبا من إجراءات الإحالة على التحقيق القضائي والأمني بالجمهورية التونسية بتهمة التهريب.
( المصدر: جريدة الخبر (يومية – الجزائر) بتاريخ 31 ديسمبر 2008 )
الآلاف يخرجون في هبّة شعبية عارمة لمناصرة أهالي غزة تونس: الأمن يمنع المتظاهرين من الوصول إلى السفارة المصرية
تونس – محمد الحمروني خرج يوم أمس الخميس سكان العاصمة التونسية في تظاهرات عارمة -فاق عدد المشاركين فيها وفق تقديرات بعض المراقبين الــ5 آلاف شخص- للتنديد بالغطرسة الإسرائيلية وبالصمت العربي المخزى على حد تعبيرهم. ورغم الحصار الأمني، ورغم أن يوم أمس وافق عطلة رسمية، خرج السكان على بكرة أبيهم في هبة شعبية لم تشهد لها العاصمة مثيلا منذ حرب العراق الأولى في بداية التسعينات.. شيبيا وشبابا ونساء وأطفالا خرجوا إلى الشوارع ليعربوا عن استنكارهم الشديد للمجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني في غزة. وحرق المتظاهرون عشرات الأعلام الإسرائيلية والأمريكية ورفعوا اللافتات المنددة بالغزو وضربوا بأحذيتهم على مجسمات للرئيس الأمريكي جورج بوش مرددين «جورج بوش ياجبان..الشعب العربي لا يهان». وطالب المتظاهرون بغلق مكتب الاتصال الإسرائيلي بتونس وطرد القائمين عليه. ونددوا بـ»الصمت التونسي على المجازر الإسرائيلية معتبرين ذلك الصمت تواطؤا مع العدو». ودعوا الحكومة التونسية إلى فتح باب التطوع «للجهاد» في فلسطين ووقف جميع أشكال التطبيع. وحمل المتظاهرون بشدة على النظام الرسمي العربي الذي وصف بالتواطئ مع العدوان وبالعمالة لأمريكا رمز الإرهاب وفق ما جاء في تلك الشعارات. وكان للحكومة المصرية والرئيس حسني مبارك النصيب الأكبر من انتقادات الجموع الغاضبة. وطالب المتظاهرون مصر بفتح معبر رفح والسماح بتقديم العون للفلسطينيين. كما دعوها للوقوف إلى جانب قوى الممانعة والمقاومة بدل الاستسلام «لنزوات» العم سام، ورددوا «مُبارك والأمريكان ..شركاء في العدوان». وندد المتظاهرون «بحكومة المنطقة الخضراء» في رام الله ، على حد تعبيرهم، واعتبروها شريكا في المحرقة، ورددوا شعارات تؤكد رفضهم للتنسيق الأمني الذي تقوم به حكومة عباس مع الصهاينة معتبرين أن ذلك التنسيق ليس أكثر من غطاء لتقديم المعلومات إلى العدو و»الوشاية» بالمقاومة ورجالاتها في غزة ورددوا «أبو مازن والدحلان…شركاء في العدوان». وعبر المتظاهرون عن تعاطف كبير مع حماس ودعوها إلى الصمود ورددوا «ياهنية يا حبيب ..إضرب إضرب تل أبيب». وطالب المتظاهرون كتاب القسّام بالرد على البربرية الإسرائيلية على حد تعبيرهم ورفعوا شعار «الانتقام الانتقام ..يا كتائب القسّام». وحظي شهداء حماس وخاصة منهم الشيخ احمد ياسين بجانب مهم من شعارات المتظاهرين الذين رددوا «من تونس حتى آفْلسطين …كلنا احمد ياسين». ورفع المتظاهرون صورا للشيخ ياسين وبقية شهداء حماس ومن بينهم عبد العزيز الرنتيسي. ومنذ فجر أمس طوقت أعداد غفيرة جدا من قوات الأمن -بالزي المدني والرسمي ومن مختلف الأسلاك- العاصمة التونسية وضربت طوقا امنيا حديدا على الشوارع الرئيسية للعاصمة وعلى مقار الأحزاب السياسية المعارضة وعلى مقر الاتحاد العام التونسي للشغل المنظمة النقابية الوحيدة في البلاد. واصطفت أعداد غفيرة من قوات الأمن على جانبي الشوارع الرئيسية حيث جرت التظاهرات وخاصة منها شارع محمد الخامس. وتمركز المئات منهم أمام السفارة المصرية مانعين بذلك المتظاهرين من الوصول إليها. وتدخلت قوات الأمن بشكل عنيف جدا ضد المتظاهرين الذين حاولوا بلوغ السفارة المصرية بتونس. وانهالت وحدات من قوات مكافحة الشغب المعروف في تونس اختصارا باسم «البوب» على المتظاهرين الذين حالوا تغيير اتجاه المسيرة باتجاه السفارة وأوقفت البعض منهم وتضاربت الأنباء حول ما إذا تم إطلاق سراحهم أم لا. وعلى اثر ذلك تفرقت حشود المتظاهرين في الأنهج الفرعية للعاصمة وحاولت التجمهر من جديد في شكل مجموعات صغيرة لتواصل المسيرة. ونجح عدد منهم في التجمع من جديد في شارع فلسطين حيث يوجد اكبر كنيس يهودي ورفعوا شعارات منددة بما تعرضوا له من ضرب وتعنيف. وسارعت قوات الأمن التي كانت ترابط قرب الكنيس بالتدخل بالقوة وفرقت المتظاهرين واعتقلت البعض منهم. يذكر أن التجمع الدستوري الحاكم في تونس دعا إلى مظاهرة «رسمية» لمناصرة أهالي غزة في نفس اليوم ونفس التوقيت الذي جرت فيه التظاهرة الشعبية إلا أن سكان العاصمة قاطعوها وفضلوا المشاركة في تظاهرات خاصة بهم أو الانضمام إلى التظاهرات التي دعت لها بعض المنظمات الوطنية المستقلة كالاتحاد العام التونسي للشغل. (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 02 جانفي2009 )
بيان المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل إثر القمع الذي تعرّض له المتظاهرون والنقابيون بيـان
ببادرة من الإتحاد العام التونسي للشغل انتظمت مسيرة وطنية يوم الخميس غرّة جانفي 2008 برهن فيها النقابيون
والشغالون الذين انطلقوا من أمام بورصة الشغل على قدرتهم على التنظيم والتأطير وعلى انضباطهم لنداءات الإتحاد العام التونسي للشغل الذي كان مرّة أخرى في لقاء مع المحطات التاريخية، أكّد من خلالها وفاءه للمبادئ التي إنبنت عليها الحركة النقابية والتي أسّس لها حشاد ورفاقه والقائمة على أنّ منظمة الشغالين سند دائم لنضالات شعبنا العربي ضدّ الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية، والمكتب التنفيذي للإتحاد العام التونسي للشغل المجتمع بدار الإتحاد برئاسة الأخ عبد السلام جراد الأمين العام، على إثر المشاركة في قيادة مسيرة التنديد بالاعتداء: 1)- يتوجّه بالتحية إلى كافة مكوّنات المجتمع التي أسهمت في إنجاح مسيرة الاحتجاج على العدوان الوحشي على غزّة وعلى الحصار الجائر المضروب على شعبها. 2)- يتوجّه بالشكر إلى كلّ الذين كرّسوا عمليا نهج الاحترام المتبادل بين مكوّنات المجتمع والذي ميّز المسار العام للمسيرة. 3)- يستنكر بشدّة اعتداءات البعض من أعوان الأمن، غير المبرّرة، على المشاركين في المسيرة الوطنية. 4)- يعبّر عن مؤازرته اللاّمشروطة لكافة النقابيين والشغالين في الجهات الذين تمسّكوا بحقّهم في التظاهر تنديدا بالعدوان على غزّة، وإذ يستنكر اعتداءات قوات الأمن عليهم، يدعو السّلط المركزية والجهوية إلى تمكينهم من مسيرات يترجمون من خلالها رفضهم للاعتداءات والحصار والمظالم، مؤكّدا مسؤوليته على التأطير والتنظيم والإحاطة. – عاشت نضالات الشغالين في تونس سندا دائما لقضيانا العربية العادلة. – عاش الإتحاد العام التونسي للشغل حرّا مستقلا ديمقراطيا مناضلا. تونس في، 01 جانفي 2009 عن المكتب التنفيذي الأمين العام عبد السلام جراد (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 02 جانفي2009)
قوات الأمن التونسية تمنع خروج مسيرة تضامنية مع سكان غزة
تونس أول كانون ثان/يناير (د ب أ)- أصيب شخصان عندما منعت قوات الأمن التونسية اليوم الخميس خروج مسيرة تضامنية مع سكان غزة دعت إليها الإدارة الجهوية للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابة عمال في تونس) بمحافظة قفصة /350 كلم جنوب العاصمة تونس/. وقال النقابي علي عمار في اتصال هاتفي من قفصة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): »الإدارة.. قررت الخروج في مسيرة تضامنية مع سكان غزة رغم عدم حصولها على الترخيص من السلطات فتصدى المئات من قوات الأمن بالزيين الرسمي والمدني لحوالي 400 نقابي ومواطن كانوا سيشاركون في المسيرة وأجهضوها في المهد ». وأضاف أن الإدارة الجهوية للاتحاد العام التونسي للشغل: » قررت خوض إضراب عام بكامل محافظة قفصة يوم الثلاثاء القادم احتجاجا على استعمال الشرطة العنف ضد نقابيي الاتحاد ». ويحجر القانون التونسي الخروج في مظاهرات أو مسيرات حتى وإن كانت سلمية ما لم تحصل على موافقة من السلطات التونسية. كما خرج آلاف التونسيين اليوم في مظاهرة تضامنية مع غزة-رخصت لها السلطات- بشارع محمد الخامس أكبر شوارع العاصمة تونس. وتقدم المظاهرة رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي وعبد الله قلال رئيس مجلس المستشارين (الشيوخ) وعباس محسن رئيس بلدية تونس العاصمة. كما شارك فيها الاتحاد العام التونسي للشغل ونقابة الصحافيين التونسيين واتحاد الكتاب التونسيين وأحزاب سياسية تونسية. وتم خلال المظاهرة التي طوقتها أعداد كبيرة من قوات الأمن رفع أعلام فلسطين والعراق وتونس وصور الرئيس العراقي السابق صدام حسين وحرق أعلام إسرائيل وصور الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جورج بوش فيما لوح عشرات الصحفيين بأحذيتهم التي أمسكوها بأيديهم في إشارة إلى تأييدهم للصحفي العراقي المعتقل منتظر الزيدي الذي قذف بوش بحذائه خلال زيارته الأخيرة إلى العراق. وطالب المشاركون في المظاهرة بالوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على غزة ورددوا هتافات من قبيل: »غزة غزة رمز العزة و » « بالروح بالدم نفديك يا فلسطين ».
( المصدر: وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) بتاريخ 02 جانفي 2009 )
مسيرة صوريّة تحت الحصار واعتداء على
المشاركين « غير المنضبطين » لإرادة الحزب الحاكم
انتظمت صباح يوم 1 جانفي 2009 المسيرة « الوطنية » التي دعا إليها الحزب الحاكم وشارك فيها الاتحاد العام التونسي للشغل وأحزاب الديكور وبعض أحزاب المعارضة القانونية (حركة التجديد، التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات) وبعض الجمعيات والمنظمات المستقلة (الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان). وكالمعتاد جرت هذه المسيرة في شارع محمد الخامس بالعاصمة أي في مكان معزول وفي ساعة مبكرة (العاشرة صباحا) وفي يوم عطلة (رأس السنة الميلادية). وكان الشارع مطوّقا بالكامل من قبل أعداد غفيرة من أعوان البوليس السياسي وأعوان فرق « مكافحة الشغب ». كما سدّ البوليس كافة الأنهج والشوارع الموصلة إلى شارع محمد الخامس لمنع الناس من الالتحاق بالمسيرة، وقد تم الاعتداء بالعصى والهراوات على العديد منهم. أما المسيرة ذاتها فإنها لم تجمع جمهورا كبيرا. وحال وصول عناصر الحزب الحاكم ومن لف لفهم إلى نهاية الشارع سارع البوليس بتفريق المشاركين في المسيرة وأمام إصرار عدد من المشاركين جلهم من النقابيين، مواصلة المسيرة إلى نهاية الشارع، انهال عليهم البوليس ضربا وألحق أضرارا بدنية جسيمة باثنين منهم. وقد اضطر المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل إلى الاحتجاج على ما جرى، فرغم أنه قبل المشاركة تحت مظلة الحزب الحاكم فإن منخرطيه تعرضوا للعصا. وهو ما يبين الطابع الصلف للسلطة فهي تريد تبليغ رسالة للاتحاد العام ولغيره من أحزاب المعارضة والجمعيات التي سارت تحت مظلتها، مفادها « شاركوا تحت مظلتي وانضبطوا انضباطا تاما لتعليماتي ولا تفعلوا إلا ما آمركم بفعله ». إنه درس بليغ لمن لا يريد أن يتعظ بدروس الماضي. لقد شاركت بعض الأحزاب والجمعيات المستقلة والاتحاد العام التونسي للشغل في مسيرة السلطة بدعوة أن « قضية غزة فوق كل اعتبار » فإذا بنظام بن علي يبين لها أن ما هو « فوق كل اعتبار » ليس غزة وإنما الخضوع لإرادته ولا شيء غير الخضوع لإرادته. متى تفهم المعارضة والجمعيات والهيئات النقابية والحقوقية أن نظام بن علي لا يقبل بغير الخضوع له، وأن توهمها أنه سيغير سلوكه معها، توهّم زائف. وهو لم ينظم مسيرة اليوم حبا في غزة بل للتضليل. كما أنه لم يستدع الأحزاب والجمعيات واتحاد الشغل للمشاركة إيمانا منه بالتعددية بل « للتزيين بها » ولتبرير منع المسيرات الشعبية وقمعها، وبعبارة أخرى قد أراد أن يقول لها: « نظمت لكم مسيرة وكفى ». النشرة المسائية لتونس 7 تتجاهل مشاركة التجديد والتكتل والرابطة وفي النشرة المسائية للأخبار تجاهلت السلطة مشاركة « حركة التجديد » و »التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات » و »الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان » صورة وكلاما ولم تقبل بها حتى « للزينة » واكتفت بذكر أحزاب الديكور ومنظماته، وهو ما كنّا نبّهنا إليه. ونحن نستغل من جديد هذه المناسبة لندعو كافة القوى السياسية والمدنية المستقلة أحزابا وجمعيات ونقابات وشخصيات من أجل تكتيل جهودها للعمل بصورة مشتركة من أجل ممارسة الحق في حرية التعبير والاجتماع والتظاهر بشكل مستقل.
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 02 جانفي2009)
النقابيون في سوسة يتضامنون مع غزة ويواجهون قوات القمع
منذ اليوم الثاني من العدوان الغاشم على غزة الشهيدة وتحديدا يوم الأحد 28 ديسمبر 2008 فتح الإتحاد الجهوي للشغل أبوابه أمام النقابيين الذين توافدوا بأعداد هامة لمواكبة الحدث وللتعبير عن مساندتهم النضالية للمقاومة الفلسطينية وتنديدهم بالجريمة البشعة التي ترتكبها الآلة الصهيونية البغيضة، فبادروا بتكوين لجنة متابعة نقابية أخذت على عاتقها مهمات كسر الحصار الإعلامي وجمع الأدوية والتبرع بالدم والتأثيث لتجمع نقابي برمج ليوم الخميس 1 جانفي 2009على أن يشفع بمسيرة تضامنية تكون في مستوى الحدث تعيد للإتحاد مكانته وللنقابيين كلمتهم. وما راع النقابيين يوم الخميس إلا أن وجدوا جحافل من قوات القمع تحاصر الإتحاد من كل المنافذ وتزرع الرعب والإرهاب في ساحته. لكن إصرار النقابيين وتصميمهم على إبلاغ صوتهم كان أقوى، ورغم أن الدعاية كانت منقوصة إذ حرمت عديد النقابات العمالية (مثل « ماتس » و »ليوني » و »ستيب » و »قودون » ومعامل النسيج والسياحة والنقل…) من الحضور، ورغم محاولات البعض الدفع في اتجاه الإنصياع لموقف المكتب التنفيذي الوطني المنحاز لإرادة السلطة والمفرّط في استقلالية المنظمة وحصر التحرك في تجمع محدود و لطيف فقط دون الخروج للشارع، رغم كل ذلك توصّل النقابيون بتصميم وإرادة إلى فرض حقهم في التظاهر وعدم التسليم بالأمر الواقع فتواجهوا مع قوات البوليس المدججة رافعين شعارات التنديد والإدانة للصمت الدولي الرهيب وتواطؤ الأنظمة العربية العميلة وناعتة إيّاها بكل نعوت الخزي والعار في شعارات مدوية مثل « عملاء الإمبريالية هزوا أيديكم عالقضية » و »الملوك والرؤساء في العدوان شركاء » و »ياعروبة عار عار، في غزة شعلت نار » و »يا مبارك يا جبان الشعب العربي لا يهان » و »دم الثوار واحد دم الأحرار واحد » و »ياحشاد إيجا شوف الخيانة بالمكشوف » و »حق التظاهر واجب » و »حق التعبير واجب » و »فك الحصار واجب »، وغيرها من الشعارات الوطنية القوية المنطلقة من حناجر الغضب من شيب وشباب ونساء وأطفال، زادتهم حماسة كلمة الكاتب العام للإتحاد الجهوي التي لاقت استحسانا لدى الحاضرين لما فيها من جرأة ضرورية في مثل هذه الأوقات، فتقدمت الجموع النقابية (حوالي 300) واحتكت بقوات القمع وتدافعت معهم شبرا شبرا وقدما قدما مسجلة اختراقا في صفوفهم التي تبعثرت واضطربت أمام إصرار النقابيين والشباب الطلابي الواعد والشجاع، ممّا خلّف لدى بعضهم عديد الكدمات والركلات بالأرجل والرضوض واستوجب نقل أحد النقابيين إلى المستشفى أين تلقى العلاج (كسر على مستوى اليد وضربة قوية على مستوى الرأس أدّت لسقوط). وتواصل هذا الإلتحام والتصادم البدني القوي الذي صاحبته الشعارات الصارخة وحرق العلم الإسرائيلي لحوالي ساعة ونصف الساعة دعا في نهايتها المكتب التنفيذي الحاضرين إلى إنهاء التجمع في كنف المسؤولية والإنضباط، فتفرقت الجموع بروح معنوية عالية إذ لم تمنع المسيرة من تلقاء نفسها بل منعت بعد محاولات جدية وشجاعة رفعت همّة الإتحاد والنقابيين وأوصلت رسالتهم وساهمت في كسر الحصار ومراكمة النضال والصراع ضدّ الإمبريالية وعملائها الديكتاتوريين في تونس، كما بلغت هذه المسيرة الشجاعة والمقموعة رسالة قوية لدعاة التطبيع والمهادنة مع سلطة الإستبداد والديكتاتورية في تونس بدعوى أن الصراع يجب حصره فقط مع الصهيونية والإمبريالية العالمية. فهل ينزع هؤلاء الأوهام عنهم بعد اليوم؟ إذ لا يستقيم الظل والجسم أعوج !!
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 02 جانفي2009)
pdpأنفو الأمن التونسي يقمع مسيرة سلمية مرخص لها
تمكن الإتحاد الجهوي للشغل بقابس و مكونات المجتمع المدني بالجهة من الحصول على ترخيص للخروج يوم الجمعة في مسيرة شعبية مساندة للشعب الفلسطيني . و عقد والي الجهة إجتماع للغرض جمع فيه منظمو المسيرة ووقع الإتفاق على أن يكون مقر إتحاد الشغل مكان إنطلاق التحرك كما وقع الإتفاق على مسارها . و إنطلقت المسيرة بمشاركة المئات من المواطنين من المكان و في الزمان المتفق عليه مع السلطة . لكن قوات الأمن تصدت لها و منعت المتظاهرين من السير لتمكين عناصر الحزب الحاكم في الجهة من الإلتحاق و المسك بقيادة المسيرة ، و هو ما رفضه المتظاهرين ووقع تدافع مع أعوان الأمن تمكنت بعده المسيرة من مواصلة السير و منع أعضاء « التجمع » من إحتلال الصف الأمامي و التوظيف الحزبي. و من منطلق إيماننا بأن الشيء من مأتاه لا يستغرب جلب الحزب الحاكم مليشياته و تمكن بالتنسيق مع السلط الأمنية من تركيزهم في مقدمة المسيرة مما جعل النقابيين و المواطنين يقومون بعزل مجموعة الحزب الحاكم و حاولوا تغيير المسار لكنهم للأسف فشلوا في ذلك بعد أن تصدى لهم أعوان الشرطة بشراسة و إعتدوا عليهم بهمجية ، كما قام عون الأمن السياسي « رضا بن على » الإعتداء على مراسل موقع الحزب « معز الجماعي » بعصا على رأسه و تعمد إستهدافه و تعنيفه أكثر من مرة بعد نجاحه في حرق علم الكيان الصهيوني . و تعرض كذلك منسق المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية « محمد العيادي » إلى التعنيف من رئيس مصلحة الإرشاد . و لم تقف تجاوزات الأمن و الحزب الحاكم عند هذا الحد حيث حاول المئات من أعوان الأمن إجبار المتظاهرين على التوجه إلى مقر لجنة تنسيق الحزب الحاكم لكن المشاركون في التحرك أظهروا صلابة و تمكنوا من فرض رأيهم و المرور في المسار المبرمج للمسيرة و هو ما جعل الحزب الحاكم و مليشياته ينسحبوا في صمت و الشعور بالفشل في توظيف المسيرة لصالحهم . و نتج عن إنسحاب الحزب الحاكم إعلان قائد الشرطة عن إنتهاء المسيرة و أمر أعوانه بتفريق المتظاعرين الذين رفضوا مغادرة المكان و مواصلة السير مرددين النشيد الوطني لإشهار السلطة بحقهم الدستوري في التظاهر ، لكن قوات الأمن تدخلت بشراسة و قامت بتفريقهم و الإعتداء عليهم بوحشية بالهراوات و خلفت هذه التصرفات المتخلفة لأعوان الأمن عدد من الإصابات البليغة في صفوف المتظاهرين كما وقع إيقاف عدد آخر . معز الجماعي مراسل موقع الحزب الديمقراطي التقدمي
تونس: التحضير للرئاسيات يقترن بتحركات احتجاجية تُقابل بتشدد سياسي
بماذا تميّـزت سنة 2008 في تونس، وهل جاءت مختلفة عن سابقاتها؟ من المؤكّـد أن الخطوط العريضة للأوضاع قد حافظت على استمراريتها. فلا النظام غيَّـر من سياسته ولا المعارضة نجحت في فرض مُـعطيات جديدة على أرض الواقع ولا النّـخبة استعادت حيويَّـتها، التي كانت تتمتع بها في مرحلة الثمانينات، على وجه الخصوص. كما بقي النشاط الحكومي مرتكِـزا بالأساس على متابعة الملف الاقتصادي بكثير من الحذر والنجاعة إلى حدٍّ ما، مع الحِـرص على فصل الاقتصادي عن السياسي، لكن مع الإقرار بهذا النّـمط من الاستقرار الذي يُـميِّـز الحالة التونسية، والتي يرى فيها البعض « جمودا » و »رتابة »، إلا أن السنة المنقضية، قد شهدت أحداثا تستوجب التوقّـف عندها.
النظام يُواجه بشراسة
إذا كانت سنة 2007 قد بدأت باشتباك مسلّـح مع مجموعة سلفِـية جهادية، كشف أمرها قبل أن يصلب عودها، فإن سنة 2008 انطلقت باندلاع حركة احتجاجية اجتماعية غير مسبوقة في عفويتها وقُـدرتها على الاستمرار لمدّة أشهر طويلة، حدث ذلك في منطقة الحوض المنجمي بولاية قفصة، لقد تمرّدت قُـرى بكاملها مطالِـبة بالحق في الشغل ووضع حدٍّ لحالة الحِـرمان الجماعي. لم يكن وراء هذه الحركة أيّ طرف سياسي، بل إن الأحزاب والأوساط السياسية، بما فيها الأكثر راديكالية، فوجئت باندلاع الأحداث وبقيت متردّدة أو عاجزة عن توظيفها أو دعمها والانخراط فيها، وكذلك الحال بالنِّـسبة للسلطة التي عجزت بحزبها الحاكم وبأجهزتها الإدارية والأمنية عن وضع حدٍّ للظاهرة، وقد تتطلب التوصّل إلى تهدئة الحالة ومحاصرتها قرابة الستة أشهر. وعندما فشلت القوة في إضعاف هذه الحركة الاجتماعية، تمّ اعتماد الأسلوب السياسي من خلال اتِّـخاذ قرارات اقتصادية عاجلة، لكن مع تنفيذ خطة تهدف إلى عزل القيادات المحلية، التي أفرزتها الأحداث ورشّـحتها لإدارة التفاوض باسم الحركة الاجتماعية، مع الجهات الأمنية والسياسية. وقد تُـوِّجت هذه الخطّـة بتنظيم محاكمة، انتقدها بشدّة المحامون والمنظمات الحكومية وممثلو المجتمع المدني، كما صدرت أحكام ثقيلة على المتّـهمين الرئيسيين، بلغت عشر سنوات للعديد من النقابيين، وهو ما كشف عن رغبةٍ قوية في تأديب هؤلاء الذين اتُّـهموا بالتحريض على العِـصيان المدني، وهو خط أحمر غير مسموح بتجاوزه. وكما واجه النظام بشراسة محاولة التمرّد المسلح المعزولة، فعل نفس الشيء مع رموز التمرّد الاجتماعي في منطقة الرديف، رغم الاختلافات الجذرية بين المثالين، لكن هذه الأحكام الشديدة والمفاجئة ولّـدت حالة من التّـعاطف الواسعة، خاصة في أوساط النقابيين، وهو ما جعل قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل تتبنّـى قضية المعتقلين وتدعو السلطة في بيان لها إلى معالجة الملف الاجتماعي عن طريق الحوار. كما نظمت عديد التجمعات العمالية في ولايات (محافظات) مختلفة من البلاد، تمّـت خلالها المطالبة بإطلاق سراح المساجين وتحميل السلطة كامل المسؤولية في الأحداث، التي اندلعت بمناطق الحوض المنجمي، بل إن ما جاء على لسان السيد محمد شعبان، الكاتب العام للاتحاد الجهوي لولاية صفاقس، يعتبر مؤشرا قويا على عودة الخِـطاب النقابي الاحتجاجي لدى جزء من الأوساط النقابية على الأقل. لقد اعتبر في الكلمة التي ألقاها أمام الجموع أن الأحكام القاسية، التي صدرت تمــثـــل « تحديا » للمنظمة الشغلية، وحذر الحكومة من الزجّ بالبلاد في أزمة شبيهة بأحداث 26 يناير 1978 الشهيرة، مؤكِّـدا على أن الاتحاد « لن ترهبه الخيارات الأمنية »، وملوِّحا بالخروج بالآلاف من المصانع إلى الشوارع، قائلا « نتحدّى من يتحدّانا »، وهي لهجة بالتأكيد اختفت من القاموس النقابي والساحة الإجتماعية عموما منذ ما لا يقل عن العشرين عاما.
