الثلاثاء، 18 ديسمبر 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2764 du 18.12.2007
 archives : www.tunisnews.net
 

 


بيان من المحامين النائبين في القضية الجنائية 4/14502 المعروفة « بقضية سليمان » الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: عبد الحميد الصغير.. اختطاف ، فقضية  ملفقة ..فحكم جائر..! إضرابات الجوع المساندة الأساتذة المضربون عن الطعام: تحية إلى الإخوة أعضاء و مناضلي الحزب الديمقراطي التقدمي بيان المجلس المركزي لحركة التجديد طلبــــة تــــونس: أخبار الجامعة الحياة: تونس: «التجمع» يرشح بن علي لولاية خامسة في 2009 مغاربية: تونس تُرحّب بأول محطة إذاعية على الانترنت  السبيل أونلاين: من نحن وما هي رسالتنا ؟ عبد الرؤوف العيادي: القضاء يستنسخ العصا عبد الحميد الجلاصي: هل تكون رسالتي الأخيرة؟ مصطفى عبدالله ونيسي: رسالة إلى من انقطعت عنّا أخبارهم : ذكريات و أعياد عبد السّلام بو شدّاخ: نداء لبعث مجلس او لجنة عليا للحوار الوطني (الجزء الثّاني و الاخير) مرسل الكسيبي: عندما تُخصي السادية أعياد الوطن: أي معنى يحمله بعدها الاحتفال !؟ بحري العرفاوي: في حب الوطن عبدالحميد العدّاسي، : لطفك وسترك يا ربّ صحيفة مواطنون: إسرائيلي تونسي؟!… صحيفة مواطنون: المائدة المستديرة « الاقتصاد التونسي تحت المجهر » رضا الملولي: خرافة الحزب الديني في تونس! صلاح العلاني: واذا امرأة القطيف سئلت بأي ذنب جلدت! برهان بسيس: أفكار عن الزيارة الفرنسية


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


كل عام وأنتم بألف خير
 
بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، يتوجه فريق « تونس نيوز » إلى السادة القراء والمشتركين والأصدقاء وإلى حجاج بيت الله الحرام جميعا بأجمل التهاني سائلين المولى عز وجل أن يعيده علينا وعليكم وعلى جميع العرب والمسلمين وبني البشر بالخير والبركة وصلاح الأمور في الأولى والآخرة وأن يفرج عن المساجين والمكروبين والمظلومين وأن يجمع شمل المنفيين والغائبين مع أهاليهم وأحبابهم وأن يعيد العيد المبارك على الجميع بالخير والبركة والتوفيق. إنه سميع قريب مجيب الدعوات.
 

أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير

حرّية و إنصاف

سارعوا إلى إنقاذ حياة السجين السياسي السابق أحمد البوعزيزي

33 نهج المختار عطية تونس 1001

الهاتف/الفاكس : 71.340.860

Email :liberté_équité@yahoo.fr

 

تونس في 18 ديسمبر 2007

تهاني بعيد الاضحى المبارك

 

 

بمناسبة عيد الاضحى المبارك تتوجه منظمة حرية و إنصاف بأحر التهاني و أخلص الأماني لجميع المساجين السياسيين و مساجين الرأي و عائلاتهم وإلى  المهجرين عن الأوطان و إلى كل مشتاق لنسائم الحرية و الإنصاف و إلى الشعب التونسي وإلى الأمة الإسلامية جمعاء راجية من الله العلي القدير أن يعيده علينا و عليكم بالحرية و الإنصاف واليمن و البركة.  

 

عن المكتب التنفيذي للمنظمة

الأستاذ محمد النوري


 

الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس

كل عام وأنتم بخير

 

 
بمناسبة عيد الأضحى المبارك تتقدم الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس  الى شعبنا الصابر في تونس الى السجناء السياسيين وعائلاتهم وإخوانهم الى المعتقلين بموجب قانون مكافحة الإرهاب اللادستوري الى السجناء السابقين الذين لايزالون تحت الحصار الى الأساتذة المضربين عن الطعام وزملائهم العاطلين عن العمل الى المحجبات المتمسكات بحريتهن الشخصية الى ضحايا الإستبداد من المهجرين قسرا الى فرسان الإعلام وفي مقدمتهم القلم الحر سليم بوخذير الى نشطاء حقوق الإنسان بأحر التهاني وأطيب الأماني راجية من الله العلي القدير ان يعيده على:   الوطن بالتحرر من قيد الاستبداد ليتسع للجميع دون إقصاء والسجناء السياسيين بالحرية  والمغتربين بالعودة وأمتنا بالعزة والنصر، ودحر الإحتلال من فلسطين والعراق   عن الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس علي بن عرفة لندن  في 19 ديسمبر2007

 


كل سنة وأنتم وتونس بألف خير

19-12-2007

بمناسبة عيد الاضحى المبارك يتقدم المؤتمر من أجل الجمهورية للتونسيين والتونسيات وكل أبناء وبنات الأمة العربية والإسللامية بأخلص التهاني وأطيب التمنيات .

وفي هذه المناسبة السعيدة تتجه مشاعرنا للرهائن السياسيين وعائلاتهم وخاصة الأطفال لنعبر لهم عن عميق تضامننا وأملنا أن يكون هذا آخر عيد دون أحبائهم .

 كما يتوجه المؤتمر على وجه الخصوص بتهانيه القلبية لعائلة القلم الحر سليم بوخذير الذي يقضي عيده في المراحيض التي تصر الدكتاتورية على إسكانه فيها جاهلة أنها لا تذل من يضحي بالغالي والنفيس من أجل الوطن وإنما تذل من يلجأ لهذه الأساليب.

 أعاد الله هذا العيد على تونس والأمة وهما تخرجان أخيرا من ظلمات الظلم والاستبداد والأسى  إلى نورالعدل والفرح والحرية .

عن المؤتمر من أجل الجمهورية

منصف المرزوقي


 

بسمه تعالى

بمناسبة عيد الاضحى المبارك نتقدم باحر التهاني و ارفع التبريكات الى شعبنا المسلم في تونس و الى السادة المسؤولين في  الاحزاب و المنظمات الوطنية,  راجين من المولى عز وجل تعزيز الوحدة و التضامن و الحرص على  التاخي و التراحم بين ابناء الوطن الواحد.

و الى الامة الاسلامية كافة خصوصا شعبنا المجاهد في فلسطين.

« ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب »

السيد عماد الدين الحمروني جمعية اهل البيت الثقافية تونس

 


 

كل عام وانتم بخير  

بمناسبة حلول عيد الأضحي المبارك  يتقدم موقع الفجر نيوز  لكافة الشعوب العربية والاسلامية بهذه المناسبة السعيدة باحر التهاني والتبريكات مع تحية خاصة لأبطال الحرية في تونس في السجن الكبير والصغير داعين الله العلي القدير ان يفرج كربهم  ويرفع همهم وأن يعيد الله عليهم وعلينا هذا العيد بالخير والعافية وتقبل الله طاعتكم.. وأتم بالعيد فرحتكم..وأقر عيونكم بنصر أمتكم كل عام وأنتم الى الله أقرب  ولفعل الطاعات أرغــــــب وللجنة أسبــــــــــــــــــــق

 

الفـــجـــر نــيــوز

www.alfajrnews.net


 

طلبــــة تــــونس

 

WWW.TUNISIE-TALABA.NET

 

تهنئة

بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك يتقدم فريق طلبة تونس بأحر التهاني إلى جميع الطلبة وكافة أفراد الشعب التونسي والأمّة العربية والإسلامية.

ونرجو من الله عزّ وجلّ أن يعيد هذا العيد بالخير والبركات والانتصارات المتجددة للأمّة العربية والإسلامية.

كما اتصل بنا العشرات من قراء الموقع لتهنئتنا بالعيد و نحن إذ نشكرهم و نتمنى لهم عيدا سعيدا و عمرا مديدا.

 


 

يان من المحامين النائبين في القضية الجنائية 4/14502 المعروفة « بقضية سليمان »

 
يعلم لسان الدفاع من المحامين النائبين عن المتهمين في القضية الرأي العام أنهم قرَروا الإنسحاب من جلسة يوم اليوم السبت 15 ديسمبر 2007 بدعوة من السيد عميد الهيئة الوطنية للمحامين وذلك : ·        بعد أن تولى رجال البوليس بالزي النظامي الإعتداء على المتهمين بواسطة العصيَ وبكل وحشية داخل قاعة الجلسة وعلى مرآى ومسمع من هيئة المحكمة . ·        وبعد أن تعمَد رئيس الجلسة رفض إعطاء الكلمة مجددا للعميد ولرئيس فرع المحامين بتونس بصفة فجَة وغير لائقة والحال أن الغاية من حضورهما بالجلسة كانت لتيسير أعمالها والتنسيق مع المحكمة لتوفير شروط المحاكمة العادلة ، وقد واصل رئيس الجلسة تلاوة قرار الإتهام غير عابئ بالفوضى العارمة التي عمَت القاعة نتيجة اعتداء أعوان البوليس على المتهمين . ·        وبعد أن رفض رئيس الجلسة طلب التأخير لأجل متسع الذي تقدَم به عدد كبير من المحامين النائبين الجدد في القضية ورفض سماع حججهم متجاوزا حقهم في الإطلاع على ملف القضية وزيارة منوبيهم في السجن وإعداد وسائل الدفاع عنهم قبل الشروع في المحاكمة . ·        وبعد أن رفض رئيس الجلسة ما أشار إليه رئيس فرع تونس للمحامين من ضرورة شطب أسماء المحامين الذين سخَرتهم المحكمة في الجلسة الفارطة والذين أصرَ المتهمون على رفض نيابتهم عنهم . ·        وبعد أن تأكَد عزم المحكمة على منع لسان الدفاع من حقه في ممارسة مهمته على الوجه المطلوب . يعلن المحامون النائبون في القضية المجتمعون بمكتبة المحامين بقصر العدالة : 1)     احتجاجهم على تجاوزات رئيس الجلسة في حق العميد ورئيس الفرع وأعضاء هيئة الدفاع واستنكارهم لسكوت هيئة المحكمة إزاء اعتداءات البوليس على المتهمين في قاعة الجلسة . 2)     أن إصرار رئيس الجلسة على التسرَع في فصل القضية على حساب الحقوق الشرعية للدفاع وللمتهمين لا مبرَر له . 3)     رفضهم لهذه الممارسات ودعوتهم إلى وضع حدَ لها باعتبارها تتنافى ومبادئ العدل وتنال من كرامة المحامي وحقه في الدفاع وتتناقض مع شروط المحاكمة العادلة . قصر العدالة بتونس في 15 ديسمبر 2007.

 

  “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 18 ديسمبر2007

عبد الحميد الصغير.. اختطاف ، فقضية  ملفقة ..فحكم جائر..!

 

 
أصدرت الدائرة الجناحية السادسة بالمحكمة الإبتدائية بتونس حكما بسجن الناشط الطلابي و الحقوقي عبد الحميد الصغير مدة شهرين و نصفا مع تأجيل التنفيذ بعد أن قضى أسبوعين رهن الإيقاف إثر اختطافه داخل المركب الجامعي ، و هكذا يتم مرة أخرى توظيف  القضاء للتغطية على جرائم البوليس السياسي و الإنتقام من النشطاء بتلفيق قضايا مفتعلة ضدهم  في سعي مفضوح للمس من سمعتهم و مصداقيتهم ، فبعد محاولات عديدة لترهيب عبد الحميد الصغير و إثنائه عن التمسك بحقه في الترسيم  بعد أن برز في حملة المطالبة بفتح مسجد المركب الجامعي و في مساندة إضراب 18 أكتوبر 2005 و في كل التحركات الطلابية في السنوات الأخيرة يجد نفسه ملاحقا أمام القضاء بتهم : الإعتداء على الأخلاق الحميدة ..! ، و هضم جانب موظف حال مباشرته لعمله ، و إحداث الهرج و التشويش ..!  و الجمعية إذ تندد بهذا الحكم الظالم و بما سبقه من اختطاف و اعتداء بالعنف ،  خلف أضرارا للسيد عبد الحميد الصغير في مستوى الرأس ،  فإنها تطالب القضاء بالتعهد بملفات اختطاف النشطاء و الإنتهاكات المرتكبة بحقهم و الإحجام عن التورط في المحاكمات الصورية الموظفة سياسيا . عن لجنة متابعة المحاكمات السياسية      نائب رئيس الجمعية الأستاذ عبد الوهاب معطر


الثلاثاء, 04. ديسمبر 200

حملة تضامنية لمطالبة السلطات التونسية بالكشف عن مصير السجين « كمال المطماطي »

نحن الممضون أسفله نطالب السلطات التونسية بالكشف عن مصير السجين »كمال بن على المطماطي » الذي وقع اعتقاله سنة 1991 بتهمة الانتماء لحركة النهضة و منذ ذلك الحين لا تعرف عائلته عنه شيئا. كما نطالبها بتقديم معلومات حول مدى صحة الرواية التي تناقلها بعض السجناء الذين اعتقلوا معه في نفس الفترة و الذين يرجحون وفاته تحت التعذيب.

ترسل الإمضاءات إلى عنوان البريد الإلكتروني: kamelmatmati@yahoo.fr

الإمضاءات:  مع ذكر    : الإسم و اللقب |  الصفة و بيانات خاصة  |  المكان

منسق الحملة :معز الجماعي


تونس في 17 ديسمبر 2007

إضرابات الجوع المساندة

مازال الأساتذة المضربون عن الطعام محمد مومني، معز الزغلامي وعلي الجلولي رغم تدهور حالتهم الصحية و قرار اللجنة الطبية بضرورة إيقافهم للإضراب على إصرارهم و عزمهم على مواصلة إضرابهم و التشبث بحق العودة إلى عملهم ومازالت المساندات تتوالى وتتنوع لمؤازرتهم ودعمهم في المطالبة بحقوقهم المشروعة.  وقد دخل في هذا الصدد عدد من الإخوة في إضراب جوع مساندة للمضربين بعديد الجهات:

بمقر النقابة العامة:

اليوم 13و14/12/2007

     – المنجي عبد الرحيم: كاتب عام جامعة المهن المختلفة عمره 53 سنة .

اليوم 16/12/2007

الأخ زهير الجويني: عضو سابق بالنقابة العامة ( متقاعد منذ سنتين) مولود في 16/06/1950

الأخ عز الدين الزهليلي: كاتب عام النقابة الأساسية ابن خلدون مولود في 11/02/1954

الأخ عبد الله قرام: نقابي بوكالة التبغ و الوقيد عمره 57 سنة

اليوم 17/12/2007

دخل بمقر النقابة العامة في إضراب جوع مساندة كل من الإخوة:

محمد الحبيب بالحاج كاتب عام النقابة الأساسية بالكرم عمره 48 سنة

رفيقة الرقيق عضوة النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بالمروج 46 سنة

بمقر النقابة الجهوية بالقيروان:

خاض سبعة و ثلاثون مناضلا إضراب جوع بمقر النقابة الجهوية بالقيروان مساندة للأساتذة المضربين عن الطعام وذلك يوم 16/12/2007.

بمقر الاتحاد المحلي للشغل بنفطة:

خاض ستة مناضلين إضراب جوع  بمقر الاتحاد المحلي للشغل بنفطة مساندة للأساتذة المضربين وذلك يوم 15/12/2007 .

 قائمة التطوع لإضراب الجوع التضامني تتوسع:

استجابة لقرار النقابة العامة للتعليم الثانوي تلقت النقابة العامة العديد من الأسماء للمشاركة في الإضراب التضامني خلال أيام عيد الاضحى تكونت من مناضلات و مناضلين نقابيين و من المجتمع المدني.  

 لجنة الإعلام والاتصال

للمساندة والإطلاع:

216.71.337.667 Fax :

    profexclu@yahoo.fr e-mail :

  synd_tunis@hotmail.com

 www.moumni2.maktoobblog.com


تونس في 17/12/2007

 

الإخوة أعضاء و مناضلي الحزب الديمقراطي التقدمي

تحية نقابية, و بعد

نتوجه إليكم عبر هذه الرسالة و نحن في اليوم الثامن و العشرون من إضراب الجوع الذي نخوضه دفاعا عن حقنا في العمل و في النشاط النقابي الذين تستهدفهما السلطة في إطار توجيهاتها النيوليبيرالية الجشعة بتعديات ممنهجة على الحريات الفردية و العامة و على ابسط حقوق المواطنة الحرة.

إننا إذ نتوجه إليكم بهذه الرسالة.فلنحييكم على هذه المبادرة بتنظيم يوم تضامني معنا, وهي مبادرة نحن لا نستغربها,فقد كان الحزب و فرعه الشبابي من أول المساندين بالإبراق و الحضور و المتابعة الإعلامية و هو دليل على وعي سليم لديه في حسن الربط بين الحركة السياسية و المطالب الاجتماعية و النضالات التي يخوضها أبناء تونس و بناتها من اجل الحق في الشغل و العلاج و التعليم و الحرية

إن المظلمة التي نتعرض لها تبقى مجرد عينة من أوضاع البؤس التي يعيشها المربون و خاصة منهم الأساتذة المعاونون الذين يتجاوز عددهم خمسة آلاف تعتبرهم الدولة بمثابة « الأسرى »لديها ,فبقائهم في العمل مرهون بإثبات الولاء و الصمت و السلبية و من ذلك »تكسير »الإضرابات و التحركات النقابية وهو ما رفضناه و تحديناه,لان الأستاذ الحر و الشريف لا يرضى المهانة و لا يقبل الإذلال,و حين أقدمت الوزارة على جريمة التخلي عنا نظمنا نضالنا العنيد ضد إرادة القهر والحيف.

إن إضراب الجوع رغم قساوته و آلامه,أشرف لدينا من الصمت و الإنتظارية و الجري وراء السراب و الوهم.

إننا صامدون بكم و من خلالكم,فتقبلوا منا اصدق التحيا و إلى الأمام.

الأساتذة المضربون عن الطعام:

علي الجلولي*أستاذ فلسفة*

محمد مومني*أستاذ فلسفة*

معز الزغلامي*أستاذ انقليزية*


 

بـــــــــــــــلاغ

أمام مواصلة وزارة التربية والتكوين امتناعها عن إرجاع الأساتذة المطرودين: محمد المومني، معز الزغلامي وعلي الجلولي.

تعلن النقابة العامة للتعليم الثانوي عن دخولها في اعتصام أيام 18/19/20 ديسمبر 2007 أي خلال عطلة عيد الأضحى بمقر النقابة العامة كما تعلن دخول عضوين من أعضاء النقابة العامة للتعليم الثانوي في إضراب جوع احتجاجا على الوزارة وتأكيدا منها على تمسكها بمواصلة النضال من أجل إعادة الزملاء المطرودبن تعسفا والمضربين عن الطعام منذ 20 نوفمبر 2007

عن النقابة العامة

الكاتب العام

 الشاذلي قاري 


 

بيان المجلس المركزي لحركة التجديد

 

عقد المجلس المركزي لحركة التجديد اجتماعه الدوري الثاني يوم الأحد 16 ديسمبر 2007 برئاسة أحمد إبراهيم الأمين الأول وصادق إجمالا بالإجماع على كل من النظام الداخلي للحركة وميزانيتها للسنة القادمة، كما نظر في الوضع الاجتماعي  والسياسي بالبلاد.     – وقد عبر المجلس المركزي عن انشغاله الشديد إزاء موجة ارتفاع أسعار المواد الأساسية وخاصة منها الحبوب ومشتقاتها والحليب والمحروقات والكهرباء والماء وانعكاساتها السلبية على المقدرة الشرائية للأجراء والفئات الشعبية والمتوسطة وعموم المواطنين وعن قلقه إزاء ارتفاع تكاليف الصحة وما ينجر عنه من إثقال لكاهل العائلات، مما يدفعها أكثر فأكثر إلى التردد في التداوي وحتى إلى العدول عنه . إن المجلس المركزي يرى مسألة  ضمان الوسائل الكفيلة بحماية المقدرة الشرائية للمواطنين وحقهم في الخدمات الصحية اللائقة والحد الجدي من معضلة البطالة والقضاء على الفقر المدقع وتوفير الظروف الدنيا للعيش الكريم لمجموع الشعب تتطلب حوارا وطنيا شاملا ومعمقا، وقد كلف الهيئة السياسية بتنظيم ندوة لمزيد بلورة مقترحات الحركة في مجمل هذه القضايا. – كما ناقش المجلس المركزي مسألة الإعداد لانتخابات 2009 بمختلف جوانبها السياسية والقانونية فأكد من جديد أن حركة التجديد تضع في طليعة أولوياتها السياسية في الفترة المقبلة النضال من أجل أن لا تكون هذه الانتخابات مجرد إعادة إنتاج لسابقاتها بل مناسبة حقيقية لممارسة التعددية وتعبيرا وفيا عن إرادة الشعب في كنف احترام حق المواطنات والمواطنين في أن يختاروا من يمثلهم  بحرية كاملة بعيدا عن شتى  أشكال الوصاية والضغوط وكل أنواع التزييف، وهو ما يتطلب إعادة النظر جذريا في كامل المنظومة الانتخابية التي وقع اعتمادها حتى الآن تصورا ونصا وممارسة في اتجاه احترام مبدأ حق الترشح لرئاسة الجمهورية دونما انتقاء أو إقصاء لأي كان من ممثلي الأحزاب والتيارات السياسية الراغبة في ذلك وضمان ممارسة هذا الحق في كنف تكافئ الفرص بين جميع المتنافسين دون استثناء، وتوفير ظروف المصداقية للانتخابات الرئاسية والتشريعية، مما يستلزم مراجعة المجلة الانتخابية مراجعة جوهرية على أساس إقرار التسجيل الآلي لكافة الناخبين، وتوفير المساواة الكاملة بين الأحزاب في امكانيات الدعاية والتعريف ببرامجها، وحماية سرية الاقتراع وشفافية فرز الأصوات، وجعل مراقبة سلامة الاقتراع ممكنة لجميع ممثلي المترشحين بالتقليص من عدد مكاتب الاقتراع طبقا للمقاييس المعتمدة دوليا،وتوخي قاعدة عقلانية وعادلة تعتمد التمثيل النسبي لضمان تواجد مختلف التيارات السياسية في مجلس النواب،والحرص على الحياد الكامل في الإشراف على العملية الانتخابية برمتها       وفي هذا الصدد تعتقد حركة التجديد أنه من غير المعقول أن يبقى تنظيم الانتخابات والإشراف عليها من مشمولات طرف واحد هو الحكومة ووزارة الداخلية ومن ورائهما الحزب الحاكم، وتقترح  أن تتولى هيئة وطنية مستقلة  الإشراف على العملية الانتخابية بكاملها ومراقبتها من أولها إلى آخرها، من التسجيل في القائمات الانتخابية إلى الإعلان عن نتائج الاقتراع, وفض النزاعات المتعلقة بالانتخابات مرورا بتعيين المسؤولين عن مراكز ومكاتب الاقتراع. وهي هيئة ينبغي أن يتم التوافق على تركيبتها بين الجميع سلطة ومعارضة، وأن تكون بالتالي ممثلة لجميع  الحساسيات والأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني كالرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمعهد العربي لحقوق الإنسان،وفي الآن نفسه مستقلة في نشاطها ومحايدة إزاء جميع الأطراف. وتدعو حركة التجديد إلى حوار شامل وجدي في مجمل هذه القضايا سعيا إلى القطع مع سلبيات الماضي وتحقيق وفاق وطني حول انتخابات ذات مصداقية تكون في مستوى ما يطمح إليه شعبنا وشبابه ونخبه من مشاركة فعلية في تسيير شؤونه. – هذا وتدارس المجلس المركزي علاقة الحركة بالأطراف السياسية الأخرى مثمنا نجاح الندوة التي عقدتها مؤخرا حول متطلبات الإصلاح السياسي بمشاركة أغلب أطياف الحركة الديمقراطية والتقدمية والتطور الإيجابي في اتجاه استئناف نشاط « المبادرة/الائتلاف » بمساهمة مختلف مكوناتها أحزابا ومستقلين، وأوصى الهيئة السياسية بتكثيف الجهود من أجل توفير المزيد من أسباب التوسع  والاستمرارية  والإشعاع والفعالية لتحالف القوى الديمقراطية حول مشروع ديمقراطي حداثي وتقدمي واضح ومتمايز في الآن نفسه عن نهج الانغلاق السياسي وعن لمشاريع التي تسعى إلى توظيف الدين لتقويض المكاسب والتراجع بالمجتمع إلى الوراء، كما أكد على ضرورة تعزيز التشاور وآليات التنسيق والتكامل مع كافة الأحزاب الديمقراطية حول القضايا المشتركة وخاصة منها قضية الحريات والانتخابات. – وتعرض المجلس المركزي أيضا إلى ملف الحق النقابي وطالب بالاحترام الفعلي لحقوق الإنسان بما فيها حقوق الموقوفين الذين تجري محاكمتهم مهما كانت خطورة التهم الموجهة ضدهم، والقضاء النهائي على ظاهرة التعذيب والمعالجة الإيجابية والعادلة لملفي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وجمعية القضاة التونسيين على أساس احترام استقلالية  المنظمتين والإقلاع عن سياسة السعي إلى احتواء فضاءات المجتمع المدني ومحاولة تدجينها. وعبر المجلس مجددا عن تضامن الحركة مع أساتذة التعليم الثانوي الثلاثة المطرودين بسبب نشاطهم النقابي والمضربين عن الطعام منذ أكثر من أربعة أسابيع   ومساندتها الكاملة لحقهم في العودة إلى سالف عملهم، كما عبرعن تضامنها مع ضحايا التعنيف البوليسي من طلبة ونشطاء سياسيين وصحفيين وخاصة منهم السيد أيمن الرزقي مراسل قناة « الحوار التونسي ». – ومن جهة أخرى ندد المجلس المركزي بالعملية الإرهابية الفضيعة التى استهدفت في الفترة  الأخيرة إخوتنا في الجزائر  والتي ذهب ضحيتها عشرات الأبرياء، وجدد تضامن الحركة  مع  الشعب الجزائري الشقيق في محنته ووقوفها الحازم في وجه ما يخطط له تنظيم « القاعدة » من جرائم ضد كامل الشعوب بما فيها بالخصوص شعوب المغرب العربي الكبير.  عن المجلس المركزي الأمين الأول أحمد إبراهيم

شبكة العلمانيين العرب

دعـوة

يسر شبكة العلمانيين العرب أن تدعوكم لندوة حوارية مع الدكتورة رجاء بن سلامة بعنوان :

 » (النّكوص، بعض تجلّياته الفردية والجماعيّة) « 

وذلك في غرفة العلمانيين العرب الصوتية يوم الأربعاء الموافق 19 -12- 2007 الساعة الثامنة مساءً بتوقيت فرنسا

الغرفة تفتح أبوابها لاستقبال الزوار قبل نصف ساعة من موعد بدء الندوة

والدخول إلى الغرفة يتم من خلال الصفحة المخصصة للغرفة الصوتية في موقعنا

أو باستخدام إحدى الوصلات التالية المباشرة :

www.3almani.org/spip.php?page=audio

www.forum.3almani.org/roomvi.html

في حال واجهتك أي مشكلة مع إحدى الوصلات السابقة فيرجى استعمال الوصلة الأخرى

وبهذه المناسبة تقوم شبكة العلمانيين العرب بنشر بعض النصوص التي تخص موضوع النكوص للدكتورة رجاء بن سلامة ، يمكن الإطلاع عليها في صفحتها الخاصة في شبكة العلمانيين العرب وهي تحت عنوان :

1_ جنون العودة إلى ما قبل الفطام (حول فتوى إرضاع المرأة زميلها في العمل )

2_ مقتطف من كتاب « العشق والكتابة »: العشق والماليخوليا والوضعيّات النكوصيّة

3_ الحداثة والحداد

الدعوة عامة، يسرنا حضوركم ومشاركتكم

ملاحظة

حاصلة على دكتوراه الدّولة في اللّغة والآداب والحضارة العربيّة، أستاذة محاضرة بكلّيّة الآداب والفنون والإنسانيّات، منّوبة، تونس، عضو في جمعيّة « الفضاء التّحليلنفسيّ الفرنسيّ التّونسيّ » ، عضو مؤسّس لجمعيّة « بيان الحرّيّات بفرنسا » .

