TUNISNEWS
7 ème année, N° 2205 du 05.06.2006
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بــــــيان الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع القيروان: بــــــيان الرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان فرع توزر ـ نفطة: بــيــان جمعية أنصار الحرية: النظام التونسي حامي حمى الدين تحرك عاجل من أجل اطلاق سراح العجمي الوريمي بيان صادر عن التحالف الشعبي العربي المقاوم : حول قمع القضاة والمتضامنين معهم في مصر والاعتقالات في سورية والقمع في تونس أخبار تونس: الرئيس زين العابدين بن علي يُـعـيّـن مديرا عاما جديدا للأمن الوطني ومديرا عاما جديدا آمر الحرس الوطني بي بي سي : قضية تعذيب سُجناء تونسيين وتدنيس المُصحف تتفاعـل قناة « المستقلة » تبث برنامجا رياضيا يوميا مفتوحا للجمهور للتعليق على مباريات كأس العالم عبد الوهاب عمري: إلى أي مدى ستصل الاستهانة بأرواح المواطنين في هذا البلد ؟ عصام زيدان: تونس.. أيّ حـرب تـخُـوضـــها!! عبدالباقي خليفة: غوانتنامو المغرب العربي وأبو غريب شمال افريقيا .. ماذا بعد الاعتداء على حرمة المصحف ومحنة الحجاب وليد البناني: من وحي ذكرى التأسيس علي شرطاني: معاناة واقعية بدل مخاوف مفتعلة وفي غير محلها محمد العماري: لفت انتباه د. عبد السلام الأسود: متى يسقط الصنم خميس قشة – محرز الكريمي: طال عليهم الأمد فهرولوا رياض الحجلاوي: الأخوة المساجين يترقبون منكم العون والإسناد أ.فتحي نصري: رسالة من أمير المؤمنين الى والي تونس ابراهيم عبد الصمد: في ازمة الرابطة ومخارجها مواطــن: حجـــاب الصباح الأسبوعي: مئات المواليد خارج إطار الزواج.. يرفضون أن يكونوا مجرد أرقام على أسـرّة القدس العربي : الرئيس الموريتاني يرفض التحزب الإسلامي ويؤكد خلو بلاده من الرق الحياة : الجزائر: وفاة لكحل عياط المسؤول السابق عن الاستخبارات العربية.نت : المغنية الاماراتية رنا فاروق تعتزل وتطلب منع كليباتها من الفضائيات مولود حمروش: ثمن فشل الحلم المغاربي أو النمر الشمال إفريقي: حققنا الاستقلال لكننا لم نحقق الحرية سعد محيو: هل انتكست براعم « الديمقراطية العربية »؟
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
علما بأن السيد علي بن سالم كان طريح الفراش و ما زال في طور النقاهة إثر عملية جراحية على القلب أجريت عليه بالمستشفى العسكري بتونس. و قد أتضح فيما بعد أن الإيقاف كان بمقتضى إنابة صادرة عن قلم التحقيق بالمحكمة الابتدائية ببنزرت حول موضوع نشر أخبار زائفة من شأنها تعكير صفو النظام العام في تتبع السيد علي بن سالم مع من سيكشف عنه البحث و قد أرجىء التحقيق معه إلى موعد سيقع تعيينه فيما بعد .
كما وقع جلب السيد لطفي الحجي إلى مركز الأمن ببنزرت بعدما وقع اختطافه من ساحة برشلونة بتونس حوالي الساعة الثانية عشر و النصف من ظهر هذا اليوم. و في نفس الإطار تم إيقاف السيدين حمدة مزغيش ومحمد الهادي بن سعيد و كلهم أعضاء في فرع بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: – تدين اعتقال النشطاء الحقوقيين و الاعتداءات التي رافقت عملية إيقافهم . – تطالب بكشف الحقيقة حول تدنيس المصحف الشريف و محاسبة من تثبت إدانته بارتكابه. – تلفت نظر الرأي العام إلى أنه سبق و أن نبهت إلى التجاوزات الخطيرة التي تحدث في السجون التونسية و إهانة السجناء الإسلاميين و استفزازهم بشتى الوسائل و طالبت بالتحقيق في تلك التجاوزات .
رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري
–
علي بن سالم،
رئيس فرع الرابطة التونسية ببنزرت والعضو المؤسس للمجلس الوطني للحريات . – لطفي الحجي ، عضو فرع بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ورئيس نقابة الصحافيين. – السيد حمدة مزغيش عضو هيئة فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ببنزرت وذلك اثر نشر بيان من الفرع يدين ممارسة التعذيب والاعتداء على مساجين سياسيين من قبل أعوان سجن برج الرومي.
كما يأتي هذا الإيقاف بعد أسبوع من منع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من عقد مؤتمرها السادس والاعتداء بالعنف المادي واللفظي على أعضاء هيئتها المديرة ومحاصرة منازل العديد من أعضاء فروعها ومنعهم من الحق في التنقل طيلة أيام المؤتمر وإرغام العديد من اللذين اخترقوا الحواجز الأمنية ووصلوا إلى العاصمة على الرجوع من حيث جاؤوا بالقوة .
لهذا يؤكد فرعنا على :
– اعتبار هذا الإيقاف حلقة من حلقات التصعيد الأمني الخطير الذي اختارته السلطة أسلوبا للتعامل مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومع كل مكونات المجتمع المدني – محامين، قضاة، صحافيين، أحزابا سياسية… – تضامننا الكامل مع السيد علي بن سالم الذي يعاني من إمراض عديدة ، منها ما هو ناتج عما تعرض له من تعذيب في إيقافات سابقة بسبب أرائه ومواقفه ، كما نعبر عن تضامننا مع السيدين لطفي الحجي وحمدة مزغيش ونعتبر ان ما قاموا به من إعلام يندرج ضمن مشمولات هياكل الرابطة التي تلفت انتباه السلطة والرأي العام لكل التجاوزات لتي تمس من حقوق الإنسان. – تأكيدنا على انه كان حري بالسلطات التونسية فتح تحقيق بشأن التجاوزات الخطيرة داخل سجن برج الرومي و متابعة قضايا ممارسات التعذيب و الانتهاكات المادية والمعنوية ومعاقبة كل من اعتدى على المساجين وذلك تماشيا مع دستور البلاد والمواثيق الدولية التي تجرم الاعتداء على السجناء وتدعو إلى احترام حرمتهم الجسدية ومعتقداتهم.
عن هيئة الفرع مسعود الرمضاني
الرئيس: شكري الذويبي
النظام التونسي: حامي حمى الدين
المدعو عماد العجمي
مدير السجن المذكور بالاعتداء على قدسية القرآن الكريم إذ ضرب السجين السياسي أيمن الدريدي بالمصحف الشريف على رأسه ثمّ داس كتاب الله بحذائه بعد أن رماه أرضا إمعانا في التعدي على مقدسات الأمّة وتنكيلا بالسجين. وإذ نذكر الرأي العام بالإنتهاكات المبرمجة والمتكررة يوميا للحرمة الجسدية والنفسية للمئات من المساجين السياسيين فإننا نؤكد أنه ما كان لهذا السفيه وأمثاله أن يتطاولوا على مقدسات الأمة ودينها الحنيف لولا الحصانة التامة لهم من طرف السلطة وعدم تعرضهم لأية مسائلة بل وتشجيعهم على هذه الأعمال المشينة وهناك شهادات موثقة تروي تكرار هذه الإنتهاكات وتجاهل السلطة لها على مر الأيام. ويأتي هذا الحادث الشنيع ليعيد إلى السطح حالة التدهور الفظيع لوضعية السجون التونسية وما يتعرض له سجناء الرأي من قتل بطيء ومبرمج ، وفي نفس الوقت يتكرر مشهد اضطهاد المرأة المتحجبة في هذا الوقت من كل عام ، إذ يعمد النظام الحاكم أيام الإمتحانات إلى ابتزاز المرأة المسلمة في دينها فإما نزع الحجاب وإلا عدم حضور الإمتحان هذا الذي ظلت طيلة سنة كاملة ـ إن لم يكن سنوات ـ تكابد المشاق وتقدم التضحيات من أجل النجاح فيه . وقد وصل الأمر في إحدى الكليات إلى استدراج بعض الأخوات إلى مكتب أحد المسؤولين حيث احتجزهن هذا الأخير وأغلق عليهن الباب بالمفتاح مع ما صاحب ذلك من تحرش وإهانة . وإننا تبعا لذلك:
ـ نعبّر عن استنكارنا وغضبنا من الاعتداء على المصحف الشريف وعلى تواطئ السّلطة بصمتها وعدم محاسبتها لمدير السجن المذكور. ـ نطالب بمتابعةالمدعو عماد العجمي
ومن يشاركه في هذا الاعتداء ومحاكمتهم. ـ ندين السلوك المعتدي والمتكرر للسلطة بمنع الفتيات المحجّبات من إجراء امتحاناتهنّ، وتحطيم معنوياتهن وإرباكهن نفسيا في وقت هن في أشد الحاجة للتركيز وصفاء الذهن. ـ ندعو شعبنا وقواه الحيّة إلى التّحرك للتعبير عن غضبه لانتهاك مقدّساته الإسلامية. ـ نطالب الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية إدانة هذه الجرائم والتصدي لها. ـ ننوه بمواقف كل الأحرار الذين استنكروا ـ وما زالوا يستنكرون ـ هذه الجرائم من داخل تونس وخارجها .
ستوكهولم، في 5 جوان 2006 جمعية أنصار الحرية ـ السويد
تحرك عاجل من أجل اطلاق سراح العجمي الوريمي
محرر صفحة 18 أكتوبر
يقضي الزعيم الطلابي العجمي الوريمي عقوبة بالسجن منذ 15 سنة في عزلة مضيقة. و تؤكد عائلته أن حالته الصحية بعد قضاء كلّ هذه المدّة أصبحت حرجة.
ولد « هيثم » كما كان يسمّيه أصدقاءه سنة 1961 بشط مريم بسوسة والتحق بالجامعة شعبة الفلسفة سنة 1981 حيث درس بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بالعاصمة. عرف بنباهته و تفوّقه في الدراسة كما كان محبوبا من كلّ التيّارات السياسية التي كانت تنشط يومها بالجامعة. كان له دور بارز في تأسيس الإتحاد العام التونسي للطلبة سنة 1984 وهو ما تسبب في طرده من الجامعة فالتحق سنة 1985 بكلية الآداب بالرباط حيث واصل دراسته حتى حصوله على الإجازة في الفلسفة بتقدير جيد جدّا.
عاد سنة 1988 ليستأنف نشاطه القيادي في الجامعة كما كان مسؤولا عن الجريدة الأسبوعية الطلابية « الحدث الطّلآبي » و عضوا في المكتب السياسي لحركة النهضة. و عند صدور جريدة « الفجر » التحق بهيئة تحريرها مسؤولا عن القسم الجامعي الشبابي و الشؤون الدولية.
اعتقل في مارس 1991 و مورس عليه تعذيب شديد حتى فقد الوعي و الذّاكرة و ظلّ على تلك الحال عدّة أشهر. حوكم في جويلية أمام القضاء العسكري و صدر ضدّه حكم بالسجن مدى الحياة.
و منذ ذلك التّاريخ و عائلته تنتقل من سجن إلى آخر لرؤيته… من وراء القضبان
ونحن في موقع 18 أكتوبربتونس بعد اطلاعنا على الوضعية الصحية للسيد العجمي الوريمي
ـ ندعو المنظمات الحقوقية و الإنسانية الوطنية منها و الدولية للتّحرك العاجل من أجل اطلاق سراحه و عرضه على أطباء مختصين.
ـ نطالب السلطات التونسية بإطلاق سراح كافة المساجين السياسيين و سنّ العفو التشريعي العام كما نحملها مسؤولية المضاعفات السلبية على صحة المساجين السياسييين نظرا لطول المدة و رداءة ظروف السجن.
ـ نناشد الجهات الدولية المختصة التدخل لإجراء تحقيق مستقل حول الفضاعات التي ترتكب منذ ما يزيد عن 15 عشرة سنة داخل السجون التونسية.
المشرف على الموقع
ورد خبر تردي الحالة الصحية للسيد العجمي الوريمي بجريدة الموقف عدد362 بتارخ 2 جوان 2006 تحت ركن » وراء القضبان »
حول قمع القضاة والمتضامنين معهم في مصر والاعتقالات في سورية والقمع في تونس
- التحالف الشعبي العربي المقاوم
- اللجنة الوطنية لمقاومة الصهيونية، تونس (عنها: الهادي المثلوثي(
- نادي فلسطين العربي – النمسا
- اللجنة الشعبية لحقوق المواطن بشمال سيناء
- منتدى الفكر الاشتراكي الاردني
- الجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان (راصد) – لبنان – من داخل مخيم عين الحلوة
- حزب العمل الشيوعي في سورية
- المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية
- حزب العمل الوطني الديموقراطي بتونس
- جمعيه التضامن مع الشعب الفلسطيني – تركيا (ادارة الجمعية: سلام سلطان، فسون بايدمير، امريه شنول(
- الجمعية الشعبية لحماية المواطن من الجباية والفساد/مصر (حسان حسين(
- شباب سيناء من أجل التغيير (منسق المجموعة حسن عبدالله(
- معسكر القوى المناهضة للامبريالية Campo Anti-Imperialista – – اوروبا
- بسام حلاوة
- عادل سمارة
- سامية صالح
- باسم خضر
- علي ملاح
- ربى عطية
- ليلى فيصل
- فراس محادين
- قاسم عزاوي طبيب وشاعر لجان إحياء المجتمع المدني في سورية
- ملكة ناعسة مهتمة بالشأن العام – سورية
- دلال جزماتي مهتمة بالشأن العام – سورية
- إزار جاموس – مهندس – سورية
- مايا جاموس خريجة من المعهد العالي للفنون المسرحية
- سلوى زكزك مهتمة بالشأن العام -سورية
- مروان علي شاعر سوري
- هشام فهمي شاعر مغربي مقيم في كندا
- تمام تلاوي شاعر سوري
ملاحظة: لقد تحفظ التحالف الشعبي العربي المقاوم (بحدود المعلومات المتوفرة) على مجموعة من توقيعات الافراد والمنظمات التي يعرف عنها تلقي التمويل الاجنبي، ويرى التحالف ان هذه التوقيعات لا تتسق مع ارضيات التحالف ومع نص البيان المنحاز الى النهج المقاوم والرافض للتسويات والانهزامية، وينوه التحالف الى النقطة العاشرة من وثيقته الاستراتيجية التي تتناول هذا الموضوع والتي تنص على ما يلي: عاشراً: رفض التمويل الأجنبي والمنظمات الحكومية وغير الحكومية القائمة على التمويل الأجنبي وأجنداتها، من حيث أنها أدوات لترسيخ الهيمنة الإمبريالية وتفتيت القضايا العربية الأساسية إلى جزئيات معزولة عن السياق التاريخي والنضالي العام، وضرب المشروع الثوري العربي، وتدجين المثقفين.