عام انتخابي.. ونتائج محسومة
في سنة 2008، استكمل نظام الحُـكم استعداداته لتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية، التي ستشهدها البلاد في شهر أكتوبر من العام الجديد. وكان مؤتمر الحزب الحاكم (الذي يُعقد كل خمسة أعوام) الإطار الأنسب، ليعلن الرئيس بن علي فيه عن قراره بتجديد ترشحه. لم يكن القرار مفاجئا، لكنه أطلق مسار تنظيم تلك الانتخابات وحدّد الملامح الرئيسية لسنة 2009، كما جاء الإعلان ليطرح تساؤلا داخل الأوساط السياسية: هل سيكون هذا الترشح الأخير أم أنه محطّـة ضِـمن مسار مفتوح، سيستمر إلى ما بعد 2014؟ ولا شك في أن الفارق بين السيناريوهين كبير. فالأول، يفتح المجال لتوقّـع أن تكون الدّورة القادمة مجالا لإعادة ترتيب الأوضاع السياسية في البلاد من أجل تأمين انتقال سلِـس للسلطة، في حين أن السيناريو الثاني، الذي يفترضه البعض، يجعلهم يطرحون أسئلة كثيرة يدور مُـعظمها حول مُجمل مستقبل النظام السياسي في تونس. وبقطع النظر عن هذين الاحتمالين، فقد اتّـسعت رقعة الذين أعلنوا عن ترشحهم للرئاسيات المقبلة. فإلى جانب السيد نجيب الشابي، الذي تمسّـك بحقه في الترشح، طاعِـنا في مِـصداقية التعديل الدستوري، الذي تمّ إقراره نهائيا (والذي يحول دون قبول ترشحه)، أعلن عن ترشح كل من السادة محمد بوشيحة، رئيس حزب الوحدة الشعبية وأحمد الأينوبلي الأمين العام للاتحاد الوحدوي الديمقراطي، وكذلك الأمين العام لحركة التجديد أحمد إبراهيم، الذي يأمل في أن تلتفّ حوله أغلب الأطياف السياسية والفعاليات الديمقراطية، في محاولة لتِـكرار تجربة المبادرة الديمقراطية، التي تشكّـلت خلال انتخابات 2004، وهو احتمال غير مستبعد، رغم حالة الفتور والشك التي تسود تلك الأوساط. كما يستعدّ السيد مصطفى بن جعفر، رئيس حزب التكتل من أجل العمل والحريات، للإعلان عن ترشحه بعد استكمال المشاورات الداخلية وانعقاد المؤتمر الأول للحزب. ومن شأن هذا التعدّد والتنوع في الترشحات، من شأنه أن يضفي نوعا من الحركية على الرئاسيات القادمة، رغم أن الجميع يُـقِـرّ بأن الرئيس بن علي سيفوز بالضربة القاضية بنسبة قد تتجاوز 90%، إلا أن البعض جدّد النّـصح بالابتعاد عن تلك النِّـسب التقليدية والمثيرة.
مبادرة 18 أكتوبر.. إلى أين؟
في السنة المُـنقضية، كثُـر الحديث أيضا عمّـا وصفه البعض بـ « الموت السريري » لمبادرة 18 أكتوبر (التي تضم يساريين وإسلاميين وليبراليين وقوميين وعلمانيين) رغم أن أصحابها لا يزالون يتمسّـكون بها، وقد أصدروا بيانا في أواخر شهر ديسمبر أدانوا فيه مختلف الانتهاكات التي سجّـلوها للحريات العامة، مؤكِّـدين من وراء ذلك أن المبادرة لم تمُـت. هذه المبادرة التي أثارت جدلا واسعا وولدت في البداية آمالا عريضة حول إمكانية أن تتجاوز أحزاب المعارضة الاحتجاجية خلافاتها وتبايناتها الأيديولوجية والسياسية والشخصية، وأن تؤسّس لعمل مشترك قادر على الاستمرار، لكن التجربة سُـرعان ما انتكست وفقدت الكثير من وهجها وتأثيرها على الساحة السياسية. قد يعود ذلك إلى عدم الاتفاق بين الأطراف المؤسسة حول طبيعة المبادرة وأهدافها وحدودها، لكن المؤكد أن تبايُـن المواقف حول كيفية التعامل مع الانتخابات الرئاسية قد أسهم بقوّة في إرباك التجربة وتغذية الخلافات بين مكوِّناتها الحزبية، لكن مع ذلك، قد تستمر المبادرة في انتظار أن تتلقّـى دُفعة قوية تُـخرِجها من الدائرة الضيقة، التي تدور فيها منذ أشهر عديدة. المؤكّـد، أن المعارضة ازدادت ضُـعفا خلال سنة 2008، حيث انشغل بعضها بخلافات داخلية على قدر كبير من الهامشية وقلب الأولويات، وهو ما يعزِّز احتمال أن يكون أداؤها خلال الاستحقاق الانتخابي المُـقبل، باهتا وغير مقنع للرأي العام التونسي. ولا شك في أن ذلك سيعطي مبرّرا إضافيا لكل المراقبين والأطراف الخارجية، حتى يقتنعوا بأن اللاعب الوحيد في البلاد هو السّلطة القائمة وأن المعارضة التونسية لم تتحوّل بعدُ إلى طرف لا يمكن إسقاطه في أي حديث حول مستقبل الأوضاع السياسية في تونس. فهل تكون أحداث غزّة عاملا مساعدا لخلق حركية داخل أوساط المعارضة والمجتمع المدني، وتنهي حالة الرّكود والاجترار السائدة؟
الأزمة المالية.. وتشدد سياسي
في الأشهر الأخيرة، وجدت الحكومة نفسها مدعوة إلى تعديل حساباتها وتخفيض توقّـعاتها، بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية، وهي إذ تبنّـت خطابا مطمئنا بحُـكم أن السوق المالية المحلية غير مندمجة بنسبة عالية في الأسواق العالمية، إلا أن الخطر يبقى قائما في بلد يرتبط اقتصاده بشكل كبير بالاقتصاد الأوروبي. وبالرغم من أن حكومة السيد محمد الغنوشي قد نجحت في تجنيب البلاد هزّات اجتماعية كبرى، مثلما حصل في السبعينات والثمانينات، إلا أن ما تخشاه الجهات الرسمية هو أن يؤدّي انخفاض نِـسبة النمو وتراجُـع المبادلات التجارية مع الشركاء الأوروبيين، إلى خلق حالة ركود داخلي وارتفاع في نسبة البطالة وإصابة بعض القطاعات الاقتصاديات بأضرار فادحة، وإذا ما حدث ذلك، فإن الضريبة الاجتماعية والسياسية ستكون مكلفة، وهو ما جعل رئيس اتحاد الصناعة والتجارة السيد الهادي الجيلاني يدعو اتحاد الشغل إلى نوع من الهُـدنة الاجتماعية. ولعلّ التخوف من مثل هذه التقديرات والتوقّـعات، هو الذي يفسِّـر جانبا من التشدّد السياسي الذي أظهره النظام خلال الأسابيع الأخيرة من السنة المنقضية. في مجال الحريات، لم يطرأ تغيير ملموس على الأوضاع، باستثناء موافقة السلطة المبدئية على أن تؤدّي منظمة « هيومن رايتس ووتش » غير الحكومية زيارة إلى السجون التونسية، وهي الزيارة التي لم تتِـم حتى الآن، وكذلك التحسّـن الظرفي الذي سجّـل في علاقة السلطة بجمعية « نساء ديمقراطيات »، إلا أن ذلك لم يتّـسع نطاقه ليشمل معالجة ملف الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وبعض الجمعيات الأخرى، التي لا تزال تنتظر الاعتراف القانوني بها. إذ بالرغم من الاتصالات التي جرت بين قيادة الرابطة والسيد منصر الرويسي، رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان، وهو ما أشاع حالة تفاؤل حول إمكانية التوصل إلى حلّ لهذا الملف المُـزمن، إلا أن عدم وضوح الإرادة السياسية من جهة، وعدم حُـسن استثمار تلك الفرصة من قبل الرابطيين، حسب اعتقاد أعضاء بالهيئة المديرة لهذه المنظمة الحقوقية العريقة من جهة أخرى، أعاد الوضعية إلى مربّـع الصفر وأحيا من جديد أجواء الشّـكوك والتحفظات وتبادل الاتهامات، مما أدّى إلى توقّـف الاتصالات بين الطرفين وانخراط البعض في حملة إعلامية قوية وشرسة ضد الرابطة وقيادتها. كما شهدت السنة المُـنقضية تصاعدا حادّا في علاقة السلطة بالحزب الديمقراطي التقدّمي، وهو ما دفع بقيادة هذا الحزب إلى شنّ إضراب عن الطعام في مناسبتين، دفاعا عن مقرِّ الحزب وصحيفته الناطقة باسمه، إلى جانب فقدان المجتمع المدني عددا من رموزه، الذين رحلوا تباعا، مثل محمد الشرفي وجورج عدّة وآخرهم حسيب بن عمار.
السلطات ترفض الإستجابة للضغوط
الملف السياسي الوحيد الذي عرف تسوية جزئية قبل نهاية سنة 2008، هو ملف مساجين حركة النهضة (المحظورة) الذين أطلِـق سراح آخر دُفعة منهم، وبذلك تحقّـق أهم مطلب كان مطروحا باستمرار على أجندة هذه الحركة منذ سنوات طويلة، لكن بدل أن يخفِّـف ذلك من حالة التوتُّـر بين السلطة والحركة ويفتح المجال لتسوية بقية الملفّـات العالقة على الصعيد الإنساني على الأقل، عاد التصعيد من جديد بينهما قبل اعتقال الرئيس السابق للحركة السيد الصادق شورو، وخاصة بعد محاكمته، هذه المحاكمة التي أحدثت رجّـة في مختلف الأوساط السياسية. وبالرغم من أن شورو قد أدرك بأن السلطة أرادت أن توجِّـه من خلال إعادته إلى السجن بعد أقل من شهر من إطلاق سراحه رسالة إلى حركة النهضة، إلا أنه اعتبر في تصريحاته أمام هيئة المحكمة بأنها قد « أخطأت العنوان ». مع ذلك، فالرسالة كانت واضحة في دلالاتها، تقول في جزئها الأول، بأن القيادة السياسية للبلاد تؤكِّـد من جديد بأنها ترفض الاستجابة لكل أنواع الضغوط، وقد أصبحت أكثر إصرارا على ذلك، بعد أن نجحت في تحجيم جميع خصومها بلا استثناء. أما الجزء الثاني من الرسالة، فهو يقول بأن إطلاق سراح بقية المعتقلين، لا يعني أن السلطة أصبحت على استعداد لكي تناقش الجانب السياسي من ملف حركة النهضة. فهذا الجانب لم تتوفّـر شروطه حتى الآن من وجهة نظر السلطة، حيث تدلّ كل المؤشرات على أن ذلك لن يكون مطروحا على جدول أعمالها في وقت قريب. هكذا بدأت سنة 2008 بحركة اجتماعية احتجاجية محدودة النطاق وانتهت بسلسلة من الإجراءات المتشدّدة في مجال الحريات العامة: محاكمة نقابيي مدينة الرديف وسجن الصادق شورو ومنع عدد من التجمعات، التي دعت إليها أحزاب ومنظمات حقوقية، ومنع سفر بعض النشطاء والحيلولة دون مشاركة أعضاء القيادة الشرعية بمكتب جمعية القُـضاة التونسيين من الالتحاق بمؤتمر جمعيتهم، الذي عقد منتصف شهر ديسمبر بأحد فنادق العاصمة. هذه الأحداث التي توالت خلال الأيام الماضية، جاءت في اتِّـجاه معاكس للتوقُّـعات التي راجت حول احتمال حصول انفراج جُـزئي ومحدود بمناسبة الانتخابات القادمة، وإذا كانت السلطة قد اختارت التشدّد في هذه المرحلة بالذّات، خوفا من اتساع رقعة الاحتجاج، إلا أن المراقبين يتساءلون: كيف سيتِـم التوفيق بين تنظيم الانتخابات الرئاسية في أجواء طبيعية وبين التوسّـع في تأديب الخصوم وتحجيمهم؟ أم أنه مع اقتراب هذا الاستحقاق خلال السنة الجديدة، سيقع تخفيف القبضة واتِّـخاذ بعض الإجراءات، التي من شانها أن تمتصّ حالة الاحتقان السائدة؟
صلاح الدين الجورشي – تونس ( المصدر: موقع سويس انفو (سويسرا) بتاريخ 2 جانفي 2009)
عندما تغيب الشمس
صالح بن عبد الله غنيّ عن التذكير أنّ تونس بلد عريق في الحضارة، وبالعودة إلى تاريخها القريب خرج الشعب كاشفا صدره للرصاص رافعا شعارا وحيدا « برلمان تونسي ». كما عرفت أعرق نقابة عمالية كان لها باع طويل في طرد الاستعمار الفرنسي. وجاء إنشاء الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في أواخر السبعينيات ليؤكّد المكانة المميّزة لتونس. إلاّ أنّ تعاظم دور الحركة الإسلامية الناشئة في الحياة الاجتماعية والثقافية وبدرجة ما السياسية كان العلامة الفارقة في تاريخ تونس في الربع الأخير من القرن الماضي، ورغم المحاكمات المتتالية التي طالت مئات الكوادر من أبناء الحركة الإسلامية طيلة الثمانينات كانت هذه الأخيرة في مقدمة التحركات كلما تعلق الأمر بالقضايا الوطنية والقضايا القومية. واستمرّ الأمر كذلك خلال بداية التسعينات (حرب الخليج الأولى). ومع ضرب الحركة الإسلامية والزجّ بعشرات الآلاف من الإسلاميين وراء القضبان غابت هذه القوّة الصاعدة عن ساحة الفعل وغاب معها التحرك الفاعل دفاعا عن قضايا الأمة وفي مقدمتها القضيّة المركزية للأمّة : قضيّة فلسطين. رغم ما تعرضت له غزّة من حصار غاشم ما يقارب العامين ورغم الحرب الفاجرة التي تشنّ على غزّة منذ السبت الماضي لا يزال الشارع التونسي ساكنا إذا ما استثنينا بعض المحاولات البسيطة. إنّ المعركة التي تدور رحاها في غزة اليوم سيكون لها مابعدها، وترك الفلسطينيين يواجهون المحرقة دون المساهمة حتى برفع الصوت، هو سقوط أخلاقي رهيب لا يليق بتونس عقبة ابن نافع، تونس جامع الزيتونة، تونس فرحات حشاد. ولا يملك المرء أمام هذا العجز المعيب إلاّ أن يقول لإخواننا في غزة هاشم كما قال رسولنا الكريم صلوات ربّي وسلامه عليه: صبرا آل ياسر فإنّ موعدكم الجنّة. تونس في 5 محرّم 1430
مشـاهد من وراء خطوط النـار
الجزء الخامس*
د.خــالد الطراولي ktraouli@yahoo.fr المشهد الأول: رجل ملقى على الأرض، دماء تسيل، عينان تحدقان بعيدا، سبابة تشير إلى السماء، شفتان تتحركان ببطء… انخفض صوت التلفاز، توقفت الصورة ونزل ستار أسود على المكان، المشهد أصبح بدون ألوان، تهم ترفعها سبابة، نخال نسمع حديثا يشتم منه رائحة الاتهام.. أبن أنتم يا شعوب الأرض؟، أين أنتم يا حكام العرب؟، أين أنت يا حقوق الإنسان؟…تساؤلات تسترسل دون عياء دون صخب…نحن وحيدون في وطننا، نحن مظلومون في حيّنا وفي قريتنا، لن نتهم السماء وقد كانت لحافنا، ولن نتهم الأرض وقد كانت فراشنا، ولكن نرفع سبابتنا نحوكم أنتم.. يا من تعيشون على ظهرها وقد نسيتم يوما أن لكم إخوة في الدين أو في العروبة أو في الوطن أو في الإنسانية، يعيشون حصارا مميتا قاتلا، حتى أكلنا علف الحيوان، إني أتهم إني أتهم… عاد الصوت إلى التلفاز كانت السبابة لا تزال مرفوعة إلى السماء ولا زالت الشفتان ترتعشان…أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله… شهادة على العصر، شهادة لله… كنت في واد وكان الرجل في واد، كان يعلن اقترابه من الملكوت الأعلى وكنت لازلت أنظر إلى هذه الدنيا بصخبها وشططها، كان يعلن إفلاس مجتمع الأرض وفرحته بلقاء السماء، كان يعلن أن مهمته لعلها انتهت وبقيت مهمتنا معلقة بين الأرض والسماء…
المشهد الثاني: امرأة عجوز تصيح، تولول، بين عشرات من النساء..، يحملن لافتات ويتظاهرن من أجل غزة، في رقعة طيبة من هذا الوطن العربي العزيز…رفعت عقيرتها ودفعت أيديها إلى الأرض وإلى السماء… أين أنتم ياعرب؟ أين أنتم ياعرب؟ ولم تتوقف… كان سؤال الزلزلة، سؤال المسؤولية، سؤال حكومة الضمير، سؤالا يترك الحليم حيران…، كدت أجيب: أنا هنا، أنا… الشعب العربي الأصيل، أنا التاريخ في حضارته، أنا الأجداد في « معتصمه »… لكني تراجعت! أنا الفرد أنا الجماعة، أنا الجماهير المضروبة على يديها تعيش الكهوف والدهاليز، ولا يسمح لها برؤية الشمس، فكيف لها برؤية غزة وهي وراء السحب وتلفها العواصف والظلمات؟… أدركني حبل نجاة أو هكذا يخيّل إليّ، أين أنتم ياعرب، نداء موجه إلى النظام الرسمي العربي وهو يغط في نومه، في أحلامه، وإذا أفاق فعلى عجز ويأس وخوف، وعلى حسابات معقدة يغلب في الكثير منها مصالح الشخص والأسرة والحاشية على حساب مصلحة الأمة والأوطان…
المشهد الثالث: أهالي غزة يترقبون الموت ويقرأون الشهادة عندما ينتصف الليل… السماء تشتعل ليلا من قبل مغاوير على متن طائرات نفاثة يرتعون حيث لا رقيب…رعب في الأرض وتوترات وخوف يجتمع عليه نساء وأطفال، أمّ تقرأ الشهادة وتضم ابنها إلى صدرها، وهي تظن إن ماتت، فمع رضيعها، تلقنه الشهادة، حتى إذا مات كان مسلما حنيفا، ولعله يشفع في أمه وأبيه… ولعله يشفع في أمة امتد كيانها من الخليج إلى المحيط!… طفل يجذب الغطاء نحو وجهه كلما اقترب أزيز الطائرات من حواليه، ينظر إلى أمه تارة وإلى صورة معلقة على الجدار تارة أخرى، كُتب عليها القدس لنا، فلسطين لنا بأرضها وسماءها… وإن كانت السماء هذه الليلة ملكا لقوم غير قومه، ناصبوه العداء لأنهم أرادوا إقناع آبائه بأنهم شعب بدون أرض جاؤوا لأرض بدون شعب! فكان الصغير يتلمس أطرافه ليتبين أنه حي، يفترش هذه الأرض كما افترشها أجداده منذ آلاف السنين، غير أنه اختلف عنهم أن أرض الأجداد كانت صلبة وأرضه اليوم ترتجف!
المشهد الرابع : أسرة أمام النار، أمّ أحظرت ملابس أطفالها القديمة وأحرقتها حتى يتدفأ الصغار وتطبخ لهم ما تجد لسد الرمق..، تنفخ في الرماد وتبعد أبنائها قليلا حتى إذا تطاير الشرر لا يصيبهم، فهي بين بين، تدفعهم نحو النار في هذه الللية القارسة حتى لا يموتوا بردا، وبين إبعادهم حتى لا تصيبهم النار… لحظة رحمة في عالم من الوحوش! تذكرت عمر رضي الله عنه…نفس المشهد، أم مع أولادها حول النار، أكل يُطبخ…صغار يبكون خوفا وطمعا، أم تطمئن فلذات الأكباد ولا تجد من يطمئنها…تأخر عمر هذه الليلة، لم يمرّ كعادته من خيمة أهل غزة، عوّدنا بالكيس الذي يحمله على ظهره استرضاء لأبناء شعبه..، عوّدنا بالأمن الذي لمس الصغار والكبار، والفقير والغني في عهده…، سلّم عمر مفاتيح الزيارة إلى أحفاده، لكن الأحفاد غابوا ولا أثر لهم، غاب الحكام عن الزيارة وبقي الإناء على النار والأطفال يرون ثيابهم تحترق بعدما احترقت قلوبهم انتظارا لحفيد لم يأت.