من مؤلّفاتها:

- نقد الثّوابت، دار الطّليعة، بيروت 2005

- بنيان الفحولة، دار بترا، دمشق، 2005

- العشق والكتابة: قراءة في الموروث، كولونيا، دار الجمل، 2003

- صمت البيان، القاهرة، المجلس الأعلى للثّقافة، 1999؛

- الموت وطقوسه من خلال صحيحي البخاريّ ومسلم، تونس، دار الجنوب، 1997.

 


السلام عليكم

مرحبا بكم في موقعكم السبيل أونلاين نت

رابــــط الموقــــــــــــع

http://www.assabilonline.net/

للمساهمة ومراسلة الموقع

info@assabilonline.net


مرحبــــا بكـــــم في موقع الفجر نيوز . نت على الشبكة

  من أجل إعلام حر نزيه و ملتزم  ومن أجل كلمة واعية وخبر يقين وحوار رصين وتحليل هادف ورؤيا واضحة ومقاومة لكل أشكال القهر والاستبداد

نسعد بالتوصل معكم

إدارة موقع الفجر نيوز . نت www.alfajrnews.net الحبيب لعماري

 


 

« اطلع يا غريب.. البيت الاهل البيت.. البيت طاهر ما نريد اقدامك تنجسه »

 

هذا مـوّال للفنان العراقي حسام الرسام يصور بنغمة حزينة واقع بلد الرافدين، شاهدوه واستمعوا له وادعوا للعراق وأهله وجميع أمة العرب والمسلمين بالفرج العاجل في هذه الأيام المباركات!

 

http://fr.youtube.com/user/hawaiiking1977

 

http://fr.youtube.com/watch?v=HlOLr9wjZAA&feature=related

 


 

 أخبار الجامعة

طلبــــة تــــونس

 

 انتخابات المجالس العلمية و الوزارة …..

 

في بادرة لا سابق لها قامت وزارة التعليم العالي و البحث العلمي بنشر إحصائية غير مفصلة لنتائج انتخابات المجالس العلمية التي تمت يوم الخميس 13 ديسمبر 2007 و قامت بتوزيعها على مختلف الصحف.

و ذكرت الوزارة في بيانها أن  » عدد المقاعد المتنافس عليها في انتخابات هذه السنة بلغ 616  مقعدا بمختلف المؤسسات الجامعية  » و  » أسفرت هذه الإنتخابات عن النتائج التالية :

– طلبة التجمع الدستوري الديمقراطي 543 مقعدا أي بنسبة 88,16 في المائة مقابل 86,05 في المائة العام الماضي

– طلبة ينتمون إلى قائمات الإتحاد العام لطلبة تونس بمختلف الحساسيات 57 مقعدا أي بنسبة 9,25 في المائة مقابل 12,62 في المائة العام الماضي

 

– طلبة مستقلون 16 مقعدا أي بنسبة 2,59 في المائة مقابل 1,49 في المائة العام الماضي « 

 

و تبرز الأرقام المذكورة تناقضا مع الواقع على اعتبار أنه إذا سلمنا جدلا بأنها صحيحة و احتسبنا مجموع المقاعد المتحصل عليها من مختلف الأطراف السياسية ( 543 + 57 + 16 ) نجد حقا أنها تساوي عدد المقاعد المتنافس عليها في حين أنه تم إلغاء الإنتخابات في الكليات الثلاث الكبرى بالمركب الجامعي بتونس ( كلية العلوم 12 ألف طالب – كلية الحقوق 8 آلاف طالب – كلية العلوم الإقتصادية 9 آلاف طالب ) فهل تم ضم مقاعد هذه الكليات إلى مجموع مقاعد طلبة التجمع  ؟؟؟

 

و تشير بعض المصادر الطلابية إلى أن أداء قائمات التجمع كان هزيلا في الكليات الكبرى ( العلوم – الآداب – الحقوق – الإقتصاد ) و التي تضم لوحدها ما نسبته 40 في المائة من الطلبة الدارسين في مختلف المؤسسات الجامعية في حين أنهم استطاعوا في العديد من المؤسسات الصغرى من تحقيق نتائج و ذلك بسبب تواطؤ الإدارة معهم وهي التي مارست شتى الظغوط و التهديدات ضد المرشحين المستقلين و المنافسين لقائمات طلبة التجمع …

 

تبقى معلومة هامة لا بد من ذكرها وهي ضرورية و أساسية في تحديد قيمة أية انتخابات و تتمثل في نسبة المشاركة العامة التي تشير كل الدلائل إلى أنها لم تتجاوز في أحسن الحالات 25 في المائة حيث أن أغلب الطلبة هجروا الكليات و المعاهد و رجعوا إلى مدنهم و قراهم نظرا لحلول عطلة الشتاء وقرب يوم عيد الإضحى المبارك

 

و قد نبهت العديد من الأطراف الطلابية سابقا الإدارة إلى ضرورة اختيار موعد مناسب لتنظيم الإنتخابات حتى يتمكن أكبر عدد ممكن من الطلبة من المشاركة فيها و لكن لا حياة لمن تنادي ….

 

نتائج أولية لانتخابات المجالس العلمية :

 

لم تتوفر كافة المعطيات حول نتائج انتخابات المجالس العلمية التي أجريت يوم الخميس 13 ديسمبر 2007 و التي رافقتها أعمال عنف خطيرة خاصة في المركب الجامعي بتونس

 

و تشير النتائج الجزئية إلى فوز القائمات المستقلة في عدد من المؤسسات الجامعية على النحو التالي:

 

– كلية العلوم بصفاقس : 2 مقاعد

 

– كلية العلوم القانونية و السياسية و الإجتماعية بتونس ( أريانة ) : مقعد واحد                                 

 

– المعهد التحضيري للدراسات الهندسية بتونس ( مونفلوري ) : 2 مقاعد

 

– المعهد التحضيري للدراسات الهندسية بصفاقس : مقعد واحد

 

و قد تحصلت القائمات الموحدة لمرشحي الإتحاد العام لطلبة تونس على أغلب المقاعد في كلية العلوم الإنسانية و الإجتماعية بتونس ( 9 أفريل ) و كلية الآداب و الفنون و الإنسانيات بمنوبة و كلية الآداب و العلوم الإنسانية بسوسة    و المعهد العالي للآداب و العلوم الإنسانية بجندوبة و كلية العلوم بقابس و معهد التغذية بتونس ……

 

الطلبة الدساترة يستنجدون ببعض الوجوه المسرحية لتنشيط حملتهم الإنتخابية :

 

في إطار حملتهم الإنتخابية للمجالس العلمية نظم الطلبة الدساترة خلال الأسبوع الأول من ديسمبر 2007 في المسرح البلدي بصفاقس حفلا تخللته مسرحية و فقرات تنشيطية قدمها الممثل توفيق الغربي الذي كال جملة من الإتهامات و أطلق العديد من النعوت التشويهية على الطلبة الإسلاميين حيث دعا الطلبة الحاضرين إلى  » التصدي للمتطرفين و المخربين الذين يدعون بالطلبة المستقلين في كلية العلوم بصفاقس  » و قد اختلفت ردود أفعال الطلبة الحاضرين والذين تم جلبهم بالحافلات من مختلف المبيتات الجامعية .. ففي حين لزم بعضهم الصمت حيال هذه البذاءات قام آخرون برشق الممثل الدعي بالقوارير البلاستيكية التي كانت في حوزتهم.

 

كلية العلوم بصفاقس : الطلبة الدساترة يستفزون المرشحين المستقلين :

 

أيام قليلة قبل انطلاق الحملة الإنتخابية قام الطلبة الدساترة وسط كلية العلوم بصفاقس  باستفزاز المرشحين المستقلين حيث عمدوا إلى خلع أحزمتهم الجلدية و أشهروها في وجوههم قصد تخويفهم و إرهابهم فلقنهم الطرف المقابل درسا لن ينسوه أبدا و أياما قليلة قبل عيد الإضحى  » أكلوا مثل ما يأكل الطبل يوم العيد « 

 

عبد الحميد الصغير : أين هو ….

 

انقطعت تماما أخبار طالب المرحلة الثالثة عبد الحميد الصغير منذ أن تم اختطافه يوم السبت 1 ديسمبر 2007 من قبل أعوان بوليس بالزي المدني يرجعون بالنظر إلى مركز ابن خلدون و ذلك حسب شهادة بعض الطلبة حضروا واقعة الإختطاف …

 

و رغم المحاولات العديدة التي قامت بها عائلة عبد الحميد لمعرفة مكان احتجاز ابنها إلا أن الصمت المطبق هو الذي كانت تواجه به فقد أنكر رئيس مركز ابن خلدون أن يكون محتجزا لديهم كما أن مسؤولي سجن المرناقية نفوا أن يكون موقوفا لديهم

 

فهل توفي عبد الحميد تحت التعذيب – لا سمح الله – و إلا لماذا هذا الصمت المطبق حول مكان تواجده ….

 

تشغيل أصحاب الشهادات العليا :

 

في آخر تقرير لها حول تشغيل أصحاب الشهادات العليا ذكرت مكاتب التشغيل و العمل المستقل أنه تم   خلال الأشهر الإحدى عشر الأولى من سنة 2007 تشغيل 031 19  خريج  بارتفاع قدره 19,7 بالمائة بالمقارنة مع نفس الفترة السنة الفارطة و بذلك يكون معدل تشغيل أصحاب الشهادات العليا 730 1  خريج في الشهر

 

الأساتذة يساندون زملاءهم المضربين :

 

خلال كامل يومي الإربعاء 12 و الخميس 13 ديسمبر 2007 وضع الأساتذة شارة الإحتجاج الحمراء مساندة لزملائهم المضربين عن الطعام محمد المومني و علي الجلولي و معز الزغلامي

 

من ناحية أخرى أقرت النقابة العامة للتعليم الثانوي يوم الخميس 10 جانفي 2008 كيوم إضراب احتجاجي على مماطلات وزارة التربية و عدم جديتها في المفاوضات

 

منع القيادي الطلابي الإسلامي العجمي الوريمي من حضور ندوة فكرية :

 

تم يوم الجمعة 7 ديسمبر 2007 اعتراض سبيل القيادي الطلابي الإسلامي العجمي الوريمي من قبل ما لا يقل عن 15 عون من البوليس السياسي في محطة سيارات الأجرة  » المنصف باي  » بتونس و قاموا بتقييده ثم سحبوه إلى إحدى السيارات و تم إرجاعه من حيث أتى محاطا بالعديد من سيارات البوليس و لم يتم إطلاق سراحه إلا بعد إنتهاء الندوة

 

و كان العجمي قادما من مدينة سوسة لإلقاء محاضرة تحت عنوان » الأحزاب ذات الخلفية الدينية بين الواقع و التصور  » بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي

 

و إمعانا في المضايقة و الهرسلة لم يتم إرجاع العجمي إلى مسقط رأسه بـ  » شط مريم  » في ضواحي مدينة سوسة و  لكن تم نقله إلى منطقة الشرطة بمساكن

 

 

و في الختام :

 

يقول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: « متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا « 

طلبــة تـــونس

عنوان الموقع: WWW.TUNISIE-TALABA.NET


تونس: «التجمع» يرشح بن علي لولاية خامسة في 2009

تونس – الحياة

رشّحت اللجنة المركزية لـ «التجمع الدستوري الديموقراطي» الحاكم أمس رئيس الحزب زين العابدين بن علي (71 عاماً) للانتخابات الرئاسية المقررة للسنة 2009. ولم تُطرح خلال اجتماعات اللجنة التي استمرت يومين، أسماء مرشحين آخرين عدا بن علي الذي حصل على ثلاث ولايات في 1989 و1994 و1999.

وأجاز تعديل أدخل على الدستور في استفتاء عام أجري في السنة 2002 ترشيح بن علي مُجدداً في انتخابات 2004 و2009 بعدما كان سقف الولايات الرئاسية مُحدداً بثلاث فقط. ولا يحول حاجز السن الذي حُدد بـ 75 عاماً دون معاودة ترشيحه لولاية خامسة تستمر إلى السنة 2014.

وكان «التجمع» باشر منذ العام الماضي حملة واسعة لحض رئيسه على الترشيح لولاية إضافية. ويتطلب الوضع الدستوري الحالي إيجاد قانون استثنائي للإفساح في المجال أمام منافسين لبن علي في الانتخابات، كون القانون الانتخابي الحالي يربط الترشيح بالحصول على توقيعات من ثلاثين نائباً أو رئيس بلدية، وهو شرط لا يمكن لأي من أحزاب المعارضة تأمينه.

إلى ذلك، أطلقت اللجنة المركزية لـ «التجمع» الاستعدادات لعقد المؤتمر العام للحزب في الصيف المقبل، وناقشت ترتيبات إعداد لوائح مرشحيه للانتخابات البرلمانية التي تتزامن مع الانتخابات الرئاسية. ويسيطر «التجمع» حالياً على 80 في المئة من مقاعد مجلسي النواب والمستشارين. إلا أن بن علي أعلن الشهر الماضي أن حزبه سيمنح 25 في المئة من المقاعد لأحزاب الأقلية في الانتخابات المقبلة.

(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 18 ديسمبر 2007)


 

تونس تُرحّب بأول محطة إذاعية على الانترنت

في محاولة لحفز عملية رفع القيود عن قطاع البث الإذاعي التونسي وتطويره تم إطلاق إذاعة راديو 6 في الآونة الأخيرة حصريا على الانترنت.

كتبه جمال العرفاوي من تونس لمغاربية

انطلق في العاشر من ديسمبر الذي يصادف الذكرى التاسعة والخمسين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بث أول إذاعة تونسية عبر الانترنيت، أطلق عليها « راديو 6 » وهي مُشكّلة من مجموعة من ست إذاعات مازال أصحابها ينتظرون الترخيص مند سنوات للبث عبر الأثير.

وقال صالح الفورتي الكاتب العام للنقابة التونسية للإذاعات الحرة في تصريح لمغاربية « لقد طال انتظارنا في الحصول على تراخيص من السلطات التونسية للبث على موجات الأثير ولكن في النهاية اجتمعنا وقررنا أن نوحّد جهودنا ونطلق إذاعة عبر الانترنت لنعبر من خلالها عن تكريس حرية التعبير » وأضاف الفورتي أنه يأمل بهذه التجربة تثوير قطاع الإعلام في تونس وحفز المنافسة.

ويرى زياد الهاني الكاتب العام المساعد للنقابة التونسية للإذاعات الحرة وباعث مشروع « إذاعة قرطاج صوت السلام والحرية » بأن المبادرة الجديدة خطوة متقدمة على طريق الحصول على الحق في البث المباشر وأصبح ذلك ممكنا بسبب عدم وجود موانع قانونية أمام البث عن طريق شبكة الانترنت. ويضيف: « نأمل أن يراعي القانون الجديد للإعلام الالكتروني الذي تتولى الحكومة إعداده أخذ هذا المعطى الجديد بعين الاعتبار ».

وفي العاشر من ديسمبر أصدرت النقابة بيانا أعلنت فيه « أن هذه التجربة هي اختبار للسلطات حول نيتها في التخلي عن السيطرة على القطاع السمعي البصري ». البيان أشار إلى أن منح تراخيص « لمقربين من السلطة  » لبعث ثلاث إذاعات حرة وهي موزاييك والجوهرة وآخرها إذاعة الزيتونة للقرآن لا يعني أن السلطة قد رفعت يدها عن القطاع.

وتشكلت نقابة للدفاع عن حقوق أصحاب المطالب في بعث إذاعات خاصة خلال انعقاد قمة المعلومات التي احتضنتها تونس خلال نوفمبر عام 2005 ويعود آخر مطلب لبعث إذاعة أطلق عليها صاحبها راديو « 7 فري اف ام » إلى سنة 1987 لتليها إذاعة « صوت قرطاج صوت السلام والحرية » عام 1996 و »الشراع » في 2004 و »مجردة » كذلك في 2004 و »نوميديا » في 2006. وكان يُرجى من الأخيرة أن تكون صوتا للمعاقين. ولكن جميع مطالب هؤلاء مازالت تنتظر ترخيص السلطات الرسمية.

وبسؤاله إن كان هو ومجموعته قد تلقوا أية إشارة من السلطات الرسمية بُعيد انطلاق بث « راديو 6 » قال الفورتي « لم نتلق أية إشارة تذكر هم يعرفون مطالبنا أما عن إذاعتنا فإنها لا تخرق القانون وأمورنا من هذه الناحية سليمة مئة بالمائة ».

وتبث الإذاعة على مدار الساعة ويديرها متعاونون محترفون ويمكن للمستمع أن ينتقل بين مختلف الأغاني الشرقية وخطب الزعيم الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية بالإضافة إلى أخبار متفرقة وحوارات.

وحسب زياد الهاني، فإن موقع الإذاعة تلقى عدة رسائل « تدعمنا وتشجعنا على مواصلة المشوار حتى أن بعض الرسائل تقترح علينا بث أغاني بعينها ».

(المصدر: موقع « مغاربية » (ممول من طرف وزارة الدفاع الأمريكية) بتاريخ 17 ديسمبر 2007)

الرابط: http://www.magharebia.com/cocoon/awi/xhtml1/ar/features/awi/features/2007/12/17/feature-01


 

«تونس نيوز» تعود للعمل

بعد انقطاع دام اياما قليلة، تراجع موقع «تونس نيوز» عن قرار ايقاف عمل كان قد امتدّ طيلة7 سنوات و7 أشهر خلت. ويبدو أن استئناف النشاط حدد في مدة زمنية ستتواصل الى غاية 30 أفريل 2008.

 

(المصدر: مجلة « حقائق » (أسبوعية – تونس) بتاريخ 6 ديسمبر 2007)


 

تكوين الكفاءات التونسية في مجال الطاقة الذرية

ينتظر ان ينتظم خلال الفترة المقبلة يوم دراسي بالتعاون بين المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا النووية بتونس واللجنة الفرنسية للطاقة الذرية فيما يتعلق بتكوين الكفاءات التونسية في الطاقات المتجددة ومختلف الاستعمالات في مجال الطاقة النووية خصوصا وان تونس تستعد لتركيز محطة لتوليد الطاقة الكهربائية بالطاقة النووية سنة 2020.

حادث على السكة الحديدية

ألقى بعد ظهر أمس رجل نفسه أمام القطار الرابط بين تونس وصفاقس وذلك في مستوى منطقة سيدي صالح.

عدم قطع التيار الكهربائي خلال عطلة عيد الأضحى

بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك علمنا من مصادر مطلعة أن الإدارة العامة للشركة التونسية للكهرباء والغاز قد أعطت تعليماتها الى كافة رؤساء فروع الشركة في البلاد بمنع قطع التيار الكهربائي على الحرفاء الذين لسبب أو لآخر لم يسدّدوا معاليم فواتير الكهرباء والغاز خلال هذه الأيّام.

(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 ديسمبر 2007)


 

القصرين:

مبادرات تضامنية مع أبوي التوائم الخمسة

على اثر ولادة التوائم الخمسة وتضامنا مع والدهم  الذي يعمل محتسبا بفرع المغازة العامة بالقصرين حل أمس الرئيس المدير العام لهذه المؤسسة بالقصرين وقدم تهانيه بصفة مباشرة لأب التوائم ودعما ماليا بخمسة آلاف دينار تضامنا معه في مواجهة أعباء العناية والإحاطة بالمواليد

 وقد كان لهذه البادرة صداها العميق خاصة لدى الأسرة الواسعة للتوائم وعمال المؤسسة الذين تبرعوا بدورهم لزميلهم بمبلغ 3000 دينار تعبيرا منهم عن مساندتهم له في توفير أفضل الظروف المادية لاحتضان التوائم وعبروا عن امتنانهم للحس التضامني الذي أحاطت به الإدارة العامة للمؤسسة هذه الأسرة.

الصحبي بكاري

(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 ديسمبر 2007)


 

الفنّانة أمينة فاخت:

من الحجّ إلى «الرّيفيون»؟!

طالعتنا بعض الصحف اليومية بخبر توجه أمينة فاخت أو بالأصح «الحاجة أمينة»، كما أوردت هذه الصحف، للبقاع المقدسة لأداء فريضة الحج وأرفق الخبر بصور «للحاجة أمينة» وهي ترتدي الحجاب التزاما بمتطلبات أداء الفريضة المقدسة.

بالتوازي مع ذلك يطالعنا منذ فترة على أعمدة الصحف أيضا خبر تعاقد أمينة مع أحد الفنادق المعروفة لاحياء سهرة رأس السنة مرفوقا بصورة من أحد حفلاتها السابقة.

ولعل التفسير المنطقي للخبرين أن أمينة ستعود مباشرة من البقاع المقدسة لتكون على موعد مع جمهورها التزاما بالعقد الذي يربطها مع الفندق الذي شرع منذ فترة في الترويج للحفلة ضمن حملة اعلامية موسعة وقد يكون عدد كبير من أحباء أمينة وأسلوبها الخاص في الغناء قد حجزوا بعد بقاعهم للاستمتاع برأس السنة برفقتها.

لكن هل تصنع «الحاجة أمينة» الحدث وتفاجئ جمهورها ومحبيها بتفضيلها الحجاب ؟

(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 ديسمبر 2007)


 

 السبيل أونلاين نت: من نحن وما هي رسالتنا ؟

 

بسم الله الرحمان الرحيم

 

من نحن ؟ وما هي رسالتنا ؟

 

وعلى الله قصد السبيل …

 

وهذه الآية مصدر اختيار إسم الموقع

 

السبيل أونلاين نت منبر حر ومستقل لا يتبع أي جهة أو هيئة

 

نحن ثلة من أبناء وبنات تونس من داخل أرض الوطن وفي المهاجر المختلفة

 

نريد أن نشق مع كل التونسيين سبيلا يجمع الجميع

 

إننا جميعا في سفينة واحدة إذا سلمت سلم الجميع ، وإذا أوتيت من أيّ كان غرقت بالجميع . لقد توزعت التونسيين اليوم السبل حتى أكلهم الصراع ولا يزال. ورغم ذلك فقد كانت محصّلة التجربة القريبة هي أن الحوار والتلاقي بين التونسيين جميعا مهما اختلفت توجهاتهم وتباينت مرجعياتهم وتعارضت أفكارهم لا يزال ممكنا ومتاحا… وأن الشعب التونسي … يضم في صفوفه طاقات لا تنضب ويتوفر على معادن صافية لا زالت قادرة على إطلاق عملية التجديد الوطني، والنهوض الحضاري، والبناء القويم؛ متى توفرت الإرادة الحقيقية، والعزم الصادق، والإخلاص للثوابت الدينية والقومية والحضارية، والمشترك الإنساني

 

فهل في مقدور التونسيين جميعا أن يشقوا طريقهم إلى أقوم السبل ؟

 

هذا هو الهدف الذي نطمح أن تتضافر جهود التونسيين جميعا لتحقيقه

 

أولا بتوازن ، وثانيا باندماج وتكامل الخبرة والعلم وحماسة الشباب، وثالثا بانفتاح وتناغم ومشاركة جميع التونسيين.

 

أولا: التوازن

 

إن الواقع التونسي يعيش معاناة يومية، يشعر بها كل التونسيين

 

والواقع التونسي يعيش تفاعلات وتحولات حضارية تؤثر على حاضره وتشكل مستقبله، فمن حق وواجب كل التونسيين أن يكونوا إيجابيين في هذه العملية.

 

وإن الواقع التونسي – كما هو حاله الآن – له احتياجات تربوية وشرعية

 

ومن لم يجد من التونسيين نفسه في أي من الدوائر الثلاث السابقة فيمكن أن يساهم من دائرة رابعة مفتوحة للمنوعات والابداعات.

 

وتبعا لهذا التوازن المنشود في الاهتمامات يمكن أن يعرف موقع السبيل أونلاين بأنه : موقع إعلامي وحضاري وتربوي شرعي وإبداعي

 

ثانيا: إدماج وتكامل الخبرة والعلم والشباب

 

يعيش الواقع التونسي حالة إنفصال بينه وبين نخبه بخبرتها ومختصيها وطاقتها الشبابية وهذا ما يعطل شروط التنمية الشاملة والنهوض الحضاري المنشود , وللنهوض بالواقع التونسي لا بد من دمج الخبرة والعلم والشباب وهذا ما ننشده أن يتحقق بتكامل العناصر الثلاثة

 

ثالثا: انفتاح وتفهم ومشاركة جميع التونسيين

 

وإضافة للتوازن المنشود بتلك الدوائر الأربعة، والادماج والتكامل المأمول بين الخبرة والعلم والشباب، ننشد أيضا – حتى يتقدم التونسيون إلى هدفهم – إلى انفتاح وتفهم كل التونسيين لبعضهم البعض , ومشاركة الجميع ، وإلتقاط الحكمة حيثما كانت. إن المرحلة التي يمر بها بلدنا تقتضي أن نسمو نحن التونسيون عن أنفسنا وذواتنا إلى رحمة الحق وسعة البلد

 

وتعبيرا منا على إعتمادنا هذا الأسلوب، فإن هذا التعريف نقدمه لكم كتعريف أولي نطمح أن ينُضّج ويأخذ صيغته النهائية بمشاركتكم جميعا.

