الجمعة، 11 يوليو 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N°2971 du 11.07.2008
 archives : www.tunisnews.net   

حــرية و إنـصاف:المولدي الزوابي كاتب عام جامعة جندوبة للحزب الديمقراطي التاقدمي يتعرض للاعتداء بطريقة فجة

حــرية و إنـصاف:وردت علينا رسالة من سيدي بوزيد عن أولياء بعض مساجين مجموعة سليمان نوردها كما هي:مجموعة سليمان تدخل في إضراب مفتوح عن الطعام

حــرية و إنـصاف:صيحة فزع من أجل سجين مضرب عن الطعام منذ 52 يوما

حــرية و إنـصاف:المناضل علي الأصبعي محروم من جواز السفر

المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية:بيــــــــــــــــــان

 الحزب الديمقراطي التقدمي : الموت يتهدد السجين الديمقراطي التقدمي وحيد براهمي المضرب عن الطعام منذ 23 يوما

ايلاف:تونس: محكومون في قضية سليمان يضربون عن الطعام

   ايلاف: تونس: الأمن يعتدي على صحفيّ بقناة الحوار

معز الجماعي:ذكرى إغتيال موقع جامعة قابس للحزب الديمقراطي التقدمي

معز الجماعي:آن الأوان لإدارة معرض قابس الدولي أن تتقاعد

شبكة الصحافة العربية: مجموعات معنية بحرية الصحافة تثير مسألة الإنشغالات التونسية مع الرئيس الفرنسي

 

بيان صادر عن منظمة العفو الدولية الاتحاد المتوسطي: طريقة للابتعاد عن حقوق الإنسان؟

مؤلّف كتاب « بورقيبة والإعلام: الباحث والصحفي خالد الحدّاد في حديث خاص للشعب:(الجزء الثاني)لماذا لم تخل عشريّة واحدة من الحكم البورقيبي من المحاكمات السياسيّة؟

قدس برس :المؤتمر القومي – الإسلامي: الاتحاد من أجل المتوسط بوابة إسرائيل للتطبيع

الصباح:: ارتفاع نسبة التضخم في تونس بنسبة 5.6%

ايلاف:لعنة الطلاق تطارد الجيل الجديد من المتزوجين في تونس

العرب:الحجاب.. قضية شائكة في عالم متغير

محمد شمام:المنهج القرآني في النقد والتقويم وفي التوبة والتصحيح – الحلقة الرابعة قراءة وتقويم القرآن لحادثة الإفك

توفيق المديني:زيارة الأسد إلى باريس.. هل تذيب الجليد في العلاقة السورية ـــ الأوروبية

مراد رقيةرضينا بالدون…قبلنا بالرياء والصمت…وهز البطون… فأصابنا الذل والهوان والجنون « بيدي لا بيد عمر »

الجزيرة.نت:إسلاميو موريتانيا يدعمون الرئيس رغم استبعادهم من الحكومة

     

ياسر الزعاترة:الإسلاميون والعلاقة مع الولايات المتحدة  

الجزيرة نت : فزع إعلامي لعزم مصر مراقبة الفضائيات والإنترنت

 


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


 

أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم وللصحفي سليم بوخذير وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- الصادق العكاري

22- هشام بنور

23- منير غيث

24- بشير رمضان

25 – فتحي العلج  

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش

أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 11/07/2008 الموافق ل 8 رجب 1429

المولدي الزوابي كاتب عام جامعة جندوبة للحزب الديمقراطي التاقدمي  يتعرض للاعتداء بطريقة فجة

 

 
توجه السيد المولدي الزوابي الى ضيعة نعمان العش يوم الأربعاء 09/07/2008 على الساعة التاسعة ليلا بمنطقة العشاشية  بلطة بوعوان بضواحي مدينة بوسالم فالتحقت بهم سيارة جيب و دخلت الى الضيعة و قام رئيس مركز بوعوان للحرس الوطني منير الحمدي بافتكاك أوراق سيارة نعمان العش و حاول افنكاك  الكاميرا و حين امتنع المولدي استنجدوا بسيارة شماد تابعة لفرقة الأبحاث حيث أخذوه معهم إلى منطقة مهجورة ببلاريجيا  و عنفوه و افتكوا منه بطاقة التعريف و هاتفه الجوال و الكاميرا و تلفظوا بأسوأ اللكلام و كان كل من ناصر الهذلي رئيس  مركز الأبحاث للحرس بجندوبة وعلي  رئيس فرقة الأبحاث هما من قاما بكل هذه التجاوزات و الاعتداءات. و حرية و انصاف إذ تعتبر أنه ليس من حق رئيس مركز بوعوان  افتكاك أوراق سيارة رابضة بالضيعة  و بطاقة الهوية الوطتية و تعتبره اعتداءا على الحقوق الشخصية  و تجاوزا للقانون. تندد بشدة بالاعتداء و التعنيف و بهذه الطريقة الجديدة في التحقيق مع المواطنين في الأماكن المهجورة و في الليل زيادة في التنكيل بهم و ارهبهم و بث الرعب لديهم. مع العلم أن السيد المولدي الزوابي تقدم بقضية لدى النيابة العمومية مستعينا بالأساتذة رابح الخرايفي و الهادي المناعي و سعيد المشيشي عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس  الأستاذ محمد النوري  


أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 10/07/2008 الموافق ل 7 رجب 1429

وردت علينا رسالة من سيدي بوزيد عن أولياء بعض مساجين مجموعة سليمان نوردها كما هي: مجموعة سليمان تدخل في إضراب مفتوح عن الطعام

 

 
 » الحمد لله وحده سيدي بوزيد في 8/7/2008 سيدي ، نحن أولياء المساجين الذين هم الآن بسجن المرناقية و الذين يسمونهم مجموعة سليمان – محمد المنصف والد محمد أمين الجزيري – البرني العيفي والد رمزي العيفي – صالحة عمامي والدة أسامة عبادي – و نجاة عمامي والدة وائل عمامي – محمد بن نور والد مخلص عمار – محمد الصالح الصالحي والد فتحي الصالحي – لطيفة والدة عماد بن عامر – العرفاوي والد علي العرفاوي و عدد آخر لا نعرف أسماءهم و هم كلهم من مجموعة سليمان و بطلب منهم أردنا أن نبلغكم بأنهم من يوم الجمعة الفارطة و هم في العذاب الأكبر منهم من هو مضرب عن الطعام و منهم من هو في سجن انفرادي و منهم ثلاثة أو أربعة أشخاص في بيت ضيقة 3م/3م في هذا الصيف الحار و ضوء البيت يشتعل ليلا نهارا و بيت الراحة مخززة و مملوءة بالناموس لأنهم اشترطوا عليهم عند فتحهم للباب أن يردوا التحية بالاستعداد على هذه التوضيحات نطالب نحن و أبناؤنا من معالي جنابكم التدخل السريع و العاجل لإيقاف هذه التجاوزات. عاشت حقوق الانسان أينما كانت ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر و السلام ». و قد علمت حرية و إنصاف أنه لمزيد التنكيل و التشفي بمساجين مجموعة سليمان فإنهم يحملون عند الزيارة على رافعة الخضروات و هي نتنة و وسخة إهانة لهم. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  


أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 10/07/2008 الموافق ل 7 رجب 1429

صيحة فزع من أجل سجين مضرب عن الطعام منذ 52 يوما

 

 
يواصل السجين أنيس بن عبد السلام بن محمد الشوك الموقوف بسجن مرناق إضرابه المفتوح عن الطعام لليوم الثاني و الخمسون على التوالي للمطالبة بإطلاق سراحه علما بأن السيد أنيس  الشوك وقع إيقافه يوم الاثنين 31 مارس 2008 من أجل اتهامه بالمشاركة في عملية سلب مع استعمال القوة و قد نفى بشدة ما نسب إليه من أفعال كما أن شريكيه المفترضين نفيا أمام حاكم التحقيق وجوده معهما أثناء العملية. و تجدر الإشارة إلى أنه خلال زيارة العائلة له بسجن مرناق يؤتى به محمولا بين سجينين لعجزه عن المشي و في الزيارة الثالثة منعته إدارة السجن من مقابلة أهله دون تقديم أي مبرر لهذا المنع. و عائلة أنيس الشوك تخشى أن يصيب ابنها مكروه و تدعو السلطة المعنية للتدخل العاجل لإطلاق سراحه.  عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  


أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 09/07/2008 الموافق ل 6 رجب 1429

المناضل علي الأصبعي محروم من جواز السفر

 

 
زارنا بمقر  حرية و إنصاف المناضل و السجين السياسي السابق السيد علي الأصبعي ( عفيف ) اليوم الأربعاء 9 جويلية 2008 و أعلمنا أنه ما زال يترقب تمكينه من جواز سفره إذ تم حجزه منذ 1984 بسبب نشاطه داخل حركة الاتجاه الإسلامي ( حركة النهضة حاليا ) و قد حاول استرجاعه بدون جدوى ، و خلال عام 1988 طلبت منه الإدارة تقديم مطلب جديد و هو ما تم بالفعل ثم جدد طلبه سنة 2004 لكن الإدارة أعلمته بالرفض دون تبرير ، و اضطر إلى تقديم مطلب آخر صحبة ملف كامل إلى مركز شرطة خزندار التابع لمنطقة الأمن بباردو حيث كان يقطن و قد سجل مطلبه تحت عدد 1059 بتاريخ 22/12/2007 و لم يحظ مطلبه إلى الآن بأي جواب. علما بأن السيد علي الأصبعي هو من مواليد 1932 و أنه كان يريد السفر إلى البقاع المقدسة لأداء فريضة الحج و يصطحب معه زوجته و أن حرمانه من حق التنقل داخل البلاد و خارجها بعدما قضى فترة في السجن من أجل آرائه هو استمرار واضح في مخالفة القوانين. و حرية و إنصاف 1)    تعتبر أن حرمان رجل مسن منجواز سفره لا شيء يبرره 2)    إن التسويف الذي يلقاه السيد علي الأصبعي هو محاولة لإهانته و الانتقام منه نظرا لنشاطه السياسي السابق 3)    تطالب بفض ملفات جوازات السفر و تلبية طلب جميع المحرومين من هذا الحق. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  


المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية البريد الالكتروني marced.nakabi@gmail.com: بيـــــــــــــــــــــــــــان

 
 اصدر المرصد بيانا بتاريخ05/07 /2008 اعلم فيه الرأي العام النقابي والوطني إلى تعرض مدونتيه على شبكة الانترنت إلى عملية حجب , وتواصل هذا الحجب على ما نعلم أياما إلى أن أعلمنا بعض الأصدقاء أن مدونتي المرصد مفتوحتين ويمكن الإبحار إليهما بصفة طبيعية . وقد قمنا بالتثبت في الأمر وهو ما تأكد لنا ولهذا  نعلم كل أصدقاء المرصد والرأي العام النقابي والوطني أن مدونتي المرصد مفتوحتين ونأمل أن يستمر هذا الفتح خدمة لمصلحة العمال والنقابيين . ويهم المرصد أن يوضح أن عملية الحجب ورفعه تمت في غموض تام وبالتالي فإننا نجهل الأسباب الكامنة وراء ذلك, كما يهم المرصد أن يوضح انه متمسك بأداء دوره النضالي والإعلامي في كنف احترام القانون والدستور وفي كنف الاستقلالية وذلك دفاعا عن الحقوق والحريات النقابية . المرصد فضاء نقابي مستقل ديمقراطي وهو مفتوح للجميع ويمكن التواصل مع المرصد من خلال المدونتين : http://nakabi.blogspot.com http://nakabi.maktoobblog.com  (11/07/2008 )  
عن المرصد المنسق :محمد العيادي  


الموت يتهدد السجين الديمقراطي التقدمي وحيد براهمي المضرب عن الطعام منذ 23 يوما

 

 
يعبر الحزب الديمقراطي التقدمي عن بالغ انشغاله لتدهور وضع الطالب الديمقراطي التقدمي وحيد ابراهمي  مع دخوله في هذا اليوم (الخميس) اليوم الثالث والعشرين من الإضراب عن الطعام الذي يشنه في سجن المرناقية. وتعرض وحيد ابراهمي الذي يقبع في السجن منذ قرابة السنتين بتهم واهية، إلى شتى أنواع التعنيف وسوء المعاملة داخل زنزانته وسُلطت عليه كافة الضغوط قصد إثنائه عن نهج النضال الديمقراطي الذي اختاره وحمله على الانسلاخ من الحزب الديمقراطي التقدمي، وصلت إلى حد الإعتداء عليه بالفاحشة. و أمام تدهور أوضاعه السجنية بشكل مفزع وإزاء رفض الإدارة الاستجابة لأدنى مطالبه في تحسين ظروفه لم يجد من سبيل غير إضراب الجوع. وأفادت عائلته التي زارته يوم أمس الأربعاء أن حالته الصحية تدهورت بصفة خطرة إذ لم يعد يقوى على السير وجُلب للزيارة محمولا على كرسي وهو في حالة إعياء شديد ولم يستطع المكوث طويلا مع أسرته. والحزب الديمقراطي التقدمي الذي بات  يخشى على حياة المناضل وحيد ابراهمي المحروم من كل متابعة صحية : – يحمل السلطة و إدارة السجن المسؤولية الكاملة عن أية مضاعفات صحية ناتجة عن هذا الإضراب عن الطعام – يطالب بفتح تحقيق في ما تعرض له من تعنيف وتعذيب لتحديد المسؤوليات – يكبر في مناضله صموده و ثباته على خياراته رغم الصعوبات بل والأخطار التي تهدد حياته – يعلن إطلاق حملة واسعة في الداخل و الخارج للتعريف بالمظلمة المسلطة على وحيد ابراهمي ويؤكد عزم كل مناضليه ومناضلاته على الدفاع المتواصل عن رفيقهم حتى الإفراج عنه. تونس في 10 جويلية ‏2008 الأمينة العامة مية الجريبي


تونس: محكومون في قضية سليمان يضربون عن الطعام

 

إسماعيل دبارة    إسماعيل دبارة من تونس: حصلت ‘إيلاف’ على نسخة من رسالة توجّه بها أولياء بعض مساجين ما بات يعرف بـ »مجموعة سليمان ». وجاء في الرسالة التي وقعها ثمان من أولياء المحكومين في قضية سليمان إنه » و بطلب من المحكومين… أردنا أن نبلغكم بأنهم من يوم الجمعة الماضي و هم في العذاب الأكبر. »    و تحدثت الرسالة عن دخول بعض المحكومين في إضرابات عن الطعام ودعت المنظمات الحقوقية للتدخل لإيقاف التجاوزات التي يتعرض لها الموقوفون بأحكام متفاوتة ومن بينها  » السجن انفرادي و ضيق الزنزانات وسوء الأوضاع الصحية. وقد وقع الرّسالة كلّ من :   – محمد المنصف والد المحكوم محمد أمين الجزيري – البرني العيفي والد المحكوم رمزي العيفي – صالحة عمامي والدة المحكوم أسامة عبادي – و نجاة عمامي والدة المحكوم وائل عمامي – محمد بن نور والد المحكوم مخلص عمار – محمد الصالح الصالحي والد المحكوم فتحي الصالحي – لطيفة والدة المحكوم عماد بن عامر – العرفاوي والد المحكوم علي العرفاوي   وتعود أطوار قضية مجموعة سليمان الإرهابية حسب الرواية الرسمية إلى العام 2006 لمّا تسلل ستة مسلّحين تونسيين إلى داخل البلاد، قادمين من الجزائر برّا فتفطنت إليهم قوات الأمن وتم إلقاء القبض على أحدهم، فيما ترك الباقون يتحركون تحت أنظار الأمن إلى أن وقعت مهاجمتهم في 23 كانون أوّل (ديسمبر) 2006 بعد أن انضمت إليهم مجموعة أخرى حسب رواية وزير الداخلية رفيق الحاج قاسم بعد نهاية الاشتباكات.  وتمكنت الجهات الأمنية وقتئذ من تصفية 12 مسلحا من « مجموعة سليمان » وسقط ضابط وشرطي قتيلين في حين تمّ اعتقال بقية أفراد المجموعة بعد مطاردات قالت وزارة الداخلية إنها استمرت حتى الثالث من شهر كانون الثاني يناير 2007. وقتل أيضا قائد المجموعة المدعوّ لسعد ساسي ومرافقوه المقرّبون ومن بينهم موريتاني .   وأثناء المحاكمة نفى المتهمون الذين يقدّر عددهم بالعشرات ما وجه إليهم من تهم تتعلق بالتآمر على أمن الدولة الداخلي و محاولة الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة و حمل السكان على قتل بعضهم بعضا و إثارة الهرج و القتل بالتراب التونسي و محاولة قتل نفس بشرية عمدا مع سابق الإضمار والمشاركة في عصيان مسلح من أكثر من عشرة أفراد الواقع أثناءه اعتداء على موظف نتج عنه موت وفق الفصول 59 و 68 و 69 و 72 و118 و 119 و 201 و 202 من القانون الجنائي و الانضمام داخل تراب الجمهورية إلى تنظيم اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و تلقي تدريبات عسكرية بقصد ارتكاب جرائم إرهابية وغيرها.   وتراوحت الأحكام بين الإعدام شنقا للشاب صابر الراقوبي (لم ينفّذ بعدُ) و  والسجن المؤبّد لـ7 آخرين في حين تراوحت بقية الأحكام بين 30 سنة و 5 سنوات. وفي سياق منفصل كشف مسؤول رفيع بالحزب الديمقراطي التقدمي المعارض لإيلاف عن تدهور الوضع الصحي للشاب وحيد ابراهمي مع دخوله في اليوم الرابع والعشرون من الإضراب المفتوح عن الطعام الذي يشنه في سجن المرناقية القريب من تونس العاصمة.    و كشف ذات المصدر عن تعرض وحيد ابراهمي وهو أحد شباب الحزب الديمقراطي التقدمي و يقبع في السجن منذ قرابة السنتين بتهم تتعلق بالارهاب لـ »شتى أنواع التعنيف وسوء المعاملة داخل زنزانته وسُلطت عليه كافة الضغوط قصد إثنائه عن نهج النضال الديمقراطي الذي اختاره وحمله على الانسلاخ من الحزب الديمقراطي التقدمي. » و كشف القيادي بالحزب المعارض عن إطلاق حملة واسعة في الداخل و الخارج للتعريف بالمظلمة المسلطة على الشاب ابراهمي مطالبا بفتح تحقيق بخصوص ما تعرض له من تعنيف وتعذيب لتحديد المسؤوليات.   و اثر الانتهاء من زيارة ابنه قال السيد أحمد بن محمد براهمي والد الشاب وحيد براهمي في حديث لإيلاف: »لقد تدهورت صحته  بصفة خطرة إذ لم يعد يقوى على السير وجُلب للزيارة محمولا على كرسي وهو في حالة إعياء شديد ولم يستطع المكوث طويلا مع معنا أنهكه إضراب الجوع وحياته في خطر حقيقي. »   المصدر: موقع ايلاف بتاريخ 11 جويلية 2008  


 تونس: الأمن يعتدي على صحفيّ بقناة الحوار

 