ملاحظة: هذه المشاهد هي مواصلة للمشاهد الأربعة التي سبقتها منذ سنتين أيام الحرب على لبنان، وهو تعبير على أن المشهد لم يتغير في ملامحه الصغيرة والكبيرة وإن تغير أصحابه… معادلة الدمار وعقلية الغاب لم تنته محطاتها ولا مسارها ولا عناوينها… الدمار والعنجهية والرعب لم تتغير جهته، والصبر والمقاومة والثبات بقيا في الطرف المقابل وإن أصبح اليوم يسمى غزة وأهلها الفلسطينيون! 1 جانفي 2009 المصدر موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net
ولا بد للظلام من نور يبدده
بقلم : النفطي حولة- بتاريخ: 2جانفي 2009 – ناشط نقابي وحقوقي ليس من قبيل الصدفة انيحاصر ابناء شعبنا في غزة الابية . ليس من قبيل الصدفة ان تقدم العصابات الصهيونية على حرب نازية مجنونة على شعبنا الصامد بعد ما ظهر لها جليا حالة الضعف العجدز والانقسام التي عليها النظام الرسمي العهربي الى جانب تواطئه سواء في الحصار او مشاركته في العدوان . ولعل هذا يذكرنا بما جرى لشعبنا في العراق . فبعد ان احكم الاعداء الاحصار الجائر على العراق وعلى راسها امريكا وبريطانيا زعيمتي الارهاب الدولي في العالم وحليفهم الاستراتيجي الكيان الصهيوني بمباركة من الانظمة العربية الرجعية العميلبة والفاسدة وعلى راسها النظامين المصري والسعودي نفذوا حربهم العدوانية على العراق في 20 مارس 2003 واطاحوا بالنظام الوطني في العراق بقيادة الشهيد صدام حسين وقاموا باحتلاله في تحد صارخ لكل المواثيق والاعراف الدولية التي داسوا عليها . يحتل العراق في مؤامرة كبرى بتحالف قذر بين الامريكيين والصفويين الجدد وبتزكية من الحكام العملاء العرب وهو بلد مستقل وتستباح حرماته وتمارس فيه شتى انواع الجرائم من ابي غريب الى مجزرة الفلوجة الى حديثة الى الانبار وتستعمل فيه الحرب الاهلية والفتن الداخلية لتفتيته وضرب كل مقومات الصمود لشعبنا حتى لا يكون البوابة الشرقية للدفاع عن ارض فلسطين العربية . الا ان ذلك لم ينمل من عزيمة شعبنا الصامد ومقاومته الوطنية البايسلة التي سطرت باحرف من دم زكي اروع البطولات والتضحيات على طريق التحرر الوطني واصبح العدو يشكي من المستنقع العراقي و لا يزال . وسوف يخرج باذن الله مذموما مدحورا يجر اذيال الهزيمة النكراء على ايادي احفاد صلاح الدين وعمر المختار وابناء ناصر وصدام حسين .ذكرنا بالسيناريو الذي اعد للعراق في الليل وفي النهار من اجل اسقاط النظام الوطني في اتلعراق وتطبيق مشروع الشرق الاوسط الكبير الذي يتلخص في نقطتين جوهريتين : اولا : تامين مصالح الكيان الصهيوني وتعريب كامب دافيد بحيث يصبح التطبيع الاقتصادي والتجاري والسياسي والثقافي امرا عاديا وعاما وهو القاعدة والاستثناء هو مقاطعة التطبيع ومقاومته نهجا وسياسة وثقافة وفكر ثانيا : زيادة تقسيم الوطن العربي وتجزئته على قاعدة الحروب تالعرقية والمذهبية والطائفية والحاقه بالمنظومة الاستهلاكية للاقتصاد المعولم وضرب كل خصوصية ثقافية قومية ودينية تقدمية وعقلانية مستنيرة قادرة على خلق شروط الدفاع والصراع ضد الاستعمار والاستيطان بتلوناته وتشكيلاته المتعددة وهذان النقطتان لا يمكن تمريرهما دون ضرب قوى المقاومة والممانعة في الامة وتجفيف كل منابعها وحصونها وقلاعها الآمنة في المدرسة او الحقل او المعمل او المسجد واذا كان ذلك واضحا وهو لدينا واضح فالهدف الرلائيسي من مشروع الشرق الاوسط الكبير الذي فشل في العراق ومشروع الشرق الاوسط الجديد الذي فشل في لبنان في حرب تومز 2006 على يد المقاومة الوطنية اللبنانية البطلة بقيادة حزب الله هو ضرب خيار المقاومة في والشعب والوطن و الامة. في نفس السياق يندرج العدوان البربري الهمجي الجنوني على أهلنا في غزة وهو ضرب عنوان المقاومة والصمود والتصدي للمشاريع الاستسلامية والتسووية التي خانت وتخون مشروع التحرر من نير الاستيطان الصهيوني البغيض وتحويله الى مناولة سياسية ومعارضة على قياس الديمقراطية الامريكية ديمقراطية كرزاي افغانستان وجلبي العراق. ولسائل ان يتسائل لماذا لا تقبل امريكا وحلفاؤها وعملاؤها الديمقراطية التي اتت بحماس على رأس السلطة التشريعية والتنفيذية ؟ بل هاهم يطيحون بحكومة شرعية ديمقراطية بالمعنى الانتخابي الحر لانها فقط ما زالت متمسكة بخيار المقاومة فيشعلون حربا تدميرية على الانسان و الحيوان والشجر والحجر .اننا نقول لكل المتخندقين مع الاعداء من انظمة اقليمية رجعية عميلة ومنظمات واحزاب متواطئة ومستسلمين ومطبعين ان خيار المقاومة في هذه الامة هو الحل وهو الخيار الاوحد . فها هو نظام كامب دافيد المصري العميل يثبت مرة اخرى للشعب العربي ولائه للاتفاقيات والمعاهدات المبرمة مع العدو ويعطيها الاولوية المطلقة على مصالح الامة العربية من اجل مصلحته في السلطة والحكم . وهاهو شعبنا في مصر مرة اخرى يجد نفسه مكبلا بهذه المعاهدة بالرغم من نضالاته وتضحياته في سبيل وطنه وامته العربية . وها هو يرفع مجددا نفس المطلب طرد السفير الصهيوني والغاء معاهدة كامب دافيد باعتباره المطلب الرئيسي والمبدئي مرحليا واستراتيجيا كمدخل لشعب مصر العربية لمواصلة مقاومته للامبريالية والصهيونية والرجعية كما بدأها مع ناصر. ان فرز القوى التقدمية على قاعدة المقاومة اصبح اكثر من اي وقت مضى غاية في الوضوح فاما مقاومة واما مساومة . فحروب الاعداء اصبحت تشن ضد حركات واحزاب آمنت بخيار المقاومة اسلوبا للتحرر والتحرير كما شن العدو الصهيوني حربه ضد حزب الله والمقاومة الوطنية اللبنانية فهاهو يشعل الحرب من جديد ضد حركة حماس وفي العراق ايضا يشن المحتل الامريكي عدوانه وحربه ضد جبهات وحركات المقاومة . الا ان التاريخ علمنا ان النصر ضد الاعداء لا يكون الا بالشهادة والتضحيات الجسام . فمهما يكن من حجم ترسانات الاعداء وانواع اسلحتهم الفتاكة والمحركمة دوليا ومهما يكن صمت المجتمع الدولي ومنظماته المتواطئة مهما يكن صمت العملاء وضلوعهم في اتلجريمة والخيانة فان النصر حليف الشعب مهما طال السفر .ولا بد للظلام من نور يبدده …. ولا بد للظلماء من قبس يهدده
تدمّرُ غزّة لتحيا الخيانة على أنقاضها
نفس الصورة و نفس المشهد المأساوي ، من أيلول الأسود إلى صبرا و شتيلا ، مرورا بحمام الشط ، إلى جنين و وصولا إلى غزّة ، صورة المأساة التّامة و نفس المشهد يتجدد : دم عربي مسلم يسفك و أبرياء يقتلون و يشردون و مساجد تدمر و نساء تدفن أحياء و خراب مادّي و نفسي و حالة صهيونية تضرب في أعماق أعماق الفرد العربي و المسلم و « قادة أذلة على عدونا عتاة علينا » قادة لا يهمهم سوى نهمهم الغريزي , لا يلقون لأحزاننا بالا , لا علاقة لهم لا بالكرامة و لا بالدين و لا بالحق و لا بالشرف و لا بالعدل نحن المأساة , نحن المصيبة و نحن القضية , نحن شعوب العالم العربي و الإسلامي نمثل عمق المأساة الكل يعرف معرفة تامة و الكل يقر بيقين تام أن لا خير لأمتنا يأتي أو سيأتي من حكامنا , لا عدل يأتي من حكامنا , لا كرامة تأتي من حكامنا ; و لكننا دائما ننتظر خيرا قد يأتي من حكامنا مصير غزة و مصير الأقصى و مصير فلسطين في « قلوبنا و عقولنا » نحن شعوب العالم العربي و الإسلامي. نحن نعيش وسط عمق , لقد سلمنا حريتنا و إرادتنا لمن باعونا سلمنا كل قيمنا العليا من حق التعبير و التفكير و الاختيار إلى جلادينا و فراعنتنا و عشقنا الرفاهية الدينية و الروحية بعيدا عن المظلومين و المساكين و المستضعفين في الأرض. يقتل الأطفال و الأبرياء و الشيوخ و النساء , تمزق الأجساد و تفتت و تهدم المساجد و أيمتنا و علمائنا صامتون أو منددون و للحكام راكعون و ساجدون أية شرعية دينية , أية مشيخة يدعون , عن أية قيم يدافعون و قد قطعوا وصالهم مع المعتصم و صلاح الدين و ابن زياد : يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك في العبادة تلعب ماذا ينفع العالم المسلم إذا لم يهد دمه و روحه فداء لقيم الحرية و العدالة في ديننا لماذا لا يصنع علماء المسلمين بأجسادهم جسورا من مكة و المدينة و الأزهر و الزيتونة إلى غزة لحماية أطفالنا و نسائنا حتى وإن سجنوا حتى و إن قتلوا حتى و إن عذِّبوا يكفيهم فخرا أن يكونوا قد ساروا و لو مرة واحدة في طريق الشهداء الذين يتناغمون و يعيشون قيم دينهم بكل فخر و بكل إعتزاز العلماء وحدهم قادرين على تحريك الشعوب و الجماهير المقهورة العلماء وحدهم قادرين على رفع الذلة عن أمتنا العلماء وحدهم قادرين على أن يرفعوا عنا حكم الشذاذ والمارقين عن الدين و عن القانون كلمة حق يا علمائنا أمام سلطة و سلاطين لا يقيمون لله و لا للدين و لا للحرية و لا للكرامة قيمة يا علمائنا إمّا أن تكونوا حقا ورثة الأنبياء فعليكم أن تحملوا رسالة الأنبياء من تضحية و فداء و شهادة و إما أن تكونوا من متاع الحكام و السلاطين و من جواريهم و عبيدهم فانبطحوا أكثر و أكثر و لتدمر غزة و ليقتل الأطفال الأبرياء و ليرحل الشهداء و الشرفاء لينعم بالأمن حكامنا وعلمائنا الأتقياء المنصف زيد باريس 2009
مظاهرات غزة
محمد كريشان المظاهرات الصاخبة المنددة بما يجري في غزة والتي اجتاحت كل البلاد العربية قد تكون شكلت مفاجأة لكثيرين لسببين على الأقل، الأول أنه ساد اعتقاد ما بأن القضية الفلسطينية، وبسبب ما عرفته في الفترة الماضية من شقاق ومزايدات داخلية، لم تخلف في وجدان الرأي العام سوى المرارة المحبطة لأي تحرك تضامني حار معها، والثاني أن لكل مواطن عربي في بلاده من الهموم والمنغصات المعيشية والسياسية ما يحول دون تبلور همة خاصة للتنديد بشؤون أخرى حتى وإن كانت لها مكانتها في وجدانه تاريخيا.الآن اتضح أن الأمرين خاطئان أو على الأقل لم يكونا بالشكل الذي تصوره كثيرون. تعامل السلطات العربية مع هذه المظاهرات المحرجة لها لم يخرج عموما من بلد إلى آخر عن ثلاث صيغ، إما المنع والقمع التقليديان أو ترك الشارع يعبر بالكامل عما يختلج فيه من مشاعر أو اختيار المنزلة بين المنزلتين بمعنى السماح بمظاهرات لا تخرج عن رقعة محددة بما يحول دون اتساعها. وفي كل الأحوال فإن هذه المظاهرات لا يمكن سوى أن تؤكد لأصحاب القرار في البلاد العربية أن الملف الفلسطيني بات شاءوا أم أبوا ملفا داخليا لم يكن ممكنا لا في السابق ولا في الظرف الراهن التعامل معه على أنه شأن خارجي لا يختلف عن أي شأن خارجي آخر في أمريكا الجنوبية أو آسيا. ورغم كل ما جرى في السنوات الماضية من محاولات، مقصودة أو غير ذلك، لفك الارتباط بين المسألة الفلسطينية وعمقها العربي إلا أن ذلك فشل فشلا ذريعا، وإلى الآن ما زال هناك من المسؤولين والمعلقين الأجانب من لم يفهم بعد أو لم يستسغ كيف يمكن لمواطن في أقصى الجنوب الموريتاني أن يخرج غاضبا مما يجري في فلسطين وكأن الأمر يحدث في قريته الصغيرة. أما هذه المرة فقد خرج أيضا متظاهرون في العراق رغم أن فيها من المشاكل السياسية والنكد المعيشي ما كان يفترض أن يحول دون التعاطف مع أي شيء آخر سوى الدائرة الضيقة المحيطة بكل واحد. وتماما كما وقع صيف عام 2006 إبان الحرب على لبنان حين لم تقم الجماهير الغاضبة آنذاك وزنا لشبهة أن التنديد بما يجري في غزة إنما يعني التأييد لحــــزب الله، لم يكن في وارد الغاضبين الآن أن الخروج إلى الشارع يعني بالضرورة وآليا تأييدا لحركة حماس رغم أن كثيرا منهم بالتأكيد لديه هذه القناعة خاصة في أوساط التحركات التي دعت إليها أو قادتها أو هيمنت عليها تيارات إسلامية مختلفة في أكثر من عاصمة عربية. الملاحظ هنا أنه في الوقت الذي نرى فيه ان أغلب المظاهرات في البلاد العربية تعبر تعبيرا عفويا وصادقا عما يختلج في الصدور من غضب على العدوان الإسرائيلي والخيبة العربية الرسمية في التصدي له، ولكن ربما دون أفق واضح لكيفية التأثير العملي الذي يمكن أن تكون لهذه التحركات بسبب غياب أو ضعف المؤسسات والأحزاب والهيئات القادرة على تفعيل وتوجيه تحركات رأي عام ضخمة كهذه التي تحدث، فإن الأمل ربما يكون معقودا أكثر من هذه الزاوية على الجاليات العربية في الخارج التي خرجت غاضبة في الولايات المتحدة وأكثر من عاصمة أوروبية، وكذلك مظاهرات تركيا وأكثر من دولة إسلامية هامة لأن البيئة السياسية والجمعياتية هناك تسمح بـ’رأسملة’ هذه التحركات وتوظيفها بدرجات مختلفة أكثر وضوحا وانصهارا في قنوات المؤسسات القائمة بما يفرز في النهاية قدرة على الضغط أو التدخل الجاد لوقف الممارسات الإسرائيلية البشعة، في وقت ينظر فيه أغلب المسؤولين العرب، وغيرهم كذلك حتى من بين النخب، لتحركات الشارع الحالية على أنها مجرد فقاعة ستذهب مع الرياح كما ذهبت غيرها في ملمات أخرى لا تقل بشاعة.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 31 ديسمبر 2008 )
شلالات الدّم في غزّة قد لا تكفي في عرف العرب حتى للتلويح بتهديد ضدّ إسرائيل
بقلم: حياة السايب قالت متظاهرة عربية خلال احدى المسيرات التي تجوب الشوارع في عدد من الدول العربية احتجاجا على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ومطالبة الدول العربية باتخاذ موقف عملي ودفع اسرائيل على ايقاف العدوان طوعا أو كرها والتي تتواصل (المظاهرات) رغم أنها لم تجد آذانا صاغية لدى السلطات الحاكمة بهذه البلدان كما هو جار به العمل كلما خرجت هذه الشعوب محتجة، قالت في حالة غضب واضح أنها لا تعتبر نفسها معنية باجتماعات العرب على المستويات العليا ولا بما تصدره اجتماعات جامعة الدول العربية من قرارات. لخصت هذه المتظاهرة حالة اليأس التي تشعر بها الشعوب العربية من حكوماتها للخروج بقرار موحد ينهي العدوان على غزة غير المتوقف منذ يوم السبت. وحالة اليأس هذه غير خافية على القادة العرب . وانطلاقا من الشعور بأن الشعوب العربية ملت من البيانات التي تصدر عن جميع القمم العربية كلما تعرضت احدى المناطق العربية إلى عدوان وهي بيانات لا تتعدى التنديد والإستنكار وإحالة الملفات إلى مجلس الأمن الدولي رغم معرفة القيادات العربية مسبقا بنتيجة ذلك لسبب بسيط يتمثل في اصطدام كل الشكاوى والدعاوى بمجلس الأمن بفيتو أمريكي من جهة ورغم يقين هذه القيادات أن كل قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي بشأن اسرائيل يبقى حبرا على ورق من جهة ثانية. وانطلاقا من ذلك ترددت الدول العربية قبل أن تتخذ موقفا أو تتبنى مبادرة بشأن المجازر التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني بغزة من قبيل ما كانت تفعله في كل مرة عندما تتعرض احدى المناطق العربية إلى عدوان. هوان أمرنا على قلة عددهم ووفرة عددنا كل ما كانت تفعله هذه القيادات العربية قبل هذا العدوان على غزة لا يتجاوز محاولة الظهور في مظهر الحريص على ايجاد الحلول الملائمة للأزمة إزاء غضب الشعوب وهو غضب نعلم جيدا أنه سرعان ما يزول بعد دخول كل أزمة جديدة طاحونة الشيء المعتاد … ولم نتوقع بل لم نطمع هذه المرة كذلك من مبادرة عربية موحدة في مستوى طموحات الشعوب العربية. ولم نجد للأسف عوامل مشجعة على الأمل بتغيير هام في مواقف الحكومات العربية ولم نستنتج من ذلك التردد الذي أظهرته الدول العربية قبل أن تنقاد إلى الإجتماع الإستثنائي بالقاهرة يوم الإربعاء على مستوى وزراء الخارجية ,حتى وإن حرصنا على قراءة متفائلة، لم نستنتج من ذلك حرصا من القادة العرب على الوصول إلى قرار أو موقف يكون في مستوى ما تأمله الشعوب العربية . حتى أنه لم تجرؤ أية دولة عربية إلى الآن على القيام ولو بحركة رمزية على غرار التلويح بقطع العلاقة مع اسرائيل رغم ذلك السيل من الدماء. كل ما كنا نتصوره أن تسعى هذه الدول إلى صياغة جديدة لنصوص القرارات التي تخرج بها على شعوبها تتجنب مصطلحات على غرار التنديد وعبارات الإحتجاج دون أن يتجاوز ذلك على الأرجح إطار الكلام. يكفي أن ننظر كيف تتمسك الأطراف العربية بكل الإتفاقيات مع اسرائيل بما في ذلك التي يسمح القانون الدولي بنقضها أو بتجاوزها ليقع تبرير العجز والصمت على العدوان في حين أن اسرائيل تضرب عرض الحائط بكل القوانين الدولية ولا تعير أي وزن للموانع الأخلاقية أو للإعتبارات الإنسانية، يكفي ذلك لترجيح فرضية أنه لا ينتظر أيّة خطوة أو قرار يمكنه أن يغير أحوال غزة بصفة خاصة والوضع العربي الصعب بصفة عامة مهما اجتمع القادة العرب وفي أي مستوى كان لأنه على ما نرى قد لا تكفي شلالات الدم على أرض غزة في عرف العرب حتى يلوّحوا ولو مجرد تلويح بتخويف اسرائيل وأن يبدوا ولو اقتصر ذلك على النوايا بتهديد هذا الكيان الذي ما فتئ يستخف بهم على قلة عدده ووفرة عددهم. صحوة ضمير من حيث لا ننتظر أو معجزة من السماء وبعد أن خرج العرب بقرار نعلمه مسبقا وكنا ندرك أنه لن يتجاوز في كل الأحوال التوجه بالإحتجاج والشكوى إلى مجلس الأمن الدولي ينتظرها فيتو أمريكي أو باقتراحات وتوصيات يبقى تنفيذها رهين أمر اسرائيل يتواصل العدوان على غزة بالتوازي مع العمل الديبلوماسي المكثف الذي يقوم به الكيان الإسرائيلي المعتدي للحصول على تأييد من تسميهم اسرائيل بالعالم الحر وهو تأييد حاصل لا محالة مهما كان انتقام هذا الكيان الصهيوني من شعب أعزل كبيرا وشرسا… كل تصريحات الدول الغربية جعلت من مسألة اطلاق حركة حماس لصواريخها على عدد من بلدات اسرائيل والتي لم تحدث خسائر مادية وبشرية تذكر على حد علمنا سببا كافيا برأيهم لتبرير هذه العدوان على سكان غزة الذين يعيشون حتى قبل الحرب مأساة كبيرة بسبب العزل والحصار. لا نكاد نرى مخرجا لهذا العدوان الهمجي الذي تواصله اسرائيل مزهوة بسلاحها وعتادها وفخورة على ما يبدو بتحقيق ما تطلق عليه بأهدافها. وهي أهداف كما تشهد عليه مختلف الصور التي تبثها الفضائيات في العالم تتمثل في إسقاط المنازل على رأس سكانها من أطفال ونساء وهدم المساجد وضرب سيارات الإسعاف وقصف المستشفيات وقطع الزاد على الناس إلخ… لا نرى مخرجا لهذا المصاب الذي حل بسكان غزة إزاء العجز العربي وإزاء التآمر على الشعب الفلسطيني وتطويقه من كل جانب اللهم صحوة ضمير قد تأتي من حيث لا ننتظر أو معجزة من السماء لكن الثابت أن اسرائيل لن تخرج على ما يبدو قوية من هذا العدوان لأنه ليس بارتكاب المجازر ضد المدنيين وبتلك الشلالات من الدماء التي تتسبب فيها تكتب الانتصارات حتى ولو تهيّأ لهذه الدولة المعتدية أنها بقتل الفلسطينيين تهيء الأمن لسكانها ولن يخرج أي طرف مستفيدا من دماء الفلسطينيين. كما أنه لن يهنأ هؤلاء الذين تهيّأ لهم أن القضية تتلخص في القضاء على فصيل من فصائل المقاومة الفلسطينية في ضربة واحدة فمنحوا ضوءا أخضر للكيان الصهيوني للضرب بشدة وبالمباغتة تماما كما هي عادة الخونة والجبناء. المباغتة التي دفعت الكيان الإسرائيلي إلى صب أطنان من المتفجرات في يوم واحد وذات يوم سبت هو من المفروض مقدس عند هذا الكيان على شعب أعزل محولة أراضيه إلى جهنم… اللهم عفوا على قصور ذهننا ولكن إن لم تكن جهنم كما تصفها الصور الواردة من غزة عبر الفضائيات أو من خلال الصحف فكيف لها أن تكون.
( المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 02 جانفي 2009 )
عبد الباري عطوان فشل وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الأخير في القاهرة باتخاذ اي موقف للتصدي للعدوان الاسرائيلي المستمر على قطاع غزة يؤكد النظرية التي تقول بأن هذا العدوان جاء نتيجة تنسيق ومباركة مع دول عربية نافذة، وخاصة مصر والمملكة العربية السعودية. وهما الدولتان اللتان عارضتا بقوة عقد مؤتمر قمة طارئ لبحث الأوضاع في قطاع غزة، متعذرتين بالانقسام الفلسطيني. هذا الاجتماع كان بمثابة فرصة نادرة لممثلي النظام الرسمي العربي لابراء ذمتهم من تهمة التواطؤ مع العدوان، ولكنهم أكدوا التهمة، بل وتفاخروا بها، وأعلنوا الاستمرار فيها، لاعطاء الطائرات والدبابات الاسرائيلية ما تحتاجه من وقت، وغطاء عربي، لاكمال مهمتها في إبادة أكبر عدد ممكن من أبناء قطاع غزة. العدوان الاسرائيلي دخل يومه السادس، والطائرات الاسرائيلية من كل الأنواع والأحجام تواصل القاء حممها على المدنيين ومنازلهم، ولكن هذه الآلة العسكرية الجبارة فشلت في وقف اطلاق الصواريخ، بل زادت من أعدادها، وباتت تصل إلى العمق الاسرائيلي. هذه الصواريخ ‘العبثية’، كما يدعي ‘عرب الاعتدال’ اصبحت تشل الحياة في سبع مدن اسرائيلية كبرى مثل أسدود وعسقلان وبئر السبع، وتدفع بحوالى مليون اسرائيلي إلى الملاجئ، فهذا المستوطن الاسرائيلي الذي جاء من مختلف انحاء العالم للاستمتاع بسرقة الأرض الفلسطينية في ظل أجواء آمنة مطمئنة، بات يشعر الآن ان احلامه في الأمن والاستقرار تتبخر تدريجياً، للمرة الثانية في غضون عامين، حيث كانت الأولى من خلال صواريخ ‘حزب الله’ التي كانت تهطل كالمطر على المناطق الشمالية، وها هي صواريخ الشق الآخر من المقاومة الاسلامية ‘السنية’ تضرب مدنه وتجمعاته السكنية في الجنوب. أثناء العدوان الاسرائيلي على جنوب لبنان عام 2006 صمت العالم الغربي لعدة أيام، لاعطاء الدبابات والطائرات الاسرائيلية فرصتها لاكمال مهمتها في اقتلاع المقاومة الاسلامية، وتواطأ معه ‘عرب الاعتدال’ الذين استعدوا للاحتفال بالانتصار الاسرائيلي الوشيك، ونأوا بأنفسهم عن المقاومة، وحمّلوها وليس الاسرائيليين المعتدين، مسؤولية هذه الحرب. الآن الموقف تغير على الصعيد الأوروبي على الأقل، فها هي الدول الأوروبية تسارع بعقد لقاءات والتقدم بمبادرات لوقف مبكر لاطلاق النار، لأنها تدرك ما لا تدركه الزعامات العربية ان هذا العدوان، مثل سابقه، لن يحقق اهدافه في القضاء على ‘حماس’، بل سيؤدي إلى نتائج عكسية تماماً، أي تعزيزها واضعاف ‘المعتدلين’، في الصفين الفلسطيني والعربي. »’ القادة الأوروبيون بدأوا يشعرون ان استمرار هذه الحماقة العسكرية في قتل الأبرياء وتدمير أهداف مدنية، مثل المجلس التشريعي الفلسطيني ووزارتي العدل والتعليم، ربما بات يشكل تهديداً أمنياً خطيراً على دولهم ومواطنيها ومرافقها الحيوية من مطارات ومحطات قطارات. فإذا كانت الخسائر البشرية الضخمة في العراق أثناء الاحتلال الأمريكي الحافز المباشر لتفجيرات قطارات لندن صيف عام 2005، ومدريد قبلها بعام، فإن صور أطفال غزة الشهداء الذين حولت الصواريخ الاسرائيلية اجسادهم الغضة الى اشلاء قد يكون وقعها اشد على المتشددين الاسلاميين الغاضبين في القارة الاوروبية، حيث الخلايا النائمة والصاحية لتنظيم ‘القاعدة’ وفرعه في شمال افريقيا (المغرب الاسلامي)، وربما نشهد بزوغ تنظيمات اخرى اكثر تشدداً ودموية. اوروبا يجب ان تنأى بنفسها عن هذا العدوان بالوقوف ضده، لانها قد تدفع ثمناً باهظاً مقابل ان تحصل السيدة تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الاسرائيلية او ايهود باراك وزير الدفاع الاسرائيلي على مقعد اضافي في البرلمان الاسرائيلي (الكنيست). فالانانية السياسية البشعة لدى بعض السياسيين الاسرائيليين قد تقود العالم بأسره، وليس منطقة الشرق الأوسط فقط الى مرحلة خطرة من عدم الاستقرار والعنف والارهاب. المسؤولون الاوروبيون يجب ان يتذكروا جيداً ان هناك بركاناً من الغضب على الشاطئ الآخر من المتوسط، عبّر عن نفسه في مظاهرات حاشدة، باتت تشكل ضغطاً على الحكومات ‘المعتدلة’ المتعاونة مع الاتحاد الاوروبي في مخططاته لمواجهة ‘الارهاب’، ومنع الهجرة السرية غير الشرعية. وعلينا ان نتصور تجاوب هذه الحكومات مع الضغوط الشعبية وتقليص، ولا نقول وقف تنسيقها الامني مع نظيراتها الاوروبية في هذين الملفين، وكيف ستكون انعكاسات ذلك على الأمن الاوروبي؟ التحرك الدبلوماسي أمر مطلوب، شريطة ان يكون مدعوماً بأوراق ضغط عربية، وليس مستنداً الى اساليب الاستجداء، والمبادرات الارتجالية. فالغرب هو بحاجة الى العرب هذه المرة، حيث يعيش ظروفاً مالية واقتصادية صعبة، والعرب هم من بين دول قليلة تستطيع المساهمة في إخراجهم من هذا الوضع المزري. مشكلة النظام العربي الرسمي انه يصدّر ازماته الى الآخرين لحلها، فقد اراد من امريكا ان تخلصه من نظام حكم صدام حسين، ويريد الآن من اسرائيل ان تخلصه من المقاومة الاسلامية في غزة، وهو جاهز لدفع التكاليف كافة، مع قيمة الخدمة المضافة، مع الفوائد المصرفية ايضاً. فكم هم كرماء مع امريكا واوروبا وربما مع اسرائيل ايضا. »’ العدوان الاسرائيلي على غزة هو اكثر انواع العدوان بشاعة ووقاحة وجبناً. فالغارات الاسرائيلية وبأحدث الطائرات تلقي بحممها على شعب ‘مسجون’ خلف قضبان الحصار. تخيلوا ان يطلق انسان النار على اسد في قفص صغير ثم يدعي الانتقام او النصر بعد ان يرديه قتيلاً؟ فعلوا ذلك بالشعب العراقي، وهاهم يعيدون الكرة مع قطاع غزة. انها المدرسة نفسها والجنرالات انفسهم، والثقافة نفسها. ان يصمت الزعماء العرب وقادة جيوشهم، فهذا امر متوقع من اناس ادمنوا الهوان والتذلل، وقمع شعوبهم، لكن ان يصمت العالم الغربي الديمقراطي ‘المتحضر’ على هذه المجازر في قطاع غزة، وهو الذي ظل يحاضر ويلقي الوعظ علينا طوال العقود الماضية حول حقوق الانسان، والقيم الاخلاقية، فهذا امر معيب بكل المقاييس، فالقادة الغربيون شنوا حملة شرسة ضد نظام موغابي بسبب انتشار الكوليرا في بلاده، وطالبوا العالم بأسره للتدخل للاطاحة بنظام حكمه، وهم يعلمون جيداً ان وباء الكوليرا هذا هو نتيجة حصارهم لبلده. فلماذا لا يتخذون الموقف نفسه وهم يرون الاطفال الفلسطينيين يبادون بصواريخ وطائرات هم صانعوها؟ اسرائيل انتصرت على جيوش ثلاث دول عربية في ستة أيام، عبر سلاحها الجوي، واستخدام الحد الأدنى من الدروع في هزيمة عام 1967. وها هي تعترف الآن بأن القصف الجوي لن يحسم حربها مع حركات المقاومة في غزة، رغم غارات الترويع التي تشنها على الأبرياء والتي لم تقتل مجاهداً واحداً من قوات القسام او سرايا القدس او اللجان الشعبية او كتائب الأقصى. فقد تعلمت هذه الكتائب جميعاً من تجربة ‘حزب الله’، ولجأت الى الارض تحتمي بأنفاقها انتظاراً للحرب الحقيقية. وهذا ما يفسر عدم مشاهدتنا مجاهداً واحداً في الشوارع ملوحاً ببندقيته، مثلما كان عليه الحال في الماضي، فهم ينتظرون الهجوم البري على أحرّ من الجمر، او هكذا نعتقد. لا نستطيع ان نتنبأ بنتائج اي مواجهة برية، ولكن ما يمكن قوله هو ان الدبابات الاسرائيلية لم تستطع ان تتقدم بضعة امتار عندما وصلت الى ابواب المنطقة الغربية في بيروت اثناء اجتياح صيف عام 1982. واستمرت المقاومة ثمانين يوماً، والشيء نفسه حدث اثناء اجتياح صيف عام 2006، وقبلها في مخيم جنين، حيث احتاجت الدبابات الاسرائيلية لعشرة ايام لتقتحمه، وخسرت 26 ضابطاً وجندياً. * * * رجال المقاومة المدافعون عن اهلهم وعرضهم في غزة قد يكونون امام معجزة صمود جديدة، مرشحة لكي تشعل الشارع العربي بالمظاهرات والمواجهات مع قوات الحكومات العربية المتواطئة، و’المضبوعة’ من اسرائيل وامريكا. فالأمتان العربية والاسلامية تنتظران الشرارة التي قد تُحدث التغيير الذي يعيد اليها كرامتها وعزّتها، ويمحو عار الهزائم من تاريخها الحديث. إتصلت بأشقائي وشقيقاتي وأبناء عمومتي في غزة على مدى الأيام الستة الماضية للاطمئنان والاطلاع على الأوضاع، واستمداد العزم… الصورة مؤلمة، فلا ماء، ولا كهرباء ولا طعام ولا غاز، ولا حطب. احد اشقائي تساءل: اين اطنان المساعدات العربية التي يتفاخرون بارسالها عبر الفضائيات؟ واين مئات الشاحنات هذه التي قالوا إنها عبرت الحدود؟ لا يوجد كيس طحين واحد في السوق، ووقفت، والقول لشقيقي، في طابور الخبز لمدة ساعتين وعندما وصلت الى البائع قالوا ان الكمية نفدت. ابن عم لي قال ان المشكلة الاكبر التي يواجهها ليست نقص الطعام او انعدامه، ولا انقطاع الكهرباء، ولا زجاج البيت المدمر بسبب الغارات، والبرد القارس، فعلى الأقل ما زال له جدران بالمقارنة مع من نسفت بيوتهم، وانما المشكلة في كيفية التعامل مع اطفاله المرعوبين من الطائرات الاسرائيلية واصواتها المخيفة وهي تغير على اهدافها وتطلق صواريخها. فهؤلاء الذين سيبقون على قيد الحياة ولم تكتب لهم الشهادة، سيتحولون الى معاقين جسدياً ومصابين بأمراض نفسية مزمنة. ما اجمع عليه جميع من اتصلت بهم، هو انتصارهم للمقاومة، واستعدادهم للتضحية دفاعاً عن قطاعهم المستهدف. وما لفت نظري اكثر، انهم لم يسألوا هذه المرة عن الجيوش العربية، ولم يوجهوا اي لوم لأحد. ربما لأنهم يئسوا، وربما لأن عزة نفسهم ابت عليهم العتاب، ربما لأنهم يترفعون بكبر عن الصغائر. عبارة واحدة ظلت تتردد في أذني، قالها احد اطفال ابن اخي، ‘يا عم نموت واقفين دفاعاً عن عرضنا وكرامتنا برصاص الاسرائيليين او شظايا صواريخهم اشرف من ان نموت جوعاً او مرضاً’. انها عبارة أبلغ من كل بيانات وزراء الخارجية العرب ومؤتمرات قممهم.. آسف لا مجال للمقارنة… لله درهم انهم لمنتصرون حتماً، واسود غزة سيقاومون حتما حتى وهم داخل قفصهم، فهاهم يصمدون ستة ايام تحت جحيم النيران والقنابل.. مئة طن من المتفجرات القيت عليهم في اكواخهم المتهالكة، ومع ذلك لم يرفعوا رايات الاستسلام، وواصلوا اطلاق الصواريخ دون توقف، وواصلوا في الوقت نفسه دفن شهدائهم بإباء وشمم، انهم من اشرف شعوب الارض قاطبة.
