الثلاثاء، 21 نوفمبر 2006

Home– Accueil الرئيسية

 

 

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2374 du 21.11.2006

 archives : www.tunisnews.net


لجنة الدفاع عن المتحجبات بتونس: استغاثة طالبات المعهد الاعلى للتصرف بتونس

الجامعـة العامة للتعـليم  العالـي  والبحـث الـعلـمي: بيان حول مشروع التربص البيداغوجي

الموقف: المحكمة تدين شبانا من أجل عدم الوشاية بمتطوعين للعراق

وات: رئيس الدولة يشرف على افتتاح المؤتمر الوطني الرابع عشر للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية

عبد السلام الككلي: الهيئة المؤقتة للمدرسين التكنولوجيين – ثرثرة فوق مجلة الشغل

المولدي الجندوبي : الدفاع عن الحريات جزء من اولويات الإتحاد

أ.د. أحمد بوعزّي: لننأى بالإسلام عن التوظيف السياسي في استقلال الدين عن الدولة

رشيد خشانة: درس في الإنتقال الديمقراطي

عبد الجبار نصيري اليوسفي: أدعية جهادية·· في بلد الاعتدال والتسامح والسياحة

فتحي الهمامي: هل تُنجز الديمقراطية في تونس من ميادين كرة القدم!؟

فتحي بن الحاج يحيى: الحجاب : غزوة المذكّر في حرمة الأنثى

الزيتونة : حول حديث « المرأة إذا بلغت المحيض… »

 صلاح الداودي: (Making in): سينمائيو تونس، مزيدا من الجهد لو سمحتم!!

حافظ بن عثمان: إلى من يهمه الأمر…؟

رامي الصّالحي: أذناب السّلطة: يفترون و يكذبون و يتهجّمون ثم يتشكّون و يزيّفون

محمد العروسي الهاني : رسالة إلى عناية السيد وزير التربية و التكوين حول مشاغل التعليم و ما أدراك ما التعليم

مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات: سيمينار الذاكرة الوطنية حول دور القيروان في مسارات الحركة الوطني


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


 

بسم الله الرحمان الرحيم

لجنة الدفاع عن المتحجبات بتونس

استغاثة طالبات المعهد الاعلى للتصرف بتونس

 

اتصلت بنا البارحة احد طالبات المعهد الاعلى للتصرف بتونس تستنجد وتطلب المساعدة من اللجنة و ذكرت لنا

ان حراس المعهد  منعوا بوحشية دخول الطالبات المتحجبات يوم الجمعة الفارط و الموافق ل 18/11/2006  وفي سابقة خطيرة تعمدت ادارة المعهد اصدار الاوامر للحراس بمنع كل الطالبات اللاتي يحملن اي شيئ على رؤوسهن حتى اللاتي يحملن ما يعرف بالفولارة التونسية او حتى القبعات العادية الى دخول الكلية  و بذلك تكون هذه الادارة قد تجاوزت كل الحدود في تطبيق المنشور 108 سيئ الذكر كما صار واضحا و جليا للجميع ان الهدف من هذه الحملة لم يعد يستهدف الحجاب او الزي الطائفي كما يحلو للسلطة القمعية ان تسميه وانما كل مظاهر التدين والحشمة و الالتزام .

 

علما انه عند محاولة احد الطلبة التدخل لمؤازرة زميلاته والاحتجاج على هذا التصرف العنصري والغير انساني وقع الاعتداء عليه من طرف البواب الذي القى با دباش الطالب الخاصة بالدراسة على الارض قبل افتكاكه بالقوة بطاقته الجامعية  ويجب الاشارة على ان ادارة هذا المعهد بالغت بل و تفننت في اذلال وقهر المتحجبات وانتهاك ابسط حقوقهن حتى وان كن بدون حجاب فعدم السماح لهن بدخول قاعات الدروس يعني اسقاطهن اليا من قائمة الطلبة المترشحين للامتحانات حسب القانون الداخلي للمعهد وبالتالي فان مستقبل الفتيات المتحجبات الدراسي يصير مهددا بجدية ما لم يتنازلن نهائيا عن لبس اي غطاء للراس مهما كان…..

هذا نداء استغاثة توجهت به طالبات المعهد الاعلى للتصرف بتونس حاولنا نقله بكل امانة للراي العام الوطني والعربي والعالمي.

 

  وعلى إثر هذه الانتهاكات و التجاوزات:

 

 تدين اللجنة هذه الممارسات و تدعو كافة المتحجبات إلى ممارسة حقهن القانوني في تتبع هؤلاء الأعوان قضائيا.

 

و تهيب اللجنة بكل أحرار المجتمع التونسي  و العالم العربي و الإسلا مي لمساندة النساء المحجبات في تونس ضحايا قمع و إرهاب الدولة و تدعو كافة جمعيات و لجان المجتمع المد ني الوطنية و العالمية للضغط على الحكومة التونسية من أجل إيقاف حملتها الظالمة على هذا الشعب المستضعف

 

لمراسلتنا

protecthijeb@yahoo.fr

 

        الإتحـــاد العـــام التــونـــسي للشغــل
الجـــامـعـــة العـــامـــة للتعـلـيم  الـعـالــي  والــبحــث  تونس في 15 أكتوبر 2006

بيان حول مشروع التربص البيداغوجي

بادرت بعض الجامعات خلال الأيام الأخيرة إلى دعوة عدد من أساتذة التعليم العالي للمشاركة في جلسة عمل حول « بلورة البرنامج الخاص بالتّكوين البيداغوجي للمنتدبين الجدد » وهو بمثابة آلية جديدة ضمن برنامج الجودة تتمثّل في إخضاع المنتدبين الجدد في مختلف الرتب إلى تربّص بيداغوجي يدوم سنتين ويؤطّره أستاذ مشرف يقرّر في النّهاية المصادقة أو عدم المصادقة على التّربّص المذكور إعتمادا على جملة من المقاييس المضمّنة في إستمارة شبيهة بتلك المعتمدة في التعليم الأساسي والتعليم الثّانوي. ولقد أثار هذا المشروع استياء كبيرا لدى الزملاء من مختلف الأسلاك والأصناف باعتباره تمريرا لمشروع قديم قاومه الجامعيون بشدة منذ عشر سنوات يهدف إلى إرساء نظام التفقد في التعليم العالي ولأنه يتجاهل خصوصية الجامعة كفضاء لإنتاج المعرفة عبر مكافحة الأفكار والتجارب والرؤى ببعضها البعض من ناحية وخصوصية الجامعي كباحث يجب أن يتمتع بما يكفي من الحريات الأكاديمية والتقديرية الكفيلة بأن تسمح له بإثراء الرصيد المعرفي المُراكم وتجديده حتى لا يقتصر دوره على تلقين المعارف حسب المناهج السائدة من ناحية أخرى، وهذه خصوصيات لا تنسجم مع سياسة التفقد. ولابد من التنبيه إلى خطورة هذا المشروع الذي يُخشى أن يصبح في إطار التعاملات السائدة سيفا مسلولا على رقاب غير المرغوب فيهم كما الشأن اليوم بالنسبة للتقاعد، ومن الاشارة إلى غياب النصوص الترتيبية له رغم تصريح بعض رؤساء الجامعات بأنه سيقع العمل به ابتداءا من هذه السنة وعدم تنصيص القوانين الأساسية لمختلف أسلاك الجامعيين عليه وإلى أنه يضمر في جوهره تحوّلا أساسيا لدور الجامعي ولدور بعض الهياكل المنتخبة (مجالس جامعات، مجالس علميّة، مجالس أقسام…)، وذلك من خلال إعتماده التّدريس مقياسا وحيدا للتّرسيم ومن خلال تجريده للهياكل البيداغوجيّة من صلاحياتها وتنكّره للصّبغة الجماعيّة(collégialité) التي تعتمدها المجالس العلمية حاليا عند تقييم ملفات التّرسيم والتي تضمن حدّا أدنى من الموضوعيّة فضلا عن أنه لا يوضّح موقع الآلية الجديدة من الهياكل العلميّة والبيداغوجيّة القائمة. إن الجامعة العامة، إذ تؤكد على أهمية الاسناد البيداغوجي عموما وضرورة مزيد الاعتناء به، إلا أنها ترى أن ذلك يجب أن يتم في مسار التكوين العام في إطار المواد المبرمجة للمرحلة الثالثة أو داخل الفرق البيداغوجية وتؤكد على أي حال بأن المسألة ذات طابع بيداغوجي ولا يجوز إطلاقا للهياكل الادارية التنفيذية إقرارها بدون الرجوع إلى الهياكل العلمية والبيداغوجية المخولة، كما تؤكد عدم رفضها لمبدأ التقييم على أن يتم ذلك بكل شفافية وأن يشمل كل المتدخلين في القطاع بما في ذلك تقييم المؤسسات في إطار احترام مبادئ الادارة الرشيدة. إن الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي إذ تعلن رفضها لآلية التفقّد المقنّع هذه غير المتلائمة مع خصوصية التعليم العالي والمنقصة لشأن المدرّس الجامعي فهي تطالب وزارة الاشراف بتعزيز آليات التقييم الجاري بها العمل حاليا مع تصحيحها في اتجاه ارجاع كلّ الصلاحيات في موضوع الانتداب والترسيم للهيآت العلمية والبيداغوجية المنتخبة والمؤهلة وتشدد على أن هذا المشروع يؤكّد مجدّدا صبغة التّسرع والمباغتة الني تطرح بهاّ وزارة التّعليم العالي مشاريع الإصلاح ويعكس مقاربة تُؤثر منطق الوصاية(logique tutélaire)  بدل منطق الشّراكة (logique partenariale)  التي تنادي بها الجامعة العامة بالخصوص عند صياغة مشاريع الإصلاح وتقييمها وهو ما من شأنه المس من مصداقية برنامج الجودة بأسره. كما تعتبر أن في ردّ الاعتبار للمدرّس الجامعي على الصعيدين المادي والمعنوي وفي تحسين ظروف العمل بالمؤسسات الجامعية خير ضمان للارتقاء بمردود الجامعي ولتحسين جودة مخرجات الجامعة. ولا يتسنى تحقيق كلّ ذلك بالمواصفات المرجوّة إلاّ عبر التشاور والحوار النزيه والمسؤول. وإعتبارا لكل الأسباب المذكورة آنفا فإنّ الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي تهيب بكلّ الجامعيّين كي لا ينخرطوا في هذه العمليّة وتدعو الوزارة إلى العدول عن المشروع المقترح وإلى إدراج مسألة التقييم ضمن مقاربة شموليّة وعقلانيّة لعمليّة الإصلاح الجامعي وفق جدولة زمنيّة وأولويات تكون موضوع جلسات تفاوضيّة طال إنتظارها. 
الكاتب العام : سامي العوادي

اخبار الجامعة

 

* على خلفية محاكمة 7 من مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس في مدينة قفصة بالجنوب الغربي من الوطن

بتهم واهية نظمت القيادة الوطنية الموحدة الممثل الشرعي للطلبة اضرابا شاملا عن الدروس في كليات البلاد منها منوبة و9 افريل ومعهد الصحافة والتوثيق ومعهد اللغات الحية وغيرها صاحبتها اعتصامات في الشارع.

.وقد انتظمت بالمناسبة اجتماعات عامة حاشدة تحدث فيها ممثلو الطلبة  عن المحاكمة واهدافها واعلنوا تضامنهم الكامل مع الموقوفين في قفصة كما اعلنوا تضامنهم مع الطالبين سامي عمروسية وانور العمدوني المطرودين من  الجامعة بقرار سياسي.ومعلوم ان سامي عمروسية يخوض اضرابا عن الطعام منذ اكثر من عشرين يوما في منزله بقفصة

وقد حوكم اخيرا بالسجن مع تاجيل التنفيذ من اجل  تنظيم اجتماع عام في  الكلية.

وحسب مصادر اتحاد الطلبة فان الاضراب العام نجح بنسب كبيرة في كليات العاصمة خصوصا على اثر قرار الادارة  بالغاء فترة المراجعة قبل الامتحانات.

 

* اما في قفصة فقد جرت محاكمة 7 موقوفين من اطارات الاتحاد العام بتهمة الاجتماع غير المرخص فيه.وقد توافد على المحكمة جمع كبير من الطلبة والمواطنين رغم المنع البوليسي.وقد رافع عن المتهمين مجموعة من المحامين من قفصة وصفاقس وقررت المحكمة اتخير الجلسة الى يوم الثلاثاء القادم ورفضت مطلب السراح المؤقت الذي قدمه المحامون رغم خلو الملف من أي دليل مادي.ويخوض الطلبة السبعة المسجونين اضرابا عن الطعام منذ يوم السبت الماضي احتجاجا على ايقافهم ومحاكمتهم.

 

مراسلة خاصة من تونس


المحكمة تدين شبانا من أجل عدم الوشاية بمتطوعين للعراق

 

انتقدت الجمعية الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين في بلاغ وقع عليه رئيسها الأستاذ محمد النوري إصدار المحكمة الابتدائية بتونس يوم الاثنين 13 نوفمبر الجاري حكما بستة أشهر سجنا ضد الشبان برهان الدريدي و سامي الغربي و صلاح الدين العوني و أحمد الشابي من أجل تهمة « عدم إشعار السلطات ذات النظر فورا بما أمكن لهم الاطلاع عليه من أفعال و ما بلغ إليهم من معلومات وإرشادات حول ارتكاب إحدى الجرائم الإرهابية ». والمقصود بالجرائم الإرهابية هنا التطوع للإنخراط في المقاومة العراقية ضد الإحتلال الأجنبي. وفي نفس الحكم قضت المحكمة غيابيا بسجن خمسة شبان آخرين هم محمد زين الدين و محمد مهدي الهمامي و ياسين الفرشيشي و رضا اليحياوي و نزار المرنيصي لمدة ثمانية أعوام    من أجل « الانضمام إلى تنظيم له علاقة بجرائم إرهابية » وثمانية أعوام أخرى من أجل « الدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية » وثمانية إضافية من أجل « الانضمام خارج تراب الجمهورية إلى مثل هذا التنظيم » أي 24 سنة في الجملة، إضافة إلى فرض الرقابة الإدارية لمدة 5 أعوام على المتهمين التسعة.

 

والملاحظ أن المحاكمات الجارية بناء على « قانون مكافحة الإرهاب » قد تزايدت في الفترة الأخيرة بشكل لافت للنظر وباعث على القلق، إذ شملت مئات الشبان. ولا يكاد يمر يوم إلا ويشهد فيه قصر العدالة محاكمة جديدة لشبان سلمتهم ليبيا أو الجزائر أو سوريا بتهمة الإستعداد للتطوع في صفوف المقاومة العراقية. لكن الصحف العريقة في الإتجار بقضية العراق وبمعاناة شعبه (وكذلك التي اكتشفت هذا الأصل التجاري حديثا) تغض الطرف عن آلام هؤلاء الشبان التونسيين المتحمسين لمقاومة الإحتلال وتتجاهل معاناة أسرهم التي ترى فلذات أكبادها تُساق إلى السجون من أجل ارتكاب أعمال لا تختلف عن الموقف الرسمي الذي ما انفك يتحدث عن دعم الشعب العراقي لاسترداد سيادته وكرامته.

 

(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 381 بتاريخ 17 نوفمبر 2006)

 


 

مدرسة مهندسين بدون أنترنت!

 

أهم ما يميز العقود الأخيرة الثورة المعلوماتية الهائلة على المستوى العالمي  لكن لا تزال المجهودات المحلية ضعيفة في هذا المجال، و لنا في  المدرسة العليا لمهندسي التجهيز الريفي بمجاز الباب أبرز مثال على ذلك. فبالرّغم  من كونها  أهم مؤسسة جامعية في المجال المائي بتونس، إلا أن ضعف التسيير الإداري في السنوات الأخيرة  ساهم بشكل كبير في تدهور سمعة المدرسة،  فهي تعاني من عديد النقائص التي يعتبر وجودها بحد ذاته سوء إدارة، وهنا نذكر أن قاعات الإعلامية المجهزة بخدمة الأنترنت غير متوافرة للطلبة في الوقت الذي تتوافر فيه هذه الخدمة بصفة مجانية في بقية المدارس الوطنية للمهندسين.

و قام طلبة المدرسة بإمضاء عديد العرائض للمطالبة بحقهم  طيلة ثلاثة سنوات و لكن دون جدوى، وعند إتصالنا بالمدير أجابنا بأنه  لا يتحمل أخطاء الإدارة السابقة لما حدث من سرقة للحواسيب دون تدارك للأمر و محاسبة الفاعلين. وأفاد أنه سيقوم بكراء قاعة لأحد الخواص لبيع هذه الخدمة ( المجانية في المدارس الأخرى) إلى الطلبة محاولة منه لإيجاد حل. و بقطع النظرعن قانونية هذا الإجراء رفض أغلب الطلبة هذا الحل مطالبين بمساواتهم مع طلبة بقية مدارس المهندسين.

كما نذكر أن المدرسة تعاني من عديد النقائص الأخرى التي لا يسمح المجال بذكرها.

 

مجاز الباب –  جمال الرحماني

 

(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 381 بتاريخ 17 نوفمبر 2006)

 


 

حزب العمّال الشيوعي يستنكر مذبحة « بيت حانون »

أصدر  حزب العمّال الشيوعي بيانا في أعقاب المذبحة الجديدة التي ارتكبتها القوات الصهيونية في « بيت حانون » أكد فيه أنه يستنكر هذه المذبحة « التي تندرج في إطار مخطط إبادة واضحة يستهدف الشعب الفلسطيني في وجوده وتؤكد الطابع الاستعماري العنصري النازي للكيان الصهيوني ». وأكد أنها ما كانت لتتمّ لولا الغطاء السياسي والدعم العسكري الذي يلقاه الكيان الصهيوني من الامبرياليين الأمريكيين و حلفائهم الأوروبيين ولولا التواطؤ المفضوح للأنظمة العربية مع هؤلاء وضلوعهم في المؤامرات التي تحاك ضد الشعب الفلسطيني من أجل تركيعه وإخضاعه.

وناشد الفصائل الوطنية الفلسطينية أن تنبذ خلافاتها وتوحّد صفوفها حول راية واحدة هي راية فلسطين وتفعّل المقاومة المسلحة وتطوّرها باعتبارها الشكل النضالي الحاسم لمواجهة البربرية الصهيونية وتحقيق الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني.

كما دعا  الشعوب العربية وفصائلها الوطنية والتقدمية إلى « تحمّل مسؤوليتها إزاء الشعب الفلسطيني والتصدي لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني وعدم الاستسلام لأنظمة الحكم الدكتاتورية التي تمنعها من دعم القضية الفلسطينية خدمة للمشاريع الامبريالية الصهيونية ».

 

عدم سماع دعوى

أصدرت المحكمة الابتدائية ببنزرت حكما بعدم سماع الدعوى في القضية الكيدية المنشورة ضد الأخ خالد بوجمعة عضو جامعة بنزرت للحزب الديمقراطي التقدمي.

 

موقف العلماء المسلمين

استهجن البيان الختامي لاجتماع مجلس أمناء الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين المنعقد في بيروت مؤخرا « ما يحدث في تونس من منع قانوني للزي الإسلامي للمرأة وما تتعرض إليه النساء التونسيات من منع من الدراسة أو العمل أو مضايقات في الشارع جراء ارتداء الزي الإسلامي » الأمر الذي اعتبره الإتحاد « مخالفة صريحة للاتفاقية الدولية لحقوق المرأة (سيداو SIDAW)، وانتهاكا للحرية الشخصية التي كفلتها المواثيق الدولية، ودعا الحكومة التونسية إلى رفع هذه المعاناة عنهن … وممارسة الحقوق الشخصية التي تكفلها المواثيق الدولية.

 

القيروان: ولاية من دون سكانر

على رغم التزايد السكاني المتصاعد المسجل في ولاية القيروان والتي تعتبر من أهم الجهات في البلاد على هذا الصعيد، ومع تكاثر إقبال المرضى على المستشفى الجهوي ابن الجزار سواء من المدينة أو المعتمديات المجاورة لا يوجد في كامل الولاية جهاز سكانر واحد.

وارتفعت عدة أصوات لرفع تشكيات للسلط المركزية بهذا الخصوص في الفترة الماضية لكنها ظلت صيحات في واد. والمهم اليوم هو تمكين المستشفى الجهوي من هذا الجهاز حتى يريح المرضى من عناء التنقل إلى ولايات أخرى لإجراء عمليات الفحص المتطورة، وهذا يدخل في إطار إعطاء الجهات حظوظا متساوية وتوزيع التنمية على مختلف الولايات بالعدل والقسطاس.

 

(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 381 بتاريخ 17 نوفمبر 2006)

 

الرئيس زين العابدين بن علي يهتم بسير نشاط وزارة الدفاع الوطني

 

قرطاج، 21 نوفمبر 2006 (وات) – اتجه اهتمام الرئيس زين العابدين بن علي لدى اجتماعه يوم الثلاثاء بالسيد كمال مرجان وزير الدفاع الوطني الى سير نشاط الوزارة وبرامجها بالنسبة للفترة القادمة ولا سيما المتصلة منها بالتكوين والرسكلة والانشطة الاجتماعية.

 

وتلقى رئيس الدولة في هذا الاطار تقريرا حول سير نشاط المدارس والاكاديميات العسكرية خاصة بعد أن أذن سيادة الرئيس ببعث ادارة عامة للتعليم العالي العسكرى والبحث العلمي.

 

واهتم رئيس الدولة من ناحية أخرى بسير التعاون الدولي للوزارة في اطار العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة مطلعا على الاستعدادات الجارية لعقد مؤتمر وزراء الدفاع في اطار مبادرة 5 زائد 5 الذى سيلتئم بباريس في مطلع الشهر القادم.