 
  إسماعيل دبارة  تونس:  قال مولدي الزوابي مراسل قناة « الحوار التونسي » في محافظة جندوبة (الشمال الغربي) في اتصال هاتفي مع إيلاف اليوم إن ‘عناصر من الأمن بالزيّ المدني قاموا بالاعتداء عليه بالضرب الشديد و افتكوا منه آلة تصويره الشخصية  (كاميرا) و هاتفه المحمول ‘.   وذكر الصحفي الزوابي أن أعوان الأمن باغتوه في الطريق العام و اقتادوه إلى سيارة كانت رابضة في مكان قريب و عنفوه بشدة داخلها قبل أن يلقوا به في مكان ناء’. و في اتصال ‘إيلاف’ بإدارة القناة التي تملك مكتبا رئيسا في تونس و تبث من ايطاليا ، أدان أيمن الرزقي ما سماه الاعتداء الوحشي على مراسل ‘الحوار’ بجندوبة الصحفي مولدي الزوابي و اختطافه من قبل أعوان فرقة الأبحاث والتفتيش التابعة للحرس بجندوبة .   و يضيف الرزقي و هو مسؤول بمكتب القناة في تونس: تم الاعتداء على الزميل بالعنف الشديد ورميه في خندق على حافة الطريق بعد الاستيلاء على هاتفه الجوال وكاميرا القناة. » و عبّر الرزقي عن « خشية قناة الحوار التونسي من أن تكون هذه الهجمة مؤشرا على رغبة السلطة في إخماد صوتها والقضاء على وجودها داخل تونس, علما وأنه خلال 18 شهرا الأخيرة تم الاعتداء ثلاثة عشر مرة بالعنف الشديد على صحفييها والاستيلاء على عشرة آلات تصوير ».   من جهة أخرى اصدر الإعلامي الطاهر بلحسين مالك القناة الخاصة (وهو من أبرز الشخصيات العلمانية في تونس) بيانا اليوم استنكر فيه » الممارسات اللاّقانونية التي تستهدف قناة الحوار ». كما طالب بلحسين الموجود حاليا بفرنسا بالكشف الفوري عن مصير مراسل آخر للقناة اختطف بجهة قفصة و يدعى « الفاهم بوكدوس » . وكانت مذكرة تفتيش صدرت بشأن بوكدّوس على خلفية تغطيته للحركة الاحتجاجية بمنطقة الحوض المنجمي و المتواصلة منذ يناير الماضي. و حمّل بلحسين السلطات مسؤولية تعرض مراسلي القناة إلى أي مكروه.   وطالب بضرورة فتح تحقيق حول الاعتداء على مراسلها بجندوبة مولدي الزوابي ومعاقبة المعتدين و رفع كافة أشكال المحاصرة المسلطة على مقر القناة و ناشدت إدارة « الحوار التونسي » « كافة القوى الديمقراطية الوطنية والدولية الوقوف إلى جانب حرية الكلمة في تونس ». وتعتبر قناة الحوار التونسي استثناء في المشهد السمعي – البصري في تونس ، إذ يقتصر بثها على ساعة واحدة يوميا لأسباب مادية ، وتبث برامجها منذ العام 2002 من ايطاليا عبر الأقمار الاصطناعية وعلى التردد الخاص بالقناة arcoitis tv  التي تهتم بالشؤون الاجتماعية الايطالية .   و ترفع القناة شعار « الإعلام الحرّ قوام الوطن الحرّ » و عُرف عنها جرأتها الشديدة في نقل بعض الوقائع و الصور و الفيديو لبعض الاحتجاجات و التحركات الاجتماعية و النقابية و السياسية على غرار اشتباكات الحوض المنجمي بين الشباب الغاضب و رجال الأمن.   و لم يحصل الطاهر بلحسين مالك القناة -التي يراها عدد من المراقبين الإعلاميين لسان حال المعارضة الديمقراطية و التقدمية – على التراخيص الضرورية لتبُثّ المحطة من تونس.   و يتعرّض مراسلو القناة و اغلبهم من الشباب إلى مضايقات و اعتداءات و منع مستمرّ أثناء قيامهم بتغطية بعض الأحداث و التظاهرات السياسية و الاجتماعية في تونس العاصمة و عدد من الجهات الداخلية.  و واضح للمتابع أن المحطة تركّز في برمجتها على قضايا حقوق الإنسان و الديمقراطية و حرية التعبير بالإضافة إلى مواضيع الصراعات السياسية والاجتماعية والثقافية في تونس. و لم تصدر الجهات الرسمية أي تعليق إلى حدّ كتابة هذا التقرير حول ما تعرض له صحفيو قناة الحوار التونسي. إلا أن الحكومة نفت في أوقات سابقة أن تكون’ قد عمدت إلى التضييق على القناة و فريقها أو محاصرة مكاتبها كما يزعم المشرفون عليها.’   المصدر: موقع ايلاف بتاريخ 11 جويلية 2008


ذكرى إغتيال موقع جامعة قابس للحزب الديمقراطي التقدمي

 
نصل اليوم إلى مرور سنة كاملة على تعمد السلطة إغتيال موقع جامعة قابس للحزب الديمقراطي التقدمي بعد الضغط على أحدى شركات تزويد الأنترنات في تونس و إجبارها على فسخ العقد المبرم بينها و بين الجامعة. في مثل هذا اليوم و قبل سنة من الآن إتصل المدير الفني للشركة المذكورة بالسيد « عبد الوهاب العمري » المسؤول عن الموقع و أعلمه بأن الشركة ألغت العقد المبرم بينهما بتعلة أسباب تقنية ، و لا يخفى على الجميع أن الأسباب سياسية و غير تقنية بعد تضاعف زوار الموقع و إبداع المسؤول عنه في تنسيق تصميمه على المستوى الفني و إثراءه بأركان غير مألوفة في المواقع السياسية . و رغم هذا المنع فإن المشرفون على الموقع مصممون على إعادة بعثه بأي طريقة لمواصلة نضالهم الإعلامي الذي لا يقل أهمية على النضال السياسي. ملاحظة : وقع نقل الموقع إلى مضيف أنترنات فرنسي بصفة مؤقتة و بنفس المادة الموجودة فيه يوم إغتياله دون إضافة أي شيئا عليها لإيقاف المجتمع المدني على عدم وجود خطر في الموقع يهدد سلامة أمن الدولة يدفع السلطة إلى إغتياله . يمكنكم زيارة الموقع على العنوان التالي:  اwww.gabespdp.fr.tc معز الجماعي عضو هيئة جامعة قابس للحزب الديمقراطي التقدمي  


آن الأوان لإدارة معرض قابس الدولي أن تتقاعد

 

هذا العنوان هو لمقال كتبته على صفحات مواقع الأنترنات في شهر جويلية 2007 و أهم ما ورد فيه عدم تجديد أعضاء مجلس إدارة معرض قابس الدولي منذ سنة 1986 و هو ما أثر سلبا على نشاطاته . أتعمد اليوم إعادة نفس العنوان تزامنا مع إنطلاق فعاليات الدورة 24 للمعرض عسى أن ينظر المسؤولين في الموضوع بجدية بعد الفشل الذي سجلته هذه الدورة في ظل غياب أهم الشركات الوطنية و العالمية للإلكترونيك و الإعلامية و الملابس…و إلزام المراكز التجارية قي ولاية قابس بالمشاركة لسد الشغور الغير متوقع في أجنحة المعرض . تدني مستوى المشاركين و غياب الجودة و الأسعار المدروسة ساهم في تقلص عدد زوار المعرض خلال هذه الدورة ، و هو ما يجعلنا نتسائل إلى متى ستظل سلطة الإشراف لازمة الصمت على تراجع أداء المعرض سنة وراء سنة؟؟؟ معز الجماعي


 مجموعات معنية بحرية الصحافة تثير مسألة الإنشغالات التونسية مع الرئيس الفرنسي

 

 
ناشد تحالف يضمّ منظمات دولية معنية بالدفاع عن حرية الصحافة الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، عدم التقليل من شأن الإنتهاكات التي تتعرض لها حقوق الإنسان في تونس خلال سعيه لإنشاء إتحاد من أجل المتوسط في مؤتمر القمة الأوروبية – المتوسطية التي تنطلق أعمالها في العاصمة الفرنسية، باريس، يوم الأحد المقبل 13 يوليو/تموز الجاري. السيد نيكولا ساركوزي. رئيس جمهورية فرنسا قصر الإليزيه 55 شارع سانت هونور 75008 باريس, فرنسا 9 يوليو 2008 فخامة رئيس الجمهورية, نكتب لسيادتكم بالأصالة عن الجمعية العالمية للصحف و المنتدى العالمي للمحررين, و اللذين يمثلان 18000 نشرة و جريدة في 102 دولة, بالإضافة إلى 18 منظمة عضوة في مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس التابعة للشبكة الدولية لتبادل معلومات حول حرية التعبير (آيفكس), و ذلك لنشعركم  ببالغ قلقنا إزاء ما تتعرض له حرية التعبير و حرية الصحافة في تونس من انتهاكات خطيرة بالإضافة إلى ما تلجأ السلطات التونسية من رقابة و ترهيب و عنف. سيادة الرئيس, و بعد حصول فرنسا على مقعد الرئاسة في مجلس الاتحاد الأوروبي حتى 31 ديسمبر, و أيضا  نظرا لرئاستكم لقمة باريس في 13 يوليو 2008, التي تهدف الى تأسيس الاتحاد المتوسطي, يبدو أساسيا أن تعير الحكومة الفرنسية الانتهكات الخطيرة لحقوق الانسان في تونس ما تستحقه من اهتمام. وانه لأمر جوهري كذلك  أن تتبنى فرنسا سياسات تتماشى وقيم الجمهورية وتعمل على تعزيزها, وذلك بحثها السلطات التونسية على احترام التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان و خاصة المتعلقة بحرية التعبير و حرية الصحافة. إن الجمعية العالمية للصحف و  مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس قد قامتا بتوثيق سجل انتهاكات حرية التعبير في تونس منذ العام 2003. و يسعدنا أن نمد سيادتكم او مكتبكم بملف كامل بالمعلومات و البيانات الخاصة، وذلك بناءا على طلبكم. (يمكنكم مراجع الوصلة التالية : http://anhri.net/ifex/wsis مع وافر الاحترام و الاخلاص لسادتكم, تيموثي بالدنج                                                          مدير المكتب التنفيذي، الجمعية العالمية للصحف                                                  روهان جاياسكيرا  رئيس مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس أعضاء مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس: –        الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان, مصر –        المادة 19, المملكة المتحدة –        منظمة الصحفيون الكنديون لحرية التعبير, كندا –        شبكة حقوق رسامي الكاريكاتير, الولايات المتحدة الأمريكية  –        المنظمة المصرية لحقوق الإنسان, مصر –        اندكس على الرقابة, المملكة المتحدة –        الاتحاد الدولي للصحفيين, بلجيكا –        الاتحاد الدولي للمؤسسات و الجمعيات المكتبية, هولندا  –        المعهد الدولي للصحافة, النمسا –        الجمعية الدولية للناشرين, سويسرا –        منظمة صحفيون في خطر , كونغو –        المعهد الإعلامي لجنوب أفريقيا, ناميبيا –        منظمة بن النرويجية (PEN), النرويج –        الهيئة العالمية لمجتمع البث الإذاعي, كندا –        الجمعية العالمية للصحف , فرنسا –        اللجنة العالمية لحرية الصحافة, الولايات المتحدة الأمريكية –        لجنة كتاب في السجن-بن الدولية (PEN), المملكة المتحدة –        مؤسسة مهارات, لبنان   (المصدر: شبكة الصحافة العربية بتاريخ 11 جويلية 2008) الرابط:http://www.arabpressnetwork.org/articlesv2.php?id=2424&lang=ar  


بيان صادر عن منظمة العفو الدولية الاتحاد المتوسطي: طريقة للابتعاد عن حقوق الإنسان؟

 

 
)بروكسيل، 11 يوليو/تموز) أبدت منظمة العفو الدولية مخاوفها من أن تؤدي مبادرة الاتحاد المتوسطي، التي سيتم تبنيها في 13 يوليو/تموز، إلى خرق خطير من جانب الاتحاد الأوروبي لواجباته في إثارة بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان في علاقاته الثنائية. فحقيقة أن المقترح الراهن يخلو تماماً من أية إشارة إلى حقوق الإنسان يعني في نهاية المطاف أن زيادة التعاون والحوار سيؤسَّس بصورة خالصة على الاعتبارات التجارية والمالية – خلافاً للآليات الراهنة، التي تتضمن بُعداً يُعنى بحقوق الإنسان. وتساءل نيكولاس بيجير، مدير مكتب منظمة العفو الدولية لشؤون الاتحاد الأوروبي: « هل تم ابتكار هذا المقترح جزئياً للابتعاد عن الواجبات المتصلة بحقوق الإنسان؟ فالغياب التام للأحكام المتعلقة بحقوق الإنسان في المقترح تترك هذا التساؤل دون إجابة شافية ». ومضى إلى القول: « إذا كان الأمر كذلك، فإننا سنكون في مواجهة سابقة خطيرة: وهذه السابقة لا تقوض فحسب المبادئ الأساسية التي تقوم عليها علاقات الاتحاد الأوروبي مع الدول الثالثة، وإنما تفتح الأبواب على مصراعيها أيضاً لنبذ حقوق الإنسان جانباً لمصلحة التجارة ».                                      وفي رسالة بعثت بها منظمة العفو الدولية إلى الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي،)يمكن الاطلاع عليها من الموقع الإلكتروني(www.amnesty-eu.org   أعربت المنظمة عن بواعث قلقها هذه وطالبت الاتحاد الأوروبي بتعزيز التزامه بمبادئ حقوق الإنسان في علاقاته الخارجية عوضاً عن إضعافها عبر أية مبادرات جديدة                                                               للاطلاع على مزيد من التعليقات/المعلومات المرجعية والمقابلات: مكتب منظمة العفو الدولية لشؤون الاتحاد الأوروبي (بروكسيل:( هاتف: 32-2-5021499؛ فاكس: 32-2-5025686  بريد إلكتروني:  amnesty-eu@aieu.be موقع إلكتروني:http://www.amnesty-eu.org

 

مؤلّف كتاب « بورقيبة والإعلام: الباحث والصحفي خالد الحدّاد في حديث خاص للشعب:(الجزء الثاني) لماذا لم تخل عشريّة واحدة من الحكم البورقيبي من المحاكمات السياسيّة؟

