الثلاثاء، 8 نوفمبر 2011

11 ème année, N°4149 du 08.11.2011
archives : www.tunisnews.net


لجنة الدفاع عن سجين الثورة نبيل الحجلاوي

كلمة:مسؤولو التلفزة يتحركون لمحاصرة الغضب

الصحافة:هل شارك الفائزون بمقاعد قليلة في مشاورات تشكيل الحكومة القادمة

الصحافة:جمعية الوعي السياسي للتثقيف الشبابي ندوة تقييمية لنتائج الانتخابات

شبكة سبق:الغنوشي:على علماء الجزيرة عدم قياس الأوضاع في العالم الإسلامي على أوضاعهم …

الطيب غيلوفي:التقيت كمال لطيف

المنصف زيد:التحديات الكبرى للديمقراطية الوليدة في تونس

فرنس24:فوز النهضة التونسية ينعش آمال الإسلاميين بالمنطقة

الوطن أولاين:الدروس التونسية تتوالى

د.عبدالله القفاري:نهضة تونس .. وفوبيا الإسلام السياسي!!

هاني نسيرة:انتقال تونسي سلس ومصري متعثر‏!

د. حسن أبوطالب:جامعة العرب وثوراتهم.. مِـن تأييد النُّـظم إلى حماية أحلام الشعوب

محمد ماضي:هل تستفيد الثورات العربية من النموذج التركي؟

مصطفى زين:ساحة بدلاً من وطن

س أن أن:مساعد للقذافي يروي رحلته « الانتحارية » ولحظاته الأخيرة

العربية.نت:مخاوف من 11-11-2011 في عام دموي هزم 3 زعماء ويتربص برئيسين


Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


تابعواجديد أخبارتونس نيوزعلى الفايسبوك

الرابط

http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141

 


نداء إلى الرأي العام


 
رياض حجلاوي
أعاد الله عليكم العيد باليمن والبركة وأحياكم لأمثاله بالعزة والكرامة
إن أخي نبيل حجلاوي سجين سياسي سابق قضى خمسة سنوات سجنا في عهد المخلوع وحرم من الشغل أكثر 15 عشر سنة وهو عائل لعائلة ب5 أفراد لا زالوا أطفالا صغارا أعيد للشغل بعد الثورة ووظيفته مهندس فلاحي في سيدي بوزيد.
بعد الأحداث الأخيرة التي جدت في سيدي بوزيد عقب الإنتخابات والدمار الهائل الذي لحق بالمدينة ومرافقها الحيوية حرك فيه الغيرة نحو مدينة الثورة فكتب مقالا وحمله إلى الإدارة العسكرية ليذكرها مسؤولية حماية المدينة.
فلم يرق لهذه الإدارة هذا التذكير فأعتقلته يوم الجمعة 04/11/11 في سيدي بوزيد ونقلته إلى مدينة صفاقس وعرض على المحكمة العسكرية التي إحتفضت به وحددت له جلسة يوم الإربعاء 09/09/11 وحرم من قضاء العيد بجانب أبنائه.
إن التصرف الذي قام به أخي نبيل لا يخالف أي قانون ولا يستدعي هذه المحاكمة العسكرية وهذا الحرمان من العيد ونحن في زمن الثورة وهي الثورة التي إنطلقت من سيدي بوزيد من أجل الكرامة والعدالة إن إعتقال أخي نبيل مظلمة في حقه ومحاكمته ظلم خلناه إنتهى بمجيء الثورة.
إنني أدعو كل الغيورين على هذه الثورة إلى الوقوف مع أخي نبيل ضد هذه المحاكمة الظالمة
أدعو حركة النهضة إلى الدفاع عن إبنها ضد هذه المظلمة وهذه المحاكمة
أدعو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان تبني قضيته
إن الإحتقان التي تمر به مدينة سيدي بوزيد لن نتجاوزه بهذه المحاكمة فالأولى الحوار مع أبنائها لتجاوز كل المشكلات نحوغد أفضل

<



على إثر تعرّض المرافق الحيويّة والمؤسّسات الوطنيّة بسيدي بوزيد للإتلاف والحرق على خلفيّة الحوادث الأليمة الّتي جرت من مجموعات شبابيّة وذلك بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات، اعتقل المناضل نبيل حجلاوي وهو مهندس فلاحيّ من مواليد 1960 أصيل سيدي بوزيد، من طرف الجيش التّونسي لمجرد إبداء رأيه في عدم تحرّك الجيش من بداية الحرائق، وكان هذا الموقف الّذي اتّخذه نبيل حجلاوي بدافع الحماسة والغيرة على بلده ليس أكثر، وبسرعة أُحيل على المحكمة العسكريّة بصفاقس، وظلّ موقوفا طيلة أيّام العيد، وقد عُيّنت جلسة المحاكمة يوم الأربعاء 9/ 11/ 2011.
وبناء على ذلك، فقد تمّ تكوين لجنة وطنية للدّفاع عن هذا المناضل، وهي متكوّنة من حقوقيّين وشخصيّات وطنيّة، ونحن إذ نعلن عن كونها لجنة مفتوحة فإنّنا نهيب بكلّ شريف صاحب ضمير حيّ الوقوف إلى جانب المناضل الموقوف نبيل حجلاوي والسّعي إلى التّصدّي إلى مثل هذه الممارسات الّتي تُذكّرنا بالعهد البائد.

قائمة في أعضاء اللّجنة:

منسق اللجنة: الأستاذ عبد الستار بن موسي رئيس الرابطة التونسية لدفاع عن حقوق الإنسان. الناطق الرسمي: حسين حجلاوي محامي و ناشط حقوقي وسياسي. مبروك كرشيد محامي و ناشط حقوقي وسياسي. خالد اعواينية محامي و ناشط حقوقي و سياسي. عبد الوهاب المعطّر محامي ناشط حقوقي و سياسي. محمّد سعيد حمّادي محامي و ناشط حقوقي و سياسي. لمين بوعزيزي جامعي و ناشط حقوقي و سياسي. عطيّة عثموني عضو منظمة العفو الدولية و ناشط حقوقي وسياسي. محجوب النصيبي نقابي و ناشط حقوقي و سياسي. زهير الجويني نقابي و ناشط حقوقي وسياسي. فتحي بالحاج الرّابطة العربيّة لحقوق الإنسان ناشط حقوقي و سياسي.

<



أعلنت مؤسسة التلفزة التونسية أمس عن إحالة المسؤول على مشاهدة البرامج الموسيقية على مجلس التأديب ، كما اعلنت عن تعيين عدنان خذر مدير برامج بالقناة الوطنية الأولى و محمد صميدة رئيسا لمصلحة البرمجة ووفاء داوود رئيسا لمصلحة مراقبة البرامج و الصادق بوعبان مدير إدارة برامج القناة الثانية. و أفادت بعض الأوساط القريبة من التلفزة التونسية أن التغييرات جاءت على خلفية ما تم بثه ليلة العيد من ابتهالات للفنان فوزي بن قمرة تضمنت دعاء للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بالنصر و التوفيق وهو ما أثار انتقادات واسعة بين رواد الشبكات الاجتماعية خصوصا و أن الحادثة تزامنت مع اقتراب موعد 7 نوفمبر.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 07 نوفمبر 2011)

<


هل شارك الفائزون بمقاعد قليلة في مشاورات تشكيل الحكومة القادمة الرجل بألف والبعض الآخر يرى أنها شرعية الأغلبية


تشهد الساحة السياسية منذ الإعلان عن النتائج الأوّلية لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي سباقا غير مسبوق للمشاورات والتفاوض حول تركيبة الحكومة الانتقالية القادمة. «الصحافة» سألت بعض الأحزاب والمستقلين الفائزين بمقاعد قليلة في المجلس الوطني التأسيسي الذي ينتظر أن يتم تشكيله خلال الأيّام القليلة القادمة حول نصيبهم في هذه المفاوضات؟ هل دعي بعضهم للمشاركة وما الدور الذي سيلعبونه في تشكيل القرارات داخل المجلس وعند أداء الحكومة الجديدة لأدوارها؟ محمد الحامدي (رئيس حزب الأمة الثقافي الوحدوي)
«إنّ حزبنا الى حدود هذه اللحظة لم يتشاور مع أحد كما لم يستشرنا أحد في أي شأن لكننا متيقنون أن حزبنا هو الوحيد الذي له رؤية ثقافية في شأن بناء دولة الثقافة. ومهما كانت الحكومة التي ستقوم على رأس بلادنا فاننا سنعرض عليها مشروعنا الثقافي وسنحاول أن نكون شركاء في هذا المجال. وفي كلّ الحالات عدم دعوتنا للمشاركة في الحوار حول تكوين الحكومة لا أعتبره إقصاء باعتبارنا أقلية وإنما لأنها لم تتجاوز مجرّد الحوارات والمشاورات التي ليس لها أي طابع رسمي ولا يمكن أن تكتسب هذا الطابع الاّ داخل المجلس الوطني التأسيسي. وما يمكن أن نقر به هو أن حزبنا فتيّ ووجد بقلة في المجلس الوطني التأسيسي وبإذن الله سنكون بمثابة رجل كألف وسندافع عن حزبنا ومشروعنا الثقافي ليكون لنا وزننا ودورنا. أما بالنسبة الى التواجد بالحكومة فإنه من الصعب تحقيقه في ظل ما أفرزته صناديق الاقتراع. فوزي بن عبد الرحمان (الناطق الرسمي لحزب آفاق تونس):
إنّ المشهد السياسي التونسي الذي أفرزته الانتخابات يقوم على قوة أكبر من الآخرين. وفي اعتقادنا أنه لديمومة الديمقراطية التي نودّ بناءها في بلادنا يجب أن تكون على الساحة السياسية قوى متعادلة ومتكافئة من أجل إعطاء المواطن التونسي الفرصة للتقييم والاختيار.
وفي هذا الصدد نحن نتناقش مع كل الاطراف التي نعتبرها من عائلتنا السياسية وذات التوجه الوطني مثل القطب والتكتل والحزب التقدمي. كما أننا أيضا انطلقنا في النقاش مع كلّ الأطراف الأخرى بما في ذلك حزب النهضة من أجل تبليغ رؤيتنا وفكرتنا حول حكومة انتقال وطني وموقفنا منها. ورغم كلّ شيء فنحن نرى أنفسنا اليوم أمام مهمة عاجلة جدّا وهي بناء قوة سياسية وسطية ديمقراطية تقدمية تكون خيارا للمواطن التونسي وهذه أولويتنا اليوم. وحتى نكون موضوعيين يجب أن نقرّ أننا متفهمون جدّا أن نتائج الانتخابات ستفرز حكومة منبثقة عن أغلبية في المجلس الوطني التأسيسي وبالتالي نحن لا نرى أنفسنا في هذه الحكومة في الوقت الحاضر. كما أنه لابدّ من الوعي أن هناك قوى لها شرعية التسيير وقوى أخرى تواكب وتناقش.
وهنا لابدّ أيضا ألا ننسى أن مهمة المجلس التأسيسي الأساسية هي صياغة الدستور وبالتالي نودّ أن تبقى الحكومة بعيدة كلّ البعد عن صياغة هذا الدستور لنبتعد قدر الامكان في هذه العملية عن كل المزايدات السياسية والمقايضات بمختلف أصنافها. محمد براهمي (رئيس حركة الشعب الوحدوية التقدميّة):
صحيح نحن نمثّل أقلية في الانتخابات لكن على مستوى الساحة السياسية لا نمثّل أقليّة، اذ باستثناء النهضة الممتدة جماهيريا فانّ باقي الاحزاب لم نكن نعرف لها وجودا من قبل لذلك فإنّ الحديث عن أقلية وأغلبية في المجلس الوطني التأسيسي حديث يجب أن يتناول بدقة، لأن المشهد السياسي لم يتشكّل بعد فهو في طور التشكيل. وعلى أية حال نحن كأعضاء في المجلس الوطني التأسيسي عن حركة الشعب الوحدوية التقدمية سوف نتعامل مع المستجدات حسب ما يقتضيه الموقف. علما وأنه لا أحد يقدر على أن يهمّش أحد، فعصر التهميش ولّى ومضى والذي يتصوّر أنه قادر على ذلك باعتبار موازين القوى فيجب عليه أن يراجع حساباته جيّدا. فالذين حصلوا على أعداد وفيرة من مقاعد المجلس التأسيسي لا يجب أن يذهب في ظنهم أنهم قادرون على تهميش الذين لم يحالفهم الحظ نتيجة توجيه الانتخابات ودخول الإعلام والمال السياسي بشكل مكثف للتأثير على إرادة الناخبين.
وهذه مناسبة للتذكير بأن مصلحة البلاد تقتضي عدم النظر الى السلطة وكأنها غنيمة للتقاسم بين الفائزين بل هي مسؤولية جسيمة يجب أن يشارك فيها الجميع. فالمشهد السياسي لم يتشكّل بعد ونحن نحتاج الى استقرار لكي نتمكّن من حلّ المشاكل العاجلة للمواطن.
ويجب التذكير بأن عملية الاستئثار بالسلطة لا تــساعد على الاستقرار الاجتــماعي الـذي هو المطلب الاول الآن للمضي بالعملية الديمــقراطية الى الأمام فلا بدّ إذن من الحذر والانتباه. سناء بن سلامة (المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 7 نوفمبر 2011)