الرئيس زين العابدين بن علي يُـعـيّـن مديرا عاما جديدا للأمن الوطني
ومديرا عاما جديدا آمر الحرس الوطني
اجتمع الرئيس زين العابدين بن علي صباح اليوم الاثنين بالسيدين محمد الغنوشي الوزير الأول ورفيق بلحاج قاسم وزير الداخلية والتنمية المحلية .
وأعلن الوزير الأول أن رئيس الجمهورية قرر تعيين السيد عبد الستار بنور، مديرا عاما للأمن الوطني وتعيين السيد عبد الرحمان الإمام، مديرا عاما آمر الحرس الوطني.
وسيدعي السيد محمد على القنزوعي إلى مهام أخرى .
(المصدر: موقع « أخبار تونس » الرسمي عصر يوم 5 جوان 2006)
قناة « المستقلة » تبث برنامجا رياضيا يوميا مفتوحا للجمهور للتعليق على مباريات كأس العالم
بمناسبة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2006، التي تحتضنها ألمانيا هذا الصيف تبث قناة « المستقلة » في لندن، برنامجا يوميا جديدا بعنوان: « عالم الرياضة » تفتح فيه خطوط الهاتف للمشاهدين العرب للتعليق على أداء المنتخبين التونسي والسعودي في النهائيات، وللتعليق على بقية المباريات الأخرى.
برنامج « عالم الرياضة » يبث على الهواء مباشرة من قناة « المستقلة » في لندن، في السابعة والنصف ليلا بتوقيت غرنيتش، العاشرة والنصف ليلا بتوقيت مكة المكرمة، بداية من الجمعة 9 يونيو حزيران وطيلة أيام كأس العالم.
قضية تعذيب سُجناء تونسيين وتدنيس المُصحف تتفاعـل
المعتقل أيمن الدريدي
–
ضمن المعتقلين وفق قانون مكافحة الإرهاب – رفعت قضية عدلية بطلب من ابنها للمطالبة بتتبع مدير سجن بنزرت وبعض أعوانه بتهمتي التعذيب وإيداع ابنها السجن الانفرادي وتدنيس نسخة من المصحف الشريف. وأورد رئيس نقابة الصحفيين أن »القضية تبناها عدد من المحامين وهي مسجلة رسميا لدى القضاء وينبغي التحقيق مع المتهمين فيها ومعاقبتهم في صورة ثبوت تورطهم في تجاوز للقانون التونسي الذي يمنع التعذيب وينص على احترام الكرامة الجسدية للمعتقلين. » يذكر أن هذه المستجدات تتزامن مع توتر بين السلطات وقيادة رابطة حقوق الإنسان التي منعها قرار قضائي من عقد مؤتمرها الأسبوع الماضي. وتتهم السلطات وبعض الشخصيات السياسية والحقوقية القيادة الحالية لمنظمة حقوق الانسان بـ »رفض الحوار وتسييس المنظمة الحقوقية أكثر من اللازم وتحويلها إلى حزب سياسي معارض قريب من اليساريين والإسلاميين » وهي تهمة تنفيها قيادة المنظمة الحقوقية. (المصدر: موقع بي بي سي أونلاين بتاريخ 4 جوان 2006 على الساعة 13 و44 دقيقة بتوقيت غرينيتش) وصلة الموضوع: http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/middle_east_news/newsid_5046000/5046302.stmإلى أي مدى ستصل الاستهانة بأرواح المواطنين في هذا البلد ؟
تونس.. أيّ حـرب تـخُـوضـــها!!
غوانتنامو المغرب العربي وأبو غريب شمال افريقيا .. ماذا بعد الاعتداء على حرمة المصحف ومحنة الحجاب
كلمات عن الديكتاتورية و الهوية والنضال الديمقراطي
عبدالباقي خليفة (*)
لما بعث الله موسى لفرعون ، كانت الوصية » قُـولا له قـولا لينا ، لعله يتذكر أو يخشى »، وذلك لاقامة الحجة عليه . ولما أشهده على نفسه ، بالرفض والتعنت ، قال له » إني لأظنك يافرعون مثبورا ».
حالتنا مع النظام الحاكم في تونس اليوم وصلت إلى ما وصل إليه موسى مع فرعون ، ولم يبق للقول اللين و التذكير مكان مع ذئب محتال . فبعد أن انتهى من بيع البلاد والعباد والأرض والبحر والجو ، وأحرق الأخضر و اليابس ها هو يتاجر بالدين ، بعد مصادرته ، ووضعه في مزادات البورصة الدولية ، في وقت أصبح فيه بيع الدين والثقافة تجارة مربحة في عالم النخاسة السياسية .موضوع الحجاب ومنع الطالبات المحجبات من المشاركة في الامتحانات غير بعيد عن سوق المتاجرة الدولية ، الرقابة على المساجد والتضييق على المصلين ، جزء من الصفقة ، وعندما أصبح ذلك روتينيا أراد أن يسجل رقما قياسيا جديدا ، وهو الاعتداء على حرمة القرآن الكريم في أحد السجون .
ليست المرة الاولى : والحقيقة إنها ليست المرة الاولى التي يتم فيها الاعتداء على القرآن الكريم وعلى الدين نفسه داخل السجون و خارجها ، من قبل نظام لا يكن للدين أي احترام ، كل ما يقوم به من محاولات لاظهاره بمظهر غير المعادي للدين تدخل في إطار التغطية على انتهاكاته تلك . حتى أصبحت تونس تعرف بغوانتنامو المغرب العربي و أبو غريب شمال افريقيا . فقد أقدم المجرم سامي بورغيدة ، مدير سجن برج العامري ، سيء الذكر ، والذي أصبح المساجين يسمونه أبوغريب تونس ، من شدة التنكيل الذي يتعرضون له داخل زنزاناته الباردة والضيقة والمظلمة ،على ارتكاب جريمة نكراء ، إذ قام هذا المجرم خلال حملة تفتيش مفاجئة ، بدوس المصحف الشريف برجليه وركله وسب الجلالة. « عندما تصدى الاخ السجين السياسي الياس الرمضاني له وللحراس المصاحبين له والمشاركين في الجريمة اعتدوا عليه بالعنف ونقلوه إلى جناح العزلة حيث بدأ إضرابا عن الطعام احتجاجا على الاعتداء على المصحف « . وللملمة القضية « وزيادة في التنكيل به قامت إدارة السجون بنقل الاخ إلياس الرمضاني إلى سجن الهوارب الذي يبعد أكثر من مائة كلومتر عن مقر إقامته « .
وقبل عدة سنوات تم تحويل مسجد في ضاحية المنصورة بمدينة الاغالبة كان يرتاده الطلبة إلى مراحيض أو حمامات بلهجة إخواننا المشارقة. وقد شاهدت بعيني بعض مسؤولي النظام أثناء افتتاح أحد المساجد التي يبنيها الشعب بجمع التبرعات وتزعم الدولة إنها بنتها ، يدخلون للمسجد بأحذيتهم ، وهم يدخنون السجائر، وتم إبعاد بعض المحتجين على ذلك. وفي مدينة الاغالبة وأول مدينة اسلامية أقام النظام بيت دعارة أمام أحد المساجد التاريخية وهي لا تزال قائمة حتى الآن ، وليس بينها و بين المسجد المقابل سوى مترين و نصف المتر ( مساحة الشارع الفاصل ) ولم تجد كل توسلات الشيخ عبدالرحمن خليف رحمه الله في اغلاقها أو نقلها إلى مكان آخر . بل هناك شروط لبناء المساجد حيث تم رفض الترخيص لبناء مساجد جديدة ، وهناك شروط خارج المدن تحدد مسافة 10 كيلومترات بين مسجد وآخر وإذا أراد أحد أن يبني مسجدا بين هذه المسافة يرفض طلبه فورا .
هل الحجاب ضد المساواة ؟ : وعودة للحجاب فإن من مخازي النظام أن يعتبر بعض سدنته أن الحجاب ليس فرضا ، وإنه غير منصوص عليه في القرآن بزعمهم ، وأنه من تراث الاتراك ، أو كما يقولون لباسا طائفيا ، وكأننا في تونس داخل دولة اسلامية حريصة كل الحرص على تطبيق الاسلام بحذافيره ،ومنع كل ما يخالفه ولا يمت إليه بصلة ، حتى أنها تصر على ابعاد كل ينسب إليه من قول أو فعل أو ممارسة . وإلا لماذ تقف كل هذا الموقف من الحجاب ؟.
إذا كان الحجاب ضد المساواة بين الرجل و المرأة فهذه حجة ساقطة لانه لا توجد مساواة بين الرجل والمرأة في اللباس أصلا ، بل لا توجد مساواة بين الرجل والرجل ، والمرأة والمرأة في اللباس ،وذلك في مختلف أنحاء العالم . لا من حيث الشكل ، ولا من حيث القيمة المادية والمعنوية . والمساواة في هذا الموضوع كلام طوباوي ، بل ساذج ومبتذل لا معنى له ولا قيمة فكرية أو انسانية في مضمونه . لنرى في الشارع والنوادي وأماكن العمل وغيرها هل توجد مساواة فعلا بين الناس في اللباس ؟!!!
لنأخذ مثلا نوعين من اللباس في الغرب ، السبور ، والكلاسيكي ، هل هو اختلاف أو تنوع في اللباس لا تسمح به المساواة . هل يشبه لباس الرهبان والراهبات الكاثوليك لباس نظرائهم الارثذوكس هل هو تنوع أو اختلاف لا تسمح به المساواة ؟. هل سمعنا من يقول في الغرب أن على الراهبات خلع حجابهن لانه ضد المساواة وهل سبب ذلك أي مشكلة في الغرب ؟!!! وإذا انتقلنا إلى المهن ، نجد اختلاف في اللباس بين مهنة وأخرى هل هو اختلاف أو تنوع في اللباس أم هو اختلاف تنوع لا تسمح به المساواة وأين ؟ . وإذا نظرنا للفقراء والاغنياء و لباسهم هل توجد هنا مساواة ؟!!
و لم نر عالما محترما من علماء المسلمين في القديم والحديث لم يؤكد على أن الحجاب فرض على المرأة المسلمة دون غيرها ، مع اختلاف ، خارج نطاق فروض العين على أبناء الامة الاسلامية .
معنا أدوات العصر : في مقاومتنا ضد التوتاليتارية ،وضد فرض نمط معين من السلوك والمظهر، في عصر الحرية والديمقراطية والتنوع ، كما هي الطبيعة » ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة » في هذه الظروف وفي هذه اللحظة الفارقة ، وفي هذا العصر المعلوماتي الذي نريده متعدد العوالم كما هو فعلا ، حيث لا توجد عولمة واحدة تمثلها أميركا ، ولا تغريب تشترك فيه أوربا وملحقاتها في استراليا وكندا . في هذه اللحظة من الزمن المتسارع ، يمكننا أن نخاطب العالم باللغة التي يعرفها بل باللغات التي يعرفها ، كما خاطبت أوربا نابليون بونابرت بلغة التحرير التي زعم أنه يريد إرساءها ، أثناء مسعاه لتجميع القارة في قبضة باريس ، وانتهى به المطاف في الأسر. نجدد إصرارنا على احترام ديننا وهويتنا و خصوصيتنا الثقافية ، كما تحترم الامم المعاصرة ثقافتها بما فيها فرنسا . و إذا كانت الانترنت من نتائج العولمة فإنها لم تبق رهينة لبضاعة العولمة التي أنتجتها ، بل أصبحت ملكا للعوالم الأخرى أو للعولمات الأخرى ، وهذه حقيقة لا يمكن انكارها ،أنصارالعولمة و خصومها يستخدمون هذا المنتج معها و ضدها ، و بذلك تم الفصل بين الآليات والمضمون ، كما هو الحال دائما . أسوق هذه الحقيقة ، وأنا أرى نتائج استخدام أدوات العصر و منها الانترنت في فضح الديكتاتورية التي لم تجد ما تقدمه ، سوى التعريف بالمواقع الفرنسية على الانترنت ، وحجب المواقع المعارضة عن الشعب ولا سيما الموجودة في الخارج . أصبحت قضية بلادنا مطروحة على مستوى عالمي لا يمكن للنظام مصارتها كما يفعل مع الجرائد ، و لا يمكنه سجن أصحابها و منعهم من العمل و ترهيبهم كما فعل مع الكثيرين ، حمادي الجبالي ، وعبد الله الزواري ، ولطفي حاجي و سليم بوخذير و غيرهم .
أصبح بامكاني قراءة » المقامات البرهانية .. تونس واحة الحرية » للاستاذ فتحي النصري ، على موقع » الوسط التونسية » ضحكت كثيرا و شر البلية ما يضحك و أنا أقرأ تلك المقامات ، وهي صناعة صحافية رائعة من السهل الممتنع . قرأت للاستاذ خميس قشة عن الساسة في هولندا و للاستاذ مرسل الكسيبي عن » البلطجة آخر سلاح في قافلة الافلاس » وافتتاحيته الرائعة للعدد الاخير . من الاقلام المبدعة التي قرأت لها على صفحات الوسط الاستاذ أبو الوليد المكني » جملة السلطة على المجتمع أية دلالات » مقالات و تحليلات لا يمكن نشرها في الصحف في مأتم الصحافة في تونس .ومن ذلك مقال الاستاذ سليم بن حميدان » الطريق نحو الطريق الديمقراطي » وهو من حزب « المؤتمر من أجل الجمهورية » الحزب الذي رفض أن يكون أداة من أدوات التزييف الديمقراطي لدى الحزب الحاكم .نرجو أن يواصل تمسكه باستقلالية القراروالانحياز لحق المواطنة لكل التونسيين ، فالسياسة ليست حكرا على أحد ، ولا يمكن الحجر على أي فكر مهما كانت درجة الاختلاف معه . تالمت مع الاستاذ عبد الحميد حمدي » تألم مواطن … » ولا يمكنني أن أنسى مساهمات الدكتور القديدي التي تنم عن خبرة واسعة وحرص على الحفاظ على راس المال .