( المصدر: جريدة القدس العربي (يومية – بريطانيا) بتاريخ 02 جانفي 2009 )
أحدهما أرجع قوة حماس إلى تجذرها الشعبي في غزة خبيران فرنسيان: لا يمكن تصفية حماس في غزة
هادي يحمد براه ميكائيل باريس – توقع خبير فرنسي في شئون الشرق الأوسط فشل إسرائيل في القضاء على حركة حماس؛ نظرا « لتجذر الحركة في قطاع غزة »، الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي وحشي منذ نحو 6 أيام، أسفر عن سقوط أكثر من 400 شهيد وألفي جريح، معظمهم من المدنيين. وفي تصريحات خاصة لـ »إسلام أون لاين.نت »، قال براه ميكائيل الباحث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية: « يجب أن نعلم أن قوة حماس في تجذرها الشعبي، فخلف حوالي 15 ألفا من مقاتلي حماس المدربين والمنتشرين في القطاع، هناك أضعاف مضاعفة، الأمر الذي لا يمكن مقارنته بوضع حماس في الضفة الغربية على سبيل المثال ». وأضاف ميكائيل: « إسرائيل أول من يعلم أن هناك روحا حماسية تنتشر في غزة، وأنه لا جدال في عدم قدرة اجتثاث حماس من غزة ». واستبعد الخبير الفرنسي أن « تقوم إسرائيل بالدخول في مواجهة برية بعيدة المدى مهمتها احتلال كل قطاع غزة »، وقال: « أقصى ما يمكن أن تقوم به إسرائيل هو عملية برية محدودة في الزمان والمكان؛ لأنها إذا تمادت ودخلت قطاع غزة فإنها ستقع في مأزق سياسي وعسكري حقيقي ». توقيت العدوان وحول توقيت العملية العسكرية على قطاع غزة، قال ميكائيل: « ما نشهده هذه الأيام في غزة جاء لتستغل فيه إسرائيل الفترة الانتقالية للحكم في الولايات المتحدة وشبه العطلة السياسية التي تهيئ للانتقال من إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى الرئيس الجديد باراك أوربا ». كما استغلت الحكومة الإسرائيلية بحسب الخبير « انتهاء الهدنة من أجل فرض شروطها، ومن جهة ثالثة هذا التوقيت حيث يعيش الرئيس الفلسطيني فترة حرجة في ظل قرب انتهاء فترته الرئاسية القانونية في يناير الجاري ونية حماس عدم التجديد له لعام ». ومن جهة رابعة جاء الهجوم في « فترة تعيش فيها إسرائيل التحضير للانتخابات التشريعية وسط توقعات بأن تكون لصالح زعيم الليكود اليميني بنيامين نتنياهو، وهو ما دفع الثلاثي تسيبي ليفني وإيهود أولمرت وإيهود باراك في اتخاذ قرار الحرب على غزة لتوصيل رسالة إلى جمهور إسرائيل بأن لهم مواقف متشددة أيضا، ولصالح المصالح الإسرائيلية، وبالتالي الإخلال بالمعادلة الانتخابية التي كانت لصالح نتنياهو ». فشل الخيار الإستراتيجي من جانبه استبعد آلان جريش الخبير الفرنسي في الشرق الأوسط ورئيس تحرير جريدة « لومند ديبلوماتيك » نجاح إسرائيل في تصفية حركة حماس، وقال: « لقد بدا أن الخيار الإستراتيجي لإسرائيل الذي فشل في لبنان سنة 2006 فشل أيضا في القضاء على حماس حتى الآن ». وأشار جريش إلى أن « إسرائيل أصبحت مترددة أكثر الآن في المضي في هدنة وبين عملية برية وبين الإثنين ». وحول الموقف الفرنسي والغربي عامة الداعم لإسرائيل، قال جريش: « الحكومة الفرنسية ومنذ بداية الأزمة اعتمدت على الأكاذيب بتحميلها لحركة حماس المسئولية عن انتهاء الهدنة ». كما انتقد جريش وسائل الإعلام الفرنسية التي أظهرت دعهما لإسرائيل وقال: « هناك بعض الصحفيين الفرنسيين مثل لوران جوفران رئيس تحرير جريدة ليبراسيون تحدثوا عن (القوة الأخلاقية) لإسرائيل!! ». ويشير جريش إلى حقيقة واحدة هي مفادها أنه في ديسمبر 1988 اعترف الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل رسميا، والنتيجة الآن هي تواصل الاحتلال والتوسع في المستوطنات وتضاعف القمع، ولم تؤد المفاوضات مع الرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس إلى شيء. ( المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 02 جانفي 2009 )
« بقعة الزيت » ستطفو على « الرصاص المنصهر » أخيرا
عدنان أبو عامر أخط هذه السطور، ورائحة البارود المتساقط من السماء تزكم الأنوف في شوارع غزة وأزقتها، وقد انتشرت أشلاء المقاومين الذين أوفوا بالوعد للجميع، للدماء والدموع وحرقة الأنفاس، بعد أن حفظوا مشاهد الأشلاء المهروسة تحت الدبابات، وحفظوا عهد الأسرى خلف قضبان الاحتلال يصعدون بالدعاء، وعيني تبصر أجسادهم الممزقة الراغبة في الموت طمعا في الحياة، لأن كل مقاوم منهم يزف إلى السماء ينتصر للباكيات دون دمع على حواف الصبر، يحلمن بثأر يشفي صدروهن. وتجد هذه الكلمات طريقها للنشر، وهي ترثي حال أمة يقودها مجموعة من المراهقين المراهنين على تقهقهر خيار المقاومة، وتراجع جبهة الممانعة، عبر اجتهادات خاطئة تحاول ثني الفلسطينيين عن استخدام حقهم المشروع في المقاومة، تحت ذرائع دراسة جدواها وقيمتها في فاتورة الحساب، وما علم هؤلاء أن المقاومة غدت الخيار والقرار، وهي الطريق إلى النهار، قالها فرسان المقاومة خلال عتمة النفق وهو يشق طريقه نحو الهدف الإسرائيلي، وحبات العرق السخي على جبينهم. ولا يكتمل رسم المشهد الغزي دون النظر إلى أولئك الغزاة الذين قدموا بعفن أرواحهم إلى فلسطين، وفي أيديهم بطاقات للموت يوزعونها على مزق الأجساد، لعلهم يتنفسون العظمة الكاذبة، وأسطورة الجيش الذي لا يقهر، لكنهم سرعان ما يرتعشون حين تخيفهم غيمة، وحين ترعبهم كتائب الغبار وهي تلف الثوار بعباءتها، وتنهار الصورة التي أرادوا لجنودها أن يصدقوها، وهم يرون أنفسهم عراة من إنسانيتهم، خائفين وجبناء! أي رصاص منصهر؟ لم يكن عبثا اختيار الجيش الإسرائيلي لعبارة « الرصاص المنصهر » لعمليته العسكرية في غزة، معتقدا أنه بإطلاق آلاف الأطنان على رؤوس الغزيين « سيصهر » إرادتهم، وسيستنزفهم خلال أيام وأسابيع، تطول أم تقصر بحسب معطيات الميدان العسكري. فقد تعددت أسماء الحملات العسكرية الإسرائيلية في مواجهة المقاومة، خلال سنوات الانتفاضة، ومنها: حقل الأشواك، الجحيم، جهنم المتدحرجة، السور الواقي، رحلة بالألوان، المسار الحازم، فارس الليل، قوس قزح، السهم الجنوبي، الطريق الحازم، أول الغيث، أيام الندم، انفجارات بلا حدود، الواقي الأمامي، رياح خريفية، الحديد البرتقالي، سيف جلعاد، أمطار الصيف، الشتاء الساخن. ويبدي جنرالات إسرائيل اهتماما كبيرا باختيار الأسماء التي يطلقونها على حملات القمع والتنكيل ضد الفلسطينيين، على أمل أن تخلق هذه الأسماء قدرا من الردع حتى قبل أن تنتهي مهمتها. لا يمكن الحديث عن دلالة عبارة « الرصاص المنصهر » دون النظر إلى أن القيادة الحالية للجيش الإسرائيلي مثقفة بمفاهيم أقرب ما تكون إلى « الثقافة العسكرية النازية »، ومن بينهم: « غابي أشكنازي » رئيس الأركان، ونائبه « يتسحاق هيرئيل »، وقائد المنطقة الجنوبية « يوآف غلانت » وغيرهم، حيث تبرز لديهم ظاهرة لافتة تتمثل بإعادة الفاعلية والأهلية والمرجعية لقيادات تتصف بالاندفاع وروح المغامرة وشهوة العدوان والقتل، أي ظاهرة العودة إلى خمسينيات وستينيات القرن الماضي. ورغم تعدد أسماء العمليات ودلالاتها العسكرية، فقد أقرت التجربة بفشلها في القضاء على المقاومة، ومن ذلك ما قاله رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق الجنرال « أهارون زئيفي فركش » في وقت سابق من أن الحديث عن القضاء على المقاومة مجرد وهم، معترفا بأن العمليات الحربية التي يقوم بها الجيش مفيدة لتقليص عمليات المقاومة، أو الحد من انتشارها، أو تضييق الخناق عليها ومحاصرتها، ولكن في النهاية تبين لنا أن المقاومة « بئر بلا قاع »، لا يمكن القضاء عليه تماما بالوسائل العسكرية وحدها، مهما تعددت أسماؤها. وأضاف: نعمل ليل نهار لتدمير براميل البارود التي تنتجها حركات المقاومة، ولكن علينا الاعتراف بأنه كلما دمرنا برميلا، يفتح أمامنا برميل آخر، وكلما احتللنا منطقة يطلق منها باتجاهنا صواريخ القسام، ندفع المقاومين لتحسين إنتاج الصواريخ لتصبح ذات مدى أبعد! ترى عن أي رصاص منصهر يتحدث الإسرائيليون؟ إخفاق الذراع الطويلة بات واضحا أن تكليف سلاح الجو الإسرائيلي بـ »صهر الرصاص »، جاء بعد يقين ضباط هيئة أركان الجيش بأن باقي الأذرع والوحدات عاجزة عن إيجاد حل لمعضلة حماس في غزة، ولذا جرت العادة في تل أبيب على أن يطلق عليه اسم « صاحب الذراع الطويلة ». سلاح الجو هذا، الذي أراد إصابة قيادة حركة حماس بالصدمة، وضرب رموزها، وقطع كل خطوط إمدادات المقاومين، خلال دقائق معدودة، يعتمد بصورته الأساسية على الصناعة الأميركية، إلى جانب الإنتاج الإسرائيلي، ويمتاز بتكنولوجيا نادرة، ويمتلك صواريخ باليستية موجهة، فضلا عن منظومة صاروخ « حيتس » التي يمكنها اعتراض صواريخ باليستية على ارتفاع شاهق، وهي المنظومة العسكرية الوحيدة من نوعها في العالم. أكثر من ذلك، فإن تكاليف تحديث سلاح الجو المتوقعة ستصل 30 مليار دولار، لضمان توفير قدرته على التحليق لمسافات كبيرة جدًّا، والقدرة على مهاجمة مواقع إطلاق الصواريخ بعيدة المدى. وهكذا عُدّ سلاح الجو نخبة أسلحة الجيش الإسرائيلي، ونظر إليه باعتباره « منقذاً » للدولة من أي تهديدات تتعرض لها، مما أكسبه صيتاً وشهرة عزّ نظيرها بالمقارنة مع باقي الأسلحة في الجيش، كالمشاة والبحرية، ولهذا السبب جاء تعويل الجيش عليه لتحقيق أهداف الحرب القائمة حاليا ضد حركة حماس في غزة، بسرعة زمنية قياسية، وإحداث أكبر قدر من الضرر، في آن واحد! ورغم أن جملة من قيادات الجيش يعتقدون أن سلاح الجو أثبت قدرات « هائلة » في الحرب، إلا أن الكثيرين يحذرون من المبالغة في التوقعات المرجوة منه، خاصة أنه منذ اندلاع العملية العسكرية ضد غزة، افترض قادة الجيش والدولة على حدٍّ سواء أن هذه هي اللحظة الكبرى لسلاح الجو، الذي يفترض أن يضع حدّاً لتهديد صواريخ القسام على إسرائيل، بعد أن جمع له جهاز الشاباك معلومات استخبارية باهظة القيمة، جُمعت قطعة قطعة، فضلاً عما سيحققه من أهداف ذات قيمة إستراتيجية وتكتيكية للذراع الجوية الطويلة. ومع ذلك، ورغم ما تشيعه أوساط عسكرية إسرائيلية خلال الساعات الأولى لاندلاع العملية العسكرية، من أن الـ60 طائرة التي شاركت في الهجوم المكثف ضد أكثر من 200 هدف في قطاع غزة، استطاعت أن تقضي على ما يقرب من 50% من قوة حماس الصاروخية، فإن قدرة كتائب القسام على إطلاق زخات يومية من الصواريخ، قلت أو كثرت، يضع علامة استفهام كبرى أمام هذه المزاعم! ولعل التحدي الأكبر الذي سيواجهه سلاح الجو يتمثل في الأهداف التي وضعت له، سواء المتعلقة بوقف الصواريخ كليا، أو إسقاط حكم حماس في غزة، وهي أهداف من الصعوبة بمكان أن ينفرد سلاح واحد بتحقيقها دون مشاركة كافة أسلحة الجيش الأخرى، اللهم إلا إذا كان المقصود الاكتفاء بالضرب بآلة تدميرية هستيرية، وإحداث أكبر قدر ممكن من الأضرار البشرية والاقتصادية وتدمير البنية التحتية، تطبيقا للمبدأ الساري في إسرائيل حاليا المعروف باسم « عقيدة الضاحية »، ولذلك استخدمت إسرائيل في حربها الحالية ضد حماس « عصا جوية »، وتركز القصف على عشرات المباني. هذا التحدي، سيتكشف أكثر فأكثر مع استمرار العملية العسكرية، وستتبدى لقادة الجيش مستجدات جديدة بخلاف ما تولد من اقتناعات لديهم في الأيام الأولى للعملية الحربية بإمكانية حسم المعركة من الجو فقط، ولكن عندما « تدرك عقولهم » الحاجة لإدخال القوات البرية، فإنهم سيفاجؤون لاشك من شدة المقاومة، وقدرتها على ضرب الدبابات، ونصب الكمائن مع أجهزة حديثة للرؤية الليلية، وفوق كل ذلك قدرتها على قصف الجبهة الداخلية الإسرائيلية بعشرات الصواريخ يوميا بحيث تحول مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى « لاجئين ». سباق مع الزمن في حين أطلق الجيش الإسرائيلي على عمليته « الرصاص المنصهر »، أطلقت حماس من جهتها أسماء ذات دلالات هامة على عملياتها، من أهمها: ثقب في القلب، السهم الثاقب، أيام الغضب، زلزلة الحصون، الوهم المتبدد، براكين الغضب، غضب الفرسان، وفاء الأحرار، وأخيرا « بقعة الزيت ». ولم يعد سرا أن المقاومة الفلسطينية، وتحديدا كتائب القسام، تخوض مع الجيش الإسرائيلي سباقا مع الزمن، بحيث أن الطرف الذي سيعلن ألمه ووجعه من « لعبة عض الأصابع » التي يشهد عليها العالم بكل قاراته، سيخسر بالضربة القاضية، وبالتالي سيكون الأضعف على فرض شروطه لما يقال إنه تهدئة ستأتي حتما بعد انتهاء العملية العسكرية الحالية. ولم يأت مفاجئا أن تصل صواريخ القسام مدينة أسدود التي تبعد عن غزة أكثر من ثلاثين كيلومترا، لتكون الهدف الجديد لها، بعد أن باتت مدينتا سديروت وعسقلان أهدافا قديمة. لكن ما يحصل في غزة اليوم من مجزرة مستمرة، يراد لها أن تستمر قدرا آخر من الزمن، يستدعي أهدافا أكثر إيلاما لإسرائيل، ليس بالضرورة باستخدام الصواريخ المحلية الصنع، فمن لاحظ استعدادات قوى المقاومة خلال الشهور الماضية سيخرج بانطباع لا يقبل التأويل أن « بقعة الزيت » التي انطلقت الأسبوع الماضي، ستتسع لا محالة، إن أريد للمقاومة أن تبقى وتصمد مع كثير من الألم والمعاناة والنزيف! نعم قد يستغرق الأمر يوما أو أسبوعا أو أكثر، لكنها فترة لا تحسب في أعمار الثورات وحركات المقاومة. أخيرا.. فإن الإشكال الأكبر الذي سيواجه قيادة الجيش والحكومة في تل أبيب بعد انقضاء هذه العملية، هو ذلك الاعتقاد السائد بأنه طالما بقيت صواريخ حماس تتساقط، فلن يكون هناك انتصار، ولن « ننتصر » حتى يتوقف إطلاقها، بعد أن اعتقدوا أن سلاح الجو سينهي المسألة خلال ساعات. مما حدا بـ »إيهود أولمرت، وإيهود باراك، وتسيبي ليفني » إلى أن يتحدثوا في مؤتمرهم الصحفي بعد انطلاق العدوان على غزة بعبارات ملؤها « العجرفة والغطرسة » بقولهم: « إن إسرائيل ستنتصر في هذه المعركة، وستحظى بإنجازات غير مسبوقة، وستنجح بصورة مؤكدة في تغيير الوضع في قطاع غزة »، لكن سيتضح بعد أيام وأسابيع أنها عبارة كُتبت على الجليد، بعد أن تنجح « بقعة الزيت » في أن تطفو على « الرصاص المنصهر ». الحديث لا يدور عن تحقيق انتصار كاسح لحركة حماس على إسرائيل، فالضربة لاشك قاسية ومؤلمة ودامية، لكن عشرين عاما من الحرب الضروس بين الجانبين كفيلة بإعطاء الإجابة التاريخية، وليس الآنية، عن حقيقة أن فكرة المقاومة باقية بقاء الدهر، في حين أن الاحتلال والعدوان زائلان لا محالة، حتى لو دعما بأسباب القوة الأميركية، والتنسيق الأمني من ذوي القربى! تحليل منطقي وسريع، سياسي وعسكري في آن واحد، يشير إلى أن المطلوب الأكثر إلحاحا من حركة حماس وباقي قوى المقاومة في هذه اللحظات العصيبة، هو قليل من التعافي، والتغلب على فداحة الجرح ونزيف الدم، والإصرار أكثر من أي وقت مضى على أن يكون مقاتلوها أصحاب الطلقة الأخيرة في هذه المعركة، في الوقت الذي أرادت فيه إسرائيل أن تكون صاحبة الطلقة الأولى! ـــــــــ كاتب فلسطيني ( المصدر: موقع الجزيرة نت ( الدوحة – قطر )بتاريخ 02 جانفي 2009 )
صحف إسرائيلية: إسرائيل التي احتلت الضفة وغزة والجولان
وسيناء وهزمت الجيوش العربية تخشى عملية برية في قطاع غزة
الناصرة (فلسطين)- خدمة قدس برس تناولت الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم الجمعة (2/1)، أحداث الأيام الستة الأولى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وأجمعت هذه الصحف على أنه قبل 41 عاما كانت الأيام الستة كافية لان تحتل إسرائيل قطاع غزة والضفة الغربية وشبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان بعد أن هزمت الجيوش العربية. لكن على ما يبدو، فإن إسرائيل اليوم تخشى وتحسب ألف حساب لشن عملية عسكرية برية، حتى لو كانت محدودة، في القطاع. وتراوحت مواقف المحللين الإسرائيليين ما بين التحذير من عملية عسكرية برية وتوجيه الانتقادات لتكرار « أخطاء » حرب لبنان الثانية والإشارة إلى المكاسب التي يحققها السياسيون الإسرائيليون، عشية الانتخابات العامة، من الحرب على غزة. وفي اليوم السادس للحرب، وبعد أن استنفذت إسرائيل مخزون الأهداف المتمثل بما تدعي إسرائيل أنها مقرات الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها « حماس »، وورش صناعة الصواريخ والمساجد (التي تزعم إسرائيل أنها كانت مخازن أسلحة)، وراح ضحية الغارات الجوية الشديدة على غزة 400 شهيد وألفي جريح تقريبا، تحولت إسرائيل إلى سياسة الاغتيالات، بمهاجمة بيت القيادي في حماس، نزار ريان، مكررة باغتيالها ريان الجريمة التي اقترفتها لدى اغتيال القيادي في « حماس » صلاح شحادة في العام 2002. فمن أجل أن تقتل ريان قتلت إسرائيل معه عشرين طفلا وامرأة. لكن إسرائيل لم تخف حتى تعمدها تنفيذ هذه الجرائم منذ السبت الماضي. فقد ذكرت صحيفة « معاريف » اليوم، أنه في خطوة غير مسبوقة، رافق المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، مناحيم مزوز، والمدعي العام العسكري، العميد أفيحاي مندلبليت، الاستعدادات لاغتيال ريان. وأضافت الصحيفة أنه « في أعقاب سابقة اغتيال صلاح شحادة، حظي القرار بإسقاط القنبلة بمصادقة قيادة الجهاز القضائي على الرغم من تواجد أفراد العائلة » في بيت ريان. ويتركز النقاش في إسرائيل الآن حول العملية العسكرية البرية. وأشار المحلل السياسي في صحيفة معاريف، بن كسبيت، إلى أنه في حال شنت إسرائيل عملية عسكرية برية في القطاع، اليوم أو غدا، فإنه سيتعين عليها إنهاؤها حتى موعد أقصاه يوم الاثنين المقبل، أي قبل انعقاد مجلس الأمن الدولي، وقبل زيارة الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، ووزير الخارجية الفرنسي، برنارد كوشنير، المقررة لإسرائيل يوم الاثنين المقبل، في محاولة لإقناع إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية، وحماس بالتوقف عن إطلاق الصواريخ، والتوصل إلى هدنة. كذلك تتوقع إسرائيل أنه ستبدأ دول أوروبية وجهات في الولايات المتحدة ممارسة ضغوط عليها لوقف عملياتها العسكرية إلى جانب تصاعد الأزمة الإنسانية في القطاع. وقالت صحيفة « يديعوت أحرونوت » إن إسرائيل عائدة إلى غزة، بتأخير معين وبتخوفات كبيرة وبتردد، لكنها عائدة. وما بدأ السبت الماضي بغارات جوية، سينتهي- على ما يبدو- في البر. وربما هذا هو الموضوع الوحيد الذي تتطابق فيه تقديرات الجيش الإسرائيلي وحماس ». إلا أن الصحافيين نقلا عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى ووصفاه بأنه ضالع في عملية صناعة القرار، قوله إن هناك موقفين في إسرائيل حيال العملية البرية. الموقف الأول يقول إنه من دون أن تشن إسرائيل عملية عسكرية برية فإنها لن تنجح في حسم الحرب. أما الموقف الثاني فيقول، إنه إذا كانت « حماس » تتمنى العملية العسكرية البرية الإسرائيلية إلى هذا الحد، وفقا لمعلومات استخباراتية موجودة بحوزة إسرائيل، فربما من الأفضل أن تفكر إسرائيل مرتين قبل شن عملية كهذه. وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود « أولمرت يتعامل مع العملية العسكرية الحالية على أنها تصحيح خطأ. وهو يعتبر أن هذه العملية ستبرر بأثر رجعي خطواته خلال حرب لبنان الثانية. وقال (أولمرت) في إحدى المداولات، إنه بعد سنتين ونصف لم يتم إطلاق رصاصة واحدة من حدود لبنان. وليتنا نتوصل إلى نتائج مشابهة في العملية العسكرية الحالية ». وتمنيات أولمرت تعني إنه ليس متأكدا من قدرة إسرائيل على تحقيق انتصار، أو نجاح على الأقل، في الحرب الحالية. وقالت صحيفة « هآرتس »، إنه بعد أسبوع تقريبا على بداية الحرب، أخذ يتضح أن إسرائيل أهدرت فرصة ثمينة لإنهائها كعمليات رد فعل فحسب، منذ يومها الأول أو الثاني ». واعتبرا أن « الجيش الإسرائيلي، الذي شن غارات جوية شديدة صدمت حماس، هو الذي منح فرصة للحكومة للإسراع في تفصيل ‘بذلة خروج’ وتؤدي إلى إنهاء العنف. وهذا لم يحدث. والنتيجة هي أن حماس تتدارك نفسها جزئيا فيما إسرائيل تتدهور باتجاه عملية عسكرية برية، محفوفة بمخاطر كثيرة، معتبرة أن العدو يحتاج الآن إلى امتصاص ضربة عسكرية بالغة القوة من أجل أن يوافق على الإملاءات الإسرائيلية ». من جانبه رأى المحلل السياسي في هآرتس، ألوف بن، أن السؤال الأساسي المطروح الآن هو من سينكسر أولا، « حماس » أم التأييد الشعبي في إسرائيل للحرب على غزة. وكتب بن أنه « لوهلة تخيلنا أن وزير الأمن الإسرائيلي، ايهود باراك اكتشف الطريقة لمحاربة عدو مسلح بالصواريخ، وتوجيه ضربات قوية وسريعة وجلب الهدوء إلى سديروت. وكان الأمل كبيرا بأن استبدال القيادة الأمنية التي فشلت في حرب لبنان، والدهاء العسكري لدى باراك ومناورات وتسلح الجيش الإسرائيلي بأسلحة حديثة خلقت، وضعا جديدا ومختلفا، لكن هذا كان وهما. والرصاص المصبوب علق في الحلق، تماما مثل كل العمليات العسكرية من هذا النوع التي تم شنها في الماضي. والحرب في غزة أخذت تبدو شبيهة بالمواجهات التي جرت في الماضي مع منظمة التحرير الفلسطينية وحزب الله في لبنان. إذ من الصعب التوقف بعد عملية رد فعل موجعة. وإسرائيل مقتنعة بأن ضغطا آخر صغير سيهزم العدو، لكنها تتردد في دفع ثمن الخسائر جراء عملية عسكرية برية ولا تريد أن تنجر مجددا إلى احتلال غزة. وفي هذه الأثناء تُخرج « حماس » الصواريخ من المخابئ وتُدخل مناطق إسرائيلية أخرى إلى خط المواجهة. والنتيجة هي استنزاف متواصل، بانتظار تدخل دولي أو عملية عسكرية كاسرة للتوازن وتجعل العدو ينهار »، حسب تعبيرها. « وما دام الجمهور في إسرائيل، يصدق أن عملية عسكرية كهذه مختبئة في قبعة باراك السحرية فإنه سيؤيد استمرار الحرب. والسؤال هو فقط من سينكسر أولا، حماس أم التأييد الشعبي ». (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 02 جانفي 2009 )