 

وعلى الله قصد السبيل …

 

إدارة السبيل أونلاين نت

 

(المصدر: موقع « السبيل أونلاين.نت »، تصفح يوم 18 ديسمبر 2007)

 


 

القضاء يستنسخ العصا

 

عبد الرؤوف العيادي وأنت تشاهد صبيحة يوم 15/12/2007 البوليس ينتشر داخل المحكمة وخارجها وحواليها بجميع فرقه، بعصيّه وخوذاته اللامعة كأحذيته وبكلابه المتحفّزة « المتنرفزة » بأسلحته المُشهرة، بسيّاراته بدرّاجاته وأجهزة الاتصال… تتساءل ماذا أبقت الثكنة للمحكمة، وهل السلطة بصدد إعداد محاكمة أم مصادمة ؟ وأنت تشعر بحركة البوليس حامل الزي المدني وهو هنا وهناك، بالداخل والخارج فوق وتحت، أعينه متفرّسة للوجوه تبحث عن فريسة من صحفي غير مرغوب في حضوره أو حقوقي « خائن » لوطنه. وإن لم يجد من يطلب يستمر على إرسال إشارات الخوف لمن لم يبد منه علامات كافية… تتساءل مرة ثانية من هم المستهدفون للعقاب، المحالون على المحكمة ؟ أم الواقعون تحت أنظار الثكنة ؟ وأنت تعاين تقسيم الفضاء وفق نهج يعتمد تقليص دائرة المباح عبر توسيع مساحات الممنوع إلى ما يشلّ الحركة حتى « حركة الوقوف » ! تتساءل مرة ثالثة كيف غفلت مجلة الطرقات عن تخصيص باب « للسجون الهواء الطلق ». وأنت تسمع بكاء امرأة متحجّبة منعت من دخول قاعة الجلسة لحضور محاكمة ابنها، وقد حال بينها وبين الباب الحديدي « ضابط الممنوع » طويل القائمة حاملا لشعار ونجوم ! لا تتساءل مرة رابعة عما بقي من الحقوق. وأنت تخترق حواجز البوليس حاجزا حاجزا وعباءة المحاماة بيدك باحثا عن أنقاض العدالة بقصرها، أجدك في قاعة غصّت بالبوليس وحتى بمساعديه من الزملاء والزميلات ممن استجابوا لشعار البولسة الشاملة. ولا تطول متابعتك لجلسة- رفض فيها المتهمون الوقوف للمحكمة- حتى تشكّل فجأة مشهد العصيّ السود ترتفع بأيدي البوليس ليهوي بها على رؤوس المتهمين الذين أجلسوا على مقاعد لا تبعد سوى مترين وبعض المتر على هيئة المحكمة التي لم يبالي رئيسها بأصوات الصياح والاحتجاج واستمرّ على تلاوة قرار الإحالة ولو بالاكتفاء بتحريك الشفاه « إذ لا صوت يعلو على صوت المعركة ! » فقد قنع المسكين بفضاء تقوقع داخله لا يتعدى ما يجلس عليه ويضع عليه يديه من خشب المجلس ! ومن اشترى القناعة بالشجاعة فرّط في سلطانه ونزع تيجانه. وأنت تعيش هذا المشهد، لا تتساءل مرة خامسة، بل تدرك بأنّ إجراءات المحاكمة تسطّرها عصا البوليس بالتقليص ثم التقليص وأنّ التعليمات في عهد « حكم العائلات » بأحكام القدر تشبّه لا يجدي معها فقه ولا تفقّه، وأن لا خيار « لعاقل » بين اللعنة والنعمة. لا محكمة هي ولا هو رئيس، وإنّما بوليس ثم بوليس، وعصا تسطّر ما غفلت عنه المجلاّت والمدوّنات من إجراءات « اختطاف ثم تعذيب وتدليس ثم سجن و »تأديب » ثم عقاب البوليس ينطق به « رئيس ». لا مجال للحكم بعد اليوم ! القضاء يستنسخ العصا – ولكلّ إنجازاته- فإذا اختار علماء الغرب استنساخ « النعجة دولي » فلا حاجة لنا نحن باستكثار النعاج وقد سبقناهم بإقامة « دولة النعجة » لها الغُنم والحُكم ! والله أعلم.
 

 (المصدر: مجلة « كلمة » (شهرية اليكترونية)، العدد 58 لشهر ديسمبر 2007)


نص رسالة بعث بها القيادي في حركة النهضة والسجين السياسي السابق عبد الحميد الجلاصي إلى شقيقه وإخوانه في الخارج من حي الزهور بسوسة يوم 8 ديسمبر 2007

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 والصلاة والسلام على رسول الله

 

حي الزهور – سوسة 8 ديسمبر 2007

 

هل تكون رسالتي الأخيرة؟

 

أخي الغالي، إخوتي الأحبّة: تعوّدت منذ سنوات أن أحييكم كلما وجدت فرصة لهذه التّحيّة، تحيّة تلمّح لأنها لا تستطيع التصريح، وتشير على استحياء لأنها لا تستطيع الإصداع والتوضيح…

عليّ الآن أن أغيّر بعض عاداتي في الكتابة.. أن ألغي وجود الرّقيب من ذهني.. وأن أكتب ما أكتب دون لجوء  الى تورية أو كناية.. وأن أختار من الألفاظ ما يوضّح المعنى لا ما يقرّبه فقط خوفا من أن يستفزّ عينا تقرأ، فتعطّل المكتوب، وتمنع وصول التّحيّة..

غير أني في هذه التّحية أيضا لن أستطيع الإصداع بكل ما يجول في الذهن من خواطر وأفكار، فقد لا يكون الوقت وقتها، ولا المكان مكانها، وإن كنت أستطيع – على الأقل- التصريح بكل ما يجيش في الفؤاد من مشاعر وأحاسيس… فأرى من واجبي، ومنذ بدية هذه الرسالة الشخصية، أن أعلن:

   اعتزازي بأني كنت تلميذ الكثيرين منكم.. نهلت من عميق فكر البعض، وجرأته وجدّته، ونهلت من صدق الجميع، ومن إخلاصهم، فترعرعت على ما قرأت وما سمعت… فطوبى لمن كان في هذه المدرسة نموذجا، وأستاذا، وقدوة..

   واعتزازي بأن كنت رفيق الكثيرين منكم، من إخوة وأخوات، آخت بيننا قيم الإسلام ومُثله، وجمعت بيننا مبادئ حركتنا المباركة ومناهجها، وساحات النضال في المعاهد والكليات.. كانت ذكرى الأسماء والصور والمشاهد والملاحم من خير الزاد للنفس كلما ضاقت على السجين زنزانته، أو خطر في النفس خاطر من سواد.

   واعتزازي بأن أقف في نفس المعسكر والصف مع جيل كان – حينما حاق بالبلاد ما حاق- في بدايات تحصيله الجامعي. حمل جراحاته، وطوّحت به المنافي مشرقا، ومغربا.. صدق ما عاهد الله عليه، وما بدّل، ولا غيّر… كبر سنّا، ووعيا، وموقعا. وامتدت قامته في مجالات الفكر والسّياسة والعمل. فأضاف معرفته وحماسه الى معرفة وخبرة من سبقه، وشقّ طريقه.. وكان إحدى المفاجآت السّارّة لي وأنا أستقبل حياة جديدة..

   واعتزازي بفتية لم تسعدني الأيام بمعرفتهم، لأنهم كانوا بداية التسعينات في سِنِي الصّبا. صلب عودهم، واشتدّ ساعدهم، واختاروا طريق ذات الشوكة. قد يكون عددهم قليلا، غير أن مجرّد وجودهم هو البرهان الأصدق أن أُمّنا، في كل الظروف، ولاّدة.. هم الذين يقولون: ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا…

أحيّي:

        من عاشرتُ فكرَه ومواقفه وتوجيهاته سنوات

   ومن أسعدتني الظروف أن أتعرف عليه وأن أتعلم معه دروس الجهاد والرفض، وأن أقدح بصحبته زناد الفكر في غرف الأحياء الجامعية، وساحات الكليات، كي نستنبط ما يفيد البلاد والعباد

        ومن التقيته صدفة في اجتماع دون أن أعرف اسمه أو يعرف اسمي

        ومن التقيته عرضا ولو لبضع دقائق

        ومن لم تسمح لنا الظروف بالالتقاء ولو للحظة..

أحيي الجميع..

فقد كانت أخوّتكم، وكان دعاؤكم، وكان جهدكم، وكانت أصداء بعض ما تقومون به، نبراسا لنا في الظلمة، وفتحة كانت تتّسع يوما بعد يوم في جدار التحجّر والجمود والقحط..

بفضل الله، ثمّ بجهدكم، خرجنا مرفوعة رؤوسنا، منتصبة قاماتنا، تهرّأت السّجون والزّنزانات ولا يزال العزم منّا حديدا..

أقول للجميع:

·        لمن نذر نفسه ووقته وماله لما اختاره واخترناه من طريق

·   ولمن اختار، لسبب من الأسباب، أن يأخذ بعض المسافة وأن ينيخ راحلته لبعض الراحة والتأمل، دون أن يقطع علاقته بالمشروع..

·   وحتى لمن اختار، أو أجبرته الظروف، على التخلي عن النضال، ولكنه تذكّر، في لحظة ما، ما آلت إليه أوضاع البلاد، أو تذكّر حبيبا طال أسره، أو عائلة طالت معاناتها، فأخذته العبرة، وحنّ الى ما كان من مجالس يُذكَر فيها اسم الله كثيرا، وتحفّها الملائكة..

أقول لكل هؤلاء: شكرا، وجازاكم الله خيرا…

 

أخي الغالي / إخوتي الأحبة: ماذا وجدت من جديد؟

·   وجدت السّماء رحبة، فسيحة، كما كانت دائما.. لا تقدر القضبان ولا الأسلاك على محاصرتها.. وجدتها زينة، وبهجة للنّاظرين..

·   وجدت الأرض، بعد الغيث الأخير، قد اهتزّت وربت، وستنبت، إن شاء الله، من كل زوج بهيج.. ستكون سنتنا خصبة، وحصادنا سيكون وفيرا…

·   وجدت زوجتي تحتفظ بالتاريخ، وتحتضن ما مضى من أيام.. تحتفظ بـ « أسنان حليب » مريم.. باستدعائها لتسجيل ابنتها في المدرسة.. بطائفة من الدعوات لحضور حفلات آخر السنة الدراسية لِتَسلّم جائزة  » العصفورة ».. باستدعاءات الشرطة لها.. بطائفة من عرائض الشكوى، ومن البرقيات.. ببدلة زفافي.. بالثياب التي اعتقلت فيها، وقد تمزق منها القميص كأنما قد  نهشته الكلاب.. بوقائع كثيرة حُفرت في ذاكرتها عن قصّة المعركة الأبديّة بين السّوط والجسد… وجدتها تحتفظ بابتسامتها، بصبرها، بيقينها، وبتفهّمها…

·   وجدت ابنتي التي تركتها جنينا، وجدتها يتصارع داخلها الشوق والتخوف.. تتحرق شوقا لاحتضان والد عرفته صورة باهتة، نتفا من أحاديث متفرقة ومتباعدة، أسطرا من رسائل، قصة ترويها الأم والجدة والأعمام، طيفا يزور في النوم، ويُزار في اليقظة بين الحين والحين، وتتخوف منه أن يفتكّ منها والدتها، وأن يكثر من الأوامر والنواهي، ومن التدخل في الصغيرة وفي الكبيرة..

تركتها حلما، وجدتها حقيقة..

تركتها جنينا، وجدتها عروسا..

·   وجدت الوالدة سعيدة برجوع بكرها، ولعل هذا الرجوع عوّضها غياب رفيق العمر بعض التعويض.. تتشوق لعودة الابن الثاني، تغلبها سعادتها فينساب الكلام منها حلوا عذبا، عسلا، ودعاء أن يجمع الله شمل عائلتها، وشمل كل الصالحين، في الدنيا، وفي الفراديس العلى من الجنة.. وجدتها كالعادة.. ابتسامة، ووجدتها سكينة، ووجدتها شعلة نشاط..

·   وجدت معركة في الأنفس وفي البلاد بين الجرأة والخوف، بين الإقدام والإحجام. ما حصل عندي من انطباع أن وعي الناس قد تطور، وفهمهم للواقع قد تحسن، لا زال الخوف مسيطرا وإن خفّت سطوته عما كان عليه الأمر أواسط التسعينات حينما كانت تضيق عوالم الأحياء على الأنفس الطيبة فتلجأ الى المقابر لتناجي من غاب من الأحبة علها تجد عنده ما يسلي ويفتح طريقا للأمل..

غمرتني محبة الأهل والأحباب في قريتي الصغيرة، وفيما حولها من القرى، وفي حي الزهور بسوسة.. استهان البعض بالخوف.. وبعضهم صارع خوفه فصرعه، وبعضهم غلبه الخوف.. لكن الجميع يعبر عن فرحته لهذا الخروج، إما بالحضور، وإما بما تتقنه الشعوب المكبّلة من تحايل على الخوف ومن يجسّده..

·        وجدت الحيرة لدى طائفة واسعة من الشباب جُوِّعَ فضاعت منه أحلامه، أي شبابه..

 

 

*******

ووجدتهم في انتظاري…

سعدت كثيرا أن يسلّمني حرس السّجن الى حرس البلاد. وهل من تحيّة أحلى من هذه. قلت في نفسي: « أنا محظوظ.. ها أنا أحصل، منذ اللحظات الأولى لحريتي المستعادة على نصيبي من أعدل الأشياء قسمة بين التونسيين: الأمن »..

تحدثنا قليلا في السيارة، تعارفنا، كان لسانهم حلوا، كما يكون لسان البوليس، ولم تكن ضحكاتهم بلاستيكية.. أسعدهم التعرف عليّ، لم يخفوا ذلك..إذ استكملوا، أخيرا، ثغرة في ثقافتهم العامة.. فقد كانوا يعرفون زوجتي، وأحوال أهلها في سوسة بالتفصيل. ليس في الأمر مفاجأة، فهم البوليس، ثم هم، قد عايشوا الأهل سبعة عشرة سنة كاملة. ذكّرتهم، وشكرتهم على أياديهم البيضاء عليّ..

فهم قد خلفوني في أهلي خيرا..

فمن يسهر على راحتهم ليلا، ونهارا؟

ومن يتجشّم عناء زيارتهم آناء الليل وأطراف النهار ليطمئن على حالتهم؟ لا يهم إن كان بعضهم يزورهم في حالة سكر، فما ذلك إلا لرفع الكلفة، وهل يتكلف المرء مع أصدقائه الأقربين؟! وقد وصلت هذه العناية الموصولة حد تجشم عناء الزيارة أكثر من مرة في الليلة، إضافة الى الإمضاء في سجلات مراكز الشرطة مرة أو مرتين في اليوم.

من تكلّف إقناع زوجتي الشابة بضرورة البحث عن زوج جديد، وبالتطوع للبحث عن هذا الزوج؟ من وعدها بأنهار العسل والسّمن، وبالقصور والجنات في الدنيا إن هي تخلت عن ذاك القابع في السجن؟

شكرتهم حقيقة على هذا الحنان البوليسي، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله…

 

وصلنا الى مقر الفرقة، طلبوا من « سي عبدالحميد » الجلوس وجلب أحدهم رزمة من الأوراق البيضاء..

أصارحكم.. أنا لا تعجبني الأوراق البيضاء بين أيدي البوليس، ولا تعجبني الأوراق البيضاء بين أيدي البوليس السياسي خاصّة. سألت صاحبي مازحا عما يفعل بها, فقد تعلمت أن لكل حرفة أدواتها، تعلمت مثلا أن من أدوات الفلاح المحراث والمنجل، وأن من أدوات البنّاء المطرقة و »الملعقة » … صحيح أن هذه المعلومات قديمة، مضى عليها بعض الزمن، ولكني لم أكن أظن أن من أدوات الشرطي الورقات، وخاصة البيضاء منها..

طلب مني بكل لطف أن أحدثه عن حياتي لأني « أعود إليهم بالنظر » كما قال.. استغربت، وعتبت على أمي لأنها لم تُعْلِمْني أني ارجع إليهم بالنظر.. وعتبت على المرحوم والدي لأنه لم يُعَلِّمْني أن أعود إليهم بالنظر.. ربما تكون الانشغالات الكثيرة اغفلت الوالدين عن هذه المسألة، أحاول أن أجد عذرا لوالديّ، وذاك من تمام البر، ولكن بعض السهو لا يغتفر…

أجبته، بكل لطف وأدب، أني لا أرى في حياتي ما يستحق الذكر، وأني لا زلت شابا لأفكر في كتابة مذكراتي، وأني إن فكرت يوما في مثل هذه الكتابة، فقد لا أختاره هو تحديدا كاتبا، وأني للأسف لا أرى مبررا يدفعني حتى أن أعطيه اسمي، وأعلمته بوجود أصناف من المجرمين قد يكون من الأولى أن يهتم بهم البوليس، وأني لا أعود بالنظر إليه ولا لغيره ، إلاّ لما أختار، ومن أختار…

منذ ذلك اليوم، والأمن التام يغمرني، عسس قرب المنزل.. سيارات من أنواع وأعمار مختلفة.. يرافقونني أيضا في طريقي الى دكان الحي، والسوق الشعبية، يرافقونني في طريقي الى المسجد القريب.. ومن غريب الصدف أن تم إغلاق أحد منفذيْ الجامع.. حصل ذلك للتَّوَقِّي من التيارات الهوائية.. هذا ما قاله لي بعض الظرفاء من الملاحظين والمراقبين، والله أعلم..

ويرافقونني أيضا في جولاتي الصغيرة في المدينة: رجالا وركبانا..

عندما اصطحبت ابنتي وأمها، لأقتني بعض الأدباش لابنتي، لأشعر لأول مرة في حياتي بالمتعة التي يشعر بها كل والد عندما يقتني شيئا جديدا وجميلا لفلذة كبده، كانت معنا هذه الرفقة الآمنة من الثالثة ظهرا الى التاسعة مساء.. عندما دخلنا أحد المطاعم للعشاء، تسمروا في انتظارنا، قلت لنفسي.. إن لم يدفعوا الحساب هذه المرة لعلهم يفعلون ذلك في المرة القادمة..

أستمع لصوت الأقدام خلفي.. أتهجى الكلمات، كأنها تقول لي: « مكانك هناك.. وما أخرجتك إلا تصاريف الزمن.. نشاركك همساتك.. وليتنا نشاركك خواطرك ونواياك »..

أقرأ صوت الأقدام خلفي، أبتسم. أحادث نفسي.. لم يكن الصمت لنا خيارا، ولن يكون.. ومن يسعى الى دفعي للاختيار بين السرية والسجن فلن أختار السرية.. لا شيء لي أخفيه.. واضح أنا كالشمس…

السيارة ثابتة في مكانها في طرف النهج، « صباحا، مساء، ويوم الأحد ».. يتدبرون طعامهم من الأجوار الذين يتبرعون لهم بذلك عن طيب خاطر- ومن لا يحب البوليس في بلدي؟-  ويستمرؤون بفعل العادة والإلف اللقمة الباردة، المغتصَبَة..

 في الحقيقة لست موقنا إن كانوا يتابعونني، أم يتابعون زوجتي، التي تربط غطاء رأسها بمشدّ، وعلم الله ما يمكن أن يُفعل بمثل هذا المشدّ!

 

سافرت الى العاصمة لتحية بعض الأحبة والأصدقاء.. وجدتهم أيضا في انتظاري (لا أتحدث عن الأصدقاء!).. شققت المدينة من معقل الزعيم الى محطة قطارات الضاحية الشمالية.. توقفت عند باعة الكتب القديمة.. استرجعت إحدى هواياتي السابقة..

عندما كنت أتصفح الكتب والمجلات، فاجأتني رسالة أو إشارة، انشرحت لها.. فقد عثرت على رواية كنت أبحث عنها منذ نهاية السبعينات

 L’archipel du goulag  للكاتب الروسي الكسندر سولجينيتسين. في هذه الرواية يكشف سولجنتسين ويفضح ويعرّي ستالين ومعسكرات اعتقاله. الآن، وأنا أتصفح الكتب والمجلات القديمة تنكشف لي الحقيقة كاملة. كدت أقفز على عسسي لأعانقهم، وأعتذر لهم. ظننتهم يتابعونني فإذا هم يتابعون سولجنتسين وحروفه وأبطاله.. ظننت المكان تونس الثلاثاء الحادي والعشرين من نوفمبر 2007 في طقس يذكّر بالربيع، فإذا أنا في الحقيقة في صقيع روسيا ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي، ازداد إحساسي بالأمان، غبطت نفسي، وتأسفت لمن – من  مواطني- حرم من مثل هذه النعمة، وواساني أن هذا الصنف قليل عدده. كدت أصرخ.. يا إلهي كم تورط الظنون في خاطئ الأحكام.. واستغفرت لذنبي، وللمؤمنين والمؤمنات..

 

*******

أخي الغالي / إخوتي الأحبة:

وجدت الكثير مما أسعدني..

 من ذلك الاسهام المشكور لطائفة من الأحبّة في النشاط الفكري وفي العمل الجمعياتي في كثير من المنافي…

ووجدت أن حركتنا هي الآن الأكثر وضوحا وعلنية. إذ تطرح الكثير من المسائل المهمة للنقاش العلني، فيساهم فيها الجميع، وفي هذا خير عميم للبلاد والعباد إن كان القصد هو تحرّي الحق، وإن كان الحرص على توضيح الفكرة، والاحتجاج للموقف لا ينسينا الحرص على مراعاة حق الأخوّة، والحفاظ على علاقات المودّة والتّحابب، إذ ليس لنا من رصيد أعظم من هذا..

دون هذه الوحدة ما كان اجتماعنا اليوم ميسورا..

ودون هذه الوحدة لا يمكننا التقدم شبرا في معارك ترسيخ هويّة بلادنا، وتوفير الحرية لكل صاحب فكر ورأي وموقف..

ودون هذه الوحدة لا يمكننا التقدم شبرا للمساهمة في معركة العدالة الاجتماعية، وفك الارتباط بقوى الاستكبار والهيمنة..

لا زلت أتحسس طريقي تدريجيا لأكوّن فكرة تسمح لي باتخاذ موقف مما يدور، وأتابع شيئا مما ينشر من السّجال حول عدد من المسائل، غير أني أرى، ابتداء، أن يتجاوز النقاش دائرة الكليات والمبادئ الى التحليل الدقيق للواقع، والبحث عن مدى توفر شروط أي خيار من الخيارات، إما في الحال، وإما في مستقبل يُصنَع بخطواتنا أيضا..

فما أظن وجود خلاف حول الكليات والأصول والمبادئ، وقد خضنا ما يشابه هذا النقاش سنة 1981 وسنة 1983، وكان نقاشا صعبا، ومرهقا. ولكن نتائجه على مستوى بلورة النهج كانت مهمّة جدّا.. وهو ما سجّلته وثائقنا خاصة سنة 1986..

حتى جناحنا الشبابي، الذى عادة ما يكون- لحماس الشباب، وخصوصيّات ساحة الفعل- الأكثر تحفظا واحترازا، على بعض الخيارات والوسائل ، بلور نهجه الخاص، والذكي، والمثمر، في التعامل مع مختلف مكونات الفضاء الجامعي، فكان الميثاق الطلابي الموحّد (15 نوفمبر 1982).. وكان الشعار/ الدعوة، أن يا أيتها التيارات السياسية تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم، أن نتحاكم الى جماهير الطلبة.. وكانت تظاهرات أسابيع الجامعة نهجا جديدا في تنشيط الفضاء الجامعي..

 

هذه رسالة شخصيّة، فلا أتكلم باسم أحد، ولا يمكنني أن أتكلم باسم أحد. ولكن علم الله كم بذلنا داخل السجون، كل منا في ذاته، مراقبة وتذكيرا، وكل منا مع إخوانه تحذيرا وتحصينا، حتى لا يخلف ضيق المكان وضيق الظروف ضيقا في الصدور وضيقا في الأفق، وحتى لا تكون محبتنا مدعاة للتساهل في الحكم عند تقييم الحبيب، ولا بغضنا مدعاة للتطرف في الحكم عند تقييم المخالف، أيا كانت درجة الخلاف معه (أشدّد:  أيا كانت درجة الخلاف)..

أزعم أننا لا نعدم مرونة في طريقة التفكير تسمح بتقدير المصالح، ومراعاة مختلفها، والموازنة بينها، وفق ذلك النهج القيم الذى لا يتحرج من مواجهة أية معضلة وطرحها للنقاش، مع مراعاة المقصد الأسنى في المحافظة على وحدة الصف، وبذل أقصى ما يمكن من الجهد للمحافظة على مناخات المودة والتآخي..

لا ينقصنا –ولله الحمد- الصدق، ولا الإخلاص، ولا الحكمة لتحقيق ذلك..

 

أخي الغالي / إخوتي الأعزة:

لمست لدى الكثيرين ممن أعرف نوعا من الأسف، وحتى ما يشبه الاعتذار عما يعتبره تقصيرا في حق المساجين.. قد يكون هناك بالفعل تقصير.. ولكني شخصيا أشكر للجميع جهدهم، ولا أهوّن البتة مما لحقهم من ابتلاء وفتنة، ولا يمكن أن أبخس ما حققوه من مكاسب وإنجازات..

معركتنا في السجن كانت واضحة.. لا بحر من ورائنا. من لا يريد بك ذرة من الخير يحاصرك من كل جانب، لا يترك لك متنفّسا في المكان، ولا هدنة في الزمان، ليس لك من خيار، إما أن تكون، وإما ألا تكون.. لا خيار لك غير المقاومة.. لا وسط… أما فتنتكم، فلها من الأوجه الكثير..والأنفس الحرّة، الحيّة، قد يربكها عجزها الحقيقي، فتتوهّم أنه كان بإمكانها أن تفعل الكثير ولم تفعل.. فترتدّ على ذاتها جلدا، حتى تصاب بالإحباط، وترتدّ سهامها الى من معها في نفس الصفّ، فتخطئ المعسكر، والمعركة، والهدف..

أشهد أنه لم يكن من الهيّن المحافظة على وجود حركتنا في ظروف كالتي مررنا بها..

وأشهد أنه لم يكن من السهل المحافظة على وحدتها في مثل تلك الظروف..

 وأشهد أنه لم يكن من السهل المحافظة حتى على الحد الأدنى من مناخات التعايش الصحي.. ما حققتموه، أيها الإخوة، يشبه المعجزة، فلا تبخسوا أعمالكم..

