TUNISNEWS
8 ème année, N 3213 du 10 .03 .2009
archives : www.tunisnews.net
حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس
البديـل عاجل: الأربعاء 11 مارس 2009: يوم وطني تضامني مع المضربين عن الطعام
السبيل أونلاين : شهادات حيّة للطلبة المضربين المطالبين بالحق في الدراسة
البديـل عاجل: إيقاف وائل نوّار
حــرية و إنـصاف:المهندس رضا البوكادي ضحية أخرى من ضحايا مقصلة المراقبة الإدارية
كلمة :ملاحقة الشباب بتهمة الإرهاب
النقابة التونسية للإذاعات الحرة:بـيـــــــان
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان – فرع القيروان:اعلام
الحوار نت:نساء قصر قرطاج من هنّ ؟؟ ومن أين أتين ؟؟؟
الحوار نت : كلمة حرّة : هل تؤيد مثول رئيس دولتك أمام محكمة الجنايات الدولية
الصحفي المنفي والمحاصر في وطنه عبد الله الزواري: حصاد الأسبوع
د ب أ :تونس ترفع/ حظرا استمر أكثر من 3 سنوات على موقع اليكتروني لقناة فضائية
إسلام أونلاين.نت :القرضاوي يختتم زيارته الأولى لتونس
رويترز :العراق يتفق مع تونس على سداد 25ر10 في المئة فقط من ديونه
الشرق :تونس : صعوبات مالية تهدد صندوقي التأمينات الاجتماعية
الحياة :الاحتفال بـ«القيروان عاصمة ثقافية إسلامية»: عرض عن أسطورة العاصمة الروحية للمغرب العربي
الصباح الأسبوعي :على اللواتي يتحدث عن عرض «القيروان الخالدة»
الصباح الأسبوعي :«حومة الجامع» مشروع مسلسل عن القيروان فهل يرى النور في برمجة عاصمة الثقافة الإسلامية
الصباح : العنف والسلوكيات المنحرفة أضحت تهدّد أمن وسلامة المؤسسات التربوية
كلمة :مقابر غير المسلمين : إهمال بلغ حد اللعب بالجماجم
كلمة :ركود المياه بمزارع الشمال الغربي يتحول إلى فيضانات والعمد يطاردون راديو « كلمة”
كلمة :وعد بتسوية طريق قرية الحجاج
الصباح الأسبوعي :ع الطاير : رسالة خاصة جدّا إلى…. نزار الشعري
موقع الشيخ راشد الغنوشي: كتاب » القدر عند ابن تيمية » على شبكة الإنترنات
توفيق المديني :المحكمة الجنائية الدولية والتوظيف السياسي
عبد الحسين شعبان :دارفور.. العدالة الممكنة.. العدالة المستحيلة
مراد زروق :خلفيات الأزمة بين المغرب وإيران
فهمي هويدي :هكذا تكلم أحمدي نجاد
الخليج :أكد في حوار شامل حاجة العرب إلى منهجية لإدارة الخلاف : ** الأسد لـ « الخليج »: متفائل بالمصالحة
رضوان السيد :التعامل العربي مع التدخلات الإيرانية
العرب :الطريق إلى «المصالحة» في العراق: النموذج اللبناني أم الصومالي أم الفلسطيني؟ (1)
قنطرة :حرية الصحافة والتعبير في تركيا : معركة أردوغان مع مجموعة دوغان
الجزيرة.نت :إيكونوميست: شعبية أردوغان ترتفع والعلمانيون يتقهقرون
فؤاد مرعي :ما بعد بوش : هل يتحالف نيتشه مع ميكيافيللي؟
محمد موسى مناصرة :حذاري التلاعب بالثوابت…. ثوابت شعبنا طبعا
احمد الصابر الأحوازي :ليلى خالد والبهتان : سؤال مشروع إليها والى أمثالها : هل هنالك اِحتلال حلال واِحتلال حرام ؟
الجزيرة.نت :استطلاع: تزايد شعبية حماس عقب الحرب على غزة
العرب :«شريان الحياة» تصل غزة أخيرا : جالاوي : هنية رئيسنا جميعاً.. وبلير لا يمثل البريطانيين
قدس برس :دراسة جديدة للقرضاوي تبحث موجبات تغيّر الفتوى في العصر الراهن
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
الرجاء من المقتنعين بهذه المبادرة إرسال الاسم وبلد الإقامة وسنة الخروج من تونس على البريد الالكتروني للمبادرة:
أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 13 ربيع الأول 1430 الموافق ل 10 مارس 2009
أخبار الحريات في تونس
حرية و إنصاف
تندد بمضايقة السجين السياسي السابق السيد لطفي المناعي و تدعو إلى وضع حد لهذه الممارسات المخالفة للقانون و تطالب باحترام أعوان البوليس السياسي للقانون. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
الأربعاء 11 مارس 2009: يوم وطني تضامني مع المضربين عن الطعام دعوة
بمناسبة اليوم الوطني التضامني مع مناضلي الاتحاد المضربين عن الطعام، نتوجه إليكم نحن المضربون عن الطعام بهذه الدعوة لزيارتنا بالمقر المركزي للاتحاد العام لطلبة تونس 19 نهج نابلس تونس تعبيرا منكم عن مساندتنا والوقوف إلي جانبنا بداية من الساعة الثالثة بعد الزوال. المقر المركزي في 9 مارس 2009 المضربون (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 10 مارس 2009)
شهادات حيّة للطلبة المضربين المطالبين بالحق في الدراسة
إيقاف وائل نوّار
المهندس رضا البوكادي ضحية أخرى من ضحايا مقصلة المراقبة الإدارية
و حرية و إنصاف:
1) تدعو إلى عدم التعسف في تطبيق قرار المراقبة الإدارية و وضع حد لإجراء الإمضاء المخالف للقانون و طي صفحة الماضي بتسهيل إدماج المساجين السياسيين السابقين في المجتمع و سن عفو تشريعي عام يلغي كل إجراءات الإقصاء و التهميش و النبذ. 2) تطالب الإدارة العامة للسجون و الإصلاح بتسليم السجين السياسي السابق السيد رضا البوكادي نسخة من ملفه الصحي حتى يواصل برنامج علاجه.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوريملاحقة الشباب بتهمة الإرهاب
كشفت مصادر حقوقية ان ما يسمى بفرقة مقاومة الارهاب بجندوبة اعدت قائمة فيها ما لايقل عن 117 شاب من شباب الجهة يحتمل أن توجه لهم تهمة الارهاب وحجة التقرير في ذلك اللحي واللباس الذي عرفت به جماعة الدعوة والتبليغ أواثار السجود وكذلك اصطحاب المصاحف وآداء الصلوات في اوقاتها، وقد سبق لفرق من الامن ان حققت مع بعض هؤلاء الشباب واخضعتهم لاستجوابات مطولة واعتداءات متكررة وقالت المصادر المذكورة ان القائمة تضم عدد من الطلبة وعدد من العمال الذين لاتربطهم بالارهاب اية صلة غير ان فرقة مقاومة الارهاب مصرة على متابعتهم واتهامهم وهو ما يؤكد ان العنوان المعتمد في ملاحقة الشباب لايتعدى الاجراءات الاستباقية غير المبررة والتي لا تتأسس على قرائن وحجج مقبولة. (المصدر: موقع مجلة « كلمة » (اليكترونية محجوبة في تونس) بتاريخ 10 مارس 2009)
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان – فرع القيروان 10 مارس 2009 اعــــــــلام
اطلاق سراح وتواصل ايقاف: أطلق يوم الاحد 8 مارس سراح مجموعة من الشباب ، اوقفوا قبل الاحتفالات الدينية بالقيروان. وقد ذكربعضهم انهم نقلوا الى مصالح وزارة الداخلية بتونس وانهم لم يتعرضوا لاي استنطاق او بحث. الا ان فرعنا أبلغ ان 3 شبان لازالوا رهن الايقاف بمصالح وزارة الداخلية ولم يتمكن ذويهم من الاتصال بهم .وهؤلاء هم: محمد التيجاني طراد ، طالب بالمرحلة الثالثة اعلامية ، وياسين لوصيفي ، صاحب محل، والناصر الجمعاوي حارس ليلي بمنطقة المنصورة. الشابان الاخيران سبق وان حوكما بموجب « قانون الارهاب » فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان يؤكد مجددا على ضرورة احترام الاجال القانونية للايقاف واعلام الاهالي بالتهم الموجهة لابنائهم وباماكن تواجدهم. احالة طلبة على مجلس التأديب: أعلمت إدارة كلية الآداب بالقيروان الطلبة: · حسين السويسي ، الرابعة عربية، كاتب عام المكتب الفيدرالي للاتحاد العام لطلبة تونس، · بدرالدين الشعباني ،الرابعة عربية،عضو مكتب فيدرالي ، · عثمان القراوي،الرابعة فلسفة،عضو مكتب فيدرالي، · علي بن سويس ، الثانية علوم اثار، عضو مكتب فيدرالي، · صابر السالمي ، الثانية فرنسية ، ناشط نقابي، انهم سيحالون على مجلس التاديب يوم 26 مارس 2009 بتهم عديدة من بينها: القيام باجتماع غير مرخص فيه ، العبث باثاث المؤسسة وتحريض الطلبة على الادارة. للتذكير فان الطلبة اجتمعوا بمناسبة ذكرى 5 فيفري الطلابية تحت اشراف هياكلهم وطالبوا برفع كاميرات المراقبة داخل الكلية، وتحسين ظروف الاقامة والمكتبة … فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بالقيروان الذي يساند حق الطلبة في التحركات السلمية داخل وخارج الكلية، يدعو إدارة الكلية للتراجع في قرار الاحالة وفتح قنوات حوار مع الطلبة عبر هياكلهم المنتخبة. عن هيئة الفرع مسعود الرمضاني
نساء قصر قرطاج من هنّ ؟؟ ومن أين أتين ؟؟؟
كلمة حرة
هل تؤيد مثول رئيس دولتك أمام محكمة الجنايات الدولية
بسم الله الرحمان الرحيم حصاد الأسبوع
للصحفي المنفي والمحاصر في وطنه عبد الله الزواري 09 مارس2009
تونس ترفع/ حظرا استمر أكثر من 3 سنوات على موقع اليكتروني لقناة فضائية
تونس 10 آذار/مارس (د ب أ)- ذكر مصدر إعلامي تونسي اليوم الثلاثاء أن السلطات التونسية رفعت حظرا استمر أكثر من ثلاث سنوات على الموقع الاليكتروني لقناة « العربية » الفضائية. وقالت صحيفة « الطريق الجديد »الناطقة باسم « حركة التجديد » (حزب شيوعي معارض ممثل في البرلمان التونسي) في عددها الصادر اليوم الثلاثاء « رفعت السلطات الحجب الذي ضربته على الموقع (فضائية العربية) منذ 12 تشرين ثان/نوفمبر 2005 ». ويشتكي صحفيون ومدونون تونسيون من حجب عديد من المواقع والمدونات الالكترونية بينما تؤكد السلطات التونسية أن الحجب لا يشمل سوى المواقع الإباحية أو تلك التي تحرض على التطرف والإرهاب. (المصدر: وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) بتاريخ 10 مارس 2009)
القرضاوي يختتم زيارته الأولى لتونس
محمد أحمد القيروان (تونس) – اختتم العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، مساء اليوم الإثنين زيارته الأولى لتونس، بعد أن شارك في الاحتفال باختيار المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة « الإيسيسكو » مدينة القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2009. ووصل د. القرضاوي تونس أمس تلبية لدعوة رسمية تلقاها من الحكومة للمشاركة في هذا الاحتفال. وفي ساحة جامع عقبة بن نافع، الذي يوصف بالجامع الأعظم في القيروان، أدلى الشيخ خلال الاحتفال أمس بتصريح لفضائية الزيتونة للقرآن الكريم وفضائية « تونس 7″ الرسمية، ركز فيه على أهمية المدينة كعاصمة للثقافة الإسلامية، وعلى الأدوار التاريخية التي لعبتها منذ تأسيسها على يد عقبة بن نافع. بينما ركزت أغلب كلمات المشاركين الآخرين في الاحتفال على ما وصفوه بـ »دور الحكومة التونسية في رعاية الإسلام وأهله ». موكب ديني وعقب الاحتفال، الذي تغيب عنه الرئيس التونسي، زين العابدين بن علي؛ بسبب وعكة صحية ألمت به، حضر د. القرضاوي ورئيس الوزراء التونسي، محمد الغنوشي، وعدد من العلماء وممثلي البعثات الدبلوماسية الأجنبية، موكبا دينيا احتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف. ثم تجول الشيخ في المدينة العتيقة بالقيروان؛ حيث استوقفه بعض سكان المدينة ليعبروا عن ترحيبهم الكبير بوجوده بينهم. ومع المساء عاد بصحبة وزير الشئون الدينية التونسي، بوبكر الأخزوري، إلى العاصمة تونس؛ حيث قضى فيها كامل اليوم الإثنين. وباستثناء اللقاء الذي جمعه بالأخزوري اليوم لم تتكشف بعد أي معلومات عن لقاءات ربما يكون قد عقدها الشيخ مع مسئولين في العاصمة. الأولى وهذه هي الزيارة الرسمية الأولى لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى تونس، وكان قد رفض في عام 2002 دعوة لزيارتها؛ مبررا ذلك بوجود مئات المعتقلين الإسلاميين داخل السجون التونسية، في إشارة إلى سجناء حركة النهضة الإسلامية المحظورة، الذين أطلق سراحهم جميعا في وقت لاحق. وتعرض د. القرضاوي خلال السنوات القليلة الماضية لهجوم من عدد من الصحف التونسية، خاصة من الكتاب المنتمين للتيار الماركسي، وبلغ الهجوم ذروته عندما صدر كتابه « التطرف العلماني في مواجهة الإسلام.. تركيا وتونس نموذجا » نهاية عام 2001. دلالات الزيارة وحظيت زيارة الشيخ باهتمام واسع من قبل وسائل الإعلام العربية والدولية، التي ركز بعضها في التغطية على الدلالات الممكنة لهذه الزيارة. واعتبرت هذه الوسائل أن الزيارة ربما تشير إلى تغير ما في السياسة الرسمية التونسية تجاه « الظاهرة » الإسلامية، خاصة أنها تأتي بعد التراجع اللافت للحملة التي كانت تشنها أجهزة الأمن على الحجاب وغيره من مظاهر التدين. كما أن إطلاق سراح كل سجناء حركة النهضة، وبداية عودة بعض المهجرين منهم، والسماح لرموزهم في تونس، ومن بينهم علي العريض وزياد الدولاتلي، بالمشاركة في الأنشطة السياسية التي تنظمها أحزاب المعارضة، ولو بصفة محدودة، تمثل إشارات إضافية على التحسن في العلاقة بين السلطة وأبناء الحركة الإسلامية، حتى وإن كان ذلك التحسن طفيفا، بحسب بعض التفسيرات. عاصمة الثقافة وتقع مدينة القيروان على بعد 160 كم تقريبا من العاصمة، واكتسبت أهميتها التاريخية من الدور الذي لعبته في الفتوحات الإسلامية. ويعود تأسيس المدينة إلى عام 50 هجرية على يد عقبة بن نافع، الذي أرادها أن تكون سكنا وقيروانا -أي حصنا– للفاتحين كما جاء في الخطبة التي ألقاها بهذه المناسبة. وأول ما بني في المدينة هو المسجد الجامع، الذي تحول في بضع سنين إلى أول جامعة إسلامية تدرّس فيها جميع الاختصاصات من الفقه واللغة إلى الطب وعلم الفلك. ومن أعلام القيروان الإمام سحنون، وابن رشيق القيرواني، وابن شرف، وأسد بن الفرات، وابن الجزار، وغيرهم كثير. وظلت القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية، ووجهة تشد إليها الرحال من المغرب إلى الأندلس، حتى زحف بنو هلال على المدينة ودمروها عام 439هـ؛ لينتقل بعدها مركز الثقل العلمي والسياسي في البلد من القيروان إلى تونس، ومن جامع عقبة إلى جامعة الزيتونة المعمورة. (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 9 مارس 2009)
العراق يتفق مع تونس على سداد 25ر10 في المئة فقط من ديونه
لندن 9 مارس اذار /رويترز/ قال العراق اليوم الاثنين انه توصل الى اتفاق ثنائي مع تونس سيسدد بمقتضاه 25ر10 في المئة فقط من الديون المستحقة عليه منذ عهد الرئيس الراحل صدام حسين وذلك في أحدث اتفاقية من نوعها مع دائنيه. وقال العراق ان الصفقة تشبه اتفاقات تم التوصل اليها مع أعضاء في نادي باريس للدول الدائنة دعت لالغاء 80 في المئة من ديون العراق في عهد صدام على أن يسدد الباقي على 23 عاما. ولم يذكر تفاصيل عن حجم الدين المستحق. وقالت وزارة المالية في بيان //أعلنت جمهورية العراق أنها وقعت اتفاقية ثنائية مع الجمهورية التونسية والتي تم بموجبها تسوية ديون العراق مع تونس خلال فترة حكم نظام صدام البائد وبموجب شروط هذه التسوية تم شطب المطالب التونسية مقابل الدفع النقدي من قبل العراق لما قيمته 25ر10 في المئة من مبلغ المطالبات//. وقال العراق على مدار السنوات الاربع الماضية انه قام بتسوية مشاكل الديون مع 59 دولة كما قال انه سوى أكثر من مطالبة تجارية ترجع الى عهد صدام بقيمة 9ر20 مليار دولار. وقال بيان وزارة المالية ان //الولايات المتحدة ومالطا وسلوفاكيا وقبرص سبق وان ألغت كامل مستحقاتها للعراق//. وفي الاسبوع الماضي تحدى البرلمان العراقي اعتراضات حكومية وقرر خفض ميزانية البلاد بمقدار 2ر4 مليار دولار أي نحو سبعة في المئة بسبب انخفاض أسعار النفط. وقال رئيس الوزراء نوري المالكي خلال مطلع الاسبوع انه غير مرتاح لهذه الخطوة لانه يخشى أن تعرض للخطر الجهود الرامية لدعم الامن باعادة البناء واتاحة الوظائف (المصدر: وكالة (رويترز) للانباء بتاريخ 9 مارس 2009)
