الاثنين، 4 أغسطس 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N°2995 du 04.08.2008
 archives : www.tunisnews.net 


جمعية صوت حر: سجين الرأي بوراوي: مخلوف مخاطر الإعاقة البصرية بعد سبعة عشر سنة من السجون والتعذيب

د منصف المرزوقي: بعد الاعتداء الأخير على عبد الرءوف العيادي البلطجة أساس الحكم

عبدالحميد العدّاسي: دعــــــــــــــوة هــــــــامّة

الشـــاذليّ العيّــــادي: أخي العزيزعبد الرؤوف العيّادي:أكيد للغاية تحت طائلة كبير المصائب و بارز النوائب وساطع الخيانات

الصباح الاسبوعي:ما بعد مؤتمر «التحدي» بأيّ وجه ستستهلّ تونس العقد الثاني من الألفيّة الثّانية؟

الصباح الاسبوعي:بإقرار توسيع صلاحيات مجلس المقـاومين واقحام أعضائه في اللجنة المركزية كيف ستكون ملامح «المقاوم الجديد» وهـل له مواصفات خاصة؟

الصباح الاسبوعي: مصافحة مع المدير العام لديوان التونسيين بالخارج

الصباح الأسبوعي:تحديد قياسات الخبز المدعّم وهامش ربح التاجر المروّج له .

واس:عدد المعتمرين التونسيين في رمضان القادم قد يصل إلى 18 ألف شخص

الصباح الأسبوعي: سنمّار» الذي لا يتوب

الدكتور عباس الجنابي: الثانـــــــــــي اثـنيـــــــــــــــــــــن ( شعر )

مراد رقية أحد أعلام ومناضلي الحركتين الوطنية والجمعياتية بقصرهلال والوطن التونسي،محمد بن علي ابراهم (1899-12جوان1945)

مراد رقية: شركة اتصالات تونس تتحايلعلى الحرفاء برضاهم وتبتز أموالهم

د. عمر النمري : إحصائية ذات دلالة

د. أحمد القديدي : من وراء الحملة المشبوهة ضد الإسلام؟

عبداللطيف الفراتي : خلط الأوراق إسرائيليا والتأثير العميق عربياً

توفيق المديني: أوباما يستكشف تضاريس السياسة الدولية

السيد يسين: العولمة والنقد الذاتي العربي

جورج طرابيشي جورج طرابيشي: العلمانية مطلب إسلامي ! !

محمد الصواف  :حماس: هكذا سقطت « قلعة » حلس

الأهرام:  نقطة نور الجميع خلف البشير‏!‏

د. محمد نور الدين: المحكمة الدستورية تنقذ تركيا من الفوضى… وحـزب العـدالـة والتنميـة مـن الحـظر

بشير عبدالفتاح : حزب «العدالة والتنمية» يتجاوز آخر حصون العلمانية في تركيا


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante :Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم  وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- هشام بنور

22- منير غيث

23- بشير رمضان

24- فتحي العلج 

 

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- الصادق العكاري

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


سجين الرأي بوراوي مخلوف مخاطر الإعاقة البصرية بعد سبعة عشر سنة من السجون والتعذيب

 

 
بعد مضي أكثر من 17 سنة سجنا، ونتيجة للإهمال الصحي المتمثل في الغياب الكامل أو التباطئ المقصود في العناية الطبية الذي يتعرض له عادة مساجين الرأي بشهادة المنظمات الحقوقية المختصة، يتهدد السجين السياسي بوراوي مخلوف خطر فقدان البصر بعد تمزق شبكية إحدى عينيه. يذكر أن السيد بوراوي مخلوف اعتقل في أفريل سنة 1991 على خلفية انتمائه لحركة النهضة التونسية وحوكم بالمؤبد إثر محاكمات سياسية أجمع محامون تونسيون ومراقبون دوليون على كونها تندرج ضمن خطة تصفية خصم سياسي وتفتقد لأبسط قواعد العدالة وحقوق الإنسان. وقد سبق أن شن السيد بوراوي مخلوف كغيره من مساجين الرأي العديد من إضرابات الجوع مطالبة بتحسين ظروف الإقامة حينا و احتجاجا على مظالم تسلطها الإدارة عليه و على رفاقه أحيانا أخرى. وعليه، فإن جمعية صوت حر: * تطالب السلطات التونسية بالتدخل الفوري لتوفير الإسعافات اللازمة إنقاذا لما يمكن إنقاذه * تحملها كامل المسؤولية عن أي إعاقة بصرية أو عاهة جسدية قد تلحق به وتعتبرها نتيجة مباشرة لغياب العناية والإهمال المقصود * تطالبها بإطلاق سراحه وجميع مساجين الرأي في تونس * تناشد المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية التدخل الفوري لدى السلطات التونسية من أجل التعجيل بإسعافه وتسريحه. Voix Libre ONG oeuvrant pour les droits de l’Homme contact@voixlibre.org Tel : 01 46 58 55 44 – Fax : 01 46 58 55 45 Port : 06 60 37 68 16  – www.voixlibre.org  

بعد الاعتداء الأخير على عبد الرءوف العيادي البلطجة أساس الحكم

 

 
د منصف المرزوقي: اعتداء آخر على عبد الرءوف العيادي من طرف أعوان النظام يؤكد ليس فقط أن الرجل مستهدف وإنما الطبيعة الخفية للنظام .الذي يتحكم في رقابنا ويريد التواصل إلى ما لا نهاية ، عبر  » الترشّح » ل »لانتخابات  »  » الرئاسية » المقبلة. إذا كان شعار ابن خلدون وتلامذته العدل أساس العمران ، فشعار بن علي وزمرته البلطجة أساس الحكم. هذه البلطجة المهيكلة والمؤسسة والمنظمة للنظام لها أبعاد ومستويات أصبحت واضحة لكل العيون ويمكن استعراضها كالآتي السرقة : من سرقة سيارات المعارضين إلى سرقة أموال الشعب الترويع: من ضرب علياء القوم على قارعة الطريق ، من علي بن سالم الشيخ إلى خديجة الشريف المرأة، مرورا بالمحامين والأساتذة والصحفيين …إلى الثلاثين الف إسلامي الذين وقع تعذيبهم في التسعينات وهذه السنوات الثلاث الأخيرة الابتزاز والتهديد: من استهداف عائلات المعارضين إلى استعمال الكاسيتات البرنوغرافية ضدهم. الكذب :من الوعود المضحكة بخصوص نسب النمو خيالية إلى نهاية الرئاسة مدى الحياة. التزييف: من محاضر الشرطة بخصوص تواريخ الإيقاف إلى تزوير إرادة الشعب عبر انتخابات يندى لها الجبين واختفت حتى من أفقر الدول الافريقية. كل هذا وراء ستار الكلمات الفخمة التي مجها الناس ولا فائدة في تكرارها ، لكن يجب أن نخص واحدة منها لأنها الأكثر إثارة للضحك : التصرف الحضاري. بن علي وزميمهم نفسه من انصار البلطجة الحضارية : الكذب الحضاري والضرب الحضاري والتزييف الحضاري والبرنوغرافيا الحضارية والسرقة الحضارية والانتخابات الحضارية . هذا النظام الذي لا مكان له إلا في مزبلة تاريخنا ويجب اقتلاعه بمقاومة مدنية صارمة في نهجها وفي عزمها على وتخليص تونس من حكم  » الباندية والباربوات » … هو الذي يصر البعض على إصلاحه والتصالح معه ولعب ورقة التغيير الحضاري معه. كم صدق المثل الفرنسي : لا أكثر عمى من الذي لا يريد أن يرى ولا اكثر طرشا من الذي لا يريد أن يسمع صحيح أنهم هم ايضا معارضون حضاريون منصف المرزوقي (المصدر: موقع الدكتور منصف المرزوقي بتاريخ 4 أوت   2008)  

دعــــــــــــــــوة هامّة  
 
 
عبدالحميد العدّاسي:     قرأت في الأيّام الأخيرة مقالا للاستاذ صلاح الدّين الجورشي تحدّث فيه عن انقسام الإسلاميين حول مسألتي العودة والمصالحة، وصفه بأنّه (الانقسام المزعزم) مصدر صداع شديد لقيادة حركة النهضة. ثمّ توالت عليّ بعض الأخبار أو الحكايات (الأمينة) عن سلوك بعض موظّفي السفارات التونسية في أروبا، وقد تعمّدوا دعوة بعض الإسلاميين الرّاغبين في الحصول على جوازاتهم لزيارة البلاد إلى الإمضاء على بيان يُنسب لقياديّ بارز سابق في حركة النهضة. ثمّ ما لبثت أن سمعت عن ورقة « داخليّة »، قد يكون الأستاذ صلاح الدّين الجورشي أسّس عليها مقاله السابق بعد أن حصل على نسخة منها (يقول الجورشي: إنّ النص فيما يبدو مُـحاولة لرفع السِّـتار عن طريقٍ يبدو للكثيرين مسدودا ودعوة أساسية إلى تغيير طبيعة العلاقة مع السلطة في اتِّـجاه إنهاء حالة المواجهة معها)، وقد رجوت – وأنا متّهم من طرف البعض بالإغراق في التحزّب إلى حركة النهضة – الحصول على هذه الورقة لقراءتها ومحاولة الإسهام في مناقشتها داخليا وقبل أن تصل إلى الدّاخليّة (يُقال أنّها وصلتها)، ولكن دون طائل…   وقد فرغت اليوم من قراءة « الورقة » التي وصلتني ضمن بريدي من طريق غير الطريق التي رُمتها، وقد رأيتها قيّمة موضوعيّة، وقد رأيت بُناتَها حائزين على الثقة مهتمّين بأمر المسلمين في تونس وغيرها من البلاد متسلّحين بالإخلاص واليقين… ولست هنا لمناقشة ما جاء في الورقة بالتفصيل المفصّل لقبول منها ما يقبل ودرء منها ما يُدرأ – فإنّ الحركة لم تأذن بعد –، ولكنّي هنا لأدعو إلى أكثر من ذلك:   فبناء على ما تردّد من أصداء إبّان المؤتمر الثامن للحركة (بداية مايو 2007) حول عدم استعداد القيادة التاريخية للحركة لمواصلة التواجد على رأس الهرم ورغبتها في تجديد الدّماء مراعاة لمصلحة الحركة خاصّة والبلاد عامّة. وعلى ما تردّد كذلك من عزوف كلّ القيادات الأعلام عن تولّي المسؤوليّة ما انجرّ عنه نوع من « إجبار » الشيخ على رئاسة الحركة!… وبالرّجوع إلى هذه الورقة وما جاء فيها من برنامج تفصيلي، ليس حول المتّفق عليه من كون الحركة حركة إسلاميّة تسعى ببرنامجها إلى الإسهام في بلورة الشأن التونسي العام وجعله على المسار الصحيح الضامن لخيري الدنيا والآخرة، وإنّما حول الطريقة الأجدر بالاتّباع في هذا الظرف لتنزيل ذلك البرنامج، فإنّني أدعو – دون كثرة مقدّمات – إلى عقد مؤتمر انتخابي عاجل يكون بموجبه بناةُ هذه الورقة في أعلى الهرم القيادي للحركة، ليعملوا بجدّ وحرص على تنفيذ كلّ ما جاء في هذه الورقة وبالأسلوب الأجدى وبالطريقة الأسلس وبالرؤية الأكثر واقعية، كي نتمكّن – بإذن الله – من مغادرة هذا المربّع الذي ظلّ التضييق فيه على رأي في الحركة، يُتّهم من قِبل البعيد والقريب على حدّ السواء بـأنّه « متصلّب »، يزداد يوما بعد يوم… ولعلّنا نسهم بذلك – بإذن الله وعونه – في التخفيف عن أهلنا في تونس! والله من وراء القصد…


أخي العزيز و تاج الرأس عبد الرؤوف العيّادي: أكيد للغاية تحت طائلة كبير المصائب و بارز النوائب وساطع الخيانات بيروت، في 4/8/2009

 

 
 الشـــاذليّ العيّــــادي إن الديمقراطيّة الغربيّة بعيدة كل البعد عن النفسيّة العربيّة. و ذلك لأن العَرَب لا يعشقون إلا القوة سواء كانت لهم أو عليهم.  و من أركان نفسية العًرب الشك المفرط  في الذات و نحو الآخر . و الشك بقدر ما هو صالح للمعرفة فهو مضرّ بالعمل.  و حاضن لكل أنواع الخيانات، النفسيّة منها و العمليّة. و مثبّت للغدر المجّاني بامتياز. من جملة ما خلّفه الشك في المجتمع المدني التونسي. هي الشَخْصَنَة ، التي  أضرّت بدورها  في صميم النفسيّة القوميّة العامة.  و ساهمت بإسهاب في إلغاء أحسنهم من جهة و إفساد مركزيّة صنع القرار في الوطن من جهة أساسيّة أخرى.  كما أبرزت رجال ساهم البعض منهم في تزيين الفساد أمام هرم النظام بالاشتراك من بعض أهل النضال من المجتمع التونسي و بعض رموز المجتمع المدني في تونس. الذين جعلوا من « شيمهم » الانبطاح تارة و السعاية و المصانعة تارة أخرى.   أخي العزيز،  هناك ركن خفيّ من أركان الإسلام الحنيف. يجزي الله معتنقه بكرم. و يجعل  رحمته عليه تفوق عدله.    » هذا الركن هو بكل بساطة الوفاء للصداقة بالنيّة و الفكر و العمل ».   و إن لم تكن الصداقة مقدسة عند الله لما جعل من صنيعه خليلا و من عبيده حبيبا خلق الكون من أجله. إذا، إن خيانة الصديق من الكبائر. صنفها أحد حكماء العرب في العصور الخوالي بالكبيرة الثالثة بعد الشرك بالله و عقوق الوالدين. لذا، بإسم ما أكنه لك من صداقة خالصة و محبّة مفرطة. وعرفان بالجميل لما فعلته مع والدتي أثناء تواجدي على أرض الوطن،أطلب منك  و أصرّ على ذلك الإبتعاد الكلّي عن  بعض الأسماء البارزة من المجتمع المدني التونسي،الذي أعلمتك في السابق باقترابهم المذلّ و مقيت من الصهيونيّة العالميّة للإستقواء على النظام من جهة و حبّ البروز في السلطة و التحكم في الوطن من جهة أخرى.  وقلت لك آنذاك في هذا الموضوع، مهما كان اقترابهم من الصهيونيّة العالميّة لن يصل احدهم إلى مستوى ما تم إعطائه للصهاينة من طرف بعض رجالات النظام التونسي. كما أطلب منك، لما في جعبتك من عزّة نفس و محبّة للوطن و المواطن، تكوين أو بعث حركة أو حزب أو جبهة وطنية تعتنق المعارضة الإيجابيّة الشريفة بالحجّة و الدليل و البيان. و تسهر بكل صدق و عفاف على قداسة النفس البشريّة و إحترام الجسد الآدمي. و تحافظ في العامة على مناعة النفسيّة الوطنيّة.     أخي العزيز و المبجل.    أقسم لك بالدم الساعد، لو لم يُطلب منّي عمل ما ضد أمّتي، لأرسلت لك بصفة رسميّة للإدعاء أمام القضاء الحجة و البيان و الصورة على ما أدعيه ضد أنصاف بشر من جنسين من بني وطني. و لو كانت لي ثقة في أخلاقية و تقنيّة المجتمع الأمني التونسي لأرسلت إلى إدارة أمن الدولة بالرئاسة كل الحيثيات و الخيوط لإسقاط هؤلاء الشخوص.   هئنذا أحذرك أمام الله وجميع مخلوقاته، من الطين و النار و النور، من مواصلة الإقتراب من هؤلاء الكائنات الحيّة حتى لا يتلطخ ثوب نضالك الشريف من أجل البلاد و العباد. و بالتالي الحافظ على عظمة خطك الوطني و الحقوقي و عذريّة قوميتك و نوعيّة الشرف الذي تتعامل به ضد أهل العداوة و الحسد للوطن و لذاتك.   و الحمد لله على ما مكني إياه من الإقتراب  من أحد المخابرات العالمية لمعرفة هؤلاء أشباه البشر. و درجة إذلاهم لأنفسهم و للذات التونسيّة و العربيّة أمام الصهيوني في كل من أوربا الوسطى و بعض الدول الاسكندينافية لمجرد حلم بإعتلاء سدّة الحكم في وطننا المفدى للحصول على كبر المقام الإجتماعي و المادي. أردت نشر هذا على الملأ  لأنه قد إشتغلت آلة الشرّ و تجري الآن محاولات إستقطابي إلى الأراضي الأوروبيّة للمحاسبة.   اللهّم اني بلغت ـ اللهّم اني بلغت ـ اللهّم اني بلغت  


ما بعد مؤتمر «التحدي» بأيّ وجه ستستهلّ تونس العقد الثاني من الألفيّة الثّانية؟ لوائح المؤتمر تكشف توجّهات جديدة للإقتصاد والتعليم والتشغيل

 
تونس- الاسبوعي: ما إن أُسدل الستار على أشغال مؤتمر «التحدي» للتجمع الدستوري الديمقراطي  بعد أربعة  أيام من الانشطة المتواصلة للالاف  من المؤتمرين جمعت بين النظر والتصديق على لوائح المؤتمر واجراء عملية الاقتراع لانتخاب أعضاء اللجنة المركزية للخماسية القادمة وتخللت هذه الانشطة الخطابين الافتتاحي والاختتامي لرئيس الدولة ورئيس التجمع وما تضمناه من اجراءات وقرارات تاريخية شدت لها القواعد التجمعية وأكدت التفاف الشعب تجاه الرئيس بن علي .. إلا أن السؤال المحوري الذي يتبادر الى ذهن متابع  الشأن الوطني سياسيا واقتصاديا واجتماعيا  وتنمويا هو بأي وجه ستستهل تونس المرحلة المقبلة وتحديدا العقد الثاني من الألفية الذي نحن على أبوابه والذي تغطيه برامج واستراتيجيات التجمع طيلة الخماسية الجديدة ومنها ستستمدّ الحكومة أو الحكومات القادمة توجهاتها وخططها .. التشغيل …أولوية مطلقة في الواقع لم تخل لوائح مؤتمر التحدي التي صودق عليها في اليوم الثاني من فعالياته من إحالات واضحة ومباشرة على أهم البرامج والخطط المزمع القيام بها وإيلائها أولوية التنفيذ والمتابعة خلال الفترة المذكورة سيما وأنها مرحلة تتسم بعديد الضغوطات والتحديات ويجب أن تتظافر كل جهود المجتمع التونسي بكل قواه الحية من أجل كسبها وتجاوزها.. وعليه فمن المرتقب أن يكون التشغيل أحد أهم هذه الاولويات الواجب تحقيق نتائج متقدمة فيها وذلك عبر مواصلة النهوض بالقدرة التنافسية للاقتصاد التونسي وتنويع قاعدته والرفع من قدرته التشغيلية.. كما ينتظر أن ترتكز  الاستراتيجيات التجمعية والحكومية خلال الفترة القادمة على مزيد تحسين مناخ الاعمال في تونس واعتماد اليقظة المستمرة والمستديمة في متابعة ترتيب تونس في مجال الاعمال والعمل على تحسينه.. فضلا عن ملاءمة التشريعات ذات الصلة بالاستثمار وجعلها  مقوما  أساسيا  لترسيخ  ثقافة المبادرة وبعث المشاريع والمؤسسات. كما ينتظر أن تشهد برامج الحزب الحاكم مساعي حثيثة وجهود ملموسة للتوصل لصيغ كفيلة بتحقيق الأمن الطاقي وإحكام التصرف في الموارد الطبيعية حفاظا على افاق النمو في المستقبل الى جانب مواصلة  تحديث الاقتصاد  وتمتينه وتحقيق انصهاره  الفاعل في الدورة العالمية والرفع من قدرته على بلوغ نسبة نمو أفضل  بتوفير مصادر جديدة للنمو ذات طاقة تشغيلية عالية. وبدوره وبحكم ارتباطه العضوي بالاقتصاد  ومؤشرات النمو سيكون القطاع النقدي والمالي محل مبادرات واجراءات مستقبلية خاصة مصدرها ايمان القواعد التجمعية وقياداته  بضرورة الاسراع بتجسيم منهجية التصرف في الميزانية حسب الاهداف ومواصلة تأهيل القطاع المصرفي والتدرج نحو تركيز  أقطاب بنكية فضلا عن الحرص على تحسين الخدمات البنكية المقدمة للافراد والمؤسسات.. كما حثت الهياكل التجمعية على ضرورة مواصلة تأهيل الصناعة التونسية طيلة المرحلة الجارية والمقبلة وتشجيع المؤسسات الصناعية على الانخراط في التجديد التكنولوجي والترابط  في إطار شبكات وحثها على التكتل ضمن مجمعات مختصة في التزويد والتصدير وحثها على الاندماج في البورصة.. الى جانب مواصلة تأهيل قطاع التجارة عبر تعزيز اليات السوق والتحكم في الاسعار والمحافظة على القدرة الشرائية للمواطن. تماسك الاسرة واستقرارها اما في مستوى الممارسة السياسية فمن أهم  المبادرات التي قد تشملها  خلال المرحلة القريبة القادمة وفق ما دعت اليه الكوادر التجمعية ضرورة مواصلة العمل من أجل مزيد تفعيل حقوق الانسان ونشر ثقافتها.. وإقرار عضوية اعضاء مجلس المستشارين المنتخبين عن الولايات بالمجالس الجهوية وذلك لتعميق دورهم وحضورهم  الفاعل في منظومة التنمية الجهوية. كما ستتواصل  جهود استكمال تنفيذ برنامج تأهيل الادارة وتوسيع نطاق الادارة الالكترونية حتى ترتقي خدماتها تجاه المواطنين الى مستويات اسرع وافضل.. اما فيما يتصل بتوازن الاسرة التونسية وتماسكها فمن المفترض أن تشهد البرامج المستقبلية إيلاء هذه المسألة ما تستحق من عناية قصوى وذلك بتكثيف هذه المسألة ما تستحق من عناية قصوى وذلك بتكثيف الجهود نحو تشخيص ومعالجة العوامل المهددة لسلامة الاسرة والطفولة والمجتمع وعلى أهمية دعم أعمال التأهيل والتكوين لفائدة الافراد القادرين على العمل في العائلات الفقيرة والمحتاجة.. فضلا عن العمل على دعم برامج الاحاطة بالعائلات الضعيفة لوقايتها  من التفكك ومساعدتها  على النهوض بوظائفها  تجاه أفرادها  المسنين والمعاقين والاطفال المهددين بعدم التكيّف الاجتماعي أو الانحراف.. كما ستتجه الجهود نحو تكثيف البحوث العلمية في مجال الوقاية من الاعاقة والكشف المبكر عنها ودعم تكوين الاطباء المختصين في هذه المجالات. التقييم.. وتمويل الجامعات وبالتوازي ستكون منظومة التربية والتعليم محل متابعة واتخاذ  عديد الاجراءات العملية وفق ما أعربت عنه الكوادر التجمعية وذلك من خلال  احكام تأطير الناشئة والرفع من جودة المؤسسة التربوية سيما بمواصلة اعتماد ونشر ثقافة التقييم في سائر المجالات التربوية والتكوينية فضلا عن إرساء منظومة وطنية متكاملة لتقييم مكتسبات التلاميذ  تمتد على كامل مراحل التعليم واضفاء المزيد من الجدوى على نظام المراقبة المستمرة وإحكام التنسيق في مجالات الاختبار والتقييم داخل المؤسسة التربوية الواحدة.. كما ينتظر أن يتم مستقبلا اعطاء المزيد من الاهمية للزمن المدرسي ولنظام العطل وتطوير الاساليب التعليمية والمناهج الدراسية بشكل يضمن التملك الجيد للغة الوطنية ومزيد العناية بتدريس اللغات الاجنبية والارتقاء بها الى مستوى المعايير العالمية وهو الاطار الذي قد تتنزّل فيه مبادرة وزارة التربية والتكوين مؤخرا باقتناء ما لا يقل عن  400 مخبر لتدريس اللغات الى جانب الحرص على مواصلة جهود إدماج الفئات ذات الاحتياجات الخصوصية في المنظومة التربوية وذلك من خلال تعزيز تجربة المدارس والاقسام الدامجة وتيسير فرص ادماج كل التلاميذ  فيها دون استثناء تكريسا لمبدأ  «تونس للجميع» وتثبيتا لمعنى التضامن والتكافل بين كل التونسيين.. اما بالنسبة الى قطاع التعليم العالي فسيتركز العمل المستقبلي في مستواه على البحث واستشراف سبل ايجاد موارد للجامعة التونسية وكفاءاتها  كما سيتوجه السعي الى بعث أقطاب امتياز متناسقة في التكوين الجامعي وارساء منصات تكنولوجية تتكامل بين المؤسسات في الجامعة الواحدة بما يسمح بدعم التكوين التطبيقي  والنهوض بمحاضن المؤسسات والإفراق صلب الجامعات.. ومن غير المستبعد وفي اطار البحث عن صيغ  جديدة للتمويل للجامعات أن تبادر هذه الاخيرة بتثمين خبراتها في التكوين للغير وتقديم الخدمات والاستشارات.. والى تنويع مصادر تمويل  البحث العلمي من خلال حث القطاع الخاص على المساهمة الفاعلة  في مجهود تعبئة الموارد المالية لها. واجمالا تبقى انتظاراتنا من المسيرة الانمائية لبلادنا طيلة المرحلة القادمة حافلة  بالآمال والطموحات اعتبار لأهمية الرؤى المستقبلية وتبصّر النظرة لأمهات القضايا التنموية في تونس والمُسْجاة بتطمينات كوادر الحزب الحاكم على القدرة على  كسب رهانات وتحديات المرحلة القادمة سيما وأن بعض المؤتمرات السابقة عقدت في ظروف أعسر واوضاعا  أكثر تأزما واستطاع التجمع وبرامج الحكومة أن يُخْرجا البلاد من عنق الزجاجة وتمضي  بها الى مرحلة الاستقرار والتوازن ثم الازدهار ولم لا مستقبلا اللحاق بكوكبة البلدان المتقدمة.. طالما أن الطموح مشروع. سفيان السهيلي
(المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 4 جويلية 2008)