 
تونس-الشعب، أجرى الحوار ناجي الخشناوي ننشر في مايلي الجزء الثاني من الحوار المطوّل الّذي أجريناه مع الزميل الصحفي والباحث خالد الحدّاد حول متن كتابه »بورقيبة والإعلام » ، ويعتبر كتاب « بورقيبة والإعلام:جدليّة السّلطة والدّعاية » للزميل الصحفي والباحث خالد الحدّاد وثيقة مهمّة للوقوف على الجوانب الخفيّة في تمثّلات وكيفيّة ممارسة الرئيس الأسبق للجمهةريّة التونسيّة الحبيب بورقيبة للإعلام والاتصال. فبحث خالد الحداد الذي نال به شهادة الماجستير في علوم الإعلام والاتصال نهض متنه على تدرج منهجي وعلى كم هائل من المعلومات والحقائق والوثائق المبوبة ضمن زاوية بحث الرجل المتمثلة في السياسة الإعلامية للزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وخطته الاتصالية التي انتهجها قبل وبعد نيل الاستقلال التام لتونس، وقد رفد خالد الحداد بحثه بجداول إحصائية وشهادات قيمة لوزراء وكتاب دولة وعاملين في الميدان الإعلامي من الذين عايشوا الفترة البورقيبية، وفيه أيضا انتقى الباحث اضمامة مرجعية لخطب ألقاها الرئيس الحبيب بورقيبة تناولت الإعلام والاتصال إلى جانب نماذج من المقالات الصحفية التي نشرها الرئيس بورقيبة.   * كيف تقيم المفارقة بين بورقيبة الذي نمط الحياة الإعلامية وبورقيبة الذي أصدر مجلة الأحوال الشخصية وانتصر لخيارات العلمانية واللائكية ؟   ـ بورقيبة زعيم وطني حقّق الكثير لبلاده ، لكن ربّما من الأخطاء الّتي وقع فيها أنّه لم يكن ديمقراطيّا ، وما يبرّر في نظري تلك المفارقة أنّ الرجل كان مسكونا بهاجس بناء الدولة ووحدة الأمّة أكثر من اللزوم ، وكان يرى أنّ في ضعف الدولة مهانة كبيرة قد تفتح الباب لعودة المستعمر ، لذلك كان بورقيبة دمويّا في وقف كلّ التهديدات الّتي قد تمسّ كيان الدولة وكان لا يتوانى في الاعتقالات والملاحقات وحتّى الإعدامات لخصومه ومنازعيه قيادة الدولة وتوجيه الشعب ، ومن المفارقات هنا أنّ بورقيبة استعان بالمخابرات الفرنسيّة لتصفية خصومه اليوسفيّين كما أشار إلى  ذلك الكاتب عمّار السوفي في مؤلّفه « عواصف الاستقلال »، وكان يخشي من اليسارييّن لرؤيتهم الثوريّة والجماهيريّة خاصّة في أعقاب ثورة شباب فرنسا في ماي 1968 ، بورقيبة كان يرى الشعب شعبه هو والجماهير جماهيره هو، هذا الشعب وهذا الجمهور الّذين كانا في نظره مجرّد قبضة غبار جاءهما هو ليصنع منهما أمّة واحدة وموحّدة، لذلك يجب أن لا يتواجد في هذا الشعب وبين هذا الجمهور أيّ مخالف أو مُشاغب كما لا يجب أن يتواجد بين النخب والمثقفين من يكون قادرا على التعبئة وكسب أو توجيه هذا الجمهور إلى وجهات أخرى، أليس من بين المؤرّخين اليوم من يشكّك في حقيقة « مؤامرة 1962  » ويعتقد في أنّها كانت رواية مختلقة لتصفية عدد من الخصوم  في مخافر الظلام ( صبّاط ظلام)، ولاحقا – وهذا الغريب أيضا- لم يستثن الحكم البورقيبي أيّ طيف سياسي أو نقابي من القمع والملاحقة والإقصاء والتهميش والتشهير بل لم يستثن حتّى بعض رموز دولته من أعضاء الحكومة والمسؤولين السياسيّين كلّما حادوا عن البوصلة البورقيبيّة.   صحيح أنّ بورقيبة حقّق مكاسب كبيرة في مجالات اجتماعيّة وتنمويّة عديدة على غرار الصحّة والتعليم والثقافة وانتصاره المبكّر لمبادئ التنوير وتحرير المرأة والتنظيم العائلي والحّد من النسل  ، ولكن يحقّ لنا اليوم أن نتساءل من موقع البحث والتقصي والدراسة :هل كان بورقيبة محقّا في كلّ ما اختاره من اختيارات وهل خضعت تلك الاختيارات إلى حاجات الواقع وجسّدت تطلّعات مختلف شرائح وفئات المجتمع ؟ ، واليوم وبقدر ما نعتبر مجلّة الأحوال الشخصيّة الّتي اشترك في انجازها في صيغتها الأولى مجموعة من المشائخ والقانونيّين تجسيدا واضحا لقدرة الخبرة التونسيّة في المزاوجة بين مقاصد الدّين ومتطلّبات الحداثة فإنّنا نتساءل عن الطريقة الّتي وقع بها تنزيل هذه المجلّة فهل كانت إفرازا لحراك ثقافي بين النخب وحراك اجتماعي داخل المجتمع أم كانت نتاج قرار سياسي فردي لزعيم فذ آمن برسالة الدولة في اللحاق بركب الحضارة والتحديث وان كان قسريا ولا يٌعبّر عن حاجات الواقع الموضوعيّة والتطوّر التاريخي التدريجي للمجتمع.   ثمّ أنا أقول حتّى العلمانيّة واللائكيّة الّتي انتصر لها الخطاب السياسي البورقيبي يُمكن أن تكون موضع تساؤل، هل كان بورقيبة لائكيّا وعلمانيّا فعلا وبصفة مطلقة ، لماذا حارب بورقيبة النخب الوطنيّة الليبراليّة على الرغم من إيديولوجياتها العلمانيّة واللائكيّة؟ لماذا لم ينفّذ بورقيبة سياسة الديمقراطيّة في الحكم الّتي نادى بها فلاسفة التنوير؟ أين « العقد الاجتماعي » في الحكم البورقيبي؟ أين التداول على الحكم؟ أين التواصل مع الآخرين المخالفين ؟ أين مؤسّسات المجتمع المدني والسياسي ؟ لماذا لم تخل عشريّة واحدة من الحكم البورقيبي من المحاكمات السياسيّة ؟ ألم يبتعد بورقيبة بسياساته في الحكم عن مبادئ التنوير والحداثة ؟ ، لماذا لم يُوازي بورقيبة بين سياسة التحديث الّتي انتهجها على مستوى مؤسّسة الأسرة تحديثا على مستوى مؤسّسة الدولة ؟   * أثبت أن الإعلام البورقيبي اختلف من تمثل الرجل إلى ممارسته له خاصة إبان الأزمات والمحطات المفصلية مثل أزمة 26 جانفي 78 وأحداث 80 في قفصة وأحداث الخبز في 84؟     سياسة بورقيبة في التعاطي مع مثل هذه الأزمات والمحطات المفصليّة كانت قائمة على آليتين فالإضافة إلى القبضة الأمنيّة كان يعمد إلى سياسة كبش الفداء مثل عزل أو تجميد بعض الوزراء والمسؤولين وفي جانب التنفيس وامتصاص التوتّر من خلال فتح هامش لحريّة الإعلام ممّا يطرح السؤال التالي : كم كان يجب أن يكون حجم الأزمة المجتمعيّة حتّى ينفتح هامش الإعلام بشكل واسع وتتغيّر سياسة الدولة الإعلاميّة بشكل جذريّ ؟ وهذا يستتبع سؤولا آخر : ماذا لو لم تعرف البلاد هزّات اجتماعيّة هل كان يُمكن للإعلام في تونس يشهد تلك الجرعات المحدودة من هامش التعبير والمبادرات المحدودة  في تحرير الإعلام.   وهذا لا ينفي وجود عوامل أخرى ساعدت على انفتاح الإعلام كنت أشرت إليها في إجابة سابقة ومنها أساسا دور نضالات  المهنيّين والسياسيّين والنقابيّين في فرض هوامش الحريّة الإعلاميّة في العهد البورقيبي. وهنا أودّ أن أذكّر بما توصّلت إليه في البحث من دور مركزي وهام للحركة النقابيّة في تعزيز ذلك الانفتاح ، من ذلك أنّ جريدة »الشعب » ساهمت في إحداث ما يُشبه الرجّة  عندما شقّت عصا الطاعة والموالاة فاتحة الأبواب أمام تعدّد الأصوات في الصحافة التونسيّة وذلك في أعقاب خروج الاتحاد العام التونسي للشغل وتحديدا قيادته عن حزام السلطة والخط العام للحزب الاشتراكي الدستوري ، وفي هذا الصّدد أبرزت دراسة قامت بها وزارة الإعلام سنة 1983 وتطرّق لمضامينها الزميل عبد العزيز برّوحي ، أنّه كلّما ازدادت المركزيّة النقابيّة ابتعادا عن هيمنة ومراقبة الحزب الاشتراكي الدستوري كلّما تدعّم الخطّ الإعلامي لصحيفة « الشعب » وارتفع سحبها،من ذلك أنّ هذا السحب ارتفع خلال الأزمة مع السلطة سنتي 1977 /1978 إلى ما بين 60 إلى 80 ألف نسخة للعدد وهو الّذي كان لا يتجاوز العشرة آلاف زمن التوافق والانسجام مع الحزب الحاكم والدولة.   كما ساهمت الحركة العمّاليّة والنقابيّة- مدعومة بأطياف الحركة الطلابيّة- في فترة الصدام والتوتّر مع السلطة في ظهور عدّة نشريات سريّة مثل « الشعب السريّة » لسان الحزب الثوري للشعب التونسي و »الجبهة الوطنيّة لتحرير تونس »، إلى جانب جريدة « العامل التونسي » الّتي كانت تطبع في أوربا وتوزّع على نطاق واسع في تونس بصفة سريّة، كما أنّ جريدة « الشعب » التابعة للإتحاد العام التونسي للشغل كانت تظهر أحيانا بصفة سريّة هي الأخرى.  إنّ هذا المدّ النقابي والثوري دفع ونشّط المجال الإعلامي من خلال النشريات السريّة المعارضة وتنامي ظاهرة نسخ المنشورات وتوزيعها بصفة سريّة وبعيدا عن أعين الرقابة، حتّى أنّ المنع الّذي كانت تجابه به بعض العناوين الأجنبيّة من قبل السلطة ظلّ غير ذي قيمة أمام توفّر آلات النسخ الّتي مكّنت من توزيع المقالات الممنوعة على أوسع نطاق، إلى جانب انتشار طرق أخرى من أبرزها التسجيلات الصوتيّة وإيصال المعلومة من شخص إلى شخص. * هل يمكن إرجاع تخلف المنظومة الإعلامية زمن بورقيبة إلى استمرارية شعار توجيه الشعب الذي رفعه بورقيبة أثناء معركة التحرير ثم شعار توجيه وسائل الإعلام أثناء توليه الرئاسة ؟   ـ زمن الاستعمار استدعى بورقيبة الإعلام وأساسا الصحافة المكتوبة والإذاعة للتشهير بالمستعمر وسياساته العدوانيّة داخليّا وخارجيّا وكان يجعل من هذا الإعلام موقعا للجدل والمناظرة وبيان تهافت أطروحة هذا المستعمر ،كتب بورقيبة العديد من المقالات ردّا عن مقالات أخرى وانتقد آراء متعدّدة ، كانت هناك إثارة سياسيّة وجدل متباين حتّى بينه وبعض النخب والسياسيّين التونسيّين آنذاك ، لكن بعد إحكام السيطرة على دواليب الحكم كان هناك توجيه لأدوار هذه الوسائل الإعلاميّة وتمّ التعسّف عليها حتّى لا تخرج عن عقال السلطة وفعل بورقيبة ما في وسعه وبما له من حنكة ودراية بآليات وأساليب العمل الصحفي والإعلامي إلى تطويع الإعلام لخدمة البرامج الّتي آمن بها وإلى الدعاية لها حتّى وإن أثبتت الممارسة والتجربة تهاويها، من ذلك مثلا أنّ الصحافة التونسيّة خلال الستينات وتحديدا في فترة تجربة التعاضد نقلت تحريفات عديدة عمّا يجري في الواقع وقد أقرّ أحد وزراء بورقيبة بذلك ،ثمّ إنّ نفس الإعلام الّذي هلّل للوزير أحمد بن صالح هو نفسه الّذي كال له الاتهامات والانتقادات ، الإعلام حسب رأيي انحاز إلى طرف وحيد هو الدولة وانخرط في مسارات خاطئة بل ومدمّرة  كتشويه الواقع وتزييف الحقائق والمعطيات.     كان بورقيبة كما يبدو لي يؤمن بالتصوّر الهيجلي للدولة باعتبارها روح اللّه الّتي حلّت في التاريخ ، فهي المسؤولة عن الرعاية والحماية والتوجيه والتوعية والتثقيف لا يُنازعها في هذا الدور الرسالي أحد إلاّ عدّ مارقا عن الملّة وخارقا لإجماع الأمة، لذلك لم تكن المسألة بالنسبة لبورقيبة حسب تقديري مجرّد شهوة للتسلّط والطغيان ونزوع سادي بل كانت أبعد من ذلك إذ تقمّص الرئيس دور الدولة في شخصه فكان هو المركز والمحور وانعكس ذلك على الوظيفة الإعلاميّة الّتي كان دورها الأساسي التعريف بالزعيم وبنضالاته وانجازاته وتصوّراته ومعتقداته وسيرته انطلاقا من أنّ سيرته هي سيرة الوطن وذاكرته الجماعيّة ، وتأثّر الإعلام كثيرا بتلك الرؤية إلى حدّ أنّ بورقيبة كان هو الطرف الوحيد الماسك بجميع أطراف العمليّة الإعلاميّة فهو « الباثُ » وهو  » مضمون الرسالة الإعلاميّة » وهو في نهاية المطاف من شكّل « المتلقي » لتلك الرسالة، شعب خارج من أتون التخلّف والجهل والتبعيّة والاستعمار ينشُد التوجيه والتثقيف والرعاية الصحيّة والاجتماعيّة وتوفير لقمة العيش، شعب غير مؤهّل لحياة سياسيّة فيها الرأي والرأي المخالف، شعب منقوص يحتاج دائما إلى التوجيه وضعيف مجبر على الانقياد إلى رغبات محكوميه، بورقيبة علّمنا كيف نعيش في مجتمع حداثي وذلك عندما أعاد بناء مؤسّسة الأسرة وفق قيم حديثة وحارب العروشيّة والجهويّة ونظم الأحوال الشخصيّة ولكنّه في المقابل حافظ على النمط التقليدي للدولة الّذي يتنازعه النموذج الستاليني في مركزيّة الدولة وحزبها وإعلامها البرافدي والنموذج السلطاني الشرقي القائم على فكرى الرعيّة لا المواطنة، وتلك في نظري أهم ثغرات النظام البورقيبي إذ لم يحوّل بورقيبة التونسيّين من رعايا إلى مواطنين بأتمّ معنى الكلمة كما ذهب إلى استخلاص ذلك الدكتور الهادي التيمومي في كتابه الأخير (تونس 1956 – 1987 ).   * ولكن ما يحسب للرجل أن التلفزة مثلا سايرت الفكر العلماني والتنويري وابتعدت عن سياسة الوعظ والإرشاد بغض النظر عن الهدف السياسي آنذاك؟     يُمكننا حسب تحليل خطابات بورقيبة أن نتحدّث عن تصوّر بورقيبي خاص للعلمانيّة ولللائكيّة ناهيك وأنّ بورقيبة انتقد علمانيّة أتاتورك في خطاب شهير أمام البرلمان التركي سنة 1965 كاد يتسبّب في قطع العلاقات بين تونس وتركيا، هذا ما يُفسّر التداخل بين السلطات وبين الدولة وشخص الرئيس وبين المجتمع المدني والمجتمع السياسي وتسخير الإعلام لرسالة الدولة الراعية لا دولة المواطنة.   « علمانيّة بورقيبة » بحسب رأيي استمدّت مرجعيّتها من الموقف الإيديولوجي للسلطة وكانت نابعة من قرار سياسي ولم تسع لأن تكون تعبيرة عن وعي ثقافي وفكري واسع ومجسّدة لتطوّر مجتمعي طبيعي ولذلك لم توفّر هذه العلمانيّة لنفسها سندا متينا وقويّا وعرفت تراجعات خطيرة شيئا فشيئا مع وهن وضعف مؤّسسها.   لذلك فإنّ الحديث عن مسايرة التلفزة للفكر العلماني والتنويري أمر فيه نظر، ما الّذي يُمكن أن يعنيه التنوير كما كتب عنه « كانت » إذا لم يكن معبّرا عن ثقافة الغيريّة والتنوّع والتعايش بين المختلفين والحقّ في التعبير والنقد والجدل ؟ فأين موقع الآخر في التلفزة التونسيّة إبّان الحكم البورقيبي؟ وأين ثقافة التعايش والرأي الآخر؟ هل كان جميع التونسيّين متجانسين في الأفكار والتصوّرات والمعتقدات ؟ ثمّ ألم تكن الفقرات اليوميّة لتوجيهات الرئيس والعكاظيات الشعريّة والمدائح الوطنيّة الصباحيّة اليوميّة شكلا من أشكال تكريس ثقافة الوعظ والإرشاد ونمط الدولة السلطاني الّّذي نظّر له الماوردي في « الأحكام السلطانيّة » ، لقد كانت صورة البلاد تمرّ عبر المنظار الرسمي الّذي يُسفّه ويُشيطن Diaboliser كلّ صورة مخالفة لما تريد أن تكرّسه مؤّسسات الإعلام الرسميّة،يكفي أن نُذكّر أنّ جميع الاحتفالات الخاصّة والعامّة في تونس كانت تُختتم بذلك النشيد الّذي تُختتم به التلفزة الوطنيّة كلّ ليلة  » يا سيّد الأسياد » بل إنّ النشيد الوطني القديم كان تخليدا لنضالات وروح الزعيم  » ألا خلّدي يا دمانا الغوالي … » ، كما إنّ بورقيبة كان يتدخّل بصفة مباشرة وشخصيّة متى عنّ له ذلك لإملاء توصيات ومحاذير ليس للمسؤولين فقط بل كذلك للعاملين والعاملات في الإذاعة والتلفزة خاصّة في قسم الأخبار حتّى أنّ أرشيف هذه المؤسّسة يحتفظ إلى اليوم بما يُعرف لدى أهل هذه المؤسّسة بـ »دفتر تعليمات بورقيبة وتوصياته  » فأيّ علاقة يا تُرى  بين هذا التمثّل وقيم التنوير والحداثة؟ .   بورقيبة كان يقول عن هذه التلفزة  » إنّها تلفزتي » مثلما يقول أنّ هذه الدولة دولتي وهذا الشعب شعبي وتونس كلّها بيتي ومزرعتي ، ومن الغريب هنا فعلا أنّ خطاب افتتاح التلفزة التونسيّة عرّى هذه الخلفيّة بشكل يقينيّ، فبعث التلفزة كان كما عبّر هو بنفسه نتيجة لتقدّمه في السنّ إذ لم يعد قادرا على تحقيق التواصل المباشر مع الجماهير لذلك جاءت التلفزة في برنامجه أساسا لتكون أداة ووسيلة لاستمراريّة ذلك التواصل مع الجمهور ومع الشعب ليصل صوته إلى مخادع التونسيّين وغرف نومهم ، يقول بورقيبة في الخطاب المذكور: » ومن يوم أن أصبحت الدولة تحت مسؤوليتي وتحملت أعباء أمانتها الكبرى صار من الصعب عليّ أن أتصل مباشرة بكل الأفراد (…)، التلفزة أتاحت الفرصة لجميع المواطنين كي يستمعوا إليّ ويروني في وقت واحد وكأنما أنا في بيوتهم أتدارس معهم شؤونهم ومشاكلهم وأتحقق أنهم مازالوا في حاجة إلى مواصلة الحوار والإنصات إلى كلامي الذي تعودوا به وعرفوا أسلوبه ولهجته وبواسطة أجهزة التلفزة سوف لا يتعبون في المستقبل إن شاء الله ولا يتجشّمون مشقة الوقوف تحت لهب الشمس في الاجتماعات، بل سيجدونني عوضا عن ذلك بينهم في بيوتهم بقاعة الاستقبال أو الطعام أو في غرفة النوم « .   التلفزة أو لنقل الإعلام بصفة عامّة احتلّ موقعا هامشيّا في التجربة البورقيبيّة بالمقارنة مع مجالات مركزيّة أخرى على غرار اللحاق بركب الحضارة والتنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة ، أي أنّه كان – أي الإعلام- عنصرا من بين عناصر أخرى استغلّتها الدولة لتثبيت أركانها وفرض هيمنتها .   * بخصوص الشهادات التي قدمتها ضمن مؤلفك وخاصة شهادات الوزراء وكتاب الدولة إلى أي مدى يمكن صبغها بصبغة الموضوعية؟   ـ الشهادات جاءت عبر أسئلة محدّدة زمنيّا ومضمونيّا وتمّ أخذها حسب منهجيّة مدروسة ، وهي غطّت كامل الفترة البورقيبيّة سواء بالنسبة للوزراء وكتّاب الدولة أو الصحافيّين والإعلاميّين ، كما أنّ العيّنة من العاملين في الحقل الإعلامي توزّعت إلى جانب توزّعها التاريخي على مختلف تصنيفات الإعلام الّذي كام موجودا أو الّذي بإمكانه أن يكون موجودا في أيّ تجربة ، إعلام معارض (عبد الحميد بن مصطفى ، الحزب الشيوعي التونسي) ، عبد اللطيف الفوراتي ( صحافة مستقلّة) بلحسن بن عرفة ( إعلام رسمي ، وكالة تونس إفريقيا للأنباء ومؤسّسة الإذاعة والتلفزة التونسيّة) ، وحيد براهم ( إعلام قريب من الحزب الحاكم والسلطة السياسيّة ، جريدة « بلادي ») ، صلاح الدين الجورشي (صحافة رأي) ، هذه الشهادات قدّمت معطيات هامّة منها التاريخي ومنها التوثيقي ومنها المتعلّق بنفسيّة ومواقف بورقيبة ، وبحسب رأيي فإنّ هذه الشهادات تبقى في حاجة إلى مزيد الدراسة والتمحيص والمقارنة بهدف الوصول إلى فهم أشمل وأدق للكيفيّة الّتي كان يُدار بها الإعلام في العهد البورقيبي.   غير أنّ أبرز الأشياء الّتي قدّمتها لي هذه الشهادات أنّ مواقف من أجريت معهم الأحاديث كانت متباينة إلى درجات كبيرة ، تحديدا بحسب الموقع الّذي كان يحتلّه صاحب كلّ شهادة وبحسب طبيعة الدور الّذي كان يؤدّيه في العمليّة الإعلاميّة ، كما أنّ العيّنة الّتي اخترتها تبقى عاجزة عن الإلمام بمسألة تغمر الحياة والمجتمع وتشغل السلطة بصفة يوميّة وبالرغم من ذلك أحدثت الشهادات المنقولة في الكتاب جدلا واسعا واختلافا وتباينا في العديد من الأوساط ناهيك وأنّ لفظة واحدة في شهادة الصحفي عبد اللطيف الفوراتي فتحت بابا للاختلاف في قراءة حادثة تاريخيّة مرتبطة بمسيرة جريدة  » الصباح » هذه المدرسة الصحفيّة العريقة التّي نكنّ لها جميعا كلّ الاحترام.   وبحسب نظري فإنّ الجزء من الكتاب الّذي اشتمل على تلك الأحاديث هي من أهمّ أجزائه لأنّها تدفع إلى انتظارات أخرى من فاعلين آخرين ، وشخصيّا ومنذ صدور الكتاب تلقيّت العديد من التفاعلات الّتي ربّما تُتاح لي فرصة أخرى للتأليف حولها .   * « لو أني تركت الصحافة تفعل ما تريد لخرجت من الحكم في غضون ثلاثة أشهر » هل يمكن أن نعتبر مقولة نابليون هذه التي صدرت بها مؤلفك هي الخلاصة التي توصلت إليها في بحثك حول تعامل بورقيبة مع الإعلام؟ ـ لو كانت سياسة الإعلام الرسميّة أقلّ انغلاقا لكانت صورة الحكم في تونس أقلّ قتامة ولتمكّن بورقيبة من تعديل الكثير من القرارات والسياسات ولتجنّبت البلاد الكثير من الهزّات السياسيّة والمنعطفات الخطيرة، إنّ ما ذكره نابليون بونبارت لا يعني بالضرورة أنّ تحرير الإعلام يؤدّي بالضرورة إلى سقوط الحكومات ولكنّه يعني أنّ الحكومات الّتي تصمّ آذانها عن انتقادات إعلامها الحرّ الّذي يُعبّر عن ضمير شعبه وآلامه وتطلّعاته وطموحاته وأشواقه هي حكومة زائلة لا محالة، أمّا انفتاح السلطة الحاكمة على الإعلام المستقل وكلّ الفاعلين داخل المجتمع واسترشادها بآرائهم فإنّ ذلك من شأنه أن يُطوّر تجربة الحكم ويُساهم في تطوير الممارسة السياسيّة وإصلاحها والارتقاء بها إلى تطلّعات المجتمع ونخبه .   إنّ خوف بورقيبة من الإعلام كان يُعبّر عن تمسّك بنهج سياسي في الحكم يعكس الخلاصة التالية الّتي انتهينا إليها:لقد كان بورقيبة أحاديّا في تمثّله الإعلام بنفس القدر الّذي كان فيه أحاديّا في سلوكه السياسي، لقد تضرّرت الحياة السياسيّة في تونس والدولة البورقيبيّة نفسها بسبب سياسة الانغلاق الإعلامي الّتي مورست في تلك الحقبة ، ذلك أنّ جهدُ الإعلام كان منصبّا على إيجاد الآليات المساعدة والضامنة للتأثير في العقليات وتوجيه الشعب الوجهة الّتي يريدها رجل السياسة، وممّا يؤكّد ذلك أنّ وظيفة الإخبار كانت هامشيّة في عمل مختلف الأجهزة الإعلاميّة وخاصة منها الإذاعة والتلفزة وكثيرا ما كانت الأخبار والتعاليق والتحاليل الإخباريّة محكومة إلى عمليات انتقاء وتوجيه يسهر على تنفيذها النظام السياسي البورقيبي بنفسه وبشكل مباشر وبحسب ما تقتضيه المصلحة الآنيّة والظرفيّة المحليّة والإقليميّة والدوليّة، كما أنّ المساحات الإخباريّة كانت مُخصّصة لتغطية أنشطة وأعمال القائمين على أجهزة الدولة دون سواهم من المخالفين والمعارضين.    * لماذا لم تفرد فصلا في كتابك للمقارنة بين الإعلام البورقيبي والإعلام ما بعد الزمن البورقيبي؟     كما قلت الكتاب هو حصيلة بحث جامعي أكاديمي واقتضت منهجيّة البحث حصر الفترة الزمنيّة حتّى تتمّ الدراسة بشكل علمي ومنهجي ، وبحسب رأيي فإنّ التحديد الزمني أساسيّ  لأنّه يسعى إلى تحليل فترة متجانسة مرتبطة بمركزيّة حضور الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة  سواء من حيث قيادته للحركة الوطنيّة أو رئاسة الدولة التونسيّة ، بعد 7 نوفمبر 1987 الإعلام بحسب رأيي دخل مرحلة أخرى مُغايرة من حيث الإطار السياسي وفلسفة الحكم ، مرحلة حملت شعار التغيير والإصلاح السياسي وبشّرت في أولى بياناتها بأحقيّة الشعب التونسي بحياة سياسيّة تعدّديّة وديمقراطيّة ، والإعلام ما بعد الزمن البورقيبي له خصائصه وله ميزاته و يحتاج هي الأخرى إلى البحث والدراسة والتحليل وبعدها يُمكن إجراء دراسة مقارنة بين الإعلام البورقيبي والإعلام ما بعد الزمن البورقيبي واستخلاص النتائج والعبر.   (جريدة الشعب – لسان حال الاتحاد العام التونسي للشغل – عدد السبت 5 جويلية 2008
 

المؤتمر القومي – الإسلامي: الاتحاد من أجل المتوسط بوابة إسرائيل للتطبيع

 

