الاثنين، 3 نوفمبر 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS

8 ème année, N° 3086du 03.11.2008

 archives : www.tunisnews.net


الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس: دعوة للإضراب عن الطعام والإعتصام من أجل إطلاق سراح السجناء السياسيين الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس:عريضة للمطالبة بإطلاق سراح المساجين السياسيين

حــرية و إنـصاف:فصل غزالة المحمدي من عملها بسبب نشاطها السياسي

حــرية و إنـصاف:معز الجماعي يخضع للمراقبة اللصيقة

حــرية و إنـصاف:بعثت إلينا الطالبة نجلاء عثمان برسالة ننشرها كما وردت

السبيل أونلاين: يوم إضراب مساندة لإضراب الجوع الذي يشنّه عبد اللطيف بوحجيلة

السبيل أونلاين:سياسة الحرمان من الرزق ضدّ السجناء السياسيين السابقين تتواصل

النوري بن سليمان  : تواصل التنكيل بالنقابيين

الشّباب الدّيمقراطي التقدّمي: بيـــان

محمد الهادي حمدة :نعم: يستفيد الديمقراطي التقدمي من مراجعة موقفه من الانتخابات

محمد الهادي حمدة : خطاب قصير إلى السيد وزير الثقافة

محمد الهادي حمدة: هل يهدأ المناخ الاجتماعي بنزل نفطة بلاص؟

فوزي بن عبدالله : نيابة عن العائلة شقيقه عبد القادر الطبابي

المختار اليحياوي: السابع من نوفمبر: عرس الذئاب

محمد شمام: يعطي المثال من نفسه في كيفية التعامل مع المخالفين: دعوة إلى السمو في قضايا العودة والسياسة – الحلقة الثانية

لفاضل البلدي : غير معقول ولا مقبول

شاكر الشرفي: النهضة والسلطة و الفرص الضائعة

موقع اتحاد المدونين العرب:المدون المصري محمد رفعت حرم من تعليمه الجامعي وزج به في غياهب السجون

المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية :بيان تضامني مع الكاتبة العامة للمنظمة الديمقراطية للتعليم بالمغرب

ايلاف: تونس تصادر العدد الاخير من مجلة « لكسبرس » الفرنسية

ايلاف:قاموس الشباب: لغة التونسيون بين القجمي والعجمي (2/7)

 شاكر الحوكي :  إقبال المشاهدين ليس معيارا للنجاح: الدراما في تونس من أزمة الواقع إلى واقع أزمتها

رويترز:حجب جائزة بمهرجان قرطاج بسبب فيلم سوري يثير جدلا

رويترز: تونس تنتشل جثث ثلاثة مهاجرين قبالة سواحلها

د. رجاء بن سلامةإسماعيل أدهم واختلافه غير المحتمل مثالا عن آليّات الحجز الرّقابيّ

 مصطفى الونيسي :  زَيِّنْ أيَّامَكَ و جَدِّدْهَا الجزء الأول 

محمد العروسي الهاني:الرسالة التاريخية المفتوحة رقم 27 بمناسبة الذكرى الحادية و العشرين للتحول

عبد الحافظ الصاوي : الإسلاميون والأزمة المالية.. قراءة في الخطاب الاقتصادي

منصف المرزوقي : سوريا المطعونة في الصدر وفي الظهر

توفيق المديني:الحرب على الإرهاب من المنظور الأميركي

إسلام أونلاين: السلفية وسياسات التطرف في جزائر ما بعد الصراع (دراسة)

عبد الباري عطوان: إنتفاضة اوباما التاريخية


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage /Arabe Windows (
(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم  وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

 

21- هشام بنور

22- منير غيث

23- بشير رمضان

24- فتحي العلج 

 

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- الصادق العكاري

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6-منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8-عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1-الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلو


العنوان الوقتي لموقع مجلة ‘كلمة

http://kal.mediaturtle.com


 
الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس International Campaign for Human Rights in Tunisia icfhrt@yahoo.com Tel: (0044) 2084233070- 7903274826

عريضة للمطالبة بإطلاق سراح المساجين السياسيين

   

رغم إيماننا العميق أن مطلب الإفراج عن سجناء الرأي هو مطلب إنساني يتطلب بذل الجهد في كل وقت وحين، ولا يرتبط بهذه المناسبة او تلك، فإننا ننتهز فرصة الاستعدادات الحثيثة لنظام الحكم في تونس للاحتفال بذكرى السابع من نوفمر، لنجدد النداء بإطلاق سراح المساجين السياسيين من سجناء حركة النهضة، الذين تواصلت محنتهم لأكثر من عقد ونصف، وفي مقدمتهم الدكتور صادق شورو الرئيس السابق للحركة، والمئات من سجناء الرأي من الشباب السلفي، الذين اعتقلوا بموجب قانون مكافحة الارهاب اللادستوري، وكذلك المعتقلين على خلفية احداث الحوض المنجمي، وعلى رأسهم الاخت زكية الضيفاوي عضوة المكتب السياسي للتكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات. ان وجود سجناء سياسيين في أي بلد هو شهادة على واقع الحريات وحقوق الانسان في ذلك البلد، ولا يمكن لخطاب  » الحداثة و الديمقراطية وحقوق الانسان » ان يحجب الحقيقة التي يشير اليها وجود سجناء الرأي. ان الممضين على هذا النداء يطالبون السلطة التونسية بالكف عن سياسة التجاهل لآلام المئات من سجناء الرأي وعائلاتهم، واللامبالاة تجاه نداءات المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية. ويناشدون الضمائر الحية في تونس وخارجها بذل الوسع من أجل ايقاف هذه المأساة التي ذهب ضحيتها العشرات من التونسيين، فيما لا يزال يعاني تبعاتها المؤلمة المئات من المواطنين لا لذنب سوى مخالفتهم لرأي السلطة.   للتوقيع على هذه العريضة يرجى المراسلة على العنوان التالي: icfhrt@yahoo.com   الموقعون الأستاذ محمد النوري – رئيس منظمة حرية وانصاف الأستاذ رابح الخرايفي – محام المهندس عبدالكريم الهاروني – كاتب عام منظمة حرية وانصاف عماد الدائمي – مهندس – باريس الدكتورزياد الدولاتلي – ناشط سياسي محمد القلوي – ناشط حقوقي الحبيب ستهم – عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي المهندس حمزة حمزة – عضو  المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وانصاف عمر القرايدي- عضو  المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وانصاف زينب الشبلي – عضوة  المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وانصاف جميلة عياد – عضوة المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وانصاف السيد المبروك – ناشط حقوقي – تونس سليم بن حميدان – جامعي – باريس غفران بن سالم – مدرسة – باريس معز الجماعي – ناشط حقوقي – تونس جمال الدلالي – مخرج – لندن صالح الوسلاتي – محام – لندن أنور الغربي – سويسرا العيادي عماري – استراليا الحبيب لعماري – ألمانيا كمال العيفي – باريس الدكتور محمد العلاني – لندن رياض الحجلاوي – مهندس تقني – باريس محسن ديبي – باريبس البشير الثابتي – لندن موسى بن أحمد – ألمانيا كمال العيفي – باريس مهدي بوجمعة – لندن عرفات بوجمعة – لندن منصور الزريبي – لندن عبير الغالي – محام – باريس فتحي الجوادي – لندن فتحي لعبيدي – لندن الهاشمي البناني – لندن فؤاد العايب – لندن توفيق بلغيث – لندن فتحي الناعس – مناضل حقوقي – الامين العام السابق لجمعية التضامن التونسي معاذ عبدالكريم – باحث جامعي – فرنسا أنور مديمغة – سويسرا عبدالناصر نايت لمام – سويسرا عبدالسلام بوشداخ – من مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس – فرنسا جمال الدين الفرحاوي – لندن محمد بن علي – اروبا زهير مخلوف – ناشط حقوقي – تونس منصور ضيف الله – لندن خالد الجميعي – النرويج ابراهيم نوار – سويسرا عادل غريب – شباب الحزب الديمقراطي التقدمي نجيب الكريفي – الحزب الديمقراطي التقدمي فوزي قار علي – ناشط حقوقي – تونس سعيد الجازي –  عضو الحزب الديمقراطي التقدمي شادي بوزويتة – ناشط حقوقي – تونس جهاد المبروك – شباب الحزب الديمقراطي التقدمي وليد البناني – نائب رئيس حركة النهضة عبدالمجيد سبوعي – سويسرا الهادي بريك – ألمانيا   الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس المنسق علي بن عرفة لندن  3 نوفمبر  2008  

الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس International Campaign for Human Rights in Tunisia icfhrt@yahoo.com Tel: (0044) 2084233070- 7903274826

دعوة للإضراب عن الطعام والإعتصام من أجل إطلاق سراح السجناء السياسيين

   

تتواصل محنة السجناء السياسيين من قادة حركة النهضة وفي مقدمتهم  الدكتور الصادق شورو الرئيس السابق للحركة لأكثر من عقد ونصف، كما تتواصل محنة المئات من سجناء الرأي من الشباب المتدين من التيار السلفي المعتقل بموجب قانون مكافحة الإرهاب اللادستوري، بالإضافة الى سجناء الحوض المنجمي وعلى رأسهم الأخ عدنان الحاجي والأخت زكية الضيفاوي عضوة المكتب السياسي للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات.   وإننا في الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس، إذ ندعو السلطة لإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين دون استثناء، فإننا نناشد الضمائر الحية في تونس وخارجها التدخل من أجل ايقاف هذه المأساة التي ذهب ضحيتها العشرات من المواطنين، فيما لايزال يعاني تبعاتها المؤلمة المئات من التونسيين.   وفي هذا الإطار تعلن الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس، عن تنظيم اضراب عن الطعام لمدة ثلاثة أيام، بداية من يوم الإربعاء 5 نوفمبر. كما تدعو المناضلين السياسيين والحقوقيين وأنصار الحرية المقيمين في بريطانيا المشاركة في الإعتصام الذي ستنظمه الحملة أمام السفارة التونسية بلندن، وذلك يوم الخميس 6 نوفمبر، من الساعة الرابعة الى الساعة السادسة مساء، للمطالبة بإطلاق سراح المساجين السياسيين.   وتناشد الحملة مناضلي حقوق الإنسان وأنصار الحرية في تونس وخارجها، المشاركة في الإضراب والسعي لتنظيم اعتصامات مماثلة من أجل التحسيس بالمظلمة المسلطة على السجناء السياسيين والمطالبة بالإفراج عنهم.      للمشاركة في الاضراب يرجى المراسلة على العنوان التالي: icfhrt@yahoo.com   الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس المنسق علي بن عرفة لندن  01 نوفمبر  2008


أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 05 ذو القعدة 1429 الموافق ل 03 نوفمبر 2008

فصل غزالة المحمدي من عملها بسبب نشاطها السياسي:

 

 
تم إعلام الآنسة غزالة المحمدي عضو جامعة قفصة للحزب الديمقراطي التقدمي و العاملة بجمعية التنمية بمعتمدية القصر بقفصة بفصلها من مهامها و عدم تجديد عقدها. و قد أرسلوا لها وثيقة رسمية لإعلامها بذلك. و تجدر الإشارة إلى أن الآنسة غزالة المحمدي تعرضت طيلة أشهر إلى هرسلة متواصلة و ذلك بسبب حصول مشادة كلامية بينها و بين المدعو محمد اليوسفي رئيس فرقة الإرشاد بقفصة على هامش مشاركتها في اجتماع مساندة لأهالي الحوض المنجمي بقفصة في جويلية 2008 بعدها تم استدعاؤها من قبل معتمد القصر بقفصة ليعلمها بتوقيفها عن العمل بانتهاء شهر سبتمبر حيث تنتهي مدة العقد الأول إلا أنها واصلت العمل طيلة شهر أكتوبر بحكم التجديد الآلي لعقد الشغل و في هذه الأيام تم إبلاغها رسميا بإيقافها عن العمل. و للتذكير فإن الآنسة غزالة المحمدي منعت في شهر جويلية 2008 من السفر للمشاركة في المنتدى الاجتماعي المغاربي الذي انعقد بالمغرب بسبب نشاطها السياسي.

