الثلاثاء، 24 يوليو 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2618 du 24.07.2007
 archives : www.tunisnews.net
 

 


الوسط التونسية : اطلاق سراح مجموعة من أطر وقيادات حركة النهضة التونسية المجلس الوطني للحريات بتونس: إطلاق سراح سجين الرأي الأستاذ محمد عبّو الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس: تهنئة بمناسبة الإفراج عن الأستاذ المحامي محمد عبو اللجنة الدولية من أجل إطلاق سراح محمد عبو: بيـــان بيـــان :14 رئيس فرع للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان حزب تونس الخضراء:تونس في :25 جويلية 2007 عريـــضة  مساندة للنقابيين المحالين على لجنة النظام الوطنية بالإتحاد العام التونسي للشغل وات: الرئيس زين العابدين بن علي يقرر تمتيع عدد من المحكوم عليهم بالعفو رويترز: تونس تصدر عفوا عن عدد من السجناء موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي :سـاعة الصفـر والانتظــار المغشـوش الطاهر العبيدي:تونس أونلاين –  الصحافة الألمانية – وعبد الله الزواري بدر السلام الطرابلسي :صحيفة محتجبة :’’le Maghreb ’’ صحيفة الرأي…والرأي الأخر محمد الهادي حمدة: رسالة مفتوحة للمجلس البلدي بنفطة عبد الباسط الهمامي: رسالة إلى السيد الهاشمي الحامدي ساعدنا على توفير 3الاف موطن شغل!!! فتحي العابد:المتعبون في السجون المظلمة جعفر الأكحل:من وحي الذكرى الـ50 لإعلان الجمهورية بتونس الاستــاذ فيصــل الزمنـى :بمناسبة عيد الجمهورية.الجزء الثــانى  أحمد بن صالح في حديث للوحدة: أنا من كتب وثيقة إعلان الجمهورية وات: بيان الديوان السياسي للتجمع الدستورى الديمقراطي بمناسبة الذكرى الخمسين لاعلان الجمهورية جريدة « الصباح » :من الملكية الحسينية إلى الجمهورية البورقيبية جريدة « الصباح » :فـي معانـي إعـلان الجمهوريــة جريدة « الصباح » :الجمهورية أمام ماضيها عبورا للمستقبل جريدة « الصباح » :في خمسينية الجمهورية: الانتظارات والآمال الهادي بريك: نجم الدين أتاتورك ورجب الفاتح: باقة دروس بليغة على مائدة الحوار الإسلامي.الحلقة الثانية. خميس قشة الحزامي  :اربكان وحزبه الغائب الحاضر في الانتخابات التشريعية التركية افتتاحية جريدة « الصباح »:الإنتخابات التركية .. تعليقات الكتاب والصحافة:نتائج انتخابات تركيا موقع الجزيرة.نت:الصحافة البريطانية:التعايش ممكن بين الديمقراطية والإسلام في تركيا  صحيفة « القدس العربي »:قادة الحكم في تركيا يؤكدون أن العلاقات مع اسرائيل ستتعزز بعد انتصار حزب العدالة والتنمية صحيفة « الحياة »:الإسلاميون العرب والنموذج التركي صحيفة « القدس العربي »:زلزال تركيا ومأزق الدولة القومية في العالم الإسلامي صحيفة « الحياة » :الانتخابات التركية والتجربة التركية والإسلام والعالم المعاصر عمرو حمزاوي: أنماط مشاركة الحركات الإسلامية في السياسة العربية توفيق المديني  :حدود الانفتاح الفرنسي على سورية د. أحمد الخميسي :معارك نقدية


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 

الوسط التونسية : اطلاق سراح مجموعة من أطر وقيادات حركة النهضة التونسية

المعتقلون المفرج عنهم ضمن قضايا حركة النهضة قد يراوح عددهم 27 عضوا واطارا قياديا

 
تونس-: اطلاق سراح السادة : د .احمد لبيض ,فتحي العيساوي, دانيال زروق ,رضا السعيدي ,محمد القلوي ,حليم قاسم , سمير بن تيلي , نور الدين قندوز , نور الدين العمدوني , فرج الجامي , الصحبي عتيق , ماهر الخلصي ,عيسى العامري , جلال الكلبوسي, توفيق الزائري,على الزواري…واخرين نوافيكم بأسمائهم لاحقا بمشيئة الله تعالى . تاريخ النشر على الوسط التونسية 24 يوليو الساعة منتصف الليل بتوقيت تونس
(المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (اليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 24 جويلية 2007)

 


المجلس الوطني للحريات بتونس

تونس في 24 جويلية 2007 

إطلاق سراح سجين الرأي الأستاذ محمد عبّو

 

أفرج هذا اليوم 24 جويلية 2007 بمقتضى سراح شرطيّ عن الأستاذ محمد عبّو المسجون منذ 1 مارس 2005 من أجل آرائه. والمجلس الوطني للحريات يهنّئ عائلة المناضل محمد عبّو التي صمدت طيلة أكثر من سنتين وعانت الأمرّين من الإبعاد والمضايقات والاعتداءات الأمنية. كما يهنّئ العائلة الحقوقية التونسية والدولية التي تجنّدت منذ اعتقاله من أجل إبراز حقّه والإفراج عنه وكذلك أسرة المحاماة التي ما انفكّت تطرح قضية إطلاق سراحه في مقدمة أولوياتها وبالخصوص لجنة مساندة محمد عبّو. والمجلس الوطني للحريات : يطالب بمحو آثار هذه المظلمة واسترداد كامل حقوق الأستاذ محمد عبّو المهنيّة والمدنيّة. يجدّد تمسّكه بمطلب العفو التشريعي العام لإنهاء معاناة كافّة المساجين السياسيين وعائلاتهم. عن المجلس الناطقة الرسمية سهام بن سدرين  

الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس International Campaign for Human Rights in Tunisia icfhrt@yahoo.com Tel: (0044) 02083813270 -7903274826   

تهنئة بمناسبة الإفراج عن الأستاذ المحامي محمد عبو

 

أفرجت السلطات التونسية هذا اليوم عن سجين الرأي الأستاذ المحامي محمد عبو بمقتضى سراح شرطي. وإن الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس، اذ تهنئ الأستاذ محمد عبو وعائلته، وانصار الحرية ومناضلي حقوق الإنسان بهذه المناسبة، فإنها تطالب السلطات التونسية بعدم تجاهل مأساة المساجين السياسيين من أعضاء وقيادات حركة النهضة، و المئات من المساجين المعتقلين بموجب قانون مكافحة الإرهاب، وتناشد المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية ومناضلي حقوق الإنسان في الداخل والخارج، وأصحاب الضمائر الحية، مواصلة النضال و بذل الوسع من أجل اطلاق سراح كل المساجين السياسيين واعلان العفو التشريعي العام .   عن الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس علي بن عرفة لندن  في 24 جويلية 2007


اللجنة الدولية من أجل إطلاق سراح محمد عبو
بيـــان
تلقينا ببالغ الإرتياح والسرور نبأ إطلاق سراح صديقنا المناضل محامي الحرية محمد عبو هذا المساء بعد قرابة سنتين ونصف من الإعتقال عانى فيها وأسرته كل صنوف المضايقة والتنكيل. ونحن إذ نتقدم لأخينا محمد ولزوجته المناضلة سامية، التي سطرت بدفاعها المستميت عن زوجها ملحمة حقيقية، ولأبنائه الأفاضل ولعائلته وكل أصدقائه، بأحر التهاني بلم الشمل بعد طول فراق، فإننا نتوجه بالشكر باسمنا وباسم محمد وعائلته إلى كل من ساهم من قريب أو بعيد في هذا المخرج السعيد الذي طال إنتظاره. كما أننا إذ نعلن عن حل اللجنة الدولية للدفاع عن محمد عبو فإننا نؤكد عزمنا على مواصلة المساهمة في النضال من أجل إطلاق سراح مساجين الرأي المتبقين في السجون التونسية آملين أن يكون تسريح عبو مؤشرا على وعي جديد بضرورة إيقاف المظالم وإعادة الحقوق لا مجرد تنفيس وقتي للأوضاع وإستجابة محدودة للضغوط. شكري الحمروني وعماد الدائمي

 

الأحد 22 جويلية 2007 بيـــان :14 رئيس فرع للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان

 
نحن رؤساء  فروع الرابطة الموقعين أسفله ، واثر ما تناقلته بعض الأوساط والصحف من وجود اتصالات بين رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان ورئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان للبحث في سبل الخروج من الوضع الحالي الذي تعيشه الرابطة ، نعبر عن : – ترحيبنا بحل يرفع الحصار الأمني المفروض على المنظمة ويضمن استقلاليتها ويمكنها من النشاط الحقوقي الذي بعثت من اجله. على انه يجب أن تكون أية مبادرة محل توافق  وتشاور بين هياكل الرابطة ، تعميقا للممارسة الديمقراطية وحفاظا على وحدة العمل ألرابطي. كما يفترض أن يسبق أي حل جدي يسعى لإخراج الرابطة من الوضع الحالي أمران: – رفع الحصار الأمني المفروض على مقرات الفروع وتمكين هيئاتها من عقد اجتماعاتها لبلورة مواقفها وتقديم مقترحاتها. – تمكين الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من عقد مجلس وطني لمناقشة مقترحات الحلول  والخروج بموقف موحد تجاهها. رؤساء فروع: – القيروان، مسعود الرمضاني. – بنزرت ، علي بن سالم. – المنستير ، سالم الحداد. – حلق الواد-الكرم – المرسى ، صفية المستيري. – جندوبة ، الهادي بن رمضان. – المهدية، محمد عطية. – صفاقس الشمالية ، عبد العزيز عبد الناظر. – قليبية ، عبد القادر الدردوري. – مدنين ، صلاح الوريمي. – سوسة، جمال مسلم. – قابس ، المنجي سالم. – قبلي ، نجيب الهاني. – توزر – نفطة ، شكري الزيدي. – باجة ، زهير بن يوسف ملاحظة: لم نتمكن من الاتصال برؤساء كل الفروع نرجو المعذرة ونرحب بآرائهم واقتراحاتهم.

 


بسم الله الرحمن الرحيم
حركة النهضة بتونس

دعوة لوضع حد لمعاناة المساحيين السياسيين

 
يشن مجموعة من الإخوة المساجين إضرابا عن الطعام منذ عدة أيام احتجاجا على سوء معاملة إدارة السجون العامة لهم وذلك بحرمانهم من حقوقهم الأساسية كحق التداوي وتوفير الأدوية الضرورية لمعالجة أمراضهم المزمنة التي أصابتهم جراء الإهمال الصحي المعتمد من طرف إدارة السجون ، وقد تدهورت حالتهم الصحية تدهورا حادا يهدد حياتهم فمثلا لم ينقل الأخ رضا البوكادي إلا بعد 17 يوما من إضرابه إلى المستشفى لإجراء التحاليل اللازمة له خاصة بعدما حذر طبيب السجن من تواصل إضرابه عن الطعام . كما أن الحالة الصحية للأخ عبد الكريم الهاروني المضرب عن الطعام منذ أكثر من أربعة يوما تتدهور باطراد . أن سياسة الإهمال المتعمد للمساجين السياسيين أدت إلى وفاة العديد منهم وإصابة العشرات بأمراض مزمنة . أمام الخطر الذي يهدد حياة المساجين السياسيين المضربين عن الطعام فإن حركة النهضة: ـ تدعو بإلحاح السلطة للإقلاع عن سياسة الإهمال المعتمدة تجاه المساحيين السياسيين ـ تحمل السلطة المسؤولية الكاملة فيما حصل و يحصل للمساحيين السياسيين المضربين عن الطعام. ـ تدعو كافة المنظمات الإنسانية والحقوقية للتدخل العاجل والضغط على السلطة لإطلاق سراح المساجين السياسيين . لندن 23 جويلية2007 عن حركة النهضة رئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي


حزب تونس الخضراء

تونس في :  25 جويلية 2007 في الذكرى 50 لإعلان الجمهورية

 
تحتفل تونس اليوم بالذكرى 50 لإعلان الجمهورية يوم 25 جويلية 1957 . لقد جاء إعلان الجمهورية بعد الاستقلال  ليمكن التونسيين من حقهم في السيادة ويؤكد على القيم الجمهورية التي أقرها ودوّنها دستور البلاد سنة 1959، والذي تضمن الفصل المؤسساتي والقانوني للسلطات الثلاثة : التشريعية – القضائية والتنفيذية . غير أنه وطوال العقود الماضية التي تبعت إعلان الجمهورية وسنّ دستور البلاد كانت مقومات الجمهورية التي تؤكد على التداول الديمقراطي على الحكم غير معمول بها.  وتم تحوير الدستور في العديد من المناسبات لتكريس دولة الاستبداد واحتكار المؤسسات الجمهورية وأجهزة الدولة إلى أن آلت إلى الحزب الواحد والحكم الفردي المطلق. وفي نفس التمشّي اللاديمقراطي تم سن القوانين المجحفة والتي حرمت المواطنين من حرية التعبير والصحافة والإعلام وخاصة حقهم في التنظم وتأسيس الأحزاب والجمعيات المدنية وأخضعت كل هذه الحريات إلى وصاية وزارة الداخيلة ومدير الحريات (هكذا!) في هذه الوزارة . إن الوضع السياسي الذي تعيشه البلاد والذي غلب عليه التشدد والانغلاق في التعامل مع كافة المجتمع المدني هو نتيجة العملية الأولى لبناء الدولة التي كرست الحكم الفردي والحزب الواحد إلى أن أصبحت تونس تعيش أزمة سياسية مزمنة . ولم تتوفر الظروف للخروج من هذه المعضلة رغم ما حصل من إصلاح داخل النظام نفسه . إن حزب تونس الخضراء يؤكد في هذه المناسبة العزيزة على كل التونسيين بأنه لا خروج من هذه الأزمة الخانقة إلا بالإصلاحات الجوهرية التي تعيد للدستور هيبته  وللقيم الجمهورية معناها من أجل إعادة بناء الجمهورية . إن رفع التضييقات عن حزبنا تونس الخضراء وعن كل مكونات المجتمع المدني وإطلاق الحريات وتدعيم روح المبادرة الشبابية  والعفو السياسي العام (بالنسبة لكل المحاكمين السياسيين منذ إعلان الجمهورية) هو الحد الأدنى والضامن الوحيد للخروج من هذه الأزمة وإتمام الحريات المرجوة . إن الحوار الحقيقي بين السلطة والمعارضة هو الطريق الوحيد الواجب إتباعه  لنجنّب البلاد ما يهددها من أخطار وانفلات أمني مدمّر كما يجرى في بعض البلدان الشقيقة والمجاورة . عبد القادر الزيتوني المنسق العام حزب تونس الخضراء

باسمه تعالى بمناسبة الذكرى الخمسين لاعلان  الجمهورية نتقدم باحر التهاني و ازكى التبريكات الى السيد زين العابدين بن علي رئيس الجمهورية التونسية و الى كافة المؤسسات  والاحزاب الوطنية و شعبنا العزيز راجين من المولى عز و جل ان يحفظ بلادنا و يوحد صفوف الوطنيين الاحرار عاشت تونس عاشت الجمهورية عماد الدين الحمروني جمعية اهل البيت الثقافية تونس
 

عريــــــضة  مساندة  للنقابيين المحالين على لجنة النظام الوطنية  بالإتحاد العام التونسي للشغل قائمة محينة عدد 1

للتسجيل والإمضاء على العريضة يرجى إرسال مراسلة إلكترونية للعنوان التالي : Contre_tajrid@yahoo.fr مع ذكر الإسم واللقب, القطاع, الجهة والمسؤولية النقابية إن وجدت. الجديد: تكوين مجموعة نقابية ضد التجريد للتنسيق والتشاور وتبادل المقترحات من أجل تطوير النضال النقابي وتكريس ديمقراطية العمل النقابي واستقلالية العمل النقابي صلب الإتحاد العام التونسي للشغل وتفعيل التصدي للخط البيروقراطي ولعملية تجريد النقابيين المنتخبين نقترح على المعنيين بذلك الإشتراك في جهود المجموعة التي بعثناها:

Nom du groupe:   contre_tajrid Mail du groupe:

contre_tajrid@yahoogroupes.fr

Envoyer un message :

ontre_tajrid@yahoogroupes.fr S’inscrire : contre_tajrid-subscribe@yahoogroupes.fr مع الشكر.

 
نحن نقابيي ومناضلي الإتحاد العام التونسي للشغل الممضين أسفله تنديدا واستنكارا واحتجاجا لما يتعرض له النقابيون وخاصة نقابيو التعليم الأساسي في شخص الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الأساسي محمد حليم وكاتبها العام المساعد الأخ سليم غريس ودعوتهما للمثول أمام لجنة النظام الوطنية على خلفية الأحداث التي جدت بجهة القصرين وقفصة وما نشر من مقالات صحفية متعلقة بمطالب القطاع بالتوازي مع إعداد ملفات تأديبية من طرف وزارة الإشراف إضافة لدعوة 10 نقابيين من قفصة – 9 من التعليم الأساسي منهم 5 هياكل نقابية مع الكاتب العام للفرع الجامعي الأخ نوفل معيوفة للمثول أمام لجنة النظام الوطنية بقفصة يومي 21 و23 جويلية 2007 ، نعبر عن : -1- رفضنا لكلّ هذه الإحالات على لجنة النظام. -2- تمسكنا بما ورد ضمن اللائحة الصادرة عن الهيئة الإدارية الوطنية – النقطة 5 – -3- تمسكنا بحرية التعبير والصراع الديمقراطي داخل هياكل ومؤسسات الإتحاد. -4- تمسكنا بحرية وديمقراطية واستقلالية القرار النقابي واحترام قرارات هياكله المسيرة.

ونحذر من :

1- كلّ محاولات الإنقلاب على الهياكل الشرعية وتصفية نقابيي القطاعات المناضلة بما يستجيب لتطلعات أطراف معادية للعمل النقابي. 2- كلّ محاولات الضغط قصد التفريط في مطالب ومكاسب قطاع التعليم الأساسي وغيرها من حقوق الشغالين. نعتبر : ·أنّ الإنخراط في هذا الخط هو تكريسا لسياسة الأعراف والدولة. ·التخلي عن إسناد النقابة العامة ومختلف هياكل القطاع والمعلمين والمطالب  انحرافا عن مبادئ وثوابت الإتحاد. نطالب : – المركزية النقابية بحفظ كلّ هذه الملفات التأديبية. – جميع القوى والقطاعات النقابية الديمقراطية إلى تعبئة كلّ إمكانياتها من أجل التصدي لكلّ محاولات ضرب استقلالية وديمقراطية المنظمة.    عاش الإتحاد العام التونسي للشغل    ديمقراطيا مستقلا ومناضلا        

العدد

الإسم واللقب

القطاع

الصفة

1

زهير اللجمي

الأشغال العمومية

نقابي وناشط حقوقي وطني ديمقراطي

2

عبد القادر المهذبي

الضمان الإجتماعي

عضو النقابة العامة للضمان الإجتماعي

3

عبد الواحد حمري

التعليم الثانوي

عضو النقابة الأساسية للتعليم الثانوي بالقصرين

4

نور الدين الورتتاني

التعليم العالي

كاتب عام النقابة الأساسية للأساتذة الباحثين الجامعيين بنابل

5

محمد المثلوثي

المالية

كاتب عام النقابة الأساسية للمالية بصفاقس

6

منذر زعتور

التعليم الثانوي

كاتب عام مساعد النقابة الأساسية بجبنيانة

7

فتحي اللجمي

البنوك

كاتب عام النقابة الأساسية للبنك الفلاحي بصفاقس

8

بشير غالي

البنوك

كاتب عام البنك العربي الدولي بصفاقس

9

محمد قسيس

التأطير والإرشاد

كاتب عام الفرع الجامعي للتأطير والإرشاد بصفاقس

10

خليفة بن فجرية

التأطير والإرشاد

كاتب عام مساعد الفرع الجامعي للتأطير والإرشاد بصفاقس

11

زكية سويسي

التأطير والإرشاد

عضوة الفرع الجامعي للتأطير والإرشاد بصفاقس

12

سليم الطاهري

التأطير والإرشاد

عضو الفرع الجامعي للتأطير والإرشاد بصفاقس

13

عبد العزيز الغنودي

التأطير والإرشاد

كاتب عام النقابة الأساسية للتأطير والإرشاد ببئر علي

14

علي العمامي

التعليم الأساسي

نقابي بالتعليم الأساسي بصفاقس

15

عبد الحكيم العقربي

التعليم الأساسي

نقابي بالتعليم الأساسي بصفاقس

16

محمد بلعالية

التعليم الأساسي

نقابي بالتعليم الأساسي بصفاقس

17

محمد بن ساسي

التعليم الأساسي

نقابي بالتعليم الأساسي بصفاقس

18

محمد الجربوعي

الصحة

نقابي بالصحة

19

محمد فرج

المياه

كاتب عام النقابة الأساسية للمياه بساقية الدائر

20

عبد الحميد بلعالية

المتقاعدين

نقابي متقاعد بصفاقس

21

محمد المعالج

التعليم الأساسي

نقابي بالتعليم الأساسي بصفاقس

22

محمد بن علي

التعليم الأساسي

نقابي بالتعليم الأساسي بصفاقس

23

منجي الحمروني

التعليم الأساسي

نقابي بالتعليم الأساسي بصفاقس

24

ثابت دمق

التعليم الأساسي

نقابي بالتعليم الأساسي وعضو الإتحاد المحلي بساقية الدائر

25

نعمان بن جمعية

التعليم الأساسي

نقابي بالتعليم الأساسي بصفاقس

26

عبد العزيز بوزيان

التعليم الثانوي

نقابي بالتعليم الثانوي بالعامرة صفاقس

27

فتحي الشفي

اتصالات تونس

نقابي باتصالات تونس بصفاقس

28

محمد القرقوري

التعليم الثانوي

نقابي بالتعليم الثانوي بصفاقس

29

عبد القادر القاسمي

ديوان المواني

نقابي بديوان المواني بصفاقس

30

محسن جراد

ديوان المواني

نقابي بديوان المواني بصفاقس

31

رشيد قاسم

التعليم الأساسي

نقابي بالتعليم الأساسي بصفاقس

32

الحبيب بوعوني

التعليم الأساسي

نقابي بالتعليم الأساسي بصفاقس

33

عمر قويدر

التعليم الأساسي

عضو النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بنفطة وعضو فرع توزر – نفطة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان

34

أيمن رزقي

الصحافة

صحفي بقناة الحوار التونسية

35

الناصر بن رمضان 

التعليم الثانوي

عضو النقابة الأساسية للتعليم الثانوي بسوسة الرياظ

36

نبيل الحمروني

التعليم الثانوي

كاتب عام مساعد النقابة الأساسية للتعليم الثانوي بصفاقس الغربية

37

منصف الجبيري

النقل – التاكسيات

عضو النقابة الأساسية للتاكسيات بصفاقس

38

مصدق الشريف

التعليم الثانوي

نقابي بالتعليم الثانوي بصفاقس وصحفي مستقل

39

قيس إسماعيل

التعليم الأساسي

عضو النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بساقية الدائر

40

صابر الزواري

التعليم الأساسي

عضو النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بساقية الدائر

41

مصطفى العقربي

التعليم الأساسي

كاتب عام النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بالحنشة

42

سليم الزواري

التعليم الأساسي

كاتب عام النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بساقية الزيت

43

فتحي المستيري

التعليم الأساسي

نقابي بالتعليم الأساسي بصفاقس

44

عبدالله بن سعد 

الفلاحة

أستاذ جامعي باحث  كاتب عام نقابة معهد المناطق القاحلة بقابس

45

محمد الهادي حمدة

التعليم الأساسي

نا شط نقابي وسياسي من جهة توزر

46

محمد بن حامد

التعليم الأساسي

نقابي بالتعليم الأساسي بصفاقس

47

نبيل الفراتي

التعليم الأساسي

نقابي بالتعليم الأساسي بصفاقس

48

محمد المزوغي

التعليم الأساسي

نقابي بالتعليم الأساسي بصفاقس

49

عبد المجيد بن عبد الله

الشباب والطفولة

كاتب عام النقابة الجهوية للشباب والطفولة بصفاقس

50

محمد المهدي بوشوشة

التعليم الثانوي

مندوب نقابي بالتعليم الثانوي بصفاقس

51

عماد البكاري

التعليم الثانوي

عضو النقابة الأساسية للتعليم الثانوي بصفاقس الغربية

52

رفيق المهيري

التعليم الأساسي

نقابي بالتعليم الأساسي بصفاقس

 

 

 

 

                                                            


 

الرئيس زين العابدين بن علي يقرر تمتيع عدد من المحكوم عليهم بالعفو

 
قرطاج 24 جويلية 2007 ( وات ) – بمناسبة الذكرى الخمسين لعيد الجمهورية قرر الرئيس زين العابدين بن علي تمتيع عدد من المحكوم عليهم بالعفو سواء بالحط من مدة العقاب أو بطرح بقية العقاب البدني. كما شمل رئيس الجمهورية عددا آخر من المحكوم عليهم بالعفو التأهيلي بعد أن أتموا تكوينا مهنيا بورشات السجون وفقا للبرنامج الوطني لتأهيل المساجين وأسندت لهم شهادات في تخصصات حرفية متنوعة . (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 24 جويلية 2007)


تونس تصدر عفوا عن عدد من السجناء

 
تونس (رويترز) – قالت الحكومة التونسية يوم الثلاثاء إن الرئيس زين العابدين بن علي أصدر عفوا عن عدد من السجناء بمناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية الخمسين لعيد الجمهورية. وأضافت الحكومة في بيان نقلته وكالة الأنباء الحكومية أن الرئيس بن علي قرر العفو عن عدد من المحكوم عليهم سواء بخفض مدة العقوبة أو بحذف المدة المتبقية منها. ولم يشر البيان الى عدد السجناء الذين يشملهم العفو او إن كان من بينهم من تصفهم المعارضة بسجناء الرأي.  ويطالب معارضون بإصدار عفو تشريعي عام وإطلاق سراح نحو 300 « سجين سياسي » أغلبهم من حزب النهضة الاسلامي المحظور بينما تنفي الحكومة وجود أي سجين سياسي في سجونها. (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 24 جويلية 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)


توزيع المسؤوليات بمجلس الهيئة الوطنية للمحامين

 
تم أمس الاثنين توزيع المسؤوليات بمجلس الهيئة الوطنية للمحامين الذي يترأسه العميد البشير الصيد. وأسندت الكتابة العامة للاستاذ الهادي التريكي وأمانة المال للأستاذة سعيدة العكرمي والشؤون الاجتماعية للاستاذ محمد الهادي. وبخصوص محاضرات التمرين فقد أسندت للجنة تتركب من العميد والاساتذة ريم الشابي ومحمد نجيب بن يوسف وعماد بالشيخ العربي. أما مهمة الدراسات والندوات فقد أسندت للأستاذ رشاد القري. لقاء منتظر بين وزير العدل عميد المحامين بعد الانتهاء من توزيع المسؤوليات صلب الهيئة الوطنية للمحامين يوم أمس علمت «الصباح» انه من المنتظر أن يلتقي وزير العدل وحقوق الانسان خلال الايام المقبلة بعميد المحامين وأعضاء الهيئة الوطنية لتدارس شؤون المهنة. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 جويلية 2007)