أعجبني مقال الاستاذ سليم بوخذير » كلمات غير خاضعة من ايام الجوع » تحدث فيه عن معاناته ، بجرأة يفتقدها بعض الموجودين في الخارج ، وبمستوى عال جدا ، يبعث الأمل من جديد ، فمادام هناك من يقول للظالم يا ظالم و يا دكتاتور ، فالامل موجود ، و ساعة الخلاص قربت ، فشعبنا بهذه المنارات يؤكد أنه لم يمت و لا تزال عروقه تنبض بالحيوية . أحسست بأن لدينا طاقات كبيرة قادرة على التغيير بعد فهم آلياته ، مقال الاستاذ الطاهر العبيدي » الصحافة التونسية .. مسافات بين الماضي و الحاضر » يؤكد بأن التونسيين قادرون على الاستقراء والاستنتاج ، وهي شروط التغيير . لذلك فالذين يحقرون الكلمة و يعتبرونها هراء و ما إلى ذلك لا يفهمون معنى الكلمة . كان بونابرت يقول أن » صحيفة واحدة أشد من 100 مدفع » ، ما على الرسول إلا البلاغ ، » قل كلمتك ثم امض » انظروا ماذا تفعل الكلمة في الديمقراطيات الحديثة ، و كيف تعلن حالة الطوارئ بشكل غير معلن ، في دوائر الديكتاتورية ، بعد مقالنا » من يريد تنفيذ انقلاب ضد بن الجنرال بن علي » هذه الديكتاتوريات من مخلفات التطور بتعبير الاحيائيين ، تخيفها الكلمة وقد تقتلها فأكثروا من الكلام ومن المقالات ، فهي على أسس هشة تذهب مع الرياح . فالديمقراطية وحرية التعبير تتأتى بالممارسة والفعل الديمقراطي والتضحية من أجلها و تحمل الاذى في سبيلها ، الممارسة نعم الممارسة ، وكأنها موجودة فعلا . هكذا نجحت الديمقراطيات الحديثة وانزاحت الديكتاتوريات بل أشد الديكتاتوريات قمعا في التاريخ . واستبدلت دولة الشعب بشعب الدولة ، بتعبير الشيخ راشد الغنوشي ، حفظه الله . نحن مع العصيان المدني الذي دعا إليه الدكتور المناضل الكبير منصف المرزوقي ، مع النضال من أجل الحقيقة التي تحدث عنها الاستاذ نجيب الشابي ، نحن مع جميع الاحرار في تونس ، وليس حرا من ينف حق الآخرين في الحرية ، فكل من ينف حق الآخرين في الحرية ليس حرا . كترديد عبارة لا حرية لاعداء الحرية لانها تصنف صاحبها في أعداء الحرية آليا .
(*) صحافي تونسي يعيش بالخارج. وهو مراسل وكاتب في جريدة « الشرق الأوسط » اللندنية ومجلتي « المجتمع » و « الفرقان » الكويتيتان وبعض المجلات الخليجية.
من وحي ذكرى التأسيس
إن محطة 6 جوان 1981 هو بداية تاريخ مرحلة وليست ولادة الحركة فالحركة انطلقت سنة 1969 بمبادرة من ثلة من الشباب على رأسهم الشيخان راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو والأخ صالح بن عبدالله ثم التحق بهم بعد سنة الشهيد لمين الباشا والأخ صالح كركر شفاه الله والأخ فاضل البلدي ثم من بعد ذلك توسعت الدائرة. هؤلاء الثلة هم أصحاب السبق في هذه الحركة وعلى يدهم بفضل من الله بذرت البذرة وعلى يدهم التحق العشرات من الشباب الطلابي والتلمذي ليسقوا البذرة وليتعهد وها فانتصبت بعد حين بإذن ربها دوحة وارثة الظلال استظل تحت الألوف ولا يزالون صامدة في وجه أعتى الرياح التي تحاول أن تقتلعها من جذورها الضاربة في الأرض. رياح التغريب والسلخ الثقافي ثم من بعد ذلك رياح تجفيف المنابع وفي الأخير محاولة الاقتلاع من الجذور وقد خرجت الحركة بفضل الله من كل هذه المحن أصلب عود وأشد إصرارا على المبادئ شأنها شأن كل حركة إسلامية تغيرية. وهكذا يجب على حركتنا أن تستمر وتبقى – كما انطلقت – حركة تغيرية بكل أبعاد معاني التغيير انطلاقا من الفرد ببعديه الروحي والمادي لينساب هذا الفرد في المجتمع انسياب الماء الدافق بالحياة فيرويها من نبع المعين الصافي الذي نهل منه فتورق أغصانا متشابكة بعلاقة صلة الرحم والقربى ووشائج الصداقة وحسن الجيرة فيتأسس مجتمع المرحمة والتكافل والتنافس على الخير واستباق الخيرات لننتقل بعد ذلك إلى الأمة الخيرية » كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ». لقد تشبّع الجيل الأول المؤسس بهذه المعاني وحافظ عليها وعمل بكل جهده على ترسيخها عند كل من انتمى لهذه الحركة. ثم بعد ذلك تباعد الزمن وتكاثر المنتمون وتمددت مساحات العمل وتنوعت الاهتمامات فتأخر تدريجيا حضور تلك المعاني التربوية السامية وتقدمت اهتمامات من طبيعة أخرى هي أيضا من صميم الدين الشامل وهي علاقة التأثير والتأثر مع الآخر الذي لا يحمل نفس أفكارك سواء كانوا من الخصوم العقائديين أو السياسيين أو من المواطنين العاديين الذين شغلوا بمصاعب الحياة . وكلما زدنا احتكاكا بكل هؤلاء ازدادت التحديات أمام الحركة الوليدة : تحدى التكوين الشرعي والتطوير الفكري والنضج السياسي وفقه سنن العلم الاجتماعي والانفتاح على المحيط العالمي و التفكير الإستراتيجي كل ذلك في علاقة جدلية مع الواقع المحكوم بالقهر والاستبداد بداء بحكم بورقيبة ثم تواصلا مع تسلط هذا النظام المستبد. وكلما توسعت الحركة كثر وتعدد خصومها واشتد قمع السلطة لها ورغم ذلك كله مازالت الحركة الرقم الصعب في كل المعادلات تسعى بما عرف عنها من اعتدال ووسطية أن تفتك موقعها في بلدها لتخدم شعبها ووطنها مع بقية الأطراف الوطنية الأخرى.
آن الأوان في هذه الذكرى أن يعلم أبناء هذه الحركة ومحبيها ومناصريها أن عداوة هذا النظام للحركة ومشروعها عداوة مستحكمة تحركها فئة مأدلجة معادية للدين تحالفت مع عصابات النهب والسرقة ومع المؤسسة الأمينة التي تلطخت أياديها بدماء الشهداء من أبناء هذا الوطن العزيز مسنودة من أطراف خارجية لا تفكر إلا في من يخدم مصالحها. آن الأوان أن نفهم أن هذا النظام لا يتراجع إلا مع الضغط ولا يفهم إلا بالقوة وأنه لن يتنازل عن امتيازاته التي اغتصبها قصرا من هذا الشعب وأن حقوق شعبنا تفتك ولا توهب وحان الوقت لتعود الحركة فتنخرط بقوة وفاعلية ودون تردد مع كل الأطراف في معركة الحريات وأن تقطع نهائيا مع كل أشكال التسويف والمماطلة وتتوقف عن الجري وراء سراب استجابة السلطة لنداءات التذلل والتملق التي تطلق بين الفينة والأخرى وأن تنحاز كما عودتنا دائما إلى مطالب شعبنا. وعلى أبناء الحركة في المهجر أن يعدلوا ساعتهم على نبض إخوانهم الصامدين في السجون الذين لم يعطوا أي إشارة ولو عابرة للسلطة تبين ضعفهم أو تنازلهم وهم في بلاء دائم متواصل منذ 16 سنة. هؤلاء هم القدوة والمثال هؤلاء هم البوصلة والاتجاه هؤلاء هم الصحب والأحبة.
بلجيكا 3 جوان 2006 * رئيس مجلي الشورى
معاناة واقعية بدل مخاوف مفتعلة وفي غير محلها
بقلم:علي شرطاني – قفصة – تونس فمن حق الإسلاميين كذلك أن يبدوا تخوفاتهم من إزالة الدولة كأكبر جهاز إستغلالي في النظرية الماركسية، وإلغاء الملكية الخاصة، ومن المشاعية الجنسية، أو على الأقل من الحرية الجنسية التي أصبحت واقعا تحميه التشريعات القانونية في مجتمع أبى أن يتحول إلى مجتمع علماني رغم القوة المفرطة المتبعة ضده لفرض العلمانية عليه، وكلما اشتد عليه الضغط بذلك الإتجاه كلما ازداد اقتناعا باللجوء للإسلام حاميا وملاذا، ومن حل الأسرة من خلال النظر إليها كخلية استغلالية ليست الزوجة في نظرهم فيها إلا ملكا خاصا من أملاك الزوج، ولا يتم تحريرها من هذه الوضعية إلا بإلغاء الملكية الخاصة، ومن هذا الإشراف المباشر للدولة المركزية على كل الشؤون الخاصة للأفراد والمجموعات، ونزع الصلاحيات والمسؤوليات عن كل الناس بما فيها مسؤولية الأولياء على أبنائهم في مستويات شتى، ومن هذا النقل المباشر للصورة النمطية للمجتمعات الغربية باسم التقدم والتطور والحداثة. وإذا كان ما تبديه الحركة العلمانية مجرد تخوفات لما يمكن أن تتطور إليه الأوضاع بالبلاد بالرغم منهم، باتجاه الإسلام نظاما وعقيدة وشريعة، فإن الأمر عند الإسلاميين وفي المجتمع التونسي قد تجاوز مجرد التخوفات إلى المعانات الواقعية اليومية، من فرض واقع عليه يتناقض تماما مع ما هو معلوم عنده من الدين بالضرورة، ومع ما هو مقتنع به من أن الأمن والأمان لا يتحققان له إلا في الإسلام، ومن هذه التشريعات الوضعية في إطار الثقافة العلمانية التكفيرية التي تقودها الحركة العلمانية من خلال السلطة ومن خارجها وبدعم وتأييد مباشرين من الأجنبي. فقد ذهبت الحركة العلمانية خاصة في فترة نظام تحالف 7 نوفمبر الرهيب أشواطا مهمة في هذا الإتجاه بصيغ مختلفة. ومن إلغاء الديمقراطية، وإن لم تكن موجودة، وهم الذين لا يمكن أن يكونوا مستعدين لإيجاد شيء لا يؤمنون بوجوده ولا مصلحة لهم فيه. بل يتجه إيمانهم واهتمامهم وعملهم إلى إلغائه حين يوجد أو حين يكون موجودا. ومن إنهاء الحديث عن شيء اسمه حقوق الإنسان التي نعلم أنه لا إيمان لهم بها من منطلق مبدئي، خاصة في غياب حركة علمانية ليبرالية حقيقية قوية مؤمنة بهذه الحقوق. ولم تكن المنظمات الحقوقية في تاريخ صراعهم بعضهم مع بعض إلا وسائل لتحقيق مكاسب سياسية.وقد رٍأينا كيف أن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان مثلا، كانت أداة ووسيلة للصراع وللي أذرع بعضهم بعضا لما كانوا مختلفين،وكيف التفوا عليها وتم احتواءها بالكامل من قبلهم لما ائتلفوا وتوحدوا وتحالفوا،ثم كيف هي اليوم في مهب الريح لما اختلفوا مرة أخرى بعد ائتلاف وتفرقوا بعد وحدة وأنهوا دورها الحقوقي والإنساني بعد أن حلت بينهم الفرقة والإنقسام وأصبحت هي وغيرها من المنظمات المستقلة ومكونات المجتمع المدني محل نزاع في ما بينهم، بين من ظل ملازما مكانه بالسلطة وملتزما بالتحالف، ومن مازالت مصلحته في مراوحة مكانه وملازمة موقعه، وبين من تخلوا منهم عن مواقعهم وغيروا مواقفهم لغاية أو لأخرى ولسبب أو لآخر ولهدف أو لآخر. ولنا كإسلاميين أن نبدي تخوفاتنا من قداسة الفرد التي تقول بها المدرسة المثالية الليبرالية التي تقود مشروع العولمة وتفرض قواعده وأصوله وآليات عمله على حساب قداسة المجموعة، والقول بالحرية المطلقة بما فيها الشذوذ واحترام حقوق الشواذ،و بالجندر باسم المساواة التامة بين الرجل والمرأة، والزواج المثلي وغيرها من مفاسد أنظمة المجتمعات الغربية والثقافة الغربية، ومن سوءات الحضارة الغربية وقبائحها بعيدا عما فيها من الكثير من الإيجابيات وعوامل القوة والتطور والمدنية والتحضر الفعلي. وقداسة الملكية الفردية وتثبيت القطاع الخاص وحق الإستغلال على حساب الملكية الجماعية والقطاع العام، والمساواة والعدل الإجتماعي وغير ذلك من التخوفات والمحاذير المفسدة للمجتمع والمضرة بالشعب وبالوطن. فالذي يجب أن تعلمه النخبة العلمانية الليبرالية ديمقراطية كانت أم شيوعية ماركسية لينينية أو يسارية قومية عربية إلى غير ذلك من فرق اليسار واليمين وقد اختلطت الأوراق بسقوط المعسكر الشرقي خاصة، وتغيرت المواقع ولم يعد اليمين التقليدي يمينا ولم يبق اليسار التقليدي يسارا، أن لكل تخوفاته ومحاذيره، ولكل مقدساته، والتخوفات والمحاذير هي التخوفات والمحاذير، والمقدس هو المقدس، والمقدس هو ما أقدسه وإن كان الآخر يدنسه، والمقدس هو الذي يقدسه غيري وإن كنت أدنسه. وإذا كان لهذه النخبة غير المتجانسة في الأصل، والتي انحدر بعضها من رحم بعض تخوفاتها ومحاذيرها في ما يتعلق ببعض ما بالمشروع الإسلامي للإسلام وللحركة الإسلامية مما تخشاه ولا تقبل به، فإن الأمر عند الإسلاميين قد تجاوز مجرد التخوفات والمحاذير إلى واقع يعاني منه ليس الإسلاميون وحدهم كشريحة اجتماعية، وطرف سياسي، وتيار ثقافي فقط ، ولكن يعاني منه الإنسان العادي في مختلف شرائح المجتمع وفئاته وبيئاته. فالكل يعلم ما يعانيه الإسلاميون في الحركة الإسلامية وفي حركة الإسلام من أحزان ومعانات وتجويع وتيتيم للأطفال وتثكيل للأمهات وترميل للنساء، وقتل متعمد أثناء المطاردات وأثناء التحقيق وفي السجون، ومن تهجير ونفي بالداخل والخارج، ومن فرض لكل مظاهر العري والدعارة والرذيلة والفاحشة وحمايتها وحفظها نكالة بهم وإرهابا للشعب كله وتدفعه باتجاه الرذيلة وصرفة عنوة وبكل أسباب ووسائل القوة والإكراه باتجاه الرذيلة والفساد الذين هما من قناعات العلمانيين في الحركة العلمانية ومن ثقافتهم ومن برنامجهم . ومن إلغاء لكل مظاهر الكساء والفضيلة والعفة التي هي التي هي من مبادئ الإسلام وقيمه ومن قناعات الإسلاميين والمسلمين عامة ومن ثقافتهم ومن برنامجهم، سواء ما كانت له علاقة بالتدين أو حتى ما لا علاقة له بذلك. هذا ما يعانيه ليس نساء الإسلاميين وبناتهم فقط، ولكن هذا ما أصبح يعانيه كل أبناء وبنات شعبنا العربي المسلم في تونس، من أجل عقيدته وثقافته وحضارته وذاتيته وخصائصه