<


جمعية الوعي السياسي للتثقيف الشبابي ندوة تقييمية لنتائج الانتخابات


‎نظمت مساء الجمعة الماضي جمعية «الوعي السياسي للتثقيف الشبابي» بمقرها بالعاصمة محاضرة بعنوان «قراءة في نتائج انتخابات المجلس الوطني التأسيسي» وذلك في اطار جملة من المحاضرات واللقاءات التوعوية للشباب على المستوى السياسي.
‎وقد ألقى الكاتب والاستاذ المؤرخ السيد عدنان المنصر (أستاذ جامعي) هذه المحاضرة بحضور عدد من المواطنين والصحفيين,حيث توقف عند اهم المحطات في نتائج الانتخابات وما تمخضت عنه الحملات الانتخابية لبعض الاحزاب وأخطاء هذا وذاك.
وأشار السيد عدنان الى أن هذه القراءة تحليلية بالاساس فهو لا يملك كل التفاصيل وكل الاحصائيات الدقيقة بما في ذلك توزيع الاصوات حسب الدوائر او الجهات لذلك حاول ان يقدم قراءته حسب الأحزاب وخاصة الفائزة منها في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي.
قاعدة الاحتساب
‎وقد استهل هذه المحاضرة بالحديث عن القانون الانتخابي باعتبار ان طريقة احتساب الاصوات للحصول على مقاعد والتي اعتمدت في الانتخابات الاخيرة غير مجدية كثيرا لأنه مثلا لو لم يتمّ احتساب أكبر البقايا لما تحصل الحزب الديمقراطي التقدمي حتى على خمسة مقاعد, بالاضافة الى أن الطريقة المعتمدة أدت الى هدر اصوات ومنها حوالي مليون وخمسة آلاف صوت لن تكون لها تمثيلتها في المجلس التأسيسي لأنّ الأصوات تشتتت بين الاحزاب التي لم تتحصل بدورها على مقاعد. وأضاف أن هذا ناتج عن تعدد الترشحات والتي كانت مقصودة منذ البداية والحزب الوحيد الذي لم يتضرر من هذا التعدد هو حزب حركة النهضة والذي رغم نجاحه أهدر أصواتا كثيرة في حين أنه لو تمّ احتساب الانتخابات بالاصوات لتحصل على أكثر مقاعد.
‎قراءة في حملة حركة النهضة
‎أكد الاستاذ المنصر ان حركة النهضة هي الوحيدة التي كانت تعمل على الميدان وتتصل مباشرة بالمواطن تقريبا منذ شهر جوان وقد اشتغلت كثيرا واقنعت الناس من حولها وتجند معها العديد من الشبان تطوعا ضمن مختلف جوانب عملها وهذا كان شغلها الشاغل، ان تقترب من المواطن مهما كان سنه او مستواه الاجتماعي حتى يتعرف عليها بدلا من ان تقتصر على تقديم برامجها على القنوات التلفزية التي ملها المواطن التونسي خاصة وأنه أصبحت هناك تعبئة اعلامية سياسية خاصة خلال الحملة الانتخابية وقد ربحت الاف الاصوات لمواطنين، فقط لأنهم يعرفون حركة النهضة ولايعرفون تحديدا مضمون برنامجها. وتقرّب النهضة من المواطن جعل لها تعبئة كبيرة بالتالي من الناس اثناء اجتماعاتها وهي هنا لعبت دورا كبيرا في تقديم البرنامج من ناحية وفي اقناعهم من ناحية ثانية ومزيد التقرب اليهم اكثر باعتماد اسلوب خطابي يفهمه الجميع بعيدا عن الخطابات الفارغة مضمونا وشكلا.
‎ومن جانب آخر أكد أنه خلافا لأربعة أو خمسة أحزاب فإنّ أغلبية الأحزاب كانت اجتماعاتها تفتقر الى حضور المواطنين الذين هجروا الاجتماعات الحزبية وهذا أثار جدلا واسعا في صفوف الأحزاب. ‎وقد وصف السيد عدنان المنصر هذه الظاهرة بالعادية لأنّ الاحزاب أغلبها جديدة، بينما في التاريخ السياسي نجد ان الحزب يتكون على اثر وجود قوة اجتماعية معينة لها نفس المشاغل والمشاكل. في تونس حدث العكس حيث تكوّنت الأحزاب أوّلا ثم هي التي بحثت عن قوى اجتماعية وبشرية تمثلها وتنضم إليها, لذلك مثلا خسر المستقلون حوالي خمسين بالمائة من استقطاب الناس.
وعلّل هذه الظاهرة أيضا بندرة التمويلات حيث أنّ الاحزاب الصغيرة تعتمد على نفسها ماديا وبشريا حيث يقوم المؤسسون للحزب بتحضير الاجتماع من مختلف الجوانب على عكس الأحزاب القوية التي يشرف قادتها فقط على الاجتماع لهذا فإن ملامح نتائج الانتخابات كانت تتراءى للعديدين منذ انطلاق الحملة الانتخابية تقريبا ولايستغرب فوز النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية إلا من كان يجهل عملها اليومي أو يجهل القانون الانتخابي.
بروز المؤتمر وتراجع التكتل والتقدمي
وبيّن الاستاذ المنصر أثناء هذه المحاضرة أن السنوات القادمة ستكون لصالح المؤتمر من أجل الجمهورية شريطة الابتعاد عن الاحتجاجات, لأنه أطر جيدا وكثيرا أبناء حزبه من الشباب والذين كانوا جدّا فاعلين على الميدان واقتربوا كثيرا من الناس على عكس التكتل الذي لم يؤطر شبابه بالمرة واكتفى بالحملات الدعائية المعتادة.
‎وأما الديمقراطي التقدمي فقد كرر العديد من الاخطاء حيث تسبب في فقدان المواطنين لثقتهم فيه وأكبر الاخطاء كانت مشاركته في حكومة محمد الغنوشي على اثر هروب بن علي, واحمد نجيب الشابي كان يعلم ان هذه الحكومة وعلى رأسها الغنوشي ماهي الا تتمة لحكم بن علي ولنظامه السابق ومشاركته بها اثارت جدلا واسعا بين النخبة التونسية الكبيرة وعامة الشعب ايضا ومن هذا الخطإ بدأت بوادر الانشقاقات والاستقالات من الحزب, بالاضافة الى خطاباته فيما بعد التي اتسمت في كثير من الاحيان بنفس رداءة خطابات بن علي, وتعددت أخطاؤه خلال التسعة أشهر تقريبا الموالية ليعلن أثناء الانتخابات اعتزاله للسياسة اذا لم يتحصل على مقاعد في التأسيسي وهذا التصريح سيء وكان لا يتلاءم مع مركزه كرئيس ‎للحملة الانتخابية.
و‎أشار السيد عدنان المنصر الى ان النهضة قد حضّرت قائماتها الانتخابية وفريق ملاحظيها منذ شهر أوت عكس العديد من الاحزاب التي قدمت قائماتها آخر اجال تقديمها, ايضا المؤتمر من أجل الجمهورية وهو أقل حزب صرف مبالغ على حملته الانتخابية عكس الاتحاد الوطني الحرّ الذي كلفه مقعد وحيد في التأسيسي مايقارب خمسين مليارا أثناء حملته الانتخابية.
وبخصوص حركة التجديد أكد أنّ مشاركتها مع القطب الديمقراطي الحداثي ألحق بها الضرر فلم تحصد مقاعد هامة في المجلس التأسيسي, وأشار أنه بخصوص العريضة الشعبية تفاجأ بها الجميع لأنّ زعيمها عمل بخبث سياسي واعتمد في حملته على العمد ورؤساء الشعب المحلية واتبع نفس طريقة نظام بن علي في حملاته الانتخابية.
‎وقد شفعت هذه المحاضرة بنقاش دار أغلبه حول التجاذبات السياسية الحالية ومسألة الدين وحرية المعتقدات والعلمانية والحداثة وانتهت بتأكيد جلهم ان تونس دولة عربية دينها الاسلام. هدى المسعودي (المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 7 نوفمبر 2011)

<



فجّر الدكتور محمد السعيدى الداعية المعروف، قنبلة من عيار ثقيل ظهر أمس الجمعة، في برنامج « البيان التالي » الذي تذيعه قناة دليل الفضائية ويقدمه الزميل الإعلامي عبدالعزيز قاسم، عندما قال للشيخ راشد الغنوشي على الهواء مباشرة: إن حزب النهضة حزب علماني لا يمثل الإسلام. لكنه أعرب عن تفهمه لدوافع الحزب في ضوء الخيارات المتاحة أمامه، وأثنى على خوض الحزب لتجربة الانتخابات وعدم ترك الساحة لليبراليين والعلمانيين. وقال السعيدي: إنه يوافق على مشاركة حزب النهضة مع غيره من التيارات الموجودة في حكومة غير إسلامية التوجه، كحل مرحلي، لكنه يرفض أن تنسب الأفكار العلمانية التي يمثلها حزب النهضة إلى الإسلام. وقال: « أتفهم أن الحرية والتعددية قضايا مرحلية، وأرفض التحدث عنها من منطلق تأسيسي، وأدعو الغنوشي إلى الإعلان عن أن حزب النهضة لا يمثل الإسلام، وأن الحل الإسلامي الذي يفهمه، تكون فيه الشريعة الإسلامية حاكمة على القوانين والدساتير ». ورد عليه الغنوشي بأن حزبه إسلامي ولا يمكن لأحد احتكار الإسلام، وعتب على مشايخ وعلماء المركز -بوصفه- بأنهم لا يتفهمون واقع الحياة الاجتماعية في الأطراف التي عانت من تغييب كامل للشريعة. من جهته، لم يستبعد المفكر الإصلاحي د. محمد الأحمري أن يحل حزب النهضة التونسي بديلاً عن السلفية، وربط ذلك بنجاح الحزب في تقديم نموذج جديد. وقال الأحمري: من المتوقع أن يؤهله النجاح إلى اجتياح العالم الإسلامي. وذهب إلى أن مشروع حزب النهضة في تونس ليس أكثر من اجتهاد فكري جديد ينطلق من الواقع والعمل الميداني. وأضاف أنه من السابق لأوانه تقييم تجربة النهضة، واعتبر أن الديمقراطية منهج حياة، وأنها ترتبط بحاجات البشر في كل الأزمان، وقد سبق أن مارسها الإنسان في حضاراته القديمة في العراق والهند، وأكد أنها تعد النظام الطبيعي للإنسان، والإسلام يحترم ذلك. من جانبه، أوضح مؤسس حزب النهضة التونسي وضيف البرنامج الشيخ الغنوشي، أن مرجعية الحركة هي الإسلام، وأن الحزب أعلن منذ عام 1981م أن مهمته هي تجديد الإسلام، وأعرب عن اعتقاده بكون الحرية مبدأ أصيل من مبادئ الإسلام، وتعتبر مدخلاً إلى الإصلاح، وأنه لا يرى تعارضاً بين الحرية والشريعة، فالإسلام هو فطرة الله التي فطر الناس عليها، ولا ينبغي الخوف من الحرية، لأن الناس مفطورون على الخير ولو توفر لهم مناخ الحرية فسيفهمون الإسلام وسيختارونه. ودعا الغنوشي علماء الجزيرة العربية إلى عدم قياس الأوضاع في بلدان العالم الإسلامي على أوضاعهم، وهدّأ من حدة مخاوف العلماء السعوديين من تحول تونس إلى بوابة لنشر التشيع. وأكد الغنوشي أن تونس بلد سني وليس به مواطن شيعي واحد. وقال: إننا نرى إيران بلداً إسلامياً ونتعامل معها على هذه الصفة مثل بقية الدول الإسلامية. وعن خطط حزب النهضة في إسناد حقيبتي التعليم والإعلام، وما إذا كانا سيسلمان إلى اليساريين، قال: هذه قضايا إستراتيجية لا ينبغي التسرع في تقرير شأنها، وإنه يفضل الشورى الشعبية والمؤتمرات وسيلة للوصول إلى قرار ناجع حولها. وأضاف أن أولوية الحزب خلال السنة الأولي هي سن الدستور وإيقاف الفساد والنهب وإيجاد مناخ استثماري جيد لتقليل أعداد البطالة. ودعا المستثمرين الخليجيين إلى الاستثمار في تونس. ورداً على سؤال حول أسباب رفض النهضة لانضمام تيار العريضة الشعبية بقيادة محمد الهاشمي إلى تحالفاتها، قال الغنوشي: نحن نتعامل في تونس مع كل الأحزاب وليس لدينا منزع إقصائي تجاه أي تيار. وفي مداخلته مع البرنامج، اعتبر د. سعد البريك أن التطمينات التي ساقها حزب النهضة للدول الأوربية والنخب العلمانية، كانت موفقة، والهدف منها طمأنة جميع الأطراف على احترام الحريات. وعن توقعه بمدى ترحيب الدول العربية بنجاح النهضة، قال البريك: لن يكونوا سواء، لكن المهم هو مشروع الحزب وثقة الشعب به. وأضاف أن « حزب النهضة لا يغيب عنه ضرورة فتح صفحة جديدة مع كل التيارات، والثورة تجب ما قبلها، ولا مناص من التعامل مع الواقع الموجود، والسياسة تحتاج إلى البرجماتية الذكية ». وحذر التونسيين من الخطر الأيديولوجي الصفوي لتونس وشعبها، ونبّه إلى ضرورة الحفاظ على التراث الفقهي للمذهب المالكي، وعدم استبدال ولاية الفقيه به، ودعا إلى مساندة مشروع النهضة باعتباره مشروعاً إسلامياً. بدوره، أوضح الداعية البارز الشيخ سلمان العودة خلال مداخلته، أن فوز الحزب يعد مؤشراً على تغيرات ضخمة سيشهدها العالم الإسلامي، معرباً عن اعتقاده بأن الحزب لديه إستراتيجية واضحة يركز فيها على الحرية والعدالة والتنوع والتعددية، وامتدح انطلاق الحزب من الواقع المعيشي للتونسيين. وقال العودة: إن تجربته تقوم على الاجتهاد. ورداً على سؤال حول مدى توقعه لنجاح تجربة النهضة، أعرب عن ثقته في أن ينجح حزب النهضة في تقديم نموذج إسلامي جديد ومختلف، عن النموذج الذي قدمه حزب العدالة والتنمية التركي. ومن جانبه، أعرب محمد الهاشمي زعيم تيار العريضة الشعبية التونسي عن استعداده الكامل للتحالف مع حزب النهضة، مؤكداً أنه يعتبر فوز العريضة والنهضة بمثابة فوز للتيار الإسلامي، ودعا الشيخ الغنوشي إلى قبول التحالف مع تياره، وأكد أنه لم يحرض سكان سيدي بوزيد على الاحتجاج. ونفى الهاشمي وجود أي نية لديه لتسريب أصل وثيقة الصلح التي عرضها الغنوشي على الرئيس زين العابدين بن على قبل الإطاحة به، ونفى تلقيه أي دعم من دول خليجية. (المصدر:موقع شبكة سبق الاخبارية السعودية بتاريخ 6 نوفمبر2011)