وأشهد أن ما حققتموه من حضور ليس بالشيء الهين، مهما كانت علاقته بالأطر الرسمية، فلنا من سعة الأفق ومن حسن الفهم، ومن رحابة الرؤية ما يجعلنا نقول: بارك الله في كل جهد خير، ونقول كما قيل: أمطري حيثما شئت فخراجك لصالح البلاد والعباد..

يجب أن يكون هذا الأمر راسخا في الأذهان، دون تزيين ولا غرور، ودون تبخيس ولا تحقير..

أما ما يمكن أن يوجد من تقصير، بل ما وجد فعلا، في أدائنا، أفرادا وجماعة، فمع ضرورة أن نستخلص منه ما يتوجّب من دروس ونتائج، لا يجب أن يحبسنا في نفس دائرة جلد الذات.. فإن قصّرنا بالأمس، فلنوطّن العزم ألا نقصّر اليوم، وإن كان مردودنا بالأمس لم يتجاوز 20% مثلا مما كان متاحا فليكن غدا 80% أو 90% …

 

أخي الغالي / إخوتي الأعزة:

أَسِفٌ أنا لاستمرار أسر ثلّة من إخواننا خلف الأسوار، أسف لاستمرار التعامل بعقليّة الرهائن، والدروع البشرية، أسف لبقاء بوراوي، والهادي، والشّيخ الصادق، ورضا، والشاذلي، وإلياس وغيرهم.. أسأل الله أن يعجّل بجمع شملنا، وأن يوفّقنا ويعيننا على ما به نساهم في تحرير إخواننا..

أفهم تسريح الدفعات الأخيرة باعتباره دعما لرصيدنا من الطاقات، لا تعويضا لما هو موجود منها.. فساحة الكفاح واسعة، وهي عطشى للآلاف من الارادات الفاعلة، فشعارنا في هذه الجماعة المباركة  » كلما دخلت أمة باركت أختها »، فينضم اللاحق للسابق، ويساهم كل بما يسره الله له من ملكات وإمكانيات..

ويجب أن تتّجه الهمم العالية الى إبداع الصيغ الجديدة، المناسبة لأوضاع قد لا تستوعب ما فيها من ثراءٍ وتنوعٍ وتوسعٍ مدونتُنا السابقة، خاصة وأن المحنة أفرزت لنا خارطة انتشار جديدة، وأن وسائل الاتصال الحديث أعادت صياغة الجغرافيا.. ولي من الثقة في عبقريتنا، وحكمتنا، وتشبّعنا بمعاني الأخوّة وبموازين المصالح ما ييسّر حصول هذا الغرض وغيره..

 

 

أخي الغالي / إخوتي الأعزة:

أتوجّه ختاما بتحيّة خاصّة لكافّة أخواتي.. فقد كانت نساؤنا في الداخل بطلات هذه المحنة /الملحمة.. وكان نصيبهن من الأذى والمعاناة أضعاف ما قاسيناه في سجوننا ومعازلنا.. كنّ سند السجين: صوته، وعينه، وأذنه، ويده، وركنه الشديد، وكن مربّيات جيل، وكنّ الدرع التي صدت مختلف السهام المسمومة، وقدّمن ما يكفي من البراهين والأدلة على أن مدرستنا في التربية، مهما أبدينا بخصوصها من ملاحظات ونقد، قد نجحت في صياغة نموذج متميّز.. وأحسب أن نصيب أخوات المهاجر من المعاناة، ورصيدهن من الصلابة والثبات والتثبيت، لا يقل عن نصيب أخواتهن في الداخل..

ولا شك أن لجميعهن الآن، في هذه المرحلة، أدوارا جديدة.. فأفواج الصحوة الجديدة تنتظر ممن سبقها في دروب الجهاد من النساء أن يتصدرن الصفوف، ويقدّمن النموذج للمرأة العفيفة، المناضلة، القائدة، التي تحصن النشء والمجتمع، وتعتلي منابر الدعاية والخطابة والتربية والسّجال..

هذه مسألة في غاية الأهمية، تتطلب استعدادا وجرأة من أخواتنا، وتتطلب تشجيعا وحزما وتصميما منا جميعا.. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون..

كنت أنوي البدء، عند وصولي الى قريتي الصغيرة، بزيارة قبر الوالد رحمه الله.. كان الوقت متأخرا، وكان كثير من الأهل يستعجلون وصولي، أجّلت الزيارة لفجر اليوم الموالي.. صحبت معي رفيقته، ورفيقتي، وحفيدته، وعددا من الأهل..

سلّمت عليه، دعوت له، دعوت لمن دعا له، حادثته.. وعاتبته:

لِمَ لَمْ تنتظرني يا أبي..

عاتبني: لِمَ أبطأت عليّ يا بنيّ..

أوصاني: أحرص على الجنّة بنيّ، كن صادقا، شهما، شجاعا، وأَحِبَّ الناس، فتلك طريق الجنة..

ثم دعا لي .. ليحفظكم الله بما يحفظ به عباده الصالحين…

أكتب هذه الرسالة في منطقة برزخ بين الحرية والأسر.. أتذكّر وصايا والدي وأتساءل.. هل تكون هذه رسالتي السجنيّة الأخيرة..

هل أتلف الأواني البلاستيكية التي استعملتها زوجتي لجلب الطعام لي في سجني، أم أحتفظ بها لما قد تدعو إليه الحاجة؟

 يا أيها الملأ أفتوني في أمري..

آمل أن تكون هذه رسالتي الأخيرة..

ولا يزعجني أيّ احتمال آخر..

فقط، هي دعوة الى الرشد، نجدد بها دعوة أطلقناها على صفحات مجلة المعرفة من أكثر من ثلاثين سنة، وجددناها بعد ذلك مرارا وتكرارا…

إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السّمع وهو شهيد

إخوتي الأحبة: سلامي للجميع.. هذا بعض ما سمح به المقام من حديث.. وللأرواح حديث تدركه دون تصريح ولا تلميح.

 والى لقاء قريب بإذن الله..

 

ملاحظة: إن أرسلت شيئا، فلا ترسل إلا ما تعرف أني أحتاجه مما لا يتوفر بأسواقنا..

أرسل لي، مثلا، دبّا قطبيّا..

وشيئا من الحرّيّة..

أما الشّوق، فلعلّ ما بنا أكثر مما بكم..

وقد يكون في بلادنا من الغربة أكثر مما في المهاجر..

 

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

أخوكم المحبّ / عبدالحميد


 

رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة:

تمسكنا بالنهج السلمي حفظ تونس من التدحرج نحو العنف

تونس- أجرت الحوار: ياسمين صلاح

 

انتقد رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة التونسية المعارضة عامر العريض توظيف النظام التونسي للصراع الدموي الدائر في الجزائر بين الإسلاميين والحكومة للتحريض ضد الإسلاميين في تونس ورفض أي تمييز بينهم واعتبارهم أصوليين وقال بأن سياسة الاعتقالات الجماعية والتعذيب دفعت بتونس نحو الاحتقان السياسي والاجتماعي.

 

وأشاد العريض بتمسك حركة النهضة بالمنهج السلمي المدني وقال « كان لمصابرة الحركة وإشاعتها لثقافة النضال السياسي والشعبي في أوساط الشباب والصحوة الإسلامية فضلا كبيرا بعد الله تعالى في أن حفظ هذا البلد من التدحرج نحو العنف ».

 

واختصر العريض المشروع السياسي لحركة النهضة في « النضال من اجل الحريات العامة كحق التنظيم والتفكير وحرية الصحافة والحريات الفردية كحرية التعبير والتنقل واللباس والتدين واحترام إرادة الشعب والتداول السلمي على خدمة البلاد وضمان تعايش سياسي ومدني بين كل التونسيين على اختلاف مواقفهم واستقلالية القضاء وحياد الإدارة ورفع وصاية الدولة عن المجال العام ووضع حد لنهب الثروات العامة، مع رعاية التوازن بين الفئات والجهات ».

 

وحمل العريض أنظمة القمع العسكري في إشارة إلى النظام التونيس مسؤولية اندفاع الشباب نحو العنف وقال « من يدفع البلدان إلى المجهول هم أولئك الذين يحكمون بأدوات القمع العسكري والبوليسي ويزيفون الانتخابات ويفرغون العملية السياسية من كل محتوى ديمقراطي، وهو ما دفع ويدفع الناس إلى اليأس من التغيير السلمي ويدفع الشباب إلى المغامرات والأعمال غير المحسوبة المآلات ».

 

وفيما يلي نص الحوار:

 

آفاق: حدثونا عن حركتكم وعن مشروعكم السياسي الذي تتمنون تحقيقه في تونس.

 

يمكن اختصار مشروعنا السياسي في النضال من اجل الحريات العامة كحق التنظيم والتفكير وحرية الصحافة والحريات الفردية كحرية التعبير والتنقل واللباس والتدين واحترام إرادة الشعب والتداول السلمي على خدمة البلاد وضمان تعايش سياسي ومدني بين كل التونسيين على اختلاف مواقفهم واستقلالية القضاء وحياد الإدارة ورفع وصاية الدولة عن المجال العام ووضع حد لنهب الثروات العامة، مع رعاية التوازن بين الفئات والجهات.

 

آفاق: هنالك من تحدت عن انحراف وقعت فيه حركة النهضة أبعدها عن المسار التي تأسست لأجله ما هي أسباب الانحرافات في نظركم، هل سببها أشخاص معينين؟

 

النهضة حركة إسلامية وطنية معتدلة مناضلة من اجل حرية هذا الشعب وتحرره ومن اجل المساهمة في الدفاع عن قضايا الأمة وتسلك في ذلك طريق الكلمة والنضال السياسي. ليست بالتأكيد معصومة عن الخطأ، ولذلك فقد قامت في مسيرتها التاريخية بمراجعات. وهي كيان مؤسسي تحكمه قوانين مدونة، تسهر على احترامها مؤسسات يعاد انتخابها دوريا. ولقد عقدت حتى الآن ثمانية مؤتمرات، وتداول على رئاستها وسائر مؤسساتها عبر الانتخاب الحر عشرات من القياديين نذكر منهم على سبيل الذكر لا الحصر الدكتور الصادق شورو الرئيس الأسبق لها والذي مازال يقبع في سجون السلطة منذ سبعة عشر عاما.

 

آفاق: انتقدتم في وقت سابق التنازلات العقائدية التي قدمتها حركة النهضة لليسار الاستئصالي واعتبرتم ذلك كيلا بمكيالين.. أليس كذلك؟

 

النهضة لا تقدم تنازلات عقائدية عن مبادئها وليس هذا ما يطلبه الشركاء السياسيون والأمر يتعلق بخيار سياسي واضح لدى الحركة بالعمل المشترك وحرصها على التعايش مع المختلفين. أما الإستئصاليون فإنهم معادون للحرية والتعددية سواء أكانوا داخل السلطة أم خارجها، بقطع النظر عن اللافتة الإيديولوجية التي يلتحفون بها.

 

وأما مقولة اليسار فإنها تحتاج إلى إعادة تعريف اليوم: فهنالك من اليساريين من لم يستبق من تراثه الماركسي غير العداوة للدين والإقصاء للمخالفين، مرتدا عن جوهر ماركسيته، الحرب على الاستغلال والدفاع عن حقوق الفقراء المنهوبة، ليلقي بكل خبرته وجهده في خدمة نظام النهب الدولي الذي سلخ شبابه في النضال ضده، ويتحول الآن ملحقا من ملحقات أجهزة المخابرات. وهنالك من اليساريين الوطنيين من ظل وفيا لمبادئه التي آمن بها: الدفاع الحريات وعن العدالة الاجتماعية والتصدي لمؤسسات الهيمنة الدولية ووكلائها المحليين.

 

وعلى هذه الأرضية كان لقاؤهم طبيعيا ومنطقيا مع التيارات الإسلامية والقومية، مع قناعة مشتركة أن كل الحقوق والحريات ينبغي أن تكون للجميع دون تمييز ولا إقصاء، فكان العمل المشترك في هيأة 18 أكتوبر وفي منظمة المؤتمر القومي الإسلامي وفي منظمة الأحزاب العربية .

 

ولقد مثلت جبهة دعم المقاومة في فلسطين والعراق أرضية أخرى للقاء. وليست هيأة 18 أكتوبر حزبا سياسيا عقديا حتى يسعى فيه طرف لفرض معتقده على طرف آخر وإنما هي هيأة تنسيق بين منظومات فكرية متعددة يجمع بينها إيمانها بأن الحرية إما أن يناضل من أجلها الجميع لتكون للجميع أو لن تكون لأحد فيستمر الاستبداد القائم. ولقد استماتت ولا تزال جماعات الاستئصال والتشدد في السلطة والمعارضة من أجل فك عرى هذه الهيأة، كلّ لحسابه الخاص.

 

آفاق: هنالك من ينظر إلى حركة النهضة بنفس النظرة إلى ينظر فيها إلى الشيخ راشد الغنوشي، والذي يعيب عليه أغلب الملاحظين الكثير من التناقضات في الطرح والفكر. هل توافقون الرأي الذي رأى في راشد الغنوشي سببا في انحراف حركة النهضة عن مسارها الحقيقي؟

 

إذا كان المقصود أن للشيخ راشد الغنوشي كما لغيره منتقدون فهذا نعده أمرا طبيعيا أما القول بان « اغلب » الملاحظين كذلك فليس صحيحا بل على العكس من ذلك إذ أن اغلب مراكز الدراسات الجادة والشخصيات الفكرية تعتبر الشيخ الغنوشي صاحب أطروحات فكرية وسياسية واضحة وجريئة وهو من ابرز رموز الوسطية والاعتدال الإسلامي المناضل في العالمين العربي والإسلامي.

 

وعلى الصعيد الدولي هو داعية حوار وتصالح بين الديانات والحضارات ..وله أدبيات معروفة في هذا الصدد ومنها توثيق التواصل بين الإسلام والغرب. وشارك في مؤتمرات دولية مثل برلمان الديانات ومؤسسة القلم العالمية كما أسهم في تأسيس حلقة الأصالة والتقدم التي جمعت بين طائفة واسعة من المفكرين الغربيين والإسلاميين كما أسهم في تأسيس منظمة المؤتمر القومي الإسلامي..نعيد التأكيد أن حركة النهضة تحكمها مؤسسات منتخبة وليس فردا وان رئيس الحركة أيضا يتم انتخابه عن طريق الاقتراع السري في المؤتمر العام دوريا. ثم سيدتي من هؤلاء الملاحظين « الأغلب » حتى لا ينطلق سؤالك من تعميمات لا علاقة لها بالواقع..

 

آفاق: هل أجريتم إصلاحات في البيت الداخلي كما كنتم تطالبون؟ وأين يمكن لمس جوانب الإصلاحات في حركتكم وفي خطابكم السياسي وكيف تحاولون الخروج من العزلة الراهنة التي فرضها عليكم النظام التونسي؟

 

نعم النهضة تعقد مؤتمرات دورية لتقييم أداءها ولإحداث الإصلاحات الممكنة بعد كل دورة قيادية ونحن خرجنا لتونا من مؤتمر وطني عام « المؤتمر الثامن » حيث تم انتخاب المؤسسات القيادية والتوصية بالمزيد من إدارة الحوار الداخلي والتنسيق مع شركائنا (انظر البيان الختامي للمؤتمر) أما العزلة فابحثي عنها في الجهة المقابلة جهة نظام الحكم بسبب سياساته الانفرادية القمعية ورفضه العنيد الاستجابة لكل نداءاتنا وغيرنا للانفتاح وللإصلاح وتصميمه على مواصلة ما اعتاد عليه منذ نصف قرن من سياسة الحزب الواحد والتعويل المطلق على الأسلوب الأمني في إدارة كل الملفات.

 

آفاق: ما يعاب على الحركات الإسلامية الحالية أنها تميل إلى الحماسة على حساب العلم والحكمة. بالخصوص وانه في المغرب العربي يتم وضع الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر كدليل عدم حكمة وتجربة والاندفاع نحو المجهول؟ هل تؤيدون هذا الاعتقاد؟

 

الدعوة إلى حسن التخطيط في العمل دعوة مشروعة ولا شك ومفيدة وليست الحركات الإسلامية مبرأة من الخطأ، وليست هي أصلا كيانا واحدا يصح أن يصدر عليه حكم واحد، في الجزائر مثلا فان من أعطى إشارة الانطلاق للازمة الحادة التي حلت بها ليس الإسلاميين وإنما العسكر مدعوما بجماعات التطرف في الداخل ومن الخارج من بعض كبريات الديمقراطيات الغربية للأسف. فكان الانقلاب على صناديق الاقتراع جوهر العملية الديمقراطية بذريعة حماية الديمقراطية!! فمن يدفع البلدان إلى المجهول هم أولئك الذين يحكمون بأدوات القمع العسكري والبوليسي ويزيفون الانتخابات ويفرغون العملية السياسية من كل محتوى ديمقراطي، وهو ما دفع ويدفع الناس إلى اليأس من التغيير السلمي ويدفع الشباب إلى المغامرات والأعمال غير المحسوبة المآلات.

 

آفاق: هذا يقودني إلى سؤالكم عن نظرتكم للحركات الإسلامية القريبة من تونس، في الجزائر مثلا، وموقفكم من الأوضاع الأمنية التي عاشتها الجزائر منذ قرابة العشرين سنة الماضية؟

 

ما حدث في الجزائر لا يمكن إلا أن يتألم له كل إنسان ونحن نحب الجزائر ونحب شعبها ونعتقد أن الانقلاب على إرادة الشعب – كما ذكرنا- هو الخطيئة الأولى التي انجر عنها ما حصل ويحصل من كوارث ورغم أن سياسة الوئام الوطني التي جاء بها الرئيس بوتفليقة قد فتحت ثغرة في جدار اليأس إلا أنه قد تم إلى حد بعيد إفراغها من المضمون السياسي فتراجعت إلى حد كبير الآمال التي علقت عليها.

 

وكانت نقطة الضعف التي تسرب منها الخلل هو افتقاد المشروع للتوازن والعدل في توزيع مسؤوليات ما حدث، إذ تمت تبرئة الطرف الانقلابي بينما تم تجريم قيادة الجبهة وحكم عليها بالشطب السياسي النهائي، بينما هي الطرف المظلوم الذي سلب حقه، فكان جزاؤه العقاب وتبرئة الطرف المقابل واعتباره فدائيا ذب عن حمى الدولة ، وكأنه وصي عنها. ولقد ظهر ذبول مشروع الوئام الوطني واصفراره من خلال التدهور المتواصل في نسبة المشاركين في الانتخابات وللأسف. وكل ما نأمله لهذا البلد الهام أن يستأنف في حماسة وجرأة أكبر مشروع المصالحة الوطنية الذي بدأه مع الرئيس بوتفليقة.

 

آفاق: في تونس من يتخوف من تكرار التجربة الدموية الجزائرية؟

 

لا شك أن نظام الحكم لم يدخر وسعا في توظيف الكارثة التي حصلت في الجزائر من أجل تعقيم وشل فكرة التغيير في تونس وترهيب الناس وإخضاعهم منطلقا شرقا وغربا يحرض على الإسلاميين رافضا أي تمييز بينهم فهم جميعا سواء:أصوليون متطرفون إرهابيون، ولكن تيار التصالح بين الإسلاميين ودولهم من المغرب وحتى اندونيسيا لا يزال يحاصره ويسفه دعاواه.

 

لقد دفعت سياساته المعولة بشكل مطلق على الأسلوب الأمني والإقصاء لكل مخالف والاعتقالات الجماعية والمحاكمات الصورية والتعذيب البلاد نحو الاحتقان السياسي والاجتماعي وفي مقابل ذلك كان لتمسك النهضة بالمنهج السلمي المدني ومصابرتها على ذلك وإشاعتها لثقافة النضال السياسي والشعبي في أوساط الشباب والصحوة الإسلامية فضلا كبيرا بعد الله تعالى في أن حفظ هذا البلد من التدحرج نحو العنف.

 

آفاق: بمناسبة مرور عشرين سنة على جلوس بن علي على كرسي الحكم، تم الإفراج على بعض السجناء السياسيين، ولم يفرج على سجناء حركتكم.. لماذا في نظركم رفض النظام التونسي الإفراج على سياسيي حركة النهضة تحديدا؟ وكم عددهم؟ وما هي ظروف اعتقالهم؟

 

كل مساجين حركة النهضة مساجين سياسيين ومساجين رأي وليس لهم من تهمة غير التعبير عن وجهة نظر مختلفة عن نظام الحكم ونضال سياسي مدني من اجل الحريات والعدالة الاجتماعية وقد تم اعتقالهم في إطار حملة وضمن خطة استئصالية أعدتها أجهزة الدولة والحزب الحاكم على حركة النهضة والصحوة وكان شعارها تجفيف ينابيع التدين (وهي بالمناسبة تسربت ونشرت لاحقا ولم تنفها السلطة أبدا) وشملت بعد ذلك كل المعارضين الجادين والنقابين والطلبة وهيئات حقوق الإنسان. أما لماذا يفرج النظام عن هذا ولا يفرج عن ذاك فهي سياسة القطرة قطرة التي تعكس تشبثا بمنطق التشفي والانتقام الكريه وغياب الجرأة في اتخاذ القرارات السياسية الكبيرة التي تحتاجها البلاد والمتمحورة أساسا حول توفير شروط المصالحة الوطنية: حرية التعبير والتنظيم وإطلاق سراح المساجين السياسيين، وهي شروط الحد الأدنى التي التقت عليها حركة 18 أكتوبر.

 

آفاق: مع أن بعض الأخبار تكلمت عن وجود حوار بينكم وبين النظام لأجل إخراج الحركة إلى النور. هل هذا صحيح؟ وإلى أين وصلت المفاوضات إذا؟

 

كل المعارضة طالبت بالحوار الوطني حول أهم القضايا ولكن السلطة تمسكت بسياسة الانفراد ونحن مطالبنا هي مطالب بقية الإطراف وكل الشعب وهي الحريات وان لا تحتكر ثروات البلد من قبل فئة قليلة.

 

آفاق: لو فرضنا حوارا بينكم وبين النظام، فما هي مطالبكم التي لن تتنازلون عنها؟

 

لا يحق لأحد يحترم نفسه التنازل عن ضرورة احترام إرادة شعبنا في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. إنها الحريات الأساسية للجميع.

 

آفاق: هل ترون في خروج حركة النهضة إلى العمل السياسي الكامل في تونس انفراجا سياسيا حقيقيا يفتح الباب لمعارضة شرعية؟

مثل هذه الخطوة تحتاج إلى جرأة ومبدئية تضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار.

 

آفاق: أدانت العديد من الجمعيات الدولية لحقوق الإنسان النظام التونسي بارتكابه الكثير من التجاوزات غير الإنسانية بالخصوص ضد الناشطين السياسيين والحقوقيين. انتم جربتم سجون تونس كمعتقل سابق. حدثونا عن الظروف التي يعيشها السجناء السياسيين في تونس. وكم عددهم في نظركم؟

 

السجون في تونس أقبية للتدمير البدني والمعنوي للسجناء السياسيين ..إنها حفر للموت . والمشكلة أن الداخلين إليها في تزايد ورغم خروج الآلاف من سجناء النهضة فإنه لا يزال أكثر من عشرين من قياداتها ومناضليها في السجن، ولقد انطلقت خلال السنوات الثلاث الماضية موجة جديدة واسعة من الاعتقالات في صفوف الشباب المتدين تعرضوا لأقسى صور التعذيب وسوء المعاملة ولا يزالون، محالين تحت ذرائع واهية على قوانين الإرهاب لتسلط عليهم أحكام قاسية.

 

آفاق: في الجزائر يتم الحديث عن عودة محتلمة للجبهة الإسلامية للإنقاذ تحت اسم آخر. هل هذا يعني في رأيكم انفتاحا في السياسة الجزائرية عكس ما هو عليه في تونس، وما الذي يوجد في الجزائر ولا يوجد في تونس ليتم السماح بحركات إسلامية بالممارسة السياسية الحرة ولا يسمح بذلك في تونس؟

 

توجد في الجزائر وفي بعض البلدان الأخرى محاولات لتحريك الأوضاع نحو الوئام والمصالحات السياسية في حين تتسم الأوضاع في تونس بالجمود الكامل في عمل السلطة السياسية ولا تتحرك إلا عضلاتها الأمنية..

 

آفاق: عشرون عاما من الانغلاق الداخلي في تونس والقمع المباشر.. هل ترون في ترشيح بن علي لنفسه لعهدة أخرى  » كارثة » كما وصفتها أحزاب المعارضة الأخرى في تونس؟

 

في تونس أزمة عميقة ولا شك وتحتاج إلى مبادرات وإصلاحات جوهرية وعاجلة

 

آفاق: سأعود إلى خطابكم السياسي. ما هي المطالب السياسية التي تطالبون بها بشكل أساسي في تونس كحركة شعبية واسعة؟ وهل تؤمنون بالديمقراطية في فكركم السياسي؟

 

منذ دخلنا الحياة السياسية في بداية الثمانينيات ظلت مطالبنا متمحورة حول مطلب الحريات، كما يجسدها النظام الديمقراطي الحديث الذي نرى التوافق كاملا بينه وبين ما تصورنا للإسلام ، وهو ما يجعل نظرنا لحكم الاستبداد في كل صوره ومسوغاته، العدو الأكبر والعقبة الأشد في طريق نهوض شعبنا وأمتنا، وأن كل إنجاز يبدو أنه قد تحقق في غياب هذا المطلب مثل معدلات التنمية إما هو موهوم أو هش، مهدد بالانهيار. وتجربة الأنظمة النازية والشيوعية السابقة شاهد.

 

آفاق: حدثونا عن رأيكم مما يحدث بين حماس وفتح؟ وما يجري في العراق؟

 

نأمل أن يلتئم الجرح الفلسطيني وان يتوحد الصف الوطني من جديد وان تحترم إرادة الشعب خاصة أمام النتائج الهزيلة غير المفاجئة لانابوليس. أما العراق فانه في وضع احتلال والاحتلال أصل التداعيات الأخرى ومن حق هذا الشعب بل من واجبه العمل على تحقيق استقلاله ووحدته وعلى أحرار العالم دعمه.

 

آفاق: لو فرضنا أنكم وصلتم إلى الحكم ذات يوم، ما هي الأشياء التي سوف تفرضونها في نظام حكمكم بشكل أساسي؟

 

ليس من أولوياتنا الوصول إلى الحكم الآن ولكن جوابا عن سؤالك الافتراضي: سنعمل على

ـ احترام إرادة الشعب

ـ تحقيق الحريات العامة والفردية وشطب منظومة الاستبداد: قانون الصحافة والأحزاب والجمعيات والنشر (لا حاجة للترخيص أصلا) وقانون الإرهاب..وما إليها من المشانق التي لا تفتأ السلطة تحكم خناقها يوما بعد يوم حول رقاب الناس ومؤسسات المجتمع، وإلغاء كل ما قام على خدمتها أو تغييره من أجهزة ومؤسسات. والدعوة لانتخاب مجلس تأسيسي ليعيد هيكلة علاقة الحكم بالشعب، بما يقيم التوازن بين مؤسسات الدولة واستقلالها ورقابة بعضها، بما يضمن قوامة الشعب على دولته ويقلص من سلطة المركز لصالح الأطراف وسلطة الرئيس في اتجاه أن تكون رمزية، وذلك لصالح سلطة البرلمان والحكومة والجهات ومؤسسات المجتمع .