الصباح الاسبوعي: مصافحة مع المدير العام لديوان التونسيين بالخارج

الإحاطة بالمهاجرين ورعايتهم في نقاط العبور ستتواصل هذه السنة وبصفة استثنائية إلى ما بعد عيد الفطر

 

 
حاوره: خير الدين العماري ** نعدّ لبعث شبكة للكفاءات التونسية العاملة بالخارج يتواصل أطرافها فيما بينهم عبرها ** تحيين شبكة المعلومات كشف لنا عديد المفاجآت السارة أهمها وجود 3 آلاف طبيب تونسي كفء بالخارج ** الندوة الوطنية للتونسيين بالخارج تنعقد يوم 7 أوت وهكذا أعددنا لها تونس – الاسبوعي: عادة ما يرتبط فصل الصيف بموسم العودة لأعداد هامة من التونسيين من بلدان المهجر سيما وأن لتونس جالية هامة في أوروبا كما في بلدان الخليج العربي… عن هذه الجالية وكيفية الاعداد لاستقبالها وارشادها ومساعدتها وتوجيهها… نحاور اليوم السيد فرج السويسي المدير العام لديوان التونسيين بالخارج بشأن مختلف البرامج التي أعدّها الديوان في هذا الخصوص. * بوصفكم تديرون ديوانا يهتم بشؤون التونسيين بالمهجر يمثل فصل الصيف فترة مهمة ومركزية لأنشطتكم أليس كذلك؟ – فعلا الأنشطة متعدّدة ومتنوعة لاستقبال أفواج العائدين إلى أرض الوطن سواء بصفة مؤقتة أو نهائية… وفصل الصيف يعتبر فترة غير عادية في أنشطتنا بمختلف نقاط العبور الجوية والبحرية والبريّة… حتى في رأس جدير لدينا من يمثلنا هناك… وهذه العملية لا يحتكرها الديوان لوحده وإنما تشمل العديد من الاطراف المتدخلة سواء من الناقلين أو الديوانة أو الأمن أو الأجهزة الادارية بصفة عامة. * بالتأكيد فإن نشاطكم لا يقتصر على مجرد استقبال العائدين… وإنما يتجه إلى أكثر من ذلك، فما هي أوجه التدخل لفائدة هذه الشريحة من التونسيين؟ – طبعا، علاقتنا بالعائدين أشمل وأبعد من مجرّد الاستقبال… فهي تمتد لكل عمليات الاحاطة والرعاية والتوجيه بكل نقاط العبور المختلفة… وذلك طيلة العودة الصيفية بدءا من 15 جوان إلى غاية 15 سبتمبر… وستتواصل هذه السنة إلى ما بعد عيد الفطر بصفة استثنائية… علما وأن بلادنا استقبلت العام الماضي حوالي 400 ألف تونسي من مختلف أصقاغ الدنيا… أي ما يعادل 40% من اجمالي التونسيين بالخارج… إضافة إلى حوالي 67 ألف سيارة. * هل أن عمليات الاحاطة والتوجيه تبدأ من نقاط العبور؟ – يبدأ استقبال العائدين انطلاقا من الموانىء الخارجية وخاصة مرسيليا وجنوة وبالرمو… حيث تتشكل لجان يقظة وإحاطة في مختلف الموانىء الاوروبية… وحتى على متن البواخر التونسية بالاضافة لتدخلات الهياكل الاخرى على غرار الديوانة والأمن… ويؤمن ديوان التونسيين بالخارج تواجد عونين على الأقل تابعين له على متن كل رحلة بحرية بهدف الرعاية والتوجيه وتقديم المساعدة الممكنة عند الاقتضاء لتبسيط الاجراءات. * وباعتباركم إدارة يتوجه اهتمامها للتونسيين بالخارج… هل انعكس ذلك على برمجتكم الادارية واللوجستية خلال فصل العودة؟ – على مستوى الخدمات الادارية نبرمج غالبا حصصا للاستمرار بكل الإدارات التابعة للديوان… وهناك خدمات تقدم لمختلف التونسيين بالخارج… وهناك أيضا أولوية في العديد من الخدمات تعطى لهم ومنها ما يتعلق هذه السنة بالتحسيس بالخصوص في مجال الوقاية من حوادث الطرقات إضافة للإعلام والتعريف بمختلف الانشطة والخدمات التي تقدمها مختلف هياكل الدولة… مع التركيز كما سبق ذكره على الخطة الخصوصية في مجال تحسيس شبابنا بالخارج بمخاطر الطريق للحد من حوادث المرور… ولأننا نتعامل مع عدة شرائح متباينة عمريا وثقافيا… ويصلون بعد رحلات مضنية ويكونون في بعض الاحيان إما مرهقين أو منفعلين… نعمل سنويا على تكوين أعوان استقبال في مجال التواصل واللغات الحيّة… ويبلغ عدد أعوان الاستقبال خلال الموسم الصيفي 50 عونا مع امكانية تعزيز هؤلاء الأعوان بأعوان آخرين من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. * نعلم أن هناك تظاهرات مخصّصة لهذه الشريحة خلال موسم العطلة… ماذا بوسعنا أن نعرف عنها؟ – يتم تنظيم العديد من التظاهرات المحلية والجهوية والوطنية… مثل تنظيم أيام الاسرة المهاجرة والمرأة المهاجرة وأيام التونسيين بالخارج… فالعودة الصيفية فرصة للتونسي المغترب للتمتع بالدفء العائلي وبما تو فر من خدمات سياحية… والاطلاع على مسيرة بلاده وانجـازاتها وقضـاء بعض الشؤون الخاصة… وديوان التونسـيين بالخـارج قرأ حســابا لكل هذه الجزئيات حتى أنه أحدث لجنة فنية للاستقبال. * وماهي الأسس التي تبني عليها هذه اللجنة مسؤولية استقبال أفواج العائدين في ظرف زمني وجيز؟ – اجتمعت هذه اللجنة في 21 فيفري الفارط أي في بداية السنة… لإعداد فترة الاستقبال وهناك جلسة أخرى للتقييم في آخر الموسم… علما وأن هذه اللجنة تضمّ عدة هياكل ومتدخلين من ضمنهم ممثلين عن الإعلام وممثلين عن التربية والتكوين… وممثلين عن الداخلية وعن الديوانة ومصالح النقل والتجمع الدستوري الديمقراطي وديوان الطيران المدني والمطارات وديوان البحرية التجارية والموانىء إلخ… وتوجد أيضا لجنة وطنية يرأسها وزير الشؤون الاجتماعية عقدت اجتماعا لها في أواخر ماي للاطلاع على مختلف الاستعدادات الجارية ووضع اللمسات الاخيرة للاستقبال. * وماذا عن البرامج الاستراتيجية الأكثر عمقا بعيدا عن برامج الاستقبال والاحتفال بعودة هذه الشريحة؟ – هناك البرامج الموجهة للأجيال الجديدة في إطار الأهداف الاستراتيجية لبلادنا… القائمة على التواصل مع هذه الاجيال الجديدة والعمل من أجل تثبيت هويتها التونسية وتعزيز الانتماء لديها… وترتكز هذه البرامج علي عدة أنشطة أساسية… منها تنظيم الجامعة الصيفية وتنظيم دورات تعليم للغة العربية بالنسبة للاطفال… وتنظيم مصائف للشرائح العمرية بين 9 و14 سنة بالحمامات والمنستير إضافة للتظاهرات والندوات. * لنبدأ من الجامعة الصيفية… ودروس اللغة للأطفال؟ – تنظم الجامعة الصيفية في دورتها 19 بمعهد بورقيبة للغات الحية وتتمثل في تعليم اللغة العربية للطلبة التونسيين من الأجيال الجديدة للهجرة… أولئك الذين لا يتقنون اللغة العربية وانطلقت هذه الدورة من 4 جويلية إلى غاية الاسبوع الاول من شهر أوت وككل عام راسلنا جميع الملحقين الاجتماعيين التابعين لنا والممثليات القنصليّة والدبلوماسية لتحسيس الطلبة بأهمية هذه الدراسة… كما ننظم الدورة 15 لدروس تعليم العربية  للاطفال الصغار بمختلف جهات الجمهورية.. هذا فضلا عن الجهـد المبـذول من قبل وزارة التربـية والتكـوين الرّامــي إلى تـدريـس اللغـة العربيـة  ببلـدان الإقامة… وتحرص تونـس بدفـع من رئيسـها إلى تيسـير التـواصل مع أبنائهـا ومفتـاح التواصـل بطبيـعة الحال هـو اللـغة العربية… ولذلك تقوم الدولة بإنفاق 4 ملايــين دينـار سنويا بالخارج على هذا الامر… وتوفد المربـين من تونـس إلى الخـارج للقيــام بهذا الـدور وخاصـة بالبلــدان الأوروبيــة… كــل هــذا زيادة على تواجـد مدرستـين تونسيـتين قـارتين بصـقلـية… الاولى ببالــرمـو والثانيـة بمتـزارا دلفـاو (MAZZARA DEL VALLO) ومدرستين بطرابلس وبنغازي تؤمن كلها البرامج الرسمية التونسية حتى السادسة أساسي بهدف تمكين الاطفال من تعلم اللغة العربية مهما اختلفت أماكنهم… ولقد انطلقت برامج تعليم العربية للأطفال بتاريخ 7 جويلية على أن تنتهي في 23 أوت… والجديد هذه السنة أننا سننظم «المسابقة الوطنية للاملاء» على هامش الدورة الحالية… مع تقديم جوائز في هذا الصدد لتشجيع الاطفال على الإقبال على التعلم… أما بخصوص المصائف فقد تم برمجة ثلاث دورات بنزل بالحمامات والمنستير للشريحة العمرية المتراوحة بين 9 سنوات و14 سنة… وسيتكفل الديوان بكافة النفقات مع وضع منشطين من ذوي الكفاءة على ذمة المنتفعين. * علمنا بوجود توجه جديد هذا العام يرّكز على ضرورة إيلاء التكوين الديني اهتماما خاصا في برامج التكوين الموجهة للشباب المهاجر؟ – نعم وبالاضافة للعديد من الانشطة الترفيهية والرحلات الاستطلاعية لتعريف شبابنا المهاجر بمختلف مناطق بلاده… سنعمّم هذه السنة حفظ قصار السور… وتفسير بعض الاحاديث النبويّة لأبناء تونس بالخارج ببادرة من وزارة الشؤون الدينية سعيا لترسيخ القيم السمحاء للدين الإسلامي الحنيــف… وللـتوقي من الفهم الخـاطىء للإســلام ودرءا لخطر التطرّف في مثل هذه الفــترة الحسّاسة من العمر إضافة لبرمجة بعض الحوارات مع الشباب المهاجر بالتنسيق مع السادة الولاة في إطار سنة الحوار مع الشباب… تنضاف لـ350 حوارا تمت بالخارج وبعض الحوارات التي تمت على متن البواخر… وقد أخذنا هذه السنة كل الاحتياطات لمراعاة بعض الخصوصيات الثقافية واللغويّة قصد إحكام التعامل معها. * وماذا أعددتم للندوة الوطنية القادمة للتونسيين بالخارج؟ – الندوة الوطنية للتونسيين بالخارج في السابع من أوت القادم تتويج للندوات الاقليمية التي تمّت خارج أرض الوطن والندوات المحلية والجهوية بإشراف السادة الولاة بكل جهات الجمهورية… وهي تنتظم في نفس اليوم الذي نحتفل فيه باليوم الوطني للتونسيين بالخارج الذي أقره سيادة رئيس الجمهورية في بداية التسعينات احتفاءا بهم في بلادهم… وهذه الندوة   هي بمثابة إتاحة الفرصة لهم للتعبير بمناسبة حدث وطني هام وسيفتتح الندوة الوزير الأول ويختتمها وزير الشؤون الاجتماعية… وتعدّ هذه الندوة شكلا من أشكال مساهمة التونسيين بالخارج في الحياة الوطنية بصفة عامة… وخصوصا في صياغة السياسات والبرامج التي تهم التونسيين خارج أرض الوطن… * وماهي المحاور التي ستتناولها هذه الندوة؟ -ستتناول الندوة محورين الاول حول دور جمعيات التونسيين بالخارج في تعزيز وتطوير الاحاطة بالاسرة التونسية المقيمة بالخارج… وستترأس ورشته وزيرة شؤون الاسرة والمرأة والطفولة والمسنين… أما المحور الثاني فسيتناول موضوع الشباب والهجرة وآليات التواصل: الواقع والآفاق وسيترأس ورشته الصادق شعبان رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي ورئيس اللجنة الوطنية للحوار مع الشباب… وبالطبع هناك الندوة الدورية للملحقين الاجتماعيين والمرشدات الاجتماعيات ومديري فضاءات الاسرة… وستتناول مشاغل الجالية واستعراضها أولا بأول… وإعداد خطة للتعامل معها والاهتمام بها نظرا للتحوّلات والمتغيرات العميقة والسريعة في بلدان الإقامة… وستتناول هذه الندوة موضوع فضاءات الأسرة بأوروبا ومونريال والتي يصل عددها إلى 16 فضاء حاليا وبحث الوسائل الكفيلة بتعزيز دورها في مجال خدمة الأسـرة مستقـبلا… ومـزيد توظيـفها خاصــة فيمـا يتعلـق بتربـية الأبنـاء في بيئـة مغايـرة للبيئـة الاصلـية وفي خضم قيم مغايرة لقيمنا الأصليّة… ولهذا لا بد من تقييم شامل لهذه الفضاءات ورسم خطة جديدة لدورها في ظل أوضاع متغيّرة ومتسارعة بالخار  

(المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 4 جويلية 2008)


بعد تطبيق برنامج تأهيل المخابز وتدعيم شفافية المعاملات بها تحديد قياسات الخبز المدعّم وهامش ربح التاجر المروّج له ** إحالة كل من يروّج الخبز «المبسّس» الى الصنف «ج» آليا**

 

 
تونس – الاسبوعي: حمل المنشور الصادر مؤخرا عن وزير التجارة والصناعات التقليدية والمتعلق بانتاج الفرينة المدعمة والخبز، الجديد في مجالي هامش الربح عند التوزيع وجودة الانتاج اضافة لجملة الاجراءات الأخرى التي تناولتها وسائل الاعلام المتعلقة باحكام توزيع الفرينة المدعمة وتصنيف المخابز وكيفية التعامل مع المطاحن..وذكرت مصادر مسؤولة أن هذه المرحلة تهيئ لمرحلة قادمة سوف يتم فيها  ايلاء مسألة الجودة عناية خاصة بما يمكّن من الحدّ من تبذير الخبز الناجم عن عدم صلاحية استهلاكه لرداءة صنعه.. وهي مرحلة دقيقة وتتطلب تظافر جهود كل الاطراف لبلوغ الاهداف المنشودة  التي يحظى ببلوغها كل المتدّخلين في العملية برضاء الحريف والرضاء على الذات هامش الربح ولعلّ من أهم المسائل التي كانت تشغل بال المنتجين ونعني بهم أصحاب المخابز هي مسألة هامش الربح عند تصريف انتاجهم من الخبز عبر تجار المواد الغذائية الذين كانوا يشترطون عليهم شروطا مجحفة من ذلك منحهم هامش ربح يصل الى 40 وحتى 50 مليما وتوفير الخبز بكميات أكثر من اللازم واجبارهم على ارجاع كل ما لا يباع.. وقد أشار منشور وزير التجارة الى هذه المسألة حيث حدّد هامش الربح عند توزيع الخبز بـ 10 مليمات للخبزة الواحدة مع «التحجير على أصحاب المخابز منح تخفيضات بالنسبة للخبز الذي تم انتاجه من الفرينة المدعمة أو اعتماد ممارسات غير مشروعة». معطيات جديدة الحديث عن الممارسات غير المشروعة يقودنا للحديث عن الممارسات السابقة حيث كان صاحب المخبزة الذي له هامش ربح في حدود 6% يمنح تاجر المواد الغذائية هامش ربح في حدود 40 مليما أو حتى أكثر على الخبزة الواحدة ويغرقه بالخبز ويقبل يوميا مئات من «الخبزة البايت» العائد من تلك المحلاّت التجارية لينتهي به الحال الى تحقيق أرباح.. من أين كانت تأتي تلك الارباح إن لم تكن تأتي من التصرف في الفارينة المدعمة في غير أوجه الاستهلاك المحددة لها قانونا؟ وبتحديد أصناف المخابز واقرار مسك بطاقة تزوّد بالفرينة المدعمة الى جانب البطاقة المهنية لاستغلال المخابز فإن الكثير من المعطيات تغيرت. اجراءات ومن هذا المنطلق أصبح من غير الممكن للّذي اختار الانخراط ضمن صنفي «أ» و«ب» اللذان لا يبيعان الا الخبز المدعّم من الحجم الكبير للصنف الاول ومن الحجمين للصنف الثاني أن يبيع الخبز المبسس أو خبز الزيتون أو النخالة أو الفنكوش وما الى ذلك من أصناف الخبز التي اعتدنا رؤيتها.. وحسب معلومات توفرت لدينا فإن سلط الاشراف الى جانب مواصلة الحملات الجهوية التحسيسية بادرت بايفاد فرق وطنية لاجراء عمليات مراقبة وقد تم الى حد الآن ضبط بعض المخالفين الذي تقرر في شأنهم فوريا إحالتهم على الصنف الثالث أي الصنف «ج» المختص في صنع الخبز الرفيع والمرطبات من الفارينة غير المدعمة والتي يمكن لها كذلك صنع «الباقيت» المدعم من الفرينة المدعمة وترويجه بالاسعار المعتمدة  هذا إضافة الى اقرار تتبعات عدلية أخرى ضدهم علما أنه يحجر على أصحاب المخابز شراء أو مسك أو خزن أو بيع منتوجات لا تتماشى مع طبيعة نشاطهم (سميد، سداري..) غير أنه يمكن للمخابز المتخصصة في صنع الخبز الرفيع مسك كمية محدودة من هذه المنتجات تتماشى وحاجيات الانتاج. مواصفات الخبز التتبعات كذلك يمكن أن تشمل كل من يتلاعب بمواصفات الخبز وجودته حيث ضبط المنشور مواصفات الخبز المدعم كمايلي: – الخبز من الحجم الكبير يبلغ وزنه 400 غراما مع نسبة اغتفار لا تتجاوز 30 غراما اما اذا كان طويل فيجب أن يكون طوله في حدود الـ 45 صنتيمترا مع نسبة اغتفار في حدود 3 صم واذا كان مدورا فيجب أن يكون قطره 23 صم مع نسبة اغتفار في حدود 2 صم. – الخبز من الحجم الصغير (باقات) يجب أن يكون وزنه في حدود  220 غراما مع نسبة اغتفار لا تتجاوز 10 غرام وطوله في حدود 55 صم مع  نسبة اغتفار لا تتجاوز 5 صم. مقوّمات الجودة وبالنسبة لمقومات الجودة وشروط حفظ الصحة فقد أوجب المنشور على أصحاب المخابز التقيّد بجملة من الضوابط نوردها فيمايلي: – احترام الشروط الصحية بالمخابز وبأماكن الخزن والعرض والبيع والحفظ – ضرورة خزن المواد الاولية القابلة للتعفن والفساد تحت نظام تبريد ناجع – استعمال المياه الصحية في صنع الخبز ومشتقاته. – ضمان جودة الخبز وحسن طهيه – عدم استعمال شفرة الحلاقة عند تزيين الخبز – عدم استعمال المحسنات غير المسموح بها قانونا – عدم اللجوء الى إضافات محجرة – عرض وبيع الخبز في الاماكن المخصصة له (المخابز ونقاط البيع التابعة لها ، محلات بيع المرطبات والمواد الغذائية..) – عدم عرض أو بيع الخبز على الرصيف – احترام وزن الخبز القانوني وطوله وفق ما سبق بيانه. المساحات التجارية على مستوى آخر منع المنشور استعمال الفرينة المدعمة في انتاج الخبز المدعم ونصف المنتهي بكل أحجامه وأنواعه كما أقر لنقاط بيع الخبز الساخن الموجودة في المساحات التجارية الكبرى والمتوسطة صنع مختلف انواع الخبز لكن من الفرينة غير المدعمة. علما أنّ ذات المنشور منع على النزل والمطاعم والمشتري العمومي داخل الصفقات العمومية وخارجها استعمال الخبز المدعم من الحجم الكبير. (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 4 جويلية 2008)