 
بيروت – قدس برس : حمّلت لجنة المتابعة في المؤتمر القومي ـ الإسلامي إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الجزء الأكبر من المسؤولية المباشرة لما يحدث في العالم من أزمات في الغذاء والنفط والتضخم والتصاعد الجنوني لغلاء الأسعار، وحملت الجزء الآخر إلى ما أسمته بـ »العولمة المتوحشة »، لاسيما المضاربات في البورصات في الأزمة العالمية الراهنة، التي قد ينجم عنها موت عشرات الملايين جوعاً، مما يقتضي إعادة النظر في اتفاقات منظمة التجارة العالمية والمنظمة العالمية لحقوق الملكية الفكرية.   وأشارت اللجنة التي عقدت اجتماعا لها في بيروت الأسبوع الماضي في بيان لها أرسلت نسخة منه لـ »قدس برس » إلى تراجع الدور الأمريكي في المنطقة لصالح قوى صاعدة، وقالت « إن السياسات التي تبناها المحافظون الجدد في تسخير أولوية الاستراتيجية الأمريكية لمحاربة العرب والمسلمين وتجزئة أقطارهم، كما يحدث في العراق والصومال والسودان، وفّرت الفرصة لروسيا لتوقف حالة الانحلال السياسي والاقتصادي، وتستعيد مكانة الدولة الكبرى، وللصين أن تتقدم اقتصادياً وعسكرياً وتقنياً بخطوات واسعة، وكذلك الهند والبرازيل، كما أتاحت الفرصة لتنامي المعارضة الرسمية والشعبية للنفوذ الأمريكي في بلدان أمريكا اللاتينية. ويمكن أن يضاف، للأسباب نفسها، زيادة الدور العالمي للاتحاد الأوروبي بسبب التراجع الكبير في ما كان يسمى نظام القطب الواحد الذي أخلى مكانه لصراع دولي جديد باتجاه تعدد القطبية وتعاظم دور شعوب العالم الثالث ».   وحذر البيان من أن هذا الفشل لا يعني تراجع خطورة المشروع الأمريكي بالمنطقة، وقال: « يمكن القطع بأن القوة الأمريكية في حالة ضعف وتدهور ووقوف أمام مفترق طرق في مختلف الأصعدة الدولية والمجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية. ولكن بالرغم من كل ذلك فإنها أبعد ما تكون من إخلاء الساحة، أو من عدم القدرة على التخريب ونشر الفوضى بعد أن فشلت في إقامة نظام عالمي أحادي القطبية ونظام شرق أوسطي تحت الهيمنة الأمريكية والصهيونية. فالصراع سوف يحتدم في منطقتنا العربية ـ الإسلامية في العالم في المرحلة القادمة. ولهذا فإن لجنة المتابعة تحذر مما خلفته أمريكا في السنوات السبع الماضية من دمار وانقسامات وشحن طائفي ومذهبي وقومي وعرقي داخل أقطارنا العربية والإسلامية، وفي ما بين دولنا كذلك، الأمر الذي يسمح لإدارة بوش وهي تتراجع بإبقاء النزاعات محتدمة والفوضى عارمة مما يوجب تطويق هذه المخلفات التي تستغلها السياسات الأمريكية الراهنة. وذلك من خلال تكريس منهجية الحوار والتوافق والتضامن على المستويين القطري والعربي ـ العربي ».   وأشادت اللجنة بتجربة اتفاق الدوحة اللبناني ـ اللبناني وما نجم عنه من إجماع على انتخاب العماد ميشيل سليمان رئيساً للجمهورية وطلبت من الجميع إنجاح تشكيل حكومة وحدة وطنية، الى جانب ضرورة وقف الشحن الطائفي وإحباط محاولات المتضررين من اتفاق الدوحة بإعادة الأزمة الى نقطة الصفر، وقال البيان: « إن لجنة المتابعة إذ تهيب بجميع الأطراف اللبنانية والعربية ضرورة إنجاح اتفاق الدوحة وتدعو إلى أن تمتد التجربة إلى الساحات الأخرى، كل وفق خصوصياتها ومعادلاتها الداخلية، ولاسيما ضرورة كسر الحصار عن قطاع غزة، وإنجاح الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني بين حماس وفتح، ثم الانتقال منه الى الحوار الشامل بين كل الفصائل الفلسطينية لتكريس الوحدة الوطنية وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة ميثاق عام 1964، ورفض ما جرى من تعديلات عليه، وتعزيز ذلك بانتخابات حرة لأعضاء المجلس الوطني ».   وقد شددت اللجنة على اهمية تحديد المسؤوليات في حصار غزة خصوصاً، والارض الفلسطينية عموماً مُدِينة كل المشاركين في تنفيذ الحصار، داعية الى فتح فوري لمعبر رفح كخطوة أولية لرفع الحصار، وكتعبير عن قرار سيادي يخص مصر وفلسطين بالدرجة الاولى، خصوصاً ان عدد الشهداء من بين المرضى يتزايد كل يوم ، للنقص الفادح في الدواء ووسائل المعالجة في المستشفيات، ناهيك عما يسقط من شهداء فلسطين على يد العدوان الصهيوني المتواصل والمتنقل بين الضفة وغزة.   وفي الملف العراقي شددت اللجنة على توحيد أوسع جبهة تضم فصائل المقاومة وكل القوى السياسية المعارضة للاحتلال وذلك لإحباط مشروع ما يسمى الاتفاقية الأمنية الأمريكية ـ العراقية التي لا تكرس الاحتلال الامريكي وتنقذه من الهزيمة المحققة فحسب، وإنما أيضاً تكرس كل مخلفاته من تجزئة وفيدراليات وعودة الهيمنة الاجنبية على النفط العراقي بعد 36 عاماً على تحريره، وتزيد أعداد الانقسامات الدموية الداخلية، فضلاً عن تهجير خمسة ملايين عراقي، وأكثر من ذلك من الجرحى والمنكوبين. ولهذا فإن النجاح في إحباط هذه الاتفاقية الخيانية يجب أن يتمثل في تشكيل أوسع جبهة لدحر الاحتلال بلا قيد أو شرط، واستعادة وحدة العراق وسيادته وتكريس قاعدة المساواة المواطنية الى جانب هويته العربية والإسلامية مع الحفاظ على حقوق وهويات كل مكوناته القومية والمذهبية والدينية.   ودعت لجنة المتابعة للمؤتمر القومي ـ الإسلامي كل القوى الحيّة العربية والإسلامية إلى أن تتضامن مع الصومال والسودان وأفغانستان ضد الاحتلال، ولإحباط مخططات التقسيم وإثارة الحروب الاهلية، وقال البيان: « إن استعادة التضامن العربي، لاسيما بين مصر وسوريا والسعودية، وتعزيز التضامن العربي ـ التركي ـ الايراني (والإسلامي والعالم الثالث عموماً) يشكلان أساساً لنجاح المقاومات في فلسطين ولبنان والعراق والصومال وأفغانستان والحفاظ على حدود التراب الوطني ووحدة الشعب، بالنسبة الى كل الدول مما يتهددها من مساع أمريكية ـ صهيونية تستهدف تجزئتها وتحويلها جميعاً الى فسيفساء من دول ضعيفة متعادية تتحكم فيها الهيمنة الأمريكية والنفوذ الصهيوني. فالسير على طريق التضامن في كل هذه المستويات يؤمن المصالح العليا للجميع، ويدرأ أخطار العدوان والاحتلال وتحديات الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة ».   واعتبرت اللجنة أن التمسك بالمقاومة، بكل اشكالها ومستوياتها، كنهج وخيار وثقافة، قد اثبت فعاليته في تحرير الارض في لبنان وغزة دون معاهدات ومفاوضات او اتفاقيات، وهو قادر ايضاً على تحرير العراق دون مثل هذه المعاهدات والاتفاقيات، فالمقاومة المستندة الى وحدة وطنية راسخة هي وحدها القادرة على استعادة الحقوق وصون السيادة الوطنية والقومية.   وعلى صعيد الحريات وحقوق الانسان لاحظت لجنة المتابعة تراجعات خطيرة في مجالات الحريات العامة والخاصة وحقوق الانسان على امتداد الوطن سواء على مستوى اتساع دائرة الاعتقال بين سياسيين واعلاميين واصحاب رأي او على مستوى المنع من السفر للحيلولة دون المشاركة في منتديات ومؤتمرات عربية بينها المؤتمر القومي – الإسلامي.   وفي هذا الاطار جددت اللجنة مطالبتها بالافراج عن معتقلي الرأي وسائر المعتقلين السياسيين واغلاق جميع الملفات ذات الطابع السياسي ورفع القيود عن تحرك المواطن العربي بما فيها الغاء قرارات منع السفر التي تطول عدداً متزايداً من الناشطين واهل الرأي.   وانتقدت اللجنة ما أسمته بـ « رقابة الجامعة العربية على الاعلام »، وقالت: « لقد جرى تتويج هذا الاتجاه القديم ـ الجديد بالتضييق على الحريات باقدام النظام الرسمي العربي، عبر اغلبية وزراء اعلامه، على وضع وثائق وآليات من اجل ما يسمى بتنظيم البث الفضائي والاذاعي ومراقبة المواقع الالكترونية بما يعزز من مخاوف المواطن العربي على حقوقه الاساسية، ومما يضيق من الهوامش الاعلامية والديمقراطية المحددة التي كان يتنفس عبرها هذا المواطن، وقد قررت اللجنة توجيه مذكرة مشتركة مع المؤتمر القومي العربي والمؤتمر العام للاحزاب العربية الى امين عام جامعة الدول العربية ووزراء الاعلام العرب للعودة عن قراراتهم بهذا الخصوص وعن تخصيص طاقاتهم وجهودهم لتطوير الاعلام العربي داخل الوطن وخارجه لخدمة قضايا الامة ومحاصرة الاعلام الصهيوني والاستعماري المسيطر في العديد من دول العالم ».   وتوقفت لجنة المتابعة في المؤتمر القومي ـ الإسلامي بامعان حول المشروع الفرنسي لما يسمى « بالاتحاد من اجل المتوسط » فرأت فيه نسخة جديدة من المشاريع الشرق أوسطية المتتالية التي حاولت الادارة الامريكية فرضها منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي التي ظاهرها التنمية الاقتصادية وباطنها التطبيع مع الكيان الصهيوني.   ودعت اللجنة رؤساء كل الدول العربية المدعوة الى هذا الاتحاد الى مقاطعة الاجتماع المرتقب في 13 يوليو 2008 في باريس في حال المشاركة الاسرائيلية فيه، واعتبار مثل هذه المشاركة مكافأة جديدة للارهاب الصهيوني وقادته فيما جرائمه بحق شعب فلسطين مستمرة، ومستعمراته في اتساع، وجدار الفصل العنصري المخالف لاستشارة محكمة العدل الدولية يتوغل في اعماق الارض الفلسطينية، وفيما اراضٍ عربية في الجولان ومزارع شبعا وكفر شوبا ما زالت محتلة، وفيما اكثر من 12 ألف اسير ومعتقل فلسطيني وعربي ما زالوا قابعين في سجون الاحتلال الصهيوني.   كما استهجنت اللجنة ان يضم مشروع الاتحاد المتوسطي المزمع انشاؤه كل دول الاتحاد الاوروبي، بما فيها غير المطلة على البحر المتوسط، فيما تمنع من المشاركة فيه دول عربية وإسلامية وافريقية تربطها مع الدول العربية المتوسطية منظومات اقليمية كالجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والاتحاد الافريقي، واعتبرت ان هذا التمييز الفاضح بين منظومة اقليمية وأخرى هو تأكيد على المضمون العنصري الذي ينطلق منه هذا المشروع.   وقررت اللجنة ان تعد وبالتعاون مع المؤتمر القومي العربي والمؤتمر العام للاحزاب العربية، مذكرة موجهة الى رؤساء الدول العربية المتوسطية تتضمن رؤية شعبية لمخاطر هذا المشروع وتدعوهم الى عدم الاستجابة له ما دام اصحابه مصرين على اشراك الكيان الصهيوني فيه، وتنبه في الوقت ذاته الى المخاطر التي تحملها جملة منظمات وحوارات ومناورات عسكرية وقواعد اجنبية مماثلة، على الامن القومي العربي عموماً وعلى التطبيع مع الكيان الصهيوني خصوصاً. كما دعت اللجنة كل القوى الحيّة في الامة الى السعي لكشف هذه المخاطر عبر شتى الوسائل الشعبية والاعلامية والسياسية.   إن مواجهة المخاطر التي تشكلها السياسات الامريكية ـ الصهيونية، وهي في حال التراجع في هذه المرحلة، ليست ضرورة لتجني شعوبنا ثمار النجاحات والتضحيات خلال السنوات السبع الماضية فحسب، وانما هي أيضاً ممكنة. فموازين القوى والظروف الراهنة تسمح بذلك، إذا ما تحررنا من إسار الانقسامات الداخلية، وما أورثته من أحقاد وشحن طائفي أو اثني أو عرقي أو جهوي أو سياسي، وغلّبنا روح الوحدة والتضامن والمصالح العليا المشتركة.   وقد حضر الاجتماع المنسق العام منير شفيق (الاردن) والأعضاء أحمد القميري (اليمن)، اسماعيل الشطي (الكويت)، بشارة مرهج (لبنان)، خالد السفياني (المغرب)، خير الدين حسيب (العراق/ لبنان)، سلمان عبد الله (العراق/ سوريا)، شفيق الحوت (فلسطين/ لبنان)، طلعت مسلم (مصر)، عبد القادر النيال (سوريا)، عبد العزيز السيد (الأردن)، عبد المحمود أبو إبراهيم (السودان)، عصام نعمان (لبنان)، فيصل مولوي (لبنان)، معن بشور (لبنان)، موسى ابو مرزوق (فلسطين)، ناصر السيد (السودان)، يس عمر الامام (السودان)، كما حضر مدير المؤتمر اسامة محيو (لبنان).    المصدر: جريدة الشرق (يومية – قطر)   بتاريخ 11 جويلية 2008

 بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية:

5,6% نسبة التضخّم في النصف الأوّل من العام

 
ارتفعت أسعار المواد الغذائية خلال النصف الأول من العام بمعدل 7,9% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2007 وهو ما دفع مؤشر الأسعار عند الاستهلاك العائلي للارتفاع بـ5,6% في النصف الأول من العام الحالي مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية مقابل 2,4% في الستة أشهر الأولى من سنة 2007 و4,6% في نفس الفترة من سنة 2006 حسب الأرقام الصادرة عن المعهد الوطني للاحصاء. ويتكوّن مؤشر الأسعار عند الاستهلاك العائلي من 6 مجموعات استهلاكية أساسية وهي الغذاء والسكن ومجموعة العناية والنظافة والصحة ومجموعة النقل ومجموعة الملابس ومجموعة الثقافة  والترفيه حيث تمثل مجموعة الغذاء 36,5% من السلة الاستهلاكية للتونسي. والى جانب المواد الغذائية، كان لأسعار الطاقة دور أساسي في ارتفاع معدل الأسعار عند الاستهلاك حيث ارتفع مؤشر أسعار الطاقة في النصف الأول من العام بـ12,2% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2007 وساهم بذلك في منو نسبة التضخم بـ0,5 نقطة. وتأثر أسعار الطاقة بصفة مباشرة على أسعارالسكن والنقل حيث ارتفعت هاتان الأخيرتان بنسب على التوالي بـ5,4% و5,3% خلال الستة أشهر الماضية من العام مقارنة بنفس الفترة من السنة المنقضية. وسجلت أسعار الملابس نموا بـ2,2% منذ بداية العام والى موفى شهر جوان مقارنة بنفس الفترة من سنة 2007 وهي أدنى نسبة ارتفاع لأسعار المواد الاستهلاكية وذلك بفضل موسم الانخفاض الذي دام شهرين. ويذكر أن سنة 2007 قد شهدت ارتفاعا حادا لأسعار المنتوجات الفلاحية في الأسواق العالمية حيث تضاعفت أسعار الحبوب أكثر من مرتين مقارنة بسنة 2004 الى جانب ارتفاع أسعار عديد المواد الاولية على غرارالحديد والرصاص والنحاس. وللاشارة، تتحكم الدولة في أسعار 30% من المواد الاستهلاكية في تونس بطريقة مباشرة عبر الدعم وغير مباشرة عبر تحديد الأسعار القصوى المتعامل بها.                          نبيل الغربي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 جويلية 2008)  

   


 
 

82 بالمائة منها  تمت قبل مرور سنة على عمر الزواج لعنة الطلاق تطارد الجيل الجديد من المتزوجين في تونس

 

 
أمال الهلالي من تونس: « الانفصال كان السبيل الوحيد للإبقاء على تلك المشاعر الجميلة.  لم يكتب لعمر زواجي أكثر من ستة أشهر، دبت بعدها رياح الخلاف واقتلعت الحب والاستقرار من جذورهما.لقد صرت أكره
كلمة زواج وأكره أكثر كلمة مطلقة ». بهذه الكلمات الحزينة المنبعثة  من قلب مكسور مليء بالإحباط والتشاؤم، هذا ما باحت لنا درة (28 سنة أستاذة جامعية) بمكنون صدرها بعد أن خرجت لتوها من تجربة زوجية فاشلة لم تستمر سنة. حالة درة ليست سوى نموذج لظاهرة اجتاحت خلال السنوات الأخيرة الجيل الجديد من المتزوجين في تونس  أو مايسمى  بظاهرة  » الطلاق المبكر » والتي دعمها وأكدها رقم مثير صدر عن الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري ( هيكل حكومي يعنى  بشؤون المرأة والأسرة) كشف أن 82 بالمائة من نسب  حالات الطلاق تمت قبل بلوغ السنة من الزواج في حين سجلت هذه  النسبة   إنخفاضها بعد مرور عام وعامين بنسبة تقدر ب 28 بالمائة.  كما أظهرت الإحصائيات أن الأزواج هم الأكثر رغبة في طلب الطلاق بالمقارنة مع زوجاتهن بنسبة 53بالمائة. وفيما يتعلق بدوافع وأسباب الإنفصال بينت الأرقام أن العنف بين الزوجين هو المحرك الأساسي  والأول لأخذ قرار الطلاق بنسبة 28 بالمائة في حين تسبب عامل  إدمان الزوج في حدوث 11 بالمائة من حالات الإنفصال وارتبطت بقية النسب بدوافع ومبررات أخرى كالبطالة والإعاقة والعقم إلخ…  تقول سنية( 23 سنة سكرتيرة بشركة خاصة) : »لقد مللت من تدخل أهل زوجي المستمر في شؤوننا الخاصة  فأمه المصون لا تترك شاردة أو واردة إلا وأبدت  رأيها دون علمي أحيانا والمشكل أن طليقي يمتلك مع الأسف شخصية ضعيفة وينصاع بسهولة لقرارات والدته حتى وان كان ذلك على حساب كرامتي  لذلك لم أطق العيش معه أكثر من ثمانية أشهر ثم كان الفراق المر على مضض مني ومنه » وليد( 28 سنة مهندس بترول) لم يكتب لعمر زواجه أكثر من شهرين  ونصف بالتمام والكمال رغم  تعلقه المستمر بزوجته السابقة غير أن الفراق كان أرحم من العيش في الجحيم.  يقول وليد »لقد اتفقنا خلال فترة الخطوبة على جميع أمورنا الحياتية ولم نترك شاردة أو واردة إلا وتطرقنا لها في كل جلساتنا  وقد كنا أسعد مخلوقات الله  غير أنها سامحها الله تغيرت بعد الزواج مائة وثمانين درجة  وأصبحت لا أعنيها من قريب أو من بعيد وصار كل همها منصبا على نفسها وزينتها وعملها  أما أنا فكنت آخر همها  وحين طلبت منها البقاء في المنزل والاهتمام بي خاصة وأن وضعيتي المادية حسنة والحمدة لله رفضت ذلك قطعا  بل زادت تعنتا وعنادا فكان الطلاق آخر وسيلة لفض النزاع ». من جهته يحذر الأستاذ المنذر جعفر( الأخصائي الاجتماعي ) من استفحال ظاهرة الطلاق المبكر  مما قد يشكل تهديدا حقيقيا  لمؤسسة الزواج وبالتالي زعزعة كيان المجتمع و تقويض استقراره. كما يعتبر هذه الظاهرة من أبرز عيوب العصر الحالي  الذي يتسم بالسرعة  في كل شيء حتى فاتخاذ القرارات  المصيرية . ويرى أن شباب هذا العصر بدأ يعيش تحت وقع الزواج السريع الذي هو نتيجة  للعوامل  النفسية والاجتماعية المهزومة والمتذبذبة التي أفرزها العصر الأمر الذي جعل الجيل الجديد من المتزوجين أو القادمين عليه  يتعاملون  باستهتار  وتسرع مع هذه المسألة . كما يضع الدكتور الخلافات الزوجية  في سلم الأسباب المؤدية للطلاق  المبكر  كعصيان الزوجات لأوامر الأزواج  إضافة إلى أسباب أخرى كإهمال الزوجة لشؤون المنزل ومشكل الإنفاق وسوء علاقة الزوجة بأهل الزوج  وعموما فان معظم المتزوجين ينقصهم الحوار في ما بينهم لفض خلافاتهم .  وعن الأسباب النفسية، يقر الدكتور النيفر  أن عدم فهم كلا الزوجين لنفسية الآخر  من أهم العوامل المؤدية للطلاق  ويعتبر فترة الخطوبة  مرحلة هامة جدا في حياة الزوجين لفهم بعضهما البعض  ومعرفة نقاط الاتفاق ونقاط الاختلاف  ومن فمة تحقيق الانسجام . كما يشير أن نزعة الأنانية والفردانية التي سيطرة على نفسية شبابنا اليوم   تجعلهم يرفضون التضحية ويعتبرونها حد من حرياتهم وإهانة لكرامتهم لاسيما عند الرجل الذي يعتبر نفسه دائما سيد القرار كما هو سيد البيت  ويحاول أن يترجم هذه النزعة عبر لغة الجسد  و العنف كآخر وسيلة لإبراز فحولته خاصة إذا أحس بعجزه مادي أو الجنسي ويحاول تدراكه بالعنف. من جهتها انطلقت وزارة شؤون المرأة والأسرة  في القيام بعمل ميداني  يهدف إلى تحديد  تمثلات الشباب لمسألة الزواج  سينتهي بإصدار دليل  الزواج للشبان كما تم  إطلاق برنامج خاص يهدف إلى إعداد الشباب للحياة الزوجية  من أجل تسهيل مفهوم المشاركة لدى المتزوجين الجدد علما وأن نسبة العزوبية تزايدت في تونس  لتبلغ 38 بالمائة في صفوف النساء و 47 بالمائة عند  الرجال. (المصدر: موقع « إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ 11 جويلية 2008) الرابط:http://www.elaph.com/ElaphWeb/ElaphGuys/2008/7/347556.htm  