 

ـ حسن توزيع الثروة الوطنية بين المواطنين ومقاومة الفساد المالي وتحقيق التنمية الشاملة.

 

ـ ضمان استقلالية القضاء وحياد الإدارة واستقلالها عن أي حزب وبالخصوص الفصل بين الرئيس وأي حزب

 

ـ ضمان التعايش السلمي بين كل الاتجاهات.

 

ـ حياد المساجد والمؤسسات الدينية عن السلطة، واعتبارها مؤسسات شعبية، وليست ملكا للدولة كما هي اليوم منابر للدعاية للحزب الحاكم ورئيسه.

 

(المصدر: موقع « آفاق » (واشنطن) بتاريخ 17 ديسمبر 2007)

الرابط: http://www.aafaq.org/news.aspx?id_news=3475

 

 

 


بسم الله الرحمن الرحيم

 

رسالة إلى من انقطعت عنّا أخبارهم : ذكريات و أعياد

بقلم : مصطفى عبدالله ونيسي/باريس

Ounissimustapha@hotmail.fr

إنّ الأعياد وخاصة منها الدينية هي مناسبة طيّبة وسعيدة للأفراح و صلة الأرحام  والتواصل والتكافل ، وهي، أيضا ، فرصة للذكرى و الذكريات و مراجعة الحسابات .

هي فرصة لتذكر الأهل و الأحباب و الأصدقاء وذكرهم و بذل الجهد للتواصل معهم بكل السبل المتاحة و الممكنة وإلاّ فلا معنى لهذه الأخوة و الصداقة و القرابة . و إذا لم يتذكر الإنسان أهله وأحبابه في مثل هذه الأيام التي جعلها الله أياما مباركة يضاعف فيها  الأجر   أضعافا مضاعفة فمتى سيتذكر من يُحبهم و من لهم عليه حق القربى وصلة الرحم . 

و في هذا الإطار، وبمناسبة عيد الأضحى المبارك يُسعدني أن أتذكر إخوة لي أعزاء على قلبي كنت قد التقيت معهم في  الأيام السوالف على عمل نحسبه صالحا نبتغي به وجه الله تعالى و نهضة هذه الأمة  وعزتها ، ثم  لأسباب قدّرها الله في سابق علمه انقطعت عني أخبارهم جزئيا أو كليا بحكم تبعات هذا الطريق الطويل و الشاق و الذي لا يصبر على نتائجه  وتبعاته إلاّ من أوتي حظّا وافرا من الإيمان والتضحية و الرغبة فيما عند الله تعالى كلفه ذلك ما كلفه . و طُولُ هذه الأيام التي قضيناها معا   أو قِصَرُها لا يَهُمُ كثيرا  في هذا المقام و إنّما الذي يهٌمُنا هو نوعية ُ اللقاء و صفاءه  و إخلاص العمل وصدق النية وإرادة الإصلاح  والرغبة في طاعة الله  و رضاه  ونُشدان مزيد من الحرية والعدل وإسعاد البشرية .  فإلى هؤلاء الإخوة الذين أحببناهم في الله حبّا جمّا لا يعلم مداه و حقيقته إلاّ الله  واجتمعنا معهم على طاعة الله أقدم هذه التهاني و التحيات ، سائلا المولى أن ييسر لنا سبل اللقاء المبارك من جديد و يجمع شملنا مرة ثانية على البناء و خدمة بلادنا  في ظروف مُواتية  و إيجابية فوق أديم وطننا العزيز تونس الخضراء .إلى هؤلاء الأخوة الأفاضل ،الذين سيظّل مجرد  ذكر أسمائهم يُطربني ويسعدني و ينّمي في الشعور بالعزة ،  أتمنى لهم عيدا سعيدا وعملا صالحا و  متقبلا ، و إلى من حج منهم حجا مبرورا و سعيا مشكورا و ذنبا مغفورا و تجارة مع الله لن تبور.   إلى كل هؤلاء الأحبة الذين ما زلنا نتذكرهم بأسمائهم وصفاتهم و بعض من مواقفهم ، وإلى الأحبة الذين نسيناهم وغابت عنا ملامحهم ، و سبحانهُ  وحده من لا ينسى، أسأله تعالى   أن يكون ربيعنا قريبا ودائما  وخصبا و جميلا في تونس و في كل بلادنا العربية و الإسلامية . ومن هؤلاء الإخوة الذين أحببتهم وأعتز بصحبتهم أذكر على سبيل المثال لا الحصر الأحبة ، الأساتذة  سعيد بن حسين المكرازي  ، مصطفى السعداوي، علي العايب،  محمد الحامدي ، أبوبكر السعودي ، علي اللملومي ،  مصباح شنيب ، ضو سويد ، حسن بوشناق ، سعيد بوشهوة ،  البشير لعبار ، محمد يحي اليحياوي و علي يحي اليحياوي ، محمد شلغوم  ،المختار الونيسي، محمد أحمد العدالي ، علي الزموري ، عبد الحق الزموري، مصباح باشا ، محمد السالمي ،علي لعريض،الطاهر لعريض، علي شنيتر، مسعود جبارة، مصطفي الجباهي، سعيد قوجه ، لطيف بن شويخة ، عبدالقادر القادري، ناصر لسود ، خالد شمام ، محمد العكروت ، الجيلاني الحطاب، محمد الرتيمي ، لطيف موسى  وزوجته،   الناوي الحنزولي وزوجته، فوزي بن عبدالله و زوجته، نجيب لخذيري، محسن الميلي، كمال رمضان، كمال بسباس ، كمال بن يونس  وزوجته، اسماعيل الفقيه  وزوجته، عبدالفتاح مورو، حمادي الجبالي، و حمادي الجبالي (أصيل تاجروين)، دانيال زروق و زوجته ، عبداللطيف بوعزيزي و زوجته، ،صهيب البراملي ، منير قطب بودالي، اليوسفي التركي ، بن عيسى الدمني ،  مبارك الدائمي، توفيق حمادي وزوجته،  محمود جاءبالله و هشام جاءبالله،  أحمد لحول، محمد القوماني، البحري العرفاوي ، لطفي الحجي، نجيب القروي، زهير بن يونس والدكاترة الإخوة الأفاضل جمال بومدين ، سالم بن أحمد العدالي ، محمد بن سالم ، محمد علي الزواوي، هشام قريسة ، عفيف الصبابطي، الهادي الحمداوي ، عبدالرحمان بن الكيلاني ونيسي ، الخموسي أبو السعود و زوجته، صلاح الدين بالراشد و زوجته ، المنصف بوغطاس و زوجته، و زياد الدولاتلي ، وكل الإخوة المناضلين و على رأسهم الشيخ الحبيب اللوز و زوجته، محمد السعودي ، مسعود بن التوهامي الصيد، عبدالله سلامة ، البشير التريكي ، عمار التريكي ، والشيخ على الحامدي ، مبروك صولة ، عبدالعزيز التميمي، مصطفى بن جمعة ، خالد الزموري ، مصباح اللملومي ، المنجي ونيسي ، الحبيب ونيسي ، محمد السعيدي ، أحمد اللملومي ، أحمد لعماري ، عبدالقادر الجديدي ، نجيب النجار ، عبدالعزيز بن عائشة و زوجته، الفاضل البلدي وزوجته ، عمار السوفي  وسلام الحرابي و كمال الحجام….  ولا أنسى أساتذتي و شيوخي ، الشيخ كمال الدين جعيط ، محمد مختار السلامي  والدكاترة أبولبابة حسين ، عبدالله لوصيف ، رشيد التليلي والدكتورة هند شلبي

إلى هؤلاء الإخوة و الأخوات ، من أبناء تونس وبناتها البررة ، أوجه تحياتي و تهانيّ الحارة وأشواقي عبر هذه الشبكة الإعلامية الرهيبة التي نُسميها الأنترنت آملا أن  يصل سلامي إلى  بعضكم على الأقل ،و ما لا يُدرك كُلّه فلا يُترك جُلّه، فنصل ما وقع قَطعُهُ  و نجمع ما وقع تشتيته  ونبني ما وقع هدمه لحساب تونس ، فنصفح و نسامح و نُصالحُ كُلَّ الخَيَِّرِينَ من أهل بلدنا و ما أكثرهم من كُلِّ الإتجاهات الفكرية و الثقافية و الأحزاب السياسية والجمعيات المدنية و الطبقات الإجتماعية ، محافظين و ليبراليين، إسلاميين و علمانيين، حكاما و محكومين …….

إليكم   ومن خلالكم أيها الأحرار أقول إنّ الرّبيع الجميل   الذي نحلم  به  و الجدير بالإنسان الحر الكريم  في بلادنا الحبيبة ، نحن الذين نصنعه  بإيماننا  و عزمنا و تصميمنا  و إرادتنا وذكائنا وتوكلنا على الله أولا و آخرا بشرط أن نكون مُتحابين ، متضامنين ، مُتعاونين ومتوحدين على الخير ومصلحة تونس .ولا أضيف جديدا  خاصة  لمناضلين شُرفاء  أمثالكم عندما أقول أن   الحرية  لا توهب ولا تُعطى مجانا من دون تضحيات ، و إنّما هي استحقاق ،   إلاّ أنّ  استحقاقنا لها  و إصرارنا على ممارسة حقنا فيها لا يتم بأي شكل من الأشكال و كيفما كان لأن المسلم ربانيّ الغاية و الوسيلة على حدّ السواء ، بل إنّ سبب قوّة  المسلم ،ابتداء، و تميّزه هو نظافة وسائله في السلم و الحرب  و السعة و الضيق و المنشط و المكره، فهو لا يظلم إن ظلم الظالمون و لا يسفه إن سفه السفهاء و لا يعتدي إن اعتدى المعتدون ، و لا يستبد إن استبد المستبدون و لا يُستدرج بسهولة……. ، و لذلك  فالنضال السلمي السياسي و الفكري هو وحده حظّنا ، و هو وحده الذي ينبغي أن يسعنا لممارسة   حقوقنا المشروعة التي نصت عليها  كل الشرائع السماوية و المواثيق الدولية ، و هو وحده الكفيل بفرض الحرية و الديمقراطية بعيدا عن كل أشكال العنف والفوضى والإستقواء  بالأجنبي على أهلنا و إخواننا من أبناء جلدتنا .

و النضال من أجل الحرية وكرامة الإنسان في الحقيقة   أنتم أهله و  قد خبرتموه و خبِرَكُم ،و لا مجال لأحد مهما كان أن يُزايد عليكم ، فالمناضلون من مختلف الإتجاهات والمدارس الفكرية و السياسية مجتمعين لم يدفعوا رُبُعَ ما دفعتموه من تضحيات من أجل الحرية و الكرامة.   فمن أحبابنا من استشهد  ودفع دمه رخيصا  ليسقي به شجرة الحرية  ، ومنهم من أ ُوذي   في دينه و بلاده  وأهله و ماله وعرضه  إيذاء كبيرا و لا يزال من سجن و تشريد  وتجويع ومحاصرة  و  حرمان مادي و معنوي  و قتل بطيء و ما بدلوا تبديلا    ، نسأل الله أن يجعل كل ذلك في ميزان حسناتهم  يوم لا ينفعنا من هذه الدنيا شيء إلاّ من أتى الله بدين قَيِّمِ ِ و عمل صالح و نفس راضية مرضية و مُطمئنّة لحكم الله تعالى  و  علم نافع و عبادة خالصة لوجهه الكريم و كلمة حق عند سلطان جائر أوعند أية  قوة غاشمة (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا ) . فهذا العطاء اللامتناهي  و هذا الصبر الجميل من ناحية، وهذه المحن المتراكمة  و هذه الإبتلاءات المتلاحقة من ناحية ثانية ،  هي كلها علامات لا تخطأ على أننا على الطريق الصحيح  إن شاء الله، طريق الأنبياء و الرسل و المصلحين في كل زمان و مكان (أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة و لمّا  يأتكم مثلُ الذين خلوا من قبلكم مّسّتهم آلبأسآء و الضّرّاء و زُلزلوا حتى يقول الرسول  و الذين آمنوا معه متى نصر الله  ألآ إنّ نصر الله قريبُ ُ ) البقرة آية 214 . فالطريق شاق ، و السفر طويل ، و الأمانة ثقيلة و الزاد قليل و العمر قصير و لا مخرج ولا ملجأ و لا منجى من كل ذلك إلاّ بالعودة إليه و التوبة من كل ذنب و كل خطأ مهما كان في أعيننا بسيطا و حقيرا والصبر على  احترام السنن الإلهية والعمل بأحكام كتابه المقروء و التّأمل العميق في كتابه المنظور و عالمه المشهود للعبرة و  الإتعاظ (إنّ في خلق السموات و الأرض و اختلاف الليل و النّهار و الفلك التي تجري في البحر بما ينفع النّاس و ما أنزل اللّه من السّماء من ماء فأحيا  به  الأرض بعد موتها و بثّ فيها من كل  دآبة و تصريف الرّياح و السّحاب المسخر بين السماء و الأرض لآيات لقوم يعقلون )البقرة 164 . فأصل  الغاية التي من أجلها تعارفنا و تعاهدنا و تعاونا و تحاببنا ، ثم من أجلها أوذينا و عُذبنا ،هي غاية ربانية صحيحة   لا ينبغي أن  نشك في ذلك لحظة واحدة . وهي غاية نبيلة تستحق منا كل غال و نفيس و لا ثمن لها إلا الجنّة و لكننا بحكم طبيعتنا البشرية وغفلتنا  و نسياننا المتكرر  نستعجل  دائما النتائج ، فنحرق المراحل و نتعسف على الواقع و لا نتعظ بتجارب غيرنا  و لا حتى بتجاربنا ، فنعيد الخطأ مرات و مرات ، و هذا  بعض الدّاء الذي أوتيت منه الحركة الإسلامية في بلادنا . إن هذا العطاء الوفير الذي قدمته الحركة الإسلامية المعاصرة لبلادنا ، رغم ما شابه من أخطاء و إخلالات ، لا بد أن يُستثمر   و يُستفاد منه لبناء المستقبل ، و لا ينبغي بحال من الأحوال أن نُفرط فيه أو تَهُولنا الضغوطات التي  تُمارس علينا ليلا و نهارا فنشك في أهدافنا الإستراتيجية و الثابتة التي من أجلها و في سبيلها قدمنا كل هذه التضحيات ، و الله حسبنا و نعم الوكيل . ولكن  أيها الأحبة ، ما يجب أن ننتبه إليه وما ينبغي أن يكون واضحا لكل واحد منّا  هو أنّ المشروع الإصلاحي الإسلامي ما هو في النهاية إلاّ اجتهاد بشري يعتريه ما يعتري كل التجارب الإنسانية ، و هو يحتاج باستمرار للمراجعة و التقييم حتى يتطور و يكون في مستوى التحديات الحضارية المعاصرة . فمشروعنا ، ولئن استلهم توجهاته وافكاره وأخلاقياته وخلفيته العقائدية في التعامل مع الوجود و فلسفته في التعاطي مع الأشياء من روح الإسلام  ، فهو مشروع  سياسي حضاري نسبي يعتريه كل ما يعتري الإجتهادات البشرية من نسبية و خطأ وصواب . كما أننا في تقديري قد بلغنا من النضج و الحمد لله ما يسمح لنا بفهم مقاصد الفصل بين ما هو ديني و   دعوي تربوي ثابت في عمومه و ما هو سياسي اجتهادي نسبي و متغير في أغلبه ، و هي خلاصة ستفيدنا ، فيما نستقبل من أيام ، في أداءنا السياسي  و ستجنبنا الكثير من المعارك الجانبية و الوهمية التي لا طائل من ورائها إلاّ هدر الطاقات  .   و من أجل أن يستمر لقاءنا الإصلاحي المبارك مُتجددا و يتواصل لا بد أن نقيّم تجربتنا تقييما موضوعيا و عقلانيا ، بعيدا عن  تزكية النفس أو جلدها ،فنرسخ الإيجابيات و نتخلص  من السلبيات على كل المستويات و الصُعد . كما أنه لا يضيرنا   كإسلاميين   أن نعترف أننا قد ارتكبنا أخطاء و اعترى مسيرتنا بعض الإخلالات  و أنّه علينا أن نتشافى من كل ذلك  و من كل تقصير  تَقَرُبا إلى الله أولا ، و تيسيرا لعملية الإصلاح السياسي ثانيا . ولكن ما لا  ينبغي نسيانه و التأكيد عليه أيضا إلى جانب اعترافنا بأخطائنا و سوء تقديرنا لكثير من الأمور ،  أن بقية القوى الوطنية على الساحة السياسية التونسية ، و على رأسها الحزب الحاكم  الذي لم    يكن بريئا في مُواجهته للتيار الإسلامي و قد ارتكب  أخطاء   سياسية فادحة في حق البلاد وأهلها  و الحياة السياسية عموما   وخاصة عندما سخر كل امكانيات الدولة لتهميش أكبر حركة سياسية شعبية عرفتها تونس بعد استقلال البلاد.  كما أننا نُحمل جزءا مهما من المسئولية عن هذا الإختناق السياسي الذي عرفته بلادنا  شقا    من اليسار الإستئصالي  الذي تسلل إلى الحزب الحاكم ، على حين غفلة من أهله، واندس في مؤسسات الدولة ضاربا بمبادئة عرض الحائط ، من أجل مغانم سلطوية ضيقة ومن أجل تصفية حساباته مع خصم سياسي عنيد،  فسلك منهجا لا أخلاقي و لا حتى إنساني للوصول إلى تحقيق مآربه   عبر تورطه في تصفية خصومه السياسيين بطرق أمنية عنيفة لا تمت إلى المروءة بشيء.  ولأسباب معلومة و خفية فقد كانت الضحية الأولى و الأساسية لهذه الأخطاء المُزدوجة و التجاوزات  و المواجهات   المعلنة و غير المعلنة هي الحركة الإسلامية . و لكن مع ذلك فأخطاءنا في رأي الخاص كانت منحصرة ، أساسا ، في الوسائل و ترتيب الأولويات ، أمّا أخطاء خصومنا السياسيين و خاصة  العقائديين منهم فقد طالت  بالإضافة إلى الوسائل و الطرق ،البرامج و الأهداف و الغايات البعيدة .  ولعل الذي يشفع لنا   أن الخطأ في اختيار الوسائل و الطرق و الأولويات  يمكن أن يُعالج  و يُعدل . أمّا الخطأ في محاولة فرض مشاريع إيديولوجية مشحونة عداء و بُغضا  و مُستوردة  وجاهزة تنتمي إلى عصر قد ولى و انقرض ، حتى في أعتى امبراطوريات  الديكتاتورية التى عرفتها البشرية ،على شعب عربي مسلم و محافظ في أغلبه قصرا، فإنّ ذلك يُعد جريمة في حق  شعبنا  و في حق كرامتنا و ديننا و أصالتنا .    و هي  مشاريع فوقية، لا يتعدى وهجها النخبة المبشرين بها، محكوم عليها بالفشل مسبقا  طال الزمن أو قصر ، فضلا عما تحمله في طياتها من استبداد و قطيعة بين أبناء الوطن الواحد. وخيارا ت ، هذه طبيعتها، لن تكون عواقبها إلاّ كارثية على البلاد و العباد . 

وحتى نُجنب بلادنا هذه المنزلقات الخطيرة  من ناحية، وتحملاّ للمسؤولية التاريخية من ناحية أخرى، نطالب أخواننا في الداخل و الخارج، المنتظمين و غير المنتظمين :

1- بإعادة النظر في تجربتنا السياسية و تقييمها تقييما جدّيا و مسئولا وفرز الإيجابي فيها من السلبي ، ثم  تبني النوع الأول و ترسيخه على أساس أنّه   مكسبا وطنيا لكل التونسيين والتخلص من النوع الثاني سواء  كان من نوع  الأخطاء التي ارتكبناها ابتداء  أو من نوع الأخطاء التي   فرضتها  علينا الظروف الموضوعية و الإحتياطات الأمنية و اضطررنا إلى ارتكابها اضطرارا لا اختيارا.

2- التشمير عن ساعد الجد  و الدفع  باتجاه إعادة تأسيس مشروع إصلاحي إسلامي جديد تعددي و ديمقراطي يكون متحررا من  تبعات و معوقات الماضي ومُستجيبا لمتطلبات المرحلة ، و مراهنا على المستقبل أكثر من أي شيء آخر . فالإعتقاد بأن الحركة الإسلامية ستستمر على ما هي عليه الآن ، حتى ولو أجرينا بعض الإصلاحات الترقيعية ، هو من قبيل الإنتحار أو في أحسن الحالات من  قبيل الأوهام التي لا طائل من ورائها إلاّ إضاعة الأوقات و الأموال وهدر التضحيات  فيما لا يعني و لا يفيد . فالحركة الإسلامية بالضرورة هي مُقبلة على إصلاحات جذرية ، إن أرادت الحياة والإستمرار وكل عناد أو تردد في هذا الإتجاه هو عبارة عن موت سياسي بطيء للحركة الإسلامية و خاصة في صورتها التنظيمية والسياسية   الراهنة.

3- التعبير الواضح  و المسئول عن استعدادنا الكامل للصفح عمن ظلمنا و التجاوز عن كل التجاوزات و المظالم التي ارتكبت في حقنا بشرط أن تُرد الحقوق إلى أهلها و تُرفع القيود و المضايقات عن كل المعارضين السياسيين و خاصة منهم أولئك الذين دفعوا الثمن باهظا و ليُطبَق شعار (  لا ظُلم بعد اليوم )  فورا على كل التونسيين و لو كانوا مخالفين للسلطة   في الرأي ، ما دام الرأي الآخر مُلتزما بالأطر القانونية والمؤسسات والدستور  ومُتحريا المصلحة العليا للبلاد.

4- العمل على بناء الثقة المتبادلة ومحاولة طمأنة كل الأطراف الوطنية  و يتم ذلك عن طريق :

ـ تبني الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل و ترسيخه .

ـ ممارسة خطاب سياسي وطني تجميعي .

ـ القبول بمبد أ المشاركة و الإمتناع الكامل عن ممارسة القطيعة و المغالبة فكرا و سلوكا و منهجا في العمل السياسي.

ـ القبول بالإصلاح المتدرج .

ـ القبول المبدئي بالشفافية والعلنية والإلتزام الكامل بالقوانين التي تُنظم الحياة السياسية في البلاد .

ـ    تقديم المصلحة الوطنية العامة على المصلحة الحزبية أو الفئوية او الشخصية مهما كانت الظروف و الملابسات .

ـ البحث عن القواسم المشتركة مع الآخرين و محاولة توسيعها بدل الإصرار على الخصوصيات وتضخيمها على حساب المشترك الوطني .

ـ العمل على تكريس التعددية البناءة  وتقنينها داخل المشروع الإسلامي أولا وخارجه ثانيا ، و ليس العكس لأن ذلك  من قبيل المستحيل عقليا و منطقيا.

كما أننا  نُطالب السلطة في بلادنا بـ :

– إخلاء السجون من المساجين السياسيين و تمتيعهم بحقوقهم المدنية كاملة وإعانتهم على الإندماج في المجتمع بشكل لا يمس من كرامتهم ،رأبا للصدع و تضميدا للجراح .

– تسهيل عودة المغتربين إلى بلدهم بلا تتبعات أو مضايقات .

– الإسراع بعملية الإصلاح السياسي الشامل والثابت و المستديم ولو بشكل متدرج.

– المزاوجة بين التنمية و العدالة الإجتماعية من ناحية ، والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان من ناحية ثانية .

– الكف عن معالجة قضايانا الوطنية معالجة أمنية ، فالتونسي بريء إلى أن تثبت إدانته.

– الفصل بين رئاسة الحزب الحاكم ورئاسة الدولة حتى يكون رئيس الدولة فوق الأحزاب و رئيسا لكل التونسيين .

– مراجعة منشور 108 لما يحتوي عليه من مضاعفات لا تخدم صورة تونس العروبة والإسلام لا في الداخل و لا في الخارج.

– السماح للتيار الإسلامي الإصلاحي و الوطني كغيره من بقية التيارات بالتنظم السياسي في إطار القانون و دستور البلاد.

– تشجيع العمل التطوعي و تقوية المجتمع المدني ودعمه بكل الوسائل المادية و المعنوية.

كما اننا  نؤمن و نطالب بضرورة العمل الجبهوي المشترك و توسيعه مع كل القوى السياسية الفاعلة  لتأسيس قوة سياسية  ضاغطة بمقدورها مراقبة السلطة و مساءلتها كلما اقتضت مصلحة تونس ذلك  ولكن بشرط أن تكون هذه القوى السياسية  المعارضة ، و خاصة منها بعض الأطراف اليسارية الإستئصالية  التي لا تزال مؤدلجة حتى النخاع ، :

1- مُمَثلَة َ َ  لقوى الشعب ، مِنهُ  تَستَمِدُ شَرعِيَتَهَا  و مِصدَاقِيَتِها.

2- أن  تحترم هوية الشعب و دينه و مجموع ثوابته الدينية و الثقافية  وأن تحترم  خيارات  الأغلبية وإرادتها و أن لا تتقوى أبدا بالأجنبي على أهل البلاد .

3- كما  نطالبها أيضا بكل ما طالبنا به التيار الإسلامي ، لأنّ ما ينطبق على هذا الأخير ينطبق عليها .

هذه بعض المقترحات التي أفرزتها التجربة  نضعها بين أيديكم عسانا نستفتح مرحلة جديدة من الحوار الجاد و البنّاء ، و لنا ما يدعم  هذه المقترحات من الوثائق   والورقات   التي وقع إنجازها من طرف مجموعة من المناضلين  المقيمين بالمهجر  الذين كان يجمعهم في وقت من الأوقات همّ ُ محاولة  الإصلاح ، و لكن المرحلة لم تكن مناسبة فيما يبدو لأخذ مثل هذه المبادرات  و إدارة مثل هذه الحوارات و المقاربات. و نحن إذ نعد بنشر بعضها ، فذلك لأننا نؤمن أنها لا تزال صالحة  ، وليعلم من لهم علينا حق بذل النصح أننا قد فعلنا ما استطعنا في هذا الإتجاه لإنقاذ ما يمكن إنقاذة ، و إصلاح ما يمكن إصلاحه ولكن لأسباب قاهرة ، ليس هذا مجال طرحها ، اُضطررنا للتوقف عن مثل هذا العمل الإصلاحي، و نحن حقيقة مكرهين على ذلك.