 

عدد المعتمرين التونسيين في رمضان القادم قد يصل إلى 18 ألف شخص

 
تونس – واس – توقعت مصادر بالشركة التونسية للإقامة والخدمات المعنية بشؤون الحج والعمرة أن يبلغ عدد المعتمرين التونسيين خلال شهر رمضان لهذا العام 18 ألف معتمر. وتتواصل تحضيرات الجهات التونسية لوضع اللمسات الأخيرة لتأمين أفضل الظروف للمعتمرين التونسيين وخصوصا خلال الأيام العشرة الأخيرة من رمضان التي تشهد زيادة كبيرة في أعدادهم في كل عام. وفي سياق قريب يعمل القسم القنصلي بسفارة خادم الحرمين الشريفين لدى تونس على استصدار أكبر قدر من تأشيرات العمرة للمعتمرين التونسيين بكل سرعة وانسيابية وذلك بمتابعة مباشرة من سفير خادم الحرمين الشريفين إبراهيم السعد البراهيم. وأشار رئيس القسم القنصلي بالسفارة مجدي زيدان إلى أن عدد التأشيرات التي يتم إصدارها يوميا يتجاوز 300 تأشيرة كلما دعت الحاجة إلى ذلك منوها بالتنسيق والتعاون القائم بين القنصلية والجهات التونسية ذات العلاقة في هذا الشأن. وأفاد في هذا الإطار بأن تأشيرات عمرة رمضان التي بدأ العمل على إصدارها منذ غرة شهر رجب الحالي صالحة للسفر ودخول المملكة حتى نهاية شهر رمضان .. داعيا الأشقاء التونسيين إلى الاستفادة من هذا الإجراء وتقديم طلب الحصول على التأشيرات في وقت مبكر تسهيلا لهم وتلافيا لأي عراقيل قد تواجههم لاقدر الله. (المصدر: وكالة الأنباء السعودية (واس – رسمية) بتاريخ 3 أوت 2008) الرابط: http://www.spa.gov.sa/cdetails.php?id=579010&catid=3


<< سنمّار>> الذي لا يتوب

 

 
الاول يدفع من ماله ليُنعت بأقبح النعوت والثاني يدفع من وقته ليحصد في عديد الحالات عدم الرضاء.. الاثنان يختلفان في المهام لكنهما  يلتقيان في إجماع الناس حولهما ثم ضدّهما.. إنهما  رؤساء الفرق الرياضية والبلديات. فإذا صادف أن عمّقت الحوار مع هذا أو ذاك فإنّه لا يتورّع في لعن اليوم الذي قبل فيه المسؤولية وتراه يتمنى قرب اليوم الذي يغادرها  فيه بأخفّ الأضرار.. وفي الوقت الذي لا يتوانى فيه رئيس الجمعية في التعبير عن شكواه للعموم فإنّ قليلا من «الانضباط الحزبي» يمنع رئيس البلدية عن البوح بما يخالج صدره علنا..فالمسؤوليتان مثل من يتحمل وزرهما في تونس كمثل من يزرع ليحصد الأشواك.. مسؤوليتان ينالان أصحابهما من النقد والقدح والسبّ والشتم وحتى الاعتداء بالعنف ما لا يناله صهيوني إذا تجرأ ودخل باحة الأقصى الشريف. مسؤوليتان بقدر ما يعاني الذين ينالهم «شرف» تحمّلهما  وبقدر ما يذوقون فيها ألوان العذاب فإن الرجال والنساء كذلك ظلّوا ولا يزالون وسيواصلون التدافع من أجل الظفر بها كلّفهم ذلك ما كلّفهم.. تُرى ما السبب؟ هل هي الرغبة في خدمة الصالح العام التي تدفع البعض الى التضحية بالملايين بل بالمليارات وبالجهد والوقت الذي يفترض أن يخصصه لعائلته ولعمله.. وإن كانت فعلا رغبة جامحة أفلا يتّعض بما نال من سبقه من جزاء سنّمار ومن أضرار نفسية وصحية بلغت حدود الازمات القلبية والتعنيف البدني أم ترى أنّ ما يحرّك سوادهم الاعظم غير ذلك كي لا نتّهم  بالتعميم؟ وإن كان فعلا عكس ذلك فما تُرى المحرّك الرئيسي؟ أهو البحث عن الشهرة أم هو التقرّب من الفاعلين في دائرة القرار أم هو البحث عن منافع شخصية أم هو الرغبة في التمعش من بيع وشراء اللاعبين ومن أشياء أخرى؟ أسئلة عدّة تخامر الذهن.. ورغم أنّ الاجابات باتت في عديد الحالات واضحة فإنّ «دار» لقمان ظلّت ولا تزال وستزال على حالها في غياب القرار بالهدم وإعادة البناء على أسس سليمة. حافظ الغريبي (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 4 جويلية 2008)  

تلبية لطلبات العديد من المشاهدين، ننشر فيما يلي نص قصيدة الشاعر العراقي الدكتور عباس الجنابي « الثاني اثنين ». ألقى الشاعر هذه القصيدة ضمن برنامج « حوار الأمم » الخاص بسيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، والذي أذيع يوم الخميس 31 يوليو 2008                                                        الثانـــــــــــي اثـنيـــــــــــــــــــــن   الدكتور عباس الجنابي   الثاني اثنين تبجيلا لهُ نَقــفُ                           تعْظيمُهُ شَرَفٌ ما بعْدَهُ شَـَرفُ   هُوَ الذي نَصـَرَ المُختـارَ أيّدَهُ                                مُصَِدقا حَيْثُ ظـنّوا فيه واختلفوا   يُزلزلُ الأرضَ إنْ خَطْبٌ ألمّ به                                ويبذلُ الروحَ إنْ ديستْ لهُ طرفُ   وَيشْهَدُ الغارُ والخيْط ُالذي نَسَجَتْ                          منْـه العناكِبُ سِتْراً ليس يَنْكَشِفُ   بأنّهُ الصاحبُ المأمونُ جانِبُــهُ                          مهْما وَصَفْتُ سَيَبْدو فوقَ ما أصِفُ   سلِ الصحابة َعنْ بّدْرٍ وإخوتها                     سلِ الذين على أضْلاعِهِمْ زَحَفوا   مَنْ شاهرٌ سيفَهُ فوْقَ العريشِ وَمَنْ                    يَحُفـّه النصرُ بلْ بالنصر يَلتحِفُ   هُوَ الذي خَصَّهُ الرحمنُ مَنْـزلَة ً                 هيَ المَعية ُإذْ نصَّت بها الصُحُفُ   هذا العتيقُ الذي لا النـارُ تلْمَسُهُ                ولا تلبَّـسَ يوما قلبَــه الوَجَفُ   كُلُّ الصحـابةِ آخـوهُ وأوَّلـُهُمْ                   هذا الذي شُرِّفَتْ في قبره النَّجَفُ   أمْسُ استضافت عيوني طيفَهُ وأنا                  مِنْ هيبةِ الوجهِ حتى الآن أرْتَجِفُ   ومرَّ بيْ قائلا :لا تَبْتَئِــسْ أبدا                 بما يُخَرِّفُ مَعْـتوهٌ وَمُنَحـرِفُ   يا سيّدي قلتُ: عهدُ الله يُلزمُني               منْ كُلّ أخرقَ سبَابٍ سأنتصِفُ   سأكتبُ الشعرَ في الأرحام ِأزْرَعُهُ               حتى تُحَدِّثَ عَنْ أخباركَ النُطَفُ     يوليو/تموز 2008

 

أحد أعلام ومناضلي الحركتين الوطنية والجمعياتية بقصرهلال والوطن التونسي،محمد بن علي ابراهم (1899-12جوان1945)

 
ولد محمد بن علي بن حسن ابراهم بقصرهلال،وتعلم بالمدرسة الحكومية التي أنشئت سنة1909 وأحرز بها على الشهادة الابتدائية ونجح في مناظرة الدخول الى السنة الأولى من التعليم الثانوي بالمدرسة »ايميل لوبي »بالعاصمة،غير أن الصعوبات المادية حالت دون التحاقه بها،فعمل نساجا وكان من أوائل من استعمل « نول جاكار »لتسج الحرير ومن أمهرهم.انخرط بالحزب الحر الدستوري عند تأسيس شعبته بقصرهلال أواخر سنة1921 وتولى مهمة الكتابة العامة بالشعبة منذ ستة 1926. في 6 أوت 1930 واحتفالا بالمولد التبوي أعلن محمد بن علي ابراهم،ومحمود بن أحمد سعيدان،والطاهر بن حمدة بوغزالة،ويوسف بن صالح الغزالي الذين ينتمون الى الدستورويفسدون كل مكان آمن « حسب قول كاهية المكنين »عن تقديم مسرحية فتح الأندلس،وازاء اعتراض شيخي المدينة ألقى الرباعي على الناس كلاما اعتبراه خدشا لكرامتهما،ثم أبدوا وقاحة نحو الكاهية حسب شكواه،فحكم عليهم بأربعة أيام سجنا وخطية بعشرين فرنكا لكل منهم.وقد حلّ صالح فرحات عضو اللجنة التنفيذية للحزب بقصرهلال يوم 16 أوت 1930 باعتباره محاميا لاعلام الكاهية باعتزامه استئناف الحكم،واعتبر الكاهية ذلك تشجيعا لبوزويتة وتسميما للأفكار.وتتبعت جريدة »لسان الشعب » مراحل القضية فكتبت يوم 20 أوت1930 أن الفكرة أصبحت جريمة،ويوم 3سبتمبر1930 أن جريمة الرباعي كانت في »ترك الاعلام والدفوف،وأكل النار والحديد والحشرات »،وكذلك يوم 10سبتمبر1930،واتهمت يوم 24 سبتمبر1930 الناصر الشملي بأنه »وراء القضية »،وكذلك فعلت يوم غرة أكتوبر1930.وقد أصر الشيخان على ملاحقة الرباعي لدى محكمة سوسة بدعوى »الاعتداء عليهما واهانتهما أثناء تأدية وظيفتهما »وتولى الدفاع صالح فرحات وراجح ابراهيم.وعلّق المراقب المدني، »لقد ثبت أن هؤلاء المتهمين من الدستوريين،ولأجل هذا وجبت محاكمتهم »،وقضت المحكمة يوم 11 نوفمبر1930 بشهر سجنا مع التأجيل وخطية بخمسين فرنكا،واستؤنف الحكم بالعاصمة يوم 10 جوان 1931 برئاسة البشير معاوية،وتولى الدفاع صالح فرحات والطاهر صفر،وقضت المحكمة بالغاء الحكم الابتدائي وعدم سماع الدعوى. اشتكى محمد الزواري(بودبوس) عامل المنستير يوم10 سبتمبر1933 من محمد ابراهم،الكاتب العام لشعبة قصرهلال الذي حضر بلمطة لارهاب المزايدين عند بيع مكاسب أحد المدينين،وقد شارك كل من محمد بن علي ابراهم وفرج بن خليفة الاميّم في تقديم مسرحية »في سبيل التاج »يوم 27 مارس1934 بحضور الزعيم الحبيب بورقيبة والطاهر صفر.وعندما بلغ خبر ايقاف الحبيب بورقيبة وصحبه الى قصرهلال صباح يوم الاثنين 3 سبتمبر1934 فتجمع أكثر من800 شخص،وقصدوا الكهاية بالمكنين،وقدموا عريضة احتجاج،ثم أعادوا الكرّة في الغد،وقد تضاعف عددهم وطلبوا الاجابة عن العريضة.وقدّم وفد متركب من أحمد عيّاد ومحمد ابراهم ومحمد الحجري صحبة آخرين من المكنين،عريضة ثانية،وتقرر ليلة4-5 سبتمبر1934 تنظيم مظاهرة أخرى بالمكنين بمناسبة سوقها الأسبوعية،ويوم الاربعاء5 سبتمبر1934 في الثامنة والنصف صباحا انطلق أربعماية من أهالي قصرهلال رافعين الأعلام،  وأقتعوا عبد الكريم الواد رئيس الشعبة الجديدة بالمكتين بتسليم عريضة مشتركة تطالب باطلاق سراح المعتقلين.وقد أدى اصرار الجماهير على ابلاغ صوتها،وتعنت الكاهية والخليفة الى حصول الصدام الذي أسفر عن مقتل عون شرطة تونسي وسقوط خمسة شهداء من قصرهلالهم،يونس بن محمد نجيمة(عجمية)،يونس بن علي القصّاب،علي بن عبد الله البهلول،امحمّد بن حسن السوسي،حمودة بن محمد الشنباح.وقد اختلفت المواقف من أشخاص الكاهية والخليفة والمراقب المدني،فقد أشاد الحزب الشيوعي بالخليفة،وأدانه محمد بوزويتة ومحمد ابراهم،كما أدان الجنرال « أزان »المراقب المدني لعدم اعداده العدة والعتاد.وقد كان من بين الذين شملتهم الايقافات الواقعة بين يومي5 و8 سبتمبر1934،فأوقف يوم 5 سبتمبروتقررت احالته على محكمة الجزائر. وتحسبا لاقتراب الذكرى الثانية لمؤتمر البعث قررت الاقامة العامة يوم 27 فيفري1936 ابعاد محمد بن علي ابراهم الذي ألحق بمبعدي برج القصيرة،وفي نطاق مزج اجراءات التهدئة باجراءات القمع أبلغ المقيم العام يوم22 أفريل1936 عن الترخيص للمبعدين الثمانية المتبقين ببرج القصيرة بالرجوع الى التراب المدني مع الاقامة الجبرية،فامتطى محمد ابراهم ومحمود الماطري والبحري قيقة الحافلة الثانية الى قابس حيث أقام محمد ابراهم صحبة محمود الماطري بنزل النجمة الحديث البناء بجارة قابس.وسعت شعبة قصرهلال في 2 أكتوبر 1936 الى اصلاح خلاف بين القائدين الدستوريين بالمكنين امحمّد بعيزيق ومحمد زخّامة بايفاد محمد بوزويتة ومحمد ابراهم واحمد بورخيص والحاج محمد ساسي بعد أن فشل الحبيب بورقيبة في ذلك .وعندما أسست نقابة(قلفات)أي عملة النسج اليدوي في نوفمبر1936،ذكر بلاغ التأسيس أن هدف النقابة أن »تمنع الأعراف من الاعتداء على حقوق العملة »ووجه شكره الى  .الشيخ محمد بوزويتة الذي أجهد نفسه في افهام الناس منافع النقابات،وكذلك الى كل من محمد ابراهم وفرج الاميّم وهم الأعضاء الأساسيون بالشعبة الدستورية وأثناء الاجتماع الحزبي الكبير الذي انعقد بساحة قمبطّابالعاصمة يوم31 جانفي1937 برئاسة البشير بن فضل فان نائبي الرئيس كانا الحبيب بوقطفة من بنزرت،ومحمد ابراهم من قصرهلال،وباسم الشعب الدستورية بالساحل نشر محمد ابراهم صحبة المحامي محمد بن محمد مليكة من سوسة يوم 27 فيفري1937 نص رسالة موجهة الى بيار فيّينّو كاهية كاتب الدولة الفرنسي للشؤون الخارجية الذي زار تونس من22 الى25 فيفري1937 شرحا فيها أن أسباب الانفجارات السياسية تكمن في الطرق التي يعتمدها أصحاب الامتيازات،وأن تفاديها يكون بالتمثيل الشعبي،وأن الدستور المطالب به هو السد المنيع في وجه الجشع،لكن هذه الرسالة نشرت بعد رحيل المرسل اليه.وقد أفادت    ذكرت التقارير أن أحمد عيّاد وأحمد بورخيص ومحمد بوزويتة ومحمد ابراهم وهم قادة الحركة الدستورية بقصرهلال قاموا يوم 3 فيفري1937 بتوزيع ثياب بجلاص. واثر عودة الثعالبي يوم 8 جويلية1937 عقدت قصرهلال يوم19 جويلية اجتماعا دستوريا للتعبير عن ابتهاجها،وقد افتتح الاجتماع فرج الاميّم وتلا أحمد بورخيص نص خطاب الثعالبي في قمبطّا،وتناول الكلمة ابراهيم عبد الله ومحمد ابراهم ومحمد الحجري،وهتف الناس »تحياالأمة،يحيا الثعالبي،يحيا الزعماء،يحيا الوطن »،وقد ضاق أعضاء الشعبةذرعا بفراغ الرئاسة فقصدوا المنستير بقيادة محمد ابراهم لمقابلة بورقيبة يوم24 جويلية1937 غير أنهم وجدوه متغيبا بسوسة.وقد تحول الأمر الى خلاف بين محمد بوزويتة ومحمد ابراهم الكاتب العام للشعبة حاول اصلاحه الهادي نويرة أثناء اجتماع دستوري يوم10 أوت1937 حضرته شعب صيّادة ولمطة وبنّان وبوحجر وحوالي 800 شخص،ولم تكن للاجتماع الصاخب نتيجة تذكر.وآل الأمر الى تنظيم انتخابات لتجديد هيئة الشعبة يوم29 أوت1937 أشرف عليها الحبيب بورقيبة،وحضرها ممثلو أحد عشر شعبة،وشارك في الانتخابات350 منخرطا،وقد دعا بورقيبة الى الاتحاد والهدوء،وطاف بطربوش ملأه الناس نقودا.وقد يكون أول عمل قامت به الهيئة الجديدة برئاسة فرج بن خليفة الاميّم،هو اتخاذ موقف من الأطروحات المختلفة لمحاولات التوفيق بين الديوان السياسي واللجنة التنفيذية،وقد عبذرت شعبة قصرهلال يوم 12 سبتمبر1937 عن رفضها لدمج اللجنة التنفيذية وعن قبولها عقد مؤتمر لرؤساء الشعب الموجودة »يكون له القول الفصل »،وجاء التعبير بلسان فرج الاميّم ومحمد ابراهم. ودعمت الهيئة الجديدة للشعبة مركزها حين شاركت في مؤتمر الحزب بنهج التريبونال بالعاصمة أيام30و31 أكتوبر،و1و2نوفمبر1937 وقد أشرف محمد ابراهم على انتخابات الديوان السياسي والمجلس الملّي الذي انتخب فيه فرج الاميّم ومحمد ابراهم ،وأصدر لائحة بسحب الثقة من الحكومة الفرنسية،وقد طالبت شعبة قصرهلال بالقطيعة معها،وجاءت زيارة الحبيب بورقيبة الى قصرهلال يوم22 توفمبر1937 مساندة للهيئة الجديدة التي مازالت تواجه انشقاقات الرأي العام.ومن المراسلات الصحفية النادرة،ولعلها الوحيدة،التي حررها محمد بن علي ابراهم الكاتب العام للشعبة الدستورية بقصرهلال،كانت رسالة لجريدة الزهرة يوم 3 ديسمبر1937 تحدث فيها عن زيارة القائد حسونة الزوّالي،رئيس جمعية النجم الكشفي والكاتب العام للشبيبة الدستورية،وتلميذه محمود عبّاس،وانعقاد اجتماع بنادي الشعبة خطب فيه فرج بن خليفة الاميّم رئيس الشعبة،وحسونة الزوّالي،ونودي خلاله بحياة الديوان السياسي،ثم أحدث فرع كشفي بقصرهلال. في يوم 12 أفريل1938 حلّ بقصرهلال ضابط عسكري تلا على الناس بلاغا من الجنرال أبادي قائد حامية سوسة،ثم علق اعلانا عن حالة الحصار مع تذكير بحل الحزب.وتجمع الناس بعد انصراف الجنود،وخطب فيهم محمد ابراهم،وابراهيم عبد الله،وفرج الاميّم،وأحمد بورخيص الذين اعتقلوا يوم 14 أفريل 1938وأحيلوا بتهمة التحريض على العصيان الى المحكمة التي قضت يوم16 سبتمبر1938 بعدم سماع الدعوى واخلاء السبيل،ماعدا محمد ابراهم الذي وجه الى سجن القصبة بالعاصمة حيث رافق الطيب بن عيسى صاحب جريدة »الوزير »بغرفة واحدة وأطلق سراحهما معا يوم10 أكتوبر1938. لاحظت الشرطة أن محمد بن علي ابراهم،وفرج بن خليفة الاميّم،وأحمد بن ابراهيم بورخيص،مسيّري الشعبة المنحلّة،عادوا من تونس الى قصرهلال ليلة 3جانفي1939 وأن أحمد عيّاد أودع برقية تحمل428 امضاء موجهة الى رئيس الحكومة الفرنسية القادم الى تونس جاء فيها،الشعبة الدستورية بقصرهلال ترحب بكم وتطلب منكم أن تفتحوا مفاوضات مع الزعماء الموقوفين الذين اعتقلوا تحفظيا وهم،محمد بن علي ابراهم،أحمد بن ابراهيم بورخيص،فرج بن خليفة الاميّم،أحمد بن سالم عيّاد،محمد بن عمر بوزويتة،محمد بن عبد الرزاق الحجري.وعادت السلطة يوم 15 فيفري1939 الى الايقافات التحفظية التي كانت من نصيب حسن بن صالح الزرّاد،ومحمد بن علي براهم،ومحمد بن عبد الرزاق الحجري،وعبد الرحمان بن فرج الشايب.وتحركت شعبة قصرهلال رغم تلك الاعتقالات وانتظمت غداة ذلك اليوم الخميس16 أفريل1939 مظاهرة ليلية شارك فيها500 شخص نادوا باطلاق سراح المساجين الدستوريين وتحقيق الدستور،ورغم التخفي أوقف ثلاثون شخصا بسجن سوسة وأحيلوا على المحكمة بتهمة المشاركة في مظاهرة ممنوعة وتحريض السكان على العصيان . وبعد حلول الذكرى الأولى لأحداث أفريل1938 ،أصدر المقيم العام يوم 19 أفريل1939 عفوا شاملا على المساجين السياسيين،لكن ذلك العفو لم يحل دون انتقال قضية بورقيبة ومن معه،ومن بيتهم محمد ابراهم الى محكمة الجزائر يوم 10 جوا1939،وذكرت شرطة سوسة يوم7جوان1939 أن محمد ابراهم يتولى ابلاغ عريضتين من لمطة وصيّادة الى وزارة الخارجية الفرنسية للمطالبة باطلاق سراح المعتقلين.وتزامن اندلاع الحرب العالمية الثانية يوم 3 سبتمبر1939 مع قطع لاعمدة الهاتف بين طوزة والمكنين يوم 6 سبتمبر1939 فأوقف عامل المنستير،محمد بن علي ابراهم،والهادي بن علي ابراهم،وعلي بن منصور قاسم(القمباري)،وعبد القادر بن محمد برّيم(شارلو)،حتى اذا عثرت الشرطة على رسالة حزبية وثلاثة مناشير موجهة الى محمد ابراهم لم تتمكن من متابعتها لأن الرجل »موجود بسجن عامل المنستير ». وقد كانت عيون السلطة ساهرة على تحركات أحمد عيّاد ومحمد ابراهم،فلاحظت يوم 5 أفريل1940 وجود الأول بالعاصمة،بينما امتنع الثاني عن الصلاة وراء علي بن ابراهيم الشنباح بمسجد سويد،لأن الامام كون جماعة من أتباع الطريقة المدنية بزاوية سيدي عبد السلام،وقد دعاه كاهية المكنين مستفسرا فأعلن محمد ابراهم أنه لن يصلّي بمسجد سويد بتاتا،وبعد مرور ذكرى أفريل1938 في هدوء ظاهر عاد التحرك يوم 10 جويلية1940،وأبلغت الشرطة أن محمد بن علي ابراهم وأخاه الطاهر قاما بجمع الامضاءات ،وأن اجتماعات تعقد بدكانه،وتذمرت من تعذر تسجيل ما يدور بتلك الاجتماعات لحراس يوضعون أمام الدكان.وفي ظل الاحتلال الألماني انعقد اجتماع حزبي باشراف رئيس الحزب الدكتور الحبيب ثامر يوم3فيفري1943بقصرهلال »أم الوطن والبلدة التي وضع الحجر الأساسي للحزب الحر الدستري بمؤتمرها،وأقيم معظم الكفاح على أبنائها الذي سجّل لهم تاريخ الحركة الوطنية تضحيات كبرى وأعمالا جليلة،وخطب في الاجتماع محمد ابراهم مرحّبا،ثم الحبيب ثامر،ومحمود شرشور،وابراهيم عبد الله،والطاهر بطّيخ. » وأبلغت الشرطة يوم 9مارس1943 عن مساع قام بها الحبيب ثامر والمنجي سليم،والهادي نويرة ومحمد ابراهم رئيس الهلال الأحمر بقصرهلال للاصلاح بين الرئيس السابق للهلال الأحمر بأكودة ورئيسه الجديد. توفي محمد ابراهم يوم الثلاثاء 12 جوان 1945 بدون أن تثير وفاته أي صدى اعلامي أو حزبي،بينما تواصلت الجهود لجمع الأموال لفائدة بورقيبة،فتحدثت التقارير عن مبالغ هامة وقع تسليمها من قصرهلال الى ابن الحبيب بورقيبة بين14 و20 أكتوبر1945.