سـاعة الصفـر والانتظــار المغشـوش

 
د. خــالد الطــراولي ktraouli@yahoo.fr لعل الجميع قد استرعى انتباهه هذه الأيام الدعوات والرجاءات والأماني والمطالب والكتابات التي تملأ بعض المواقع والأفواه والأقلام، والتي يزداد زخمها وتكرارها كلما اقتربنا من ساعة الصفر! الكل مشدود إلى عقارب ساعته ينتظر هذه الساعة العجيبة، ساعة المعجزة والخلاص والنجاة، إنها ساعة الصفر التونسية!!! ساعة الصفر هذه هي عيد الجمهورية التي ينتظرها الكثيرمن أولي القربى أو من المغضوب عليهم، من أجل تغيير المشهد السياسي التونسي، في سقفه المرتفع، أو إخراج سجناء الرأي، في مستواه الأدنى. المطلع على هذا التلهف نحو هذه المشاهد لا يسعه إلا التأكيد المتكرر والمألوف حد القرف على ثبات إطار عادي جدا لا يكاد يتململ… حالة سياسية تونسية منغلقة وسلطة حاكمة لا تريد سماع أي صوت غير صدى صوتها، ومعارضة لا تزال تبحث عن موقع لها داخل هذا المشهد المشوش والمغشوش. ليست هذه المرة الأولى التي نرى فيها هذا التهافت نحو انتظار هذه اللحظة « التارخية » فقد سبقتها تواريخ ومواعيد، ارتبطت كلها بأعياد ومواسم دينية ووطنية، كان آخرها خمسينية الاستقلال! وليست المرة الأولى التي تتعالى فيها المناشدات والرجاءات من كل الأطراف حتى من بعض مواقع السلطة نفسها (انظر مطلب الأستاذ برهان بسيس في الأشهر الأخيرة حول سجناء الرأي)، حتى أصبحت هذه الظاهرة منهجية ثابتة ترافق أعيادنا ومواسم أفراحنا، كما يرافق الهلال أشهرنا القمرية، وهي إذ تعبر عن شيء فهي تطرح بكل جدية حالة الانسداد والفراغ والتعويل على المجهول… الحقيقة المرة التي تتجلى لنا مجددا وتذكرنا إذا نسينا ونحن ندخل من جديد هذه المنهجية في الانتظار السلبي والتعويل على المكرمة الأميرية، أن هناك خللا في حراكنا، خللا في هدفنا، وخللا في خطابنا…تجتمع كلها لتبني هذه المنهجية الجوفاء في الترقب والانتظار! حيث تتجلى بكل يسر هذه المنهجية السقيمة في انتظار الآخر والعيش على ردات الفعل أكثر من الفعل، ومن يعيش على هذه المنهجية في العمل المعارض المسؤول لا بد أن يسقط بوعي أو بغير وعي في ثلاث مضارب :  * إما في سلبية الانسحاب أو رمي المنديل وهو يهوّل الطرف المقابل وما تحمله الضفة المقابلة من مجموعة أوراق ومكاسب، فتعظم الصغائر وتقل الثقة في النفس ويدخل العمل المعارض راحة صيفية مسترسلة والتعويل على المكرمة في انتظار عيد أو موقف أو قول أو نوايا يعوَّل عليها وتبنَى عليها قصور من الرمال… ومن هذا الباب ولجت مناهج الخلاص الفردي دون المشروع والعودة إلى تراب الوطن! * أما البعض الآخر فعوده أقل ليونة، فهو لا يغادر الساحة ولا يرمي المنديل ولكن يبقى على الأعراف ينتظر، يعيش متقطعا بين فترتين أو حالتين، حياته نقاط متعثرة بين أعياد ومواسم ومواكب أفراح، فهو ميت طوال العام حتى إذا اقتربت الساعة وانشق القمر معبرا عن مجيء هلال جديد، تراه يخرج من غيبته أو غيبوبته وتراه يتلوى حبا وشغفا وانتظارا للمجهول الذي لن يخيبه، فيكثر القيل والقال وكثرة السؤال ويهيمن الأمل الواعد وينسى المشهد بكامله وما يحمله من تعقيدات وحسابات وقوة تفاوضية، وتصبح السياسة لعبا بالأوراق والمراهنة على عالم الصدف ويصبح الجميع ملائكة والواقع جنانا خضراء معلقة لا تنتظر سوى غمزة عين تأمرها بالنزول إلى الأرض، ويصبح الذئب صديقا للقطيع حتى في غياب الراعي في لحظة عدم وعي جامعة… فيكون الانتظار منهجية خرقاء لا تفيد ولا تستفيد! * أما الطرف اللآخر فهو على النقيض فانتظاره دائم وهو يزعم عدم الانتظار ولا يعول عليه، فهو ينتظر ثورة عامة لا تبقي ولا تذر ويجعل من خطاب الرفض والمواجهة يافطة تخفي في ثناياها عجزا ويأسا وإحباطا مستترا وتجاوزا غريبا لعقلية وثقافة مهيمنة وسائدة. لقد حسمت أمري في أحد كتاباتي السابقة أني لن أكتب عن 20 مارس وعيد الاستقلال في ذكرى خمسينيته، ولن أكتب عن هذه الأعياد الوطنية إلا عرضا والتي أعتبرها أعياد الأجداد وليست أعياد الأحفاد لما لفها من ضباب وتوظيف واستغلال، ولما تورثه من أوهام وسراب، واسألوا التونسي البسيط شابا يافعا كان أو شيخا عجوزا عن هذه الأعياد وسوف ترى العجائب بين جهل واستهزاء وغضب ولامبالاة. أعلم أن حالتنا في بعض ثناياها كحالة الغريق الذي يتعلق حتى بالسراب..، أعلم أن الأبواب موصدة وأن الليل قد طال، وتعثر الفجر عن الطلوع..، أعلم أن المقاساة وسنين السجن والجمر والتشريد قد تربعت على عرش العقود..، أعلم كل ذلك وأشفق على حالي وحال إخوتي وعوائلهم، ولكني لا يسعني إلا أن أحذر إلى أن هذه المنهجية في الانتطار السلبي والتعويل على هذه اللحطات من أعياد وغيرها في حل مشاكلنا لا يمكن أن تلبي ما نريد حمله وإيصاله إلى الأجيال، بل إنها تجعلنا مرتبطين بالآخر وانتظار مكرمته والعيش على فعله وكره وفره وترقب ابتسامة من هنا ونصف يد ممدودة من هناك. وكم من أعياد انتظرنا وكم من مواسم دينية ترقبنا، كنا ننتظر مع أطفال صغار ونساء شامخات وجدات وأجداد طوال سنين، أن يطال قلوب البعض رحمة وشفقة وكان الجواب في أغلبه نفي ولامبالاة، وتقضي أمهات وأطفال يمسح البعض للبعض دموعا وآهات في ظل أعياد فرح وسرور للآخرين، وكأن تونس بلاد صنفين من العباد صنف يعيش والأخر يموت، صنف يفرح والأخر يطرح، صنف له عيد وصنف لا يرى العيد… أتمنى أن أكون مخطأ هذه المرة، وما أكثر أخطائي، وأن يكون غدا جوابا شافيا لتحفظاتي وتعلن السلطة عن خروج اخوتي من السجون، أتمنى أن يتحداني النظام ويرمي بالسطور السالفة إلى سلة المهملات ويطلق الأغلال وتعود الفرحة إلى الكثير من الصغار والكبار، أتمنى أن تحمل كتاباتي على تشاءم في غير محله وأن تأتي السلطة عليها وهي تفتح أبواب الحرية على مصراعيها، أتمنى أن لا تصدق تكهناتي بأن دار لقمان ستبقى على حالها، وأن تبني السلطة من جديد بيتا يحمل كل التونسيين… أتمنى كل ذلك وسأثني الركب وأسجد سجدة شكر لله وأفرح لخطئي، وخير الخطائين التوابون… رغم أن السؤال الذي أطرحه بكل قوة حينذاك : وبعد؟؟؟… ولكن اعذروني أن أتمسك هذه الليلة بأطروحتي وأن أشد عليها بالنواجذ إلى حدود ساعة الصفر الجديدة المتجددة، بأني لا أومن بهذه الساعة ولا أومن بالانتضار السلبي الذي يسبقها، والمناشدة التي تأجل العمل، والفعل الذي ينتظر المكرمة، لعلي أحلم لكني خيرته على عالم الكوابيس والأوهام… المصدر: موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net

 

 

تونس أونلاين –  الصحافة الألمانية – وعبد الله الزواري

 
الطاهر العبيدي taharlabidi@free.fr بقدر أطنان الهموم والمآسي والمواجع المتناثرة على خريطة الحزن العربي، والشروخ ا لغائصة في الجسد الوطني، وبقدر مواضع الألم والجراحات، التي تكبر فينا يوما بعد يوم في مساحات الظل العرجاء، وفي أماكن تعثر وطن يشتعل حزنا على أولئك المنفيين داخل ديارهم، وأولئك المحبوسين داخل أوطانهم، واللاجئون على حدود بيوتهم، وأولئك الغرباء  في أراضيهم وحقولهم، وأولئك المفارقين لأهاليهم بمراسيم الجمهورية، وبقدر كل هذه السباسب السفلي المنخفضة والعطشى لرذاذ العدل والحرية، ينبثق شعاع الفعل المعبأ بالأمل الوعود، والمثقل بالوعي المسطور، حين ندرك أن هناك من يرفضون الصمت عن الوطن المنهوب، يرفضون الارتهان للقدر المحتوم، حين ندرك أن هناك من لا ينامون حيث الناس نيام، ولا يستريحون حيث البعض ينعم بالبحر والعطل والاستجمام، مرابطون على مر الشهور والأعوام، قابضون على زناد الحرف والنص والصورة والبيان، يقتنصون المظالم ويتصدّون للجور بالخبر بالمعلومة والتحليل والرأي والحوار،  تسكنهم هواجس الحركة والفعل من أجل نصرة الإنسان، من أجل قيم العدل والحرية وقضايا الأوطان، متبنين في الظل وفي الخفاء، رسالة الدفاع عن الرأي والتعبير، والتجند لحماية الشرفاء، دون نرجسية ولا ضوضاء، بعيدا عن مظاهر الدعاية وتصفيف الألقاب، ليكون الفعل الوطني عنوانا دون طلاء، لأهل اختاروا أن لا يكونوا ثوارا موسميين، تماما كما مناضلي الساعات الأخيرة، مناضلي ليالي جني الحصاد… هذه بإيجاز بعض السطور المتصعلكة على منعرجات الحروف، نحاول من خلالها أن نقول ألف شكر لفريق  » تونس أونلاين »، الذي ترجم نص تحرك عبدالله الزاوي للألمانية، والذي اعتمدته صحيفتين وهذان هما الرابطان: http://www.trend.infopartisan.net/trd0607/t290607.html. http://www.wadinet.de/news/iraq/newsarticle.php?id=3325 http://www.wadinet.at/world/ar/index.php لمن يتقن هذه اللغة وهم كثيرون، وهذه إحدى مكاسب المنفى وإن كان لاذعا في فراق الأهل والأرض والأحبة، إلا انه كان مفيدا في جوانب كثيرة، والفوز بلغات أقوام عديدة، وانفتاح على مجتمعات أخرى، ومعرفة واطلاع وإثراء، واستفادة وإشعاع، وتعريف بقاضايانا الوطنية، التي تتطلب الكثير من الجهد والصبر والتبصّر، والهدوء وعدم الإغماء… ملاحظة هامــة 1 / كما أننا أول من ابتكر شراكة منابر إعلامية مختلفة، في التحرك الذي قمنا به لفائدة عبد الزواري، الذي أعطى دما جديدا للفعل الحقوقي والإعلامي، وشد الانتباه من خلال مئات الرسائل التي تهاطلت وتتهاطل علينا يوميا مثمّنة ومتعاطفة، والذي نسجت على منواله بعض المواقع التونسية، من أجل التعريف بقضية عبد الكريم الهاروني، ونعتبر ابتكارنا هذا مكسبا وطنيا مباحا للجميع…    2 / فإننا نلفت الانتباه للابتكار المهم، الذي قام به فريق موقع  » تونس أولاين  » في ترجمة تحرك عبد الله الزواري للغة الألمانية، والذي نشر في صحيفتين المانيتين، فلو يقع ترجمة نص عبد الكريم الهاروني للغات متعددة، بحكم وجود العديد من المناضلين في بلدان متعددة ويتقنون لغات كثيرة، وتوزيعه لكسب تأييد ومناصرة حقوقية بلا حدود، وبالتالي فالابتكار الأول والثاني ملك وطني مشاع، من أجل الجدوى والنجاعة الوطنية والمساهمة في رفع المظالم الإنسانية… 


 

صحيفة محتجبة : ’’le Maghreb ’’ صحيفة الرأي…والرأي الأخر

 
بدر السلام الطرابلسي/تونس
11  أفريل 1981  تاريخ  صدور أول عدد من مجلة »le Maghreb »  الناطقة بالفرنسية في سنواتها الأولى ثم باللغتين العربية والفرنسية بداية من سنة 1984 وقد كان لانبعاث هذه المجلة أثر هام  في تفعيل ديناميكية الحقل الإعلامي التونسي في الثمانينات وذلك سواء من خلال الكفاءات العلمية والأكاديمية والسياسية التي كانت تنتج المادة الإعلامية  لهذه الجريدة وتسطر خطوطها العريضة أو بتجاوزها للحدود القطرية الضيقة في تعاطيها مع الأحداث الوطنية لتنفتح على محيطها المغاربي على اعتبار أن القطر التونسي هو جزء لا يتجزأ من المحيط الإقليمي المغاربي وإننا بهذا المقال سنحاول إحياء هذا الأثر الإعلامي والوقوف على ايجابياته وذلك بالإجابة على جملة من التساؤلات حول ظروف النشأة والمبادئ والأفكار التي قامت عليها المجلة إضافة إلى كيفية تعاطيها مع الشأن الوطني والمغاربي . *نشأة المجلة والأفكار التي قامت عليها : باقتراح من وزير الداخلية إدريس قيقة في بداية سنة 1981  لبى الصحفي عمر صحابو رئيس التحرير السابق لجريدةl’Action  الدعوة لإدارة مؤسسة صحفية وطنية مستقلة وفي شهر أكتوبر تحصل على الرخصة محييا بذلك عند صاحبها حلما قديما بإنشاء صحيفة مستقلة , وتم ذلك بمشاركة ثلة من المثقفين والأكاديميين الذين ساهموا في تأسيسها نذكر منهم محمد صالح بالطيب صاحب دور نشر و عالم الفيزياء بشير التركي والطبيب صلاح الدين بو شوشة والمحامي نشير خنتوش و آخرين . وككل صحيفة أو مجلة تأسست le Maghreb على عدة أفكار و أهداف كونت إستراتيجيتها الداخلية, من ذلك تكوين مغرب كبير و موحد اجتماعيا يضم دول شمال إفريقيا و يكون فوق الاختلافات و يجعلها عامل إثراء و توحد لا فرقة , مسكونا بدينامكية التقدم التي تعتبر حاجة تاريخية ملحة خاصة و أن هذا الطموح موجود أصلا في ذاكرة  الشعوب المغاربية إذ أنهم يجدون مبررا لهذا الطموح بوجود جغرافية موحدة وتاريخ مشترك إضافة للغة والدين , ولهذا كله قامت الجريدة ’’بالدفع نحو وحدة المغرب العربي الكبير وهمزة وصل بين المغاربة من اجل تحقيق هذا الحلم ’’-افتتاحية العدد الأول 11 أفريل 1981 – وقد رأت المجلة أن تحقيق هذا الحلم يتم عن طريق اعطاء القارىء المعلومة والخبر الموضوعي و الدقيق قدر المكان , وأن تكون الوسيلة التي تغطي الحوار المسؤول بين الرأي العاموالسلطات من جهة و بينها وبين القارىء من جهة أخرى خاصة في علاقة بالمواضيع السياسية و الأقتصادية والجتماعية الحساسة . وبناء عليه , نجد ان المجلة أخذت على عاتقها اتباع خطوات كل الفعاليت و القوى السياسية الرسمية و غير الرسمية التي سعت نحو تكون المغرب العربي وتطبيق هذا المشروع و من دون تحديد اطار سياسي أحادي له , ولعل ما كانت تطمح له أن يتم في ظل الأنظمة السياسية التي تحكم دول المغرب العربي آنذاك على علاتها وهناتها واالصراعات التي كانت تشقها مثل مشكلة الصحراء الغربية بين المغرب والجزائر أو أحداث قفصة-قابس 1980 التي قام بها كومندوس تونسي مدعوم من ليبيا مما اشعل نار الفتنة بين هذه الأخيرة و تونس .اذن وبقدر ما راهنت المجلة على الأنظمة الحاكمة راهنت أيضا عاى الشعوب المغاربية من أجل تحقيق حلم الوحدة الذي مثل في وقتها ضرورة ملحة و حيوية. اذا هذا فيما يتعلق بالتأسيس والأفكار التي قامت عليها الجريدة فماذا عن أسلوبها في التعاطي مع الأحداث الوطنية والمغاربية والعربية بصفة عامة. *أسلوب الجريدة في تعاطيها مع الأحداث : كانت مجلة المغرب حاضرة في أغلب الأحداث الوطنية في فترة الثمانينات وذلك من خلال تغطياتها ونقلها وتحقيقاتها التي قدمتها لجماهير القراء الذين كانوا يقبلون عليها . هذا الى جانب رأي المجلة في جل هذه الأحداث من خلال خلفياتها الأيديولوجية التي تصل الى حد التناقض وذلك لوجود محررين يمثلون أطياف سياسية متعددة شملت التيار الأسلاموي والديمقراطي واليساري عامة , وحتى الحزب الأشتراكي الدستوري الحاكم  كن ممثلا فيها . تناولت اذن الجريدة مختلف الأحداث التي عايشتها من ذلك احداث انتفاضة الخبزة  4جانفي 1984 وبينت بتغطياتها وتقريرها للحدث كيف أن الجماهير الشعبية قادرة على افتكاك حقوقها في ظل غياب شبه كامل لتيارات المعارضة مما يبرز بشكل واضح القطيعة الموجودة بين النخب السياسية والجماهير الشعبية, وكيف ان محاولة التحاق المعارضة بالحدث كانت محدودة , هذا ولم تستثني حتى مجلس النواب في تحميله جزء من المسؤولية والتقصير . كما تطرقت المجلة لملف اتحاد الطلبة و نشاطاته ومشاركته في الأحداث الوطنية و التحركات الأحتجاجية في علاقة بأحداث الخبزة ومواكبتها للحركة الطلابية ما بين أزماتها و آنفراجاتها حتى مؤتمرها التوحيدي . كما القت الضوء على ظاهرة الحجاب ومنعه في المؤوسسات والمعاهد وتعدد الآراء والمواقف المؤيدة والمعارضة لهذا المنع . هذا اضافة لتناولها لمسألة الميثاق الوطني وسبرها للآراء المؤيدة والمعارضة له من موقعها كوسيلة اعلامية مستقلة تتعامل مع الخبر بمنطق الأي والراي الآخر… الى ذلك عالجت المجلة العديد من القضايا الأخرى , فعلى المستوى المغاربي آهتمت بالعمال ا لمغاربة في باريس و بظروفهم المعيشية والشغلية, والعنصرية التي يعاملون بها , وتطرقت في هذا السياق الى المؤشرات التي أدت للتخلص منهم وتم ذلك في اطار معالجتها لقضية أشمل وهي قضية هجرة اليد العاملة المغاربية الى فرنسا وبداية عدها التنازلي. اما في علاقة بالشأن الفلسطيني فقد واكبت مؤتمر اتحاد الطلبة الفلسطينيين في الجزائر وظروف انعقاده. ثقافيا, قامت المجلة بتحليل ظاهرة تعدد الصحف والمجلات العربية بأوروبا . كلمة أخيرة , في ختام هذه الدرا سة الموجزة لمجلة المغرب , نلاحظ أن أهم ميزة اتسمت بها عن باقي الصحف و المجلات الوطنية في تلك الفترة تتمثل في مواكبتها للأحداث الوطنية الهامة  على قاعدة الرأي والرأي المخالف, وذلك باستفتاء آراء ثلة من المثقفين والسياسيين والعلماء بخلفيات سياسية وأيديولوجية مختلفة تصل حد التناقض في تعاطيها مع العديد  من الأحداث القومية وذلك من أجل اطلاع جمهور القراء على مختلف وجهات النظر ووضعهم في موقع الحكم عليها , وهي خاصية تحسب لها , مثال ذلك مسألة الميثاق الوطني . ومن ثمة فانها وأن آنتهجت الموضوعية في تعاطيها مع العديد من الظواهر الأجتماعية أو السياسية فانها كذلك عالجت أحداث أخرى من منطلق ذاتي في علاقة مباشرة بخلفياتها الفكرية المتعددة . وفي النهاية تبقى المغرب,  Le Maghrebفعلا ثقافيا طور في الحقل الأعلامي الوطني مما يدفعنا لآستخلاص الدروس والعبر . دراسة مونوغرافية موجزة المغربle Maghreb_   :  مجلة أسبوعية مستقلة المدير المسؤول : عمر صحابو رؤساء التحرير : منصف بن مراد , كمال الفازع رؤساء التحرير المساعدون : رشيد خشانة –القسم العربي – , الحبيب القيزاني –القسم التقني – المنصف المحروق- العالم- أمين التحرير : المختار الطريفي بالنسبة للقسم العربي و كاثرين بن يغلان للقسم الفرنسي رئيس الأنجاز الفني : صلاح الدين سعيد الصحفي المخبر الأول : مختار اسماعيل-القسم الفرنسي- السحب تصدر عن دار المغرب للنشر رأسالمال : 100000 دينار المقر الرئيسي : 54 نهج ابن شرف تونس

رسالة مفتوحة للمجلس البلدي بنفطة

السيد رئيس المجلس البلدي بنفطة

السيدات و السادة الأعضاء

لقد آثرنا مخاطبتكم قصد طرح شواغل  متساكني البلدية و ذلك نظرا لما بلغنا من امتعاض العديد من المواطنين من غياب التواصل البناء مع الجهات المختصة في البلدية و ندرة الالتقاء بين المسؤول البلدي و المواطنين حيث لا يخفى عليكم الأسباب العميقة التي نحتت تاريخيا العلاقة بين البلدية و المواطن و التي تتسم مع الأسف الشديد بعدم الاكتراث و غياب الثقة المشوب باليأس و الإحباط من الإصلاح و في ما يلي جردة أولية بالقضايا التي تستأثر باهتمام قطاع واسع من المواطنين .

1 ـ قضية الأراضي المعدة للبناء :

يشتكي العديد من المواطنين من متساكني المدينة من عجز البلدية على توفير الأراضي الصالحة للبناء حيث تنامى الطلب على الأرض بنسق يفوق بكثير « الجهود » التي بذلها المجلس و ذلك بالنظر للتباطىء غير المبرر فيما يتعلق بالاستجابة لطلب المواطنين طيلة سنوات ما ولد العديد من الإشكاليات العائلية و المالية و رفع من مقدار الأكرية و فاقم من ظاهرة المضاربة العقارية فعرفت أسعار الأرض ارتفاعا كبيرا يتجاوز في الأغلب الأعم قدرة الفئات ذات المداخيل المحدودة . و إن التعلل بتعقد الإجراءات الإدارية و القانونية أمر فيه الكثير من الجدل حيث يستعصي على الفهم الربط العجيب بين رغبة الحكومة في حصر و ضبط الملك العام ـ و هو أمر نؤيده بقوةـ عبر تكليف وزارة أملاك الدولة بذلك  و بين انتصاب هذه الأخيرة بمثابة التاجر الذي يبيع الأرض للبلديات و من ثمة يحولها إلى وسيط بين الوزارة و المواطن ما سيرفع بالضرورة في الأسعار و يتحمل المستهلك في النهاية فاتورة خيار لم يشترك لا من قريب و لا من بعيد في انتهاجه , بل يتساءل المرء عن جدوى مثل هذا الخيار الذي يثقل كاهل البلدية المالي و الإداري و الحال أنه بالإمكان حصر الملك العام و الاكتفاء برسوم تسجيل و انتقال الملكية من وزارة أملاك الدولة إلى البلدية.و إذا كانت الحكومة ترغب في توفير الموارد الضرورية للمالية العمومية فما عليها سوى الكف عن خصخصة المؤسسات العمومية و إصلاح أوضاعها وفق طرق التصرف المالي و الإداري الرشيد أولا و ثانيا التوجه نحو دعم الاستثمار العمومي في قطاعات الإنتاج وثالثا انتهاج الصرامة في الاستخلاص الضريبي و التصدي للتهرب منه , لكل ذلك فإننا نطالب المجلس البلدي بالإسراع في الاستجابة لطلبات المواطنين على الأرض المعدة للبناء دون مزيد من التأخير.

2 ـ البنية الأساسية :

لا يكاد المرء يعثر على رضى ولو نسبي عن حالة البنية الأساسية في المدينة حيث تعم الحفر العديد من الطرقات و لعل ما تتميز به طرقات نفطة أن إصلاح ما بعد الأشغال التي تقوم بها شركة المياه أو ديوان التطهير لا تنمحي و إذا ما استثنينا الطريق الرئيسية التي تشق المدينة و التي تتفرع عند مفترق الاتحاد الدولي للبنوك غربا و شمالا فإن كل الطرق الأخرى بدون استثناء واحد في حالة سيئة جدا من حيث المواصفات و سلاسة تدفق السير . ففي منطقة زاوية قديلة مثلا يتعين على البلدية الحد من خطورة الطريق بتحويل مساحة تلك الحديقة إلى مفترق طرق دوّار تتوسطه حديقة يحمي واجهة المدرسة الإعدادية المكي بن عزوز و تلاميذها من مخاطر الطريق كما تشهد المنطقة المحاذية لمدرسة السني من جهة الشرق صعوبة كبيرة و خطرا محدقا بمستعملي الطريق من مترجلين و أصحاب عربات و نفس الشيء تعرفه المنطقة التي تضم حمام النورس حيث ارتفعت فيهما وتيرة الحوادث خلال السنوات الأخيرة دون أن تحرك البلدية ساكنا و نحن نقترح كحل لهاتين النقطتين منع المرور في اتجاه الغرب وترك المرور فقط في اتجاه الشرق مع التشديد على احترام الأولوية بتركيز علامات المرور . و بخصوص الترصيف و التبليط فإن المواطن يتساءل عن سر إصرار البلدية على ترصيف و تعبيد الشارع الرئيسي الذي يشق المدينة دون بقية الأنهج و التفرعات بنفس المواصفات و إلى متى تستمر سياسة تزيين الواجهة بينما الدواخل يمينا و يسارا تعج بالأتربة و الحفر , فهل يليق ببلدية سياحية يسقط قناع سياسة الواجهات بها بمجرد الخروج من الشارع الرئيسي؟ إن التعلل بضيق الموارد المالية أصبح لا ينطلي على المواطن و لذلك فإن المسؤولية الحضرية و الأخلاقية و السياسية على تدني مكانة المدينة تتحمله البلدية و من ورائها سلطة الإشراف في النطاق الجهوي و المركزي .

3 ـ السياسة البيئية لبلدية نفطة :

في منطقة قاحلة و تشتد فيها درجة الحرارة لمستوى لا يطاق و يتميز فيها معدل التساقط السنوي بالتدني تقوم بلدية نفطة بإلغاء مساحتين من المساحات الخضراء هي الحديقة المحاذية لمدرسة مصطفى خريف و الحديقة الصغيرة المواجهة لمستوصف بن فرج الله , ولسنا ندري ما الحكمة من ذلك الإلغاء بينما كان يفترض وضع برنامج طويل المدى و بالتنسيق مع الهياكل و الجهات المهنية لإنجاز أكبر حزام أخضر يحيط بالمدينة و يحد من تأثير العوامل المناخية الحارقة , أفلا يستحق متساكنو نفطة أن يقام لهم و لأجيالهم القادمة مثل هذا الإنجاز ؟ و فيما يتعلق بالخرب التي تنتشر في العديد من مناطق المدينة و التي لم تطرح البلدية و المجالس المتعاقبة حلا يقي السكان شرورها الصحية و الأخلاقية فإننا نقترح تشكيل لجنة خاصة تتولى الإشراف على إعداد و إنجاز و تقييم برنامج عملي يقضي على هذه الظاهرة بعد أن يكون قد بلور التمشي المنطقي و العملي دون المساس بالحقوق الطبيعية للسكان و في نفس الوقت تحرير جزء هام من المجال الحضري للمدينة من العطالة و التهميش و إنقاذ رصيد عقاري هام من التلاشي و الذوبان .

4 ـ المسؤولية الثقافية لبلدية نفطة :

يتعين على المرء أن يذكّر المجلس البلدي بنفطة أن هذه المدينة شكلت تاريخيا مركزا من مراكز العطاء الثقافي و الأدبي و الإبداعي للبلاد و أن إسهامات أبنائها البررة قديما و حديثا تشهد على عراقتها و بمقدار ما راكمت المنطقة من الخبرات الإبداعية و الثقافية بمقدار ما أصبحت و منذ سنوات تفتقر إلى منبر ثقافي قار واحد , فإذا ما استثنينا المهرجان الصيفي الذي يعيش نفس أمراض المهرجانات الصيفية الأخرى فسوف لن نعثر على أثر ثقافي و إبداعي محلي واحد يحتضن الطاقات المبدعة و يغذي الساحة الثقافية المحلية و يوفر الإطار الحاضن لناشئة الإبداع كما نطرح تساؤلا حول عدد الكتب و المنشورات التي أصدرتها أسماء كتاب و مبدعين أصيلي نفطة و اقتنتها البلدية كتشجيع لهم على العمل و الإبداع كل ذلك يعود حسب رأينا لسببين أولهما عدم اقتناع المجلس البلدي والمجالس المتعاقبة بأهمية الثقافة و دورها في تهذيب الفرد و المجتمع و تحصينه ضد التطرف و الغلو و ثانيهما حالة الخواء و القحولة الثقافية التي وصلت لها البلاد عامة في ضوء استمرار معالجة قضاياها بالقبضة الأمنية و تجاهل الطبيعة السياسية للقضايا القائمة فحق استغلال الفضاءات العمومية منتهك لكل من آثر البقاء خارج المنظومة الرسمية .

5 ـ مالية البلدية :

ما من شك في أن المال قوام الأعمال إذا ما توفرت الإرادة الوطنية للعمل و النهوض , إلا أن قلة الموارد المالية لا تبرر بأي حال من الأحوال حرمان المواطنين من الحياة الكريمة في ظل بيئة نظيفة ترقى للطموحات الوطنية فلبلدية نفطة عدة موارد مالية ذاتية باستثناء الموارد الجبائية نقدر أنها لا تستغل بالقدر الكافي بل قل لم يقع تعهدها و تطويرها ضمن خطة محكمة للنهوض بالموارد الذاتية و من ثمة الترفيع في مردوديتها المالية و الاقتصادية و ما من شك في أن هيمنة الحزب الواحد و احتكار القرار يقف خلف تعطيل العديد من الطاقات الكامنة و الكفاءات المغمورة فضلا عن أنه يحجب أي منافسة جادة و حقيقية لفتح أوسع نقاش عام محلي ممكن حول سبل تطوير المداخيل البلدية إننا نطالب المجلس البلدي بنفطة بتنظيم ندوة عامة تدعى لها كل الكفاءات المحلية و المهتمين بالشأن العام المحلي لتدارس أوضاع و سبل تطوير القدرات المالية الذاتية لمالية البلدية كما نطالب بتقديم كشوف حول الأوضاع المالية لمختلف أملاك البلدية و ضبط خطة شاملة للنهوض بالموارد الذاتية  . وضمن هذا السياق فإننا نطالب ـ واعتمادا على مراجعة مقاييس توزيع المال المشترك التي وردت بالرائد الرسمي عدد 103 الصادر في 26 ديسمبر 2006 ـ نطالب وزارة الداخلية و وزارة المالية كل فيما يخصه بتطبيق الفقرة 4 جديدة من الفصل 3 من القانون المتعلق بالمال المشترك ( قانون عدد 36 لسنة 1975 المؤرخ في 14 ماي 1975 ) حيث يمكن  » تخصيص جزء من المدخر و إضافته إلى المناب الراجع للبلديات  » و ذلك بإصدار أمر يمكن بلدية نفطة و بصفة استثنائية من اعتمادات مالية إضافية قد يساعدها في تطوير برامجها التنموية المعطلة لأسباب مالية . هذه جملة من الشواغل و الاهتمامات التي كما أسلفنا تشغل بال مواطني نفطة : فهل تجد صدى لدى الجهات المعنية ؟

محمد الهادي حمدة

الكاتب العام لجامعة توزر للحزب الديمقراطي التقدمي .