فليكن ، أيها الأحبة ، أملنا في الله عظيم ، منه نستمد العون و اليقين ، فالمؤمن بطبعه متفائل وإيجابي، فالشتاء يعقبه الربيع ، كما أن الليل يعقبه الفجر والفجر إذا انبلج فلا أحد يملك أن يحجب نوره و ضياءه.

و في ختام هذه الرسالة ألتي أسأل الله تعالى أن تصلكم و أنتم على أحسن حال، يُشرفني أن أعبر عن وفائي الكامل و حبي العميق و شوقي الكبير لإخوة الدرب الذين اختارهم الله إلى جواره إن شاء الله تعالى فقضوا نحبهم و ما بدلوا تبديلا و على رأس هؤلاء أبطالنا الشهداء الأحبة : عبدالرؤوف لعريبي، سحنون الجوهري، مبروك الزرن  وكل شهداءنا الأبرار، والإخوة علي نوير ، سالم قنعاب، محمد ونيسي، والأخت الفاضلة صاحبة القلب الرحيم و الأيادي البيضاء على جيل كامل من شباب صحوة الإسلام في بلادي أمنا و أختنا الحبيبة السيدة جميلة النجار رحمها الله رحمة واسعة . و كذلك لا أنسى  أبدا من علموني  و أرشدوني إلى سواء السبيل أساتذتي الذين توفاهم الله  و منهم د.مختار التليلي، د.محمد بن ابراهيم، د.محمد التومي ،د. التوهامي نقرة، د. محمدبولجفان، د. ابراهيم بن حسن، والشيوخ محمد صالح النيفر، محمد الشاذلي النيفر و محمد الأخوة وأ. سعيد المكرازي. رحم الله تعالى هذا الرهط الكريم من الرجال و النساء و أسكنهم فسيح جناته وحشرهم مع الأنبياء و الشهداء والصديقين و حسن أولئك رفيقا، سائلينه سبحانه أن لا يفتنا بعدهم وأن يجعل أسعد أيامنا يوم لقاءه وأن يفتح بيننا و بين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين .

مصطفى عبدالله ونيسي/باريس

الثلاثاء 09من ذي الحجة 1426هجريا، الموافق لـ 18ديسمبر2007

الرابط: http://www.assabilonline.net


عندما تُخصي السادية أعياد الوطن: أي معنى يحمله بعدها الاحتفال !؟

مرسل الكسيبي (*)

16 سنة تمر على قصة منفى جماعي فرض علي وعلى أبنائي وعلى الآلاف من أبناء تونس وبناتها الذين لم يعرفوا طعم الوطن والأعياد منذ أن أقحمت البلاد في مشوار الاخصاء الحقوقي والسياسي …

كدت أفقد قدرتي على الكلام وقدرتي على تحرير المادة الاعلامية وأنا أتأمل منذ أسابيع في مشوار ألم حرمنا دفئ الأهل والوطن وذكريات طفولة مسلوبة أراها اليوم في عيون اثنين من فلذات أكبادي …

كيف سأحدث أبنائي عن معنى أعياد الرحمة والخير والتازر وصلة الرحم وعيونهم لم ترقب تراب الوطن منذ أن جاءت بهم الأقدار الإلهية الى هذا الوجود ؟

كيف سأحدثهم عن زيارة الأهل وصلة الأرحام وقد قطعت السياسة الجائرة أرحامنا وأبعدتنا عن الاستمتاع بأجمل الأعياد وأكثرها قداسة في قلوب أكثر من مليار ونصف من سكان هذه المعمورة ؟

يمر الصيف تلو الصيف وأسأل في كل مرة عن تونس التي يعرف ابني موقعها على الخارطة العالمية ولوني علمها الوطني دون أن يلمحا لها وجودا جغرافيا ماديا منذ ان فتحا عينيهما على هذه الدنيا … , أشعر بعدها بالخجل لعجزي عن تفسير قصة جور بشري لا أريد اقحام براءة الطفولة في تفاصيل مشهدها المؤلم …

تأملت منذ أسابيع في صورة القيادي الطلابي عبد الكريم الهاروني قبل دخوله المعتقل السياسي وقارنتها باخر صورة له بعد أن خرج من هذا المعتقل , فلم أجد غير جواب واحد حول هوية من يرتضي للتونسيين والتونسيات كل هذه القصص من الألم والعذاب …, انهم ببساطة بشر ولكن بدون قلوب ادمية …!

انهم مشهد اخر من السادية التي تتوزع بين واجهات فكرية واعلامية وأخرى سياسية تحتمي وتتخفى وراء أجهزة تحتكر منطق وأدوات الاكراه والعنف …

بعد أن احتفلت السلطة بمرور عشرين سنة على اقتطاف ثمرة الاحتكار القيادي عبر اقصاء وتهميش الطيف الواسع والعريض من فعاليات مجتمعنا المدني , ثم ممارسة ألوان من الخرق الحقوقي غير المسبوق في تاريخ جمهورية الاستقلال , كنت أظن بأن ماكينة الحرب الأمنية الصامتة ستضع أوزارها مفسحة المجال أمام أدوات الحل السياسي …, غير أنني أصبت بحالة من الفجيعة أمام هول تواصل أخبار الاعتقال والمحاكمة على خلفية المغايرة الفكرية والسياسية ومنطق الاشتباه الذي تحركه ماكينة « الحزب السري » كاستثمار احتكاري من أجل التمديد في حالة الانغلاق العام والانحراف بالمسار الأصيل الذي انبعث له مشروع 7 نوفمبر حين انطلاقته الأولى …

انها باختصار شديد الصورة الصادقة لحقيقة الأوضاع التونسية مع اطلالة فجر كل عيد وطني أو ديني: بلد جميل , ونخبة فنية ورياضية وحقوقية واعلامية وعلمية مبدعة ,وتاريخ حضاري وديني ووطني عريق , ومنجز اقتصادي واجتماعي معتبر على الساحة العربية والافريقية , في مقابل مأساة حقوقية وتراجع سياسي نشعر تجاههما بكثير من الخجل والألم وخاصة عندما نقارن المشهد بواقع أقطار عربية أخرى من مثل موريتانيا والمغرب الأقصى وجمهورية مصر العربية ودولة الامارات العربية المتحدة وقطر والبحرين والكويت وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية …

حالة تونسية استعصت على الفهم والتحليل لدى أبرع المراقبين والمحللين , حتى عاد علم المستقبليات والاستشراف في عجز عن فهم ما أصاب البيت التونسي من اختلال في واجهات شروط  أي تنمية بشرية مستديمة …

ماذا بقي لنا أن نفعل غير المقاومة المدنية السلمية المثابرة وتحصين بلدنا من مغريات العنف المضاد الذي تزرع بذوره أنظمة غير حداثوية الا على مستوى الديكور والشعار ؟!

انها مسيرة سلمية شاقة ومضنية ولكنها ستنتهي حتما ببزوغ فجر أعياد وطنية ودينية جديدة تعيد الاعتبار لابتسامة التونسي والتونسية وتضع قدما لأبنائنا وبناتنا فوق تراب وطني لن تحجبه عنهم مظالم سادية حان لأصحابها أن يخجلوا حين ينظروا بصدق الى ما فعلوه في شباب هذا الوطن ونخبته النابضة …

كل عام وأنتم وتونس والأمة والانسانية جمعاء بألف خير , والى لقاء قريب يجمعني بكم على بساط الكلمة الطيبة بمشيئة الله .

(*) كاتب واعلامي تونسي

(المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (أليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 17 ديسمبر 2007)

 


 

بسم الله الرحمان الرّحيم

كيف الخروج من الضبابية السياسية الى الوضوح والشفافية ومن الإقصاء الى المشاركة ؟

عيد سعيد و عمر في الخير مديد للأمة الاسلامية جمعاء وللشعب التونسي السعادة والهناء والرّخاء وللأسرى الحرية و الوئام وللمعارضة التونسية التوفيق لما فيه الخير للبلاد

نداء لبعث مجلس او لجنة عليا للحوار الوطني (الجزء الثّاني و الاخير)

من اجل تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة

« قل هذه سبيلي ادعو على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله » (سورة يوسف 108)

 » وانّ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل… » (الانعام 153)

بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس

باريس في 19 ديسمبر2007

كيف استعادة الثقة بين الرّاعي و الرّعية 

هل يمكن للسلطة أن تسترد ثقة العامة والنخب فيها وفي خطابها ووعودها بالغد الأفضل في الوقت الذي تتردد  في إتخاذ خطوات حاسمة وجريئة لا تكلفها شيئا تنقذ بها حياة الكثيرين من الموت البطيئ الذي يتهددهم في كل لحظة وتضع بها حدا لما يعاني منه اللآلاف من أبناء هـذا الوطن من تمييز وشعـور بالإضطهاد الدافع للإحباط واليأس وتحمي بها البلاد من الإنقسام والإنشطار ومن العواصف والهزات والمنزلقات وتؤهلها لمواجهة تحديات المرحلة ؟

وهل يمكن للمعارضة الوطنية وهيآت المجتمع المدني وفعالياته أن تعيد للنخب والعامة الثقة في جديتها و قدرتها على الفعل وأن تحيي فيهم الأمل في إمكانية الخروج مما هم فيه بما يهيئ الظروف الملائمة لإنخراط جماعي في المعركة من أجل تحقيق الحريات والديمقراطية؟

أليس من المشروع التساؤل حول جدية السلطة للإستجابة لمطالب شعبنا المشروعة في الديمقراطية والحرية والعدالة الإجتماعية  وهي تصر على حبس المئات من أبناء هذا الشعب وشبابه لأسباب سياسية رغم أنه مر على إحتجاز بعضهم أكثر من ثمانية عشر عاما كاملة.

بالتوافق و الحواريمكن الخروج مما نحن فيه 

بالمزيد من استجلاء الآراء عسانا نتوصّل إلى ما فيه خير البلاد والعباد وبما يزيح عن تونس هذه الغمة، ويشيع جوا من الوفاق والوئام الوطني، فتتسع لكل أبنائها دون إقصاء أو تهميش، ويعم فيها الأمن والرخاء والاستقرار السياسي وهو أمر ينبغي أن يسعى إليه الجميع. إن مسألة الانفراج السياسي في البلاد يعتبر مدخلا رئيسيا للدّفع للإصلاح وهو يعتبر مسألة حساسة وعاجلة وضرورية للتنمية و لتعزيز الدولة الحديثة ودوامها.

الانفراج السياسي الذي نأكّد عليه و نلحّ اليوم قبل غدا وهو في ضو ما آلت إليه الأمورمن انغلاق وتحجّر، يعتبر مطلبا عاما ينعقد حوله الإجماع الوطني وما الانفراج الذي نسعى اليه الا محطة مهمّة وبنّاءة ولها نتائج ملموسة ولها جوانب إنسانية و وطنية  لا يستهان بها وخاصة منها إنهاء معاناة المساجين السياسيين.

مع العلم أن مغانم الانفراج متواضعة على المستوى السياسي إلا أنها مكسبا استراتيجيا ووطنيا لا يستهان به لأنها فاتحة لمرحلة جديدة وآفقا أوسع للحريات بالمشاركة و المساهمة المشتركة في تحقيق الانتقال الديمقراطي السلمي والهادئ و الحضاري.

ولكن الانفراج لا يأتي بطريقة عفوية وليس هبة من السلطة بلغلينا جميعا ان نعمل على تحقيقه كل من موقعه وبالتحالف مع الأطراف المقتنعة به من خلال الموقف السياسي الهادئ السليم الغير متسنّج وفي اطار الرؤيا السياسية المستقبلية ومصلحة البلاد العليا.

إن قناعتنا هذه في السعي للانفراج السياسي ليست صفقة مع النظام ولاهدنة ظرفية ولا مقايضة محتملة و انّما هو تمشّ سياسي تمليه التحديات الدّاخلية والخارجية المطروحة على البلاد كما تمليه تراكمات الماضي النضالية والتجارب السابقة ويبرره مشروعنا السياسي الإصلاحي.

التوافق و الحوار

لا يمكن تحقيق التحول الديمقراطي الذي يساهم في دفع دينامكيته إلى الأمام ،الحزب الحاكم من موقع تقدمه، بخبرته التاريخية وإمكانياته اللوجستية و البشرية إلى جانب موقعه في الحكم و تمكنه من التأثير في المسار السياسي بشكل حاسم.

اعتبارا لهذا الواقع و الثقل الذي يتحمله التجمع الدستوري الديمقراطي في إنجاح مسيرة الانتقال الديمقراطي التي تعيشها بلادنا منذ عقدين على الاقلّ من السنين أو فيما يصيبها من حين لآخر من مظاهر التعثر و أعراض الجمود.

من هنا لا مناص للمعارضة المسؤولة، و كلّ من يتطلّع الى لعب دور ما في المشاركة في بناء الوطن وإثراء مكاسبه و تجاوز معيقات تقدمه، بداية بالتماس طريق الحوار مع الحزب الحاكم معتمدا على أرضية توافقية و تتأسس على مبادئ وقيم و ثوابت ملزمة لجميع الفاعلين السياسين في مختلف مواقعهم في السلطة و المجتمع، من تلك المبادئ العامة و المشتركة الالتزام بهوّيته العربية الاسلامية و  بخدمة المصلحة العليا للوطن وصيانة سيادته من كل أشكال التدخل الخارجي، اضاف إلى مبدأ التعايش السلمي في كنف نظام سياسي مرتكز على مقولات دولة الحق و المؤسسات و القانون و على ضمانات مؤكدة لحقوق المواطنةالغير منقوصة بتجلياتها المدنية منها و السياسية الفردية و الجماعية.

أي هيكلة للحوارنريد؟

هذه الأرضية التوافقية المبنية على صيانة الهوية كقاعدة صلبة و مرجعية ثابتة لأي علاقة سوية بين المعارضة و الحزب الحاكم، غير أنها تبقى في حاجة دائمة إلى تأكيد و ترجمة فعلية على الأرض، وذلك من خلال الممارسة المتواصلة للحوار في شتى المسائل ذات العلاقة بالشأن العام، فالحوار بقنواته المختلفة و مضامينه المتنوعة و نتائجه الإيجابية الملموسة هو المؤشر الفعلي على حيوية و صوابية المسلك التوافقي في مسيرة الانتقال الديمقراطي، مثلما هو العامل الحاسم في تعميق أجواء الثقة المطلوبة بين مكونات الحياة السياسية و تجفيف منابع التوتر وأعراض الانفصام بين المواطن و الدولة و المجتمع.

لا شك أن الإجراءات الرئاسية الأخيرة المعلن عنها بمناسبة الذكرى العشرين للتحول تدعم هذا التوجه التفاعلي و الأسلوب الحواري في مجرى العلاقة بين الحزب الحاكم و المعارضة، فتوسيع المجال أمام هذه الأخيرة للتواجد بحجم أكبر في المجالس المنتخبة و في المشاركة في الاستشارات الوطنية، فضلا عن تكثيف حضورها في الملفات التلفزية و مضاعفة الدعم المادي المقدم لصحفها الحزبية… كل ذلك ايجابي و غيركاف  لاعادة صياغة الحقل السياسي بحيث تترتب علاقات القوى فيه من منطق الاحتكار و الاستحواذ و الهيمنة لفائدة حزب الأغلبية و على حساب ما تتطلع إليه الأقلية من دور و مشاركة وفاعلية الى منطق المشاركة و المساهمة الفعّالة.

مجلس او لجنة عليا للحوار الوطني

على أهمية ما أنجز وما هو بصدد التحقق في مجال تدعيم أركان التوافق الوطني، فإن الحزب الحاكم هو اوّل معني بتطوير أشكال الحوار مع المعارضة على اعتبارها منافسا وشريكا في بناء الوطن، و لعله من المناسب في الوقت الراهن المبادرة إلى هيكلة الحوار من خلال إنشاء مجلس او لجنة عليا للحوار الوطني بين مكوّنات المجتمع على اختلافها.

و يمكنه ان يشمل بقية مكونات المجتمع المدني من رؤساء جمعيات و منظمات و شخصيات عامة، لانّ التحديات المطروحة داخليا و خارجيا تتطلب مزيدا من الالتحام الداخلي و التكاتف الجماعي، وهذه التحديات هي من الضخامة بمكان حيث تستعصي على المواجهة من دون مناخ سياسي مفعم بالثقة المتبادلة بين أطراف المعادلة السياسية و محفز لجميع الطاقات و الكفاءات و القدرات الوطنية لبذل الأقصى من الجهد و العطاء و النشاط.

ما هي مضامين الحوار المنشود؟

لكي يكون الحوار ذا جدوى ومردودية لا بد أن يتطرق للقضايا الحقيقية وذلك في أفق البحث المشترك بين مكوّنات المعارضة و الحزب الحاكم على السواء لتساهم في دفع العملية الديمقراطية و الإصلاح الشامل وإزاحة ما أمكن من العراقيل و مظاهر التعطيل في أكثر من مجال و على أكثر من صعيد.

استقلالية المجتمع المدني في حوار

من قضايا الخلاف الأساسية، إذ ل ازالت الجمعيات و المنظمات ذات الطابع الأهلي على كثرتها تشكو من غياب الفاعلية و التأثير و الإشعاع. و ليس هناك من سبب سوى فقدانها القدرة على المبادرة الذاتية بحكم تقاليد التبعية التي تربطها بالحزب الحاكم الذي يقيد دورها في الوظيفة التعبوية خصوصا في المناسبات الانتخابية، هذا دون الحديث عن منظمات أخرى عطلها الصراع بين أتباع الحزب الحاكم و بين أطراف معارضة له عن استئناف عملها او النهوض بمهماتها.

الحياد الاداري دون الاحتواء الحزبي

إن عقلية الاحتواء الحزبي لمنظمات المجتمع المدني سواء من قبل الحزب الحاكم أو من قبل معارضيه من الأطراف السياسية يجب تصبح جزءا من الماضي المطلوب التخلص منه و من رواسبه لكي يستعيد المجتمع حيويته و لتستفيد الدولة من مردوده .

فالإدارة بمؤسساتها و أجهزتها و مرافقها ملك عمومي لا يمكن الاستحواز  عليه او احتكاره من أي طرف سياسي وإن كان حائزا على الأغلبية الانتخابية، ويعتبر التحدي الأضخم الذي يجب مواجهته لتوفير التنافس الحزبي النزيه و الاحالة دون الإستقواء غير القانوني من قبل أي طرف السياسي .

وقد حان الوقت لفك هذا الارتباط غير المبرر، لتمكين الحزب الحاكم من استعادة ذاتيته المغتربة داخل الدولة و من تبديد حالة الالتباس المحيطة بكيانه من منظور الموالين و الخصوم على حد سواء.

الاعتراف بالتعددية الفعلية دون اقصاء

وعلى نخب الحزب الحاكم الحاصلة لدرجة من التمثل في الوعي و السلوك الحسن بقبول للرأي الآخر و الاقتناع بجدوى التعددية و مشروعيتها، فإن الأمر على مستوى الشعوب في الجهات الداخلية على وجه الخصوص مازال يشكل مصدر قلق فعلي و تهديد ميداني و ملموس لجملة ما تقرر دستوريا و قانونيا ومؤسسيا من ضمانات لحماية الممارسة التعددية و التعاطي السياسي للشأن العام.

التوافق في الفضاء الاعلامي

ان الفضاء الإعلامي العمومي مسخر للدعاية السياسية و الأنشطة الحزبية التي يقوم بها الحزب الحاكم على الدوام، فيما ينحصر نشاط المعارضة في في مقراتها ويكاد يقتصر ظهورها الإعلامي على ما يصدر من صحفها أو على بياناتها و مواقفها التي تتولى بعض الجرائد المستقلة عرضها بقدر من الاختزال و الاحتشام.

للإنصاف و الحقيقة، هذا المشهد غير المتوازن بدأ يتغير بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وأخذت تنفتح الفضاءات العامة لأنشطة المعارضة وتتوسع مساحات الظهور الإعلامي عن طريق الانتنات و في التلفزة و الإذاعة و الصحافة المكتوبة. غير أن هذه الخطوات المقطوعة باتجاه الانفتاح مازالت محكومة بشيء من التردد و الحذر.

إن المطلوب راهنا المسارعة نحو القطع مع موقف التردد و اللاحسم الذي مازال يطبع سلوك الحزب الحاكم ويشده إلى مواقع المحافظة على الموجود ،رغم ان هذا الحال بدأ اليوم في حالة تناقص بمزيد الانفتاح على التعددية  نتيجة النضالات الداعية للقطع مع الماضي فلا مجال للون الواحد و الرأي الواحد.

تلك هي أبرز قضايا الحوار، هي إشكاليات و مصاعب تفرض علينا جميعا مواجهتها في مسار سياسي شعاره المركزي الإصلاح المتدرج و المتواصل، و في نطاق مسلسل انتقال ديمقراطي يقتضي عبر توافق عام التخلص من كل العوائق و الترسبات الموروثة ،بموازاة العمل المشترك لإرساء و تدعيم و ترسيخ مقومات البديل الديمقراطي المنشود.

هذا التوافق العام لا سبيل إلى المحافظة عليه و البرهنة على ضرورته المبدئية و نجاعته العملية إلا من خلال التعويل على آلية الحوار المهيكل و الدائم. هذا الإطار القادر على صهر الإرادات السياسية و تأليف الطاقات الوطنية و توطيد أركان الثقة المتبادلة و تجفيف منابع الاحتقان و تنقية المناخ العام. فبالحوار إذن يمكن التخلص من موروثه الأحادي والنزعة الاحتكارية ليتموقع من جديد كسند قوي لمشروع التغيير.

لقد طالت المحنة حتّى كاد الياس يدبّ في صدور المؤمنين بالقضية حتّى جاءت حادثة حمّام الشطّ الاليمة التي كانت دليلا قاطعا على انّ الوضع لا ينبغي ان يستمرّ على هذا النحو اذ ان غياب الاعتدال و التعامل العقلاني لا سبيل الا  ان يفتح الطريق للياس و التطرّف و هذا ما نكرهه لشعبنا و لبلادنا التي لا نتمنّى لها الا الامن و الاستقرارو السلامة و التنمية و الرقي حتّى تنافس بلادنا بقية الشعوب المتقدّمة حضاريّا و تقنيّا .

و نتمنّى على الله ان يفرّج عن بقية اخواننا القابعين في السجون و لسان حالهم يقول ما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم و هو راجع من الطّائف اذ قال :  { اللهمّ اليك اشكو ضعف قوّتي‘ و قلّة حيلتي‘ وهواني على النّاس‘ يا ارحم الراحمين‘ انت ربّ المستضعفين‘ و انت ربّي‘ الى من تكلني‘ الى بعيد يتجهّمني ‘ ام الى عدوّ ملّكته امري‘ ان لم يكن بك غضبٌ عليّ فلا ابالي ‘ غير ان ّعافيتك هي اوسع لي}  نسأل الله تعالى ان يجمعنا و اياهم في رحاب البلاد في اهليهم الذين هم اشدّ شوقا اليهم.

 والحركة لا زالت تفقد من قدرتها على التأثير بفقدانها للكثير ممن عايشوا مختلف اطوارها التاريخية و يعلموا اكثر من غيرهم نقاط الضعف والقوّة للحركة و بامكانهم المسك بالملفات الدقيقة والصعبة الى جانب معرفتهم للخصم المحاورفضلا عن حسن سمعتهم و بلائهم في المحن المتعاقبة الى جانب زهدهم في المواقع وحسن خلقهم   . 

ان هذه المرحلة تستلزم تجسيدا حقيقيّا للمشاركة الجماعيّة في مؤسّسات الحكم ، أي لكلّ الأطراف والألوان، بعيدا عن منطق الوصاية و الاحتكار للسلطة والتداخل بين أجهزة الدولة وهياكل الحزب الحاكم .هذا الحزب الذي ليس له رائحة و لا طعم ولاسياسة واضحة المعالم الايديولوجية. 

كيف نغلّب المصلحة العامة؟

ان هذه المرحلة تقتضي بداية حيادا تاماّ للإدارة مركزيّا وجهويّا ومحليّا وإلزامها بالتعامل مع كلّ الأحزاب و الاشخاص على قدم المساواة ودون إقصاء أو تهميش مع ضرورة التعامل بروح جديدة في الإعلام الوطني فيها الانفتاح وهوامش الجدل ومتخلّصة من الانغلاق والسطحيّة. 

لقد تمكن التيار الاستئصالي من وضع خطّـة عُـرِفت بخطة « تجفيف المنابع »، وظنّ رموز هذا التيار بأن تنفيذها سيشكِّـل حلا سِـحريا للتخلّـص نهائيا من ظاهرة الإسلام السياسي، لكن ذلك أدّى عَـمليا إلى حصول انزلاق خطير، تمثّـل في الخلط بين الإسلامي المناهض للسلطة وبين المتدَيِّـن.

فالالتزام بالصلاة في أوقاتها وامتلاك مصحف أو كتاب ديني ووجود علامة السجود على جِـباه الشبّـان، قد اعتُـبرت في تلك المرحلة العصِـيبة، قرائن على الانتماء لتيار « إرهابي »، وهو سلوك أمني أدانته المنظمات الحقوقية التونسية بوضوح في العديد من بياناتها.

ما الذي تغيّر في مواقف السلطة؟

لا شك أن توجّـه »تجفيف منابع التدَيُّـن » قد أضرّ كثيرا بصورة النظام التونسي في العالم العربي والإسلامي، حيث كشَـف ذلك السّـلوك عن جهل كبير لدى مَـن ورّطوا السلطة في تلك السياسة، إلى جانب كونها قد وضعت السلطة كأنها في حالة مواجهة ضدّ الدِّين والتدَيُّـن.

لقد نجحت السلطة في تغيير موضوع الصراع ولو نسبيا من مسألة الحريات المصادرة وحقوق الإنسان ومساجين الرأي داخل السجن وخارجه والمنفيين خارج الوطن ومن مسألة الفساد والرشوة والبيرقراطية التي أنتهكت ومن برامج التعليم التي لا طعم ولا رائحة لها وجعلت الشباب يعيش على غير هدى فاقدا البوصلة نتيجة التدخّل الاجنبي السافر في تكوين النشء حيث أصبحت مدارسنا حقل تجارب لبعض الدول الغربية.