<



الطيب غيلوفي
 

مثل كل التونسيين البسطاء الحالمين شغلتني الانتخابات التونسية أو الأصح شغلتني النقاشات المتعلقة بشأنها ورهانات الفاعلين السياسيين في الداخل والخارج . تونس كانت ولازالت مختبرا لسياسات يراد رسمها للمنطقة ، فأر تجارب ان شئنا الحقيقة ، أيام الحديث في تونس عن العقد الجمهوري سيئ الذكر قال لي صديق مصري مطلع ان المصريين يتابعون ما يجري في تونس وينتظرون ان يأتيهم مكررا او متشابها . هاهم الآن يعانون أمر صياغة مبادئ فوق دستورية تأبد موقعا خاصا للمؤسسة العسكرية تهدد فيه القوى السياسية بالعودة للشارع . بعد ظهور نتائج الانتخابات في تونس جمعني لقاء مع صديق قديم له صلات مع بعض من علية القوم وخاصتهم ، حملت اليه شكوكي وسوء ظني واخفيت اي اثر ظاهر للرضا او الفخر بالذي تم ، قلت له انا على يقين ان الدولة التونسية ليست الام تيريز ا ولا سيدي محرز، كيف تقرأ يقينا لا رجما بالغيب قبولها بانتصار حزب حاربته بلا هوادة طيلة الثلاثين العام الماضية ، عندي من سوء الظن بها ما يملئ خزائنها واقبية البناية الرمادية اياها . فاجأني قائلا ما تقول في كمال لطيف رجل الاعمال المعروف قلت مخزن اسرار سمي مكتبه في شارع بيروت بالمطبخ السياسي التونسي وقيل عنه صانع الملوك شاهد عصر اسود من تاريخ بلادنا. قال الصديق القديم : على مهلك امسك لسانك ، يتعشى الليلة في سفينة سياحية ملكية تمخر عباب نهر التايمز ، قلت كيف السبيل اليه قال لا نعدم سببا للوصول ، الست تعد اطروحة عن الربيع العربي في جامعة بريطانية قلت نعم قال الست تكتب للصحافة قلت جهد المقل قال نأتيه من هذا الباب أنا اكفيك اللقاء وانت تكفيني المراودة والسؤال عسى ان نظفر منه بطائل.
في منطقة امباكمنت على ضفاف نهر التايمز دخلنا السفينة السياحية الفاخرة ، عالم آخر من السحر والفخامة والثراء المجنون ، ليلة من الف ليلة وليلة . من الاندهاش والذهول صرفت بصري الى الاضواء المتلئلئة المنعكسة على مياه النهر ، من بعيد تلوح اضواء قصر ويستمنستر وصومعة البيغ بان ، قرية الديمقراطية كما يسميها الانقليز ، من اجل قرية كهذه هاجرنا الى هذه البلاد الممتلئة بردا وضبابا. قطع صاحبي تأملي الهارب قائلا انظر هناك ، ذاك السيد كمال لطيف ، تعال نسلم عليه.
كان يجلس متوسطا مجموعة من الخلان رجالا ونساء عليهم علامة الثراء والوجاهة ، بجانبه امراة على قدر كبير من الجمال ، تتكلم بلهجة تونسية محببة ، فيها من اشراق الوجه ومن التغنج والتكسر ما يجعلك لا تتردد ان تأتيها صاغرا . كل شيئ فيها يذكرك بتونس اتساع العينين وجمالهما ، جنون الشعر ورشاقة الممشى ، كانت تلبس عقدا احمر بلون الرمان التونسي ، نحن في القلب من موسمه ، ابتسمت لنا ونحن نقترب من السيد كمال لطيف ، تذكرت قول المتنبي: ان التي سفكت دمي بجفونها لم تدر ان دمي الذي تتقلد ، قال صاحبي هذه بلادنا وقد خطفت قلت ما ينبغي لها ان تكون في هذا الموقع وبهذا السمت . لا ادري لمذا غالبني وصاحبي شوق للبلاد عند رؤيتها ،الاحساس بقرب النسب واليقين باستحالة الوصل . عاجلنا السيد كمال بالسلام وطلبنا للجلوس.
– عن اي شيئ اردتم السؤال.
– قلت الانتخابات مرت بسلام هل انتم ، اقصد الحكومة ، على استعداد لجعل العملية الديمقراطية تأخذ مجراها بدون ضغوط على الفائزين او التآمر مع الخاسرين.
– الحكومة نظمت الانتخابات وانجحتها ، ماذا تريد آخر ، قدرنا ان تحصل النهضة على ما يقارب 20 او 25 في المائة إلا انها اخذت اكثر ، على كل حال هذا امر قابل للضبط.
– ما صحة ما يتردد انكم تضغطون على النهضة وتهددون مطالبين بمنصب الرئاسة للباجي قايد السبسي والحفاظ على وزراء الداخلية والدفاع والمالية والسياحة ومحافظ البنك ، ماذا ابقيتم للفائزين اذا وبمذا ستغري النهضة والمؤتمر الخاسرين للمشاركة
– اجاب محتدا: هي وكالة من غير بواب ؟ يحمدو ربي مازالت الفلاحة ، الصيد البحري ، التربية ، الشؤون الدينية ، وفوق هذا الوزارة الأولى ، ولا تحب اللي كان آمس محبوس في الداخلية يجي اليوم يحكم فيها
– ما ذا يفعلون بالوزارة الاولى ، هل تظن الوزير الذي يأتي غصبا من خارج الأحزاب الفائزة يمكن ان يطيع او يرجع بالنظر لغير الجهة التي فرضته ، هل يفوزون ليهتموا بشؤون السردين او يجمعوا ما تبقى من ساقط التمور؟ ام تراهم انتخبوا ليحسموا امر الأهلة والأعياد ؟ هذا انقلاب على ارادة الشعب واجهاض لمطلب التغيير.
– لا اظن جماعتكم يصدرون عن هذا الفهم ، طايحين كيف الذبان ، يتسابقون على المناصب والمقاعد ، يهرولون ولا يتعففون ، اعضاء التنفيذي عندكم من عدم مقعدا في المجلس لم يفته منصب في وزارة او ما شابه والنجوم منهم يعددون ، اقصد المناصب لا الزوجات هذه اخذنا فيها تعهدات ،اجبني اريد ان افهم ، في الندوات الصحفية لحزب النهضة تمتلئ المنصة على الآخر ، لا يتكلمون لا يشاركون ولكن تغص بهم المنصة ، لم تعد تسعهم . أضاف ساخرا : ربما طلبنا من الحزب الشيوعي الصيني منصات اوسع تسع كل قيادات النهضة ، الديمقراطية الشعبية ، الحزب الشيوعي الصيني متاع ماوتستنغ . المشكل ان هذا الشكل من الاستعراض لم نراه في تركيا المثال الذي تنشدون ولا الاخوان في مصر الولاء الذي تخفون ،هذه البدائية لا تقلقنا الذي يقلقنا في هذا الشأن هو المؤتمر من اجل الجمهورية ، يحب يفسد الملعوب ، لا يقبل بالسبسي رئيسا ويريد تفويضا كاملا للحكومة وفي كل المواقع ولا يريد الالتزام بمهلة العام ، من اين اتانا هذا المرزوقي المجنون.
– قلت محرجا او متضايقا هل تسمح لي بالرد ، قيادات حركة النهضة قيادات مناضلة خبرت السجون والمنافي ان رأت في المواقع الجديدة تعويضا عما فات او جزاء كانت محقة الم يخبر محمد صلى الله عليه اصحابه ستفتح لهم الدنيا من بعده ومات الكثير منهم اثرياء لا ينقص من فضلهم شيئا ، ها انت تتنعم فيها بلا سابقة ، وان كان تسابقا لخدمة الناس لا تعجل عليهم اذا فالامر لم يزل ابتداء .أراكم لا ترون للإسلامي موقعا غير السجن او القبر . تركيا ليست مثالا لتونس قارن بين متشابهين ، اردوغان في بداية امره قال انا مسلم وعلماني ولا تناقض لأن العلمانية ليست دين – هل يملك نهضاوي ان يقول هذا الكلام – وذهب يجمع حزبه من اعضاء في حزب المرحوم اربكان واعضاء في حزب الطريق القويم لتانسو تشيلر وحزب مسعود يلماظ انشأ كتلة يمينية محافظة باسم العدالة والتنمية ، لتحييد الجيش طرق ابواب اوروبا طالبا العضوية واقترب من اسرائيل وزارها واضعا الزهور على ضحايا المحرقة في متحف يادو اشيم في القدس قبل ان ينقلب على هذا المسار لاحقا ، عندها لا اظنه حفل بما حبره الشيخ الغنوشي في كتبه ولا ارى الشيخ من جهته ينسب ذاك المسعى الى تأويل لفكره على اي وجه من الوجوه . في امر الاخوان الشيخ كان داعية الديمقراطية الأول في صفوف الاخوان وغيرهم وهو في هذا الشأن متبوعا لا تابعا ، في ما يظهر في الندوات الصحفية للنهضة منذ انتصار الثورة من اصطفاف اعضاء المكاتب على انواعها سياسي وتنفيذي على منصة العرض في ندواتهم الصحفية هو من قبيل الحرص على الجلوس في الضوء بعد ان طال بهم المكث في ظلام السرية لسنين طويلة ، هذه ظواهر ستختفي بطبيعتها ويعود الامر على عادة الندوة الصحفية في كل بلاد الدنيا يأتي المتحدث وحده ولا يصحب معه فريق عمله قل او كثر .. أما ماكان من امر الفرق بين النهضة والمؤتمر ، الفرق ليس في درجة الالتزام بالتغيير ولكنه فرق في الموقع والحجم وشروطهما ، ليس امام المؤتمر ما يخسره . موضوع هذا الحديث كله من الهوامش على دلالاته ، بصراحة ارى انكم لستم بعيدين عن هذا التسخين الذي تستقبل به الحكومة المقبلة حتى قبل ان تشكل.
– ماذا تعني لم افهم
– النساء الديمقراطيات ، مطالبة فرنسا بالتدخل لحماية العلمانية ، الاضرابات التي قيل انها ستتصاعد تباعا ،تحرك الاساتذة الجامعيين تنديدا بالمتدينين ، التلفزة الوطنية هي ايضا دخلت على الخط بتقرير عن الفقر المدقع والانتخابات قالت فيه احد المستجوبات ان جماعة النهضة جاؤوها طالبين انتخابهم ولما ذهبت تطلب منهم اعانة طردوها قائلين لسنا جمعية خيرية ، في هذا السياق ما تقول في ما يفعله احد تابعيكم هل وصل الامر الى هذا الحد.
– من هذا ؟ ماذا فعل ؟ احد تابعينا ؟ قل لي من ؟ واضاف ضاحكا: « تشابه البقر علينا وانا ان شاء الله لمهتدون »  
– منهم هذا الذي ينشئ مجلس تأسيسي مواز سماه مدني بنفس عدد اعضاء المجلس التأسيسي ومن كل المناطق ؟
– محسن مرزوق ، ما تنقمون منه ؟ المجتمع المدني حر في التشكل بالطريقة التي يريد ، لا يجب ان تترك الساحة فارغة للنهضة وحلفائها ، هذا من مقتضيات الديمقراطية ام كان صرحا من خيال قد هوى اضاف بيت احمد رامي مغنيا.
– قلت محتدا : ما تفعلون لن يزيد النهضة إلا قوة ، تونسيون كثر ما كانوا لينتخبوها ولكنهم فعلوا لما رأوها ترمى عن قوس واحدة ، يكفيكم مكابرة . التونسيون يبحثون عن التغيير ، التغيير حقيقة لا وعودا ، يريدون عدلا بين الجهات يريدون توسيعا لقاعدة الحكم جهويا وطبقيا وثقافيا ، يريدون قطعا بائنا مع اساليب الحكم القديم . الشعب اعطى تفويضا للنهضة ومجمل المنتصرين لإحداث التغيير . ان تعطل او افرغ من محتواه ربما تخسر النهضة ولكنكم لن تربحوا ، المبادرة تعود للشارع وقوى غير ديمقراطية ربما تظهر او تستقوي ، الافضل ان تبتعدوا هذا نهاية حكمكم ومنتهى امركم.
– اتهددني ! من انت ؟ زعم الفرزدق ان سيقتل مربعا ابشر بطول سلامة يا مربع
ورايت نبلك يا فرزدق قصرت ورايت قوسك ليس فيها منزع
– كثيرون يتحدثون انك كنت وراء تعيين السبسي رئيسا للوزراء وان علاقتك بالامريكان علاقة تابع بمتبوع وانك كنت ولازلت في قلب دائرة الحكم من وراء ستار ، عصبية حكم لا تريد ان تنفك أوتتحلل
– ترهات الفايس بوك ترددها ، اشاعات وتخرصات تلوكها ، فجأة ارتفع صوته واحمرت عيناه ، لن نسمح لأحد بتهديم ما بنته الدولة طيلة نصف قرن كائنا من كان …
– قاطعته : الشعب من كان يبني ورجال الدولة يأكلون
– صاح متوعدا لن ندعهم يرتاحون ، طمأنوننا عن خوف لا قناعة ، سندخل عليهم من اقطارها حتى لا يعرفون الصاحب من العدو او يشاركوننا ولا ينكرون فضلنا وحقنا . ههههها اسلاميون معتدلون ، الامريكان الأغبياء ، سنرى الى اين يذهبون بنا.
ناديت مستغيثا الحرية للتوانسة الحرية للتوانسة الشعب التونسي العظيم …يد تهزني وضوء يبهرني ويفتح عيني ، زوجتي تحركني وترفع الغطاء عني مندهشة ، السياسة حتى في النوم ، ابنتي ايمان تعانقني : بابا بابا اعطوني ستيكر في المدرسة ، قبلتها مجيبا هنيئا بابا ، ثمة ستيكر اعطوه التوانسة يوم الانتخابات يبدو انه برسم الالغاء أوالتخريب.

<



مقدمة لم يكن أحد يتوقع أن يتهاوى النظام الدكتاتوري والإرهابي لبن علي بهده السرعة ، لا الأحزاب السياسية المناضلة ولا الأجهزة الأجنبية المراقبة لكل التحركات السياسية والاجتماعية البسيطة والمعقدة منها كذلك لم يكن أحد يتوقع أن تحدث الانتخابات لان جهات كثيرة معلومة التوجهات ومعلومة الحجم في الساحة السياسية حاولت بكل الطرق أن تتلاعب بهذا الاستحقاق الهام كذلك لم يكن أحد يتوقع أن تحدث الانتخابات في 23 أكتوبر بعد تأجيلها في محطة 24 جويلة.
ثم الأهم من كل هذا هو حالة الخوف التي تصل إلى حد اليقين من تلاعب مدروس بنتائج الانتخابات إذا وصلت إلى السلطة حركة إسلامية في تشابه لما حدث في الشقيقة الجزائر أما الآن فنحن نعيش في فترة تاريخية يحق فيها للشعب التونسي أن يحس بقليل من الأمان على ثورته، تمت الانتخابات بنجاح رغم كل المحاولات من أجل مصادرة إرادة الشعب تمت الانتخابات وفاقت كل المقاييس الدولية في نزاهة الانتخابات وشفافيتها وسلامتها من العيوب.
وقعت الانتخابات في وقتها وفرض فيها الشعب التونسي على الساحة السياسية الداخلية والخارجية حزبين من أكثر الأحزاب قطعا مع النظام السابق النهضة والمؤتمر كثرت التكهنات والتحالفات والضغوطات من أجل التواصل في النسق السابق للحكم أو التسليم الكامل للسلطة إلى القوة التي تستمد شرعيتها من الشعب وخياراته أيا كانت التقسيمات الحاصلة للوزارات بين قوى التحالف فالتحديات الكبرى التي ستواجه الحكومة الجديدة تسترعي اهتمام وانشغال رجال السياسة والوطنين من الرجال والنساء التحدي الأول : إجتماعي تبدو قوى اليسار المندثر في الانتخابات الأخيرة غير قابلة لنتائج الانتخابات ومستعدة بكل الوسايل والطرق لهدم وافشال فترة الحكم الجديدة ، هذا مع عبر عنه جلال بريك والذي هدد بحرق تونس إذا حكمتها النهضة ، الوسيلة الأمثل هي الاضرابات العشوائية في كل المجالات وفي كل القطاعات وبدون إنذار أو نقاشات بدات الإضرابات وستتواصل لذلك على كل الشباب وعلى كل كوادر تونس أن يتسلحوا بالكتابة وبالحوارات من أجل أن لا تقسم هذه الاضرابات ظهر الثورة الفتي التحدي الثاني : أمني رغم عمق الأزمة في بلادنا لم نشاهد إلى حد الآن خطابا سياسيا جامعا وململما لهموم الشعب التونسي وجروحه بكل أطيافه وطبقاته إن غياب السلم المدني سيدفع إلى مزيد من الفوضى خاصة إذا كانت هذه الفوضى مسنودة من قوى محمية من الخارج ومن لوبيات الداخل لذلك لا بد لقوى التحالف الحاكم أن ترس صفوفها وأن تخرج من حالة التجربة في الفعل السياسي إلى الأخذ بزمام المبادرة حتى يعود الأمن إلى البلاد والعباد التحدي الثالث : ذاتي في هذي الفترة الحساسة لا بد من سقوط عقلية الحزب في إختيار وتنصيب المسوولين في الإدارات والوزارات ، إن هذه الفترة الانتقالية مسكونة بعوامل كثيرة للفشل و الخاسر الأول هو الشعب ، لا بد على رجال السياسة في الأحزاب أن يغلبوا الخيارات الوطنية على الخيارات الحزبية أكبر خطر يهدد أحزاب التحالف الحاكم هو هرولة أفرادها وقيادتها إلى تقلد المناصب بدون قدرات في الفعل أو التسيير خاتمة : فترة 100 يوم بعد تشكيل الحكومة ستكون المحددة في جدية الحكومة الجديدة وفي قدرتها على التحديات التالية : مباشرة فعلية في تصفية تركة الفساد مع إطلاع الشعب على مختلف المراحل مباشرة فعلية في محاسبة القتلة والمجرمين مباشرة فعلية في عملية مقاومة البطالة مباشرة فعلية لعملية إصلاح الأمن مباشرة فعالية لتحسين حالة الأمن تكريس شفافية الحكومة في ما يتعلق بالمصاريف الحكومية المنصف زيد نوفمبر 2011