ومقومات شخصيته وهويته العربية الإسلامية. ففي الوقت الذي لم يمارس فيه ولو إسلامي واحد أي نوع من أنواع الإكراه على أي كان، كان العلمانيون ومازالوا يفرضون، باسم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وباسم الفهم التقدمي للإسلام أحيانا، حسب زعمهم وافتراء من عند أنفسهم، وهي من التوجهات الجديدة عندهم جميعا وعند بعض أطراف اليسار الماركسي خاصة وبعض رموزه، وهي من تلبيس إبليس لإفساد على المسلمين إسلامهم، وتشويش المفاهيم وخلط الأوراق من الداخل الإسلامي نفسه، على أبناء شعبنا بمختلف فئاته وفي مختلف مواقعهم، نوع ولون وشكل لباسهم ذكورا كانوا وإناثا. وينزعون خمر النساء بالقوة من على رؤوسهن في الأماكن العامة والخاصة. ويحلقون للرجال والشيوخ لحاهم، وينتفونها لهم نتفا بالقوة في مراكز التحقيق ومخافر الشرطة. فأي منطق هذا الذي يجعل تخوفات النخبة العلمانية ومحاذيرها مقبولة وفي محلها، في الوقت الذي تجوس هذه النخبة فيه خلال الديار، إهانة وإذلالا للإنسان، وانتهاكا للحرمات والأعراض، ودوسا للمقدسات وتدنيسا لها كالمساجد والمصاحف وكل ما يمت للإسلام من صلة، والأنفس البشرية البريئة، من الأطفال والنساء والشيوخ والرجال، فرضا لرؤيتها، ولبرنامجها السياسي، ولنمطها المجتمعي، ولخيارها الثقافي، ولمقدساتها وثوابتها. وهي التي تفرض على الشعب ما هي مؤمنة به مما ليس في ثقافته وليس منها. وهي التي تفرض العلمنة على الإسلام. وتفرض فصل الدين عن الدولة، وتفرض الرقابة على المساجد والخطباء والأئمة، وتفسح المجال واسعا أمام مرتادي النزل الداعرة والحانات وعلب الليل والخمارات وأماكن الدعارة لتجعل من هذا الدنس الذي هو دنسها مقدسا، وليصبح المقدس الذي هو مقدس الشعب دنسا، أو مقدسا تدنسه. في هذه الحرب المعلنة التي تشنها النخبة العلمانية اللائكية موحدة في تونس هذه المرة أكثر من أي وقت مضى على الشعب من خلال السلطة ومن خارجها، هي التي ترتفع عقيرتها فيها مبدية تخوفاتها ومحاذيرها، بعد كل الذي حصل ومازال يحصل، من المشروع الإسلامي للحركة الإسلامية الذي عماده الشريعة الإسلامية التي اختزلتها كذبا وجهلا وتجاهلا وزورا وبهتانا في 7 أحكام حدود وبدون خجل ولا في أدنى مستوى من الأخلاق والحياء، وكأن الإسلاميين هم الذين أجرموا في حق هذه النخبة أو في حق الشعب والوطن، وليست هي ممثلة في الغالبية العظمى من مكوناتها ومن شخصياتها ورموزها إن لم تكن كلها، وكل من موقعه وبموقفه وبطريقته. وكل هؤلاء هم الذين في معرض حديثهم عن الإسلام لا ينتهون عنه ثناء ومديحا وإشادة بعدله ومساواته وأخوته وتضامنه وتسامحه وشموخه وقداسته. وإذا طرح كمشروع ثقافي، وبديل سياسي واجتماعي واقتصادي وحضاري، ينهالون عليه هدما، ويلحقون به كل المساوئ والنقائص، ويبدون من الهلع والخوف والجزع ومن التخوفات والمحاذير والإنزعاجات ما لا حد له، وما يبدو وكأن الأمر ينذر بكارثة محققة.وغاية ما في الأمر أنهم يعلمون أن نظام الشريعة وحده هو الذي يجعل حدا لإشباع غرائزهم المحرمة، ولشهواتهم اللا مشروعة، ولنزواتهم البهيمية التي لا يريدون أن يكون لتلبيتها أي حد وأي ضابط على حساب المجتمع، يفسدون فيه الدين والعقل والنسل والمال والنفس. فعلى هذه النخبة الإنتهازية المنافقة أو على الإنتهازيين والمنافقين في هذه النخبة أن يقبلوا بما يرون ويسمعون أو لا يقبلوا، أنه لا قداسة لهم ولا مقدس عندهم أمام قداسة الإسلام ومقدسات الشعب التي هي عقيدة الإسلام وقيمه ومبادئه وآدابه وشرائعه وأحكامه. وأنه عليهم أن يعلموا أن المقدس هو ما قدسه الله وحده، وهو المقدس عند الشعب، والذي أبدوا محاولات كثيرة متواصلة، ولعقود من الزمن لتدنيسه وهدمه ولم يفلحوا. وليس المعني في خطاب الحركة الإسلامية وفي قراءتها وفهمها للإسلام غير الشعب العربي المسلم في تونس وخارجها. ولا معنى في الحقيقة وفي النهاية لقبول النخبة المتغربة في الحركة العلمانية اللائكية الهجينة لذلك، أو لعدم قبولها. وأن المعني بالمشروع الإسلامي في خطاب النهضة والحركة الإسلامية في تونس عموما هو الشعب. لأن هذه النخبة ليست الشعب ولا تمثله، بل لا تمثل حتى نفسها. وهي متصادمة معه، ومن ثمة جاءت عزلتها عنه وعزلته عنها، واستمرار حلول القطيعة بينها وبينه. ولا قبول له بمشاريعها الثقافية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية، وبثوابتها التي تصنعها بنفسها على حد قول أحد رموزها في اليسار الأصولي الماركسي المدعو: عبد المجيد الشرفي التي ليست ثوابته، وبمقدساتها التي ليست مقدساته إلا بالقوة ومن خلال السلطة بكل جبن وانتهازية واستغلال للنفوذ. وفي الوقت الذي لم تسلم فيه بوجودنا ومازالت ليست مستعدة لذلك، كنا ومن منطلق مبدئي شرعي أصولي مسلمين بوجودها كجزء ضعيف ومعزول من الشعب التونسي. ولم تمنعنا شرعيتنا الشعبية والثقافية والتاريخية والحضارية من الإعتراف والقبول بها كنخبة دخيلة معزولة غريبة عن الشعب وثقافته وتاريخه وحضارته، لما كانت عليه من تمسك واعتزاز بثقافة غير ثقافته، مستمدة من دين غير دينه ومن عقيدة غير عقيدته، وبتاريخ غير تاريخه، وبحضارة غير حضارته. إلا أنها بفعل عوامل شتى، منها الإنحطاط ،والإستعمار ،وغياب البديل الإسلامي الواضح المناسب بفعل تلك العوامل نفسها،كان موقعها من الشعب ومن الوطن ومن الأمة ومن الثقافة والحضارة والتاريخ كموقع الحركة الصهيونية من الشعب الفلسطيني ومن فلسطين، ومن الأمة العربية والإسلامية، ومن الثقافة ومن الدين ومن الحضارة العربية الإسلامية سواء بسواء. والواقع يدعوني إلى القول، أن الحركة الصهيونية في فلسطين المحتلة قد نأت بنفسها عن الكثير مما قامت وتقوم به النخبة المتغربة في الحركة العلمانية اللائكية الهجينة في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين وخاصة في تونس. وهي التي، وهي صاحبة النفوذ ولها الإشراف الكامل المباشر على تنظيم حياة الشعب الفلسطيني في جوانب كثيرة منها في مناطق الحكم الذاتي، وعلى تنظيم كل جوانبها داخل الخط الأخضر لم تغلق المساجد ولم تحضر نشاطها، ولم تتدخل في تحديد الخطاب فيها بما يرضيها على الأقل بالقدر وبالطريقة التي مازال يتم بها ذلك في بلادنا في ظل النظام العلماني وهيمنة الحركة العلمانية على كل أوجه ومناشط الحياة واحتكارها. ولم تصادر حق التيارات والأحزاب السياسية بما فيها الدينية سواء اليهودية منها أو الإسلامية في المشاركة في الحياة السياسية. ولم تمنعها من التظاهر ضدها من أجل المطالبة بحقوقها المشروعة في كل ما لها فيه حق. ولم تمنع النساء من حرية اللباس في أي مكان من فلسطين المحتلة. ولم تفرض حلق شعر الوجوه على الرجال والتشبه بالنساء. ألم تفعل النخبة العلمانية اللائكية في تونس ومازالت كل هذا الذي لم تفعله حكومة الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة؟ أليس هذا ما تعلمه هذه النخبة نفسها، وما يعلمه الشعب التونسي العربي المسلم كله، وتعلمه الأمة ويعلمه العالم؟ ولإعادة الأمور إلى نصابها وإلى طبيعتها، كان ينبغي أن تكون المقاربة ولتكون في محلها، بين الأصالة والهجانة لما بينهما من فرق. ذلك أنه إذا كانت الحركة الصهيونية تمثل امتدادا وحضورا مباشرا للثقافة العلمانية الغربية المسيحية اليهودية العنصرية الأصيلة، بنفسها وبعدها الفكري والفلسفي، وآليتها الديمقراطية العنصرية كذلك طبعا. وهي في الحقيقة الصفة المصاحبة للديمقراطية الغربية في النشأة والتطور، فإن النخبة المتغربة المكونة للحركة العلمانية في تونس وفي كل أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين تمثل كذلك امتدادا هجينا وحضورا غير مباشر للثقافة العلمانية الأصيلة بنفسها وبعدها الفكري والفلسفي وبغير آليتها الديمقراطية، ولكن بصفة وطبيعة استبدادية قهرية واستئصاليه.فكان أن وفرت الثقافة الغربية على العالم ثقافة ديمقراطية عنصرية استعمارية في الغرب وثقافة تغريبية استبدادية في الشرق وفي باقي مناطق العالم حيث لا وجود للرجل الأبيض ولا لسيطرة للأوضاع له فيها. تلك مقاربة علمية عقلانية واقعية لا بد منها، ليس فيها تجني على أحد، وليس فيها أي مبالغة أو كذب أو تزوير للحقائق أو تشويه كما تفعل هذه النخبة نفسها هنا وهناك. ولكنها نقل لحقائق على الأرض يعلمها كل الناس هنا وهناك. وليس لي أن آتي فيها بجديد، ولكنها كذلك دون حقيقة المشهد كما هو موجود هناك، وكما وجد وكما هو موجود هنا. وكما عاشه أبناء شعبنا وكما علموه، وكما أوردته تقارير مختلف المنظمات الإنسانية والحقوقية داخل البلاد وخارجها. وكان ينبغي على هذه النخبة أن تعلم هذه الحقيقة وهذه المقاربة، وأن تجد من يسمعها إياها، وكان يجب وينبغي أن يعلمها كل الناس ويدركوا حقيقتها، ليميزوا الخبيث من الطيب، ولألا يستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير. وبحكم طبيعتها الهجينة وتناقضها وانتهازيتها، فقد خلطت هذه النخبة في هذه الحركة عملا سيئا بعمل صالح. ونحن مدعوون في إطار ثقافة التعارف والمجادلة بالتي هي أحسن دائما، وعلى القاعدة التي وضعها لنا النبي صلى الله عليه وسلم » نحن قوم نقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت » أن نحسب لها ما لها وأن نحسب عليها ما عليها، وأن نقول لها حين تسيء أسأتي وحين تحسن أحسنتي، كما نقول ذلك لأنفسنا ولبعضنا ولكل الناس قياما بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وأننا حين ندعو هذه النخبة في هذه الحركة غير المتجانسة والمنقسمة في الحقيقة على نفسها رغم وقوفها على أرضية فكرية ووجودها في إطار ثقافة علمانية غربية واحدة ، وقد زادها الشعور باليتم إحباطا وانفعالا وتخبطا وتشتتا وانقساما، أن تنتهي في هذه المرحلة عن طرح قضايا لا مصلحة لأحد في طرحها، وعن وضع شروط وعراقيل تزيد العلاقات توترا وتثير ردود أفعال وطرح قضايا مقابل تلك. وهي من المسائل التي يجب أن تكون محل جدل مستفيض بالوسائل المناسبة والممكنة في الظروف المناسبة والممكنة، فإن ذلك لا يعني أن نترك الأمور تمر في صمت، وأن ننتهي عن تحميل كل مسؤول عن شيء في هذا الوطن مما قل منه أو كثر مسؤوليته في ما أحسن فيه و ما أساء، في ما نجح فيه و ما أخفق، في ما أصاب فيه و ما أخطأ وفي ما تعمد وما سها فيه عنه. وهي في موقع المورط في جرائم ضد الشعب وفي حق الوطن لا تسقط بالتقادم، كان ينبغي لبعض مكونات النخبة في الحركة العلمانية داخل السلطة وخارجها أن تبادر بالبحث عن حل لهذا التردي السياسي والثقافي والإقتصادي والإجتماعي والإعلامي الذي ألقت بالبلاد فيه. والعمل على تخليصها من هذا الوحل الذي أوقعتها فيه، وإن أثبت نصف قرن من الزمن في بلادنا أنها لا تصنع ولا تنتج إلا فسادا وتخلفا وانحطاطا، وأنها لا تستطيع إلا أن تفسد ولا تصلح، وأن تسارع إلى إصلاح سياسي جاد، وإن كان فاقد الشيء لا يعطيه ، وإلى مصالحة وطنية سريعة استجابة لنداء المعارضة الوطنية الإسلامية منها والعلمانية « الصادقة » بإصدار عفو تشريعي عام، وإعادة الإعتبار للمظلومين، وإعادة الحقوق لأصحاب الحقوق، والإعتذار للشعب الذي ألحقت به من الأذى ما لم يلحقه به الغزاة الفرنسيون الصليبيون، وما لم تلحق به دولة الكيان الصهيوني الشعب الفلسطيني، وما لم يلحقه بدون مبالغة عدو بعدوه. وهي صورة حقيقية واقعية لا مبالغة فيها. وأن أي تهوين من شأن هذه الصورة أو استنقاص من صدقيتها أو تقليل من خطورتها، هو زيادة في المأساة، ومواصلة للجريمة، واستمرار لتداعياتها السلبية على حاضر البلاد والشعب ومستقبلهما. ولكن ونظرا للطبيعة الإجرامية لبعض وجوه هذه النخبة ولبعض فرقها وتياراتها ومكوناتها الفكرية والثقافية والسياسية والحقوقية والحضارية، فإنها مازالت مصرة على الجريمة ومواصلة الإجرام، في عدم اعتراف بذلك، وإنكار لما يعلمه كل الناس وما يعيشونه داخل البلاد وخارجها. ولا تستح بعض الجهات الأخرى من إبداء تخوفات مما لا خوف منه، ومحاذير مما لا خطر فيه على أحد. والتدخل في خصوصيات ليس لها- من موقع الشريك في الجريمة فعلا أو تسترا عليها أو سكوتا عنها على الأقل – التدخل فيها. وذلك الذي لا يعدو إلا أن يكون تعبيرا منها – ربما عن غباء سياسي أو إفلاس فكري أو عن خلل عقلي أو تخلف حضاري عن زيادة في تهميش الوضع، لما لها من مصلحة في استمرار الأزمة وتواصل التهميش. وإذا كانت