و حرية و إنصاف

1) تندد بفصل الآنسة غزالة المحمدي من عملها بصفة تعسفية بسبب نشاطها السياسي و تحديدا تضامنها مع أهالي الحوض المنجمي و تدعو إلى إعادتها إلى سالف عملها. 2) تدعو السلطة إلى التخلي عن سياسة التضييق على المناضلين السياسيين و الناشطين الحقوقيين في أرزاقهم و ذلك باللجوء إلى الفصل عن العمل.  عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  


أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 05 ذو القعدة 1429 الموافق ل 03 نوفمبر 2008

معز الجماعي يخضع للمراقبة اللصيقة

 
تعرض الناشط الحقوقي الصحفي معز الجماعي للمراقبة اللصيقة من قبل ستة أعوان من البوليس السياسي منذ يوم الخميس 30/10/2008 و لم ترفع عنه إلا مساء يوم الأحد 02/11/2008 بعد أن اتصل السيد عبد الجبار القيقي عضو اللجنة المركزية للحزب المذكور برئيس إقليم شرطة قابس لاستيضاح دواعي هذا الإجراء المخالف للقانون. و تجدر الإشارة إلى أن المراقبة اللصيقة التي فرضت على الناشط الحقوقي الصحفي معز الجماعي شملت جميع تحركاته خارج المنزل حيث اتصلوا بمقر عمله بالمعهد الثانوي بشارع الحبيب بورقيبة للسؤال و التحري عنه ، و قد وقع التخفيف في هذه المراقبة و ذلك بتكليف عون واحد بهذه المهمة. علما بأن السيد معز الجماعي هو عضو في منظمة حرية و إنصاف و عضو في جامعة قابس للحزب الديمقراطي التقدمي و صحفي بجريدة الموقف. كما استهدفت المراقبة اللصيقة السيد جمال العزابي أمين مال جامعة قابس للحزب الديمقراطي التقدمي بعد أن وقع تخفيفها عن السيد معز الجماعي.

و حرية و إنصاف

1) تندد بهذا الإجراء التعسفي المخالف للقانون الذي يحد من حرية الناشط الحقوقي السيد معز الجماعي و المناضل السياسي السيد جمال العزابي و تدعو إلى رفع هذه المضايقة. 2) تعتبر المراقبة اللصيقة جزء من حملة واسعة لمضايقة النشطاء الحقوقيين و المناضلين السياسيين بما يهدد أمنهم و حريتهم لإسكات أصواتهم     عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  

 

أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 05 ذو القعدة 1429 الموافق ل 03 نوفمبر 2008

بعثت إلينا الطالبة نجلاء عثمان برسالة ننشرها كما وردت

 » إني الممضية أسفله  نجلاء عثمان طالبة مرحلة ثالثة  بكلية العلوم ببنزرت تم اليوم على الساعة  العاشرة و الربع إيقافي  من قبل عوني الشرطة كمال العباسي و إيمان  بسبب ارتدائي للحجاب بمحطة الحافلات بمنطقة سليمان  وأمراني بالتوقيع على التزام في عدم ارتداء الزي الطائفي  ولما رفضت التوقيع و تمكينهم من بطاقة هويتي اقتاداني إلى مركز الشرطة  وفي الطريق أوقفا كل فتاة ترتدي حجابا  وأرغموهن على الإمضاء بتوبيخهن و تخويفهن بالعقاب إذا عدن إلى ارتداء « خمار » ولما وصلت أراد رئيس المركز أن يستعلم عن معلومات رأيتها شخصية   ابنة من ؟ ماذا أعمل ؟ و قال لي أن زيي مخالف للقانون و أن لباسي طائفي مع أني ألبس مثله : بنطلون و   سورية ….؟؟؟  في ذلك الوقت قدم زميل لهم في العدلية محمد ساسي( سبق و أن اقتحم منزلنا في وقت سابق دون ترخيص)  فأمدهم بجملة من المعلومات عني حينها غير رئيس المركز المطبوعة بأخرى كتب عليها  بحث  دون فيها ما دون ثم سألني إن كنت أصلي فأجبته أن ذلك شأني والأمر لا يعنيه ثم أشار إلي بتغيير طريقة ارتدائي للخمار  و استعمال التقريطة التونسية ومدني محضر البحث لأوقعه فامتنعت  ولما سألته لما لم يقل هذا للنسوة اللاتي كن يستلمن أوراقهن ولم يطلب منهن التوقيع على محضر وهن يضعن خمارا بنفس طريقتي رد بغضب أنه يعرف ما يفعل ويعرف جيدا القانون  وأمرني بالرحيل فورا. ربما هذه هي الطريقة المثلى التي ارتأوها للاحتفال بذكرى تحولهم المجيد!!! … »   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


 يوم إضراب مساندة لإضراب الجوع الذي يشنّه عبد اللطيف بوحجيلة  
السبيل أونلاين – من زهير مخلوف – تونس وقع إعلان يوم غد الثلاثاء 4-11-2008 يوم إضراب عن الطعام مساندة لإضراب الجوع الذي يشنه السجين السياسي السابق السيد عبد اللطيف بوحجيلة لليوم الثاني والثلاثون على التوالي احتجاجا على إهماله الصحّي المتعمّد وحرمانه من جواز سفره الذي يمكّنه من المعالجة بالخارج. ويُخشى على حياة بوحجيلة ، بعد مرور كل هذه المدة وهو مضرب عن الطعام .    (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 03 نوفمبر 2008 )  

سياسة الحرمان من الرزق ضدّ السجناء السياسيين السابقين تتواصل  
السبيل أونلاين – خاص بعد أن أمضى السجين السياسي السابق عبد الحميد حويشي أصيل مدينة قفصة ،عقد عمل يوم 1 ماي 2008 ، بينه وبين السيد وليد دمّق ، كبائع مواد فلاحية ، فوجىء بتاريخ 17 سبتمبر 2008 بقرار طرده من طرف مشغّله السيد دمّق . ولمّا إستفسره عن السبب ، أجابه بأنّه قد تلقى إعلاما عن طريق منطقة الحرس بقفصة يفيد بأن السيّد عبد الحميد حويشي هو من ذوي السوابق العدليّة ويجب فصله عن العمل ، وهو ما فعله إستجابة لذلك الإعلام . وكان السيد عبد الحميد حويشي الذي قضّى 14 سنة سجنا ، وقبل توقيع ومباشرة العمل توجّه صحبة مؤجّره إلى رئيس فرقة الإرشاد وأعلماه بالشغل الموعود ولم يرى مانعا في ذلك . ولكن بعد مرور بضعة أشهر على مباشرة السجين السياسيي السابق عبد الحميد الوحيشي العمل وقع استدعاء المشغّل من طرف منطقة الحرس ، وتلقى تهديدا بغلق المحل إذا لم يلبى طلبهم بطرد عبد الحميد . واستجاب صاحب الشركة لذلك وأمضى مُكرها وثيقة الطرد . — فإلى متى تستمرّ سياسة التضييق في طلب الرزق والحصول على لقمة العيش ضدّ المساجين السياسيين المسرّحين ؟؟ … ومتى يُوقف التمييز ضدّهم ؟ — وهل يمكن اعتبار هذا السلوك عقوبة تكميليّة تسلّط على كلّ المسرحين ؟؟خاصّة أنها كانت ولا زالت سياسة منتهجة ضدّهم !!! — وهل ينتقل السجناء السياسيون من سجنهم الضيّق إلى سجونهم المفتوحة؟؟ — وهل بقي لشعار إدماج المساجين وتأهيلهم أيّ معنى… إذا انتُهج مثل هذا الأسلوب في الممارسة اليوميّة !!! ولا بدّ من التذكير في هذا الصدد بما حدث للسجين السياسي السابق الشاذلي محفوظ بتاريخ 15 مارس 2008 حيث ضيّقوا عليه في طلب الرزق ، ولم يكتفوا بذلك بل أستدعي من طرف منطقة السيجومي لغرض استفساره عن مصادر رزقه . أمّا جلال الكلبوسي فقد ُأطرد من عمله بشركة الإطارات المطاطيّة بمنزل بورقيبة يوم 20 نوفمبر 2007 ،وذلك تحت الضغط والإكراه المسلّط على مدير الشركة ، من قبل أعوان فرقة الإرشاد . أمّا محمّد العكروت فقد هدّد بالدخول في إضراب عن الطعام لكثرة ما لاقاه من مضايقات في رزقه . وقد حُرم شاكر الجوّالي من السفر لمباشرة عقد عمل وذلك تحت ضغط البوليس السياسي . أمّا الهادي التريكي فقد أغلق محلّه لبيع الدواجن بتعلات عديدة ، ورغم دخوله في إضراب عن الطعام إلاّ أنه لم يُستجب لطلبه بإعادة فتح المحل . وقد تكبّد فاروق النجّار أصيل مدينة قليبية خسائر تّعدّ بالملايين حين حُرم من إكمال صناعة سفينة كان قد باشر إعداد كل لوازمها ولم يبقى له إلا إجراءات أخيرة لاستكمالها بميناء المدينة ، إلا أن معتمد الجهة خاطبه قائلا :لن نمكّن لمعارض من العمل بالميناء . أمّا محمّد النصري أصيل القصرين فقد ُأغلق محل الهاتف العمومي الذي هو على ملك زوجته ، وأيضا محلّه لبيع الثياب المستعملة في نفس اليوم وتحت نفس عدد محضر الغلق الصادر من بلديّة المكان وذلك أوائل سنة 2008 . وقد حُرم السيد حافظ المزهودي أصيل منزل بورقيبة السنة الماضية من الاستمرار ببيع « السندوتشات » بتعلّة عدم حصوله على رخصة في ذلك . ولنا من هذه الأمثلة ما يفوق المائة حالة تأكد فيها ممّا لا يدع مجالا للشكّ تدخّل السلطة الأمنية أو الحزبية من أجل حرمان سجين سياسي سابق أو آخر من عمله . وهناك ما يفوق 20 حالة من الذين نجحوا في الامتحان الكتابي في مناظرة الكفاءة في التعليم الثانوي ولم يقع قبولهم في امتحان الشفاهي بسبب كونهم من المساجين السابقين.وقد شنّ بعضهم ممّن ُأسقط عمدا في الشفاهي اعتصامات عديدة حتّى أن أحدهم وهو حسين بن عمر قد قيّد نفسه بسلسلة حديدية بعمود كهربائي بشارع الحبيب بورقيبة الرئيسي بالعاصمة وحوكم بالسجن من أجل ذلك .وقد التجأ جلّ هؤلاء إلى مواصلة الدراسة لنيل الماجستير أو الدكتوراه بعد أن سدّت كلّ آفاق العمل أمامهم . أمّا إذا عدنا لسنوات التسعينات فيكاد يكون الحرمان المتعمّد من العمل قد طال كلّ المساجين السياسيين السابقين بدون استثناء وقد عانى العديد منهم الفقر المدقع بسبب هذا المنع المتواصل.أمّا الآن فقد خفّت و طأ ة هذا الحرمان لانصراف جلّ المساجين السابقين إلى الأعمال والتجارة البسيطة وخاصّة بالأسواق العموميّة .   أعده : زهير مخلوف – تونس   المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 03 نوفمبر 2008   

تواصل التنكيل بالنقابيين

03 نوفمبر2008  

النوري بن سليمان       في ما لا زالت قضية نقابيي قطاعات التعليم  الذين أحيلوا على مجالس التأديب خلال الصائفة الفارطة، بموجب ملفات مفبركة و خاوية من أية تهم جدية، و صدر في حقهم عقوبات قاسية تتفاعل في الإعلام الوطني، و في ما لا يزال يقبع في السجون عشرات النقابيين الذين أحيلوا على المحاكم لمجرد تنظيمهم أو مشاركتهم في تحركات سلمية للمطالبة بحق أبناءهم في الشغل و العيش الكريم، و في الوقت الذي ترتفع فيه مزيدا من الأصوات المطالبة بتدخل المركزية النقابية لترفع التجميد عن النقابيين الذين صدرت ضدهم قرارات بذلك في بداية أحداث الحوض المنجمي و لكي تطرح بجدية مسألة الحريات النقابية و الحق في الشغل و لكي تتفاوض بندية مع السلطة بخصوص إطلاق سراح النقابيين المعتقلين و إيقاف جميع التتبعات ضد النقابيين من قضايا في المحاكم و مجالس تأديب و إلغاء العقوبات التي صدرت ضد بعضهم ، تصر بعض الجهات على سياسة الهروب إلى الأمام و تواصل التنكيل بالنقابيين. الأخ العيد بن إبراهيم بن محمد بن علي عضو نقابة السكك الحديدية بالرديف و عضو منظمة العفو الدولية بقفصة ، أحيل على المكتب الثالث للتحقيق بالمحكمة الابتدائية بقفصة على أساس نفس التهم التي أحيل بموجبها الإخوة النقابيون الذين لا زالوا بالسجون و على أساس القضية التحقيقية رقم 15537 التي تمت بالحفظ في حقه بتاريخ 13 سبتمبر 2008. و قد تحصل الأخ العيد على شهادة في الحفظ بحقه بتاريخ 04 أكتوبر 2008 ، كما تحصل على شهادة في عدم استئناف النيابة العمومية لقرار ختم البحث في نفس التاريخ. و هو ما ينهي عمليا كل التتبعات ضده و يلزم إدارته على إعادته لعمله. إلا أنّ الإدارة الجهوية لسكك الحديد تمسكت برأيها و أحالته بتاريخ 22 أكتوبر 2008 على مجلس التأديب على أساس نفس التهم و طالبت بعزله. و بقطع النظر عن أنّ هذا الإجراء يعد من غرائب الإدارة العمومية في بلادنا فإنّ ما يثير قلق المتابعين للشأن النقابي في تونس هو ما يمكن استقراءه من نية قطع أرزاق هؤلاء النقابيين بأية طريقة كانت ، سوى بحكم قضائي يمكن إداراتهم من عزلهم أو بتكفل الإدارات ذاتها بإحالتهم على مجالس التأديب و عزلهم. فمتى يتوقف التنكيل بالنقابيين في بلادنا و متى تثبت المركزية النقابية أنها جادة في الدفاع عنهم  ؟ النوري بن سليمان    