مراد رقية: شركة اتصالات تونس تتحايل على الحرفاء برضاهم وتبتز أموالهم

 

مراد رقية:
ان لمن الأطراف العديدة المتدخلة في ساحة قطاع الخدمات في تونس وخاصة منها الخدمات الهاتفية شركة »اتصالات تونس » التي راهنت منذ فترة خاصة بعد خصخصة القطاع على »هرسلة » الحرفاء عبر قذفهم بالشعرات الترويجية والاشهارية التي ما أنزل بها الله من سلطان،وعبر تعديد وتنويع العروض والوعود التي في ظاهرها تكريم للحريف وارتفاع بمستوى امتيازاته،ولكنها في الأساس طريق الى نهب ميزانيته والاستيلاء على كل مليم يتوفر في جيبه المفرغ أصلا،مساعدة له على أعباءه في هذا الزمن الحرام مع انتشار الهواتف النقالة لدى مختلف الشرائح العمرية ومنها الأطفال وتعميق للهوة القائمة بين مداخيله المتناقصة المتآكلة ومصاريفه التي شهدت قفزة صاروخية؟؟؟ ولعل من العروض المروج لها بامتياز عبر شبكة الهاتف القار »عرض فيكسي » الذي وان كان اختياريا وفي الظاهر هدفه التحكم في حجم المكالمات فانه يلزم الحريف »الواقع في الفخ »بالتزويد المنتظم لهاتفه القار حتى وان لم يستنفذ الرصيد السابق،مع العلم وأنه لا يمكن وضع حد للاشتراك في عرض »الفيكسي » الا بعد مرور سنة كاملة تأكيدا على حرية الحريف وتقدير شركة اتصالات تونس وقوعه في الفخ المجزي والمنتج مداخيل وافرة لميزانيتها خصوصا وأن رأس مالها الأساسي بعد تسديد تكاليف الشبكة هو « بيع الهواء » عبر الشبكة،شبكة النقال وشبكة القار مما جعل الرهان الأساسي هو التشجيع على الكلام،لأي غاية…الله أعلم؟؟؟ وقد اعتقدت شركة اتصالات تونس « الهرسلة » في تركيز هذا العرض أو الخيار عبر الاتصال بالحرفاء في منازلهم أو حتى عبر زيارتهم في مقرات عملهم،وبرغم أن مستعملي الأنترنت يعتبرون محظوظين لعدم توفر امكانية قطع الخط عنهم حتى في صورة عدم الشحن لاستعمال الخط في الاتصال بالشبكة العنكبوتية الا أن المستعمل لنظام »فيكسي » الهاتفي يجب خطه مقطوعا بصفة آليةالكترونية اذا لم يشحن خطه في الوقت المطلوب أي مع نهاية المدة الزمنية للتخابر وهي شهر واحد؟؟؟ ولعل الأمر يزداد سوءا وهذا ماحدث لدينا عبر الوكالة التجارية بقصرهلال ومركز الاتصالات الآلي بالمكنين اذ وقع قطع خط عيادة طبيب لا زال يتوفر معلوم مالي في رصيده المتحصل من النظام السابق »المسبق الدفع »وحتى من « الفيكسي »ذاته لعدم استنفاذهما ،فأي منطق هذا الذي يجعل شركة اتصالات تونس تغرّر بالحريف عبر استدراجه لهذا النظام الجهنمي الذي يقبل عليه المواطن شفقة بنفسه وبجيبه،ثم سرعان ما يتبين بأنه في غير صالحه خلافا للنظام المسبق الدفع الذي لا يقطع فيه الخط،والذي يتمتع فيه الحريف لسراح استعمال للخط يصل الى عدة أشهر؟؟؟ برغم رفع شركة اتصالات تونس لشعار »كلّنا على فرد كلمة » الا أن هذا الشعار لا يكشف عن خبايا الممارسات غير السوية التي تعتمد عليها مع حرفائها الذين تسمح لنفسها بمناسبة وبغير مناسبة بانتهاك هواتفهم النقالة بامطارهم وقذفهم دون استشارتهم ودون رضاهم وموافقتهم بمئات وآلاف الرسائل القصيرة الترويجية والتوعوية،فعلى مسؤولي الشركة مراجعة مستوى خدماتهم ونمط معاملاتهم لحرفائهم الذين أصبحوا رهائن لدى الشركة المغتالة لحقوقهم،المفرغة لجيوبهم ببيعهم « الهواء » مهما كان مستوى ارتباطهم بالشبكة ،واستفادتهم من خدمات الشركة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟  

د. عمر النمري : إحصائية ذات دلالة

كتبه د. عمر النمري – لندن   أثناء عودتي إلى أرض الوطن خلال الإجازية الصيفية التي لم تدم أكثر من أسبوعين لالتزامات متصلة بطبيعة عملي في لندن قمت بإحصائية بسيطة خلال ربع ساعة قضيتها في احتساء القهوة وانتظار أحد الأقارب. جلست في مقهى في شارع فرنسا ـ إن لم تخني الذاكرة ـ أي الشارع الواقع على امتداد شارع الحبيب بورقيبة من جهة المدينة القديمة قبالة القوس الكبير المفضي إلى السوق العربي وجامع الزيتونة، خطرت على بالي فكرة إحصاء عدد المتحجبات وغير المتحجبات المارات عبر القوس أو على جانبيه في الاتجاهين؛ أخذت ورقة وقلما ورسمت جدولين: واحدا خاصا بالمتحجبات وآخر بغير المتحجبات، وطفقت أضع خطا في الجدول المناسب ليمثل كل واحدة منهن على الطريقة المعهودة في تفريغ البيانات في جداول الإحصاء؛ فكانت النتيجة كالتالي : 92 متحجبة، و70 غير متحجبة؛ أي بلغة النسب المئوية 56.79% من المتحجبات و 43.21% من غير المتحجبات مررن أمامي خلال الربع ساعة الذي قمت فيه بعملية الإحصاء. هذه عينة تقريبة لاأدعي أنها ممثلة للمجتمع التونسي بلغة الإحصاء العلمي، ولكنها عينة ذات معنى من حيث تمثيلها لمجتمع المارين من النساء خلال تلك اللحظة في شارع من أهم شوارع العاصمة التونسية.  أظف إلى ذلك ملاحظاتي الشخصية عن انتشار الحجاب في أكثر من مكان؛ رأيت المتحجبات من العاملات والمتدربات في مستشفى تطاوين أثناء مرافقتي للوالد في المستشفى، ورأيت المتحجبات من العاملات في الحي الجامعي بحي الخضراء أثناء زيارتي لأخي في دورة تعليم مستمر، ورأيت المتحجبات في محكمة الاستئناف بباب بنات أثناء جلوسي للقضاء للإعتراض على الأحكام الصادرة في حقي غيابيا وكان من بينهن ثلاث محاميات بعباءة المحاماة السوداء يعلوها حجاب على الطريقة المعروفة في المشرق العربي فضلا عن عدد المحجبات من الحضور في قاعة المحكمة، ولقد هممت بعدهن لولا أن جلوسي في الطابور الأمامي المخصص للمتهمين منعني من ذلك، ولم يطل مقامي بقاعة المحكمة أكثر من نصف ساعة حيث طلب مني المغادرة بعد قبول اعتراضي من طرف السيد القاضي. ما الذي يمكن أن نستنتجه من هذه الإحصائية البسيطة؟   ·ان تونس الزيتونة والقيروان والفتح الإسلامي العظيم الذي طرق تونس منذ الثلاثينات من القرن الأول الهجري (34هـ) لا يمكن أن تتخلى عن دينها وهويتها العربية والإسلامية مهما ظن الظانون ومهما أمل المأملون من اللائكيين سواء في السلطة أو في المعارضة ممن تخدعهم أهواؤهم ويأملون في أن يرون تونس وقد حادت عن الطريق المستقيم وانحرفت بها الأهواء يمنة ويسرى. ·ان خطة تجفيف منابع التدين التي ابتدعها بقايا اليسار ممن تسللوا إلى حزب الاستقلال عبر التجمع الدسوري في عهد التغيير ذهبت سدى ولم تثمر إلا الحسرة والأسى في نفوس مبتدعيها وهم يرون بأم أعينهم المجتمع التونسي يؤوب إلى ربه رغم غياب الموجهين وانحصار المد النهضوي إلى أقصر مداه. ·ان معركة الحجاب في تونس قد وضعت أوزارها وخفت أوارها وانتهت إلى غير رجعة، وأن موقف السلطة غير المعلن من مسألة الحجاب: أن من أراد أن يلبس فليلبس ومن أراد أن يترك فليترك، رغم بقاء المنشور المانع لارتداء الحجاب دون إلغاء؛ وإلا فبما يمكن أن نفسر انتشار الحجاب بهذا الكم الهائل في المجتمع ومؤسساته المختلفة. ·ان بعض الحملات المتكررة على المحجبات في مناسبات محددة وفي مؤسسات معروفة لاتعبر بالضرورة عن السياسة العامة للسلطة بهذا الخصوص وماهي إلا نشاز ربما افتعلها بعض أصحاب الأهواء او المتنفذين من اليسار ممن يسعون لأن يستجروا ردود أفعال متشنجة من قيادة النهضة ليبقوا على العلاقة متوترة بين السلطة وحركة النهضة ويسوؤهم أي تقارب بين الطرفين. ·ان هذه السياسة الرشيدة غير المعلنة من طرف السلطة بخصوص مسألة الحجاب ينبغي أن تشفع بقرار شجاع من طرفها تعلن فيه إلغاء المنشور 108 ورديفه حتى تقطع الطريق عن كل من تسول له نفسه من أهل الأهواء والنفوس الضعيفة  استغلال نفوذه وموقعه وسلطته في التعدى على الحرائر استنادا إلى هذين المنشورين.

 من وراء الحملة المشبوهة ضد الإسلام؟

 

د. أحمد القديدي (*)    حين أكتب عن الاسلام وضرورة الحيطة من أعداء هذا الدين القويم أتذكر دائما أولئك المسلمين من أصحاب القلم الذين يتهموننا بالعقلية التآمرية ويدعوننا الى التنوير، مبرئين الغرب من أية نية عدوانية وبخاصة واحد منهم احترف هذا الانحراف وهو قريب من ينبوع الاسلام لكنه سخر قلمه للدفاع حتى عن أخطاء رهيبة ارتكبها الغربيون وأدانها شهود من أهل الغرب ومن عقر دياره، وطالما أشفقت على حال الرجل حينما أقرأ بيان خمسة وزراء خارجية أمريكان سابقين ينصحون الرئيس بوش بمغادرة العراق وعدم التهور في التعامل مع ايران في حين يتشبث الكاتب العربي «المستنير» بموقف الدعم الكامل للادارة الأمريكية وهو في موقف الناصح المستكين المعزول لا أحد يسمعه سوى نفسه. وأنا حين أقول اليوم إن المسلمين مستهدفون لا في مصالحهم الحيوية فحسب بل في أركان معتقداتهم وفي أصول حضارتهم فانني أنقل ما يسجله الشرفاء الغربيون والنزهاء من علمائهم بل وحتى رجال الكنيسة الذين يسوؤهم أن يعتدى على دين سماوي بلا حياء وبلا حجة. من هؤلاء الصديق الكريم الذي يرافقني منذ ثلث قرن في حوار يرقى بنا الى حرمة أدب الاختلاف والى فضاء البحث عن الحقيقة وهو القس الأب ميشال لولون المفكر الكاثوليكي الفرنسي الذي له رصيد ثري من الكتب والدراسات والمشاركات في المؤتمرات حول أهمية الحوار الاسلامي المسيحي وحول اضافات الاسلام العظيمة للحضارة الانسانية وجلال المنظور الاسلامي للسيد المسيح وأمه مريم العذراء رضي الله عنهما وحول عدالة القضية الفلسطينية وارهاب الدولة العبرية. وقد شارك هذا القس العادل في بعض البرامج التلفزيونية في قناة (اقرأ) هذا الأسبوع ليستنكر الحملات المشبوهة التي تحركها أيادي المتعصبين الصهاينة أو المسيحيين أو مع الأسف بعض أبناء المسلمين المرتدين ضد الاسلام فيما يشبه الأوركسترا المنظمة التي يعزف كل عازف فيها على آلة بعينها لكن المطلوب هو انتاج سمفونية الحقد والبغضاء وبثها على مسامع الجيل المسلم الحيران. وقد حاولت تفكيك هذه الأوركسترا فوفقني الله الى فهم بعض منطلقاتها وأغراضها وكيفية توزيع الأدوار فيها وعرفت على سبيل المثال بأن البرلماني الهولندي «جيرت ويلدرز» الذي أنتج شريطا سينمائيا عنصريا بعنوان الفتنة ما هو سوى صهيوني متعصب قضى شهورا في «موشاف» أي قرية زراعية اسرائيلية في أرض فلسطين المغتصبة وعاد لوطنه هولندا يبشر بما سماه الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط. وهنا لا بد من الربط بين الحملة المعادية للاسلام وبين مخططات يدبر لها في اسرائيل. ثم ان القس الأرثوذكسي بطرس الذي يتكلم في قناة (الحياة) شاتما رسولنا الكريم ومتهكما على كتابنا القويم بلغة سوقية هجينة انما ينطلق من بعض المراكز المشبوهة الموجودة في قبرص وتحت اشراف اسرائيلي مستتر! بالاضافة الى حركة أطلق عليها أصحابها اسم (بشارة) وهي تضم شبابا من المغرب الاسلامي من تونس والجزائر والمملكة المغربية يتقدمهم قس تونسي اسمه كما يناديه المحاور في الفضائية «الأخ عماد» وهو مسلم مرتد يتكلم باللهجة التونسية الشعبية ويدعو لمن سماه (الرب يسوع) ويفسر الانجيل والقران بأسلوب جهول حقود يبث السموم في عقول عربية غضة لعلها عرضة لتأثير هذا القس المنسلخ عن دينه. ومثله يقوم قس شاب من المغرب فيخلط خلطا بدهاء جهنمي مدروس بين بعض الحركات الجهادية المتطرفة المسلحة وبين الاسلام كدين وكحضارة. وهذه الحركة الغريبة تعتمد على سند الأوساط اليهودية النافذة في الاعلام ومجالات المال والأعمال في الاتحاد الأوروبي. وبالتوازي مع عمليات التشويه الصليبي هذه يعمل بعض أدعياء الدعوة من ذوي المدارك المحدودة والمعارف المعدودة على بذر بذور التجهيل على منابر بعض الفضائيات العربية أو على أمواج بعض الاذاعات، فيعززون الاعتقاد بأن الاسلام ظلامي وبأن الشريعة عدوان وبأن تاريخنا كله جنس وقتل وارهاب. وهؤلاء الجهلة البسطاء سمعت بعضهم يتحدث عن النبي المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وعن الخليفة علي كرم الله وجهه وعن أمهات المؤمنين وعن فاطمة الزهراء رضي الله عنهن كأنما كان هذا الدعي لا الداعية بصحبتهم صباح نفس اليوم في أحد المقاهي الشعبية بل كأنما خرج من مجالس النبوءة واجتماع الخلفاء الراشدين منذ وقت قصير فنسمع هؤلاء الأدعياء لا الدعاة يرددون كلاما سخيفا صدر في السنوات الماضية عن مؤسسات نشر يهودية خططت للاساءة لدين الحق ووزعت تلك الكتب الصفراء التي ما تزال تباع على أرصفة المدن العربية الى اليوم. ولعل هؤلاء الجهولين الذين يفتون بما لا يعلمون يشكلون الحلقة الثانية للحملة التشويهية على الاسلام لأنهم يعطون الحجة والبرهان للحاقدين التنصيريين على ما يدعون ويمدونهم بزاد التعليل لممارسة التضليل واشاعة التجهيل ثم وهذا هو المقصود اتاحة العدوان العسكري وتبرير الغزو والاحتلال لشعوب الاسلام وبالطبع والمنطق تقوية شوكة اسرائيل وتمرير اغتصابها لأرض فلسطين بلا مقاومة ثم تذييل الغرب وتوظيف قواته العسكرية لخدمة أهداف الصهيونية المتعصبة بعد جر الادارة الأمريكية الانجيلية الراهنة الى هاوية المواجهة مع الاسلام منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر المثيرة للجدل والتي لم يكشف الواقع ألغازها بعد! ولاستكمال اليات غسل العقول المسلمة تتولى شركات أمريكية توزيع ألعاب العنف والقتل الألكترونية التي أصبحت تجند عقول المراهقين لادراجهم في حروب العراق وأفغانستان الافتراضية وتضعهم في صفوف المارينز لملاحقة من يسمونهم الارهابيين في مخطط صهيوني-أمبريالي يسمى (القوويم) أي ابادة كل من هو غير يهودي. وهو منطق خطير يورط الملايين من أبنائنا، وقد تجند لمقاومة هذا الشر شرفاء الغرب واليهود أنفسهم أمثال الصديقة هلجا زياب رئيسة معهد شيلر الألماني والكاتب الاسرائيلي (أفرام بورغ) الذي كان رئيسا للكنيست وأدان سياسة بلاده في كتابه الأخير (الانتصار على هتلر) في حين غاب العرب غيابا مريبا لانشغالهم على ما يبدو بالبحث عن رئيس لجمهورية لبنان! بينما لبنان وبقية أرض العرب توشك أن توضع على كف عفريت لم يهدنا الله سبحانه الى اكتشافه تحت عباءتنا وفي عقر ديارنا. (*) كاتب وسياسي من تونس (المصدر: صحيفة ‘الشرق’ (يومية – قطر) الصادرة يوم 30 جويلية 2008)

خلط الأوراق إسرائيليا والتأثير العميق عربياً

 