 

(المصدر: وكالة افريقيا تونس للأنباء بتاريخ 21 نوفمبر 2006)


 

 

رئيس الدولة يشرف على افتتاح المؤتمر الوطني الرابع عشر للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية

 

الكرم، 21 نوفمبر 2006 ( وات ) – اشرف الرئيس زين العابدين بن علي اليوم الثلاثاء في قصر المعارض بالكرم على افتتاح اشغال المؤتمر الوطني الرابع عشر للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية الذى يتواصل على امتداد يومين تحت شعار  » نحو مؤسسة اكثر تنافسية  » بمشاركة 2100 نائب عن كافة الغرف النقابية الوطنية والجهوية والمحلية والجامعات الوطنية

 

وخص رئيس الدولة لدى حلوله بقاعة المؤتمر بحفاوة وترحاب كبيرين من قبل آلاف الحاضرين من رجال الاعمال والنساء صاحبات الاعمال والمهنيين في مختلف القطاعات الذين هتفوا طويلا بحياة سيادة الرئيس مناشدين اياه الترشح للانتخابات الرئاسية لسنة 2009

 

والقى الرئيس زين العابدين بن علي خطابا ابرز فيه المرحلة الدقيقة التي تعيشها البلاد مع انتهاء تنفيذ المخطط العاشر للتنمية والاستعداد للانطلاق في انجاز المخطط الحادى عشر والتي ستتميز بتحقيق الاصلاحات وتسريع وتيرتها في شتي القطاعات مما يتطلب مزيد الحرص على تطوير مناخ الاعمال والاستثمار والاسراع في الارتقاء بتنافسية المؤسسات التونسية الى المستوى المامول ومساعدتها على احكام التصرف في شؤونها

 

واعلن سيادة الرئيس في هذا الاطار عن جملة من الاجراءات والقرارات الهامة تهدف الى دعم المؤسسات وحفز الاستثمار والنهوض بالصناعات التقليدية وتشجيع التصدير

 

وكان السيد الهادى الجيلاني رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية القي في بداية الجلسة الافتتاحية كلمة اعرب فيها عن الشرف الكبير الذى نال كل افراد الاسرة الموسعة لاصحاب الاعمال في تونس بتفضل رئيس الدولة افتتاح فعاليات هذا المؤتمر ووضعه تحت سامي اشرافه

 

وبين ان رد الرئيس زين العابدين بن علي الاعتبار للمؤسسة ولاصحاب الاعمال منذ الايام الاولى للتغيير مثل بداية عهد جديد عادت فيه الثقة الى النفوس وعاد معه التفاؤل بالمستقبل .

 

واوضح ان الانجازات والنجاحات التي حققتها البلاد منذ التحول اشمل من ان تحصى واكثر من ان تعد وان حديث الاشقاء والاصدقاء عن المعجزة التونسية ليس من باب الاطراء او المجاملة مشيرا الى ان هذه الانجازات تدعم التفاؤل بالمستقبل وتفرض على الاسرة الموسعة لاصحاب الاعمال مزيد الاستعداد ليكونوا في مستوى المسؤولية والثقة ولمواصلة المسيرة مع سيادته

 

واضاف السيد الهادى الجيلاني متوجها الى رئيس الدولة بقوله « لقد طلبتم التشغيل والاستثمار والتصدير والتنمية الجهوية والوقوف مع المراة فكنا معكم ولنا يا سيادة الرئيس طلب واحد وهو ان تبقى معنا وان تواصل المسيرة معنا سنة 2009  »

…..

(المصدر: وكالة افريقيا تونس للأنباء بتاريخ 21 نوفمبر 2006)


 

  الهيئة المؤقتة للمدرسين التكنولوجيين .

ثرثرة فوق مجلة الشغل

 

– لقد واجهت السلطة طيلة العقود الخمسة الماضية  بعنف كل مكون من مكونات المجتمع المدني انفلت من قبضتها أو حاول ذلك فابتعد عن المنطق الامتثال والتأييد واقترب من مشاغل منظوريه كان أول ضحية الإتحاد العام لطلبة تونس في انقلاب قربة سنة 1971 وتلتجئ السلطة كعادتها إلى أسلوبيين

 

   أ-  الاستنساخ المشوه :

تستنسخ السلطة مكونا مشوها للمكون المتمرد كالإتحاد الوطني للشغل في مواجهة الإتحاد العام التونسي للشغل, الهيئة العليا لحقوق الإنسان في مواجهة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ، محامون بلا حدود في مواجهة جمعية المحامين الشبان قبل أن تعرف تحولها الأخير.

 

  ب-  التدمير الداخلي :

تستند السلطة إلى أقلية تنتصر بفعل فاعل دائما على الأغلبية 22 منخرطا فقط يمنعون إلى حد اليوم بحكم قضائي الرابطة من عقد مؤتمرها و 182 قاضيا فقط من 1870 وهو العدد الجملي للقضاة «ينجحون»  في عقد مؤتمر استثنائي.*

فالسؤال الذي نحاول الإجابة عنه في هذا المقال هو : هل يستجيب تشكيل ما سمي  » بالهيئة المؤقتة للتكنولوجيين  » لرغبة وإرادة الأساتذة الجامعيين المنتمين لسلك التكنولوجيين كما يبدو ذلك من الحوار الذي أجرته جريدة الصباح في عددها ليوم الجمعة 27 أكتوبر 2006 مع السيد عبد اللطيف القصوري الذي نصب نفسه منسقا عاما للهيئة المذكورة ؟

أم أن هذا المكون  » المكون  » ليس في الواقع غير مخلوق آخر من مخلوقات الاستنساخ المشوه المذكور أعلاه.

1-في نسب المخلوق المستنسخ

يقول السيد القصوري في هذا الحوار أنه عقب  » المجلس الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل الذي انعقد في 15 جوان ( لعل المتحدث الذي يجهل جهلا مؤسفا تفاصيل النظام الداخلي لاتحاد الشغل يقصد المجلس القطاعي لأساتذة التعليم  العالي الذي أشرف عليه أعضاء من المكتب التنفيذي للإتحاد العام) كان المنعرج بالنسبة للتكنولوجيين الذين قرروا ( هكذا) التشكل في إطار » هيئة مؤقتة « .

فهل قرر التكنولوجيين فعلا وبمحض إرادتهم تكوين هذه الهيئة ؟

لقد انبثقت هذه الهيئة المزعومة عن اجتماع بالمعهد التكنولوجي برادس في قلب الصائفة وإبان العطلة الجامعية ، ولم يضم ممثلين عن المدرسين التكنولوجيين بمختلف المعاهد التكنولوجية كما روج لذلك بل اقتصرت الأغلبية الساحقة للحاضرين ( 95 بالمائة ) على مديري بعض المعاهد التكنولوجية ومديري الأقسام والتربصات بها وترأسه ثلاثة أشخاص اثنان منهم لا ينتميان إطلاقا لسلك التكنولوجيين ولا يتحمل ثلاثتهم أية مسؤولية نقابية . كما استعملت الإدارة العامة الأموال والمعدات العمومية لتحمل بعض التكنولوجيين على المشاركة في الاجتماع المذكور ( سيارات وزارة التعليم العالي ، فطور ، مدرج المعهد ) ولكنها لم تفلح إلا في استقطاب بعض المديرين اللذين قرروا  في غياب الممثلين الحقيقيين للقطاع تكوين  » هيئة مؤقتة  » يؤطرها بعض الذين احترفوا منذ ديسمبر 1999 تاريخ إمضاء الاتفاقية المشؤومة بين النقابة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الإشراف المتاجرة بقضايا التكنولوجيين واللعب بالإنخراطات وتضخيم النيابات في مؤتمر محمد علي الأول والمفاوضات المريبة من أجل ايهام زملائنا بإمكانية تحقيق مطالبهم.

إذن ولد هذا المستنسخ المشوه في 15 أوت 2006 في حين شارك الممثلون الحقيقيون للتكنولوجيين في كل مؤسساتهم المهيكلة نقابيا في مؤتمر أميلكار في 15 جويلية 2006 ( وليس 17 جويلية كما يقول السيد القصوري ) ومنهم من وقع انتخابهما في المكتب التنفيذي للجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي الهيكل الواحد الموحد لكل الجامعيين رغم اعتماد الإدارة العامة للمعاهد التكنولوجية لكل السبل ولجوئها إلى كل أساليب التهديد لمنعهم من المشاركة في المؤتمر التوحيدي قبل انعقاده ثم إلى كل وسائل الضغط لدفع ممثلي (2) هذا السلك للاستقالة بعد انعقاده خارقة بذلك مقتضيات الفصل الرابع من النظام العام لأعوان الدولة الذي ينص على حرية العمل النقابي وخاصة الاتفاقية الدولية رقم 135 التي أثنى النقابيون على مصادقة الحكومة التونسية عليها مؤخرا.

ولأن سياسة التدمير الداخلي وإفراغ الهياكل من ممثليها الشرعيين واستقطاب المواليين والأتباع ممن ضعفوا أمام التهديدات أو أغرتهم المغريات وما أكثرها لم تنجح فقد صدرت عن النقابات الأساسية للمعاهد التكنولوجية لائحة ( انظر الصباح السبت 4/11/2006 ) أمضاها كتابها العامون ومنهم عضو في الجامعة العامة وهو ممثل المعهد التكنولوجي بسوسة . وقد عبر الممضون على هذه اللائحة عن رفضهم القاطع لهذه  » الهيئة المؤقتة  » المزعومة وشجبهم للظروف المريبة التي حفت بتكوينها كما ذكرنا ذلك كما أكدوا تمسكهم بالمسار التوحيدي لكافة أسلاك مدرسي التعليم العالي والباحثين ، مع العلم أن كافة مطالب التكنولوجيين وقع توثيقها في لوائح مؤتمر 15 جويلية التوحيدي وأرسلت مؤخرا عن طريق الأخ الأمين العام للإتحاد إلى السيد وزير التعليم العالي.

 

2 ثرثرة فوق مجلة الشغل :

يستند السيد القصوري في تكوين  » الهيئة المؤقتة  » لأحكام الفصل 250 من مجلة الشغل ( وليس الفصل 50 كما جاء في حديثه ، بالمناسبة نقترح عليه إعادة إجراء هذا الحوار لكثرة الأخطاء الواردة فيه) فيقول  » إستنادا للفصل 50 من مجلة الشغل الذي ينص على تكوين هيئات نقابية لنحو 50 منخرطا تقدمنا بملف يشمل 80 أستاذا جامعيا تكنولوجيا على الرغم من أن لدينا نحو 400 إمضاء  » ويدعي أنه قدم  » للسلطات المعنية جميع الوثائق التأسيسية بدأ بوزارة التعليم العالي ومرورا بوزارة الشؤون الاجتماعية ووصولا إلى وزارة الداخلية ويزعم أنه تلقى منها وصولات في الغرض  » ولأن هذا الكلام لا سند قانوني له فإننا نفيده بما يلي :

يخضع تكوين النقابات في تونس إلى أحكام مجلة الشغل وخاصة في فصولها من 242 إلى 257 وبمراجعة النصوص القانونية المشار إليها لا يوجد في تأسيس النقابات ما سماه السيد القصوري  » بالهيئة المؤقتة  » . إذ أن تأسيسها يتم بمجرد إعلام مركز الولاية أو مركز المعتمدية التي بها مقر النقابة ولا يوجد هياكل وسطية أو هيئات وقتية تسبق إنشاء النقابات . إذ أن إجراءات تأسيسها سهلة ومرنة خلافا لتأسيس الأحزاب والجمعيات . ويبدو أن الأمر قد اختلط على السيد القصوري أو على من أوعزوا له بهذه « الطلعة  » إذ أنه يحدثنا في ذات الوقت عن تأسيس نقابة وعن إجراء تكوين حزب سياسي .

وما يلفت الانتباه في الفقرة المنقولة حرفيا من حديثه أن الرجل يضع قدميه في مكانين مختلفين فهو من جهة يتمسك بالقانون العام المنظم لحق تكوين النقابات صلب أحكام مجلة الشغل داعيا السلطة للاعتراف به ومن ثم التفاوض معه في ما يخص قضايا التكنولوجيين ( في الواقع يدعي أن هذا التفاوض قد وقع فعلا، متى ؟ أين ؟ لا يعلم إلا هو ) .

وهو من جهة ثانية يتمسك بالشروط الخاصة بتكوين النقابات الأساسية صلب النظام الداخلي للإتحاد العام ( الفصل 36 منه الذي يشترط وجود 50 منخرطا لتكوينها) موجها بذلك رسالة مشفرة الى المكتب التنفيذي مفادها أنه على ذمة الإتحاد إذ قرر أن يسير إلى الخلف وأن يحل الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي باعتبارها هيكلا موحدا ويعوضها بجامعة تضم نقابات عامة لكل سلك يكون هو بطبيعة الحال ممثلا فيها لسلك التكنولوجيين.

يمكن للسيد القصوري أن يمارس كافة الأنشطة السياسية وغيرها بصفة سرية إلا النشاط النقابي الذي يخضع للعلنية الصارمة وهو ما يجعلنا نتساءل عن أهمية رقم 400 ممض ( على ماذا ؟لا ندري  )

إذا كان تكوين نقابة لا يستوجب أكثر من 10 أعضاء فقط. فإذا كان معه هذا العدد الضخم من الأساتذة التكنولوجيين فلماذا لا ينجز مؤتمرا تأسيسيا علنيا؟ ولماذا يلجأ إلى أسلوب العرائض السرية التي لا شك أنه قدمها فيما قدم إلى وزارة الداخلية كما يقول؟

3)ـ هل للمجالس أماناتها فعلا ؟

يدعي السيد القصوري في حديثه أنه اجتمع بالسيد عبد السلام جراد الأمين العام للإتحاد بطلب من هذا الأخير وبصفته منسقا عاما «للهيئة المؤقتة» للتكنولوجيين محاولا بذلك كما لا يخفى على أحد التشكيك في نوايا الأمين العام وإثارة البلبلة في صفوف النقابيين الجامعيين والإيهام بأن المركزية النقابية التي ساندت عملية التوحيد وراهنت عليها منذ مؤتمر جربة تتفاوض سرا مع خصوم الوحدة النقابية في حين تؤكد المركزية النقابية في الرد الذي أرسله السيد الهادي الغضباني الأمين العام المساعد المسؤول عن النظام الداخلي إلى جريدة الصباح ونشر يوم ( 17/10/2006 ) أنه لا علم للإتحاد العام  » بوجود نقابة مستقلة للتكنولوجيين أو كاتبا عاما لهيئة وطنية مستقلة  » كما ورد في رد الوزارة ( غريب أمر السيد القصوري فهو في نظر نفسه منسق عام وفي نظر الوزارة كاتب عام  ).

ويضيف السيد الهادي الغضباني أن الإتحاد لم ير لهذين الهيكلين قانونا أساسيا أو هيئة مديرة أو إثباتا لوجود منخرطين بل علم عن طريق الصحف لا غير عن تشكيل هيئة وقتية في ظروف مريبة خلال اجتماع نظم يوم 15 أوت وهو الاجتماع الذي ذكرنا تفاصيله أعلاه.

ورغم وضوح موقف الإتحاد الذي نشر قبل عشرة أيام من حديث السيد القصوري فإن هذا الأخير الذي يبدو أنه على خلق عظيم ومحترم أيما احترام لآداب المجالس ، يسمح لنفسه بالتقول على الأمين العام والإيحاء بما يعتقد خطأ أنه كفيل بزرع الفتنة في صفوف الجامعيين عموما والأساتذة التكنولوجيين خصوصا.

في الأخير نقول للسيد القصوري : إن   » هيئتك المؤقتة  » أمر محير فعلا فلا هي نقابة أساسية منضوية صلب الإتحاد ولا هي نقابة مستقلة تشتغل خارج منظمة فرحات حشاد ولا هي حزب سياسي بوصولات من وزارة الداخلية .

فماذا تكون ؟ أنت أعلم منا أنها مستنسخ مشوه وأنه يصح فيها قول الشاعر :

ألقاب مملكة في غير موضعها    كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد

هوامـش

 

            *-انظــر فوزي بن مراد   « جمعية القضاة وتهمة التسيس»

                     الطريق الجديد        20061

عبد السلام الككلي

 الكاتب العام للنقابة الأساسية لكلية الآداب بمنوبة     

      


المولدي الجندوبي : الدفاع عن الحريات جزء من اولويات الإتحاد

 

تجري الموقف سلسلة من الحوارات مع مجموعة من قيادات العمل النقابي والمترشحين لعضوية المكتب التنفيذي . ونبدأ في هذا العدد بنشر حوار مع السيد المولدي الجندوبي الوحيد الذي أعلن ترشحه رسميا بعد اعلان ترشح الامين العام .

والسيد المولدي الجندوبي كاتب عام الإتحاد الجهوي للشغل بجندوبة منذ سنة 1996 رفضت السلطة تمكينه من تفرغ نقابي قرابة السنة وهذا لن يقع لأي كاتب عام جهوي ويؤكد السيد المولدي الجندوبي أنه مستقل لا ينتمي لأي حزب او تنظيم سياسي علني او سري .

 

ماهي دواعي ترشحكم ؟

في البداية أود أن أتوجه بالتحية والتقدير إلى أسرة تحرير صحيفة الموقف على التواصل الذي ما انفك يتعزز بينها وبين القارئ ولا اخفي سرا حين علمت وان هذه الجريدة وصل ثمنها في إحدى السجون إلى 05 دنانير للعدد الواحد.

وردا على سؤالك أقول اني اترشح خدمة للإنسان عموما وتعزيز الدور الذي تقوم به المنظمة حتى يتجاوز  » رغيف الخبز والبنطلون » الى الرغبة في مزيد خدمة الشغالين والكادحين اضافة الى الرغبة في مزيد تحسين ودعم آداء  الإتحاد

 

 هل الوقوف على أرضيتين نقابية وحقوقية يمكن أن يعيق عملكم النقابي مستقبلا ؟

بالعكس تماما من بين أهداف منظمتنا العتيدة الدفاع عن الحريات العامة والفردية وتعزيز الديمقراطية فخدمة الإنسان لا تتجزأ سواء كانت تتعلق بالكرامة بالحرية أو بوضعه الاجتماعي والمهني.

 

 ماهي أهم المشاكل التي يعاني منها العمل النقابي في الوقت الحاضر ؟ وما هي رؤيتكم لتجاوزها ؟

 

 المشاكل عديدة أهمها :  العلاقة بين الإتحاد والسلطة والأطراف الإجتماعية الأخرى و استقلالية القرار النقابي والهيكلة داخل المنظمـة و الربط بين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي و التعامل مع الملفات الكبرى ( المناولة؛ الخوصصة؛ التعليم؛ الصحة الحق النقابي؛ التأمين على المرض؛ التامين ضد البطالة…. ) و طرق التصدي للدفاع عن مصالح العمال و أشكال التعبير حول اهتمامات الإتحاد بقضايا التحرر .

ولتجاوز هذه المشاكل ارى انه لا بد من  تدعيم الخط المناضل والمستقل والديمقراطي والتقدمي للإتحاد الذي برز من خلال رفضه للانحياز إلى مرشح دون آخر في الانتخابات الرئاسية والدخول في مجلس المستشارين بالصيغة المقترحة من طرف السلطة ورفضه لزيارة مجرم الحرب شارون وكل أشكال التطبيع ومساندته لمكونات المجتمع المدني

 ( الرابطة؛ المحامين؛ القضاة؛ الصحافيين..)  الدفاع عن المطالب المادية والمعنوية للأجراء عبر خطط ملموسة حول الحق النقابي وحق الشغل.

 

 

والى جانب ذلك ارى ضرورة هيكلة العاطلين عن العمل داخل الإتحاد العام التونسي للشغل

و تفعيل المنتدى الاجتماعي التونسي وتمتين علاقة الإتحاد بمختلف ومكونات المجتمع المدني المناضل من اجل تحقيق الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ومساندة قضايا التحرر في العالم.ومناصرة المقاومة في العراق وفلسطين ولبنان وكل الوطن العربي ومناهضة التطبيع.

 

 هل تعتبرون أن ترشحكم من طرف الهيئة الإدارية الجهوية يزيد من حضوضكم فيالنجاح ؟

إن هذا الرشح لم يكن من منطلق جهوي بل هي ممارسة دأبت عليها سلطة القرارالجهوية في اتخاذ كل القرارات المصيرية والهامة ( التزكية؛ مجلس المستشارين ؛ مساندة الرابطة …. )

بل جاء هذا الترشح ضمن توجه نقابي مناضل ومستقل ينبذ الجهويات والعشائرية والفئوية الضيقة والولاءات.

 

 هل سيكون ترشحكم فرديا أو ضمن قائمة ؟

لا أتردد للترشح ضمن قائمة تتبنى برنامجا مناضلا ومستقلا وديمقراطيا يرفض المحسوبية والولاءات والجهوية.

 

 كيف تقيمون عمل المكتب التنفيذي الحالي ؟

الأداء يختلف من قسم إلى آخر وتطلعات الأجراء أعمق بكثير من هذا الأداء والتقييم سيقع داخل قاعة المؤتمر.

 

 هل تحضى الجهة ( الشمال الغربي ) بتمثيلية كافية في الهياكل العليا للإتحاد ؟

التوازن الجهوي ضروري لكن على قاعدة النضال والبذل والعطاء وخدمة الأجراء ونحن نسعى الى ان تكون كل الجهات ممثلة .

 

 ما هو تقييمكم للوضع الاجتماعي للبلاد والاتفاقيات الأخيرة حول الزيادة في الأجور ؟

وضع اجتماعي غير مستقر وزيادات في الأجور تستهلك قبل صرفها

 

 هل ترون بأن المراة تحضى بتمثيلية كافية في هياكل الإتحاد ؟

تمثيلية المرأة مسألة مطروحة في عديد المستويات والجمعيات والمنظمات وهي ناتجة عن واقع ثقافي واجتماعي وجب إصلاحه وذلك بالبحث عن آليات وطرق لتحفيز العنصر النسائي وكذلك الشباب على تحمل المسؤولية داخل الأطر النقابية .

 

حـــــــاوره محمد الحمروني

 

( المصدر جريدة الموقف عدد 1427  بتاريخ 17نوفمبر 2006 )

 


 

لننأى بالإسلام عن التوظيف السياسي في استقلال الدين عن الدولة

 

أ.د. أحمد بوعزّي – أستاذ في المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس

يتميز الدين الإسلامي في مذاهبه السنـّية بكونه إيمانا شخصيا فرديا لا وجود فيه لكهنوت أو حوزة علمية تفرض اجتهادها على أتباعها وإنما يستدل الناس في أمر دينهم بأيمة الجوامع وبالفقهاء الموجودين قريبا منهم وهؤلاء بدورهم يتبعون آراء المجتهدين ممن سبقوهم ورأي المفتي العام الموجود بالبلاد عندما يتعلق الأمر بحدث جديد.