إن تحول الجدل المعلن والخفي إلى مسألة بعث حزب بمرجعية دينية وخطره على هذا الطرف أو ذاك وتأثيره في موازين القوى  ومن المستفيد ومن الخاسر وبدأت تبرز الحسابات التي تراهن عليها السلطة ليتغذى منها مشروعها التي روجت فكرة هذا الحزب رغم مواقفها بعدم السماح لقيام أي حزب على أساس ديني، فما الذي يا ترى غير مواقف السلطة.

ولقد اكّدنا مرارا و تكرارا بان حركتنا تاسّست من اجل الدعوة الى الله و التعريف بالفكر الاسلامي الذي من شانه ان يساهم في نشر الخير بين ابناء البلد الواحد الى جانب بقية الشرائح السياسية المتواجدة على الساحة التونسية قصد ايجاد مجتمع تسوده مبادئ الاخوّة والمحبة و التعاون و التسامح المستمدّة من السيرة النبوية الشريفة و ‘‘الحكمة ضالة المؤمن التقطها انّى وجدها وهو احقّ بها‘‘

انّ الدعوة الى اطلاق سراح ما بقي من ابناء الحركة في السجون ملحّة اكثر أي وقت. اذ كفى الحركة الاسلامية ما دفعت نتيجة اخطاء بعض افرادها من تشريد و سجن و تعذيب حتّى الموت احيانا لبعض المناضلين قليلي التجربة‘ وقع دفعهم في طريق مسدود نتيجة خيار غير سليم لم يقع الاجماع حوله من اجل ان نفتح صفحة جديدة للتامّل و المراجعة و المحاسبة فيما بيننا في داخل القطر لا خارجه. و بذلك فقط يمكن للدرّ ان يعود الى معدنه و تاخذ الصحوة الاسلامية موقعها في كنف الوضوح الكامل.

و لذلك نصحنا ولا زلنا نصرّ في النصح لاخواننا في داخل القطر ان يحسموا فيما بقي من الحركة بالمهجر التي استحوذت على آلامنا و آمالنا و تضحياتنا و استغلّتها في غير موضعها. انّه آن الاوان للحسم و ايقاف النزيف على المستوى السياسي والتنظيمي والاعلامي. يقول الله تعالى في سورة الاحزاب  » قل لن ينفعكم الفرار ان فررتم من الموت او القتل واذا لا تمتّعون الا قليلا قل من ذا الذي يعصمكم من الله ان اراد بكم سوءا او اراد بكم رحمة و لا يجدون لهم من دون الله وليّا ولا نصيرا » ( سورة الاحزاب 16-17)

وفي الاخير‘ ليس لنا ملجئ الا لله نشكو له حزننا ‘ و نقول حسبنا الله و نعم الوكيل ‘ فهو نعم المولى و نعم النصير ‘ فهو ربّ المستضعفين وهو ربّنا‘ وحسبنا الله و نعم الوكيل ونستلهم موقفنا هذا من دعوة الله في منزّل كتابه الكريم ‘‘ الذين استجابوا لله و الرّسول من بعد ما اصابهم القرح ‘ للذين احسنوا منهم و اتقوا اجر عظيم‘ الذين قال لهم النّاس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا و قالوا حسبنا الله و نعم الوكيل ‘ فانقلبوا بنعمة من الله و فضل لم يمسسهم سوءا و اتّبعوا رضوان الله و الله ذو فضل  عظيم ‘‘ (آل عمران 172 )  » من عمل صالحا فلنفسه و من أساء فعليها و ما ربّك بظلاّم للعبيد » (فصلت 46)

 » ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولّون الأدبار و كان عهد الله مسئولا » (الاحزاب 15.) ‘‘انّ الله لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم و اذا اراد الله بقوم سوءا فلا مردّ له وما لهم من دونه من وال ‘‘ (سورة الرعد 11) صدق الله العظيم و السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 باريس في 19 ديسمبر2007


 

في حب الوطن

 
البحري العرفاوي هل الوطن مجرد عنوان أو جنسية ؟ هل الوطن مجرد جغرافيا ؟ أو إيديولوجيا أو نظام اقتصادي وسياسي ؟ كيف يمكن التأكد من مدى حبنا للوطن ومدى استعدادنا للدفاع عنه ؟ تلك أسئلة تترتب عن أجوبتها ممارسات ومواقف عديدة إن الكثير ممن يصرخون بحب الوطن إنما يصرخون إرضاء لسلطة يجدون في دوامها مصالحهم ودوام امتيازاتهم وليس يعنيهم من الوطن سوى ما يقبضون من ثمن ;وليس يقلقهم سوى ما قد يفقدون من مصالح يستميتون في الدفاع عنها ويحاربون خصومهم بكل الأساليب ّ ويتهمونهم بكل آلتهم الموجبة للتجريد من المواطنة والوطنية ! على الباحثين في تاريخ النظم ولأنظمة السياسية النظر في مدى مسؤولية  » الحاشية  » عن إفساد العلاقة وحجب التواصل بين « السلطة  » ومكونات المجتمع من جمعيات ومنظمات وأحزاب وعليهم قبل ذلك النظر في امتدادات  » الحاشية  » إن كانت متسربة في النسيج المجتمعي ؟ خلا ف ما يعتقد من كون  » الحاشية  » هي نفر محدود من المقربين إلى مركز التدبير ؟ إن  » الحاشية  » المعاصرة  تحولت إلى جهاز مفهومي تحكمه نوازع ملتهبة وقودها النفعية المذلة تجيش أصحابها يلهجون نفاقا ورياء .. ولاء ! وعداء !  » حاشية  » النزعة  » الولائمية  » يهتفون من كل صوب  » حبا للوطن  » وهم أعجز من أن يصفوه او يصفوا حبا لا يوجد في البطون أو الحسابات البنكية !!  » حاشية « مبثوثة في كل المفاصل وكامل التفاصيل مجاهرة أو متخفية من  » العامة  » أو  » النخبة  »  » حاشية  » في النثر وفي الشعر وفي خطب المساجد وماضغي الأحلام لا يصحون إلا على مذلة إذ مردوا على نفاق وأطماع تؤزهم أزا …. أولائك لا يقدمون شيئا ويؤخرون !  » حاشية  » تهش بعصا .. وتضرب على المفاصل وفوق الأعناق وتكيد كيدا وتنصب الفخاخ المهلكة ! في سبيل الوطن !! حتى إن الواحد منهم لا يكفيه الوطن كله ! ولذلك يحرصون على ألا يشاركهم أحد في  » المواطنة  » يضيق عليهم مساحة الحب ويشوش عليهم  » الخلوة  » الوطنية ! أو يفسد خشوعهم وهم  » راكعون  » يتمنون ألا يقوم أحد و ألا يطلع نهار يكشف عورة الزائفين !! الزائفون لا يحتاجون من يكشفهم … يكشفهم زيفهم وبرد أعصابهم  والتهاب حقدهم على شركائهم في حليب الوطن !! ينفخون في مواقد الرماد ويقذفون بكل مبيد ثم… يبتسمون تحية للوطن !!! التاريخ هو الشاهد الوحيد الذي لا يكذب أبدا والوطن هو الأم الوحيدة آلتي تدفن أولادها في رحمها ثم لا تبكي عليهم تنتظر عودتهم ولادة جديدة … تصد قهم إذ ينطقون البحري العرفاوي  2007.11.25,تونس

 


 

السرطان في تونس

تونس – واس – أفادت تقارير طبية تونسية حديثة بأنّ تسعة آلاف شخص يصابون بالسرطان سنويا في تونس وأنّ سرطان الرئة يأتي في المرتبة الأولى بالنسبة للرجال، بينما يعد سرطان الثدي الأكثر إنتشارا لدى النسوة المصابات. إلى جانب سرطان الرئة يتعرض الرجال في تونس الى سرطان المثانة بنسبة 3ر10بالمائة وسرطان البروستاتا بـ 2 ر6 بالمائة وسرطان المعدة بـ 1ر5 بالمائة. وتتعرض التونسيات الى سرطان الرحم بنسبة 1 ر6 بالمائة وسرطان الجلد بـ 6 ر5 بالمائة وسرطان المبيض بـ 1 ر4 بالمائة.   (المصدر: وكالة الأنباء السعودية (واس) بتاريخ 17 ديسمبر 2007).

لطفك وسترك يا ربّ

بدءا أسأل الله العزيز القدير في يوم عرفة ألاّ يؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا.

ينجُم السرطان – عافانا الله وعافاكم – عن نموّ خلايا في الجسم نموّا غير طبيعي. وعليه، فالبحث عن الأسباب وفي الأسباب التي تجعل هذا النموّ غير طبيعي تساعد لا محالة على اجتناب أو – على الأقلّ – التنقيص من فرص الإصابة بهذا الدّاء الخبيث.

وفي تونس يرى المتتبّع للشأن أنّ النّظام الحاكم هناك قد شجّع على الإصابة بهذا الدّاء، بالتعمّد أحيانا مثل تصرّفه مع إخواننا أسيادنا المساجين السياسيين (حركة النهضة وغيرهم من الإسلاميين خاصّة) وباللاّمبالاة أحيانا أخرى مثل تصرّفه مع الجانب الأخلاقي الذي عليه ارتكاز كلّ شيء. وإذا سلّمنا بأنّ « المقدّر كائن » فإنّ نظرة إلى الأنواع المنتشرة قد تجعلنا نركّز على بعض الأمور الخطيرة التي كان قد سرّبها الخبيثون – في غفلة المروءة – إلى البلاد، منها مثلا:

– كثرة الخمّارات حيث السكر والتدخين وما إلى ذلك من الوسائل المساعدة على السرطان (سرطان الرئة).

– كثرة مجالات الفساد حيث تتوافر العلاقات الجنسية المحرّمة (الزنا) أو ما يسمّى « تغييريا » بالعلاقات الجنسية خارج إطار الزوجية (أكثر من 50% من الشباب التونسي يتعاطى الجنس قبل الزّواج)، وتقول نادية وهي ممرضة تعمل بمصحة خاصة بضواحي العاصمة تونس: « يوميا نستقبل ما لايقل عن 51 حالة مماثلة في مصحتنا« . تعني الفتيات اللائي جئن لتركيب البكارة الاصطناعية (وقد فقدنا في تونس كلّ ما هو طبيعي بدءا بالحاكم وصولا إلى البكارة) (سرطان الثدي – سرطان الرّحم – سرطان المبيض).

– الإقبال على العمليات التجميلية الخاصّة بتثمين الصدور وإبراز الثديّ (سرطان الثدي)، في محاولة من الفتيات « الهاملات » مسايرة نسق الفساد (سرطان الثدي).

لا بدّ من الابتعاد عن هذه الآفات كي نحفظ أنفسنا ومجتمعنا من الأمراض الخبيثة التي بدأت تنخر عظامه. غير أنّ هذه الأسباب ليست وحدها الواقفة وراء شيوع هذا الدّاء، وبرهان ذلك أنّ البعض من وجوه مجتمعنا من الطاهرين والطاهرات الذين التزموا الفضيلة وناصبوا الفساد العداء يصابون به، فوجب إذن البحث في باقي الأسباب ولزم أيضا تقوى الله والإكثار من الدّعاء فإنّه سلاح المؤمن… ونعوذ بالله العزيز القدير من شرّ ما نجد ونحاذر…

عبدالحميد العدّاسي، الدّانمارك 

 


إسرائيلي تونسي؟!…
 

في العدد الثاني من نشرية أيام قرطاج المسرحية وفي ركن ذاكرة المسرح التونسي وفي إطار ذكر بعض المسارح التي احتضنتها تونس ورد ذكر المسرح التونسي الذي احتضنه شارع بورقيبة عدد 39 من سنة 1901 إلى سنة 1903 ووردت عبارة  » أحدثه إسرائيلي تونسي « …كلمة  » إسرائيلي  » جلبت انتباهي وأثارت تساؤلات عديدة في ذهني وحينما         israélite انتقلت إلى نفس الركن بالجزء الفرنسي من النشرية وجدت عبارة في مرحلة أولى أثارتني كلمة  » إسرائيلي  » وقلت في نفسي: هل كان يوجد إسرائيلي سنة 1901؟.. وحتى الآن، مازال هناك جدل قائم حول الاعتراف بالكائن الإسرائيلي باعتبار أن  » دولة إسرائيل  » في حدّ ذاتها كيان مغتصب ( بكسر الصاد ) وإن أمكن له تحقيق بعض الاعتراف من بعض الدول العربية فإنه عاجز إلى حد الآن عن تحقيق الاعتراف الشعبي العربي به…فكيف لنشرية مهرجان مسرحي عربي أن يهدي إلى هذا الكيان مثل هذا الاعتراف؟!…أمّا في المرحلة الثانية وحين إطلاعي على الكلمة الفرنسية أدركت أنها تحيل على معنى  » بنو إسرائيل  » ( المذكورة في النص القرآني ) …قد يكون كاتب هذا النص خارج دائرة فهم المعنى ( وإن لم يكن كذلك فتلك إذن مسألة أخرى) ولكن إدارة أيام قرطاج المسرحية خلال هذه الدورة هي المسؤولة على مثل هذه الفوضى… إذ وفي الزمن الذي تنكر فيه إسرائيلية اليهود المغتصبين للأرض الفلسطينية يطالب فيه المغتصبون الاعتراف بيهودية دولتهم، وهي قضية لا تدخل في حسابات إدارة أيام قرطاج المسرحية خلال الدولة الثالثة عشر… قد يذهب في اعتقاد البعض أن الثقافة لا علاقة لها بالسياسة وهم بذلك يجانبون واقع الفهم للأوضاع العامة…فإن لم يكن المبدع معبّرا على مشاعر أبناء شعبه وأمته فعلى الإبداع السلام…   * طائر المنيرفا ( تونس ) ما فتئ المسرحي سليم الصنهاجي بعمل بهدوء بعيدا عن الأضواء، وهاهو يخرج عملا مسرحيا له طابعه الإبداعي الخاص إذ أصبح من الصعب إنجاز عمل مسرحي مختلف في زمن بلغ فيه المسرح التونسي أرقى مراحله… عن مسرحية  » حب الملوك  » للمسرحي العالمي أنطوان نشيكوف اقتبست صباح بوزويتة نص هذا العمل، عائلة أرستقراطية يعود أفرادها إلى بلدهم الأصلي بعد خمس سنوات قضوها في باريس اتلفوا خلالها كلّ ثروتهم، ويفاجؤوا بعرض بيتهم ( بيت العائلة الموروثة عن الجدود ) للبيع. وفعلا يتم بيع البيت في مزاد علني ويكون الشاري أحد الخادمين في البيت بالوراثة بعد أن جمع مالا طيلة سنوات مكنّه من الانتماء إلى فئة الأغنياء وطبعا يتصرّف بالحقد الطبقي القديم ويطرد كلّ أفراد العائلة الأرستقراطية… دور الوصولّي باقتدار الممثل يونس الفارحي بينما أبدعت صباح بوزويتة في آداء دور البورجوازية التي فقدت كلّ شيء وبقيت تعيش على الأطلال.. العمل في مجمله كان ناجحا لولا بعض الهنات على مستوى الأداء الركحي لبعض الممثلين، وتبقى الرؤية الإخراجية أبرز ما يميّز هذا العمل وخاصة من ناحية استغلال الفضاء الركحي الذي امتد إلى مناطق من قاعة العرض حيث تحرّك الممثلون فيه وانتقلوا هنا وعناك ( الركح وفضاء قاعة العرض ) بحرفية وجمالية حملت المتفرج إلى الحضور مع أفراد العائلة الأرستقراطية ومشاركتهم آلامهم وأحزانهم… * نجمة نهار ( تونس ) اقتباسا عن  » عطيل  » لشكسبير أنجز المسرح الوطني التونسي هذا العمل المسرحي في قراءة جديدة للنص وللحدث بما يتماشى مع أحداث العصر وما تتميز به من صراعات ومواجهات وقتل وتقتيل… محمد إدريس بما يمتلكه من خبرة ومعرفة وإمكانيات مادية هامة أخرج عملا مسرحيا ضخما يمتد على أكثر من ساعتين ونصف الساعة أبدع خلاله على الركح عدد من الممثلين كجمال ساسي وبشير الغرياني ( خاصة )… العمل رغم طول فترة عرضه شدّ الجمهور الغفير الذي تابعه بلوحاته المتنوعة وثراء مشاهده التي راوحت بين القول والصمت وبين الحركة والسكون وخاصة حسن التعامل مع المؤثرات الركحية التي لعبت دورا رئيسيا في نجاح العرض. لقد تمّ تقسيم الركح بشكل دائري وتحرك الممثلون بشكل متقن ومدروس وفق هذا التقسيم وقد ساهمت المؤثرات الضوئية والموسيقية في إبراز الجانب الإبداعي لهذه الحركة. إذ أمكن للمسرح الوطني في هذا العمل تجاوز معضلة النص المقول ( التي مثلت نقطة الخلل في معظم الأعمال السابقة ) فإن الإطالة في حدّ ذاتها مثلت مشكلة هذا العمل، فعديد المشاهد كان يمكن اختصارها زمنيا تجنبا للتكرار وللملل الذي قد يصيب المتلقي. مرة أخرى يثبت المسرح الوطني التونسي قدرته على التواجد ضمن مجال المسرح العالمي الراقي بعيدا عن الإسفاف والسطحية والشعوبية… جلال   (المصدر: صحيفة مواطنون العدد 39 الصادرة  يوم 8 ديسمبر 2007)


 

المائدة المستديرة « الاقتصاد التونسي تحت المجهر »

 