تونس: صعوبات مالية تهدد صندوقي التأمينات الاجتماعية
تونس- قنا – حذر تقرير اقتصادي من أن صعوبات مالية تهدد صندوقي التأمينات الاجتماعية في تونس الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية. وأشار التقرير الذي نشرته صحيفة الأسبوعي التونسية إلى أن التوازنات المالية لهذين الصندوقين تتجه شيئا فشيئا نحو مزيد من تفاقم العجز.. موضحا أن أنظمة التقاعد تتسبب بدرجة كبيرة في اختلال التوازنات المالية للصندوقين. ونبه التقرير إلى أنه في حال استمرار الوضع على ما هو عليه حاليا فإن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي سيلتهم بالكامل معظم مدخراته خلال عام 2014 فيما يلتهم الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية إجمالي مدخراته عام 2015 م. وأوضح التقرير أنه وفقا لآخر الإحصاءات فإن عجز الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بلغ في عام 2006 ما قيمته 109 ملايين دينار تونسي نحو 70 مليون دولار أمريكي مقابل 9 ملايين دينار عام 2005 في حين بلغ عجز الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية 968ر37 مليون دينار عام 2006مقابل 865ر27 مليون دينار عام 2005 . وأرجع التقرير هذا العجز إلى مجموعة من الأسباب منها تراجع قدرة اقتصاد البلاد على توفير فرص عمل جديدة وتواصل عمليات خصخصة المؤسسات العامة وتسريح عدد كبير من العمال وإحالتهم على المعاش قبل السن القانونية في القطاعين العام والخاص ضمن خطة الإصلاح الاقتصادي . (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 10 مارس 2009)
الاحتفال بـ«القيروان عاصمة ثقافية إسلامية»: عرض عن أسطورة العاصمة الروحية للمغرب العربي
تونس – سميرة الصدفي – الحياة اطلق الوزير الأول التونسي محمد الغنوشي فعاليات «القيروان عاصمة ثقافية إسلامية» في تونس مساء أمس، وتشمل أكثر من مئة فعالية بينها ستة مهرجانات متخصصة وأحد عشر معرضاً وأربع عشرة ندوة ثقافية وفكرية وأربع ورش تدريبية. واستعداداً لهذه المناسبة أدخلت تحسينات على كثير من أحياء المدينة التي ظلت عاصمة للبلد طيلة أكثر من قرن في أعقاب الفتح العربي لتونس، قبل أن تنتقل العاصمة إلى مدينة المهدية ومن ثم إلى تونس. وتُعتبر القيروان المدينة المقدسة الرابعة في العالم الإسلامي، وكانت منظمة «يونيسكو» صنفتها في لائحة التراث العالمي اعتباراً من عام 1988. وهي رابع مدينة بناها المسلمون بعد الكوفة والبصرة والفسطاط. وتشكل القيروان متحفاً كبيراً ما زال محافظاً على معالمه منذ العصر الإسلامي الأول، وبينها جامع عقبة بن نافع قائد الفتح الذي أسس المدينة في عام 50 هجرية( 670 ميلادية) وجامع الأبواب الثلاثة أو مسجد ابن خيرون الذي لم تتغير ملامحه منذ أربعة عشر قرناً، ومدفن الصحابي أبي زمعة البلوي والبرك الأغلبية، وهي نظام مائي متطور كان يؤمن حاجات المدينة من خلال تجميع المياه في خزانات كبيرة مبنية بالحجر والطوب ما زالت ماثلة على شكلها القديم حتى اليوم. وباتت القيروان سريعاً مركزاً للحكم العربي ومنطلقاً للفتوحات الكبرى في غرب البحر المتوسط. من هنا انطلق عقبة لفتح الجزائر واستُشهد في مدينة مسيلة الجزائرية حيث دُفن. ومنها انطلق الفاتحون إلى الأندلس بقيادة طارق بن زياد الذي عبر بجيوشه المضيق بين أفريقيا وأوروبا، ليقيم دولة إسلامية استمرت قرابة ثمانية قرون. ومنها انطلق أيضاً فتح صقلية بقيادة أسد بن فرات قاضي القيروان الذي استُشهد على سواحل الجزيرة، لكن الحكم العربي استمر بعده طيلة ثلاثة قرون. وعرفت القيروان أوج ازدهارها في عهد الأغالبة الذين استقلوا عن مركز الخلافة في بغداد وأقاموا دولتهم التي حكمت شمال أفريقيا انطلاقاً من القيروان بين عامي 180 و289 هجرية. واهتم الأمراء الأغالبة بالجامع الكبير فرممه زيادة الله الأول ووسعه، واستُكملت تلك التوسعة في عهد أبو ابراهيم أحمد. وظل جامع عقبة إلى اليوم أكبر معلم إسلامي في المغرب العربي وهو تُحفة معمارية عالمية، إذ يرتفع على خمسمئة عمود من المرمر والرخام النادر ذي اللون الأخضر أو الأحمر أو الأصفر. وأعيد بناؤه في ثلاث مناسبات الأولى في عهد حسان بن النعمان بعد ثلاثين سنة من إنشائه، والثانية في عهد بشر بن صفوان بعد ثلاثة عقود أخرى، والثالثة في عهد يزيد بن حاتم بعد مرور قرن على تأسيسه. وكانت فعاليات ندوة «دور القيروان في تأصيل المذهب المالكي ونشره» افتتحت قبل انطلاق المهرجان بيومين، بمشاركة باحثين من الجزائر والمغرب وتونس، الى جانب معرض «القيروان العتيقة» الذي يضم ثلاثين لوحة للرسامين القيروانيين محمد العياري وعبد المجيد بن مسعود. إلا أن المعرض لم يشمل لوحات فنانين عالميين زاروا القيروان وهاموا بها وأشهرهم بول كلي الذي أقام فيها في القرن الماضي وخلدها في لوحات معروفة. وتشمل فعاليات «القيروان عاصمة ثقافية إسلامية» مهرجاناً للإنشاد يستمر أربعة أيام بمشاركة فرق إنشاد من تركيا والمغرب ومصر وتونس وإيران. وأفيد أن المهرجان سيتزامن سنوياً مع الاحتفال بذكرى المولد النبوي. ويُقام في القيروان الشهر المقبل مهرجانها السنوي «ربيع الفنون» الذي يستضيف في دورة هذا العام ممثلين ومخرجين بارزين وشعراء من بلدان عربية عدة ورسامين ونقاداً. أما حفلة الافتتاح الرسمية التي تقام اليوم، فخصصت لعرض «القيروان الخالدة» الذي يستمر 55 دقيقة، وهو عمل شعري وموسيقي كتب نصه الشاعر علي اللواتي ووضع موسيقاه مدير مركز الموسيقى العربية والمتوســطية في تونس مراد الصقلي واعتمد فيه على مزاوجة فريدة بين الصوت والضوء على جدران مئذنة جامع عقبة. ويركز العرض الذي سيقام في باحة الجامع الكبير على أسطورة تأسيس القيروان والمراحل التي تعاقبت عليها، لكن انطلاقاً من وقائع ثابتة وموثّقة. وإضافة إلى المقدمة والفصل الأخير، هناك لوحات عن قيروان الشعر وقيروان العلوم والمعارف وقيروان التاريخ والقيروان الروحية وطبعاً قيروان الحاضر والمستقبل. وقال الصقلي، الذي سبق أن أعد أعمالا كبيرة، بخاصة لدى افتتاح إحدى دورات مهرجان قرطاج الموسيقي السنوي، لـ «الحياة» إن العرض يشكل عملا يرتدي أهمية خاصة في مسيرته كونه يتصل بالأعمال السابقة لكنه يثريها ببعد ثقافي وحضاري تعلم منه الكثير من خلال مطالعة كتب عدة لدرس تاريخ مدينة تعتبر رمزاً لجميع التونسيين والمغاربيين. واعتمد الصقلي على الســينمائي الياس بكار لإخراج هذا العمل، كما اســتعان بفنيين من تونس والخارج. (المصدر: جريدة الحياة (يومية – بريطانيا) بتاريخ 9 مارس 2009)
على اللواتي يتحدث عن عرض «القيروان الخالدة»
بعد أن أعطيت يوم أمس بمدينة القيروان إشارة انطلاق تظاهرة القيروان عاصمة للثقافة الاسلامية بحضور ضيوف وشخصيات ثقافية وسياسية من بلدان متعددة، ستكون الأعين متجهة غدا الثلاثاء 10 مارس الى حدث ثقافي وفني ضخم ستحتضنه الساحة الواقعة خلف مئذنة جامع عقبة بن نافع والمسماة بالمصلّى هناك انتصبت خيمة عملاقة تتسع لقرابة 500 فرد سيتابعون عرضا فرجويّا مشهديّا ستنقله التلفزة الوطنية مباشرة اضافة الى العديد من تلفزات الدول العربية والاسلامية، كما أن هذا الإنتاج الفني سيقدّم على شاشات عملاقة تنتصب في عديد ساحات أرض الأغالبة. إذن في حدود الساعة التاسعة ليلا ستروى قصة القيروان الخالدة، ست لوحات فنية اضافة الى مقدمة وخاتمة تستحضر امجاد القيروان واشعاعها ماضيا وحاضرا. صاحب النص والتعليق هو الأستاذ علي اللواتي وقد التقيناه ليضعنا في صلب الموضوع الذي يهندسه موسيقيا مراد الصقلي ويتعهد بإخراجه الياس بكار.. يقول الأستاذ علي اللواتي.. «يستوحي الحفل التراث المادّي واللا ماديّ لمدينة القيروان وحضورها المتميز في التاريخ والحضارة والفن ويطمح الى التعبير عن خصوصياتها كَأحَدِ حد أهم الأقطاب لاشعاع الاسلام وحضارته اضافة الى ما يميزها تاريخيا كرمز روحي وكمركز هام من مراكز نشوء الموروث الفني الإسلامي واشعاعه وسيكون الحفل في شكل عرض فرجويّ ويستغرق ستين دقيقة ويعتمد الرواية بالصوت والصورة والإضاءة Diapo rama + VidéoRoma وتتخلل العرض لوحات من الاضافة الفنية». إذن ستعيشون غدا مع تقنيات صورة وصوت تنجز لأول مرة في تونس من طرف شركة فرنسية مختصة في هذه الأحداث الكبرى افتتاح كما لاحظنا من خلال الاستعدادات سيكون على ايقاع الابهار والانبهار في اطار حميمي كبير نتقصّى مقوماته في ثلاث لغات وهي: العربية، الفرنسية والأنقليزية. نبيل (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) بتاريخ 9 مارس 2009)
«حومة الجامع» مشروع مسلسل عن القيروان فهل يرى النور في برمجة عاصمة الثقافة الإسلامية
هو سيناريو من 410 صفحة بعنوان «حومة الجامع»، تم تمريره ضمن المقترحات المقدمة أثناء اجتماع لجنة الإشراف على تنظيم تظاهرة القيروان عاصمة الثقافة الإسلامية ,2009 المكلفة بوضع التصورات والبرامج للتظاهرة، على أمل أن يتم عرضه بالمنسابة في شكل مسلسل. وقد تم وضعه قيد الإنتاج بعد أن وقع الاختيار عليه كمشروع قابل للتنفيذ في انتظار انجازه من قبل اللجنة الوطنية المشرفة على القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية، وهو من تأليف ابن القيروان السيد علي الوحيشي. تقع أحداث معظم هذا المسلسل في المدينة العتيقة بالقيروان وبعض المناطق الريفية المحيطة بالمدينة في مطلع القرن العشرين. وتتمحور مضامينه حول طرق التعايش الاجتماعي وأساليب التعامل اليومي بين سكان الأحياء العتيقة حيث تبرز العادات والتقاليد ومميّزات بعض الأماكن التراثية التي تجسم جمال وإشعاع هذه المدينة العريقة، كجامع عقبة بن نافع وبركة الأغالبة ومقام الصحابي أبي زمعة البلوي وبئر «بروطة» و«باب القدّة» وبطحاء الحومة والأسواق القيروانية والمناطق الريفيّة مثل جبل السرج و«جبل وسلات» و«الكرمة» بالشبيكة ومدينة صفاقس وتونس العتيقة والجديدة وعدة أماكن هامة أخرى بتونس التي دارت فيها حادثة الترامواي وواقعة الجلاز (قضية التجنيس والتجنس). أحداث هذا المسلسل بعضها من تصورات الكاتب وبعضها من تاريخ المدينة مقتبس من المراجع وروايات شخصيات شاهدة على تلك الحقبة. وعلي الوحيشي وهو قيرواني متعدد المواهب. وهو عازف كمنجة وعود وملحن حائز على جوائز يكتب الشعر والمسرحية والقصة والمقال، وهذه تجربته الأولى في السيناريو من خلال مسلسل «حومة الجامع» الذي شرع في كتابته في مطلع سنة 2000 وأتمه في أربع سنوات قبل أن يواصل مراجعته الى ان تمكن من تقديمه للجنة الإشراف على تظاهرة القيروان عاصمة الثقافة الإسلامية. عبد الرؤوف القردبو (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) بتاريخ 9 مارس 2009)
العنف والسلوكيات المنحرفة أضحت تهدّد أمن وسلامة المؤسسات التربوية
يعد من أهم مقومات تقدم المجتمعات ونهضتها بل إنه أضحى مؤشرا من خلاله يقاس تقدم البلدان من عدمه إنه التعليم والذي أولته بلادنا أولوية مطلقة عبر التشديد على إجباريته فهو حق أساسي مضمون لكل التونسيين لا تميز فيه على أساس الجنس أو الأصل الاجتماعي أو اللون. ووعيا منها بأهميته فإن تونس لا تدّخر أي جهد من أجل تطويره بغاية تكوين ناشئة قادرة على مواكبة العصر ومجابهة تحدياته لكن للحياة المدرسية أسرارها إذ تتداول بين الحين والآخر حكايات عن تجاوزات واعتداءات لفظية تصل في الغالب إلى حد العنف يكون فيها الجاني التلميذ أما المعتدى عليه فهو أحد عناصر الأسرة التربوية ولهذه التصرفات عدة أسباب. يؤكد الفصل 20 من القانون التوجيهي الصادر في 23 جويلية 2002 على أنه لا يجوز رفت أي تلميذ دون سن السادسة عشرة من عمره رفتا نهائيا من جميع المؤسسات التربوية العمومية… إلا بعد إحالته على مجلس التربية من أجل ارتكاب خطإ فادح. ويضمن هذا الفصل للتلميذ حق الدفاع عن مصالحه بنفسه أو عن طريق من ينوبه إثر مثوله أمام المجلس فأعمار التلاميذ المخالفون وكما أكده بعض ممثلي المؤسسات التربوية في اجتماعاتهم بالأولياء أو في حديثهم لوسائل الإعلام لم تتعد أغلبها سن 13 ويعزي بعض المختصين تصرفات هذه الفئة إلى عدم رغبة الكثير منهم في مواصلة التعليم بل إن منهم من اقتصر حلمه وكما أفادنا أحد تلامذة السابعة أساسي -وبكل فخر-: «طموحي هو الوصول إلى التاسعة أساسي ثم التكوين المهني» والغريب أن هذه العناصر قد حطّت رحالها في سنة واحدة لموسمين أو أكثر وهي كذلك مثيرة للشغب وسبب كبير في تعطيل سير الدروس والجو العام داخل مؤسساتنا التربوية فهل علينا انتظارهم لسنوات ليحققوا حلمهم ويصلوا التاسعة أساسي لكي يتسنى لنا إلحاقهم بمراكز التكوين المهني؟ دور الأولياء عند ولوجك باب المدارس الإعدادية فإن أول ما يلفت أنظارك هو أوراق علّقت في كل مكان تذكر بدور الولي في المنظومة التربوية وبدورها تسعى هذه المؤسسات التربوية إلى عقد اجتماعات دورية بالأولياء مع نهاية كل ثلاثي ناهيك عن استدعائهم بين الحين والآخر بسبب تصرفات أحد أبنائهم. إذ قال سيف وهو قيّم بأحد مدارسنا الإعدادية «إن دور الولي كشريك في الحياة التربوية قد تقلص بل أصبح ثانويا» وتابع حديثه راويا حادثة حصلت داخل المدرسة عندما حاز لدى فتاة لم يتعد عمرها 13 جوالا يحتوي على مشاهد لا تمت للأخلاق بصلة بل إنها جعلت منه شاشة عرض للكثير من زملائها وزميلاتها وعند استدعاء أمها لم تأبه بسبب استدعائها بل تركّز اهتمامها على جوال ابنتها باهض الثمن!!! لقد أجمع الكثير من الأولياء عند سؤالهم عن سبب تقلص دورهم في المنظومة التربوية على أن وتيرة الحياة السريعة قد فرضت نمطا جديدا من العيش داخل الأسرة والرقابة على الأبناء تتقلص وتتضاءل. دور خلية التوفيق طرف آخر في الأسرة التربوية يضطلع بدور هام هو خليّة التوفيق المدرسية والتي أوكلت إليها مهمة التوسط لحل المشاكل التي قد تطرأ في الحياة المدرسية وتتكون هذه الخليّة من ممثلي المدرسين في مجلس التربية ومن المرشد التربوي. ونظرا لتفاقم مشكل التردي الأخلاقي في صفوف التلاميذ وإلتجاء بعضهم إلى العنف في بعض الأحيان فإننا ننتظر دورا هاما وأكثر فاعلية لهذه اللجنة ولغيرها من مكونات المنظومة التربوية فالجميع مطالب باحترام مجموعة الاجراءات والقواعد التنظيمية الموضوعة لتيسير تطبيق التشريعات والقوانين داخل المؤسسة التربوية. دور الجمعيات من جهتها تلعب الجمعيات الثقافية -من نوادي مسرح وسينما وموسيقى- والعلمية والاجتماعية والرياضية دورا هاما في الحياة المدرسية إذ تعد متنفسا للتلميذ عبر إفساح المجال أمامه للإبداع وهي آلية لمساعدته على تهذيب ذوقه والسمو بأخلاقه ممّا يؤثر إيجابا على الجو العام داخل المدرسة وبالتالي على النتائج. لكن وللأسف تشكو العديد من مؤسساتنا التربوية من عدم توفّر هذا النوع من الجمعيات بل إن الكثير منها -أكثر من 700 مدرسة إعدادية- لا يتضمن برنامجها مادة للتربية البدنية. لقد ضبط القانون حقوق التلميذ وواجباته ورغم وجود تجاوزات وللأسف عددها في ارتفاع من سنة لأخرى فإنه لا بد من مراجعة دور بعض أطراف المنظومة التربوية فالكل مدعو إلى العمل سويا للنهوض بقطاع التعليم لأن هذا الجيل هو المؤتمن على تونس الغد.