الشّباب الدّيمقراطي التقدّمي حريّة, هويّة, عدالة اجتماعيّة تونس في 01/نوفمبر/2008  بيـــان    
تمّ إيقاف كلّ من المناضل النّقابي أنيس بن فرج و زهيّر الذّويدي يوم الجمعة 31 أكتوبر الفارط على خلفيّة مشاركتهما في التجمّع العام الّذي دعى له المكتب الفيدرالي « فاطمة البحري » للاتّحاد العام لطلبة تونس (المؤتمر الموحّد), بكليّة الآداب بمنّوبة يوم 30 أكتوبر الجاري, و الّذي جاء احتجاجا على سلط الإشراف لمنعها و تسويفها عقد مؤتمر المنظّمة الطلاّبيّة, و مساندتا لأهالي الحوض المنجمي في مطالبهم المشروعة. و إن الشّباب الدّيمقراطي التقدّمي يعبّر عمّــا يلي : 1/- يدين هذا الاعتقال الّذي ينمّ عن ثقافة معادية لحق التنظّم و النّشاط النّقابي. 2/- يدين حملة الاعتقالات للمواطنين و السيّاسيّين و النّقابيّين بصفة عامّة و مناضلي الاتّحاد العام لطلبة تونس بصفة خاصة. 3/- يطالب بإطلاق سراح كلّ من الشّــابين و كل المعتقلين خارج إطار القانون. 4/- تمسّكه بحق و مشروعيّة النشاط النّقابي داخل الجامعة. 5/- تمسّكه بحق المنظّمة في عقد مؤتمرها الموحّد.   عن مكتب الشّباب الدّيمقراطي التقدّمي بتونس منسّق المكتب : وسام الصغيّر
 


نعم: يستفيد الديمقراطي التقدمي من مراجعة موقفه من الانتخابات

   

هذه إجابة ضمن إجابات أخرى على التساؤل الذي تضمنه عنوان المقال الذي صدر بالعدد 470 من جريدة الموقف بقلم الأستاذ أحمد نجيب الشابي و الذي يندرج ضمن الجدل القائم صلب الحزب الديمراطي التقدمي حول أقوم المسالك لبلورة موقفه من الاستحقاق الرئاسي و التشريعي القادم و بناء تقدير يحدد المسلك السياسي الذي يفترض أن ينتهجه الحزب خلال الفترة التي تفصلنا عن موعد أكتوبر 2009.يقوم المنطق الداخلي للموقف الذي يدافع عنه مقال الأستاذ الشابي على الفرضيات التالية: ـ أن التعديل الدستوري الذي أقره الحكم و الذي بموجبه أقصي الأستاذ أحمد نجيب الشابي مرشح الحزب الديمقراطي التقدمي من المنافسة على رئاسيات 2009 ماهو إلا مناورة من طرف الحكم تستهدف أساسا تفكيك التعبئة التي أحدثها الخوض الاستباقي لمعركة الرئاسية من قبل الحزب، و توفقه تبعا لذلك في تحقيق اختراق في اتجاه الرأي العام الواسع من خلال الاجتماعات التي عقدها في الداخل و الخارج ما جعل المترشح يحظى بقبول دولي رسمي و شعبي بصفته تلك رغم تواضع الامكانيات التي تصرف فيها الحزب. ـ أن تعديل المسار الانتخابي للحزب الديمقراطي التقدمي باتجاه ترشيح الأمينة العامة يعني بالضرورة « دخول بيت الطاعة » و الاندراج ضمن مشهد الديكور و فقدان القرار المستقل في وجه إرادة الاحتواء و التدجين، يؤكد ذلك حسب المقال دائما دعوة الحكم للتنظيمات التي يرأسها الحبيب عاشور و أحمد المستيري و أحمد بن صالح و منصف المرزوقي و بشير الصيد و راشد الغنوشي للتخلي عن قادتها وهي مقدمة حسب صاحب المقال يجب تجنبها للحيلولة دون الاندراج ضمن مسار التطبيع مع إرادة الاستبداد و فقدان زمام المبادرة… ـ أن الظروف السياسية الراهنة لا تختلف عن ظروف سنة 2004 التي تم فيها الاختبار الميداني لأطروحة « الثقب القانوني » من قبل المبادرة الديمقراطية و أن هذه التجربة أخفقت في إحداث تعبئة سياسية ذات بال و تبعا لذلك فإن ترشيح الأمينة العامة لانتخابات 2009 سيلقى نفس المصير الذي لقيته المبادرة الديمقراطية. هذه باختصار الفرضيات الثلاث التي ينهض عليها موقف الأستاذ أحمد نجيب الشابي و لقد اعتبرناها فرضيات بما يعني أنه يصح عليها ما يصح على غيرها قبولا و رفضا و تعديلا بعد الفحص والتمحيص و تسليط الضوء من زاوية الاحتكام لنشدان التقدير السياسي الأكثر جدارة بالدفاع عن مصالح الشعب السياسية و الاجتماعية و جدير بالتنويه أن إثراء الحوار و الاجتهاد و التباين في بناء التقدير السياسي المنشود لا يبرر البتة وسم الرأي المخالف بقابلية « الاستدراج لبيت الطاعة » و الاستعداد « للاندراج في مشهد الديكور الديمقراطي ». تعديل شروط الترشح للرئاسة:تباين قراءة دلالات المقدمات و النتائج لا يشكك عاقلان في الربط بين خروج الحكم عن صمته و إعلانه منذ مارس 2008 عن نية تعديل شروط الترشح للرئاسة أي قبل أقل بقليل من سنتين عن موعد الانتخابات الرئاسية و بين الحملة التي أطلقها الحزب الديمقراطي التقدمي من خلال إعلانه عن ترشيح أمينه العام السابق و مفوضه للعلاقات الدولية الأستاذ الشابي و ذلك رغم مختلف العراقيل التي رفعها الحكم في وجه الحزب تارة بفتح معركة المقرات و في مقدمتها محاولة إخراج الحزب من مقره المركزي و شن قيادته إضرابا شهيرا مني فيه الحكم بهزيمة نكراء و طورا بالانقضاض على جريدة الموقف و عدم إخفاء إرادة شطبها من الخارطة الاعلامية و السياسية للبلاد فضلا عن محاولته اليائسة تعطيل تمدده الشبابي،يذكر في هذا السياق أن الحزب كان قد شرع في بلورة موقفه من الانتخابات منذ جويلية 2007 حيث عرضت لجنة التفكير التي كلفها المكتب السياسي بصياغة تصور للمسألة ،إن المعركة الاستباقية التي خاضها الحزب في مجال افتكاك حقه في التقدم للرئاسية قد كرسته رقما مهما في المعادلة السياسية الوطنية و ما عاد بامكان الحكم تجاهل الديمقراطي التقدمي فاضطر للاعتراف بحقه المشروع في التقدم للرئاسية بما يجعل الخطوة الحكومية تنازلا سياسيا فرضته كفاحية مناضلي الحزب و تبصر قيادته و عمق المساندة الهامة التي شملته من الحركة الديمقراطية و المجتمع المدني التونسي و مناضلي المهجر و أصدقاء الشعب التونسي المدافعين عن الحريات و الديمقراطية و للتذكير فإن الأهداف التي حددها الحزب لنفسه من المشاركة ـ بالنظر لفقدان استحقاق 2009 لأي رهان انتخابي ـ بناء القوة السياسية من أجل رفع الاستثناء عن الحركة الديمقراطية عموما و الديمقراطي التقدمي خاصة للوصول لكسر احتكار الحكم للشأن الانتخابي و إبطال مزاعم التمثيل الحصري و القسري للإرادة الشعبية. لقد توفق الحزب في فرض الأجندة الوطنية ـ التي تشكل مسألة الرئاسية محور القلب فيها باعتبار أهميتها الدستورية و القانونية و السياسية ـ على كامل الحياة السياسية الوطنية سواء تعلق الأمر بالحكم أو المعارضة بأن جعل من شروط الترشح للرئاسة قضية للصراع السياسي و على رؤوس الأشهاد ما جعل بعض أحزاب الديكور تعلن عن ترشيح قادتها قبل ما يزيد عن العام من الموعد الانتخابي و إن إقصاء الأستاذ الشابي من المنافسة يجب أن لا يحجب القيمة السياسية للانتصار السياسي و المعنوي الذي أحرزه الحزب سواء ما تعلق بالاختراق الاعلامي و السياسي الذي حققه كمدخل لبناء القوة السياسية صلب الرأي العام الوطني و الدولي أو ما تعلق بافتكاك حقه في الترشح للرئاسة و تقويض بدعة « الحزب البرلماني » .لقد اندرج نيل الحزب لحقه في الترشح للرئاسة ضمن رصيده و رصيد الحركة الديمقراطية و إن أي تجاهل لذلك يعتبر تبديدا لذلك الرصيد يسائله بخصوصه آلاف التونسيين حاضرا و مستقبلا. و فيما تبدو إرادة الاستمرار في ترشيح الأستاذ الشابي أقرب للاستجابة للنزعة الطهورية و النقاوة منها للواقعية المناضلة التي تؤكدها الطبيعة الاصلاحية للحزب و تمشيه الرصين في مراكمة المكاسب و تعظيمها و التي يجسمها ترشيح الأمينة العامة للرئاسية من أجل خوض معركة المناخ السياسي الجامد و الإطار القانوني المعطل يبدو الحزب الديمقراطي التقدمي الأقرب ضمن هذا التقدير على فرض الاستقطاب السياسي كآلية من آليات دفع مسار محاصرة الاستبداد و تحكيم الرأي العام الوطني و الدولي في تعطيله لقطار الانتقال للديمقراطية و ذلك على قاعدة برنامج سياسي شعاره إحياء الأمل في الاصلاح و التغييرو قوامه الحكم الراشد بما ينطوي عليه من إصلاحات دستورية و تشريعية و سياسية و برنامج اقتصادي ـ اجتماعي ينقذ تونس من التداعيات الاقتصادية و الاجتماعية المتوقعة للأزمة المالية العالمية و يشدّد على تصديه للفساد و انتهاك حقوق الانسان. تعديل المسار الانتخابي للحزب: في معايير الترشح المستقل ينجم عن الربط الآلي بين الاقصاء المرفوض و المستنكر للأستاذ الشابي من المنافسة على رئاسيات 2009 باعتباره شخصية وطنية بارزة و أهم زعماء العمل الديمقراطي و الوطني التونسي خلال العقود الثلاثة الماضية أولا و بالنظر لكونه مرشح الحزب الديمقراطي التقدمي ثانيا و بين اعتبار ترشيح الأمينة العامة للحزب لهذا الاستحقاق » تموقعا في الديكور السياسي و فقدانا لزمام المبادرة و استقلالية القرار واندراجا في مسار التطبيع مع إرادة الاستبداد و خضوعا لارادة التدجين و الاحتواء واستدراجا لبيت الطاعة « (كل هذه المحاذير الوهمية وردت في المقال) ينجم عن ذلك حجب و استبعاد لا مبررمنهجي له للمعايير و المؤشرات السياسية و البرنامجية للترشح المستقل، فضلا عن كونه خطابا سجاليا/تعبويا غير ذي أفق سياسي. و مع اقرارنا بالقيمة السياسية و المعنوية للزعيم في سياق فهمنا الوظيفي التاريخي ـ الاجتماعي للزعامة على معنى قيادة مسار التغيير و النأي به عن العفوية قصد تحقيق أغراضه المندرجة ضمن حركة تاريخ البلد المعني في ضوء اعتبارنا للسياسة على أنها ربط جدلي بين الاستراتيجيا و التكتيك و تطور علاقات القوة مع اقرارنا بكل ذلك فإننا لا نقف على وجود علاقة سببية و منطقية بين ما يدعى الحزب لتجنبه و التحذير من عواقبه الوخيمة(ترشيح الأمينة العامة لرئاسيات 2009) مع توظيف التاريخ القريب في التأكيد على حتمية بؤس المصير السياسي فيما لو قرر الحزب تعديل مساره الانتخابي و بين النفس الاستقلالي القوي الذي يميز الديمقراطي التقدمي و كفاحيته و تماسك توجهه من خلال استناده إلى مقررات مؤتمره و خطته النضالية و تمسكه برفع راية الاصلاح السياسي في مستوى صياغة برنامجه الانتخابي و سبل تعاطيه مع خوانق المناخ السياسي و الاطار القانوني للعملية الانتخابية.إن حصر الترشح المستقل بالاستمرار في ترشيح الأستاذ الشابي و نفيه على غيره من داخل الحزب الديمقراطي التقدمي رغم ما يحظى به الأستاذ من قيمة محفوظة داخل الحزب و خارجه طرح لا يستسيغه المنطق السليم وذلك لتشكل الترشح المستقل و تلقيه و تزكيته و دعمه في مختلف الأوساط  من عدة عوامل و محاوريلعب فيها المترشح و شخصه الكريم دورا و لكنه لا يحل محل بقية العوامل متفاعلة و التي تتضمن البرنامج السياسي الكفاحي و الصيغة القانونية لجهة قبوله من طرف أوسع دوائر الرأي العام الوطني و الدولي و درجة الحرج السياسي الذي يمكن أن يحدثه للحكم و الامكانيات التي يتيحها لفرملة نزعة الاندفاع نحو المنع كما أن تعديل المسار الانتخابي للحزب و ترشيح الأمينة العامة لرئاسيات 2009 لا يمكن أن يكون تكرارا للأمثلة التي ساقها المقال بالضرورة و ذلك لتغاير الظرفية السياسية فلا الوضع السياسي للحكم و تماسكه الداخلي متشابه مع الأمثلة التي ذكرها المقال و لا حالة التحفز و بوادر حالة النهوض الجماهيري على أرضية الاحتقان الاجتماعي متوفرة بنفس القدر في اللحظات التي يعتبرها المقال مرجع نظر سياسي لاستخلاص حتمية الاندراج ضمن كماشة الاحتواء و التدجين ولا التموضع السياسي الذي اختطه الديمقراطي التقدمي لنفسه عايشته الحالات المذكورة حيث تكمن القيمة السياسية المضافة في مسيرة الديمقراطي التقدمي في كونه توفق و إلى حد بعيد في الجمع بين المصداقية العالية و العلنية المتسعة، فهل طرحت التشكيلات السياسية و المدنية التي ذكرها المقال علنا ضرورة إصلاح بنية النظام السياسي في المستوى الدستوري و القانوني و إجراء تعديل عميق على الاختيارات الاقتصادية و الاجتماعية و التربوية التي تسير وفقها البلاد وأدرجت تلك القضايا ضمن مسلكياتها السياسية و النضالية و عملت على تعبئة الرأي العام الوطني و الدولي لحمل الحكم على الاستجابة لمطالب المجتمع؟ إن التعبئة ـ التي يخشى صاحب المقال من تفكيكها بترشيح الأمينة العامة ـ التي أحدثها الديمقراطي التقدمي و الأوساط الديمقراطية التي ناصرته و اقتنعت بسلامة تمشيه و القبول الذي لقيه في الداخل و الخارج نتيجة للحملة التي قام بها الحزب عند ترشيحه للأستاذ الشابي إنما هي أرضية للاستمرار و البناء عليها و تطويرها من خلال طرح برنامج انتخابي واضح المعالم و خطة سياسية تؤمن خوض معركة الشروط السياسية و القانونية للانتخابات الحرة و النزيهة بمرشح قانوني تعمق قانونيته لفت انتباه النخب و الرأي العام الوطني و الدولي لحالة « الاستثناء التونسي » و تشكل تبعا لذلك مراكمة نوعية في مسار طويل و متعرج من النضال من أجل الانتقال من حالة الرعية إلى حالة المواطنة. نظرية « الثقب القانوني » و ظرفية الاستحقاق: قياس الشاهد على الغائب ينتهي مقال الأستاذ الشابي في سياق استشرافه لما تتيحه الظرفية السياسية الراهنة من امكانيات لاحداث حالة تعبئة يشارك فيها المواطن أو النخب الواسعة في علاقة بنظرية « الثقب القانوني » ـ أي ترشح الأستاذ محمد علي الحلواني في إطار المبادرة الديمقراطية أكتوبر 2004 ـ (نشاطرالأستاذ في عدم إدراج تجربة المبادرة الديمقراطية في سياق النقاش الراهن قراءة و تقييما و نؤكد بدورنا على احترامها شخوصا و نوايا) ينتهي إلى عدم توفقها في احداث تعبئة سياسية ذات معنى فقط من أجل الانتهاء لنفي امكانية أي عائد سياسي لترشيح الأمينة العامة، و تجريده من أي جدوى طالما أنه يتم على خلفية التعديل الدستوري الأخير. و بما أن المبادرة الديمقراطية قد انتهت إلى فشل ذريع حيث لم تحدث تعبئة سياسية ذات معنى في ظروف سياسية مشابهة(2004) للظروف الحالية(2009) حسب المقال و بالاستناد لنفس الإطار المرجعي القانوني فإن ترشيح الأمينة العامة للديمقراطي التقدمي سوف يلقى نفس المصير بما يلخصه مبدأ قياس الشاهد / الحاضر على الغائب / الماضي.إن الوفاء للحقيقة التاريخية يقتضي التأكيد على التغاير في الظرفية السياسية بين سياق 2004 و لاحقه 2009 حيث تشكلت هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات على اثر اضراب الجوع في أكتوبر2005 و تنامى تأثير تيار الاستقلالية النقابية و بدء تأكد التغير في ميزان القوى داخل المنظمة النقابية و الصمود البطولي للحركة الحقوقية بكافة مكوناتها و روافدها وتنامي نضالات حركة المعطلين من أصحاب الشهادات و اندلاع انتفاضة الحوض المنجمي و بروز المسألة الاجتماعية بكافة قضاياها الفرعية أخيرا توفق الديمقراطي التقدمي و مناصريه فيما خاضوه من معارك لفرض حقه في التقدم للرئاسيات و تحويل شروط الترشح لأهم منصب في الدولة لقضية سياسية للحوار و النقاش و التعليق اليومي و الحال أنها كانت فيما مضى من المحذورات فضلا عن تعدد عناوين صحف المعارضة و تنامي توظيفها و استخدامها للثورة الاتصالية و احرازها تقدما هاما في مستوى حضورها في الخارج و لعل أكبر دليل على ذلك ما أكده المقال في معرض تعداده لمظاهر نجاح الحملة التي قام بها الديمقراطي التقدمي في المعركة الاستباقية لرئاسيات 2009، كما أن الساحة الاقليمية و الدولية مقبلة على مسارات مغايرة للسائدة سواء تعلق الأمر بتنامي نزعة عدم القبول بالنمط الراهن لتوزيع القوة و النفوذ على النطاق الدولي أو التداعيات الاقتصادية و الاستراتيجية للأزمة المالية العالمية.فبأي معنى يمكن القول بنجاح الديمقراطي التقدمي فيما فشلت فيه المبادرة ضمن ظرفية متشابهة مثلما يذهب المقال لذلك ثم الانتهاء للفشل المطلق فيما لو رشح الحزب أمينته العامة؟لقد شرعت المبادرة في العمل ستة أشهر قبل الموعد الانتخابي 2004 و كانت محكومة إلى حد كبير بالتوازن السياسي الذي يفرضه وضع حركة التجديد و تموضعها السياسي آنئذ فضلا عن كونها حزبا برلمانيا بينما جاء ترشح الديمقراطي التقدمي للرئاسية بعوامل و في ظرفية مغايرة تماما. لكل الاعتبارات المذكورة ندعو أعضاء اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي لتزكية خيار ترشيح الأمينة العامة للحزب من أجل إحياء الأمل في التغيير و الاصلاح و على قاعدة برنامج انتخابي مستوحى من مقررات مؤتمر الحزب و خطه السياسي. محمد الهادي حمدة