عبداللطيف الفراتي (*)    وأخيرا اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت، للإعلان عن استقالته المؤجلة ليوم 17 سبتمبر المقبل، تحت ضغط الشارع، نتيجة ما فاح من مظاهر الفساد في سلوك رئيس حكومة، يحاسب لا فقط قضائيا بل شعبيا، مع ظاهرة انخفاض شديد في الشعبية. ويأمل رئيس الحكومة المستقيل مستقبلا أن يعود منصبه إلى أحد ممثلي حزب كاديما من خلال المؤتمر الذي يعقده في ذلك التاريخ والمنافسة شديدة بين ليفني وزيرة الخارجية وموفاز وزير النقل والشخصية القوية في المشهد السياسي الإسرائيلي، لكن المطامع كبيرة أيضا لدى باراك زعيم حزب العمال الذي يعتقد وهو ضمن الائتلاف الحاكم أنه المؤهل لخلافة أولمرت. ولكن ماذا سيحدث إذا انفجر الائتلاف الحالي برئاسة أولمرت، تحت ضغط الخلافات والسباق نحو منصب رئيس الوزراء. المؤكد في هذه الحال، أن يصار إلى انتخابات عامة سابقة لأوانها، وكل المؤشرات وعمليات سبر الآراء تشير في هذه الحال إلى احتمال كبير بانتصار حزب الليكود ووصول زعيمه ‘المتطرف’ نتنياهو إلى سدة رئاسة الوزراء، وهو الذي يواصل التأكيد بأنه لن يتنازل عن الضفة الغربية أو يهودا والسامرة كما يسميها للفلسطينيين والذين يصر على تسميتهم بالعرب. إذن وإذا فشل حزب كاديما وشريكه حزب العمل في الوصول إلى نقطة اتفاق، فإن اللجوء لانتخابات سابقة لأوانها سيكون أمرا لا مفر منه، وكل الدلائل تشير وقتها إلى انتصار لليكود لن يكون في صالح العرب، كما لو كان وجود أولمرت الحالي أو وجود ليفني أو باراك المقبل فيه ما يخدم المصلحة العربية، وحتى الرهان البوشي ـ نسبة للرئيس بوش ـ على أولمرت وأبو مازن لإيجاد اتفاق إسرائيلي فلسطيني نهائي قبل آخر العام الحالي فإن الأمل بشأنه أصبح ضعيفا جدا إن لم يكن منعدما تماما. وحتى سوريا التي بدأت منذ ثلاثة أشهر مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بوساطة تركية، لم تحقق أي تقدم، فإنها باتت متخوفة من انصراف، أولمرت عن الساحة السياسية الإسرائيلية، في وقت لم يقع التقدم فيه ولو خطوة واحدة بما يسمح بقيام مفاوضات مباشرة بين الطرفين. وسواء امتطت منصب رئيس الوزراء الإسرائيلي السيدة ليفني التي ستكون في هذه الحال ثاني سيدة إسرائيلية ترتقي إلى منصب رئيس الوزراء، أو موفاز المتقلب بين الاعتدال، والتصلب أو حتى باراك العمالي، أو خاصة نتنياهو فإن كل المؤشرات لا تدل على خير مقبل، وهو ما لا يعني أن الخير كان متوقعا مع أولمرت، ولكن لعل الأخير كان يوحي لطيبته أو ما يتظاهر به من طيبة، أنه جاد في مسعاه لإحلال السلام وتقديم التنازلات المؤلمة، فيما أبرزت التطورات أنه كان أبعد من ذلك، وأنه يقف وراء كل التحركات والأعمال التي انتهت إلى تقتيل المئات من الفلسطينيين إن لم يكونوا الآلاف، وتجويع شعب بكامله عبر حصار لا أخلاقي حرمه من كل شيء. والواضح أن 17 سبتمبر المقبل لن يكون أفضل أو أسوأ مما قبله بل سيكون مماثلا، فلن تكون ليفني وزيرة الخارجية الحالية، ولا موفاز وزير النقل، ولا باراك وزير الدفاع وزعيم العمال أفضل أو أسوأ من أولمرت، ولن يكون نتنياهو زعيم الليكود المحافظ هو الآخر أسوأ أو أفضل، لأنهم كلهم ينحدرون من فلسفة يحسنون إخفاءها عن المجتمع الدولي، تقوم على محاولة الظهور بمظهر الحمائم، فيما هم كلهم من الصقور الجارحة، التي وضعت مخالبها على فلسطين، ولا تنوي التخلي عنها أو عن أي جزء منها، كما وضعت مخالبها على الجولان وليس لها من نية لمغادرتها، إلا إذا تغير ميزان القوى، ولا يبدو اليوم أن في الأفق ما يبشر بمثل هذا التغيير. لكن استقالة أولمرت المتوقعة لا بد من قراءتها من زاويتين مختلفتين: 1- أنه يدفع ولو متأخرا ثمن هزيمة في جنوب لبنان، قبل سنتين، ولقد جر خلال كل تلك الفترة تلك الهزيمة كالكرة الحديدية المرتبطة برجله. وهذا هو مصير الرجل السياسي في بلد هو رغم كل مآخذنا عليه يبقى بلدا تحكمه السلوكات الديمقراطية على الأقل تجاه مواطنيه وبهم ومعهم. 2- أنه يخضع لإشارات الشارع الإسرائيلي كما يحدث في أي بلد يتمتع بحد من الديمقراطية، من حيث المحاسبة لا السياسية فقط، بل كذلك الجزائية إزاء مظاهر الفساد المتعلقة به أو المتهم بها في انتظار أن تثبت أو يقع نفيها أمام عدالة وقضاء يتسمان بالاستقلالية الكاملة، وتلك هي نقط القوة في مجتمع إسرائيلي مغتصب، ولكنه بين أفراده يحترم قواعد لعبة واضحة. ولعل لنا في بلداننا العربية أن نقف قليلا أمام هذه المعاني التي تبقى غائبة من حياتنا العامة وبالتالي تجعل هشاشة مجتمعاتنا المحكومة بغير تلك الطرق المتقدمة مؤدية إلى التخبط وضعف الأداء وبالتالي للهزائم المتتالية، وعدم القدرة على التفاعل مع الواقع ومقتضياته ومتغيراته. ولما كنا كعرب غير قادرين على حل رموز شفرة اللعبة الإسرائيلية، فإننا نقف إما متفائلين أو متشائمين إزاء ما سيحصل في إسرائيل بعد 17 سبتمبر، فيما ليس هناك مجال لا للتفاؤل ولا للتشاؤم. وفيما لن يتغير شيء يذكر في السياسات الإسرائيلية مهما كان اللاعب الرئيسي على ركح السياسة الإسرائيلية، فإنه من البلاهة أن نتوقع شيئا جديدا سواء من ليفني أو موفاز أو باراك أو نتنياهو، بل المؤكد أن إسرائيل ستتابع نفس السياسات ربما بتلوينات مختلفة حسب الشخص الحاكم ولكن بالأساس بدون نتيجة إيجابية لنا كعرب. (*) كاتب من تونس (المصدر: صحيفة ‘الشرق’ (يومية – قطر) الصادرة يوم 3 أوت 2008)

أوباما يستكشف تضاريس السياسة الدولية

 

بقلم:توفيق المديني السؤال المطروح في الأوساط العالمية,هل يعتبر أوباما مرشحا كونيا?. لقد أصبح أوباما ظاهرة كونية ذات أبعاد كبيرة,أكبر بكثير من ظاهرة( dianamania ) حسب قول أستاذ الدراسات الأوروبية في جامعة أكسفورد تيموثي غاردون, وأصبح الكثيرون في أميركا وفي الغرب يعتبرون أوباما من ألمع رجال السياسة المثيرين للإعجاب. لا شك أن أوباما شخصية جذابة بشهادة العديد من المراقبين الغربيين,فقد بدأ عمله السياسي كسيناتور في ولاية إلينوي في عام 1996 قبل انتخابه بعد ذلك كسيناتور في مجلس الشيوخ الفيدرالي عام .2004‏ تقول عنه مجلة نيويورك تايمز في عددها الأخير (كل واحد فينا يحس في أوباما أن التجربة التي عاشها,والمزاج والأفكار تجعل منه كل متكامل) ألم يقل أن المبدأ الأساسي الذي يحكم رؤيته الدولية يقوم على أن (أمن الولايات المتحدة الأميركية مرتبط عضويا بأمن الشعوب كلها).‏ حسب دراسة معهد الأبحاث التي أجريت في أربعة وعشرين بلدا ونشرت في 12 حزيران الماضي,فإن المرشح أوباما للانتخابات الرئاسية الأميركية لا يثير الآمال الكبيرة فقط,بل يحسن صورة أميركا في العالم, مع ترشحه ينظر العالم إلى انتخابات 4 تشرين الأول بمنزلة الفرصة لطي صفحة عهد الرئيس بوش كما لو أن أوباما كان قادرا على إعادة تنظيم الكرة الأرضية هذه التي هزتها أحداث 11 أيلول 2001 ومصالحة الولايات المتحدة مع بقية العالم.‏ يقول أوباما إنه من دون التوصل إلى استراتيجية محددة وواضحة يقوم الرأي العام بدعمها وكذلك يتفهمها العالم فإن أميركا ستفتقد المشروعية وكذلك على نحو مطلق القوة والسلطة التي تحتاجها لكي يجعل العالم أكثر أمنا مما هو عليه الحال اليوم ولذلك فإن أوباما يشدد من جديد على أن أميركا تحتاج إلى إطار جديد ومعدل للسياسة الخارجية يتماشى مع الجرأة والمجال الواسع الذي تميزت به سياسة الرئيس الأميركي الراحل هاري ترومان بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها وينبغي أن تواجه هذه السياسة الجديدة التحديات والفرص المتوفرة في القرن الجديد وعلاوة على ذلك فإنه يطالب بأن ترشدنا (هذه السياسة الجديدة إلى حدود استخدمنا للقوة والاعراب عن مثلنا ومبادئنا السامية والتزاماتنا الراسخة) ولكن أوباما يقول بتواضع:إنه يفترض أن لديه (تصوراً كاملاً عن هذه الاستراتيجية الكبيرة داخل جيبه) ولكنه يعرف ما يؤمن به ولذلك فإنه يقترح أموراً عدة ينبغي على الشعب الأميركي أن يتفق عليها بحيث تكون نقطة البداية لها هي التوصل إلى قناعات جديدة.‏ ويعرب أوباما عن قناعته بأنه ليس متفائلاً حول مستقبل العراق على المدى القريب ومن أجل تحقيق مستقبل أفضل في العراق فإن أوباما يؤكد بخلاف السناتور جون ماكين أنه سينهي تلك الحرب إذا صار رئيسا, لقد وجد أنه خطأ كبير الالتهاء عن مصارعة القاعدة وطالبان في أفغانستان والانصراف إلى مهاجمة بلد لا يشكل خطرا حاضرا على الولايات المتحدة وما كانت له علاقة بهجمات 11/9/2001 ومنذ بدء الحرب على العراق قتل أربعة آلاف عسكري أميركي وانفقت أميركا تريليون دولار.‏ ويركز أوباما بعد ذلك على اقتناعه الشخصي الذي لا يزال يعلنه حتى اليوم وسيستمر في تأكيده خلال الحملة الانتخابية ضد السيناتور ماكين بضرورة القيام بعملية انسحاب تدريجي للقوات الأميركية إلا أن المرشح الديمقراطي يلتزم الحذر بالقول:إنه ليس واثقا حتى الآن بكيفية تحقيق انسحاب سريع وشامل من العراق لأن ذلك سيعتمد على عدة افتراضات مهمة حول مدى كفاءة الحكومة العراقية في توفير الخدمات الرئيسية والأمن للشعب هناك,ويتساءل أوباما أيضا عما إذا كان استمرار الوجود العسكري الأميركي في العراق هو أحد الأسباب الرئيسية للتمرد وأعمال العنف هناك.‏ والأمر الأكثر خطورة والذي يثير قلق أوباما هو ما إذا كانت البلاد ستنزلق إلى حافة الحرب الأهلية إذا ما قامت أميركا بالانسحاب ,ويعترف أوباما بصراحة أنه ليست لديه (إجابات سهلة عن هذه التساؤلات) ولكن سبق لأوباما أن كرر مرارا علينا أن نكون حريصين في الانسحاب من العراق وبقدر ما كنا غير حريصين في الوصول إليه نستطيع أن نعيد انتشار قواتنا في زمن قد يمتد إلى ستة عشر شهرا وهذا يعني صيف العام 2010 أي بعد سنتين من الآن.‏ في زيارته الأخيرة لأفغانستان قال أوباما إذا صرت رئيسا فإنني سأتبع استراتيجية جديدة وأولى الخطوات إرسال فرقتين عسكريتين جديدتين إلى أفغانستان, فنحن محتاجون هناك لقوات مقاتلة أكبر وللمزيد من المروحيات ولجمع المعلومات من أجل حركة القوات بشكل أفضل ولمزيد من العناصر غير العسكرية لتحقيق الأهداف المخطط لها,ولن أعمد لإبقاء القوات بالعراق ومعها مواردنا وإمكانياتنا لا شيء إلا للاستمرار في اتباع سياسة ترمي لإقامة قواعد عسكرية ثابتة بالعراق وهكذا فإن هناك اختلافات بيننا بشأن الاستراتيجية الضرورية بالعراق.‏ في جولته الأوروبية أطلقت البلدان الأوروبية على ظاهرة المرشح الديمقراطي باراك أوباما عدة تعبيرات ترسم (أوباما تاتيز) و (أوبامانيك) و (أوبامانيا) الصورة نفسها لمؤديدي المرشح الأسود التي لم يظهر مثلها في معسكر نظيره الجمهوري أو على الأقل لم تظهر في عناوين ومانشيتات الصحف الصادرة باللغة الانكليزية أيا كان مصدرها ولكن قبل زيارته أوباما اوروبا عرج أوباما على تل أبيب حيث أطلق تصاريحه »الصاخبة سياسيا) وأبرزها اعتباره »القدس عاصمة أبدية لدولة اسرائيل) محاولا بذلك كسب أصوات الجمعيات اليهودية الأمريكية لصالحه.‏ بيد أن قمة زيارته لأوروبا كانت في برلين حيث ألقى أوباما خطابا أمام أكثر من 200 ألف شخص وهو ضعف عدد الذين كان متوقعا حضورهم وشدد فيه على أهمية الحوار الدولي والتعاون الأميركي-الأوروبي لمواجهة مختلف التحديات وأهمها الإرهاب وذكر الناطق الرسمي باسم الحكومة الألمانية أولريش فيلهلم أن مواقف السيناتور الديمقراطي الأميركي تتوافق مع مواقف حكومته وأن المستشارة أنجيلا مركل ووزير خارجيتها فرانك فالتر شتاينماير »يريان أن الخطاب يشكل إشارة إيجابية من أوروبا وإلى أوروبا) وقال منسق العلاقات الألمانية-الأميركية في الحكومة كارستن فوغت إنه يرى في أوباما »فرصة لبداية جديدة في العلاقات مع الولايات المتحدة).‏ ورحب الألمان على اختلاف انتماءاتهم الحزبية بشعار »نهج التغيير) الذي يرفعه المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية باراك أوباما وكان جوهر المحادثات الثنائية الرسمية سواء مع المستشارة ميركل ووزير الخارجية شتاينماير أو عبر الملصقات التي رفعتها الجمعيات المؤيدة لسلامة البيئة وسلامة الانسان ووقف الحروب والدمار تناول مدى قدرة المرشح باراك في حال وصوله إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية على إحداث تغيير في النهج السياسي لهذه البلد ولا سيما سياسته »عبر الأطلس) والعمل على تأمين السلام العالمي والمباشرة بسحب الجنود الأمريكيين من العراق وبالتالي توحيد السياسة الخارجية مع الاتحاد الأوروبي لفرض نهج الحوار والتخفيف من نهج التوتر عبر سياسة الحوار لفرض الأمن والاستقرار في العالم.‏ * كاتب تونسي‏ (المصدر: جريدة الثورة السورية دراسات بتاريخ 4 اوت 2008)  


العولمة والنقد الذاتي العربي

السيد يسين (*) أشك في أن كثيرين من أعضاء النخب السياسية الحاكمة العربية يفهمون منطق العولمة فهماً صحيحاً. والدليل على ذلك أنهم في مجال الحكم وإدارة المجتمعات لم يغيروا كثيراً من عاداتهم التقليدية التي تتمثل في الاستئثار بالحكم من دون مشاركة حقيقية، وتغييب الممارسة الديموقراطية، ومخالفة قواعد حقوق الإنسان، وعدم الاحترام الكافي للتعددية في المجتمع العربي بكل صورها. كأن العالم لم يتغير! وكأننا ما زلنا نعيش في الخمسينات أو الستينات التي شهدت أقسى صور النظم السياسية الشمولية والسلطوية استبداداً وقهراً للجماهير! انتهى هذا العهد البغيض، وكان سقوط حائط برلين رمزاً بارزاً لنهاية هذه النظم الشمولية، في حين كان انهيار الاتحاد السوفياتي الذي كان النموذج البارز للشمولية السياسية علامة على السقوط التاريخي للاستبداد. تحولت دول أوروبا الاشتراكية من الشمولية إلى الديموقراطية في مدة لا تتجاوز خمس سنوات. ونحن في العالم العربي ما زلنا ندعو للديموقراطية والتعددية واحترام حقوق الإنسان، من دون استجابة حقيقية من النظم السياسية الحاكمة. وحين نتأمل هذا الموقف ندرك أنه في ما يبدو ليس هناك لدى هذه النظم فهم حقيقي لقوانين العولمة من جانب، ولا إدراك حقيقي لمفهوم زمن العولمة إن صح التعبير. قوانين العولمة لا يمكن فهمها إلا إذا أدركنا أنه قد تشكل – بعد تطورات سياسية واقتصادية وثقافية متعددة – ما نطلق عليه «المجتمع العالمي» World Society. والمجتمع العالمي أصبح فضاء جديداً لا يضم فقط الدول التي كانت منذ معاهدة وستفاليا التي أسست للنظام الدولي الحديث ورسخت مفهوم الدولة القومية، وإنما أصبح يضم أيضاً المؤسسات غير الحكومية والتي يطلق عليها الآن المجتمع المدني العالمي. وذلك بالإضافة إلى الشعوب بثقافاتها المتعددة. ولا ننسى في هذا المجال بطبيعة الأحوال المؤسسات الدولية والشركات الدولية العملاقة. في هذا المجتمع العالمي تسري التدفقات المتنوعة بسرعة البرق بحكم ثورة الاتصالات الكبرى والتي تتمثل في البث الفضائي التلفزيوني وشبكة الإنترنت. انتهت العزلة نهائياً بين الدول والشعوب. ضاقت المسافات بين البشر الذين أصبحوا يتابعون التطورات العالمية في الزمن الواقعي Real time. لم يعد قادة أي نظام سياسي يستطيعون أن يخفوا الحقائق عن شعوبهم، سواء كان هذا النظام في بلد متقدم أو في بلد متخلف. والدليل على ذلك أن إدارة الرئيس جورج بوش التي ارتكبت من الأخطاء السياسية الجسيمة بل وبقيادة المحافظين الجدد من جرائم الحرب في أفغانستان والعراق لم تستطع أن تخفي الحقائق عن الشعب الأميركي ولا عن العالم. وأذيعت الأخبار عن سجن أبو غريب في العراق وعن المعتقلين في غوانتانامو على العالم كله. لم تستطع النظم السياسية العربية الحاكمة أن تستوعب هذه التطورات الكبرى بالقدر الكافي. ظن قادة بعض هذه النظم أنه يمكن لهم ممارسة سياسات الاستبداد القديمة وكأن شيئاً لم يحدث في العالم! إن كاميرات العالم – إن صح التعبير – مفتوحة أربعا وعشرين ساعة لكي تلتقط كل المخالفات في مجال الديموقراطية والتعددية واحترام حقوق الإنسان. وأصبح للمجتمع المدني العالمي بهيئاته الشهيرة مثل «لجنة العفو الدولية» وغيرها صوت مسموع في إدانة الحكومات، بل وأصبحت تمارس ضغوطاً فعالة على الدول. ومن هنا كان على قادة النظم السياسية العربية أن يدركوا أن زمن «التلكؤ الديموقراطي» انتهى وأن عليها أن تبادر الى عملية إصلاح سياسي شامل. ولا يعني ذلك بالضرورة الانقلاب السياسي على الأوضاع الراهنة، بل إن مراعاة الخصوصية الثقافية لكل مجتمع عربي ضرورة أساسية لنجاح هذا الإصلاح. ولا يعني ذلك إطلاقاً الدفع بحجة الخصوصية الثقافية لعدم تطبيق مطالب الديموقراطية. فالديموقراطية – من دون أدنى شك – قابلة للتطبيق في كل مجتمع عربي أيا كانت درجة تطوره. ولكننا نعني باحترام الخصوصية الثقافية هنا عدم فرض نموذج ديموقراطي غربي على مجتمعات عربية لم تمر بعد في كل اختبارات الحداثة السياسية المعاصرة. هناك بلاد عربية ما زالت تفضل نظام الشورى المستمد من التقاليد الإسلامية على النموذج الديموقراطي الغربي الذي يقوم على التعددية السياسية والحزبية، والانتخابات الدورية وتداول السلطة. في هذه البلاد قد يبدأ الإصلاح بتشكيل مجالس للشورى، وقد تتمثل نقطة الانطلاق في تعيين أعضاء هذه المجالس. غير أن التطور لا بد أن يأخذ مداه فيصبح اختيار أعضاء هذه المجالس بالانتخاب الحر المباشر، ولا بأس أن يترك للسلطة السياسية تعيين نسبة من هؤلاء الأعضاء. وجمع النظام المصري في تشكيل مجلس الشورى بين الانتخاب الحر المباشر كقاعدة، مع الاحتفاظ بحق السلطة في تعيين عدد من الأعضاء للاستفادة من خبراتهم. ولكن لا ننسى هنا أن النموذج المصري لا يقنع بمجلس الشورى لأنه هناك مجلس الشعب والذي هو المجلس النيابي الأصلي الذي يشرع القوانين. بعبارة أخرى فلندع لتوسيع مجالس الشورى في الدول العربية التي لا تأخذ بتقاليد الديموقراطية الغربية ولا تقبل التعددية الحزبية فيها، كخطوة أولى يمكن أن تتبعها خطوات أخرى قد تؤدي في النهاية إلى القبول بمبدأ التعددية السياسية والحزبية. أما في البلاد العربية التي شهدت من قبل تجارب ليبرالية فهي قابلة أكثر للتحول الديموقراطي. ونعني بذلك أن الإصلاح السياسي ينبغي أن يتمثل في رفع القيود عن التعددية الحزبية، وإطلاق الحريات السياسية، والانتقال إلى مجال تداول السلطة حتى ولو كان ذلك بخطى وئيدة! غير أنه من ناحية أخرى يمكن القول إن قادة النظم السياسية العربية المختلفة لم يدركوا حتى الآن بالقدر الكافي أن «زمن العولمة» يختلف اختلافات جوهرية عن الزمن الماضي! والدليل على ذلك أن بعض الدول العربية – مثل مصر على سبيل المثال – كان يواجه الضغوط الأميركية والغربية بشأن ضرورة الإصلاح السياسي، بأن الإصلاح يتم فعلاً ولكن بطريقة تدريجية لا تؤثر على الاستقرار السياسي! وتبين أن هناك خلافات جوهرية بين المفهوم العربي لـ «التدرج» والمفهوم الغربي. فالمفهوم العربي للتدرج قد يذهب إلى أنه يحتاج إلى عشرات السنين كي يتحقق الإصلاح السياسي، في حين أن المفهوم الغربي يرى أن التدرج – وفقاً لخطة موضوعة سلفاً – ينبغي ألا يزيد على عشر سنوات كحد أقصى! ويؤكد ملاحظتنا هذه ما صرح به أخيراً الدكتور بطرس غالي رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر من أن الإصلاح الديموقراطي فيها يحتاج لفترة من ثلاثين إلى أربعين سنة! غير أن هذه المفاهيم العربية للتدرج لا تتفق أبداً مع «زمن العولمة» الذي يرى ضرورة تحقيق الإصلاح السياسي في كل الدول وذلك في مدى زمني قصير، لأن منطق العولمة يقول إن الأوضاع غير الديموقراطية في بلد ما تؤثر سلباً على الأمن القومي العالمي. وهكذا وقعنا بين مفهوم عولمي يؤمن بالسرعة الفائقة، ومفهوم عربي يعتنق مبدأ التلكؤ البليد! ماذا نفعل كعرب في عصر العولمة المليء بالمخاطر؟ ليس أمامنا سوى ممارسة النقد الذاتي! (*) كاتب مصري (المصدر: صحيفة ‘الحياة’ (يومية – لندن) الصادرة يوم 1 أوت 2008)


جورج طرابيشي: العلمانية مطلب إسلامي ! !