 

رسالة إلى السيد الهاشمي الحامدي ساعدنا على توفير 3الاف موطن شغل!!!

 

أخي الهاشمي الحامدي أشكرك على تفاعلك مع رسالتي ,وتجشمك عناء قرائتها في برنامجك ,ولأني أصبحت فعلا أتوسم فيك خيرا كثيرا ,وفي وطنيتك وحب الخير للوطن فقد تابعت برنامجا في قناة الحوار اثارني وطرح ألف نقطة استفهام؟؟أي نعم سيدي مواطن تونسي يبدو أن لو ساعدته وابلغت صوته إلى المسؤول الأول السيد رئيس الجمهورية, لكسبنا خيرا كثيرا فهذا المواطن الموظف السابق في الشركة الوطنية للسكك الحديدية يعرض حقائق خطيرة جدا عن سوء تصرف مالي كبير في هذه الشركة. إذيقول مثلا ان وزير النقل في اجتماعه بإطارات هذه الشركة أن الوزارة منحت ماقيمته 700مليار, وأن هذه الأموال لم يقع صرفها في ما خصصت لها, ويواصل هذا المواطن قوله أن مجلس المستشارين الذي طرح تساؤلا على اليسد وزير المالية لم يجب الجواب الكافي وكان جوابا مفتوحا على احتمالانت عدة !!لا هو نفى الاتهامات ولا أجازها. والأغرب من ذلك أن السيد المدير العام لهذه الشركة رغم بلوغه سن التقاعد منذ سنة 2004 إلا أن سيادة رئيس الجمهورية يمنحه سنة اخرى إلى حد أنه إلى الان لا يزال على رأس هذه المؤسسة التي تثير الكثير من الحبر حول تصرفاتها الماليةالمشبوهة فلماذا يصر السيد الرئيس على بقائه على رأسها وهل خلت البلاد من الأطارات القادرة على التسيير؟؟السيد أحمد البزازي صاحب هذه العريضة وهو بالمناسبة إطار سابق بهذه الشركة ويبدو أن وطنيته الزائدة قد كلفته الرفت من الشغل لأنه ببساطة قال لا وصدق الفصل 15من الدستور الذي يقول بالحرف الواحد على  كل مواطن واجب حماية البلاد  هذا المواطن يطرح معادلة بسيطة جدا اخي الهاشمي إذيقول أنه إذا اعتبرنا أن المبلغ المستولى عليه هو 300 مليار فإن هذا المبلغ سيوفر على الأقل 3000موطن شغل !!!

أخي الهاشمي تصور 3000 موطن شغل لشباب عاطل عن العمل كم من عائلة ستفرح ومن أسرة ستكون وشاب سيتزوج ؟؟؟وفرحة ستعلو الوجوه !!!اخي الهاشمي لنتصور جدلا أن هذا السيد احمد البوعزي دعي كاذب فلماذا لا نكشف زيف اتهاماته الباطلة ؟؟وإن كان صادقا كم سنكسب أخي الكريم …ماذا سيضيف للمواطن البسيط ذاك الكم من الدكاترة الذين استدعيتهم واعتذروا  عن حضور البرنامج لا تستدعهم !! فنحن لا نريد الكلام مللنا التنظير والمناظرات إذ تكفينا الكاباس والنوفيام و,,,,, نريد أفعالا ..نريد الحقيقة …نريد الصراحة تونس ليس الجنة لكنها ليست الجحيم بل عل فيها مقومات البلد الأمين الامن  فقط قليل من الصدق والصراحة وفضح الممارسات المشبوهة والعلاقات والمحسوبية تصور لو فتحت القناة للبحث في هذا الموضوع وسميت الاسماء بمسمياتها هذه الشركة ألم تبن بسواعد أبناء وطننا؟؟أليست ملكا لي ولك ولكل تونسي فبأي حق يتمعش منها قلة قليلة متنفذة  انا لا اعرف هذا السيد لا من قريب ولا من بعيد ولا أعرفك أنت شخصيا لكنني اعرف شيئا واحدا أن وطنا واحدا يهمنا فكنا تونسيون

أنك بفتحك لهذا النوع من المناظرات وهذه التحقيقات ستعزز قولة السيد الرئيس لا ظلم بعد اليوم وأعتقد أن قناتك قادرة على إبلاغ صوت هذا المواطن والاف اخرون له فمن يصدق أن الرئيس زين العابدين بن علي يقبل مثل هذه التلاعبات واستغلال النفوذ وهو الحريص دوما على مصلحة المواطن ,,,

اخي الهاشمي 3000 موطن شغل مسؤوليتك ومسؤولية كل مواطن تونسي شريف فمعا من أجل التعجيل بفتح تحقيق عدلي في هذا التصرف المالي,,وفي انتظار التحقيق في هذه القضية أتوجه بنداء إلى الشركة الوطنية للسكك الحديدية أن تسمح بالركوب مجانا لأبناء المدن البعيدة والعاطلون عن العمل الباحثين عن فرصة بصيص أمل حين تعلم إخي الهاشمي أن عشرات أو قل مئات من العاطلين عن العمل لم يشاركوا في مناظرات تقام بتونس العاصمة لأنهم لا يملوكن ثمن تذكرة ركوب القطار إلا تصاب بموجة من الجزن والألم حين تعلم أن مئات الملايين تنام في جيوب من استأمناهم على تسيير هذه المؤسسة؟؟؟ صدقا الأمر أصبح لا يطاق والمال العام ليس ملكا لشخص دون اخر فكفانا لغطا وحديثا في الحب عفوا في الديمقراطية ودور المثقف فقد صدعونا كلاما ولغطا والفعل يجيبو ربي كما تقول والدتي أبقاها الله التي بفضل مثقفينا ودعاة الحرية وأعضاء المجتمع المدني  ستتساوى في الأرث مع اشقائها !!!

الديمقراطية تبدأ من هنا من كشف أين ذهب المال العام…..؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

                      عبد الباسط الهمامي \

                                   abdelmalek@yahoo.fr


 

بسم الله الرحمان الرحيم

المتعبون في السجون المظلمة

 
رسالة من وراء القضبان إلى من هو خارجها، ولسان حال السجناء في وطني وفي عموم الوطن العربي باسره، يسألون من وراء االجدرعن وضع وطنهم وطبع وقيمة الحياة فيه.
 
ما زال يسأله من السجون المظلمة.. نفس السؤال العقل معطل، والقلم جاف والحال نفس الحال ما زال يقتله السؤال… *** فسأله عن تونس.. لم يمعن السفهاء في إذلالها؟ لم جردوها الآن من كل الرتب؟ لم صدر القرار بوئدها؟ وهناك أكثر من محاولة اغتيال لم تآمروا على قتلها؟ وسأله عن تونس الزيتونة والخضراء، والجميلة.. كيف باعت نفسها؟ فأجابه: من بأسها *** وسأله عن عقبة العظيمة، والجديدة، والقديمة، كيف صارت مهرجان صارت تقدم للزناة الغاصبين.. أطواق ورد كي تعبر عن عظيم شكرها في زمن الهوان *** وسأله عن تونس الفتوحات تونس التي أصبحت لا تشارك تونس الصغيرة مثل مهر جامح تونس الباسلة حين ترفض، والعنيدة إن تعارك فأجابه: تونس التي في خيالي ولت وراحت من زمن.. وسط الممالك وأمامكم تونس الجديدة ها هنا شعب ليلى و..السارق وزين الصعالك *** وسأله عن تونس البلاد تونس التي.. باعت حصون الأغالبة، والجهاد تونس التي قد حشدت كل العتاد وتفرغت من يومها.. للقمع، أو حصد المصائب للعباد تونس التي تخلت عن دورها كي يتركوها للفساد والغير يعجب والتعجب حسرة والألم يعتصر الفؤاد الآن غدت بين بينْ لا هي تونس ولا صارت الغرب صارت ميوعا مثلما الطاغي أراد ويلقبونا بالعصاة إن هربنا… عن تقاليد الفساد يا سيدي الرئيس شعب بعهدك قد كفر والكفر زاد إن كان بعد الكفر ذنب قل لي عليه لأفعله حتى ترحل عن العباد *** وسأله عن تونس الحريات التي.. لا تحترم فأجابه: كل الذي يروى دجل عن أي حرية تحدثني إذن؟ الآن أصبح كل شيء محتمل هم يصنعون لنا الإرهاب الذي.. فيه تباح دماؤنا سجنوا القتيل لكي يكافأ من قتل هذا الوطن عقل مليء بالخلل وطن مليء بالعلل هي عشرون عاما أو يزيد صارت بلادي كلها زنزانة، والشعب أصبح معتقل المر نشربه في الصباح وفي المساء الهراوة من دمائنا مرارا تغتسل والراعي يجلس فوق هذا الوطن يزهو والمواشي تمتثل حمل ثقيل كالجبل والناس تصرخ: لا أمل هذا الرجل.. ماذا فعل؟ يوم تركناه ونمنا في العسل فإذا به انتزع الخجل وما توارى أو رحل وإذا بصناع الإستفتاء على التعديل يعلنون، ويصفقون، ويهتفون: الله أكبر قد فعل ما رأينا يا « بغلْ » لا تستريح ولا تريح، ولا تحيض ولا تبيض، وكل أيامك.. ملل وطن تعطل كل ما فيه وأصبح مهرجانا للبغاء والدجل وطن نجلس فيه في انتظار المعجزات ولى زمان المعجزات فما العمل؟ *** وسأله هل سيورثون؟ فأجابه: هم ورثوها يا نعال ومتى سترجع تونسنا يوما إلينا؟ فأجابه: حتى نفاجأ يوما بزوال هذا الإحتلال وسأله في هم، وعجب، وانفعال: بأي حق تحكمنا هذي البغال؟ فأجابه: يا للغباوة في السؤال أنتم شعوب مستباحة تاريخكم كان احتلالا في احتلال.. في احتلال *** وساله عن ساحل تونس المبتسم كيف ارتضيتم حالها؟ صارت عدم، خطبها احتدم، شعب كقطعان الغنم والذئب يجلس في نهم تونس التي صارت ندم، صارت ألم نهبوا حليها؟ نعم قطعوا أظافرها؟ نعم سرقوا الأهداب، والخواتم، والقلائد، والقلم نزعوا اللباس الخارجي، وكل الداخلي تركوها عارية عرضوها في سوق النخاسة ثم بيعت للمقربين، وللعجم هي عشرون عاما أو يزيد أصبحنا فيها خدم في الصباح ضرب بالعصاة وفي المساء ركل بالقدم والكل فيها متهم والويل إن تنفي التهم والسيد الغبي يجلس مبتسم فلتسالوه: هل التزم؟ حلف القسم؟ كان القسم.. عنا يذود، وأن يجود، ولا يدم بالعدل يحكم إن حكم ليضل فينا خفاقا هذا العلم *** وسأله: عن شهدائنا أرواحهم تاتي إلينا في المنام.. وتقض مضاجعنا فقل لي يا سيدي من ذا ينام.. غير الكلاب المارقين الآثمين المذنبين.. من معشر الحكام؟ أنا ما نسيتهم في كل مقبرة هناك ما زلت أسمع صوتهم صوت الأنين من العظام عار عليكم أبناء العمومة أن تنسونا، حرام فأجابه: والله مثلي لن ينام فتحي العابد
 


من وحي الذكرى الـ50 لإعلان الجمهورية بتونس وفاء للجمهورية الحلقة الثالثة

معا من أجل جمهورية الغد

 
بقلم جعفر الأكحل كاتب وباحث – تونس يوم 27 جويلية 2007  
ذلك هو الحدث الكبير الذي توج الاصلاحات السياسية والاجتماعية الكبرى بعد الاستقلال مباشرة وفي فترة لاتتجاوز 14 شهرا، وقد كانت دقيقة وخطيرة من الناحية الامنية محليا واقليميا مما يؤكد الارادة السياسية للقيادة الوطنية، الحاملة لمشروع تحديثي واضح المعالم ومرسوم سلفا في الاذهان. وفي ظل الجمهورية، وفي كنف الدولة العصرية تربت اجيال، وتغيرت الاحوال، وتنوعت الابداعات والاعمال في كل فن ومجال، وقطعت تونس الحديثة خطوات جبارة على درب الحداثة وعلى طريق البناء والتشييد ومقاومة التخلف، وتحقيق النهوض الاقتصادي والاجتماعي والتقدم العلمي والتكنولوجي، والنهوض بالاسكان واقامة المشاريع الصناعية، والنهوض بالصحة ورعاية الطفولة وتنظيم الاسرة واقرار اسلوب التخطيط في ضبط برامج التنمية وطنيا وجهويا وهذا لايعني عدم وجود مصاعب واخطاء ومشاكل بل كانت بل كانت كثيرة وفادحة احيانا ولكن موضوعنا فقط ابراز ابعاد ومكانة الاصلاحات السياسية وفي طليعتها الجمهورية وقيمها والدولة العصرية واسسها. مسؤوليتنا اليوم وغدا: نصف قرن من النظام الجمهوري نشانا عليه واعتدنا هذا النموذج السياسي، قد يخطئ من يظن عدم وجود اخطار تتهدده اليوم او غدا. ولكن سوف يبقى مابقيت فينا وخاصة اجيال المستقبل الروح الجمهورية القوية والحامية لهذا النموذج ولمكاسبه الغالية عبر نصف قرن من الزمان كلنا يدرك بلا شك ان هناك من لايزال يحن لعصر الحريم. ولا يرتاح لمكاسب المراة التي جاءت بها مجلة الاحوال الشخصية، وهناك ايضا من لا يرتاح للنظام الجمهوري نعم. الا توجد حركة سياسية معروفة اليوم في كامل الوطــن العربــي لا تــزال تحن وتسعى لعودة الخلافة العثمانية.(حزب التحرير). ان علينا ان نهيء شبابنا وان نربي ابناء نا على الدفاع عن الجمهورية فكرا واسلوبا وان نجذر هذا الشعور بكل الوسائل التربوية والثقافية حتى يكون الجيل القادم والاجيال التي تليه في طليعة من يحمي هذه البلاد ويدافع عن اصالتها وعن قيم الجمهورية وعن مكاسبها ومكاسب المجتمع المدني. يوم 7 نوفمبر انقذت الجمهورية: لقد انقذ الرئيس زين العبدين بن علي غداة السابع من نوفمبر 1987 البلاد والشعب والنظام الجمهوري العتيد من الوهن ومن كل الاخطار التي كانت تتربص به وكانت عناصر الظلام تسعى بكل الوسائل وبالدعاية والتشويه وبث الاشاعات الكاذبة لاضعاف النظام الجمهوري وبالتالي اسقاطه والانقضاض عليه واحلال نظام تييوقراطي استبدادي واميري وصائي محله. فكان بن علي في الموعد مع التاريخ فجدد في النفوس معاني الجمهورية واعاد للدولة هيبتها وعنفوانها ووضع المسيرة الوطنية من جديد في الطريق المستقيم. واليوم وتونس تواصل بكل ثبات واقتدار برغم كل المصاعب والتحديات الخارجية والظروف العالمية الصعبة والدقيقة تظل « الجمهورية » الحداثة في تونس التغيير بقيادة الرئيس في نمو مستمر وفي تطور متواصل وفي استقرار حي، وفي حوار دائم بين الاجيال امة تنشىء الحياة وتبني كبناء الابوة الامجاد. سياسة متكاملة. كل شيء مدروس. لامجال للارتجال، المصلحة العامة فوق كل اعتبار. والقانون هو السيد والجميع في خدمة تونس في ظل الجمهورية. جمهورية الغد التي خطط لها سيادة الرئيس. جمهورية الغد هي جمهورية المناعة والتالق والاشعاع. جمهورية الغد هي جمهورية التطور العلمي والاشعاع الحضاري. جمهورية الغد هي جمهورية الذكاء والمعرفة. فلتحيا الجمهورية ولتحيا تونس.


بمناسبة عيد الجمهورية

الجزء الثــانى  :

 
الاستــاذ فيصــل الزمنـى :  نواصل باذن الله تعـالي نشر الدراسة المنجزة بمنـاسبة عيد الجمهورية  و التى أرجأنـا نشرهـا لاسباب تعرضنا لهـا سابقـا  راجين من الله أن يوفقنـا لمـا فيه مصلحة البلاد و العباد . 1 ـ المتغيــرات العــالميــة : كمـا أسلفنـا القول فان حركة التحرر فى العـالم قد ارتكزت على عدة مبـادى أهمهـا  حق الشعوب فى تقرير المصير و احترام سيادة الدول على أراضيهـا و عدم التدخل فى شؤون الغير … ان سقوط المعسكر الاشتراكى و توجه العـالم الى القطب اللبرالي قد قلب عدة مفاهيم و حول بعض الاهتمامات …. بحيث أن هـذه المبادئ التى استندت اليهـا حركات التحرر فى العـالم لم تعد كلهـا اليوم قابلة للترويج . بالرجوع الـى منتصف التسعينات تقريبا , فقد برزم مبدء لقي رواجا عـالميا و هو مبدء نقيض تلكم المبادئ التى قامت عليها حركات التحرر فى العالم ,ففى حين تبنى العالم التقدمى فى بداية القرن الماضى مبدأ عدم التدخل فى شؤون الغير و سيادة الدول على أراضيهـا …. فقد برز الان مبداا يتمثل فى  » حق التدخــــل فى شــــؤون الغير  »  ( Le droit de l’ingérance   ) و يقول الوزيــر الفـــــرنسي  » السيــد  كوشنار »  بكل وضوح , أنه للـــدول المتحضرة ( هكذا جــــاء بمداخلة الوزيـــر الملقات فى معهد تونس Le College de Tunis )  حـــق الانصــــات و الاستمـاع الـى صرخات الاستغاثة التى يطلقهـا ضحايا القمع و الطغيان بأي بلد .. كمـا أنه للدول المتحضرة حق التمييز بين مختلف الاستغاثات و التدخل من أجل ايقاف المظـالم و ايقاف التعسف …. متى شـاءت . ان هـذا المبدأ يعنى أن نداء الاستغاثة هـذا و كذلك تلبيته و التدخل من أجله لا يتوقف عند الحدود الوطنية و لا تمنعه قواعد السيادة الوطنية و لا مـا كـان يسمى بمبدأ عدم التدخل فى شؤون الغير . لقد لاقى هـذا المبدأ عدة تطبيقات عملية بل أكثر من ذلك فقد التزمت عدة حكومات محلية به و لنأخذ على سبيل المثال و ليس على سبيل الحصر الفصل الثانى من اتفاق الشراكة التونسي الاوروبي المتعلق باحترام حقوق الانسـان … فالدولة التونسية بامضـائهـا لهـذا الاتفاق قد أخضعت بشكل غير مباشر الـى الرقابة الدولية مسألة كـانت تعتبرهـا بالامس القريب مسألة داخلية تهم السيادة الوطنية و لا يمكن لاحد أن يتعرض لهـا . ان الفصل الثانى المذكور يمثل  اقرارا من الجهتين التونسية و الاوروبية بأن مشكلة حقوق الانسان التى هي بالاساس مشكلة داخلية تخضع لمعطيات السيادة الوطنية لم تعد كذلك و قد تم اخضاعهـا الى الرقابة الدولية بموجب اتفاق رضـائي أبرم بين الطرفين بحيث أن الدولة التونسية قد التزمت تعـاقديـا بأن تخضع هـذه المسألة للمتابعة الدولية . كمـا تجدر الاشارة الى الاحداث القانونى الذى عرفه القانون البلجيكى بخصوص الجرائم المرتكبة ضد الانسانية و ذلك بتمكين النيابة العمومية البلجيكية من قبول الشكايات التى ترد عليهـا من متظلمين ليسوا بلجيكيين و لا يقطنون على الاراضى البلجيكيــــة ضد أشخـاص أو جماعات هي الاخرى ليست بلجيكية و لا تقطن بالضرورة على الاراضى البلجيكية من أجل جرائم تتعلق بالانسانية و الاعتداءات الجماعية التى تنصب على أنفـار لاجل ممـارستهم لاحد الحقوق اللصيقة بصفتهم البشرية كحق التعبد أو الانتمـاء على سبيل المثـال … . ان الامر لا يتوقف على حد التشكى بل أنه يذهب أبعد من ذلك فالنيابة العمومية البلجيكية عندمـا تتعهد بالملف تحيله على أجهزة البحث و التقصى التى لهـا أن تطـالب بتسليم المجرمين و اصدار بطـاقات  الجلب .. الخ .. الخ…  كمـا أن القضـاء البلجيكى له أن يصدر أحكـامـا جزائية من أجل تلكم الجرائم و تتعهد أجهزته بتنفيذهـا… ان القـاضى البلجيكى الوطنى بالاساس قد تحول بموجب قانون بلجيكي داخلي وطنى الـى قاض دولي حسبمـا بيناه أعلاه بدون اللجوء الى مؤسسات دولية و تم بذلك منحه  حق تجــاوز السيادات المحلية للدول . كل هـذا يؤكد أن مفهوم السيادة و تعهد القضـاء الوطنى دون سواه بمشكلة محلية  هو مفهوم بصدد التراجع .. أو قل بصدد الاندثـار التدريجي …  ليحل محله مفهوم جديد لقانون يسميه البعض قانون الانسانية و يسميه البعض الاخر  » حكم الغالب على المغلوب  » و فى كل الحــــالات فان الوضع الجديــــد لا يعترف بالمفهوم القديم لسيادة الدولة و تمسكهـا بمحـاكمة مواطنيهـا بموجب جرائم ارتكبت على أراضيهـا أو خـارجهـا … و تتبعهم باعتبارهـا دولة ذات سيادة و دون غيرهـا من الدول . و حتى لا نطيل أكثر و حتى لا تتحول هـذه المداخلة الـى مداخلة قانونية صرفة فاننـا سوف نتوقف بعض الشيئ عند ظـاهرة الارهـاب الدولي أو المحلي .فالدول التى لا تتورع عن وصف نفسهـا بالدول المتحضرة مقـارنة بغيرهـا , فهي تحتفظ لنفسهـا ببتكييف العمل الذى تريد وصفه بالعمل الارهـابي و فى حـالــــة تولى دولة وطنيـــة وصف عمل مـا بأنــــه غير ارهـابي فان الوصف الــــذى تعطيه الدولــــة  » المتحضرة  » يكون هو المعمول به و يمنحها حق التدخل فى كل وقت و بالاشكـال التى تراهـا صالحة و فاعلة من أجل ايقاف و ردع مـا رأته هي ارهـابا . كل ذلك يتم بطريقة لا نرى فيهـا حضورا كبيرا للمفهوم القديم للسيـادة بحيث أنه لا يمكن لدولة تنشط على أراضيهـا مجموعات أو أنفار وصفوا من طرف الدولة  » المتحضرة  » بكونهم ارهـابيين أن تتمسك بحقهـا وحدهـا فى مقاومة تلك المجموعـات . ان هـذا الكلام قد صرح به قـائد الاسطول الحربي التابع للناتو عندمـا تنقل أخيرا( فى بداية سنة 2007 )  بين مرافئ جنوب المتوسط مؤكدا أن مهـامه تتمثل فى مقاومة الارهـاب و التدخـــــل لصده فى الوقــــت و المكـان الذى يراه صـالحـا . و لو دخلنـا المجـال الاقتصادى ,فاننـا سوف لن نكون أقل تأكيدا على اندثـار مفهوم السيادة الاقتصـادية القديم و عدم امكانية تطبيق سياسة حماية المنتوج الوطنى مثلا… و غلق الحدود أمام المنتوجات الخـارجيـة بمـا يسند المنتوج الوطنى . ان معـاينة التوجه الاقتصادى العـالمى يذهب أكثر من ذلك فملكية وسيلة الانتاج نفسهـا لم يعد من الممكن حصرهـا على المواطن أو المجموعة المحلية …. بل أن التوجه الحـالى انما هو ذاهب الـى اعـادة النظر فى مفهوم الجلاء الزراعى و ملكية العقارات من قبل الاجانب … اذ أنه لا يمكن فتح الحدود اقتصاديـا مع الابقـاء على قوانين تعرقل انتقال الملكية العقارية و ملكية وسـائل لانتاج …. و تخضعهـا لشروط الجنسية أو الاقامة مثــلا . فى كلمة واحدة فان الدولة الوطنية لم يعد يمكنهـا اليوم التمسك بمفهوم السيادة الوطنية لمنع تداول رأس المـال أو ملكية العقارات و وسـائل الانتاج  على أراضهـا بتعلة التمسك بالسيادة الوطنية . ان كل هـذه التساؤلات تحيلنـا الـى التفكير فى المنظومة الجمهورية التى صـارت تخضـــــع لتحديــدات و تضييقات دولية … فكلمـا احتكت الجمهورية كوسيلة للممـارسة السيادة المحلية بالحواجز الدولية كمـا ذكرنـاه أعلاه الا و منحت الاولوية للضغوط الخـارجية . قد يمكن لنا أن نذهب أكثر من هـذا فى ضرب الامثلة على تغير مفهوم السيادة الوطنية و قدرة النظـام الجمهوري على حل معظلة الحكم وحده على التراب الوطنى … و لكننـا سوف نتوقف عند هـذا الحد لاعتبـار أن الغـاية من اثـارة هـذا التوجه هنـا هو فقط لغـاية الاستدلال على حصول تغييرات كبيرة طبعت العلاقات الدولية فى العـالم و جعلت من مفهوم السيادة يتغير ليس الا . ان نظرتنـا للاستقلال التى قامت سنة 1956 كمـا أن نضال مجاهدينـا فى الجبال أثنـاء الحقبة الاستعمـارية لم يعد من الممكن الان موالفته مع الوضع العـالمى الجديد .. فالحديث عن محـاصرة السيادة الوطنية نفسه … كمـا أسلفنـا القول قد يكون متخلفـا فى الزمـان و قد تجـاوزته الاحداث أمـام مـا نراه اليوم من حديث حول  » نظرية الحكم العـالمى   Gouvernance mondiale  La »  أي أن التنظير الحـالى قد توجه نحو ايجـاد قواعد عـالمية للحكم ….. و لربمـا الحديث عن جمهورية عـالمية يجب أن تلقى تطبيقات اقليمية شبيهة بالنظـام الفدرالي غير المعلن …. و لنتوقف هنـا أحسن ….. نظرا لكون التخمة السياسية و الاقتصادية قد تؤدى الى عواقب وخيمـة ….. ان كل هـذا يؤكد أننـا أمـــــام مرحلة جديـــــدة تتمثل فـى الغــاء مفهـــوم السيادة الوطنية المتعارف عليه و احلال مفهوم أكثر لينـا محله … بحيث أنه يسمح بممـارسة السيادة الوطنية فى الحدود التى لا تتعـارض مع مفاهيم حق التدخل و الرقابة الدوليين و هـذا الحق الجديد الذى هو بصدد التشكل و المروج لـه تحت تسمية جق الحكم العـالمى . فهل نمر الـى احداث  » الجمهورية العـالمية  » ؟


 

أحمد بن صالح في حديث للوحدة :

أنا من كتب وثيقة إعلان الجمهورية

الأستاذ أحمد بن صالح الأمين العام الأسبق للاتحاد العام التونسي للشغل (من 1954 إلى 1956)، و عضو الحكومة البارز من 1957 إلى 1969 والمشرف على أول مخطط تنموي لدولة الاستقلال، والمحكوم عليه بتهمة الخيانة العظمى (بسبب التعاضد!) سنة 1970، و المعارض المؤسس لحركة الوحدة الشعبية سنة 1973، والذي بقي في المنفى خارج تونس لمدة ربع قرن. التقيناه في بيته برادس بمناسبة الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية بصفته النائب الأول لرئيس المجلس القومي التأسيسي، وكان لنا معه هذا الحوار الذي تركز حول إعلان الجمهورية سنة 1957 و إعداد دستور 1959ودوره في ذلك.

        أجرى الحوار : عادل القادري

 

* الوحدة : في أي ظروف تم الإعلان عن الجمهورية؟ وكيف أسهمت في ذلك ؟

 

ـ كنت النائب الأول لرئيس المجلس القومي التأسيسي منذ أن كان الحبيب بورقيبة رئيسا للمجلس قبل أن يتولى رئاسة الحكومة (14أفريل 1956) ويأخذ مكانه الجلولي فارس، وكنت رئيس لجنة التوطئة والتنسيق بين اللجان المكلفة بإعداد الدستور.