الحجاب.. قضية شائكة في عالم متغير

 
عمان – (وكالة الأنباء الألمانية – DPA) – غطاء الرأس للمرأة المسلمة أو «الحجاب» يمثل في نظر البعض أكثر الموضوعات سخونة في الجدل الديني والعلماني القائم بين الإسلام والغرب. وينظر إلى الحجاب في معظم أنحاء أوروبا على أنه وسيلة للقمع وإجبار النساء على تغطية أنفسهن سواء بإرادتهن أو رغما عنهن. غير أن الخطوات التي اتخذتها بعض الدول الأوروبية لمنع المسلمات من ارتداء الحجاب في المدارس أو المكاتب أثارت ردود فعل عنيفة من جانب العالمين الإسلامي والعربي حيث ينظر إلى الحجاب في الغالب باعتباره أداة للتحرر والاختيار الشخصي. ويؤكد باحثون مسلمون بارزون وقيادات في الحركة النسائية أن المسلمات يرتدين الحجاب التزاما بتعليمات إلهية كما تنص عليها آيات القرآن الكريم بصراحة. وتقول آية في القرآن: « وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» (سورة النور). وفي ضوء ذلك يعتقد عميد كلية الشريعة بالجامعة الأردنية محمد المجالي أن المرأة المسلمة ليس أمامها خيار إلا ارتداء الحجاب إذا أرادت السير على منهج الله. وقال المجالي لوكالة الأنباء الألمانية: إن الإسلام لا ينكر الأحاسيس الجنسية للرجل والمرأة ولكنه يسعى إلى تنظيمها من خلال توجيه سلوكهما بما في ذلك ارتداء المرأة للحجاب. وأوضح أنه بالنسبة للمرأة المسلمة أصبح الحجاب حرية شخصية يفترض أن الديمقراطيات الغربية ودساتيرها تحميها. وقال إن من المثير للدهشة السماح للنساء في الدول الأوروبية والغربية الأخرى بارتداء أي نوع من الملابس، ولكن عندما يأتي الأمر لحجاب المرأة المسلمة تتدخل بعض الحكومات لمنعه واصفا ذلك بأنه ينطوي على ازدواجية في المعايير. وأضاف أستاذ الشريعة الإسلامية أنه يأسف لمحاولة قوى لبرالية في دولة إسلامية مثل تركيا تجديد فرض حظر على ارتداء الحجاب في الجامعات في الوقت الذي تضع فيه %90 من نساء تركيا غطاء الرأس. ويعتبر المجالي ورئيسة اتحاد المرأة الأردنية آمنة الزعبي محاولات الدول الغربية مثل فرنسا لحظر الحجاب في المدارس من قبيل «الإسلام وفوبيا» أو رهاب الإسلام. وجرى تبرير هذه الخطوات في فرنسا بالحاجة إلى الحفاظ على الطبيعة العلمانية للدولة وأيضا تطبيقها على الرموز المسيحية واليهودية إلا أن هناك اعتقادا على نطاق واسع بأنها موجهة إلى الأقلية المسلمة كبيرة العدد في البلاد على وجه الخصوص. وأعربت الزعبي عن اعتقادها بأن محاولات الدول الغربية لحظر الحجاب قد تحولت لتكون ذات أثر عكسي لأنها ألزمت النساء المسلمات بالتمسك بالحجاب كرمز إسلامي. وقالت إن من المثير للدهشة رؤية وسائل الإعلام الغربية التي تدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان وقد فشلت في الدفاع عن الحجاب كقضية حرية شخصية يجب حمايتها. وفي أوروبا تنظر الأغلبية الساحقة إلى الحجاب باعتباره انتهاكا للحرية الشخصية وهو شيء مفروض على المرأة من قبل أقاربها الرجال وليس أمر تشعر المرأة بأنه حق لها. ورغم أن أغلبية النساء في الأردن والمجتمعات العربية الأخرى ذات التوجه الذكوري ترتدي الحجاب فإن هناك قطاعا لا بأس به من المجتمع النسائي يرفض ارتداء الحجاب. وقال سالم أمين الباحث بالمركز الأردني للبحوث الاجتماعية إن بعض النساء يعتبرن الحجاب مسألة ترتبط بالتخلف وإنهن بخلعه يردن أن يظهرن أنهن من الأشخاص الليبراليين والمتحضرين. وأضاف أن الحجاب الذي ينبثق في الأساس من معتقدات دينية قد تطور إلى حرية شخصية تدعمها السلطات وتمتنع عن فرضها. وقال إنه اكتشف وجود علاقة ترابطية ما بين خلع الحجاب وارتفاع مستوى معيشة العائلات. وأضاف أن النساء من العائلات الفقيرة ترتدي الأغلبية الساحقة منهن الحجاب. ويؤكد سالم أن ارتداء الحجاب يزداد في ضوء حقيقة أن سياسات التوظيف المطبقة من جانب المؤسسات العامة والخاصة لا تمارس التفرقة ضد المحجبات كما كان يعتقد في بعض الدوائر. وأضاف أن الرجال أيضا أصبحوا أكثر ميلا للزواج من نساء محجبات.  
 
(المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 10 جويلية 2008

بسم الله الرحمان الرحيم  المنهج القرآني في النقد والتقويم وفي التوبة والتصحيح – الحلقة الرابعة قراءة وتقويم القرآن لحادثة الإفك

 