 
حوار – هادي يحمد   جورج طرابيشي قراءة معاكسة للنصوص الدينية الإسلامية تؤسس للعلمانية يطرحها المفكر السوري جورج طرابيشي..في رؤية مغامرة ممسوسة بتحفظات منهجية وتفسيرية لكنها متسقة مع مشروعه الضخم في « نقد الفكر العربي » (المشروع الذي وصل اليوم إلى جزئه الرابع) عن طريق كتاب « نقد العقل المستقيل في الإسلام » وهو يستعد إلى إخراج جزئه الخامس من هذا المشروع، وفي أثناء هذا وبالتوازي مع مشروع نقد أطروحات « محمد عابد الجابري »، يقوم طرابيشي بإصدار كتابين دفعة واحدة وهما: « هرطقات 1″ و »هرطقات 2 ». وهي مجموعة مقالات وتحاليل تندرج -كما سماها هو- « في عداد ما درجت العادة على تسميته بـ »حصاد العمر »، ويضيف طرابيشي: « في لحظة بعينها من الحياة وتوقعا للرحيل يجد الكاتب نفسه منساقا إلى الرجوع لـ دفاتره العتيقة ». غير أن طرابيشي نفسه يقر أن بعضا من دفاتره العتيقة هذه هي « عصارة فكره الحاضر » خاصة دفاعه عن « الخيار العلماني » لتحرير المجتمع العربي والإسلامي.. وفي العمل الجديد الذي يقوم به طرابيشي -في هذين المؤلفين- يرى أن فيما يجري اليوم في العراق وبعض البلدان الإسلامية الأخرى من اقتتال طائفي « الإثبات العملي لضرورة العلمانية كمطلب إسلامي – إسلامي ». ومستندا إلى أدوات تحليلية تؤخذ من علم النفس -باعتبار أن طرابيشي هو أبرز مترجمي سيجموند فرويد- ومن الفلسفة باعتبار أن طرابيشي أيضا هو مترجم مؤلفات « جون بول سارتر » وناقله إلى الفكر العربي، ومن هيجل أيضا.. ومستفيدا من خبرته في « علم الاجتماع السياسي » يدعونا طرابيشي إلى إعادة التفكير في التاريخ الإسلامي لقراءة الحاضر قراءة جديدة. وفي إحدى ضواحي العاصمة الفرنسية باريس استقبلنا طرابيشي في بيته فكان هذا الحوار « المستفز » للفكر العربي والإسلامي، والذي يثير قدرا لا بأس به من الحوار والجدل على صعيد المنهج وقراءة النصوص الدينية؛ لذلك فالقضية في انتظار استدعاءات وتأملات أخرى…. العلمانية التراثية * تقوم في آخر مؤلفاتك « هرطقات » و »هرطقات2″ عن العلمانية كإشكالية إسلامية – إسلامية ( دار الساقي أبريل 2008 ) بعملية تأصيل تاريخي للعلمانية في التاريخ والتراث الإسلامي.. لماذا هذا الجهد؟ – جورج طرابيشي: من الأسلحة الفتاكة التي حوربت بها العَلمانية (بفتح العين نسبة إلى العالم) في العالم العربي، وفي العالم الإسلامي معا القول إن العلمانية اختراع مسيحي، أو استقراء لأوروبا المسيحية التي أوجدت العلمانية حلا للصراع الكبير الذي امتد أكثر من مائة عام بين الكاثوليك والبروتستانت، وجاء عمل الاستشراق ليؤكد أن العلمانية هي بالفعل من وجهة نظر استشراقية ابتكار مسيحي لا يمكن أن يطبق على التاريخ الإسلامي؛ لأن العلمانية موجودة بالنص التأسيسي للمسيحيين الذي هو الإنجيل، ولا وجود لها في النصين التأسيسيين للإسلام اللذين هما القرآن والسنة معا. ولكن عَلام يستند هؤلاء المستشرقون في دعواهم هذه؟ إنهم يستشهدون بآية واحدة وجدت في الإنجيل، وهي قول المسيح لفقهاء اليهود الذين سادوه « أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله »، واعتبروا أن هذه الجملة الوحيدة في الإنجيل ميزت بين حكم الدنيا وحكم الآخرة، وبين الدولة والدين، وبالتالي أمكن لأوروبا المسيحية أن تنجز العلمانية. ما وجدته في تاريخ الإسلام يعادل، بل يزيد بكثير عن هذه الجملة الإنجيلية المميزة بين الله وقيصر، ففي حديث الرسول؛ والمعروف بحديث تأبير النخل، حيث كان الرسول مارا بحي من أحياء المدينة، فسمع أزيزا فاستغربه، فقال: « ما هذا؟ » فقالوا: « النخل يؤبرونه » أي يلقحونه، فقال – وهو الذي لم تكن له خبرة في الزراعة: « لو لم يفعلوا لصلح »، فأمسكوا عن التلقيح، فجاء النخل شيصا، أي لم يثمر، فلما ارتدوا إليه يسألونه قال قولته المشهورة: « أنتم أعلم بأمور دنياكم »، وقد روى هذا الحديث – من جملة رواته – عائشة، وأنس بن مالك بصيغ أخرى. هناك حوالي خمس عشرة رواية تؤكد على هذا المنحى التمييزي بين الدنيا والآخرة، بين شئون الدنيا التي يعلمها الناس، وشئون الآخرة التي هي علم إلهي عند الله، وما أتى به الرسول فهو تركيز على الجانب الأخروي، وهذا في نص الحديث. وإذا كانت الجملة الإنجيلية « أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله » هي سبب العلمانية، فأنا عندي أنها في حديث تأبير النخل وما شابهه؛ وفي حديث القضاء أيضا معنى آخر لهذا الفصل، حيث يقول  » إني أقضي بينكم بما أسمع، فإن قضيت لمسلم من حق أخيه بالباطل، فإني أكون قطعت له قطعة من جهنم »، فالرسول يعترف بالجانب البشري من شخصيته، وفيه شيء يؤديه عن الله أي الجانب الرسالي وهذا تمييز كبير أيضا يؤكد التمييز بين المستويين الأخروي والدنيوي. أنا أذهب إلى أكثر من ذلك فأقول: إن الجملة الإنجيلية ليست هي التي صنعت العلمانية الأوروبية، بل العلمانية الأوروبية الحديثة هي التي اكتشفت أهمية هذه الجملة في الإنجيل، والدليل أن المسيحية بقيت على مدى خمسة عشر قرنا تجمع بين الدين والدولة، وتكاد تؤله الإمبراطور البيزنطي، وتخلط الدين بالسياسية، ولم تفرق بينهما، ولم تكتشف هذه الجملة الإنجيلية إلا بفضل العلمانية، فعندما جاء أهل الحداثة في أوروبا وحتى يقنعوا المؤمنين المسيحيين بأن العلمانية لا تتعارض مع الدين أعطوا أهمية كبيرة لهذه الجملة التي أهملت طوال خمسة عشر قرنا من تاريخ المسيحية، وأنا أقول الشيء نفسه في الإسلام فليس حديث « تأبير النخل » هو الذي سيصنع العلمانية، وإنما عندما يحدث وعي علماني سنكتشف أهمية الجملة الموجودة في الحديث وغيرها. أقول كل ذلك ردا على النظرة الاستشراقية التي تريد أن تخرج العالم الإسلامي خارج دائرة التاريخ الحديث، وأنه لا مدخل له في هذه الحداثة لسبب ديني، ودعوتي هي من أجل إعادة اكتشاف أهمية هذا الحديث الذي ورد بأكثر من خمس عشرة صيغة في جميع مسانيد كتب الحديث. قيصر والكنيسة والنبوة والملك * ولكن ماذا بالنسبة لقضية الخلافة في الإسلام، والتي يجعلها البعض فرضا دينيا؟ – يجب أن نعلم أن التمييز بين قيصر والكنيسة في المسيحية له أمر أكثر أهمية في الإسلام، وهو التمييز بين النبوة والملك في عديد من أحاديث الرسول، ثم التمييز بين الخليفة والسلطان، فكل تاريخ الدولة الإسلامية قام على ازدواجية الخليفة والسلطان؛ فالخليفة يحكم باسم الله وخليفة لرسول الله، والسلطان يسير شئون الدولة، والتي لا يتدخل فيها الخليفة.   بل أذهب إلى أكثر من ذلك فأقول إنه بعد سقوط الدولة الأموية وبداية ظهور الدولة العباسية، والاستعانة بالترك والديلم في القرن الثاني والثالث للهجرة أصبح السلطان هو الذي يتحكم في الخليفة، وليس الخليفة هو الذي يتحكم بالسلطان، أي أن السياسة هي التي تتحكم في الدين، وليس الدين هو الذي يتحكم في السياسة. فالإسلام على امتداد تاريخه عرف ازدواجية الدنيا والآخرة، وازدواجية الدولة والدين، والنبوة والملك، والخلافة والسلطان، فليست العلمانية من حيث أنها تميز بين المستويين بالجديد الطارئ على الإسلام، إنما هي جزء مؤسس له منذ حادثة السقيفة؛ « فكما نعلم أن السيوف شهرت في اجتماع السقيفة، وكادت تقع مقتلة بين كبار صحابة الرسول، وتلتها مقتلة أخرى عندما أجبر علي بن أبي طالب على مبايعة أبي بكر بالقوة، وضربت بنته فاطمة،  ثم قتل ابنه الحسين في مذبحة كربلاء الشهيرة » ولم يحدث قط أن اعتدي على سلالة الرسول كما حدث في تلك الفترة وذلك باسم السياسة، إذن لا نستطيع أن نقول مرة أخرى: إن العلمانية كتمييز بين الديني والدنيوي لم يعرفها الإسلام، إننا يجب أن نقرأ تاريخنا بأعين جديدة حديثة، حتى نكتشف هذه الأبعاد التي أصبحت اليوم محجوبة عن الأنظار. * من اللافت للنظر أنك تذهب إلى أكثر من ذلك في تأصيلك للعلمانية في التراث الإسلامي، بقولك: إن مصطلح العلمانية ذاته موجود في تراثنا، وليس مجرد مصطلح تمت ترجمته في القرن التاسع عشر؟ – نعم من هنا أيضا كان تركيزي على اكتشاف كلمة العلمانية التي لم تأتنا من الغرب كما نتهم، ويتهموننها أنها كلمة عميلة للغرب؛ فالعلمانية جزء أساسي من تراثنا، فهي موجودة في قلب التراث، وهنا أحيل إلى « ابن المقفع المصري » في القرن الرابع الهجري الذي استعمل هذه الكلمة دون أن يشرحها في كتابه « مصباح العقل » مما يعني أنه لم يكتبها ويحدث بها، فهي معروفة لدى الناس، فالعلماني هو بالنسبة لابن المقفع المصري القبطي « من ليس راهبا » أي من ليس رجل دين، وكلمة علماني ليست من « العلم » فلا نقول عِلمانية بكسر العين، ولكن علماني بفتح العين أي من « العالم » فرجل الدين ينتسب إلى الآخرة، في حين أن العلماني ينتسب إلى هذه الدنيا، إذن الكلمة ليست جديدة في تراثنا، ولم تستورد في القرن التاسع عشر أو العشرين كما يقال، بل هي موجودة في هذا التراث العربي المسيحي، والذي هو جزء من التراث العربي الإسلامي، وهو في حاضرته، وليس منفصلا عنه، وهذا ما أطلقت عليه « بذرة العلمانية في الإسلام » أي أنه لم توجد العلمانية، ولكن وجدت بذورها في تاريخنا، وكما طورت أوروبا العلمانية الإنجيلية، فنحن نستطيع أن نطور بذرة العلمانية في الإسلام. * عندما تتحدث عن العلمانية تتحدث عنها بكونها « إنجيلية »، وبالمقابل عندما تتحدث عن العلمانية في التاريخ الإسلامي تعتمد على الحديث، ولا تعتمد النص القرآني، لماذا هذا الاستبعاد للنص القرآني؟ – لا لم أستبعد النص، وهو مشروعي في العمل القادم، فكتابي الجديد الذي أعده يحمل هذا العنوان الكبير، والذي قد يكون فيه قدر من الجرأة، وربما قد يبدو لبعضهم استفزازيا سميته « الله والرسول: الشارع والمشرع له » ففي القرآن التشريع لله وحده، وحتى الرسول لا يملك حق التشريع، واستندت إلى العشرات من الآيات التي تكف يد الرسول عن كل شيء، إلا أن يوحى إليه، فإذا ما أوحي إليه فقد تكلم الله، وأما إذا ما تكلم الرسول فهو قد يخطئ وقد ينبهه القرآن {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} (الآية 46 سورة الحاقة)؛ لأن الرسول بشر وهذه قيمة كبرى للإسلام وهي بشرية الرسول، بخلاف الأديان الأخرى التي ألهت النبوة، كما حدث في المسيحية عندما جعل من المسيح إلها، فإذن في القرآن نفسه هناك ثنائية كبيرة بين الله والرسول البشر، وبين المرسل الذي هو إله والمرسل إليه الذي هو بشر، وهذا تمييز كبير موجود. ومن هنا أنا لم أستبعد النص التأسيسي ولكن أفردت له كتابا جديدا أتمنى أن يتاح لي الوقت لأتابع فيه المشروع الذي بدأته. * هناك نقطة منهجية فيما تقوم به، أي عندما تعود إلى نصوص الأحاديث ونصوص القرآن ألا تعتقد أنك تقوم بنفس العمل الذي يقوم به الأصولي عندما يعود إلى النصوص من أجل دعم مواقفه، والحال أن الموقف الحداثي الذي تنطلق منه يفترض القطيعة مع هذه النصوص؟ ـ لا أنا لا أفسر الحداثة على أنها قطع، فالقطيعة المعرفية شيء، والقطيعة من النص شيء آخر، والحداثة هي قطيعة معرفية.. وما هي القطيعة المعرفية؟: أن تتم على مستوى النصوص وفهمها، وإعادة تأويلها، وليس إهمالها، فنحن أمة تراثية، ملبوسون بالتراث من قمة رأسنا إلى أخمص قدمنا، وبالتالي لا نستطيع أن ندخل الحداثة عراة من هذه النصوص فهي مؤسسة لكل ما فينا. إذن حتى ندخل الحداثة لا يجب علينا أن ننقطع من النصوص، ولكن يجب علينا إعادة تأويلها، وأن نربط النصوص بتاريخها وسياقها، ونفهمها على ضوء حاجاتنا نحن لا كما فهمها الأقدمون على ضوء حاجاتهم هم، وكما كان يقال: هم رجال ونحن رجال. العلمانية الفكرة الضرورة * دائما في مستوى التأصيل التاريخي والديني للعلمانية نجدك تخصص النص الأهم في هرطقات2، والذي عنونته « العلمانية كإشكالية إسلامية – إسلامية » إلى الخلاف السني – الشيعي، أو كما تصفه صراع النواصب – الروافض، وتقارن هذا بالصراع الكاثوليكي – البروتستانتي في أوروبا، وتستعين بعشرات النصوص من أجل إيجاد المسوغات والدلائل من أجل مطابقة التاريخين الأوروبي والعربي الإسلامي، ثم تقوم بربط كل هذا بما يجري في العراق وباكستان وتركيا وإيران من صراع، وتقتيل سني – شيعي.. تريد أن تصل بنا في النهاية إلى أن العلمانية حاجة تتطلبها الانقسامات الطائفية في العالمين العربي والإسلامي.. فهل العلمانية كحل مرتهنة في رأيك بوجود الصراع الطائفي؟ ـ  لا أربط ضرورة العلمانية بالصراع الطائفي، ولكن لا دواء للصراع الطائفي إلا بالعلمانية، والطائفية موجودة في كل البلدان العربية والإسلامية باستثناء حالات قليلة جدا، فحتى الجزائر التي قالوا إنها سنية مالكية بعربها وبربرها، مع أن مشكلة العرب والبربر هذه مشكلة كبيرة، ودون الدخول في التفاصيل فإن البربر يتقدمون برؤية تقدمية للإسلام، والعرب صاروا مع الأسف يقدمون رؤية نكوصية للإسلام.  ما أريد قوله: إن هناك في الجزائر توجد قرية درزية وهي قرية بني عبس، كما صار الآن فيها أقلية مسيحية كبيرة التعداد، ورسميا عددها 15 ألفا، ويقال إنهم أكثر من مائة ألف، وليسوا هم من آثار الاستعمار، ولكن هم من آثار الذين تحولوا من دين إلى دين علنا أو سرا. إذن ليس هناك مجتمع نقي في الإسلام إلا في حالات نادرة؛ لأنه حتى في هذه المجتمعات كالجزائر وتونس والمغرب التي نعتبرها بشكل عام أنقى الدول العربية، نعلم أن اليهود كانوا يشكلون أقلية فيها إلى سنة 1967، ولو وجد حل علماني في هذه الدول لما هاجر اليهود منها، وغزوا إسرائيل وأوروبا، وبصرف النظر عن كل الظروف التاريخية، فقد هرب اليهود وهم الذين عاشوا في المغرب ألف سنة كاملة محميين، واضطروا إلى الهرب؛ لأن الدولة الحديثة – وبطغيان المد الإسلامي – أصبحت مهددة لهم. ولنفترض أنه ليست هناك طائفية على الإطلاق ولنأخذ مثالا: المغرب التي هي ليست دولة علمانية؛ « لأن الملك فيها هو أمير المؤمنين بمقتضى الدستور »، وليأت شخص مثلي مسيحيا كان أو مسلما، ولي ثلاثة بنات، وليس لي ولد، فلن أستطيع توريثهن؛ لأن الحكم الفقهي السائد – وهو برأيي حكم مغلوط – لا يعطي البنت مثل الذكر، وإذا لم يوجد ذكر فلهن الثلث، والبقية تذهب إلى الأقارب، أفلا يحتاج قانون الميراث الآن بالمغرب إلى علمنة حتى يحقق التساوي في الإرث، وألا تشعر أن قانون الأحوال الشخصية الذي ما يزال يعتبر المرأة نصف شاهد، أي نصف صوت ألا يحتاج هذا إلى تعديل، وإلى علمنة حتى تتحقق مساواة المرأة والرجل. سأروي لك قصة بسيطة « فأخي مهندس، متزوج من مهندسة يعيشان في سوريا، وسرقت منهما مؤخرا لوحة سيارة، وحتى يجدد لوحة سيارته عليه الإتيان بشهادة من مخفر الشرطة تثبت أن سيارته سرقت، ولظرف ما انشغل أخي، وذهبت زوجته إلى مركز الشرطة مع قريبة لها تعمل طبيبة؛ لأنهما يعلمان أن الشرطة لا تقبل شهادة امرأة واحدة، فقال لهما الشرطي إنه لن يقبل شهادتهما، لأنهما امرأتان، وعليهما أن يحضرا شاهدا آخر، ويفضل أن يكون رجلا أو امرأتين أخريين، فاتصلوا هاتفيا بأخي، فأرسل لهما أجيرا أميا، لا يعرف القراءة والكتابة، مهمته أن يحمل البضائع، وذهب إلى المخفر ليضيف شهادته إلى شهادة المرأتين؛ ولأنه لا يقرأ ولا يكتب اكتفى الرجل بالبصمة… « أفلا تحتاج هذه الحالة إلى العلمنة؟.. أنا بالنسبة لي كافية هذه النقطة فقط حتى تعلمن الدولة، أي الإرث والشهادة هذا فضلا عن قضايا أخرى كعصمة الرجل في الطلاق، وفي قضية الحضانة…الخ * يعني هذا أنه يُتطلب إعادة تأويل النصوص القرآنية بحد ذاتها برأيك؟ – طبعا طبعا؛ لأني أعتقد أن ما جرى في العالم الإسلامي هو تطبيق السنة وليس القرآن. وسأعطي لك مثالا واحدا: وهو أن القرآن ليس فيه حكم الرجم، فحكم الزنا هو الجلد أو العذاب في الآخرة، والآن في عدد من الدول الإسلامية بما فيها أفغانستان المستعمرة التي يحتلها الأمريكان يطبق فيها حكم السنة على المرأة الزانية وترجم رجما، وكذا الأمر في العديد من البلدان العربية فكيف طُبق حكم لا وجود له في القرآن إذا كانوا هم فعلا يطالبون بتطبيق القرآن، حيث قالوا سنة الرسول نسخت القرآن، وهذا أمر خطير، فكيف لسنة الرسول البشر أن تنسخ حكما إلهيا؟!. * ولكن ماذا نفعل في الأحكام التي فيها نصوص قطعية؟ – نعيد تأويلها على ضوء حاجاتنا كما أعادوا هم تأويل نصوصهم على ضوء حاجاتهم. زيف المقدمات الكبرى * في نقدك لمحمد عابد الجابري حول العلمانية، وقوله « العلمانية هي فصل الكنيسة عن الدولة، والإسلام ليس فيه كنيسة، إذن الإسلام لا يحتاج إلى علمانية » (هرطقات ص 65)، وتتهم الجابري أنه لجأ إلى حيل المنطق وتقول: « إننا نفضل بلا مراء الأصوليين، وعدم لجوئهم إلى حيل المنطق، فهم يجرون استدلالهم على النحو التالي « الإسلام دين ودولة، إذن الإسلام ليس فيه دولة، إذن الإسلام لا يقبل العلمانية »، وتقول: « وواضح أن استدلالهم (الأصوليين) أقوى منطقا من استدلال الجابري؛ لأن استدلالهم يقوم على مقدمة كبرى صحيحة في حين نقطة ضعفه تكمن في مقدمته الصغرى ».. كيف ترد على مقدمة « الأصوليين » الصحيحة؟ – يجب أولا أن نوضح للقارئ أنني عندما قلت إن الجابري عندما قال « إن العلمانية تعني فصل الدولة عن الكنيسة، وليس في الإسلام كنيسة » قلت إنه زيف الإشكالية، فالمقدمة الكبرى تعريفها هي « الكنيسة تعني فصل الدين عن الدولة »، والدليل أنه حتى في البلدان المسيحية البروتستانتية لا وجود لكنيسة، ومع ذلك طبقت العلمانية لأن الفصل ليس بين الكنيسة والدولة وإنما تعريف العلمانية هو « فصل الدين عن الدولة »، فهو يتلاعب في المقدمة الكبرى حتى يأتي بنتيجة مغلوطة. وأما الإسلاميون فيقولون المقدمة الكبرى الصحيحة أي « العلمانية تعني فصل الدين عن الدولة »، ولكن في مقدماتهم الصغرى يقولون: « الإسلام دين ودولة، وأنه بالتالي لا فصل بين الدين والدولة ». أما ردي على هذه النقطة -عدا قصة الجابري وتزيفه للمصطلح- فالمقدمة الصغرى « الإسلام دين ودولة » ردي عليها بسيط جدا وهو: « ليس في القرآن كلمة دولة »، فكيف أعرف القرآن بما ليس فيه، فقد وردت كلمة « دُولة » (بضم الدال) أي بمعنى أن ينتقل الأمر من يد إلى يد، ولم ترد كلمة دولة في الحديث النبوي كله، وعندي مسند أحاديث الكتب التسعة في عشرة آلاف صفحة، فكيف إذن أعرف الإسلام بكونه « دين ودولة »، فهذا التعريف لم يأت به إلا حسن البنا، ولم يأت به من عنده بل جاء به أبو الأعلى المودودي الباكستاني الذي ما كانت تساعده قريحته الغريبة عن العربية على أن يفهم القرآن، فجاء علينا بالبلوى وأدخل علينا إشكالية في النصف الأول من القرن العشرين لم يعرفها القرآن على مدى أربعة عشر قرنا من تاريخه. * ولكن المقصود هنا بمصطلح دولة هو « السلطة السياسية »، أي الإسلام دين وسلطة سياسية، فالقضية هنا أنه استعمل المصطلح « دولة » لتلخيص معنى معين؟ – لا، الإسلام دين ولا شيء آخر سوى أنه دين، وما حدث في التاريخ بشري وليس ملزما لأحد من البشر، في القرآن لا وجود لدولة ومن أراد أن يكون مسلما حتى بشكل حرفي بدون أي تأويل لا يستطيع أن يعرفه أنه دولة ودين، فالقرآن يقول « اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا » الآية 3 من سورة المائدة، ومات الرسول وليست هناك دولة، ولم يكن هناك وزير، ولم يكن هناك ملك، ولا كان هناك نواب، والدولة وجدت فيما بعد، ووجدت على حساب الدين، ولم توجد بالتوافق مع الدين، والدليل كما قلت للتو إن أكبر مجزرة حدثت في تاريخ الأديان هي التي استهدفت أهل الرسول في ظل الدولة، وليس في ظل الدين بدءا من إكراه علي على المبايعة، وضرب فاطمة وإجهاضها، وأصيبت فيما بعد بحمى النفاس بعد ستة أشهر من وفاة أبيها الرسول، وصولا إلى قتل الحسين، وقتل الطالبيين سلالة النبي بالمئات، واضطهادهم على مدى التاريخ طبعا لن آتي على رد الفعل المعاكس الذي أدى إلى الانتقام بعد أن استولى الطالبيون على هذا الحكم أو ذاك، أو هذه الدولة أو تلك في أيام الديلم، أو كما حدث في إيران الصفوية.. إذن أين هو الدين؟ أتتصور أن الدولة الأموية كانت تقوم على أساس دين؟ يزيد الذي رمى القرآن بسهمه وقال « إذا سئلت فقل رماني يزيد »، فقد علق القرآن في حديقة قصره ورماه بالسهم.. فهل هذه دولة الدين في الإسلام؟ فهذه دولة وليست سوى دولة، وأما الدين فيجري توظيفه لشرعنة هذه الدولة، ولشرعنة الفئة الطاغية التي سيطرت على هذه الدولة، فالخلفاء كان همهم اللهو والرقص والخمر والنساء والجواري حتى بلغ عدد الجواري في بعض القصور تسعة آلاف جارية، فأين كل هذا من الدين حتى نقول الإسلام دين ودولة؟ فما حدث في التاريخ ليس ملزما لأحد؛ لأن التاريخ من صنع البشر، وحتى إن قامت الدولة في التاريخ الإسلامي على الخلط بين الدين والدولة، فهذا تاريخ والتاريخ بشري، وما يصنعه البشر ليس ملزما لأحد من البشر. * ولكن ما هي قراءتك لفترة النبوة التي اختلط فيها الجانب الديني بالجانب السياسي إلى حد كبير؟ – من الصعب القول: إن في فترة النبوة اختلط الجانبان معا، حيث بدأت تتكون بذرة دولة في الإسلام، ولا أشك في ذلك، وكما قلت الرسول بشر، وأنا إنسان، أقول إن الدين قام على القرآن، وأما الرسول إذا كان قتل فلانا، وفعل كذا أو كذا، فهذا الرسول لا يفعل ما يفعل لا بصفته موحى إليه من الله، ولكن يصنعه بصفته إنسانا يقرر، وقد يخطئ في القول، وهذا باعتراف القرآن نفسه، وعلى عظيم مكانته في تاريخ النبوة؛ لأنه لولا الرسول لما وجدت النبوة باعتبار أن الله اختاره فهو نبي الله، ولكن من حيث أنه يؤدي رسالة الله يأتي الجانب الرسالي في شخصيته. وأما حينما يتصرف كبشر فهو بشر، ولذلك وجدت في مسند الأحاديث حديث « إنما أنا بشر » يتردد أكثر من 85 مرة، ومنها مثلا حديث مسلم في صحيحه « إنما أنا بشر، فأيما رجل من المسلمين سببته، أو لعنته أو جلدته فأجعلها له زكاة ورحمة »، وفي مسند أحمد « إنما أنا بشر أغضب مثلما يغضب البشر، وأيما رجل آذيته أو جلدته فأجعلها له صلاته وزكاته »، وكذا في صحيح مسلم أيضا « إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون »، « ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون » الآية 79 من سورة آل عمران.. من هذا المنطلق بالذات فإن الدور البشري للرسول يمكننا من قراءة صحيحة لتاريخ النبوة. * ماذا يعني عدم تطبيق العلمانية برأيك في العالمين العربي والإسلامي؟ – يجب ألا نقول: إن العلمانية ليست ثمرة برسم القطف، بل هي بذرة برسم الزرع، ونحن في عالمنا العربي والإسلامي نحتاج إلى عملية تربية شاملة للعلمانية تنطلق من المدرسة الابتدائية، ووصولا إلى إقرارها في الدساتير، وحتى لا تكون العلمنة عملية فوقية كما حدث في تركيا، في حين يقع أسلمة المجتمع من قبل الإسلام السياسي، فإن عملية العلمنة يجب أن تكون شاملة، وهذا دون أن تكون معادية للتدين الذي يبقى أمرا شخصيا، فضلا على أن عملية العلمنة ستتيح للإسلام الفرصة حتى ينعتق من طوق التسييس والأدلجة الذي يكبله به دعاة الإسلام السياسي، وبالتالي تعاد له روحانيته التي انتزعت منه بسبب عملية التسييس. ولا يعني هذا أن العلمانية بالنسبة إلينا هي أيديولوجيا، ونحن نقول إن العلمانية هي البذرة التي من الممكن أن تقينا شرور الاقتتال الطائفي، كما يجري في العراق اليوم وباكستان وتركيا أيضا التي تحتوي على طائفة علوية كبيرة مرشحة للاقتتال في أي لحظة، ولا نماري في القول بأن العلمانية -كما قلت في دراستي « العلمانية كجهادية دنيوية »- هي الخيار الوحيد للإنقاذ في عالم أقلعت جميع قاراته وأشباه قاراته، والعالم العربي إن لم يتقدم فهو مهدد بالانكفاء نحو قرون وسطى جديدة (المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 2 جويلية 2008 )