<



إعداد علي أنوزلا  
بعث فوز حزب النهضة في الانتخابات التونسية، الآمال في الحركات الإسلامية في المغرب العربي. خاصة في المغرب والجزائر. وفي المغرب حيث تستعد البلاد لانتخابات سابقة لأوانها نهاية شهر نوفمبر الجاري، رحبت الحركات الإسلامية في هذا البلد بالفوز المستحق لحزب « النهضة » الإسلامي. فقد بادر حزب « العدالة والتنمية » إلى بعث رسالة تهنئة إلى حزب الغنوشي، أما حركة « التوحيد والإصلاح » التي تعتبر الوعاء الإيديولوجي لحزب »العدالة والتنمية » فقد كانت واضحة في تعبيرها عن فرحها بفوز حركة إسلامية في انتخابات تونس، ورأت في هذا الفوز رسالة إلى « الأنظمة المترددة في الانخراط في الإصلاح الحقيقي »، على حد تعبيرها، ودعتها إلى التقاط الفرصة والمضي في طريق الاستقرار عن طريق الإصلاح.
ومن جهتها، هنأت جماعة « العدل والإحسان » المحظورة « حزب النهضة » بفوزه في انتخابات المجلس التأسيسي، وعبرت الجماعة التي تدعو إلى مقاطعة الانتخابات في المغرب عن أملها في أن « تقدم تونس الجديدة نموذجا ديمقراطيا مدنيا »، وعبرت عن أملها في أن يكون ما حصل في تونس ملهما لشعوب المنطقة ولباقي الشعوب العربية والإسلامية، على حد تعبير بيان الجماعة الإسلامية المغربية.
ونفس المواقف المتضامنة والمهنئة صدرت عن حزبين إسلاميين غير مرخص لهما بالعمل في المغرب، هما حزب الأمة والبديل الحضاري.
فنتائج الانتخابات التونسية أنعشت أمال المنتمين إلى الحركات الإسلامية ليس في المغرب فقط وإنما في المنطقة عموما بما أصبح ينبئ بتحول « الربيع العربي » إلى ربيع إسلامي أخضر.
وهو ما أصبح يبعث على تخوف غربي من مستقل « الربيع العربي »، مع ظهور الإخوان والسلفيين بقوة في المشهد المصري، وقوة التنظيم التي أبان عنها الإسلاميون في الحرب الليبية، والخلفية الإسلامية التي تستند إليها الثورتين في اليمن وسوريا، والفوز الذي حققه حزب النهضة الإسلامي في تونس…كلها تحولات باتت تطرح تساؤلات في الغرب، تبعث على القلق حول مستقبل المنطقة. وتدفعه إلى طرح تساؤلات محيرة حول ما إذا كان هذا الأمرمجرد صدفة جاء في سياق الأحداث التي تعرفها المنطقة، أم أنها حتمية التغيير التي سوف تنتهي بعودة « تيار الإسلام السياسي »، الذي كان مضطهدا في عهد الأنظمة المطاح بها، للسيطرة على المشهد برمته، وهذه المرة عن طريق صناديق الاقتراع؟ (المصدر:موقع فرنس24 العربي(باريس-فرنسا) بتاريخ 7 نوفمبر 2011)

<



الخطوات التي سيقوم بها « النهضة » ستكون مرصودة من كافة القوى، إذ إن نجاحها سيبدّد وهم (فوبيا الإسلاميين) لدى الغرب، ويوجد مصالحة وطنية من نوع ما بين التيارات المختلفة فكرياً عيد هذا العام مختلفٌ جداً، فقد حمل بشائر لأمة الضاد عبر هذا الربيع الذي يسربل رقع جغرافيتنا العربية، ولعل نسائم انتصار هاته الثورات -التي تنبجس من إرادة شعوب تتوق للحرية بعد تكبيلها لعقود طويلة- تهبّ علينا في هذه الأيام، ولربما الإخوة في تونس، الذين فجّروا هذه الثورات عبر رجلها محمد بوعزيزي الذي خلّده تأريخنا العربي، يعيشون عيداً آخر بجانب عيد الأضحى اليوم، فالانتخابات الشفيفة والحرّة التي جرت عندهم، والمشاركة الشعبية الكبيرة في انتخاب قيادتهم الجديدة، كانت عيداً تونسياً عربياً بامتياز.
برأيي أن المفاجأة في تلك الانتخابات التونسية لم تك في فوز حزب (النهضة) الإسلامي بأكثر من أربعين في المائة فقط؛ بل تمثلت المفاجأة في قبول التيارات السياسية التونسية والنخب المثقفة المعارضة تلك النتيجة، والرضوخ التام لما قالته صناديق الاقتراع، لتقدم تونس درساً رائعاً للبلدان العربية، في حسّ المسؤولية الوطنية وتماسك النسيج الداخلي واحترام إرادة الشعب، ما جعل اليساري التونسي المنصف المرزوقي يردّ على وكالات الأنباء العالمية -التي أرادت الاصطياد في الماء العكر- بأن حزب النهضة « ليس غولاً نخاف منه ».
الدروس التونسية تتوالى، فمفاجأة حزب (النهضة) بعدم استئثار الإسلاميين بالحكم المطلق، وذهابه لعدوه التاريخي وهم اليساريون، والاتفاق معهم على تشكيل الحكومة الوطنية القادمة؛ هي مفاجأة تونسية أخرى فاجأت تماماً الأحزاب والتيارات الإسلامية الأخرى في البلدان العربية المشابهة لها كمصر، فضلاً عن غيرها من الأحزاب العلمانية والقومية، توازى مع ذلك؛ إطلاق حزمة تصريحات لزعيمها راشد الغنوشي بثّ فيها رسائل اطمئنان للغرب والنخب العلمانية بأن الحزب لا ينوي أبدا القيام بأسلمة قسرية للحياة الاجتماعية في تونس، بل سيقوم أعضاؤه بعرض ما لديهم بالحسنى، والانصياع للآية القرآنية: « لا إكراه في الدين »، وترك المواطن هو من يختار برغبته وقناعته.
في حوار لي مع الشيخ راشد الغنوشي مؤخراً، سألته في هذه النقطة التي أثارت جدلاً عريضاً في أوساط الشرعيين لدينا بالسعودية، فأجابني: « إن قسر الناس على أحكام الشريعة يولّد جيلاً من المنافقين، والأولى ترسيخ مبادئ الحرية والعدالة، لأن الحرية هي التي تقود الناس طواعية للدين، لذلك لن نقوم بمنع الخمور، ولا لبس البكيني للنساء، ويقيناً؛ إن أحسن المتدينون عرض الإسلام في صورته الوضيئة فسيأتيهم هؤلاء طوعاً، ويتركون كل ما هم عليه من مظاهر وسلوكيات تخالف الإسلام ».
بالطبع، هذا الموقف أحدث كثيراً من ردود الفعل في داخل الشرعيين السعوديين، لدرجة أن الداعية المعروف الدكتور محمد السعيدي، انبرى لوصف حزب (النهضة) بأنه حزب علماني بوجه إسلامي، وأن هذه الأطروحات هي للعلمانية أقرب منها للإسلام، فيما تفهّم بعض الدعاة ما يقوم به الشيخ الغنوشي وما يصرّح به، كالشيخ سعد البريك وسلمان العودة ومحمد الأحمري، بل ذهب الأخير إلى أن فكر (النهضة) سيجتاح البلدان العربية والإسلامية، لأنه اجتهاد فكري جديد ينطلق من الواقع والعمل الميداني، ويتكئ إلى الديمقراطية التي هي منهج حياة وترتبط بحاجات البشر في كل الأزمان.
ثمة نقطة مهمة في هذه القضية، فالكثير من الدعاة –ومنهم الشيخ السعيدي والشيخ وليد الرشودي- إنما يتفهمون ما يفعله (النهضة) في هذه التنازلات بفعل حالة (الضرورات) التي هم عليها، ولكن الاعتراض على تقديمه بأنه هو الإسلام، لأن الدين يمنع الخمر، ويأمر بحظره لا السماح له، والقول بأن ذلك من الدين هو جريمة برأيهم، وهذه النقطة جديرة بتأملها من لدن الإخوة هناك، لأن حزب (العدالة والتنمية) في تركيا – حالة (النهضة) مشابهة لحدّ كبير له- كان يقوم بكل الخطوات التي تنسلك في المسار العلماني، دون أن يدّعوا بأن ما يفعلونه هو الإسلام، بعكس (النهضة) التي يقول زعيمها الغنوشي بأن ما يقومون به هو من صميم الإسلام، وحالة الضرورة التي هم فيها ، تتيحها لهم أحكام الشريعة، بل ذهب للتشنيع بأن فكر المركز لا يراعي ولا يفهم أبداً حالة الأطراف، فيحكم من وحي بيئته التي هو فيها.
عموماً، حتى هذه التنازلات التي قدمتها (النهضة)، لم تقنع كثيراً العلمانيين العرب والغرب، الذين ينظرون إليها بعين الريبة، وأن ما يقومون به هو خطوات مرحلية حتى يتمكّنوا، وأشار لذلك الزميل الكبير عبدالرحمن الراشد في مقالة أخيرة له، بيد أنني شخصياً مقتنع تماماً أن الغنوشي مؤمن بهذه المبادئ، فقد تسنّى لي إدارة حوار له في (اثنينية البسام) بجدة، قبل سبع سنوات تقريباً، وكانت هذه أفكار الرجل، قبل أن يُنتخب ويصل لحكم تونس، وكان يقول بضرورة الديمقراطية، وأن لا حلّ بدونها، وسألته شخصياً: « ولكن ماذا لو وصل لحكم دولة إسلامية يساريون ضد الدين، هل تقبل بذلك كإسلامي وتوافق وترضح له؟ »، فكانت إجابته لي: « نعم، لأنني كإسلامي لم أقنع الناخب والمجتمع بمبادئي التي أدعو لها، وأنا أتحمّل ذلك، ويجب عليّ أن أصيغ وأبلور طريقتي كي يقتنع بي المجتمع ويؤهلني لحكمه ».
بالتأكيد، كل الخطوات التي ستقوم بها (النهضة) التونسية ستكون مرصودة من الغرب وكافة القوى الإسلامية والعلمانية، إذ إن نجاحها سيبدّد وهم (فوبيا الإسلاميين) لدى الغرب، ويوجد مصالحة وطنية من نوع ما بين التيارات الوطنية المختلفة فكرياً، وتقديم نموذج رائع للأحزاب التي تجعل الوطن ومصلحته بأعلى شعاراتها، أما في حال إخفاقها فإن الشعوب أول من سيلفظ تلك الأحزاب ولن يؤمن بطروحاتها وإن تدثرت الدين. دعاء في هذا العيد الفضيل أن يحقق لتونس العظيمة كل استقرار ونماء ونهضة، كي تقدم هذه الدولة المغاربية الدرس الثالث لنا، بعد درسي ثورة الياسمين واحترام إرادة الشعب. الدرس التونسي المنتظر لكل التيارات المتصارعة: مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، للمضي قدماً نحو التنمية وبناء الدولة الحديثة.
عبد العزيز محمد قاسم
(المصدر: موقع « الوطن أولاين » (السعودية) بتاريخ 7 نوفمبر 2011) http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=8101

<  



د.عبدالله القفاري
اليوم حسابات حقل الثورة يُصدقها بيدر صندوق الاقتراع. أما العودة للدفاتر القديمة فهي مهمة تاجر مفلس. خط التاريخ وهو يصعد سيحمل معه القوى الاكثر قدرة على ترجيح حضورها في مشهد التغيير. أما البكاء على لبن الثورة المسكوب في قدح الإسلاميين فلن يقدم الكثير لناخب يتطلع لاستعادة حياته الطبيعية وتمكينه من كفاياته وحفظ حقوقه وكرامته كشف صندوق الاقتراع في ربيع العرب الديمقراطي في تونس، والمنتظر أن يكشف أيضا ما يشبه هذا في كل من مصر وليبيا.. كشف عن أن الصندوق لا يكذب أهله. وأن الديمقراطية ليست انتقائية كما يهوى البعض او يحلم، وأن شروط الصندوق تتطلب احترام خياراته طالما هناك توجه ديمقراطي حقيقي لإقالة هذه المنطقة من عثرات الاستبداد الطويل. وأن ثمة مخاضاً سياسياً لقوى اسلامية عليها ان تواجه لأول مرة في تاريخها الاختبار الاصعب والأخطر. اللافت ان الغرب بحكوماته ومؤسساته بارك تلك الخطوة الديمقراطية وأشاد بنزاهة العملية الانتخابية التي راقبها عن كثب. إلا أن طيفا لايمكن تجاوزه من المثقفين والكتاب والناشطين السياسيين العرب من أسرى فوبيا الاسلام السياسي.. لازالوا يشككون، ويحاكمون النوايا وهم يفتشون في الدفاتر القديمة، ويثيرون كثيرا من الغبار حول نتائج صندوق الاقتراع.. بل إن بعضهم أخذ ينعى الربيع العربي الذي لا يقدم سوى هذه النتائج، وكأني بهم تبنوا مهمة الترهيب والتخويف من تلك النتائج نيابة عن النظام الذي قامت الثورة من أجل وضع حد لاستمراره. يدرك الغرب، أنه حان الوقت ليعترف بالقوى السياسية الاسلامية بعد عقود من الالغاء تحت بنود حرب الارهاب والتطرف. يدرك ان ثمة فرصة تاريخية فعلا لاستيعاب قوى الاسلام السياسي تحت مظلة ديمقراطية تتصالح مع الغرب ومع مجتمعاتها، وهو يرنو لنموذج شبيه بالنموذج التركي. يعلن حزب النهضة على رؤوس الاشهاد أنه مؤمن بالديمقراطية وملتزم بشروطها، ويضمن الحريات العامة وحقوق المرأة، وأنه على استعداد للتحالف مع القوى السياسية الأخرى في الحكومة القادمة. إلا أن كل هذا مازال يُحاط بكثير من الشكوك والقلق بل والهجمات المضادة التي تراكم الشعور بأن ثمة عقلا عربيا نخبويا مازال يمارس عملية إقصائية لا تقل عن إقصائية النظام السابق. وانه عقل لا يحترم إرادة الشعوب، والأخطر أنه يعاند خط التاريخ الذي يجب ان يمضي حتى يستوعب تلك القوى التي طالما وضعت نفسها في خانة المظلومية التاريخية.. وهي خانة جلبت لها من الانصار والمتعاطفين أكبر بكثير من قوى سياسية نخبوية لم تقرأ الشارع العربي جيدا، ولا التحولات التي طرأت على المجتمعات خلال عقود طويلة من التعطيل والإقصاء. أليس الاجدى في هذه المرحلة، أن يتم الترحيب بحزب النهضة وسواه، طالما حقق صندوق الاقتراع له النسبة الاكبر، من منظور الايمان بأن الديمقراطية تفرز نتائجها وهي قادرة على تصحيح مسارها، وأن الأهم هو استيعاب القوى الاجتماعية والسياسية في عملية لن تؤتي ثمارها بسهولة طالما ظل يُدق إسفين تلك العداوات التاريخية، وكأن المطلوب إطالة أمد الارتباك والتنازع، وربما أيضا توفير شروط اعادة انتاج الاستبداد من جديد؟ أدرك النظام المخلوع خطورة القوى الاسلامية على مشروع تمكين الاستبداد بنسخته المزورة ديمقراطيا. حشد طاقاته من أجل ترسيخ فويبا الإسلام السياسي ووضع الجميع تحت طائلة جناية القاعدة أو النموذج الطالباني. لماذا تبدو اليوم بعض القوى السياسية التي كان الأجدى ان تلتفت للشارع العربي المأزوم بعد عقود من التوقف والاستبداد والتعطيل… لتعيد إنتاج ذات المقولات؟ اللحظة التاريخية تعطي أملًا في استعادة الإسلام – كمكون ثقافي لايمكن إلغاؤه – من براثن التطرف عبر استيعاب قوى الاسلام السياسي التي تؤمن بالديمقراطية والمشاركة السياسية وتداول السلطة. استيعاب هذه القوى تحت مظلة النظام الجديد يعني أن الفرصة سانحة ليس فقط لمصالحة الحداثة مع الاسلام، ولكن لإعطاء فرصة لجسد سياسي متماسك ومنظم – وسط هذا التشرذم الكبير – لتقديم مشروع اذا استطاع أن يحقق للناخب كفايته وكرامته، فقد عزز حضوره على رافعة الديمقراطية أو ستكون الفرصة مهيأة لصعود قوى أخرى لتحل محله. المسألة اليوم ليست جدلا نظريا أو تاريخيا، المسألة تتوقف على قدرة النظام الجديد على تقديم نفسه من خلال برامج ومشروعات، هي وقود عملية داخلية ديناميكية تصعد وتعدل وتوائم وتنتج. المنتظر اليوم ان تحقق مشروعية الانتخاب عبر عملية استنقاذ تطال بنية كاملة، لا مجرد التباكي على نتائج صندوق اقتراع عبر اثارة الاستشكالات حول قضايا لم تعد تعني الأغلبية من الناخبين. اذا استطاعت التجربة الديمقراطية الجديدة في بلدان مثل تونس وهي الاكثر حظا من الاستنارة، ومصر وهي الاكثر جدلا، وليبيا وهي الأقل تعقيدا والأخطر في آن.. إذا استطاعت تلك التجربة المنتظرة ان تُصعّد القوى الاسلامية لمشهد السلطة عبر رافعة الديمقراطية، فهذا سيكون قفزة في خط التاريخ الصاعد في عملية تمارس فيها القوى الاسلامية تجربة السلطة ديمقراطيا لأول مرة في تاريخها. وستكون عينها على صندوق الاقتراع، وهي تدرك أن ضمانتها الوحيدة، هي ما تحققه من برامج ومشروعات يمكن قياس أثرها على الناخب. وان قضتيها الكبرى ليست مناكفة الآخر او محاصرته ولكن إقناعه بأن ثمة مشروعا حقيقيا ومستجيبا. حسابات الشارع العربي اليوم هي أبعد ما تكون عن مماحكات القوى الليبرالية واليسارية التي تحمل حساسية فائقة ومربكة تجاه كل ما هو إسلامي. كما أن هذه التجربة ستكون هي الاقدر على إدماج قوى اسلامية في خضم معادلة دولية وعلاقات لايمكن إلا التعامل معها. انها تجربة تعزز حضور القوى الاسلامية في مشهد سياسي عليه ان يتعرف بالعالم كما هو. وهي بهذا تنتقل – أي هذه القوى – من حقل الدعوة والتبشير الى حقل الممارسة وإدارة الدولة، ومن الرؤية النظرية لمشروع لم يُجرّب إلى ممارسة ومواءمة واقعية.. وإذا استطاعت أن تنجو من مأزق الاختبار الصعب، بل وأن تنجح فيه، فسيكون تأسيسا جديدا وحاسما لمرحلة غير مسبوقة في تاريخ هذه المنطقة. التطرف والارهاب والإقصاء الذي شكل حمولة فوبيا الإسلام السياسي لم يكن سوى نتيجة ايضا لحالة يأس كبرى تراكمت عبر عقود. فتح منافذ الحرية والعمل العام المؤسس والمشروط سيعيد حتما إنتاج قوى اسلامية تصالح قيمها وذاتها مع مجتمعاتها بكل طوائفه واتجاهاته. لم يهبط حزب النهضة من السماء على تونس، إنه جزء أصيل من تكوين اجتماعي سياسي عانى الكثير من القمع والمصادرة ومحاولات الالغاء عبر عقود. أليس من حق هذا الجسد السياسي المتماسك الذي عرف طريقه للشارع التونسي أن يحظى بتجربة كاملة تنقله من حيز الدعوة الى حيز الدولة.. ومن خانة الشعارات إلى البرامج .. ومن مرحلة العمل السري المحفوف بكل أنواع المخاطر إلى عمل علني معترف به ومشترط له وعليه؟ التوقف عند إثارة ملابسات خطاب إسلامي إقصائي ومغلق رغم كل محاولات التطمين، عملية لن تؤدي إلا إلى إرباك مسيرة بدأت خطواتها الاولى. وبينما انشغل حزب النهضة في مخاطبة التونسيين على قاعدة البرنامج، انشغل خصومه في التشنيع عليه ومحاولة إرهاب الناخب من التصويت له. هنا تبرز ملامح تجسد ذهنية الحصار حتى في أحزاب يفترض أن تدرك أن الاسلام السياسي قادم لا محالة، وأن الشارع العربي من مصر الى تونس الى ليبيا إلى سواها من بلدان عربية يريد ان يقدم هذه الفرصة لمن يراه أقرب لوعيه وثقافته وملامحه. اليوم حسابات حقل الثورة يُصدقها بيدر صندوق الاقتراع. أما العودة للدفاتر القديمة فهي مهمة تاجر مفلس. خط التاريخ وهو يصعد سيحمل معه القوى الأكثر قدرة على ترجيح حضورها في هذا المشهد. أما البكاء على لبن الثورة المسكوب في قدح الاسلاميين فلن يقدم الكثير لناخب يتطلع لاستعادة حياته الطبيعية وتمكينه من كفاياته وحفظ حقوقه وكرامته وتعزيز نتائج التغيير الذي طالما حلم به. (المصدر:جريدة الرياض (يومية-السعودية ) بتاريخ 7 نوفمبر 2011)