باتريك سيل:حرب إسرائيل المجنونة على غزة
باتريك سيل الحياة – 02/01/09// تُعتبر الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة ضربا من الجنون السياسي. فهذه الحرب هي نتاج مجتمع مضطرب إلى أقصى الحدود، إذ انه غير قادر على ضبط عجرفته العسكرية ولا على تهدئة شعوره العميق بالاضطهاد. ومن المرجّح أن تكون العواقب مؤلمة في الأفق الإسرائيلي على المدى الطويل. وتُبعد هذه الحرب الوحشية، التي تجعل الفلسطينيين أكثر تطرّفاً وتؤجّج مشاعر الغضب في العالم العربي والإسلامي، إمكانية انخراط إسرائيل سلميا في المنطقة في المستقبل المنظور. وقد يشكّل ذلك هدف إسرائيل الأساسي المثير للسخرية بما أنها تريد الهيمنة وليس التعايش السلمي. وفي الواقع، أكدت الحرب ما بدا واضحاً منذ زمن طويل، وهو أن إسرائيل لا تملك مصلحة في التوصل إلى سلام متفاوض عليه. فالسلام يعني التراجع والتنازل عن الأراضي فيما إسرائيل لا تزال مصممة على التوسع. وهذا ما يفسّر سرقة أراضي الضفة الغربية وتزايد عدد المستوطنات بسرعة فائقة، فضلا عن تدمير منازل الفلسطينيين وبناء الجدار الأمني وشبكة الطرقات الخاصة بالمستوطنين والتضييق الاقتصادي على الفلسطينيين من خلال 600 نقطة تفتيش، ناهيك عن مضايقات قاسية أخرى. ولعلّ السلام هو المتضرّر الأساسي من جراء هذه الحرب. فهو ميت على غرار الجثث الهامدة في غزة. وقد تمّ القضاء نهائيا على حلّ الدولتين وتمّ تعليق المحادثات الإسرائيلية – السورية وتمّ وأد خطة السلام العربية التي اقترحت السلام على إسرائيل وإقامة علاقات طبيعية مع الدول العربية الاثنتين والعشرين في حال وافقت على الانسحاب إلى حدود العام 1967، في حمام من الدم وفي الدمار الذي تخلفه الغارات. ولا شك في أنّ أحد أهداف حرب إسرائيل يكمن في الاستيلاء على أي محاولة قد تقوم بها الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة باراك أوباما لإعادة إطلاق عملية السلام المحتضرة. وستتم خسارة أشهر مهمة حاليا للملمة الفوضى. أما في ما يتعلق بإدارة بوش المنتهية ولايتها، فلا شكّ أن الأكاذيب الواضحة الصادرة على لسان كوندوليزا رايس التي حمّلت حركة «حماس» مسؤولية الحرب، هي السمة السياسية لأقل وزراء الخارجية الأميركية فعالية في العصور الحديثة. ولم تحبّذ إسرائيل يوما المعتدلين الفلسطينيين لسبب بسيط وهو أنه يجب أن تقدم إليهم التنازلات. وبغية تجنّب الانجرار إلى المفاوضات، فضّلت المتطرفين الفلسطينيين وكانت تبذل كلّ ما بوسعها لإنتاجهم عندما يغيبوا. وتتردد لازمة معروفة في الأوساط الإسرائيلية مفادها «كيف يمكنك أن تتفاوض مع شخص يريد أن يقتلك؟» وأثبتت الحرب على قطاع غزة، رفض إسرائيل العميق لأي تعبير عن القومية الفلسطينية. والدليل على ذلك هو ستون عاما من الحروب والاغتيالات والمجازر. ويبدو أن الزعماء الإسرائيليين يخافون، عن قصد أو عن غير قصد، من أن يؤدي الاعتراف بالتطلعات الفلسطينية إلى إضعاف شرعية مؤسستهم الوطنية. وربما تمّ شن الحرب لأن حركة «حماس» أبدت أخيراً إشارات تدل على توجه معتدل. فقد عبّر المتحدثون الرئيسيون باسمها بمن فيهم خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي، عن استعدادهم للقبول بدولة فلسطينية ضمن حدود العام 1967. وفوجئت إسرائيل أنهم بدأوا بإبعاد أنفسهم عن شرعة الحركة التي أُعدّت في العام 1987 والتي تدعو إلى تدمير إسرائيل. وشكلت صواريخ القسام إحراجا كبيرا للحكومة الإسرائيلية. فهي لم تكن قادرة على وقفها إلا بعد الاتفاق على هدنة. وأغضبت الصواريخ شعبا إسرائيليا لا يبالي سوى بمعاناته. لكن في الواقع، لم تكن الصواريخ سوى مجرد إزعاج بسيط. فتدل الأرقام على أن أقل من 20 إسرائيلياً قضوا نحبهم من جراء صواريخ القسام منذ انسحاب إسرائيل من غزة في العام 2005، فيما في الفترة نفسها قتلت إسرائيل حوالي ألفي فلسطيني. ولا شك أن إرهاب دولة إسرائيل كان قاتلا بقدر لم تستطع حركة «حماس» التعامل معه. ولم تحبذ إسرائيل يوما الهدنة مع حركة «حماس» وقد اختارت ألا تحترم بنودها. فعوضا عن فك الحصار عن غزة عمدت الى تضييقه، فأغرقت القطاع المكتظ بالسكان في بؤس كبير. كما أنها خرقت الهدنة بغارات مسلحة في 4 تشرين الثاني (نوفمبر)، فقتلت عددا من الرجال التابعين لحركة «حماس». ويجب النظر إلى هذا التصرف على أنه محاولة متعمدة لجرّ «حماس» إلى ردّ عنيف وبالتالي إلى إعطاء إسرائيل ذريعة لشن هجوم عليها. وشكّلت الصواريخ التي تطلقها «حماس» أحد الأسباب المتعددة التي دفعت إسرائيل إلى شن حرب علماً أنه ليس السبب الأهم. فقد أعطت هذه الصواريخ إسرائيل ذريعة لشن حرب تحمل أهدافاً بعيدة. ويكمن الهدف الاساسي لحرب إسرائيل في التأكيد على هيمنتها العسكرية على جيرانها كافة وذلك منذ إنشائها في العام 1948. وتُعتبر الحرب بالتالي بمثابة تحذير إلى «حزب الله» وإلى سورية وإيران وإلى أي شخص يجرؤ على تحدي سيطرة إسرائيل علما بأنهم قد يحظون بالعقاب نفسه الذي تفرضه إسرائيل على غزة. ويكمن الردع من ناحية واحدة، أي من ناحية إسرائيل فحسب في قلب عقيدة إسرائيل الأمنية. فهي تريد أن تحظى بالحرية الكاملة لتضرب من دون أن تلقى أي رد بالمقابل. وهي تعتمد على قوة وحشية لحماية نفسها وترفض أيّ نوع من أنواع الردع المتبادل. وهي تعارض أي توازن إقليمي للقوة، قد يجبرها على الاعتدال في أفعالها. وخلال السنوات الأخيرة، نجح كل من «حزب الله» و «حماس» وإيران في تقليص قدرة إسرائيل الرادعة. وصمد «حزب الله» في الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان في العام 2006 فيما أجبرت صواريخ حركة «حماس»، إسرائيل على الموافقة على الهدنة. ومن وجهة نظر إسرائيل، قاومت الولايات المتحدة الضغوط التي مارستها عليها إسرائيل لشن حرب على إيران، بحيث وصفت برنامجها النووي بأنه خطر «وجودي». والحقيقة هو أنه في حال وصلت الجمهورية الإسلامية إلى العتبة النووية، قد تتقلص حرية إسرائيل في ضرب جيرانها. وخلال الهدنة مع «حماس» كرّس وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك وقته للتخطيط للحرب التي أطلقها إلى جانب وزيرة الخارجية تسيبي ليفني. وتمّ التحضير بإتقان للهجوم في الأشهر الهادئة نسبيا. وآخر ما تقبل به إسرائيل هو أن تمتلك «حماس» أي قدرة رادعة تشبه قدرتها. تتجه إسرائيل إلى صناديق الاقتراع في 10 شباط (فبراير). وستحدّد نتيجة الحرب ما إذا سيستعيد باراك، مهندس الحرب في غزة دعم حزب تسيبي ليفني «كاديما» وحزب «الليكود» اليميني المتطرف بقيادة بنيامين نتانياهو، لحزب العمل. ومن المثير معرفة ما إذا كانت الحرب مؤامرة انتخابية مثيرة للسخرية بإدارة باراك وليفني وهي تهدف إلى تعزيز توقعاتهما وإلى إبقاء نتانياهو جانبا. في الواقع، وافق كل زعماء إسرائيل السياسيين على شن الحرب مهما كان انتماؤهم الحزبي. فكلهم مهووسون بالقوة العسكرية. ولم يبد أي منهم قادرا على التوصل إلى البنود التي قد تفرضها عملية سلام حقيقية. ولعلّ أيا منهم لن يصدّق بأنه تم الصفح عن جرائم إسرائيل أو نسيانها ولا خيار أمامهم بالتالي إلا المضي في القتل. * كاتب بريطاني متخصص في شؤون الشرق الأوسط ( المصدر: جريدة الحياة (يومية – بريطانيا) بتاريخ 02 جانفي 2009 )
إعدام الإنسانية في قطاع غزة
بروجيكت سنديكيت فاتسلاف هافيل وآخرون إن إهدار الوقت ينتهي دوماً إلى الندم. ولكن إهدار الوقت في الشرق الأوسط يشكل خطراً داهماً أيضاً. فقد مر عام آخر الآن دون أن يتم إحراز أي تقدم يُذكر في ردم الهوة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. إن الغارات الجوية الحالية التي تشنها القوات الإسرائيلية على غزة، واستمرار الهجمات الصاروخية على أشكيلون وسديروت وغيرهما من البلدات في جنوب إسرائيل لتؤكد كم أصبح الوضع رهيباً وأليماً هناك. إن المأزق الأمني القائم بين إسرائيل والقيادات الفلسطينية في غزة أدى أيضاً إلى الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة ومنعها للمساعدات الغذائية من الوصول إليها، الأمر الذي جعل 1.5 مليون إنسان يعيشون في غزة في مواجهة ظروف جوع حقيقي. ويبدو أن إسرائيل تريد أن تؤكد مرة أخرى على أسبقية الأمن «الصارم» على أي اعتبار آخر في التعامل مع الفلسطينيين في غزة. بيد أن هذا التركيز لن يؤدي إلا إلى عرقلة الفرص السلمية للتوصل إلى حلول خلاقة للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وما يزيد الطين بلة أن الساسة الإسرائيليين مستمرون على إصرارهم على توسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. وفي ظل هذا التعسف لم يعد بوسع العديد من الفلسطينيين أن يروا أي خيار لتحقيق آمالهم الوطنية غير التكتيكات الراديكالية. وما دام من الواضح أن هذا يهدد بتجدد العنف فمن الأهمية بمكان أن يدرك شركاء إسرائيل الإقليميون والجهات الدولية الفاعلة أن الفلسطينيين لن يتحولوا عن هدفهم الاستراتيجي المتمثل في إقامة دولة مستقلة. ولن يتخلى الشعب الفلسطيني أبداً عن نضاله الوطني. يتعين على كل من الإسرائيليين والفلسطينيين أن يفهموا أن مجرد استخدام القوة لن يكون كافياً أبداً لتحقيق غاياتهم البعيدة الأمد. والأمر يحتاج إلى إيجاد خيار قابل للتطبيق يستطيع الطرف المعارض أن يتبناه حتى لا ينتشر العنف. ورغم أن القوة لها استخداماتها في بعض الأحيان، فإن السلام المستقر الدائم لن يتسنى إلا بالتوصل إلى حل وسط متكامل. ولكي يكون حل الصراع ناجحاً، فإن الأمر يتطلب تحويل الطاقات المتولدة عن الصراع نحو بدائل بناءة وسلمية. وتحويل طاقة الحرب على هذا النحو من شأنه أن يحدث في أي مرحلة من دورة التصعيد، ولكن إذا لم نشرع في بناء السلام لمنع الحرب عند أول بادرة من بوادر المتاعب، وإذا ظلت المشاكل معلقة مع اشتداد الصراع، خاصة إذا ما تحول إلى العنف، فلا مفر من اللجوء إلى نوعٍ من التدخل. وآنذاك فقط يصبح بوسع جهود التوفيق والوساطة والتفاوض والتحكيم، والعمليات التعاونية لحل المشاكل، أن ترسخ نفسها. وفي النهاية فإن جهود إعادة البناء والمصالحة تشكل الوسيلة الوحيدة الصالحة لجلب الاستقرار، ذلك أن الاستقرار لا يمكن فرضه بالقوة. لا شيء في هذا يثير الدهشة، ولكنه يثير علامة استفهام حول الأسباب التي أدت إلى انعدام أي جهد أكثر تنسيقاً وتركيزاً من أجل تغيير الوضع في غزة وفلسطين. هناك من اقترح تأسيس حكومة وصاية دولية للمنطقة لحماية الفلسطينيين من العناصر الأشد خطراً بينهم، وحماية الفلسطينيين من الإسرائيليين، بل وربما حماية الإسرائيليين من أنفسهم، بيد أن هذا الاقتراح لم يلق أي قدر يُذكر من الاعتراف. إن هذا الافتقار إلى المحاولات المنسقة لبناء اتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين -على أساس توجه شامل ومتعدد التخصصات ومنهجي قادر على تحويل المتغيرات وإرشاد كافة الأطراف إلى سلام يرى الشعبان الفلسطيني والإسرائيلي أنه قائم على المساواة والعدل- هو أكثر ما يثير مخاوف من يعملون مثلنا في مجال حل الأزمات الدولية. إن النمو الاقتصادي من بين العناصر الأساسية في بناء هيكل للمصالحة. وكما أكد البنك الدولي مراراً وتكراراً فهناك علاقة متبادلة قوية بين الفقر والصراع. وهذا يعني أن سد العجز في الكرامة الإنسانية وتضييق الفجوة بين من يملكون ومن لا يملكون سوف يشكل ضرورة أساسية للتوصل إلى أي تسوية سياسية قابلة للاستمرار بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ورغم ذلك فإن الجهود المبذولة في هذا السياق بطيئة، وعلى هذا فهي غير كافية لتوفير الأمل الحقيقي في حياة أفضل. يتعين على الفلسطينيين والإسرائيليين أن يقيموا حوارات عملية عبر الصدوع الاجتماعية الشاسعة التي تفصل بينهم، علاوة على الحوار بين السلطات والناس العاديين الذين يعيشون في حالة من الارتباك فيما يتصل بكل ما يُرتكب باسمهم. ولا بد من إعادة بناء الثقة إن كنا راغبين في مساعدة أطراف النزاع في إدراك كيفية التغلب على عداوات الماضي. ومن الأهمية بمكان أن ندرك أن التشخيص السليم للمشاكل وعلاجها لن يتسنى إلا ببناء الثقة العامة. لا شك أن حاجة إسرائيل إلى الأمن لا بد أن تكون مفهومة من جانب كافة الأطراف، ولكن إجراءات بناء الثقة مطلوبة أيضاً من جانب جميع الأطراف. بيد أن المطلوب الآن أكثر من أي شيء آخر يتلخص في بث رسالة واضحة مفادها أن الحوار وحده، وليس العنف، هو الطريق الحقيقية لإحراز أي تقدم في هذه الأوقات العصيبة. لقد أصبحت الأخلاق الإنسانية الأساسية عرضة للخطر في غزة. ولقد استمرت المعاناة والتدمير المستهتر المسرف لأرواح البشر واليأس وغياب الكرامة الإنسانية في هذه المنطقة لفترة طويلة للغاية. والحقيقة أن الفلسطينيين في غزة -بل وكل من يعيشون حياة مُخَرَّبة بلا أي أمل في مختلف أنحاء المنطقة- لا يمكنهم الانتظار إلى أن تتحرك الإدارات الجديدة أو المؤسسات الدولية. وإن كنا لا نريد لمنطقة الهلال الخصيب أن تتحول إلى منطقة الهلال العقيم المجدب فلا بد أن نستفيق وأن نجد في أنفسنا الشجاعة الأخلاقية والأدبية والبصيرة السياسية اللازمة لإحداث طفرة كمية ونوعية في فلسطين. فاتسلاف هافيل رئيس جمهورية التشيك الأسبق، والأمير الحسن بن طلال رئيس منتدى الفكر العربي والرئيس الفخري للمؤتمر العالمي للأديان من أجل السلام، وهانس كونغ رئيس مؤسسة من أجل أخلاق عالمية وأستاذ فخري للاهوت المسكوني بجامعة توبنغن، ومايك مور المدير الأسبق لمنظمة التجارة العالمية، ويوهي ساساكاوا رئيس مؤسسة ساساكاوا للسلام، وديزموند توتو الحائز على جائزة نوبل للسلام، وكاريل شوارزنبرغ وزير خارجية جمهورية التشيك. ( المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 02 جانفي 2009 )
حرب غزة: ثمن إسرائيلي فادح لقاء ظفر حمساوي معلن
صبحي حديدي بين 450 رئيساً للكليات والجامعات الأمريكية، ممّن اعتادوا استنكار وإدانة جهود بعض الأكاديميين البريطانيين لمقاطعة الجامعات الإسرائيلية، لا أحد من هؤلاء نبس ببنت شفة، أو كتب كلمة واحدة، في إدانة أو استنكار القصف الإسرائيلي الهمجي الذي استهدف الجامعة الإسلامية في غزّة، على امتداد ستّ غارات. ورغم أنّ الجامعة تظلّ رمزاً ثقافياً وتربوياً حمساوياً (تأسست سنة 1978على يد حركة ‘حماس’، ولكن بموافقة سلطات الإحتلال الإسرائيلية… للمفارقة)، فإنها في نهاية المطاف جامعة في عداد جامعات الأرض: إنها مؤسسة التعليم العالي الأهمّ في غزّة، سيما حين يستذكر المرء حقيقة أنّ سلطات الإحتلال تحظر على طلاب غزّة الدراسة في الضفة الغربية أو الخارج، ولهذا يدرس فيها قرابة 20 ألف طالب، تشكل النساء نسبة 60 ‘ منهم، وتضمّ 10 كليات ليست جميعها في اختصاصات الشريعة والفقه الإسلامي، إذ ثمة كليات للطبّ والهندسة والعلوم وتكنولوجيا المعلومات والتجارة والتمريض. إذاً، وبعد أن يضع المرء جانباً ذلك الصمت الشائن واللاأخلاقي الذي يمارسه الساسة، والغالبية الساحقة من المعلّقين والكتّاب والصحافيين هنا وهناك في أوروبا والولايات المتحدة، ها هو النموذج الأكاديمي يتولى اختصار باركة جرائم الحرب الإسرائيلية في غزّة. ولعلّ مما يلفت الإنتباه أنّ أوّل استنكار لهذا القصف جاء من الأكاديمي الإسرائيلي نيف غوردون، رئيس كلية السياسة والحكم في جامعة بن غوريون، النقب، وصاحب الكتاب المتميز ‘الإحتلال الإسرائيلي’ الذي صدر السنة الماضية، وأحد محرّري التقرير الشهير ‘التعذيب، حقوق الإنسان، الأخلاق الطبية، والحالة الإسرائيلية’، 1995. وإذْ يًظهر استطلاع للرأي، نشرته بالأمس صحيفة ‘هآرتز’، أنّ 52′ من الإسرائيليين يؤيدون استمرار عمليات القصف الجوّي ضدّ غزّة، ويدعو 19’ إلى رفد هذه العمليات بهجوم برّي، فإنّ أمثال غوردون لا يقبعون في صفّ أقلية الأقلية فحسب، بل هم في عداد ‘الإسرائيليين كارهي إسرائيل’ حسب ابن جلدتهم أري شافيت، المعلّق السياسي الشهير. صحيح أنّ عملية ‘الرصاص المسبوك’ مأساوية لأنها تقتل النساء والأطفال أيضاً، يقول شافيت، ولكنها من جهة أخرى حملة عسكرية عادلة، ولا بدّ لكلّ الحروب من أن تنطوي على المآسي. أمّا ما يتشدّق به إسرائيليون كارهون لإسرائيل، فإنه حسب شافيتز… لا يعين الفلسطينيين، الأحرار والمعتدلين ومحبّي السلام! أين يمكن العثور على أمثال هؤلاء الفلسطينيين؟ ياسر عبد ربه؟ نبيل عمرو؟ محمد دحلان؟ أم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي استخدم صفة ‘الحقيرة’ في وصف المجازر الإسرائيلية في بيت حانون قبل سنتين، تماماً كما وصف عملية استشهادية فلسطينية قبلها بأسابيع معدودات؟ وفي ربيع العام ذاته، 2006، حين أغار الجيش الإسرائيلي على سجن أريحا (التي لا تقع في غزّة، وليست البتة تحت سيطرة ‘حماس’، ولا تنطلق منها صواريخ القسّام…)، فأهان حرّاس السجن والسجناء الفلسطينيين بإخراجهم عراة أمام الكاميرات، قبل اعتقال الأمين العام لـ’الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين’ ورفاقه… ماذا قال عباس في وصف هذا كلّه: ‘جريمة لا يمكن أن تغتفر’! لعلّ هؤلاء هم الذين في ذهن المعلّق شافيت، مقابل امّحاء مجازر بيت حانون ومهانة سجن أريحا، وسواها من الجرائم الإسرائيلية، من الذاكرة إياها التي تطلب من الإسرائيليين كارهي إسرائيل أن لا يعينوا نقائض عباس وعبد ربه وعمرو ودحلان. والحال أنّ شافيت كان يردّ مباشرة على جدعون ليفي، زميله في ‘هآرتز’، لأنّ الأخير وصف عمليات قصف غزّة بـ ‘السبت الاسود’، وتحدّث عن غياب أيّ معنى عسكري مهني أو بطولي في إرسال الطيارين الإسرائيليين لقصف مواقع على الأرض تفتقد إلى القدرة على القيام بأي ردّ عسكري مضادّ، بحيث لا تختلف هذه العمليات عن تلك التي يقوم بها الطيارون أثناء التدريب بالذخيرة الحيّة. وأمّا إثم جدعون الأكبر فإنه، بعد أن حفظ للطيارين حقيقة أنهم إنما ينفّذون الأوامر العسكرية، اعتبرهم في عداد ‘المتعاقدين الفرعيين’، وطرح عليهم السؤال الشاقّ: ‘ألا يفكّرون في الحقد المشتعل الذي يزرعونه في النفوس، ليس في غزّة وحدها بل في أماكن اخرى من العالم، في غمرة المشاهد المريعة على شاشات التلفزة’؟ قبل شافيت، وفي الصحيفة ذاتها التي تفاخر بأنها ليبرالية أو تمثّل يسار الوسط، كتب يويل ماركوس، الذي اعتاد التحذير من التورّط في غزّة حتى أنه اعتبرها فييتنام إسرائيل: ‘لن أخفي ابتهاجي لمشاهد اللهيب والدخان يتصاعد من غزة، والتي أمطرتنا بها شاشات التلفزة. لقد آن الأوان لكي ترتعش نفوسهم ذعراً فيفهموا أنّ استفزازاتهم الدموية ضدّ إسرائيل لها ثمنها’. وهكذا فإنّ الهمجية الإسرائيلية ضدّ غزّة اليوم تستكمل الحلقات الهمجية التي تعاقبت منذ تأسيس الدولة العبرية، وتدخل في قلب المزاج الدامي والدموي الذي جعل، ويجعل كلّ يوم، سواد الإسرائيليين آلة فتك وآلة كابوس وآلة وجود في آن معاً. وهو مزاج أهوج أعمى، متطرّف وعنصري وبربري، يقتات على الدم الحيّ تارة، مختلطاً بالدخان والدمار واللهيب الذي يبتهج له ماركوس، أو يتغذى طوراً على صورة فلسطيني يزداد زجّه في صورة الآدمي اللامرئي الذي لا يُرى، إذا بان واستبان، إلا في صورة الإرهابي القاتل الإسلامي المتشدد الحمساوي، الذي انفكّ عن كلّ عقل واعتدال. وغزّة اليوم، مثل بيت حانون أو سجن أريحا في الأمس القريب، لا تتنزّل في مستقرّ آخر سوى هذا الإنفلات الفاشيّ الوحشي لدولة لم تعد تحفظ من ذاكرة الهولوكوست سوى إعادة إنتاجه بين حين وآخر، فتستوي غزّة مع بيروت، وبيت حانون مع بنت جبيل… وكان الروائي والكاتب الإسرائيلي دافيد غروسمان (الذي، للتذكير، فقد ابنه أوري ابن الـ 20 سنة والضابط الإحتياط في سلاح المدرعات، أواخر العدوان الإسرائيلي على لبنان) قد أقرّ بأنّ الازمة التي تعيشها الدولة العبرية ‘أشدّ عمقاً مما كنّا نخشى في أيّ يوم، وفي كلّ منحى’. كان غروسمان يلقي خطبة في ذكرى اغتيال رئيس الوزراء الأسبق إسحق رابين، وأوضح أنه ‘يحمل لهذه الأرض محبّة هائلة وطاغية ومركبة’. وهو علماني التفكير، ولكنه مؤمن بأنّ قيام دولة إسرائيل كان ‘معجزة من نوع ما، سياسية ووطنية وإنسانية، وقعت لنا كأمّة’. وكان غروسمان بحاجة إلى تشديد كهذا، مشبوب غنائي واقعي ـ ميتافيزيقي في آن معاً، لكي يبلغ سلسلة خلاصات كارثية من الطراز التالي: ـ ‘هذا وطن جعل كارثتي الشخصية بمثابة ‘ميثاق دموي’؛ و’طيلة سنوات كثيرة، لم تفرّط إسرائيل في دماء أبنائها فحسب، بل فرّطت في المعجزة ذاتها، وفي فرص بناء دولة ديمقراطية ناجحة، تلتزم بالقِيَم اليهودية والكونية’؛ ـ ‘كيف حلّ بنا هذا؟ متى فقدنا حتى الأمل في أننا سنكون ذات يوم قادرين على تأمين حياة مختلفة أفضل؟ وكيف حدث أننا نواصل التفرّج كلّ على حدة، كأننا نُوّمنا مغناطيسياً بفعل الجنون والوقاحة والعنف والعنصرية التي حاقت بوطننا؟’؛ ـ ‘أحد أكثر نتائج الحرب الأخيرة صعوبة هو الإحساس المتعاظم بأنه لا يوجد ملك في إسرائيل، وأنّ قيادتنا جوفاء، قيادتنا السياسية والعسكرية جوفاء. لست أتحدّث عن أخطاء إدارة الحرب، أو انهيار الجبهة الداخلية، أو الفساد واسع النطاق. إنني أتحدث عن حقيقة أنّ الناس الذين يقودون إسرائيل اليوم عاجزون عن ربط الإسرائيليين بهويتهم، وبتلك المساحة والذاكرة التي تمنحنا الأمل والقوّة، وتضفي بعض المعنى على صراعنا اليائس الواهن من أجل البقاء’… وفي التعليق على مجازر غزّة، لا يبدو أنّ هذه الصورة الكابوسية تتلبس غروسمان إذْ ينصح قادة إسرائيل بوقف إطلاق النار لمدة 48 ساعة، من جانب واحد، بهدف إقناع ‘حماس’ بأنّ الضربات التي كانت شديدة يمكن أن تصبح أشدّ إذا استؤنفت! صحيح أنه يطالب، بلغة حازمة، أن تدرك إسرائيل بدقّة متى يتوجب على قوّتها الردعية الجبارة أن تلزم حدّها، إلا أنه يميل إلى اعتماد ذات المعادلة الرائجة، الفاسدة الزائفة: استفزاز صاروخي من ‘حماس’، مقابل ردّ فعل دفاعي من إسرائيل. غير أنّ معلقاً مخضرماً مثل البريطاني روبرت فيسك لا يرى ضيراً في تذكير العالم بالمقارنة التالية، رغم محتواها المأساوي على الجانبين: ‘صواريخ حماس محلية الصنع، ولم تؤدّ إلا الى مقتل 20 إسرائيلياً فقط خلال 8 سنوات. غير أنّ هجوماً بالطائرات الإسرائيلية ليوم واحد، أسفر عن مقتل ما يزيد على 300 فلسطيني’! وهذا يعيدنا إلى معلّق إسرائيلي آخر هو ألوف بِنْ، الذي عقد مقارنة إفتراضية بين صاروخ فلسطيني من طراز ‘القسام’، محمّل بمواد إنفجارية بدائية، يسقط على سيدروت أو عسقلان ويتسبب في أضرار طفيفة لا تتجاوز جرح مستوطن أو حفر طريق إسفلتي؛ وصاروخ سوفييتي الصنع من طراز ‘سكود’، محمّل برأس كيماوي، يمكن أن ينطلق من نقطة ما على الجبهة السورية، فيسقط على تل أبيب ويوقع مئات الإصابات. وتوصّل بن إلى خلاصة قد تبدو بالغة الغرابة، للوهلة الأولى فقط: أنّ الصاروخ الأوّل، ‘القسام’ هو الأشدّ خطورة. ذلك لأنّ احتمال إطلاق الـ ‘سكود’ يبدو بعيداً أو حتى مستبعداً، إذ يعرف بشار الأسد أنّ عواقب إطلاقه سوف تعني قيام مقاتلات إسرائيلية من طراز F-16 بدكّ مواقع السلطة السورية أينما كانت، بدءاً من القصور الرئاسية، وصولاً إلى مختلف المقرّات والمواقع الامنية، وتهديد أمن النظام في الصميم). ليست المشكلة، إذاً، في التكنولوجيا التدميرية للصاروخ، أو الأمدية التي يمكن أن يبلغها، بل في القرار السياسي خلف الأصابع التي تضغط على زرّ الإطلاق. وبهذا المعنى، استخلص بن أنّ الأسد أرحم للدولة العبرية من فتية كتائب عزّ الدين القسّام، وصاروخه الفتاك أقلّ وطأة من صواريخ الهواة التي يصنّعونها بموادّ بدائية وتكنولوجيا فقيرة. والمرء يتذكر أن حكومة إيهود أولمرت أعادت، صيف 2006، إحتلال ثلاث مستوطنات سبق للجيش الإسرائيلي أن أخلاها قبل نحو عام، بقرار من رئيس الوزراء السابق أرييل شارون. وكان الهدف تكتيكياً وستراتيجياً معاً، يسعى إلى تشكيل مناطق عازلة شمال قطاع غزّة، تحول دون وصول صواريخ القسام إلى عمق، أو حتى إلى تخوم، سديروت وعسقلان داخل ما تسمّيه الدولة العبرية بـ ‘الحزام الأمني’. لكنّ سقوط ‘قسام’ جديد في قلب عسقلان، بعد احتلال المستوطنات الثلاث وتوسيع رقعة المناطق العازلة، أعاد العملية بأسرها إلى السؤال الأمّ: هل يتوجّب إعادة احتلال غزّة، والعودة إلى المربع الأوّل الجهنمي الذي غادره شارون على عجل وبلا ندم؟ وأيّ ثمن فادح يتوجب على الدولة العبرية أن تسدده لقاء هذه العودة ـ الردّة؟ الأرجح أنّ هذا السؤال هو اليوم الأشدّ إلحاحاً على القيادات الإسرائيلية، قبل أغراض أخرى تخصّ تحسين المواقع الشخصية والحزبية قبيل انتخابات الكنيست، أو تعكير صفو الأشغال الإيرانية الإقليمية، أو اللعب المباشر في تجاذبات المحاور العربية، أو اختراق استحقاقات فلسطينية داخلية على رأسها انتهاء شرعية محمود عباس الرئاسية في التاسع من هذا الشهر، ومؤتمر حركة ‘فتح’ المعطّل، وسواها. وإذا صحّ هذا التشخيص، فإنّ ‘حماس’ قد خرجت ظافرة لتوّها، حتى قبل أن تتضح طبيعة المغانم السياسية! —————- كاتب وباحث سوري يقيم في باريس (المصدر: جريدة القدس العربي (يومية – بريطانيا) بتاريخ 02 جانفي 2009)
نحو قراءة مغايرة للعدوان على غزة
مصطفى الخلفي يبدو العدوان الإسرائيلي صادماً، خاصة مع توالي صور الشهداء والضحايا والضربات الجوية لقطاع غزة في ظل تخاذل عربي رسمي مستفز. لكن بالتأمل في حصيلة الأسبوع الأول من العدوان، تبرز آثار أخرى تقدم الوجه الآخر من نتائج العدوان، وهو الوجه الذي تحتاج الأمة إلى كشفه كذلك، لتتوازن النظرة إلى ما يجري في غزة ويكون ذلك عنصر إسناد للمقاومة فيها. لقد أسفر العدوان عن نتائج مغربية كان من الصعوبة توقع حصولها قبل أيام من انطلاقه، وتذكر بما حصل في الشهر الأول لانطلاق انتفاضة الأقصى في نهاية سبتمبر 2000، والتي أفضت آنذاك إلى إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط، والذي ما يزال مغلقا إلى اليوم، كما أدت إلى إيقاف مسلسل تطبيع تجاري ضخم بعد زيارة بعثة تجارية إسرائيلية للمغرب قامت بتنظيم لقاءات في عدد من المدن المغربية مع قطاع من التجار المغاربة والتي نظمت أسابيع قبل اندلاع الانتفاضة، وتوازى ذلك مع انحسار التوجه المقاوم للتطبيع مع العدو الصهيوني، والذي برز في محدودية الهيئات التي استجابت آنذاك للمشاركة في الوقفة الاحتجاجية ضد تنظيم لقاء تجاري دعائي إسرائيلي بالدار البيضاء في نفس الفترة، وهو ما أدت انتفاضة الأقصى إلى إطلاق مسلسل مغربي لبناء الموقف المناهض للتطبيع لسنوات بعد ذلك. اليوم يتكرر نفس المشهد وبصورة متقدمة، تجعل من آثار الصمود القائم في غزة والبطولة المعبر عنها من قبل المقاومة ذات آثار تتجاوز من الناحية الجغرافية مجال فلسطين إلى باقي العالم العربي والإسلامي، فما أبرز تجليات ذلك؟ أولى هذه التجليات تتمثل في إنهاء المشروع الصهيوني بفتح سفارة إسرائيلية في الرباط، بعد التراخي الذي سجل في الموقف الرسمي وتعدد اللقاءات الرسمية مع قادة الكيان الصهيوني، بعد زيارة مدير مكتب وزيرة خارجية العدو إلى المغرب نهاية نوفمبر الماضي وكشف صحيفة هآرتس عن مخطط لتطبيع العلاقات وأنه جرى بحث تنظيم زيارة لوزيرة الخارجية ليفني إلى المغرب، وقبل ذلك اللقاء الذي أعلن عنه رسميا بين وزيري الخارجية المغربي والإسرائيلي ببروكسيل، كل ذلك في سياق مخطط لابتزاز المغرب بعد حيازة الوضع المتقدم لدى الاتحاد الأوروبي، والتوجس المغربي الذي برز من احتمالات تغير موقف الإدارة الأميركية من قضية الصحراء المغربية، مما يذكر بما حصل في سبتمبر 2003 عندما حصل اللقاء الرسمي المغربي مع وزير الخارجية الصهيوني الأسبق شلومو بن عامي شهرين بعد الموقف المفاجئ للإدارة الأميركية في يوليو 2003 والذي دعم في البداية التوجه نحو فرض خطة بيكر لتسوية النزاع رغم التحفظات المغربية الكبيرة عليها. وثاني هذه النتائج ظهرت في تجميد جهود التطبيع غير الرسمي والتي تقوت في عام 2008 داخل المغرب، وخاصة في المجالات الإعلامية والسياحية والسينمائية، حيث برمجت لقاءات سياحية من إسرائيل للمغرب عبر أوروبا، كما بدأ نشر حوارات إعلامية مع صهاينة، إلا أن أخطر ما شهده مجال التطبيع غير الرسمي هو محاولة تأسيس طابور خامس داخل الحركة الثقافية الأمازيغية يناصر التطبيع ويخدم العلاقة مع العدو الصهيوني، بعد تأسيس جمعيتين لذلك تحت مسمى الذاكرة المشتركة والقيام بزيارة لتل أبيب من طرف زعيم الحزب الأمازيغي، والترويج لمقولات من قبيل أن المشكلة الفلسطينية هي مشكلة عربية إسرائيلية وأن الأمازيغ لا علاقة لهم بها، وأن تاريخ المغرب عرف تعايشا أمازيغيا يهوديا ينبغي استغلاله لجلب استثمارات اقتصادية للمناطق الأمازيغية، بل ومحاولة الترويج الخياني لزيارة ليفني للمغرب من قبل بعض النشطاء الأمازيغيين، وهو موقف عزز من وضعية التيار الأمازيغي الإسلامي في مواجهة هذا التوجه الذي يوظف القضية الأمازيغية لمصلحة أطروحات مناهضة للعمق العربي والإسلامي للمغرب، والفضل يعود هنا للصمود الذي تمت به مواجهة العدوان الحالي على غزة. أما ثالث النتائج فهي تدعيم وحدة الموقف المغربي بمختلف مكوناته بعد فترة من التوتر والتراجع في برامج مناهضة الحصار، بحيث أصبحت عدد من الوقفات الشعبية التي تنظم تتسم بمحدودية المشاركين فيها، كما ضعف الاهتمام الشعبي والمدني بالقضية الفلسطينية، وهو ما كان محط معالجات إعلامية متعددة السنة الماضية في المغرب، لكن مع العدوان الأخير تغيرت المعادلة بشكل كلي وجذري، مع ارتفاع التضامن الشعبي وتواصله ليشمل العشرات من المدن المغربية، وشكل عامل ضغط أدى لتراجع مظاهر الاحتفالات برأس السنة كما تمت إلغاء السهرات المبرمجة لها في القناتين الحكوميتين بالمغرب، وتحركت آليات الدعم وجمع التبرعات وتقوت العلاقة بين المنخرطين في أنشطة التضامن رغم التباينات الإسلامية واليسارية والليبرالية. ليست النتائج الآنفة سوى مؤشرات عن الوجه الآخر، والتي ينبغي التوقف عندها لما لها من دور في إكساب تحليل عميق للوضع الحالي للأمة والمغرب. elkhalfi2000@yahoo.fr ( المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 02 جانفي 2009 )
عاطف معتمد في أحد الأحياء الفقيرة من مدينة مومباي التقيت مع الشيخ رافع الدين إمام أحد مساجدها الكبيرة.. جلست في ضيافة الرجل أسأل عن أحوال المسلمين في المدينة العتيقة.. اختتم الشيخ جلسته بسؤال مشوب بعتاب مفاده « هل تترك فلسطين لكم وقتا كي تهتموا بنا؟ ». كان سؤال رافع الدين يرافقني في زيارتي لبقية المناطق الإسلامية في الهند، فتاريخ المسلمين في هذا البلد وتوزيعهم الجغرافي ووزنهم الديمغرافي الذي يبلغ 170 مليون نسمة، يجعلك تعتب حقا على لعنة الجغرافيا التي تباعد بينك وبين تاريخ أمة عظيمة وحضارة راقية ودروس نحن في حاجة إلى تلمسها. بقيت لعنة الجغرافيا حاضرة ترافق ما كتبت من مقالات عن الهند أو ما قرأت على طلابي من محاضرات في الجامعة. وتأكد السؤال الساخر لرافع الدين من خلال ما تقدمه عشرات الصحف ومئات الخطب المنبرية في المساجد عن فلسطين وعن قدسية الموقع الجغرافي وأنه لا حل لمشاكل العالم الإسلامي دون حل لمشكلة فلسطين. ها نحن في القاهرة، وها هي القنوات الفضائية تعلن بعد استشهاد وجرح المئات في الغارات الصهيونية على غزة بأن جماعات المعارضة المصرية تنظم وقفة احتجاج أمام نقابة الصحفيين مساء يوم المجزرة. لم يكن الناس في القاهرة يحتاجون لأكثر من هذا ليحتشدوا بمئات الآلاف في الموعد المضروب، خاصة بعدما انهالت الاتهامات على الحكومة المصرية بالتضامن مع إسرائيل فيما حدث على غزة من عدوان. اندفعتُ إلى ساحة التظاهر في « وسط البلد » حيث الفرصة مثالية لانضمام آلاف البشر، فاليوم عطلة الأسبوع وعادة ما يكون وسط البلد مزدحما بالمتسوقين، سيما ونحن على أعتاب عدد من المناسبات الدينية والاجتماعية. الطريق إلى « وسط البلد » كان مبشرا، فالمقاهي ممتلئة، والشباب والفتيات على كورنيش النيل بالمئات، وزحام السيارات كعادته. لكن المفاجأة صدمتني، إذ لم يكن بالمظاهرة الموعودة ما يزيد عن ألف فرد، ثلثهم من الصحفيين. لم تتوقف المفاجآت، فسرعان ما بُحت أصوات قادة المظاهرة بعد ساعة من اشتعالها، فمكبر الصوت الذي يحملونه معطوب. ولم يخل الأمر من اشتباكات كلامية بين القوميين والإسلاميين، الأمر الذي أدى إلى تضارب الهتافات وانقسامها إلى ثلاث أو أربع مجموعات. بعض الهتافات كان يلعن الرئيس والأمن، وبعضها كان متحمسا مؤكدا –دون علامة أو أمارة- أننا « ع القدس ماشيين.. شهداء بالملايين »! من قبيل الحزن الساخر مددت البصر إلى ساحة مجاورة كانت قد شهدت قبل سنوات تجمّع آلاف مضاعفة من مظاهرتنا اليوم، لكنها كانت حول طبال وراقصة وانتهت بواقعة تحرش جنسي جماعي! حين يسمع المرء النقد اللاذع لمصر في الفضائيات يتمنى لو فرق المتحدثون بين الحكومة المصرية والشعب المصري، لكن في ساحة التظاهر يتساءل المرء من جديد: أين الشعب المصري؟ أين سكان القاهرة؟ ماذا حدث للمصريين؟ وسط الزحام المختنق بجنود الأمن من الفلاحين البؤساء، التقيت صديقة فلسطينية عاشت في القاهرة عمرا، كانت الدموع في عينيها ممزوجة بسؤال كبير: هل ترى؟! ذكرني سؤالها الصامت بسؤال صديق زارني من القدس المحتلة.. في طريقنا من المطار إلى « وسط البلد » شجعت اللافتات الوطنية والقومية وصور الرئيس وشعارات الإنجازات ضيفي على أن يداهمني بهجوم المحب مستفسرا عن سبب سكوت المصريين عن نصرة فلسطين. لكن لسان ضيفي المتحمس للسؤال سرعان ما انعقد في النصف الثاني من الطريق، فمن « وسط البلد » إلى الحي الشعبي الذي أسكن فيه كانت المشاهد جد مختلفة. الزحام الخانق، الأسواق المكدسة، الصراع اليومي على لقمة العيش، التكدس في عربات النقل العام.. مشهد ليس أقل سوءا من مخيمات دير البلح في غزة المحاصرة. كثير من الالتباس الذي يعاني منه المراقب للدور الشعبي المصري في الأزمات الإقليمية ينبع من تعاطي المرء لمصر من خلال ما يسمى « الصورة النمطية ». تقوم هذه الصورة على رؤية الشعب المصري حاضرا لأمته، معطاء لها، ومساندا لقضاياها، إلى غير ذلك مما ترسخ في وجدان الناس في نصف القرن الماضي، وبشكل أساسي منذ طلائع المقاومة المصرية لتحرير فلسطين بعيد الحرب العالمية الثانية والحركة القومية الناصرية. من عيوب الصور النمطية أنها تعطل دور التاريخ، فلا تدرك ما تعرض له شعب من الشعوب من تغيرات وتحولات. كما أن من عيوبها التبسيط المخل الذي يلغي التفاصيل وينظر إلى مصر كتلة واحدة. يكشف التفصيل عن كثير من المشكلات المنهجية، فمصر المتخيلة في الصورة النمطية هي مصر القاهرة، رغم أن مصر القادرة على الفعل هي مصر الريف، مصر الغيط والمطحن، حيث الياقات الزرقاء المتسخة من عرق العمال والفلاحين. مصر القاهرة بالغة الحذر، غير قادرة على المغامرة، تفتقر إلى نزق الثورة، كما أنها نسيت منذ ثلث قرن صوت المدفع والرصاص. شباب القاهرة لم ينخرطوا في الجيش بنفس النسبة التي ينخرط بها شباب الريف، كما أن أعدادا كبيرة من شباب المدينة والريف على السواء أجلت تجنيدها أو أعفيت من التجنيد توفيرا للميزانية. أما النقابات المهنية وقادتها من أصحاب الياقات البيضاء والتي تحرك الشارع في القاهرة فلديها في النهاية ما تخشى عليه، وهي لا تغادر مقارها حين تتظاهر، فظهرها دوما لا بد أن يستند إلى جدار. اليسار المصري متعثر للغاية، وهو أشبه بنبات استزرع في تربة غير تربته، وما زال غير قادر على إقناع الشريحة الأكبر من الناس الذين اعتادوا ربط الكفاح بالدين أو توقيف التضحية على جائزة الآخرة. صحيح أن العمال قد سجلوا تحركات فاعلة خلال السنوات الخمس الماضية، لكنها كانت لتحسين الرواتب وأوضاع العمل ولم تكن ذات وجهة سياسية خارجية، ومثلها في ذلك مثل بقية الحركات العمالية في العالم. بهذه المعطيات ظل المسرح مؤهلا لدور الجماعات السياسية الدينية وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين التي تتجاوز الترتيب الطبقي كما تتجاوز جغرافية القاهرة إلى النجوع والقرى والحقول الزراعية. الجهات الأمنية تقرأ الموقف جيدا، وهي لا تدخر جهدا في تفويت الفرصة على الجماعات الإسلامية متسلحة بأسلحة فتاكة وأخرى ناعمة كتلك الصحف والمجلات التي تطفح أقلامها بكراهية تضع الإخوان إرهابيين أو قراصنة سلطة، أو خائنين لقضايا الوطن، وشعارها في ذلك يقول « مصر أولا وقبل كل شيء »! من عيوب الشخصية المصرية أنها ملولة لا تطيق الصبر على الأحداث، والقضية الفلسطينية طالت لدى هذه الشخصية أكثر مما ينبغي. كما أن الملول سرعان ما يجد الذرائع في حجج سمعها في المقاهي على شاكلة أن الفلسطينيين تفرقهم الفصائل أكثر مما تجمعهم الوحدة. ولأن التناقض سيد الموقف في مصر اليوم، فإنك تجد الملول في قضايا الخارج صبورا على قضايا الداخل، إذ علمته التجارب أنه لا داعي للعجلة، فوجوه الساسة قد تتغير لكن النتائج واحدة، فالدولة تتعرض لفساد منذ عهد « مينا » موحد القطرين ولا شيء يتغير، وعليك أن تدبر احتياجاتك بشكل أو بآخر. ولتدبير الاحتياجات مفاجآت، فالبطالة التي تطال شريحة واسعة من الشباب تدفع بهم إلى امتهان أعمال كثيرة. انظر مثلا إلى الشباب العاملين في قطاع السياحة الشاطئية، أي نوع من السائحين يخدمون وأي بضاعة يبيعون!؟ ومن الأقوال النمطية التي توصف بها مصر أن السياسة المصرية انكفأت على نفسها وانشغلت بالداخل عن الخارج، لكن من أخطاء هذه الصورة النمطية –التي يكتبها بالمناسبة محللون يعلقون على نشرات الأخبار- أنها تغفل أن المصري انشغل أيضا بنفسه عن غيره، وبات غارقا في الذات حتى أذنيه. وسط هذه الصور المتداخلة أبحث عن الملاذ الأخير.. أذهب إلى طلابي في جامعة القاهرة التي احتفلت قبيل أيام بمرور مائة عام على إنشائها.. أشق الطريق بين طالبات يرتدين الحجاب وأسفله أزياء ساقطة تصلح لفتيات الحانات الليلية وليس لطالبات في حرم جامعي. زواج الحجاب مع الزي الماجن دليل آخر على حالة التناقض التي يعيشها المصري اليوم، إذ الفتاة لابد لها من حجاب حتى لا يقال إنها سيئة السمعة « وتسير على حل شعرها ». بهذه الطريقة ارتاح أولياء الأمور من أن يوجه لهم أحد نقدا، كما أن الأزياء الماجنة لا تكشف عن الجسد وإن كانت تشفه وتفصله بكافة معالمه، وهذا تأكيد آخر على أن فتياتنا « مستورات ». أدخلُ إلى قاعة الدرس أحاضر عن الجغرافيا السياسية لمصر معرجا على أعداء مصر في الخارج.. لا يفهم الطلاب الدرس، ولا يعرفون حجم وحقيقة ودور هؤلاء الأعداء. فقد ولد أغلبهم قبل عشرين عاما فقط ورضعوا عبارات « السلام خيار إستراتيجي » و »السلام العادل والشامل ». كما أنهم يرون تغطيات إعلامية لزيارة مسؤولين إسرائيليين تفتح لهم الأبواب ويستقبلون بابتسامات واسعة، فأين المشكلة؟ يبدو أنه لا بد من تغيير الدرس والبدء في موضوع جديد عنوانه « أعداء مصر في الداخل ».. لكن بأي عدو أبدأ!؟ ـــــــــــــــ كاتب مصري ( المصدر: موقع الجزيرة نت ( الدوحة – قطر ) بتاريخ 30 ديسمبر 2008 )