التفاصيل الأخيرة لسيطرة شرطة حماس عليها حماس: هكذا سقطت « قلعة » حلس

 

محمد الصواف    غزة – قلعة محصنة.. أطرافها محاطة بالسواتر الترابية.. جوانبها مزروعة بالعبوات الناسفة.. وعلى مداخلها تقام الحواجز ليلا، أما بناياتها فلا يغادرها القناصة، ولا يُسمح بالدخول والخروج إلا لأبناء عائلة واحدة فقط يتناوبون حراسة تلك « القلعة ». هكذا كان يبدو المربع السكني لعائلة حلس (الموالية لفتح) بمنطقة التركمان شرق حي الشجاعية (شرق قطاع غزة) قبل أن تسيطر عليه الشرطة الفلسطينية التابعة للحكومة الوطنية المقالة في غزة مساء السبت 2-8-2008، بعد مواجهات استمرت ساعات لاعتقال 11 مشتبها بتورطهم في تفجيرات شاطئ غزة، مما أسفر عن 9 قتلى و95 مصابا من الطرفين.   فمع دقات الرابعة فجر السبت 2 أغسطس طوقت قوات معززة من الشرطة الفلسطينية تساندها مجموعات من كتائب القسام حي الشجاعية، ومنعت الدخول والخروج منه، وضيقت الخناق على العائلة، مطالبة عبر مكبرات الصوت أفرادها بتسليم المطلوبين والسلاح، حسب شهود عيان في المنطقة. اضغط هنا للتكبير ومع بزوغ صبح السبت بدأت الاشتباكات، فسقط صاروخ محلي الصنع وسط غزة، فيما تساقطت قذائف الهاون على بعض مناطق الشجاعية تسببت في إصابة عدد كبير من المواطنين، وفق تقرير للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان. واستمرت الاشتباكات العنيفة بين الجانبين حتى عصر السبت، سقط في ساعتها الأولى عنصران من أفراد الشرطة الفلسطينية؛ أولهما برصاص قناص في رأسه، والثاني إثر إصابته بشظايا قذيفة هاون، حسب مصادر طبية فلسطينية. ومع ساعات النهار قتل سبعة من عائلة حلس على التوالي تتراوح أعمارهم بين 18 و 25 عاما برصاص الشرطة الفلسطينية الذي تركز في الرأس والصدر والبطن – وفق تقرير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان. وحتى قبيل العصر لم تحرز قوات الشرطة تقدما ملحوظا في المنطقة وسط غزارة الاشتباكات، وإصابة عدد كبير من أفرادها برصاص القناصة المنتشرين على البنايات العالية، حتى بدأت باستخدام القذائف المتوسطة لقصف البنايات التي كان يعتليها القناصة، ما اضطر العديد منهم للنزول عن البنايات والتراجع للخلف، وفق أحد الضباط الذين شاركوا في العملية. هروب نحو إسرائيل واستطرد الضابط الذي يعمل في قوات حفظ النظام والتدخل: « إثر ذلك بدأ المسلحون يتراجعون نحو المناطق المحاذية للحدود الإسرائيلية التي يصعب على عناصر الشرطة وأفراد حماس التواجد قربها بشكل علني؛ بسب تهديد قوات المدفعية الإسرائيلية المرابطة على الحدود مع قطاع غزة ». وتابع: « ومع عصر السبت انحصرت المواجهات بمنطقة ضيقة تابعة لعائلة حلس بالقرب من معبر نحال عوز (الشجاعية) الإسرائيلي، الأمر الذي صعب على قوات حماس السيطرة على المكان إلا بعد قصفه بقذائف الهاون قصيرة المدى، ما اضطر من تبقى من عائلة حلس للهرب نحو الحدود الإسرائيلية ». وذكر الضابط الذي يحمل رتبة نقيب أنه: « في بداية الأمر أطلقت قوات الاحتلال النار على الهاربين، مما أدى إلى إصابة عدد منهم، وبقوا ينزفون قرب الحدود لعدة ساعات حتى سمحت لهم بالدخول بعد أن أمرتهم بالتعري الكامل ». وأوضح أنه « بعد تمشيط منطقة سكن آل حلس وجدناها مجهزة للصمود لعدة أشهر بمخازن طعام، ومستشفى صغير به غرفة عمليات كاملة، وكأنها قلعة محصنة، وضبطنا مئات القنابل والقذائف، والعبوات المضادة للأفراد والمركبات، بعضها محلية الصنع وأخرى أجنبية ». وأشار إلى تفاجؤ الأجهزة الأمنية من كمية الأسلحة والسيارات التي وُجدت في مخازن العائلة، لافتا إلى اكتشاف معسكر تدريب للعائلة بالقرب من الحدود مع إسرائيل. وكان حادث تفجير شاطئ بحر غزة في 25 يوليو الماضي – والذي قتل فيه 5 من كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وطفلة فلسطينية، يقطنون جميعا حي الشجاعية الذي تقطنه عائلة حلس – بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. فقد طالبت وزارة الداخلية في الحكومة المقالة العائلة بتسليم مشتبهين من أفرادها بحادث التفجير، وهو ما رفضته العائلة، مؤكدة أن أي واحد من أبنائها لم يشارك في العملية. ومنذ سيطرة حماس على قطاع غزة منتصف يونيو 2007 فإن الحركة تتهم عائلة حلس بتحصين منطقتها وتسليح أفرادها، كما تتهمها بإيواء متهمين بالتفجيرات التي تستهدف مدينة غزة بين الحين والآخر. كبرى عائلات الشجاعية وتعتبر عائلة حلس من كبرى عائلات حي الشجاعية، حيث يزيد عدد أفرادها عن 1000 شخص، وتقترب في تركيبتها للعشائر، ويتبع أفرادها ما يسمى « مخاتير العائلة » أي كبارها. وينتمي أغلب أفراد العائلة إلى حركة فتح، ويعمل معظمهم في الأجهزة الأمنية الموالية للرئيس محمود عباس، بينما ينتمي ما يقارب 120 من أبنائها إلى حركة حماس، بحسب سعيد صيام القيادي في حركة حماس. ورغم ذلك فإن لعائلة حلس – بحسب مراقبين – تاريخا سابقا في مناوأة السلطة الفلسطينية منذ إنشائها عام 1994، مما دفع الرئيس ياسر عرفات آنذاك لتعيين أحمد حلس كأمين سر لحركة فتح في قطاع غزة، وتعيين المئات من أفراد العائلة بالأجهزة الأمنية، وآخرين كمستشارين في محاولة لاستيعابهم وضمهم إلى صفوفه. واشتهرت عائلة حلس في الفترة من بداية سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع إلى ما قبل انتفاضة الأقصى عام 2000 بالعديد من المشاجرات العصبية مع عائلات كبرى كـ »جندية » التي تقطن حي الشجاعية أيضا، كما اشتبكت أكثر من مرة مع الشرطة الفلسطينية بعد تأسيسها بأعوام، ولم تستطع الشرطة السيطرة على أفرادها. ومنهـا الشهداء وقدمت عائلة حلس ما يقرب من عشرين شهيدا أغلبهم خلال انتفاضة الأقصى، وفي مقدمتهم محمد حلس الذي نفذ عملية استشهادية عام 2002 وودعته والدته بشريط مصور، وينتمي لحركة حماس. وهناك الشهيد أسامة حلس أحد قادة الكتلة الإسلامية (الذراع الطلابي لحركة حماس)، والذي نفذ عملية استشهادية في 2001، فضلا عن طارق نجل أحمد حلس، والذي استشهد خلال اجتياح إسرائيلي لحي الشجاعية عام 2004، ومعروف عن العائلة حرصها على أن يحمل أبناؤها منذ بلوغهم الستة عشر عاما السلاح والتدريب على أنواعه. (المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ  4 جويلية  2008)

نقطة نور الجميع خلف البشير‏!‏

 

بقلم‏:‏ مكرم محمد أحمد حدث ما لم يتوقعه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو نتيجة قرار الاتهام الذي أصدره في حق الرئيس البشير علي غير سند من حقائق الواقع السوداني‏,‏ توحد السودان كتلة واحدة خلف الرئيس البشير رفضا للقرار‏,‏ بمن في ذلك صادق المهدي أقوي معارضي البشير‏,‏ واصطف كل الزعماء خلف الرئيس السوداني وبينهم قادة الجنوب‏,‏ قلقا علي مصير السودان وعلي اتفاقية السلام التي تربط شماله وجنوبه‏,‏ وخوفا من أن يتحول السودان إلي صومال آخر‏,‏ مثلما حدث بعد رحيل الرئيس الصومالي زياد بري‏,‏ عندما تفككت دولة الصومال‏,‏ وتحولت إلي شيع وقبائل متناحرة لم تزل غارقة في الحرب الأهلية حتي الآن‏,‏ وما يزيد من خوف كل قوي الداخل علي مستقبل السودان القلق المتزايد من أن يتحول السودان في ظل هذه الفوضي المتوقعة مرة أخري إلي ملاذ آمن لجماعات الإرهاب خصوصا القاعدة‏.‏ وما يدل علي حماقة قرار الاتهام وانحيازه ضد البشير أن القرار تجاهل تماما الجرائم التي ارتكبتها الجماعات المتمردة‏,‏ سواء في دارفور أو في هجومها المسلح الأخير علي العاصمة السودانية في مايو الماضي‏,‏ واختار توقيتا خاطئا‏,‏ حيث يستعد السودان لإجراء أول انتخابات برلمانية نزيهة‏,‏ تهدف إلي توسيع قاعدة الحكم واشراك القوي السياسية الوطنية في جبهة متحدة‏,‏ بينما تبدي حكومة الخرطوم تفهما أكبر لعدد من مطالب الدارفوريين‏,‏ بينها مطلب تعويض المدنيين في دارفور عن الخسائر التي لحقت بهم علي امتداد سنوات الصراع الخمس‏,‏ وإذا كانت حكومة الخرطوم قد اعترفت بارتكاب عدد من الأخطاء الجسيمة في معالجتها لقضية دارفور فإن كل الأطراف الدارفورية ارتكبت الأخطاء ذاتها‏,‏ بحيث يمكن القول إن معظم أعمال العنف التي لاتزال تجري في الإقليم تأتي من خارج أجهزة الحكومة السودانية‏.‏ بل لعل واجب الحقيقة يلزمنا القول بأن الأمم المتحدة التي تراخت في تنفيذ قراراتها بارسال‏26‏ ألفا من قوات حفظ السلام إلي دارفور‏,‏ تتحمل جانبا كبيرا من مسئولية انهيار الموقف في دارفور‏,‏ خاصة أن هذه القوات مكلفة بحماية المدنيين سواء في قراهم أو في معسكرات الإيواء‏,‏ كما يدخل ضمن واجباتها نزع أسلحة الأطراف المتصارعة‏,‏ وحتي الآن لم يزد عدد القوات في دارفور علي‏9‏ آلاف جندي ينقصهم السلاح والعتاد‏,‏ ولا يملكون أغطية الرأس الزرقاء التي تؤكد انتماء هذه القوات إلي الأمم المتحدة‏,‏ رغم الوعود القوية التي صدرت عن مجلس الأمن‏,‏ ورغم الضجة الكبري التي اثارتها الولايات المتحدة حول أهمية وجود هذه القوات وتهديدها لحكومة الخرطوم‏,‏ لكن مع الأسف تبخرت وعود مجلس الأمن دخانا في الهواء‏.‏‏ mmahasabo@yahoo.com (المصدر: جريدة الأهرام ( يومية-مصر ) بتاريخ 4أوت 2008)

المحكمة الدستورية تنقذ تركيا من الفوضى… وحـزب العـدالـة والتنميـة مـن الحـظر

 