خطاب قصير إلى السيد وزير الثقافة

   

سيدي الوزير تحية وبعد: فقد تناوبت الاستعمالات غير الثقافية لضريح و مرقد الأديب التونسي مصطفى خريف بنفطة المدينة حيث شغل المبنى نادي الأطفال (الوسط الطبيعي) يلي ذلك مقر شعبة تابعة للتجمع الدستوري الحاكم و أخيرا زرنا المبنى فوجدناه قد خصص للاتحاد الوطني للمرأة ليستغله كمركز للصناعات التقليدية.ما حيّرنا و حيّر العديد من مثقفي الجهة ممّن تحادثنا معهم هو هذا الاصرار الغريب على اشغال ضريح الأديب و توظيفها في كل شيء ما عدا الأنشطة الثقافية وهو وجه من وجوه تكريم الأديب الراحل.فهل عجزت وزارة الثقافة و امتدتدها الجهوي على تحويله لمركز ثقافي يأوي جمعية المسرح و جمعية أحباء المكتبة و الكتاب التي تفتقد للمقر و فضاء النشاط؟ سيدي الوزير تتطلع الأوساط الثقافية بالجهة لتكريم واحد من أدباء تونس و ذلك من خلال الاذن باستكمال صيانة المبنى و تهيئته لاستقبال أنشطة الجمعيات الثقافية المذكورة .تقبلوا سيدي الوزير فائق عبارات الاحترام و التقدير. محمد الهادي حمدة ـ نفطة  


 

 هل يهدأ المناخ الاجتماعي بنزل نفطة بلاص؟  

 
كانت الموقف قد نشرت في العدد 468 جانبا من جوانب الحالة المزرية التي يعيشها عمال نزل نفطة بلاص فلقي ذلك صدى طيبا لدى النقابيين و العمال لكن في المقابل لم ترحب إدارة المؤسسة بذلك و هددت بالتعقب القضائي للجريدة فوقفنا ميدانيا عن مبررات عداء البعض لحرية الصحافة و جرأتها في كشف حجم الخروقات للقوانين و الاتفاقيات و من ثمة مراكمة الأرباح الطائلة من التخفيض المبالغ فيه لعدد العمال و عدم دفع الأجور وفق الاتفاقية القطاعية و التهرب من دفع مستحقات الضمان الاجتماعي و الراحة الاسبوعية و السنوية للعمال .ونحن بدورنا نجدد التأكيد مرة أخرى أنه لن تثنينا عن الدفاع على الحقوق و الحريات في كافة أبعادها لومة لائم و لن تخيفنا التهديدات التي يطلقها البعض و ذلك لأننا ندافع عن الحق و نحن نعتز بإسناد دفاع النقابيين عن حقوق العمال و مكاسبهم التي ضمنتها لهم قوانين البلاد. جديد الأوضاع بهذه المؤسسة الاقبال الجماعي من قبل العمال على الانخراط في صفوف الاتحاد العام التونسي للشغل و التجند لخوض النضال من أجل الدفاع عن الحقوق المضمونة بالقانون حيث باءت محاولات الإدارة طرد بعض العمال و صدهم عن العمل يوم 20 أكتوبر الماضي بالفشل الذريع و ذلك باستماتة مسؤولي اللجنة النقابية المحلية و الاتحاد الجهوي للشغل في الدفاع عن الحق في الشغل ، الغريب في الأمر أن صاحب المؤسسة دعا عدل منفذ لمواكبة و توثيق طرد بعض العمال كما دعا الأمن السياسي و السياحي. و لسنا ندري لماذا يصر بعض الأعراف رغم الامتيازات التي تمتعهم بها التشريعات الشغلية في مجال الضمان الاجتماعي و الجباية و المعاملة اللينة من الحكومة و البنوك على استسهال اللجوء للطرد و وضع مستقبل العامل و عائلته في مهب الريح بما يطرح ضرورة مراجعة المنظومة القانونية الشغلية لمزيد دعم الضمانات القانونية و الاجتماعية و المالية لصالح العمال.يذكر في هذا السياق أن جلسة صلحية انعقدت بتفقدية الشغل بتوزر يوم السبت 25 أكتوبر 2008 حضرها ممثلو الاتحاد و ممثلو العرف و مندوبة السياحة تحت إشراف المتفقد الجهوي للشغل أسفرت عن توقيع محضر اتفاق يشكل قاعدة انطلاق لتهدئة المناخ الاجتماعي شريطة احترامه من طرف صاحب المؤسسة.   محمد الهادي حمدة  


فوزي بن عبدالله نيابة عن العائلة شقيقه عبد القادر الطبابي

   