وفي بدايات الدولة الإسلامية اعتمد الخلفاء على اجتهادهم الشخصي نظرا لقربهم من زمن الوحي ولمشاهدتهم بأم العين السنـّة المحمدية التي على كل مسلم أن يستمدّ تصرفه من مبادئها نظرا لكون المسلمين يعتبرونها مثالية. لكن الأمر اختلف انطلاقا من الفتنة الكبرى التي كانت حربا أهلية رهيبة قـُتل أثناءها آلاف من المسلمين بمن فيهم طلحة والزبير اللذان كانا من بين المبشَّرين بالجنة ولم يحاكـَم قتـَلتـُهم لأن الأمر تعلـّق بمصلحة الدولة العليا كما اعتبرها الشق المنتصر في معركة الجمل.

وتوالى الأمراء والخلفاء والملوك والسلاطين وكان كل منهم يستعمل الدين الإسلامي للسيطرة على السلطة وكانوا يدخلون في صراعات كبيرة مع المجتهدين ويفرضون رأيهم بالقوة وذهب بعضهم إلى تعذيب الفقهاء الذين يكون اجتهادهم غير مقنع للحاكم، ومن يقرأ قليلا من التاريخ يعرف ماذا جرى لأحمد بن حنبل (164هـ/780 م ـ 241 هـ/855 م) من محنة في عهد بني العباس ابتداء بالمأمون الذي وقف مع آراء المعتزلة فيما يخص الذات الإلهية، وفيما يخص خلق القرآن، فسجنه ثم تواصلت محنته بعد وفاة المأمون إلى أن تولّى المتوكّل ابن الواثق السلطة فأكرمه، بل ذهب إلى التعسف على المعتزلة ودمّر كتبهم وبذلك خسرنا آثارهم الفكرية التي كانت من أثرى ما جاد به الفكر الإسلامي ومن أكثره عقلانية وتقدّما.

ورغم أن التاريخ موعظة فإن بعض الناس ما زالوا ينادون بأن تتدخل الدولة في الاجتهاد لتقف السلطة بجانب ما يعجبها من تأويلٍ للنص الديني كي تخدم به مصالحها ضد تأويلٍ آخر لا يعجبها وتتعسف على من يطبق على نفسه التأويل الآخر. وعندما تتحكم الدولة في الدين وتتدخّل فيه وتعلن أنها تحكم به فهي تختار من التأويل ما يتفق مع مصالحها لتعلن أنه التأويل الصحيح ثم تكفـّر كل من يخالف ذلك التأويل، وهي بالتالي تتخذ موقفا سياسيا بحت لكنه متستـّر بالدين. وقد شنقت السلطة في السودان سنة 1985 الأستاذ محمود طه في السادسة والسبعين من عمره بتهمة الردّة بدعوى أن محاولته تجديد الإسلام أدّت إلى تأويل للنص خالف التأويل الرسمي.

 

وإذا ساندت الدولة اجتهادا ما ضد اجتهاد ثان فهي تفقد دورها الحيادي في حماية الأفراد من تعسف الأفراد والجماعات وفي حماية حريتهم الفكرية بما فيها حرية تأويل النص الديني. فدور الدولة يجب أن ينحصر في منع من يريد فرض تأويله على غيره من الاعتداء على من يخالفه الرأي سواء كان الاعتداء مادّيا أم معنويا، ولأن التأويل الحالي ربّما سيكون غير صالح في المستقبل والتأويل القديم قد لا يظل صالحا إلى اليوم. إنما التأويل الصحيح هو الذي يخدم مصلحة المسلمين والإسلام في هذا الزمان وهذا المكان.

في بعض البلدان الإسلامية جعلت السلطة نفسها وصية على الدين واعتبرت نفسها تحكم بالدين (وهي تتحكـّم في الدين وفي تأويل النص الديني) ويعتبر معارضوها من الإسلاميين المتشددين أنها تحكم بما يخالف الشريعة بل يشنون عليها حربا « جهادية » عنيفة أدت حتى الآن إلى عديد القتلى والجرحى من المواطنين المسلمين. وبعض هذه البلدان تمنع النساء من سياقة السيارات لأنهم يعتبرون ذلك فتنة للرجال ويستمدّون حكمهم هذا من تأويل النصوص الدينية وخاصة باستعمال الأحاديث الشريفة حتى وإن كان النص القرآني لا يقرّ بما تقترحه السلطة (كل من يريد تحريم شيء ما أو تحليله سيجد حديثا شريفا يؤيد قوله نظرا للعدد الضخم من الأحاديث المشكوك في صحتها ونظرا لجهل العموم بوجود هذه الأحاديث أصلا).

وبهذا المعنى يشكل إجبار امرأة أو فتاة على عدم تطبيق ما تعتقده واجبا دينيا أو ما تعتقده من حقوقها الإنسانية اعتداء على حريتها المدنية والدينية. فالمرأة التي تريد سياقة سيارتها بنفسها والمرأة التي تريد ارتداء محرمة على رأسها وتعقدها بطريقة أنيقة كما رأت ذلك في إحدى القنوات الوهابية والمرأة التي تريد تصفيف شعرها بالطريقة التي رأتها في قناة تلفزية لا تشاهدها الأولى، لهن الحق الكامل في ذلك ولا يحق لأي شخص ولو كان في السلطة ولو كان رجل دين أن يمنعهن باسم الدين. بل من واجب الدولة أن تعاقب الذين يرمون المحصنات بالإثم بوصفهن بالمتبرجات السافرات إلى غير ذلك من النعوت الدينية المهينة. أما أن تقوم الدولة بالتدخل في ما تختاره المرأة من لباس أو من تصرف طبيعي مثل قيادة السيارات فهذا غير مقبول.

كل اجتهاد شخصي أو جماعي يكون محترما ما لم يتعرّض لحرية الآخرين، وكل من يريد أن يفرض تأويله للدين على غيره فهو خاطئ، وإذا اعتمدنا مبدأ استقلال الدين عن الدولة فسوف يغيب التأويل الرسمي ويتحرّر الفكر وتتلاقح الأفكار ويطفو التأويل الذي يخدم مصلحة المسلمين والإسلام فوق غيره وبذلك يتجدد الإسلام ليسمو فوق كل الديانات الجامدة المتكلسة، ويرتفع المستوى المعرفي والفكري للمجتمعات المسلمة وهي اليوم في أشد الحاجة لذلك.

ونحن نرى السلطة في تونس اليوم تتدخل في تأويل القرآن فيما يخص ما يسمّى بالحجاب وتفرض بالقوة نزع الحجاب على من يرتدينه وتجبرهن على اعتماد التأويل الذي يرى أن الحجاب في شكله المعمول به منذ سنة 1979 ليس فرضا ولا سنة إسلامية، بل تقول السلطة إن اللباس النسائي الذي كان متداولا قبل 1979 هو إسلامي أكثر من الموضة الجديدة، وهذا ليس من مشمولاتها.

وبعكس ما يعتقده البعض فإن ما تقوم به السلطة ليس دفاعا عن الحريات الفردية ولا الجماعية وليس موقفا عقائديا ضد أطراف سياسية محافِظة ولكنه محاولة منها استعمال الدين للحفاظ على الحكم، لأن نفس السلطة الحاكمة اليوم في تونس يمكنها أن تتحوّل للمزايدة على الإسلاميين لتفرض على النساء ارتداء خمار تضبط له شكلا « تجمعيا » يخالف الشكل الذي تقترحه القنوات التلفزية الوهابية بدعوى أن تغطية الرأس فرض إسلامي.

هناك كثير من منتقدي الحكومة على موقفها من الخمار يلومونها على عدم مساندة التأويل الذي ينادي بوجوبه على المسلمات ولا يلومونها على التدخل في التأويل أصلا، وهؤلاء لو كانوا في الحكم لتعسفوا على التأويل الثاني الذي يقول بأن المسلمة حرة في كشف شعرها وبأن شعرها ليس عورة.

الإسلام منظومة دينية أخلاقية لا تتقيّد بحدود جغرافية ولا بنظم سياسية، جمهورية كانت أم ملكية أم حتى جملكية، ولا يطبق شعائره إلاّ الذين يعتبرون أنفسهم مسلمين، ويعيشه الفرد المسلم مع من لا يطبّق شعائره في نظم غربية علمانية، بل يستطيع الإسلام هناك أن ينتشر لأن التأويل والتفكير والإبداع حر في تلك البلدان. وخلافا للدين فإن الدولة منظومة عامودية هرمية تعتمد على الأمن والضرائب والمؤسسات ولها حدود لا تتحكـّم خارجها ومن واجبها حماية المجموعة والأفراد والسهر عليهم من جميع جوانب الحياة مهما كان اعتقادهم ومهما كان تأويلهم للنص الديني بما في ذلك ضمان حرّية قيامهم بشعائرهم الدينية.

فأن نجعل تطبيق الدين وقيام الشعائر يستوجبان رضاء الدولة فهذا عين الخطأ لأنه يناقض المفهوم الكوني للدين الإسلامي ويـُخضعه لدولة ذات حدود، ومن واجبنا العمل على استقلال الدين عن الدولة طالما تعلق الأمر بالعبادات أو بما يعتقده الفرد تطبيقا لتعاليمه الدينية، فالدولة لا يحق لها أن تتدخل في تأويل النص الديني ولا يجب أن يكون لها تأويل رسمي، وينحصر دورها – في هذا المضمار – في ضمان حقوق الأشخاص وحمايتهم من الاعتداءات المادية والمعنوية باسم الدين أو باسم محاربة الدين أو باسم استئصال الدين السياسي.

من ناحية أخرى على الإسلاميين من جهتهم أن يتوقفوا عن قولهم بأن الحكومة التونسية عَلمانية لأنها ليست كذلك. الحكومة التونسية تقول بأن الدولة دينها الإسلام وتتصرف على هذا الأساس، وإذا كانت الدولة إسلامية فمن المنطق أن يكون لها تأويلها الرسمي للنص الديني وأن لا تقبل غيره. هناك خلط لدى بعضهم بين كلمة (علماني) وكلمة (استئصالي). العلمانيون يؤمنون بالحرية الفردية ويؤمنون باستقلال الدين عن الدولة ويؤمنون باستقلال الدولة عن الدين ويؤمنون بحق الإسلاميين في تكوين حزبهم السياسي وفي القيام بنشاطهم السياسي خارج المساجد ويؤمنون بأن ممارسة السياسة داخل المساجد يدنـّسها لأنها جُعلت للعبادة وليس لتصفية الحسابات، ويعارضون تعرض الأفراد للتعسف بسبب أفكارهم الدينية أو السياسية. والعلمانيون ضد تطبيق مناشير دينية على الأفراد لإجبارهم على تطبيق شعائرهم كما يراها الحاكم وليس حسب قناعاتهم. والعلمانيون ليسوا كفارا ولا ملحدين بل بالعكس يرون أن الدين الإسلامي أرقى من أن يكون مطيّة للاستحواذ على الحكم أو وسيلة للتمسك به وللتعسف على من يخالف رأي الحاكم، وهم يرون أن الصراع على السلطة يجب أن يبقى دنيويا لأنه يهم الدنيا وأنه يجب إطلاق الحريات السياسية لكل المواطنين بمن فيهم الذين يريدون أن يستمدّوا طريقة تصرفهم في الحكم من المبادئ الإسلامية مع المحافظة على المبادئ الأساسية للنظام الديمقراطي (استقلال السلط، الانتخابات النزيهة …) ودون المساس بالحريات الأساسية الفردية منها والجماعية ولا بمبدإ المساواة بين المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات. والعلمانيون يرون أن الدولة لا دخل لها في الاجتهاد الديني سواء كانت الحكومة تجمعية أم إسلامية بل يرتكز عملها على حماية المجتمع وحماية أفراده والعمل على تحسين ظروف عيشهم. وفي سنة 1846 أصدرت السلطة في تونس قانونا يحرّر الجواري والعبيد ويمنع التجارة بهم فلم يطبـّق إلا ّ في تونس وإلى اليوم مازالت العبودية موجودة في بعض البلدان الإسلامية.. مع الأسف.

 

إن السلطة في تونس اليوم لا تؤمن بأي من هذه المبادئ العلمانية بل بالعكس فقد جعلت من الدولة التونسية دولة دينية بأتمّ معنى الكلمة، فالسلطة هي التي تقوم بتسمية الأيمة والمؤذنين والحراس في المساجد وهي التي تقوم بتعيين المفتي العام للبلاد وتدفع له أجرا كبيرا وهي التي تشرف على بناء الجوامع بل تفتخر بذلك وتضبط توقيت فتحها وغلقها بل وتوجه مواضيع خطب الجمعة. الدولة التونسية تتدخل في القناعات الدينية للفتيات التونسيات وبالتالي فهي تعتبر نفسها وصية على الدين مثلها مثل عديد الدول العربية التي يبتدع رؤساؤها وملوكها ألقابا دينية …

 

لذا يتطلـّب الدفاع عن الحريات العامة بما فيها حرية ممارسة الشعائر بكل حرية من الإسلاميين والعلمانيين والمؤمنين والملحدين والغنوصيين وكل مواطن يؤمن بمزايا الديمقراطية في تسيير الحكم أن يدافعوا عن استقلال الدين عن الدولة حتى يتكفـّل المؤمنون بشؤونهم باستقلال عن الحاكم بينما تتكفـّل الدولة بضمان حريتنا وسلامتنا وبحماية المؤسسات الجمهورية. والحصول على هذه الحريات غير ممكن خارج إطار دولة علمانية ديمقراطية تضمن لكل الناس حرياتهم المدنية بمن فيهم الإسلاميين.

 

(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 381 بتاريخ 17 نوفمبر 2006)

 


 

درس في الإنتقال الديمقراطي

 

لم تشهد موريتانيا ولادة منظمات أهلية مستقلة منذ السبعينات مثل التي ظهرت في تونس مع تأسيس رابطة حقوق الإنسان، ولا هي أبصرت ظهور صحافة حرة أسوة بالتي انطلقت في بلادنا في الفترة نفسها مع « الرأي » و »لوفار » و »ديموكراسي » (تغمدها الله جميعا برحمته الواسعة). ولم يُسمح للأحزاب بالعمل القانوني إلا في مطلع التسعينات، ومع ذلك فالبلد مقبل يوم 19 نوفمبر الجاري على تجربة فريدة في المغرب العربي تتمثل في انطلاق الإنتقال إلى الديمقراطية من خلال مسار يتألف من لحظتين حاسمتين:

 

– انتخابات تشريعية وبلدية حرة وشفافة يتساوى فيها جميع الفرقاء أمام القانون وتلتزم فيها السلطة العسكرية الإنتقالية بالحياد التام،

– انتخابات رئاسية مقررة للسابع من مارس المقبل وقد التزم قائد الحركة التصحيحية بعدم الترشح لها، وهو ثاني موقف من نوعه بعد الجنرال عبد الرحمان سوار الذهب رئيس السودان الإنتقالي الذي تعفف عن الترشح بعدما التزم بقضاء سنة واحدة في السلطة تمهيدا لتسليم الحكم للقوى المدنية، وكان عند وعده.

 

ومن المؤشرات المهمة على جدية النقلة الديمقراطية في موريتانيا إلغاء سلطة الإعلام السمعي والبصري التي كانت في قبضة الرئيس السابق وحزبه واستبدالها بهيئة مستقلة مع منح أعضائها الحصانة اللازمة كي لا تمارس عليهم ضغوط. أما الحزب الذي كان يحكم أيام الرئيس السابق معاوية ولد طايع فتعامله الدولة اليوم مثل سائر الأحزاب الأخرى بعدما سحبت منه الإمتيازات التي كانت ممنوحة له.

 

ربما لا تحظى هذه التجربة الوليدة بالإهتمام الكافي في العالم العربي وتعاني من تعتيم الإعلام الرسمي عليها، لكنها تشكل علامة نضج أكيدة ولحظة مكثفة لاستخلاص الدرس من التجارب السلبية في منطقتنا، وخاصة تلك التي عاشتها الجزائر وتونس في مجال الإنتقال إلى الديمقراطية.

 

رشيد خشانة

(المصدر: افتتاحية صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 381 بتاريخ 17 نوفمبر 2006)

 

 

 

 


 

 

أدعية جهادية·· في بلد الاعتدال والتسامح والسياحة

عبد الجبار نصيري اليوسفي

اعتادت المحلات التجارية بالعاصمة أن تفتتح صباحا على تراتيل بعض الآيات القرآنية، تبركا واسترزاقا·· والأمر طبيعي·· ما يلاحظ أن بعض تلك المحلات تتجاوز ترتيل القرآن لتبث بعض التسجيلات لمشايخ هم عموما من غير التونسيين، إما لتفسير بعض الآيات من القرآن، أو للدعاء···

يا فتّاح··· يا رزّاق

المنتبه لهؤلاء « المشايخ » سيكتشف أنهم عموما من >الدعاة< الأكثر انغلاقا وتزمتا، والذين يجتهدون بأصواتهم التي تصنطع شدة التأثر، تقوى وتجليا، لتوغل في التهديد والوعيد بجنهم، وبويلات القبر وعذاباته، وبالدرك الأسفل من النار، وما شابه ذلك، ولترعب من ينتبه من المستمعين، وتقنعه بأنه إيمانه ناقص، وأنه لا يخاف الله كما يجب، وأنه متساهل في عباداته، خطّاء في سلوكه··· هكذا منذ الصباح! والجميع يسعى ويطلب الرزق·· يا فتاح!! يا رزاق!!

يا لطيف!!

لو تنتبه للأدعية سوف تجدها تتجاوز مجرد الدعاء بالنجاح والصحة والرزق والهداية وغيرها من القيم المسالمة والملازمة لعموم المؤمنين العاديين··· ستجدها في مضمونها، محرضة على الغير، ناسفة للتسامح، وللقبول بالآخر···

منذ أيام كانت الآلة الصوتية تغمر بضجيجها كل الساحة المحيطة بالمحل الذي تنبعث منه، وصوت الشيخ ذي اللكنة الخليجية يلعلع:

اللهم أهلك اليهود··

اللهم أهلك النصارى···

اللهم أهلك المشركين···

اللهم انصرنا على القوم الكافرين··

قافلة من « القوم الكافرين » وربما من « النصارى والمشركين » كانت مارة بنفس الساحة، وافرادها جمع غفير من السياح الذين كانوا يبتسمون لاكتشافهم « أنهم في تونس »، وكانوا مقتنعين لا محالة أنهم في بلد التسامح·· بلد الأمن والأمان··

لم يكونوا يعون مضمون الصوت المسيطر على الساحة التي هم مارون منها··

لا أظن أن صاحب المحل نفسه الذي كان يبث تلك الأدعية « السلفية الجهادية » قد انتبه لمضمون الخطاب الأصولي الذي ينشره، بل بالعكس لا بد أنه كان متفائلا ومنشرحا بمرور تلك القافلة « قافلة النصارى والمشركين » من أمام محله، لأن رزقه، ورزق عائلته ورزق عملته مرتبط بهؤلاء··

باستثناء ذلك الصوت الناعق الذي يخرضنا ويحثنا على كراهية الآخر وعلى الجهاد ضده·· لا أظن أن واحدا من المارة كان يتمنى الموت والهلاك لأولئك السياح لمجرد أنهم ليسوا من نفس دينه···

البعض من مواطنينا لا محالة ـ ممن لم ينعم الله عليهم بالهداية ـ قد سقط تحت تأثير تلك الدعايات الأصولية الموغلة في الانغلاق والتزمت·· ولكن من باب التقوى، واعتبارا لظروف الواقع، وبموازين القوى، مازال يكتم صوته أو بالأحرى مازال لا يرفع صوته، ولا يتجرأ على الجهر بمثل تلك الأدعية والدعوات·· في انتظار الظرف الملائم·· يا لطيف!!!

رائحة البترول

ما تنفقه بعض الجهات الأصولية على الدعاية للسموم التي تبثها ليس له حدود، ولا يهمل وسيلة من وسائل الدعاية، الأشرطة الجاهزة التي توزعها، وبعض الكتب الدعائية من الصفراء وغير الصفراء توزع أحيانا مجانا  وبأثمان زهيدة دون تكاليف طبعها·· وقد قرأت أن بعض دور النشر السعودية تنشر دون مقابل سلاسل كاملة من المؤلفات الأصولية حول المرأة وحول الديمقراطية وما شابه من محاور الدعاية السلفية الأصولية المتزمتة·· الأموال التي تفوح منها رائحة النفط تنفق بلا حساب، وتغزو أسواقنا مستهدفة عقول شبابنا ونسائنا، وتستعمل مختلف الوسائط من قنوات فضائية، ومن كتب، ومجلات، وأشرطة ومضغوطات وغيرها من الوسائل التقنية المتطورة التي يكتشفها ويصنّعها »الكفرة من اليهود والنصارى والمشركين » ويسخرها شيوخنا لمحاربة كل قيم النور والعلم والتنوير والتحديث والتسامح والديمقراطية، وما شابه من القيم الانسانية لصالح الانغلاق والتزمت والحقد وكره الآخر والتحريض عليه···

اللهم احفظنا منهم ومن سمومهم·· آمين.

 

(المصدر: الطريق الجديد  – العدد54 – نوفمبر 2006)

 


 

هل تُنجز الديمقراطية في تونس من ميادين كرة القدم!؟

              

فتحي الهمامي

عادة ما يتضجر معشر السياسيين من حديث المقاهي حول عالم الكرة لأنه ببساطة مضيعة للوقت على حساب مواضيع هامة وحيوية، فلم يتردد البعض في وصف هذه اللعبة بأفيون الشعوب الجديد والمخدر لوعيهم! فالشأن الكروي بكل تفاصيله يُترفع عنه وتُكره العناية بأخباره وأحواله، الله في الاحداث الرياضية الكبرى حيث يتناول كطبق افتتاحي خفيف سرعان ما يتحول عنه الى الأطباق العادية الدسمة: ديمقراطية، حريات، رابطة··· هذا التأفف سنتوقف عنه للحظة وننغمس في شؤون كروية ولكن دون الابتعاد عن السياسة، بل في صميمها وجوهرها وإن كانت الكتابة في كرة القدم·

>الفيفا< وجامعة كرة القدم

بين جامعتنا لكرة القدم والجامعة الدولية الساهرة على شؤون هذه اللعبة خصومة من نوع خاص توجت بتوجيه بلاغ نهائي لجامعتنا يطالبها بـ « انجاز الديمقراطية » فعليا قبل 31 ديسمبر القادم! وقد أثار هذا الحدث تعاليق شتى وسيلا من المقالات في صحفنا ولكن ما حقيقة هذا القرار الذي لا يُرد، مهددا رياضتنا الاولى بأشد العقوبات في صورة عدم الانصياع قبل الموعد المضبوط؟ إن تراتيب الجامعة الدولية لكرة القدم تفرض على أية جامعة وطنية ممثلة لهذه اللعبة أن يكون مكتبها ورئيسها منتخبان بصفة ديمقراطية وأن تتصرف كهيكل مستقل عن السلطة السياسية، غير خاضع لها، لكن جامعتنا الموقرة تقاعست عن الالتزام بأنظمة « الفيفا » وتوجيهاتها ولم تجر هي وسلط الاشراف تعديلا على قواعد اختيار المكتب الجامعي، بل أُبقي على نظام مازال يمزج بين التعيين و »الانتخاب » فانعقدت الجلسة العامة للجامعة في الصائفة المنقضية « انتخب «  فيها ممثلون معينون من الأندية ثلثا المكتب، أما الثلث الباقي فعينته الوزارة ومن ضمنهم الرئيس الجديد!!