<



هاني نسيرة
انتهت المرحلة الانتقالية في تونس مع انتخابات 23 أكتوبر الماضي‏,‏ والتي فاز فيها حزب النهضة الإسلامي وتحالفه ‏(‏تحالف 23 أكتوبر‏)..‏ الذي وجد ردود فعل مختلفة ومتوجسة رغم وعوده وخطابه المطمئن حتي حينه‏، مع سمات تونسية خاصة تميز بها انتقاله عن رديفه المتعثر مصريا!! يأتي في مقدمتها غياب المشاكل الطائفية أو القبائلية وقلة عدد التيارات الأصولية المتصلبة وعدم فاعليتها, بينما تنشط مصريا مختلف أطيافها, تتحفظ علي أي ضمانات لدولة مدنية أو تسبح بنا في سراديب السجال الذي لاينتج فعلا في كل اتجاه, ظل الخلاف حول قانون الانتخابات في مصر بينما كان محل توافق في تونس, وبينما نجحت الثانية في التصديق علي العهد الجمهوري الذي يمثل مباديء فوق دستورية للدولة التونسية تبدو الحالة المصرية متعثرة ومتشطبة لاتسمع لغير تحزباتها وحساباتها ماقبل الانتخابات وما بعد الثورة!! قبلت النهضة قانون الانتخابات التونسي وفازت رغم أنها اضطرها للقبول بقاعدة التناصف التي تجعل للمرأة نصف المقاعد علي قوائمها, لم تمانع في ترشيح ناشطات حقوقيات لايرتدين الحجاب، كما قبلت النهضة والغنوشي بالعهد الجمهوري رغم الاعتراضات الأولي عليه, كضمانات للدولة المدنية مباديء حاكمة للدستور بينما في مصر يبدو الأمر مختلفا, فكل حزب بما لديهم فرحون, وكأن مادعت إليه الثورة وما وعد به الإخوان المعترضون علي هذه المباديء بعد نجاحها بقليل من تطمينات بالقبول بضمانات لغيرها ذهبت أدراج الريح! ولكن حين أتي العهد وبرز المنافس السلفي ازدادوا تنافسا وصارت المزايدة علي الشعبوية دون المدنية! أما السلفيون فمن البداية رغم انخراطهم السياسي الذي أتاحته الثورة لهم وتعترف به برامجهم الحزبية, وقفوا عند ثوابتهم النظرية المتصلبة, فرفضوا أي نص علي مدنية الدولة أو القبول بمباديء ضامنة لها أو حتي قبولها! من هنا رفض جميعهم القبول بدعوة الدكتور علي السلمي في 30 أكتوبر والتي انعقدت في 1 نوفمبر الماضي, وأعلنوا هذا الرفض لهذه الدعوة التي تأخرت ربما بسبب مرض صاحبها أو السجالات والمشكلات التي لاتنتهي بدءا من الطائفية الصاعدة إلي الفلول والمحاكمات ورد القضاة حتي المظاهرات الفئوية! تضمنت وثيقة العهد الجمهوري التونسي ذات السبعة بنود ــ ضمانات لم يضمنها أحد لنا, بل مرفوض الإدلاء بها لدي البعض, علي ديمقراطية الدولة التونسية حيث تنص علي أن تونس دولة ديمقراطية, حرة مستقلة, ذات سيادة, الاسلام دينها, والعربية لغتها, والجمهورية نظامها وأن هوية الشعب التونسي عربية, اسلامية, متفاعلة تفاعلا خلاقا مع قيم الحداثة والتقدم. ونصت الوثيقة علي حماية مكاسب المرأة التي نصت عليها مجلة الاحوال الشخصية ومجمل النصوص التشريعية وتطويرها بتكريس المساواة الكاملة بين الجنسين وفقا للمواثيق والمعاهدات الدولية، هذا بينما خلت قوائم انتخابية مصرية أسفا من أي قبطي أو امرأة! واكد العهد الجمهوري ايضا علي ضرورة حماية الاستقلال الوطني والوقوف ضد الهيمنة, ومع حق الشعوب في تقرير المصير ومقاومة الاحتلال, وتعميق الوعي بالمصير العربي المشترك, والتفاعل المتكافيء مع المحيط العربي المشترك, والافريقي والمتوسطي والدولي, ومناصرة كل القضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. هل لدي الإرادة السياسية المصرية الحاكمة القدرة علي إنفاذ ما أنفذته الهيئة العليا لتحقيق الثورة التونسية ولينسحب من ينحسب فضمان الدولة المدنية لصالح الجميع حتي من تنسحبوا! وهكذا كان صالح حزب النهضة الاسلامي وتكتله (23 أكتوبر). في ضمان مدنية الدولة نجحت قوي الثورة في تونس وهيئة تحقيق أهدافها, كما نجحت في إصدار القوانين الضرورية والناظمة للانتقال السياسي والديمقراطي, كقانون الانتخابات الذي صدر في أبريل الماضي (قبل الانتخابات بشهور) بينما لم يصدر قانون الانتخابات المصري إلا قبل فتح باب الترشح بأيام بعد أن جري له تعديلان في شهر واحد, ولازال محل خلاف.. كما لم يصدر قانون السلطة القضائية واستقلال القضاء, خاصة في ظل اتهامات كبيرة لـ600 قاض مصري في انتخابات 2010 بتزويرها بإيعاز من السلطة التنفيذية والتفتيش القضائي, وقد قاضي القضاة المصري (رئيس محكمة النقض) أسماءهم للمجلس العسكري لاستبعادهم ولكن لم يحدث شيء! فهم التونسيون ــ ما لم يفهمه المصريون ــ ثوار وكومة وشعبا ما تحتاجه المرحلة الانتقالية بإنشاء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة كاستجابة مؤسساتية لضرورة إحداث إطار يلتقي فيه التونسيون علي اختلاف مشاربهم ورؤاهم الفكرية والسياسية ليؤمنوا لتونس الانتقال من الاستبداد إلي الحرية والديمقراطية, كما قال الرئيس المؤقت فؤاد المبزع في الاحتفال بانتهاء أعمالها في 13 أكتوبر الماضي, كانت الثورة والنهضة أغلي عندهم جميعا من حساباتهم الأيديولوجية والانتخابية.. فهل تفهم ثورة مصر! أم أنها حداثة الإسلاميين التونسيين وقدرتهم علي التعاطي مع العصر أكثر كثيرا من اسلاميي مصر! أم أنها استراتيجية التوافق التونسية الغائبة عن سجالية وتحزبية مصرية زاعقة واتهامية بين كل الأطراف وفي كل الفضاءات… *نقلا عن « الأهرام » المصرية.
(المصدر: موقع العربية.نت (دبي – الإمارات) بتاريخ 7 نوفمبر 2011)