السياسة هي المساهمة في فهم الممكن من الخطاب عبر الفعل المكرس للواقع الموضوعي العام المحلي والإقليمي والدولي داخليا وخارجيا، والحوار الداخلي بين أبناء الوطن الواحد والشعب الواحد والأمة الواحدة، الذي يقتضي من كل متحاور أن يكون مستعدا للأخذ والعطاء، والقبول والرفض، والتنازل والثبات بحسب ما يتحقق به الصالح العام، ومن أجل وضع أفضل، بإنهاء الخلافات المخلة بالأمن والإستقرار، والمتسببة في التوتر النفسي والسياسي المخل بالعلاقات الإجتماعية والسياسية، والباعثة للريبة والشك، وحلول أزمة الثقة بين الكيانات السياسية المختلفة، وبين أبناء الشعب الواحد، هو غير الحوار الذي يمكن أن يكون مع جهات أخرى إقليمية أو دولية من أجل فض الخلافات وتحقيق المصالح وتقاسم المنافع وضمان السلم والأمن، فإن ما حدث وما يحدث ليس من فعل جهات وأطراف سياسية، ولا من رموز تفهم في السياسية وفي فن الممكن السياسي، ولكنه من صنع خليط سياسي غير متجانس، متناقض المواقف والمصالح، متصارع من أجل المواقع، لا يفهم إلا في المصالح الخاصة وفي الإنتقام. وتلك طبيعة النظام السياسي الإستبدادي المافيوزي الذي يقوم على الجريمة والإستمرار في ارتكابها. ولا يستمد شرعيته من خلال برامج مختلفة واقعية وهادفة تحيط بالمشاكل والمشاغل وتوجد لها حلولا وإجابات، وتبحث في إيجاد علاقة انسجام وتوافق مع الشعب في إطار الحرية والوضوح والشفافية والثقة المتبادلة. ولكن طبيعته تلك تجعله يستمد شرعية وجوده واستمراره في الوجود من الجريمة والمعارك الوهمية مع شرائح وقطاعات وفئات من الشعب أو من خارجه يصرف بها الأنظار عن المفاسد المالية والإدارية والسياسية التي لا دور فيها لغير قوى المافيا المكونة له. ليستمر على ارتكاب الجريمة، ويظل مقدما نفسه دائما على أنه الضحية المستهدف. وأنه القوة الرادعة التي تتولى حماية الشعب ومكتسباته والدفاع عن الوطن واستقلاله… على هذا المعنى اجتمعت مختلف مكونات الحركة العلمانية الهجينة، لتكون نظام تحالف 7 نوفمبر المافيوزي الرهيب، الذي أبدى قدرة كبيرة على ارتكاب الجرائم وإنتاج المشاكل والأزمات، وإشاعة الفاحشة والفساد والرذيلة، والذي أبدى عجزا كبيرا منذ تشكله على معالجة المشاكل، وعن عدم قدرة على إيجاد حلول للقضايا الهيكلية العالقة منذ عقود من الزمن، كقضية الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية والمديونية والإكتفاء الذاتي الغذائي والبحث العلمي والهوية الثقافية والحضارية والدينية والتاريخية للشعب… إن الدعوة للكلمة السواء بين مختلف مكونات الشعب التونسي، موجهة في الحقيقة للأحرار من مختلف المواقع ولأصحاب العزائم الصادقة من داخل السلطة إن وجدوا ومن خارجها، لنجعل خلافاتنا ليس جانبا، ولكن في صدارة اهتماماتنا، ونبحث جميعا وبروح حضارية عالية، وبروح وطنية وإسلامية وديمقراطية تحديات المرحلة في زمن العولمة، بعد أن رأى الكل مآسي الإستبداد، وذاق مرارة القمع والقهر والتهميش والإستثناء والإستئصال، وعاش نتائج التحالفات المشبوهة والحلول المغشوشة التي لم تزد الأزمات إلا استفحالا، والمجتمع إلا تذررا وانقساما وتمزقا، ولم تزد البلاد إلا عزلة وتخلفا، حتى أصبحت مضرب أمثال السوء في دنيا المال والأعمال، ومناخات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وأجواء الأخوة والعدل والمساواة، وفي مجالات الثقافة والإعلام، والإعتزاز بالتاريخ والحضارة والهوية والأصالة. وليس مطلوبا من فرق المافيا المختلفة أن تكون طرفا في الحوار لأنها لا تؤمن بذلك، ولا هي قادرة عليه، ولا هي مؤهلة ولا ميسرة له، ولا مصلحة لها فيه، وهي التي بلغت من الفساد والإفساد حدا لم يعد من الممكن إصلاحه ،وهي التي فسدت وأفسدت وليس هناك من حل بالبلاد بغير الدفع بالمقاومة الشعبية باتجاه الإطاحة بها، ولكن الحوار والمجادلة بالتي هي أحسن مطلوبان من أحرار الوطن من أبناء الشعب في الحركة الإسلامية ومن الصادقين من النخبة العلمانية في الحركة العلمانية، وهم العلمانيون الديمقراطيون: أي الذين لم يتورطوا في ما حصل من جرائم الإقصاء والإستئصال والتهميش. والمؤمنون بالعلمانية الديمقراطية، علمانية حرية الصحافة والإعلام وتكوين الأحزاب بدون قيود ولا شروط مسبقة، علمانية احترام الشعب والقبول به حكما بحرية وبكل إرادة حرة بين مكونات الحركة السياسية المختلفة الألوان والبرامج والمشارب والإتجاهات،العلمانية الوطنية المحترمة لمقومات شخصية الشعب ولهويته الدينية والثقافية والتاريخية واللغوية والحضارية، علمانية الفصل بين السلطات واستقلال القضاء استقلالا تاما، وحياد الإدارة واحترام المجتمع المدني، والمؤمنة باستقلالية مؤسسات الدولة عن كل الأحزاب، العلمانية المؤمنة بالتداول السلمي على السلطة وبسيادة الشعب، وبمبادئ الأخوة والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات وأمام القانون… العلمانيون الرافضون لعلمانية الإستبداد والدكتاتورية، والمؤمنون بالحرية والديمقراطية والأخوة والعدل والمساواة وقيم ومبادئ حقوق الإنسان. ومن المراجعين منهم للمواقف والسياسات والعلاقات القديمة، والأفكار والمفاهيم القديمة للدولة وللحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان… والمتخلين عنها. وللمدركين لخطورة ما حصل وما زال يحصل على مستقبل البلاد والعباد. والمتجردين للحقيقة، والمؤمنين بضرورة التجاوز ومعالجة المشاكل بالغة ما بلغت من الصعوبة والتعقيد بالأساليب السلمية ونبذ كل أنواع العنف بمشاركة ومساهمة كل ألوان الطيف السياسي والفكري والثقافي والإجتماعي بالبلاد. هذه الأطراف هي المسؤولة على مستقبل البلاد. وعليها أن تستمر في الحوار والتشاور والتعاون من أجل الضغط على النظام للإستجابة لمطالب الشعب في الحرية والديمقراطية والعدل وحقوق الإنسان والهوية الثقافية له، وتوجيه همة الشعب وفعله اليومي باتجاه المقاومة الإيجابية للإطاحة به. ولعلها واجدة من الأحرار والعقلاء والنزهاء فيه وفي مؤسسات المجتمع والدولة من يكون عونا لها على مد جسور الحوار مع القابلين به، ومع من يجوز التحاور معهم مع استمرار الضغط الداخلي، والخارجي الذي يجب أن لا نعول عليه، مع الرافضين للحل السلمي في غير استفزاز ولا تصعيد في غير محله وفي غير وقته وفي غير الظروف المناسبة ،ومع غير الأطراف المناسبة ، مع إعطاء التطمينات اللازمة لمن لم يثبت تورطهم المباشر في الأموال والأعراض والدماء والأنفس لعلهم يرجعون. وليكن ذلك في غير استجداء ولا استعطاف، لإقامة الحجة على الجميع أمام الجميع، ومن أنذر فقد أعذر،ولا يلومن أحد بعد ذلك إلا نفسه. وإذا كان الإسلاميون قد قدموا للبلاد كل ما يملكون، حتى أنه لم يبق لهم ما يقدمونه، وإذا كان ما زال مطلوب منهم أن يقدموا للبلاد وللشعب مرة أخرى من اللاشيء الذي بقي لديهم، فإنهم سيكونوا مستعدين لذلك، إلا ما كان من حقوق لهم لا يجوز لعاقل أن يقبل أن يتنازل عنها مما لا يسقط بالتقادم. ولا يكون ذلك إلا دعما لجهود الأحرار والصادقين في تذليل الصعوبات من أجل مصالحة وطنية تقتضيها المصلحة والمرحلة في وجه استعداد دولي للتدخل العسكري المباشر ،إذا لزم الأمر، في الشؤون الداخلية للشعوب والأوطان في أي وقت. وبالرغم من الجروح المثخنة بها أجسادنا والتي مازالت تنزف، وبالرغم من الواقع المأساوي الذي عشناه ومازلنا نعيشه، والذي لم تعرف البلاد له مثيلا من قبل، فإن أيدينا كانت دوما ممدودة حتى لمن لا يستحق أن تمتد لهم الأيادي الطاهرة من أجل تونس حرة مستقلة عربية إسلامية ديمقراطية تتسع لكل أبنائها بمختلف انتماءاتهم الفكرية والسياسية والثقافية… والمؤكد أننا كنا ضحية هذا الإستعداد وهذا النضج المبكر الذي دفعنا ثمنه غاليا ومازال مطلوبا منا أن ندفع ولو لم يعد عندنا ما ندفعه. لقد قلنا ذلك واستعددنا له وفعلناه من مواقع القوة. ومازلنا نفعل ذلك ومستعدون له ولفعله من مواقع الضعف التي أصبح يحسدنا عليها خصومنا الذين لم يقبلوا بنا أقوياء ومازالوا غير قابلين بنا حتى ونحن ضعفاء، في وقت أصبحت القاعدة الجاري بها العمل السياسي ببلادنا هي القبول بالكيانات والتنظيمات الضعيفة فقط ،والتي إما أن تكون هي نفسها قابلة بالدخول في بيت طاعة النظام الضعيف هو نفسه، ولكنه فقط أقوى الضعفاء، وإما التشديد على محاصرتها وتضييق كل الساحات الواسعة من حولها حتى تظل ضعيفة أو تموت بمرور الوقت اختناقا. ولم يفعل النظام ذلك إلا ليظل وجودها القانوني محسوبا له، وليقلص ويقلل من وجود الكيانات الضعيفة غير المعترف بها والمتمسكة بحقها في الوجود القانوني من حوله، ويكون بذلك قد رسم مشهدا تعدديا حزبيا يشهد له به الواهمون ويشهد به لنفسه توهما على أنه مشهد لحياة سياسية ديمقراطية تعددية مكونة من أحزاب ميتة، وأخرى يسعى، بعد أن حصلت على حقها الشرعي والقانوني في النشاط السياسي والإجتماعي والثقافي أن تلقى حتفها على يديه اختناقا. والذين كانوا قد استفادوا من قوتنا وضغطنا ورفضنا للإستبداد ومواجهته، فزرعنا وحصدوا وأنضجنا فقطفوا وأكلوا، مازالوا يريدون أن يستفيدوا من ضعفنا ولكنهم قد لا يستطيعوا هذه المرة، وهم من كانوا يعتقدون أنهم سيسعدوا ويسعدوا البلاد والعباد في غيابنا، ولكنهم تعسوا ولم يجنوا إلا الشوك وأتعسوا البلاد والعباد. وهذا ما تؤكده كل الأطراف السياسية القديمة والناشئة. وهذا ما يعترف به الصادقون منهم والكاذبون، وهاهم العلمانيون، وبعد أن كانوا سمنا على عسل مع نظام 7 نوفمبر الرهيب ورموزه ومكوناته -إلا من رحم ربك- يضيقوا اليوم بعضهم بأس بعض. ويجرع بعضهم الكأس التي جرعونا وإن بدرجات لا تقبل المقارنة، والتي ربما كانوا يعتقدون أنهم قد جعلوا حدا لتجرعها من قبلهم في ما يستقبلون من حياتهم السياسية. فمازال الإسلامي تلفق له التهم جزافا، وتصدر ضده أحكاما قاسية، ويقضي العقوبة كلها وأكثر منها، وأما غير الإسلامي فسواء توفرت في التهمة الموجهة إليه أركان الجريمة أو لم تتوفر، فإنه لا يعاقب إذا ما استثنينا مدة الإيقاف في انتظار المحاكمة. وإذا صدر في حقه حكم بالعقوبة فإنه سرعان ما يعفى عنه.وهي رسالة يحاول النظام توجيهها للرأي العام الداخلي والخارجي، مفادها أنه ليس له إلا خصم واحد، وأن ما يحصل مع بقية الأطراف أو العناصر أو الشخصيات المعارضة ليست إلا عوارض طارئة وعادية ويمكن تجاوزها ومعالجتها بيسر. وما قضية الأستاذ المحامي محمد عبو وفوزي بن مراد منا ببعيد، حيث قضت المحكمة يوم 28 أفريل 2005 بسجن الأول 3 سنوات ونصف من أجل موقفه الرافض لزيارة مجرم الحرب شارون لبلادنا، وبالإفراج عن الثاني المتهم بالتطاول على هيئة المحكمة يوم 30 ماي 2005 بعد 27 يوما من إصدار المحكمة عليه حكما بالسجن 4 أشهر. فرحى الإستبداد دائمة الدوران تطحن نفسها وتطحن أصحابها إذا لم تجد ما تطحنه. فكان طبيعيا أن ينقلب السحر على الساحر، وأن تنتقل الرحى التي طحنتنا ومازالت تطحننا لطحن من كانوا يرموننا فيها، أو من كانوا يشغلونها، أو من كانوا مكتفين بالفرجة ويجدون متعة في طحنها لعشرات الآلاف من الأحرار والشرفاء رجالا ونساء وشيوخا وأطفالا. أو من كانوا ممتعضين من ذلك وكارهين ورافضين له ولكنهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئا في ما بدا ما يشبه الإجماع بين كل مكونات الحركة العلمانية على الذي كان يحصل من جرائم في حق الوطن والشعب. أو من لزموا الصمت بما يعنيه الصمت من موافقة ضمنية حين كان يجب أن يكون الكلام، وحين كان لا يجب أن يكون الصمت أو…أو. – وأمام تهديد رحى الإستبداد والدكتاتورية لكل مكونات المجتمع التونسي ومكاسبه، فإن الواجب الإنساني والوطني والشعبي والتاريخي يدعو كل الأحرار من أبناء شعبنا بكل فئاتهم وبكل انتماءاتهم الفكرية والعقدية والثقافية والسياسية، ومن كل الأوساط الشعبية والمهنية والمالية والعلمية، ومن كل القطاعات الخاصة والعامة، وفي إطار المطالبة بإصدار العفو التشريعي العام، وفي إطار مشروع الإصلاح الشامل المتواصلة الدعوة إليه والعمل عليه منذ أكثر من قرن ونصف من الزمن، وأمام إصرار المجتمع المدني المشكل من القوى الوطنية الإسلامية منها والعلمانية، وانطلاقا من حسها الوطني، وشعورا منها بمسؤولياتها التاريخية والشعبية والوطنية على إحلال الإنفراج السياسي المطلوب، والمصالحة الوطنية الشاملة، أن نلتقي جميعا من أجل تونس