والسؤال هنا بعد هذا الانذار الذي لا يقبل النقاش: هل تعرقل الادارة السياسية الاصلاح وتعترض على الاسلوب الانتخابي وعلى استقلالية الجامعة؟ أم لم تُكلف السلط الرياضية نفسها عناء التغيير ولم تسع اليه؟ إن استبعاد الخلفية السياسية في هذا الاشكال غير واردة، بل يتأكد من خلاله سيادة تصور معين في ادارة المجتمع يتمثل في اشراف ومراقبة وانفراد السلطة بكل الفضاءات مع ما يفرزه هذا النمط من فوائد ومصالح ومكاسب لصالح فئات وأفراد تتمعش من هذا الوضع وتستميت في الدفاع على بقائه···

على كل دخلت الجامعة مرغمة في سباق ضد الساعة لتحوير نظامها الأساسي لتعقد بعد ذلك جلسة عامة انتخابية من جديد، مما دفع البعض الى المعارضة للتعبير عن أمنية··· لو يصدر انذار من هذا النوع من طرف منظمة دولية معينة·· تفرض اصلاحات ديمقراطية في بلادنا لعلنا بذلك نتجاوز تأزمن وتعطل حياتنا السياسية·· فهل تتحقق أمنيتهم!؟

إعلام رياضي··· أندية وحزب حاكم

مازال يشكل نشاط أندية كرة القدم وفضائه الرحب الحديقة الخلفية للحزب الحاكم/ السلطة يمارس فيها رياضته الفردية المفضلة: لعبة الاحتكار، فإلى جانب تعيينها رئيس الجامعة تتدخل في اختيار قيادة أية جمعية فتعقد الجلسة العامة بتوجيهات واضحة من طرف السلطة ويُعيّن رئيس الجمعية الذي يسمى بدوره بقية اعضاء الهيئة المديرة!

ولا يخفى أن هذا الأسلوب في تولي المسؤولية تجاوزه الزمن وغير ديمقراطي، اذ لا يضمن الشفافية والمحاسبة لطريقة إدارة أموال الجمعية خاصة الكبيرة منها صاحبة الميزانية الضخمة ويتصرف فيها بعيدا عن الشفافي وبدون رقابة الاجهزة المختصة، مما يفتح الباب على مصراعيه لكل أشكال الفساد، اذ لم نسمع قط أن مسيرا رياضيا تعرض للمساءلة القانونية حول شبهة سوء التصرف بالرغم من التسريبات هنا وهناك، في حين تغير وضع النوادي الرياضية في أوروبا بتحولها الى مؤسسات فعلية يديرها مجلس ادارة وتخضع لسلطان القانون·

هذا وأدرك الاعلام الرياضي في بلادنا خاصة بعد النتيجة المخيبة في كأس العالم الأخير حجم الثغرات والعراقيل الهيكلية التي تعيق نمو الرياضة الاولى فانبرى في حيوية لافتة (بدون تعميم) ينتقد ويقترح ويشن الحملات على المظاهر السلبية وتعالت بعض الأصوات تنادي بالديمقراطية، متجاوزة بعض المحظور، بالاشارة الى الترابط العضوي بين التكسب الخاص ومظاهر الفساد وبين الاطار القانوني المبهم المنظم للعبة كرة القدم(!)·· ونحن نقترح من جهتنا أن تضمن بعض احزاب المعارضة في برامجها هذا النوع من  القضايا الكروية، لعل الديمقراطية تنطلق من ملاعب الكرة··· من يدري؟

ــــــــــ

(1) انظر مثلا مقال عماد بن حميدة: تونس هبدو العدد 1656 ص13

 

(المصدر: الطريق الجديد  – العدد54 – نوفمبر 2006)

 


 

 

الحجاب : غزوة المذكّر في حرمة الأنثى

 

فتحي بن الحاج يحيى

 

كنّا نعتقد جازمين، ونحن صغارٌ، أن عمّ حسن « الفرانقي » القائم بشؤون فرن الحمّام في حومتنا، يتلصّص يوميّا على صبايا الحيّ والنّسوة العاريات، من خلال ثُقب صنعه لنفسه عبر الجدار الفاصل بين « الفرناق » و »البيت السّخون ».

لا أدري متى بدأت هذه الحكاية التي نشأت فينا، بالتأكيد، مع نشوء مشاعر الجنس والشَّبَق المتمكّنة بأجسامنا المراهقة، ونحن نكتشفها كما يكتشف الحيوان الصغير تدريجيّا نوازعه وغرائزه. فثقافتنا المحيطة كانت تقف، برمّتها خارج مفاهيم التثقيف في هذه المسائل الواقعة في مجال اللاّمساس أو « الطّابو ». ولكون عمّ حسن كان يسكن داخل بيت الفرن الملاصق لذلك الفضاء الحميمي السّاخن الذي يلهب مُخَيّلتنا، فقد تخيّلنا ذلك الثّقب الذي يفتح لنا على عوالم المتعة الممنوعة.

كنّا في مطلع الستينات والتلفزة لم تأت بعد للقيام بوظيفتها التعويضية في إشباع نهمنا لجسد المرأة، وكنّا نكتفي ببعض الأفلام الرديئة التي يعلو فيها صفيرنا كلّما اسْتَشَْففنَا، من خلال سياق القصّة التي لا نفهم كثيرا في حوارها الفرنسي، أنّ في الأفق « بوسة » قادمة إلينا لتُهوّن علينا سعر التّذكرة المشطّ.

عندما تلتقي الجماعة عند السّور القصير الواقع في مفترق شارع السّاحل ونهج الرّياض بـ »مونفلوري »، كان الشّاذلي يردّد علينا جوابه الثّابت اليقيني كلّما سأله أحدنا :

  – ماذا لو أعطاك اللّه القدرة على أن تصبح يوما غَيْرَ مرئيّ ؟

  – أقضّي العمر كلّه في حمّام النّساء !

 فنضحك ملء براءتنا ونتّهمه بالبلاهة لعدم تفكيره في اقتحام بَنْكٍ يُفرغه من جميع ما يحتويه، وفي أنفسنا يقينٌ بأنّنا سنفعل نفس فعلته لو أُتيحت لنا مثل هذه المعجرة، حتّى لسويعات، ونحن في طريقنا إلى البنك.

            وكبرنا مع الزّمن، ودخل بعضنا المعاهد، ومات العمّ حسن يوم أدخل صاحب الحمّام محرّك المازوط لتسخين الماء، وخفَتَتْ فينا بعض الشيء رغبة الإطلالة من خلال الثّقوب على مواقع السّرور يوم أصبحت البنتُ تجلس إلى جانبنا في مقاعد الدّراسة ولم تعد، فقط، جسدا عاريا في حمّام ساخن.

            من يومها تعقّدت حياتنا بعض الشّيء، فقد أصبحنا وجها لوجه مع الفتيات اللاتي كان الحديث عنهنّ في مجالسنا الرّجالية أيسر بكثير من الحديث إليهنّ في مقابلة ثنائيّة. وكانت فيهنّ شقاوة لا تُحتمل في إتقانهنّ الفرنسية وما تمنحه من سهولة في حديث الحبّ والمشاعر والأحاسيس وتفاصيل النّفس، فنرتبك، ونخجل، ونغتسل بوتيرة لم نألفها من قبل، ونَلْتَفِتُ إلى هندامنا كما لم نكن نلتفت، ونكتشف أنّ الحبّ والغرام وصداقة الأنثى برنامج معقّد يجب التّخطيط له والمثابرة عليه لما يُسبّبه من تعب لا علاقة له بما تسبّبه صولاتنا وجولاتنا في بطحاء الحيّ ونحن نلعب الكرة.

            لست أدري إن جاز الحديث عن تَحَضُّرٍ نشأ فينا منذ اليوم الذي التقينا مع البنت، خارج مخيّلتنا وأوهامنا المتولّدة عن رغباتنا الممنوعة. ولا أعلم إلى أيّ مدى سلمّنا بهزيمتنا أمام غزو « الأخرى » فضاءات عمومية كانت لنا وحدنا من مقاهي وشوارع وجمعيات رياضية وغيرها. الأكيد أنّ في الأمر الشيء الكثير من هذين الحالين اللّذين ترافقا وتفاعلا حسب الأشخاص والأوساط الاجتماعية والمناطق الجغرافية.

فالتحضّر يظهر اليوم في علاقة التّونسي مع بناته الإناث، وفي اهتمامه بمظهره أكثر من ذي قبل، وإن كان عليه بـ « مزيد الاجتهاد » مثلما ينصّ عليه أساتذتنا في دفتر الأعداد، وفي بعض من نظرته للمرأة بدليل أنّه حتّى الفئة الإسلامية المسيّسة من شعبنا لا تجرؤ صراحة على الطّعن في مجلّة الأحوال الشّخصية، وأنّ سائق التاكسي « المتديّن » لا يقدر على رفض مصاحبة فاتنة سافرة، لمانع قانوني، ولغرض اقتصاديّ أكيد، ليوصلها إلى حيث تبتغي، وإن على مضض، فيجمع في الآن ذاته بين التعفّف والصّبر وبين لذّة الشّهوة التي يزيدها شبقا مغالبة النّفس على ما لا تستطيع، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ! 

أمّا جانب مقاومة الغزو الأنثوي لفضاءات الرجولة والفحولة التّقليدية فيكفي الوقوف على أحد مظاهره الأكثر انتشارا وشيوعا في يوميات بلادنا وجغرافيتها، وهو ما عرّفه أخصّائيو علم الاجتماع بـ »ظاهرة العنف اللّفظي » وصنّفوه في أبواب شتّى من « شتم » و »سبّ »، مرفوق أو غير مرفوق بالبصاق، و »كلام زايد »، « وكلام أخضر »، و »بلادة وركاكة »، و »كفر »، و »قباحة »، و »تزوفير » و »قلّة حياء » ألخ… ولكلّ من هذه « العلوم » قواميسها ونحوها وصرفها وكذلك دلالاتها ووظيفتها. ويكفي الاطّلاع على الدّراسة السوسيو-ثقافية بعنوان « العنف اللّفظي لدى الشّباب التّونسي » الصادرة في مارس 2004 عن « المرصد الوطني للشباب »، للوقوف على مدى انتشار هذه الظّاهرة بين الشباب ودلالاتها العميقة، التي نشير في سياق الحال إلى أبرزها، وهي المتمثّلة في اعتماد العنف اللّفظي لـ »جنسنة الفضاء العامّ » أي كسلاح للذّكور لإقصاء العنصر الأنثوي الدّخيل من مناطقهم الممتلكة أسوة بما يفعله الكلب عندما يتبوّل لرسم حدود مملكته.

واللّفظ العنيف هو أيضا عنوان الفحولة الرّجولية كما ورد في الوثيقة « فقد عمل النظام التربوي العربي-الإسلامي على بناء نوعين جنسانيين : الرّجل واللاّرجل (…) فلفظة الذّكورة تحيل على المعطى البيولوجي بينما الرّجولة تؤشّر على بناء الرّجل كتفوّق اجتماعي (…) إذ الرّجل ذكر لكنّه ليس ذكرا فقط، إنّه يُولِجُ ولا يُولَجُ ». لذلك لو أبحرنا في قاموسنا المجنّس الّذي يتقنه كلّ تونسيّ أكثر من إتقانه لأيّ لغة أخرى بما فيها العربية، لوقفنا على ذلك الهاجس لديه في أن يعتلي مرتبة الفاعل في بحث أبديّ عن مفعول فيه يطمئنه على رجولته.

ولا غرابة- إذا ما توسّعنا بعض الشيء- أن نرى مثقّفينا وشعراءنا وسياسيّينا العرب يجنحون إلى استنفار هذه « الملكة » فينا لتجد الشّعوب العربيّة والإسلاميّة نفسها في حالة تحمّل مسؤوليّاتها كاملة أمام « قدس مغتصبة »، بكلّ ما يحمله هذا التشبيه البلاغي من إحالة على أخت « حرمة » أو أمّ مقدّسة أو زوجة محميّة « يستبيحها اليهود » أمام أنظارنا فيهدرون رجولتنا ويدنّسون شرفنا. هذه الرّجولة التي لمس فيها رئيس دولة سوريا، مؤخّرا، نقصا فادحا لدى فصائل 14 آذار اللبنانية لاعتبارهم « أنصاف رجال » !

 

بورقيبة والحدّاد

داخل هذا القاع المجتمعي والنّفسي الذي نعيشه يوميّا ولا نتجرّأ على سبر أغواره وثناياه، تأسّست مظاهر الحداثة في تونس في عملية أقرب منها إلى التّأكيد من التّأصيل : بورقيبة يفتح كتاب الحدّاد بيد تنتشل أمام عدسات الكاميرا لحاف امرأة تونسية لم تقرأ الحدّاد، ويطلب منها أن تُجابه الحياة بإنسانيتها كاملة، وجها وجسدا وعقلا وذكاء، وفي ذلك تأكيد لعقود من الفكر والمحاولات الإصلاحية التي مهّدت لمثل هذا الفعل المشبع دلالة ورمزيّة.

وهذه المرأة تبعتها جلّ النّساء ليتجاوزن اليوم، عددا، الذّكور في الجامعات والكليات.

             أمّا عن تأصيل هذا الفعل الرّمز في الأذهان والنّفوس، فقد اكتشفنا، جميعنا، أنّ الثقافة لا تُصنع بقرار مهما كانت أهميته وشحنته ووجاهته، وكان من الأجدر، لا قراءة كتاب الحدّاد فحسب، بل مناقشته بالحريّة التي تقتضيها صناعة الشّعوب في إعادة ترتيب قيمها ومُثلها ومراجعها وتقاليدها. فبورقيبة شاهد في العشرية الأولى من حياته نساء تونس يخرجن إلى الحياة أفواجا، وشاهدهنّ قبيل وفاته يدخلن في الحجاب أفواجا، ولا أعلم إن كان فهم من الأمر شيئا.

الأمر الوحيد المتأكّد اليوم هو أن السلطة القائمة لم تدرك من الدّرس شيئا. فعندما يقف عون أمن في مخرج المترو الخفيف لينزع عن فتاة تونسيّة حجابها، ويجبرها على التوقيع عن هجره نهائيّا، فإنّما يقوم بفعل لا رمزية فيه سوى تحويل الحجاب من لباس اختارته البنت، لأسباب يجدر بعلماء الاجتماع دراستها وفهمها، والتي لا تعود حتما إلى سبب أوحد يدلّ بالضّرورة على اختيار سياسي طائفي، إلى لباس مشحون بالمعاني ذاتها التي ألبسها له النّظام الحاكم لتشويش في خطابه، وحيرة في أفكاره، وارتباك في سياسته وعدم اطمئنان على شعبيّته.

ماذا لو كشفت الإحصائيات التي نأبى القيام بها، أنّ في بيت كلّ عون أمن أو مسؤول دولة مكلّف بنزع الحجاب، تسكن امرأة محجّبة، أُمًّا كانت، أم زوجة، أم أختا، أم بنتا ؟

كان بإمكان تونس أن تكون نموذجا حداثيّا يُقتدى به في العالم العربي من حيث تحرير المرأة، والسيطرة على التكاثر السكاني، ونشر التعليم والعناية بالطّفل… لكنّه يصعب في زمن مثل زمننا أن نصبح مثالا في بلد وصل فيه الأمر أن يجمع رئيس الدّولة مديري الصّحف ليعلمهم أنّ صفحاتهم مملّة بائسة، وليأمرهم بتوسيع الحريات، دون تسميتها، فيخرجون من عنده بأكثر ضبابية من ذي قبل وهم لا يفقهون من أين تبدأ الحرية وعند أيّ حاجز تقف ؟

وكذا الأمر بالنسبة للإعلام المرئيّ والمسموع الذي لا يزال يتحدّث عن سعادة افتراضية في بلد افتراضي يعيش فيه مواطنون افتراضيون تحكمهم سلطة حقيقية، أو يطلع على قرّائه ومشاهديه بسيل من الشتائم ضدّ مجهول قال في وطننا ما لا يَسرُّ، فـ »يسمع وسخ أذنيه » من مسؤولين قرؤوا نيابة عنّا ما أقفلت عليه وسائل الإعلام وعبقرية برمجيات التصدّي المعلوماتي لمواقع الأنترنات « المفسدة »… ونحن بلد نفاخر بنسبة تعليم تقارب المائة بالمائة في أوساط شبابنا !

 

الحجاب قضية حرية فردية ؟ !

 

            قضية الحجاب القائمة اليوم في تونس هي، في إحدى أوجهها قضية حرية فردية، مادامت تهمّ البنت والمرأة في علاقتها بوجهها وجسدها ومظهرها والصورة التي ترتضيها لنفسها. ودور الشّرطيّ أن يسهّل علينا حركة المرور في الشّوارع، سيّما أوقات الذّروة، وأن يحمي المواطن من اعتداء أخيه المواطن عليه، وأن يراه المارّ في الشّارع  فيقرأ في حضوره معاني دولة القانون، واستتباب الأمن الاجتماعي، ومساعدة عجوز أو طفل على قطع الطّريق طالما لم يفهم سائقو السيارات أنّ ممرّات الرّاجلين تساوي ضوءا أحمر يستوجب التوقّف عنده لمن لم تسعفه حافظة نقوده، أو « أكتافه »،  في اقتناء سيارة شعبية.

أمّا ما تبقى فالأجدر أن يتحمّل فيها الشّعب مسؤولية النّقاش، عبر صحافة نحن في انتظار تحرّرها، وتلفزة ننتظر منها أن تفتح ملفّاتنا مادام فتح صندوق الملايين في برنامجها المفضّل، ومنح المتباري، علانية وعلى غير العادة، حرية الاختيار بما يمليه عليه « دليله »، لا يمكن أن يشمل جميع المواطنين، إضافة إلى ما يسبّبه من شدّ أعصاب وجلطة قلبية.

 

 بؤس الخطاب الرّسمي

 

ولنفترض أن يُفتح النّقاش يوما حول الحجاب، فماذا عسانا نقول ؟

رأيي الشّخصي الذي، بالكاد، يلزمني لما في هذه القضية من أوجه متعدّدة ومتشابكة، سأبدؤه بأسئلة لأطراف عدّة تدخّلت في الموضوع ولا أفهم في منطقها سرّ التماسك في خطاب قادر على التّأليف بين الشيء ونقيضه دون ارتباك أو أي شعور باختلال المنطق :

لنبدأ بمساءلة النظام الحاكم عن منظومته الفكرية في هذا الشّأن : جميع المسؤولين أشاروا إلى ثنائية اللباس « الطائفي » ذو الدّلالة السياسية الدينية مقابل اللباس « المحتشم » الذي تفيض به تقاليدنا وأعرافنا التونسية المتوسّطية السّمحة، فذكروا السّفساري مثلا، ولم أفهم إن كان وراء الأمر حرصا على تشجيع الصناعات التقليدية « التّعبانة » أم هو حقيقة تفكيرهم، والحال أنّ أولادهم مسجّلون في مدارس البعثة الفرنسية، أم هو مؤشّر على مأزقهم الفكري الذي يتناسى أنّ الطّاهر الحدّاد، الذي يستنصرون به، تحدّث عن السّفور في باب « السّفسفاري » وليس في باب حجاب اليوم. وهل أنّ بورقيبة نزع الحجاب الأسود، الذي لم يوجد بعد، أم نزع « السفساري » كرمز لدونيّة المرأة ولفّها فيما لا يجب أن يُرى بالعين المجرّدة ؟ وما المقصود باللباس التقليدي « العادي »؟ أهو الجبّة لدى الرّجل والـ »فوطة والبلوزة » لدى « البلديّات » و »الحرام » لدى أهل الجنوب أم هو اللباس الإفرنجي الذي يلبسه المسؤول الذي يلقّن الحاضرين دروسا في الأصالة والتقاليد؟

ثمّ ماذا سيكون موقف مدير معهد يستقبل في الصّباح تلميذات تخلّين عن حجابهنّ وجئنه لابسات « فوطة وبلوزة » وملتفّات في « سفاسيرهنّ » عملا بفتاوى مسؤولي الدّولة في الموضوع ؟

 

مشكلة هذا النّظام أنّه يريد أن يقود في نفس الوقت سياسة الانفتاح الاقتصادي والحضاري على العالم، وأن يقود الجامعة الزّيتونيّة وجوامع البلاد ومساجدها بأكملها، وأن يزيد في صادراته بما فيها الخمور التونسية الأصيلة، وأن يسخّر مفتي الدّيار التونسيّة لفتوى في شرعيّة « البروموسبور »، وأن يبحث في قضية إنسانية بالدّرجة الأولى، كقضية التبنّي، على تبرير ديني، ولو اقتُلِعَ اقتلاعا، وأن يقف دون المساواة في الإرث كبُعد يتجاوز الجانب المادّي إلى اعتبار المرأة إنسانا بنفس الدّرجة هي والرّجل، وأن يُدرج في برامج التعليم مادّة التربية الإسلامية كتلقين للفروض والطّقوس والتّفاصيل من حيث عدد الرّكعات في الصّلوات المفروضة وفي النّوافل، وانتقاض الوضوء لتشابه لدى المؤمن بين الماء الطّاهر والماء الطّهور، ونحن لا نعلم إن كانت الـ »صوناد » تبيعه لنا على هذه الصفة أو تلك أو دونهما… وأشياء أخرى يحتار المرء في التّأليف بينها، ويُسعد أهل الحلّ منّا أن يقدّموها واضحة لا غبار عليها.