د. محمد نور الدين (*) نجت تركيا من ازمة كبرى، عندما رفضت المحكمة الدستورية دعوى المدعي العام عبد الرحمن يالتشينقايا بحظر حزب العدالة والتنمية ومنع ٧١ من قادته من العمل السياسي لمدة ٥ سنوات. وبخلاف معظم التوقعات جاء قرار المحكمة مفاجئاً نظراً لسوابقها في انتهاك الدستور، ومنها اشتراط الثلثين نصاباً لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، والنظر في المضمون في التعديل الدستوري للسماح بالحجاب في الجامعات، وليس فقط في الشكل، كما يقتضي الدستور. وكان يلزم تأييد سبعة من أعضاء المحكمة الأحد عشر لحظر الحزب، لكن المؤيدين للحظر بلغوا ستة فقط، فيما أيد أربعة آخرون حرمان الحزب من ١٨ مليون دولار هي نصف المساعدات المالية التي ينالها من الدولة، وهذا ما حصل. أما العضو الوحيد الذي رفض الحظر من أساسه، وعارض حرمان الحزب من مساعدات الدولة، فكان رئيس المحكمة نفسها القاضي هاشم كيليتش الذي كان عارض سابقاً حظر حزبي »الرفاه« و«الفضيلة« ومنع الحجاب في الجامعات، وقد عينه عضواً في المحكمة الرئيس الراحل طورغوت اوزال. وبذلك جاء القرار في أدنى حد من الضرر لحزب العدالة والتنمية، رغم أن كيليتش اعتبر القرار »تحذيراً جدياً« للحزب. وبهذا القرار حالت المحكمة دون تسجيل سابقة بحظر حزب، وهو في السلطة، ووفرت في الوقت ذاته فرصة ذهبية لحزب العدالة والتنمية لكي يستدرك ما فاته من إصلاحات شاملة والاستئناف من النقطة التي توقف عندها نهاية الصيف الماضي، عندما لم يواصل البحث في دستور شامل كان سيعيد تركيب الصيغة السياسية، الأمر الذي سمح للقضاء بالنفاذ من الثغرات والنواقص الدستورية ليتقدم في إقامة الدعوى لحظر الحزب ومن قبله إعادة منع الحجاب في الجامعات. وستكشف الأشهر المقبلة عما إذا كان قرار المحكمة الدستورية هو هزيمة للقوى المتشددة من العلمانيين أم انه تدجين للحزب وتسوية مشتركة قوامها: الإبقاء على الحزب مع عدم المس بالمواد المتعلقة بالعلمانية، أو إعادة تعريفها، كما كان يريد قادة الحزب. ولا شك في أن تصريح كيليتش بأن أعضاء المحكمة اتخذوا قرارهم آخذين في الاعتبار تأثيراته على تركيا، أراد أن يوجه رسالة إلى أن قرار المحكمة كان سياسياً أيضاً، ولا يستند لأسس قانونية. وجاء تصريح رئيس الحزب والحكومة رجب طيب اردوغان ليضفي مرونة على طبيعة المرحلة المقبلة، عندما قال إن حزبه سيحترم القيم الأساسية للجمهورية، وان حزبه لم يكن يوماً بؤرة معادية للعلمانية، موضحاً أن أولويته اليوم هي للمصالحة والسلام الاجتماعي، مشدداً على انتصار الديموقراطية والمؤسسات واستمرار المسيرة. وقد جاءت عناوين الصحف التركية، أمس، لتعكس حال الارتياح بعد القلق الذي كان ينتاب الجميع: »لا إغلاق بل تحذير قوي« (ميللييت)، »تركيا تنفست الصعداء« (راديكال)، »لا إغلاق، دعوة للمصالحة« (حرييت)، »تركيا انتصرت« (يني شفق)، »رفض للحظر« (زمان)، »لا إغلاق« (اقشام)، »عقوبة مالية على حزب العدالة والتنمية« (جمهورييت). أما رد فعل المعارضة فلم يكن مريحاً. وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض دينيز بايكال إن »المحكمة لم تحل المشكلة بل شخّصتها، أما الحل فيقع على عاتق حزب العدالة والتنمية، ولا سيما بعد أن أكد عشرة أعضاء من المحكمة أن العدالة والتنمية بؤرة معادية للعلمانية«. ورفض رئيس الأركان الجنرال ياشار بويوك انيت، الذي سيغادر منصبه نهاية آب الحالي، التعليق. وفي جميع الأحوال التقطت تركيا الأنفاس، وتنفس العالم أيضاً الصعداء، نظراً للتأثيرات السلبية التي كانت ستنعكس على عدد كبير من القضايا، الداخلية والخارجية لو تم حظر الحزب. فبقاء الحزب سيتيح استمرار الاستقرار السياسي بحدود معقولة جدا نظرا لتمتع الحزب بالغالبية المطلقة المريحة في البرلمان. ومع أن دعوات ارتفعت لإجراء انتخابات نيابية مبكرة لتجديد الثقة بالحزب وبنهجه فإن اردوغان ليس على عجلة الآن من مثل هذا التوجه على الأقل خلال سنة من الآن. وربما يلجأ لتعديل حكومي أو حتى إعادة تشكيل حكومة جديدة لمنح الحزب انطلاقة جديدة في ضوء التوترات والمتغيرات التي حصلت خلال عام مضى. ورغم مدّ أردوغان اليد إلى القوى العلمانية فإن الإصلاحات السياسية التي توقفت منذ أكثر من سنتين ملحة جداً إذا كان رئيس الحكومة لا يريد تكرار المشهد الذي حدث، وخصوصا لملء الثغرات في النظام السياسي، ولا سيما آلية إقامة الدعوى على الأحزاب ومنع ترك ذلك لمزاج المدعي العام بمفرده. كما أن تعديل بنية المحكمة الدستورية أمر يفرض نفسه لجعلها أكثر ديموقراطية والتخفيف من ثقل الأعضاء الأصيلين والرديفين الموالين بمعظمهم للرئيس السابق للجمهورية أحمد نجدت سيزير. وهنا تشكل المبادرة لإقرار دستور جديد شامل، المؤشر الأبرز على طبيعة المرحلة المقبلة، وجدية اردوغان في التغيير والإصلاح. ولعلها المرة الأولى التي تتغلب فيها المخاوف من الوضع العام على قرار للمحكمة الدستورية، ما يعني أن سطوة حزب العدالة والتنمية وكاريزما اردوغان كانت اكبر من كل التحديات التي أطلقها العلمانيون، ولأن النتيجة كانت ستكون عودة اردوغان نائباً في البرلمان بل رئيسا للحكومة الجديدة بصفة مستقل الأمر الذي يجعل أي قرار بالحظر بمثابة نقطة انطلاق جديدة لمرحلة جديدة من الصراع يقف الشعب فيها مرة أخرى إلى جانب الديموقراطية ضد قوى »الدولة القمعية«. ولا شك في أن كشف الحكومة لشبكة »ارغينيكون« كان ضربة معلّم، حيث أظهرت التحقيقات خططاً واسعة لاغتيالات وانقلابات، كما أن علاقة المدعي العام بالشبكة وتلقيه تعليمات وضغوطاً من بعض أعضائها ليفتح دعوى لإغلاق حزب العدالة والتنمية كان سيظهر المحكمة الدستورية في دور المتواطئ مع »ارغينيكون« في ما لو حظرت الحزب. كذلك حال قرار المحكمة، في ظل الحظر المتوقع لحزب المجتمع الديموقراطي الكردي، من بقاء الكتلة الكردية في جنوب شرق البلاد من دون تمثيل حزبي في البرلمان، حيث يقتصر التمثيل الآن على حزبي العدالة والتنمية والمجتمع الديموقراطي. ولا شك في أيضاً أن قرار المحكمة الدستورية سيريح علاقات أنقرة مع العالم الخارجي، ولا سيما العلاقة مع الاتحاد الأوروبي التي كانت ستشهد مرحلة من الجمود، وربما الانقطاع فيما لو حظر الحزب. وفي أول تعليق له على قرار المحكمة الدستورية، استقبل مسؤول شؤون توسيع الاتحاد الأوروبي أولي رين القرار بسرور، قائلاً إن على تركيا الآن أن تواصل بكل طاقـاتها الإصلاحات التحديثية من النقطة التي توقفت عندها. كذلك ستواصل تركيا القيام بأدوارها في الوساطة بين سوريا وإسرائيل وبين إيران والولايات المتحدة، وستوفر دعماً كبيراً لجهود حل المشكلة القبرصية التي تتسارع خطواتها، وسيبقى بصيص الأمل قائماً بشأن تطبيع العلاقات مع أرمينيا. ولا شك في أن العلاقات القوية بين تركيا والعالم الإسلامي مرتبطة بنسبة كبيرة بنظرة العالم الإسلامي إلى اردوغان كزعيم »إسلامي«. كذلك سيبقي استمرار الحزب في السلطة الأمل في تجديد تطلع حركات الإسلام السياسي في العالم الإسلامي إلى تجربة حزب العدالة والتنمية كنموذج يحاول الجمع بين الإسلام والديموقراطية. لم تحصل القيامة في تركيا، أمس الأول، وحدثت »المعجزة« التي، مع ذلك، ليست سوى محصلة توازنات. وإذا كانت المحكمة الدستورية قد كفّرت عن أخطائها السابقة بعدم ارتكاب الخطيئة الكبرى بحظر حزب العدالة والتنمية إلا أن ذلك يفترض بالحزب ألا يطمئن إلى وضعه، وأن يستفيد من هذه الفرصة الذهبية لينقل تركيا إلى مرحلة أكثر ديموقراطية وعلمانية حقيقية، وأن يدرك جيداً أن قرار المحكمة ليس منّة بل هو نتيجة ضغوط الأكثرية الشعبية القادرة بوحدتها وتصميمها على التغيير الكبير المنتظر. وأعلن نائب رئيس الحكومة جميل تشيتشيك أن حزب العدالة والتنمية لن يواصل ضغطه لتمرير قرار السماح بالحجاب في الجامعات. وقال »قضية الحجاب ليست على جدول أعمالنا حالياً« (*) خبير لبناني في الشؤون التركية (المصدر: صحيفة ‘السفير’ (يومية – بيروت) الصادرة يوم 1 أوت 2008)  


حزب «العدالة والتنمية» يتجاوز آخر حصون العلمانية في تركيا
بشير عبدالفتاح (*)      بعد معركة قانونية ضارية استمرت أربعة أشهر، بدأت منذ تقدم المدعي العام التركي عبدالرحمن يالجينقايا إلى المحكمة الدستورية العليا فى تركيا يوم 14 آذار (مارس) الماضي بدعوى لإغلاق حزب «العدالة والتنمية» ومنع نحو 71 من قياداته، من بينهم رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان والرئيس عبدالله غل، من ممارسة العمل السياسي لمدة خمس سنوات بذريعة تبنيهم مشروعاً إسلامياً يناهض التوجه العلماني للدولة التركية الحديثة، قررت المحكمة نفسها رد الدعوى والحكم بعدم حظر الحزب أو تجميد نشاط أي من قياداته، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني اللازم وهو سبعة قضاة من أصل 11 قاضيا. إذ صوت ستة قضاة فقط لمصلحة حظر الحزب مقابل مطالبة أربعة آخرين، من بينهم رئيس المحكمة، بحرمانه من المساعدات المالية التي يتلقاها من الدولة سنوياً كبقية الأحزاب الممثلة في البرلمان، في حين رفض قاض واحد دعوى الحظر. واكتفت المحكمة بفرض عقوبات مالية على الحزب تمثلت في حرمانه من نصف حصته من المخصصات المالية الحكومية، مقرة بتورط الحزب ذي الجذور الإسلامية في نشاطات مناهضة للعلمانية على نحو يجعله مذنباً، ولكن من دون أن يصل إلى الحد الذي يستوجب الإغلاق خصوصاً انه يملك شعبية عريضة ويسيطر على السلطتين التنفيذية والتشريعية في البلاد. وينحو بعض الخبراء في اتجاه الزعم بأن الصيغة التي جاء بها حكم المحكمة الدستورية، لا تشي بأي انتصار للحزب في مواجهة خصومه من العلمانيين والقوميين المتطرفين، على اعتبار أن الحكم لم يبرئ ساحة الحزب وقياداته من تهمة تهديد المبادئ العلمانية للدولة التركية الحديثة، كما تضمن في طياته إنذاراً شديد اللهجة للحزب وقياداته لضمان عدم معاودة الاقتراب من الخطوط الحمر أو المساس بالمبادئ العلمانية للدولة. علاوة على أن الحكم فتح الباب أمام عقوبات أشد وطأة ضد الحزب مستقبلاً حينما قضى بحرمانه من نصف مخصصاته المالية التي يتلقاها من الدولة سنوياً إلى أجل غير معلوم، وهي مؤشرات توحي ببقاء الحزب في مرمى الضربات الموجعة للمحكمة الدستورية وغيرها من المؤسسات العلمانية الأخرى المناهضة له مستقبلا. إلا أن الحكم يطوي بين ثناياه بشارات لاقتراب الحزب من تخطي آخر قلاع المعسكر العلماني في تركيا وأشدها بأساً، ممثلة في المؤسسة القضائية عموماً، وفي القلب منها المحكمة الدستورية العليا على وجه التحديد، والتي ظلت منذ إنشائها في عام 1962 ذراعاً دستورية وقانونية للعلمانية التركية تستقوي بها لتقويض الأحزاب والحركات والتنظيمات المناهضة لها، حتى أضحت تلك المحكمة مقصلة لكل حزب تسول له نفسه تحدي مبادئ الدولة الأتاتوركية، حتى أنها لم تتورع عن حظر نشاط 24 حزباً سياسياً بحجة أجنداتها الإسلامية أو ميولها الكردية الانفصالية. فبعد أن تمكنت حكومة «العدالة والتنمية» من هزيمة خصومها من الأحزاب والحركات العلمانية والقومية وتهميشها سياسياً، ثم تقليم أظافر الجيش التركي وكسر شوكته حتى بات ينحو باتجاه اختزال دوره التاريخي كحام للعلمانية والمبادئ الأتاتوركية في المشاهدة والمراقبة من بعد من دون تدخل مباشر، مثلما كان يفعل في السابق، ولم يعد يقض مضاجعها سوى القضاء التركي وفي صدارته المحكمة الدستورية التي يغلب على قضاتها التوجه العلماني ويصرون على لعب خط الدفاع الأخير في مواجهة المد الإسلامي، الذي يتهم حزب «العدالة» بقيادته. بيد أن مساعي حكومة «العدالة» من أجل تلافي أية مواجهة مبكرة مع تلك المحكمة راحت سدى مع إصرار غالبية الأتراك على ضرورة حسم المعركة المزمنة في شأن الحجاب مطالبين حكومتهم المنتخبة باتخاذ خطوات جادة وعاجلة في هذا الخصوص. فضلاً عن تقدم المدعي العام التركي بدعواه من أجل إغلاق حزب «العدالة» وتجميد النشاط السياسي للعشرات من قياداته. وما إن وقع الصدام المبكر وغير المرغوب فيه، في الوقت الراهن على الأقل، بين حزب «العدالة» والمحكمة الدستورية العليا، حتى انطلقت ثورة التوقعات في شأن لحاق حزب «العدالة» بأترابه وسابقيه من الأحزاب الإسلامية الهوى والتوجه. غير أن اعتبارات كثيرة كان من شأنها أن تحول دون تكرار ذلك السيناريو المؤلم، وفي صدارتها الرصيد الضخم من الإنجازات التي حققتها حكومة «العدالة والتنمية» على الصعد كافة، لا سيما الاقتصادي منها، منذ تسلمها السلطة في عام 2002، بل ومن قبل ذلك على مستوى البلديات. إذ وضع قرار المحكمة الدستورية العليا برفض الدعوى المقامة ضد حزب «العدالة» نهاية لحال عدم اليقين السياسي التي تستتبع بدورها تداعيات اقتصادية سلبية، فارتفعت أسواق المال خلال الأيام القليلة التي سبقت قرار المحكمة على خلفية التفاؤل الذي عم الأوساط التركية في شأن احتمالات رفض المحكمة الدستورية دعوى حظر الحزب الحاكم. وارتفعت الليرة التركية حوالى 1.5 في المئة أمام الدولار، كما ارتفعت الأسهم بنسبة 3 في المئة. ويؤكد خبراء اقتصاديون أتراك فداحة الآثار الاقتصادية السلبية التي كانت متوقعة في حال حظر حزب «العدالة»، إذ كان متوقعاً وصول عجز الحساب الجاري، والذي ينظر إليه على أنه نقطة الضعف الرئيسة في اقتصاد تركيا إلى 49 بليون دولار هذا العام مقابل 38 بليون دولار العام الماضي. كما سيؤثر عدم الاستقرار السياسي في المؤشرات الاقتصادية الرئيسة، مثل النمو والتضخم الذي يفوق 10 في المئة. كما سيتراجع التدفق النقدي الأجنبي إلى تركيا، وربما يتفاقم ذلك مع تدهور ثقة المستهلك، والتباطؤ الاقتصادي، وتقلص معدل النمو إلى أقل من 4 في المئة، وهي تداعيات جد خطيرة لأنها لا تهدد مستوى معيشة الأتراك فحسب وإنما تباعد أيضاً بينهم وبين حلمهم الأوروبي. كذلك شكّل التأييد الشعبي الجارف لحزب «العدالة والتنمية» ضغوطاً هائلة على المحكمة الدستورية. إذ أظهر استطلاع نشرته صحيفة «ميليت» التركية قبل أيام من صدور الحكم أن غالبية الأتراك تعارض إغلاق حزب «العدالة»، وأن الحزب ما زال يمثل خيار الناخبين الأول. وكشف الاستطلاع الذي أجراه معهد «إيه آند جي» للأبــحاث يــومي 14 و15 حزيران (يونيو) الماضي وشــارك فيه 2403 أشخاص، أن 53.3 في المـــئة مـن الأتــراك يرفــضون إغلاق الحـــزب، وأن 37.7 في المئة يـرون أن إغلاقه سيثير فوضى اقتصادية وسياسية. وأوضح الاستطلاع أن حزبي المعارضة الرئيسيين – وهما حزب «الشعب الجمهوري العلماني» وحزب «الحركة القومية»، يأتيان بعد حزب «العدالة بفارق كبير. كذلك، نظّم عدد من الحركات ومنظمات المجتمع المدني في تركيا، التي تضم أكاديميين ومثقفين وصحافيين وسياسيين، تحركات ومسيرات لمواجهة المساعي العلمانية لحظر حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، محذرة مما أسمته «الانقلاب على المؤسسات الدستورية ومبادئ الديموقراطية والعلمانية» في البلاد. وفي السياق ذاته، لم تكن المحكمة الدستورية التركية لتتجاهل المساندة الأوروبية والأميركية لحزب «العدالة» وحكومته باعتبارهما يمثلان النموذج الإسلامي الأفضل، الذي يتطلع الغرب لتعميمه على مستوى العالم العربي والإسلامي بغية سد الأقنية أمام التطرف الإسلامي وتقريب الفجوة بين الإسلام والغرب، وهو الأمر الذي يفسر الرفض الأوروبي والأميركي، من حيث المبدأ، لدعوى حظر حزب «العدالة والتنمية»، إلى الحد الذي دفع الاتحاد الأوروبي إلى التحذير من تداعيات المضي قدماً في هذا الدرب على مساعي تركيا للحصول على عضويته، مطالباً الأتراك بضرورة تسوية التهم الموجهة للحزب سياسياً، سواء عبر مناقشتها في البرلمان أو من خلال اللجوء لصناديق الاقتراع. وما إن صدر قرار المحكمة الدستورية العليا برفض الدعوى المقامة ضد الحزب، حتى أعلن الاتحاد الأوروبي ترحيبه بالحكم داعياً الأطراف الأتراك جميعاً إلى العمل من أجل إتمام الإصلاحات المطلوبة على أساس إجماع يقوم على قاعدة حوار موسع بين فئات المجتمع التركي، مؤكداً أن المفوضية الأوروبية ستبقى على اتصال وثيق بأنقرة من أجل استكمال تعديل القوانين التركية لتتوافق مع المعايير الأوروبية. وبالتزامن مع ذلك، أسهمت التفجيرات وأعمال العنف المتتالية التي ضربت مدينة إسطنبول أخيراً، والتي نسبتها التكهنات والتحقيقات الأولية الى مقاتلي «حزب العمال الكردستاني»، في دفع المحكمة الدستورية العليا الى اتخاذ قرارها الجريء، لا سيما أن الجميع في تركيا يعون جيداً أن في جعبة حزب «العدالة» من الخيارات في التعاطي مع المسألة الكردية، إن سلماً أو حرباً، ما يساعد على تخليص الأتراك من ذلك الكابوس المزعج. فإلى جانب عدم ترددها في القيام بعمليات عسكرية متوالية وقوية ضد معاقل الحزب المحظور في شمال العراق بدعم سياسي ولوجيستي أميركي، تحتفظ حكومة «العدالة» بتصور لتسوية المسألة الكردية سلمياً، بوسعه، إذا ما أتيحت الفرصة لتنفيذه، أن يساعد على التوصل إلى صيغة ملائمة بين أنقرة ومقاتلي الحزب بمقدورها أن تكفل حقن الدماء وتضع نهاية لأعمال العنف المسلح التي يتبناها مقاتلو الحزب من أجل الاستقلال عن تركيا منذ عام 1984، خصوصاً إذا ما نجح حزب «العدالة» في استثمار ما يتمتع به من قبول لدى أكراد تركيا، الذين لم يضنوا بقسط كبير من أصواتهم على مرشحي الحزب خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي شهدتها البلاد أخيراً. وإضافة إلى ما سبق، تبرز مؤشرات كثيرة تشي بأن حكم المحكمة الدستورية العليا إنما يعد انتصاراً لحزب «العدالة». فلجهة المضمون، لا يبدو أن لقرار المحكمة حرمان الحزب من نصف مخصصاته المالية السنوية الحكومية لفترة لم تحدد في منطوق الحكم، أي تأثير يذكر على نشاط الحزب، الذي يؤازره ويدعمه رجال الأعمال الأتراك، بشتى انتماءاتهم ومختلف مشاربهم، على خلفية الإنجازات الاقتصادية الهائلة التي حققتها حكومة الحزب، والتي كان لها بالغ الأثر فى توفير البيئة المواتية للاستثمار وإتاحة المزيد من الفرص أمام العمل الحر.  ومن حيث الدلالات، يمثل الحكم إضافة ملموسة الى رصيد الحزب ودعماً لمسيرة حكومته الإصلاحية، ليس فقط لأنه الحزب الإسلامي الوحيد الذي نجا من مقصلة الإغلاق على أيدي الجيش أو المحكمة الدستورية العليا، ولكن لأن الأخيرة كانت آخر الحصون المنيعة للتيار العلماني المناهض لتلك المسيرة وأقواها بعد تراجع المعارضة العلمانية والقومية ونزوع الجيش باتجاه العدول عن التدخل العنيف في السياسة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يقوي من شوكة حزب «العدالة» مستقبلاً على نحو يخوله إعادة صوغ العلاقة بينه وبين القوى العلمانية في تركيا، خصوصاً إذا ما نجح في تفويت الفرصة كلياً على تلك القوى، وفي صدارتها المحكمة الدستورية العليا، عبر تمرير تعديلاته الدستورية المقترحة، خصوصاً تلك التي ترمي إلى وضع نهاية لعملية حظر الأحزاب السياسية وإغلاقها، مهما كانت توجهاتها. (*) كاتب مصري. (المصدر: صحيفة ‘الحياة’ (يومية – لندن) الصادرة يوم 4 أوت 2008)

 

Home – Accueil الرئيسي

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.