 
  كان الاعتراض الرئيسي عما نشرته في الفترة الأخيرة أنه كان علنيا، في موضوعات الأصل فيها – حسب رأي إخواني المعترضين – أنها خاصة بحركة النهضة وأبنائها. وكان ردي دائما أن حركة النهضة تَحمّلت أمانة إحياء المشروع الإسلامي ، وهذه قضية عامة وليست خاصة ولا حزبية ، وتحويلها إلى قضية حزبية أو خاصة بفئة ، هو انحراف خطير على المشروع الإسلامي ، يتحول به من كونه هو غاية وجود الحركة ، وكون الحركة وسيلة لخدمته ، إلى كونه وسيلة لخدمة الحركة . وهذا ما انزلقت إليه حركة النهضة ، الأمر الذي أصبح يقتضي التوبة والتصحيح كما بينته في الحلقة الثامنة من حلقات « حتى لا يشوش على واجبي الشرعي » .   إنه لم يعد لنا مناص بعد كل التطورات والمنزلقات الحاصلة إلا الرجوع إلى هذا الأصل (العمل في العلن ومع الجمهور المسلم التونسي). ورغم أن هذا هو في أصله بديهي ، ومن طبيعة الدعوة ورسالة الله إلى عباده ، فإن ما اعتراه من تلبيس خطير جعل الاعتراض على ما كتبته على الملأ شديدا من العديد من إخواننا، الأمر الذي أصبح يفرض بيان هذه البديهية وتأصيلها من خلال قرآننا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم . وهذا هو هدف هذه السلسلة من الحلقات تحت عنوان « المنهج القرآني في النقد والتقويم وفي التوبة والتصحيح ».    وقد تقدمت الحلقة الأولى التمهيدية من هذه السلسلة في ركائز هذا المنهج ، والحلقة الثانية منها في  قراءة وتقويم القرآن لغزوة بدر، والحلقة الثالثة في قراءة وتقويم القرآن لابتلاء غزوة أحد ، ذات الدلالات الكبيرة على ما حدث وما مر بنا .   وعقب نشر الحلقة الثانية ، اتصل بي أخ حبيب معترضا ، ليس على الكتابة على الملإ، ولكن على تقديري  ما أصبحت عليه حركة النهضة من تدين ومدى تضييعها لسمتها وطبيعتها . لقد كان حوارا مفيدا رغم أنه لم يغير من قناعتي في خصوص تقديري هذا ، إلا أنه أقنعني بضرورة توضيح بعض النقاط – وليس هنا مجاله – ، وأكتفي هنا بلفت الانتباه إلى أن التقويم الذي قدمتُه ولازلتُ لا يتعلق بالأفراد ولكن بحركة النهضة ككيان جماعي يُعرف من خلال خططه وبرامجه وسياساته ومواقفه وأعماله وبياناته وتصريحاته..   وفيما يلي سنقدم الحلقة الرابعة ، وسنخصصها بإذن الله تعالى إلى قراءة وتقويم القرآن لحادثة الإفك . ورغم أنه ابتلاء من نوع مختلف عما رأينا في غزوتي بدر وأحد إلا أنه سوف نتبين أن نفس المنهج هو المعتمد فيها جميعا ، وهذا ما سنراه في الفقرات التالية :                                           1.الحادثة كما عاشتها عائشة رضي الله عنها                                         2.لقد كان ابتلااءا شديدا يتجاوز أشخاص المتهمين إلى الطعن في مهمة الرسول  صلى الله عليه وسلم                                         3.الحادثة كما قصها وقضى فيها القرآن                                         4.إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم                                         5.لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم                                         6.لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم                                         7.الخطوة الأولى في إثبات أو رد التهمة هي خطوة الدليل القلبي                                         8.الخطوة الثانية في إثبات أو رد التهمة هي طلب الدليل الخارجي                                         9.لولا فضل الله عليكم لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم                                    10.كيف تم سريان الإفك : إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم                                    11.يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين                                    12.حادثة الإفك كان مناسبة لمحاكمة قرآنية على الملأ     الحادثة كما عاشتها عائشة رضي الله عنها   قالت:{ فقدمنا المدينة , فاشتكيت بها شهرا ; والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك ولا أشعر . وهو يريبني في وجعي أني لا أرى من النبي صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي , إنما يدخل فيسلم ثم يقول: كيف تيكم ? ثم ينصرف .}   فلما فوجئَتْ عَرَضا بالأمر استأذنت الرسول صلى الله عليه وسلم في زيارة أبويها.   تقول :{ فأتيت أبوي , فقلت لأمي: يا أمتاه ماذا يتحدث الناس به ? فقالت يا بنية هوني على نفسك الشأن , فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها . فقلت:سبحان الله ! ولقد تحدث الناس بهذا ?}   قالت:{ فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم . ثم أصبحت أبكي . فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد – رضي الله عنهما – حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله . قالت: فأما أسامة فأشار عليه بما يعلم من براءة أهله , وبالذي يعلم في نفسه من الود لهم . فقال أسامة: هم أهلك يا رسول الله , ولا نعلم والله إلا خيرا . وأما علي بن أبي طالب فقال:يا رسول الله لم يضيق الله عليك , والنساء سواها كثير , وسل الجارية تخبرك . قالت: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم  بريرة فقال لها:أي بريرة . هل رأيت فيها شيئا يريبك ? فقالت:لا والذي بعثك بالحق نبيا إن رأيت منها أمرا أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها , فتأتي الداجن فتأكله .}   قالت:{ فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه , واستعذر من عبد الله بن أبي بن سلول . فقال وهو على المنبر: من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي ? فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا . ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا , وما كان يدخل على أهلي إلا معي . قالت: فقام سعد بن معاذ – رضي الله عنه – فقال: يا رسول الله أنا والله أعذرك منه . إن كان من الأوس ضربنا عنقه , وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك . فقام سعد بن عبادة – رضي الله عنه – وهو سيد الخزرج , وكان رجلا صالحا ولكن أخذته الحمية . فقال لسعد بن معاذ: كذبت لعمْر الله , لا تقتله ولا تقدر على ذلك . فقام أسيد بن حضير رضي الله عنه وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة: كذبت – لعمْر الله – لنقتلنه , فإنك منافق تجادل عن المنافقين . فثار الحيان – الأوس والخزرج – حتى هموا أن يقتتلوا , ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر , فلم يزل يخفظهم حتى سكتوا ونزل .   وبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع , ولا أكتحل بنوم . ثم بكيت ليلتي المقبلة لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم . فأصبح أبواي عندي , وقد بكيت ليلتين ويوما , حتى أظن أن البكاء فالق كبدي . فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي إذ استأذنت امرأة من الأنصار , فأذنت لها , فجلست تبكي معي. فبينما نحن كذلك إذ دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم جلس , ولم يجلس عندي من يوم قيل في ما قيل قبلها , وقد مكث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء , فتشهد حين جلس , ثم قال:  » أما بعد فإنه بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرؤك الله تعالى , وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله تعالى وتوبي إليه , فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله تعالى عليه « .   فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه بقطرة . فقلت لأبي: أجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال ، قال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت لأمي:أجيبي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال ، قالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت: وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن . فقلت: إني والله أعلم أنكم سمعتم حديثا تحدث الناس به , واستقر في نفوسكم , وصدقتم به ، فلئن قلت لكم: إني بريئة لا تصدقوني بذلك ، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة , لتصدقنني . فوالله ما أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف إذ قال: »فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون » . ثم تحولت فاضطجعت على فراشي , وأنا والله حينئذ أعلم أني بريئة , وأن الله تعالى مبرئي ببراءتي . ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل الله تعالى في شأني وحيا يتلى ; ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله تعالى في بأمر يتلى ; ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرؤني الله تعالى بها .   فوالله ما رام مجلسه , ولا خرج أحد من أهل البيت , حتى أنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء , فسري عنه , وهو يضحك , فكان أول كلمة تكلم بها أن قال لي: يا عائشة احمدي الله تعالى فإنه قد برأك . فقالت لي أمي: قومي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: والله لا أقوم إليه , ولا أحمد إلا الله تعالى , هو الذي أنزل براءتي . فأنزل الله تعالى: إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم . . . العشر الآيات   فلما أنزل الله تعالى هذا في براءتي قال أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره: والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد ما قال لعائشة ، فأنزل الله تعالى: ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة . . إلى قوله (والله غفور رحيم) ، فقال أبو بكر – رضي الله عنه – بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي , فرجع إلى مسطح النفقة التي كان يجري عليه , وقال: والله لا أنزعها منه أبدا.}   قالت عائشة رضي الله عنها:{ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش عن أمري , فقال: » يا زينب ، ما علمت وما رأيت ?  » فقالت:” يا رسول الله أحمي سمعي وبصري , والله ما علمت عليها إلا خيرا ”. وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعصمها الله تعالى بالورع . قالت: فطفقت أختها حمنة تحارب لها , فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك.}   لقد كان ابتلااءا شديدا يتجاوز أشخاص المتهمين إلى الطعن في مهمة الرسول  صلى الله عليه وسلم   عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته ، وعاش أبو بكر – رضي الله عنه – وأهل بيته ، وعاش صفوان بن المعطل ، وعاش المسلمون جميعا الشهر كله في جو خانق , وفي ظل آلام هائلة , بسبب حديث الإفك .   وإن الإنسان ليقف متململا أمام هذه الصورة الفظيعة لتلك الفترة الأليمة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وأمام تلك الآلام العميقة اللاذعة لعائشة زوجه المقربة . وهي فتاة صغيرة في نحو السادسة عشرة . تلك السن المليئة بالحساسية المرهفة والرفرفة الشفيقة .   فها هي ذي عائشة الطيبة الطاهرة . ها هي ذي في براءتها ووضاءة ضميرها , ونظافة تصوراتها , ها هي ذي ترمي في أعز ما تعتز به . ترمى في شرفها . وهي ابنة الصديق الناشئة في العش الطاهر الرفيع . وترمى في أمانتها . وهي زوج محمد بن عبد الله من ذروة بني هاشم . وترمى في وفائها . وهي الحبيبة المدللة القريبة من ذلك القرب الكبير . . ثم ترمى في إيمانها . وهي المسلمة الناشئة في حجر الإسلام , من أول يوم تفتحت عيناها فيه على الحياة . وهي زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم .   ها هي ذي ترمى , وهي بريئة غارة غافلة , لا تحتاط لشيء , ولا تتوقع شيئا ; فلا تجد ما يبرؤها إلا أن ترجو في جناب الله , وتترقب أن يرى رسول الله رؤيا , تبرؤها مما رميت به . ولكن الوحي يتلبث , لحكمة يريدها الله , شهرا كاملا ; وهي في مثل هذا العذاب .   ويا لله لها وهي تفاجأ بالنبأ من أم مسطح . وهي مهدودة من المرض . فتعاودها الحمى ; وهي تقول لأمها في أسى: سبحان الله ! وقد تحدث الناس بهذا ? وفي رواية أخرى تسأل: وقد علم به أبي ? فتجيب أمها:نعم ! فتقول: ورسول الله صلى الله عليه وسلم ? – فتجيبها أمها كذلك: نعم !   ويا لله لها ورسول الله صلى الله عليه وسلم  نبيها الذي تؤمن به ورجلها الذي تحبه , يقول لها: »أما بعد فإنه بلغني عنك كذا وكذا ; فإن كنت بريئة فسيبرؤك الله تعالى , وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله تعالى وتوبي إليه , فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه  » . . فتعلم أنه شاك فيها , لا يستيقن من طهارتها , ولا يقضي في تهمتها . وربه لم يخبره بعد , ولم يكشف له عن براءتها التي تعلمها ولكن لا تملك إثباتها ; فتمسي وتصبح وهي متهمة في ذلك القلب الكبير الذي أحبها , وأحلها في سويدائه !   وها هو ذا أبو بكر الصديق – في وقاره وحساسيته وطيب نفسه – يلذعه الألم , وهو يرمى في عرضه . في ابنته زوج محمد – صاحبه الذي يحبه ويطمئن إليه , ونبيه الذي يؤمن به ويصدقه تصديق القلب المتصل , لا يطلب دليلا من خارجه . . وإذا الألم يفيض على لسانه , وهو الصابر المحتسب القوي على الألم , فيقول: والله ما رمينا بهذا في جاهلية . أفنرضى به في الإسلام ? وهي كلمة تحمل من المرارة ما تحمل . حتى إذا قالت له ابنته المريضة المعذبة: أجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرارة هامدة: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم !   وأم رومان – زوج الصديق رضي الله عنهما – وهي تتماسك أمام ابنتها المفجوعة في كل شيء . المريضة التي تبكي حتى تظن أن البكاء فالق كبدها . فتقول لها: يا بنية هوني على نفسك الشأن , فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها . . ولكن هذا التماسك يتزايل وعائشة تقول لها: أجيبي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقول كما قال زوجها من قبل: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم !   والرجل المسلم الطيب الطاهر المجاهد في سبيل الله صفوان بن المعطل . وهو يرمى بخيانة نبيه في زوجه . فيرمى بذلك في إسلامه , وفي أمانته , وفي شرفه , وفي حميته . وفي كل ما يعتز به صحابي , وهو من ذلك كله برى ء . وهو يفاجأ بالاتهام الظالم وقلبه بريء من تصوره , فيقول: سبحان الله ! والله ما كشفت كتف أنثى قط . ويعلم أن حسان بن ثابت يروج لهذا الإفك عنه , فلا يملك نفسه أن يضربه بالسيف على رأسه ضربة تكاد تودي به . ودافعه إلى رفع سيفه على امرىء مسلم , وهو منهي عنه , أن الألم قد تجاوز طاقته , فلم يملك زمام نفسه الجريح !   ثم ها هو ذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو رسول الله , وهو في الذروة من بني هاشم . . ها هو ذا يرمى في بيته . وفي من ? في عائشة التي حلت من قلبه في مكان الابنة والزوجة والحبيبة . وها هو ذا يرمى في طهارة فراشه , وهو الطاهر الذي تفيض منه الطهارة . وها هو ذا يرمي في صيانة حرمته , وهو القائم على الحرمات في أمته . وها هو ذا يرمى في حياطة ربه له , وهو الرسول المعصوم من كل سوء .   ها هو ذا صلى الله عليه وسلم يرمى في كل شيء حين يرمى في عائشة – رضي الله عنها – يرمى في فراشه وعرضه , وقلبه ورسالته . يرمى في كل ما يعتز به عربي , وكل ما يعتز به نبي . . ها هو ذا يرمى في هذا كله ; ويتحدث الناس به في المدينة شهرا كاملا , فلا يملك أن يضع لهذا كله حدا . والله يريد لحكمة يراها أن يدع هذا الأمر شهرا كاملا لا يبين فيه بيانا . ومحمد الإنسان يعاني ما يعانيه الإنسان في هذا الموقف الأليم . يعاني من العار , ويعاني فجيعة القلب ; ويعاني فوق ذلك الوحشة المؤرقة . الوحشة من نور الله الذي اعتاد أن ينير له الطريق . . والشك يعمل في قلبه – مع وجود القرائن الكثيرة على براءة أهله , ولكنه لا يطمئن نهائيا إلى هذه القرائن – والفرية تفوح في المدينة , وقلبه الإنساني المحب لزوجه الصغيرة يتعذب بالشك ; فلا يملك أن يطرد الشك . لأنه في النهاية بشر , ينفعل في هذا انفعالات البشر . وزوج لا يطيق أن يمس فراشه . ورجل تتضخم بذرة الشك في قلبه متى استقرت , ويصعب عليه اقتلاعها دون دليل حاسم .   وها هو ذا يثقل عليه العبء وحده , فيبعث إلى أسامة بن زيد . حبه القريب إلى قلبه . . ويبعث إلى علي ابن أبي طالب . ابن عمه وسنده . يستشيرهما في خاصة أمره . فأما علي فهو من عصب محمد , وهو شديد الحساسية بالموقف لهذا السبب . ثم هو شديد الحساسية بالألم والقلق اللذين يعتصران قلب محمد , ابن عمه وكافله . فهو يشير بأن الله لم يضيق عليه . ويشير مع هذا بالتثبت من الجارية ليطمئن قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستقر على قرار . وأما أسامة فيدرك ما بقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الود لأهله , والتعب لخاطر الفراق , فيشير بما يعلمه من طهارة أم المؤمنين , وكذب المفترين الأفاكين .   ورسول الله صلى الله عليه وسلم في لهفة الإنسان , وفي قلق الإنسان , يستمد من حديث أسامة , ومن شهادة الجارية مددا وقوة يواجه بهما القوم في المسجد , فيستعذر ممن نالوا عرضه , ورموا أهله , ورموا رجلا من فضلاء المسلمين لا يعلم أحد عليه من سوء . . فيقع بين الأوس والخزرج ما يقع من تناور – وهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم . ويدل هذا على الجو الذي كان يظلل الجماعة المسلمة في هذه الفترة الغريبة , وقد خدشت قداسة القيادة , ويحز هذا في نفس الرسول صلى الله عليه وسلم والنور الذي اعتاد أن يسعفه لا ينير له الطريق ! فإذا هو يذهب إلى عائشة نفسها يصارحها بما يقول الناس ; ويطلب منها هي البيان الشافي المريح !   وعندما تصل الآلام إلى ذروتها على هذا النحو يتعطف عليه ربه , فيتنزل القرآن ببراءة عائشة الصديقة الطاهرة ; وبراءة بيت النبوة الطيب الرفيع ; ويكشف المنافقين الذين حاكوا هذا الإفك , ويرسم الطريق المستقيم للجماعة المسلمة في مواجهة مثل هذا الشأن العظيم .   ولقد قالت عائشة عن هذا القرآن الذي تنزل: »وأنا والله أعلم حينئذ أني بريئة , وأن الله تعالى مبرئي ببراءتي . ولكني والله ما كنت أظن أن ينزل الله تعالى في شأني وحيا يتلى . ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى . ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرؤني الله تعالى بها » . .   ولكن الأمر – كما يبدو من ذلك الاستعراض – لم يكن أمر عائشة – رضي الله عنها – ولا قاصرا على شخصها . فلقد تجاوزها إلى شخص الرسول صلى الله عليه وسلم ووظيفته في الجماعة يومها . بل تجاوزه إلى صلته بربه ورسالته كلها . وما كان حديث الإفك رمية لعائشة وحدها , إنما كان رمية للعقيدة في شخص نبيها وبانيها . . من أجل ذلك أنزل الله القرآن ليفصل في القضية المبتدعة , ويرد المكيدة المدبرة , ويتولى المعركة الدائرة ضد الإسلام ورسول الإسلام ; ويكشف عن الحكمة العليا وراء ذلك كله ; وما يعلمها إلا الله :  » إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم . لا تحسبوه شرا لكم , بل هو خير لكم . لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم . والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم.”   الحادثة كما قصها وقضى فيها القرآن:   قال تعالى: {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم . لا تحسبوه شرا لكم , بل هو خير لكم . لكل امرى ء منهم ما اكتسب من الإثم , والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم . لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا , وقالوا:هذا إفك مبين . لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء ! فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون . ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم . إذ تلقونه بألسنتكم , وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم ; وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم . ولولا إذ سمعتموه قلتم: ما يكون لنا أن نتكلم بهذا . سبحانك ! هذا بهتان عظيم . يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين . ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم . إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة , والله يعلم وأنتم لا تعلمون . ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم . يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر , ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا ; ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم . ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله . وليعفوا وليصفحوا . ألا تحبون أن يغفر الله لكم . والله غفور رحيم . إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة , ولهم عذاب عظيم . يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون . يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق , ويعلمون أن الله هو الحق المبين . الخبيثات للخبيثين , والخبيثون للخبيثات , والطيبات للطيبين , والطيبون للطيبات , أولئك مبرأون مما يقولون , لهم مغفرة ورزق كريم.} (النور 11 – 26)   هذا الحادث . حادث الإفك . قد كلف أطهر النفوس في تاريخ البشرية كلها آلاما لا تطاق ; وكلف الأمة المسلمة كلها تجربة من أشق التجارب في تاريخها الطويل ; وعلق قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلب زوجه عائشة التي يحبها , وقلب أبي بكر الصديق وزوجه , وقلب صفوان بن المعطل . . شهرا كاملا . علقها بحبال الشك والقلق والألم الذي لا يطاق .                                      إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم       إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم . لا تحسبوه شرا لكم , بل هو خير لكم . لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم . والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم .   فهم ليسوا فردا ولا أفرادا ; إنما هم(عصبة) متجمعة ذات هدف واحد . ولم يكن عبد الله بن أبي بن سلول وحده هو الذي أطلق ذلك الإفك . إنما هو الذي تولى معظمه . وهو يمثل عصبة اليهود أو المنافقين , الذين عجزوا عن حرب الإسلام جهرة ; فتواروا وراء ستار الإسلام ليكيدوا للإسلام خفية . وكان حديث الإفك إحدى مكائدهم القاتلة ، ثم خدع فيها المسلمون فخاض منهم من خاض في حديث الإفك كحمنة بنت جحش ; وحسان بن ثابت , ومسطح بن أثاثة . أما أصل التدبير فكان عند تلك العصبة , وعلى رأسها ابن سلول , الحذر الماكر , الذي لم يظهر بشخصه في المعركة . ولم يقل علانية ما يؤخذ به , فيقاد إلى الحد . إنما كان يهمس به بين ملئه الذين يطمئن إليهم , ولا يشهدون عليه . وكان التدبير من المهارة والخبث بحيث أمكن أن ترجف به المدينة شهرا كاملا , وأن تتداوله الألسنة في أطهر بيئة وأتقاها !   وقد بدأ السياق ببيان تلك الحقيقة ليكشف عن ضخامة الحادث , وعمق جذوره , وما وراءه من عصبة تكيد للإسلام والمسلمين هذا الكيد الدقيق العميق اللئيم .   لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم   ثم سارع بتطمين المسلمين من عاقبة هذا الكيد: (لا تحسبوه شرا لكم ; بل هو خير لكم). . خير . فهو يكشف عن الكائدين للإسلام في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته . وهو يكشف للجماعة المسلمة عن ضرورة تحريم القذف وأخذ القاذفين بالحد الذي فرضه الله ; ويبين مدى الأخطار التي تحيق بالجماعة لو أطلقت فيها الألسنة تقذف المحصنات الغافلات المؤمنات . فهي عندئذ لا تقف عند حد . إنما تمضي صعدا إلى أشرف المقامات , وتتطاول إلى أعلى الهامات , وتعدم الجماعة كل وقاية وكل تحرج وكل حياء .   وهو خير أن يكشف الله للجماعة المسلمة – بهذه المناسبة – عن المنهج القويم في مواجهة مثل هذا الأمر العظيم .   أما الآلام التي عاناها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته , والجماعة المسلمة كلها , فهي ثمن التجربة , وضريبة الابتلاء , الواجبة الأداء !   لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم   أما الذين خاضوا في الإفك , فلكل منهم بقدر نصيبه من تلك الخطيئة: (لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم). . ولكل منهم نصيبه من سوء العاقبة عند الله . وبئس ما اكتسبوه , فهو إثم يعاقبون عليه في حياتهم الدنيا وحياتهم الأخرى: (والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم) يناسب نصيبه من ذلك الجرم العظيم .   والذي تولى كبره , وقاد حملته , واضطلع منه بالنصيب الأوفى , كان هو عبد الله بن أبي بن سلول ، رأس النفاق , وحامل لواء الكيد . ولقد عرف كيف يختار مقتلا , لولا أن الله كان من ورائه محيطا , وكان لدينه حافظا , ولرسوله عاصما , وللجماعة المسلمة راعيا . . ولقد روي أنه لما مر صفوان بن المعطل بهودج أم المؤمنين وابن سلول في ملأ من قومه قال:من هذه ? فقالوا:عائشة رضي الله عنها . . فقال: والله ما نجت منه ولا نجا منها . وقال: امرأة نبيكم باتت مع رجل حتى أصبحت ; ثم جاء يقودها !   وهي قولة خبيثة راح يذيعها – عن طريق عصبة النفاق – بوسائل ملتوية . بلغ من خبثها أن تموج المدينة بالفرية التي لا تصدق , والتي تكذبها القرائن كلها . وأن تلوكها ألسنة المسلمين غير متحرجين . وأن تصبح موضوع أحاديثهم شهرا كاملا . وهي الفرية الجديرة بأن تنفى وتستبعد للوهلة الأولى .   وإن الإنسان ليدهش – حتى اليوم – كيف أمكن أن تروج فرية ساقطة كهذه في جو الجماعة المسلمة حينذاك . وأن تحدث هذه الآثار الضخمة في جسم الجماعة , وتسبب هذه الآلام القاسية لأطهر النفوس وأكبرها على الإطلاق .   الخطوة الأولى في إثبات أو رد التهمة هي خطوة الدليل القلبي   لقد كانت معركة خاضها رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاضتها الجماعة المسلمة يومذاك . وخاضها الإسلام . معركة ضخمة لعلها أضخم المعارك التي خاضها رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج منها منتصرا كاظما لآلامه الكبار , محتفظا بوقار نفسه وعظمة قلبه وجميل صبره . فلم تؤثر عنه كلمة واحدة تدل على نفاد صبره وضعف احتماله . والآلام التي تناوشه لعلها أعظم الآلام التي مرت به في حياته . والخطر على الإسلام من تلك الفرية من أشد الأخطار التي تعرض لها في تاريخه .   ولو استشار كل مسلم قلبه يومها لأفتاه ; ولو عاد إلى منطق الفطرة لهداه . والقرآن الكريم يوجه المسلمين إلى هذا المنهج في مواجهة الأمور , بوصفه أول خطوة في الحكم عليها: (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا , وقالوا:هذا إفك مبين). .   نعم كان هذا هو الأولى . . أن يظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا . وأن يستبعدوا سقوط أنفسهم في مثل هذه الحمأة . . وامرأة نبيهم الطاهرة وأخوهم الصحابي المجاهد هما من أنفسهم . فظن الخير بهما أولى . فإن ما لا يليق بهم لا يليق بزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يليق بصاحبه الذي لم يعلم عنه إلا خيرا . . كذلك فعل أبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري وامرأته – رضي الله عنهما – كما روى الإمام محمد ابن إسحاق:أن أبا أيوب قالت له امرأته أم أيوب:يا أبا أيوب أما تسمع ما يقول الناس في عائشة – رضي الله عنها ? – قال:نعم . وذلك الكذب . أكنت فاعلة ذلك يا أم أيوب ? قالت:لا والله ما كنت لأفعله . قال: فعائشة والله خير منك . . ونقل الإمام محمود بن عمر الزمخشري في تفسيره: »الكشاف » أن أبا أيوب الأنصاري قال لأم أيوب:ألا ترين ما يقال ? فقالت: لو كنت بدل صفوان أكنت تظن بحرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم سوءا ? قال: لا. قالت:ولو كنت أنا بدل عائشة – رضي الله عنها –  ما خنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعائشة خير مني , وصفوان خير منك. .   وكلتا الروايتين تدلان على أن بعض المسلمين رجع إلى نفسه واستفتى قلبه , فاستبعد أن يقع ما نسب إلى عائشة , وما نسب إلى رجل من المسلمين:من معصية لله وخيانة لرسوله , وارتكاس في حمأة الفاحشة , لمجرد شبهة لا تقف للمناقشة !    الخطوة الثانية في إثبات أو رد التهمة هي طلب الدليل الخارجي:   هذه هي الخطوة الأولى في المنهج الذي يفرضه القرآن لمواجهة الأمور . خطوة الدليل الباطني الوجداني . فأما الخطوة الثانية فهي طلب الدليل الخارجي والبرهان الواقعي: (لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء ! فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون ). .   وهذه الفرية الضخمة التي تتناول أعلى المقامات , وأطهر الأعراض , ما كان ينبغي أن تمر هكذا سهلة هينة ; وأن تشيع هكذا دون تثبت ولا بينة ; وأن تتقاذفها الألسنة وتلوكها الأفواه دون شاهد ولا دليل: لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء ! وهم لم يفعلوا فهم كاذبون إذن . كاذبون عند الله الذي لا يبدل القول لديه , والذي لا يتغير حكمه , ولا يتبدل قراره . فهي الوصمة الثابتة الصادقة الدائمة التي لا براءة لهم منها , ولا نجاة لهم من عقباها .   لولا فضل الله عليكم لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم   هاتان الخطوتان: خطوة عرض الأمر على القلب واستفتاء الضمير . وخطوة التثبت بالبينة والدليل . . غفل عنهما المؤمنون في حادث الإفك ; وتركوا الخائضين يخوضون في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أمر عظيم لولا لطف الله لمس الجماعة كلها البلاء العظيم . فالله يحذرهم أن يعودوا لمثله أبدا بعد هذا الدرس الأليم: (ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم). .   لقد احتسبها الله للجماعة المسلمة الناشئة درسا قاسيا . فأدركهم بفضله ورحمته ولم يمسسهم بعقابه وعذابه . فهي فعلة تستحق العذاب العظيم . العذاب الذي يتناسب مع العذاب الذي سببوه للرسول صلى الله عليه وسلم وزوجه وصديقه وصاحبه الذي لا يعلم عليه إلا خيرا . والعذاب الذي يتناسب مع الشر الذي ذاع في الجماعة المسلمة وشاع ; ومس كل المقدسات التي تقوم عليها حياة الجماعة. والعذاب الذي يناسب خبث الكيد الذي كادته عصبة المنافقين للعقيدة لتقتلعها من جذورها حين تزلزل ثقة المؤمنين بربهم ونبيهم وأنفسهم طوال شهر كامل , حافل بالقلق والقلقة والحيرة بلا يقين! ولكن فضل الله تدارك الجماعة الناشئة , ورحمته شملت المخطئين , بعد الدرس الأليم . والقرآن يرسم صورة لتلك الفترة التي أفلت فيها الزمام ; واختلت فيها المقاييس , واضطربت فيها القيم , وضاعت فيها الأصول:   كيف تم سريان الإفك : إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم   (إذ تلقونه بألسنتكم , وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم ; وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم). .   وهي صورة فيها الخفة والاستهتار وقلة التحرج , وتناول أعظم الأمور وأخطرها بلا مبالاة ولا اهتمام: (إذ تلقونه بألسنتكم). . لسان يتلقى عن لسان , بلا تدبر ولا ترو ولا فحص ولا إنعام نظر . حتى لكأن القول لا يمر على الآذان , ولا تتملاه الرؤوس , ولا تتدبره القلوب ! (وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم). . بأفواهكم لا بوعيكم ولا بعقلكم ولا بقلبكم . إنما هي كلمات تقذف بها الأفواه , قبل أن تستقر في المدارك , وقبل أن تتلقاها العقول . . (وتحسبونه هينا) أن تقذفوا عرض رسول الله , وأن تدعوا الألم يعصر قلبه وقلب زوجه وأهله ; وأن تلوثوا بيت الصديق الذي لم يرم في الجاهلية ; وأن تتهموا صحابيا مجاهدا في سبيل الله . وأن تمسوا عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلته بربه , ورعاية الله له . . (وتحسبونه هينا). . (وهو عند الله عظيم). . وما يعظم عند الله إلا الجليل الضخم الذي تزلزل له الرواسي , وتضج منه الأرض والسماء .   ولقد كان ينبغي أن تجفل القلوب من مجرد سماعه , وأن تتحرج من مجرد النطق به , وأن تنكر أن يكون هذا موضوعا للحديث ; وأن تتوجه إلى الله تنزهه عن أن يدع نبيه لمثل هذا ; وأن تقذف بهذا الإفك بعيدا عن ذلك الجو الطاهر الكريم: (ولولا إذ سمعتموه قلتم:ما يكون لنا أن نتكلم بهذا . سبحانك ! هذا بهتان عظيم). .   يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين :   وعندما تصل هذه اللمسة إلى أعماق القلوب فتهزها هزا ; وهي تطلعها على ضخامة ما جنت وبشاعة ما عملت . . عندئذ يجيء التحذير من العودة إلى مثل هذا الأمر العظيم: (يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين). .   (يعظكم). . في أسلوب التربية المؤثر . في أنسب الظروف للسمع والطاعة والاعتبار . مع تضمين اللفظ معنى التحذير من العودة إلى مثل ما كان: (يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا). . ومع تعليق إيمانهم على الانتفاع بتلك العظة: (إن كنتم مؤمنين). . فالمؤمنون لا يمكن أن يكشف لهم عن بشاعة عمل كهذا الكشف , وأن يحذروا منه مثل هذا التحذير , ثم يعودوا إليه وهم مؤمنون: (ويبين الله لكم الآيات). . على مثال ما بين في حديث الإفك , وكشف عما وراءه من كيد ; وما وقع فيه من خطايا وأخطاء: (والله عليم حكيم) يعلم البواعث والنوايا والغايات والأهداف ; ويعلم مداخل القلوب , ومسارب النفوس . وهو حكيم في علاجها , وتدبير أمرها , ووضع النظم والحدود التي تصلح بها . . (ما سبق من كتاب في ظلال القرآن بتصرف)   حادثة الإفك كانت مناسبة لمحاكمة قرآنية على الملأ :   أولا :  ما نزل من قرآن في غزوة أحد كان محاكمة ربانية على الملأ لأحداث الغزوة وللصحابة. وما نزل من القرآن في حادثة الإفك كان هو أيضا محاكمة على الملإ لعائشة رضي الله عنها ولأصحاب الإفك وللصحابة رضوان الله عليهم :   1 – انطلقت التهمة من عصبة المنافقين حتى راجت وشاعت في مجتمع المدينة.   2 – فحاول الرسول صلى الله عليه وسلم حل المشكل باستشارة قرابته (أسامة وعلي) ليخرج بعدها للمسلمين يطلب إعذاره فيمن ينالون من عرضه ، إلا أن المحاولة كادت أن تشعل فتنة بين الأنصار.   3 – ثم وقف الرسول صلى الله عليه وسلم موقف القاضي مع المتهمة عائشة رضي الله عنها الذي لم يفض إلى شيء غير التوقف والتفويض إلى الله رب العالمين الذي كان على أكمل وأنصع صورته  عند عائشة رضي الله عنها.   4 – وعقب تحقق هذا التوكل والتفويض نزل حكم الله وقضائه في الأمر.   ثانيا : كانت أحداث أحد سريعة ، وحصل المقصود منها سريعا ، كما عبر عليه الصحابة – في آخر مشهد لأحداث أحد – في قوله تعالى: « الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ». وكانت المحاكمة بما نزل من الوحي تاج هذه الأحداث.   وأما أحداث الإفك فقد كانت ممتدة ، حيث بدأت التهمة من المنافقين ، وبقيت تنتشر وتتعقد ويُبتلى بها مجتمع المدينة حتى تحقق الغرض منها. ولم تكن المحاكمة إلا بعد انقطاع الرجاء في الأسباب غير سبب الله سبحانه وتعالى ، وإلا بعد حصول التفويض الكامل له ، كما يعبر عليه المشهد الأخير من هذه الحادثة قبل نزول حكم القرآن . قالت عائشة : »وأنا والله أعلم حينئذ أني بريئة , وأن الله تعالى مبرئي ببراءتي . ولكني والله ما كنت أظن أن ينزل الله تعالى في شأني وحيا يتلى . ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى . ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرؤني الله تعالى بها » . . .   ثالثا : ومن الفوائد الجليلة من هذا كله:   1 – إن الأحداث العامة والمحاكمات المفتوحة قد تكون خطيرة ، وقد تشعل فتنة ، وقد تؤول إلى وضع غير متحكم فيه. وهذه مخاطر كبيرة إلا أنه ما ينبغي أن تدفعنا إلى إهدار المهمة الأصل (إعلاء الحق ونشره و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبمنطق العلمانية حرية التعبير) ، بل إلى ضرورة الالتزام بأخلاقيات التعامل السليمة .   2 – إن الابتلاء يطول حتى تتحقق الحكمة منه – والله أعلم بها – ، وقد لا يكون الانفراج إلا بعد انقطاع الرجاء في الأسباب إلا في الله سبحانه  » حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا…”، وإلا بعد تحقق حسن التوكل عليه والتفويض له. وقد يتحقق هذا التوكل وهذا التفويض في مجمل الجماعة بشكل واضح كما في أحداث أحد، وقد يتحقق في ثلة منها كما في حادثة الإفك لتحصل رحمة المجموع برحمة تلك الثلة.   رابعا : إن مثل هاته المحاكمات كانت محاكمات ربانية، أي أنه قد قضى وفصل فيها الوحي. وقد كانت كذلك لنتعلم منها كيف تكون قراءاتنا للأحداث ومحاكماتنا لها فننهج نهجها، ونقتفي أثرها، ونحذر محاذيرها وانزلاقاتها ؛ فأين نحن من ذلك في قراءاتنا للأحداث وتقويماتنا للأعمال والابتلاءات؟ والله نسأل أن يهدينا سواء السبيل .                                                                                                    بقلم محمد شمام للاتصال بي في موضوع هذه الحلقات أوغيرها :  العنوان البريدي : mohacham@gawab.com الهاتف النقال : 0046736309986  وإلى الحلقة القادمة إن شاء الله