مثل هذه اللّخبطة الفكرية هي التي تغذّي ثقافة جانب من المتديّنين في هذا البلد، ومنها يستنبطون نكاتهم وطرائفهم الدّينية عن خطاب رسميّ كلّما أراد أن يقول « صَحّة » قالها « سَدّاف ». وكان أحرى به أن يفهم أن القانون الوضعي في زمن اليوم لا يحتاج إلى مبرّرات قرون خلت، مهما كانت قدسيّتها، فما تقتضيه مصلحة البلاد والعباد في عالم صعب هو الصّالح والمعقول أمّا ما ورد في الكتاب والسّنة فيدخل في أركيولوجيا المعرفة الجماعية، وفي لبنات ثقافة وتقاليد اجتماعية قابلة للتّهذيب والتطوير عبر الأزمان، وفي باب المعتقد الشخصي للمؤمن، يُطبّقه على نفسه دون إلزام غيره به أو تحويله إلى فرض جماعيّ يدخل في الحيز العامّ. وللدّولة أن تحمي، دون تحيّز، جميع مواطنيها في حرياتهم واختياراتهم ومعتقداتهم طالما ليس فيها مساس بالغير.

 آينشتاين والقرضاوي

 

والأسئلة ذاتها وغيرها موجّهة أيضا لأولئك الذين قرؤوا القرآن وحفظوه عن ظهر قلب، واستبدّ بهم الشّعور بأنّ لهم رسالة في هذه الدّنيا رغم أنّه القائل « لا نبيّ بعدي ».

بلاد الإسلام تعجّ « علماء ». فللشيعة علماؤهم، وللحنفية علماؤهم، وللمالكية علماؤهم، أسوة بجميع النّحل الأخرى التي يصعب حصرها قبل أن يطلع علينا الفجر، أو بالأحرى، قبل أن يداهمنا الليل. ولم يخلد بذهننا يوما أن نتوقّف عند هذه اللّفظة، تعريفا ومصطلحا ومعنى، إذ قد لا يفهم أبناؤنا في المدارس أن نضع أمامهم صورة « آينشتاين » وجنبها صورة الشيخ القرضاوي ونقول لهم : هذا عالِم وهذا أيضا عالِم !؟

               جميع مدارس علم النّفس الحديث وخاصّة منها المعنية بالطّفل تتّفق على أنّ مقوّمات الاتّزان النّفسي والعاطفي والذّهني للطّفل، كمشروع لكهل المستقبل، يكمن أوّل ما يكمن في علاقته بجسده. وجميعها تقرّ بأنّ قيود الذّهن وتراكم العقد النّفسية يبدأ من تقييد الجسد بأيّ شكل من الأشكال، وأخطرها هو أن لا يحبّ الطّفل جسده لسبب من الأسباب، وأن يتعامل معه باعتباره عبئا خارجا عن إرادته،  وعن قدرته على تطويعه، وفهم مكوّناته وأعضائه، وعدم قبوله له ملكية لا عورة فيها ولا خلل، وصعوبة استخدامه لغة تخاطب مع الآخر إلى جانب لغة الكلام.

               والغريب في الأمر أنّ علماء الصّنف الآخر من سدنة البيت الربّاني، نراهم يجلسون في فضائياتنا مكان أخصّائيي العلوم الحديثة ليقودوا حرب العقيدة على المعرفة، وغزوة التفاسير لمواقع البحث العلمي ويركّزون، شماتة فينا وفي أجيالنا القادمة، على مسألة الجسد بالذّات، فيحوّلون القرآن وثيقة بيداغوجية في تصنيف الجسد إلى مناطق مباحة ومناطق محرّمة، وما الّذي يصلح فيه للمتعة، وما هو الصالح منه للتّوالد، وكيف يُغطّى، وإلى أيّ حدّ يُعرّى، وفي ظلّ أيّ ظروف يتمّ ذلك، وما هي شروط كلّ حال من هذه الأحوال…

               والأغرب من ذلك أنّهم يجرّون معهم في هذا الجدل سياسيين يعملون لدنياهم كأنّهم لا يموتون أبدا، ورجال تاريخ وجامعيين ومفكّرين ومثقّفين من كلّ المشارب، فتحوّلنا جميعا إلى فقهاء ومفسّرين نبحث عمّا إذا كانت آيات الحجاب مقتصرة على نساء الرّسول أو عن الأحرار من النّساء دون الإماء، وعن دور عمر بن الخطّاب يسدل الخمار على النساء لدرء رعب من التقاليد المتحرّرة لنساء المدينة مقارنة بنساء مكّة وتقاليدها، وعن المسافة الفاصلة بين الحجاب الذي يُبقي على الوجه والكفّين والنّقاب التي يفضّ المسألة جذريّا فيسدّ باب ريح قد تلج منه بدع لا تُحمد عقباها…

               سقط الإشكال الأهمّ في هذا الجدل الدّائر رحاه على مدى الرقعة الثقافية العربية الإسلامية، بما فيها « المناطق المحرّرة » داخل ديار الكفر بأوروبا وأمريكا وغيرها، وهو أنّ الجسد مستهدف بالدّرجة الأولى في هذه القضيّة، وأنّ ثقافة الجسد في ربوعنا غائبة فينا إلى درجة أنّنا لا ننتبه إلى وضعها موضع المحور في المعركة القائمة اليوم.

 

المدنّس والمقدّس

               تساؤل مرهق آخر : هل لي الحقّ في أن أرفض أن تدرّس ابنتي أستاذة فاضلة متحجّبة وأنا لم أختر لها تعليما دينيّا ؟ و هل يحقّ لي أن أطالب هذه الأستاذة بنزع الحجاب إذا أرادت أن تواصل مهمّتها في معهد ابنتي بينما سبق أن قلت أنّ الحجاب أمر شخصي، في إحدى أوجهه، ويدخل ضمن الحرية الفردية ؟ من المعتدي ومن هو المعتدى عليه في قضية الحال ؟

لو تعرّضت هذه الأستاذة إلى دراسة نص للطاهر الحدّاد أو أحمد أمين موضوعه السّفور وعلاقته بتحرّر المرأة، فكيف ستتعامل مع النصّ  من وراء حجابها وهي المقيّدة بجهاز بيداغوجي واضح ؟ أتتعامل مع النصّ أم مع « النصّ » ؟ (أي مع المدنّس أم مع المقدّس؟)

               لسنتين خلت كانت ابنتي في السنة الثامنة من التّعليم الأساسي، وكنت أراجع معها درسا في العلوم الطبيعية موضوعه الجهاز التناسلي للمرأة والرّجل. قالت لي : « يجب أن نركّز عليه لأنّنا لم ندرسه جيّدا في القسم، فسيدتي كانت مرتبكة أمام رسوم الجهاز التناسلي، وكان التلاميذ يتضاحكون ويتهامزون ويطلقون النّكات والتّعاليق، فطوت الدّرس بسرعة »، وطلبت منّي أن أبحث لها عن الآية التي تتحدّث عن النّطفة لأنّ الأستاذة وعدت بإضافة نقطتين لمن يحفظها عن ظهر قلب ويُدرجها في الامتحان. واستحلفتني أن لا أذهب إلى مقابلتها، عندما ثارت ثائرتي، لكي لا أنغّص عليها مسيرتها الدّراسية فيما تبقّى من العام. وأذعنت طبعا للأمر مخافة أن أُعْجِز ابنتي مع معلّمتها بسبب الإعجاز العلمي للقرآن الذي قد لا تفهم الأستاذة، بكلّ طيبة وصدق، مكمن الخلل من اعتماده في مادّة علمية، والحال أنّ مادّة التربية الإسلامية في برامجنا لا تخلو منه، وأنّ أنظمتنا التربوية العربية والإسلامية وحكوماتنا الحداثية منها والوهابية والشيعية، والقسم الأكبر من معارضاتنا البدائلية، وكبار من علماء الذرّة، والبيولوجيا، والتكنولوجيا، والزّراعة… – على قلّتهم بين ظهرانينا- متّفقون على هذا الأمر الذي يمثّل العمود الفقري لاستثنائنا الثقافي وأحوالنا المعرفية.

 

 الحجاب قضية الذّكر ؟ !

 

               تلك هي بعض من حكايتنا مع الحجاب، تبدأ، في صغرنا، مع استنباط ثقب في جدار الحمّام نطلّ منه على بنت عارية، ونحمله إثما يكبر فينا إلى يوم ختم القرآن لندرك أنّ فيه من الآيات سكينة لنفوسنا المضطربة، ويُقرّره الرّجل الذّكر لحماية نفسه من المعاصي وهو لا يدرك أنّه إنّما يجعل نفسه للحيوان أقرب، مع اختلاف أن الحيوان يدركه النّزو وتطفو فيه غريزة الجنس لحاجة إلى التّوالد أيّاما معلومة في السنة، بينما تقوم أحكام الفقهاء في درء الفتنة على اعتبار المسلم حالة نزو واستنفار جنسي لا ينتهي ولا يرتاح، صيفا شتاء !

وينزعه الذّكر أيضا لمتطلّبات في حداثة تحملها النّخب وترى فيها أمرا لا يعني سوى الخاصّة من أهل السّلطة والقرار، ويباشر أمره البوليس ليشحنه بآخر ما تبقّى من معانيه السياسية والعقائدية، وتختفي فيه مدرّسة ابنتي لتجعل منها مشروعا مستقبليّا لحجاب قادم قد لا يحتمل لاحقا في أن لا يكون سوى أسود منقّبا، وتضيع فيه معارضتنا غير الإسلامية بين شقّ يعتمده حجّة إضافيّة على خرق النّظام القائم لأبجديات حقوق الإنسان، دون أن يرى الوجه الآخر في حجب الفرص عن المرأة في دخولها معترك الحياة، غير آثمة، وغير حاملة لجسد يشغل الجميع إلى درجة أنها قد تشعر بنفسها عارية حتى ولو زادت على الحجاب نقابا، وبين شقّ آخر متحفّظ، لا يعرف إن هو شجب الحجاب فسيصبّ الماء في بستان النّظام، وإن دافع عنه من باب الحريات الفرديّة فيشرّع الباب أمام الزّحف المبين.

 

               كان بودّي أن أكتفي بالقول بأنّ الحجاب وأصنافه ليس فقط قضية حرية فرديّة بل هو مجرّد قضية نسائية تعني المرأة وحدها في اختيار لباسها والارتياح لجسدها ومظهرها والتعامل مع مفاتنها، وجمالها، وقدّها، سواء بإظهارها وتنسيقها، أو بإخفائها، لفسح مجال أكبر للوحي (أو الإيحاء على الأصحّ)، ففي ذلك يكمن جانب من أنوثتها لم تهضمه، بعد، ثقافتنا الواقفة ما قبل « فرويد » بقرون (وإن كان في ما عرفته بعض عهود ازدهارنا ما قد ينفي ذلك).

كما يجوز أنّ في لباس الحجاب نوع من حماية المرأة لنفسها من شارع أصبحت تقاس فيه المسافات بين بيتها ومقرّ عملها أو كليتها، بعدد المضايقات والبذاءات التي تُقذف بها، أو لأسباب تعود إلى وقوف الطّاقة الشرائية حائلا دون المرأة واقتناء ملابس عصرية تنافس أسعارها الثمن التصاعدي للبترول، أو لأسباب أخرى كأن تتشكّل رمزية الحجاب داخل أطلال العراق وخراب غزّة والضفّة، فيتحوّل إلى راية تحمل نفس معاني الشّال الفلسطيني نكالة في المعتدين وصلف « العالم الحرّ »، مع تغيّر في الخلفية الإيديولوجية التي فرضتها تعقيدات الزّمن الجديد.    

ولكنّ تدخّل الذّكر الفحل في المسألة – بما يشير إلى أنّ مساحة الباثولوجيا الحقيقية للحجاب تكمن في ذات الرّجل أكثر منها في المرأة-، وكذلك تسخير دولتنا ضحالة ما تمتلكه من زاد فكري معرفي في الموضوع، وتربّص الإسلاميين السياسيين بالأمر ليشير قائدهم أنّ وراء الحجاب قضية تدهور أخلاق عامّة وخاصّة، منشؤها الأوّل ظاهرة الاختلاط في المدارس، وتحرّر المرأة من ضوابط الرّجل (وتبعا لذلك الدّين)، ولينادي أحد قادة مجلس الشّورى لحركة « النّهضة » نساء تونس بأن يرفعن الحجاب (بمعنى يُسدلنه، حتّى لا نقع في خطإ !) كـراية الإسلام في الظّرف الرّاهن، متناسيا انخراطه في « صلح الثامن عشر من أكتوبر » الذي يملي عليه، رفقا بالمعادلة، تأخير الإيديولوجي لحساب السياسي، وكبح جماح الدين في دخوله المعركة من نافذة الحريات الديموقراطية.

ولأنّ الذَّكَر حضر بكلّ أرهاطه في هذه المسألة النسائية، فقد اندفعت بدوري، كأحد هذه الأرهاط،، في محاولة لفهم أسس وخلفيّات وخفايا هذه المعركة الجديدة-القديمة (كما هو الشّأن في أمّهات معاركنا).

ولا أظنّ أنّني رفعت عن نفسي اللّبس الذي كان ينتابتي في قضية لباس قلّ أن أخذت هذا البعد في أصقاع أخرى من الدّنيا حتّى تلك التي يسكنها « كريستيان ديور »  و » دجوفاني ».

 

(المصدر: الطريق الجديد  – العدد54 – نوفمبر 2006)

 

 


 

بسم الله الرحمان الرحيم

 

في خضم و أتون مشكلة اللباس الإسلامي التي أسالت حبرا كثيرا على صفحات الورق وضوءا ساطعا يكاد يذهب بالأبصار على صفحات الواب، رأيت من واجبي أن أذكّر لعل الذكرى تنفع المؤمنين بما أجاب به بعض علماء تونس عندما سئل عن هذا الموضوع في هذه الأسطر القصيرة  والهامة :

 

حملة الحجاب التي احتدت هذه الأيام بتونس ليست جديدة على هذه البلاد فمنذ الاستقلال كان الاتجاه يرمي لمنعه لما يرى العلمانيون فيه من تخلف مناف للحضارة و التمدن.

 

وهذا الشيخ علي النيفر المدرس من الطبقة الأولى بجامع الزيتونة و كاهية شيخ الجامع الأعظم  وفروعه المولود في 1901  والمتوفى في 1985 أجاب على سؤالين أوردتهما جريدة العمل لسان الحكومة التونسية وحزبها الحزب الحر الدستوري سنة 1959م و طلبت من قرائها الجواب عنهما كل بما يراه.

 

يقول الشيخ رحمه الله فأجبت عن السؤالين بما يلي:

** السؤال الأول: الذي أوردته الجريدة : هو ما هو رأيك في إزالة الحجاب و لماذا؟

 

       الجواب عنه : رأيي عدم إزالة الحجاب يل إبقاؤه لقوله تعالى : » و قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن و يحفظن فروجهن و لا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها و ليضربن بخمرهن على جيوبهن .. »   وروي عن عائشة رضي الله عنها كما في صحيح البخاري أنها قالت:  « رحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله و ليضربن بخمرهن على جيوبهن شققن مروطهن فاختمرن بـهـا ».

و لقوله أيضا : » يا أيها النبي قل لأزواجك و بناتك و نساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن « .

و لما جرى عليه عمل المسلمين خاصتهم وعامتهم منذ ما يزيد عن ثلاثة عشر قرنا و أقرهم على ذلك أهل العلم و لدين سلفا و خلفا وإجماع الأمة معصوم من الخطأ.

 

 

** السؤال الثاني : هل ترى إزالة الحجاب بإصدار قانون أم بالطرق الأخرى و لماذا ؟

 

– الجواب :لا أرى إزالة الحجاب بل إبقاءه وكيف يجبر على إزالته من هو مقتنع به وإزالته أمر مخالف للنص و الإجماع و كيف تجبر على إزالته من تتمسك بإبقائه مع أن من مبادئ دولتنا الثلاثة الحرية فكيف يجبر الناس على ما لا يريدون.

 

و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل

 

ناقل الخبر  : أبوغانم بن عساكر

 


 

بسم الله الرّحمن الرّحيم

 

حول حديث « المرأة إذا بلغت المحيض… »

 

السؤال:

 

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وإمام المتّقين

الإخوة الكرام القائمين على مجلة الزيتونة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بادئ ذي بدء أحمد الله لكم على ما تقدمونه من وقت وجهد في حمل رسالة الإسلام إلى الناس، وبارك عليكم بما أحييتم به دعوتكم وأعدتم به اعتبار الزيتونة.

واسمحوا لي بسؤال أضعه بين يديكم راجيا الإجابة عليه.

عند متابعي لأخبار تونس على موقع تونس نيوز يوم 1 نوفمبر، لفت نظري كلام كتبه الدكتور الصادق كرشيد في مقال (اتق الله يا شيخ) حيث قال: « وقد يقال ان الحديث «المرأة اذا بلغت المحيض لا يرى منها الا هذا وهذا» واشار الى الوجه والكفين يعضد المذهب القائل بابقاء النص على ظاهره. والجواب هو ان هذا الحديث مرسل. والمرسل، كما جاء في مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث، نقلا عما جاء في صدر صحيح مسلم، «ليس بحجة» وابن عبد البر، حافظ المغرب، ممن حكى ذلك عن جماعة اصحاب الحديث.

نعم! ان مالكا وأبا حنيفة وغيرهما احتجوا بالمراسيل، وذلك من طرق معينة كأن يكون مرسل صحابي او لكبار التابعين كالحسن وابن المسيب وغيرهما.. وهذا لا يطابق هذه الحال ».

 

ومما لا يخفى عليكم أنّ هذا الحديث أساس الاستدلال عند العلماء والمحدثين، وقد كتب الدكتور فيه قولا غريبا، أذكر أني قرأت في مجلتكم رأيا يخالفه، فهل أفدتّمونا في ما أتى به: أنّ الحديث ليس بحجّة، وبارك الله فيكم وجازاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

 

الجواب:

 

الكاتب: ياسين بن علي

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

السائل الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد، فإننا نشكرك جزيل الشكر على رسالتك وثقتك بمجلتنا.

قبل البدء في تحرير الجواب نود بيان بعض النقاط من باب الدقة والنزاهة:

النقطة الأولى: اعلم، أن الحديث محل السؤال لا يعتبر أساس الاستدلال باللباس الشرعي عند علماء الملة؛ إذ إن الأدلة على لباس المرأة من الكتاب والسنة كثيرة وفيرة لا يقدح فيها تضعيف هذا الحديث أو غيره.

النقطة الثانية: تضعيف الدكتور لهذا الحديث ليس بمستغرب فقد سبقه إليه جمع من العلماء.

النقطة الثالثة: لم نكتف بنقلك لكلام الدكتور وعدنا إلى المصدر المذكور فوجدناه يقول بعد الفقرة التي نقلتها:  » ومما يدل على قابلية التأويل ان الإمام الشافعي رجح تأويله لقوله تعالى: «ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها» (النور 31) بحديث عائشة الآنف الذكر ». وهذا يدل على أن الحديث المراد من كلام الدكتور هو حديث عائشة أي أنه ردّ حديث عائشة بحجة الإرسال.

وأما الجواب عن سؤالك فيحتاج منا التفصيل التالي:

 

1. أخرج الحديث محل النزاع أبو داود في سننه (3636) قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ الْأَنْطَاكِيُّ، وَمُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خَالِدٍ قَالَ: يَعْقُوبُ ابْنُ دُرَيْكٍ: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: « يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا »، وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: « هَذَا مُرْسَلٌ، خَالِدُ بْنُ دُرَيْكٍ لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ». وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (2997و12642) والشعب (7548) ومعرفة السنن والآثار (1051) وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين (2672).

 

2. معنى قول أبي داود: « هذا مرسل، خالد بن دريك لم يدرك عائشة »:

 

اعلم، أن المرسل عند جمهور الفقهاء والأصوليين وبعض المحدثين هو ما انقطع إسناده على أي وجه كان، وأما عند جمهور المحدثين فالمرسل هو ما سقط من آخره من بعد التابعي أو ما سقط منه الصحابي؛ وعليه فإن المرسل قد يعني عند بعض العلماء المنقطع أو المعضل.

والمراد من قول أبي داود « هذا مرسل » أي منقطع، بدليل قوله فيما بعد: « خالد بن دريك لم يدرك عائشة ». فلم يرد أبو داود رحمه الله من قوله: « هذا مرسل » ما سقط منه الصحابي؛ وأنّى له ذلك وقد رواه عن الصحابي وهو عائشة رضي الله عنها.

لذلك فإن الدكتور الصادق كرشيد لم يكن دقيقا تمام الدقة حين تعرض إلى نقد هذا الحديث، فهو لم يخرّجه التخريج اللائق ببحثه، ولم يدقّق في المصطلح الذي استعمله بعض العلماء في وصفه.

 

 

3. قال الدكتور الصادق كرشيد: « نعم! إن مالكا وأبا حنيفة وغيرهما احتجوا بالمراسيل، وذلك من طرق معينة كأن يكون مرسل صحابي أو لكبار التابعين كالحسن وابن المسيب وغيرهما.. وهذا لا يطابق هذه الحال ».

 

وقوله هذا غير دقيق. ذلك، أن المشهور عن مالك وأبي حنيفة رضي الله عنهما قبولهما للمرسل دون القيود التي ذكرها الدكتور.

قال ابن عبد البر (في التمهيد): « وأصل مذهب مالك رحمه الله والذي عليه جماعة أصحابنا المالكيين أن مرسل الثقة تجب به الحجة ويلزم به العمل كما يجب بالمسند سواء ». وقال: « وأما أبو حنيفة وأصحابه فإنهم يقبلون المرسل ولا يردونه إلا بما يردون به المسند من التأويل والاعتلال على أصولهم في ذلك ».

وقال ابن حجر (في النزهة): « …فإن عرف من عادة التابعي أنه لا يرسل إلا عن ثقة؛ فذهب جمهور المحدّثين إلى التوقف لبقاء الاحتمال وهو أحد قولي أحمد. وثانيهما وهو قول المالكيين والكوفيين يقبل مطلقا ».