الرفاق في جامعة صفاقس للحزب الديمقراطي التقدمي بكامل السرور و الامتنان أبلغكم شكر و تقدير عائلتنا للفتة المشرفة التي قمتم بها بتبني شقيقنا فوزي المحكوم بسنتين سجنا بالسجن المدني بقفصة على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية التي عرفتها مدينة الرديف منذ مطلع العام الحالي.نود من خلالكم إبلاغ شكرنا و امتناننا لكل مناضلي حزبكم و كل من ساند و دعم حقوق المحكومين و الموقوفين و الملاحقين و أهاليهم في الحياة بحرية مع التمتع بالحق في الشغل و الحياة الكريمة.نرجو أن تكلل كل هذه الجهود بخروجهم للحرية في أقرب الآجال.دمتم خير سند للمظلومين و المضطهدين و إلى اللقاء .   رفيقكم عبد القادر الطبابي شقيق فوزي بن عبد الله نيابة عن العائلة نفطة في 03 نوفمبر 2008  

السابع من نوفمبر: عرس الذئاب

 
 
عبارة أو مصطلح ( عرس الذيب ) النابع من تراثنا و ذاكرتنا الشعبية يقصد بها التعبير حصرا على تلك الحالة المناخية النادرة لترافق نزول المطر مع استمرار سطوع الشمس و على سبيل المجاز اللإستهزاء من محاولة الإيهام بتبدل الأحوال فجأة من النقيض إلى النقيض دون بوادر أو مقدمات. و إذا كانت الحرارة رمزا للقحط و الجفاف و المطر رمزا للخصوبة و النماء يصبح عرس الذيب هو التحدي القائم على الإستغفال و المؤدي للعقم و الخصاء. ولكن عرس الذئاب الذي نعرفه نحن والذي لم يعرف أجدادنا و لا آبائنا له نضير حتى في عهد الإستعمار أصبح يتجلى في الإحتفالات التي تقام كل سنة في مثل هذه الأيام من بداية نوفمبر و التي لا تستثنى منها مدينة أو قرية أو مكان لا يزدان بالصور و الأعلام و تنتشر فيها الأبواق تعدد الإنجازات و تبشر بما هو آت بينما لا يتعدى الحال نفس الحال إلا بسوء المآل لأغلب من يحاولون خداعهم كما يخدع الأطفال. و ما يحصل كل سنة في مثل هذه الأيام بما يكتنفه من تعاويذ أو شعارات التقديس و طقوص في إختيار الألوان و التركيز على بعض الأرقام بما يشبه الممارسات السحرية للديانات البدائية يجعلنا في حيرة بين الإزدراء و الرثاء أمام هذا المضهر المحبط للتخلف و الغباء. و لكن الشعور العام الذي نلمسه تقريبا في كل مكان، سواء في الحياة العادية من حوارات و أحاديث أو في كثير من النصوص التي تنشر هنا وهناك، السياسية منها و حتى الأدبية أو المسرحية. هو شعور أصبح يعكس صورة للسلطة أقرب للعدو الضالم المتجبر و الماكر المتحيل منها إلى المؤسسة الوطنية الدستورية. و هذا الشعور الذي تفشي في مجتمعنا و المؤشر على العلاقة الحقيقية بين المخادع و المخدوع يحيلنا إلى أوضاع عهد الإستعمار و رسالته الحضارية في عديد المفاهيم و الممارسات و القيم و يذكرنا بالإنشطار القائم في ذلك العهد داخل مجتمعنا بين من لهم كل شيء و المحرومين من كل شيء، من لهم كل الحقوق و من عليهم كل الواجبات، بين من يمنحون كل الإمتيازات و بين المقصيين المحرومين من أبسط الضروريات. و يعيد إلى ذاكرتنا تلك القيم الأخلاقية القائمة على التملق و الإنتهازية و المتاجرة بالقضايا الوطنية لمجرد الحصول على سقط الفتات و بين من يناضلون من أجل أوضاع أكثر عدالة و كرامة و الذين جعل الإستعمار كما يفعل النضام اليوم من مجرد قرابتهم أو الإتصال بهم جريمة تحيل أصحابها إلى خانة الأعداء وتحل إضطهادهم و تدمير مستقبل عائلاتهم و ذويهم. هذه المذكرة أردتها دفعا لحرية التعبير التي نناضل اليوم من أجلها و تذكيرا لمن يحتفلون هاته الإيام بذكرى 7 نوفمبر 1987 حتى لا تأخذهم النشوة فيعتقدون أن هذه الأوضاع التي مالت إليهم و فاضت عليهم إلى درجة جعلتهم يرقصون هي أوضاع طبيعية أو أبدية لعلهم يتذكرون أين هم المقيم و المعمر و القايد و الشيخ و الهيدوق و غيرهم لأنهم كادو أن يتحولوا إلى نفس الرموز عدى تغير مسمياتهم. لعلهم يدركون انه لا مستقبل لنظام قائم على التمييز و استغلال النفوذ و المحاباة و ما يلازم ذلك من الضلم والقهر و إحتقار الضعفاء و المغلوبين مهما طال الزمان و مهما سكن المجتمع و استكان. إنهم يحتفلون بانتصارهم على شعبهم و بسحقهم لكل مؤسسات بلادهم وسطوة جهاز أمنهم. و إذا كان الأمن سيحل كل مشاكلهم كما يلوح من تصرفاتهم فهذا يعني أن الأمن هو حقيقة مشكلتهم. و لا شك انهم من منطق ديموقراطيتهم و بميزان عدالتهم و بقيم حضارة عهدهم تعمى بصيرتهم عن إدراك حقيقة إنجازاتهم لأنهم بعد أن إنتهوا من النقابات و المنظمات الإهلية و هم يثابرون اليوم للقضاء على ما بقي من بعض الجمعيات و لتدمير آخر الحزيبات – و أطمئنهم بالمناسبة بأنهم سيبلغون هدفهم بأسرع مما يتصورون- سيجدون أنفسهم أمام مجتمع لا يعترف بالبيانات و لا يطالب بالإصلاحات و لا يسعى لأن يمن عليه بالحريات… لذلك يمكن القول أننا نسير بجدية و بخطى حثيثة نحو « السنة الصفر » رغم كل النجاحات و المراتب التي تحققها بلادنا في مختلف التصنيفات و رغم كل المشاريع و المخططات ووعود آلاف مليارات الدولارات من الإستثمارات. فهل تعتقدون أننا لو سلمنا بلادنا لفرنسا منذ نصف قرن كان حالها سيكون اليوم أسوأ من حال أحد مقاطعاتها. أستطيع التأكيد بأن كل المشاكل التي نشتكي منها اليوم ما كانت لتكون و لكان مجتمعنا يعيش في نفس مستوى العيش السائد في أوروبا و لكانت كل الأجيال المهدورة من شباببنا تمتعت بفرص الحياة التي حرمت منها اليوم. و لكننا كنا سنفقد شيئا وحيدا وطننا الذي بعناه لإشباع بطوننا. فهل يعتقد هؤلاء الإغبياء المحنطون المنشغلون بتجديد العهدة لرئيسهم و البحث عن وريث لنظامهم أنه سيقع التنازل لهم على الوطن كالجمل بما حمل ببلاش و دون أي مقابل بكل هدوء وسكون؟ إسألوا فرنسا فهي تعرف ما تجهلون و اسئلو غيرها ممن مارسوا الإستعمار و حكم المتجبرين.. و لككنا لم نفرط في الوطن للأجنبي و لا فوضنا أحد للتفرد بالتصرف فيه مثل ما يفعلون. و لكنكم، مع ذلك، لم تتركو لنا فرصة الهناء بالحياة فيه.. إنكم تتصرفون فيه كمغتصبيه و تعاملوننا كالأعداء و تتحدثون عنا كالغرباء. فوالله لقد بلغ السيل الزبا و تلبدت الأنواء و ما قولي هذا سوى صدى صوت مكتوم بما يجيش في وجدان و ضمير الملايين… (المصدر: مدونى القاضي المختار اليحياوي – الإثنين 03 نوفمبر 2008)  

السبيل أونلاين بسم الله الرحمان الرحيم دعوة إلى السمو في قضايا العودة والسياسة – الحلقة الثانية محمد شمام يعطي المثال من نفسه في كيفية التعامل مع المخالفين

   