 

زيارة الأسد إلى باريس.. هل تذيب الجليد في العلاقة السورية ـــ الأوروبية

توفيق المديني تشكل زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى باريس، والمحادثات التي سيجريها مع نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي في 12 يوليو الجاري، عشية القمة التي ستنطلق (الاتحاد من أجل المتوسط)، والتي تعتبر من أهم المشاريع الطموحة في السياسة الخارجية للرئيس ساركوزي.. تشكل هذه الزيارة منعطفاً سياسياً وتاريخياً مهماً، لأنها تكسر سنوات القطيعة التي طبعت العلاقات الفرنسية- السورية خلال السنوات الماضية، ولاسيما أنها تطوي صفحة سياسة الرئيس السابق جاك شيراك الذي اصطف على أرضية الخط السياسي الأميركي في مجلس الأمن منذ صدور القرار 1559 في أغسطس 2004، الذي أسهم في تشديد الخناق على سورية وعزلها دوليا. ترميم العلاقات ويتساءل المحللون الفرنسيون، لماذا هذا الإصرار القوي من قبل الرئيس ساركوزي على الانفتاح على سورية؟ الانفتاح الفرنسي على سورية يأتي بعد سنوات من محاولات إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش تهميش هذا البلد المهم في الشـــــرق الأوســط، ولاســــــيما بعــــــد أحداث 11 سبتمبر، والغزو الأميركي للعراق في سنة 2003، وإصرار الرئيس بشار الأسد على تبني السياسة عينها التي انتهجها والده والقائمة على المبادئ التالية: رفض شرعية الوجود الإسرائيلي، التشكيك في نيات إسرائيل السلمية، ما لم تنسحب من هضبة الجولان المحتلة، الاعتراف بالتفوق العسكري للجيش الإسرائيلي مع الإيمان بقدرة المقاومة على إلحاق الأذى به عبر النضال المسلح الذي تخوضه فصائل المقاومة الفلسطينية، وحزب الله. ومنذ سبع سنوات والسياسة الأميركية تجاه سورية تنتقل من إخفاق إلى آخر. من وجهة نظر الرئيس ساركوزي يمكن لسياسة الحوار المباشر مع سورية أن تحقق نتائج عجزت الضغوطات الأميركية عن تحقيقها. ولهذا السبب، فإن زيارة الأسد لباريس هي دعوة صريحة لإعادة ترميم العلاقات الفرنسية- السورية، وإعادة بنائها من جديد، أولا، وهي رسالة إلى واشنطن أيضا مفادها أن باريس ترى أن المصالح الأميركية- الفرنسية، متشابكة وإن تكن متنافسة في بعض الميادين، إذ تريد فرنسا في لبنان تحديدا، دورا يعزز موقعها ودورها فيه كشريك مع الدور الأميركي من دون التصادم معه، ثانيا. سياسة الانفتاح هذه لا تطمس الخلافات الفرنسية- السورية المعروفة. في الملف الفلسطيني، فرنسا تساند الرئيس محمود عباس، في الوقت الذي تساند فيه دمشق حركة حماس، سورية تقيم تحالفا استراتيجيا مع إيران في الشرق الأوسط الذي شهد أفضل ترجمة له في لبنان، بينما نجد باريس و لندن وبرلين وواشنطن يمارسون الضغوطات المستمرة على إيران الساعية إلى امتلاك السلاح النووي الذي يعتبره ساركوزي «أمرا غير مقبول»، وهذا ما جعله يشدد على «تصميم فرنسا الكامل ضمن السياق الحالي الذي يجمع بين العقوبات المتزايدة، إنّما أيضاً الانفتاح في حال قرّرت إيران احترام التزاماتها. هذا السياق هو الوحيد القادر على السماح بتفادي بدائل مُفجعة: القنبلة الإيرانيّة، أو قصف إيران». مرونة سورية وتجاوب فرنسي وعلى الرغم من هذه الخلافات غير السهلة ، فإن الرئيس الفرنسي ساركوزي يلمس نوعا من المرونة، وبعض«الإشارات الإيجابية» في المواقف السورية. ومن المعلوم أن هناك لازمتين في السياسة الفرنسية بقيتا تتردان في الخطاب الدبلوماسي الفرنسي، منذ تدهور العلاقات مع سورية: الأولى هي «الإشارات الإيجابية» والثانية، هي «الحكم على الأفعال». ومن الأجوبة، أو التبريرات التي قفزت إلى ألسنة المسؤولين الفرنسيين في رؤيتهم للتطورات الإيجابية في السياسة السورية هي : أولا: في العراق تخفيف الضغط الأميركي والدولي على سورية بعد تأكد المسؤولين الأميركيين والأوروبيين والعالم من تعاون سورية في مكافحة الإرهاب، وأن المشكلة الأساس في هذا البلد هي مع الشعب العراقي الذي بات يرفض الاحتلال، ومع إيران التي تستطيع وبتفاهم مع واشنطن أن تمكّن القوات الأميركية من القضاء على تنظيم القاعدة. ثانيا: التطور الإيجابي الثاني، ويتمثل في بداية المفاوضات الرسمية، ولكن غير المباشرة بين «إسرائيل» وسورية برعاية تركية، وإعلان سورية عزمها الاستمرار فيها، وتحويلها إلى مفاوضات رسمية مباشرة. علما أن الولايات المتحدة الأميركية كانت تضغط على إسرائيل طيلة السنوات الماضية لمنعها من التجاوب مع دعوات سورية للتفاوض، مخافة أن تستغلها دمشق لفك عزلتها الدولية. ثالثا: حصول الانتخابات الرئاسية في لبنان، ولاسيما أن الرئيس الفرنسي حين قطع الاتصالات السياسية مع دمشق في 27 ديسمبر الماضي، ربط ذلك بموضوع انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للبنان. وإضافة إلى هذا التطور الإيجابي، هناك معطيات معينة لدى الفرنسيين تفيد أن الرئيس الأسد نزع الملف اللبناني من أيدي المخابرات وتسلمه هو شخصيا، ويرى ساركوزي تشجيعه على ذلك. خلال أيام قلائل تستضيف باريس في 13 من الشهر الجاري، القمة الأوروبية- المتوسطية التي ستشهد إطلاق مشروع «الاتحاد من أجل المتوسط»، الذي يبحث في إقامة منطقة تجارة حرة أوروبية – متوسطية، وفي الخطوات التي تهدف إلى تعزيز الدمج الاقتصادي قبل سنة 2010. وتعتبر باريس أن حضور الرئيس السوري بشار الأسد في قمة الاتحاد من أجل المتوسط مسألة في غاية من الأهمية، إذ أدلى مصدر في قصر الإليزيه قبل أيام عدة جاء فيه : كنا سندعو الأسد، إلى القمة حتى من دون المساهمة السورية في انتخاب الرئيس اللبناني ميشال سليمان، لأن الجغرافيا، التي لايمكن تجاوزها تضع سورية في قلب المتوسط، كما أن الرئيس ساركوزي يبدأ علاقات مع دمشق من نقطة الصفر، ولم يرث أوزار، ولا خلافات سلفه شيراك مع دمشق، ما يسهل عملية التطبيع السياسي، ويحررها من أثقال الماضي. إنهاض الشراكة لقد اراد الرئيس ساركوزي أن يكون الاتحاد من أجل المتوسط بديلاً عن الشراكة المتوسطية التي تأسست في برشلونة في 28 سبتمير 1995، إذ تحول الاتحاد إلى محطة لإنهاض الشراكة، وتحريك مفاصلها التي أصابها التكلس والجمود. وقال آلان لوروا، الدبلوماسي الفرنسي الذي كُلّف بمتابعة تنفيذ مشروع «الاتحاد من أجل المتوسط»: «إن الأهداف التي نشأ الاتحاد من أجلها لا تزال قائمة»، ثم استطرد قائلاً: «إن الاتحاد قادر على الاضطلاع بدور مهم في التعجيل بالسلام في الشرق الأوسط، وأنه سوف يحقق إنجازاً كبيراً إذا ما تم لقاء مباشر وثنائي بين الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود اولمرت في أثناء اشتراكهما في المؤتمر التأسيسي للاتحاد». أما على الجانب السوري ، فإن الرئيس بشار الأسد يرفض الجلوس والحديث مع الإسرائيليين في قمة الاتحاد، في ظل عدم حل القضية الفلسطينية عبر إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة وعاصمتها القدس، وعدم نضج المفاوضات السورية- الإسرائيلية. فلا تزال سورية ترفض أن يتحول مشروع «الاتحاد من أجل المتوسط» إلى مدخل للتطبيع المجاني بين الدول العربية وإسرائيل، وهي ترى أن هذا المشروع يتطلب تحقيق التوازن في المصالح بين ضفتي المتوسط، إضافة إلى تحقيق السلام العادل وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومرجعية مدريد، و مبدأ الأرض مقابل السلام. وينظر الرئيس بشار الأسد إلى العلاقات بين فرنسا وسورية من منظور مختلف، إذ إنه يريد الانتقال بهذه العلاقات من مرحلة التوتر إلى مرحلة التفاهم والتطبيع الكامل والتعاون وتبادل المصالح، ولاسيما بعدما أسهم جديا وفعليا في حلحلة الأزمة اللبنانية، بعد تشكيل الحكومة اللبنانية، وهي الخطوة التي تسهل الانفتاح الفرنسي على سورية، وتضع حدّا للتحفظات السورية عن الحكم في لبنان، واستعداده لإقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع لبنان، لكي يخرج بذلك المسألة اللبنانية من إطار العلاقات الفرنسية- السورية، وبالتالي يتجاوز تاريخيا صدمة تشكل الدولتين السورية واللبنانية في عهد الانتداب الفرنسي. فتش عن المحكمة الدولية وتراهن سورية على الدور الفرنسي فيما يتعلق بالمحكمة الدولية التي ت
 
المصدرصحيفة أوان (يومية كويتية)بتاريخ 11 جويلية 2008

رضينا بالدون…قبلنا بالرياء والصمت…وهز البطون… فأصابنا الذل والهوان والجنون « بيدي لا بيد عمر »

 

 
مراد رقية
ان المتابع والملاحظ المنتظم للأوضاع التونسية يلاحظ ترديها من سيء الى أسوأ،ان في مستوى الحقوق بأنواعها،المادية والمعنوية والفكرية،أو في مستوى اعتداء الهياكل القائمة على مكونات المجتمع المدني المعترف بها وغير المعترف مما جعلنا تتنظر وبفارغ الصبر وصول الحكام الأجانب لعل آخرهم »الداعية ساركوزي »لمساعدتنا على الخروج من هذه المحنة المتعددة الأوجه،والتي تتجسم أبرز صورها في انتفاضة الحوض المنجمي ،أو في الاعتداء على حرية الصحافة،أو التضييق على التنظيمات المهنية والجمعياتية ولعل أهمها الاتحاد العام التونسي للشغل ؟؟؟  الا أننا بقدر ما نحمّل المسؤولية عن الأوضاع السائدة اليوم بجملتها وتفصيلها الى التجمع الدستوري الديمقراطي،المحتكر للسلطة والنفوذ،وقبضه على مقاليد الأوضاع من خلال هيالك الادارة المدنية والأمنية اقصاء وتهميشا لكل التنظيمات السياسية والجمعياتية وحتى البيئية الا من كان متزلفا متقصعا يدور في فلكه مقابل ما يتصدق عليها به من فتات مادي ،أو خطط ووظائف ومهمات التمومس و الوشاية بأنواعها؟؟؟ ومن الأكيد بأن المتابعين النزهاء للأوضاع يلاحظون أن ما نتخبط فيه الآن من رداءة على كل المستويات نتيجة تغييب الرأي الآخر والتضييق على المجتمع المدني ومصادرة الحقوق هو ليس وليد اللحظة الراهنة ولكنه نتاج مسار مشبوه متطاوىء ومدان يمتد على مدى ربع قرن تقريبا،أي منذ اعلان الميثاق الوطني الذي عوض أن تتعامل معه تنظيمات المعارضة ومكونات المجتمع المدني »اللائكية » بمسؤولية ورصانة فتحدد شروطها ومواصفاتها لطبيعة وموازين القوى داخل الميثاق الواجب الالتزام به،نجد أن المعارضة »اللائكية »أو الديمقراطية كما تدعو نفسها هلّلت بالانتصار وارتمت في الأحضان دون قيد أو شرط،ومنها البعض من رموز المعارضة الذي يقدم الآن نفسه مرشحا للانتخابات الرئاسية بدعم من أقصاهم بالأمس؟؟؟ لقد قبل رموز المعارضة »اللائكية »أنذاك ايهامهم زورا بالمشاركة في السلطة من خلال تكليفهم ببعض المهمات لدى رؤساء دول شقيقة،أو اصطحابهم في رحلات رئاسية الى دول أجنبية تأكيدا على الديكور الديمقراطي اللائكي،فانضموا دون قيد أو شرط الى التصدي للمعارضة الاسلامية التي اعتبرت أنذاك ،ولعل لا يزال يعتبرهم البعض كذلك الى اليوم مثل حركة التبديد،العدو الأكبر للوطن ،للمواطن،وللحريات التي لم تكتسب بعد حتى عن طريق معارضة المحاصصة؟؟؟ ولدي زميل جامعي،مناضل جمعياتي عريق،ينتمي الى المعارضة الديمقراطية »اللائكية »ولعله أقرب ما يكون للحزب الديمقراطي التقدمي قالها صراحة بعد اطلاق مسلسل التتبعات والتضييقات على الحزب وعلى مكونات المجتمع المدني،قالها بحكمة بالغة بأن المعارضات مجتمعة أمضت صكا على بياض عند اطلاق الميثاق ،والتحقت مهرولة مولولة دون قيد أو شرط يذكر بمسيرة التغيير الذي اعتبرته »المنقذ من الضلال »وضمانتها ضد الظلامية بأنواعها الحالكة الظلام أو المتنورة والمعتدلة،وهو ما أوصلنا الى مانحن فيه اليوم سدادا لتلك الفاتورة غير المقدرة القيمة والعواقب؟؟؟ ويعتبر الرأي العام المحلي(ان وجد)لقبوله المرضي والسلبي قبولا بالأمر الواقع ،مقاطعة لكل الأحداث واعراضا عنها اما خوفا أو تملقا وهروبا مدانا غير مبرّر مكتفيا بالحديث داخل المجالس الضيقة،والتنكيت في جلسات المقاهي،أو الدكاكين،أو في أحاديث عابرة داخل مشربات الكليات عن الأوضاع السيئة،وعن دور »الداعية ساركوزي » في مساعدتنا على الخروج منها دون السعي الى تغيير هذه الأوضاع بالانتظام في المجتمع المدني،أو قنوات التعبير عن الرأي من خلال الصحافة أو الأنترنيت،أو العرائض مما جعل من الرأي العام يتحمل مسؤولية مباشرة في تردي هذه الأوضاع،بقبوله عن طيب خاطر وسابق اصرار لعب دور كبش الفداء خصوصا وأنه ليس الوحيد في هذه المحنة تطبيقا لمقولة »شنقة مع الجماعة خلاعة؟؟؟ » ولعل الجامعيين التونسيين الذين يفترض فيهم أنهم النخبة النيرة فان مواقفهم من الأوضاع السائدة هي مواقف انتظارية بامتياز،احتفالا بقدوم الراعي ساركوزي،أو ترقبا لنتائج المفاوضات الاجتماعية،أو مآل ملف الجامعة العامة للتعليم العالي لدى المكتب الدولي للشغل،كلنا تقريبا أصبحنا ننتظر المعجزة،وننتظر أن يبادر غيرنا الى التحرك الى درجة أنه أصبحنا نتساءل،كيف كان ياترى أجدادنا في عهد الاستعمار »اللعين » وهم على محدودية امكانياتهم ومستواهم الثقافي يبادرون الى التعبير عن الرأي بالوسائل المختلفة،ونكتفي نحن ،تنظيمات وجماعات وأفراد الى مثل هذه المواقف المخزية،الرديئة بامتياز في هذا »الزمن الحرام »قياسا على عبارة الأستاذ المناضل المتفوق المختار اليحياوي؟؟؟ ولعل من المكاسب الحقيقية لمجتمعنا التونسي اليوم شبكة منظمات المجتمع المدني التي تفوقت بالضربة القاضية على أحزاب المعارضة،المعارضة المحاصصة،ومعارضة اضرابات الجوع الاستعراضية،ذلك أن اضراب الأساتذة المطرودين في مقر نقابة التعليم الثانوي المولد للمنشور83 وانتفاضة الحوض المنجمي تفوقت على كل مبادرات أو شطحات المعارضة التي تبيّن بأن الهدف منها احتفالي استعراضي لشحن القلة من المناصرين ،والتمويه على الرأي العام الذي أصبح يطالبها مثل مايطالب الرياضيين بتحسين منتظم للأرقام القياسية،بدليل اعتراف الصحفيين المضربين عن الطعام بأنهما أحالا ملفيهما على المجتمع المدني الممثل الوحيد والحقيقي للمجتمع التونسي المفترى عليه من المعارضة قبل الموالاة؟؟؟    

إسلاميو موريتانيا يدعمون الرئيس رغم استبعادهم من الحكومة

          