وقال القاسمي (في القواعد): « وأما المذهب الثاني وهو من قال (المرسل حجة مطلقاً) فقد نقل عن مالك وأبي حنيفة وأحمد في رواية حكاها النووي وابن القيم وابن كثير وغيرهم وحكاه النووي أيضا في شرح المهذب عن كثيرين من الفقهاء أو أكثرهم… وفي التدريب عن ابن جرير قال (أجمع التابعون بأسرهم على قبول المرسل ولم يأت عنهم إنكاره ولا عن أحد من الأئمة بعدهم إلى رأس المئتين قال ابن عبد البر كأنه يعنى أن الشافعي أول من رده) انتهى وقال السخاوي في فتح المغيث (قال أبو داود في رسالته وأما المراسيل فقد كان أكثر العلماء يحتجون بها فيما مضى مثل سفيان الثوري ومالك والأوزاعي حتى جاء الشافعي رحمه الله فتكلم في ذلك وتابعه عليه أحمد وغيره) ».

إذن، القول بقبول المرسل بشرط أن يكون من مراسيل كبار التابعين هو قول الشافعي رحمه الله تعالى. قال الحافظ ابن حجر (في النكت على ابن الصلاح): رابعها: قبول مراسيل الصحابة وكبار التابعين. ويقال: أنه مذهب أكثر المتقدمين. وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه لكن شرط في مرسل كبار التابعين أن يعتضد بأحد الأوجه المشهورة. خامسها: كالرابع لكن من غير قيد بالكبار وهو قول مالك وأصحابه وإحدى الروايتين عن أحمد ».

 

4. أقوال بعض العلماء في الحديث:

 

·       قال البيهقي (في السنن الكبرى) بعد أن ذكر الحديث: « مع هذا المرسل قول من مضى من الصحابة رضي الله تعالى عنهم في بيان ما أباح الله من الزينة الظاهرة، فصار القول بذلك قويا وبالله التوفيق ».

·       وقال ابن حجر في (تلخيص الحبير): روي أنه صلى الله عليه وسلم قال لأسماء بنت أبي بكر إن المرأة إذا بلغت المحيض لا يصلح أن يرى منها إلا هذا وأشار إلى الوجه والكفين أبو داود من حديث خالد بن دريك عن عائشة أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها وقال فذكره وقد أعله أبو داود بالانقطاع وقال إن خالد بن دريك لم يدرك عائشة ورواه في المراسيل من حديث هشام عن قتادة مرسلا لم يذكر خالدا ولا عائشة وتفرد سعيد بن بشير وفيه مقال عن قتادة بذكر خالد فيه وقال بن عدي إن سعيد بن بشير قال فيه مرة عن أم سلمة بدل عائشة ورجح أبو حاتم أنه عن قتادة عن خالد بن دريك أن عائشة مرسل وله شاهد أخرجه البيهقي من طريق ابن لهيعة عن عياض بن عبد الله سمع إبراهيم بن عبيد بن رفاعة عن أبيه أظنه عن أسماء بنت عميس أنها قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة وعندها أختها عليها ثياب شامية الحديث ».

·       وقال الشيخ الألباني في (صحيح الترغيب والترهيب): « حسن لغيره ».

 

5. من شواهد الحديث:

·       أخرج أبو داود (في المراسيل 413): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « إِنَّ الْجَارِيَةَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا وَجْهُهَا وَيَدَاهَا إِلَى الْمَفْصِلِ ». وهذا مرسل صحيح.

·   وأخرج: الطبراني (في الأوسط8394) والبيهقي (في الكبرى13275): عن موسى بن سهل عن محمد بن رمح حدثنا ابن لهيعة عن عياض بن عبد الله أنه سمع إبراهيم بن عبيد بن رفاعة يخبر عن أمه عن أسماء بنت عميس أنها قالت: « دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة وعندها أختها أسماء وعليها ثياب شامية واسعة الأكمة فلما نظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فخرج فقالت لها عائشة تنحي فقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرا كرهه فتنحت فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عائشة لم قام فقال أو لم تري إلى هيئتها إنه ليس للمرأة المسلمة أن يبدو منها إلا هكذا وأخذ بكميه فغطى بهما كفيه حتى لم يبد من كفيه إلا أصابعه ونصب كفيه على صدغيه حتى لم يبد إلا وجهه ». قال الهيثمي (في المجمع): « رواه الطبراني في الكبير والأوسط إلا أنه قال:  » ثياب شامية » بدل: « سابغة »، وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح ». وهذا مسند صالح للاعتبار.

 

·   وأخرج البيهقي (في الكبرى) في تفسير قوله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} عن عائشة رضي الله عنها قالت: « ما ظهر منها الوجه والكفان ». وبمثل قولها قال ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما.

 

6. خلاصة القول: الحديث حسن يحتج به، وقد عمل به عامة الفقهاء وقبله أكثر العلماء. والله أعلم.

 

18 شوال 1427هـ 

 

(المصدر: مجلة الزيتونة بتاريخ 18 شوال 1427 هجري الموافق لـ 9 نوفمبر 2006)

الرابط: http://www.azeytouna.net/


 

 

قراءة لفلم النوري بوزيد

إبداعا لمجتمع

(Making in): سينمائيو تونس، مزيدا من الجهد لو سمحتم!!

صلاح الداودي: استاذ مبرز-تونس

 

 

« أيها الجندي، دع بلدي، و دعني في الجحيم » (سعدي يوسف, لندن, 31/11/2006، الشيوعي الأخير يقرأ أشعارا في كندا)

 

« ثمة الثقافة التي هي جزء من القاعدة، و ثمة الاستثناء الذي هو من الفن (…) و إن جزءا من القاعدة هو إرادة موت الاستثناء. فيكون إذا من قاعدة هذه الثقافة تنظيم موت فن الحياة الذي لازال يشع » (قودارDe l’origine du XXIe siècle…je vous salue Sarajevo… 2006)

 

ً  « Il faut bien que tu comprennes que les hommes pris en masse, jouent toujours le jeu de quelqu’un d’autre… jamais le leur. » (Godard)

 

كنت أعلم أنني مغرض ومبالغ وللأسف أبدو عنيفا إلي حد ما   . ولكنـــني كنت أعلم أن الفن مسار لا شخصـــي ((impersonnel لا يتعلق بشخص ما وهو لنفس السبب صيرورة لا شخصية و أن هدفه بالنهاية « إعادة أقلمة »  reterritorialisationو إعادة خلق للمجتمع بحيث يكون بمنأى عن استعباد العقل بالإحساس و عن استعباد الدين بالفن و العكس بالعكس. كنت أعلم أن الجمهور عمل فني صائر (un devenir-œuvre). و أنه على ذلك نشأة و ولادة جمهور. أي أن أرى الناس فإن كانوا يرونني كما أراهم و لا أراهم كما يرونني فأنا فنان وجمهور و إن لم يكن الأمر كذلك تساوى ما يلي: (voir =croire=savoir=pouvoir  ) و لا بد هنا من الفصل الذي يفيد أشكال و أنماط حياة مختلفة و الفصل ليس شكليا- شكليا و إنما نوعيا لا تصفويا ولا إستئصاليا. و ينتج عن ذلك فصل موت الفن عن حياته في كل تفاصيل حياته و كل تفاصيل موته.

 

أقرر الآن أن أتجاوز على الفور كل وجهات النظر النظرية الصرف و الإستشكالية المحض.

شاهدت شريطا فلسطينيا رائعا هو: »انتظار ». و تطلعت إلي بقية أيام قرطاج التي لا أدري هل أنها بونيقية أم رومانية أم أمريكية الآن؟ كنت أرنو إلى رؤية ما صار عليه السينما في تونس تحديدا لأن الأمر يمسّني. تفرجت  في شيء يشبه مخاطر المسلسلات المكسيكية (بهجة) و « العقل طينة » كما يقول الأخوان رحباني. ثم آخر هو « آخر فيلم » عن ال « كاميكاز » الذي قد يكون  أصبح making off  للنوري بوزيد. و الحق أن ذلك على ما رأيت ليس لخطورته و إنما لاستعماله كورقة في الوقت المناسب فربما يكون مدخلا آخر لمَخرج آخر لمُخرج آخر في فن آخر على نفس القائمة و من أجل نفس التوظيف بالتنفيس الذي لا يصلح إلا للإضرار بالمجتمع. اقتحم هذا العنوان ذهني كفيلم آخر و أخير و كأن السيد لن يصور بعد الآن (لا, لا, صوّر صوّر… أنت حر). أتي إليّ الأمر ضمن موجة كاملة من قبيل الإنسان الأخير والإله الأخير و الفيلسوف الأخير و السينمائي الأخير و الشيوعي الأخير… إلخ (نطقا). و كل ذلك في علاقة أيضا مع موجة أخرى (مع حفظ كل الفوارق التي ليس المجال الآن مجالها) أتت إلينا كالجندي الأخير مع نهاية الفن ونهاية الدين ونهاية الإيديولوجيا و موت ماركس و نهاية الدولة والتاريخ و العلم والإنسان و قتل كذا و نهاية النهاية و ما إلى ذلك.

 

إلا أن آخر فيلم لا يكاد حتى يوهمنا بأنه الأخير بمعني أن السيد النوري سيقول كل شيء بمفاتيح الغيب أو العدم أو الوجود كله، بطريقة غير مسبوقة أصلا و أنه سينسحب أو سيقتل بعدها أو سيقاتل في سبيل السينما، سيعتقل على الفور، لا، قبل الفور و في نفس الفور لأن الفيلم سيكون أو لا يكون على الطريقة الشكسبيرية. ولكن الحياة هي الحياة life is life تقول أغنية أخرى بطريقة أخرى هي نفسها. لا شيء من هذا حدث أو سيحدث . لاشيء في الفيلم يجسد شيئا وقع أو يقع أو سيقع بالمعنيين المادي واللامادي . إنه أيضا عدم رؤية أو عدم مشاهدة بالمعنيين الواقعي و الخيالي و على شاكلة عدم سماع الدعوى أو عدم رؤية المدعى العام. و لكن لربما يتوقف الأمر على الأولى ثم تنقشع فالشاهد و الشهيد موجودان وكلاهما جزء من الجمهور سواء أكانت له علاقة بالأمر أم لم تكن.

 

ليس للفيلم علاقة من حيث الموضوع و المضامين و الفكرة الأساسية لا بمسرحية الجماهير أو السرب… (2005) لطوني نيغري و باربرا نيكوليي وهو عبارة عن تراجيديا ما بعد محدثة و بحث عن وسيلة مقاومة ليست الحرب وهو يتساءل عن من هو المقاوم و كيف هو و يطرح فلسفة مقاومة وفلسفة حياة وكيفية الكتابة للمسرح للتحرر من حضارة الاستغلال و الصورة و الخوف بالغضب الحي و الأمل. ولا بالجنة الآن لهاني أبو أسعد (2005) الذي يصور ال48 ساعة الأخيرة قبل الإقبال على عملية انتحارية بتل أبيب يتم التراجع عنها بقوة الفن و الحب و أشياء أخرى. وهي دعوة لمشاهدة لحظة لم نراها من قبل. و لندع جانبا مسرحية corps otages  للفاضل الجعايبي وجليلة بكار لأنني أعلم، أنا آخر المحظوظين، أن الجمهور لم يرى العمل و أنه قد يتغير.

 

آخر فيلم هو إذا شيء في منتهى البساطة و يُسمى الأشياء بمسمياتها. فالتقنية أصبحت عنوانا وهي بالفعل تشتغل كخطة هروب، خروج، إنقاذ جلد، و أي إنقاذ، رُبّ جلد عالق ينقذ أشياء أخرى. إنه عنوان فيلم لا يتجاوز بالكاد 15 دقيقة ثم ينتهي باستحالة مواصلة نسق تصاعدي حي، بلغ حد الاحتفالية (اليومية) و الجمالية العالية (لا الإستطيقا) على إيقاع الرقص و الموسيقي الصوفية السورية (وشم على ما أظن) و الرّاب الشرقي القريب من المغاربيين و أطفال وشباب الضواحي الأوروبية. مهنية كبيرة على مستوي التصوير و التركيب و غيرهما و لا شيء غير ذلك. طبعا أكثر من السميغ التقني غير المتاح للجميع بقليل. ثم نهاية مفاجئة و مؤسفة في الحقيقة و الحق أنه لا يهمنا إذا كانت تغيرت أم لم تتغير فالمخرج في كل الحالات هو المسؤول. انهيار تام، لا جدوى و عجز عن الاستكمال. حوار سطحي جدا، سخيف و مباشر، مصطنع و متكلف (رغم صدقية ما أتى على لسان الشخصية الرئيسية أو البطل إن شئتم) و لكن كشخصية. كنت أتوقع أن يكون الفلم تحولا في قدرة الجسد الفني و المدني على الإبداع فنا و سياسة بما يستطيع هذا الجسد رقصا، كوريغرافيا، خرق و اختراق و تخطى للسائد الاجتماعي الذي يتأرجح بين تعظيم الجسد أو تحقيره. و الفن هو الفيصل الفاصل أو الواصل. غير أن الشخصية لم تظهر من القدرة على هذا الأمر ما أظهره آخرون في محطة رادس (وبرشلونة) و لم تفرض نسق الرقص بل ضيّعته تماما (و كان من الممكن أن يدافع الفن عن نفسه بالتزامن مع الديماغوجيا و الدغمائية و كل تلك الكلمات الغوغائية). ظهر المخرج على أية حال على شاكلة مخرجين عالميين فبعثر كل شيء (و لم يكن لدلك أثر إستطيقي يذكر و لم يكن عليّ التنازل عن نفسي و الفصل بين درجاتها بما في ذلك تلك التي لا تتنفس، كان ذلك ممكنا في مناسبة أخرى). لقد أحبط النسق و الإيقاع بأكمله. أفرط و أطنب و أسهب و أغرق الفيلم في وحدة تصويرية تتظاهر حينا بأنها خيالية و أحيانا بأنها واقعية و في صلب عملية التصوير ذاتها .لقد حرق الفيلم و الأزمة ليست أزمة تستحق هذا الاسم (للضرورة الشعرية ). إنه يكرر أشياء عديدة بطريقة مقرفة و مقززة وبشكل متناقض جدا بما في ذلك  ما جاء في التصريحات’ فأنا لم أتبين (لنقص في البصر و البصيرة) لا نظرة واضحة و لا لغة سينيماتوغرافية شافية ولا موقفا متينا شفافا و شجاعا هادئا مهما كانت تعبيريته. ثمة تركيز كبير و شديد على التعامل ما قبل الفرويدي  مع طفولة-ذكورة رجل (و لا أنفي أن المشكل قائم في المجتمع و النوري  يعرف كيف يتعامل مع المتفرج النمطي). استعمال ارتجالي و كما اتفق للقرآن الذي لم نقرأه بعد بل تلوناه فقط كما يقول يوسف الصديق. تناول لا يفصل بين السينما و الدين (و ليس المطلوب فصل قول عن قول أو قول فصل في الأمر). كان الشهيد (شهيد المجتمع أو الدولة وعدوه و عدوها الداخلي، و صديقهما البعيد على وجه التعاطف الكلبي cynique). الضحية المقدسة – المدنسة على حق. لكن المسلم الإسلامي الأنغلو-أمريكي أو آخر مسلم كذلك على حق (السلف يساوي الخلف) في عدة وجهات نظر فما وجه الفصل بينهما و كيف يكون وهل ثمة تضارب بينهما بغض النظر عن السببية و بقطع النظر عن الخلاف في مسألة المتسبب الرئيسي (الدولة أم المجتمع أم الدين)؟ و ما هو الفرق الجوهري الفارق بين كل هذه المؤسسات و ما نسبة اختلاف الصناعة السينيماتوغرافية كمؤسسة عن كل هذا؟ أزمات من النوع الضحل تلزمها غربلة ثانية و ثالثة و إعادة تفصيل و تقطيع و تركيب. لم يبدو المخرج علي موقف واحد غالب الأحيان من حيث صدقية التمسك بهكذا تناول فني وحدّته. فما معنى إسقاط مقولة الإرهاب هو الحل على الواقع التونسي أو حتى المفترض  و الآتي و الكامن و الافتراضي والاستباقي الوقائي؟ و ما معنى أن يكون النوري anti-terroriste؟ و ما معني الإرهاب أصلا؟ ما هي اللائكية؟ و هل هذه هي اللائكية؟

 

هل أن السؤال المحير و الملتهب هو لماذا يفعل الإرهابي هذا؟ و هل يمكن الحديث عن ذلك في تونس؟ هل هذا هو السؤال الذي لا بد أن يطرح؟ هل أن الإيجابية المضاعفة (و العبارة موجودة في الفلم) هي حقيقة مزدوجة و فصل بين حقيقتين و ما معني الرفض؟ لماذا يقول بطلك إجابة عن السؤال الذي تقول أنه أصل السيناريو: جزء يقول نعم و جزء يقول لا و كل شيء إيجابي أو فيه من الإيجاب. هل استوت الأضداد، كيف و متي؟ و كم من الوقت سيدوم ذلك و ما طبائع العلاقات بينهما؟ ما معنى أن ينتج المخرج وحشا « بهتة » و أن يقتله أو أن يكون ضحيته، هذا إن لم يقتل المخرج و الممثل كما تقول (فقط أريد أن أفهم معك الأمر). هل نحن حيال سينماتوغرافية الإرهاب؟ أم قبالة سينيماتوغرافية الإرهابي؟ هل هو تطوير خارق لفرانكنشتاين ودراكولا؟ هل هو سينما الرعب ما بعد 11 سبتمبر 2001 و أفريل 2003 و ما علاقة بن لادن بحسين؟ هل هو رعب مجتمع مفتت ومذرر، مجتمع الإخوة الأعداء؟ أم هي رغبة في معالجته و تغييره من وجهة نظر طبيب الحضارة الثائر؟ هل يمكن إزاحة العداء و النقمة و الإغواء الحقدي و الإغراء الدموي من داخل المجتمع أم من خارجه؟ بالكاميرا التي تظهر أم بتلك التي ترمى بنفسها وترميها في أحضان أخرى.. هل لا بد من أن نقتله حتى نعلمه الديمقراطية؟ ونضربهم قبل أم بعد أم وسط العاصفة؟ هل يمثل وجه الإرهابي المجتمع ومن يمثله؟

الفلم لم يكن بالطبع بوليسيا ولا واسترن ولكن وجهة نظر البوليس كانت حاضرة بكثافة إلى أن يعتقد المرء أو يخلط أو يعتقد أنه يخلط في هذا الوقت بالذات بينه وبين الموقف الرسمي للدولة في علاقة بهذه المسائل (إنها سكيزوفرينية أثر الرعب و السلاح و المال و الدين). out making وإنه يُجرّم طرفا واحدا ويبرأ نفسه و ينقذ عندئذ أطرافا أخرى. لا تطرح الأسئلة الصحيحة و لا يبرز هدف واضح وهو لا  ينبني على غموض شهية فلم الرعب، ولا يفهم الهامشي في المجتمع. فيجعل من بطله مسخا محروما من الاسم و الكيان المستقل كما يقال. يقذف به في بؤس مصير فلمي هو نتيجة وهن وعجز النظرة و الموقف و ليس نتيجة حقيقة بؤس الواقع. لا وجود لخلق ذاتية أخرى بل إضافة ضحية جديدة. ألم يكن من الممكن أن يكون الجنس مصدر فرح و عطاء وحيوية من وجهة نظر لائكية رصينة بدلا من أن يكون مصدر عجز وقلق و وهم؟ أليس ذلك جراء مجتمع بلا فنانين؟ ما حقيقة الموقف الديني من السينما؟ ما حقيقة الخوف الديني؟ لماذا لا يوجد في الأدنى و في الأقل كذب عفوي و (سماحة ) خيال خلاق؟ لماذا ندفع بالمتفرج إلى مستنقع السلبية ونجبره جهرا على أن يكون خبزيست حياة، خبزيست سياسة و خبزيست فن؟ ألا يجدر بنا أن نناشد العقل لتبديد الرعب و مواجهته رأسا لرأس لأنه قد يتحول إلى واقعة مادية أو خيالية قصوى فيهشم المخيلة و يقع جاثما على الواقع؟

هنالك إذن، بالنتيجة، إنتاج رعب بلا وعي بالرعب ولاوعي انهزام الفكرة في الماضي والحاضر ولاوعي عجز الحاضر؟ ( والهزيمة هنا ليست هزيمة عقل بل هزيمة استعمال عقل أي هزيمة تفكير فهلا بدأنا بعد نفكر في السينما وفيما يفكر السينما؟).إنها هزيمة ووهن تكلس وقدرية وأرثودوكسية أفكار لا تمت بصلة إلى وجهة النظر العلمانية واليسارية التي أعرفها (مع أنني لا أريد أن أطيل في هذا الأمر).

 

لا إدراك فعلي لما تفعله الشخصية، لا متابعتها مباشرة ، لا تمثلها ولا تمثلها لنفسها ولا الحلول محلها. المتفرج لا يستمع إلى الأفكار لأنها غير موجودة في مشتركه الحسي والاجتماعي ، فهو لا يشارك فيها ولا يشترك في شيء.إلا أن بعضه يصفق فقط لعدم الاشتباه به ولمجرد اللهو والتسلية. الأمر لا يقوم على شيء يذكر وليس الأمر هكذا وإنما لضعف التعبير والارتجال وعدم نضج البنية الدرامية للسيناريو التي أعوزها الفهم والمفهوم.

 

لقد أفسد العبارة فأصبحت كمجموعة فواصل اشهارية تلفزيونية تنتهي بانتهاء موضوع الاشهار (أقصد إشهار بعض الأفكار الصحفية البائدة مثل تصوير للوحوش الجدد وللبرابرة الجدد والنمور و الصقور والحمائم وما إلى ذلك من المعجم الحيواني السياسي الاشهاري. ثم إنه لا يعود بطاقة نظر ذات نفاذ جديد في شخص الأفّاق ( le clochard ). فالعمل الفني لا بد له أن يضفي على ما يقدمه أصواتا وألوانا وأضواء وصورا لم نكن لنراها من قبل وهو الذي يهبها وجودا حاضرا.