<



بقلم : د. حسن أبوطالب – القاهرة- swissinfo.ch  
يستقطب الدّور الذي تلعبه الآن الجامعة العربية في الأزمة السورية اهتماما خاصا، عربيا ودوليا. وللمرة الاولى، نرى مثل هذا التأييد العربي والدولي لفعلٍ أقدَمت عليه الجامعة العربية إزاء إحدى الأزمات الحادّة فى دولة عُـضو بها. هذا التأييد يأتي على خلفية التطلّـع نحو وقف آلة العُـنف والقتْـل، التابعة للنظام ضدّ الشعب السوري، كخطوة أولى، ثم إيجاد مخرَج للأزمة ككُـل، تحافظ على سوريا الدولة والشعب من جانب، وإصلاح النظام ووضع لبنات تغييره سِـلميا على المدى المتوسط من جانب آخر. صعوبات وأمل
ورغم الصعوبات المُـنتظرة وما يُـعرف عن النظام السوري من قُـدرة كبيرة على المُـراوغة وتوظيف عُـنصر الزّمن لصالحه وإصراره على الحلّ الأمني والتلاعب بمُـفردات الحلّ السياسي، فضلا عن تنوّع مواقف القِـوى المعارضة، ما بين قِـوى في الداخل ترحِّـب بالحوار تحت مظلّـة الجامعة العربية، وأخرى في الخارج، ترى أن الهدف الآني هو حماية السوريين وتوفير ضمانات لذلك، والهدف القريب، هو تسليم السلطة إلى قِـوى المعارضة، ناهيك عن الخِـلاف حول مكان الحوار في دمشق أم في القاهرة، حيث مقرّ بيت العرب. فثمّـة أمل محاط بالشُّـكوك والحَـذَر، في أن تنجح الجامعة في السير قُـدُما نحو وضع سوريا على طريق الإصلاح والحرية. صحيح أن وضع سوريا الاستراتيجي والجغرافي يضع عِـبءً كبيرا على النظام العربي ككل وعلى الإقليم ككل، كما أن طبيعة الأزمة التي تمُـر بها سوريا ذاتها، تفتح أبواب الجحيم على مِـصراعيه، إن لم تتم السيطرة عليها بأكبَـر قدْر من الحِـكمة والتعقُّـل، إلا أن البيئة العامة التي يمر بها العالم العربي، حيث الثورات الشعبية التي أنهت مهمَّـهتا الأولى في الإطاحة بنُـظم استبدادية أو تلك التي ما زالت تُـجاهد وتُـضحِّـي، وصولا إلى هذا الهدف المُـبتغى، أثارت بدورها التساؤلات حول دور الجامعة في هكذا بيئة لم تعتادها من قبل، وإلى مَـن تنحاز، إلى النُّـظم المستبدّة أم إلى الشعوب المهضومة وحقوقها المشروعة؟ من منظمة للحكومات إلى منظمة للشعوب
لقد كان مصير الجامعة العربية دائما مطروحا على طاولة البحْـث، أثناء وبعْـد كل أزمة عربية كبيرة، تغير من معادلات القوّة والتوازن التي تحكم عمل الجامعة، وما حدث بعد احتلال الولايات المتحدة للعراق في مارس 2003 مِـن حوار صاخِـب حول بقاء أو اختفاء الجامعة، هو مثل قريب. وعلى الرغم من التوافق العربي الذي انتهى إلى الحفاظ على الجامعة كبيْـت للعرب وإصلاح هياكل العمل العربي داخلها، مع تطوير الدور كإستجابة لمطالِـب الإصلاح المُـتصاعدة في كل بلد عربي على حِـدة، إلا أن الأمر لم يصِـل إلى حدِّ تصوُّر أن تقوم ثورات شعبية تُـطيح بنُـظم كاملة أو تفرض معادلات جديدة تماما داخل نُـظم أخرى، ومِـن ثمَّ يُعاد تقسيم المِـنطقة العربية إلى دول ثورية وأخرى على طريق الثورة الشعبية، وثالثة تُـجاهد للحفاظ على بقائها كأن شيْـئا لم يحدُث. أين المجتمع المدني؟
كان جزء من إصلاح الجامعة مُـرتبِـطا بالانفتاح على المجتمع المدني العربي، هكذا بشّـرنا الأمين العام السابق عمرو موسى، الذي أنشأ إدارة لهذا الغرض، غيْـر أن الحصيلة الفِـعلية لا تبدو مناسبة مع الآمال التي ثارت في حينه. فالجامعة تظلّ منظمة إقليمية للحكومات والنظم، وأي تطعيم جزئي لتطلُّـعات الشعوب يظل محكوما برَغبة النُّـظم نفسها، وبالتالي، يظل قاصرا على بعض منظمات المجتمع المدني، التي ترضى عنها تلك النُّـظم. ولذا كانت المفاجأة الأكبر هي أن منظمات المجتمع المدني الأكثر ابتعادا عن آليات عمل الجامعة العربية هي الأكثر تأثيرا في انتفاضة الشعوب وثوراتها. الأمر الذي أظهر مدى ابتعاد الجامعة عن نبْـض الشارع العربي، وهو ما تَجسَّـد في حالة غياب تامّ عن التفاعل المباشر والموضوعي مع مطالب الشعوب، فلم نجد مثلا أي ردّ فعلٍ بالنسبة للثورة التونسية أو المصرية أو اليمنية، وحتى تصريحات الأمين السابق عمرو موسى حول تطلُّـعات الشعوب المشروعة وضرورة الاستجابة لها، فجاءَت في إطار دعائي عام، خاصة وأن الرجل كان على أعتاب الخروج من منصِـبه الإقليمي إلى آفاق المنافسة على كرسي الرئاسة المصرية، بعد ثورة شعبية أطاحت بنظام سابق ومهَّـدت لمولد نظام جديد. نبيل العربي.. التفاؤل المُـفرط
ومع تعيين الدكتور نبيل العربي كأمين عام للجامعة العربية، ثار تفاؤُل غيْـر مسبوق بشأن تطوير دوْر الجامعة، لمناصَـرة مطالِـب الشعوب العربية وحقوقها في الحرية والعدالة والديمقراطية. غيْـر أن آليات عمل الجامعة وطبيعة دوْر الأمين العام، المحكوم بتقاليد وأعراف معيَّـنة ومستقِـرة، وصعوبة تجاوُز التوازنات القائمة في بنية الجامعة ذاتها، فضلا عن تمسُّـك كل الحكومات العربية بمبدإ عدم تدخُّـل الجامعة في أي شأن داخلي، كل ذلك وضع سقْـفا محدودا على رغْـبة ومسعى د. العربي في التدخل أو النّـصح أو اتخاذ قرارات تهُـم الشعوب العربية، كما كانت تأمل وتتمنّـى، خاصة وأن الرجل حين عُيِّـن لأقل من شهرين وزيرا لخارجية مصر الثورة، أخذ عددا من المواقف التي أعادت البريق مرّة أخرى للدبلوماسية المصرية، عربيا وإقليميا، فكان الطموح والأمل أن يفعل التأثير نفسه، وهو أمين للجامعة العربية، غيْـر أن القيود المُشار إليها أتَـت بنتائج مُـختلفة تماما.
غياب الجامعة وأسبابه
في ضوء ذلك، غابت الجامعة عن أزمة اليمن، التي ما زالت مُـستعرّة، وتُرك خيار التدخّـل في مسارها للمجموعة العربية الخليجية، باعتبارها الأقرب جغرافيا، والأكثر دِراية وخِـبرة بالسياسة اليَـمنية ولديها أوارق ضغْـط عديدة على أطراف اللُّـعبة اليمنية، وقد أوضح ذلك أن خيارات الجامعة في التدخل أو في الغياب، تظل مرهونة أساسا بتوازُن القِـوى الداخلي بين أعضاء الجامعة أنفسهم، ونظرا لأن الكفّـة تميل للمجموعة الخليجية، فكان طبيعيا أن تنسحب الجامعة العربية من الشأن اليمني، ولا يملك أمينها العام سِـوى المُـطالبة عن بُـعد، للرئيس اليمني بالالتزام ببنود المبادرة الخليجية والتفاعل الإيجابي معها، حقْـنا لدماء اليمنيين، ولقاءات محدودة مع بعض الشباب اليمني الذي يزور القاهرة لجمع الحشْـد والتأييد للثورة، التي تتمسّـك بالبقاء في الشوارع والميادين، حتى يرحل الرئيس من المنصِـب ومن البلاد معا. الحالة الليبية.. الثمن الباهظ للتدخل العسكري
وحين أقدَمت الجامعة العربية على توفير غطاء للتدخّـل الغربي في الثورة الليبية، كان ذلك أيضا نتيجة ضغْـط مجموعة مهمّـة من الدول العربية الخليجية تحديدا، والتى استطاعت أن تشكِّـل أغلبية عددية، أقرّت تجميد عضوية ليبيا أولا، ثم أقرّت ثانيا حق التدخّـل الدولي في الشأن الليبي لحماية المدنيين من جنون القذافي وأبنائه وجنون آلته العسكرية، التي وُجهت للمدنيين باعتبارهم جرْذان يستحقّون القتل، وإن كانت الجامعة ربطت ذلك بالعمل تحت مظلّة الأمم المتحدة وتوافر شرعية دولية عامة. فكان ما كان من تدخّل حلف شمال الأطلسي (الناتو) بقرار دولي، فتحوّلت ثورة ليبيا إلى عمل عسكري بامتياز، نجح في القضاء على حُـكم القذافي، غير أن الثمن الذي دفعه المدنيون كان باهظا. هذا الثمن الإنساني والمادي الباهظ، الذي دفعته ليبيا، شَّـل بدوره إطارا جديدا لعمل الجامعة العربية. فالعمل العسكري، أيا كان نُـبل أهدافه ومراميه، يقتل البشر ويدمِّـر الحجر ويثير الفوضى، بقدر أو بآخر، ويزيد من عِـبْء البناء بعد الهدْم. خبرة دامية وتعقيدات سورية
هذه الخِـبرة الدامية تشكِّـل قيْـدا على عمل الجامعة بالنسبة لأزمة سوريا، التي تبدو حسابات التدخّـل العسكري فيها أشبه بمَـن يُلقي قنبلة نووية في بحيرة صغيرة ليصطاد سمكة ملوَّنة، ومن هنا، تتجسّـد صعوبة المهمّـة العربية في الأزمة السورية. فالتلويح بتجميد العُـضوية، كما يطالب الثوار السوريون، لا يجد الكُـثرة المؤيِّـدة، كما أن التلويح بخيار عسكري تحت مظلّـة دولية، يدخل في باب المستحيلات، وإقناع نظام عنيد كالنظام السوري بالاستجابة لطموحات الشعب المشروعة، دونها عقبات ومراوغات وتحايلات، لا حصر لها، كما أن إقناع المعارضة بقبول الحوار مع النظام السوري على قاعدة الإصلاح والمشاركة في الحُـكم، يواجه شكوكا ورفضا بأشكال مُـختلفة. والأهم من كل ذلك، أن قُـدرة الجامعة على فرض شيء بذاته، تتطلَّـب موارد كبيرة، مادية ومعنوية، فضلا عن تكاتف الأعضاء جميعهم وراء هذا القرار. والشرط الأخير، هو القيد الأكبر الذي يجعل حركة الجامعة طموحة، من حيث الشكل، ومحدودة التأثير من حيث الجوهَـر، ويبقى أن ننتظر قليلا لنرى النتائج، لعلّـها تأتي بشيء مُـفيد. د. حسن أبوطالب – القاهرة- swissinfo.ch
(المصدر: موقع « سويس إنفو »(سويسرا) بتاريخ 7 نوفمبر 2011)

<



بقلم : محمد ماضي – واشنطن- swissinfo.ch في كتابه الجديد « إسلام بدون متطرفين »، يتناول الكاتب التركي مصطفى أكيول تاريخ الحضارة الإسلامية الطويل، ويستعرض ما انطوى عليه من تسامح ودعم للحريات واحترام حقوق الإنسان مؤكدا على أن بذور الربيع العربي المُـطالِـب بالحرية والكرامة، موجودة في التراث الإسلامي. مع انطلاق شرارة الثورة التونسية التي ألهمت شعب مصر ثم شعب ليبيا فاليمن فسوريا، لكي تفيق من غفْـوتها وتثُـور على حكّـامها الطغاة، ومع نجاح الشعوب في الإطاحة بأنظمة بن علي ومبارك والقذافي، والتي استطاعت هي وغيرها من الأنظمة الاستِـبدادية في العالم العربي أن تُـنـشـئ ربطا غير حقيقي بين الإسلام والدكتاتورية، رأى الكاتب التركي مصطفى أكيول أن من واجبه أن يبيِّـن للعالم أن بذور الربيع العربي المُـطالِـب بالحرية والكرامة، موجودة في التراث الإسلامي، وأنه لا تَـعارُض بين الإسلام والديمقراطية واحترام الكرامة الإنسانية وأن النُّـظم الدكتاتورية العِـلمانية، هي التي خلقت هذا الربط المغلوط، وأن تركيا التي تتطلّـع شعوب ثورات الربيع العربي إليها، تقدم نموذجا لإسلام بلا تطرّف ولدولة عِـلمانية لا تناصب الإسلام العداء، فنشر كتابه الجديد بعنوان: « إسلام بدون متطرفين »، شرح فيه تاريخا طويلا للإسلام، انطوى على دعم الحريات والتسامح والتجارة الحرّة واحترام حقوق الإنسان، وقدم تركيا كمثال للديمقراطية في العالم الإسلامي. في واشنطن، التقى مراسل swissinfo.ch مع الكاتب التركي وأجرى معه حوارا مستفيضا حول إصداره الجديد. swissinfo.ch: ما الذي دعاك إلى كتابة هذا الكتاب، وما هي الرسالة التي أردْت توصيلها للقراء؟
مصطفى أكيول: انتفاضات الربيع العربي طرحت تساؤلات في أنحاء العالم عمّـا يمكن أن تتمخّـض عنه التغيّـرات في أنظمة الحُـكم العربية، وهل سيمكن لرياح التغيير أن تأتي بنُـظم حكم ديمقراطية منتَـخبة في منطقة لم تعرف إلا الأنظمة الدكتاتورية القمعية، وسط شعور راسخ بأن هذا هو النوع الوحيد من الحكومات الذي يمكن أن تنتجه المنطقة وأن البديل الآخر هو أن يخطف المتشدّدون الإسلاميون ربيع الثورات العربية، وأردت أن أوضّـح أنه لا تعارُض بين الإسلام والديمقراطية وأن تلك الصورة السلبية المغلوطة، سببها أن أنظمة حكم دكتاتورية علمانية، هي التي قيّـدت حريات مواطنيها وأشبعتهم قمْـعا واستبدادا، وأن التفسيرات الشمولية للشريعة الإسلامية لم تنبثِـق أصلا من القرآن الكريم، وإنما من عُـلماء في القرون الوسطى رفضوا إعمال العقل والمنطِـق وآثروا إغفال السياق التاريخي وأسباب النزول. ولكن، ما هو تصوّرك لقُـدرة الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا على التغلّـب على صعوبات التّـشدد الدِّيني التي قد تصاحب صعود نجم الإسلاميين في المجتمعات الثلاثة كلاعب سياسي أساسي؟
مصطفى أكيول: يجب أن نتذكّـر أن بن علي ومبارك والقذافي نجحوا في قمْـع شعوبهم لعشرات السنين وفتحوا الباب على مِـصراعيْـه للفساد السياسي والمالي، وفي نفس الوقت عمِـل الطغاة الثلاثة على قمْـع القوى الإسلامية بشكل زاد من تشدّدهم عبْـر السنين، وهكذا نشأ تياران متطرِّفان في الدول الثلاث: تيار الدكتاتوريات العلمانية، التي قادها بن علي ومبارك والقذافي، وتيار الجماعات الإسلامية، التي باتت تشكِّـل المعارضة الرئيسية لتلك النُّـظم، وانحدر الجانبان إلى حلقة مُـفرغة من التفكير الشمولي الذي قلّـص إمكانيات التعددية وفرص ثقافة الديمقراطية. ومع أن حركة الإخوان المسلمين في مصر مثلا، ليست حركة ليبرالية، فإنها ترغب في أن تصبح بعد طول انتظار جزءا من اللعبة الديمقراطية، وبمجرّد أن يصبح أعضاؤها جزءا من الحكومة وقوة سياسية في البرلمان مسؤولة أمام الشعب، فستضطر الحركة إلى التعامل بشكل عملي مع المطالب السياسية والاقتصادية لقطاعات المجتمع المختلفة وسيؤدّي ذلك إلى تطوّر تدريجي في تفكيرهم باتِّـجاه مزيد من الديمقراطية والتحرّر والتوجّه نحو تفسيرات أكثر ليبرالية للإسلام، وسيتكرّر نفس الموقف مع الإسلاميين في تونس وهم أكثر انفتاحا، ولكن الوضع سيظل مُـبهما في ليبيا لعدم وجود تجارب في الممارسة الديمقراطية وغياب الأحزاب السياسية. هناك إعجاب في دول ثورات الربيع العربي بالنموذج التركي في التحوّل نحو الديمقراطية في العالم الإسلامي. فهل يمكن محاكاة التجربة التركية في تلك الدول؟
مصطفى أكيول: يمكن لتركيا أن تصبح نموذجا تحتذيه الثورات الثلاث، حيث أن التجربة التركية قدّمت نموذجا لنجاح الديمقراطية في دولة تقطنها غالبية عظمى من المسلمين، وهو ما أشار إليه رئيس الوزراء التركي أردوغان، حينما دعا مصر إلى أن تصبح دولة علمانية، بينما يحافظ المسلمون فيها على هويتهم الإسلامية، وشكّـلت تلك الدعوة دفعة للِّـيبراليين في مصر، بينما أثارت حفيظة الإسلاميين، ولكنها قد تثير حوارا مجتمعيا حول المعنى الحقيقي للعلمانية، وكيف أنها لا تعني معاداة الإسلام، وإنما فصل الدِّين عن الدولة وتوفير حرية العقيدة، وليس فرضها. ولعل محاكاة التجربة التركية سيكون أسهل في تونس، لكونها أكثر ليبرالية من مصر وليبيا، ولأن السيد راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة الإسلامية يتميز فكره بقدر أكبر من التقدّمية فيما يتعلق بعلاقة الديمقراطية بالإسلام، وحقيقة أنه مؤمن بصلاحية النموذج التركي للتحوّل الديمقراطي في تونس وبتجربة حزب العدالة والتنمية. كما أن لتونس سجلا قديما يعود إلى منتصف القرن التاسع عشر في مناصرة التفسير العصري الحديث للإسلام منذ أن حذر خير الدين باشا (شغل منصب رئيس الوزراء في مملكة تونس من عام 1873 إلى 1878 – التحرير) المسلمين من أن أفول نجمهم في العالم الحديث يعود إلى إهمالهم للحريات المدنية وحجب الفكر الجديد، وربما ستؤدّي هذه العوامل مجتمعة إلى أن تسبق تونس مصر وليبيا في تحقيق تحوّل سلمي سلِـس نحو الديمقراطية. وماذا عن استفادة ليبيا ما بعد القذافي من التجربة التركية؟
مصطفى أكيول: تحوّل تركيا نحو الديمقراطية لم يكن سهلا واستغرق عشرات السنين، وتجربة ليبيا مختلفة تماما حتى عن نظيراتها في تونس ومصر. فالقذافي دمّـر مقومات الدولة الحديثة وعاد بها إلى الوراء، سياسيا واقتصاديا ومجتمعيا، فليس في ليبيا أحزاب سياسية ولا مؤسسات فاعلة للمجتمع المدني تصلح أساسا للممارسة الديمقراطية، كما أنه فكك مؤسسات الدولة وحوّلها إلى ما سُـمي باللجان الشعبية الموالية له، فأصبحت ليبيا مجسّـدة في شخصه وحده، ولذلك سيكون البناء في ليبيا من الصفر تقريبا. كذلك، فإن الثورة في ليبيا لم تكن سِـلمية كما حدث في تونس ثم في مصر، وإنما تحوّلت بعناد القذافي إلى حرب أهلية دمَـوية خلّـفت وراءها الدمار المادي والنفسي، الذي سرعان ما تجسّـد فيه الرغبة في الانتقام التي ظهرت جلِـية في الطريقة التي أنهى بها الثوار حياة القذافي. ولكن، ما أهمية جانب الفصل بين الدِّين والدولة في نجاح محاكاة النموذج التركي في التحوّل نحو دولة ديمقراطية حديثة في ثورات الربيع العربي؟
مصطفى أكيول: يوفِّـر النموذج التركي فُـرصة لتلك الثورات، للنظر بشكل عقْـلاني في أهمية الفصل بين الدِّين والدولة، دون التفريط في أحكام الشريعة الإسلامية. فالإصلاحات التي أدخلها العُـثمانيون في القرن التاسع عشر، بتوفير الحماية لحقوق غيْـر المسلمين في المجتمع، حقّـقت مبدأ المواطنة الذي يتساوَى في ظلّـه كل المواطنين في الحقوق والواجبات، وعندما قامت الجمهورية التركية، ساعد ذلك في إرساء مبدأ الفصل بين الدّين والدولة، ولكن الأتراك بالغوا في عِـلمانية الدولة باستلهام مبادئ مُـعادية للدّين، نقلوها من الثورة الفرنسية، مما أكسب العلمانية سُـمعة سيِّـئة داخل تركيا وخارجها. ومع ذلك، فإن التجربة التركية شهدت الجمْـع بين العلمانية والاقتصاد الحُـر، المستمد من تراث التجارة في التاريخ الإسلامي، وبذلك مارس الأتراك شعائر دينهم وتقرّبوا إلى الله بشكل شخصي، دون أن تفرض عليهم مؤسسات الدولة ذلك. أما الجانب الآخر، فيتعلق باقتصاد السوق الحُـر الذي ساد عصور ازدِهار الإسلام، ويرجع الفضل في الأخذ به إلى إصلاحات رئيس الوزراء التركي تورغوت أوزال في الثمانينيات، حين حرر الاقتصاد التركي وحوّله إلى نموذج للاقتصاد الحر المستنِـد إلى رجال أعمال مخلصين، آمنوا بمشروع قومي للارتقاء ببلادهم ودعْـم جهودها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وكان من بينهم مسلمون ملتَـزمون، رأوا في الاقتصاد الحر توسّـعا مرغوبا لأعمالهم التجارية والصناعية. ولكن مصر وتونس، تشهدان دعوات تتّـسم بالتشدد الإسلامي، خاصة من السلفيين الذين تحوّلوا من رفْـض الثورة على الحكّـام، استنادا إلى اعتقادهم بأن طاعة الحاكم واجب دِيني، إلى المنافسة على الفوز بمكان في الساحة السياسية؟ مصطفى أكيول: بطبيعة الحال، السلفيون هم أكثر الإسلاميين تشدّدا وتصلّبا وتمسّكا باستبعاد العقلانية في تفسير الأحكام، ولكن من الأفضل في غِـمار التحوّل نحو الديمقراطية، أن تشارك كل القِـوى السياسية، حتى الأكثر تصلُّـبا منها، في العملية السياسية، بدلا من استبعادها ولجُـوئها للعُـنف لفرْض رُؤيتها. ومع أنني لا أؤمن بأن الديمقراطية تصنع المعجِـزات، فإنها توفِّـر فرصة على المدى الطويل لمزيد من الاعتِـدال عن طريق حِـرص أكثر الجماعات تشدّدا على انتهاج منطِـق أكثر اعتدالا في إطار محاولتها اجتِـذاب أكبر نسبة من التأييد الشعبي لتوسيع قواعِـدها الانتخابية في داخل النظام الديمقراطي، ولذلك ستضطر القوى الإسلامية للإستجابة لمطالب الناخبين، وتوفر لهم ما هو أكثر من مجتمع المدينة الفاضلة. وآمل أن يؤدّي جو الإنفتاح الذي وفّـرته ثورات الربيع العربي، إلى مزيد من النقاش العَـقلاني لدوْر الدِّين في المجتمع وتفسير أكثر حداثة للإسلام. محمد ماضي – واشنطن- swissinfo.ch (المصدر: موقع « سويس إنفو »(سويسرا) بتاريخ 7 نوفمبر 2011)