و بتلك الصفة والمهمة، كنت محتاجا إلى معرفة مآل الأمور، فيما يتعلق بالاختلاف بين مؤسسات الدولة ، حيث وصلت اللجنة في عملها من إعداد فصول الدستور إلى مرحلة تستوجب منا معرفة طبيعة النظام السياسي، وبعد نقاشات ومناورات و تفاصيل أخرى كثيرة يطول شرحها، مثل الإشاعات حول طلب الأمين باي وابنه والطاهر بن عمار حماية فرنسية للعائلة المالكة، طلب بورقيبة منا (أنا وعلي البلهوان) عن طريق الجلولي فارس تهدئة الجدل داخل المجلس حول النظام الجمهوري (الذي لم يكن الحديث بشأنه متداولا قبل تلك الفترة) ومواصلة إعداد الدستور على أساس الملكية الدستورية، وكنت  بطبيعة الحال مع الجمهورية رغم محاولة البعض تشويه موقفي واتهامي بالتعاطف مع العائلة المالكة والأمين باي في حين كان المنصف باي يقول لي أكثر من مرة قبل ذلك بسنوات لدى اتصالي به في منفاه  أنه هو الذي سيعلن الجمهورية، وحين تقرر الأمر بالاتفاق بين الديوان السياسي ومكتب المجلس، كتبت نصا بخط يدي على ورقة صغيرة، وهو إعلان  الجمهورية الذي يلغي الملكية إلغاء تاما ويعلن تونس دولة جمهورية ويكلف الحبيب بورقيبة برئاسة الجمهورية، اطلع عليه الباهي الأدغم (نائب رئيس الحكومة والأمين العام للحزب) ومحمد السنوسي (المستشار القانوني) و لم يدخلا عليه أي تعديل، وكانت المسألة سرية لا يعلم بها إلا عدد محدود جدا من الأشخاص،  وبقيت معي تلك الورقة بضعة أيام محتفظا بها في جيبي وأنام بها، وقبل يومين من الجلسة الحاسمة (أي يوم 23 جويلية) جاءني الباهي الأدغم ليخبرني أن اليوم المشهود قد اقترب معربا عن رغبة قيادة الحزب في عدم الإعلان المباشر عن الجمهورية في أول الجلسة وعدم التأثير على أعضاء المجلس، وبذلك تم الاتفاق على أن أتولى الاكتفاء في الكلمة الافتتاحية ببسط الموضوع، ليتبين لي بعد ذلك  أن المسألة كانت مقصودة.

وقد جاء اليوم المشهود، يوم 25 جويلية 1957، في مقر المجلس بباردو، وكنت جالسا إلى جانب الحبيب بورقيبة والباهي الأدغم والطيب المهيري… ، وكان ترتيب الجلسة هكذا وفق نظام المجلس، وكنت أول من دعي من طرف رئيس المجلس الجلولي فارس لإلقاء كلمة بصفتي رئيس اللجنة التنسيقية لإعداد الدستور، حيث أوضحت للنواب أننا وصلنا في تحرير الدستور إلى مرحلة تستوجب تحديد طبيعة نظام الدولة (ملكية دستورية أو جمهورية) ولم أعرب عن موقفي التزاما بما تم الاتفاق عليه مسبقا، رغم أني كنت أحمل معي وثيقة إعلان الجمهورية . ثم تدخل مباشرة بعدي السيد رشيد ادريس ليقول في أول جملة : « نحن لا نريد كلاما فيه التواء وتردد ، نحن نريدها جمهورية  » فكان التصفيق العاصف داخل القاعة، و قصد بالالتواء والتردد كلمتي التمهيدية، وأدركت على الفور أنه ثمة من لم يكن يريد أن أكون أول من ينطق بها. فأشرت إلى السيد الجلولي فارس طالبا الكلمة من جديد مهددا بالتدخل من مكاني، فوافق بعد أن استشار بورقيبة الذي أومأ إليه بالإيجاب، وبالفعل ألقيت كلمة أخرى أوضحت فيها الموقف، مبيّنا أني تكلمت في المرة الأولى بصفتي (المحايدة) كرئيس لجنة، والآن سأتكلم بصفتي نائبا عن الجنوب الشرقي، ومن ضمن ما قلته: إنه آن الأوان لعودة المياه إلى مجاريها ولا بد من العودة إلى الشعب وليس أنقى وأصفى من معدن الشعب، وقد لقيت كلمتي استحسان أعضاء المجلس و بورقيبة وبقي بعض الحاضرين (مثل الصادق المقدم) يتذكرون مقاطع منها بعد ذلك بسنوات.

 

* الوحدة : إذن، هل  يمكن القول إن نص إعلان الجمهورية قد كتبه أحمد بن صالح ؟

 

ـ  بالتأكيد، وقد تمت المصادقة عليه بالإجماع و لم يغيروا في النص الذي كتبته فاصلا أو حرفا واحدا. وتم ذلك طبعا بالاتفاق مع أعضاء المكتب ورئيس المجلس الذي تولى تلاوة إعلان الجمهورية في نهاية الجلسة (ثم صدر بإمضائه). مع الإشارة إلى أنه حين تولى بورقيبة رئاسة الحكومة لم يقع استشارتي أو إعلامي بتولي جلولي فارس مكانه كرئيس للمجلس التأسيسي رغم أني كنت النائب الأول لرئيس المجلس ومؤهلا لذلك، ولكن لم تكن لي أي مشكلة وتقبلت الأمر بصدر رحب، محترما ومقدرا جلولي فارس الذي كان أكبر سنا مني…

 

* الوحدة : متى بدأت  لجان إعداد الدستور أعمالها؟ وماذا كانت مهمة المجلس التأسيسي؟

 

ـ انطلقت أعمال اللجان مباشرة بعد انتخاب المجلس القومي التأسيسي  (25 مارس 1956) انتخابا لم يطعن فيه أحد لا في الداخل ولا في الخارج، وقد أخذت على عاتقي وفق القاعدة التي تقول بالفرنسية (qui peut le plus peut le moins) أن يقوم المجلس بأدواره كاملة و إذا كان المجلس سيعدّ دستور البلاد والمسألة ستطول  فينبغي أن يكون له اطلاع على سير الحكومة وقراراتها وعلى الميزانية والمشاكل الاقتصادية (كهروب الأموال إلى الخارج) والمسائل الاجتماعية … ، وحدث نتيجة ذلك نقاش حاد وجدل كبير( بدعوى أن المهمة الوحيدة للمجلس التأسيسي هي إعداد الدستور وليس مراقبة الحكومة) ولكن الأغلبية في المجلس التأسيسي أقرّت تلك الصلاحيات.

وكنت قبل ذلك قد صرّحت في جلسة عامة بأني أتمنى أن لا يصبح بورقيبة رئيسا للحكومة، ويبقى رئيسا للبرلمان  الذي يراقب الحكومة، آملا أن لا تنجذب تونس إلى المسار العادي وتيار البلدان المستقلة الأخرى التي يتفرد فيها الزعيم  بالحكم، ولكنني كنت مقتنعا في نفس الوقت بأهمية الدور المحوري  لبورقيبة وسمعته وما له من تأثير معنوي وسياسي فعال في الداخل و الخارج. وقد احتج عليّ حينها  الباهي الأدغم قائلا : انظر إلى الهند، نهرو أصبح رئيسا للحكومة.، فأجبته بما أفحمه : نهرو وليس غاندي.

وبعد يومين، تمت دعوتي إلى اجتماع موسع للديوان السياسي في دار بورقيبة بصفتي أمينا عاما لاتحاد الشغل (الذي كان له في المجلس التأسيسي 22 نائبا) مع الفرجاني بالحاج عمار رئيس اتحاد الصناعة والتجارة، أما الاتحاد العام للفلاحة فلم يكن مدعوا لأنه كان محسوبا على بن يوسف، وكانوا جميعا أكبر مني سنا. وبادر بورقيبة بإجلاسي إلى جانبه، وتحدث بطريقته (المسرحية) عن عدم رغبته في تحمل مسؤولية رئاسة  الحكومة لولا نداء الواجب ، ثم وقف قائلا باللغة الفرنسية: سوف ترون، بورقيبة من جهة، وبن صالح من جهة أخرى، وسيكون الأمر رائعا. وحين رويت ما جرى وأثار انشغالي لصديقي النقابي محمد الري المتميز بذكائه علّق على عبارة بورقيبة محذرا: إنه يوغر الصدور، وكان ذلك بالضبط ما فهمته أنا أيضا من تلك العبارة وما ستثبته الأيام لاحقا.(تمت إقالة أحمد بن صالح من الأمانة العامة للاتحاد في ديسمبر 1956 بعد 3 أشهرمن انتخابه في مؤتمر الاتحاد في سبتمبر 1956 وأخذ مكانه أحمد التليلي عضو الديوان السياسي للحزب).

وفي هذا السياق أذكر أن الصديق أولف بالم (رئيس الحكومة السويدية الراحل) في لقاء لي معه سنة 1974 بعد أن تم تنقيح الدستور السويدي وأصبح رئيس الحكومة يعينه المجلس (البرلمان) عوض الملك، تذكر موقفي من هذه المسألة في الخمسينات أي قبل حوالي عشرين عاما من ذلك اللقاء وكان حينها مساعدا للزعيم الكبير ايرلندر، وقال لي: ها إن ما كنت تدعو إليه يتحقق عندنا.

 

 * الوحدة : إلى أي مدى شاركت  في صياغة الدستور ؟ 

 

ـ في البداية (من أفريل 1956 إلى جويلية 1957) كان لي دور هام مع علي البلهوان (الذي توفي في ماي 1958)، وفي الحقيقة الجميع شاركوا بجدية في العمل الذي تقدم أشواطا كبيرة، ثم تخليت عن مهمتي كمنسق للجان المكلفة بإعداد الدستور بعد أن توليت كتابة الدولة للصحة (في أوت 1957)، وحافظت على دوري كنائب فقط مساهما في النقاش خلال الجلسات العامة.  ولكن  لم تكن لي علاقة بالصياغة النهائية للدستور.

 

* الوحدة:  قلت إنك تعتز بكل حرف من حروف دستور 1959، ألا ترى في ذلك مبالغة، فالبعض يرى أنه مليء بالعيوب التي أثرت سلبا في مسارنا الديمقراطي؟ .

 

ـ قلت ذلك في سياق معين ولسبب آخر، ومع ذلك، ما زلت أعتبر أن الدستور التونسي في صيغته الأولى قبل أن تدخل عليه التنقيحات التي شوهته ولاسيما سنة 1975 بإقرار الرئاسة مدى الحياة، كان  مقبولا وفيه احترام لمبدأ تفريق السلطات و إطارا صالحا لنظام ديمقراطي لا بأس به. فالنظام الرئاسي لا يعني حكما ديكتاتوريا. وهذا لا يعني أن الدستور كان خاليا من العيوب أو أنه تم الالتزام بتطبيقه. كما يجب وضع الأمور في ظرفها التاريخي سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا في تونس الخمسينات (الفقر والأمية والأولويات التنموية المطروحة آنذاك إلى جانب تداعيات الخلاف البورقيبي اليوسفي الذي حاولت مع بعض المخلصين تفاديه دون جدوى والوحدة الوطنية والوضع في الجزائر والتدخل الفرنسي). واليوم  بعض المعارضين الديمقراطيين جدا يقولون: خمسون عاما وليس هناك جمهورية، هذه هي المبالغات. وكان بودي لو وقعت دعوتي إلى الندوات التي تم تنظيمها حول الموضوع بمشاركة رجال القانون. أما الديمقراطية التي يتباكون عليها فقد أوصلت أيضا هتلر إلى الحكم. وأعترف أني لست ممن تسحرهم أغنية الديمقراطية، ديمقراطية النخبة وليس ديمقراطية الأعماق التي توفر للناس ما يدافعون عنه، وبالنسبة لي، الحرية هي الأصل والغاية، أما الديمقراطية فهي آلية وأداة وأسلوب وطريقة. ولذلك كنت أردد دائما في خطبي أننا في بداية البداية.

 

 

 

 

 

بيان الديوان السياسي للتجمع الدستورى الديمقراطي بمناسبة الذكرى الخمسين لاعلان الجمهورية

 
تونس 24 جويلية 2007 ( وات ) – بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين لاعلان الجمهورية اصدر الديوان السياسي للتجمع الدستورى الديمقراطي البيان التالي : « في كنف النخوة والاعتزاز يحتفل الشعب التونسي بالذكرى الخمسين لاعلان الجمهورية الذى يمثل مكسبا وطنيا خالدا في تاريخ شعبنا الحافل بالماثر والامجاد. وفي هذه الذكرى الوطنية العظيمة يرفع الديوان السياسي للتجمع الدستورى الديمقراطي الي ابن تونس البار سيادة الرئيس زين العابدين بن علي اخلص التهاني واسمي عبارات الاجلال والاكبار لحرصه الدائم علي تعزيز مكاسب شعبنا وعلي صيانة الذاكرة الوطنية بما يعمق لدى اجيال التونسيين والتونسيات مشاعر النخوة الوطنية ويرسخ لديهم احساس الفخر بامجاد تونس والوعي بمسؤولية الحفاظ علي المكاسب والانجازات. وان الديوان السياسي ليبرز الاهمية التاريخية الكبرى التي اكتساها اعلان النظام الجمهورى في البلاد الذى مثل اثر حصولها علي الاستقلال خير دعم لمقومات سيادتها وخير تعزيز لحرية شعبها وكرامته بما مكنه من الانطلاق علي درب الحداثة والتقدم وممارسة سيادته دون وصاية او تبعية. وان الديوان السياسي ليسجل ببالغ التقدير الدور التاريخي الحاسم الذى اضطلع به الجيل المؤسس للجمهورية ولا سيما القادة والزعماء وفي مقدمتهم الزعيم الحبيب بورقيبة اول رئيس للجمهورية واذ يؤكد الديوان السياسي اعتزازه الدائم بالدور القيادى الفاعل الذى اضطلع به حزبنا العتيد لتحقيق هذا الانجاز الوطني الرائع فانه ينوه مجددا بالجهود التي بذلتها اجيال متلاحقة من ابناء شعبنا وبناته من اجل ترسيخ البناء الجمهورى وتعزيز اركانه وتثبيت اسسه ومقوماته. وان الديوان السياسي لحريص علي ابراز الدور التاريخي لتحول السابع من نوفمبر المبارك في انقاذ البلاد والعباد واعادة الاعتبار للنظام الجمهورى ولهيبته وقيمه مثلما نص علي ذلك البيان التاريخي المؤسس لعهد تونس الجديد. وان الديوان السياسي ليؤكد لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي خالص الثناء والامتنان وفائق التقدير والاكبار لما اقدم عليه منذ التحول المبارك من جليل الاعمال والتضحيات ولما يحرص دوما علي اتخاذه من رائد المبادرات والاجراءات من اجل ترسيخ مقومات النظام الجمهورى ونشر قيم الجمهورية في اطار رؤيته الاصلاحية الشاملة التي تتكامل ابعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وان الديوان السياسي ليشيد مجددا بالنسق الاصلاحي المتواصل الذى تشهده البلاد في المجال السياسي من اجل مزيد تطوير الحياة السياسية وبناء مجتمع الديمقراطية والتعددية وحقوق الانسان وتكريس دولة القانون والمؤسسات. ويبرز الديوان السياسي الاهمية الفائقة للتحوير الدستورى الذى مثل مرحلة متقدمة في ذلك الاصلاح وشكل افضل ركيزة لبناء جمهورية الغد التي يريدها سيادة الرئيس زين العابدين بن علي تجسيما لتقدم شعبنا ورقيه وازدهاره. ويعرب الديوان السياسي لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي عن كامل تقديره لحرصه الدائم علي نشر مبادىء الجمهورية وقيمها عبر المنظومة التربوية الثقافية الوطنية تجذيرا لروح المواطنة ولدولة القانون ولثقافة الاعتدال والتسامح. ويؤكد الديوان السياسي بالغ اعتزازه بما تنعم به تونس السابع من نوفمبر من امن واستقرار وما بلغته من رخاء ونماء بفضل الخيارات التنموية الصائبة وتكامل الابعاد الاقتصادية والاجتماعية وكذلك بفضل الخيار التضامني الرائد الذى دعم تماسك مكونات المجتمع بما وفره للجمهورية من شروط قوتها ومناعتها ومن عوامل ازدهارها واشعاعها. ويشيد الديوان السياسي مجددا بالعناية الفائقة التي يوليها سيادة الرئيس زين العابدين بن علي للشباب وبحرص سيادته علي غرس الروح الوطنية وقيم الجمهورية لديه وتنشئته علي الولاء لتونس دون سواها وعلي ادراك مسؤولية صيانة مكاسبها والدفاع عن حوزتها. ويبرز الديوان السياسي الدور التاريخي الرائد لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي في تثبيت مكاسب المراة التونسية وفي تعزيز مكانتها داخل الاسرة والمجتمع وتفعيل دورها علي صعيد الحياة العامة والارتقاء بها من درجة المساواة الي مدار الشراكة تجسيما لقيم الجمهورية ومبادئها الثابتة وحرصا علي ان تظل المراة التونسية التي ساهمت بدور فاعل في بناء الجمهورية في طليعة العاملين علي صيانة المكاسب وعلي تثبيت اركان جمهورية الغد مع سائر القوى الحية في البلاد. كما يؤكد الديوان السياسي تثمينه للرعاية الشاملة التي يحيط بها سيادة الرئيس زين العابدين بن علي جميع مكونات شعبنا ولا سيما التونسيين المقيمين في الخارج الذين يحرص سيادته علي تمتين صلتهم بالوطن حتي يظلوا علي الدوام مساهمين في تقدمه ونمائه يتفانون في خدمة مصالحه والدفاع عنها وفي نشر صورته المشرقة بين الامم. ويعبر الديوان السياسي عن بالغ اعتزازه بما تحظي به تونس التغيير من احترام وتقدير علي الصعيد العالمي بفضل اعتدال مواقفها وتمسكها بمبادىء العدل والشرعية الدولية وحرصها علي استتباب الامن والسلم والاستقرار في العالم ودعوتها الي نبذ العنف والتطرف والارهاب والانخراط في الحوار بين الثقافات والحضارات والاديان تكريسا للرؤية الحصيفة لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي في مجال العلاقات الدولية ولتصوره الرائد للتنمية العالمية المتضامنة. وفي هذه اللحظة التاريخية المجيدة التي تحتفل فيها بلادنا بمرور خمسين سنة علي اعلان الجمهورية فان التونسيين والتونسيات في الداخل والخارج وفي طليعتهم التجمعيون والتجمعيات ليقفون وقفة الوفاء والاكبار والشكر والامتنان لمنقذ تونس ومنقذ الجمهورية وباني جمهورية الغد سيادة الرئيس زين العابدين بن علي مؤكدين لسيادته عظيم تقديرهم لما وفره لتونس من المكاسب الباهرة والانجازات الرائعة التي وضعت البلاد علي درب البناء الحضارى الشامل والتاسيس للمستقبل. واذ يؤكد التجمعيون والتجمعيات وسائر ابناء شعبنا في الداخل والخارج تعلقهم بسيادة الرئيس زين العابدين بن علي ووفاءهم لخياراته الرائدة وتوجهاته الحكيمة فانهم يجددون مناشدتهم سيادته التفضل بقبول الترشح للانتخابات الرئاسية لسنة 2009 ضمانا لتواصل مسيرة الاصلاح والتحديث في البلاد ولمواصلة تعزيز اركان جمهورية الغد والارتقاء بها الي اعلي الدرجات. عاشت تونس حرة منيعة ابد الدهر عاشت الجمهورية عاش سيادة الرئيس زين العابدين بن علي قائدا فذا حاميا للمكاسب وبانيا لجمهورية الغد عاش التجمع الدستورى الديمقراطي حزب التغيير والنضال والطموح ». (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 24 جويلية 2007)

من الملكية الحسينية إلى الجمهورية البورقيبية

 
بقلم: عميرة علية الصغير (*) هذا المقال ليس دراسة متكاملة حول الجمهورية في تونس بل محاولة الاجابة عن اشكالية الانتقال في تونس عن نظام ملكي فقد شرعيته الى نظام جديد سمي بالجمهورية وهو تساؤل كذلك عن مصداقية النظام الجمهوري في العهد البورقيبي ومحاولة الكشف عن توافق ذاك النظام مع معرفات الجمهورية كما عرفتها انظمة الحكم في أمريكا وفي الغرب عامة. I) سقوط الملكية كانت صلوحيات المجلس التأسيسي المنتخب في 25 مارس 1956 والمجتمع في 8 أفريل حسب ما حدده الامر العلي الصادر في 29 ديسمبر 1955 تقتصر على وضع دستور للبلاد في اطار النظام الملكي القائم فحسب  لكن اعضاء المجلس مدفوعون بوعيهم بتمثيلهم للسيادة الحقيقية سوف لن يلتزموا بذلك وتجاوزوا الامر لإلغاء الملكية  وإعلان الجمهورية في 25 جويلية 1957 . ولنترك الكلام للزعيم الحبيب بورقيبة الذي كان يرأس آنذاك المجلس التأسيسي يشرح حيثيات هذا القرار- وهو على حق في خطابه أمام المجلس. 1 – احترمنا (الوطنيون) لحد الآن الملك لانه لم يكن لنا اختيار آخر الا إحترام هذه المؤسسة لانها كانت نظريا تجسد الدولة التونسية واستمراريتها. 2 – إن الدولة الفتية لا يمكن أن تقبل على رأسها شخصا (الأمين باي)  يفتقد خصال القيادة أو يستحق الاحترام. 3 – العائلة الحسينية ليست أهلا للحكم لأنها لا تفهم الحكم على أنه وظيفة اجتماعية مسخرة لفائدة الشعب بل أن الشعب مسخر لإرضاء غالب أفرادها. 4 – لا نجد على رأس الدولة الا من يجسم الجهل والوهم والخرافات والعجز ولا أمل في إصلاح الأمراء الحسينيين 5 – فساد العائلة الحاكمة واعتقاد ابنائها راسخا أنهم «جبلوا من طينة اسمي وأرفع من طينة الشعب «فهم يعيشون من عرق جباهنا ويسيئون التصرف في حقوقنا  ثم يحتقروننا». 6 – إن ملوك تونس خانوا القضية التونسية من الصادق باي الى الامين الباي الا واحدا (المنصف باي) 7- ان التسلط والاضطهاد الذي مارسه  الاستعمار ضد الوطنيين كان يمر عبر قوانين  وأوامر  تصدر عن البايات الحسينيين. 8 – ان العائلة الحاكمة والأمين باي بالذات تواطأ مع الاستعمار في الخمسينات (منذ أواخر 1952) عكس ملك المغرب (محمد الخامس) الذي صمد وخيّر فقدان عرشه ونفيه على خيانة وطنه. 9- ان الباي وعائلته راهنوا على صالح بن يوسف (منافس بورقيبة) ليدوموا في السلطة. 10- ان الشعب التونسي بلغ  من النضج درجة تخوله تسيير نفسه بنفسه  والتخلص من أي عائلة حاكمة. هكذا اذا كان التصويت باجماع الحاضرين من النواب في المجلس التأسيس عن الغاء الملكية واعلان الجمهورية واختيار بورقيبة أول رئيس لها وطويت صفحة في تاريخ تونس يوم 25 جويلية 1957 لتبدأ صفحة أخرى كلها أمل وتوق للحرية. II) جمهورية بورقيبة هل كانت جمهورية؟ نذكر أن الجمهورية هي نمط معين لتنظيم الدولة ولنظام الحكم يكون رئيس الدولة فيه منتخبا عكس الوراثة في النظام الملكي وتقوم الجمهورية على مقومات معرّفة ثلاث وهي السيادة واللائكية وحقوق الانسان اذ لا جمهورية بدون ديمقراطية وبدون مشاركة شعبية في السلطة ومراقبتها ومحاسبتها  فهي ذاك «النظام الذي يسمح فيه للشعب بممارسة  رقابة مباشرة او غير مباشرة على حكومته» حسب عبارة جيمس مادشون أب الدستور الامريكي . فأين نظام بورقيبة من هذه المعرّفات؟ على مستوى الدولة تحقق منذ الاستقلال عديد الانجازات على مستوى المؤسسات وعلى مستوى القانون يمكن اجمالها في: = انتخاب مجلس تأسيس أصبح لاحقا مجلسا تمثيليا يجسد الى حد ما السيادة الشعبية وهو في حد ذاته انتصار لمطلب رفعته الحركة الوطنية منذ عشرينات القرن الماضي. – وضع دستور للبلاد (1 جوان 1959) وهو نص لا يقل قيمة ولا ديمقراطية عن بقية الدساتير  المعتمدة في أكبر الدول الديمقراطية في العالم فهو يؤكد على أن الشعب التونسي هو صاحب السيادة (الفصل 3) ويقر في بابه الاول ويضمن كل الحريات المعرّفة للانظمة الديمقراطية : حرية الفكر والتعبير والصحافة والنشر والاجتماع وتأسيس  الجمعيات وحرية المعتقد ويضمن الحق النقابي وحرمة المسكن وسرية المراسلة وحق الملكية كما يقر الدستور المساواة أمام القانون ويمنح كل المواطنين حق المشاركة في السلطة مباشرة أو غير مباشرة  باقراره  حق الترشح  وحق الانتخاب  في كل مستويات السلطة في الجهاز العلوي او السفلي للادارة السياسية للوطن.. وهو كذلك يقر التمثيل  الديمقراطي عبر الاختيار الحر والمباشر في البرلمان وكذلك لرئيس  الجمهورية.  مع اقرار فصل السلط الثلاث. كما أنه حتى وإن لم تعلن لائكية الدولة صراحة فإن القوانين  والتشريعات كان ذات صبغة لائكية وحيّد الدين من الشأن السياسي والغيت المحاكم الشرعية. – اعلان  النظام الجمهوري  واعتماد  النظام الرئاسي غير أن هذه الواجهة الجمهورية ناقضها الواقع  وممارسة الحكم في العهد البورقيبي في السمات التالية: – أفرغت كثير من الحريات التي ضمنها الدستور من محتواها اذ كانت الفصول تنص على أن «ممارستها تكون حسب ما يضبطه القانون» فوضعت قوانين عدة خارقة للدستور ومناقضة لنصه خاصة وأن البلاد كانت دون مجلس دستوري حتى 18 ديسمبر 1987 . – تحول النظام الرئاسي الى نظام رئاسوي  محوره الرئيس الحبيب بورقيبة وهو حكم فردي استبدادي طغى على بقية المؤسسات واخضاعها لمشيئته. – انحراف عن مبادئ الجمهورية: في مستويات عدة اذ لم يحترم مبدأ السيادة الشعبية لأن الانتخابات كانت صورية ودون مشاركة أو منافسة فعلية وحتى عندما سمح للحزب الواحد بمن ينافسه زورت الانتخابات (1981) كذلك في مستوى احترام الحريات السياسية كان التقييد ومصادرة الحريات هو القاعدة أن كان من القوانين  المنظمة للحياة العامة أو في مستوى الممارسة. كما دجن المجتمع المدني  وفقد استقلاليته وتحولت المنظمات الجماهيرية الى أطر تعبئة وتجنيد يملؤها  الانتهازيون والمتملقون. كما لم يحترم  مبدأ فصل السلط وكانت السلطة التنفيذية هي الطاغية وتحول البرلمان  «حجرة» تسجيل للقوانين ومورد ارتزاق بالنسبة للبعض ومكافأت بالنسبة للبعض الآخر» حسب عبارة أحمد التليلي. كما أخضعت السلطة القضائية وخاصة القضاء السياسي لمشيئة الرئيس والسلطة التنفيذية. – وكان منح بورقيبة سنة 1975 باقتراح منه – حق الرئاسة مدى الحياة مسمارا آخر في نعش الجمهورية المعلنة سنة 1957 . هل يعني هذا ان الحكم في العهد البورقيبي كان نقيضا مطلقا للجمهورية أو لمصلحة الوطن؟: كلا III) جمهورية بورقيبة ليست جمهورية لكن خدمت الوطن ان جمهورية بورقيبة رغم ما ينتقد فيها من استبداد فردي وتضييق على الحريات وافراغ المؤسسات من مضمونها  وتهميش للارادة العامة  وتعد على الدستور وتسطيح للثقافة السياسية فإن الحكم فيها أقحم البلاد والمجتمع في روح العصر وعكس الملكية وحكم البايات احسنت الدولة  البورقيبية  عموما  التصرف في الثروة الوطنية ووظفتها لصالح الوطن بنشر التغطية  الصحية وتعميم  التعليم  وتحديثه  وتطوير  الاقتصاد  والبنى التحتية وتجديد الثقافة وتحديث المجتمع ومواصلة  القضاء على الهياكل التنظيمية القديمة المعرقلة للتقدم والتي كان يقوم عليها  حكم البايات من عروشية وقبلية وولاءات عائلية وجهوية وثرائية والحد من ظواهر المحسوبية والرشوة والتمييز حيث  خرجت تونس بفضل بورقيبة ومن معه  من حكم العمائم  والتمائم وأعلت راية العلم والعقل ولازال لا محالة الطريق طويلا أمام البلاد وأمام الجمهورية والناس يُحكمون بما هم يستحقون. (*) أستاذ بالمعهـد الأعلـى لتاريخ الحركة الوطنية (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 جويلية 2007)