لقد رأينا في الحلقة السابقة محمد شمام عبدا فقيرا إلى ربه منيبا إليه، معلنا بقوة وثقة عن اعتصامه بعاصمة الإسلام (القرآن)، العاصمة الطبيعية لأهل الإسلام في كل أمرهم وشأنهم، داعيا إليها كل التونسيين، وعازما أن يقدّم قضايا العودة والسياسة من موقع ذلك الاعتصام وتلك العاصمة.   بعد أن رأينا ذلك، قرأتُ عَرَضا في موقع الحوار نت، تعليقات تخصّني، طاعنة طعنا واضحا في مرتكزات هذا العمل، فلم يعد مناسبا المرور للأمام قبل الوقوف عليها (التعليقات)، مجتهدا أن يكون بما يدعمه (العمل) إن شاء الله، ومجتهدا أن أعطي المثال من نفسي في كيفية التعامل مع المخالفين.   هذا هو هدف وموضوع الحلقة الثانية من هذه السلسلة الجديدة، التي لم تكن على ميعاد، والتي أزاحت موضوع العودة إلى الحلقة الموالية بإذن الله تعالى، والتي سنتناولها في الفقرات التالية:   هكذا كان استقبالي الأولي للتعليقات هذا ابتلاء لي فهل أسمو فيه إلى قيم الإسلام؟ لا علاقة لكتاباتي بما تحدثت عليه التعليقات صدمات عنيفة مع سقوط الأوهام هل أمامنا أفضل من التوبة والتصحيح والتجديد؟ هل هناك أفضل من الاختباء والاعتصام بالله سبحانه الفائدة الأولى أن أعرف أني ظلوم جهول الفائدة الثانية ينبغي أن أنتبه إلى نفسي الحذر كل الحذر من خسران الآخرة وإبطال الأعمال ونقضها   1 – هكذا كان استقبالي الأولي للتعليقات   الإخوة الكرام (عبد الوهاب الونيسي والتونسي وسالم السويلمي وسالم الدريدي) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: لقد قرأت تعليقاتكم في موقع الحوار نت، على الحلقة الحادية عشر من سلسلة (المنهج القرآني في النقد والتقويم وفي التوبة والتصحيح)، المعنونة (لماذا تخافون أيها السياسيون من التقويم على الملأ وقد أدّب ربُّنا نبيَّنا به؟) . ولم تكن هذه التعليقات تعليقا على الحلقة في ذاتها، ولكن تعليقات على محمد شمام كأدوار وأعمال بين الماضي والحاضر. ولقد فكرت أن أتفاعل معها مباشرة إلاّ أنه تطور هذا التفكير إلى هذه الحلقة كما ترون.   ولا أخفيكم أنها فاجأتني في مضمونها وروحها، وأقدر أنها لم تكن لتفاجأني لو حصلت في الحلقات الأولى، ولكن أن تحصل الآن بعد كل تلك الحلقات والأجزاء التي أقدر أنه حصل بها أقدار من الوضوح، فهذا هو العجب. لا عجب في التعليق ولكن العجب أن يكون بالمضمون والروح اللذيْن وردا فيها.   هكذا كان استقبالي الأولي لملاحظاتكم. ولن أزنها بالميزان القرآني، كما قدمتْه حلقات « المنهج القرآني في النقد والتقويم… » لأنها تطعن في مرتكزاته بل في كاتبها نفسه. ورغم ذلك فأنا أعتبرها هي من قبيل النصيحة التي قال فيها نبينا صلى الله عليه وسلم « الدين النصيحة »، والتي قال فيها عمر رضي الله عنه: « أحبّكم إليّ من أهدى إلي عيوبي ».   أنا أقبل إذن نصائحكم هذه لأنها دين ولأنها هدية، والسؤال المطروح عليّ هو كيف أستفيد منها؟   2 – هذا ابتلاء لي فهل أسمو فيه إلى قيم الإسلام؟   كان واضحا في التعليق الأول أن صاحبه قد بذل فيه جهدا في ضبط نفسه، إلاّ أنه فتح ثغرة للمكنونات في صدره وصدور الإخوة المعلقين. وبالنظر للظروف، فإنّ هذه المكنونات بقيت مكنونا مضغوطا عليه طوال السنين السابقة، فلما جاءت كتاباتي استفزته استفزازا متكررا، حتى فاض الكأس « كثّرلها » بتعبير أحدهم، فشقت لها ثغرة أطلّت علينا منها (التعليق الأول). ولأنّ الضغط كان قويا فما أن وجد المكنون تلك الثغرة، حتى انفجر منها خارجا (بقية التعليقات).   وعلى خطورة مضمون هذا المكنون، فأنا مسرور لإخواني أنْ واتتهُم هذه الفرصة لإخراجه والصدع به، وأن قدروا على توصيله إليّ وإلى الرأي العام.   لا شك أنه هو ابتلاء وامتحان لي، فكيف أنجح فيه؟ ولا شك أيضا أنه هو خير لي إذا وفقني الله إلى حسن التعامل معه، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم « عجبا لأمر المؤمن. إنّ أمره كله خير. وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن. إن أصابته سراء شكر. فكان خيرا له. وإن أصابته ضراء صبر. فكان خيرا له » (مسلم). فكيف أهتدي إلى هذا الخير؟ أي كيف أتعامل بسمو الإسلام في جملة إشكالاتنا وقضايانا؟ لأكون بهذه الحلقة مطبقا على نفسي ما تدعو إليه هذه السلسلة من سمو.   وأول ما أبادر به في هذا الشأن هو عدم السقوط في الدفاع عن النفس، وهذا والحمد لله هو من طبعي وخلقي. وثاني ما أبادر به هو تقبلي لما يحملني إخواني والتونسيون من مسؤولية عن المحنة وأحداثها وتبعاتها – كما صرحت بذلك في أكثر من مرة في كتاباتي – ولا أحبّ أن أسقط في الدفاع عن النفس من هذه الزاوية أيضا، وثالث ما أبادر إليه استقصاء ما يفيدني من هذه التعليقات، فما كان فيها من صواب فذاك لي أستفيد منه، وما كان فيها من خطإ، فلن يضيرني في شيء، وأدعو لإخواني. وبأداء المرء ما عليه من واجبات طلبا لمرضاة ربه تتجلى الحقائق ويتهاوى ما سواها.   3 – لا علاقة لكتاباتي بما تحدثت عليه التعليقات   وقبل الجواب على السؤال المطروح أعلاه، أسوق تعليقا مختصرا في الحوار نت لأخينا « متابع » على تعليق أخينا « عاشق الوطن » – الذي أبدى تعجبه من مقالي « هل تخرّجت حركة النهضة بالشدائد في النموذج الرسالي أم أُخرِجت منه؟ » – حيث يقول: « أنا متابع جيد لكتابات أخينا محمد شمام. وإحقاقا للحق ليس فيها يا « عاشق الوطن » ما لاحظت عليها، بل لا علاقة لها بالشهداء والأفراد، فعلاقتها هي أساسا بالكيانات الحزبية والسياسية، وخاصة منها حركة النهضة ككيان جماعي. إنّ كتابات أخينا جدية ورصينة وعميقة، خاصة من منظور الزاوية التي ركز عليها أخونا (النقد – التقويم – التوبة – التصحيح – التغيير- الإصلاح – التجديد…). وهي واضحة إلى ما ترمي إليه، وأراها مفيدة جدا في المرحلة التي نمر بها وتمر بها تونس. »   إنّ التوبة والتصحيح والتجديد التي أطرحها وأدعو إليها، ومن منطلق شرعي قبل أي شيء آخر، هي توبة وتصحيح وتجديد تتعلق بواقع مرّ بأطوار وأحداث وأوضاع. وما هو عليه الآن هو مآل مسار وصل إليه، أدعو أن نُجري عليه (ونفسي وأنفسنا هي جزء منه) عمليات التوبة والتصحيح والتجديد المأمورين بها شرعا، إضافة إلى أنها – كما أراها – أصبحت ضرورات تنظيمية وواقعية.   إنه لا علاقة لكتاباتي بما تحدث عليه الإخوة إلاّ بهذا المعنى، ولا أرى تعليقات الإخوة إلاّ أنها قفزت على هذا كله، بل عادت إلى ما قبله، إلى أوهام كنا نعيشها سواء تعلقت بأفراد أو بمشاريع وآفاق.   4 – صدمات عنيفة مع سقوط الأوهام   لقد اجتهدتْ كتاباتي أن تتحدث عن الواقع كما هو وكما كان وكما آل إليه، أي عن الحقائق كما هي. ولأنها حقائق مفارِقة لما كان في الأذهان ولما أصبح فيها الآن، فقد كانت صادمة صدمة عنيفة مع سقوط الأوهام بالمحنة. هذا ما عبرت عليه التعليقات، ولكن عبرت أيضا عن صدمتها من كتاباتي نفسها، التي نطقت بالحقيقة بشكل صارخ وواضح، وعلى لسان البطل الوهم، والشبح الوهم، والأسطورة الوهم، والقائد الفذ الوهم، والعبقري الوهم.   5 – هل أمامنا أفضل من التوبة والتصحيح والتجديد؟   وسقوط هذه الأوهام، وانكشاف هذه الحقائق، المتوقع أنها تدعو بقوة إلى مراجعات جذرية، وذلك ما دعوت إليه. فكأنّ هذه التعليقات هي رافضة للمراجعات التي لا تكون من طرف واحد في ظرف الإحاطة التي يعيشها الداخل، ورافضة أن تكون من الشخص ذاته المسؤول الأول عن المحنة – حسب قولهم -، ورافضة لمضمون مراجعاته التي ليست هي إلاّ اختباءً وراء النصوص الشرعية هروبا من تحمل المسؤولية.   وبغض النظر عن صحة هذا من عدمه فهل هناك شيء آخر أفضل يمكن أن يفعله أي امرئ كان في موقعي؟ وهل في مقدور إخواننا أصحاب هذه التعليقات أن يفعلوا أكثر من هذه التعليقات في مضمونها وروحها؟ وهل هناك سلوك أفضل لهم من سلوك المسلك الذي سلكته؟   أنا أسأل سؤال من يبحث، فأرجو أن لا يبخل أحد علِم شيئا في ذلك.   6 – هل هناك أفضل من الاختباء والاعتصام بالله سبحانه؟   وأما عن الاختباء فبالفعل أنا اختبأت وراء النصوص الشرعية، ولكن اختباء توبة واعتصام بالمولى سبحانه. وكيف لا يختبئ من عرف قدره وفقره وضعفه بالرحمان الرحيم القوي المتعالي، بل أرى أنّ الخطأ المحوري والأساسي في عملنا كله كان في التعلق بالأوهام، مما ذكرته تلك التعليقات وغيرها، بدلا عن التعلق بالحق الذي لا يزول ولا يحول، والذي له القوة جميعا ولا قوة في سواه، والذي له الملك جميعا يدبر الأمر كيف يشاء، ليبلونا أينا أحسن عملا، قال تعالى: « تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(1)الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ(2) » (سورة الملك) .   هذا يقيني في الله، فأنا معتصم به توبة وتصحيحا وتجديدا. ومن يعرف هذا ويذوق حلاوته يذهل عما سواه، ولن يفرط فيه، بل لن يملك نفسه أن يدعو كافة إخوانه وكافة التونسيين إليه، ولن آلوا جهدا في ذلك. وليس ما أتحدث عنه هي ذوقيات ووجدانيات تعبدية وروحية وصوفية التي يمكن أن تكون ضمن الأعمال التربوية، بل ما نحن بصدده، وما تناولته فيما كتبت، يتعلق بمراجعة وضع عام عاشه ويعيشه الإسلاميون والتونسيون، ومسارا ساروا فيه.   مثل هذا الاعتصام هو همي المحوري، ومن المفروض أنه هو همّ المسلم ما دام على قيد الحياة، وأن يبقى همّه مهما كانت الابتلاءات التي يقلبه الله عليها، حتى بعد وقوع « الفاس في الراس » كما عبر أحد الإخوة المعلقين. إنّ وقوع « الفأس في الرأس »، قد تنال الرأس وغير الرأس، ولكن لا تنال العقل والقلب اللذيْن خلقهما الله محررين، لا سلطان لأحد عليهما إلاّ لله سبحانه وتعالى، ثم لصاحبهما بإذنه تعالى، بل يمكن أن تأتي الفأس على الرأس وعلى الجسم وكل الأجسام والأوضاع والوسائل والامكانيات، ولا يبقى إلاّ العقل والقلب، فإن كانا عامريْن بالله وهداه فما ضاع شيء يتجاوز حجم ذبابة، ولا قوة يتجاوز قوة بيت العنكبوت. بل إذا ارتقيا إلى محبة الله كان لهما ما بيّنه الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي حيث يقول عن رب العزة: « من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينّه، ولئن استعاذني لأعيذنّه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله تردّدي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته » (البخاري).   ولأكون صريحا أقول لقد ترددت في إيراد هذا الحديث خشية أن لا يفهمني أحد الإخوة المعلقين، ولكن لمّا ذكرت أنّ هذا حق، وذكرت قوله تعالى: « وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ » (الأحزاب37)، زال تردّدي، بل أصبحتُ حريصا على ذكره.   وبعد هذا كله نأتي إلى سؤالنا عما يمكن أن أستفيده من هذه النصائح؟   كل ما سبق ذكره هو من الخير الذي استفدناه منها، وأما الفوائد المباشرة – وهي المقصودة من السؤال – فهما إثنتان هامتان: أن أعرف أني ظلوم جهول/ وأن أنتبه إلى نفسي، كما سنراهما في الفقرتين المواليتين.   7 – الفائدة الأولى أن أعرف أني ظلوم جهول   أنا أعرف أني ظلوم جهول مصداقا لقول الله تعالى: « إنّا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا » (الأحزاب: 72)، فالجهل نقيض العلم وأنا في ذلك جهول، والظلم يكون بكل عمل يخالف الحق والصواب فأنا في ذلك ظلوم. وأنا جاد كل الجد في إنقاص جهلي بالتعلم والتصحيح، وفي تقليل ظلمي بالتوبة والاستغفار.   واعلموا أنّ أول المقصودين من كتاباتي هي نفسي، ولو كان المشكل محصورا في شخص محمد شمام لهان الأمر، ولكن الأمر أقل ما يشمل وضعية نخبة حركة، بل ووضعية نخبة البلاد في مستوى السلطة والمعارضة وحركة النهضة. وتبعا لهذه الحقيقة فإنه من الطبيعي أن يتوجه المرء إلى إصلاح نفسه ويدعو هذه الدائرة وما والاها إلى ذلك. وهل قمت بغير ذلك؟   وأضيف فأقول: إنّ ما فيّ من ظلم وجهل قد أصاب هؤلاء الإخوة وغيرهم ببلاوي. وما عبروا عنه في تعليقاتهم، يعبر عن مدى القروح والأوجاع والمظالم التي نالتهم، والتي يكون من الغباء والظلم أن لا يُفسح لها المجال لتعبر عن نفسها، والتي ينبغي أن تجد مني ومنا جميعا التفهم والصدر الرحب. أنا أعذرإخواني هؤلاء حتى وإن قالوا أكثر مما قالوا، خاصة وأنه ليس عندي ما أقدمه لهم إلاّ ما قدمته من توبة وكتابات التي تدعو إلى تصحيح المسار والموازين.   وليس هذا من باب جلد الذات كما يتصور الكثير من إخواننا، ولكن تلك هي حقيقتي، بل وحقيقة كل إنسان كما تقدم. إنّ ظلمنا وجهلنا لو ظهر مجسّما وكانت له روائح لهربنا جميعا من بعضنا البعض، بل لهرب الإنسان من نفسه… ولهذا فإنها عندما تظهر مكشوفة – كما في الأحداث التي مررنا بها – تفعل فينا الأفاعيل وذلك ما عشناه ولازلنا، حتى يرحمنا ربنا.   8 – الفائدة الثانية ينبغي أن أنتبه إلى نفسي   ينبغي أن أنتبه إلى نفسي هي الفائدة الثانية، فما يدريني فلعل بعض ما ذكره إخواني صحيح. إنّ أكثر من عقل بشري رآني وفهمني بتلك الصورة وتلك الحقيقة، وأي عقل لا يخلو من منطق، فإن كان الأمر كما ذكروا فهو الخسران، وخسران عن غير وعي مني والعياذ بالله، قال تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104)} (سورة الكهف). ويُهوّن عليّ أن سياق الخسران المذكور هنا هو خسران الكفر الذي استثنى الله منه سبحانه – في سورة العصر- المؤمنين :{وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ(2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ(3)}( سورة العصر). ولا يغرّنّني ما أقوم به من عبادة وطاعات وأعمال خير وما حسبْتُها وأحسبها كذلك، فقد ورد في الحديث الصحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يخرج في هذه الأمة قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز حلوقهم، أو حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية….)(البخاري).   وبغض النظر عن صحة هذه التعليقات من عدمها، فإنّ إخواني هؤلاء أشعلوا لي كافة الأضواء الحمراء التي تدعو للتوقف بالكامل للتثبت، وفي صورة المواصلة فمع الانتباه الشديد. مع أني ما مضيتُ فيما مضيتُ فيه إلاّ بعد تثبت واستشارات واستخارات أتبعتُها باستخارات في كل خطوة جديدة. إنّ وضعنا – في إطار وضع تونس ووضع البشرية اليوم – غدا معقدا جدا، فليس غريبا أن يضيع معها العقل ويضل ويلتبس عليه الأمر، فيمضي في طريق يظنه الصواب بينما الاتجاه من أصله خاطئ. ليس غريبا أن يحدث للعقل البشري هذا، وهو أمر معروف في تاريخ أمتنا والبشرية، ومُعاين في الواقع المعاش. أنا لا أتكلم عن الذين خالفوا الطريق الحق وهم يعرفونه كإبليس واليهود، ولكن عن الذين ضلوا عن الحق فضلوا الطريق. ولذلك فإنّ هدف المؤمن الأساسي الذي ينبغي أن يضعه نصب عينيه دائما هو أن يكون على الصراط المستقيم، كما نردده يوميا أكثر من 17 مرة، قال تعالى: {اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7)} (سورة الفاتحة). أنا مدرك جدا لهذه الحقيقة، وهي همّي الأول، وأكثِر من الدعاء طلبا لها من المولى سبحانه وتعالى، وأدعوا إخواني هؤلاء بصدق وكل إخواني وكل التونسيين أن يكثروا لي منها.   9 – الحذر كل الحذر من خسران الآخرة وإبطال الأعمال ونقضه   من المعلوم أنّ مدار أهل الإيمان في كل ما يدور لهم في الحياة، ليس أمور الدنيا وما يفوتنا منها، ولكن أمر الحق، هل ترقينا فيه؟ هل أصبحنا فيه أكثر رسوخا وأكثر قربا وهداية؟… حتى ما ينالنا من ظلم الآخرين إذا حصّلنا منه مثل هذا الترقّي في الحق نكون قد حصّلنا خيرا كثيرا، قد لا نقدر على تحصيله بأعمالنا. لا أقول هذا تهربا من المسؤولية، ولكن حتى لا أكون سببا في نقض أعمال بعض إخواننا، أو النكوص عن السبيل.   قد نكون خسرنا الدنيا بمنطق الحاسبين لها والوازنين بموازينها، ولكن الحذر الحذر من خسران الآخرة وإبطال الأعمال ونقضها. لا يقلقني خسران الأولى ولكن أن نُضيّع الأخرى فهي المصيبة الحقة والخسران المبين. يحب الإنسان أن يحصل على الإثنين كما قال تعالى: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وأخْرَى تُحِبّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللهِ وفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشَِرِ المُؤمِنِينَ(13) » (سورة الصف). ولكن إذا عزّ الجمع، فهل يضر المرء آخرته أو يفرط فيها من أجل دنيا، حقيقة قيمتها ثانوية؟ وهل ما دنْدنت عليه تلك التعليقات، وأكثر ما يدندن عليه التونسيون غير دنيا من تلك القيمة الثانوية؟ بل إنّ قيمتها من زاوية أخرى، وبأسلوب التعبير النبوي لا يتجاوز جناح بعوضة، قال صلى الله عليه وسلم: « لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء ».   إنّ محمد شمام – بالحقيقة التي ذكرتها التعليقات – غدا فتنة لبعض الإخوة وابتلاءا شديدا لهم، فهل ينجحون في هذا الابتلاء بأن يثبتوا على الطريق ولا يضيّعوا أعمالهم ويبطلوها؟ إنّ الله سبحانه وتعالى يقلب عباده على ابتلاءات وامتحانات في مواد متنوعة ومختلفة، ومنها بالنسبة لإخواننا أصحاب التعليقات، مادة اسمها « محمد شمام »، وبالنسة لي مادة اسمها « (عبد الوهاب الونيسي والتونسي وسالم السويلمي وسالم الدريدي) »، وبالنسبة لنا جميعا مواد اسمها « بن علي » و »قيادة حركة النهضة » وغيرها، فهل ننجح في هذه الاختبارات في هذه المواد؟   أنا مجتهد في النجاح فيها، كما هو واضح وصريح في هذه الحلقة، وإني لأطمع أن نلتقي جميعا في الجنة، ونتفكه يومها بكل هذه الأمور. وسننسى وقتها أننا تعرضنا يوما إلى أي بلاء أوشدة، وأنه أصابتنا محنة أوشكت أن تغرقنا. والله أعلم بالصواب، وإلى الحلقة القادمة إن شاء الله   بقلم: محمد شمام