<



مصطفى زين
تعتبر المعارضة السورية موافقة النظام على مبادرة الجامعة العربية انتصاراً لها، فبعدما كان النظام يرفض ايَّ تدخل خارجي، عربياً كان أو غير عربي، ها هو يوافق على كل البنود التي تحفّظ عنها لدى طرحها للمرة الأولى في القاهرة. تعهد وقف العنف، والسماح لوسائل الإعلام بالدخول والعمل بحرية في مختلف المدن والقرى، وبالجلوس إلى طاولة المفاوضات مع من يعتبرهم مخربين وعملاء للخارج، ولا مانع لديه من أن تكون الاجتماعات في مقر الجامعة، بعدما كان يعتبر ذلك انتقاصاً من سيادة الدولة، ويصر على إجراء أي حوار في دمشق.
هذه القراءة المبسطة لموقف النظام، دفعت المعارضة الخارجية (المجلس الوطني) إلى اتخاذ موقف رافض للمبادرة، وإلى التصعيد والإصرار على تعليق عضوية دمشق في الجامعة العربية، وإذا كان لا بد من الحوار فليكن على أساس وضع آلية لتسليم السلطة «إلى ممثلين حقيقيين للشعب»، والطلب إليها تشكيل غطاء للتدخل الدولي «لإنقاذ المدنيين».
بمعنى آخر، جاء رد فعل المعارضة في الخارج مبنياً على التجربة الليبية، من دون أن تأخذ في الاعتبار تعقيدات الوضع في بلادها ولا طبيعة النظام الذي تريد رحيله، ولا خطر حرب أهلية باتت أدواتها متوافرة في الداخل والخارج. في الداخل حيث تشيع الشعارات الطائفية والمذهبية وينتشر السلاح، وفي الخارج حيث تستعد دول مجاورة واستخبارات عالمية ومؤسسات دولية للمساهمة في إشعالها.
أبعد من ذلك، إن إستنتاج المعارضة المتسرع لتراجع النظام واعتباره انتصاراً، لم يأخذ في الاعتبار وضعها وانقساماتها، فإلى «المجلس الوطني» الذي شكِّل في اسطنبول ويمثل معارضي الخارج، هناك «التنسيقيات»، و «الجبهة الشعبية للتغيير»، والمنشقون على البعث، والناصريون، والشيوعيون والقوميون … إلخ، ولكل جهة برنامجها، بعضها مع الحوار، وبعضها ضد أي اتصال مع النظام، وآخر شارك في لجنة لوضع دستور جديد للبلاد. ولا شك في أن النظام سيستغل هذا الانقسام إلى اقصى الحدود كي يفرض شروطه على أي جهة تحاوره، فليس صحيحاً أن «المجلس» يتحدث باسم كل المعارضة، وليس صحيحاً أن التنسيقيات استطاعت أن تنسق بين الفصائل.
مقابل هذا التشرذم في صفوف المعارضة، ما زال النظام متماسكاً، والحديث عن الانشقاقات في صفوف الجيش لا يعدو كونه تحريضاً، فحتى الآن ما زالت المؤسسة العسكرية ملتفّة حول قيادتها السياسية، أما رياض الأسعد و «جيشه الحر» في تركيا وتصريحاته عن إعطاء أوامر إلى «مقاتليه» بوقف العمليات لإعطاء فرصة للمبادرة العربية، فتشكل ذريعة أخرى لتأكيد ارتباط المعارضة بمخططات خارجية، على ما يردد أركان النظام.
فضلاً عن ذلك، تراهن المعارضة على تغيير في المواقف الدولية، بعدما أسقط الفيتو الصيني والروسي المشروع الأميركي- الأوروبي في مجلس الأمن. وتقول إن بكين وموسكو كانتا ضد التدخل في ليبيا وما لبثتا أن التحقتا بالمجتمع الدولي حفاظاً على مصالحهما. ومرة أخرى تخطئ في عدم تقدير الفرق بين الدولتين وبنية المجتمعين والمحيط الجيوسياسي لكل منهما. طبعاً هذا لا يعني أن النظام على حق، لكنه يعرف كيف يستخدم أوراقه الداخلية وعلاقاته الخارجية، يتراجع هنا كي يتقدم على الأرض، وهذا ما يدفعه إلى التمسك بمواقفه.
كان الأحرى برافضي المبادرة العربية أن لا يسقطوا أسرى شعاراتهم. كان عليهم أن يقبلوها ويستعدوا للحوار ببرنامج عمل موحد، فبنودها تلبي بعض مطالبهم، أما الرفض، فسيزيد المعارضة شرذمة، ويجعل النظام يستغل ذلك لمصلحته في الداخل والخارج.
بين أول جمعة في بداية الانتفاضة منذ أكثر من سبعة أشهر، و «جمعة الله أكبر» أمس، قتل آلاف السوريين (تقدر الأمم المتحدة عددهم بثلاثة آلاف)، وانعدمت الثقة بين الجميع، والاستقطابات الطائفية والمذهبية لا تخفى على أحد، و«الثورة» السلمية أصبحت مسلحة، ويُخشى أن تتحول البلاد إلى ساحة بدلاً من وطن. يبدو أن السوريين، معارضة ونظاماً، لم يتعلموا من التجربتين اللبنانية والعراقية، وها هم يكررون أخطاءهم وأخطاء غيرهم.
 
(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 7 نوفمبر 2011) http://international.daralhayat.com/internationalarticle/325749

<



قد يعرف منصور ضو، القائد السابق للحرس الثوري الليبي، بأنه « الصندوق الأسود » لبعض أحلك أسرار ليبيا وخبايا نظام الزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي، الذي لازمه، منذ كان أكثر قادة العالم خشية وحتى اضطر للبحث عن القوت والاختباء في الأماكن المهجورة بمسقط رأسه « سرت » قبيل مقتله. وقد يوفر ضو، باعتباره واحداً من المسؤولين الأمنيين للقذافي، الذي بقي إلى جانبه حتى الساعات الأخيرة لحياته، مشاهدات فريدة للسقوط المدهش لأطول زعماء أفريقيا حكماً. ووصف ضو، في مقابلة مع CNN اللحظات الأخيرة للقذافي، قائلاً: كان قلقا للغاية ومتوتراً.. ربما لأنه كان خائفاً… أراد العودة إلى بلدته، ربما أراد الموت هناك أو قضاء لحظاته الأخيرة بها. » وأصبح القذافي تواقاً للسفر إلى بلدة  » الجرف » – مسقط رأسه – وتبعد 20 كيلومتراً غربي سرت، في رحلة تخوف ضو من أنها « انتحارية. » وتحدث المسؤول الأمني السابق لطاقم الشبكة خلال مقابلة استمرت ساعة في داخل مركز احتجازه بمدينة « مصراتة » عن رحلة فرارهم الفوضوية من مسقط رأس القذافي وحتى مهاجمة الناتو للموكب وهرب بعدها القذافي مشياً على الأقدام عبر أنبوب مجاري حيث قبض عليه مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي، وقتل لاحقاً في ظروف لا تزال تفاصيلها ضبابية. وقال ضو إن القذافي غادر طرابلس إلى سرت في 18 أغسطس/آب، قبيل يومين من وقوع العاصمة بأيدي قوات الانتقالي، وظل هو بالمدينة حتى 22 من الشهر، وغادرها برفقة سيف الإسلام، نجل القذافي، وعبدالله السنوسي، مدير الاستخبارات السابق، بإتجاه بلدة « بني وليد » حيث بقي هناك لأربعة أيام قبيل أن ينضم لاحقاً إلى القذافي في « سرت. » وذكر بأن الظروف المعيشية تحولت من سيء إلى أسوأ مع تشديد مقاتلي الانتقالي حصارهم على المدينة، واضطروا للانتقال بين المساكن المهجورة، دون كهرباء أو مياه أو وسائل اتصال بالعالم الخارجي، كل ثلاثة أو أربعة أيام لتفادي اعتقالهم، والاكتفاء بالقليل من الطعام عند العثور عليه. وعقب قائلاً: « حياتنا انقلبت 180 درجة ». وأوضح ضوء أن العقيد الراحل قضى أيامه الأخيرة في الكتابة وقراءة كتب كدسها في حقائبه، وأصبحت عندها تصرفاته غير متوقعة. ورغم إدراكه باستحالة مغادرة « سرت » بعد محاصرتها من قبل مقاتلي الانتقالي، بيد أن القذافي رفض مغادرة المدينة حتى 20 أكتوبر/تشرين الأول الفائت، عندما قرر وأبنه المعتصم، التوجه نحو بلدته. وبحسب ضو، تضاءل حجم المجموعة المرافقة من نحو 350 رجل إلى أقل من مائتين، مضيفاً: بدأت في التناقص يومياً مع مقتل وإصابة البعض ومغادرة البعض الآخر مع عائلاتهم. » ولفت إلى أن القوة، المؤلفة من مدنيين غير منضبطين تحت قيادة المعتصم، افتقرت إلى خطة هروب أو قتال. وتحركت القافلة المؤلفة من أكثر من 40 سيارة قبيل الفجر باتجاه بلدة القذافي، وقرابة الساعة الثامنة صباحاً بدأت مقاتلات الناتو في قصفها. وأدت قوة الانفجارات لفتح وسائد الآمان بسيارة القذافي ما أدى لإصابته في رأسه أو صدره، على حد قول ضو، مستذكراً حالة الفوضى والإرباك والهلع التي دبت بالموكب. وبدأ الثوار في إطلاق النار صوب القافلة أثناء محاولتها الفرار، وعندما استهدفها قصف الناتو مرة أخرى. ووصف ضو الوضع: « عندها سقط معظم الضحايا وتدمرت السيارات، سيارتنا أصيبت بعد ترجلنا منها.. كان هناك العديد من الجرحى.. كان أمراً مروعاً. » وأردف: « لم يكن أمامهم أي خيار سوى الفرار.. هروبهم على الأقدام انتهى بإطلاق نار كثيف من المقاتلين الذي طوقوا أنابيب المجاري. » وقال إنه فقد وعيه عند إصابته بشظية في ظهره ولا يدري كيفية وفاة القذافي. وأوضح أن القذافي اعتقد بإمكانية بقائه في السلطة، رغم محاولته، والدوائر المقربة منه بإقناعه مغادرة البلاد « حفظاً لماء الوجه » منذ مارس/آذار. وقال إن أبناء القذافي، تحديداً سيف الإسلام، رفضوا الفكرة « ليس من السهل على شخص تولى السلطة لـ42 عاماً الاعتقاد بأن الأمر انتهى في دقيقة. » وينتظر ضو في معتقله تقديمه للمحاكمة، وقال في رد على سؤال من الشبكة إذا ما كان نادماً بأنه جزء من النظام السابق: « أحيانا تندم على كل شئ حتى كونك على قيد الحياة.. بالطبع هناك ما يستدعي الندم في حياة الشخص ولكن بالنظر للخلف، وللأسف، نندم أحيانا في وقت متأخر للغاية. » (المصدر:موقع شبكة س أن أن (CNN-أمريكا) بتاريخ 5 نوفمبر 2011)