 

وأما الحكاية البائسة للمسلم الإمبراطوري الراهن فمردها أنه يعود لأصول لا بد منها وعليه الآن أن يقلع عنها بلا رجعة ولكن كيف؟ لماذا لا نتعامل معه إلا كجماعة ، كطائفة، كحشود، كملّة، كأُمّة، كرابطة…. ولا نتركه يصبح فردا حرا لا مجرد عبد أو قيد أو مخلوق أو فلان الإنسان؟ ثمة خطأ فادح في تقدير المستقبل وكيفية وقوع الآتي ككيان اجتماعي . ولأجل ذلك كان لا بد من عُذّة أخلاقية كافية( وليس مجرد تخلي عن النهود، واستئناف لأحد مشاهد  » صفائح من ذهب كحوار بين إسلامي وعلماني هما هشام رستم وفتحي الهداوي.) بل جهاز أخلاقي واسع يمس تفرعات الحساسية العامة ويتحول إلى إيطيقا أساسية مدنية تفكنا من فك العودة إلى العراك ما قبل الطبيعي(ما قبل الدين الطبيعي والدين المدني) مع اليهودي والمسيحي وغيرهما على قاعدة ما بعد الطبيعي (الدين السماوي والدين التوحيدي) وأن تمكننا من الإيمان بالحياة المشتركة الجماعية السلمية وجزء منها تاريخ اللاهوت التحريري والذي هو في الأصل تاريخ حقوق الإنسان والمواطن، مهما أبطأ التاريخ.إننا نعيش استحالة حضارية وسياسية لامكانية تحول فرد الإسلام إلى مواطن مدني ومن ثمة إلى فرد جمهوري وذلك لا  يكون إلا إذا حررنا المشترك الجمهوري من الفلان والفردان الإمبراطوري العاري من الفردية وتخلصنا من الإرهابي الذي هو في أنفسنا وهو سلطتنا على أنفسنا. وإن لم نوقع خطوة أولى في هذا الدرب فإننا نؤجل بلا نهاية أمرنا ونساهم في امتناع أن يكون عربي الإسلام حتى فردا ليبراليا فقيرا إلى كل شيء.

 

لقد أصبح الفرد الوحيد المعزول رغم انتمائه الإمبراطوري الغصبي والإرادي يعبر عن نفسه بكره نفسه في ظل امتناع الفعل السياسي الحي وامتناع التمتع العلني بلذة المشترك التي هي كرامة عامة تحصل بحصول الحق وبمدى لا مساسية وعدم قابلية التصرف فيما لا  يستقيم الوجود من دونه. علاوة على أن انحباس وانغلاق سبيل انعتاق الرغبة الخاصة التي هي تعبير عن حق الفرد في إعلان نفسه الخاصة بشكل عمومي وفي ممارسة حياته الذاتية الكبرى بشكل متفرد وحر ودون الوقوع بين أجهزة المراقبة والمؤسسات الاجتماعية المنكرة والجاحدة لأولوية الشخصي الحر على المساهمة في الرفع من درجة الرغبة العامة في الحياة وفي الهوى كشأن عام. ألا يكون هذا الهم انعتاق من سجينة الأغلبية المكبوتة ، المصابة بالتخلف الجنسي أكثر من إصابتها بالتخلف العقلي والتخلف المدني أكثر من التخلف السياسي وثقب الرغبة أكثر من ثقب الذاكرة؟ ألا تستغل هذه الأغلبية المسحوقة والساحقة لبعضها البعض التمادي في التسيب العام لتأخذ نصيبها من الأجساد المبعثرة هنا وهناك، المفتتة أحيانا والشاردة الغاطسة في لحومها وشحومها أحيانا أخرى.العارية أحيانا والمغلفة أحيانا أخرى وكأنها تتعرف على نفسها عارضة إياها للمرة الأولى والأخيرة وكأنها تموت غدا وكأنها تعيش أبدا، وكأنما هي يوم قبل الأزلية ويوم بعده خلود في خلود ، خلود ساعة ميتة. هذه على الحقيقة أجساد مسيحية الآن مسلمة غدا يهودية بعد غد ومسلمة إسلامية أنقلو أمريكية الآن وغدا، لا تفرق بين نفسها وبين نفسها ولا تعلم شيئا عن التفاصيل : إنها قشرة الإله المعولم للعقل وللجسد وهو إله يفتك منها الليل في الليل والنهار في النهار.  يفترش حدودها الداخلية والخارجية ولا يأخذه نوم ، فهي تلد كل لحظة ويفترس أجنتها وأطفالها وشيوخها بلا كلل ولا يكلفه ذلك إلا رمش عين أو هزة كتف.إنه لا يموت ولا يحيا بل يفصل كل شيء ويصوره تصويرا : إنه الأساس الديني للسينما كما الأساس الصوفي لقانون السوق :  ستون ألف صورة موت في الثانية والكاميرا تبلع وتدفن منذ آلاف السنين وعليها أن تحيك وتخرج. تدفن الألغام في ستين ألف موقع بين الشبر والشبر ثم تبعث العظام وهي تنشد أو ترقص أو … هذا هو السر الاستطيقي الذي لا بد أن يكون القصة السرية لحياة الكاميرا.

 

هذه الأجساد التي هي أكبادنا لم تيأس إلى الآن من بؤسها فكيف تيأس الكاميرا ؟ وكيف تأسف بدلا من تفرح فرحا ما هو على الجمهور بعزيز؟ إنها لم تمل من انعدام حبها الخاص والجذري ومن شقائها دون هوى عام فراحت تجرب هذا وذاك هنا وهناك شتى الظواهر ولم يكن ذلك لا يسيرا ولا سريعا ولا خفيفا ولا مريحا.

 

يتعلق الأمر إذن باجتثاث إمكانية أن يجعل الإنسان من ذاته ما يريد أن تصبح عليه ومن يريد أن يكون كما يريد أن يكون. لماذا يحس هؤلاء بالكآبة والمرارة والألم والتمزق؟ لماذا يفشل هذا البطل ما بعد الحديث حتى في أن يكون إرهابيا رغم أن ذلك من أيسر الأمور؟

 

 

لأنه لم يكن ليوجد أبدا لولا تجريمه من دون فن وتبرئته من دون موقف سياسي عادل. تجريمه من دون مؤثر أو مثير أو باعث أو دافع أو دفق أو سياق أو شكل أو مبرر أو رهان أو أثر أو عمل وتبرئته بلا فن وبلا موجب من أي نوع كان بعد عقدة أو بعد أزمة أو بعد دليل أو بعد حقيقة أو بعد انفراج أو بعد انجلاء أو بعد فهم أو تفسير أو شرح أو تفقه أو تحليل أو تأويل… جريمة بيضاء – براءة بيضاء، فكرة مزيفة واخراج مزيف: تبييض للسياسة  بالفن     ( blanchissement): السياسة للسياسة المجانية هو فن مدفوع والفن للفن مجانيا سياسة غير مدفوعة الأجر.لا أحد يدري هل هي نقطة بيضاء على نقطة سوداء أم العكس ؟ أم هي نقطة سوداء على نقطة سوداء أو العكس ؟ وليس ذلك بفعل اللون وإنما تسجيله الرسمي والميكانيكي أي بفعل الظلمة المصطنعة. وكل ذلك بفعل تجريب الافتراض تحت عنوان الإستباقي والوقائي بينما هذا المسمى افتراضي هو كامن وهو آخر الواقع أو الواقع الآخر المتزامن مع هذا الذي نعيش نية وضميرا وباطنا وطاقة حيوية وثراء حسيا واقتدارا استطيقيا فائقا لم يعد ولم يصر ولم يخرج بعد كواقع بمعنى أنه لم يصبح سائدا أو شائعا. ومن جهة النظر هذه تكون وجهة النظر السياسية لهكذا شكل غدرا  وتغريرا باللائكية القاصر ثم اعتداءا على الديمقراطية المقعدة  وتكون وجهة النظر الفنية غير فنية أي غير منفصلة عن الكمية التقنية العمياء للأدوات وللسياسة القائمة توظيفا سيئا لعلاقات المركبات الجمالية ( صورة، صوت إلخ)، انتهاكا للخيال الفني بالخيال الأمني المعطل للواقع وللخيال وهدرا لإمكانيات ولحلول تقنية موجودة على تقليديتها.

 لا بد أن الفلم موجه للعميان ولكن للعميان ضمير ونية وباطن وخيال واحساس وكل العناصر المكونة للهوية الصائرة وللهوية الجمالية بغض النظر عن مصادرها الأولى أو الأخيرة. وبالمقابل لابد للسينما من أن توجه يوما ما للعميان الفعليين الذين هم نحن الذين علينا أن نستطيع نسيان العين لنرى حيث تصاب الكاميرا بالعمه والعمى السينما توغرافيين. وذلك بان نتدرب أول الأمر على إعادة كتابة السيناريو وإعادة التركيب والتصوير والإخراج والتسجيل في نفس لحظة المشاهدة  ذاتها  وذلك عين ما تستطيعه القدرة الجمالية لحظة بلحظة وهي تتحول إلى كمية كيفيات استطيقية ملخصة في الكاميرا أو غيرها. ونتمكن ثانيا من أن نستعمل أعيننا ككاميرا مضادة بحيث لا تعشش في عيوننا الصور اليتيمة أو المستنسخة من الشاشات التي لاتعرف عما تتحدث والجلود العالمية المزورة وحتى لا تخرج من عيونا الأحزمة الناسفة الحمراء أو الخضراء أو السوداء. إنه هكذا نكون علمانيون لا لائكيون بالفصل بن الوجه والوجه ، بين العين والعين واقتلاعها بالمسافة الكافية بين التقنية المسكينة حتى وإن كانت خطابا والثراء الجمهوري الكثيف حتى وإن كان كلاما جميلا، اقتلاعها من لعبة الفصل والوصل التي هي أثر لعبة الإله والإنسان والأنثى والذكر …إلى أن تصبح العملية الإبداعية علاقة لا تحتاج إلى حرب ولا سلم مسلحة، لا تحتاج إلى إغراء ولا إلى إغواء لا إلى ترغيب ولا إلى ترهيب وتنتهي هكذا كفك ارتباط بين المستهلك الأول (المخرج) والمستهلك الثاني (المتفرج ).

 

ثمة أشياء عنيفة و ملطخة إذ من ذا الذي نسميه إرهابي ؟ وهل أن المسألة مسألة تسمية و حسب ؟ تمثيل دور فحسب ؟

 

لم تعد المسألة مسألة جواز سفر وحرقة لم تعد مشكلة خروج بل مشكلة دخول . و السؤال هو كيف يقهر و يجوع و يشرد و يرعّب ويعطّل مواطن كل الفئات والطبقات و الشرائح… بما في ذلك المفكر والتقني والطبيب والفني والقاضي والفلاح والفنان والأستاذ والمحامي والأجير… و الجميع . كيف ستكون وضعية من يريد العودة إلى بلده في حالة تسريح, بحق طليق وصريح . من هو ابن الوطن وكيف حاله؟ ماالذي سنفعله غدا بالأقليات الوطنية بالداخل وعمال الدول المجاورة على أرضنا ومصالح الأجانب عندنا ؟ والأغلبية الوطنية التونسية بالصين وتجمع المعارضة التونسية المتطرفة بماليزيا والكونغو الديمقراطية . و تكتل الشعوب الأجنبية المعارضة لتونس أو تكتل الجماهير العالمية لمناصرة المقاومة المدنية التونسية المجتمعين في مجلس أممي لمواطني العالم . هل ستستعدون على الحدود لأشرس  جيش عالمي خاص تشترك فيه الكوكا كوكا والمايكرو زوفت . هل سيكون البلجيكي التونسي مواطنا تاما غدا ؟ و هل اليهودي التونسي إرهابي ؟ كيف ستكون وضعية الزوج الأثيوبي لطفل جنسيته تونسية لأن جده رحل هناك بينما عادت أمه إلى هنا بعد أن كانت يهودية روسية رجعت من رحلة طويلة إلى إسرائيل بعدما تركته في رعاية أمها المسيحية السويسرية في بولندا ثم اجتمعوا كلهم للّم شتات الهوية في جنسية وطنية تونسية تكلف بعض المليارات فقط واختاروا استثمارها في حاجب العيون مثلا ؟

 

علاقة إبداعية من قبيل الـmaking in أوmaking on  ال making inter أو making off الذي لا يتحول إلى  making for.و لكن كيف؟ باستعادة إيكولوحيا سينمائية أو إيكو-سينماتوغرافية لا من وجهة نظر مجرد محب السينما بل حبيبه الـcinésophe   الطبيب والحكيم و التقني الفني في لعبة جادّة تقاوم الكاووس بلا نهاية « eye to eye/ eye in eye/ eye off/ eye against eye/ eye without eye… و عندها فقط نكون بلا eye glasses,لا نقلب الواقع و نحوله إلى مجرد إيديولوجيا في حدود مجرد المنظورية القصيرة والمباشرة عديمة الآفاق و لا نكون eyeless,و يكون مدى نظرنا ابعد من أوهام المنظورية نفسها .و نكون شاهد عيان أو شهيد عيان eyewithness لا مجرد ثقب حذاء eyelet يدخل منه و يخرج أي شريط لغلقه  أو لفتحه عسكريا مرّة و مدنيا أخرى .

الكاميرا ليست لا عيون التماسيح ولا عيون الغزال .لا توحش التقنية

ولا  ألفة المشاعر أو عنفها ,لا مجرد إحساس أو حقد أو تعاطف.     لا مجرد ناقلة نظرة بين عين وعين .

 

يحكى أن الخيط خرج من الإبرة مبتسما صاخبا قافزا من الفرح بين معطف ومعطف لا يترك شيئا إلا ويخيطه بما في ذلك الفتحات بكل أصنافها واللحم بكل ألوانه حتى رموش العيون والأجفان والحاجب …كان يظن انه هو الذي نقب الإبرة وتجاوز افقها الصلب العسير. الثقب المسموح تافه و الثقب المحظور تافه و الحيلة في ترك الحيل.والخروج من هذا وذاك في سياق » آخر « ختم الرسالات والنبوءات بالنسبة لعرب الإسلام هو بداية لائكية فعلية وما بعد لائكية افتراضية.

 

إلا أن ما يهمنا في الأمر هو الكرامة البشرية وهي مقدس لائكي ما بعد ديمقراطي .وأما  مشكلتنا الأساسية فهي بورتريه الترّوقراطي terrocrate :إنسان الرعب الحاكم بالرعب والمحكوم بالرعب والرهبة والخوف وهو في رأيي المنكّد للمعنويات ,المكدّر, المدسوس في السوسيوس في كل مجالات الحياة بيئة ومحيطا وذهنا ونفسا ومثل ذلك القابع ,الغاشم ,المتنصت ,المتنصب .وهو ليس شيئا آخر غير المتكلف المتزلف، المر الشطط، المداهن المهادن. إنه بلا أدنى شك مفسد الذوق العام، المشوش على اللسان بقلة الشعر و سوء الخلق. المشوش على العين بذبح الصور وإهدار الزمان وقطف الأفق، قاطع الأرزاق المزعج المثير للقرف و العبد الذي يجر الناس للعبودية و يحب أن يعبدوه. وهو مدكّن الآمال مقوّض مسالك الحياة البسيطة. يداهم، ينتهك، يقطع الطرق و ينهب. يتاجر في الدماء والأعراض وهو كذلك المتسلح بأدوات الإستبلاه والاستغفال والإستغباء. مترصّد قناص ومُسبت للأذهان. يفسر ويؤول و يجتهد. منغص بإمتياز هارب من الحق و متوقِ من الناس بعضهم ببعض بداعي العرش والشغل والقلق. وضحيته المفجر، المفخخ، الملغم، و المنتحر. المُأرهَب المُرعَّبterrocratisé . تخيم إذا مشاهد عبث مطول و مكرر بمشاهديها. ذلك أن لا أحد يجيب أو يستجيب لها لأن لا أحد يطرحها للناس بشكل صريح و بالمقابل لا وجود لتوجه صدموي.

لعل الطرح الذي نحتاج له أن يكون، فيه من المشكل بمقدار ما فيه من الحل.

 

إن على الأفراد أن ينطلقوا من أنفسهم، أن يخرجوا من فردانيتهم وأن يفرقوا بين الفردية و الفردانية. و عليهم أن يكونوا أيكولوجيين أمام الانبهار بفكرة تدنيس ما يسمونه إرهابيا نظرا للإرتعاب من الكلمة فحسب. إن له أكثر من سبعين اسما وكلهم ديموس وأبناء جماهير ومنها المناضل و المقاوم و المجاهد و الكاميكاز و المارق و الهوليقان،

Le chanapan, garnement, vaurin, arsouille, crapule, escroc, malfrat, truand ,canaille ,rogue ,clochard ,filou, gouap ,blouson noir , frappe, loulou, loubard, louilbon, boogie-boogie, hip hop, netoyen, googlers, internaute …..

 

إن ما يسمى إرهابا هو في الحقيقة تروقراطيةterrocratie  أي سلطة رعب معمّمة ونسقية تنتج وترّوج وتستعمل الديموس والبوليس والجيش بالخلط والفصل بينهما بالديمقراطية واللائكية معا وفي نفس السّلة. في حين أن إبداع مجتمع حر يفترض إبداع وجود مدني رفيع بلا إستباقية وبلا خلط. وضريبة اللائكية بمعنى الفصل الذي لا يتجاوز الباراديغم الكلاسيكي التيو-سياسي théologico-politique هي إما العودة على اللائكية بقبول الديمقراطية الليبرالية بحيث لا يصبح من الممكن فصل الدين عن الدولة أي الشلل الديمقراطي وإما الارتداد والانقلاب على الديمقراطية وقبول اللائكية بحيث يصبح من المستحيل فصل السلطات والمؤسسات عن بعضها البعض و بالتالي السقوط في الشلل اللائكي وكأن الفصل بين الدمقراطية و اللائكية هو الذي أصبح ضروريا بعد أن كانتا متلازمتين. يؤدي هذا الفصل إلى صيغة نصف ديمقراطية نصف لائكية و إفلاس الاثنتين لأن لا أحد فيهما يستطيع أن يمشي على قدم واحدة في الطريق السيارة للدكتاتورية.

 

إن ذلك بعيد كل البعد عن ذهنية السلم وتحقيقه الفعلي في حين أنه علينا الاستبعاد الكلي لفكرة القتل وأطرافها الصغرى والكبرى من أجل لائكية تحرير و مقاومة ضد التوتاليتارية totalitarisme المطلقة حيال اللائكية النسبية والديمقراطية النسبية وذلك من تبعات القسمة الثنائية الليبرالية بين خاص وعام ويسار ويمين و كأن من يتمتع بالحق العام لا يجب أن يتمتع بالحق الخاص والعكس بالعكس. وكأنه ثمة حقوق لهذا وحقوق لذاك. حقوق لليمين وحقوق لليسار وذلك ليس عيشا مشتركا سلميا و إنما ديمقراطية سوق مفتوحة وحرة من قبيل: دعنى أفكر أدعك تعتقد: مكابرة ومهادنة: لكم ديمقراطيتكم ولي ديمقراطيتي. وذلك تأرجح بين اللائكية المتدّينة (الخوف من أن يقال ملحد ومتطرف) و التدّين اللائكي (الخوف من أن يقال مؤمن ومتطرف) و كلاهما ترّوقراطية. ليس المهم الفصل بين ديانة الدولة وديانة الشعب أو بين الدين والدولة أو بين الإكليروس واللايكوس وإنما السؤال كيف يخرج الإنسان من الجحيم الذي يقع بين الاثنين. لا بد هنا من سينما تفكر.

 

هل يرجع بهتة؟ هل ينشغل بمستقبله؟ هل يتزوج؟ هل يوجد ويقاوم؟ كما في الأغنية. لقد احتقروه في بلده ولكن المسألة في الحقيقة أخطر وأعنف من مجرد احتقار. إن بهتة « ما يخاف كان من ربي » و حتى رمز الــcapital في الميناء تافه كأي رمز.

 

بهتة لم يتعلم الحياة التي يحبها ولوحده ولم يحياها. هناك عجز عن التسمية بالأسلوب المناسب. الصورة والكلمات والأصوات شحن وتحميل و مشاحنات.

 

ليس إرهابيا من يقول النوري بوزيد أنه إرهابيا حتى و إن كان كل المجتمع أو فردا واحدا من المجتمع. المارقون ليسوا سواسية و هنالك دائما المزيد من المارقين والمنشقين وغير المرغوب فيهم. إن المبدع هو الوحيد القادر على التعبير بأفضل شكل عن حياة الجمهور وليس مجرد مركب أحداث تفظيع وتشنيع وتهويل.

 

هذه تأملات في تعاسة وبؤس وتفاهة شبح ما يسمي إرهابا. لا وجود لإرهاب وإرهاب مضاد و إنما مأرهِب و مأرهَب على وزن مستعمِر ومُستعمَر، معولِم ومعولَم. ثمة تروقراطيين وجماهير مقاومة. فنانين ومجتمع لا بد من تحريره من نسق الرعب هذا بالفن البديلي المتحرر من النظرة الميتة.