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 10 مارس 2009)
مقابر غير المسلمين: إهمال بلغ حد اللعب بالجماجم
المولدي الزوابي يشير واقع مقابر غير المسلمين بعدد من مناطق البلاد الى مشهد عنوانه الرئيسي الإهمال واللامبالاة. فالمعلوم لدى الرأي العام الوطني والدولي ان الهجمة الاستعمارية الاوروبية المنشأ والتي خاضتها عدد من الدول الاوروبية في القرن التاسع عشر وأخضعت عدد من بلدان العالم لهيمنتها في شتى انحاء العالم بما في ذلك بلادنا تونس بعد ان صدرت لها اعداد هائلة من البشر والرعايا التي اقامت وملكت واستغلت واستثمرت وزارت المستعمرات تطلب بناء مقابر لاموات الحرب والسلم على حد سواء قرب المدن التي مثلت مراكز للقرار السياسي والعسكري كتونس العاصمة وبنزرت وسوق الأربعاء وسوق الخميس وباجة وبرج العامري وميتيل وشمتو وعين دراهم والكاف وتيبار وغيرها من مناطق البلاد. وقد حظي تتلك المقابر بعناية فائقة تعكس الى حد كبير قيمة الأموات لدى الاوروبيين بشكل عام نستشفها من خلال مواقع تلك المقابر القريبة من مراكز المدن بشكل ياخذ بعين الاعتبار التوسع المرتقب آنذاك للمدينة كذلك من خلال تحصين المقبرة واحاطتها بسور، فضلا على التقسيم المحكم والمنتظم لغرف الدفن وعملية الدفن بحد ذاتها باعتبار وان هذه العملية كانت تتطلب اعداد غرف تحمل اسم العائلة وتاريخها و طوابق اسمنتية او خشبية مخصصة للاموات يتوسطها فضاء فارغ يخصص للزيارة والحركة كما هو باد في الصور المصاحبة . اما واقع الامر الراهن واذا استثنينا مقبرة برج العامري المعروفة جمالها وتنظيمها ونظافتها الكائنة على الطريق الوطنية عدد 6 فان بقية المقابر تعاني اهمالا بلغ حد تناثر بعض اعضاء الجثث جماجمها على ارضية المقبرة بعد ان اخرجت من اماكنها التي اودعت فيها قبل عشرات السنين وتحولت القبور والغرف الى مصبات للفضلات وبيوتا للراحة يقضي فيها المواطنون حاجتهم بعد ان عجزوا عن وجود بيوت راحة ومراحيض بلدية مخصصة لتلك الحاجة كما تحولت تلك الغرف التي دفن فيها عدد من الاموات الى ملاجئ واوكار للفساد بشتى انواعه بل ومراع للاغنام والابقار واحيانا ملاعب للاطفال بعد ان تهدمت اسوارها وخلعت ابوابها فامتلأت قبورها بالمياه الملوثة . من جهة اخرى ظلت تلك المقابر تفتقر الى أدنى شروط الحماية والعناية والصيانة. غير ان تحديد هوية المسؤول عن ذلك الإهمال هو ذلك السؤال الذي نتركه لمن يهمه الأمر داعين الى استفاقة عامة تعيد الاعتبار للأموات باعتبارهم عنوان وشاهد تاريخي على البناء والتدمير . (المصدر: موقع مجلة « كلمة » (اليكترونية محجوبة في تونس) بتاريخ 9 مارس 2009)
ركود المياه بمزارع الشمال الغربي يتحول إلى فيضانات والعمد يطاردون راديو « كلم
المولدي الزوابي آدت الأمطار الأخيرة التي عرفها عدد من مناطق الشمال الغربي من بينها مجاز الباب وماطر وسيدي إسماعيل وبوعوان وبوسالم وسوق السبت وفضلاوة وعين الكريمة وعسيلة والبراهمي وغار الدماء ووادي مليز وحمام بياضة وبن بشير إلى تضرر آلاف الهكتارات من مادة الحبوب والخضر وعلى رأسها القمح والبطاطا والبصل والعلف. وحسب الشهادات التي أدلى بها عدد من مزارعي الحبوب لراديو كلمة بعدد من تلك المناطق فقد حمل هؤلاء المزارعين المسؤولية إلى مصالح وزارة الفلاحة بتلك الجهات التي لم تقم بتهيئة الخنادق المجاورة للمسالك الفلاحية والطرق الملاصقة لتلك الأراضي فضلا على عدم تجديد شبكة التجفيف وانسداد قنواتها في البعض منها وانعدامها في مساحات تعد بمئات الهكتارات . من جانب آخر رأى البعض بان مباشرة بعض الأشغال المتعلقة ببعض الطرق كما هو الحال بالطريق الرابط بين بوسالم وتيبار بعد أن تم تكديس كميات كبيرة من الأتربة المعدة لتهيئة الطريق المهدم ساهمت بشكل واضح وكبير في محاصرة بعض المنازل وعزلتهم تماما عن محيطهم الاجتماعي والخدمي لاسيما وان كميات الأتربة التي وضعت وسط هذا الطريق تجاوزت المتر تقريبا وسدت الخنادق التي كان بإمكانها تسهيل عملية مرور المياه ولو بشكل نسبي،فضلا على أن قنوات الصرف بتلك المناطق انفلق بعضها وظل بعضها الآخر غير قادر على القيام بوظيفته نظرا لانسداده بمواد كان من المفروض أن تهيئها المصالح المعنية قبل فصل الشتاء. وقد عبر عدد من المزارعين عن استيائهم الشديد من عدم ايلاء السلط المعنية أهمية لتلك المياه الراكدة والتي تحولت إلى مشهد من مشاهد الفيضانات التي عرفتها بعض مناطق الإقليم في سنوات سابقة خاصة وان نسبة الأضرار بلغت حد 100% لبعض المناطق وحولت الزارع الى بحيرات يصعب دخولها وتجفيفها خاصة في غياب ادوات التجفيف الفعالة ما حولت اخضرار المزروعات الى بناتات محروقة بعد ان نشطت عملية الاختناق على مدى عشرات الايام التي مرت حسب ذكر السواد الأعظم من المزارعين وبعض المختصين. اما مصالح الحماية المدنية فقد غابت تماما ولم تحرك ساكنا امام معاناة السكان والمزارعين وظل المواطنون يشفطون المياه من منازلهم بواسطة ادوات تقليدية على مراى من الذين حضروا لرؤية تلك المشاهد . (المصدر: موقع مجلة « كلمة » (اليكترونية محجوبة في تونس) بتاريخ 10 مارس 2009)
وعد بتسوية طريق قرية الحجاج
مولدى زوابي استبشر اهالي قرية الحجاج من معتمدية باجة الجنوبية يوم الإثنين 9 فيفري بقدوم مقاول اشغال لمعاينة طريق قريتهم حيث قام بدراسة فنية له وذكر لهم بانه كلف بتهيئته وتعبيده. يشار إلى أن أهالي القرية قد سبق لهم أن اعتصموا يوم 18 اوت 2008 من أجل المطالبة بتهيئة الطريق، وقد تمت عملية المعاينة يوم واحد قبل عرض 4 من شباب القرية على القضاء من اجل جريمة تعطيل حرية العمل وذلك على خلفية الإعتصام المذكور.وقد شكك بعض المواطنين في عملية المعاينة خاصة وانها تكررت عديد المرات دون جدوى، واحتملوا أن تكون العملية لمجرد تخذيل اهالي قرية الحجاج الذين هددوابالتحول الى مدينة باجة لحضور المحاكمة التي سيحاكم فيها اربعة من ابنائهم. وقد سبق لنا في راديو « كلمة » أن تحدثنا عن هذه القضية بأكثر تفصيل. (المصدر: موقع مجلة « كلمة » (اليكترونية محجوبة في تونس) بتاريخ 10 مارس 2009)
ع الطاير رسالة خاصة جدّا إلى…. نزار الشعري
خويا العزيز نزار الشعري: بعثتلك هالرسالة باش نحاول نعاونك شوية في برنامجك أحنا هكة وهكاكة تلقى باش تعمل مونة متاع أسئلة تشدّك عام كامل وأهوكة وقتلّي تستحق حويجة ما عليك كان تكلم خوك ونحلفلك اللي ما نبخلش عليك. برّة خويا نبداو من البداية وخوذ شد عندك: – قدّاش من مواطن يجري على الكار؟ – قدّاش من زنقة في تونس مازالت دحسة؟ – قدّاش من واحد ساقو تكسرت وتفصعت في حفرة؟ – قدّاش من واحد عايش على الكريدي؟ – قدّاش من واحد يشهق ما يلحق؟ – قدّاش من واحد شادد القهوة من كثر ما ضربتو البطالة؟ – قدّاش من واحد ضربتو الحيوط؟ – قدّاش من واحد يخمّم في الحرقان لبلاد الطليان؟ – قدّاش نصرفو في العام على الكلام في البرطابلوات؟ – قدّاش في الليلة تبعثو من ميساجات؟ – قدّاش من مواطن تكوى بالزيادات؟ – وقدّاش من واحد طاح للغبرة والمخدرات؟ – قدّاش فمّة من دوسي راقد في الإدارات؟ – قدّاش من موظف عندو دودة الفصعات؟ – قدّاش من موظفة ضاربة 6 شهر كونجيات؟ – قدّاش من عزلوك خدمتو تتبيع البنيات؟ – قدّاش من ملاعبي استغنى من الكنتراتوات؟ – قدّاش عندنا في النهار من فنانات؟ – قدّاش من واحد بلّع روحو بالشيكات؟ – قدّاش من واحد ما يعرف كان هات هات؟ – قدّاش من واحد ضاربو الصباط؟ – قدّاش من واحد يتبع في الفضائيات؟ – قدّاش عندنا من هيفاء ونانسي في المنوعات؟ – قدّاش زعما عندنا يلعبوا بالملياردوات؟ – قدّاش فمّة من واحد وين يطيح الليل يبات؟ – قدّاش من و احد متليّع من الكراوات؟ – قدّاش من واحد عامل على مرتو صويحبات؟ – قدّاش من واحد يسهر في البواطات؟ – قدّاش من واحد عايش في الشيخات والنيخات؟ – قدّاش من واحد يملك الهامر والكات فواكات؟ – قدّاش من واحد عندو عشة ومعيزات؟ هذي خويا نزار شويّة سؤالات عمّر بيهم برنامجك في قادم الحلقات وكي توفاهم إبعثلي توّة نزيدك بالميات في جميع الموضوعات المهم ما تنساش… العنوان على جريدة «الأسبوعي». فيصل الصمعي (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) بتاريخ 9 مارس 2009)
مراسلة موقع الشيخ راشد الغنوشي www.ghannoushi.net كتاب » القدر عند ابن تيمية » على شبكة الإنترنات
يمكن تصفح كتاب » القدر عند ابن تيمية » للشيخ راشد الغنوشي في موقع الشيخ على الإنترنات ( قسم الكتب) و هو كتاب يعرف بابن تيمية » من خلال استقراء نصوصه حول قضية مهمة لا تزال محور الفكر البشري هي قضية الحرية، من وجهة النظر الدينية، حيث يقدم الرجل رؤية تصادم الفكر الديني الذي ساد طويلا في بيئتنا على أنه الفكر الرسمي، ولا يزال يعامل على أنه الصورة الوحيدة للموقف الإسلامي في هذه القضية. ومناصرة لقضية الحرية، وتأصيلا لها في ثقافتنا الدينية، ومساهمة في تجذير التنوع والإختلاف المهيئ لقبول خلق التسامح، نقدم هذه الرسالة التي أجيزت سنة 1984 كموضوع بحث اعدادي في كلية الشريعة (الكلية الزيتونية في تونس) » (من مقدمة الكتاب) http://www.ghannoushi.net/index.php?option=com_content&view=article&id=233:alkadaribntaimiya&catid=32:books&Itemid=41 مرحبا بكم في موقع الشيخ راشد الغنوشي www.ghannoushi.net والسلام عليكم ورحمة الله مع تحيات ادارة الموقع
المحكمة الجنائية الدولية والتوظيف السياسي
بقلم :توفيق المديني
ثارت مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية يوم الأربعاء 4 مارس الجاري بحق الرئيس السوداني عمر حسن البشير بسبعة اتهامات تتعلق ب«جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية» في إقليم دارفور، وأسقطت عنه تهمة الإبادة الجماعية لعدم كفاية الأدلة، جدلاً ساخناً في أوساط النخب الفكرية والسياسية العربية، حول صلاحية المحكمة الجنائية الدولية. ولاسيما أن المجتمع الدولي الذي تهيمن عليه القوى العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، يعيش مرحلة من التراجع لجهة تطبيق أسس القانون الدولي، الأمر الذي يعطي للمشككين بنزاهة المحكمة والعدالة الدولية مبرراً كافياً باتهام هذه الأخيرة باستخدام المعايير المزدوجة. بداية لابد من التأكيد أن المحكمة الجنائية الدولية أنشئت بموجب معاهدة دولية ملزمة للدول التي صدقت على الانضمام إليها دون غيرها، وقد سميت هذه المعاهدة باسم نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية، الذي تم اعتماده في روما في 17 حزيران 1998. ويذكر الخبير في القانون الدولي الدكتور محمد سليم العوا، أن الدول التي صدقت على هذه المعاهدة بلغ عددها حتى 1/6/2008، 106 دول، منها 30 دولة افريقية، و13 دولة آسيوية، و16 دولة أوروبية شرقية، و22 دولة من أميركا اللاتينية ودول البحر الكاريبي، و25 دولة من أوروبا الغربية وغيرها، ويدخل تحت تعبير (وغيرها) الوارد في البيان الرسمي للدول الأعضاء في نظام روما، دولتان عربيتان، هما: الأردن وجيبوتي، ولم تصدق أي دولة عربية سوى هاتين الدولتين على نظام المحكمة. وإذا كان قرار المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس السوداني «نزيها»، فهل يمكن انطلاقاً من هذه السابقة، محاكمة المسئولين عن الحرب الخارجة عن القانون الدولي ضد العراق،التي خلفت دولة مدمرة وملايين من الضحايا بين قتلى وجرحى ونازحين، من دون أن يحرك القضاء الدولي أي ساكن ضد المسئولين الأميركيين والبريطانيين؟ وهل يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تنظر جرائم الحرب المرتكبة في الأراضي الفلسطينية على امتداد عقود من الزمن؟ بكل تأكيد، ولا واحدة على الأرجح، لأن الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وإسرائيل وضمن حدود مختلفة هي من الدول المسيطرة، ولم توقع على المعاهدة التي بموجبها تشكلت المحكمة الجنائية الدولية. لكن عدم التصديق على المحكمة الجنائية الدولية، لا يعني أن الحكام أصبحوا يتمتعون بالحصانة المطلقة من العقاب، أو جزاء التاريخ. المحكمة الجنائية الدولية لا يمكنها التدخل مثلاً إلا إذا كانت الدولة التي وقعت فيها الجريمة والتي ينتمي إليها المتهم قد صدقت على هذه المحكمة، كما أنه يمكن لمجلس الأمن تعليق التحقيقات التي يجريها المدعي العام. كما أن المحكمة الجنائية الدولية ليست لها صلاحيات، إلا إذا كانت الدول لا تمتلك الإرادة أو الوسائل لملاحقة مرتكبي الجرائم. غير أن الإشكالية تبرز في العالم الثالث عامة، والعالم العربي خاصة، حيث طبيعة الدولة هي من النمط التسلطي والشمولي، فضلاً عن غياب مبدأ العدالة والمساواة، وانتشار الفساد داخل الأطر السلطوية بلا استثناء، كل ذلك يجعل من اضطلاع المحاكم الوطنية بإقرار العدالة مسألة مستحيلة، وهذا ما يدفع بالأفراد والمنظمات غير الحكومية ولجان حقوق الإنسان إلى تنسيق جهودهم للتعبير بقوة عن مطالبهم، دعماً لتحقيق العدالة في بلدانهم، التي كانت دولهم قد اعتمدتها شكلياً في دساتيرها فقط قبل أن تدفنها خلال العقود الأربعة الماضية من عمر الدولة التسلطية العربية. لا يزال القانون الدولي مبنياً على مبدأ سيادة الدول، ولا تزال الدول والحكام يحتفظون بوسائل حماية فعالة. غير أن هذه الحصانة التي يتمتع بها رؤساء الدول والدبلوماسيون ليست حصانة مطلقة، ولا تشمل فئة خاصة من الجرائم هي على جانب من الأهمية، مثل جرائم ضد الإنسانية أو الجرائم الجماعية، التي لا حصانة لها، لأنها من الجرائم التي لها وضعها الخاص في القانون الدولي. وهناك قواعد في القانون الدولي لا يجوز التنصل منها، وتشمل هذه القواعد السامية منع الجرائم ضد الإنسانية وللدول كافة الصلاحية في محاكمة المتهمين بمثل هذه الجرائم عملاً بمبدأ الصلاحية الشاملة. كاتب تونسي
(صحيفة البيان الإماراتية ,آراء و أفكار،10 مارس2009 )
دارفور.. العدالة الممكنة.. العدالة المستحيلة
عبد الحسين شعبان (*) أصدرت المحكمة الجنائية الدولية (ICC) عبر المدعي العام لويس مورينو أوكامبو مذكرة بتوقيف الرئيس السوداني عمر حسن البشير في الرابع من مارس/آذار 2009، موجهة إليه تهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور، وأسقطت عنه تهمة الإبادة الجماعية. ولعل قرار المحكمة زاد مشكلة دارفور المعقدة تعقيدا سياسيا وقانونيا، فالارتكابات الخطيرة والجسيمة بحق السكان المدنيين، وبخاصة منذ عام 2003 والتي تفاقمت في عام 2005، وضعت مسؤوليات جديدة على عاتق الحكومة السودانية من جهة وعلى عاتق المجتمع الدولي من جهة أخرى، لتأمين مستلزمات تحقيق العدالة المفقودة. وهذا هو الأمر الذي جعل مواجهة جديدة بين السياسي والقانوني، لا سيما إمكانات تطبيق ذلك في إقرار أو تجاوز مسألة السيادة، بحكم مبدأ « التدخل الإنساني »، الذي ما زال إرهاصا يتيح تداعيات مختلفة، وخصوصا ببعض تطبيقاته ذات الازدواجية في المعايير والانتقائية في الاختيار. جدير بالذكر أن تأسيس المحكمة الجنائية الدولية في يوليو/تموز 1998 يعتبر حدثا فقهيا وقانونيا دوليا مهما باتجاه مقاربة العدالة الدولية، وقد يحتاج إلى سنوات وتطبيقات سليمة وذات منهج يقوم على المساواة وعدم التوظيف السياسي وفرض الهيمنة من جانب القوى المتنفذة، لكي يمكن اعتماده والتعويل عليه لاحترام حقوق الإنسان وملاحقة مرتكبي الجرائم. وقد أغلق باب الانضمام إلى ميثاق روما الأساسي (كدول مؤسسة) يوم 31 ديسمبر/كانون الأول 2000، ودخلت المحكمة حيز التنفيذ عام 2002 بالتصديق على ميثاقها من جانب ستين دولة، وصلت الآن إلى أكثر من مائة دولة. واحدة من المفارقات التي يمكن ذكرها بهذا الصدد هي أن الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا عضوين في ميثاق روما، فبعد توقيعهما عشية إغلاق باب التوقيع كدول مؤسسة، عادتا وانسحبتا منه بعد دخوله حيز التنفيذ. أما المفارقة الثانية فهي أن السودان هو الآخر ليس عضوا في ميثاق روما، فهو لم يوقع عليه منذ البداية، وإن كانت بعض البلدان العربية قد وقعت على الميثاق، إلا أن غالبيتها الساحقة لم تصدق عليه باستثناء ثلاث دول عربية هي الأردن وجيبوتي وجزر القمر. وهناك مفارقة ثالثة ولعلها سابقة قانونية جديدة، وهي أن الرئيس السوداني الذي صدرت مذكرة بتوقيفه ما زال في سدة الرئاسة وفي قمة السلطة، فكيف السبيل إلى تحقيق ذلك؟ ومن الجهة المخولة بإلقاء القبض عليه وجلبه إلى المحكمة!؟ وكان رد فعل الحكومة السودانية على قرار المحكمة الجنائية الدولية قيامها بطرد 13 منظمة دولية غالبيتها للإغاثة الإنسانية والطبية، لاتهامها بالتواطؤ مع جهات خارجية وتقديم معلومات مضللة ومغرضة للمحكمة تشوه حقيقة الوضع في دارفور. وإذا كانت مسألة دارفور تشكل نكبة للإنسانية ككل، فإن قرار المحكمة بشأن تسليم البشير نفسه لتتخذ الإجراءات اللاحقة حتى وإن كان بريئا قد يزيد الطين بلة ويصعد من حدة التوتر الإقليمي والدولي، خصوصا أن غالبية ردود الفعل انصبت على قضية تسييس القرار بدلا من وضع العدالة في موضع الصدارة بما تستحقه، وقد يضاعف الأمر من مأساة دارفور المنكوبة أصلا. قد تلتجئ المحكمة إلى إلقاء القبض على الرئيس السوداني بالتعاون مع الدول الموقعة على ميثاق روما، وهو أمر محتمل فيما إذا غادر الرئيس السوداني إلى إحدى الدول التي يمكن أن تتعاون مع المحكمة، كما سيكون غيابه عن حضور مؤتمرات دولية بما فيها اجتماعات الأمم المتحدة أمرا محتملا لكي يجنب نفسه احتمالات إلقاء القبض عليه. ومن جهة أخرى ستواجه المحكمة مسألة عدم وجود جهاز تنفيذ قراراتها، حتى وإن التجأت إلى الشرطة الدولية (إنتربول)، الأمر الذي سيعيد القضية إلى مجلس الأمن الدولي مجددا لاتخاذ القرارات المناسبة التي قد تصل إلى العمل العسكري وشن الحرب، فيما إذا تكرر السيناريو العراقي بعد حصار وعقوبات تدوم سنوات، ولعل السودان والعالم أجمع في تلك الإجراءات سيواجه مأساة جديدة تزيد خطورة عن المأساة الراهنة. وقد يدفع مجلس الأمن الدولي بعض أعضائه لتنفيذ القرار، وهنا يلوح خطر اختطاف البشير، سواء أثناء وجوده في السودان أو أثناء مغادرته بهدف تسليمه إلى القضاء الدولي، حتى وإن اقتضى الأمر إجبار طائرته على الهبوط، وإن كان مثل هذا الإجراء غير قانوني. لكن بعض أعضاء مجلس الأمن، الذين يريدون معاقبة السودان بأي ثمن، سيجدون مبررات لفعلتهم المحتملة ولمغامرتهم المتوقعة بعد التحجج بذرائع كثيرة سيتم تقديمها. يذكر أن الذين يتهمون الرئيس السوداني بارتكاب الجرائم يقولون إنه خلال الأعوام الخمسة ونيف الماضية شنت الحكومة السودانية هجمات ضد حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة وجماعات مسلحة أخرى معارضة للحكومة، لا سيما بعد الهجوم على مطار الفاشر عام 2003، وذلك بمشاركة قادة سياسيين وعسكريين وبقرارات وأوامر من البشير مباشرة، واستمرت حتى 14 يوليو/تموز 2008، وهو تاريخ تقديم المدعي العام طلبا بتوقيفه. وخلص قرار المحكمة إلى أن البشير بوصفه رئيس السودان وقائد القوات المسلحة هو المسؤول عن تنسيق وتخطيط الحملة ضد « المتمردين » وتنفيذها. من الناحية القانونية، يعتبر قرار محكمة روما بتوقيف البشير ملزما لجميع أعضاء الأمم المتحدة، لا سيما وقد صدر القرار بالإحالة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الأمر الذي سيضطر المجتمع الدولي إلى التعاطي معه، وبخاصة في حال رفض السودان الامتثال والتعاون مع المحكمة التي بدورها تطالب حاليا بتسليم الرئيس السوداني ومتهمين سابقين هما أحمد هارون وعلي كوشيب اللذان صدرت بحقهما قرارات اعتقال منذ مايو/أيار 2007 ورفضا تسليم نفسيهما، كما رفض الرئيس البشير تسليمهما وأقسم بأغلظ الإيمان بأنه لن يفعل ذلك. الجديد في معادلة القانوني والسياسي والتداخل والتباعد بينهما أحيانا هو ردود الفعل التي بدرت من 37 دولة أفريقية بالانسحاب من وثيقة التأسيس لمحكمة روما، الأمر الذي يضع المحكمة في مأزق قانوني دولي، ولعله مأزق سياسي خطير أيضا، حيث سيخفض هذا الانسحاب « الجماعي » من الثقل السياسي والقانوني والقضائي للمحكمة ويضعف من مهنيتها وصدقيتها. وفي الوقت نفسه سيكون هذا القرار غطاء قانونيا وسياسيا لعدم تعاطي الدول الأفريقية وتعاونها مع المحكمة وقراراتها وقد يشجع دولا أخرى. كما أن جامعة الدول العربية طلبت من مجلس الأمن تعطيل تنفيذ قرار المحكمة بتوقيف الرئيس السوداني، وطالبته بأن يقوم بدوره والمحكمة بدورها حيال الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في غزة مؤخرا. يعتبر الرئيس السوداني عمر البشير هو الرئيس الوحيد الذي يلاحقه القضاء الدولي وهو في السلطة، فقد سبقته في عام 2003 اتهامات ضد الرئيس الليبيري تشارلز تايلور بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الحرب الأهلية في سيراليون، التي أدت إلى مقتل أكثر من 120 ألف إنسان بين 1991 و2001، وكان تايلور الذي انتخب في 1997 قد استقال من منصبه في أغسطس/آب 2003 وانتقل إلى الإقامة في المنفى (نيجيريا) حيث اعتقل في مارس/آذار 2006. أما الرئيس الثاني فهو الرئيس اليوغسلافي السابق سلوبودان ميلوسوفيتش الذي اتهم من قبل المحكمة الدولية الخاصة بارتكاب جرائم حرب في يوغسلافيا السابقة وجرائم ضد الإنسانية في البوسنة وكوسوفا وكرواتيا بين عامي 1991 و1999، وكان قد رشح نفسه لانتخابات عام 2000 ولكنه لم ينجح، وتم تسليمه إلى القضاء في يونيو/حزيران 2001 وتمت محاكمته ولكنه توفي في السجن يوم 11 مارس/آذار 2006، قبل صدور الحكم عليه. وكان الرئيس الثالث هو ميلان ميلوتيسنوفيش الذي اتهم رسيما في مايو/أيار 1999 بارتكاب جرائم حين كان رئيسا لصربيا بين ديسمبر/كانون الأول 1997 وديسمبر/كانون الأول 2002، وقد تم تقديمه للمحكمة الجنائية الخاصة للنظر في جرائم الحرب في يوغسلافيا السابقة في يناير/كانون الثاني 2003، ومثل مع خمسة متهمين في يوليو/تموز 2006 إلى أغسطس/آب 2008 أمام القضاء بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال حرب كوسوفا (1998-1999). وقد جرى اعتقال زعيم صرب البوسنة رادوفان كاراديتش بطلب من المحكمة الجنائية الدولية (الخاصة) ليوغسلافيا السابقة في العام المنصرم 2008 بتهمة قتل الآلاف من أبناء البوسنة في حروب البلقان خلال التسعينيات ولا سيما في مجزرة سريبرنيتشا الشهيرة عام 1995، حيث يقدر عدد الرجال والأطفال المسلمين الذين قتلوا بحوالي 8000 إنسان. إن السعي لتوقيف الرئيس السوداني وهو في قمة السلطة السياسية لا يمكن النظر إليه، حتى بوجود ارتكابات خطيرة وجسيمة، من زاوية قانونية فحسب، وإنما لا بد من أخذ الجوانب السياسية والإنسانية بنظر الاعتبار، لا فيما يتعلق بمسألة دارفور المنكوبة فحسب، بل ما يتعلق بالمشكلة السودانية ككل. وهذا يعني دخول عامل جديد ذي بعد إنساني وسياسي في الإشكال القانوني القائم ومستقبله، علما بأن هناك أكثر من 350 دعوى قضائية مقامة ضد إسرائيل لارتكاباتها السافرة والصارخة في غزة خلال عدوانها الذي استمر 22 يوما مؤخرا، ناهيكم عن دعاوى بشأن عدوانها ضد لبنان عام 2006 أو ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون بشأن مجازر صبرا وشاتيلا عام 1982 لدى محاكم بلجيكا. وإذا كانت المادة 16 من نظام محكمة روما تعطي الحق في تجميد أو إسقاط التهم الموجهة إلى المتهم، فالأمر قد لا يدخل في باب القانون بقدر دخوله في باب السياسة والجوانب الإنسانية، وقد يحدث مثل هذا التبدل في حال حدوث اتفاق بين الحكومة والجماعات المسلحة أو بحصول صفقة سياسية مع القوى الغربية، بتسليم المتهمين وإسقاط التهم بحق الرئيس. ولكن هذا الأمر بعد وصوله إلى القضاء الدولي يجعل إمكانات نجاحه محدودة، إلا بحصول تبدلات كبيرة لدى الجهات المتنفذة التي يمكنها أن تؤثر على قرارات مجلس الأمن، حسب نظام المحكمة. ولكن من سيكون إلى جانب الضحايا وكيف السبيل لمقاضاة المتهمين بغض النظر عن مواقعهم!؟ تتحدث التقارير الدولية عن عمليات قتل طالت في غضون السنوات الخمس ونيف الماضية أكثر من ثلاثين ألف ضحية مباشرة في القتال ونحو مائتي ألف بسبب الظروف المأسوية الناجمة عن الحرب، فضلا عن نزوح مليوني إنسان من إقليم دارفور المنكوب، إضافة إلى عمليات اغتصاب للنساء والأطفال. وسواء قللت الحكومة السودانية من عدد الضحايا حيث تقول إنهم لا يتجاوزون عشرة آلاف أو بالغت بعض الجهات الخارجية في أرقامهم لأهداف سياسية بجعلها نحو 300 ألف إنسان، فإن هناك ارتكابات قد حدثت بلا أدنى شك، وهي بحاجة إلى نظام موضوعي لتطبيق العدالة وجبر الضرر وتعويض الضحايا وإنزال العقاب بالجناة. يمكن القول إن القسم الأكبر من الضحايا هم من الدارفوريين الأفارقة الذين كانوا هدفا لهجوم قوات الجنجويد الذين يحظون بدعم الحكومة والجهات الرسمية المسؤولة، الأمر الذي يضعها في إطار المساءلة القانونية. ويذهب سيناريو المساءلة للقول بما أن الرئيس هو المسؤول فهو من سيكون في دائرة الاتهام حسب مسؤولياته الرسمية، لكن هذه المسؤولية لا تعفي من مساءلة الآخرين، لا سيما المرتكبين من الحركات المسلحة التي هي الأخرى قامت بارتكابات ضد القبائل العربية، ويمكن هنا مساءلة دول جوار السودان المتورطة مثل تشاد التي ساهمت في إذكاء نار الصراع. وتترتب مسؤوليات على المجتمع الدولي الذي تأخر في رفع صوته واستخدام نفوذه لوقف المجازر ولا سيما تأخره في إرسال قوات لحفظ السلام في دارفور. إن تحقيق العدالة يتطلب مساءلة جميع المتهمين طبقا لمبدأ المساواة أمام القانون والقضاء وعدم الكيل بمكيالين، لا سيما أن الكثير من الجهات المتنفذة والمتسيدة في العلاقات الدولية لا تخفي أطماعها بشأن موارد دارفور وثرواتها بشكل خاص والسودان بشكل عام. إن الجرائم الواقعة في دارفور لم تأت من فراغ وهي جرائم وقعت بالفعل، ولا يمكن التهاون بشأنها أو إغفالها ولا بد من مساءلة مرتكبيها، أيا كانوا وأيا كانت مواقعهم، لكي يكونوا عبرة للأنظمة القمعية والحركات الإرهابية وللأجيال القادمة، فقد كانت تلك الارتكابات والمجازر بدون رقيب ولا حسيب، لا على صعيد القضاء الوطني السوداني، الذي كان عليه أخذ المبادرة ولا على الصعيد القضائي الدولي الذي لا ينبغي له توظيف العدالة سياسيا لأغراض أنانية ضيقة. وتبقى مسألة احترام حقوق الإنسان وتأمين مستلزمات العدالة فوق كل اعتبار وفوق جميع التبريرات والمزاعم والمسوغات سواء كانت سياسية أو قانونية أو غيرها. (*) باحث ومفكر عربي (المصدر: ركن « المعرفة » بموقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 8 مارس 2009)
خلفيات الأزمة بين المغرب وإيران
مراد زروق
ما الذي دفع المغرب الواقع في أقصى الغرب الإسلامي إلى إظهار كل هذه الصرامة الدبلوماسية في مواجهة إيران، رغم أنه ليس معنيا أكثر من الآخرين بالأزمة بين طهران والمنامة؟ لا داعي للبحث في الاعتبارات الجيو-استراتيجية وتحليل الأحداث تحليلا دقيقا للوقوف على أسباب التصعيد المغربي. الإجابة أبسط مما نتصور، إنها المزاجية التي تُتخذ بها كل القرارات المتعلقة بالسياسة الخارجية المغربية، إلى درجة أن المغرب يكاد يُحطم كل الأرقام القياسية في قطع العلاقات الدبلوماسية، وسحب السفراء وما إلى ذلك من الأفعال التي تدخل في باب التهور وانعدام الكياسة. أقصى ما فعلته البحرين، وهي الضحية الوحيدة في هذه النازلة هو استدعاء السفير الإيراني للاحتجاج عليه بعد التصريحات الرعناء التي أدلى بها علي أكبر ناطق نوري مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، في حين ركبت بعض دول المنطقة موجة الزلة الإيرانية للقيام بزيارات تضامن إلى المنامة وتسجيل موقف مندد بالنظام الإيراني، في محاولة للبرهنة على أن الخوف من هذا النظام لا ينبع من فراغ. شخصيا، لا يعجبني النظام الإيراني، ولا توظيف الانتماء للمذهب الشيعي من أجل فرض واقع إقليمي لا مجال للخوض فيه الآن، لكن من باب الموضوعية، أعتقد أن القرار المغربي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران لم يكن قرارا مؤسساتيا، وإنما كان ردة فعل على عبارة محددة في البيان الذي أصدرته الخارجية الإيرانية. وإذا عدنا إلى بداية تسلسل الأحداث، سنجد أن المغرب تجاوز، عندما استدعى وزيرُ خارجيته الطيب الفاسي الفهري السفيرَ الإيراني في الرباط وحيد أحمدي لإبلاغه احتجاج المملكة المغربية على تصريحات نوري، لأن الإجراء الدبلوماسي المغربي كان من نفس درجة ردة فعل البحرين المعنية الأولى بالتصريحات الجشعة لمستشار علي خامنئي. كان بإمكان الخارجية المغربية أن تكتفي ببيان شجب، كما جرت العادة أو ترسل مسؤولاً إلى المنامة لتبادل العناق وقبلات التضامن مع نظيره البحريني عوض استدعاء السفير في خطوة غير محسوبة العواقب، فجاء الرد الإيراني والعبارة التي أثارت كل هذه الزوبعة. في 20 فبراير نشرت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (إرنا) خبراً تقول فيه إن رئيس دائرة شمال إفريقيا في الخارجية الإيرانية استقبل رئيس البعثة الدبلوماسية المغربية في طهران وأبلغه «عدم رضا واستياء الجمهورية الإسلامية الإيرانية حيال المواقف التي اتخذها الملك المغربي». توجيه النقد مباشرة إلى ملك المغرب هو الذي عجل بعودة القائم بالأعمال المغربي في طهران إلى الرباط، وبعد ذلك قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران في الوقت الذي أعلن فيه وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة من طهران عن طي صفحة الخلاف بين البلدين. وهنا يحق لأي مغربي أن يتساءل: إلى متى سترتبط السياسة الخارجية المغربية بالملك ومحيط الملك وبنوبات الغضب والعشوائية في اتخاذ القرارات؟ من قرأ البيان الذي يبرر قطع العلاقات مع إيران يفاجأ بأن هناك خليطاً من الأسباب، منها ما له علاقة بتداعيات الأزمة البحرينية الإيرانية ومنها ما أُدرج على عجل: (النشاطات الثابتة للسلطات الإيرانية، وبخاصة من طرف البعثة الدبلوماسية بالرباط، تستهدف الإساءة إلى المقومات الدينية الجوهرية للمملكة والمس بالهوية الراسخة للشعب المغربي ووحدة عقيدته ومذهبه السني المالكي) كما ورد في البيان الذي أصدرته الرباط. إذا كان من غير المستبعد أن تعمد إيران إلى محاولة تشييع المغاربة وغيرهم من المسلمين السنة في مرحلة التيه التي يعيشها أهل السنة والجماعة، فإن المستغرب هو أن تُخرج الرباط ورقة محاولة المس بعقيدة المغاربة في هذا الوقت بالذات. لماذا لم يمثل قبل يومنا هذا أي مسؤول في وزارة الداخلية ليحدث المغاربة عن النشاطات المشبوهة للبعثة الدبلوماسية الإيرانية في الرباط؟ ولماذا لم تقطع الرباط علاقاتها مع إيران على خلفية محاولة الإيرانيين نشر المذهب الشيعي في المغرب مع العلم أن النظام المغربي يولي أهمية كبيرة لما يصطلح عليه بـ «تدبير الحقل الديني وبقاء المغاربة على مذهب الإمام مالك»؟ كان الأولى أن يقول المغرب صراحة إن أصل المشكلة هو الزج بالملك في حرب البيانات بين المغرب وإيران عوض إعداد هذا البيان الذي طُبخ على عجل. لقد قطع المغرب في ظرف وجيز علاقاته مع فنزويلا وإيران وقبلهما جنوب إفريقيا، وكادت العلاقات مع إسبانيا أن تُقطع في أكثر من مناسبة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الدبلوماسية المغربية متشنجة، ولا تختلف كثيراً عن دبلوماسية الأهواء والغضب الصبياني في باقي الدول العربية التي لن نكل من التذكير بأنها كلها دول دكتاتورية. لو كانت السياسة الخارجية من صلاحيات الحكومة المغربية لكان بالإمكان تدارس مواطن الخلل فيها، لكن القرارات التي تُتخذ في هذا الباب قد لا يُراجع فيها رئيس الوزراء نفسه، ومن ثم يجب وضع الأصبع على موطن الخلل: المغرب ليس دولة مؤسسات، والأدهى أن الطبقة السياسية لا تقوى على المطالبة بإعادة تقسيم الأدوار حتى تلعب الحكومة الدور المنوط بها عوض أن يتعاقب عليها المتنفعون ممن يرضون بأن تُتخذ القرارات الحاسمة وراء ظهورهم. هناك من سيقول إن المغرب أحسن حالاً من دول عربية أخرى تحكمها عائلات دون غيرها أو أنظمة عسكرية. ربما، ولكن بلدا يبعد 14 كيلومترا من أوروبا، وعرف حراكاً سياسياً فريداً منذ استقلاله عام 1956 وتعددية حزبية ونقابية نبعت من وعي سياسي مبكر، لا يمكن أن يُدار بالمزاج ونوبات الغضب كأي نظام ديكتاتوري آخر، لأنه محكوم عليه مسبقاً بأن ينتقل إلى الديمقراطية، شاء من شاء وأبى من أبى. • zarmourad@gmail.com (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 10 مارس 2009)
هكذا تكلم أحمدي نجاد