 
أمين محمد – نواكشوط أكد حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) ذو التوجه الإسلامي في موريتانيا أنه لا يزال يدعم رئيس الجمهورية سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله رغم استبعاد حزبه من حكومة يحيى ولد الواقف الجديدة. وأشار حزب تواصل في مؤتمر صحفي عقده قادته في نواكشوط أمس إلى أن ثباتهم على مواقفهم وتمسكهم بها في ظل الأزمة التي عاشتها البلاد مؤخرا هو السبب الرئيسي وراء إخراجهم من حكومة ولد الواقف التي ينتظر الإعلان عنها قريبا، بعد أن اتضحت المعالم الرئيسية لتشكيلتها ومكوناتها. وأعرب رئيس الحزب محمد جميل ولد منصور عن سعادة حزبه بالخروج من الحكومة إذا كان ذلك من شأنه حل مشاكل البلد، ووضع حد للأزمة السياسية العاصفة التي يشهدها البلد، لكنه مع ذلك أبدى تخوفه الشديد من استمرار الأزمة، ومن أن الأسباب المعلنة لاندلاعها ليست هي الأسباب الحقيقية وراءها. وكان رئيس الوزراء المكلف يحيى ولد أحمد الواقف قال أمس في مؤتمر صحفي إن حزبي تواصل الإسلامي واتحاد قوى التقدم اليساري القادمين توهما من المعارضة، لن يكونا ضمن تشكيلته الحكومية القادمة، وبرر ذلك بكون « أغلبية الأغلبية » ترفض توسيع الحكومة في اتجاه الحزبين المذكورين. ورغم ذلك أبدى ولد منصور استعداد حزبه للتعاون مع القوى السياسية الساعية لمحاربة الفساد. المعارضة والموالاة بيد أن زعيم حزب تواصل الإسلامي قال للجزيرة نت إن ذلك لا يعني بقاء الحزب ضمن ما يعرف بمجموعة الأغلبية، كما لا يعني خروجه من الحكومة انضماما تلقائيا للمعارضة، إذ إن الموقع السياسي لحزبه لم يتحدد بعد، وستقوم الهيئات المعنية داخل حزبه في غضون الأيام المقبلة بالبت النهائي في الموقع السياسي للحزب خلال المرحلة المقبلة. وبشأن موقف حزبه من الحكومة التي ستعلن قريبا والتي أعلن أنها ستكون مقصورة على أحزاب الأغلبية الممثلة في البرلمان، قال ولد منصور إنهم ليسوا من ذلك النوع الذي يعطي مواقف متسرعة، وإنما لا بد قبل أن نحكم عليها أن نرى أشخاصها وبالأحرى برنامجها وأداءها؛ وحينئذ لكل حادث حديث. العودة للوراء من جانبه اعتبر حزب اتحاد قوى التقدم اليساري الذي أعلن رئيس الوزراء المكلف إقصاءه من الحكومة الجديدة، أن الأمور تتجه نحو تشكيل حكومة فساد. وقال رئيس الحزب محمد ولد مولود في أول تعليق له بعد الإعلان الرسمي عن عدم إشراك حزبه في الحكومة إن الحقائق بدأت تتكشف، وإن إقصاء المطالبين بالإصلاح أوضح بجلاء أن الهدف من تحركات الأسبوعين الماضيين ليس الإصلاح. وأوضح ولد مولود للجزيرة نت أن الحزبين المقصيين من الحكومة معروفان بنضالهما ضد النظام السابق، ومطالبتهما بالإصلاح، لكن الذين يقفون خلف التحرك الجديد جلهم من رموز النظام السابق، المعروفين باحتكار السلطة، وهو ما يعني بحسبه أن الأمور تتجه نحو العودة إلى الوراء. وتصاعدت المطالبات في الآونة الأخيرة داخل الأغلبية الحاكمة بإخراج الحزبين المذكورين من الحكومة، وبقصرها فقط على أحزاب الأغلبية التي دعمت الرئيس في الحملة الانتخابية، وهو ما أعلن رئيس الوزراء يحي ولد الواقف أنه تمت الاستجابة له، وأن الحكومة القادمة لن تتوسع لما يعرف بالمعارضة التقليدية. (المصدر: موقع « الجزيرة.نت » (الدوحة – قطر) بتاريخ 10 جويلية 2008)  


الإسلاميون والعلاقة مع الولايات المتحدة

           

 
ياسر الزعاترة (*) كنت أعرف أن هناك من بين العلمانيين التابعين للأنظمة، وكذلك بقايا المتشبثين بفكر اليسار شكلاً والانحياز للأنظمة مضموناً، من يكرهون الإسلاميين، بل يكرهون الإسلام ذاته، ويتمنون لو أنهم يستيقظون ذات صباح ليجدوا الدنيا قد خلت من المساجد واللحى والجلابيب، وقبل ذلك المصاحف. ولكن أن يصل الحال بأولئك أن ينكروا أن الظاهرة الإسلامية بحركاتها وعلمائها وجمهورها العريض هي العنوان الأبرز لمسيرة التصدي للغطرسة الأميركية، فذلك ما لا يمكن تصديقه بحال. يقول غراهام فولر، النائب السابق للمجلس القومي للاستخبارات الأميركية في مقاله « العالم بدون الإسلام » الذي نشر في دورية فورين بوليسي (عدد يناير 2008) « في عالم بدون الإسلام ربما وجد الاستعمار الغربي مهمة تقسيم واحتلال وإخضاع الشرق الأوسط وآسيا أكثر سهولة، وربما لم تكن لتبقى هناك ذاكرة تاريخية فيما يتعلق بالاضطهاد والهزيمة على نطاق منطقة جغرافية كبيرة ». ويضيف الرجل قائلاً « هذا هو السبب الرئيس الذي جعل أنياب الولايات المتحدة تتكسر في الصراع مع العالم الإسلامي ». لسنا في حاجة إلى شهادة غراهام فولر، لكننا نضطر إليها في ظل هذا الجنون الفكري الذي ينتاب البعض عندما يذكر الإسلام أو الظاهرة الإسلامية، فيميل إلى إنكار أية حسنة لها، مستعيداً جملة من الوقائع التاريخية حول علاقتها بالولايات المتحدة، وهي للمفارقة واقعة واحدة، تتمثل في الدعم الذي قدمته واشنطن للمجاهدين الأفغان إبان الاحتلال السوفياتي لبلادهم. والواقع أن الجهاد الأفغاني قد انطلق وسار ما يقرب من أربع سنوات قبل أن تدخل الولايات المتحدة على الخط، وتدرك أن بوسعها استثماره في سياق ضرب النفوذ السوفياتي، ويعلم المعنيون أن فصائل بعينها هي التي كانت تتلقى الدعم من الولايات المتحدة، بينما كانت الأكثرية تعتمد على الدعم الوارد من الدول العربية والإسلامية. صحيح أن ذلك الدعم لم يكن ليتوفر على ذلك النحو لولا التأييد الأميركي، لكن الأكيد أيضاً هو أن تلك الدول كانت معنية بمحاصرة التمدد الشيوعي حفاظاً على وضعها ومصالحها. أياً ما كان الأمر، فالموقف قبل منتصف الثمانينيات شيء والموقف بعده شيء آخر، مع العلم أن أحداً من الإسلاميين خارج أفغانستان ممن انخرطوا في دعم المعركة لم يشعر يوماً أنه عميل للولايات المتحدة، بل حتى متحالف معها، ولو أثناء اللقاء على التصدي للمد الشيوعي الذي رآه الإسلاميون أكثر خطراً من المشروع الأميركي، بصرف النظر عن صواب هذه الرؤية أو خطئها. مع نهاية الثمانينيات، وعلى نحو أكثر وضوحاً بعد نهاية الحرب الباردة وحرب الخليج الأولى انقلبت المعادلة، فقد تحولت الولايات المتحدة وحلفاؤها من العرب إلى مناهضين للظاهرة الإسلامية بعد أن انجلى المشهد عن تصدرها للساحة السياسية وتهديدها لاستقرار عدد من الأنظمة العربية التي باتت جميعاً مهمة بالنسبة للولايات المتحدة، سواء كان ذلك لمصلحة نفوذها المباشر، أم لمصلحة حليفتها العبرية. لندع التاريخ، وليقل المناهضون للظاهرة الإسلامية فيه ما يشتهون، لكن الحاضر مسألة أخرى، وما يعنينا اليوم هو هذه الحالة من الإنكار لدور الظاهرة الإسلامية في التصدي للهجمة الأميركية على الأمة، واستخدام بعض الشواهد هنا وهناك كأدلة على عكس هذه النظرية الواضحة لأي منصف على وجه الأرض. ثمة بعد بالغ الأهمية ينبغي التطرق إليه يتمثل في السبب الكامن خلف العداء الأميركي للظاهرة الإسلامية بكل تلاوينها، مع العلم أن استخدام بعضها ضد بعض هو محض تدرج في الحرب عليها، كما أن التعامل مع بعض فروعها أو تياراتها هو خيار المضطر في بعض الأحيان، من دون أن يعني ذلك تبريراً للطرف الإسلامي. لكننا نؤكد أن الظاهرة برمتها ستبقى مستهدفة، ولو نجح استهداف أكثرها عداء « تطرفا بحسب التعبير الآخر » لما وفرت الحرب أطيافها الأخرى. نقول ذلك لأن الأميركان ما زالوا يتبنون بلسان الحال، وأحياناً بلسان المقال نظرية المستنقع والبعوض التي صاغها الصهاينة، والتي تقول إن من المستحيل مواجهة البعوض من دون تجفيف المستنقع. والبعوض هنا هو العنف أو الإرهاب أو الجهاد، بحسب الحالة ومن يوصفها، وحين نتأمل في ماهية المستنقع سنكتشف بكل بساطة أنه الإسلام ذاته، فما دام الدين حاضراً في وعي الأمة، فمن الطبيعي أن ينتج تدينا، بينما ينتج التدين مطالب الوحدة والتحرر ورفض الغطرسة الخارجية، الأمر الذي بدوره ينتج مقاومة أو عنفا أو إرهابا، ليسمّه كل طرف كما يشاء. هكذا لن يكون بوسع أحد أن يسمح بامتداد حالة التدين، ما دام يتحكم بمسارها وتحولاتها، لكن الموقف القائم يضطر البعض إلى استخدام السلفية التقليدية في حرب الإسلام الحركي والسلفية الجهادية، مع العلم أن تحول أناس من اللون الأول إلى اللون الثاني في ظل توفر المعطيات الموضوعية وعلى رأسها الاستهداف الخارجي يبقى ممكنا. كما يستخدم البعض المجموعات الصوفية في نفس الاتجاه، لكن هذه الأخيرة أفرزت الكثير من ظواهر الجهاد في مراحل تاريخية معروفة أيام الاستعمار وقبله (عمر المختار والمهدي وسواهما). في سياق أسباب العداء تبرز الطبيعة الإمبريالية للولايات المتحدة وكثير من الدول الغربية، وهي طبيعة تفرض تكريس شرذمة الأمة وضرب عناصر القوة والتماسك والمقاومة فيها، وبالطبع كي تبقى دولها سوقا للاستهلاك ومصدرا للمواد الخام. لكن البعد الأكثر أهمية الذي برز في العقود الأخيرة هو العامل الإسرائيلي، ثم ازداد وضوحاً وقوة خلال العقد الأخير بعد مجيء قيادة أميركية تقدم المصلحة الإسرائيلية حتى على مصالح الولايات المتحدة ذاتها، الأمر الذي لا يبدو في وارد التغير سريعاً حتى لو تغيرت القيادة في البيت الأبيض، وبالطبع لأن النفوذ الصهيوني قد بلغ من القوة حداً لن يكون بوسع أي رئيس مقاومته، هو الذي يشمل الكونغرس بجمهورييه وديمقراطييه، لاسيما بعد سيطرة اليمين المسيحي المتصهين على الحزب الجمهوري. على هذه الخلفية يتجذر العداء وتتجذر المواجهة بين الظاهرة الإسلامية وبين الولايات المتحدة، في حين تزداد محاور الصدام المسلح بين الطرفين. وفي هذا السياق تبرز الحالة الفلسطينية والحالة العراقية والحالة الأفغانية والحالة اللبنانية كمواقع اشتباك ساخنة بين الطرفين. وأعمى، بل موتور من لا يعترف بأن المقاومة الإسلامية في العراق هي التي أفشلت مشروع إعادة تشكيل المنطقة لحساب الدولة العبرية. وأعمى، بل موتور من لا يقدر الهزيمة الأولى للصهاينة على يد حزب الله عام 2000، ثم الثانية في حرب تموز عام 2006. وأعمى وموتور من لا يعترف بالتهديد الوجودي الذي شكلته المقاومة الإسلامية الفلسطينية للمشروع الصهيوني في عقر داره حتى لو لم تتحقق إنجازات كبيرة باستثناء الانسحاب من قطاع غزة وتفكيك المستوطنات. وأخيراً أعمى من لا يري أن طالبان التي تسامحت معها الولايات المتحدة في البداية بهدف ضرب القوى الإسلامية الحركية في أفغانستان هي التي تستنزف الولايات المتحدة وتعمق جراحها هذه الأيام. لا يتوقف الأمر عند حدود هذه الحالات التي ذكرنا، فالظاهرة الإسلامية بكل ألوانها هي التي تشكل قوة الممانعة الرئيسة في الأمة، سواء كان ذلك مباشرة عبر الخطاب والممارسة السياسية اليومية، أم عبر دعم محاور الاشتباك المشار إليها آنفا. هنا سيرد علينا بعض الموتورين بما يسمونه « حقائق دامغة » حول علاقة الإسلاميين بالولايات المتحدة، وحين نسأل عن ماهيتها تبرز قصة الحوارات التي تجري بين بعض مجموعاتها وبين جهات أميركية هنا وهناك، كما تبرز جملة من العناوين حول علاقات واضحة بين بعض مجموعاتها والولايات المتحدة. في السياق الأول يبدو الأمر بالغ السخف لأن القوى السياسية لا تجد في العادة حرجاً في محاورة أي أحد، ربما باستثناء الصهاينة، مع خلافنا مع بعضها في هذا الشأن، نحن الذين نرى ضرورة تقدير الموقف قبل الحوار وما إذا كان سيضر الحركة أم سينفعها من مختلف الزوايا، والمهم هو ما سيفضي إليه الحوار. هنا يمكن القول بكل بساطة إن كل الحوارات التي تمت هنا وهناك لم تفض إلا إلى مزيد من قناعة الولايات المتحدة بأفضلية الأنظمة القائمة بالنسبة إليها، وهو بالضبط ما دفعها إلى تجاوز قصة الإصلاح بعد التأكد من أنها لن تأتي إلا بالأكثر عداء للسياسات الأميركية. ودليلنا هو هذا التفويض الضمني الذي منح للأنظمة لكي تقمع معارضتها وتزور الانتخابات كيفما تشاء بعد جولات معقولة هنا وهناك، وإن بقيت بعيدة عن النزاهة الحقيقية، مع العلم أن استخدام عصا الإصلاح في ابتزاز الأنظمة لن يتوقف. الجانب الثاني الذي يشهره القوم في وجوهنا هو المتعلق بتعاون بعض فروع الظاهرة الإسلامية مع الولايات المتحدة، كما هو الحال في العراق (قوى سنية وشيعية). وهنا نقول بالفم الملآن إن الإسلاميين يدينون هذا التعاون الذي لم يبادر إليه الأميركان إلا مضطرين، كما يدينون تعاون بعض الإسلاميين الأفغان مع المحتلين أيضا. أما حزب العدالة والتنمية التركي فهو سياق آخر، ليس فقط لأن العلاقة مع واشنطن وتل أبيب هي خيارات الدولة التركية منذ عقود، الأمر الذي يصعب تغييره خلال مدة وجيزة، بل أيضاً لأن الحزب ما زال يعلن أنه علماني وليس إسلاميا، وهو كذلك في ممارسته، مع العلم أن هناك إسلاميين آخرين في تركيا يدينون ذلك، كما ندينه نحن من دون تحفظ. ويبقى أن علامات استفهام ما زالت تتوفر حول حقيقة الموقف الأميركي والغربي من العدالة والتنمية التركي بسبب خلفية قادته الإسلامية. نقول ذلك لأننا لا نسمع عن موقف حقيقي مناصر له في مواجهة الهجمة العلمانية المتطرفة عليه، والتي تنذر بشطبه من المعادلة السياسية. خلاصة القول إن الظاهرة الإسلامية بحركاتها وجماهيرها، ومساجدها كانت وما تزال عنوان التصدي للهجمة الأميركية الصهيونية وصانعة ثقافة المقاومة والجهاد والاستشهاد، من دون أن ننكر بحال جهود قوميين ويساريين شرفاء لهم دورهم في المواجهة. لكن هؤلاء أنفسهم يقرون بتصدر الإسلاميين للمعركة حتى لو أنكروا ممارسات بعضهم هنا وهناك، تماماً كما ننكرها نحن وينكرها جميع المخلصين من أبناء الأمة. (*) كاتب فلسطيني (المصدر: ركن المعرفة بموقع « الجزيرة.نت » (الدوحة – قطر) بتاريخ 10 جويلية 2008)  

 

فزع إعلامي لعزم مصر مراقبة الفضائيات والإنترنت

 

 
 
      الجزيرة نت-القاهرة أثار الكشف عن مشروع قانون أعدته وزارة الإعلام المصرية لتنظيم البث الفضائي ومراقبة الإنترنت، فزعا وهلعا لدى الإعلاميين والحقوقيين الذين وصفوا القانون بـ »البوليسي »، وسط مطالبات لنواب البرلمان بعدم تمريره. ويتضمن مشروع القانون الذي نشرته صحيفة « المصري اليوم » إنشاء جهاز للرقابة يترأسه وزير الإعلام وعضوية ممثلين عن هيئة الأمن القومي ووزارات الداخلية والخارجية والثفاقة، مهمته مراقبة مضمون ومحتوى جميع وسائل البث من محطات تلفزيونية وإذاعات ومواقع الإنترنت، بما فيها الفيس بوك. رئيس تحرير جريد البديل الدكتور محمد السيد سعيد أعرب للجزيرة نت عن خشيته من أن يطال القانون المواقع الإلكترونية للصحف « بالتضييق أو الحظر » في محاولة للضغط على الجرائد المطبوعة « التي يرى الأمن أنها تعارض النظام ». وقال إن الوضع السياسي يتجه لتقليص حرية التعبير وضرب التجمعات ذات الأفق السياسي في الفضاء الإلكتروني، معتبرا أن هدف القانون « إثارة ثقافة الخوف والملاحقة الأمنية للمعارضين والنشطاء الحقوقيين ». وأضاف سعيد أن الحكومة تشن حربا إلكترونية وفضائية على القنوات الجادة والمواقع الإلكترونية النشطة، وتوقع أن تشهد الفترة القادمة حالات « كر وفر إلكتروني ». وتابع « كما يمكن ضرب أي موقع بسهولة، يمكن بسهولة أكثر فتح موقع جديد ». ونص مشروع القانون على أن « إنشاء الجهاز يأتي للحد من إنتاج برامج يتم بثها مباشرة للجمهور بمحتوى يهدد النظام العام والآداب وما ينطوي على ذلك من إخلال بأمن وسلامة البلاد ». ويعاقب القانون من يخالف ما جاء فيه بالحبس مدة تصل إلى عامين والغرامة أو بإحدى العقوبتين. وجعل مشروع القانون عقوبة الحبس لازمة في حالة تكرار المخالفة، كما يجوز إنذار المخالف ووقف أو سحب الترخيص أو التصريح. دور الشرطة ورأى المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد أن واضعي القانون هم « رجال شرطة ومباحث وليس إعلاميين وصحفيين »، موضحا أن الحديث عن تركيز القانون على تداول مقاطع الفيديو على الإنترنت « يؤكد أن ضباط شرطة ساهموا في صياغته ». وقال للجزيرة نت « هناك 38 كليب تعذيب على مدونة الوعي المصري فقط، وأغلب الكليبات المتداولة عبر الإنترنت تدين ضباط شرطة، وتركيز القانون عليها بالإضافة إلى مطاردة نشطاء الفيس بوك، يكشف العقلية البوليسية لواضعيه ». وأشار إلى أن الإعلاميين والمثقفين لم يفاجأوا بإصدار الحكومة المصرية هذا القانون بعد أقل من ثلاثة أسابيع من الاجتماع الأخير لوزراء الإعلام العرب، « الذي استشعرت القاهرة خلاله أن موقف قطر الرافض لوثيقة البث الفضائي جذب دولا عربية إليه، فبادرت بوضع هذا القانون البوليسي الخاص بها ». عبد الجليل الشرنوبي رئيس تحرير إخوان أون لاين -الموقع الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين- اعتبر القانون « دفنا للرؤوس في الرمال »، وقال للجزيرة نت إن ملاحقة الفضائيات والمواقع الإلكترونية « سياسة عقيمة ومظهر معتاد للأنظمة الرجعية ». ويدلل بأن حظر الحكومة لموقع الإخوان في ديسمبر/كانون الأول 2004 « لم يمنع الجماعة من التواصل مع أنصارها وجماهيرها لمدة عام كامل », وقال « إذا أغلقوا موقعا يعمل من القاهرة، فيمكن إعادة تشغيله من خارج مصر خلال ساعة واحدة ». (المصدر: موقع « الجزيرة.نت » (الدوحة – قطر) بتاريخ 11 جويلية 2008

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

12 mai 2004

Accueil TUNISNEWS   5 ème année, N° 1453 du 12.05.2004  archives : www.tunisnews.net الحياة: الاجتماع الاطول لوزراء الخارجية: التدقيق التونسي أتعب

+ لمعرفة المزيد

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.