<


احتمالات أسوأها « أم النكبات » عند الفجر

مخاوف من 11-11-2011 في عام دموي هزم 3 زعماء ويتربص برئيسين


لندن -كمال قبيسي
نحن في عام مصاص للدم وجاء بالزلازل على الأرض والطوفانات من البحر والمذنبات « المنذرة بالشر » من السماء، وبالدموع استدرها من الأعين على وفيات مؤلمة، وهزم وحده 3 رؤساء، وأشعل النار برابع، ويدق باب دمشق بيد مضرجة طالبا رأس زعيمها. إنه عام الرقم 1 بامتياز، فبدءا من فجره الأول في 1-1-2011 حمله معه مكررا 5 مرات دفعة واحدة، ومعه حمل أيضا حسابا غريبا لهواة التسلية بالأرقام: اذا جمعت آخر رقمين من السنة التي ولدت فيها الى عمرك هذا العام فسيفاجئك 1 بظهوره مكررا 3 مرات دائما. أما مواليد العام 2000 وما بعده فنتيجتهم هي دائما 11 أيضا.
ويأتينا هذا العام بيوم يتكرر رقم 1 في تاريخه 6 مرات معا، بحيث يبدو لمن ينظر اليه وكأنه يرى أعمدة قلعة بعلبك الشهيرة في لبنان، وهو 11-11-2011 المصادف يوم الجمعة المقبل، ومن بعده لن يتكرر 6 مرات الا بعد 90 سنة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2101 تماما. ومع أن 2 سيتكرر 6 مرات في القرن الحالي، وفي يومين بدل الواحد، وهما 22 -2- 2022 ثم في نظيره من شهر 12 العام نفسه، الا أن لرقم 1 حتى الآن تأكيداته مما جرى، لأننا لا ندري ما سيحمله 2022 من أحداث، في حين رأينا تغييرات دموية ورؤوس كبيرة طاحت في المنطقة العربية هذا العام، لذلك امتلأت الانترنت بالمخاوف مما قد يحدث في 11-11-2011 كيوم مميز برقم متكرر يثير شهية المنجمين.  
احتمالات أسوأها « أم النكبات » عند الفجر
وأكثر باثي الذعر على الانترنت هم أفراد جماعة « المأساويين » الهولندية الناشطة بدرس وتحليل المناسبات الرقمية لاستخراج سيناريوهات مما يسمونه « أم النكبات » التي يعتبرونها « معبدة لطريق فناء العالم المرتقب في العام المقبل » كما يكتبون زاعمين. ويصفون « أم النكبات » بأنها خراب دموي متشيطن، وبلوى عمياء ستضرب الأرض وسكانها عشوائيا، بدءا من فجر الجمعة المقبل، بحسب ما راجعت « العربية.نت » نشاطهم ونشاط غيرهم. وبعكسهم تماما يرد المتفائلون في مواقع خجولة لهم على الانترنت بأن نهاية كل ما حدث من سلبيات حتى الآن في هذا العام ستبدأ مع فجر 11-11-2011 فلا تحدث بعده تغييرات في الأنظمة ولا كوارث طبيعية، متذرعين بأن التوقيع على انهاء الحرب العالمية الأولى نفسها تم في الساعة 11 صباح 11-11-1918 وهو يوم جاء بالرقم 1 مكررا 6 مرات أيضا، لذلك وصلت تأثيراته فيما بعد الى الولايات المتحدة فجعلوا من 11 نوفمبر كل عام يوما لقدامى المحاربين. أما الواقعيون، وهم الأرجح عقلا الى درجة أن واحدا منهم فتح صفحة واحدة على الانترنت فقط، فسخروا من الاثنين بجواب قالوا فيه ان أحدا لا يدري ما سيحدث من سلبيات أو ايجابيات في 11-11-2011 بالتأكيد، واذا ما حدث أي طارئ فلن تكون له علاقة أبدا بتكرار الرقم 1 يوم الجمعة 6 مرات، تماما كما في كل مرة تكرر فيها هذا الرقم أو سواه عبر القرون.
في البوسنة « يانجيا » و »غريت بلو » بأميركا
طبعا، هناك استثناءات، وأهمها ما حدث يوم تكرر الرقم في 11-11-1911 دفعة واحدة 7 مرات، وفيه حل العقاب الغريب بالبوسنة وبعده قلق في الولايات المتحدة مما لا يمكن تجاهله، علما أن شيئا مهما لم يحدث حين بلغ التكرار أقصاه منذ 900 عام، فمضى 11-11-1111 طبيعيا كما وكأنه لم يكن، طبقا لما أطلعت عليه « العربية.نت » حول ذلك اليوم أيضا. ما حدث في البوسنة والولايات المتحدة يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني 1911 وطالعت « العربية.نت » ملخصات عنه، كان وما يزال على الألسن بعض الأحيان، ففيه شب حريق مفاجئ في مدينة فيسوكو بالبوسنة، ثم توالدت بؤر منه بشكل سريع في كل المدينة تقريبا. وتحولت البؤر النارية الى ما يشبه الأطباق الموزعة على مائدة غداء التقت فيما بعد والتهمت 450 بيتا بالكامل. وفي الليل امتد « يانجيا » أو « النار الكبرى » كما سموه بالتركية، الى الحقول والمخازن والأبنية الادارية فأتى عليها في وليمة عند العشاء انتهى معها كل شيء بالعشرات قتلوا احتراقا بالنار واختناقا بالدخان في كارثة عرفوا كيف انتهت، واحتاروا كيف بدأت. بعدها بساعات، وفي الجانب الآخر من العالم، حدثت انحرافات سريعة وغير طبيعية في المناخ الجوي لمنطقة الوسط الأميركي، وكانت محيّرة وكثيرون لم يقتنعوا بالشرح العلمي لما وجدوه يطرأ فجأة بعد ظهر ذلك اليوم ويدب فيهم تخيلات ظنوا معها أن « الفناء الموعود » بدأ يطرق باب العالم ليفنيه. ويطلق الأميركيون اسم The Great Blue Norther 1911 على ذلك اليوم الذي شهدت فيه ولايات الوسط الأميركي تغيرات سريعة في الطقس بدقائق قليلة، فبلغت أقصاها بردا وأقصاها حرا في يوم واحد لم يتكرر شبيه له في أي يوم ومكان طوال قرن من الزمان حتى هذه اللحظات. يكتبون أن موجة حر اجتاحت المنطقة بدرجة حرارة بلغت 27 مئوية، ثم في 10 دقائق انخفضت الى النصف، وبعد ساعات صارت صقيعا معدله 4 درجات، واستمرت انخفاضا حتى بلغت عند منتصف جليدا درجته 11 تحت الصفر، وظن من كان حيا ذلك اليوم أن كل شيء عاد من بعدها كما كان، لكن إعصارا دخل على الخط فخرب ودمر وشرد، وعبر بعد أن قتل 300 أميركي.
كل يوم 11 عنف وقتل ودماء
ويبدو أن للرقم 11 قوة خاصة تحتدم كلما مر عليه الزمن، ففي هذا العام ميز 11 نفسه بإنجازات دموية تاريخية ملحوظة في المنطقة العربية بشكل خاص، وحل كرمز لتاريخ جرت فيه أحداث انتهت بالزعزعة والوقيعة برؤوس السلطة وبالخروج على النظام العام، وأهمها ما تدرجه « العربية.نت » في الجدول المتضمن أدناه ما يلفت النظر لكل يوم كان تاريخه 11 من هذا العام: 11 -1-2011: تظاهرات واحتجاجات التونسيين تصل الى العاصمة لأول مرة ويعجل وصولها واحتدامها في تونس بإسقاط الرئيس زين العابدين بن علي، فيتنحى بعدها ويغادر البلاد مطرودا. 11-2-2011: الرئيس المصري حسني مبارك يتنحى عن الحكم الذي تولاه رسميا في 1981 ويسلم مقاليده للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد ثورة عليه من المصريين استمرت 18 يوما. 11-3-2011: زلزال عنيف يضرب اليابان وتتبعه اجتياحات مائية من تسونامي تخريبي، اقتحم المدن والبلدات فشارك الزلزال بالقتل ودك الأبنية وتلاعب بالسيارات كما الدمى، ثم حدث تصدع بمنشآت مفاعل يوكوشيما النووي وانفجر أحد محركاته الرئيسية، وكانت كارثة عرفوا أيضا كيف بدأت لكنهم يجهلون متى ستنتهي. 11-4-2011: اعتقال لوران غباغبو، رئيس ساحل العاج منذ العام 2000 والذي رفض بعد انتهاء ولايته التنحي عن السلطة لصالح الحسن واتارا، الفائز بالانتخابات الرئاسية. 11-6-2011: الحكومة الانتقالية في الصومال تعلن عن مقتل واحد من أهم الناشطين مع تنظيم « القاعدة » وهو فضول عبد الله محمد، الدماغ المخطط والمنفذ لتفجير السفارتين الأميركيتين بنيروبي ودار السلام حيث قضى 200 شخص في 1998 وجرح 4 آلاف آخرون. 11-7-2011: مقتل أحمد والي كرزاي، الأخ غير الشقيق للرئيس الأفغاني حامد كرزاي، في منزله بقندهار على يد حارسه الشخصي. 11-9-2011: مرت 10 سنوات على هجمات 11 سبتمبر الدموية، وفي اليوم نفسه أعلنت النيجر عن وصول الساعدي القذافي اليها، فارا من مطارديه الثوار الليبيين على نظام أبيه.  
كوكتيل من الدموع والدمويات
ومن خارج يوم 11 من كل شهر جاء هذا العام بكوكتيل غريب من الدموع والدمويات سلم من شره العام قليلون، بحسب ما راجعت « العربية.نت » مسيرته منذ بدآ بثورة تونس ثم بفيضانات أستراليا المرعبة، وتلاها بثورة 25 يناير في مصر على وقع سلسلة زلازل ضربت نيوزيلندا. بعدها اشتعلت الثورة في ليبيا وضرب اليابان زلزالها المدمر، ثم بدأ تقتيل السوريين المطالبين بإسقاط النظام، كما كان في اليمن، فقالوا يومها انها طامات من لعنة للقمر تتحرك معها مسببات الخراب والغضب في كل مرة تحدث فيها ظاهرة فلكية اسمها « الحضيض القمري » وترافقها نكبات واضطرابات.
والظاهرة كما يشرحها علماء الفيزياء الفلكية هي وصول القمر لأقرب مسافة له من الأرض، كما حدث آخر مرة في 1992 حيث قال « المأساويون » انه كان أسوأ أعوام التسعينات، وهو كذلك فعلا. أما « الحضيض القمري » هذا العام فحل في 19 مارس/آذار الماضي، وفيه بدا القمر أكبر مما اعتدناه بنسبة 14% وأشد لمعانا وبريقا بنسبة 38% تقريبا. وفي ثورات تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا حتى الآن رأينا القتل يفتك بالآلاف، ومد نشاطه أيضا الى أفريقيا فسمعنا بسقوط أكثر من 800 شخص في نيجيريا بعد خسارة رئيسها القائد العسكري المسلم من الشمال، محمدو بهاري، بانتخابات جاءت للحكم بمنافسه المسيحي غودلاك جوناثان في 16 أبريل/نيسان الماضي.
وشهدنا ما يمكن اعتباره « خبر العام » بمقتل بن لادن ليلة 1-5-2011 في مخبأ بيتي عاش فيه 5 سنوات في الباكستان، وتلاه في 27 أغسطس/آب مقتل عطية عبد الرحمن، الرجل الثاني في « القاعدة » وبصاروخ استهدفه من طائرة أميركية بلا طيار.
موت للفنانين ومقتل القذافي والعولقي
وجاء أول الشهر الثامن بمظاهرات مليونية ضد غلاء المعيشة في اسرائيل، رافقها اضطراب وشغب عنيف وصل الى قلب العاصمة البريطانية واستمر 5 أيام سقط فيها 5 قتلى. ثم رأينا الموت يستهدف الفنانين العرب بشكل خاص، ففي 6 أغسطس/آب توفي المطرب الشعبي حسن الأسمر بعده بيومين توفيت مواطنته الممثلة هند رستم، ثم في اليوم التالي توفي في جدة رفيق درب المطرب محمد عبده والمعتبر من أقدم الملحنين في السعودية، وهو الموسيقار محمد شفيق. ثم انتهى الشهر على أخبار اعصار « إيرين » الأميركي وما جاء به من خراب. أما سبتمبر فكان دمويا أكثر من سواه بليبيا واليمن وسوريا، وتلاه 6 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بوفاة ستيف جوبس، مؤسس شركة « أبل » الشهيرة، وفي اليوم التالي تلطفت الأجواء قليلا بفوز اليمنية توكل كرمان بجائزة نوبل للسلام، لكن مذنبا اقترب بعد 9 أيام من الأرض أكثر مما ينبغي أعاد القلق بعض الشيء، وهو « ايلين » الذي مضى ولن يظهر الا بعد 12 سنة. ثم سمعنا بعد « إيلين » بأسبوعين ورأينا ما لا يصدق وانفردت به « العربية » قبل سواها بالدقائق الأولى: في 20 أكتوبر/تشرين الأول اعترض ثوار ليبيون الزعيم الليبي معمر القذافي وهو هارب من سرت فاعتقلوه وقتلوه شر قتلة، ومعه اعتقلوا ابنه المعتصم وقتلوه أيضا، وكان ثالث نجل للعقيد يقضي قتلا هذا العام بعد شقيقيه خميس وسيف العرب. أما البقية فمشردين. وبعدها في اليوم التالي توفي الرئيس السابق للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية مقتل رفيق الحريري، القاضي أنطونيو كاسيزي، ضحية للسرطان. ثم بعد 11 يوما طوى العالم خبر شهير بمقتل « ارهابي الانترنت » اليمني أنور العولقي بصاروخ من طائرة أميركية بلا طيار أيضا.
زلازل وسرطانات
وبعد 11 يوما أيضا ضرب زلزال محافظة « فان » المجاورة لإيران في الشرق التركي، فقتل 432 وشرد الآلاف، تلاه في 31 أكتوبر/تشرين الأول حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأونيسكو، وهو اليوم الذي بلغ فيه سكان العالم 7 مليارات. وكما ظهر السرطان الأسبوع الماضي في الرئيس البرازيلي السابق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا، سبق وظهر أيضا في أوائل يوليو/تموز في الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيس، ومنذ يومين ضرب زلزال ولاية أوكلاهوما بقوة 5.6 درجات وتبعته هزات ارتدادية، وكان سبقه في الضرب زلزال بقوة 5.9 درجات استهدف ولاية فرجينيا في 24 أغسطس/آب الماضي، وهي ولاية نادرة التعرض للزلازل، فآخرها كان في 1897 بالدرجة نفسها. وبعض الموعود حدوثه يوم الجمعة المقبل هو بدء يوم الغضب الفلسطيني والمزيد من المظاهرات في سوريا، واختيار 7 عجائب طبيعية سيتم الاعلان عنها بعد تنافس شمل 20 موقعا في 5 قارات وتم التصويت عليها طوال عامين، والمرجح أن تكون مغارة جعيتا اللبنانية والبحر الميت بين السبعة المختارة.
كويكب يثير القلق و2011 يهدد نظرية النسبية
كما يبدأ بالاقتراب من الأرض غدا الثلاثاء كويكب سيصبح أدنى اليها من القمر نفسه، وهو صخرة عملاقة قطرها 400 متر واسمها 2005 YU 55 وستقترب الى مسافة 323 ألف و469 كيلومترا عن الأرض، منذرة بالخطر. هذه الصخرة تثير المخاوف، لأنها المرة الأولى منذ 1976 التي يمر فيها جسم بحجمها بهذا القرب، طبقا لما قال سكوت فيشر، وهو مدير برنامج في « مؤسسة العلوم الوطنية الأميركية » في حديث عنها من « سكايب » مع الصحافيين الأسبوع الماضي. مع ذلك طمأن بأنها ستمر مرور الكرام. حتى نظرية النسبية التي أثبت فيها آينشتاين أن سرعة أي شيء بالكون لا يمكن أن تكون أكبر من سرعة الضوء، ولم يتمكن أي فيزيائي من مخالفة ما قال منذ 95 سنة، تعرضت في 2011 لما قد ينسفها من الأساس. ففي سبتمبر/ أيلول الماضي ثبت من تجربة أجريت في « مصادم هادرون » التابع للمنظمة الأوروبية للبحوث النووية، أن جزيئات « نوترينو » تم قذفها بسرعة الضوء عبر المصادم من مقر المنظمة بجنيف الى مختبر « غران ساسو » البعيد 732 كيلومترا، وصلت قبل موعدها بجزء من الثانية، وهو دليل دامغ بأن سرعتها كانت أكبر من سرعة الضوء. ولم ينته 2011 بعد، فعلى طريقه الدموي قادمة ملفات خطرة واستحقاقات حاسمة، ومنها ما يلوحون به من ضربة عسكرية للمنشآت النووية بإيران، وتداعيات الثورة السورية واليمنية وتوابع أزمة الديون المالية في الولايات المتحدة والافلاس المرتقب لليونان التي استقال رئيس وزرائها جورج بباندريو الأحد الماضي، تاركا سباق تساقط الرؤساء لاثنين وصلا الدور النهائي من دمشق وصنعاء. (المصدر: موقع العربية.نت (دبي – الإمارات) بتاريخ 7 نوفمبر 2011)

<

أعداد أخرى مُتاحة

2 mars 2004

Accueil TUNISNEWS   4 ème année, N° 1382 du 02.03.2004  archives : www.tunisnews.net المجلس الوطني للحريات بتونس: بـلاغ الرابطة التونسية للدفاع

+ لمعرفة المزيد

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.