غير معقول ولا مقبول

 

 
فاضل البلدي
 
بسم الله الرحمان الرحيم غير معقول ولا مقبول ليس أشد أذى للنفس من أن يحس الإنسان في وطنه بأنه منقوص المواطنة قادر على الإفادة وهو ممنوع من الإفادة قادر على العطاء وهو ممنوع من العطاء – يملك المشورة وهو ممنوع منها. يستطيع أن يفيد ويخدم مواطنيه ولا يقدر على ذلك. إن هذا هو حالي وحال كثيرين في وطني تونس منذ سنوات طويلة ينظر إلينا بعين الحذر والريبة،تحصى علينا خطواتنا ، تسد علينا أبواب الرزق ، تمنع عنا الوظائف ، يضيق على أبنائنا وأهلينا ، قد نؤذى أحيانا في الأرزاق والأموال والأعراض إذا كان ذلك يفيد في تعطيل القدرة على النظر والإبداع. والسبب أو التهمة أو الجريمة هي المعارضة ، هي امتلاك وجهة نظر أخرى مستقلة، هي ممارسة حق الاختلاف في الرأي ، هي الجرأة في التعبير عن الرأي ، هي ممارسة حق دستوري في حرية التعبير والتنظم. وإذا كان ذلك مقبولا بعض القبول في سنوات التوتر الأولى فهو يغدو غير معقول ولا مقبول عندما تزول أسباب التوتر وتطيب الأجواء والنفوس ويصبح الوطن في حاجة شديدة لأجواء المصالحة المذهبة لكل أسباب التوتر والموفرة لكل أسباب العطاء. وهو مطلوب اليوم والغد ، وحاجة وضرورة. ولم يعد معقولا ولا مقبولا أن تستمر السلطة صامّة الآذان عن النصيحة والرأي المخالف والنقد البناء ما دام ذلك في حدود اللياقة والنظافة والمعقولية « إذ لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها ». ولم يعد معقولا ولا مقبولا أن تستمر المظلمة أو العقوبة قائمة في شكلها المغلظ الذي هو السجن وفيما دون ذلك من أشكال المتابعة والملاحقة والإقصاء والحرمان من العمل ووثائق الهوية والسفر ومصادرة حقوق التعبير والتنظم إذا كان ذلك في حدود القانون. ولم يعد معقولا ولا مقبولا أن يستمر الحزب الحاكم أي التجمع الدستوري الديمقراطي جاثما على الحياة العامة في مختلف أبعادها مستأثرا ومحتكرا لكل شؤون الناس يهدر الأوقات والأموال والجهد وامكانيات الوطن دون أن يكون نفعه في مستوى ما عنده وما تحت يديه من امكانات بشرية ومادية. ولم يعد معقولا ولا مقبولا أن تبذل الدولة أكبر الإمكانيات على الأمن :أعوانا وتجهيزات وأوقاتا…… على حساب التعليم والثقافة والإعلام والتشغيل وأن تكون السياسة الأمنية أولوية ومقدمة على الحوار وحسن الاصغاء في وطن أكثر ناسه من الشباب المتعلم وفي زمن غدا العالم قرية صغيرة يتفاعل مواطنوها تأثرا وتأثيرا. ولم يعد معقولا ولا مقبولا بعد خمسين سنة من الإستقلال وواحد وعشرين سنة من التغيير أن يعيش بعض أبناء الوطن تمييزا عنصريا بسبب خلفيتهم الفكرية أو انتمائهم السياسي ويظهر ذلك التمييز في الانتداب للشغل أو الترقية في الوظائف أو التسجيل في الدراسة أو غير ذلك من المناشط. إذ أن الوطن للجميع وليس لأحد أن يزايد على الآخرين في الوطنية أو أنه معني دون غيره بالتفكير والتخطيط والانجاز. ولم يعد معقولا ولا مقبولا أن يحس مواطن في وطنه بالغبن والإقصاء والاستثناء بسبب انتماء أو فكرة أو ممارسة لحق في التعبير أو المعارضة فالوطن وطن الجميع وهو يتسع للجميع والمنافسة مطلوبة في خدمة البلاد والعباد، كما أن الاختلاف البناء هو الذي يساهم في تقويم الأخطاء واصلاح العورات وترشيد المسار ولم يعد الواقع يتحمل رأيا واحدا وحزبا واحدا ووجهة نظر مهيمنة. كما لم يعد معقولا ولا مقبولا أن تستمر المعارضة بيمينها ويسارها ضعيفة مشتتة منهكة محدودة الإبداع في التفكير والإقتراح والعدد والوسائل والمناهج والنضالية تنتظر المن وتتهم الآخر لتغطية عجزها ومحدودية فعلها. ولم يعد معقولا ومقبولا أن يستمر الإسلاميون معرضين عن طلب المصالحة علنا وبكل مسؤولية متباطئين أو غير مكترثين أو خائفين من أنفسهم أو من الواقع أو من التاريخ أو حرصا على الطهر. لكن الواقع والحال أن قضيتهم ستبقى معلقة غير قابلة للحل في شكلها الأدنى الذي هو رفع المظالم وفي شكلها الأقصى الذي هو افتكاك موقع في الواقع الثقافي والسياسي والاجتماعي. وفي الأخير  لم يعد معقولا ومقبولا أن يستمر السياسيون من كان منهم في السلطة ومن كان في المعارضة ومن كان مهموما بالشأن العام – أن يستمر هؤلاء جميعا معرضين عن الحوار ملتفتين عن التواصل البناء غير مهمومين بالتفكير العميق والمسؤول فيما من شأنه أن ينتقل بالبلاد إلى وضع جديد يقوم على حسن الاقتراح وحسن النظر وحسن الإصغاء توجيها للإمكانيات في وجهها الصحيح وتعاونا على رفع التحديات وتأهيلا للوطن لوضع جديد يقوم على سلامة الحكم La bonne gouvernance وحسن المعارضة ودفع الظلم الذي هو مؤذن بخراب العمران وتحقيقا للعدل المعين على العطاء والاستقرار. إذا ما المعقول والمطلوب في حياة الوطن ونحن مقبلون على محطات جديدة نريد أن نوفر لها أسباب النجاح. إن المعقول والمطلوب : 1-  تنقية المناخ السياسي من كل أسباب التوتر وكل أشكال التمييز والإقصاء وإشاعة قيم الحرية والعدالة والنظافة (الشفافية) والاطمئنان ورفع المظالم السياسية والاجتماعية الاقتصادية. 2- إشاعة ثقافة المصالحة باعتبارها شرطا ضروريا لتنقية المناخ السياسي وتكون السلطة بمؤسساتها وحزبها وأمنها وإعلامها صاحبة المبادرة لأنها تملك ذلك ولا ينقص هذا من هيبتها وسطوتها. 3- فسح مجال المبادرة لرفع التحديات في مجال الشباب والتشغيل لأن الدولة لا تستطيع وحدها أن ترفع التحدي ولا تفيدها الأثرة والمكابرة. 4-  تحرير الإعلام والثقافة لتقوم بواجبها وتنهض بمسؤوليتها في صناعة الرأي وقيادات الرأي إذ أن النهضة مشروطة بثورة ثقافية تربي الوعي والمبادرة والشجاعة والمسؤولية والنضالية والتنافس على خدمة الآخر. 5-  خروج النخبة السياسية من الإنتظارية والسلبية إلى المبادرة والايجابية وتحمل المسؤولية في تطوير نفسها على مستوى الأطروحات والمقترحات والمناهج والوسائل وترك الخوف والاستغراق في مشاغل الحياة كغيرهم من عموم الناس.          فاضل البلدي تونس في 29 أكتوبر 2008