حرة مستقلة ذات سيادة، في حوار شامل يكون الشاذ فيه قد شذ في النار، لنقطع الطريق عن التدخل الأجنبي المباشر في مسيرتنا الإصلاحية الثقافية والسياسية والإجتماعية والإنمائية، وفي إقامة نظام ديمقراطي حقيقي نحن جديرون به، لا إقصاء ولا تهميش فيه لأحد. » إن بلادنا أشد ما تكون حاجة إلى مصالحة وطنية شاملة تطوى فيها ولو بتدرج صفحة تاريخ دام من القمع والإحتكار وتفتح أبواب الأمل أمام الأجيال الجديدة التي يدفعها اليأس من السلطة وربما المعارضة أيضا إلى الإرتماء في أحضان المجهول ومختلف اتجاهاته وذلك ضمن خطة وفاقية جادة تتفق عليها قوى المجتمع السياسي والمدني دون استثناء أو إقصاء، خطة وفاقية تمثل مرحلة انتقالية نحو ديمقراطية حقيقية كانت بلادنا منذ زمن مؤهلة لها. البلاد بحق أحوج ما تكون إلى مصالحة جادة بين السلطة والمجتمع وبين قوى المجتمع فيما بينها وبين البلاد كلها وهويتها ومحيطها المغار بي والعربي. ولا معنى لمصالحة من دون اعتراف الجميع بالجميع على أساس اشتراك الجميع على قدم المساواة في حقوق المواطنة بمنأى عن كل وصاية تحت أي عنوان (1) والذي نأسف له أن أصواتا مازالت بعد كل الذي حصل وكل الذي مازال حاصلا رافضة لأي علاقة مع الإسلاميين شأنها في ذلك شأن السلطة. ولا غرابة في الحقيقة في ذلك، لأن هذه الأطراف هي الملقية إلى حد الآن بثقلها الأكبر فيها والبقية منه في المعاضدة والموالاة والمساندة وحتى في « المعارضة » التي، مازالت في الجانب الكبير منها معارضة للمعارضة الحقيقية الوطنية الإسلامية منها والعلمانية، دعما للنظام الذي اتخذت منه حليفا استراتيجيا لها، وإرضاء للأجنبي، وطمعا في رضاه ودعمه، وحفاظا على هذا الوضع، وخوفا من أي نقلة فيه نحو الإنفراج. ورغم أن دعوتنا لكل هذه الأطراف للحوار والمجادلة بالتي هي أحسن، ومد جسور التعاون والتنسيق على أي نحو وفي أي حد أدنى ممكن، ورغم قبول بعض الأطراف وتردد أخرى، إلا أن مواقف الرافضين من الرفاق من فرقهم المختلفة ركزت على التحالف دون التطرق إلى أي مستوى من المستويات الأخرى من التنسيق والعمل المشترك. فإذا كان من حق هذه الأطراف أن تظل رافضة للتحالف مع الحركة الإسلامية، فإن أشكالا أخرى تبقى ممكنة إذا كان العزم صادقا منها لإحداث تغييرات وإصلاحات أصبحت ملحة اليوم لإنقاذ البلاد من هذا التقهقر الذي أصبحت تعيشه، وهذا التردي الذي تم إحلاله بها والذي كان من صنعها. والذي يجب أن تعلمه هذه الفئة التي لا تمثل إلا نفسها، والتي قبلت أن تعيش على فتات موائد الإستبداد، أن الحركة الإسلامية وإن كانت لا ترى مانعا من إيجاد أشكال كثيرة من التنسيق مع أي كان من الجادين والصادقين والقبول بها، فإنها لا ترغب ولا تقبل التحالف مع حلفاء الإستبداد وصانعيه ، وذلك بما نرى من فرق بين التحالف والتنسيق والتعاون والعمل المشترك وغيرها من العلاقات وأشكال التعامل. إلا أن مختلف فرق اليسار الماركسي من القرامطة الجدد لا تفرق في خطابها ومواقفها بين أي شكل من أشكال الإلتقاء، معتبرة أن أي علاقة لا يمكن إلا أن تكون علاقة تحالف. وهي متمسكة بمبدإ القطع مع الإسلام ومع الإسلاميين بالغة ما بلغت الأوضاع في البلاد من فساد ورداءة وخسران. وموقف السلطة من هذه القضية هو موقف ثقل اليسار الماركسي داخلها والقومي العربي البعثي تحديدا. وهو الذي لا رأي ولا موقف لأحد معه فيها. يقول الرفيق طارق الشعبوني: » فلنتذكر فقط أن بروز القضية الإسلامية كقوة سياسية منافسة للسلطة مثل مأزقا للقضية الديمقراطية في بداية التسعينات. إن قضية التيار الديني السياسي لا تعالج حسب رأيي لا بالوسائل الأمنية ولا بالسماح له بالتنظم سياسيا… » (2) ويقول الرفيق المنصف الشريعي: » إنه علينا التذكير أولا بأن مشروع الدولة والمجتمع لهذه الحركة (الحركة الإسلامية) هو مشروع استبدادي باسم الدين، لذلك فإن النضال ضد الدكتاتورية لا ينبغي أن يدفعنا إلى القبول بمشروع استبدادي تحت أي شكل كان سواء عقائدي أو وضعي (3) » فاليسار الماركسي وانطلاقا من طبيعته الإستبدادية الفاشية ونزعته الدموية الإستئصالية التي تؤكدها النظرية الماركسية ويكتبها تاريخه المعلوم، هو اليوم الشريك الإستراتيجي مع بقايا اليمين الدستوري الإستبدادي في هذا النظام الفاشي الدموي القمعي، وهو يتصدى من هنا وهناك، أي من فرقه داخل السلطة ومن خارجها لأي إمكانية موهومة لقيام دولة استبدادية عقائدية إسلامية حسب ادعاءاته وفساد فهمه وتضليله ومغالطاته. وهو الذي في زمن العولمة واختلال التوازن الدولي لصالح النظام الرأسمالي والديمقراطية الغربية وتولي الشركات المتعددة الجنسيات العملاقة فرض نظام السوق الحر، لم يبق له من ثوابت الديمقراطية الشرقية الإجتماعية المكذوبة سوى معاداته للإسلام في بلاد الإسلام، وتقديم نفسه للإمبريالية الغربية والصهيونية على أن له باعا في محاربة التطرف والإرهاب، وهو الذي يضع كل ثقله اليوم من خلال السلطة في دعم المجهود الأمريكي لمحاربة الإرهاب، بعدما استقر مفهوم الإرهاب على المعنى الذي فرضته الإمبراطورية الأمريكية قائدة الغرب الصليبي اليوم في حربها على أمة العرب والمسلمين، على أنه لا معنى للإرهاب إلا أن يكون إسلاميا ولا شيء غير الإرهاب الإسلامي. ومن ثمة فإنه لا قبول للنظام بالحوار مع الحركة الإسلامية إلا بقبول اليسار الماركسي وعناصر البعث القومي العربي بذلك. لأن السلطة الفعلية بيدهم، ولأنه من منطلق مبدئي لا يحاور الإسلام. ولأن أمريكا والغرب عموما مازالا يحاربانه، ولم تصدر الأوامر لهم بالتحاور مع الحركة الإسلامية التي لا يجب أن يكون لها وجود سياسي قانوني. ويجب أن تظل محظورة غير مسموح لها بالنشاط العلني، ومقاومتها أمنيا، في غير حملة منظمة واسعة النطاق، ضمن خطة مرسومة، يتم مقاضاة كل من يخالفها ممن يمت لأي صلة بالإسلام حفاظا على الأمن ومنعا لزعزعة الإستقرار. أن ضعف مكونات اليسار العربي والماركسي والقطيعة التي تزداد فجوتها يوما بعد يوم بينه وبين الشعب، وهيمنته على القرار السياسي من خلال الأطر الرسمية والهياكل الإدارية للدولة، وهي الوضعية التي لم يكن يحلم بها قط من قبل في تاريخه بالبلاد، ومعاداته للمرجعية الثقافية والعقدية للشعب وللبلاد، هي التي جعلته يفضل وضعا متدهورا على كل الأصعدة مع انفراده فيه بالقرار، والإبقاء على كل إمكانيات المجموعة الوطنية تحت تصرفه، بما يخدم هذا الوجود ويدعم هذا البقاء، أي بما يخدمه ولا يخدم البلاد ولا الشعب، خير من وجود أي صيغة يكون في أحسن الحالات هو طرفا ضعيفا فيها، مع تخوفات شبه مؤكدة لديه بحكم تحجر فكره وثقافته وخشبية خطابه وعزلته عن الشعب، وفشله في حل مشاكل البلاد وازديادها تعقيدا وتفاقما أن أي انفراج يمكن أن يجعله خارج تلك الصيغة أصلا. وهو الذي لا يؤمن في حياته بالآخر. وليس له من ثقافة إلا ثقافة احتكار السلطة وإقصاء الآخر المخالف، وإنهاء أي دور ولو محتمل له معه في الحياة السياسية، لا يستطيع أن يتعامل مع واقع متحرك فيه أكثر من طرف، ويكون قادرا على الحافظة فيه على أي وجود على أي نحو. فهو لا يؤمن بالديمقراطية ولا بالحرية ولا بحقوق الإنسان. مما يجعله غير قابل بحياة سياسية متحركة يكون لكل أنواع الطيف السياسي والفكري والثقافي حضور ودور فيها. « على أن الأصل هو أن الديمقراطية، وهي أفضل ما هو موجود من صور وآليات تنظيم الإختلاف في المجتمع إنما تعمل بنجاح وتيسير عندما يتم توافق بين النخب على نمط مجتمعي معين، فيكون تداول السلطة لا بين النقيض والنقيض وإنما بين الشبيه والشبيه كما نبه إلى ذلك الأستاذ هشام جعيط ، ولكن إلى أن يظهر بين النخب ويتبلور توافق فلسفي ومجتمعي يمكن أن تتم بين عائلات النخب مستويات تعبر عن نفسها في وثائق دستورية وتتأسس على إقرار التعددية والتداول على كل المستويات وتنظيمها والتشديد على رفض كل دور الإقصاء والإحتكار والشخصنة للسلطة وذلك بحشد كل ضمانات توزيع السلطات على أوسع نطاق ممكن بما يمنع نهائيا الإنفراد بالسلطة وجمعها في يد فرد واحد وجماعة واحدة…(1) » إن مثل هذا الخطاب مزعج لمختلف مكونات اليسار الماركسي وبعض إن لم نقل كذلك جل أو كل مكونات اليسار القومي العربي، لأنها تعلم أن أي حوار بهذه الصفة هو مفض في النهاية لتبلور توافق فلسفي ومجتمعي لغير صالحها، ولا يمكن أن تكون طرفا فيه. والأمر يرتقي عندها إلى ما يشبه اليقين أن أي حوار نزيه وجاد بين مختلف مكونات المجتمع التونسي سيكون في النهاية لصالح الإسلاميين، خاصة وسط تنامي الشعور الديني وسرعة الإنتشار التي يشهدها رغم كل الضغوط وكل هذا الحصار المضروب على الخطاب الديني والرقابة الشديدة التي تحاط بها مؤسساته ورموزه. فما بالك بأجواء أفضل، وبعدم وجود ضغوط أو بوجود ضغوط أقل. وبذلك فأي مصلحة لهذه الفرق المكونة لطائفة اليسار الماركسي ولعل اليسار القومي العربي كذلك في فسح المجال لأن يرى وضعا مثل هذا الوضع النور، ويجد طريقه إلى واقع البلاد وحياة الناس؟ فكيف يمكن لليسار المؤمن بالمادة والحياة فقط أن يعمل على الخروج من الحياة إلى الموت، ويفسح المجال لقتلاه لينعموا بالحياة، أي بالخروج من الموت الذي أرداهم فيه إلى الحياة؟ إلا أن الذي يجب أن تعلمه النخبة العلمانية اللائكية، أن هذه الثقافة هي التي أنهت المعسكر الشرقي في أوج قوة الحضارة الغربية الذي هو الوجه الثاني لثقافتها. وأن هذا المنطق المتحجر المنصرف نحو الذات دائما، هو الذي أبقى عليها ضعيفة ومعزولة عن الشعب. وهو الذي مازال لا يزيدها إلا ضعفا وعزلة حتى الإنقراض الذي تتجه إليه بخطى سريعة. ولذلك فعليها أن تتجاوز عقدة معادات الدين، وهذا الفهم المتحجر الخاطئ له، والبعيد كل البعد عن مرجعيته وأصوله ونصوصه الأصلية، لتتجاوز بذلك عقدة الخوف من المستقبل ومن الحركة الإسلامية، لأنها ستجد نفسها معها أو قريبة منها، بما يعزز موقفها ويجعل للجماهير ثقة فيها. وليس ذلك ممكنا لها إلا بإعلان المصالحة مع هوية الشعب، واعتماد ثقافة الحوار والتعارف والمجادلة بالتي هي أحسن مع الشعب، ومع كل مكوناته بدون تحفظ. والإنتهاء وبغير رجعة من الإيمان » بإقصاء الإسلام عن شؤون المجتمع » وعن « العمل على ذلك » و عن « …تطويعه لمقتضيات الفكر المعاصر » احتراما وتقديسا له واحتراما للشعب وللأمة، واحتراما منها لذاتها. أما إذا أصرت هذه النخبة على الإبقاء على أسباب الموت والعمل بها، فإنها ستموت حتما، ولا يتحمل أحد مسؤولية موتها. ولها أن تحافظ على ثقافتها ومرجعيتها وعقائدها، ولكن عليها أن تتجاوز ذاتها إلى الشعب والوطن والأمة والإنسان. وأن تعبر عن نضج سياسي وفكري وفلسفي، وإيمان حقيقي بالديمقراطية التي يقتضي منها القبول بالآخر المخالف بالغة ما بلغت اختلافاتها معه، وعلى أي درجة كان تناقضها معه، وليكن الحوار والتنافس من أجل الصالح العام هو القاعدة التي يلتقي عليها كل ألوان الطيف الفكري والثقافي والسياسي بالبلاد. يقول الأستاذ القائد المجاهد راشد الغنوشي أدام الله ظله: » إن السياسية تدور حول تقديرات المصالح وهذه عادة ما تكون موضع اختلاف مهما اتفقت المرجعيات العقدية. وليس المهم هنا أن تتفق رؤانا ومرجعياتنا العقدية وإنما المهم أن تتوافق على جملة من التثبيتات لضبط اختلافاتنا عند سقف معين فلا تتخطى معه حدود الوسائل السلمية صوب العنف سبيلا لفرض أحد الأطراف آراءه واجتهاداته على الآخرين. وتحت هذا السقف تتوافق على قواعد للتوصل إلى القرار الذي يخص الشأن العام. وتبقى بعد ذلك آليات التدافع السلمي نشطة فعالة لتأكيد ذلك القرار واستمراره ومرجعيته وتغييره، وهكذا تجري عملية تداول الأفكار والبرامج والهيئات والأشخاص حسب الآليات والمبادئ الضابطة المتفق عليها بين قوى المجتمع » (1) هذه دعوتنا للصادقين والمخلصين من الوطنيين من أبناء شعبنا أن نلتقي على كلمة سواء بيننا، يكون الجامع فيها هو الوطن، والضامن فيها بعد الله هو الشعب، والرابح فيها هو المواطن والأمة ثم الإنسان، والخاسر فيها هو الأجنبي. » فان تولوا فقل حسبي الله الذي لا اله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم » سورة التوبة، الآية 129 والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل. (1) وثيقة: نحن مع العمل المشترك، فمن يُقنع الآخرين؟ – راشد الغنوشي (2) الطريق الجديد: عدد 22/ 23/ جانفي/ فيفري 2004. (3) نفس المصدر.