أي المصائب أشتكي
أخي يا أخي أي المصائب أشتكي قصف ديارك أم أشلاؤك الممزقة أم صراخ عيالك أم الجوع والعطش أم المرملات النائحات بلا صمت أم الشرق أم الغرب أم سلالة القرد أم منظمة المؤتمر أم جامعة العرب أم فتح أم كاديما أم أولمرت أبو مازن أم عبد الله أم باراك أم حسن مبارك أم المعبر الموصود أم تآمر الخون أم الصمت أم التأييد أم الضوء الأخضر الى الله أشتكي طواغيت أمة طالما أحنووا الرؤوس وخروا للأذقان سجد فيا رب صب عليهم حمام الغضب وانتقم لشهداء لبنان وفلسطين العزة وسدد رمي الكتائب والجهاد والحزب واحفظ شباب المجاهدين في المقاومة ووفق خالدا وكل السالكين على الدرب وارع نصر الله حفيد بيت العصمة ذاك الذي أذاق العدو مرارة الغصص ورفع الهامات والرايات إلى القمم فانهض يا حسن نهوض الحسين وحطم كجدك عرش الكفر والصنم قسما ما غيرك للإمة بعد مهديها يمحو عارها ويعيد مجد ماضيها كلمة إلى العسكريين وجمال مبارك ألا عسكري ينتفض ويزيح العجوز الخرف انهض يا جمال وأذق مبارك أسوأ ما اقترف لقد أسمعت لو ناديت حيا لكن لا حياة لمن تنادي جبابرة العرب طمس الشيطان على أبصارهم وأصم أسماعهم واستحوذ على قلوبهم فهم لا يرون ولا يسمعون ولا يفقهون فلا أمل في بعث الحياة فيهم. فالمعول الوحيد على الله تعالى ثم على المجاهدين والمقاومين والشعوب الحرة… حمدوني باريس 01.01.2009
بيــــــان للرأي العام
لقد مثل اليوم الرفيق علي بوزوزية أمام محكمة الناحية ببنزرت لمقاضاته بتهمة السكر والعربدة في الطريق العام والفعل الفاضح الماس بالأخلاق الحميدة وفي نفس اليوم وبنفس التهم يحال أمام محكمة الناحية بمنزل تميم الرفيق رفيق حسين. وقد أكدت هيئة الدفاع لكل من الرفيقين أن ما ورد من محاضر لباحثي البداية غير متطابق مع الواقع حيث تعتبر التهم المنسوبة إليهما تهما تلبسية تستوجب السكر الواضح وتفترض أن يكون المكان عاما وخذا ما لم يعاينه باحث البداية وما لم يتطابق مع مكان وجود الرفيقين المحالين، حيث تم إيقافهما من محل سكناهما مما جعل القاضي في الجلستين محرجا أمام تهم كيدية ومحاضر متضاربة وغير مؤسسة قانونا خاصة أمام مرافعات الأساتذة المحامين الذين وضعوا القضية في إطارها الحقيقي مؤكدين أن القضيتين ملفقتين بناءا على عقلية انتقامية من نتيجة انتخابات المجالس العلمية التي قاطعها الاتحاد العام لطلبة تونس والتي كانت حصيلة المقاطعة صفرا من الأصوات نصيب التجمع الدستوري الديمقراطي حزب المليون في البلاد. والنقابيون الراديكاليون إذ يتوجهون بجزيل شكرهم إلى الأساتذة المحامين الذين تولوا الدفاع عن الرفيقين الموقوفين وكشفوا حقيقة التهم وعقلية الجهات التي تقف وراءها نخص بالذكر منهم الأستاذ أنور القوصري عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والأستاذة عفاف بن روينة قرقورة والأستاذ معاوية النجار والأستاذ وسام السعيدي، كما نثمن استعداد بقية الأساتذة الذين عبروا عن نيتهم في الدفاع عن مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس وقدموا إعلامات نيابة في القضيتين المذكورتين أو في القضايا التي سبقت. كما يتوجه النقابيون الراديكاليون للجهات التي تقف وراء هذه القضايا المفبركة والتي تراهن على توريط القضاء وإقحامه في تصفيات سياسية استهدفت النقابيين الراديكاليين طيلة السنوات الأخيرة مؤكدين أن التهم المنسوبة إلى رفاقنا تكشف بوضوح من له أخلاق حميدة دون غيره ومن من المفترض أن يحال حقيقة أمام القضاء على جرائم في حق خيرة شباب تونس وفي حق الديمقراطية والشعب، كما يعدون هؤلاء انه برغم سجونهم وبوليسهم وأحكامهم ستظل الجامعة على الدوام مدرسة للنضال الديمقراطي وساحة ولادة لا مكان فيها لأعداء الحرية وسيظل نصيبهم على الدوام صفرا من الأصوات، لن تتغير طالما لم تتغير العقليات البالية، ولن فيما يحصل اليوم من مهازل إقرار صريح أننا انتصرنا على جلادينا وأن إرادتنا من إرادة الجماهير وإرادة الجماهير لا تقهر ونحذر من مغبة الاستمرار في هذا النهج الذي لا يمكن أن يغري أصحابه كثيرا لأن العنف المسلط في حقنا يفتح الباب على مصراعيه لعنف موازي لن نحكم فيه صندوق الاقتراع ولا نفتح فيه باب التنافس لنترك النتائج والواقع يحدد من قادر على إلغاء من ومن الأقدر على إثبات ذاته على حساب الآخر. في الختام، نمضي قدما نحو مؤتمرنا الموحد وبتضحياتنا نحمي اتحادنا حتى يظل مدرسة للصمود وقلعة للنضال وساحة حرة لن يطأها الدستور أو تلوثها ميليشياته. سنضيف إلى القمع وعي القمع وسنحكم التاريخ والمستقبل ليحددا من سيظل في قلب الجمهور ومن ستكنسه مزبلة التاريخ. حسام.ب طالب نقابي راديكالي
النقابيون الرديكاليون بـــــلاغ إعــــــلامي
علي إثر الإعلان على نتائج انتخابات المجالس العلمية،والتي ُمنيت فيها وزارة التعليم العالي بهزيمة شنيعة بعد أن اكتشفت جلّ الأوساط المتتبعة للشأن الجامعي حقيقة البلاغات والتصريحات التي سبقت أو لحقت العملية الانتخابية من محاولة لتضخيم حضور طلبة التجمع وإظهارهم كجهة ممثلة لتبرير سلوكات الوزارة في التعامل مع قيادة إتحاد الطلبة، يهم النقابيون الراديكاليون تأكيد ما يلي: 1. إن اختيارهم تكتيك مقاطعة الانتخابات كان من موقع التزامهم بقرارات قيادة المنظمة وأمينها العام بعد اللقاء التشاوري مع مختلف الحساسيات النقابية الطلابية، زيادة على اقتناعهم الراسخ بعدم القبول بالمشاركة تحت إشراف جهات خرجت علنا على حيادها وانتصبت طرفا رئيسيا في الصراع نيابة عن طلبة التجمع وباسمهم وعلى رأسها وزارة التعليم العالي والتي مارست أساليب غير نظيفة في محاولة للتأثير علي النتائج. 2. إن التجاء الوزارة لأساليب بدائية للتزوير واستغلال سلطتها الإدارية لم يخرجها فقط عن حيادها وإنما كشف اعترافها بضعف طلبة التجمع والأطراف التي قبلت إن تكون ديكورها، كما كشف ضعف حجتها في التعامل مع مختلف الأطراف الجامعية من أساتذة وطلبة. 3. إن منطق البلطجة والاستهتار بالقوانين والأعراف في التعامل مع الممثلين الحقيقيين للأساتذة والطلبة واعتماد المؤامرات المفضوحة لفرض أقليات لا شرعية ولا تمثيلية لها والمراهنة على التصريحات الخشبية التي يدرك أصحابها قبل غيرهم أنها فاقدة للحجة وصعبة التصديق،كلها أساليب بالية لن تجلب لأصحابها إلا امتعاض الأساتذة والطلبة على حد السواء. كما يهم النقابيون الرادكاليون أن يوضحوا للرأي العام ما يلي: · إن النتائج الحقيقية للانتخابات أثبتت الحقائق التالية: أولا: إن طلبة الحزب الحاكم خلافا لما يريده الوزير،جهة ضعيفة وغير منسجمة تشقهم التناقضات الجهوية وتنخرهم الولاءات الفردية،ولم ينجحوا بالرغم من الإمكانيات المالية والإدارية المسخرة لخدمتهم إلا في إثبات عجزهم وفضح حقيقتهم كجهة فاقدة للروح النضالية،ولا تقودهم قناعة بقيم أو مبادئ بقدر ما تحركهم المصالح والامتيازات والأطماع. ثانيا:إن تورط الوزارة في هذه المهزلة الانتخابية يكشف حقيقة سياستها المعتمدة في مواجهة العمل النقابي مع مختلف الأطراف الجامعية كما يفضح طبيعة العقلية التي تقودها في التعامل مع الآخر من تجاهل لنتائج الانتخابات وعدم الاعتراف بالإرادة القاعدية دون تمييز بين الطلبة أو الأساتذة لتشمل اعتداءاتها حتى الإداريين من عمداء ومديرين ورؤساء الجامعات لتؤسس بذلك لتقاليد جديدة وغريبة عن الفضاء الجامعي تسمم فيها الأجواء ويتعاطى مع مختلف أطراف نخبتنا على أنهم قصّر ومارقين على القانون،ويصبح التعبير عن الرأي جريمة والحق النقابي جناية تستوجب الردع بفبركة القضايا وتلفيق التهم. ثالثا:إن انتصار هذه السياسة وتواصلها إنما هو في حقيقة الأمر انتصار على الديمقراطية وانتصار على الفكر والجامعة التونسية التي تحولت إلى مخفر تداس فيه الحريات كما تداس فيها حرمة وكرامة المثقف، وهو في ذات الوقت هزيمة لشعبنا وهزيمة لبلادنا تتوارثها أجيالنا جيلا بعد جيل. فهنيئا لوزارتنا انتصارها الجديد على الجامعة وهنيئا لها انتصارها الإضافي على الحريات الفكرية والأكاديمية الذي لم تحققه حتى الكنيسة في أشدّ العصور انحطاطا. رابعا: إن الانتصار الحقيقي لاتحاد الطلبة يتطلب المحافظة على وحدته الداخلية وتعميق النقاش مع العناصر والأطراف التي لم تلتزم بقرار المقاطعة استعدادا للمرحلة القادمة، مرحلة فرض المؤتمر بعد أن بلغت العلاقة مع الوزارة إلى طريق مسدودة بتنكرها لتعهداتها وتنصلها من التزاماتها بسبب تماديها في التدخل في شؤون المؤتمر ومحاولة التأثير على نتائجه. خامسا: إن دعاة المؤتمر الاستثنائي والجهات الداعمة لهم أكدوا بما لا يدع مجالا للشك أن لا رغبة لهم في الدخول للاتحاد العام لطلبة تونس ولا اقتناع لهم بمبادئ العمل النقابي ولا مصلحة لهم إلا في بقائهم في مواجهته أداة للتخريب وبوقا للوشاية وإطارا للتمعّش والابتزاز وأنهم بمثل هذه الروح وبمثل هذه العقلية قد اختاروا مرة أخرى صفا آخر غير النضال النقابي وغير مصلحة الطلبة واتحادهم. سادسا: إن ما أصدره رفاق لنا ممن اختاروا طريق المشاركة من بيانات ومواقف تشكك في موقف المقاطعة وتدين في ذات الوقت الظروف التي جرت فيها العملية الانتخابية في مختلف مراحلها إنما هم بذلك يناقضون أنفسهم فالأطراف النقابية التي التزمت معنا بقرار القيادة هي الأكثر تمثيلية داخل الهياكل القاعدية وداخل الهيئة الإدارية والمؤتمر وهي بذلك الأقرب دون غيرها لتمثيل الاتحاد فلا داعي لسياسة الهروب إلى الأمام وعدم الاعتراف بالخطأ والتمادي في ثقافة تجريم الآخر وخطاب المؤامرة فالاتحاد قد قاطع ولا يمكن أن يكون بقراره ذلك قد تواطئ ضد نفسه وهو بمقاطعته أكد بالملموس أن الوزارة ومن معها قد خاضوا السباق لوحدهم ولم يحرزوا المرتبة الأولى. وقد أكدت الأرقام المعلنة أن المشرفين على الانتخابات والفارضين لشروطها لم يتآمروا على الطلبة أو اتحادهم وإنما تآمروا على أنفسهم فكانت الأرقام وحدها كافية للرد على وسائل التزوير البالية ومحاولة الاعتداء على ذكاء الطلبة ولا يمكن بأي حال الانخراط في منطق يتماهى مع خطاب السلطة من موقع محاولة تبرئة الذات على خطأ نتمنى ألاّ يتكرر داخل منظمة واحدة فضاءاتها تسمح بالرأي والرأي الآخر لكنها في النهاية لا تعلن إلا موقفا رسميا موحّدا. من أجل مؤتمر يعزز وحدة النضال ويؤسس لجبهة الدفاع عن حرية العمل النقابي والسياسي في الجامعة والبلاد من أجل مناخ جامعي جديد..من أجل جامعة منارة للعلم ومدرسة للديمقراطية. لا مستقبل لشعب تهان نخبه وتداس جامعته بعقل الكهنوت والأحذية العسكرية. من أجل جامعة شعبية وتعليم ديمقراطي وثقافة وطنية..لا بوليس فيها و لا قضاء ولا سجون. من أجل إطلاق سراح الرفاق المساجين وعودة الرفاق المطرودين ومن أجل إنهاء ملاحقة الحق النقابي للطلبة والأساتذة على حد السواء. النقابيون الرديكاليون دائرة الإعلام تونس في 20 ديسمبر 2008
النقابيون الراديكاليون
بلاغ إعلامي
يتوجه النقابيون الراديكاليون للرأي العام الوطني والديمقراطي بالبلاغ التالي: لقد تمت مداهمة منزل عائلة الرفيق علي بوزوزية يوم السبت20 ديسمبر ليلا من قبل أعوان بالزي المدني تابعين لأمن الدولة قاموا بترويع العائلة في ساعة متأخرة من الليل والتفتيش عن الرفيق علي في وثائقه وأدواته الدراسية ثم تم إلقاء القبض عليه يوم الاثنين صباحا واقتياده إلى منطقة الشرطة بمنوبة ثم إلى منطقة الشرطة ببنزرت ليتم إيداعه فيما بعد إلى سجن بنزرت دون تحديد لتهمه أو لسبب لإيقافه. كما تم إيقاف عضو المكتب الفدرالي بكلية العلوم ببنزرت الرفيق رفيق حسين يوم الاربعاء24 ديسمبر من أمام منزله الكائن بمنزل تميم وإيداعه بسجن قرنبالية في انتظار إحالته على القضاء دون أن تتمكن عائلته من معرفة سبب الإيقاف أو التهم الموجهة إليه. وللتذكير فإن المكتب الفدرالي بعلوم بنزرت الذي ينتمي إليه الرفيقين الموقوفين كان قد دعا لمقاطعة المجالس العلمية ولقي استجابة مطلقة من طلبة الكلية حيث تحصل طلبة التجمع على صفر من الأصوات. وللعلم فإن حملة الإيقافات والمحاكمات التي تشمل النقابيون الراديكاليون لم تتوقف منذ سنوات حيث يقبع الآن في السجن كل من الرفاق: · قيس بوزوزية (شقيق علي بوزوزية) وعلي الفالح: عضوي المكتب الفدرالي اقتصاد تونس سجن برج العامري · الشاذلي الكريمي: حقوق صفاقس مطرود نقابي منذ أكثر من أربعة سنوات ومحاكم في أربعة مناسبات متلاحقة سجن رجيم معتوق بعد أن تم نقله من سجني المرناقية ثم قفصة · الرفيق عمر الحناشي عضو المكتب الفدرالي بعلوم تونس مطلوب في قضيتين موجود الآن بسجن قابس في الوقت الذي يلاحق فيه رفاق آخرون منهم من صدرت في حقه أحكام غيابية ومنهم من ما زال رهن المحاكمة. وتتزامن هذه المحاكمات الجائرة مع سلسلة من قرارات الطرد الجماعي من الدراسة وإحالات بالجملة علي مجالس التأديب هذا إذا استثنينا الإيقافات العرضية والاستفزازات اليومية من مراقبة لصيقة إلى الضغط على مالكي المنازل التي يؤجرها الرفاق ومطالبتهم بالخروج منها أثناء فترة الامتحانات زيادة علي ترهيب العائلات وتأليبهم للضغط على أبنائهم لعدم الترشح للمسؤولية في هياكل اتحاد الطلبة أو للانسحاب من المؤتمر والانسلاخ عن النقابيين الراديكاليين أو غيرها من الأشكال الاستفزازية التي لم نفهم حقيقة أسبابها أو لفائدة من والتي امتدت لتشمل جل الجهات (تونس الكبري؛نابل ؛بنزرت؛صفاقص قفصة؛ قابس ؛ جندوبة؛ الكاف….) والنقابيون الراديكاليون إذ يعبرون عن تنديدهم بالحملة المركزة التي كادت تخصهم دون سواهم من الأطراف الأخرى والتي امتدت لأكثر من أربع سنوات يؤكدون أن كل هذه المظالم لن تؤثر في عزائمهم ولن تغير من قناعاتهم أو إصرارهم علي عقد المؤتمر الموحد لاتحاد الطلبة دون مساومات أو ابتزاز وأنهم ماضون قدما في الدفاع عن أنفسهم وعن رفاقهم وعن كل المناضلين الذين طالتهم الأحكام الجائرة والقضايا المفبركة من أبناء اتحاد الطلبة وعلى رأسهم المناضل حفناوي بن عثمان عضو اللجنة الوطنية للمؤتمر الموحد والمحكوم ظلما بأربع سنوات سجن إثر محاكمات الحوض المنجمي. كما يتوجهون لقيادة اتحاد الطلبة لدعوتها لإعادة هيكلة وتفعيل اللجنة الوطنية الطلابية للدفاع عن الحريات بتونس والتفكير في الأشكال النضالية الملائمة لإيقاف ما يحصل في حق مناضلي الاتحاد من انتهاكات. النقابيون الراديكاليون دائرة الإعلام
تحليل إخباري: تونس… والأزمة المالية العالمية الواقع… الممكن… والمستحيل اقتراح إحداث لجنة وطنية تبحث موقع تونس وتمركزها بعد الأزمة
تونس ـ الصباح: ودعنا أمس الأول سنة.. واستقبلنا سنة جديدة ورثت عن سابقتها أزمة حادة نأمل ألا تخلفها هي بدورها للسنة الموالية، وأعني بذلك الاعصار المالي العالمي، أو الأزمة الأكثر حدة التي شهدها العالم، فقد تحولت العولمة الى واقع اقتصادي ومالي جلب معه مشاكل من نوع جديد لم نعهدها من قبل وفرض نفسه على جميع الدول دون استثناء بما في ذلك بلادنا.. واقتحم هذا الواقع الجديد البيوت دون استئذان.. ودون أن يترك لنا حتى مجرد الاختيار.. أو مجرد المناقشة.. وطبيعي جدا أن تتأثر بلادنا بالانعكاسات السلبية لهذا الـ«تسونامي» العالمي.. وهذا الاعصار الذي انطلق منذ اشهر فحسب في المجال المالي والمصرفي.. لتنتقل عدواه في مرحلة ثانية الى المجال الاقتصادي رغم كل محاولات الحكومات والسلطات النقدية لتطويق هذه الأزمة وجعلها تنحصر في بعدها المالي بسبب ادراكها واقتناعها بخطورة تسرب عدوى الأزمة المالية الى مجالات أخرى..؟! ويؤكد الخبراء الاقتصاديون أن تأثيرات هذه الأزمة كانت مرشحة لأن تكون أعمق وأكثر حدة لولا الاختيارات والتوجهات الاقتصادية التونسية التي وفقت بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي. من يمثّل المشكل؟.. ومن يقدم الحل؟! وامام خطورة هذه الأزمة.. وبداية سنة جديدة ستكون دون شك صعبة.. وربما صعبة جدا.. ولكنها لن تكون كارثية، فإن المنطق يفرض أن يحمل جميع الاطراف نفس القناعات.. حتى نواجه جميعا نفس المشكل.. ويكون الحل جماعيا.. إلا ان ما يمكن ملاحظته من خلال أداء مختلف الاطراف الوطنية ـ وأعني بذلك الحكومة، الاطراف الاجتماعية ومختلف مكونات المجتمع المدني ـ هو تحرك الحكومة لتطويق الأزمة ومحاولة تقديم الحلول واتخاذ الاجراءات العملية في تناغم مع التجمع الدستوري الديمقراطي الذي تحرك عن طريق هياكله الجهوية والمحلية، مقابل ملاحظة شبه غياب للاطراف الاجتماعية والمنظمات. فما هي دوافع غياب منظمة الدفاع عن المستهلك التي لم تقم ولو بحركة واحدة لتوعية المستهلك التونسي بضرورة تقليص النزعة الاستهلاكية في هذا الظرف الاقتصادي العالمي الحساس.. وهي مقصرة شأنها في ذلك شأن وزارة التجارة التي لا بد أن تراجع المواد الاستهلاكية الموردة من الخارج وخاصة تلك التي لسنا في حاجة الى وجودها في أسواقنا في هذه الفترة بالذات. .. اما المنظمة الشغيلة فقد رأت أن اصدار بيان وطني حول «حذاء الزيدي» الذي ضرب الرئيس الامريكي جورج بوش يعتبر أولوية وطنية.. ويمر قبل اصدار بيان واتخاذ موقف يتعلق بالأزمة المالية العالمية..؟! ألم يكن من الاجدر أن نهتم بالانعكاسات السلبية للأزمة المالية العالمية؟! أترك الجواب عن هذا التساؤل المشروع الى الفترة القادمة لعلها تتدارك الأمر.. وتقوم بحملة تحسيسية وطنية لادارك الطبقة الشغيلة بخطورة الأزمة.. وبضرورة الاستعداد للفترة القادمة.. والانصراف الى العمل.. وتحسين الانتاجية والتخلي ولو بصفة ظرفية.. والى حين انتهاء الأزمة.. عن النزعة المطلبية.. وكذلك الشأن بالنسبة لمنظمة الاعراف التي لم تقم الى حد الآن بدورها على الوجه الأمثل والمطلوب.. لقد انتفعت مختلف جهات البلاد.. ومختلف الاطراف دون استثناء بامتيازات وضع اقتصادي متميز.. ومزايا نمط تنموي متوازن أثبتت الاحداث نجاعته منذ أكثر من عشرين سنة.. ولا يمكن تحت أية ذريعة كانت.. ومهما كان السبب.. أن تدير ظهرها لهذه الأزمة.. أو تتوخى الأنانية.. وتسقط في منطق احتراف توظيف الأزمة لتكديس المزيد من الامتيازات.. أو التذرع بانعكاسات الأزمة لتسريح العمال بسبب ودون سبب؟! فعوامل وأسباب الأزمة كانت خارجية.. ولم تكن وليدة اخلالات هيكلية.. او اختيارات وتوجهات جوهرية.. وانما فرضت علينا فرضا وهي مرشحة حسب الخبراء لأن تدوم على الأقل طيلة السنة الجديدة 2009… أما الحل فهو تونسي بمشاركة مختلف الاطراف ودون أدنى استثناء بعيدا كل البعد عن أية محاولة للتوظيف.. أو التهرب من تحمل المسؤولية؟! البترول… الموسم الفلاحي.. والمشاريع الكبرى وبما أن لكل أزمة جوانب سلبية مؤكدة.. وانعكاسات مستقبلية لا يمكن تفاديها.. فان منطق «رب ضارة نافعة» لا يغيب عن كل الأزمات بما في ذلك الاعصار المالي الحالي.. ويمكن أن تتمثل «المنفعة» الاولى والتي لها بعد وانعكاس داخلي في تدهور أسعار البترول الى مستوى متدن جدا.. لم يشهده العالم منذ فترة طويلة.. وهي مرشحة حسب الخبراء الى المحافظة على مستواها الحالي تقريبا.. ولا تتجاوز في اقصى الحالات 60 دولارا للبرميل لمدة لا تقل عن السنة.. ويبقى الأمل قائما في أن لا تؤثر هذه الاسعار المتدنية للبترول على المشاريع الكبرى في بلادنا حتى يتسنى لأصحابها الايفاء بوعودهم وبالتزاماتهم. أما العنصر «الايجابي» الثاني فهو انخفاض مستوى اسعار المواد الاستهلاكية في الأسواق العالمية بسبب تراجع الحركة الاقتصادية بصفة ملموسة.. اضافة الى أن اسعار الحبوب وغيرها التي شهدت في السنوات الاخيرة قفزة غير مسبوقة أثرت سلبا على ميزانية الدولة.. ويبقى الأمل كذلك قائما في الموسم الفلاحي الحالي حتى يساعد هو بدوره على تقليص حجم وارداتنا من الحبوب… .. ما بعد الأزمة..؟َ والاعتقاد أن الوضع العالمي اليوم يشبه الى حد كبير تلك السفينة التي تتعرض لعاصفة هوجاء.. يتحتم على ربانها التحكم في الوضع دون أدنى فزع.. ولا تهويل.. ولا حتى تقليل من حدة الأزمة حتى يصل الجميع الى شاطئ السلام.. وانتهاء الأزمة.. وقد أثبتت التجارب أن لكل أزمة نهاية تقترن بظهور واقع جديد يختلف جوهريا عن الوضع الذي كان موجودا قبل بداية الأزمة.. وهذا ينسحب بطبيعة الحال على الأزمة المالية الحالية ـ التي نأمل أن لا تتواصل أكثر من اللازم ـ والتي ستولد حتما واقعا اقتصاديا وماليا جديدا.. لذلك فإن المحافظة على مكانة تونس.. بل تعزيزها.. يفرض احداث لجنة وطنية ثانية لها بعد استشرافي ومستقبلي تكمل اللجنة الوطنية الاولى التي أمر باحداثها الرئيس زين العابدين بن علي والتي تقوم بدور طلائعي وهام.. ويهدف احداث اللجنة الثانية الى التفكير في مستقبل الاقتصاد التونسي.. والنسيج الصناعي ونوعية الانشطة الجديدة التي ستتولد بعد نهاية الأزمة وغير ذلك من المسائل الوطنية الكفيلة بضمان مواصلة تمركز تونس واشعاعها العالمي بالاعتماد خاصة على سلامة ونجاعة التوجهات الوطنية ونقاط القوة الهامة والتي لا يستهان بها. مصطفى المشاط
( المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 02 جانفي 2009 )
قراءة في عام حمل حقائبه الثقيلة ورحل (2-1): مفاوضات اجتماعية صعبة… ووضع اقتصادي مفتوح على احتمالات عديدة
تونس الصباح: انصرفت سنة 2008 بلا رجعة، تاركة خلفها الكثير من الأحداث الوطنية الهامة على الصعد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية.. في هذه الورقة، قراءة للمشهد في بعض تفاصيله التي ستكون لها استتباعاتها خلال المدة القادمة.. حراك اجتماعي لافت على الصعيد الاجتماعي، تميّز العام الذي ودّعنا، بصعوبات كثيرة في عديد المؤسسات الاقتصادية، سيما في قطاعات محددة (مثل النسيج والإلكترونيك والميكانيك والجلود والأحذية)، التي اضطر أصحابها لإعادة هيكلتها أو تصفيتها أو غلقها لاعتبارات « غياب المردودية وصعوبة الظرفية الاقتصادية »، وهي العبارة التي ترجمت الوضع الاجتماعي في بعض المؤسسات التي كان مآل عمالها الركون « لراحة إجبارية » ربما استمرت إلى الآن وقد تطول إلى فترة لاحقة مفتوحة.. وعلى الرغم من الجهود الحكومية المضنية للحدّ من البطالة، خصوصا في أوساط خريجي الجامعات وأصحاب الشهادات العليا، فإن ذلك لم يمنع ظهور حركة احتجاجية طالت الحوض المنجمي بقفصة، التي شهدت تطورات لافتة، بما جعلها الحدث الأبرز في العام المنقضي على الصعيد الاجتماعي، خصوصا وأن خلفية تلك الأحداث بما عرفته من ملابسات مختلفة ليس هنا مجال الإتيان عليها، قد حصلت على خلفية ملف البطالة والتشغيل في إحدى أكبر المؤسسات العمومية في ولاية قفصة، بل وفي البلاد برمتها.. وعرفت البلاد لأول مرة منذ أكثر من عقدين، شبه أزمة مالية في أوساط الأسر التونسية، خلال الصائفة المنقضية، بسبب تزامن نفقات شهر رمضان والعودة المدرسية ولوازم عيد الفطر وما أعقبه من حاجات عيد الأضحى، بما جعل الحكومة تتدخل ـ بتعليمات رئاسية ـ لصرف قسطا من زيادات الوظيفة العمومية التي لم يكن قد شرع بعد في التفاوض بشأنها بين الحكومة واتحاد الشغل.. بما ساهم ـ ولو بقسط نسبي ولكنه هام ـ في التخفيف من حدّة تلك الأزمة وتداعياتها التي كان يمكن أن تكون أشدّ على العائلة التونسية.. مفاوضات اجتماعية .. صعبة من جهة أخرى، دخلت الأطراف الاجتماعية في جولة جديدة من المفاوضات شملت القطاعين العام والخاص.. وإذا كان التفاوض في الوظيفة العمومية والشركات والدواوين قد اختتم قبل فترة غير بعيدة بإقرار زيادات وصفت بـ « المعتبرة »، فإن المفاوضات في القطاع الخاص ما تزال مستمرة إلى الآن في عديد القطاعات (تم التوقيع على بضع اتفاقيات في بعض القطاعات)، وهو أمر غير مسبوق، باعتبار أن المفاوضات كانت تنتهي في الأغلب الأعم، مع نهاية السنة، لكنها إلى اليوم ما تزال مرشحة للاستمرار لأسابيع أخرى، بحكم تباين المواقف بين النقابيين وممثلي الأعراف.. على أن اللافت للانتباه في سياق الحديث عن المفاوضات الاجتماعية، هي المكاسب التي حصل عليها العمال في بعض القطاعات، وهي مكاسب نصت عليها التعديلات الجديدة التي أدخلت على الاتفاقيات المشتركة في جانبها الترتيبي، بما يجعل العمال يدخلون المرحلة المقبلة بمكاسب جديدة ستكون مؤثرة ـ بلا شك ـ على مسار العلاقة مع الأعراف من جهة، ويفترض أن تكون لها انعكاساتها على أدائهم ومردودهم الوظيفي.. ولا بد من الإشارة في هذا السياق التقويمي للمناخ الاجتماعي في البلاد، إلى بعض المناكفات المسجلة في أوساط النقابيين، وخاصة بين بعض الأوساط النقابية (القاعدية) والمركزية النقابية في علاقة بالتعاطي مع بعض المشكلات والملفات، وهي المناكفات التي قد تكون لها تداعياتها وتبعاتها خلال الفترة المقبلة.. ولا يمكن للمرء أن ينسى في خضم هذا التقويم، الارتفاع الملحوظ الذي عرفته الأسعار خلال العام المنقضي، سواء تعلق الأمر بالمواد الغذائية الأساسية، أو المحروقات التي شهدت زيادات غير مسبوقة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الملابس والجلود والأحذية وغيرها.. وضع اقتصادي.. حذر.. ولعل الحدث الأبرز خلال العام المنقضي، الوضع الاقتصادي الوطني، الذي تأثر بشكل من الأشكال بتداعيات الأزمات العالمية المتتالية، بدءا بالأزمة التي طالت المواد الأساسية الغذائية على الصعيد العالمي وانعكاساتها على أسعار هذه المواد محليا، باعتبار أن جزءا مهما من هذه المواد يجري توريده من دول عديدة، ومرورا بالأزمة التي مسّت أسعار البترول الذي ارتفع من معدل 70 دولارا للبرميل إلى مستوى تجاوز المائة وأربعين دولارا، ما دفع الحكومة إلى تعديل ميزانيتها في عدة مناسبات عبر إقرار جملة من القوانين الإضافية للميزانية في هذا السياق، إلى جانب الأزمة المالية العالمية التي ما تزال مستمرة إلى الآن، والتي كشف عدد هام من الخبراء، عن تأثيراتها على عدد من القطاعات والمؤسسات، وسط توقعات بعام جديد صعب على خلفية هذه التطورات.. لكن اللافت للنظر في ما حصل، هي الطريقة التي تمت بها مواجهة الأزمة وتداعياتها على البلاد.. فقد استخدم في البداية، خطاب حاول إقناع الجميع بأن البلاد في منأى عن هذه الأزمة، باعتبار أن تونس لم تسجّل نسب اقتراض كبيرة من المؤسسات المالية الدولية، إلى جانب ضعف علاقتها وتعاملاتها المالية مع المصارف والبنوك الأمريكية، خصوصا تلك التي طالتها الأزمة الراهنة، بالإضافة إلى وجود إطار سليم ينشط فيه القطاع المصرفي والمالي في البلاد، على حدّ تعبير البنك المركزي التونسي في بياناته المختلفة التي صدرت خلال الأسابيع الماضية.. على أن الأيام القليلة الماضية، شهدت اتجاها جديدا لدى الحكومة، تمثّل في توخي خطاب مختلف عن المرحلة السابقة، خطاب دشنه الوزير الأول، السيد محمد الغنوشي من خلال اجتماعه بوسائل الإعلام المحلية الذي قدم فيه الكثير من المعلومات والمعطيات حول الظرفية الاقتصادية الدولية وسياق الوضع المحلي، مستخدما لغة أقرب إلى الواقعية منها إلى محاولة الخطاب التطميني الذي يبالغ في استخدام اللون الوردي حتى وإن كان في غير محلّه.. ورافق هذه المبادرة، صدور بيان عن اتحاد الصناعة والتجارة أعقب اجتماع مكتبه التنفيذي قبل بضعة أيام دقّ من خلاله ناقوس الخطر، عبر التحدث بلغة صريحة، أشارت إلى وجود أزمة حقيقية في قطاعات عديدة شديدة الحساسية في النسيج الاقتصادي للبلاد، فيما لجأت الحكومة إلى القيام بتعديل طال ميزانية العام 2009، تعديل أخذ بعين الاعتبار ملاحظات نواب البرلمان، من المعارضة كما من التجمع الدستوري، وتمخض عن « وجهة » جديدة للميزانية اختلفت بشكل ملحوظ عن الصيغة الأولى التي قدّمت بها إلى المجلس النيابي.. وبالإضافة إلى تشكيل لجنة حكومية عالية المستوى لمتابعة الأزمة المالية العالمية وتطورات الوضع الاقتصادي المحلي، أعلن رئيس الدولة في غضون الأيام القليلة الماضية عن جملة من الإجراءات الهامة التي عكست وعي الحكومة بحدّة الأزمة، وحرصها على التوقي منها بشكل مبكّر، وكانت هذه الإجراءات بمثابة « خطّة الإنقاذ » للمؤسسات الاقتصادية التي تشهد تقلصا في نشاطها الاقتصادي، وسبيل لدعم قدرتها التنافسية.. وكانت السنة المنقضية، شهدت زيارات عديدة لممثلي صندوق النقد الدولي إلى تونس لبحث تطورات الوضع الاقتصادي، كانت آخرها زيارة المدير العام دومينيك ستروس كاهن، في غضون الأسابيع القليلة الماضية، للتعرف على حقيقة الوضع في البلاد، خصوصا في ضوء بعض التصريحات الرسمية التي قدمت صورة شديدة الإيجابية عن الوضع الاقتصادي، استوجب قدوم المسؤول الأول عن هذه المؤسسة المالية الدولية، لتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من علاقة الأزمة المالية العالمية بالوضع الاقتصادي المحلي.. وعلى أية حال، فإن المؤشرات المتوفرة، تؤكد أمرين اثنين على الأقل : ++ وجود متابعة حكومية للوضع على أكثر من صعيد، إلى حدّ حالة من الاستنفار القصوى إزاء هذا الوضع الراهن.. ما نتج عنه إلى حدّ الآن، استقرار في الوضع الاقتصادي على الرغم من هذه الصعوبات.. ++ أن العام الجديد، سيكون صعبا، واليقظة فيه مطلوبة من قبل جميع الأطراف المعنية بالوضع الاقتصادي والاجتماعي.. على أن العام المنقضي، عرف مشهدا سياسيا لافتا.. والسؤال المطروح هو : كيف يبدو هذا المشهد ؟ وما هي خصوصيته في علاقة بالاستحقاق الانتخابي القادم؟ صالح عطية
( المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 02 جانفي 2009 )
اين موقع العرب في خارطة التغيير الجذري الذي عرفه العالم؟
د. الضاوي خوالدية إن البعد السياسي للحداثة أفقد أنظمة الحكم سمة الاستمرارية والثبات والقدسية إذ حدد عهداتها باثنتين فقط وسن المترشح لقيادتها وأوجب مساءلتها ومحاسبتها وجعل الشعب قواما عليها بل سيدها يبدلها كلما رآها غير خادمة له، إن هذا التحول الكبير الذي ساد أو كاد (الآن) وعرفته أمم قديما في فترات قصيرة من حياتها قد حسم قضية عظمى أرقت الإنسان وأنهكته وهي أن ‘القصور’ صفة ملازمة للسلطة الحاكمة وعكسه: اتخاذ القرار العاقل الشجاع الحر هو صفة ملازمة للمجموعة (شعب، أمة، لا تجتمع الأمة على ضلال) يقول كانت في هذا المضمار: ‘ التنوير هو خروج الإنسان من حالة القصور، والقصور هو حالة العجز عن استخدام العقل خارج قيادة الآخرين والإنسان القاصر مسؤول عن قصوره لأن العلة في ذلك ليست في غياب العقل وإنما في انعدام القدرة على اتخاذ القرار وفقدان الشجاعة على ممارسته دون قيادة الآخرين… لتكن لديك الشجاعة على استخدام عقلك بنفسك ذلك هو شعار التنوير’ ولو لا تدوير طرفي المعادلة التي كانت قصورا عقليا وإراديا لدى الشعب وقدرة وشجاعة وإرادة لدى الحاكم فأصبحت معكوسة لما عرف العالم هذه الطفرة الحضارية في القرون الأخيرة، فأين موقع العرب في خارطة هذا التغيير الجذري الذي عرفه العالم؟ لا ننسى أننا عشنا ألف عام تحت كلكل الاستعمار وأن التشوهات التي حفرها فينا ليست قابلة للتجميل ولو على أيدي جراحين مهرة لكنها قابلة للاندمال التام بشرط أن نهشم سلاسل ‘القصور’ التي كبلتنا مئات السنين وأن ننتج سلطة واعية أنها فرع منا وليست أصلا أي أن خطأها ممكن وخطأنا مستحيل، لكن يبدو أن قدراتنا على الخروج من القصور ليست على ما يرام لأن ذلك يستوجب ثورة جذرية في النفس والعقل والتاريخ والجغرافيا تقلب الموازين القديمة وتفتح آفاقا جديدة للحياة وأن قدرة السلطة ‘خليفة’ الاستعمار على البقاء ولية لأمرنا لم يعتره ضعف المنظور لأنها سيئة عاجزة عن انتهاج سياسة رشيدة ترتقي بمستويات الحياة وتنظم قدرات المجتمع لتواجه الصعاب وتتغلب عليها والسبب يكمن فينا وفي السلطة، كما أكدت، لكن ما هي العوامل الإيديولوجية والسياسية التي أبقت السلطة لدينا سيدة ثابتة دائمة ونحن مسودين؟ إن العوامل كثيرة لكن أهمها في نظري وأخطرها ‘الجبرية’ السياسية التي ساس بها الأمويون والعباسيون خلافتيهم وكانت نتائجها كما يعرف الجميع والتي أحيتها أنظمتنا المعاصرة وطبقتها رغم اختلاف الظروف الزمنية والعقدية والفكرية والحضارية والاجتماعية وتراكم التجارب السياسية، ولعل الوقوف عند حد الجبرية بنسختيها القديمة والجديدة والاشارة إلى بعض مظاهرها وشيء من نتائجها لمفيد لفهم مقومات الأزمة المستعصية التي تعيشها شعوب هذه الأمة على جميع الأصعدة حتى أصبحت في نظر الآخر (الغربي والأمريكي اللاتيني والآسيوي…) رمزا للخور والعجز والتخلف. ازمة مستعصية إن الجبرية، باختصار وبدون استحضار الفرق المعاصرة لها ونظرياتها، إيديولوجيا ابتدعها الأمويون ساسة وفقهاء (وتبناها طبعا أهل السنة) عندما فشلوا في شرعنة حكمهم بشعارات: الجماعة توقي الفتنة القرشية، مفادها (الجبرية) أن حكم معاوية وسنه نظام الوراثة في الخلافة الأموية وحكم الخلفاء من سلالته جبر، قضاء وقدر، غير متيسر الهروب منه لأنه إرادة إلهية، فالله كتب لهم أن يكونوا خلفاءه في الأرض لذلك كانت ألقابهم: خليفة الله في الأرض، أمين الله، الإمام المصطفى… وكانت خطبهم لا تخلو من ذكر هذا ‘المعتقد’ وتكريره حتى أصبح لديهم قناعة بل حقيقة غير قابلة للنقاش يقول معاوية: ‘قد كان من قضاء الله أن ساقتنا المقادير إلى هذه البقعة… وأتراني قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحج لكني قاتلتكم لأتآمر عليكم وعلى رقابكم، وقد أتاني الله ذلك وأنتم كارهون… وأن أمر يزيد قضاء وقدر وليس للعباد الخيرة في أمرهم … وإني لا أحول بين الناس وبين ألسنتهم ما لم يحولوا بيننا وبين سلطاننا’ وما دام الخلفاء الأمويون ثم العباسيون ليسوا مخيرين في حكم الأمة وإنما هم مجبورون على حكمها والأمة لم تخترهم وإنما كتب الله عليها أن يكونوا هم حكامها فإن الخلفاء لا يحاسبون على أفعالهم/ جرائمهم يوم القيامة وإنما يدخلون الجنة دخولا أما الرعية فهي محاسبة لا محالة على جبريتها يقول هشام بن عبد الملك: ‘الحمد لله الذي أنقذني من النار بهذا المقام’ وقال قبله معاوية نفس القول محتجين بحديث لفقوه وأتباعهم مفاده: ‘أن من قام بالخلافة ثلاثة أيام لن يدخل النار’ أما العباسيون الذين ساروا سيرة الأمويين، على تمييز أنفسهم بل الشرعنة لحكمهم بانتمائهم إلى بيت النبوة، فإن إيمانهم بجبريتهم كان أعمق يقول أبو جعفر المنصور: ‘أنا سلطان الله في أرضه أسوسكم بتوفيقه وتسديده وأنا خازنه على فيئه، أعمل بمشيئته وأقسمه بإرادته وأعطيه بإذنه، قد جعلني الله عليه قفلا، إذا شاء أن يفتحني لأعطياتكم وقسم فيئكم وأرزاقكم فتحني وإذا شاء أن يقفلني قفلني’… كما قال: ‘إن من نازعنا عروة هذا القميص أوطأناه ما في هذا الغمد’، يضاف إلى ذلك ألقابهم: المنصور بالله، المتوكل على الله، المعتصم بالله، المستعين بالله… ولعل اللافت في أقوال الخلفاء سالفي الذكر شيئان: أولهما أن همهم الحكم / الملك (الدنيا) وليس المحافظة على الدين والعمل بتعاليمه التي أوقدوا بها عصبيتهم والغاضبين بداية وثانيهما أن معارضيهم آمنون ما لم يتخطوا القول إلى الفعل لكن إيمانهم بأن حكما انتزعوه من غيرهم بحد السيف قد ينزع منهم بحد السيف كذلك جعل سيوفهم مسلولة على معارضيهم ومتوقعي معارضتهم مشتغلة فيهم طيلة حكمهم (الأمويين وكبار العباسيين) لذلك لم يسلم المعارضون بالسلاح طبعا كما لم يسلم المعارضون باللسان وإذا عم العسف الوقائي والاستباقي ردت الأمة بعديد الوسائل الفكرية الدينية (الفرق: المعتزلة، المرجئة…) والقومية (الشعوبية) والسياسية (الزبيرية، الأموية، العثمانية، العلوية، العباسية…) فكان التمزق والتشتت والضعف. فما علاقة النبذة التي ذكرت عن جبرية الخلافتين بجبريتنا المعاصرة؟ الجبرية الجديدة إني لا أقارن بين أعظم إمبراطوريتين في التاريخ العربي الإسلامي والعالم في زمانهما ودويلات (ملوك طوائف) معاصرة وإنما أدرس فعل الجبرية التي اعتمدتها الخلافتان أساس حكم بوعي وطبقتها أنظمتنا المعاصرة بدون وعي لكن بفعالية. إن الرئيس / الملك / الأمير المعاصر سلطان الله في أرضه منزلته لا تضاهى، هو فوق البشر عقلا وسداد رأي وأهلية للحكم، لا يخطئ، نجاح سياسته مضمون دوما (رغم الفشل الدائم الذي لا يتأتى إذا كان صارخا إلا من القضاء والقدر أو من عجز موظفيه عن فهم أفكاره المبدعة وتنفيذها على الوجه الأكمل) وقد أهلته هذه العبقرية الخارقة للتلقيب بألقاب تليق به كـ: المعظم، الأكبر، الفذ، الملهم، المنقذ، معبود الجماهير… وللبقاء حاكما ما دام على قيد الحياة وبعدها (اختياره الوارث أو الورثة) لذلك فلت هؤلاء من فعل الزمان وضغط دساتير العالم المنظمة لسلطات الحكم وشروطها كما فلت أعضادهم (الموثوق بهم) من قطع الزمان فمن أصحاب المناصب العليا الذين بقوا في المسؤولية فترة أطول من عمري الآن (62 سنة) اثنان على الأقل: أحدهما تخرج قبل ولادتي بأربع سنوات والآخر عين نائب وزير قبل دخولي المدرسة الابتدائية بثلاث سنوات فالأول ميت سريريا منذ الصيف الماضي والثاني مازال في المنصب ! أما حال الرعية تحت حكم الجبرية المعاصرين فمكتوب عليها الجهل والسفاهة والعمى والسمع والطاعة والانقياد التام للمخلصين الذين ‘لا يرينها إلا ما يرون’ لأنهم أصحاب الإلهام والعقل الأكبر والأدرى بالتالي بمصلحة المحكومين التي تقتضي العنف والعسف وتكميم الأفواه والإجحاف في الأداءات وإيثار ‘الخاصة’ ذات 5’من السكان بـ 80′ من ثروات البلاد، وليست هذه السياسة المشار إليها قابلة للنقد لأن ممارسيها ليسوا مخيرين في ممارسة غيرها والممارسة عليهم مسيرون في قبولها والأمر كله عائد إلى القضاء والقدر رغم علمانية الحكام. إن الأحقاب التي عاشها العرب ومازالوا من الجبرية الجديدة تركت آثارا مدمرة مستفحلة مع الزمن نخرت إنسانية الإنسان وخلخلت بنياته النفسية والذهنية والقيمية وأيأسته وأفقدته القدرة على أداء رسالته التعميرية في الوجود باعتباره فردا وجماعة وأمة بل أجبرته، وهو على هذه الحال، أن يسهم بوعي أو بدونه في هد وطنه وأمته وذلك بتشجيع الطائفية والمذهبية والعرقية والقبلية… والانضمام إليها بحثا عن تأمين الذات والأمل في حياة أفضل ومستقبل أوعد وضربا للجبرية الخانقة له، وقد لا يقف حال الذي يئن تحت جبرية لا ترحم عند الطائفية ومفرداتها وإنما يتعداها إلى الإرهاب الإجرامي (ترويع مواطنيه بالسرقة والنهب وقطع الطرق والقتل والاغتصاب…) وإذا وصل ضحايا الجبرية إلى هذا الحد فقدوا، مجبرين ومجبرين، الإحساس بالقضايا المصيرية كإنقاذ الوطن المتداعي والإسهام في تحرير فلسطين والعراق فقدانهم طبعا إرادة التحدي واستمراءهم الذل والهوان والرضا بالدون وتشبثهم بكل سراب كالسلام المزيف مع إسرائيل وما أنتج من زيف مروع في اقتصاد العرب الجارين وراء السلام / الاستسلام… إن الجبرية تكبيل لكل ما هو إنساني وفك قيود كل ما هو حيواني غريزي، إنها امتهان لكرامة الإنسان وإجرام في حق الشعوب والأمم والحضارة والتاريخ. ‘ كاتب من تونس
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 31 ديسمبر 2008 )