فـي معانـي إعـلان الجمهوريــة

 
بقلم: محمد بلحاج عمر (*) ما من شك أن تلك الفترة كانت فترة استثنائية، خاصة عندما أعلن رئيس المجلس القومي التأسيسي وبمقتضى ما له من سلطة مستمدة من الشعب، عن: – الإلغاء التام للنظام الملكي – الإعلان عن إن تونس دولة جمهورية – الإعلان عن تكليف السيد الحبيب بورقيبة بمهام رئاسة الجمهورية. فهذا الإعلان مثّل بالنسبة الينا – نحن أبناء ذلك الجيل- تتويجا للنضالات والملاحم التي خضناها، والمشاق والأهوال التي تحملناها والتي قادتنا الى السجون والمعتقلات.. لقد كان النظام الجمهوري حلما من الأحلام التي لم يكن من السهل تحقيقها. لقد مثل الاعلان عن قيام النظام الجمهوري في تونس يوم 25 جويلية 1957 بالنسبة الى الطبقة المناضلة، تحولا نوعيا مهما، ومنعطفا تاريخيا حاسما في حياة الجماهير الشعبية، ولئن كانت تلك العملية مباغتة للبعض من «التونسيين» فقد كانت بالنسبة الينا – نحن المناضلون – نتيجة طبيعية لجملة الظروف التي سبقت الاعلان عن قيامها، ذلك أن التصميم على اختيار الجمهورية كانت معقودا ومقررا قبل الاستقلال.. والحقيقة أن الخوض في موضوع الجمهورية بجميع مستوياته، شهد أوجه في فترة الخمسينات، سواء كان ذلك داخل الهياكل المنظمة أو على مستوى الافراد، سواء بصفة علنية أو بصفة سرية، ناهيك أن كثيرا من القيادات الدستورية كانت تتوخى الحيطة حينما  تخوض في هذا الموضوع سواء كان ذلك في مناقشاتها  أو في منتدياتها أو في مسامراتها. لقد كان اعتقادنا راسخا، أن مستقبل تونس الاجتماعي والاقتصادي  وكذلك  السياسي، من المواضيع الاساسية التي لا مجال للتفريط فيها، فالاعلان عن قيام النظام الجمهوري يوم الخميس 25 جويلية 1957 كان وقتئذ تعبيرا صادقا عن أماني الجماهير وآمالها  وتطلعاتها  الى غد مشرق ومستقبل زاهر. ومن المهم القول في هذا الاطار أنني كنت من رافضي  الفكرة  القائلة بأن إعلان الجمهورية كان بصفة مبكرة، إذ أنني ممن يرى أن تحقيق ذلك المكسب كان مسألة حتمية بالرغم من الاخطار التي كانت محدقة ، فالجلاء العسكري لم يتحقق بعد، والجلاء الفلاحي لم يتم، والمعمرون مازالوا موزعين في كامل المملكة، والادارة مازال تسييرها بأيدي الفرنسيين.. وبالرغم من كل ذلك، كان الاختيار على إعلان الجمهورية قبل حتى إعلان الدستور. لقد أبرزت تلك الفترة، التضامن الكامل بين التونسيين وظهرت صحة توجهات الجماهير الشعبية وتوحدت سائر القوى  الوطنية والتقدمية، ووقفت كالرجل  الواحد في وجه مؤمرات الامبريالية والقوى الرجعية التي حاولت مع الباي والاقامة العامة إفساد المناخ والحد من القدرة التونسية على مجابهة التحديات. وبمرور الزمن  حّور الدستور وأدخلت عليه عديد التعديلات وتمت عديد المناقشات والحوارات التي عمقت البحث في مدى إسهام هذه التحويرات في إحداث التحول  الديمقراطي  في النظام السياسي. وفي مدى استجابتها  لتطلعات الجماهير. ففي فترة السبعينات خاصة أصبح الحكم الفردي هو السائد وبذلك تأكد أن التعديلات الدستورية لم تستطع أن تحقق تحولا ديمقراطيا حقيقيا في النظام السياسي، بل إنها لم تسهم في إحداث هذا التحول، وهو ما يفسر عدم ارتياحنا للتعديلات الدستورية الجزئية، التي رأينا أنها لا تمكن من تلبية الحد الادنى من آمال وتطلعات الجماهير، لذلك كانت مطالبتنا  بسن دستور جديد، ديمقراطي  التوجه، مستجيبا لقواعد الجمهورية فكان التنقيح الشامل في 2002 الذي نعتقد أنه مثل حلقة مهمة وجوهرية  في مسيرة التحول الديمقراطي  في اتجاه دعم قيم الجمهورية ومبادئ الديمقراطية وتكريس  التعددية وحقوق الانسان ثقافة وممارسة رغم يقيننا بأن خطوات أخرى يمكن ان تقطع في اتجاه تعزيز هذا المسار. (*) مرشح سابق لرئاسة الجمهورية (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 جويلية 2007)

الجمهورية أمام ماضيها عبورا للمستقبل

 
بقلم: برهان بسيّـس لمـّا كان المجلس القومي التأسيسي يعلن عشية الخامس والعشرين من جويلية سنة 1956 قيام النظام الجمهوري في تونس الخارجة لتوّها من تجربة استعمار مرير امتدّت لاكثر من نصف قرن كانت الآمال والتطلعات تتجمّع في حدود الدائرة التقليدية لموجة الجمهوريات الناشئة على امتداد الخارطة العربية، تلك التي اطلقتها ـ صدفة او تخطيطا ـ سلسلة من الانقلابات التي قادها عسكر وطنيون من بغداد الى القاهرة ودمشق وصنعاء والجزائر حتى كادت اعلانات الجمهورية في الوطن العربي الهادر بمهام التحرّر الوطني تلتصق في المخيال ببيانات مجالس قيادة الثورة والبيان العسكري رقم 1. الاخراج الجمهوري التونسي كان مختلفا، لم يكونوا عسكرا، ولا كانوا فريقا وطنيا مغامرا سارع الى اعلان الجمهورية ليتمايز عن «العهد البائد»، لقد كان مجلسا منتخبا في انتخابات شعبية حرة وديموقراطية تولى مهام وضع الدستور ليعرّج على مهمة تاريخية أكبر وهي اعلان قيام النظام الجمهوري. جمهوريات العسكر في الوطن العربي ورثت نمط تفكير قادتها المتقاطع مع ظروف الاضطراب الاقليمي لينتج تجارب حملت في طياتها الانجاز الايجابي والملمح السلبي لكنها في مجملها صرفت الشكل الجمهوري الى شعار ومبني لنظام الحكم اكثر منه خيار مجتمع وتغيير ثقافي. الفرادة التونسية ان الجمهورية انقذت نفسها من احتكار تصريفات الشكل والقياس تلك التي بنت جمهوريات شكلية أعادت انتاج انظمة حكم استبدادية وفردية اكثر وطأة احيانا من استبداد الملوك والامراء حين اقتصرت لعبتها على تعويض المبنى بالمبنى والامضاء السياسي بختم سياسي مغاير. الفرادة الجمهورية التونسية انها اختارت امضاء اكثر عمقا وصلاحية هو الامضاء الاجتماعي بوضع اولوية تغيير المجتمع المهمة الاكثر الحاحا وضرورة من أولوية تغيير شكل الدولة. لا أحد بامكانه الجزم ان اعلان الجمهورية التونسية كان انتقالا نحو نظام سياسي ديموقراطي وتعدّدي بالصياغة الليبرالية التقليدية والحال ان سنوات قصيرة فقط بعد سنة 57 تبنى النظام السياسي رسميا نهج الحزب الواحد والغاء التعددية كمقدمة لترسيخ اسس حكم فردي سيطر فيه الزعيم وحزبه على كل مفاصل الحياة السياسية بطريقة ذهبت ببعض المؤرخين الى الحديث عن ولادة باي جمهوري عوض الباي الحسيني المعتكف في منفاه بعد ان اصبح عرشه جزءا من ذكريات الماضي، وصف اطلق على الزعيم بورقيبة اول رئيس للجمهورية التونسية وهو يبسط نفوذ عرشه الجمهوري الجديد كزعامة واحدة احادية ابتلعت كل هوامش الاختلاف والتعدد. فرادة الجمهورية التونسية انها التقت على عجزها  الليبرالي السياسي بمكابدة جهد اعمق واستهداف مهام أدق صنعت صورة التناقض المثري وميزة المنهج التونسي حيث غيّبت الحزب والمؤسسة وصندوق الاقتراع لفائدة المدرسة والمشفى والمسكن والأخطر والأهم لفائدة مساواة ناجزة وشجاعة وسبّاقة بين المرأة والرجل ترجمة  لطموح تحديثي جريء فهم ان الجمهورية في ظروف النشأة والتكوين لدولنا الوطنية الناشئة لا يمكن ان تكون مجرد شكل لنظام الحكم بقدرما ينبغي ان تكون وعاء لنموذج مجتمع جديد. ورشة الجمهورية التونسية دخلها مقاولو نظام التعليم العصري الذي سيضع البلاد على سكة التقدم ويعطي الدولة والمجتمع نخبة المتعلمين الذين سيتولون مهام بناء الدولة، كان تعليما اجباريا، مجانيا ديموقراطيا مسح كل تراب الوطن وادمج كل فئاته، لم يكن قاصرا على اغنياء دون فقراء او حاضرة دون ارياف، او نبلاء دون آفاقيين. كانت بالفعل جمهورية المدارس والمعلمين  التي مثلت بؤرة المعنى الحقيقي والعميق للجمهورية كانقلاب في الوعي والعقول وتغيير للمجتمع  والانسان. ثم كان مسار تحرير المرأة ومساواتها القاعدة الاخرى التي استند اليها البناء الجمهوري في مغامرة دخلتها تونس متحمسة دون تردد امام حدة التوقيت وتفرّد الاختيار في محيط عربي اسلامي وضع مثل هذه المهام في خانة المحرّمات الكبرى لتحرم مجتمعات بأكملها من مسار النهوض وامكانات التقدم. جمهورية غيّرت المجتمع وفجّرت طاقاته الخلاقة وحفزت قدراته على مواجهة اقدار الجغرافيا المتواضعة التي لم تمنح البلد طاقة او معادن ولكن خلقت في الارواح والعقول طموح التحدي والنجاح. كان على الجمهورية الاجتماعية ان تستعيد ضلعها المفقود في غمرة هشاشة عمقها السياسي وانكفاء ليبراليته فكان تغيير اعلى هرم السلطة سنة 1987 الذي جاء بالرئيس الجديد زين العابدين بن علي بأسلوب التحوّل الحضاري الراقي البعيد عن كل مظاهر العنف، تغيير لم يستمع فيه لأي ضجيج عنيف مهما كان نوعه، حدث بمنهج  الجمهورية واسلوبها في التمسك بسلطة القانون واحترام المؤسسات والدستور معلنا منذ البداية عبر الرسالة الرمزية للمنهج والرسالة الصريحة لبيان التغيير انه عهد جديد لتطوير مكاسب الجمهورية الاجتماعية، لكن أيضا لمعالجة ثغراتها السياسية. كان بيان السابع من نوفمبر الذي خرج بصوت الرئيس الجديد ليداعب مباشرة آمال التونسيين وتفاؤلهم مشددا على مفاصل مركزية متعلقة بتدشين عهد جديد عماده دولة القانون والمؤسسات وحياة سياسية اكثر تطور ودولة قوية ضامنة للحقوق في بلد سيكافح ضد الظلم والاستهتار بالقوانين. اطلق الرئيس بن علي لاحقا مشروعه الجمهوري الجديد تحت عنوان مستقبلي طموح هو جمهورية الغد المرسّمة على خط التواصل والقطيعة. تواصل مع المكاسب المتراكمة منذ اعلان الجمهورية وقطيعة مع المثبطات والعوائق  التي شابت المسيرة فكان الاصلاح الدستوري لسنة 2002 الذي ارتقى بالمنظومة الحقوقية في بعدها السياسي والاجتماعي الى مستوى الالزام الدستوري وليس مجرد الضمانة الدستورية منفتحة على آفاق جديدة فرضها تطور المجتمع وتفاعله مع عصره القادم بمقولات جديدة مثل حماية المعطيات الشخصية والتضامن الاجتماعي وحق الاندماج في مجتمع المعرفة وغيرها من اولويات التحولات العالمية الطارئة. جمهورية معتزة بماضيها تنظر الى المستقبل بوعي دقيق بقيمة التحديات والرهانات، تحاول صياغة فكرها في مواجهة نقائضها النكوصية التي تتربص بها باسلحة التطرف والرجعية التي لم تنس ثأرها مع جمهورية 57 وهي تسحب منها البساط لفائدة مجتمع الحداثة ومدرسة التنوير والمساواة بين الجنسين. جمهورية يحلو لها اختيار الغد عنوانا وطموحا ضد الماضوية والتطرف الديني المهدّدة لمكاسب المجتمع الجمهوري الذي تخلص من الملك دون ان يكون له الاستعداد لتعويضه بأمير او شيخ او خليفة. جمهورية الغد الفتية تجلس اليوم بنخوة واعتزاز مستحضرة مآثر المؤسسين لكن بحماس وفخر من تشير أصابعه هناك.. نحو المستقبل. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 جويلية 2007)
 


في خمسينية الجمهورية: الانتظارات والآمال

 
بقلم د.محمد ضيف الله (*) من الأكيد أن مدونة المطالب الوطنية لم تتضمن أي إشارة صريحة إلى «النظام الجمهوري (1)»، رغم أن العدد الأهم من الزعماء الوطنيين قد عرفوه عن قرب في فترة دراستهم بفرنسا وكذا رغم بروز مثل هذا النظام مبكرا في بعض البلدان العربية القريبة منا والبعيدة وأولها «الجمهورية الطرابلسية» التي أعلنت سنة 1918 بليبيا ثم جمهورية الريف الشهيرة في العشرينات فعدة جمهوريات أخرى في المشرق العربي بعد الحرب العالمية الثانية. والحقيقة أن طبيعة النظام السياسي، مثلما هو الشأن بالنسبة لعدد من المسائل الجوهرية الأخرى، لم تدرج ضمن محاور الخطاب الوطني في الفترة الاستعمارية. وبقي بالتالي نظام البايات في منأى عن الجدل أو حتى عن السؤال رغم ما قاموا به قبل العهد الاستعماري وخلاله من ممارسات وأعمال من شأنها مفردة أو مجتمعة أن تجردهم من أية شرعية، ويكفي هنا الإشارة إلى التوقيع على معاهدة الحماية سنة 1881 مع دعوة «الرعية» للاستسلام للغزاة طاعة لأولي الأمر. أما المرة الأولى التي طرحت فيها طبيعة النظام السياسي من منظور الحركة الوطنية فتعود إلى صائفة1954 ، عندما بدأت تلوح آفاق جديدة أمام البلاد بعد خطاب منداس فرانس في القصر الملكي بقرطاج. ففي غمرة ذلك الحدث، توجه أحد الصحفيين إلى الزعيم الحبيب بورقيبة سائلا عن نظام الحكم الذي يفضله، فأجاب باقتضاب ودون تحليل أو إطناب بأنه «الملكية الدستورية» (2). وفي ذلك الجواب رسالة لطمأنة الأمين باي على مستقبل عرشه في ظل الاستقلال، لكن مع تقييده بدستور، بما يجعله في الحقيقة في وضعية لا تختلف في الجوهر عما كان له من سلطات في ظل الحماية حيث تعودت مؤسسة البياية على دور الديكور، وقضت في تلك الوضعية عدة عقود، حتى نسيت أيام عزها على عهد «الحكم المطلق» الذي كان قد انتقده أحمد بن أبي الضياف في القرن التاسع عشر. وعلى أية حال يبدو أن تعرض بورقيبة للمسألة لم يكن مجرد إجابة عن سؤال صحفي، وإنما هو يندرج في إطار بعض من النقاش غير العلني في الأوساط الوطنية آنذاك حول مستقبل النظام السياسي في عهد الاستقلال المرتقب. ومن اللافت أن الأمر لم يصل حتى ذلك الحين إلى عرض النظام الجمهوري بديلا للملكية أو البياية (3)، بل أن بورقيبة عبر في نفس الفترة عن دعمه لها من خلال النفخ في صورة الباي إذ تحدث عن «وطنية جلالة الملك المعظم» مشيرا إلى أنه «موضع ثقة التونسيين» وأنه «ممثل السيادة التونسية» (4)… وهذه العبارة بالذات تفسر غياب طرح النظام الجمهوري في الخطاب الوطني، فقد كان ينظر إلى الباي على أنه رمز للسيادة التونسية، مثلما اعتبر الحجاب جزءا من الشخصية الوطنية، والحفاظ على هذا أو ذاك هو رهين بالزمن، فضلا عن أن دعم «صاحب الحضرة العلية» (الباي) يستهدف التدرّع به في مقابل المؤسسة الاستعمارية الحاكمة. نشير كذلك إلى أن مؤسسة البياية قد فقدت في الأثناء عددا ممن تعاملوا معها من الوطنيين وفي مقدمتهم فرحات حشاد وصالح بن يوسف وغيرهما ممن كان من الممكن أن يشكلوا بالنسبة لها شفيعا في إطار النظام المرتقب. كما فقدت قبل ذلك خاصة المنصف باي الذي اعتبر «ملكا شعبيا» من قبل فئات واسعة وقيادات وطنية نافذة، وتشتت مع رحيله شمل من أحاط به أو حرص على التقرب منه والوفاء لذكراه. ولا شك أن كل ذلك قد أثر على مآل البياية في محصلة الأمر، حيث باتت عارية تماما لا حامي لها وقد ألغيت معاهدة الحماية التي كانت تنص على حماية العائلة الحسينية، كما لم تستطع أن تحصل على «شهادة وطنية» من أولي الأمر الجدد. وهكذا لم تمر غير سنة ونيف في ظل الاستقلال حتى أعلن المجلس التأسيسي عن قيام النظام الجمهوري. وهنا من المهم أن نشير إلى أن فترة الخمسينات شهدت على الساحة العربية الإطاحة بأكثر من ملك وزوال أكثر عرش، وقد لا يكون من باب المصادفة أن سقوط ثلاثة منها تم في شهر جويلية: أولها في 23 يوليو 1952 بمصر وآخرها في 14 تموز 1958 بالعراق، وبين ذينك الحدثين كان 25 جويلية 1957 بتونس، غير أننا لن نجازف بمحاولة تفسير الربط بين هذا الشهر وسقوط الملوك نظرا لضيق المساحة المخولة للنص. أما الإطار الآخر لإعلان الجمهورية فيتمثل في انخراط البلاد في مسار تحديثي راديكالي من أبرز معالمه صدور مجلة الأحوال الشخصية، كما أنه مس جذريا التعليم والقضاء والدين والأوقاف وغيرها من أسس النظام القديم، وفي هذه العاصفة كان رحيل البايات حتميا، وقد يبدو غريبا أن ذلك تم بدون مشيعين ولا شيعة، ولم تسجل أية ردود أفعال مناوئة للنظام الجديد أو مؤيدة للملوكية، بل أثار القرار حماسا شعبيا عارما، جديرا بحدث تاريخي كبير. ولعله من المهم هنا أن نشير إلى أنه رغم الهزات العديدة التي عرفتها البلاد في ظل النظام الجمهوري، ورغم تنوع الطيف المعارض الذي ظهر في الأثناء، فإنه لم تظهر أية معارضة ذات خلفية ملكية أو يحدوها بعض حنين إلى العهد الملكي، على غرار ما ظهر في بلدان أخرى شرقا وغربا. وهو ما يترجم عن استجابة إعلان الجمهورية لرغبة شعبية كامنة وتماشيها مع منطق التاريخ وروح العصر. وإذ يمر اليوم نصف قرن كامل على إعلان الجمهورية، قد لا يكون من المهم الوقوف عند الحدث في حد ذاته من حيث تفاصيله ومجرياته والنقاشات التي صحبته، بقدر ما يهم النظر إلى الجمهورية في تطبيقاتها على ضوء المفهوم المتعارف عليه وكذا الانتظارات والآليات التي تحكمت في مسارها ومآلاتها. فبالنسبة للعنصر الأول نكتفي بالتساؤل عن مدى الالتزام بمفهوم الجمهورية كنظام حكم تكون فيه السلطات مقسمة ورئيس الدولة منتخبا، فإلى أي حد وقع احترام الفصل بين السلطات واحترام الانتخاب؟ لا شك أن الإجابة على هذا التساؤل تتطلب التفصيل والتدقيق، غير أن المقام لا يسمح للمقال إلا ببعض الإشارات. ولا يجادلنّ أحد أن بورقيبة أرسى نظاما رئاسويا جمع بين يديه السلطة التنفيذية من أطرافها، وأنه غير خاضع لمساءلة السلطة التشريعية التي يعود إليه ـ باعتباره رئيس الحزب الحاكم ـ اختيار المرشحين إليها قبل عرض القائمة كاملة على الانتخاب، وهو من جهة أخرى رئيس المجلس الأعلى للقضاء ولا يرعوي عن التدخل في سيره من خلال إرساء القضاء الاستثنائي (5). وحينئذ فإن الجمهورية لم تعرف احترام مبدإ الفصل بين السلطات. هذا من جهة العنصر الأول أما بالنسبة للانتخابات وتحديدا الرئاسية هنا، فقد كان بورقيبة يتقدم لها دوريا بما قد يوحي باختلاف النظام الجمهوري عن النظام الملكي، غير أنه كان يترشح لها منفردا وقد حصل هذا في كل المرات التي جرت فيها انتخابات رئاسية 1959 و1964و1969 و1974 وكان في كل مرة يحوز على ما يزيد عن 90% من الأصوات (99,98% في انتخابات 3 نوفمبر1974 )، قبل أن ينتهي الأمر في 18 مارس 1975 بتحوير الفصل 40 من الدستور -من قبل مجلس الأمة- بما سمح له بتولي الرئاسة مدى الحياة، وكأننا به يعود إلى أحد الأسس التي تقوم عليها الأنظمة الملكية، من حيث عدم تحديد فترة الحكم إلا بالوفاة أو العجز. ولو توسعنا بالإشارة إلى الانتخابات التشريعية، فقد فاز بجميعها الحزب الحاكم إذ تقدم لها منفردا فيما بين 1964 و1979، ومورس التزوير في انتخابات 1981 (6) حيث لم تتجاوز أي من القائمات المعارضة آنذاك نسبة 5%. وهكذا بقي البرلمان إلى مطلع التسعينات بلون واحد. وذلك نال ولا شك من النظام الجمهوري الذي حرص على الطابع الشكلاني أكثر من حرصه على المشاركة الشعبية الفعلية مكتفيا منها بالولاء والتأييد. أما بالنسبة للانتظارات من النظام الجمهوري، فيمكن رصدها من خلال ردود الأفعال التي سجلت غداة إعلانه في 25 جويلية1957 ، وإذ لا يمكن في مثل هذا المقال تتبع مواقف كل الأطراف، فإننا نكتفي منها بالطرف الطالبي نظرا لتميز موقفه من جهة وتولي عدد من قيادييه مقاليد السلطة بعد ذلك من جهة أخرى. لقد صادق المؤتمر الخامس لاتحاد الطلبة المنعقد في أوت 1957 على لائحة حيا فيها «إعلان الجمهورية التونسية الشعبية»، وقدم المؤتمرون تهانيهم للشعب التونسي بذلك الحدث الذي اعتبروه خطوة كبيرة نحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، معتبرين أن النظام الجمهوري من شأنه أن يعجل بتوطيد الاستقلال والازدهار الاقتصادي (7). إن هذا الخطاب يعكس آمال الشبيبة المثقفة من إرساء النظام الجمهوري وحرصها على جانبين: الأول سياسي من خلال المشاركة الشعبية وممارسة الديمقراطية، وهو ما لم يتحقق كما بينا أدناه، والثاني اقتصادي واجتماعي يستهدف توزيع الثروة وتحقيق العدالة الاجتماعية. ولا شك أن التطورات التي شهدتها البلاد فيما بعد تتعارض مع هذه الانتظارات أيضا. وهكذا فإن الجمهورية لم تلب لا الانتظارات التي علقت عليها ولا مفهومها العام وخاصة ما يتعلق بالمشاركة الشعبية الفاعلة فلم تختلف من حيث الاشتغال عن «الجمهوريات الديمقراطية الشعبية» التي كانت سائدة في أوربا الشرقية، وربما هذا ما دفع ببعض الأقلام الصحفية إلى الكتابة عن «الجمهورية الثانية» بعيد إزاحة بورقيبة عن السلطة في 7 نوفمبر 1987، وفي ذلك اعتراف ضمني بالنتائج المحدودة التي حققتها «الجمهورية الأولى». غير أن ما قد يحسب إليها مع ذلك أنها لم تصل إلى حد التحول إلى «جملكية» حيث يكون الحكم جمهوريا وراثيا كما آل إليه الأمر في بعض البلدان الأخرى الشقيقة والصديقة. وفي مقابل هذه المآلات فإن بعض الأنظمة الملكية استطاعت أن تشتغل بكثير من الذكاء لتضيف إلى قانون الوراثة شرعية ديمقراطية تعتبر اليوم ضمانة للاستمرار والاستقرار، وصمام أمان إزاء التدخلات والإملاءات الأجنبية. (1) نشير هنا إلى ما نقله السيد أحمد بن صالح عن المنصف باي قوله بأنه سيعلن الجمهورية. انظر شهادة أحمد بن صالح السياسية إضاءات حول نضاله الوطني والدولي، منشورات مؤسسة التميمي زغوان2002 ، ص 29 (2) جاء هذا في جريدة الصباح في عددها الصادر يوم 4 أوت 1954 نقلا عن جريدة لوموند الفرنسية (3) ورد في شهادة المناضل محمد بكور على منبر مؤسسة التميمي بتاريخ 30 جوان المنقضي أن المساجين السياسيين بالسجن المدني بالعاصمة عبروا في أفريل 1954 عن ميلهم للنظام الجمهوري (4) الصباح، 28 جويلية 1954، «جلالة الملك المعظم وتشكيل الوزارة الجديدة»، ص1 (5) انظر الفصل الرابع من كتاب عدنان المنصر، دولة بورقيبة، فصول في الإيديولوجيا والممارسة (1956 ـ 1970)، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة،2004 ، ص 159 ـ 199. (6) انظر مثلا شهادة الوزير الطاهر بلخوجه، في كتابه: الحبيب بورقيبة سيرة زعيم، شهادة على عصر، تونس (1999)، ص 306 ـ 307. (7) العمل، 25 أوت1957 ، «المؤتمر القومي لطلبة تونس يختتم أعماله ويصادق على عدة لوائح هامة وينتخب مكتبه الجديد»، ص 6. (*) جامعي مختص في التاريخ المعاصر (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 جويلية 2007)
 

 نجم الدين أتاتورك ورجب الفاتح. 

باقة دروس بليغة على مائدة الحوار الإسلامي. الحلقة الثانية.

 
الدرس الثاني : عندما يتحرك المصلحون تحت لواء الأصول والمقاصد يتحقق النجاح أما الفارغون فلا يبرحون بؤر الخلاف الذي لا ينتهي. صرح رجب الطيب أوردوغان مباشرة بعد فوز حزبه في الإنتخابات قائلا  » .. سنعمل على إحترام النظام الجمهوري وحراسة أسس العلمانية وإرث أتاتورك .. ». صاحب هذا الكلام سبق له أن سجن وحرم من حقه السياسي بسبب ترديده لنشيد إسلامي من أهازيج شباب الصحوة الإسلامية المعاصرة. ومعلوم أن تركيا هي البلاد الإسلامية الوحيدة التي ينص دستورها في بنده الثاني على علمانية ولائكية الدولة وأضحت حماية الإرث الكمالي قانونا وممارسة أقدس الأقداس هناك فلا مشروعية لأي عمل سياسي أو لأي حقل من حقول النشاط العام المفتوح للناس كافة يتنكر بلسان مقاله لشيء من ذلك ولو تلميحا ومعلوم كذلك أن تركيا هي البلاد الإسلامية الوحيدة ـ تقريبا ـ التي يقوم فيها الجيش بحماية الإرث الكمالي ومبادئ العلمانية أي بسلطان القوة العسكرية. هل سأل واحد منا نفسه هذا السؤال : كيف نشأ إذن في ذلك السجن القانوني والميداني الذي يتخذ من الكمالية ربا حزب إسلامي على يد المهندس أربكان الذي وصل بحزبه إلى أعلى هرم السلطة في تركيا قبل الإنقلاب عليه ثم إنشق عليه عامله على إسطنبول وهو الحاكم في مكانه وسلطانه الشعبي يتعزز يوما بعد يوم؟ أليس العقل يقول بأن السبيل الوحيد للخروج من ذلك السجن الكمالي لا يكون إلا بأحد أمرين إما إعلان الطلاق مع الشأن العام من منطلق إسلامي أو إنتهاج سبيل الإنقلابات والثورات والتغيير بالقوة إذ حوكم عام 1993 بالسجن نائب برلماني عن منطقة  » تشنكري  » بسبب ذكره لكلمة الدين مرة واحدة في مهرجان شعبي ضمن حملة إنتخابية؟ ( كنت يومها هناك في الإجتماع الشعبي ). أنى يكون للشعب التركي وكله مسلم سني أن يعتق نفسه ودينه وبلاده من ذلك السجن؟ كل من يدرس التاريخ التركي الحديث بتأن ويتأخر بنظره عقودا إلى الوراء ليحسن التقدير ثم يرجع إلى يومنا هذا لينظر من جديد في التحول الكبير الذي جعل من تركيا دولة إسلامية في رحم دستور علماني لائكي متشدد يحيمه العسكر… كل من يفعل ذلك يدرك معنى الحكمة العظيمة التي جاد بها الخليفة الراشد الخامس عليه الرضوان على إبنه : ـ قال الإبن المتعجل : يا أبت لأن تغلي بي وبك القدور خير لنا من أن ندع الأمر على حاله. ـ قال الأب المحنك : أجل. بني ولكن أخاف أن أحمل الناس على الحق جملة فيدعوه جملة. قال الفيلسوف الألماني هيجل : » لقد تعلمنا من التاريخ أننا لا نتعلم من التاريخ « . أعرض قالة أردوغان على آلاف مؤلفة اليوم من أبناء الصحوة الإسلامية التي نريدها أن تكون أملا في جدار اليأس وزهرة فوق أديم القحط لتحصد من الأفواه كلها إلا قليلا لا يسمن ولا يغني من جوع بأن الرجل خرج من ربقة الإسلام فهو كافر مرتد شفاؤه القتل دون حتى إستتابة. أين اللقاء إذن : إذا كنت أنت تعد الرجل وتجربته وإرث أربكان هو عين الحكمة ورأس السداد وهو التوفيق الرحماني وهو فصل الخطاب بينما يعده أخوك من الصحوة نفسها كافرا مرتدا؟ أليس ذلك سؤالا كبيرا يتجنب كثير من الإسلاميين طرحه على مائدة الحوار العلني إسترضاء للناس وكتمانا لما يرونه صوابا؟ ماذا ربحت طالبان بدكها للمعالم الأثرية وهي لا تستند في ذلك إلى قول ثابت قطعي صريح في الدين فإذا تخلف ذلك فلم لا تأخذ بالإستصلاح والإستحسان ومراعاة العرف وإستصحاب الحال وفقه الضرورات والحاجات والموازنات والأولويات وواجب الوقت وغير ذلك؟ دكت طالبان الأحجار المكومة فدكتها السنن الإلهية الماضية وفقه أوردغان ومن قبله أربكان رسالة الإسلام ورسالة دعوة الإسلام فقها جمع بين الأصل والمعاصرة فدكوا صروح العلمانية في أم منبتها وهم يصرحون للناس في كل مناسبة بأنهم هناك في الحكومة لحراسة الإرث الكمالي. أما آن لنا أن نميز دون تفريق بين الإسلام وبين دعوة الإسلام فالأول ثابت ومتحول في الآن ذاته والثانية يغلب عليها التحول وكل ثباتها هو من ثبات الإسلام فمبناها المصلحة إذن؟ أما آن لنا أن ندرس بحكمة منهج فقه التغيير عند سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام لنعلم أنه يمنح ـ كما قال إبن القيم في نص مطول أنقله إن شاء الله في مناسبة قريبة ـ كل باحث بغيته تحت سقف أصوله ومقاصده ولكن تبقى مسؤولية ذلك الباحث هي : الإجتهاد لفعل الأصلح لكل حال دون التترس الفارغ وراء نمذجة لا وجود لها؟ هل يزعم من يدعي علما بأن المنهج النبوي في التغيير أحادي الإتجاه لا تعددية فيه أصم لا يتلون بلون زمانه ومكانه وحاله؟ لم كان ذلك ؟ حتى يكون المنهج نموذجا لكل من جاء بعده مهما تغيرت الظروف والأحوال ولا يلبى ذلك سوى بتعددية ذلك المنهج. هل يخبرنا من يدعي علما بأن حديث النيات الذي عده العلماء ثلثي الإسلام ( ثلث للعامل وثلث للعمل وثلث للنية كما ينبئ تحليل الحديث ) لا صلة له بمنهج أربكان وأردوغان أو أنهما غير مشمولان به؟ من يدعي ذلك فقد مرق من شمول الإسلام وعمومه وإطلاقه وكلها محكمات. لكم كان يأمل المرء لو أن تجربة أربكان وأوردغان تشق طريقها في العالم العربي والإسلامي دون تشويش عليها من الإعصارات العنيفة من بني جلدتها ولكنه الإبتلاء يأتيك من حيث لا تحتسب يمرغك في العسر عقودا ثم في اليسر أخرى لتكون إنسان الآخرة الخالص. وحتى حلقة تالية أستودعكم من لا تضيع ودائعه ودائعه. الهادي بريك ـ ألمانيا.