فهمي هويدي (*) سمعنا الكثير عن الرجل منذ جاء من المجهول، فأدهش كثيرين في الداخل، وأغضب كثيرين في الخارج، وقد سنحت لي الفرصة لكي أسمع منه. (1) كان الدكتور أحمدي نجاد يتأهب للذهاب إلى محافظة « آرومية »، التي يسمونها أذربيجان الغربية، لكي يتابع على الطبيعة أحوال الناس، والمشروعات التي تم الاتفاق عليها في زيارة سابقة. لم يكن وحده، لكنه دأب على أن يصطحب معه أعضاء الحكومة، لكي يباشر كل وزير مسؤوليته في نطاق اختصاصه. لم يعد سفره هذا خبرا مثيرا، لأنه منذ تولى السلطة في عام 2005 وهو يقوم كل أسبوعين تقريبا بمثل هذه الزيارات، يصل إلى المحافظة ويقضي هناك ما بين ثلاثة وخمسة أيام لكي يذلل للناس الصعاب التي تواجههم ويحل مشكلاتهم الحياتية، وهذه هي زيارته الرابعة بعد الخمسين للمحافظات الإيرانية الثلاثين. الذين خبروه في طهران يقولون إن الرجل البالغ من العمر 55 عاما أتعب من حوله، فهو يعمل ما بين 17 و20 ساعة يوميا، ويتابع وزراءه في أي وقت في الليل أو النهار. ومنذ تولى منصبه حرص على ثلاثة أمور، أولها: إلغاء مختلف مظاهر الترف في رئاسة الحكومة، الأمر الذي دفعه إلى التخلص بالبيع من السجاد والأثاث الفاخر والستائر الغالية في مقر الحكم. ثانيها: أنه تمسك بأن يبقى مع الناس في الشارع أغلب الوقت. أما ثالثها: فإنه حول مقر رئاسة الحكومة إلى خلية نحل لا تهدأ فيها الحياة في النهار أو الليل، حتى أزعم أن سلوكه هذا سوف يسبب حرجا شديدا لمن سيجيء بعده، لأنه بجولاته المستمرة في المحافظات كل شهر سنّ سُنة يصعب على غيره احتمالها، أما زهده في الوجاهة ومباهج السلطة فهو مصدر آخر للحرج. إذ ظل متمسكا بعد انتخابه بمظهره البسيط، وبأن يعيش مع زوجته وأولاده الثلاثة في بيته الصغير بحي «نارمك» في منطقة طهران بارس (شرقي العاصمة) الذي يسكنه منذ أن كان أستاذا لتخطيط المدن بجامعة العلوم والتكنولوجيا (علم وصنعت) وطوال انخراطه في حرس الثورة، لكنه اضطر إلى السكن في فيلا صغيرة بذات الحي استجابة لضغوط وزارة الأمن، وأبقى على عادته اليومية في أن يحمل غداءه -الذي تعده له زوجته كل صباح- معه إلى المكتب، واحتفظ بسيارته «البيجوبارس» السوداء التي اشتراها سنة 2000، وقبل على مضض بأن يرافقه حارسان فقط، أحدهما يجلس إلى جوار السائق، والثاني إلى جواره في الخلف. وفي بعض الأحيان يستقل سيارته ويقودها بنفسه لكي يقوم ببعض الالتزامات الاجتماعية الخاصة، حتى إنه اختفى من العاصمة ذات مساء، وظلوا يبحثون عنه بلا جدوى، حتى اكتشفوا لاحقا أنه أراد أن يعزي أسرة صديق عزيز في وفاة حلت بهم، فاصطحب زوجته وأولاده في السيارة لكي يقوم بالواجب. كان بيت الصديق على بعد 200 كيلو متر من طهران. (2) سألته عن رأيه في علاقات إيران بالعالم العربي، فأطرق لحظة ثم قال -وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة-: إن إيران تحتفظ بعلاقات ممتازة مع الشعوب العربية، لكنها تواجه صعوبة في الاحتفاظ بعلاقات دافئة مع بعض الأنظمة العربية. والسبب الرئيسي لذلك يرجع إلى الدور الذي لعبته السياسة الأميركية خلال السنوات الماضية. إذ حرصت تلك السياسة على تلغيم العلاقة مع بعض تلك الأنظمة والوقيعة المستمرة بيننا وبينها. ولذلك أصبحت علاقاتنا الاقتصادية مع تلك الدول أقوى من العلاقات السياسية، وبالمجمل فإننا نسعى دائما إلى تحقيق التفاهم مع الجميع. وخلال السنوات الثلاث الأخيرة مثلا، تمت خمسة لقاءات بيننا وبين العاهل السعودي الملك عبد الله. قلت: إن الأزمة التي وقعت مؤخرا مع البحرين بدأت من طهران ولم يكن للأميركيين علاقة بها، فقال وابتسامته العريضة كما هي: إن ما صدر بخصوص البحرين لم يكن رأيا للحكومة، ولكنه رأي شخصي لا نوافق عليه، ونحن لا نحاسب الأفراد على آرائهم الشخصية. ورغم أن هناك من أراد أن يستغل الموقف ويحوله إلى أزمة، فإن مملكة البحرين تفهمت موقفنا جيدا بعد الإيضاحات التي قدمت لهم، والاتصالات التي تمت معهم، وقد زارهم وزير الداخلية الإيراني، وجاءنا وزير داخليتهم ولاحقا زار طهران للمشاركة في مؤتمر دعم فلسطين، رئيس البرلمان البحريني ونائبه وبعض أعضاء المجلس التشريعي، الأمر الذي أدى إلى طي الصفحة وإغلاق الملف. قلت: ما رأيكم في التحركات التي تمت في دمشق خلال الأشهر الأخيرة: جسور التفاوض مع إسرائيل التي مدتها تركيا، وزيارات الوفود الأميركية لدمشق، وما يقال عن مصالحات بين الرياض ودمشق، قيل إنها مقدمة لفك الارتباط بين دمشق وطهران. قال في رده: إن إيران تثق جيدا في سوريا، وهى مطمئنة إلى تحالفها الإستراتيجي معها. لذلك فإن لدى طهران تفهما وإدراكا عميقين لتوجهات السياسة الخارجية السورية. ولا يزعجنا أن تعود العلاقات طبيعية بين دمشق وواشنطن، ثم إننا نرحب كثيرا بالوفاق العربي ونعتبره دائما خطوة متقدمة تمكن العالم العربي من الانصراف إلى مواجهة العدو الحقيقي المتمثل في إسرائيل. وترحيبنا بالمصالحة العربية لا يقل عن حفاوتنا بالمصالحة الفلسطينية، التي ظلت مصدر قلق كبير. لاحظت أن من بين الذين دعوا إلى المؤتمر الرابع لمساندة القضية الفلسطينية في الرابع في شهر مارس/آذار الحالي أربعة من الحاخامات اليهود الذين ينتمون إلى فئة « ناطوري كارتا » النشطة في إنجلترا وأميركا، وقد علق كل واحد منهم على صدره بطاقة صغيرة كتبت عليها عبارة تقول «أنا يهودي ولست صهيونيا»، وهى الجماعة التي تعتبر الصهيونية انحرافا عن العقيدة اليهودية وإفسادا لها، وتعارض قيام دولة إسرائيل وترفض الاعتراف بها. شجعني ذلك على أن أطرح على الرئيس الإيراني السؤال التالي: ألا ترى أن كلامك عن وجود إسرائيل والهولوكوست سبب مشكلات كثيرة لإيران هي في غنى عنها، خاصة أنه أثار أصداء في الغرب استخدمت في الحملة ضدكم؟ استعاد الرجل ابتسامته العريضة وقال: إن ذلك ليس رأيي وحدي، وقد عبرت عن اقتناعي بأن إسرائيل كيان عنصري واستيطاني، يستخدم الإرهاب الدولي والفكري لابتزاز العالم، ومسألة الهولوكوست تدخل في هذا السياق، ولاحظت أن الرئيس الإيراني التفت إلى المترجم وكرر عليه عبارة «الكيان الصهيوني» لكي لا يفهم أنه ضد اليهود بشكل عام، ثم أضاف: إن اليهود إذا ما أرادوا أن يعيشوا في سلام مع العرب فليس أمامهم سوى خيار الدولة الواحدة في فلسطين، التي تضم المسلمين والمسيحيين واليهود. وقد ثبت أن خيار الدولتين الذي يتحدثون عنه أصبح وهما كبيرا بعد مضي 15 سنة من المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، التي ظلت إسرائيل تعمل بإصرار خلالها على الحيلولة دون قيام دولة فلسطينية مجاورة، حتى لم تعد لهذه الدولة أي فرصة الآن. (3) خلال الشهر الماضي في 24/2 كان موضوع غلاف مجلة «نيوزويك» يتحدث عن انهيار الدول النفطية التي تنامى نفوذها خلال السنة الأخيرة بسبب ارتفاع أسعار النفط، ولكن انخفاض تلك الأسعار أجهض أحلامها وقصم ظهورها، وكانت إيران وفنزويلا وروسيا على رأس تلك الدول. لذلك سألت الرئيس أحمدي نجاد عن مدى تأثر إيران بالأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة، فركز رده على نقطتين، الأولى: أن إيران بسبب الحصار الذي فرض عليها منذ قيام الثورة في عام 1979، ظلت خارج دورة الاقتصاد العالمي، وبالتالي فإنها بقيت بعيدة عن الانهيارات التي حدثت. صحيح أن الانكماش الذي حدث في بعض الدول الأوروبية أثر على صادراتها إلى الخارج، لكنه ليس التأثير الذي يحدث هزة في الداخل، كذلك فإن انخفاض أسعار النفط أثر على مواردها، إلا أن الأسعار الحالية للنفط توفر دخلا طيبا يحول دون وصول الوضع إلى حالة الأزمة. النقطة الثانية والأهم في رأيه: أن إيران لديها درجة عالية من الاكتفاء الذاتي تحصنها من التأثر الموجع بالأزمة العالمية، فهي تنتج 96٪ من احتياجاتها الزراعية و85٪ من احتياجاتها الصناعية، الأمر الذي يعني أن لديها اكتفاء بنسبة 90٪ في المتوسط وهي نسبة توفر للبلد درجة معتبرة من الأمان. ظهرت الابتسامة العريضة مجددا على وجه الدكتور أحمدي نجاد، وقال بثقة شديدة: نحن لسنا قلقين على جبهتنا الداخلية، ولا تقلقنا أي تحديات أو ضغوط خارجية، أولا لأننا منذ قامت الثورة نعتمد على الله أولا، وعلى سواعدنا ثانيا، ونراهن على شعبنا وحده ثالثا. وجدت تفسيرا لتلك الثقة التي لاحت في كلامه حين علمت بعد اللقاء أن إيران تصنع سبعة أقمار صناعية الآن، بعدما أطلقت بنجاح قمرها الصناعي الأول، بعد إطلاق صاروخها «أوميد» (الأمل)، وأنها افتتحت مفاعلها النووي في «بوشهر»، كما حققت نقاطا مهمة في مشروعها النووي، من أبرزها قبول الإدارة الأميركية بحقها في إقامة مشروعها السلمي، وحقها في تخصيب اليورانيوم، واشترطت فقط أن يخضع المشروع لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. سألته عما إذا كان الغلاء الذي يشكو منه الإيرانيون يمكن أن يؤثر على حظوظه في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في شهر يونيو/حزيران القادم، فاستعاد ابتسامته وقال ما يلي: إن في البلد غلاء حقا، ولكن دخول الفقراء وصغار العاملين في الحكومة والقطاع الخاص تمت مضاعفتها تقريبا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، والأسواق العامرة بالبضائع والرواج الشديد للتجارة هذه الأيام «بمناسبة احتفالات النوروز (عيد الربيع)»، يشهد بأن الوضع في الواقع أفضل من اللغط المثار حوله. من ناحية أخرى، فالناخب الإيراني صاحب مفاجآت دائما. وهو عادة ما يصوت لأسباب وطنية وسياسية بالدرجة الأولى، ومن الصعب التنبؤ باختياره قبل أي انتخابات. (4) اعترف بأنني منذ صعد نجم الرجل لم أفهمه جيدا، ولم أجد تفسيرا لتلك الابتسامة العريضة المثبتة على وجهه عند الإجابة عن كل سؤال، خصوصا أن الابتسام ليس من القسمات الشائعة في القيادات الإيرانية، ناهيك عن المراجع. فلم يُرَ الإمام الخميني مبتسما، وكذلك السيد خامنئي، وبالكاد كان الشيخ هاشمي رفسنجاني يوزع نصف ابتسامة على من حوله، والوحيد الذي رأيته مبتسما بوضوح كان السيد محمد خاتمي، أما الدكتور أحمدي نجاد فإنه لم يعد يُرى في الصور واللقاءات العامة إلا وهو يوزع الابتسامات على الجميع. حين سألت من حوله نصحوني بألا أستخف به، فهو رجل بسيط حقا، وجسمه النحيل وهيأته المتواضعة التي لا افتعال فيها مما يؤكد ذلك. (قال أحدهم إن السترة التي يظهر بها في المناسبات العامة تباع في الأسواق الشعبية بما يعادل أربعة دولارات). لكنه مع ذلك حادُّ الذكاء، وشديد الثقة في نفسه، وحازم مع من حوله وليس مرنا في عمله (أعفى عشرة وزراء من مناصبهم خلال 4 سنوات، وهو ما لم يحدث منذ قامت الثورة)، نقاده يقولون إن الإنجازات الكبيرة التي تحققت في عهده لا فضل له فيها، ولكنه جنى بها ثمار جهد آخرين، خصوصا ما بدأه الشيخ هاشمي رفسنجاني حين كان رئيسا للجمهورية (أواخر الثمانينيات). مع ذلك فإنهم لا يختلفون على أنه شديد الإخلاص والورع، وأنه يتفانى في عمله بشكل ملحوظ. وهم لا ينسون أنه حين كان رئيسا لبلدية طهران، وترشح في انتخابات عام 2005 منافسا للشيخ هاشمي رفسنجاني، فإن أنصار الشيخ استخفوا به، ولم ينسوا له أنه ابن رجل كان حدادا (توفاه الله في العام الماضي)، وأنه قادم من أسرة معدمة كانت تسكن بيتا من الطين في قرية أرادان الصغيرة التي تعيش فيها 40 أسرة فقط (بمحافظة سمنان). وعلى شاشة التلفزيون قال أحدهم للمشاهدين مستهزئا به: انظروا إلى وجهه وهيأته، هل ترون في شكله ما يرشحه رئيسا للجمهورية؟. وحين جاء دوره في الحوار لاحقا طلب من المذيع أن يسأله في هذه النقطة، وحين فعلها، فإن أحمدي نجاد أجاب قائلا: إن الملاحظة صحيحة لا ريب فأنا لم أرشح نفسي لرئاسة الجمهورية، ولكنني رشحت نفسي خادما للشعب، ثم سأل المشاهدين والابتسامة تملأ وجهه: ألا ترون أن وجهي يصلح لوظيفة الخادم؟. وهو يتحدث لمحت أحد مساعديه يشير إليه بما يعني أن موعد سفره إلى آرومية قد أزف، وحينئذ أدركت أن ساعة «الخدمة» قد حانت، وأن حبل الكلام يجب أن ينقطع. وهذا ما حدث. (*) كاتب ومفكر مصري (المصدر: ركن « المعرفة » بموقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 10 مارس 2009)
أكد في حوار شامل حاجة العرب إلى منهجية لإدارة الخلاف ** الأسد لـ « الخليج »: متفائل بالمصالحة **مع الإمارات في موقفها من الجزر والحل سلمي بالحوار بعثة « الخليج »: خالد عبدالله عمران، حبيب الصايغ، د. خالد عبدالله، حسين حمية
أكد بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية على العلاقة المتميزة بين دولة الإمارات وسوريا، لافتاً إلى أنها كانت جيدة دائماً، لكنها قطعت في السنتين الأخيرتين شوطاً بعيداً، عبر زيارات متبادلة بين قيادات البلدين. وقال الرئيس الأسد في حوار شامل ل “الخليج” إن موقف سوريا من قضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة من قبل إيران واضح، وهي مع موقف الإمارات ومع الإمارات في ضرورة الحل السلمي، وأوضح أن سوريا تستطيع الآن من خلال علاقاتها الجيدة مع إيران وكذلك مع الإمارات وبقية الدول العربية أن تساعد على حل النقاط المتصلة بمواضيع هي محل خلاف. وتحدث الرئيس الأسد باستفاضة عن المصالحة العربية، وقال إن القمم العربية يجب أن تعقد إذا كنا مختلفين، لكن المقاربة لدينا خاطئة، حيث تمنعنا الخلافات من اللقاء، فيما الاتفاق حول كل شيء غير منطقي، و”الإخوة في المنزل الواحد لا يتفقون”. وفيما اعتبر زيارة وزير الخارجية السعودي الأخيرة إلى دمشق حلقة من حلقات “إدارة الخلافات العربية” وأنها حققت تقدماً في موضوع المصالحة، أشار إلى أن العنوان الكبير هو أن هناك قضايا يمكن أن نختلف عليها، وهناك قضايا لا يمكن أن نختلف عليها، وعبّر عن أمله في إنهاء القضايا التي بدأها مع الوزير السعودي في خلال لقائه المرتقب مع العاهل السعودي، لكنه قال إنه لا يمتلك معلومات بشأن إمكان التحاق الرئيس المصري حسني مبارك ب”قمة الرياض”، مؤكداً تفاؤله بنجاح عملية المصالحة التي، بسبب من طبيعتها، ستأخذ وقتاً. وشدد الرئيس بشار الأسد على شروط المفاوضات المباشرة مع “إسرائيل”، وأولها أن عودة الأرض خارج التفاوض، مشككاً في صدقية المسؤولين “الإسرائيليين”. وقال إنه إذا قدمت كل الشروط المطلوبة لسوريا، فمن البديهي أن توافق سوريا على توقيع اتفاقية، مفرّقاً بين توقيع الاتفاقية والسلام نفسه، ف”اتفاقية السلام ورقة توقع، وهذا لا يعني تجارة وعلاقات طبيعية أو حدوداً أو غير ذلك، وشعبنا لن يقبل هذا”. وأشار إلى وجود بادرة حسن نية من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة أوباما، فالمقاربة أكثر قبولاً، بالمقارنة مع الإدارة السابقة، سواء بالنسبة إلى تصريحاته عن سوريا أو إعلان موقف محدد من العراق، “لكننا نريد كلاماً واضحاً دقيقاً”. وتناول الرئيس الأسد في حواره الشامل مع “الخليج” جملة من القضايا الداخلية في مقدمتها قضية الإصلاح السياسي والاقتصادي في سوريا، وفي ما يلي نص الحوار (على الرابط التالي): http://www.alkhaleej.ae/portal/a06f64ad-6f45-4fd4-a092-d03e0d8e5431.aspx (المصدر: صحيفة « الخليج » (الشارقة – الإمارات) الصادرة يوم 10 مارس 2009)
التعامل العربي مع التدخلات الإيرانية
رضوان السيد (*)