نواصل نشر الحلقة الثالثة و الأخيرة للمائدة المستديرة « الاقتصاد التونسي تحت الم »جهر التي جمعت بين الأستاذ محمود بن رمضان والأستاذ عبد الجليل البدوي.   مواطنون: نتابع الحديث حول مفهوم تراجع دور الدولة في المجال الاجتماعي و انعكاساته على المقدرة الشرائية للأجراء… الأستاذ محمود بن رمضان: علينا التمييز على مستوى الأحكام بخصوص المساهمات الاجتماعيّة، حيث من الواضح أنّ الترفيع فيها مفيد للأجور: إنّها تمثّل دخلهم الحالي أو القادم. أمّا بخصوص مداخيل الدولة، ليس هناك من حكم مسبّق يمكن أن نطلقه: علينا أن ندرس مصدر المساهمات واستعمالاتها وتطوّرها. عندما ننظر إلى الموازنة الراهنة للدولة ونقارنها بمثيلتها لسنة 1983 أو 1990، علينا أن نثبت أنّها متأتّية من تزايد حجم المساهمات من الأجور وأنّ المساهمات تذهب بنسب تقّل من سنة إلى أخرى إلى القطاعات الاجتماعيّة. من الصعب تحصيل دليل على هذا الأمر. على مستوى توزيع الأرباح، يأتي اختيار السنة المرجعيّة على قدر كبير من الأهميّة، عندما أنظر إلى الجدول الذي قدّمتموه وأخذ سنة 1990 كمرجع، ألاحظ أنّ مداخيل غير الأجراء تراجعت منذ ذلك التاريخ وأنّ المساهمات الاجتماعيّة ارتفعت بشدّة. أمّا عن ارتفاع نصيب الدولة من الناتج الداخلي الخام، فيجب أن نقرأه من خلال توزيعه. حينها، يمكننا أن نستخلص إن كان هنالك تدهور في مداخيل الأجراء.   الأستاذ عبد الجليل البدوي: يجب الإشارة أولا إلى أننا لسنا بصدد النقاش في نفس الجوانب الاقتصادية, فأنا أطرح مسألة توزيع المداخيل حين يتطرق محمود إلى توزيع مصاريف الاستهلاك العائلي. ثانيا حتى إذا اعتبرنا مصاريف الاستهلاك و ما يرتبط به من مؤشرات فلا بد مناعتبار جملة من التطورات الديمغرافية و تطور نسبة الناشطين لكل عائلة لأن استهلاك الفرد يمكن أن يتحسن لا بحكم تحسن مدخول ربّ العائلة بل نتيجة لارتفاع موارد العائلة عندما يزداد عدد الناشطين بها. كما أن ارتفاع استهلاك الفرد قد ينتج عن لجوء العائلات للتداين و لا لتحسن في توزيع المداخيل. ثالثا إن الإحصائيات المتوفرة- رغم قلتها – في ما يخص المداخيل تعتبر بينة  بما فيه الكفاية، مداخيل الدولة متأتية بطريقة متزايدة من مساهمات الطبقات الوسطى والأجراء. مساهمة هذه الشريحة في الضرائب المباشرة انتقلت من 35,2 في المائة سنة 1987 إلى 45,3 في المائة سنة 2004. كما أن نصيب الطبقات الشعبيّة يتزايد من حيث نسبة مساهمتها في الضرائب غير المباشرة. في الختام، يمكننا ملاحظة أنّ الأجراء الذين يمثّلون نسبة 75 في المائة من الناشطين، يتحمّلون قسطًا كبيرًا. علينا النظر إذا كانت هذه المساهمة تقابلها منافع على نفس القدر؟ في هذا الخصوص يدل الواقع على تصاعد الصعوبات المعيشية بحكم انتشار أنماط التشغيل الهشة و تراجع نسبة نمو مداخيل الأجراء و الفلاحين و التجار الصغار و استقرار البطالة في مستويات عالية و تحمل العائلات مصاريف الشباب العاطل في غياب منحة البطالة..إلخ.. كما نلاحظ بكلّ بساطة أن الأعراف يستفيدون أكثر من مساعدات الدولة. رغم محافظة الدولة على مساهمتها في الصحّة والتعليم، نلاحظ أنّ التكاليف في هذين القطاعين ارتفعت بقدر كبير. ممّا يرفع نصيب العائلات من هذه المصاريف. صحيح أنّنا لا نتحكم في جميع الإحصائيات، لكن بالنظر إلى المتوفّر منها وإلى المنحى العام، يمكننا الجزم بأنّ التفاوت بين الطبقات الاجتماعيّة في تزايد. كذلك يتعرّض الأجراء لضغط جبائي متزايد، ويعيشون ظروف حياة تزداد صعوبة يومًا بعد يوم، على مستويات الشغل والأجر والتغطية الاجتماعيّة. كما يقر محمود بوجود 1%أو 0،1% من الأثرياء الجدد فهل يحق استثناءهم عند التعرض إلى توزيع المداخيل؟ بالطبع لا و هذا ما يؤكد توسيع الفوارق في توزيع المداخيل.   الأستاذ محمود بن رمضان: علينا أن ننظر بحذر إلى تقديرنا للتغطية الاجتماعيّة، التي نقيسها عبر عديد المؤشّرات. إنّ مصاريف الدولة في مجال الصحّة في ارتفاع، سواء بسبب شيخوخة السكان أو من جرّاء الأمراض الجديدة التي برزت. لكنّ الأمر يبقى دون المأمول، حيث تهمّ هذه الظاهرة العالم بأسره وليس تونس بمفردها. إنّ توفير الصحّة الجيّدة يتطلّب وسائل أكبر، الواجب أخذها من مساهمات اجتماعيّة أرفع. أيضًا، علينا أن نفكّر في تطوير قطاع الصحّة العموميّة، من أجل أن نجعله أكثر قدرة على منافسة القطاع الخاصّ. إنّ التغطية الاجتماعيّة للفئات الفقيرة والمتوسّطة ترتبط بوجود قطاع عمومي جيّد. أحد شروط ذلك أن يتمتّع هذا القطاع بالموارد الماليّة الضروريّة. إذا نظرنا إلى التغطية الاجتماعيّة راهنًا، التي قيل بشأنها أنّها في تراجع. فإلى أيّ مرجع استندًنا للخروج بمثل هذه الرأي؟ هل أخذنا بعين الاعتبار أنّ نسبة السكّان المتمتّعة بالتغطية تبلغ 90 في المائة من السكّان، في حين أنّ هذه النسبة كانت تقارب 40 في المائة في بداية الثمانيات؟ يمكننا نقد محتوى هذه التغطية ونوعيتها، لكن لا يكننا إغفالها. يجب على الحكم الذي نصدره أن يأخذ هذه الأبعاد بعين الاعتبار. أمّا بخصوص تداين العائلات، أودّ القول أنّ إنعاش الاقتصاد يأتي من خلال إنعاش الطلب، وأنّ الأمر يتمّ من خلال وسيلتين: الاستثمار وتداين العائلات. تحتاج تونس إلى توسيع سوقها الداخليّة وتشجيع الاستهلاك، بما في ذلك تشجيع القروض الاستهلاكيّة. وجب عدم النظر إلى تداين العائلات في المطلق. إذا كان صحيحًا أنّ بعض القروض قد أثقلت كاهل بعض العائلات، فإنّ متوسّط نسبة الدين تبلغ 40 في المائة. في عديد البلدان المتقدّمة أو ذات الدخل المتوسّط، تصل هذه النسبة وتزيد أحيانًا عن 200 في المائة.  وبدون إنعاش الاستهلاك الداخلي وما ينتج عنه من تداين عائلي، كنّا سنحصل على نموّ أقلّ وعلى مستوى دخل أدنى.   الأستاذ عبد الجليل بوراوي: من الواضح أنّني وزميلي الأستاذ بن رمضان لا نعمد إلى التعريف ذاته بخصوص الإغراق. ولا إلى نفس الظواهر في تحليل الفوارق الاجتماعية و توزيع الثروة فعندما أتكلم عن المداخيل يتكلم عن الاستهلاك، و كذلك بخصوص دور الدولة عندما أتحدث عن تراجع دورها فهو ينفي هذا الموقف و يطرح مسألة نجاعة وجدوى تدخلها و الآن يرفض الزميل التمييز بين تعميم التغطية الصحيّة وتوسيعها لتشمل طبقات اجتماعيّة جديدة من ناحية، ودرجة هذه التغطية ونوعيتها من جهة أخرى. أيضًا، لا يبدو أنّه يولي أهميّة لانتشار التعليم وللنتائج الحاصلة على مستوى جودة التكوين وقابليّة التشغيل. رغم كلّ هذا، أكد على أن دراسة درجات مردودية توجيه الموارد تأتي ضروريّة من أجل دراسة موضوعيّة للفترة التي نتناقش بخصوصها اليوم. حتى نتمكن من الاستناد إلى مرجعية علمية بالمقارنة بين النتائج الحاصلة وتوزيعها وبين التكلفة التي تحملتها المجموعة الوطنية وكيفية توزيعها على مختلف الشرائح الاجتماعية.   مواطنون: نلاحظ بعض التباين بين التشخيصين وأيضًا على مستوى المفاهيم. لكن وانطلاقا من هذا التقييم هل ترون أن الوضع يتطلب إصلاحات جذريّة أو على العكس أنّ إجراءات بسيطة تكفي لتحسينه؟   الأستاذ محمود بن رمضان: لقد أشرنا في دقّة إلى وجود مصدر للتصدّع الاجتماعي والأمر على قدر كبير من الخطورة، و الدولة ـ رغم ضخامة الموارد الموظفة ـ بصدد فقدان الجدوى. من اليقين أنّ الأزمة متعدّدة الأبعاد وعميقة في الآن ذاته. ليس هناك تعديلات ممكنة، بل المطلوب هو تغيير المنظومة، لأنّنا نلاحظ تداخلا بين الميادين الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة، كما لم يكن الأمر في تاريخ تونس أبدًا. نلاحظ أيضًا نظاما سياسيا مستبدّا، يسعى إلى الإلزام بآرائه من خلال الأوامر، ومن ثمّة يصير المواطنون في هذه المجالات مجرّد دواليب. هذا النظام المعقّد لا يمكن أن يكون أو يعمل سوى من خلال الدواليب، فهو يعمل من خلال عقيدة «فرّق تسد». نلاحظ أنّ مختلف الأنماط الاجتماعيّة تعاني من التقسيم، كذلك بقيّة الكيانات عبر حدود مانعة. كلّ مبادرة ممنوعة ومحكومة بالمضايقة إن لم نقل بالزجر. ليس هناك نظام في عالم معقّد، يستطيع التطوّر في وجود سياسة مماثلة. إذا كنّا نلاحظ ـ على مستوى التعليم مثلا ـ موارد ماليّة هامّة وأيضًا في نموّ، إلاّ أننّا نأسف للنوعيّة السيّئة لهذا التعليم، لأنّ المعلّمين ليسوا كما كانوا، ولا يتحمّلون مسؤولياتهم في أحسن الظروف، فقد تحوّلوا ـ لسوء الحظّ ـ إلى مجرّد منفّذين لهذه البرامج يتمّ اختيار مديري المدارس بناء على انتمائهم للتجمّع الدستوري الديمقراطي وليس بناء على كفاءتهم. لم تعد هناك قواعد ولا دولة قانون. الذين يٌثرون لا يمثّلون الفئة الأكثر كدحًا، ولا تأتي الثروة سوى على مثل هذه الصورة. أيضًا، نلاحظ غياب المبادرات الاقتصاديّة. رجال الأعمال ليسوا بالحركيّة التي كانوا عليها أو التي وجب أن يكونوا. نعيش في مجتمع هشّ، هكذا هي رغبة السلطة. إنّها سلطة تخشى كلّ حراك. لقد وصلت تونس إلى درجة من التطوّر الاقتصادي والاجتماعي، ومن درجة من التعقيد حيث لم يعد من الممكن قيادتها من خلال نظام ممركز. يجب تطبيق لا مركزيّة لكلّ سلطات القرار والمبادرات وتعاضد كلّ الفاعلين الاجتماعيين. هذا الأمر يضع أمامه النظام العراقيل. تونس تحتاج إلى إدارة قادرة على طرح نظرة إستراتيجية، استشرافية، تمكّن الفاعلين جميعًا من أن يكونوا في حالة تعاضد، وتكون هي الأخرى في حالة فعل. النظام القائم لا يفعل سوى تجريد الإدارة من قدرتها على الابتكار. لم نعد منذ عشرين سنة نملك دولة ذات إستراتيجية، تلك الدولة التي أرست تونس الحديثة والتي وضعت أسس صناعة بكاملها، ندركها جميعًا. ممّا جعل حياة التونسيين منذ عشرين سنة بدون مشاريع الدولة ـ على اعتبارها عنصر استراتيجي للتنمية ـ تراجعت، وحافظت على موقعها على المستوى الاجتماعي، في شيء من القناعة وبعض التقدير للأمور، لأنّ السياسة الاجتماعية لا تتمّ في الجانب الاجتماعي حصرًا. حين أصبحت فضاء لممارسة الزبونيّة، حيث يقايض الفرد التزامه بالمنافع وليس بما هو مكتسب من حقوق. العطاء يكمن أن يكون لمن لا يستحقّه البتّة، وأيضًا بالإمكان انتزاع هذا العطاء في كلّ لحظة. إنّ السياسة الاجتماعيّة تمثّل وسيلة للسيطرة على المجتمع. من المفارقة أنّه بدون هذه السياسة الاجتماعيّة، لن يكون هناك دولة أو حزب حاكم. يمتلك التجمّع الدستوري الديمقراطي قرابة مليوني منخرط (حوالي 20 في المائة من سكّان عددهم عشرة ملايين). الحزب الشيوعي الصيني بحوالي 60 مليون منخرط لا يمثّل سوى 5 في المائة من السكّان. لا يوجد بلد في العالم وصل إلى مثل هذه الدرجة من التنمية الاجتماعيّة والاقتصاديّة، وهو على مثل هذا التخلّف على المستوى السياسي. أستحضر مقولة لأحد علماء السياسة الذي قال:«عندما يصل بلد إلى دخل قدره 6000 دولار للفرد في العام، لا يمكن لهذه الدولة أن تسقط من جديد في الاستبداد». تونس تمثّل فعلا استثناء عن هذه القاعدة، حيث يمثّل دخلها ـ مع اعتبار التكافؤ في القدرة الشرائيّة ـ 7200 دولار. علينا أن نترك جانبًا البلدان النفطيّة (كمثل دول الخليج العربي)، حين لا يعبّر مستوى الدخل عن جهد مبذول. حين تجاوز حدّا أدنى، تأتي الضرورة الاجتماعيّة بانتقال البلد إلى الديمقراطيّة. تونس تأتي حالة شاذّة لهذه القاعدة التي لا تجد لها تطبيقًا في هذا البلد.   الأستاذ عبد الجليل البدوي: التحليلات التي قدّمتها تجعلني منطقيّا أرى من الضروري القيام بتغيّرات جوهريّة على مستويات ثلاث: 1.العلاقة بين الدولة والمجتمع: هذه العلاقة يجب أن تتأسّس ضمن مسعى بناء دولة القانون، دولة لامركزيّة وكذلك من خلال تحسين أساليب التسيير على كلّ المستويات بغية تأمين تصرّف أفضل في الموارد وطرح الخيارات الإستراتيجية على قاعدة تشاور حقيقي بين الدولة والمجتمع وإعداد خطّة إستراتيجية على قاعدة عقد اجتماعي جديد يسمح بتوزيع عادل للثروة كما يمكّن من تزيع عادل للتكاليف الناتجة عن المتغيرات و الضغوطات الاقتصادية المرطبطة بالعولمة و الانفتاح. 2.العلاقة بين الدولة والاقتصاد: هذه العلاقة يتمّ تصوّرها في اتّجاهات ثلاث: في المقام الأوّل، طرح سياسة صناعيّة ذات أبعاد إستراتيجية واضحة، والتخلّي عن المبدأ الذي تعلّق به الفكر الليبرالي أيّ «حياديّة الدولة»، الذي خلق جوّا من الإرباك ومن التراجع لدى القطاع الخاص، الذي اعتاد تلقي المساعدات والحماية مقابل الولاء السياسي. هذه القاعدة الصناعيّة وجب أن تتأسّس من خلال إعادة تصوّر كامل لسياسة التربية والتكوين والبحث، التي تبدو لنا ـ رغم تعميمها ـ ذات نوعيّة متردّية. في المقام الثاني، مراجعة التمفصل بين القطاعين الخاصّ والعمومي. الدولة إلى حدّ الآن اعتمدت سياسية أحاديّة، بحثت من خلالها عن تطوير القطاع الخاص، وتخلّي القطاع العمومي عن القطاعات أساسًا المنتجة. إنّ نجاح الاقتصاديات الصاعدة أثبت أنّ التعاون والتكامل بين القطاعين يأتي مصيريّا ووجب أن يكون محلّ مراجعة متواصلة. في المقام الثالث، إعادة صياغة العلاقات المهنيّة. نلاحظ غيابًا خطيرًا للحوار داخل المؤسّسات. هذا الغياب يضرّ بكلّ تطوير للسياسة الصناعيّة. 3.العلاقة بين السياسة والأبعاد الأخلاقيّة: أريد أن أؤكد على فقدان القيم الاجتماعيّة الأساسيّة خلال العشرين سنة الفارطة. لقد خسرت المعرفة وكذلك العمل مقامهما في المجتمع. رغم أنّ هذان القيمتان يمثلان ليس العاملان الأساسيين للتطوّر الاجتماعي، ولكنّ أيضًا للتنمية المستديمة والمتوازنة. لا يمكننا خلق الثروة والشروع في البناء، ما دام هذين القيمتين في انحدار. الثقة ذاتها خسرت قيمتها سواء على المستوى الاجتماعي أو المهني نتيجة خوصصة الدولة و المؤسسات و غياب استقلال القضاء و تهميش دور الإدارةو انتشار الرشوة و الفساد و اعتماد مدى الولاء السياسي عوض الكفاءة و التجربة في اختيار المسؤولين على كل الأصعدة.   مواطنون: بدفع من المؤسّسات النقديّة العالميّة، تقوم الدولة راهنًا بسلسلة من الخصخصة في سرعة كبيرة قياسيّا، بغاية الحدّ من التداين والعودة به إلى نسبة في حدود 40 في المائة من الناتج الداخلي الخام. هل نحن بصدد التفريط في ثروتنا بسعر بخس؟   الأستاذ محمود بن رمضان: كانت لنا إلى حد خصخصة اتّصالات تونس حالة ماليّة متوتّرة، ومدّخرات من العملة الصعبة لا تزيد عن واردات ثلاثة أشهر (هذه المدّة قصيرة) ونسبة تداين على درجة من الارتفاع. عمليّة الخصخصة هذه جلبت حوالي 3050 مليون دينار. هذا المبلغ مكّن من تسديد جزءا من الدين، الذي تمّ اقتراضه بشروط مجحفة نسبيّا. في الأثناء قمنا بتحسين مرتبتنا على المستوى الدولي ومن ثمّة الحصول على قروض دوليّة بشروط أفضل. عمليّة الخصخصة هذه مكّنتنا من تسديد جزء من ديوننا وتأمين مخزون من العملة الصعبة. لا يوجد راهنًا من الأسباب الماليّة التي تشرّع أيّ عمليّة خصخصة. التعلّل بالدين لم يعد سببا مقبولا للمضيّ في عمليّة الخضخصة. المؤسّسات الدوليّة تدفع إلى الخصخصة مقدّمة حجج أخرى: الفاعليّة، المنافسة. في الختام، يمكنني القول أنّه من الخطر التخلّص من القطاعات العموميّة الحيويّة. إلاّ في صورة امتلاك تصوّر استراتيجي لصناعة أكثر أهميّة بالنسبة لمستقبل البلاد.   الأستاذ عبد الجليل البدوي: عمليّات الخصخصة تمّت إلى حدّ الساعة ضمن مسعى يتعلّق باعتبارات ماليّة، تهدف إلى تحسين وضع موازنة الدولة وكذلك لاعتبارات أيديولوجيّة تعتبر القطاع الخاصّ أفضل من مثيله العمومي. هناك في هذا التمشّي ـ في غياب سياسة صناعيّة ـ انعدام منظور يهدف إلى إعادة تموقع الدولة بغاية تدعيم النسيج الإنتاجي التونسي. فكرة اعتبار أن القطاع الخاص قادر على تعويض الدولة هي فكرة مغلوطة، حيث لم يتخلّص هذا القطاع بعد من ثقافة الدعم الاقتصادي في مقابل الولاء السياسي وهو لا يزال غير قادر على اتّخاذ المبادرات، وتعويض الدولة ومن ثمّة التأسيس لنسيج إنتاجي متنوّع وقادر على المنافسة. إنّ الخصخصة، تمثّل في مثل هذه الظروف كارثة، لأنّها لا توفّر منظورًا لدعم النسيج الإنتاجي التونسي. نحن نلاحظ بكلّ بساطة انتقال للملكيّة دون أدنى أفق. عندما نعتمد سياسة صناعيّة تتأسّس على خيارات إستراتيجية واضحة وتتأسّس على عقد اجتماعي حقيقي، تكون حينها الخصخصة قد تخلّصت من كلّ مدلولاتها الأيديولوجيّة ومن الاعتبارات الماليّة الصرفة لتعبّر بكلّ بساطة عن إعادة تموقع للدولة ينخرط في منطق التنوّع ودعم النسيج الإنتاجي. من سوء الحظّ، لا نزال بعيدين عن هذه الوضعيّة راهنًا. مواطنون: نحن على يقين أنّ هذه الدرجة العالية من التحليل والعمق على مستوى المقاربة ستثير حتمًا اهتمامًا سواء من قبل الخبراء أو القراء. شكرًا وإلى اللقاء (المصدر: صحيفة مواطنون العدد 39 الصادرة  يوم 8 ديسمبر 2007)

 

 


 

خرافة الحزب الديني في تونس!

بقلم: رضا الملولي (عضو مجلس المستشارين)

 

 بعد عشريّتين من التوجهات السياسية المبدئية ، وبحرص رئاسي لا مثيل له على صعيد الثوابت التي تأسس عليها فعل التغيير ممثلة في التعددية الفكرية والسياسية وسياسة الوفاق الاجتماعي والتحديث الاجتماعي والسياسي… بعد كلّ هذا ، استمعنا هذه الأيام إلى بعض الأصوات النّاعقة، فيما يشبه حشرجة المقبلين على الموت تنادي بوجوب تأسيس حزب ديني في البلاد (هكذا!) وكأنّ المسألة مزاجية أو مرتبطة بالظروف والملابسات…

 

غاب عن هؤلاء نصّ الدّستور وعلويته وغاب عنهم قانون الأحزاب الذي يمنع قيام أحزاب على أساس ديني أو لغوي أو طائفي وبصرف النظر عن الجوانب القانونية التي تظلّ الفيصل في المسائل الخلافية فإنّ مثل هذه الدّعوات تستوجب ابداء الملاحظات التالية:

 

جوهر مشروع التغيير في تونس هو التّحديث والفكر الاصلاحي التقدّمي الذي نحتت معالمه أجيال متعاقبة من التنويريين التونسيّين وكلّ ابتعاد عن هذا الجوهر على صعيد الممارسة السياسية هُوَ تنكّر لمبادئ التغيير ذاتها التي حرص السيد الرئيس طيلة السنوات الماضية على جعلها منارة يستضيء بها الجميع..

 

الملاحظة الثانية متّصلة بقواعد التنافس السياسي الديمقراطي القائم على البرامج السياسية المتباينة وهذه البرامج أرضية المنشأ، لا غيبيّة النوازع فكيف يستقيم المسعى مع مجموعات قروسطية تدّعي أنها ناطقة باسم السّماء والحال أنّ الأرض ومن عليها تعجّ بالتناقضات والتحدّيات الدّائمة. نريد برامج مدنية، لا يدّعي أصحابها العصمة، أفكارهم نسبية وقابلة للتّطبيق ولا علاقة لها بالغيب أو نواقض الوضوء!

 

وقد كانت مناقشة بيان الحكومة في رحاب مجلس المستشارين فرصة للتذكير بأنّ دعاة الدولة الدينية يسعون ومن خلال أمثلة متعدّدة في العالم إلى تقويض المجتمع من الدّاخل وتحرّكهم غريزة التسلط والحنين إلى الماضي في وجهه البائس وما لم يؤمن هؤلاء بأنّ تحديث المجتمع يفترض ايلاء الصّراعات الاجتماعية والفكرية المكانة التي تستحق فانه لا يمكن لهذه القوى البائسة أن تبدع سوى التخلف وتنمّيه على حساب الابداع والتقدّم.

 

ونعتبر أنّ مواجهة هذا الظلام الزاحف المتحالف مع مجموعات يسراوية بائسة هي الاخرى ضرورة حيوية وواجب وطني على كلّ من يؤمن بالعقل والحرية أن يضطلع به… هؤلاء يمثلون أعتى تجسيدات التخلف والقيم التي يؤمنون بها هي قيم إقطاعية تجرّ الفرد إلى التساؤل عن حاجات خارج عالمه.

 

لقد كان الرئيس بن علي ولا يزال باحثا عن الشرط الانساني في كل القرارات التي اتخذها للنهوض بالبلاد، وهذا الشرط وجده خارج أسوار القمع والجوع والجهل تأكيدا للحقيقة الثابتة: الانسان الحرّ هو غاية كل دين قبل أن يعبث به تزمت المتطرفين والمتقوّلين في الدين.

 

أليست السياسة فنّا للممكن والممكن الوحيد للانسان التونسي هو حريته التي يلغيها دعاة الدولة الدينية مهما تلوّنوا، وإذا كان بعضهم يختمر بفعل المناخ فإن إعادته إلى مناخه الطبيعي تجعلك تكتشف حقيقة ازدواجيته الأزلية.

 

)المصدر: مجلة « حقائق » (أسبوعية – تونس) بتاريخ 6 ديسمبر 2007)

 


 

واذا امرأة القطيف سئلت بأي ذنب جلدت!
 
صلاح العلاني تناقلت وكالات الأنباء في المدة الأخيرة خبرا ملخصه أن امرأة شابة من سكان القطيف بالمملكة العربية السعودية تبلغ من العمر تسعة عشر عاما. تواجدت مع شخص في سيارته بهدف استرجاع صورة قديمة لها عنده ، اذ هاجمهما سبعة شبان قاموا بتحويل وجهتها واغتصابها جماعيا. بعد النظر في القضية، حكمت المحكمة الشرعية على الشبان المغتصبين بالسجن لمدد تراوحت بين 1 و 5 سنوات في مخالفة صريحة لما درجت عليه المحاكم السعودية من الحكم بالاعدام في مثل هذه القضايا. والأغرب من ذلك أن المحكمة المذكورة أدانت الضحية التي نالت 90 جلدة وذلك بسبب  خلوتها مع رجل غريب ليس من محارمها وهذا ما أدى حسب رأي المحكمة الى تعرضها للاغتصاب. لكن المرأة استأنفت الحكم وتجرأت على رواية ما حدث لها الى الصحافة وتحدثت أيضا الى منظمة حقوقية هي هيومن رايتس واتش مما أثار زوبعة في الأوساط الاعلامية المحلية والعالمية وكذلك الأوساط السياسية. في الاستئناف تغيرت الأحكام كالتالي : نال المغتصبون من 2 الى 9 سنوات بينما نالت الضحية 200 جلدة و 6 أشهر سجنا. واذا كانت مضاعفة العقوبة بالنسبة الى الضحية قد وقع تبريره بلجوء هذه الأخيرة الى الاعلام بهدف التأثير على المحكمة مثلما قيل في حيثيات الحكم فان مضاعفة الأحكام بالنسبة الى المغتصبين بقي دون تعليل. الشئ الذي دفع الأوساط الحقوقية والسياسية الغربية بالذات الى مطالبة الملك عبدالله بالتدخل لرفع هذه المظلمة. وقد صرح مصدر مسؤول بوزارة العدل السعودية أن الرواية التي تناقلتها وكالات الأنباء عن الحادثة لم تكن دقيقة لأن المرأة اعترفت بمواقعة مرافقها المصور لها في السيارة وأنها كانت عارية وأنها لم تتقدم بشكوى الا بعد عدة أسابيع، بعد أن أبلغ زوجها بالخبر عن طريق شخص مجهول.  ومهما تكن الحقيقة، فان ادانة الضحية في هذه الحالة يبدو أن قبوله غير منطقي للأسباب التالية : أولا في حكمها على الضحية استندت المحكمة الى الخلوة غير الشرعية التي أوجدت المرأة نفسها فيها وبذلك تكون هي المتسبب الأول في الاغتصاب. فهل كانت المرأة في خلوة؟ وهل من حق القضاء التدخل في هذا النوع من الخطايا؟ الخلوة في الفقه الاسلامي – حسب المعجم الوسيط – هي اغلاق الرجل الباب على زوجته وانفراده بها. بينما تواجدت المرأة مع المصور في الشارع والشارع مكان عام يتواجد فيه الرجال والنساء على حد سواء  فلا معنى للخلوة في مكان عام. ثانيا لا أطن أن الخلوة تطالها الأحكام الشرعية لأن هذه الأحكام مجالها الأماكن العامة. أما ما يرتكبه الانسان من خطايا في الأماكن الخاصة فان الله هو حسيبه الوحيد. ويحضرني في هذا الصدد ما يروى أن عمر بن الخطاب لما كان يقوم بتفقد رعيته ليلا اذ أطل على رجل في بيته يحتسي الخمر. فلما أقبل الصباح بعث اليه عمر من يجلبه ليقيم عليه حد الشرب فاحتج عليه الرجل بعدم أحقيته في التجسس عليه استنادا الى قوله تعالى « ولا تجسسوا » فما كان من عمر الا أن أطلق سبيله مقتنعا بصواب موقف الرجل. ثالثا وحسب معلوماتي المتواضعة فانني لم أسمع أن في التاريخ الاسلامي من قوضي أو قوضيت بسبب الخلوة التي تبقى في النهاية مسألة شخصية. فهل غابت هذه الأمور عن القاضي الشرعي وهو يصدر حكمه على هذه المرأة التي يقال أنها تنتمي الى الطائفة الشيعية بينما ينتمي مغتصبوها الى أهل السنة والجماعة؟ هذا بالنسبة الى الضحية فماذا عن مغتصبيها؟ في المملكة العربية السعودية، جريمة الاغتصاب تعرض صاحبها الى الاعدام. لكن المحكمة ارتبكت في أحكامها على هؤلاء الشبان وعللت أحكامها بأنهم لم يعترفوا بما نسب اليهم. لكن ما الذي تغير من الحكم الابتدائي الى الحكم الاستئنافي؟ فاذا كان الجناة قد اعترفوا بما نسب اليهم فانهم يستحقون الاعدام حسب ما درجت عليه المحاكم الشرعية في مثل هذه القضايا. أما اذا بقوا على انكارهم فلا مجال لادانتهم بل ان اطلاق سبيلهم هو الأقرب الى العدل. لقد ظهر القضاء الشرعي في هذه الحادثة متهافتا بالنظر الى الحكم الشرعي حسب منطقه القديم. أما بالنظر الى المنظومة العالمية لحقوق الانسان والتي يجب أن ينطلق منها المسلمون في كل عملية تجديدية للاسلام فان ما حدث يعتبر انتهاكا لهذه المنظومة التي جعلت من أركانها الأساسية المساواة والحرية. أي حرية الفرد في اختيار نمط العيش الذي يراه مناسبا. ولذلك يدافع الحقوقيون مثلا عن حق المرأة في الحجاب تماما مثل دفاعهم عن حقها في « الميني جيب ». فهل يدرك المسلمون أن الحرية لا تتجزأ وأن قدسيتها هي السبيل الوحيد للخروج من حالة التخلف التي نحن فيها الآن؟ 

 

 


أفكار عن الزيارة الفرنسية

بقلم: برهان بسيس

زيارة القائد الليبي معمّر القذافي إلى أوروبا مثلت بكل المقاييس حدثا إعلاميا لافتا خاصة في محطتها الفرنسية.

كالعادة نصب القذافي خيمته في قلب باريس المحتارة بين التمتّع بمعاينة طقوس زيارة غير مألوفة لزعيم غير عادي يجر وراءه سيرة ذاتية حافلة بتاريخ من العواصف والمغامرات أو الإنصات لتعاليق نخب اختطفت حدث الزيارة لتصفية حسابات فرنسية داخلية عبر بوابة الضيف الليبي.

التعاليق والتصريحات تعدّدت واختلفت وتناقضت وتصارعت، ذهبت بعبثيّة الموقف إلى أقصاه حيث تبادل رئيسا الديبلوماسيّة الفرنسية والليبيّة الشتائم والجمل الغاضبة، وحده العقيد بدا هادئا، رصينا وكأنه جاء عاصمة الأنوار سائحا لا يحمل في روحه سوى الرغبة في زيارة المتاحف أو التنزّه على ضفاف السّين فيما تفرّغ الرئيس ساركوزي إلى ترصيف حججه ضدّ منتقديه الذين وصفوه بمهندس «ديبلوماسية الشيكات» واصفا هؤلاء المنتقدين بحفنة الساسة والمثقفين اللاّواقعيين الذين يعيشون أوهامهم على نخب قهوة الصباح في مقهى «سان جرمان».

زيارة القذافي إلى باريس أفصحت عن قيمة معادلة المصالح في السياسة الدولية بل في درس السياسة بمعناه الفلسفي والقيمي، لقد حضرت معادلات المصالح حتى في ذروة الخطاب الأخلاقوي الذي صاغته بعض الشخصيات الفرنسية المنتقدة لزيارة العقيد القذافي خاصة الشخصيات الاشتراكيية التي عزفت كعادتها على وتيرة التقييمات المعياريّة لقضايا حقوق الإنسان لكنّها بدت أقرب إلى مجال الديماغوجيا المصلحيّة الموظفة لمقارعة الخصم الداخلي أكثر منه دفاعا مبدئيّا عن رؤية إنسانية.

لقد نظر كثير من المعلقين إلى الانتقادات الاشتراكية باعتبارها وجها من وجوه النفاق لفريق سياسي اختار المزايدة بقضايا حقوق الإنسان لأنه ببساطة خارج السلطة في حين تشهد تجربته في الحكم طيلة 14 سنة من حكم الرئيس الاشتراكي الراحل فرانسوا ميتران أنه ربط علاقات طبيعية وصلت حدود الحميمية أحيانا مع بعض أكثر الأنظمة استبدادا وفسادا في افريقيا في سياق منطق مصالح الدولة وعلويّة الاستفادة من المجال الحيوي لمصالحها العليا.

زيارة القذافي إلى فرنسا تثبت بما لا يدع للشك أن قضايا أخلاقية مهمة مثل السيادة والاستقلال وحقوق الإنسان وكرامة البشر تبقى عناصر إثارة متغيّرة في لعبة مصالح الدول تتبادل المواقع حسب اتجاه المصالح فتطفو إلى السطح قضايا المعياريّة والمرجع وضرورة الالتزام بهما إذا اقتضت المصلحة ذلك أو تخفت وتتراجع هذه الضرورات الأخلاقية إذا كانت رياح المصالح أقوى من أن تصمد أمامها الشعارات الجميلة.

اعتقد كثيرون وهما أن عصر العولمة سيحمل لقضايا حقوق الإنسان هويّة عالميّة تزول فيها الحدود بين الوطني والدولي، بين الداخلي والخارجي فمضوا لاهثين في طريق زيّنته العولمة ببهرج الألوان والأطماع لكن وقائع كثيرة منها موضوع مقالنا تدفع هؤلاء إلى اتجاه المراجعة والتقويم أمام خطورة الأوهام لتستعيد العقول المعادلة الأصحّ والأحق:

أن لا مستقبل أو تطوير لحقوق الناس في أوطانهم سوى إرادتهم وعملهم داخل أوطانهم لا استجداء من مراكز أو قوى من وراء البحار!!!

(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 ديسمبر 2007)


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.