 

نتائج انتخابات تركيا

 
فوجئ كثير من الساسة في العواصم الغربية بنتائج الانتخابات العامة التي نظمت في تركيا يوم الاحد بمشاركة حوالي 40 مليون ناخب.. ولئن بادر قادة العواصم العالمية بتهنئة رئيس الوزراء التركي بفوز حزبه بالاغلبية للمرة الثانية على التوالي ونوهوا بتصريحاته التي تعهدت باحترام الصبغة العلمانية للدولة ، فان كثيرا منهم تخوفوا على مستقبل تركيا واحتمال بروز توترات داخلية فيها ..باعتبارها من ابرز دول المنطقة واهمها وزنا عسكريا واستراتيجيا واقتصاديا وسياسيا .. ومن بين ما فاجأ «المراقبين» الغربيين مرة أخرى أن نتائج انتخابات تركيا اكدت مجددا قصر رؤيتهم ..وقلة فهمهم لتوجهات الراي العام في العالم العربي والاسلامي ..كما اثبتت ان حساباتهم تبنى غالبا على تقارير مغلوطة ..منقوصة حينا.. ومضخمة حينا آخر .. وفي الوقت الذي كان فيه عدد من الخبراء الاتراك والعرب يقللون من اهمية الوزن الانتخابي «للملايين الذين تظاهروا لمعارضة ترشح رجب الطيب اردوغان ثم عبد الله غول للرئاسة»..، كانت جل وسائل الاعلام الغربية تتوقع «هزيمة ساحقة» لحزب العدالة والتنمية وانتصارا كبيرا لخصمه الرئيسي «حزب الشعب الجمهوري».. لكن من بين مفاجات الانتخابات ان حزب رجب الطيب أردوغان  وجه ضربة انتخابية وسياسية لخصومه من خلال دعوته الى تنظيم انتخابات عامة مبكرة ..بهدف الاحتكام الى الشعب في حسم الخلافات مع بعض جنرالات الجيش وحلفائهم .. وكانت الحصيلة أن خصوم حزب العدالة والتنمية  لم يحققوا انتصارات ومكاسب تذكر… ففي منطقة إزمير إحدى «معاقل العلمانيين» تساوى عدد المقاعد لكل من حزب العدالة وحزب الشعب الجمهوري المعارض الذي جاء في المرتبة الثانية في هذه الانتخابات وحصل على 20 بالمائة من الاصوات وعلى حوالي 111 مقعدا فقط …مقابل اكثر من 340 مقعدا لحزب العدالة والتنمية .. أما الحزب الثالث اي حزب «الحركة القومية» الذي حصل على 14 بالمائة من الأصوات وحصد 70 مقعدا.. فهو ابعد ما يكون عن توقعاته بـ«احداث المفاجاة» والفوز بالاغلبية المطلقة..؟؟ وبالنسبة للمرشحين المستقلين ونصفهم من الأكراد فقد دخل منهم البرلمان قرابة27 … ويتوقع ان يكون هؤلاء ـ أو نسبة منهم ـ «حليفا محتملا لحزب العدالة والتنمية الحاكم». وسيسهلون فوز مرشحه للرئاسة.. واقرار « الإصلاحات الدستورية» الواردة في برنامجه الانتخابي وتعيين القضاة في المحكمة الدستورية والمحكمة العليا.. وفي كل الحالات فان تركيا التي اعترضت القيادات الاوروبية طوال عشرات السنين على قبولها في «النادي المسيحي الاوروبي».. ستواجه تحديات اجتماعية واقتصادية وسياسية وامنية كبيرة ..خاصة اذا تمادت قيادة الاتحاد الاوروبي في رفض ادماجها وتمكينها من مساعدات اقتصادية مماثلة لتلك التي قدمتها الى اليونان وقبرص واسبانيا ثم الى بلدان اوروبا الوسطى والشرقية .. وفي كل الحالات فان من مصلحة واشنطن واوروبا وروسيا وايران والدول العربية المحافظة على الامن والاستقرار في تركيا ..لتجنب انتشار نيران الحرب المدمرة التي اضرمت في فلسطين ولبنان والعراق وافغانستان والصومال والسودان ..وتوشك أن تنتشر لتلتهم الاخضر واليابس .. كمال بن يونس (المصدر: افتتاحية جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 جويلية 2007)

اربكان وحزبه الغائب الحاضر في الانتخابات التشريعية التركية

 
خميس قشة الحزامي (*) مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية التركية المبكرة التي تتزامن مع العطلة الصيفية تشتد الحملة الانتخابية  بين الأحزاب المتنافسة داخل الجالية التركية بهولندا التي يزيد عددها عن نصف مليون نسمة  مما شجع الناخبين على  العودة لزيارة الأهل والأحباب والمشاركة في الانتخابات   لأن القانون الانتخابي التركي لا يسمح بالتصويت في السفارات والقنصليات التركية . وتعتبر هذه الانتخابات مهمة جدا لتضع حدا للسجال  الدائر  حول  بعض الإصلاحات الدستورية المقترحة من طرف الحكومة الحالية التي من ضمنها تحديد آلية مباشرة لانتخاب رئيس الدولة سبب الأزمة السياسية عندما رشح حزب العدالة و التنمية عبد الله قول لرئاسة الجمهورية ابرز معاقل العلمانيين والتي حال تدخل الجيش  والمحكمة الدستورية دون ذلك.  ويلاحظ ارتياح لدى الأتراك المغتربين على أداء الحكومة الحالية وما حققته من  نجاحات اقتصادية حيث حققت  نموا قويا وخفضت معدل التضخم  وقدمت خدمات اجتماعية واسعة و تطورا على مستوى البنية التحتية   علاوة على الخطوات السياسية على مستوى انضمام تركيا للنادي الأوروبي، كل هذه المكاسب تدفع الناخب التركي  لدعم ومؤازرة حزب العدالة والتنمية بأصواتهم وذلك اضعف الإيمان (حسب رأيهم ). ووفقا لآخر استطلاعات الرأي فإن حزب العدالة والتنمية مرشح للفوز بما لا يقل عن النسبة التي حصل عليها في الانتخابات السابقة، وهي  351  مقعدا من اصل 550  و يستند الحزب في حملته الانتخابية  علاوة على النجاحات التي حققها في المجال الاقتصادي والسياسي والاجتماعي على جذوره  الإسلامية  رغم ابتعاده عن نهج زعيم الحركة الإسلامية البروفسور نجم الدين اربكان  الغائب الحاضر هو وحزبه في هذه الانتخابات والذي مازال يحضى بدعم وتأيد واسع بين إسلامي تركيا وهو الرجل السياسي المخضرم الذي يناهز عمره 85 سنة قضى أكثر من 46 سنة منها في السياسة يخدم وطنه وشعبه،  و كان  يعود بعد كل انقلاب عسكري في تركيا ضد  الأحزاب المدنية ، ليشارك مع تياره الإسلامي تحت اسم حزب جديد إلى أن وصل إلى رئاسة الحكومة عام 1997…  يذكر الأتراك نجم الدين اربكان رجل المهمات الصعبة، الذي لم يلو جهدا في خدمة أبناء تركيا ودينه وأمته الإسلامية ولم يلتفت إلى المتاعب والعراقيل والعوائق التي اعترضته خلال مسيرته السياسية من السجن والحصار والإقصاء وهو كالغيث أينما وقع نفع فكلما تحل بمدينة أو قرية بتركيا إلا وتجد أثار أعماله  منذ  كان رئيس الغرفة التجارية سنة 1964 في عهد رئاسة سليمان دمرال زميله في الدراسة سابقا وغريمه في السياسة لاحقا..  بعدما قضى فترة في ألمانيا  أسس فيها نوات منظمة المليات التي غزت كل دول أوروبة وأصبحت قوة لا يستهان  بها ولها تأثيرها  في الحياة السياسية والاقتصادية الأوروبية و خاصة في ألمانيا التي اشتغل فيها كمهندس ميكانيكي واشتهر بتصميم محرك دبابة « الاوبار » الذي حقق له ثروة طائلة، وهو أول من صنع سيارة تركية بكاملها « دوريم » وفتح مصنع للجرارات وأسس مجموعة مؤسسات وشركات رجال الأعمال المسلمين بتركيا  وأسس أوقاف الشباب الأهلي الذي انتشر  في كامل أنحاء تركيا. ولم ينس الشعب التركي لنجم الدين اربكان حينما كان نائب لرئيس حكومة بولند اجويد الذي كان حينها في زيارة   خارج البلاد فاتخذ قراره السياسي بالتدخل في قبرص عام 1974 لإنقاذ المسلمين الأتراك من إبادة جماعية كادت أن تلحق بهم على  يد القبارصة اليونانيين.. ووصولا للنجاحات الباهرة التي حققتها حكومته من خلال تسيير البلديات في تنظيم الشوارع وبناء الطرقات  وتطوير البنية التحتية للمرافق الضرورية وتحجيم الفساد والتلاعب السياسي السائد ، وما قامت به المؤسسات الخيرية والأوقاف التي ساعدت الفقراء والمحتاجين في تركيا  لتصل إلى عديد من الأماكن الإسلامية وخاصة بلدان القوقاز  والبلقان..  و لم يغب عن الأتراك مواقف أربكان و  نواب الأحزاب التي شكلها  في  المجاهرة بعدائهم  للصهيونية ودعوة الحكومة التركية إلى قطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني.  والتنديد بالمحافل الماسونية وفضحهم  للمخططات الأمريكية للسيطرة  على ثروات الأمة الإسلامية ، ودعوتهم للتقارب الحقيقي مع الدول الإسلامية  ويعتبر نجم الدين اربكان محامي فلسطين في تركيا حيث يرى أن فلسطين ليست للفلسطينيين وحدهم و لا للعرب وحدهم و إنما للمسلمين جميعاً  .  هذا السجل الحافل   بالأعمال والمواقف يجعل الأتراك يعبرون على حبهم لاربكان باستقبالات جماهيرية حاشدة وخاصة في مدينة « قونيا » حيث يخرج سكان المدينة على بكرة أبيها مهللين ومكبرين بحياته وما شهدته اسطنبول أخيرا من حضور شعبي كبير تجاوز المليون شخص بمشاركة العديد من الحركات والأحزاب والمنظمات الإسلامية من أصقاع العالم في الاحتفال بذكرى فتح اسطنبول مؤكدين على انه  يستحق كل تبجيل وتكريم . هذه المكانة  الجماهيرية التي يتمتع بها زعيم حزب السعادة الذي أسسه بعد حل حزب الرفاه من قبل المحكمة الدستورية سنة 1999 لا تخول حزبه تحدي الكوتة  المخصصة للمشاركة في البرلمان  لان أنصاره ادكو واقتنعوا  بعد هذه التجارب الطويلة في المعترك السياسي أنه  لا يسمح له ولحزبه بالوصول للسلطة  بعدما وضعت له حواجز كثيرة   لمنعه من إنجاز أي مخطط سياسي من مخططاته …  كما حل حزبه أكثر من ثلاثة مرات في تدخل سافر من المؤسسة العسكرية فاكتفوا بحبه وتقديره دون إعطائه أصواتهم… ويصف عدد من المراقبين السياسيين والاكادميين  اربكان بالسياسي المحنك الذي خاض العديد من التحالفات والتكتلات مع جل الأطياف والأحزاب والتيارات  السياسية التي تخالفه الفكر والتصور ..وقد اعد   جيلا من الشباب المتمرس على السياسة والعمل المؤسساتي وهو يدير ويسهر على العمل الأهلي والسياسي والحكومي بتركيا. وقد ظهر ذلك خلال النصف الثاني من التسعينات متمثلا في « الجيل الجديد » داخل حزب نجم الدين اربكان إذ يعتبر  أن الحكومة الحالية لحزب العدالة والتنمية امتداد لحزب الرفاه السابق وان اختلفت بعض المواقف السياسية التي يعتبرها المحللون تكتيكية تنسجم مع المرحلة الحالية وتنحني نسبيا للإرادة العسكرية والدولية، وهذه التوترات في المواقف إنما هي سحابة صيف سرعان ما تنجلي ويبقى هؤلاء الوزراء مهما كبروا تلاميذا لأستاذهم الذي دربهم وعلمهم فنون التكتيك والمناورة السياسية، والتلميذ المتأدب لا يتنكر لأستاذه أبدا،  فعبد الله قول عراب حزب العدالة والتنمية هو احد أبناء اربكان المقربين فهو مساعد اربكان الأول في حزب الرفاه وكان وزير الخارجية بالنيابة في حكومته المنحلة وكذلك رجب طيب اردوغان رئيس بلدية اسطنبول  وغيرهم كثير  الذين خرجوا من حزب الرفاه بعد إغلاقه وأسسوا حزبهم الجديد الذي انظم إليه عدد كبير من كوادر وإطارات الحزب السابق من خيرة تلاميذ اربكان  من الجيل الثاني  لا يستطيعون التنكر لخلفيتهم  السياسية والفكرية التي نهلت من فكر اربكان الإسلامي المعتدل رغم الحملة الإعلامية المغرضة التي تنفخ في أتون الفتنة بين القائد وتلاميذه وأولاده … وقد أفاد استطلاع للرأي أجري حديثا   أن قدرا كبيرا من الشعب التركي يبرئ اربكان من كل تهم سؤ التصرف في أموال الرفاه واعتبرها ردود أفعال متوترة من طرف المؤسسة العسكرية التي  خاب أملها بعدما قررت حل حزب الرفاه ومصادرة ممتلكاته التي لم تجد منها شئ فكل الأوقاف ومقار الحزب مؤجرة وكل الأموال  والعقار والاستثمارات لأشخاص لا علاقة لهم بالحزب فثارت ثائرتها واتهمته بتهريب هذه الأموال في حين انه لم  يثبت عليه اختلاسات أو سوء تصرف وهو ليس في حاجة لجمع المال فعنده ما يكفي عكس ما يروجه خصومه  .. وترجع خلافات اربكان مع المؤسسة العسكرية منذ تأسيسه  حزب السلامة التركي حيث لم يستطع أن يخفي ميولا ته الإسلامية والقومية والالتزام بالإسلام كدين ودولة ، نجم الدين اربكان بالنسبة لهؤلاء هو العدو الذي كان عليهم  أن يزيحوه عن الطريق  لذلك لم تتوقف مكائدهم ضده حتى نجحوا أخيراً . وتعتبره المؤسسة العسكرية خطرا يهدد نظام كمال اتاترك العلماني الذي أرساه منذ سنة 1923 والذي مازال يحكم تركيا من قبره إلى الوقت الحاضر ممثلا في المؤسسة العسكرية مسخرة في ذلك كل الوسائل والإمكانيات..   (*) مدير المركز لثقافي الاجتماعي بهولندا

الصحافة البريطانية التعايش ممكن بين الديمقراطية والإسلام في تركيا

  

 
علقت ذي إندبندنت في افتتاحيتها على الحالة التركية بقولها إنها جديرة بالتأمل لما فيها من تفنيد لفكرة أن الديمقراطية الليبرالية والإسلام على طرفي نقيض ومتنافران. واعتبرت الصحيفة أن إعادة انتخاب حزب العدالة والتنمية علامة مشجعة على استمرار هذا الوضع لما له من باع في الإسلام السياسي، والذي لم يكن قوة متخلفة عن ركب الحضارة منذ توليه السلطة عام 2002. بل العكس هو الصحيح، فقد أتت الإصلاحات الاقتصادية للحزب ثمارها الواضحة وضربت تركيا رقما قياسيا في الاستثمار الأجنبي العام الماضي. وقالت ذي إندبندنت إن الحزب كان أكثر تقدمية من المعارضة القومية والمؤسسة العسكرية اللذين يزعمان أنهما الأوصياء الحقيقيون على الدستور العلماني الذي أسسه أتاتورك. وأشارت إلى أن بعض الأتراك الليبراليين قلقون من أن انتدابا جديدا سيشجع العناصر المتحمسة داخل الحكومة على الضغط باتجاه أجندة أكثر إسلامية، كمطلب تطبيق الأسلوب الإيراني على النساء لارتداء الحجاب وفيمن سيرشحه لرئاسة الدولة. وأكدت الصحيفة ضرورة أخذ قلق الليبراليين على محمل الجد، ولكن ليس معنى هذا أن الحزب على وشك الانحراف باتجاه الإسلام المتشدد. وهذا ما شدد عليه أردوغان في خطابه أمس عقب الانتخابات، وأعاد التأكيد على التزامه باحترام مبادئ تركيا العلمانية. وعددت الصحيفة إيجابيات الحزب مقابل تشدد المعارضة العلمانية والمؤسسة العسكرية في بعض القضايا كمسألة الكرد ومعارضة الحكومة لاتخاذ إجراء عدواني ضدهم، بل السماح بتمثيل جديد للمستقلين منهم في البرلمان، وهذا من شأنه أن يعمل على كبح أي عمل عسكري مفاجئ. وذكرت إنجازا كبيرا آخر للحزب، وهو دفع تركيا على طريق عضوية الاتحاد الأوروبي وأن كثيرا من الإصلاحات التي أجرتها كانت تصب كلها في هذا الاتجاه. وختمت ذي إندبندنت بأنه إذا تمكنت أنقرة من خط مسار وسطي بين العلمانية العدوانية والليبرالية الدينية، فسيكون نصرا ليس لتركيا فقط ولكن للديمقراطيين في كل مكان. الصحافة المصرية رسائل من الانتخابات التركية          بدر محمد بدر-القاهرة كتب فهمي هويدي في الدستور عن الرسائل التي بعثت بها الانتخابات التركية إلينا نحن العرب, فقال إن أولاها وأهمها يتعلق بالنزاهة, إذ أن تركيا من البلاد النادرة في المنطقة المحيطة بنا التي تتم فيها الانتخابات بنزاهة مطلقة. ويؤكد الكاتب أن التجربة الديمقراطية التركية تعاملت مع التعددية السياسية بجدية ولم تستثن أحدا الأمر الذي جعلها جاذبة لكل التيارات السياسية من الشيوعيين إلى الإسلاميين مرورا بالقوميين والليبراليين, مشيرا إلى أن العقدة التي يعاني منها أهل مصر والتي أدت إلى الإصرار على إقصاء الإسلاميين عن العمل السياسي تم حلها في تركيا بيسر وسهولة وبلا خسائر. ويرى هويدي أن المردود الإيجابي لذلك هو أنه تم عقد مصالحة بين التيار الإسلامي وبين الديمقراطية في مصالحة فشل المصريون في إجرائها حتى الآن, فخسروا بعض الإسلاميين وشوهوا الديمقراطية. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 24 جويلية 2007)

قادة الحكم في تركيا يؤكدون أن العلاقات مع اسرائيل ستتعزز بعد انتصار حزب العدالة والتنمية
 
بقلم: تسفي ال ـ بيلغ، كاتب في صحيفة إيديعوت أحرونوت الإسرائيلية انتصار الحزب الاسلامي بقيادة طيب اردوغان يثير السؤال اذا كان الشعب التركي يتوجه الي الوراء نحو الفترة التي سبقت ظهور كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية الحديث في العام 1923. الحقيقة هي أنه لا توجد هنا ثورة سياسية، بل بالاساس تعبير عن خيبة أمل من الانظمة العلمانية التي لم تتمكن من تحويل تركيا الي دولة اغاثة تحرص علي الطبقات الضعيفة. وفي ظل غياب حزب عمالي حقيقي تتسع الفجوة بين الاغنياء والفقراء. كما أن الفساد يواصل الاحتفال. تركيا هي دولة نحو 40 في المئة من اقتصادها اسود ، الاغنياء يغتنون طوال الوقت، وليس للفقراء من منقذ، وفقط الحزب الاسلامي يجتهد ليملأ الفراغ الذي خلفته النخب الاقتصادية والساحة السياسية العلمانية الفاسدة في القسم الاكبر منها. عامل آخر للتعاظم في قوة الحزب الاسلامي هو اغلب الظن خيبة الامل من رفض الدول الاوروبية فتح بوابات الاتحاد التي يدقها الاتراك منذ سنوات عديدة. يبدو أن هذا الرفض يجلب الكثيرين ـ حتي في اوساط النخب ـ الي التفكير بأن لا جدوي من مواصلة الجهود للقبول في النادي الاوروبي. وتظهر الاستطلاعات بأن نسبة المؤيدين للانضمام انخفضت من 80 في المئة في بداية المسيرة الي 30 في المئة فقط. مسألتان حرجتان بارزتان علي نحو خاص علي خلفية الانتصار الاسلامي في الانتخابات: واحدة هي انتخاب الرئيس. اذا ما حقق حزب العدالة والتنمية الاسلامي قوته وأدي الي انتخاب رجل من حزبه كرئيس فسينشأ واقع صعب. الرئيس في تركيا متعدد الصلاحيات وحتي الان هو وحده منع تعيين مئات رجال حزب السلطة في مناصب أساس في الادارة العامة، وهكذا أوقف التحول الاسلامي لجهاز السلطة. واذا ما توفر مرشح حل وسط لمنصب الرئيس، فهناك احتمال بأن يتمكن الجهاز من مواصلة العمل. ولكن اذا ما اصر اردوغان علي أن يكون شخص مثل وزير الخارجية غول هو الرئيس، فمن المتوقع صراعات شديدة من الصعب التنبؤ بنتائجها. مسألة حرجة اخري هي كيف سيرد الجيش. فحسب القانون للجيش مهمة سياسية، وبشكل بياني يمكن ان نصف ذلك كالتالي: كمال أتاتورك أدار في دستور 23 القاطرة التي منذئذ تقود القطار التركي نحو الغرب. للجيش تقرر مهمة: الاشراف علي القطار بأن يواصل دوما سيره. وكلما نزل القطار عن السكة، وهذا حصل منذ ذلك الوقت أربع مرات ـ خرج الجيش من معسكراته واعاد القطار الي السكة في الاتجاه الغربي. فهل هذه المرة سينطلق الجيش للعمل، في مهمة كلفه بها ابو الامة، أم هذه المرة سيوجد السبيل للحوار بينه وبين الحكم الاسلامي؟ بالنسبة للنقطة الاسرائيلية، فان قادة الحكم في تركيا يؤكدون علي أن العلاقات معنا ستتعزز. بتقديري يوجد بالفعل احتمال بان هكذا سيكون الحال. (يديعوت احرونوت) 23/7/2007 (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 جويلية 2007)

الإسلاميون العرب والنموذج التركي
 
عبدالله اسكندر     حقق حزب العدالة والتنمية التركي، خصوصاً زعيمه ورئيس الحكومة رجب طيب أردوغان، انتصاراً انتخابياً واضحاً وكاسحاً. لقد ضمن إمكان الحكم منفرداً. والأهم من ذلك ازدادت شعبيته، في سابقة لم تحصل الا لعدنان مندريس في الخمسينات، بعد فترة من الحكم. يعني ذلك ان أردوغان قدم، في حصيلة ولايته السابقة، مكاسب ملموسة شعر بها الناخب في كل المناطق التركية، وجعله يمنح الثقة ثانية للبرنامج الذي أنتج هذه المكاسب. استناداً الى الرصيد الذي جمعه أردوغان، كتجربة حكم لحزب ذي جذور إسلامية، تعلو أصوات الاسلاميين العرب مفتخرة بالتجربة التركية التي تؤكد صحة توجهاتهم وممارساتهم السياسية، ولتقطع ان ما حصل في تركيا على ايدي «العدالة والتنمية» قابل للتكرار على أيديهم. ولا يعيق هذا الإنجاز الا «الطغم» الحاكمة في البلدان العربية وابتعادها عن هدي الدين. وكثيراً ما تردد الاصوات نفسها ان شعبية أردوغان وحزبه تنبع من رغبة الاتراك بالقطع مع الإرث الأتاتوركي العلماني الذي لم يهضموه يوما، وهم يقبلون على الحزب ذي الجذور الاسلامية من أجل استعادة المجد الغابر لحضارتهم الذي بدده مصطفى كمال عندما ألغى الخلافة، منذ حوالي تسعين عاما. هذا التعارض في القراءة العربية للأتاتوركية والأردوغانية هو الذي يحول دون ان تكون هناك أحزاب عربية على طريقة «التنمية والعدالة». لأن الاسلاميين العرب متمسكون بالفهم الايديولوجي لحركة التاريخ وليس بالتطور الذي يدفع في اتجاه دون آخر. ما فعله مصطفى كمال في العمق، بعد هزيمة بلاده في الحرب العالمية الأولى وميزان القوى الدولي الناشئ عنها، هو الانتقال من «العثمانية»، وكل ارثها، الى «التركية» بما هي دولة واضحة الحدود والعلاقات سواء مع مواطنيها او مع الخارج. وهو الانتقال الذي فرض نموذج الدولة المتجهة نحو قيم إنسانية في المساواة والحقوق يتشارك فيها مع الغرب المنتصر في الحرب. وفرض هذا الانتقال ايضا تحديث الدولة والقضاء على الاسلام السياسي، دعامة الحكم العثماني. أردوغان بدوره يرفض الاسلام السياسي في العمق. لأنه يعتبر ان مهمته لن تتجاوز في مطلق الاحوال الوطن والدولة التركيين. وهو يتمسك بالاسلام الثقافي وليس بالإرث الحضاري الذي تركته «العثمانية». انه ابن تركيا القوية بذاتها والساعية الى رفاه بنيها، وليس استعادة الخلافة العثمانية. وما يشترك فيه اردوغان مع مصطفى كمال، ليس التمسك بالوطن التركي فحسب، وإنما ايضاً اعتبار مصلحة هذا الوطن في علاقة وطيدة مع القيم التي يدافع عنها الغرب. وربما هذا ما يفسر اندفاعته نحو الاتحاد الاوروبي. الترجمة السياسية لهذا الجذر التركي لدى أردوغان تمثل في سلاسة إدارته للصراع مع المؤسسة العسكرية والاحزاب العلمانية. فهو لم يخرج لحظة واحدة على الدستور والقانون رغم تمتعه بالغالبية البرلمانية. ولم يتذرع بهذه الشرعية الديموقراطية التي لا لبس فيها من اجل خوض مواجهة حادة مع خصومه الداخليين. لا بل كان يتراجع عن حق تعطيه اياه هذه الديموقراطية لتفادي المواجهة الحادة، رغم ما يُعرف عن طبعه الحاد. وعلى الصعيد الخارجي، اعتمد أردوغان المنطق السياسي نفسه. فهو عارض الحرب على العراق مثلاً من دون ان يقطع مع الولايات المتحدة. وتوجه الى الشرق الاوسط ليقيم علاقات ودية مع سورية، رغم ما يربط انقرة باسرائيل. وما زال يتمسك بهدف انضمام بلاده الى الاتحاد الاوروبي رغم شروط صعبة ومواقف عدائية من دول في هذا الاتحاد. في مقابل المواقف الوثيقة الارتباط والتفاعل مع مفاهيم الوطن والدولة الحديثة، التي أنتجت الفكر السياسي لدى أردوغان، يدفع الاسلاميون العرب الى إعادة إنتاج مفاهيم المرحلة العثمانية العابر للدول الوطنية. لذلك فشلوا في الفصل بين الاسلام السياسي والاسلام الثقافي، كما فشلوا في تجارب الحكم القليلة التي توافرت لهم، فحولوها حروبا داخلية او مشروع حروب. مع انتصاره الساحق، أعلن اردوغان احترامه للقيم الجمهورية التركية (وهي قيم اتاتوركية)، ومن بينها العلمانية، وتعهده الحفاظ على الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية. وهي المواقف التي تتعارض كلية مع ما فعله الاسلاميون الجزائريون في تجربة البلديات التي حكموها مدة قصيرة، ومع المعارك الداخلية التي نشأت عن تولي الاسلاميين السودانيين الحكم… وأخيراً ما تفعله «حماس» في غزة. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 جويلية 2007)