دعا وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في مجلس وزراء خارجية الدول العربية الى اتخاذ موقف عربي مشترك أو واحد من الأمرين: العدوان الاسرائيلي والتحدي الايراني. وحدد جهات التحدي والخطر من جانب ايران بالمسائل التالية: الملف النووي، وأمن الخليج، والتدخلات في العراق ولبنان وفلسطين. وبعد اسبوع على ذلك، أعلن وزير الخارجية المغربي الفاسي الفهري عن قطع العلاقات الديبلوماسية مع ايران. وحدد لذلك ثلاثة أسباب: ردة الفعل الإيرانية غير الملائمة على احتجاج المغرب على التصريحات الايرانية بشأن البحرين. وتدخل ايران (وجهات عربية) في النزاع بشأن الصحراء لصالح «البوليساريو»، وعمل ايران للإضرار بالهوية الدينية الموحدة للمملكة المغربية. وهناك فرق بالطبع بين الأمرين. فالوزير المغربي اعتبر المشكلات مع ايران «ثنائية»، بينما رأى الفيصل في تصرفات ايران في المسائل التي ذكرها مشكلة عربية عامة، ودعا الى مواجهتها. بيد ان الملحوظ وجود مشترك مهم هو التدخل الايراني في الحالين. وإذا استعرضنا مسائل الهواجس والقلق بدقة، فإن المشتركات تتزايد بحيث يتجاوز الأمر الثنائيات الى العام العربي. فالملف النووي الايراني الذي يشكو منه الأوروبيون والأميركيون والاسرائيليون، كان وما يزال مبعث قلق لدول الخليج والمشرق بسبب آثاره البيئية، تضاف إلى ذلك التهديدات الايرانية بالصواريخ تارة للأميركيين وطوراً للخليجيين. وقد كان الايرانيون يصرون علناً على سلمية برنامجهم النووي، دونما إبداء استعداد للتفاوض بشأن الآثار البيئية على الجوار. لكنهم في الاتصالات السرية الثنائية والشاملة كانوا يستغربون التخوف من البرنامج الايراني، والتسليم بالسلاح النووي الاسرائيلي القائم بالفعل. وكان محدثوهم العرب يجيبون بأنهم غير مسلّمين بالسلاح الاسرائيلي، وانهم يطالبون بمنطقة خالية من سلاح الدمار الشامل، وأنهم يأملون ان تكون المسألة النووية الاسرائيلية من ضمن مسائل الحل الشامل. ثم انقطع كل حديث تقريباً، خلال العامين الماضيين، الى ان دعت السداسية المتعاملة مع الملف النووي الايراني (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن زائداً المانيا) العرب في أواخر عهد بوش الى المشاركة في اجتماع لبحث تطورات الملف. وقد استغرب بعضنا ذلك في حينه، لكن محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، طالب العرب في مقابلة مع جريدة «الحياة» ان لا يغيبوا بعد الآن عن اجتماعات السداسية، ليس لأن النووي الايراني يعنيهم وحسب (باعتبار ان اي صراع به أو عليه سيتم على أرضهم وأجوائهم)، بل لأن الصفقة التي يجري التفاوض عليها مع ايران من جانب الغرب، تدخل فيها مساومات قد تكون ضمنها مبادلات تضر بالمصالح العربية. وإلى جانب النووي ذكر الأمير سعود الفيصل أمن الخليج، والذي ينبغي ان تكون فيه شراكة بين الخليجيين وايران. لكن في السنوات الأخيرة، خصوصاً بعد احتلال العراق، هناك تخاطب من فوق السطوح، وتهديدات بين ايران والولايات المتحدة. وقد تصادم الطرفان أحياناً بالزوارق والسفن الحربية. وتهدد ايران كل اسبوع تقريباً بسد مضيق هرمز إذا أساءت اليها أميركا! وقبل شهرين ذهب مفوض الأمن القومي العراقي الى طهران ليعرض عليها اتفاقية بشأن أمن الخليج! والطريف ان ايران رحبت، لكنها عرضت توسيع الاتفاقية بحيث تضم دول الخليج الواقعة على «الخليج الفارسي». وهكذا فهناك تلاعب ايضاً بأمن الخليج، وينبغي التنبه والحذر. ثم ذكر وزير الخارجية السعودي التدخلات الايرانية في العراق ولبنان وفلسطين. وقد أحدثت هذه التدخلات اضطرابات في البلدان الثلاث، وأحدثت انشقاقات أو شجعت عليها. والمعروف انه بعد المؤتمر العربي والدولي لإعمار غزة والذي عقد في مصر، استدعت ايران دولاً وجهات ثورية عربية الى طهران لدعم غزة ايضاً. وهناك لم يتحدث أحد عن إعمار غزة، بل عن تحرير فلسطين، وفتح معبر رفح! ومن طهران شحنت ايران الوفود الى الخرطوم لدعم الرئيس عمر البشير في وجه المحكمة الجنائية الدولية. وهكذا فهناك رهانات ايرانية على الانقسامات العربية التي أحدثتها أو غذتها، ومع كل أزمة أو مشكلة تحضُر دولة الثورة الاسلامية للتأجيج والاستفادة. ما معنى ما قاله وزير الخارجية المغربي عن اسباب قطع العلاقات مع طهران؟ ذكر الفاسي الفهري إهانة وزارة الخارجية الايرانية للقائم بالأعمال المغربي في طهران بسبب موقف المغرب من التصريحات الايرانية المتعلقة بمملكة البحرين. وذكر سبباً آخر أهم هو تدخل ايران في ملف «البوليساريو» والصحراء الغربية، بمعنى ان الجمهورية الايرانية رأت ان تقف الى جانب «البوليساريو» في مساعيها الطويلة الأمد لفصل الصحراء عن المغرب. ثم ذكر الوزير المغربي مسألة ثالثة غريبة بعض الشيء حول تأثير التدخل الايراني على الوحدة الدينية في المملكة المغربية. وكانت تقارير كثيرة تحدثت في الأشهر الأخيرة عن نشر المذهب الشيعي في المغرب والجزائر. والمعروف ان الشيخ يوسف القرضاوي كان قد ذكر في مداخلته قبل أشهر مسألة «التشييع» في مصر والمغرب. ولنعد الى الافتراقات والمشتركات في كلام الوزيرين السعودي والمغربي. هناك مثلاً مسألة «التشيُّع المذهبي» لدى الوزير المغربي، وهي التي غابت في حديث الوزير السعودي أمام الجامعة العربية. وقد تكون تلك المسألة حقيقية، وهي تسهم في خلق أقليات دينية تصبح مشكلة مع الوقت في مجتمعات موحدة الهوية لهذه الناحية. بيد أن الذي أراه الأخطر هو التدخل السياسي أو التشيع السياسي. بمعنى أن أطرافاً سياسية عربية رسمية أو شعبية صارت تجد في طهران مرجعية في قضايا كبرى مثل قضية فلسطين ووحدة العراق ووحدة الدولة اللبنانية. وقد تكون تلك الجهات في موقع المعارضة في بلدانها، فتتحول تلك الجهة، أو الجهات، إلى أداة لطهران أو لغيرها ضد النظام القائم. وقد جربنا ذلك بالفعل وفي البلدان الثلاثة التي ذكرها سعود الفيصل في السنوات الأخيرة، فـ «حزب الله» – وبدعم مباشر من طهران – أقام دويلة على حاشية الدولة اللبنانية وفي قلبها. والوضع هش ومتجمد في لبنان الآن، لكنه قد يعود الى التردي إذا رأت طهران الضغط بواسطة «حزب الله» أثناء مفاوضاتها مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي. والوضع متخثر بالعراق، وطهران داخلة في كل التلافيف والتفاصيل، ولا أحد يدري كيف سيكون عليه الحال بعد عام عندما يبدأ الأميركيون بالانسحاب من ذلك البلد. بل نحن لا ندري إذا لم تعمد الولايات المتحدة في مفاوضاتها مع إيران إلى «الاعتراف» بمصالح إيران في العراق، فيتحول الأمر إلى مشكلة لا تنتهي. بيد أن الجرح الملتهب الآن يتركز في فلسطين، حيث تحاول «حماس» الاحتفاظ بعلاقاتها مع طهران (والتي كانت الأساس في حرب غزة الأخيرة)، وفي الوقت نفسه التصالح مع منظمة التحرير ومع مصر. وقد جاء مؤتمر طهران الأخير فركز من جديد على «معبر رفح» متعمداً دق أسفين بين مصر و «حماس» لمفاقمة المشكلة ولكي تكون بين الفلسطينيين ومصر، وليس بين الفلسطينيين وإسرائيل! والواقع أن للمشكلة جانباً آخر اضطر وزير الخارجية المغربي لذكره عندما قال إن المغرب ومليكه يترأسان لجنة القدس ويعملان من أجل القضية. وهذا يكشف الجانب الذي لم يعد مستوراً في الاستراتيجية الإيرانية، والقائمة على رفع راية فلسطين، من أجل تبرير التدخلات في سائر الدول العربية، إذ تتركز الحملات الإعلامية من جانب طهران وأنصارها على أن العرب أهملوا قضية فلسطين، وأن إيران هي حاملة الكفاح من أجل تلك القضية الكبيرة التي لا تريدها طهران أن تبقى عربية، بعد أن عمد أردوغان أيضاً الى مجاذبة طرف الثوب ذاك! وفي الخلاصة: هناك مشتركات عربية كثيرة في ما يتعلق بالتحدي الإيراني ومن جهات عدة: التدخلات الفعلية من خلال الأنصار المذهبيين والسياسيين، والتدخلات الايديولوجية من خلال رفع راية القضايا العربية باعتبارها قضايا اسلامية تقودها إيران، والتدخلات الاستراتيجية من خلال جمع الأوراق في سلة طهران (وأكثرها أوراق عربية)، وعرضها على الولايات المتحدة من ضمن جدول أعمال التفاوض المنتظر. وفي وجه هذه التدخلات المستمرة والمتفاقمة، يعرض الملك عبدالله بن عبدالعزيز مبادرة التضامن والمصالحة العربية، كي تكون هناك خطة عربية لمواجهة التحديات الخارجية والاقليمية. وقال عمرو موسى، أمين عام الجامعة العربية، إن هناك عقبات لا تزال قائمة في وجه المصالحة. وربما قصد استمرار بعض الدول العربية في الانحياز لطهران على حساب المصالح العربية العليا. وهذه أمور ما كان يصح أن تحدث، سواء لجهة الانحياز لطهران أو لجهة الاختلاف مع إيران اصلاً، لكن إدارة الجمهورية الإسلامية في عهد الرئيس نجاد اختارت الصراع ودعم كل العرب الذين يقفون إلى جانبها في وجه مصر والسعودية. ولذا لا بد من وقفة جماعية عربية من أجل صون قضايانا والحفظ على وحداتنا الوطنية ومصالحنا المشتركة. (*) كاتب لبناني (المصدر: جريدة الحياة (يومية – بريطانيا) بتاريخ 10 مارس 2009)
الطريق إلى «المصالحة» في العراق: النموذج اللبناني أم الصومالي أم الفلسطيني؟ (1)
يبدو مشروع المصالحة الوطنية في العراق، وحيث تكثر في هذه الأيام الأحاديث والتكهنات عن اتصالات عربية-إقليمية لتسريع وتيرة الشروع فيه جديّاً، وكأنه يتمحور في ثلاثة نماذج، تشكل بمجموعها نمطاً بات شائعاً في الحياة السياسية في «الشرق الأوسط الجديد». النموذج الأول، النموذج اللبناني: فمنذ لقاء الدوحة (2008) وبعد تسوية معضلة انتخاب العماد ميشيل سليمان رئيساً للجمهورية وتفكيك «أزمة الحكومة» برئاسة فؤاد السنيورة، وطاولة الحوار الوطني في بيروت تشهد، وبالتدريج، ما يمكن اعتباره نوعاً من التفاهم على حدود وآفاق «التسوية التاريخية بين مختلف القوى السياسية اللبنانية»، بعد صراع دامٍ وشرس بدأ بحرب أهلية قاسية، وسلسلة طويلة من الاعتداءات الإسرائيلية. ولذلك، تأخذ المصالحة في لبنان، بعداً خاصاً قد يجعل منها نموذجاً جذاباً في المنطقة، لتسوية ممكنة بين أطراف متباعدة، مذهبياً ودينياً وسياسياً. وكما يقال، فإن بين المختلفين اللبنانيين «ما صنع الحدّاد»، وربما لهذا السبب سوف تكون للتسوية الداخلية في النموذج اللبناني أهميتها في المدى المنظور، خصوصاً مع عودة الدفء للعلاقات السورية-السعودية. ومهما يكن من أمر المصالحة الوطنية، وما تصطدم به من عراقيل ومصاعب، فمن المؤكد أن عجلتها آخذة في الدوران إلى أمام وإنْ ببطء. هذا يعني أن «دول الجوار اللبناني» وبشكل أخص سوريا، يمكن أن تلعب دوراً حاسماً على مستوى «تفكيك الأزمة المستعصية» في لبنان، علماً بأن الدور السياسي لدمشق تعاظم بصورة لافتة بعد انسحاب الجيش السوري. النموذج الثاني، النموذج الصومالي: لكن النموذج الصومالي يبدو في سياق آخر، قليل الشبه بالتجربة اللبنانية، وكأنه تعبير عن نمطٍ جديد تماماً من التسويات الداخلية بين جماعات هي خليط من القبائل والأحزاب والجمعيّات الدينية، توافقت أخيراً على تقديم مقاربة مغايرة للأوضاع المعقدّة في هذا البلد سيئ الطالع، ولكن بمساعدة سخيّة من «دول الجوار» أيضاً. وفي هذا النطاق، لعب انسحاب الجيش الإثيوبي، ثم حوارات أسمرة وجيبوتي فالدوحة، دوراً حاسماً في عملية «تفكيك الأزمة المستعصية»، وهو أمر يمكن تلمّسه بسهولة عند تحليل مغزى عودة شيخ شريف شيخ أحمد إلى مقديشو، وهذه المرة لا بوصفه رئيس المحاكم الإسلامية التي تطاردها واشنطن، بل كرئيس لدولة طالعة من الرماد. النموذج الثالث، النموذج الفلسطيني: بين هذين النموذجين، يتبلور نموذج ثالث يبدو أكثر جاذبية (ربما بفضل الجانب العاطفي) فحوارات القاهرة بين الفصائل الفلسطينية، تتجه كما يبدو نحو نوعٍ من التسوية للمشكلات العالقة الخاصة بحكومة الوحدة الوطنية والإعمار، وإعادة بناء منظمة التحرير. وبالطبع، فقد انطلق هذا الحوار بقوة، وبكثافة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزّة، وبمعونة مباشرة من «دول الجوار» خصوصا مصر التي جمعت كل الأطراف إلى طاولة حوار وطني موسع. ما يجمع بين هذه النماذج، إذاً هو التالي: أولاً: أن النماذج الثلاثة التي تمثّل مساراً جديداً في التسويات الداخلية، تمتلك أوجه شبه كثيرة فيما بينها، من أهمها، أن الدولة في هذه النماذج، أما غائبة أو تمّ تغييبها (تفكيكها) كما هي الحال مع لبنان الذي خرجت فيه الدولة محطمة بعد سنوات من الحرب الأهلية، وكما الحال في الصومال الذي جرى تفكيك دولته، وعودته إلى وضعيّة «ما قبل دولة». أما النموذج الفلسطيني، فيمكن إمعان النظر في مغزى انشطار فكرة «الدولة» فيه إلى «حكومة في غزّة» وأخرى في رام الله، بينما تشتبك كل الأطراف فيما بينها حول مفهوم الدولة ومضمونها. ثانياً: أن التسوية الداخلية تستمد دينامياتها من «تدخل دول الجوار». في حالة لبنان ظل الدور السوري مركزياً، وفي الحالة الفلسطينية كان الدور المصري حاسماً. أما في الحالة الصومالية، فمن غير شك، ثمة أطراف عدّة متعاونة، وإن كانت متباعدة في المواقف، تمتد من أديس أبابا حتى جيبوتي مروراً بأسمرة فالدوحة، توافقت هي الأخرى على تشكيل أرضية للحوار الوطني. ثالثاً: أن الانسحاب العسكري (أي رحيل القوات الغريبة) كان من بين العوامل الكبرى التي أسهمت في تعزيز جهود المصالحة الوطنية، كما الحال مع النموذج اللبناني والصومالي، وأخيراً الفلسطيني مع انسحاب إسرائيل من غزّة بعد العدوان الإجرامي الأخير. ولذلك يبدو أمراً لافتاً أن موضوع الوحدة الوطنية الفلسطينية بات مطلباً أميركياً-أوروبياً، بل وأصبح شرطاً من شروط إعادة إعمار غزة! ما يجمع النموذج العراقي إلى هذه النماذج ويجعل منه «شبيهاً» بها، أن العراق شهد «تفكيك الدولة» وعاش حرباً «أهلية» وهو اليوم في قلب عملية «انسحاب عسكري» للجيش الأميركي، كما أن قضيته باتت اليوم جزءاً من «هموم دول الجوار»، حيث يُطلب منها أن تلعب الدور نفسه الذي لعبته دول الجوار في الصومال ولبنان.. وغزة. يتبقى أن نتذكر أن انسحاب «القوات الغريبة» في النماذج الأربعة -بإضافة العراق لاحقاً- تمّ تصويره كانتصار لامع! فإلى أين يتجه النموذج العراقي؟ وما هي خيارات التسوية السياسية الداخلية؟ (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 10 مارس 2009)
حرية الصحافة والتعبير في تركيا: معركة أردوغان مع مجموعة دوغان
أثارت الغرامة المالية الضخمة التي فُرضت على مجموعة شركات دوغان للإعلام والتي تعد الصوت المعارض لحزب العدالة والتنمية وعلى رأسه رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان جدلا كبيرا حول حرية الصحافة والتعبير في تركيا. كارين كروجر تسلط الضوء على هذا الجدل. ليس لرئيس الوزراء علاقة مباشرة بالغرامة المالية التي فُرضت على مجموعة شركات دوغان للإعلام البالغة أربعمائة مليون يورو وإنما وزارة المالية هي التي انتبهت من تلقاء نفسها لملف مجموعة دوغان للإعلام. وفي أثناء حملته الانتخابية في شرق تركيا كان رئيس الوزراء التركي متأكدا من ميول الجمهور إليه، أما الصحفيون والمعارضون الأتراك فلا يزالون يشكون في هذا الميول. هذه الغرامة يُشم منها رائحة عملية ثأر، كما أنها جاءت في اللحظة المناسبة للحزب الحاكم، حزب العدالة والتنمية، لأن هناك انتخابات محلية ستعقد في تركيا نهاية مارس / آذار الجاري، وحزب « السلطان » رجب طيب أردوغان – كما أطلقت عليه سابقا صحف مجموعة شركات دوغان للاعلام – يتمنى أن يكون هو الفائز، ويرى أيضا أن الصحفيين النقاد بإمكانهم أن يؤثروا سلبيا على نتائج الانتخابات، خاصة وأنهم يعملون لدى مجموعة دوغان ذات أكبر عدد من الصحف المنشورة في البلاد. الغرامة المالية قد تقصم ظهر المجموعة تملك مجموعة دوغان « حرييت » و »ملييت » وخمس جرائد أخرى ما يعادل نسبة 40 في المائة من الجرائد اليومية التركية على وجه التقريب. وفي جرائد هذه المجموعة يستطيع الصحفيون كتابة ما لا يجرؤون عليه في أي مكان آخر، منها على سبيل المثال أن حكومة حزب العدالة والتنمية تهدف إلى أسْلمة المجتمع شيئا فشيئا، وأن أردوغان المسلم المتعصب الذي تحول إلى ديمقراطيا يسير على أجندة غير صريحة. كما أصبحت جريدة « راديكال » التابعة أيضا لمجموعة دوغان من الصحف التي يواظب المثقفون الأتراك على قراءتها. وفيها تكتب صاحبات الأعمدة الدورية، مثل الكاتبة بريهان ماجدن، التي توجه النقد اللاذع إلى الحكومة. وعلى العكس من ذلك فإن أردوغان يرى أن بريهان تخلط بين « تشويه السمعة والشتائم وإشاعة الأكاذيب وبين حرية الرأي ». بهذه الغرامة المالية تريد وزارة المالية معاقبة دوغان رسميا بسبب مخالفة ارتكبها في صفقة بيع أسهم إحدى الشركات إلى الناشر الألماني أكسيل سبرنغ نهاية عام 2006. فبدلا من أن تسجل المجموعة ثمن البيع في حسابات ديسمبر/ كانون الأول سجلته في حسابات يناير/ كانون الثاني، وبهذا شكت هيئة الضرائب في أن المجموعة فعلت ذلك للتهرب من دفع الضرائب. بيد أن قيمة الغرامة تجاوزت الحد المألوف، لدرجة أنها تعني مصادرة المجموعة، بحسب فكرت بيلا، كاتب أحد الأعمدة بجريدة « حرييت ». ويرى الكاتب فكرت أن المجموعة إذا لم يُكتب لها النجاح في الاستئناف على الحكم فسوف يؤدي ذلك إلى قصم ظهرها. العلاقة مع الإعلام ليست جيدة في تقريرها عن تركيا الصادر في نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي أشارت مفوضية الاتحاد الأوروبي إلى أن حرية الصحافة مهددة في تركيا. وفي الواقع فإن سمعة حكومة رجب طيب أردوغان غاية في السوء فيما يخص علاقتها مع الإعلام. ففي السنوات الماضية قامت بتقويض مجموعات إعلامية كثيرة، وتم شراء جرائد وقنوات تلفازية معروفة من قِبل أعضاء في حزب العدالة والتنمية، ومنذ ذلك الوقت أصبحت تغطيتها الإعلامية هادئة جدا. فهكذا صارت قناة التلفاز « صباح » التي تعد ثاني أكبر مجموعة إعلامية في تركيا مملوكة لـ »مجموعة شيليك » الفرعية، الذي يديرها صهر أردوغان. وعلى ما يبدو أن مجموعة دوغان سوف يكون عليها الدور في التقويض، حيث يوجه رئيس الوزراء النقد لجرائدها منذ فترة طويلة. خطبة حادة في البرلمان قبل نصف عام استغل أردوغان خطبة في البرلمان لمدة ثلاثين دقيقة ليوجه السب إلى مجموعة دوغان، التي حاولت جرائدها بدون وجه حق انتقاد رفع حظر الحجاب في الجامعات، حسبما يرى رئيس الوزراء. وكانت أكبر مواجهة آنذاك أن رئيس الوزراء وصف جرائد « نيويورك تايمز » و »لو موند » و »واشنطن بوست » بأنها جرائد غير محترمة في مقال نشر في الصفحة الأولى لجريدة « حرييت » – الصوت الناقد لِـ »أردوغان ». وبلغ الموقف قمة التعقيد عندما عادت جرائد دوغان في خريف 2008 تنشر تحقيقات صحفية عن تورط حزب العدالة والتنمية في قضية « دنيز فينيري »، المؤسسة الخيرية الإسلامية التركية الألمانية. في هذه القضية أثبتت محكمة فرانكفورت أن المؤسسة الخيرية قامت بتسريب تبرعات جُمعت في ألمانيا قيمتها 14,5 مليون يورو في قنوات قريبة من أردوغان. وبعدما قامت جرائد، مثل « حرييت »، بالنشر حول ذلك دعا أردوغان مرارا إلى مقاطعة شركات إعلام دوغان، وقال في إحدى كلماته « لا تعطوا هؤلاء نقودا، ولا تستضيفوهم في بيوتكم ». وطالب مهددا جرائد دوغان بأن يذكروا الأسباب الحقيقية التي دعتهم إلى النشر عن قضية التبرعات وإلا سوف يقوم هو بذلك. عصابة شرسة تضرب الصحفيين بعنف وعندما قام « معهد الصحافة العالمي » بتوجيه اللوم إلى أردوغان منعه رئيس الوزراء من التدخل في الأمر، وقال لا يحق لأحد أن ينتقده في طريقة تعامله مع أكبر مؤسسة إعلامية في البلاد. هذا وليست هذه المؤسسة هي الوحيدة التي تعاني من تصرفات هذا « السلطان » المريب. وقام أردوغان نهاية يناير/ كانون الثاني بسب الصحفيين في محاضرة ألقاها علنا لأن تغطيتهم الإعلامية عن حرب غزة أعطت صورة مشوهة. وفي أثناء هذه المحاضرة انهالت جماعة أردوغان بالضرب على المراسلين والمصورين الحاضرين. وبعد ذلك بأيام قليلة وبينما كان رئيس الوزراء يقوم بافتتاح محطة مترو بمدينة اسطنبول تلقى الصحفيون مرة أخرى ضربا مبرحا من الحضور المملوء غيظا. وفيما قبل قال أردوغان: « إن الصحافة تساند الآخرين أكثر من رئيس وزراء الجمهورية التركية »، وهذا ما لا يستوعبه العقل. كارين كروجر ترجمة: عبد اللطيف شعيب حقوق الطبع: فرانكفورتر ألجماينه/ قنطرة 2009 (المصدر: موقع « قنطرة – حوار مع العالم الإسلامي » بتاريخ 9 مارس 2009)