ســجــالات تُــــونُــســيّـــة
أثار البيان الصادر عن عدد من التونسيين المقيمين في الخارج الذي نُشر في عددنا المؤرخ يوم 30 ماي 2006 – ولا زال – الكثير من ردود الفعل. ونحن إذ ننشر (أو ننقل من مواقع أخرى) ما يُحبره المؤيدون والمعارضون للبيان، فإننا لا نرمي إلا إلى إعلام السادة القراء ببعض ما يعتمل هذه الأيام على بعض الساحات التونسية. ومع تفهمنا لغضب أو « زعل » بعض الأخوة المحترمين من بعض ما ننشر أو ننقل فإننا ندعو الجميع إلى التعاطي بأقصى درجات الأريحية والتسامح والتفهم مع أسلوبنا في إعلام الجمهور التونسي العريض مع التأكيد مجددا على أننا لا نقف في هذه « المواجهة » أو « المعركة » مع أي كان. فدورنا يقتصر على الإعلام وإيصال المعلومة فقط.
هيئة تحرير « تونس نيوز »
5 جوان 2006
لفت انتباه
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة و السلام على صاحب القدر العظيم و الخلق الكريم
إلى الأخوة أسرة تحرير تونس نيوز:
السلام عليكم و رحمة الله و بعد،
في البداية لا يسعني إلاّ أن أثمّن جهودكم و اشكر الله لكم سعيكم في المحافظة على هذا المنبر الذي أصبح بدون مبالغة مرجعًا لكلّ باحثٍ عن المعلومة « المطموسة » أو الغائبة في غيره من مسائل الإعلام، غير أنّي أسمح لنفسي أن أوجّه إليكم عتابًا أرجو أن يتّسع صدركم له و ذلك بفتحكم هذا المنبر لبعض الأقلام الصفراء التي تختفي بكلّ جبن كلّ مرّة تحت أسماء مستعارةً و أحيانًا سخيفة مختصّةٌ في البهتان و التّزوير و الغمز و اللّمز والسّباب متجاوزةً كلّ حدود الأخلاق.
ـ فلئن تفهّمنا قبولكم بالسّماح لنشر بعض المواضيع ذات القيمة بأسماءٍ مستعارة حتى يتجنّب أصاحبها أيّ إحراج أو مضايقات ـ داخل حدود الوطن و خارجه ـ فإننا لا نفهم هذا التساهل مع بعض الأسماء السّخيفة لنشر بعض المواضيع التافهة تفاهة أصحابها أو تفاهة من يقف ورائها، قصد الإيذاء والنّيل من كلّ ذي رأيٍ صريح يريد أن يكون صادقًا و نزيهًا مع نفسه و مع إخوانه و يتجشّم في ما يكتب مسؤوليته بكلّ شجاعة و أمانة. فقد أصبح سماح الأخوة القائمين على هذا المنبر لهذا « الرهط » بشتم الناس وإهانتهم، هو بمثابة عقاب لكل الذين يُحاولون إثراء هذا المنبر، و لشجاعتهم على الكتابة تحت أسمائهم الحقيقية..والذين بالمناسبة، أحييهم و أحيّيي جهودهم حتى وأن يُخالفونني في الرأي والتفكير و أخالفهم. فلا ضير في ذلك طالما هذا الخلاف يدور داخل حدود الآداب.
ـ أردتُّ بهذا أن ألفت انتباهكم بكلّ أسف لنشركم مقالاً لمن سمّى نفسه « تونسي و ½ » تحت عنوان « البيان الأغرّ » وهو منقول من إحدى المنتديات الافتراضية، فقد سمح لنفسه هذا المجهول بأن يعتدي على البيان الحقيقي المنشور على موقعكم الموقر بتاريخ 29/05/2006 تحت عنوان « من أجل مأساة طالت » بأن يُغيّر شكل الأسماء و يعمد بعد ذلك بكلّ سفاهةٍ إلى إبدال البريد الإلكتروني الأصلي الذي وضعته لجنة البيان، بعنوان آخر تهكّمي، قصد التّضليل و اللُّبس على النّاس…
ـ ففي كل مرة يبدأ الحوار شيّقا ومثمرا على صفحات هذا الموقع، فلا تلبث هذه الأقلام الصفراء السخيفة أن تتسلل تحت ستار الأسماء المستعارة لتشتم هذا أو تسب ذاك، فينحرف بذلك الحوار عن مساره المفيد و ينقلب إلى تهريج و تبادل اللكمات التي لن يستفيد منها إلا المتربصون من كل ناحية، أو هؤلاء المثيرين لنار الفتنة في كل موقع قصد ترذيله و توسيخه حتى لا يعود صالحا لكل ذي عفة و شهامة.
ـ فهل يليق أيّها الأخوة بان يُنشر هكذا تُرّهات و صبيانياتٍ ـ تُبرهن على مستوى أصحابها ـ على موقعكم المحترم و المسؤول؟ هل يليق كذلك بموقعٍ يُحظى بالاحترام و المصداقية من لدن القرّاء أن يُعيد نشر بعض الأراجيف لبعض المواقع المشبوهة والمتخصّصة في البهتان و هتك أعراض النّاس؟ وما يُؤسفني أكثر أنّ الأخ عبد الحميد العدّاسي قد وضع يده في هذه « المزابل » ليُعيد نشر بعض ما فيها حرفيّا برائحته الخبيثة، فيكون بذلك قد أوقع نفسه ـ دون أن يشعر ـ في الدّعاية لها و التّعريف بها.. حتى و أن كان القصد منه شريفا..
أيّها الأخوة الكرام، إنّ الله قد خصّكم في هذا المجال بتغيير المنكر بأيديكم دون غيركم وذلك بمنع كلّ ما يخالف الخلق الإسلامي الرّفيع وأخلاق المهنة من جهة، ومن جهة أخرى الدّفاع عن حريّة الكلمة المسؤولة وأعراض من يتحمّلون مسؤوليتها مهما كانوا.
محمد العماري
باريس، في 5 جوان 2006
بسم الله الرحمن الرحيم
متى يسقط الصنم
د. عبد السلام الأسود: 05-06-06
الرد على بيان 30 ماي الشهير كان ويكون بمقال مستقل لا بهذا الشكل المنحط الذي صدر في عددكم بتاريخ 04-06-06 . ثم وهو الأهم كان يجب التوقف عند الإمضاءات، فلا تعليق على أسماء أمضى أصحابها على البيان أو تشويه لعنوان الاتصال على النت، كل هذا خروج على حدود الأدب وهو كذالك خروج عن حدود العمل السياسي. و لعلّ كاتب هذه اللخبطة يكون ممن تعود ذلك.
إنّ نشر هذا المقال على منتدى حوار.نت لا يمكن أن يُقبل ولكن يمكن أن يَمر لأنه موقع بدون تدخّل، بدون « مديتار ». أمّا أن تنشره تونس نيوز أو غيرها، وعذرها أنها وضعت وصلة المقال فذلك ما لا أرضاه لها أبدا.
يمكن أن نجد عذرا لصاحب المقال في اختياره التعليق على البيان بهذا الشكل في عجزه على كتابه نص متكامل يتحمل مسؤوليته فيه. فهو يعاني ضعفا ملحوظا في اللغة، و ضعف أخر جعله لا يمضي باسمه. فجمع كاتب التعليق « التقية » بتخفيه عن الأنظار و »عصمة الأمام » بذبّه عن قيادة الحركة فيكون دورنا أن نشهد له انه من شيعة حركة النهضة لعل ذلك يوافق قصده فالله وحده يعلم السرائر.
لقد أزعجه في البيان أن نقول نختلف معكم.. أزعجه كذلك أن نقول أن أداء قيادة حركة النهضة سلبي جدا رغم مراعاة ظروف التخفيف عند هذا الحكم. رغم كل ذلك يبقى أداء قيادة حركة النهضة سلبي جدا، و لا حول و لا قوة إلا بالله!! و لن أدعوك لشرب البحر و لا لشيء أخر يذهب العقل، و لكني متأكد أن الطهر الثوري كذلك لن يحررك مما أنت فيه.
البيان قال ما قاله كثير من العقلاء فرادى فذهب أدراج الرياح، و اليوم نسجل بعض هذه المواقف مجتمعين حتى نشهد على الناس أجمعين. أما الاتصالات المكثفة و الضغط بكل أنواعه على أبناء الحركة لمقاطعة البيان فهو تمام الحجر على عقول الناس. ولن يغير من الأمر شيء فالبيان قد صدر!
لقد كتب أحد الأخوة الكرام (السيد فتحي عبد الباقي) مقالا بتاريخ 26-10-2004 على صفحات تونس نيوز، قال فيه: » أن تبادر النهضة للقيام بنشر نقدها الذاتي و تعترف بأخطاء البعض من قياداتها وتتوقف عن إذلال قواعدها ( بالجري وراء سراب ما يسمّى باليسار المتآمر) والبحث جادّة عن حلّ مع السّلطة ». (1)، وهنا أحييه فقد عبّر بصوت عال عما يخالج الكثيرين !!
(1) تونس نيوز، العدد 1620 بتاريخ 26 أكتوبر 2004
طال عليهم الأمد فهرولوا
علت أصوات من هنا وهناك تتداعى حنينا للعودة إلي تونس وتحض عليها مجملة مزينة الحال هناك حاملة على كل من يرى غير ما ترى.
أصوات كانت منذ عهد قريب ترتدي عباءة المهاجرين الفارين بدينهم هربا من لأواء العهد الجديد، ماضين في كل ناد يتباكون على الإسلام وأهله في تونس، مستعيذين من شر وظلم وقهر الجنرال وعصابته.
لكن يبدو أن الحال في تونس قد غدت حلوة خضرة في عيونهم وظهر لهم غير ما كانوا يرون من قبل، وطال عليهم عهد الهجرة وبلاؤها فولوا وجوههم شطر قصر قرطاج، فغدوا يزورون بديع البيان ومحاسن الكلام يطرقون به الأبواب، وقد زاد في لهفتهم الخبر أن الأبواب ستفتح لهم، وسيستقبلون بالأحضان، فهم أهل الحظوة سيكونون، والعهد عهد العفو عما مضى.
هكذا تتراءى الصورة وهكذا يريدونها، لكننا نتذكر هجرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحبه وقد عاد وولى عن هجرته بعض من هاجر قبله ومعه.
فليس القوم أول من ولى وتولى، فالقول لهم وفي حالهم عين ما جاء في صحيفة صلح الحديبية، والله المستعان على أمرهم.
فالحذر الحذر من الفتانين، والله نسال أن يحفظنا ويثبتنا ولا يزيغ قلوبنا،
وإننا نربأ بكل من كانت هجرته لله أن يحبط عمله بعد طول جهد وعناء وصبر، فالمصابرة المصابرة والله ممكّن لدينه وأهله في تونس ولا ريب.
محمد سعيد
خميس قشة
محرز الكريمي
وصلنا المقال التالي من السيد رياض الحجلاوي:
بسم الله الرحمن الرحيم
لا تزال ثلة من أبناء تونس البررة تقبع في غياهب السجون سيئة الذكر مثل برج الرومي والهوارب و9 افريل وصفاقس وغيرها وهم صابرون محتسبون يضربون لنا الأمثلة في التربية والتشبث بهذه الحركة المباركة و لم تثن هذه السجون رغم طول المدة من عزائمهم و لم يتملقوا للظالمين و لم يخونوا ربهم و بلدهم ولا حركتهم » فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا » .
مع هذا الصبر ورغم المدة الطويلة التي تزيد عن عقد ونصف أبلت الحركة البلاء الحسن في الدفاع عنهم و التعريف بقضيتهم في كل المحافل الدولية والإقليمية رغم ضخامة الدعاية الإعلامية والدعم الدولي والصهيوني للنظام الظالم في تونس. لم تستطع هذه الجهود الخبيثة عزل حركتنا بل على العكس من ذلك كسبت الحركة مساحات محترمة في نسيج المنظمات و المؤسسات الحقوقية. فقد صدرت العديد من التقارير المفصلة التي تصف المظلمة و تفضح ممارسات القمع.
فى هذه الظروف تخرج علينا مجموعة ممن تحسب نفسها على الحركة ببيان مملوء أباطيل يتهم الحركة بالمتاجرة بقضية المساجين ويبرئ الجلاد الظالم .
رغم اختلافنا في تقييم أداء القيادة فإن هذا البيان يقرأ في النوايا ويشيع أجواء التثبيط والهوان.
ولو قارن أصحابه أنفسهم بمن هم وراء القضبان و هم صابرون محتسبون رغم معاناة السجن فإنهم سيعرفون أحجامهم.