« إن كل المظاهرات اليوم تبدأ بالغياثر لا بالطبول… لكن ما يضع الشيوعي الأخير بمأزق هو: من سيسمعه إذا غنى؟ إن كانت الكلمات من قرنين أو من لحظة أو من زجاج. من سيسمعه إذا غنى؟ » (سعدي يوسف، الشيوعي الأخير يعدل في النشيد الأممي، لندن، 22_06_2006) 

 

 

18/11/2006

Merci a la musique du jury

 


 

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

إلى من يهمه الأمر…؟

حافظ بن عثمان هالني هذه الأيام ما أقرأه على صفحات نشرتكم تونس.نيوز متمنيا أن أكون مخطئ.فمنذ تفجير المدعو الطاهر بلحسين لوصايته السياسية على برنامج حزبي ولا أعرف إن كان منتمي إليه أم لا.؟؟؟ إذ أستشعر أن هنالك عودة لاستعمال مصطلحات لم تعد تليق بمن فعلا يناضل من أجل تونس للجميع و أن تونس بإمكانها أن تجمع بين أبناء الوطن الواحد على اختلاف آرائهم و مشاربهم الفكرية و الأيديولوجية. ولا أدري صراحة إن كانت الأوضاع التونسية تسمح بمهاترات عقيمة أو حتى جدية ولا أدري إن كان المجال الوطني يسمح فعلا بحرية التبادل والتحاجج والنقاش الفكري؟؟؟ وما الفائدة من ذلك إذا كانت النتيجة هو بقاء الاستبداد و أعوانه والحكم على نوايا الناس والترصد لفتح مجالات من الجدل العقيم على خلفية اصطياد كلام الآخرين ومحاولة تغيير مجرى الأفهام والألفاظ إلى جدليات يتقنها من يرغبون في التواجد على الساحة العامة ولو كذبا ولو كان كلامهم غير مسموع للأذن ولكن لما لا فلنسجل مواقف لعل الوقت حان لنصبح شجعانا ورجالا لا نهاب من قول الحق… و لأن تاريخ تونس المعاصر ومنذ بداية عهد الجنرال بن علي يشهد بالفعل ويؤرخ لسير ذاتية لهؤلاء اللذين ظهروا فجأة وسيختفون فجأة دون أن يهتم إليهم أحد لأن ذاكرة الشعوب لا تحتفظ بالكلام ولو كان قرآن بل ينظرون إلى الأعمال والى النتائج..بالطبع ما عدى اللذين يحقرون الشعوب ولم ينتموا يوما إليهم سيرفضون هذا الكلام. لكن اسمعوها مني ولتعيها أذن واعية إن تونس عربية مسلمة و لا أقول بالطبع إسلامية ولا أقصدها ولا مكان لإصلاح و لا حرية ولا ديمقراطية لا تحترم هوية شعبها.إن الشعوب لها ميزة عجيبة في التفاعل مع رموزها الثقافية والحضارية التي تمثل هويتها.أما استحضار قاموس معجمي من الأسماء التي لا يستطيع أبناء شعبنا حفظ أسمائهم فما بالك التواصل مع أفكارهم .إن استحضار المزيد من هذه القواميس فهي تعد نزعة رجعية متعصبة لا تؤمن بأن عليها مراجعة نفسها. ولتكن لها من دروس التاريخ عبرة حتى ولو ادعوا التقدمية واحتكروها وكانوا أوصياء عليها.إن أمتنا العربية المسلمة ليست متخلفة بسبب ثقافتها ولا بسبب دينها ولكنها متخلفة بهؤلاء التقدميين و المستقبليون أ ينما كانوا. و أي تيار مثلوا ويا ليت الذين يبدعون في مجال الكلام أبدعوا في مجال العمل ويا ليت اللذين يجيدون فهم الظلام و الظلامية ولا أدري ما السر في ذلك؟ أن يجيدوا فهم النور والأمل الذي يفتقدونه و لا أدري لماذا؟؟


أذناب السّلطة: يفترون و يتهجّمون ثم يتشكّون و يزيّفون

كما سبق و أكدّته في الرّد على « المدعو عادل القادري »، أعتقد أنّ المجادلة معه رغم عقمها و سطحيتها إلاّ أنّها للأسف شبه ضرورية (إلى حدّ ) و ذلك حتّى:
 
1.     إمّا يعود لرشده و يكتب في ما ينفع البلاد و العباد و حينها سنحاوره بما يليق بمقام ما يكتب (و هو أمر مستبعد جدّا على ما يبدو لما لمسناه فيه من سطحية و افتراء)،
2.     و إمّا يمسك بحانوت الولاء و التأييد و ينتظر حتى ينال ممّا نال من سبقه في خطّ النضال الشريف و النّزيه؟؟؟ من غنائم و مكاسب على حساب من سجنوا و تعذّبوا و شوّهوا و لوحقوا و لازالوا كذلك بمباركته و ولائه و تأييده المطلق هو و أمثاله، دون إغفال نقدهم الحنون و جدالهم النّاعم و تباينهم اللّطيف مع الحكم طبعا؟؟؟.
 
 سألفت نظرك يا صاحب الحجّة و البيان إلى مسألتين جدّ هامّتين:
 
الأولى، تتمثّل في كوني أشعر بحرج كبير من أصدقائي و رفاقي و جميع من يعرفني على الأسلوب الذي أجادلك به لأنّني لم أجد لك مدخلا سليما للحوار و البناء يمكن الخوض فيه أو الرّد عليه، و أعتقد أنّ إضاعة الوقت في الرّد على ما تكتب قد تضفي عليك شيئا من الحماسة و تعطيك موقعا أكبر من حجمك الصّغير صغر هامش استقلالية حزبك و نضاله التي هي منعدمة أصلا، و لذلك ستكون اليوم الحلقة الأخيرة من تفاعلات ندمت على الخوض فيها، لما ألحقته بي من إحساس بالحرج، و الإنخراط في نقاشات هامشية بل و سخيفة.
 
أمّا المسألة الثّانية فتتمثّل في كونك كعادة أبناء جلدتك تحاولون قلب الحقائق و الرّد على ما لم يكتب، فحسبي أنّني أكدّت منذ كتابتي لردّي على تبايني مع الطّرح الذي اعتمده الأستاذ الشّابي في مقاله و على إيماني بضرورة الحوار الهادئ و الدّيمقراطي حتّى تتبلور أفكارنا على ما فيه سلامة المنهج و المقصود، حيث قلت حرفيا  » ما ورد في مقال الأستاذ أحمد نجيب الشّابي الأمين العامّ للحزب الدّيمقراطي التقدّمي قد يكون في حاجة لقراءة نقدية و هو ما اعتبره حقّا في تكريس الممارسة الديمقراطية، و ضرورة لأنّ مقاله لم يتطرّق باستفاضة لخصوصيات تجربة الحزب الدّيمقراطي التقدّمي كحزب غير إيديولوجي …. و بالتّالي لست مدافعا عن شخص و لا عن طرح، و لكننّي في المقابل دافعت عن مبدأ النّقد المستند إلى البناء الفكري و السياسي و التّاريخي و الإستقرائي…، ممّا سيفتح الباب أمام تبادل الحجّة و البرهان على أرضية ذات قاسم مشترك و ليس بأسلوب السخرية و التهجّم على الغير كما تفعل. كما أنّني لم أبد أيّ مصادرة لما كتبته بل اعترضت على أسلوبك المشين و على ما ورد في ما كتبت من تهكّم و تهجّم، ثمّ و كعادة أبناء جلدتك افتريت و عنونت مقالك معارضة سليطة لا تقبل النقد … كيف ستقبله إذا أصبحت في السلطة؟
 
أمّا فيما يتعلّق بدواعي تجشّم عناء الرّد عليك، فبسبب ما أبديته من تصابٍ و تلاعبٍ بالألفاظ ليسا بالغريبين عن بني جلدتك (و هو ما تسمّيه نقدا؟) ممّا استفزّ فيّ إحساسا عميقا بكون ظلم السّلطة و ما نعانيه من أمنها و صحفها و زبانيتها من تنكيل و تجريح و تخوين في مسار نحت تجربتنا كحزب معارض وضع على لائحة أولوياته النضال من أجل قضايا سياسية تقوم على مركزية الدّيمقراطية و حرّية التعبير و التنظّم و العفو التشريعي العامّ…، لا ينقصه إلاّ ظلمها الأخر و أمنها الآخر و أحزابها الصّفراء الأخرى و زبانيتها الآخرين: الوحدة الشعبية نموذجا صارخا. و هو ما كلّفني عناء جذب أذنك اليمنى لأكمل اليوم باليسرى علّ التوازن يعود على الأقلّ إلى عقلك في ظلّ موت ضميرك.
 
و ما حزّ في نفسي أكثر يا « عدّولة » هو أنّ هذا التهجّم يكون ممّن؟ من منتسب إلى حزب يتبنّى مقولة « أجراء لا شركاء« ، لا ناقة له و لا جمل (و لا سلحفاة كما ذكرت ) لا في القضايا الوطنية و لا غيرها: أين أنتم من قضايا: حرّية التنظّم، و حرّية التعبير، و العفو التشريعي العامّ، و الإعتداء على المتحجّبات، و إستهداف الرّابطة التونسية للدّفاع عن حقوق الإنسان و جمعية القضاة و نقابة الصّحفيين و المجلس الوطني للحرّيات و الجمعية الدّولية لمساندة المساجين السّياسيين، و المرصد الوطني للقضاء… و ما تتعرّض له العديد من الشخصيات الوطنية التّونسية المعارضة و المستقلّة من قمع و مضايقات و تنكيل. أين أنتم من التحرّكات الميدانية التي خضناها و سنخوضها تنديدا على ما وقع و يقع في العراق و فلسطين و لبنان، رغم ما جوبهنا به من قمع و مضايقات.
 
 الإجابة طبعا غير خافية، و لن أدعوك لتسأل « حامي ثروتكم » لأنّك على ما يبدو تعرف جيّدا مكتبه و قدماك أدميتا من النزول و الصّعود منه و إليه.   
 
كلّ هذا و غيره جعلني قاسيا في الرّد عليك (و هنا لا حقّ لك في التظلّم و التشكّي). 
 
مرّة أخرى اعتذر لقرّاء تونس نيوز و أقطع على نفسي عهدا بعدم الرّد على المدعو « عادل القادري » بعد اليوم (إلاّ في حال طرحه لأسئلة جوهرية سياسية كانت أم فكرية على قاعدة الإحترام و البحث على التفاعل لا على الإستفزاز)، كما اعتذر لأنّه من واجبنا اليوم الإنكباب على قضايانا الوطنية الملحّة و التي تزداد يوما بعد آخر و ليس الجدال مع من نال منهم الذّل و الهوان بتواطئهم مع الجور و مباركتهم للظّلم و تفانيهم في بيع ضمائرهم بالموالاة و المحاباة و النقد النّاعم و الحنون هذا إن وجد.
 

رامي الصّالحي


بسم الله الرحمان الرحيم

و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين

                                                                                تونس في 21/11/2006 

 

بقلم محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري

كاتب عام جمعية الوفاء

الرسالة عدد 170 موقع تونس نيوز

أواصل على بركة الله نشر مقالاتي في شكل رسائل مفتوحة للسادة الوزراء على غرار الرسائل المفتوحة للتاريخ التي وجهتها إلى سيادة الرئيس منذ يوم 26/12/2005 إلى نهاية يوم 4 نوفمبر 2006 و شرعت بداية من يوم 28/10/2006 في نشر رسائل في شكل حوار مكتوب على موقع الأنترنات تونس نيوز الموقع الديمقراطي الذي أشاع العدل الإعلامي و دعم حرية الكلمة و فتح آفاق عريضة للرأي الحر…

سيادة الوزير المحترم،

في البداية أحييكم تحية الأحرار على جهودكم المبذولة منذ توليكم أمانة المسؤولية و تحملكم مسؤولية الوزارة وقد لاحظنا بكل صدق تحركا ميدانيا و نتائج ملموسة رغم تراكم الملفات و التجارب و البرامج من وزير إلى آخر…

سيادة الوزير،

إسمحو لي أن أتقدم ببعض الملاحظات العملية حسب المحاور التالية .

المحور الأول: أنّ المسؤولية تكليف لا تشريف و عمل دؤوب و نفسا متجددا و عملا مستمرا و نشاطا متواصلا و تجديدا معمقا و كذلك أبواب مفتوحة أمام المواطنين و قد عشنا تجربة في فترة سابقة للسيد المدير العام المكلف بالتعليم الثانوي الاستاذ عبد العزيز بن نجمة ابواب مكتبه مفتوحة للعموم و يقبل الناس و يتحاور معهم و يسعى لحل مشاكلهم بقدر الإمكان هذه الطريقة حبذا لو تعود…

المحور الثاني : يتعلق بمناظرة الكاباس المحدثة في الأعوام الأخيرة و التي كانت نتيجة تراكمات و عدّة تجارب و لا يخفاكم سيادة الوزير أنّ مناظرة الكاباس لها عدة مآخذ و جدل و نعوت جلها سلبي و كأنّ الاستاذية مشكوك في مصداقيتها … و هذا تعليق الناس و انا اشاطرهم … و في السابق كانت الطريقة المستعملة أمام الضغوط و الكم هائل من خرجي الكليات و الجامعات و طالبي العمل في مجال التدريس الثانوي كانت طريقة العمل العادلة طلب الاقدمية أي الذي تخرج عام 2003 له الأولوية على من تخرج عام 2004 أو 2005 و هذه الطريقة أسلم و انجع و اقل ضرر من الكاباس الذي كثر حولها الكلام و التعاليق …؟ 

المحورالثالث : المشاريع التربوية المنجزة تكلفتها بالغة فالقاعة في التعليم الابتدائي بلغت 19 ألف دينار في بعض الجهات و في عام 1990 كانت بحوالي 7 آلاف دينار فقط.

و في نطاق المشاريع المباشرة و بحرص السلطة المحلية و بدعم منها تم في معتمدية جومين ولاية بنزرت إنجازات مدارس بها قاعتين بـ7 آلاف دينار و مجموعة صحية و قد تم إنجاز 4 مدارس على هذا النحو بفضل العمل المباشر و التطوع لمساعدة الدولة و النهوض بالريف و هذا هو المطلوب اليوم و قد علمنا أن صندوق التضامن 26 26 أنجز مدرسة بها قاعة و مسكن و سياج بـ50 ألف دينار عام 1998 أي ما يكفي لبناء 5 قاعات في معتمدية جومين بالروح الوطنية العالية

المحور الرابع: العودة بصفة قوية لوضع برامج وطنية للتعليم الابتدائي الاساسي   و الثانوي يعتمد في خطته المستقبلية على اعتماد 3 محاور :

-المحور الأول : تقوية الجانب الروحي و الديني و الأخلاقي لدى الناشئة بإعتماد التربية الإسلامية ساعتين في اليوم عوضا عن ساعة واحدة مع أن يكون الضارب 2 عوضا عن واحد

-المحور الثاني : الجانب الوطني و تدريس الحركة الوطنية و تاريخ تونس المعاصر بأكثر دقة لتقوية الشعور الوطني و سد الفراغ الملحوظ في الجانب الوطني.

-المحور الثالث : تقوية الجانب العلمي و التكنولوجي و الإعلامية لأنّ العصر عصر التكنولوجيا و الإعلامية المتطورة و يا حبذا لو يقع تعميم تعليم الإعلامية في السنة السادسة إبتدائي.

 

المحور الخامس: ضرورة إعتماد طريقة إنجاز المدارس الإعدادية خارج المعتمدية الترابية حيث هناك مناطق تبعد بحوالي 28 كلم على المعتمدية مناطق نائية و مناطق ظل و التجربة موجودة و العمل على توسيعها و دعمها مطلوب و أنّ منطقة الحجارة معتمدية الحنشة التي تبعد بنحو 24 كلم على مركز المعتمدية في حاجة إلى إنجاز مدرسة إعدادية خاصة بعد أن وفر لها سيادة الرئيس عن طريق صندوق 26 26 كل اسباب انطلاقتها التنموية من طرقات و نور كهربائي و ماء صالح للشراب و مساكن و العمل متواصل لدعم هذه المناطق المعزولة.

المحور السادس : العناية بنوابغ و مواهب مناطق الظل في مجال الإنتدابات لسلك التدريس في الثانوي و الابتدائي و طبقا لتوصيات سيادة الرئيس.

الذي أذن بإعطاء الأولوية في التشغيل و تسوية الوضعيات لحاملي الشهائد سواء الذين قاموا لسنوات بتعليم الكبار أو مناطق الظل و العائلات المعوزة كعمل إنساني و إجتماعي.

و في هذا المجال فإنّ في منطقة الظل الحجارة التي أنتمي إليها و أعرف وضعية شبابها فإنّ هناك عدد من الطلبة المجازين في حالة بطالة للعام الثالث و شبان واصلوا دراستهم في الجامعة سنتين بعد الباكالوريا و هم في حالة بطالة و طال إنتظارهم و بعضهم أصابه الإحباط .

المحور السابع : ضرورة تعيين المديرين الجهويين للتعليم من خارج الولاية لمزيد النجاعة و الجدوى و الفاعلية و بدون تعليق في هذا الموضوع و لنا تجربة في هذا المجال …

المحور الثامن : التحري في إجراء الإمتحانات الجهوية أحيانا تكون نسبة النجاح تفوق 85 بالمائة إلى سكان المدينة و الريف نصيبه 15 بالمائة في أفضل الحالات و بدون تعليق و حسب التجربة و هناك مرارة نشعر بها.

المحور التاسع : دعم فكرة التكوين المستمر و الرسكلة و مزيد تفعيل مجال التكوين.

المحور العاشر : معالجة بعض الحالات الإجتماعية و الإنسانية في أولويات الإنتداب حيث أنّ بعض المجازين تجاوزوا مدة الإنتظار 8 أعوام و في العنصر النسائي منهن من تزوجت و أنجبت أطفالا و هي في حالة الإنتظار  … و بعضهن على عتبة 39 سنة أي مازال عام واحد على الانتداب في الوظيفة العمومية حسب قرار سيادة الرئيس حيث كان في السابق العمر 35 سنة و أصبح اليوم إلى حدود 40 سنة…

وقد علمنا في هذا الإطار أنكم يا سيادة الوزير عالجتم مشكلة إجتماعية صعبة و أنقضتم أسرة بفضل الحس الوطني و الاخلاقي و تم تعيين أستاذة على عتبة الأربعين … مؤخرا و هذا عمل هادف يستحق الشكر و التنويه.

المحور الحادي عشر : مزيد السعي لتحويل بعض المدارس الابتدائية إلى مدارس إعدادية لضمان الجدوى و النجاعة و التقشف في ميزانية الوزارة مع إبراز الروح التطوعية و التضامن في الجهات و خاصة الريفية و في هذا المضمار فمنطقة الحجارة معتمدية الحنشة منطقة ظل تبعد 24 كلم على الحنشة إنجزت بها مدرسة ثانية عن طريق صندوق 26/26 نظرا لبعد المدرسة الأولى ووقع إقتراح عام 2001 في تحويلها إلى مدرسة إعدادية و سيادة الرئيس أحال المقترح و الملف على الجهة المعنية و لكن دون جدوى هذا مع الملاحظ أنّ الجهة تشتمل على 6 مدارس إبتدائية قريبة من منطقة الحجارة 5 مدارس تابعة لمعتمدية الحنشة و مدرسة تابعة لمعتمدية الجم و يمكن أن تستوعب 150 تلميذا في السنة الأولى على حساب 25 تلميذا ناجح من كل مدرسة أولاد عمر 2 مدارس الحجارة 2 مدارس الرواضي مدرسة و سيدي بوهلال التابعة للجم مدرسة  .

هذه بعض المحاور و الخواطر أردت المساهمة بها في إطار الحوار الإعلامي النزيه و حرية الراي و احترام رأي المواطن و في كل البلدان التي تنشد الديمقراطية و حقوق الإنسان و ترعى و تحترم الآراء و الاقتراحات و تنزلها منزلة هامة و مرموقة و تقدر أصحابها و مبادراتهم الفاعلة و حسهم الوطني الكبير و صدق جرأتهم و حرارة  حماسهم و عمق تجربتهم دون رياء و لا نفاق.

قال الله تعالى : و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يامرون بالمعروف و ينهون على المنكر و أولائك هم المفلحون صدق الله العظيم 

نرجوا أخذ هذه الملاحظات بعين الإعتبار و الله و لي التوفيق

قال الله تعالى :  قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون صدق الله العظيم.                                                                                         بقلم محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري

كاتب عام جمعية الوفاء

الجوال 22.022.354

 

تونس، في 20 نوفمبر 2006

سيمينار الذاكرة الوطنية حول :

دور القيروان في مسارات الحركة الوطنية

مع السادة : مصطفى الفيلالي وعمر فضة وعمر النابلي وأحمد بن القائد العجيمي وآخرون

السبت  25 نوفمبر 2006  على الساعة التاسعة صباحا

 

بعد خمسين سنة من الاستقلال, مازلنا نجهل تماما الأدوار التي أداها رواد الحركة الوطنية في معظم مناطق بلادنا, فلا الدراسات التاريخية اهتمت بهذا الملف ولا المؤرخون, ما عدا نفر قليل, ممن اهتموا بتسليط الأضواء على مئات الوطنيين خارج العاصمة, وهم الذين قامت على كواهلهم ووفقا لقناعاتهم وثوابتهم الحركة الوطنية بمختلف تفاعلاتها : المسلحة والسياسية والفكرية-الإجتماعية, إذ هناك المئات إن لم نقل الآلاف من الوطنيين الذين ساهموا من مواقعهم المختلفة في إنجاح مسارات الحركة الوطنية.

وعلى ضوء هاته الجدلية, تأخذ مؤسستنا أول مبادرة من هذا القبيل لتسليط الأضواء على دور القيروان وروادها في الحركة الوطنية, ويأتي لاحقا دور صفاقس ودور بنزرت وغيرهما من المناطق الجنوبية أو الغربية في الحركة الوطنية.

ومما لا شك فيه أن دور رجالات ولاية القيروان الوطني, كان أساسيا وحاسما جدا في إنجاح الحركة المسلحة بادئ الأمر ثم السياسية والنقابية, إذ هناك المئات من القيروانيين من الذين ضحوا بكل شيء, من جمع الأموال الطائلة لشراء الأسلحة وكانت بيوتهم ومحلاتهم خلايا سرية نشطة تابعة للحزب الحر الدستوري الجديد وكذا للحزب القديم, وأن كل الزعماء التاريخيين للحزب, يشهدون بأن ما قدمته ولاية القيروان, كان من الأهمية بمكان في إنجاح المقاومة الوطنية. وقد قام القيروانيون بذلك عن قناعة وثبات وإيمان بقضيتهم الوطنية, يشدهم تاريخ هاته المدينة الفاضلة ودورها في تأصيل الهوية عبر إنجازاتها التاريخية ودفاعها عن اللغة والمميزات الحضارية التي يفتخرون بها. ومع هذا فنحن لا نعرف النزر اليسير عن رجالاتها الوطنيين, فقد عمل الرئيس الحبيب بورقيبة طوال فترة حكمه على عدم إيلاء هاته الولاية ما تستحقه من اهتمام, اعترافا بدورها في مسارات الحركة الوطنية.

وقد دعونا لتنشيط هذا السمينار ثلة من الذين عرفوا الكثير عن هذا الملف.

وسنواصل رسالتنا لإثراء قاعدتنا البيانية للحفاظ على ذاكرتنا الوطنية والتي هي أمانة في عنق المدافعين المخلصين من التونسيات والتونسيين في بلادنا, ويتم ذلك على الرغم من الصمت البائس الذي تلازمه معظم الصحف التونسية للدفاع عن ملف الذاكرة الوطنية, هذا الملف الذي بدأنا نعمل من أجله منذ ست سنوات.

والدعوة مفتوحة للجميع ابتداء من الساعة التاسعة صباحا في المقر الجديد بالمؤسسة المذكور أسفله.

 

 الأستاذ عبد الجليل التميمي

مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات

 
 


Home– Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.