إيكونوميست: شعبية أردوغان ترتفع والعلمانيون يتقهقرون
يخوض رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان انتخابات المجالس البلدية -التي لم يتبق على انطلاقها سوى ثلاثة أسابيع فقط- وهو مفعم بالثقة في النفس بعد أن أظهرت معظم استطلاعات الرأي أن حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي ينتمي إليه سيلحق بخصومه هزيمة نكراء مرة أخرى. وبدا حزب الشعب الجمهوري العلماني فاقدا الأمل في الفوز حتى إنه لم يعد يتحدث كثيرا عن خطر قوانين الشريعة الإسلامية أو مخاطر انفصال الأكراد عن الدولة التركية، بل إنه لجأ إلى ترشيح نساء محجبات لخوض الانتخابات والمطالبة بالاحتفال بالسنة الكردية الجديدة كعيد وطني. ومن غير المحتمل أن يكون لأي من تلك المواقف الجديدة للحزب العلماني كبير أثر على الناخبين الذين سيظل معظمهم على ولائهم لحزب العدالة والتنمية. كما ليس من المرجح أن يطال تأثيرها سياسات أردوغان. ولم يكف منتقدو أردوغان -منذ إعادة انتخابه بفارق كبير في الأصوات في انتخابات 2007- عن القول إن رئيس الوزراء بات يجنح للاستبداد أكثر فأكثر, مبتعدا بذلك عن البرنامج الإصلاحي الذي جعل حزبه ينفرد بالسلطة للمرة الأولى عام 2002. ومما يزيد الطين بلة -كما يقول المنتقدون- أن الاتحاد الأوروبي لا يزال يراوغ في المحادثات المطولة بشأن طلب تركيا الانضمام إلى عضويته, مما يضعف الحماس للإصلاحات في أنقرة, برأي مجلة ذي إيكونوميست البريطانية. وكدليل آخر على الجنوح نحو الاستبداد, يشير هؤلاء النقاد إلى ما وصفته المجلة بالشجار المستمر لأردوغان مع آيدين دوغان أبرز أقطاب الإعلام في البلاد الذي « أماطت مجموعته اللثام عن فضائح الفساد التي تورط فيها أفراد مقربون من الحكومة ».ويعتقد دوغان أن الكشف عن تلك الفضائح وراء دعوى ضده بالتهرب عن دفع ضرائب بقيمة 500 مليون دولار أميركي, وهو ما ينفيه بانفعال. ومن جانبه يشكو مدير تحرير صحيفة ميليت، سيدات إرغين من أن تركيا أصبحت « جمهورية الخوف ». غير أن أردوغان يظل الزعيم الأكثر شعبية وجاذبية في نظر الأتراك العاديين منذ رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية الأسبق تورغوت أوزال. وتلخص امرأة كردية عجوز هذا المزاج العام بالقول إن أردوغان « واحد منا, فهو يعاملنا جميعا سواسية ». بل إن شعبيته -كما تستطرد المجلة- أرغمت حتى أعداءه, خصوصا الصقور من جنرالات الجيش التركي الذين حاولوا مرارا الإطاحة بحكومته, إلى النكوص على أعقابهم. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 10 مارس 2009 نقلا عن مجلة « إيكونوميست » البريطانية)
ما بعد بوش: هل يتحالف نيتشه مع ميكيافيللي؟
فؤاد مرعي ماذا بعد بوش؟ سؤال تردد على ألسنة الكثيرين في العالم. فما جرى في العراق وفلسطين ولبنان وافغانستان.. في عهد إدارة بوش لم يكن سوى اختبار ميداني لحدود النزعة الامبراطورية لدى مركز الرأسمالية الأول. إلا أن الأبعاد التي أظهرتها أحداث السنوات الماضية تتعدى السياسة لتدخل في صلب النظريات الفلسفية والفكرية التي قامت عليها ثقافة المحافظين الجدد. لذا لا بأس من العودة قليلا إلى الوراء من أجل نبش جذور تلك الثقافة. فابتداء من منتصف القرن التاسع عشر ظهرت تحولات على المشهد العالمي كانت أبرزها ولادة النظرية الماركسية كفلسفة مادية تدعو الى تغيير العالم بدلاً من الاكتفاء بتفسيره. وهو الأمر الذي ميّزها عن سائر النظريات الفلسفية، فضلاً عن تميزها في حقل الاقتصاد عبر مؤلفات كارل ماركس التي اتسمت بالطابع العلمي. بيد ان التاريخ ما كان ليعطي لاكتشافات ماركس تلك الأهمية لو لم تندلع الثورة الاشتراكية عام 1917 في روسيا وتنتصر. تلك الثورة استندت إلى أطروحات ماركس وانغلز الفكرية التي جرى تطويرها وتطعيمها فيما بعد بالآراء اللينينية حول مفاهيم الدولة والثورة وديكتاتورية البروليتاريا. إذن ما كانت النظرية الماركسية لتحظى بهذه المكانة لولا ثورة لينين التي أطاحت بالقيصر. يكمن السبب في أن التاريخ تكتبه دائما السلطات الحاكمة والثورات وليس المحكومون او العبيد. لكن الأمر الذي لم ينل الاهتمام الكافي من قبل المؤرخين والمفكرين هو ان الماركسية ـ اللينينية وثورتها الاشتراكية هما إبنتا عصر التنوير الأوروبي. فبعد أن عبّد فلاسفة الأنوار الطريق أمام الثورة الفرنسية في ظل شعارات «الأخوة والعدالة والمساواة» انتشرت هذه المفاهيم في أوروبا وتخطت حدودها لتغزو العالم بأسره وتفتح حقبة جديدة في مسار الفكر الإنساني والحضارة البشرية. فبين عامي 1789 (الثورة الفرنسية) و1848 (البيان الشيوعي) امتدت فترة زمنية قصيرة في عمر التاريخ. في تلك الأيام كانت أوروبا مسرحاً لحركة فلسفية ناشطة انشغلت ليس فقط في طرح الأسئلة الصعبة عن الإنسان والوجود وإنما أيضاً في إعطاء أجوبة عليها كان لها أعظم الأثر على مجرى التاريخ. لذا تميزت تلك الفترة بصراع الأفكار والنظريات التي سرعان ما تمّ تجاوزها بالمعنى الإيجابي او السلبي للكلمة من قبل مناهج النقد الحديثة، خصوصاً البنيوية والتفكيكية. لكن هذه الحركة الكبرى كانت قد آلت إلى مسارين رئيسيين تم تفعيلهما عبر أحداث عالمية ذات طابع تاريخي. المسار الأول، وهو كما أسلفنا، امتداد طبيعي لعصر الأنوار الأوروبي، تمثل في النظام الاشتراكي الذي حافظ على روح الثورة الفرنسية متجاوزاً إياها في شقها الايديولوجي بعد تجربة كومونة باريس الفاشلة. أما المسار الثاني الذي مهّدت له نظريات بعض الفلاسفة (أبرزهم نيتشه) فقد تمثل بالنظام النازي الذي جاء كرد فعل على هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، وسقوط نظرية «فلسفة القوة» على يد بؤساء ومعذبي روسيا القيصرية. فكان لا بد من إفهام العالم أن الكلمة العليا هي للأقوياء أصحاب الامتيازات في العرق والفكر والبيولوجيا والتكنولوجيا. وهي السمات التي بدت عليها ألمانيا مع صعود هتلر الى السلطة، ما يؤكد أن المسافة الأكثر اتساعاً في القرن العشرين كانت ما بين الفكرين الاشتراكي والنازي وليس بين أي منهما وبين الايديولوجيا الرأسمالية التي أنتجت الاثنين من رحمها: الأول في أقصى اليسار والثاني في أقصى اليمين. إنه الفرق ما بين نظام عنصري ديكتاتوري رأسمالي لم يتسع سوى لعرق واحد ونظام أممي ديكتاتوري معاد للرأسمالية اتسع لكل الأعراق والأجناس والقوميات. في حين أنتجت الرأسمالية ديموقراطيتها البورجوازية كبديل عن الديكتاتوريات اليمينية واليسارية. وقد ظلت المسألة على هذا النحو ولم تزل كما ستبين الأحداث اللاحقة. إن وصول المحافظين الجدد إلى قمة السلطة في أميركا، على الرغم من الويلات التي أنتجتها فترة حكمهم، أدى إلى افتضاح امتدادات الفكر النيوليبرالي المحافظ وانكشاف أسسه الفلسفية المستندة إلى ثالوث أوروبي مؤلف من: نيتشه فرويد داروين. لكن ظاهرة المحافظين الجدد (وهي أشبه بنازية مستترة) لم تكن سوى صفحة مبتذلة في تاريخ النظام الرأسمالي المندفع نحو أطواره العليا المتميزة بالتوحش وانعدام الأخلاق. إن نظرية نيتشه تعتمد على الانسان «السوبرمان» الذي يمثل فلسفة القوة وترجمته في النظام الرأسمالي «البيزنس مان» المتجرد من العواطف ونقاط الضعف الإنسانية. وهي اذ تُسقط عوامل الأخلاق والدين والتسامح من قاموس الحضارة الإنسانية تستبطن القول ان المستقبل هو للأقوياء فقط. وهي تلتقي بذلك مع الداروينية التي فسّرت تطور الحياة على الأرض عبر نظرية «البقاء للأفضل». لكن المذهل في هذا الأمر هو أن الماركسية ـ اللينينية التي تبنّت شعار «الدين أفيون الشعوب»، كانت تخدم بذلك من حيث لا تدري نظريات داروين ونيتشه. علما ان الخط البياني التاريخي يضع ثورات العالم القديم بما فيها الثورات الدينية وعصر الأنوار في أوروبا والثورة الاشتراكية في روسيا على مسار واحد، هو مسار التدخل من أجل «أنسنة» الصراع وحماية الضعفاء. في حين يجمع الخط البياني «الآخر» الذي ينتهي بالنيوليبرالية والمحافظين الجدد الحركات العنصرية والفاشية والنازية والصهيونية المستندة جميعها إلى فلسفة القوة والى انتفاء الحاجة للتدخل من اجل حماية الآخرين «الأقل شأناً» (أحداث غزة مثالاً). هذه النظرة «الاستعلائية» إلى العالم وجدت ترجمتها العملية عبر إصرار عُتاة النظام الرأسمالي على ضرب دولة الرعاية (التي تتدخل لحماية الفقراء)، في الوقت الذي أجاز فيه هؤلاء تدخل الدولة العاجل من أجل حماية الأغنياء وثرواتهم. كما وجدت ترجمتها أيضاً عبر اللامبالاة المرعبة بمصائر ملايين البشر على كوكب الأرض المهدد بممارسات الشركات الاحتكارية وبلفتان «السوق الحرة» التي تعدت على الطبيعة والإنسان. ان الدعوة الى منح الحرية «للذئاب والأغنام» على ملعب واحد تكون فيه الدولة محايدة (وعند الحاجة منحازة للذئاب) هي دعوة وحشية غير أخلاقية. وهي الفارق الحقيقي الذي يفصل بين نظرتين عالميتين لما ينبغي أن تكون عليه الأمور في عالم متحضر. وللإنصاف فإن التاريخ أثبت أن ديكتاتورية الفقراء «الاشتراكية» أعدل وأرقى وأكثر إنسانية من ديكتاتورية أصحاب المليارات «الرأسمالية» التي تختبئ وراء ديموقراطية مزيفة تستبطن فلسفة نيتشوية مدمّرة. إن وضع علم النفس التحليلي الذي أسسه فرويد في خدمة إيديولوجيا رأسمالية تستند إلى نظريات داروين ونيتشه هو أكبر عملية تزوير وتحريف واستغلال للعلم. ولقد أخطأت الاشتراكية السوفياتية حين أنكرت علوم فرويد وتبنّت نظرية داروين (راجع قصة حياة ومؤلفات ويلهلم رايش الذي طُرد من الجمعية السويسرية لعلم النفس ومن الحزب الشيوعي على حد سواء وكان من تلامذة فرويد). ان علم النفس التحليلي بإمكانه أن يخدم البشرية إذا ما أُحسن استغلاله وجرى توجيهه نحو تهذيب النفس الإنسانية ورفع مستواها الروحي والمعنوي. في حين لا تفعل نظرية داروين سوى تقديم الذرائع والأسلحة الفتاكة لمن يريد السيطرة على العالم باسم «قانون الاصطفاء الطبيعي». إن الأفكار الكبرى التي جرى ترسيخها في عقول الناس عبر الميديا (بعد هزيمة النظام الاشتراكي) تركز على أن العالم محكوم باللامساواة واللاعدالة وهو قدر الإنسانية المحتوم. وإن التطور لا يتحقق إلا على أيدي الرأسماليين القساة المتربعين على صناديق مالية مصنوعة من عرق العمال وجماجم القتلى. وإن تحقيق العدالة هو مجرد أوهام وأفكار لن تؤدي إلا إلى الفشل الذريع لأصحابها.. إلخ. انها ايديولوجيا متكاملة تتبناها شرائح اجتماعية عُليا تشعر بالقوة الزائدة والذكاء الفطري الذي يعطيها الحق باستغلال واستعباد الآخرين ثم مطالبتهم ـ بكل وقاحة ـ بالاعتراف بجميلها عليهم (بعد ان كانوا يناضلون ضد الاستغلال فأصبحوا يتوسلوننا من أجل منحهم فرص عمل، أي من اجل استغلالهم ـ راجع كتاب «فخ العولمة»). هذه الشرائح تعلم جيداً أن سيطرتها لا يمكن أن تستمر إلا عبر تحطيم معنويات الخصم وتزييف وعيه. وهو ما يحدث اليوم على نطاق واسع بحيث تداعت الطُغم الأوليغارشية الحاكمة في الدول الرأسمالية الكبرى للتعاون والتآزر من أجل وضع خطة انقاذية لقيادة العالم «بقدر أقل من الفوضى واستخدام العنف» «وبقدر أكبر من الدهاء والميكيافيللية». أي المضي قُدماً بتحقيق فلسفة نيتشه بوسائل ميكيافيللي. إن بوصلة الصراع القادم تشير إلى انقسام عالمي يعيد الاعتبار لخط الثورات التاريخي الذي جرى حرفه باتجاه صراع الحضارات والثقافات. لكن المعرفة القائمة على التجربة تفيد بأن الرأسماليين الجدّد لن يتخلوا بسهولة عن نظامهم وامتيازاتهم. وإن بحراً من الدماء والدموع ما زال يفصل بين الشعوب المغلوبة على أمرها وحقوقها المهدورة في مصانع الاستغلال والعبودية. فالرأسمالية إذ تجدّد نفسها وتغير جلدها باستمرار تمنع اعداءها من إعادة تنظيم صفوفهم عبر الإمعان في تزوير الديموقراطية التي كانت تتغنى بها إبان الحرب الباردة. وهي تستخدم «الإرهاب» على نطاق واسع كذريعة لخرق القوانين التي كانت قد قبلت بها في حقبة سابقة. انها حرب طبقية تحاول أن تتلطى خلف شعارات ثقافية ودينية هدفها ترسيخ دعائم الاستغلال الاقتصادي لموارد الأرض (البشرية والطبيعية)، دون حسيب أو رقيب. إن كشف الحقائق أمام الرأي العام هي المقدمة الأولى لربح المعركة وإجبار عتاة النظام الرأسمالي على الاعتراف بحقوق الشعوب والأفراد في ظل نظام دولي يتدخل من أجل حماية الضعفاء لا من أجل تغطية جرائم الأقوياء. إن النيوليبرالية لم تسقط تماماً بعد إخفاقات المحافظين الجدد وانتصار الحزب الديموقراطي في أميركا وظهور الأزمة المالية العالمية. إنها على الأرجح تعيد تنظيم صفوفها من أجل مواصلة نهجها السابق بدراية أكبر. إن روح المحافظين الجدد ما زالت تختلج في جسد النظام العالمي الذي عقد بالأمس القريب اجتماعه الدوري في دافوس بمشاركة ممثلين عن مؤسسات دولية من بينها الجامعة العربية. ولعل أبرز الاستنتاجات التي يمكن للعرب استخلاصها من الحقبة البوشية المنصرمة هو ان النظام السياسي العربي هو أسوأ نظام على وجه الأرض. وان الخلاص منه هو بمثابة خدمة جليلة ليس فقط للشعوب العربية وإنما أيضاً لكل شعوب الأرض المكتوية بنار الرأسمالية التي أمدّها النظام العربي البغيض بكل أسباب الدعم والبقاء من نفط ومال وخدمات أمنية يخجل من القيام بها أقل الموظفين رتبة في أكثر الدول تخلفاً. (المصدر: جريدة السفير (يومية – لبنان) بتاريخ 10 مارس 2009)
حذاري التلاعب بالثوابت…. ثوابت شعبنا طبعا