إنهم ليسوا محاصرين بل أكملوا دراستهم و التحقوا بوظائفهم وبنوا عائلاتهم . ورغم ذالك ضعفت نفوسهم .ولم تدفعهم الحياة الكريمة التي يحيونها إلى تقديم العون لهؤلاء المساجين الذين لم يروا منهم سوى التثبيط و الترذيل.
إن الأخوة المساجين يترقبون منكم العون والإسناد. وستبقى هذه الحركة المباركة محضنا لرعاية الأجيال و تعليمها دينها وسيبقى المساجين يعلمونكم معاني التمسك بالمبادئ ومعاني عزة الإيمان والإسلام رغم كل العذابات .كفاكم ذلا وهوانا و اتركوا أصحاب القضية الحقيقيين يدافعون عن قضيتهم وانه ليعيبكم أن تضعوا الجلاد و الضحية في نفس الدرجة من المسؤولية .
باريس في 5/6/2006
رسالة من أمير المؤمنين الى والي تونس
في ازمة الرابطة ومخارجها
ابراهيم عبد الصمد لن اتحدث اطويلا عن الذين تسببوا في القضايا التي رفعت ضد الرابطة من فصيلة الملولي وبن يونس وبقية الدساترة الذين ارتضوا الوصول لحل وسط ثم تراجعوا تحت تاثير ادارة التجمع ومراكز القوى.
مئات المواليد خارج إطار الزواج.. يرفضون أن يكونوا مجرد أرقام على أسـرّة
10 مؤسسات جامعية جديدة بـ9 مدن
الإنقلابي الموريتاني العقيد « أعل ولد محمد فـال » يسير بثبات على خُطى الزميل التونسي زين العابدين بن علي!!! ويُـفـتـي بلا أدنى حياء : « ان محاولة تأسيس أحزاب إسلامية في موريتانيا التي هي بلد إسلامي يعتبر في حقيقته خيانة لله تعالي وخيانة الله لا تجوز أبدا ونحن لن نقبلها أيضا » نرفض سلفية الجهاد وسلفية التكفير وسلفية الكلاشنكوف
الرئيس الموريتاني يرفض التحزب الإسلامي ويؤكد خلو بلاده من الرق
الجزائر: وفاة لكحل عياط المسؤول السابق عن الاستخبارات
المغنية الاماراتية رنا فاروق تعتزل وتطلب منع كليباتها من الفضائيات
حققنا الاستقلال لكننا لم نحقق الحرية
هل انتكست براعم « الديمقراطية العربية »؟
سعد محيو – بيروت
هل بدأ العد العكسي لبداية نهاية المشروع الديمقراطي الأمريكي في الشرق الأوسط؟ تنفي واشنطن ذلك بشدة، وتؤكّـد أن عملية الإصلاح يجب أن تستمر « مهما كانت الصعوبات« .
لكن الأنظمة العربية السلطوية الحليفة لها ترد على هذا السؤال بـ « نعم » قوية عبر استئناف ما انقطع من وسائل القمع ضد شعوبها، غير عابئة بكل بيانات الاستنكار التي تصدر تارة من واشنطن.
من نصّدق؟ سنأتي إلى هذا السؤال بعد قليل. قبل ذلك، فلنستعرض معاً ما يجري هذه الأيام في بعض الدول العربية الرئيسية.
الانقلاب المصري
في طليعة هذه الدول، تنتصب بالطبع مصر، وهذا ليس فقط لأنها أكبر وأهم دولة عربية، بل لأن المشروع الأمريكي لدمقرطة الشرق الأوسط الكبير، عينها القائدة، الأنموذج لعملية الدمقرطة هذه.
شهدت أرض الكِـنانة في الآونة الأخيرة انفجارا في درجات العنف ضد المعارضة، شمل عمليات ضرب وسحل في الشوارع واعتقال المئات الذين كانوا يتظاهرون في إطار ما بات يسمّـى « انتفاضة القضاء« .
هذا القمع المفاجئ، الذي لم يسبق له مثيل منذ 11 سبتمبر 2001، والذي سار في اتجاه معاكس تماماً لكل التعهدات الرسمية المصرية باحترام الحريات وقواعد حقوق الإنسان، أثار شكوك الكثيرين في الشرق الأوسط حول وجود « ضوء أخضر » أمريكي ما وراءه، وهي شكوك تعززت بتطورين اثنين:
الأول، خطاب الرئيس المصري حسني مبارك أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في شرم الشيخ، والذي كان للمرة الأولى منذ سنوات « جريئاً » في انتقاده للعديد من التوجّـهات الأمريكية في المنطقة: من دارفور والعراق إلى الملفات النووية الإيرانية والإسرائيلية في المنطقة، ومن فلسطين إلى لبنان وسوريا. لكن الأهم أن مبارك وجد الفرصة سانحة، للمرة الأولى منذ أحداث 11 سبتمبر، للانقضاض على القرار الأمريكي بمنح الإصلاح الديمقراطي الأولوية على تسوية الأزمات الإقليمية، وقال بنبرة عالية ومميزة: « الإصلاح في المنطقة لن يكون الطريق إلى تسوية القضية الفلسطينية، بل العكس هو الصحيح، كان موقفنا ولا يزال، هو أن هذا التحليل لا يعي ظروف المنطقة وأوضاعها ومشاكلها، وأنا حذرت منه مراراً« .
بالطبع، ليس من الصعب اكتشاف المعطيات التي جعلت مبارك ينتقل من الدفاع إلى الهجوم في علاقته المتوترة منذ فترة غير قصيرة مع واشنطن حول مسألة أولوية الإصلاح. فإمبراطورية بوش غارقة حتى أذنيها في مستنقعات بلاد ما بين النهرين، الأمر الذي جعل إيران طليقة اليد في التصرف (وحتى إشعار آخر) كدولة إقليمية كبرى في الخليج وبقية المنطقة العربية، والاندفاعة الديمقراطية الأمريكية لم تجلب الترياق لمعضلة « الإرهاب »، بل على العكس أوصلت إلى السلطة في فلسطين، ونسبياً في مصر، قوى ترفض الاعتراف بإسرائيل وتصنفها واشنطن في خانة الإرهاب.
التطور الثاني، هي المقابلة الملفتة التي أجرتها « فاينانشال تايمز » في شرم الشيخ مع رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف، والتي ركّـز فيها على النقاط الآتية:
· القاهرة لا تشعر بأنها تتعرض إلى ضغط من واشنطن لتسريع الإصلاحات السياسية، برغم بيانات المسؤولين الأمريكيين في هذا الشأن، وهي ليست على عجلة من أمرها لإجرائها.
· واشنطن لن تستعمل المساعدات لمصر (ملياري دولار) للضغط عليها من أجل الإصلاح،(وهو أمر أكّـدته لاحقاً واشنطن أيضاً).
· لم يؤكد نظيف التقارير التي تحدثت عن أن حكومته ستمنع الإخوان المسلمين من الترشح كمستقلين في الانتخابات المقبلة، لكنه لم ينفها تماماً أيضاً، لا بل نسب إلى الرئيس الأمريكي بوش وصفه حركة الإخوان المسلمين في اجتماع معه العام الماضي بأنها « منظمة إرهابية »، برغم أن هذه الأخيرة غير موجودة على أي لائحة إرهاب في الولايات المتحدة.
.. ودول أخرى
هذه المواقف السياسية الحادة، التي ترافقت مع مواقف أمنية عنيفة أكثر حدة، لم تكن قصراً على مصر، بل طالت العديد من الدول العربية التي شعرت بأنه بات في مقدورها الرد بـ « شجاعة » على كل الضغوط الغربية المتعلقة بالديمقراطية.، وكان هذا واضحاً في سوريا، التي لم تكتف باعتقال 12 ناشطاً سورياً من الموقّـعين على « إعلان بيروت – دمشق، دمشق- بيروت »، الداعي إلى علاقات جديدة بين البلدين، بل أرفقت ذلك ببيان قوي ندّدت فيه بشدة الاتحاد الأوروبي الناقد لها ودعته إلى « وقف السماح بإقامة السجون الطائرة في أجوائه ومطاراته، والمعتقلات السرية فوق أراضيه »، قبل انتقاد الممارسات السورية.
كما كان واضحاً في اليمن، التي دشّـنت سلطاتها مؤخراً حملة اعتقالات واسعة ضد الصحفيين وبعض قادة المجتمع المدني، برغم أن رئيس هذه الدولة علي عبد الله صالح كان أول من دعا إلى تطبيق الإصلاحات الديمقراطية، رافعاً شعاره الشهير: « فلنحلق بأنفسنا قبل أن يحلقوا لنا« .
وفي تونس، تعرّض رئيسها زين العابدين بن علي، الذي أعلن مراراً التزامه بتطبيق الديمقراطية، إلى انتقادات قوية من مؤسسة « فريدوم هاوس » بسبب استئناف مضايقة الإعلاميين والاعتداء عليهم جسدياً ». كما أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية في 3 أبريل الماضي بياناً شدّد على إدانة حالات قمع محددة ضد المحامي محمد عبو، ونايلة شرشور حشيشة لانتقادها الرئيس التونسي ومطالبتها بالديمقراطية.
ثم جاءت إشارة مهمّـة من المملكة العربية السعودية، إذ أصدر وزير الخارجية سعود الفيصل بياناً بعد لقائه الرئيس بوش في واشنطن، امتدح فيه، للمرة الأولى منذ فترة غير قصيرة، سياسات هذا الأخير في الشرق الأوسط. كما خلا البيان الأمريكي الذي صدر عقب هذه المحادثات من أي إشارة إلى مسألة الإصلاحات، مستعيضاً عنها بالحديث عن المصالح النفطية والإستراتيجية للبلدين.
معسكران
نعود الآن إلى سؤالنا الأولي: هل جاء اندفاع الأنظمة إلى العنف كنتيجة لتراجع واشنطن عن مشروعها الديمقراطي؟
يميل المراقبون إلى التأكيد بأنه ليس هناك بالفعل تفسير آخر لهذا العنف، سوى أن واشنطن عطست، فأصيب كل الشرق الأوسط بالزكام، وهي كانت عطسة لا ديمقراطية، شجّـعت الأنظمة العربية على « استئناف العمل كالمعتاد » مع شعوبها.
تمثلت مؤشرات هذه العطسة في عودة الجدل في أمريكا بين الواقعيين والمثاليين حول مشروع التغيير الديمقراطي في الشرق الأوسط، إلى المربع الأول، بسبب تعثّـر مشروع واشنطن في العراق، والصعود المدوي للإسلاميين في مصر وفلسطين، وتصاعد العمليات الإرهابية بدل تناقصها.
فالواقعيون يرون إلى هذه التطورات على أنها دليل على أن التغييرات الديمقراطية الأخيرة في الشرق الأوسط، لم تصب في خانة المصلحة القومية الأمريكية (والإسرائيلية)، ولم تخدم حتى كأداة لكشف المستور من تخطيطات الإسلاميين وتوجهاتهم وبالتالي، لا مناص برأيهم، من العودة إلى الاعتماد على الأنظمة السلطوية لتأمين هذه المصالح، كما كان الأمر طيلة السنوات الستين الماضية.
تحظى وجهة النظر هذه بالطبع بدعم حماسي من اللّـوبي اليهودي اليميني في أمريكا ومن إسرائيل، اللذين كانا يعارضان من البداية فكرة الديمقراطية العربية، كما أنها تحظى أيضاً بتفهم جنرالات البنتاغون وأجهزة الاستخبار القومية، الذين يفضلون رؤية نتائج سريعة على الأرض عبر أدوات القمع العربية، على انتظار عقد أو عقدين لتحقيق النتائج نفسها عبر الأدوات الديمقراطية العربية.
أما المثاليون فيبدون هذه الأيام في حيص بيص. فلا هم قادرون على الدفاع عن مشاريعهم الأيديولوجية في الشرق الأوسط، ولا في وسعهم ببساطة إعلان تراجعهم عنها.
أعربت مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية السابقة مؤخراً « واشنطن بوست » عن خشيتها من هزيمة المثاليين وانتصار الواقعيين، وحذّرت من أن ذلك سيتسبّـب بمضاعفات كارثية على سمعة أمريكا ونفوذها في الشرق الأوسط وبقية أنحاء العالم.
ويبدو أن روبرت زوليك، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية، اختار مؤتمر المنتدى الاقتصادي العالمي في شرم الشيخ للرد على هذه المخاوف، فأكّـد أن « الشرق الأوسط يمر بمرحلة تغيير مهمة، تتمثل في انهيار النظام الشرق أوسطي القديم »، وأن الولايات المتحدة « ستواصل دعم أولئك في المنطقة الذين يقودون الحملة لتحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية ». لكن، ومرة أخرى، من نصّدق؟
ضريبة الدم
فلنقل أولاً، إن الاندفاعة الأمريكية الأولى لدمقرطة الشرق الأوسط، فقدت زخمها أو على الأقل طموحات محافظيها الجدد، الذين كانوا ينوون تغيير كل خرائط المنطقة السياسية والإستراتيجية والاقتصادية دفعة واحدة.
ولنقل ثانياًً، إنه من المرجّـح الآن، وفي ضوء كون الإسلام السياسي « غير المطواع » (كإخوان فلسطين ومصر وغيرهم)، هو المستفيد الأول من الإصلاحات السريعة، أن تعمد واشنطن إلى التركيز على أولوية الإصلاحات الاقتصادية على السياسية، كما فعلت في شرق وجنوب شرق آسيا، وعلى دعم نمو الأطراف الليبرالية والعلمانية العربية لمواجهة الإسلام السياسي.
وبالطبع، ستجد الأنظمة العربية، التي اشتمت سريعا روائح دم هذا التحوّل الأمريكي، في ذلك فرصة أكثر من ذهبية لإعادة إدخال مجتمعاتها المدنية إلى أقفاصها، وهذا بالتحديد ما تسارع إلى فعله الآن.
لكن، هل تنجح؟ الأمور ستعتمد على الشعوب العربية نفسها التي يبدو أن عليها من الآن فصاعداً دفع ضريبة دم فادحة، مقابل الحصول على حرياتها.
لكن هنا ثمة أمران لصالح هذه الشعوب: الأول، أن الاندفاعة الأمريكية قوّضت بالفعل، كما قال زوليك، العديد من أسس النظام الشرق أوسطي القديم، وإن كانت رياح هذا التقويض لم تسر كما تشتهي سفن واشنطن. والثاني، أن المجتمعات العربية التقطت بعض أنفاسها المكتومة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ويُـفترض أنها لن تتخلى عن هذا المكسب ببساطة.
وكما يقول نيقولو ماكيافيلي عن حق: « من الصعب إعادة السيطرة على أي شعب تذوّق، ولو لمرة، طعم الحرية« .
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 5 جوان 2006)