زلزال تركيا ومأزق الدولة القومية في العالم الإسلامي
 
د. عبدالوهاب الأفندي (*) النتيجة الحاسمة والمزلزلة للانتخابات التركية التي انعقدت أمس الأول قد تفسر علي أنها خطوة حاسمة باتجاه تحديث تركيا والقطيعة مع ماضيها الكمالي المتأزم. ولكن هذه قد تكون قراءة متعجلة، خاصة وأن حزب العدالة والتنمية الذي حقق فوزاً كاسحاً في الانتخابات لم يصرح بأنه بصدد القطيعة مع ماضي تركيا، وإن كان مفهوماً أنه يريد أن يقود تغييراً مهماً في اتجاهات عديدة. وهناك دروس مهمة تستفاد من التجربة التركية، خاصة فيما يتعلق بدور الخط الإسلامي المعتدل في تطوير ودعم الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية في الوقت الذي يبدو فيه أن التيارات العلمانية قد أظهرت عجزاً مزمناً بإزاء هذا الدور. وهذه قضية غاية في الأهمية وتستحق نقاشاً مطولاً في ذاتها، إذ لا شك أن مستقبل الاستقرار في المجتمعات الإسلامية رهن بحسم الصراع الإسلامي العلماني ووضع الأسس السليمة لحكم يقوم حوله إجماع شعبي. ولكن الشرخ الأكبر الذي كشفت عنه الانتخابات التركية كان الشرخ العرقي داخل واحدة من أقدم الدول القومية في المنطقة. فبينما سيظل النزاع العلماني ـ الإسلامي داخل البرلمان القادم وفي المجتمع التركي بأكمله عامل استقطاب مهم، إلا أن قادة حزب العدالة والتنمية كانوا علي حق حين اتهموا الكماليين باصطناع الأزمة عبر الحديث عن تهديدات لا وجود لها للنظام العلماني الذي أكد الحزب مراراً أنه لا ينوي تقويضه. إلا أن النزاع الأكبر والمسكوت عنه بين النخبة التركية هو النزاع مع الأقلية الكردية التي كرس النظام الكمالي قمعها سياسياً وثقافياً في دستوره وقوانينه وممارساته السياسية. القمع ضد الأكراد شمل التمثيل السياسي، مما أضطر عدداً كبيراً من الساعين إلي تمثيل الأكراد في البرلمان إلي الترشح كمستقلين، تماماً كما يفعل ناشطو حركة الإخوان المسلمين في مصر وبقية الأحزاب المحظورة في عدد من الدول العربية. وقد يكون ظاهرة إيجابية أن الأكراد نجحوا في زيادة تمثيلهم النيابي في البرلمان، إضافة إلي انتخاب عدد مقدر منهم ضمن لائحة حزب العدالة والتنمية. ولكن انتصار الأكراد المحدود تم تحييده إلي حد كبير بالانتصار الأكبر للقوميين الأتراك المتشددين الذين أصبحوا الحزب الثالث من حيث التمثيل البرلماني. ويقوم هؤلاء القوميون مقام الجماعات اليمينية المتشددة في الدول الأخري (المتشددون الصرب في يوغسلافيا السابقة علي سبيل المثال)، حيث ينهجون نهجاً متطرفاً تجاه الأقليات الأرمنية والكردية وغيرها، وقد اتهم بعض المنتسبين إلي هذا التيار بالضلوع في اغتيالات لشخصيات سياسية متهمة بتهديد القيم والهوية التركية بحسب النظرية الكمالية المتشددة. وتكتسب ظاهرة الاستقطاب هذه أهمية متزايدة في ظل التصدعات التي تشهدها دول المنطقة في هذا الاتجاه، حيث العراق يتصدع طائفياً وعرقياً، بينما تشهد إيران وفلسطين وسورية ومصر ودول المغرب العربي تصدعات متزايدة. أما عن السودان ولبنان فحدث ولاحرج. وعندما نشهد التصدعات تنتشر إلي بلدان مثل مصر اشتهرت لقرون، وليس فقط لعقود، بتماسك نسيجها القومي، فإن أسئلة مهمة تستحق أن تطرح لاستجلاء أمر هذه الاتجاهات. تركيا كانت هي التي أدخلت نموذج الدولة القومية إلي المنطقة، وأدخلت معه تشوهات وسلبيات بدأت منذ بداية التوجه إلي هذا الخيار علي يد الاتحاديين في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الأولي وصاحبتها. فقد كان مفهوم الاتحاديين للدولة القومية هو أنها دولة أحادية اللغة والهوية، سعوا إلي إخراجها إلي الواقع عبر فرض التتريك علي كل رعايا الدولة، مما أدي إلي ثورات متلاحقة قوضت الامبراطورية العثمانية. حينها ظهر مصطفي كمال أتاتورك الذي دفع فكرة استيراد نموذج التحديث الغربي ومركبه السياسي الممثل في الدولة القومية إلي حدود كاريكاتورية لولا مأساوية ما ترتب عليها من قمع ما زالت تركيا تعيش ذيوله. فقد تابع مصطفي كمال وخلفاؤه سياسة التتريك القسري في حق الأقليات، ولم يتورعوا عن التهجير الجماعي (حتي لا نقول الإبادة الجماعية كما هي التهمة في حق الأرمن) أو القمع المركز للأقليات من أرمن وإغريق وأكراد. القوميون الأتراك سعوا لإنقاذ الدولة العثمانية التي قامت علي الرابطة الدينية ولكنها استوعبت أقاليم أوروبية عديدة تسكنها أقليات غير مسلمة قادت عدة ثورات ضد الدولة بدعم من القوي الأوروبية منذ نهايات القرن الثامن عشر. وقد تخيل القادة الأتراك أن استبدال الرابطة الإسلامية بالقومية (سموها العثمانية أولاً ثم الطورانية ثانياً) قد تنقذ الدولة من الانهيار. وقد استند هذا المنطق علي فهم خاطئ لمفهوم القومية باعتبارها رابطة يمكن اصطناعها بقرار رسمي بغض النظر عن العوامل الثقافية والتاريخية التي تشكل وعي الشعوب، وأغفلت نمو الوعي القومي المستقل عند شعوب البلقان التي لم يكن ممــكناً استيعابها فــي الكــيان التركي المصطنع. وعندما أضافوا إلي هذه الغفلة خطيئة محاولة فرض التتريك علي العرب والجماعات الأخري فإنها خلقت وعياً قومياً مضاداً أدي إلي تقويض ما بقي من الدولة العثمانية. وبدلاً من الاتعاظ من هذا الخطأ، استمرت النخبة التركية في فرض هذه الرؤية الأحادية علي الأقليات التي أبقاها الحظ العاثر داخل حدود الدولة التركية الجديدة. الدولة العربية واجهت إشكالات مماثلة، حيث نشأت القومية العربية في محاولة مشابهة لاستيعاب الأقليات غير المسلمة، خاصة المسيحية. ولكن هذا التحول من الرابطة الدينية إلي الرابطة القومية ولد شروخاً لم تكن موجودة من قبل، حيث أن صبغ الدولة الحديثة بالصبغة القومية العربية أخرج تلقائياً من الجماعة القومية مجموعات مثل الأكراد والبربر والأفارقة وغيرهم. وقد كان من الممكن تلافي هذه الإشكالية لو أن الدولة العربية (والتركية والإيرانية) تطورت في مناخ ديمقراطي يكفل التعددية اللغوية والثقافية والسياسية بحيث تتبلور هوية جديدة تكون مزيجاً متناسقاً من هذه الرؤي. ولكن الذي حدث هو أن النخب أصرت علي فرض رؤية واحدة مغلقة، مما جعل الهويات المتعددة تزدهر في الظل بعيداً عن مناخ التعايش والتلاقح. وفي نفس الوقت فإن هويات جديدة (ذات طابع طائفي وقبلي وعرقي وجهوي) أخذت تنمو كرد فعل مباشر علي القمع الرسمي وفي عداء مع الدولة. هذه الأوضاع أدت إلي تصدعات خطيرة في بنية الدولة القومية، بلغت حد اشتعال الحروب الأهلية بل وتهديد كيان الدول كما نري في أكثر من بلد عربي. ولا شك أن الوقت قد حان لإعادة النظر في الصيغة المزدوجة التي أدت هذا الوضع، وهي صيغة الدولة القومية ذات التعريف الضيق، وأهم من ذلك، دور النخبة ذات التوجهات الاستبدادية في إغلاق قنوات الحوار والازدهار الثقافي والاجتماعي مما أدي إلي تعويق بلورة هوية جامعة توحد الأمة وتعبر عن توجهاتها وتطلعاتها. زلزال تركيا يكشف عن طريق قد يؤدي إلي حسم هذه القضية، إذ أنه قام بجرة قلم بمحو النخبة التي ظلت تتحكم في مصير الدولة التركية لأكثر من نصف قرن من الخارطة السياسية وأعاد رسم هذه الخارطة من جديد. النخبة الجديدة التي تولت زمام الأمور هي نخبة منفتحة علي العصر وعلي تراث تركيا الديني والثقافي والسياسي من جهة أخري، وقد أثبتت أنها تملك القدرة علي إدارة الدولة باقتدار، إضافة إلي التصالح مع محيطها الإسلامي المباشر والمحيط الأوروبي والدولي دون أن تضحي بهويتها الأصيلة. ولكن هذه النخبة تعاني أيضاً من إشكالات موروثة ومكتسبة قد تعوق دورها البناء. فمن جهة نجد الإسلاميين الأتراك يشبهون كثيراً من الحركات الإسلامية في مزج النزعة إلي التطرف القومي مع الشعور الإسلامي، بحيث يصعب عليهم التمييز بين الاثنين. مثلاً نجد الإسلاميين يتعاطفون إلي حد كبير مع التراث العسكري للأمة التركية، ومع الاعتزاز بالهوية التركية بحسب تعريفاتها الكمالية. وهذا يجعلهم في وضع ملتبس، حيث لا يستطيعون، ولا يريدون وضع مكان الجيش في السياسة موضع تساؤل جذري، كما أنهم لا يريدون التصدي للقومية التركية المتشددة والتقارب مع الأكراد من منطلق الهوية الإسلامية الجامعة. وأذكر مرة أنني تحدثت مع بعض القياديين من الإسلاميين الأتراك حول ضرورة خلق تيار شعبي عام معارض لهيمنة الجيش علي مقدرات الأمور، وأيضاً لعلاقات الجيش الخارجية مع إسرائيل ومليارات الدولارات التي تنفق علي عقود عليها علامات استفهام مع المؤسسة العسكرية الإسرائيلية. ولكن الشخص المعني رفض هذا الأمر قائلاً إن الشعب التركي يقدر الجيش كثيراً ولن يقبل أن يتعرض الجيش لانتقادات. ولكن ما عناه المسؤول هو أن التيار الإسلامي يتعاطف ضمناً مع النزعة العسكرتارية للقومية التركية ولا يريد القطيعة معها، وهي نزعة نراها في حركات إسلامية أخري تصر علي وضع التدريب العسكري في مناهجها. الإسلاميون أيضاً لا يريدون فتح جبهة صراع جديدة مع القوميين والتقليديين حول قضايا الأكراد والجيش، وأحياناً يزايدون علي هؤلاء. ولكن مثل هذه المواقف ستقلل من دور الإسلاميين المعتدلين في الإسهام الفاعل في معالجة أزمة الدولة القومية. ففي السودان ومصر والعراق مثلاً نجد أن الإسلاميين يتخذون مواقف من الأقليات أكثر تشدداً من النخب العلمانية. ومن هنا فإن هناك حاجة ملحة لدي الإسلاميين لإعادة مراجعة منطلقاتهم وتوجهاتهم والقطيعة مع النهج الذي ورثته الحركات القومية المعاصرة من بداياتها المتعثرة، وابتداع مناهج جديدة أكثر انفتاحاً وتقبلاً للتنوع والتعدد. إذ أنها ستكون مأساة كبري لو أن الإسلاميين أعادوا انتاج فشل الدولة القومية المعاصرة في العالم الإسلامي عبر السقوط في نفس الممارسات واستدامة الذهنيات التي أدت إلي سلسلة الكوارث التي عانتها الأمة. (*) كاتب وأكاديمي سوداني مقيم في بريطانيا (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 جويلية 2007)

الانتخابات التركية والتجربة التركية والإسلام والعالم المعاصر
 
رضوان السيد (*) ذهب الناخبون الأتراك الى صناديق الاقتراع يوم الأحد في 22 تموز (يوليو) 2007، على وقع تصريح رجب طيب أردوغان رئيس الحكومة، وزعيم حزب العدالة والتنمية: ان لم نفز في الانتخابات بحيث نستطيع تشكيل الحكومة المقبلة منفردين، فسأعتزل الحياة السياسية! وقد قال لي صديقي، أستاذ الدراسات الإسلامية بإحدى الجامعات التركية الخاصة، وهو اسلامي متشدد: أنا لا أكره أردوغان على رغم عدم اقتناعي بصدق اسلاميته، فهو على كل حال أفضل من الأتاتوركيين، لكنني أسأل الله عزّ وجلّ بعد تصريحه المغرور أن يُهزم في الانتخابات بأي طريقة! انه يقول يا صاح، مهدداً الشعب التركي: ان لم تنتخبوني وحدي فإنكم ستفقدونني، وسيكون ذلك خسارةً كبرى لكم! وقلت لصاحبي: لا أريد مجادلتك في فهمك لتصريح أردوغان، ولا مناقشتك في صدق ايمانه، لكنني أرى أنه قصد من وراء التصريح حشد الأنصار، وتحدي الخصوم. ولا شك في أن «التحشيد» كان غالباً على التحدي. أليس غريباً أن يكون أردوغان هو الذي يراهن على «الشعب»، وليس القوميين أو الأتاتوركيين أو العلمانيين (وهم بالمناسبة ثلاث فئات مختلفة، وإن تكن تبدو متحالفةً الآن)؟! لقد حاول من قبل اقرار تعديل للدستور يشرع انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب، وها هو يلجأ الى الشعب في انتخاباتٍ مبكرةٍ لإقرار برنامجه المتعدّد الجوانب. وعلى رغم التحدي الذي خاضه العلمانيون والقوميون، والإعراض الذي مارسه الإسلاميون المتشددون، والمغامرة الكردية بالترشح في أحزابٍ ولوائح مستقلة، على رغم ذلك كله، فقد حقق حزب العدالة والتنمية انتصاراً ساحقاً بالحصول على حوالي الـ48 في المئة من أصوات الناخبين، في حين كان حصل على 34 في المئة في الانتخابات السابقة. وأقول ان الانتصار ساحق، لأن أي حزبٍ ما حصل على هذه النسبة من الأصوات في الخمسينات من القرن العشرين. وكنت أود أن أضيف الى خصوم الحزب في الانتخابات الى العلمانيين والقوميين والأكراد والمتشددين الدينيين، العسكر – لكنني أعلمُ مثل كثيرين، ان الضباط الكبار (والمؤسسة) هم الذين يكرهون الشعبويين الإسلاميين، وليس أفراد القوات المسلحة التركية! والواقع ان التحديات ما انتهت بالفوز في الانتخابات النيابية، والقدرة على تشكيل الحكومة بالانفراد مثل السابق. فهناك تحديات قريبة، وأخرى متوسطة واستراتيجية. في التحديات القريبة، انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ثم خوض استفتاء (حكمت به المحكمة الدستورية) على تعديل الدستور، لانتخاب الرئيس من الشعب وليس عن طريق البرلمان، في المستقبل. في الأمر الأول نعلم الآن أن أردوغان كان جاداً وهجومياً عندما رشح قبل ثلاثة أشهر زميله عبدالله غل وزير الخارجية، للرئاسة. وقد كان في وسعه أن يرشح مُحايداً قريباً أو أستاذ قانون أو حتى جنرالاً متقاعداً. لكن يبدو أنه نظر في اختياره ليس الى التحدي للعلمانيين بل الى ثقة الجمهور به، وأنه لا يريد أن يخيّب آمال ذاك الجمهور بالخنوع للعسكر، ولتحجُّر علمانية رئيس الجمهورية الحالي، الذي يكادُ يشبه الرئيس اللبناني العماد اميل لحود مع أنه ليس عسكري الأصول(!). وبالفعل عندما فشل في الحصول على أكثرية الثلثين في البرلمان لغل، اقترح العودة الى الشعب، وانتخاب الرئيس منه مباشرة، لكن الرئيس الحالي (الذي انتهت مدته في أيار/ مايو الماضي)، والمحكمة الدستورية، كلاهما فرض عليه الانتخابات المبكرة، ثم انتخاب الرئيس، والاستفتاء من أجل المستقبل، أو من أجل انتخاب الرئيس إن فشل البرلمان الجديد أيضاً في ذلك. وهكذا خاض الرجل وحزبه التحدي، لكن سيكون عليه أن يتحالف مع أحد الاحزاب التي تشكل اقلية في البرلمان على مرشحٍ توافقيٍّ للرئاسة. أما التحدي القريب الثاني فهو الاستفتاء على تعديل الدستور. وهو أسهل حكماً من الانتخابات النيابية، ومن انتخاب رئيسٍ بأكثرية الثلثين في البرلمان. ولدى أردوغان تحديات متوسطة الأجل، أهمها الحاصل على الحدود بين تركيا والعراق. فمقاتلو حزب العمال الكردي اعتصموا بجبل قنديل وجواره، وجوار تلعفر، وعادوا يشنون غارات على الجيش التركي، وعلى المراكز والمخافر القريبة من الحدود العراقية والسورية مع تركيا. وقد حشد الجيش التركي بالفعل مئتي ألف جندي على الحدود مع العراق، وهدد مراراً باجتياح المناطق الكردية داخل العراق، والتي يتحصن فيها المقاتلون الأكراد المتسللون من تركيا، أو الآتون من المهاجر والمنافي. بيد أن المشكلة أعقد من ذلك، وإلا لأغار الجيش التركي منذ زمن كما كان يفعل أيام صدام حسين، وحتى الغزو الأميركي للعراق. فالولايات المتحدة (حليف تركيا في الأطلسي وخارجه) تحتل العراق منذ العام 2003، وتحمي المناطق الكردية من ايران ومن تركيا، وربما تكون قد وعدت فأكثرت من الوعود للأكراد العراقيين. وهي وقفت حتى الآن في وجه الأتراك، الذين لم يرضوا أن يساعدوها في غزو العراق. لكن منذ اندلاع النزاع مع ايران، بدأت الولايات المتحدة تفكّر في طريقةٍ لإزعاجها، ومن ضمن ذلك ادخال تركيا على المشهد العراقي والعربي. والذي أظنه أن الأميركيين ينتظرون الآن نتائج الاجتماع الثاني مع ايران من أجل العراق، أو يأذنون لتركيا بالدخول الى العراق، وقد تتطور مهمتها عندئذٍ من مكافحة المتمردين الأكراد، الى حماية التركمان في العراق، وفي المنطقة الكردية بالذات، فقد أعلنت تركيا مراراً أنها لا تقبلُ بتحول كركوك الى عاصمة لكردستان، لأنها مدينة تركمانية! وعلينا ألاّ ننس أن الكيان العراقي كله في الأصل كان من أسباب نشوئه اقامة حاجز بين ايران وتركيا. وقد كسبت ايران نفوذاً كبيراً في العراق بعد الغزو الأميركي، بقي حتى الآن على حساب العرب وعلى حساب وحدة العراق، لكنه يمكن أن يصبح على حساب تركيا أيضاً. لكن من جهةٍ أخرى، بين تركيا وايران مصالح مشتركة في العراق ومن حوله، وأهمها معارضة قيام الدولة الكردية أو شبه الدولة في العراق المنهار، لما يثيره ذلك من مطامح وأحلام لدى أكراد ايران (4 ملايين)، وأكراد تركيا (12 مليوناً)! لذلك فالرهانات كبيرة في المدى القريب على ايران وتركيا، وهل يستطيع النظامان «التعاون» للحيلولة دون الاستقلالية الكردية، أو تتغلب الإغراءات الأميركية على تعفف تركيا فتدخل في المعمعة العراقية، على رغم ان الضرر من التدخل التركي، سيقع أول ما يقع على أكراد العراق، أشد حلفاء الولايات المتحدة حماسة حتى الآن؟! وفي المدى المتوسط أيضاً يظهر التحدي الكردي في داخل تركيا. فقد عبّر الناخب الكردي بتركيا في الماضي عن احتجاجه على سياسات الإقصاء والتبعية والدمج القسري، بالإضراب عن الانتخابات، أو التحالف مع اليساريين في وجه القوميين الأتاتوركيين. وعلى رغم ان اسلاميي أردوغان يعرضون على الأكراد خيارات وحلولاً لم يقبلها القوميون الأتاتوركيون يوماً، ومن بينها اللامركزية والتنمية، فإن النُخب الكردية اختارت تكوين احزاب مستقلة بدلاً من اضاعة أصواتها مع اليساريين الذين لا يصلون أبداً الى البرلمان. وبذلك تتجه تركيا الديموقراطية الى ما يشبه الدولة الثنائية القومية في مدى العقود المقبلة، على رغم ان الديموقراطيين الأتراك والإسلاميين لن يسلموا للأكراد في المدى المنظور بأكثر من اللامركزية التنموية. وهناك من يقول ان حزب العدالة والتنمية يتمتع بشعبية بين الأكراد المتدينين، لكننا نعلم أن الراديكاليين القوميين بين الكرد، هم الذين يسيطرون على العواطف، ويبعثون التمردات، ويحظون باستحسان أكثرية الرأي العام الكردي. وتبقى التحديات في المديين الاستراتيجي والطويل. وهي تتعلق بهوية الدولة والنظام في الداخل، وبالتعلقات والأدوار في الخارج الشرق أوسطي، والأوروبي، وقد كان التوجه العلماني الأتاتوركي دائماً نحو الغرب، ونحو أوروبا. وهو توجه استراتيجي (في الحرب الباردة)، وحداثي (في مواجهة التقاليد والبنى المجتمعية الإسلامية). لكن القوميين العلمانيين وغير العلمانيين، تضايقوا كثيراً من الإعراض الأوروبي عنهم، ومن انتصار الأوروبيين للأكراد وحقوقهم داخل تركيا، ومن تذكير تركيا دائماً بالمذابح الأرمينية، وعسكرية النظام ذي الوجه الديموقراطي. أما أردوغان، فقد خاض طوال السنوات الأربع الماضية نضالاً عنيفاً للدخول الى أوروبا، التي أدخلت قبرص ومالطا الى أحضانها، وظل مثقفوها وسياسيوها ورجال الدين فيها يقولون: ماذا سنفعل بـ70 مليون مسلم جديد في أوروبا، إضافة الى الجاليات المسلمة المزعجة، ودول البوسنة وكوسوفو وألبانيا ذات الكثرة الإسلامية؟! ولذلك، وفي ظل استصراخ «الضمائر» الأوروبية الرهيفة واللطيفة، انصرف أردوغان للامتداد باتجاه آسيا الوسطى والقوقاز، وباتجاه الشرق الأوسط العربي، بل وخاض محادثات استراتيجية مع ايران المتوجسة، وحقق الاقتصاد التركي قفزةً هائلةً (7 في المئة معدل النمو خلال السنوات الأربع الماضية)، كما تقدم النظام الديموقراطي في البلاد وعلى يد الإسلاميين الذين يشكك العلمانيون في ديموقراطيتهم، ولا دليل لهم على ذلك إلا الغطاء على رؤوس نسائهم، وإصرارهم على سحب الجيش من الحياة العامة، والتصالح مع الماضي ومع الناس البسطاء، وعدم استخدام البوليس والإجراءات الاستثنائية في مواجهة المعارضين والمتمايزين، مثلما كان القوميون يفعلون! أما رؤى الإسلاميين والقوميين والتقدميين العرب لأردوغان ومشروعه، فإنها لا تختلف عن رؤى العلمانيين الأتراك، وإن اختلفت الأسباب. والطريف أن هؤلاء الذين لا يعجبهم الإسلام التركي، معجبون ومشدوهون بنظام «ولاية الفقيه» في ايران. وحجتهم في ذلك أن الأتراك أصدقاء لإسرائيل، بينما يُعينُ الإيرانيون المقاومين الفلسطينيين واللبنانيين ضد اسرائيل، ومحمود أحمدي نجاد يشتم اسرائيل وأميركا كل يوم! ولست في معرض الثناء على النظام الإيراني أو ذمّه، فهو نظامٌ اختارته أكثرية ساحقة من الشعب هناك، وإن كنت لا أرى فيه نموذجاً يستحق الاحتذاء من جانب العرب أو غيرهم، ثم ان ايران تساعد في فلسطين، لكنها تمارس سياسات الابتزاز والاستقواء في فلسطين وفي العراق، من دون أن يعني ذلك أن تركيا محسنة في صداقتها لإسرائيل، كما ان موقفها من غزو العراق كان أفضل من الموقف الإيراني. ثم انه في النهاية لا نرى منذ ستين عاماً دماءً تسيل على الأرض العربية من أجل فلسطين إلا الدماء العربية وتحت الشعارات والأغطية القومية أو الماركسية وأخيراً الإسلامية! بيد أن هذا كله ليس هو الموضوع. بل الموضوع هو هذا الانشقاق أو الصدع بداخل الإسلام، الذي فشلنا دولاً ومجتمعاتٍ في التعامل معه طوال العقود الأربعة الماضية، والذي فتت مجتمعاتنا، وأرهق كياناتنا، وحوَّل الإسلام الى مشكلةٍ عالمية. صحيح أن الدولة الوطنية أو القومية أو المدنية أو ما شئتم، والقائمة في ربوعنا، في العقود الأربعة الماضية، ما نجحت في عرض تجربةٍ أو نموذجٍ صالحٍ للعيش أو للاستمرار أو للدفاع أو للتنمية، بيد أن الإسلاميين المتشددين وغير المتشددين، لا يعرضون بدائل أفضل للعيش أو للتحرير أو للتنمية أو لحلّ المشكلات الإثنية والدينية. ومن هنا تأتي أهمية التجربة التركية الجديدة في التصالح مع النفس والدين والتاريخ والآخر، ومع العصر والمستقبل. انهم يتحدثون ويفعلون في مجالات الدولة المدنية، دولة القانون والمؤسسات، وفي مجال التنمية المستدامة، وفي اخراج الشعب التركي من التناقض المفروض عليه أو القسر المفروض عليه بين دينه ودولته، وبين عيشه والشأن العام. ان مجتمعاتنا التاريخية خلفت تعدديات وإثنيات ومشكلات وتعقيدات وَعَيناها في الحداثة، وما استطاع حلها القوميون الاندماجيون، ولا الإسلاميون الأشد قسوة واندماجية. القومي العسكري يريدك أيها الكردي أو الأمازيغي أو الإسلامي، أن تهدأ وتسكن وتخضع فلا يتعرض لك، فالمهم التلاؤمية الى حدود الإلغاء. لكنك مع الإسلامي الجديد لن تبقى على قيد الحياة حتى لو تلاءمت. فالإسلامي أقل تقبلاً من القومي للمختلف، والسودان المعروف مجتمعه بالتعددية الهائلة منذ قرون، تصدع تحت ضربات القوميين، ثم انهار تحت وطأة الإسلاميين! أما النظام الإسلامي الإيراني فيُنكر وجود أي مشكلةٍ قومية أو دينية على رغم وجود السنّة والعرب والأذريين والأكراد والبلوش! وما استطاع الإسلام المدني والديموقراطي والتعددي التركي أن يحل مشكلات تركيا الإثنية أو القومية أو الدينية الموروثة خلال السنوات الأربع الماضية، لكنه فتح الباب – وسط ظروفٍ وشروطٍ قاسية – لأفكارٍ كثيرةٍ، وممارساتٍ كثيرة، في شتى المجالات، ومن ضمنها المُشكلان: القومي والديني، وسط ارتياحٍ اقتصادي، وانفتاحٍ مؤسسي، وخطوط ازدهارٍ وتألق في الاتجاهات كافة. لذلك كله، اعتبرت التجربة التركية مع الديموقراطية، ومن جانب حزبٍ اسلامي، امكاناً يعد بالنجاح، في الخروج من الصدع الذي أصاب ديننا، وأصاب اجتماعنا الإنساني، كما أصاب أنظمتنا السياسية. وقد تنجح التجربة هذه في المدى المتوسط وقد لا تنجح. لكن الانتخابات التركية الأخيرة أمارة على اتجاهٍ صحيحٍ في طريق النجاح: كُلّ الجِمال بتعارِك إلاّ جملنا بارِك! (*) كاتب لبناني (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 جويلية 2007)