بقلم: محمد موسى مناصرة اكتسبت دعوة مصر الأخيرة الفلسطينيين لجولة جديدة من الحوار الوطني فيما بينهم اهمية كبيرة في الظروف الراهنة، خاصة بعد الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة. واذا كان دافع الداعين والمدعويين هو معالجة الاوضاع الفلسطينية وفي مقدمتها الانقسام الداخلي أو ما نجم عن الحرب ، فالدعوة بالتأكيد ليست من اجل تكرار صيغة اتفاق مكة ولا من اقتسام الحصص في مواقع صنع القرار، وليس لتحسين موقع فتح أو حماس في من يكون النير « الشرعي » على رقاب الشعب الفلسطيني. فعلى اهميتها اللجان التي استحدثت في القاهرة بين فتح وحماس وانضمت اليها الاحزاب والمنظمات الاخرى لاستكمال جمالية المشهد العاطفية للفلسطينيين، لجنة المنظمة، الحكومة، الاجهزة الامنية، المصالحة ولجنة الانتخابات، فاللجان التي تم الاتفاق على تشكيلها فضحت المقترحات اثناء الحوار اهدافها وجوهرها ليتكشف الاصرار على نهج اقتسام الحصص بين الطرفين فيما المطلوب ليس الاتفاق على اقتسام الحصص في منظمة التحرير ولا اقتسام المقاعد في اية حكومة قادمة ولا اقتسام المناصب في الاجهزة الامنية. المطلوب والاهم في ضوء ما جرى من احداث منذ انقلاب الرابع عشر من حزيران 2007 وما تبع ذلك من ضعف وهوان في الموقف الفلسطيني على الساحات الاقليمية والدولية هو تأليف لجنة تعنى بصياغة برنامج سياسي يعالج استحقاقات الصراع مع العدو الاسرائيلي لاستكمال مهام التحرر الوطني بالحرية وحق تقرير المصير. المطلوب هو لجنة تتفق على برنامج يعالج استحقاقات اوضاعنا الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحة والاستثمار او حاجاتنا لمتطلبات التاسيس لنظام سياسي ديمقراطي يقدم قوة المثل في المنطقة كبديل عن الاحتلال واخلاقه وبديل عن انظمة القهر والاستبداد في المنطقة. المطلوب ويتهرب منه قادة فتح وحماس في القاهرة وبصمت قوى اليسار هو كسب الفرصة لإعداد برنامج سياسي، بمقتضاه واستنادا لاستحقاقات تنفيذه ستعالج جميع المسائل الخلافية بشأن منظمة التحرير او الحكومة او الأجهزة الأمنية وغيرها، فقد جربتم مسبقا في اتفاق مكة كيف عجزتم بأسلوب تقسيم الحصص في مواقع صنع القرار عن العمل موحدين تجاه ابسط المسائل. إن على المتحاورين تذكر ان جماهير شعبنا وهي تترقب اتفاقهم على آلية بشأن المساعدات المالية الدولية، فان الشيكات المالية التي سيدفعها هذا الطرف الاقليمي او ذاك لئن كانت مهمة بالنسبة له ولكنها ليست البديل عن حاجته لمعالجة الانقسام والعودة للوحدة حول برنامج سياسي يعيد فتح الآفاق نحو التحرر من الاحتلال ونحو حق تقرير المصير ، ويفتح الآفاق امامه كي يستعيد مكانتنه بين الامم. ان القوى البيروقراطية والطفيلية المتنفذة في حركة فتح وهي تبدي الاستعداد في التنازل عن وثيقة اعلان الاستقلال وبشكل خاص عن الفقرة الثانية عشرة من الوثيقة لحركة حماس في حوار القاهرة مقابل حصولها على حصصها في مواقع صنع القرار في المنظمة او الحكومة او الاجهزة هو تنازل فاضح عن حقنا ، انه تنازل عن حق الشعب في نظام سياسي نتمتع فيه بالمساواة الكاملة في الحقوق، وتصان فيه معتقداتنا الدينية والسياسية وكرامتنا الإنسانية التي يصادرها برنامج حماس الاجتماعي. ان على جماهير حركة فتح ان تعلم بان ما يبديه مندوبوها من تنازلات تتعلق بوثيقة اعلان الاستقلال انما هو تنازل عن حقنا واياهم كشعب، عن حقنا جميعا في نظام ديمقراطي برلماني يقوم على أساس حرية الرأي وحرية تكوين الأحزاب وعلى العدل الاجتماعي والمساواة وعدم التمييز في الحقوق العامة على أساس العرق أو الدين أو اللون أو بين المرأة والرجل، انه تنازل عن حقنا كشعب في نظام سياسي يؤمن سيادة القانون وقضاء مستقل ويحافظ على ما هو فينا من تسامح بين الأديان فيما المتوقع من مندوبين فتح هو اجتذاب حماس لاقناعها باهمية قبولها للآخر واجتذابها لتفهم اننا شعب لن يقبل بغير التعددية ولن نتقدم قيد انملة نحو حريتنا من الاحتلال دون تقديم بديل حضاري عن الاحتلال واخلاقه وثقافته وسلوكه المشين. ان على مندوبي حركة فتح في القاهرة توخي الحذر مما هم مقدمين عليه ، فصناديق الاقتراع بانتظارنا، وبمقدورهم التنازل عن ملابسهم لحركة حماس مقابل الحصص التي يريدونها في المنظمة او الحكومة او الاجهزة الامنية فهذا شأنهم ، لكنا نحذرهم من التنازل عما يخصنا، نحذرهم من التنازل عما استشهد ياسر عرفات من اجله ودفعنا الدمع والدم كي نبلغه لصالح البرنامج الوطني باقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات نظام سياسي ديمقراطي برلماني والذي اقر في الخامس عشر من تشرين الثاني عام 1988 في الجزائر، او اجتماعيا ما حققناه لصالح المرأة الفلسطينية التي تريد حماس النكوص عنه وطيه لصالح مستقبل ظلامي معاد للمراة ومعاد للحرية والديمقراطية…. معاد للانسان. اوليس غريبا أن لا تصبح وقائع المذبحة الاخيرة في قطاع غزة اختبارا لكل افعالنا خلال الفترة الماضية… فلا نعود إلى ما نفذ من برامج أو ما رفع من شعارات حتى لحظة انتهاء المساء الأخير للمذبحة ولو من باب تشخيص ما جرى؟ mnasra99@yahoo.com
ليلى خالد والبهتان سؤال مشروع إليها والى أمثالها : هل هنالك اِحتلال حلال واِحتلال حرام ؟
المعروف لكل متابع للقضية الفلسطينية في مشروعها التصادمي ضد الكيان الإغتصاب الصهيوني قد أفرزت العديد من الأسماء والمسمّيات كزعامة فارغة في الميدان وبعد أن ركبت ليلى (ظهر) الثورة وبنت سمعتها على أرضية الموقف الوطني والقومي الصلب،رغم تنكرها للقائد الثوري الكبير الذي لمّع صورتها وأبرز اسمها،نعني القائد الشهيد الخالد وديع حدّاد:(أبو هاني) الذي كلفها بتنفيذ العديد من العمليات الوطنية ضد العدو الصهيوني،وعلى وجه التحديد في إطار العمليات الخارجية التي اِستهدفت طيران العدو والناقلات البحرية المتوجهة للكيان الصهيوني ،ناهيك عن تصفية بعض الرموز الصهيونية،وذلك على ضوء استراتيجية (وراء العدو في كل مكان). ليلى خالد هذه أبدت مواقف متناقضة مع ماضيها الذي لوّنه الشهيد الكبير وديع حدّاد بدماء المكافحين وعرقهم وجهودهم،ولكن ليلى خالد استبدلت هذا الماضي باللجوء الى من وصف الشهيد حداد بـ(الرمز اليميني والمتطاول على الثروات) وغيرها من ألفاظ الإفك التعيسة في رحلة البعض (اليسار الصبياني) المساوم على القضية. اليوم تنقل شالها الفلسطيني من اليسار الماركسي اللينيني ـ الذي جعلته وسيلة للإرتزاق والإنبطاح والمساومة الرخيصة ـ الى الآيدلوجية الفارسية الصفوية دون أن يرف لها جفن على الممارسات الايرانية الإحتلالية ضد العرب في الأحواز،فهل هناك أحتلال رحيم وإحتلال آخر رجيم ؟ مثلما تفوه المدعو زيدان خوليف عندما تقيأ بلفظ (الإحتلال والكرامة) وعبأها في ميزان واحد؟ على ما بينهما من تناقض صارخ في المعنى والمبنى . والدور الإحتلالي التوسعي الفارسي العنصري في العراق وفي اليمن والخليج العربي،بل ضد فلسطينيي العراق التي لم تردع ايران عملاءها،من فيلق بدر(غدر) والميليشيات الطائفية التي يقودها المجرم المدعو الحكيم ومقتدى الصدر وغيرهم من عملاء الرؤية الفارسية الصفوية،بارتكابهم الجرائم البشعة بحق الفلسطينيين المقيمين في العراق وتهجيرهم الى الحدود السورية ـ العراقية بعد قتل آباءهم وأخوانهم بذرائع متعددة . إن محتويات كلامها التلفزيوني المبثوث من على قناة الجزيرة ليوم السبت الماضي الموافق 7/3/2009 من العاصمة الايرانية طهران وفي برنامج يعده غسان بن جدو يعد كلاما ساذجا ومذموماً اثناء أشارتها عن أن هناك عملا حثيثاُ للتنسيق بين بعض الأطراف في امتنا ومع التوجه الغربي والامريكي ضد ايران الثورة [؟]،في الوقت الذي تعرف هي جيداً أن خلط الأوراق هو في مصلحة الرؤية الفارسية الصفوية . إن توكؤ ليلى على عدم وجود مشروع عربي طموح من أجل تبرير الجرائم الايرانية لهو ينزع صفة المبدئية عن التقويم السياسي لأية قضية،عربية كانت أو غير عربية، وموقف بعض الأنظمة من القضية الفلسطينية التي طابعها التفريط ونسقها التصفية لا يبرر اطلاقا تجاوز عدالة القضية الفلسطينية ومبدئية روحيتها،وفي هذا السياق ايضا فإن رأي ليلى خالد بالدور الايراني (الثوري) لهو اسفافٌ يفضح معدنها،ولعابها السائل على بطاقات السفر التي توصلها الى طهران، ومتاجرتها بدماء غزة طريقا لتناسي كل الدماء العربية التي سالت من أجل فلسطين وهو برهان على اِرتزاق هذه (المناضلة) ولمن تمثل . إن حديثها عن تبديل مواقع البعض لأهدافهم والعمل الذي (يجاهدون من أجله) ينبغي توجيهه لليلى،فمن هو المدافع عن غزة غير أبنائها؟ ومن هم المتضامنون قولا وعملا غير العرب من الذين انخرطوا في منظمات الكفاح الفلسطينية ؟ من الأردن وسوريا ولبنان والعراق و حتى الأحواز ومن الخليج العربي وليبيا وتونس والمغرب ومصر وموريتانيا،بينما لم نجد عنصرا فارسيا ملاليا واحدا في الكفاح الوطني الفلسطيني، فلتعطنا ليلى خالد اسما فارسيا استشهد من أجل القضية الوطنية الفلسطينية ؟ وهي تعرف هذه الحقائق جيدا،ولكن تفكيرها قاصر ويبحث عن التومانات الايرانية المعطاة بالعملات الصعبة والتي هي منهوبة أصلا من نفط القطر الأحوازي المحتل ومن أموال العراق المحتل أمريكيا،والذي سبق له أن أعطى الجبهة الشعبية تنظيم (ليلى) عشرات الملايين من الدولارات !! . ونختم حديثنا هذا بالحديث الذي أجمعت عليه جميع مدارس الشريعة الإسلامية،على اختلاف توجهاتها المذهبية،بأن المال المغتصب،سواء أكان سائلا أو ثابتا حرام إستخدامه والانتفاع منه وأداء الشعائر الدينية فيه،كما يفعل اليوم ملالي ايران .. اليس كذلك يا ليلى خالد ؟ احمد الصابر الأحوازي *كاتب من الأحواز المحتلة 10/3/2009
استطلاع: تزايد شعبية حماس عقب الحرب على غزة
أظهر استطلاع للرأي أن شعبية حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الشارع الفلسطيني تزايدت بصورة كبيرة منذ عدوان إسرائيل على قطاع غزة في 27 ديسمبر/كانون الأول 2008 الذي استمر 22 يوما. وأفادت نتائج الاستطلاع الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية بأنه إذا أجريت انتخابات اليوم فإن رئيس وزراء الحكومة المقالة والقيادي في حماس إسماعيل هنية سيفوز على الرئيس الفلسطيني محمود عباس زعيم حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح). وجرى هذا الاستطلاع في الفترة من الخامس إلى السابع من مارس/آذار الجاري وشمل 1270 شخصا بالضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، في الوقت الذي تحاول فيه حركتا حماس وفتح بوساطة مصرية التوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل حكومة توافق وطني. وأظهرت نتائج الاستطلاع أنه على الرغم من الزيادة الملحوظة في شعبية حماس وهنية فإن أغلبية كبيرة نسبتها 71% ممن استطلعت آراؤهم يرون أن أحوال الفلسطينيين قد ساءت كثيرا عما كانت عليه قبل الهجوم. وفي مقدمة أولويات الفلسطينيين اليوم في رأي 46% من العينة التي شملها الاستطلاع توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة. كما رأى نحو الثلثين أن فوز حماس في الانتخابات الرئاسية والتشريعية سيؤدي إلى تشديد الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، فيما تعتقد نحو نفس النسبة أن فوز فتح سيفضي إلى إنهاء الحصار. ورأى من استطلعت آراؤهم في غزة على وجه الخصوص أن فوز حماس سينهي الحصار وسيؤدي إلى رأب الصدع بين الفلسطينيين. وقالت النتائج إنه إذا أجريت انتخابات رئاسية اليوم فإن هنية سيحصل على نسبة 47% من أصوات جمهور الناخبين مقابل 45% لعباس. وفي استطلاع مماثل أجري قبل ثلاثة أشهر كان عباس قد حصل على 48% مقابل نسبة 38 لهنية. إلا أن الاستطلاع قال إنه إذا جرت المنافسة بين هنية ومروان البرغوثي القيادي الفلسطيني المسجون الذي يحظى بشعبية فسيفوز البرغوثي بنسبة 61% مقابل 34 لهنية. إلا أن النتائج أوضحت أن فتح لا تزال الفصيل الذي يتمتع بأكبر قدر من الشعبية بين الفصائل الفلسطينية بشكل عام بواقع 40% مقابل 42% للحركة ذاتها في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وزادت شعبية حماس في الفترة ذاتها من 28% إلى 33% في أحدث استطلاع. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 10 مارس 2009)
«شريان الحياة» تصل غزة أخيرا جالاوي : هنية رئيسنا جميعاً.. وبلير لا يمثل البريطانيين
غزة – رفح – ضياء الكحلوت/ شادي محمد
قال النائب البريطاني جورج جالاوي أمس إن إسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة التي تديرها حركة حماس في قطاع غزة هو «ليس رئيس وزراء للشعب الفلسطيني وإنما رئيس وزرائنا جميعا». وقال جالاوي في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير العمل والشؤون الاجتماعية في الحكومة المقالة أحمد الكرد فور وصوله إلى رفح الفلسطينية إن «هنية ليس رئيس وزراء للشعب الفلسطيني فقط وإنما رئيس وزرائنا جميعا بآلافنا وبملايننا ونحن جميعا فلسطينيين». وشدد جالاوي على شرعية الحكومة الفلسطينية برئاسة هنية ودعا إلى دعمها. وقال: «لقد جلبنا معنا الأدوية والمعدات والكثير من المساعدات والتي سنقدمها شخصيا إلى إسماعيل هنية رئيس الوزراء المنتخب من قبل الشعب الفلسطيني». وأضاف: «قد لا تؤيد أمريكا ولا إسرائيل ولا بريطانيا ولا تعترف بهنية كرئيس للوزراء ولكننا نقول لهم إنه تم انتخابه من الشعب الفلسطيني وهو القائد الذي انتخب». وأوضح: «أن البريطانيين ليسوا أعداء للأمة الإسلامية وأن ممثل اللجنة الرباعية الدولية في الشرق الأوسط توني بلير (رئيس الوزراء البريطاني السابق) لا يمثل الشعب البريطاني وإنما نحن من يمثله». وأكد جالاوي أن «أحد أهداف حملته هو إيصال رسالة إلى العالم عن المأساة التي يعانيها الشعب الفلسطيني والتي يجب أن لا يعانونها بعد الآن, و أضاف «لقد راقبنا على مدى 22 يوما من الحرب الإسرائيلية على غزة دموع الأمهات ودماء الأطفال ومعاناة الناس في غزة, وتظاهرنا في لندن وكافة المدن وتصادمنا مع الشرطة البريطانية ليليا أمام السفارة الإسرائيلية في لندن ولكننا قررنا أن هذا ليس كافيا, لأن قلبنا انفطر من أجلكم, وواجب علينا أن نبذل الجهد لكي نصل إليكم ونتضامن معكم لأنه حينما يسألنا أحفادنا مستقبلا ماذا فعلتم للرد على الجريمة في الأراضي الفلسطينية سنخبرهم أننا قدمنا كل ما نستطيع للتضامن معهم وتعزيز صمودهم». وكانت فرق الكشافة وعشرات الفلسطينيين قد استقبلت أمس في قطاع غزة قافلة شريان الحياة البريطانية التي وصلت غزة بعد إعاقتها ليومين من قبل قوى الأمن المصرية. وسمحت سلطات الأمن المصرية للقافلة التي اجتازت آلاف الأميال والمحملة بالمساعدات بالدخول إلى القطاع عبر معبر رفح البري، بعد احتجاز دام يومين في الجانب المصري، بسبب خلافات حول دخول مواد غذائية عبر معبر رفح. واتفق على دخول القافلة عبر معبر رفح وإدخال المعدات الثقيلة كسيارات الإطفاء والمولدات الكهربائية عبر معبر العوجا في الجانب الإسرائيلي. وقال رئيس القافلة النائب البريطاني جورج جالاوي للصحافيين فور وصوله الجانب الفلسطيني من معبر رفح «نحن نصل فلسطين في ذكرى المولد النبوي ولقد عبرنا آلاف الأميال وخسرنا بعض الناس وبعض السيارات، ولكننا وصلنا للأرض المقدسة». وأضاف جالاوي «لقد دخلت فلسطين مرات عديدة ولكن هذه المرة الأكثر أهمية أن ندخلها بعد هذه المجازر ونكون مع الشعب الفلسطيني، كما أن للتوقيت رمزية ودلالة هامة أن ندخل فلسطين في ذكرى المولد النبوي». وأكد جالاوي أن كل أعضاء القافلة سيدخلون عبر معبر رفح البري وأن المعدات الثقيلة فقط ستمر عبر المعابر الإسرائيلية، مثل سيارات الإطفاء والإسعاف وغيرها. (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 10 مارس 2009)
دراسة جديدة للقرضاوي تبحث موجبات تغيّر الفتوى في العصر الراهن
القاهرة – خدمة قدس برس أصدر الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، دراسة جديدة بعنوان « موجبات تغيّر الفتوى في عصرنا »، للعلامة الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد. وتقع الدراسة في أكثر من مائة صفحة، وهي الأولى من سلسلة « قضايا الأمة » التي يصدرها اتحاد العلماء. وعن مبرِّرات تخصيص هذا الإصدار لقضية الفتوى، أوضحت لجنة التأليف والترجمة بالاتحاد العالمي للعلماء المسلمين أنّ هذه المسألة هي « من قضايا المسلمين التي يقع فيها قدر من الارتباك اليوم، وتتسبب في إشكالات عملية كثيرة، وربما تسببت في أزمات طالت مفاسدها المسلمين كافّة ». وتضيف لجنة التأليف والترجمة أنّ « الفتوى تصدّى لها من هو من أهلها، كما تصدى لها من هو من غير أهلها، فغابت عن هؤلاء كثير من مقتضياتها الفقهية، ومن ضوابطها العلمية، وكان ذلك سبباً في بعض الفوضى في الإفتاء، واستفحل الأمر حينما كانت بعض الفتاوى تتعلق بقضايا كبرى من قضايا المسلمين، إذ اتسع بذلك نطاق الفوضى، وزاده استفحالاً سرعة الانتشار بوفرة الوسائل العصرية في الاتصال ». وأضافت اللجنة أنّ « ذلك كله يدعو إلى أن يقوم العلماء بترشيد هذا المسلك من مسالك التدين، ليمضي المسلمون فيه على صراط مستقيم، ويأمنوا ما يصيبهم فيه من عثار ». (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 10 مارس 2009)