أنماط مشاركة الحركات الإسلامية في السياسة العربية
 
عمرو حمزاوي (*) تحمل اللحظة الراهنة للحركات الإسلامية التي اختارت في عدد من الدول العربية المشاركة في الحياة السياسية الرسمية تساؤلات كبرى يدور جلها حول مضامين وتداعيات خيار المشاركة ومدى جهوزية الإسلاميين للحكم وتسيير الشأن العام حين تأتي بهم الآليات التعددية، وأهمها الانتخابات التشريعية، إلى مواقع الأغلبية إن انفراداً أو ائتلافاً. هنا تقتضي القراءة التحليلية لتنوع خطوط إدراك واختلاف مناهج تعامل الإسلاميين مع هذه التساؤلات من جهة الابتعاد عن إنتاج (أو إعادة إنتاج) مقولات تعميمية تستند إن الى انحيازات أيديولوجية مسبقة أو خبرات ماضية انتقائية هي بحكم التعريف لا تصلح للإلمام بصيرورة اللحظة الراهنة بما تحويه من تعقيدات ومستجدات. من جهة أخرى، تعجز أيضاً النظرة الاختزالية للحركات الإسلامية الذاهبة لاعتبارها كيانات أيديولوجية يكفي تحليل خطاباتها المعلنة حول المجتمع والسياسة لمعرفة منطق فعلها وكذلك تلك المعالجات التي ترى في الإسلاميين وبحكم حداثة مشاركتهم في الحياة السياسية، فاعلين استثنائيين لا تنطبق عليهم معايير تقييم تجارب التيارات الليبرالية واليسارية والعروبية الأسبق وجوداً عن صياغة إطارات تفسيرية مقنعة. فالدفع المتواتر في بعض دوائر الإسلاميين على سبيل المثال بأن التساؤل حول إمكاناتهم في تسيير الشأن العام أو المشاركة بفاعلية في السلطة هو بمثابة طرح لأمور سابقة لأوانها أو مستبعدة واقعياً حين تؤخذ في الاعتبار توازنات القوة بين نخب الحكم والإسلاميين إنما ينبني على منطق تسويفي خطير يطلب من الناخب أن يستثمر صوته اليوم في حركات لا يستطيع التنبؤ بالكيفية التي ستتعامل بها مع تحديات المستقبل وتنتفي بالتبعية قدرته على التقييم والمفاضلة بينها وبين غيرها. في هذا السياق، يمكن في عالمنا العربي التمييز بين ثلاثة أنماط رئيسية تؤطر بصور متنوعة لمشاركة الإسلاميين وتتبلور معها الخصائص الحاكمة لفعلهم السياسي. يرتبط النمط الأول بالحالات العراقية واللبنانية والفلسطينية وفيها جميعاً يتواكب وجود مساحات من الحرية التنظيمية والتعددية الحزبية إن مع ظرف الاحتلال المرتب لانهيار شبه كامل لمؤسسة الدولة وأجهزة حفظ النظام العام أو مع استمرار أزمة مستحكمة تغيّب التوافق الوطني وتحد كثيراً من الفاعلية الوظيفية لمؤسسة الدولة على نحو يحول دون استقرار الحياة السياسية ويشجع على هيمنة مقاربات استئثارية – إقصائية تتناقض في التحليل الأخير مع مضامين المشاركة السلمية وآلياتها. تتسم الحركات الإسلامية في العراق ولبنان وفلسطين، وبغض النظر عن ثنائية الهوية الشيعية في مقابل الهوية السنية وتنويعات المقاومين – المستسلمين، بعسكرة بناها الداخلية وباحتفاظها بأدوات للفعل العنفي خارج ساحة المشاركة وبنزوعها نحو استخدام أو التلويح باستخدام تلك الأدوات لحسم صراعاتها. هنا، ومع التسليم باختلاف جوهر الفعل المعني وتفاوت تفاصيل السياقات المحلية، تكاد التداعيات السياسية لاختراق ميليشيات إسلامية شيعية لمؤسسة الدولة وأجهزة الأمن في العراق تتماهى مع توظيف «حزب الله» لحربه مع إسرائيل في صيف 2006 لصياغة رأسمال سياسي يغير معادلات الداخل اللبناني وحسم «حماس» لصراعها مع «فتح» في قطاع غزة باستخدام آلة العنف العسكري. يصبح التساؤل الأساسي إذاً هو ما إذا كان دمج مثل هذه الحركات الإسلامية في حياة سياسية تعددية، وهي لم تطور التزاماً استراتيجياً بالمشاركة السلمية بل لا تعدو الأخيرة سوى أن تكون إحدى أدوات الفعل في منظومة أعم، يقلل من – بل ربما يقضي على – فرص الدفع بالتعددية خطوات إلى الأمام من بوابة التحول الديموقراطي، أم أنه، أي الدمج، قد يحفز «إسلاميي الدول المنهارة والفاشلة» تدريجياً على الحد من عسكرة حركاتهم وإعادة النظر في أدواتهم بصورة تعظم من مركزية خيار المشاركة؟ واقع الأمر أن الخبرة الراهنة في العراق ولبنان وفلسطين تدلل بجلاء على هامشية الاحتمال الثاني والحدود اللانهائية لتصعيد الاحتمال الأول من دون أن يعني ذلك الانعدام التام لمساحات محدودة من التغيير داخل الحركات الإسلامية (قد تفتح المجال مستقبلاً لصراعات بين متشددين ومعتدلين) أو أن في استطاعة المجتمعات المعنية استبعاد الإسلاميين من المعادلة السياسية وهم على ما هم عليه من شعبية تتنوع مصادرها من جماهيرية الخطاب الأيديولوجي مروراً باحتكار حق التمثيل السياسي لهويات طائفية بعينها وانتهاء بشرعية مقاومة العدو المحتل أو العدو المتصور. وأغلب الظن أن المجال الوحيد للخروج من مثل هذه الوضعية يتمثل، على الأقل نظرياً، في تبلور إرادات سياسية جمعية تعيد بناء مؤسسة الدولة وتستعيد مدنيتها وحياديتها تجاه المكونات المختلفة للخريطة المجتمعية وتحول دون انفراد قوى إقصائية دينية أو غير دينية بتسيير الشأن العام. على خلاف حالات إسلاميي الدول المنهارة والفاشلة يستند النمط الثاني لفعل الحركات الإسلامية في الحياة السياسية العربية إلى اعتماد نهج المشاركة السلمية كخيار إستراتيجي وحيد لا بديل عنه للحفاظ على مساحات وآليات التعددية المتاحة وتعميقها تدريجياً من خلال صناعة توافق حول الخطوات المستقبلية لعملية التحول الديموقراطي مع نخب الحكم وتيارات المعارضة الليبرالية واليسارية. يتسم «إسلاميو خيار المشاركة أولاً»، وهم حاضرون بوضوح في المغرب والجزائر والكويت والبحرين، بتأطير فعلهم السياسي في أبنية تنظيمية حزبية (كما في حالتي حزب «العدالة والتنمية» المغربي وحركة «مجتمع من أجل السلم» الجزائرية) أو شبه حزبية (كما هو الحال في الحركة الدستورية الإسلامية في الكويت وجمعية الوفاق الشيعية في البحرين) ذات صبغة مدنية – بمعنى غير معسكرة – واضحة. وفي حين تشارك حركة «مجتمع من أجل السلم» والحركة الدستورية كأطراف صغيرة في الحكومات في الجزائر والكويت، يقبع إسلاميو «العدالة» في المغرب والوفاقيون في البحرين في مواقع المعارضة. كذلك يتميز بعض هذه الحركات كـ «العدالة والتنمية» والحركة الدستورية بتمكنه من إنجاز فصل وظيفي بين الدعوي والسياسي تحولت معه إلى تنظيمات سياسية ذات مرجعيات دينية تدار من جانب سياسيين محترفين بعيدين عن سياقات الحركية الدعوية (المتمثلة في حالة «العدالة والتنمية» في حركة الإصلاح والتوحيد وفي حالة الحركة الدستورية في جماعة «الإخوان المسلمين» الكويتية)، في مقابل التباس الدعوي والسياسي في جمعية الوفاق البحرينية نظراً للقرب الشديد بين مستوياتها القيادية وأطرها التنظيمية وبين تلك الخاصة بالهيئة الدينية الشيعية (المجلس العلمائي). على الرغم من هذه الاختلافات النوعية بين حركاتهم، إلا أن إسلاميي «المشاركة أولاً» يلتقون على ثلاث خصائص أساسية: احترام شرعية الدولة المعنية ومؤسساتها وإطار المواطنة التي تستند إليها دون انتقاص، وقبول الطبيعة التعددية والتنافسية للحياة السياسية بما يرتبه من تراجع نسبي للخطابات والرؤى الإقصائية تجاه نخب الحكم وكذلك قوى المعارضة الليبرالية واليسارية، والابتعاد التدريجي عن النقاشات الايديولوجية وخطابات المظلومية لصالح تنامي الاهتمام بوضع برامج انتخابية عملية والتأثير في السياسات العامة إن كشركاء صغار في الحكم أو من مواقع المعارضة. والحال أن خبرة الإسلاميين في المغرب والجزائر والكويت والبحرين تظهر بوضوح وجود علاقة طردية بين استقرار مساحات المشاركة المتاحة لهم وعزوف نخب الحكم عن التعويل المطلق على المقاربة الأمنية – القمعية في التعاطي معهم وبين التماسك السريع نسبياً لهذه الخصائص وتبلور رؤى توافقية حول تسيير الشأن العام تتجاوز منطق المعادلات الصفرية بين الحكم والإسلاميين. أخيراً، يظل جوهر التحدي المطروح على إسلاميي «المشاركة أولاً» هو، من جهة، حسم موقفهم من قضية المرجعية النهائية للسياسة والحكم على نحو يبرهن على التزامهم غير المشروط بآليات التعددية حتى وإن أنتجت سياسات عامة لا تنسجم والمنطلقات الدينية، ومن جهة أخرى الاستمرار في إقناع قواعدهم الشعبية بفاعلية المشاركة السلمية في لحظة تتأهب بها في السياقات المحلية المعنية قوى دينية إقصائية تراهن على فشل خيار المشاركة للدفع باتجاه بدائل أخرى وفي ظل هيمنة نخب حكم سلطوية لم تتخلص تماماً من نظرة الريبة للإسلاميين ولم تعتد بعد على النهج التوافقي. أما النمط الثالث فتبدو معالمه في الحالات المصرية والسودانية والأردنية واليمنية، وهي تعكس في المجمل، وبالرغم من اختلافاتها البينية الجوهرية، استمرارية وجود الحركات الإسلامية في الحياة السياسية مع غياب يكاد يكون شبه تام للاستقرار إن في مساحات مشاركتها ودورها أو في مضامين علاقتها مع نخب الحكم. ففي حين تراوح الخبرة المصرية والأردنية بين السماح النسبي لجماعات «الإخوان المسلمين» بالمشاركة في مساحات التعددية المقيدة المتاحة إن على مستوى السلطات التشريعية أو العمل النقابي والمدني وبين الانقلاب المتواتر على مشاركتها المحدودة هذه باعتماد المقاربة الأمنية – القمعية، تظهر تجربة الحركة الإسلامية في السودان ووضعية حزب الإصلاح اليمني خطورة انضواء الإسلاميين في سياق تحالفات غير ديموقراطية مع نخب حكم تجمع بين الطابع شبه العسكرتاري وشبه التكنوقراطي على صيرورة الحياة السياسية وعلى الدينامية الذاتية للإسلاميين. ربما طور «إسلاميو المشاركة حتى إشعار آخر» التزاماً استراتيجياً بخيار المشاركة السلمية، إلا أن التقلب الدائم في حدود دورهم في الحياة السياسية في مصر والأردن أو اختلاف مواقعهم من مشاركين في صيغ حكم سلطوية إلى أشباه معارضات كما هو الحال في اليمن وجزئياً في السودان، يدفع قياداتهم التنظيمية وقواعدهم الشعبية إما إلى الحوم بصورة لانهائية حول الدوائر الايديولوجية وسرديات المجتمع والسياسة الكبرى (دور الدين، الشريعة، الفرد والجماعة والأمة) ويحول بالتبعية دون تبلور اهتمام حقيقي بآليات صناعة التوافق والتأثير في السياسات العامة أو يرتب اضطراب نظرة الإسلاميين لهويتهم الحركية وعجزهم عن التعامل بإيجابية مع خيار المشاركة. لا خروج إذاً لإسلاميي المشاركة حتى إشعار آخر من إشكاليات اللحظة الراهنة سوى بالتطور التدريجي لمساحات ومضامين مستقرة نسبياً لدورهم في الحياة السياسية وذاك أمر تنفرد النخب الحاكمة بامتلاك مفاتيحه السحرية. من دون إدراك لعمق الفوارق الفاصلة بين الأنماط الثلاثة لمشاركة الحركات الإسلامية في السياسة العربية سنظل نحن، مهتمين وباحثين، نراوح في ذات المواقع من دون أن نقترب من النقلات النوعية المطلوبة معرفياً وسياسياً للتعامل بواقعية مع الظاهرة الإسلامية والتحديات التي تطرحها على مجتمعاتنا. (*) باحث مصري في مؤسسة كارنيغي للسلام العالمي – واشنطن (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 جويلية 2007)

حدود الانفتاح الفرنسي على سورية

 
كتب: توفيق المديني * تعتبر زيارة الديبلوماسي الفرنسي المحنك جان كلود كوسران الى دمشق الاسبوع الماضي، خطوة انفتاح وحوار تجاه سورية مهمة، بل ربما تشكل انقلابا في السياسة الفرنسية تجاه سورية، لكن معظم المحللين الغربيين ينظرون الى هذه الزيارة بواقعية شديدة، فاذا كان من المبكر القول: «ان المياه عادت الى مجاريها بين باريس ودمشق، لكن يمكن الجزم من دون اي حرج ان العمل بدأ من جانب فرنسا لطي صفحة الجفاء الذي طبع العلاقات الثنائية منذ اكثر من ثلاث سنوات، ولا سيما ان أي مسؤول فرنسي لم يزر العاصمة السورية منذ سنتين». زيارة جان كلود كوسران الى دمشق، ولاسيما في هذه المرحلة الحساسة من الأزمات التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، يجب النظر اليها في سياق تداعيات الأزمة اللبنانية، لا في سياق المراجعة النقدية للعلاقات الثنائية الفرنسية – السورية، او إلى مراجعة سياسة فرنسا الشرق أوسطية.. من هنا علينا ان نميز بوضوح بين التحرك الفرنسي الجديد في مناخ الازمة اللبنانية والتحرك في مناخ مراجعة العلاقات الدولية. فكما هو معروف، عندما تكون هناك قطيعة او جفاء في العلاقات الدولية بين بلدين، تستغرق العودة الى العلاقات الطبيعية او العادية بعض الوقت، قبل ان تتوصل الدولتان المعنيتان الى «تفاهمات» جديدة. والسؤال: ما موجبات الحذر وعدم الإفراط في التفاؤل، مادامت عقبة الاتصالات خارج اطار السفارتين في البلدين قد رفعت، بعد ان حط السفير كوسران يوم الثلاثاء الماضي الرحال في دمش، كأول محطة ديبلوماسية له في جولة اقليمية تقوده الى السعودية ومصر ولبنان، بهدف تفعيل نتائج لقاء «سان كلو» اللبناني – اللبناني؟ الاجابة يمكن العثور عليها في التصريح الذي أدلى به وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنر أخيرا، حيث اعترف بتلقي فرنسا اشارات ايجابية من سورية، الامر الذي دفع باريس لإيفاد السفير جان كلود كوسران الى دمشق، والذي تلقى بشأنه من نائب الرئيس السوري فاروق الشرع تأكيدا ان دمشق تدعم كل جهد يؤدي الى انهاء الازمة اللبنانية، «عبر صيغة تتوافق عليها جميع الاطراف اللبنانية»، كما تبلغ من وزير الخارجية السوري وليد المعلم حرص دمشق الكامل على «دعم ما يتوافق عليه اللبنانيون، واستعدادها الى بذل كل الجهود الممكنة للمساعدة على التوصل الى اتفاق بين الاطراف اللبنانية لحل خلافاتهم على اساس احترام الدستور اللبناني، وصيغة العيش المشترك، بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار في لبنان». تأتي زيارة الديبلوماسي الفرنسي كوسران الى دمشق في توقيت مهم، لانها سبقت الزيارة التي قام بها الى دمشق الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد الخميس 19 يوليو، اذ يحتل الملف اللبناني حيزا مهما في مباحثاته مع الرئيس بشار الأسد. كما انها أتت ايضا بعد اللقاء الذي حصل بين وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنر مع نظيره البريطاني ديفيد ميليباند، إذ قال الوزير الفرنسي ان «عقبات أزيلت» لأن سورية وافقت على ذلك، والواقع أنه «مادامت ثمة اشارات ايجابية، فإننا سنواصل اتصالاتنا مع سورية»، فـ «الإشارات الإيجابية» التي يقصدها الوزير الفرنسي، هي تلك التي أرسلتها سورية بشأن اللقاء الحواري الذي عقد يومي السبت والأحد الاسبوع الماضي في قصر لاسيل – سان كلو قرب باريس بين اطراف الحوار الوطني اللبناني. وبالمقابل شككت الولايات المتحدة بجدوى ايفاد كوسران الى دمشق، إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية شون ماكورماك «حصلت مبادرات عدة حتى الآن من جانب عدد من الدول وعدد من الموفدين لاقناع سورية بتغيير تصرفها، ولا نزال ننتظر». واضاف ان الولايات المتحدة مقتنعة مع ذلك بأن فرنسا تبقى «شريكا ممتازا» حول الملف اللبناني. هناك لازمتان في السياسة الفرنسية بقيتا تترددان في الخطاب الديبلوماسي الفرنسي، منذ تدهور العلاقات مع سورية: الاولى، هي «الاشارت الايجابية»، والثانية، هي «الحكم على الأفعال». كانت هاتان اللازمتان الأثيرتان تقفزان الى ألسنة الديبلوماسيين الفرنسيين، كلما طرح عليهم سؤال عن العلاقات الطبيعية مع سورية، وها هو الوزير كوشنير يعترف منذ يومين بتلقي هذه «الاشارات الايجابية»، على طبق من «الأفعال»، وهو ما لاحظته صحيفة «لوموند» بتاريخ 18 يوليو الجاري على سبيل الاستنتاج الذي توصلت اليه، في معرض قراءتها لاسباب رحلة كوسران الى دمشق: «ان عدم قيام السوريين بوضع العراقيل في طريق لقاء سان كلو، جرى الحكم عليه من طرف باريس بطريقة ايجابية». الفرنسيون من خلال خبرتهم واشتباكهم مع معضلات الشرق الأوسط، يقولون دائما انهم يحكمون على العلاقات مع سورية، انطلاقا من زاوية مدى تطابق «الأفعال» مع «الأقوال». فكلما تتلقى باريس «اشارات ايجابية» من دمشق، تأخذ سكة التطبيع في العلاقات بين البلدين مجراها الطبيعي، كما تسمح لفرنسا باقناع حلفائها الذين لا يرون حتى الآن جدوى من الاتصال بسورية. ودمشق تنتظر في المقابل، ان تلمس مفعول كلام كوشنير عن استقرار لبنان، الذي تستفيد (تربح) منه سورية، ايضا، كما يقول كوشنير. يلمس الكثير من المحللين العرب والاجانب، ان الرئيس ساركوزي منذ مجيئة الى قصر الإليزيه، ينتهج سياسة خارجية متباينة مع سياسة سلفه جاك شيراك. فقد فاجأ ساركوزي قوى سياسية لبنانية كثيرة كانت لا تزال تراهن على مواصلة المقاطعة الفرنسية لأي حوار مع دمشق، عندما ارسل الديبلوماسي الفرنسي «المحنك» والمطلق الصلاحية السفير كوسران الى دمشق، وكان قد سبقها بزيارة طهران، وهي خطوة لها دلالاتها، وقد وضعها مراقبون لبنانيون ومتابعون للأزمة اللبنانية ولخط سير العلاقات الفرنسية -السورية في سياق الاعتراف الفرنسي، ولو المتأخر، بدور اساسي لسورية وايران في الازمة اللبنانية، وفي نجاح اي حل تسعي اليه فرنسا في لبنان، وهو حل يعول عليه ساركوزي من اجل الدفع بالسياسة الفرنسية لتأخذ موطئ قدم، ودورا اساسيا، في الاستحقاقات السياسية الاقليمية، المتصلة بالشرق الاوسط. لقد استطاع التحرك الفرنسي من خلال الانفتاح على سورية، ان يكسر سياسة القطيعة التي كانت سائدة في عهد شيراك الذي اصطف على ارضية الخط السياسي الأميركي في مجلس الأمن – لاسيما إلى جهة تشديد باريس الخناق على سورية، المستهدفة من قبل لجنة التحقيق حول مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري – من دون ان يشكل هذا التحرك دعوة صريحة لإعادة ترميم العلاقات الفرنسية – السورية واعادة بنائها من جديد، أولا، وأن يوجه رسالة الى دمشق مفادها دعوة غير مباشرة الي ضرورة تطوير سياساتها، ورسالة الى واشنطن ايضا مفادها ان باريس ترى ان المصالح الأميركية – الفرنسية، متشابكة وان تكن متنافسة في بعض الميادين، اذ تريد فرنسا في لبنان تحديدا، دورا يعزز موقعها ودورها فيه كشريك مع الدور الأميركي من دون التصادم معه،ثانيا. من طبيعة التحركات السياسية الفرنسية، انها لا يمكن لها ان تتجاوز اطرافا اقليمية عربية مهمة مثل المملكة العربية السعودية ومصر، ومن دون التنسيق مع جامعة الدول العربية التي كان أمينها العام عمرو موسى اطلق اكثر من مبادرة لايجاد تسوية للأزمة اللبنانية، ويعرف تفاصيل التفاصيل في هذه الأزمة. ففرنسا تعلم جيدا ان تحركها هذا لن يكتب له النجاح اذا لم يوفر غطاء عربي من الدول الحليفة للولايات المتحدة، أي السعودية ومصر، اللتين لديهما علاقات قوية مع فريق الموالاة. وهناك موقف الكاردينال الماروني نصرالله صفير المتميز بشأن الاستحقاق الرئاسي المقبل في لبنان، الذي حسمه بالتأكيد على مسألة نصاب ثلثي اعضاء مجلس النواب اللبناني لانتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية القادم، واضعا حدا لجدل قانوني وسياسي حول دستورية النصاب لمصلحة الثلثين، اي لمصلحة ما تقول به المعارضة، وهذا الموقف الحاسم جاء بعد مؤتمر «سان كلو» الأخير، وهو ما تضعه المصادر ضمن تسوية تعمل عليها فرنسا بالتوافق مع عواصم اقليمية للمجيء برئيس توافقي. ليس من شك، أن السوريين يريدون القيام بمراجعة العلاقات الفرنسية – السورية، التي شهدت تطورا كبيرا على جميع الصعد منذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1989، بيد ان الرئيس السابق جاك شيراك اغلق الباب في وجه هذه المراجعة، وعزا المحللون الغربيون الانقلاب في الموقف الفرنسي من سورية الذي قاده الرئيس السابق شيراك الى ثلاثة عوامل رئيسة، الأول، تقول التسريبات الفرنسية ان الرئيس شيراك  الذي فتح الأبواب أمام الرئيس السوري الشاب بشار الاسد ومنع الأوروبيين من وضع حزب الله اللبناني على لائحة المنظمات الارهابية وقدم كل الدعم الممكن للقضايا العربية على حساب علاقاته الأوروبية والأميركية و«الاسرائيلية» أخذ في السنوات المنصرمة يشعر بخيبة الأمل جراء السياسات السورية، ويئسه من عملية التحديث والاصلاح في سورية.الثاني، يتعلق بتجاهل دمشق للمصالح الاقتصادية الحيوية للشركات الفرنسية، لاسيما في مجالي النفط والغاز والتلكوم، حيث فضلت دمشق الشركات الأميركية.والثالث، يتعلق بقناعة شيراك ان لا فائدة من معارضة الاستراتيجية الأميركية في منطقة الشرق الاوسط، حيث ان سياسة الحضور الفرنسية التقليدية، اصبحت تجر بلاده الى عزلة دولية، من دون ان يحصل المقابل من العرب على شيء سوى التهجم عليه وعلى التاريخ الاستعماري الفرنسي في أول سوء تفاهم مع هذه العاصمة العربية او تلك. انفتاح الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي على سورية يظل محدودا، ومحكوما بسقف تحدده الولايات المتحدة الأميركية، ولا يمكن لباريس ان تتمرد على السياسة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، إلا إذا قرر الرئيس ساركوزي ان ينتهج سياسة ديغولية جديدة خارج المظلة الأميركية، وهو ما ليس واردا في سياسته الدولية. * كاتب تونسي (المصدر: صحيفة « الوسط  » (يومية –كويتية) الصادرة يوم 24 جويلية 2007)

معارك نقدية
 
 
د. أحمد الخميسي هناك كتاب أحرص على متابعة أعمالهم ، منهم د . مجدي يوسف أستاذ الأدب المقارن والحضارات المقارنة . وكنت قد قرأت له كتابه  » من التداخل إلي التفاعل الحضاري  » الصادر عن دار الهلال عام 2001 ، فلفت انتباهي بشدة إلي مفكر يبذل قصارى جهده لرؤية واقعنا الاجتماعي والسياسي والثقافي من منظور مصري. ولتوضيح المقصود ب  » المنظور المصري  » أستعين بفقرة واحدة من مقال  » منهجية التفاعل مع ثقافة الآخر  » يقول فيها د. مجدي :  » فحين يهتم باحث من كفر الدوار مثلا بأعمال فيلسوف اجتماعي ألماني ك يورجن هابرماس ، فإن السؤال الذي يجب طرحه أولا هو : ماهي الأسئلة التي تطرحها العلاقات الاجتماعية الموضوعية القائمة في مجتمع الباحث ؟ وما الذي يمكن أن يقدمه خطاب هابرماس لتجاوز تناقضات ثقافة المجتمع الذي يمثله الباحث ؟  » . ومؤخرا صدرت الطبعة الثانية من كتاب  » معارك نقدية  » للدكتور مجدي عن الهيئة العامة وقد أضاف إليها فصولا جديدة ومعارك أخرى لم تتضمنها الطبعة الأولى . وفي تقديمه للكتاب لاحظ د. عاصم دسوقي أن مجدي يوسف :  » استخدم في هذا الكتاب أسلوبا غير مسبوق ، إذ عمد إلي إعادة نشر النص موضع نقده كاملا لكي يطلع عليه القارئ حتى تتاح الفرصة أمامه للموازنة والمقارنة  » . وهكذا يصبح هذا الكتاب في واقع الأمر كتاب مجدي يوسف وكل الذين حاورهم ، وكلهم أساتذة كبار منهم جلال أمين ، وفؤاد زكريا ، ود. المسيري وغيرهم . وبطبيعة الحال فإنني لست بصدد عرض كل فصول الكتاب ، أو المعارك ، لكنني أود أن أتوقف عند قضية مفهوم الجيل والإبداع ، لأنه أحد المفاهيم الملتبسة لدينا ، منذ أن انتشرت العبارة الشهيرة  » جيل الستينات  » ، ثم أصبح من السهولة بمكان التوقف عند كل عقد ، ووصف مبدعيه بأنهم  » جيل  » السبعينات ، والثمانينات ، إلي آخره . وهكذا يطرح د . مجدي يوسف للنقاش قضية العلاقة بين مفهوم الجيل والإبداع . وبداية يرفض الكاتب المفهوم البيولوجي للجيل الذي أشاعه  » فلهلم بيندر  » ، وينحي بذلك جانبا قصة التأريخ الأدبي على أساس من تواريخ ميلاد الأدباء . كيف يمكن إذن أن نحيط بمفهوم  » الجيل  » ؟ . ربما – كما يري كاتب آخر هو د . فتحي أبو العينين – أن مفهوم  » الجيل  » هو مجرد أداة تساهم في التعرف على طبيعة الصلة بين ما يجري في حقول الفن من جهة ، وبين التتابع الزمني التي ينتمي إليها المبدعون من جهة أخرى ؟ أداة يمكن بفضلها أن نفهم ظهور وتطور وزوال تيارات إبداعية في سياق تاريخي معين؟ وأن وحدة الجيل تنشأ  نتيجة التماثل في محتوى الوعي، والاشتراك في المصير والطموح ، وأن هذا التماثل يعبر عن نفسه في الإبداع الأدبي ؟ . مرة أخرى يرفض د . مجدي يوسف مفهوم  » التماثل في محتوى الوعي » كتعريف للجيل متسائلا :  » كيف تكون تلك الوحدة الجيلية المزعومة بين وعي أبدع في طمس التناقضات وتبريرها ، وبين وعي آخر أبدع في كشف تلك التناقضات وتعريتها ؟ وأين هنا مفهوم الجيل بمعنى تماثل الوعي الذي يوحد كاتبين متقاربين عمريا مثل صنع الله إبراهيم وفتحي سلامة في  » جيل  » واحد ؟! وأين  » تماثل الوعي  » – على مستوى الموقف الأدبي –  لدي كتاب الستينات مثلا من حرب 1967 ؟ . يتبقى تصور أخير لمفهوم الجيل ينطلق من أن الفئات العمرية التي تعيش مرحلة التشرب والتكون هي التي تكون أكثر تأثرا بالتجربة الاجتماعية مما يخلق تمايزا بين الأجيال المبدعة . إلا أن ذلك التصور الأخير الذي يوحد إنتاج الذوات المبدعة على أساس القدرة الأكبر على التأثر بالتجربة، إنما ينفي أو يطمس بدوره البعد الاجتماعي للعمل الأدبي . لا يقول د . مجدي يوسف صراحة إن تاريخ الأدب والإبداع ينبغي تقسيمه حسب المدارس الفكرية والأدبية وليس على أساس الجيل ، لكنه يشير إلي ذلك حين يقول : فمع من يقف العمل الإبداعي في نهاية المطاف ؟ هل يقوم بتنبيه المتلقي للقمع الواقع عليه ؟ أم يخمد فيه أي أمل في التغيير ؟ د. أحمد الخميسي . كاتب مصري  Ahmad_alkhamisi@yahoo.com  

 


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

13 mars 2004

Accueil TUNISNEWS   4 ème année, N° 1393 du 13.03.2004  archives : www.tunisnews.net اللجنة الوطنية لمساندة عبد اللطيف المكي وجلال عياد:

+ لمعرفة المزيد

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.