التعليقات:  4 5. sadok | 3 Nov 2008 كل ما قلت مقبولا و معقولا إلا أن تناى بنفسك و تخاطب الإسلاميين على أنهم الِأخر كان مقالك أكثر مقبولية لو تحدث عنهم بصغة المتكلم و صاحب الشأن و العلة لا الناصح المتطبب    4. عبدالحميد العدّاسي | 2 Nov 2008 « لم يعد معقولا ولا مقبولا »!… وما كان هو يوما مقبولا ولا معقولا أخي الفاضل الفاضل… على كلّ حال، أنا معك في أغلب ما قلت ولا أوافقك فقط فيما ذهبت إليه من أنّ الإسلاميين معرضون عن طلب المصالحة علنا وبكل مسؤولية… فقد تحمّلوا مسؤولياتهم وطالبوا بالإصلاح والصلح والمصالحة علنا كتابة ومشافهة… غير أنّهم أعرضوا حقيقة عن الاستسلام لمشيئة الظالم المفسد…وهو ما قد تكون عبّرتَ عنه أنت بشيء من اللاّمبالاة بـ »الحرص على الطهر »!… عموما، فقد أعجبني مقالك هذا، وأسأل الله أن يجد آذانا صاغية ممّن يملك الحلّ!…    3. majid | 1 Nov 2008 تغير خطابك أخي واختلف عن مقالاتك الفارطة أريد ان اسمع راي الذين عادوا ويدعون الى العودة ووجعوا رؤوسنا بان كل شيء تغير وأصبح على ما يرام أريد ان اسمع راي الأساتذة النجار خاصة والميلي والنمري ومرسل الكسيبي وشكري الحمروني ومصطفى لونيسي وبو عبد الله وغيرهم اريد رايهم فقط والسلام    2. المستيسر | 1 Nov 2008 وفي رده على هذه التساؤلات اكد السيد محمد الغرياني الامين العام للتجمع الدستوري الديمقراطي ان سياسة تونس تنبني على قاعدة الحوار والتواصل والتشاور بين كافة القوى الحية قائلا انه « لا اقصاء في الحياة السياسية الا لمن اقصى نفسه ». سي البلدي، الّي يرقدويقوم أوّل حاجة يعملها يشوف قدّاش الوقت . (المصدر: موقع « الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ  1 نوفمبر 2008)  


 

النهضة والسلطة و الفرص الضائعة

   

فرصة أخرى تمنح في قناة الحوار في برنامج لقاء في لندن إلى السيد وليد البناني نائب رئيس حركة النهضة وفرصة أخرى تمرّ دون أن يكسر بعضا من الجليد بين الحركة والسلطة والخاسر الأول والأخير تونس. فرصة أخرى تمرّ دون أن تتقدّم حركة النهضة عمليّا في تدشين مرحلة جديدة في علاقتها بالسلطة قوامها الثقة المتبادلة والرفق بالواقع والحفاظ على المعادلات و طي صفحة الماضي بكل آلامه والتواصل معها مباشرة بدون وساطة أو تلميح. كنت أتمنى على الأستاذ وليد البناني ومقدم البرنامج يسأله: هل بالإمكان أن يوجد حوار مباشر بين الحركة والسلطة أن يؤكّد بالصريح بأن الحركة مستعدّة لذلك وتدعو له بل وتعمل له لقناعتها بأنّ الحوار الوطني الراشد والمسؤول هو الألية الأساسية لتجاوز الماضي والدفع بتونس في مرحلة جديدة تقتضيها مصلحة الجميع وقبل ذلك مصلحة تونس وأجيالها القادمة. كنت أتمنّى على الأستاذ البناني أن يقول بكل حب وإخلاص لتونس، بأنّ حركة النهضة حريصة على أن تكون دوما رافدا وطنيا يساهم بكلّ إمكانياته في دفع مسيرة التنمية القائمة في البلاد في كل أبعادها الإقتصادية والإجتماعية والثقافية مراعية في ذلك واقع البلاد ومعادلاتها وخصوصيات المنطقة والتحولات الدولية. وددت لو سمعت الأستاذ البناني يثمّن في سياق حديثه عن المسرّحين من السجن في السنوات الأخيرة مبادرة السلطة داعيا إيّاها لتعزيز ذلك بإطلاق سراح كل مساجين الرأي في تونس ضمن أفق تنقية الأجواء والتدرّج في إنجاز إصلاح ديمقراطي في مستوى ما بشّر به تغيير السابع من نوفمبر و يطمح إليه كلّ التونسييّن. كنت أتمنى لو كان الأستاذ وليد البناني أكثر جرأة وتحرّرا من خطاب النفق المظلم  ليقطع بذلك الطريق أمام أعداء المصالحة بين الحركة والسلطة أعداء الرئيس زين العابدين بن علي الذين يريدون أن يحولوه إلى دكتاتورا يشوهون تجربته الإصلاحية وحرصه من خلال (بيان 7 نوفمبر على مسألة الحريات وحقوق الإنسان). إنهم أولئك الذين لا يريدون للأجيال اللاحقة أن تقرأ عن مسيرة واحد من مصلحي تونس ورائد من رواد الديمقراطية. إنها بطانة السوء أعداء الديمقراطية الذين لا همّ لهم إلا مصالحهم الشخصية الضيّقة وكرههم لما هو خير. أخيرا أقول : إن الذين يعتبرون أنّ حركة النهضة لا تتحمّل جزء من المسؤولية فيما عرفته تونس من أزمة خلال العقدين الأخيرين مخطئون كما أنّ الذين يروّجون إلى أنّ النهضة غير جادّة في العمل من أجل طيّ صفحة الماضي مخطئون أيضا وليس أقلّ خطأ من هؤلاء وهؤلاء الذين ينطلقون من أنّ السلطة لا تصلح ولا تصلح.                                  tel:00216 22696961  email:chakerchorfi_tunis@yahoo.fr                                                                       الأستاذ شاكر الشرفي، تونس   علمت والمقال تحت الطبع أن الحلقة المذاعة مع السيد وليد البناني أعيد بثها بعد ثلاثة أشهر فأتمنى أن يكون قد حصل التقارب في هذه المدة وفي ذلك خير البلاد.


المدون المصري محمد رفعت حرم من
تعليمه الجامعي وزج به في غياهب السجون

   

وحيداً في زنزانة مظلمة، بتهم فاسدة، وأهواء مضللة، في وطن يسير طبقاً لمنهج الإقصاء لكل مخالفيه السياسيين، من مسيحييه ومسلميه، شبابه وشاباته. وطن يعتمد في استقراره علي عسكر جستابو مصر، أهوائهم المضللة تختار الشباب الشرفاء، وطنيين يحلمون بالحرية والعدالة ويعملون لها، يسعون لها بكتاباتهم، تحركاتهم وتجمعاتهم، أحلامهم التي تشق أرطال الظلام وسماءاته التي تظلل أجواء أمتنا. ومحمد رفعت واحد من هؤلاء الشباب، طالب يدرس الإعلام، يعتقد فيه قوته وسلاحه الذي يُهلك المستبد والطاغية، يدون بكلمات إنسانية ليعبر عن أفكاره المتزاحمة، رأسه تمتلئ بأفكار شتي، لا تخلو أبداً من الطرافة والجدية، العقلانية والثورية، الملتزمة والملسوعة كما يقول هو في مدونته..مطبات يدونها، ينقل من خلالها أحلامه وآمال أجيال تم بتر أحلامها، وتسييرهم دون أطراف تُؤَمنُ لهم حياة عادلة وآمنة، ستقرأ له عن القدس والحب، الذكريات والاستبداد، السينما والحياة. جاء هشام توفيق وهو رائد في جهاز أمن الدولة والذي يوصف بـ « ذراع القمع السياسي في مصر »، ليعتقله فوجده في السينما، اتصل به والده يخبره بمجيء توفيق، فأخبره أنه سيعود للمنزل بعد انتهاء الفيلم، يستولي المدعو توفيق علي كتبه وجهاز الكمبيوتر الخاص به، وأوراقه التي رسم فيها بعض أحلامه. منتصب القامة يمشي، لا يملك إلا تهمة حب الوطن، يسلم نفسه إلي عسكر جستابو مصر، لتبدأ معاناة من نوع آخر، وكأنهم وجدوا ضالتهم المنشودة، وجيفارا الذي أشعل ثورة التغيير! تهم يطلقها نظام مبارك علي معارضيه، من يسار وإخوان، مستقلين وليبراليين، شابات وشباب. يُحَول محمد إلي سجن ليمان طره، دون عرضه علي وكيل نيابة وهو خرق قانوني بامتياز، لكن في مصر، الأمر طبيعي في دولة تَرَسخ الظلم والاستبداد في أركانها وحواريها، يُسجن خمسة عشر يوماً، يعتقدون هم بأنه سيأتي موافقاً علي تهمٍ باطلة، بطلانها أن ثورة لم تقم ونظاماً فاسداً لم يترنح أمام كلماتنا.  » ينتظر أفعالنا وتحركنا بالمناسبة  » في سجنه خلوة، تفكر ومراجعة للنفس وحساب. يُعرض علي وكيل نيابة، تنسب إليه تهم استناداً إلي مذكرةٍ قدمها أحد أشاوس أمن الدولة، التهم هي: التحريض على التظاهر في ذكرى الثورة، وتوزيع منشورات تضر بالأمن العام أمام المساجد ومهاجمة السياسة الخارجية للدولة! مراسلون بلا حدود تقول في بيانها، أن التهم أساسها التنكيل بالمدونين المستقلين، لانتفاء أي محتويات سياسية في مدونة محمد رفعت، وهي تقول أن علي السلطات المصرية الإفراج الفوري عن المدون محمد رفعت الذي مدد حبسه تحت مظلة قانون الطوارئ الذي يحكم البلاد منذ العام 1967م. فيما أدان اتحاد شباب حزب العمل استمرار اعتقال محمد رفعت، مطالبا سلطات الأمن بالإفراج الفوري عنه، لعدم قانونية احتجازه بعد انتهاء مدة حبسه، حيث يفرج عن السجين في غضون 48 ساعة وهو الشيء الذي لم يحدث مع المدون محمد رفعت. كما أدانت لجنة الدفاع عن حقوق الطالب العربي اعتقال الناشط الطلابي والمدون محمد رفعت، وأبدت تضامنها ووقوفها إلي جانبه ضد التصرفات المستمرة التي تعمل علي استمرار مسلسل تقييد حريات الطلاب. وكانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ومركز هشام مبارك للقانون قد أدانا الاعتقال في وقت سابق، وطالبا بالإفراج الفوري عن المدون محمد رفعت. وقال البيان الصادر عن المركزين البارزين في الدفاع عن سجناء الرأي ومتابعة انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، أن نيابة أمن الدولة العليا قررت إخلاء سبيله في 17 أغسطس، إلا أن جهاز مباحث أمن الدولة قام باقتياده لمقر مباحث أمن الدولة مرة أخري، واحتجازه لمدة أسبوع، حتى صدر قرار باعتقاله بموجب حالة الطوارئ. ويوضح البيان أن اعتقال محمد رفعت وحبسه علي ذمة قضية أتي دون أن تقدم أجهزة أمن الدولة أي دليل علي صحة المزاعم التي تدعيها، فلم يضبط في حالة تلبس أو تذكر مدونته أي شيء عن هذا الإضراب المزعوم، وكان الاتهامات التي وجهت له  » إهانة مؤسسات الدولة وتكدير الأمن العام ، والدعوة إلي مظاهرات وإضرابات عبر الأنترنت  » لا تحتاج إلى دليل! وهو ما يوضح أن هذا الجهاز البوليسي لم يعد خاضعا للمحاسبة أو الرقابة حتى من وزارة الداخلية التي يتبعها. وقالت المؤسستان الحقوقيتان  » إن محمد رفعت وهو طالب في كلية إعلام لم يرتكب أي فعل مخالف ، ولم تتضمن مدونته أي من المزاعم التي تدعيها أجهزة الأمن، وبدلا من الاعتذار له على الأيام المريرة التي سجن فيها ، يتم اعتقاله بموجب قانون الطوارئ البغيض ». كان أصدقاء محمد رفعت قد دعوا المتضامنين معه والناشطين الحقوقيين للاحتجاج أمام مكتب النائب العام المصري يوم الخميس 28 سبتمبر، للمطالبة بالإفراج الفوري عنه رداً علي استمرار اعتقاله، بعد إصدار قرار اعتقال آخر ضارباً بقرار إخلاء سبيله الصادر من النيابة العامة عرض الحائط.    (المصدر: موقع اتحاد المدونين العرب بتاريخ 03 نوفمبر 2008 ) http://arabictadwin.maktoobblog.com/  

المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية البريد الالكتروني marced.nakabi@gmail.com : تونس في 01 /11 /2008

بيان تضامني مع الكاتبة العامة للمنظمة الديمقراطية للتعليم بالمغرب

 

انسجاما مع مواقفه الثابتة والمبدئية في الدفاع عن الحقوق والحريات النقابية وفي إطار تضامنه مع القضايا النقابية المغاربية , يعبر المرصد التونسي عن تضامنه المطلق مع النقابية فاطنة افيد الكاتبة العامة للمنظمة الديمقراطية للتعليم التابعة للمنظمة الديمقراطية للشغل وذلك بعد تعرضها لمضايقات وتهديدات على خلفية مواقفها ومهامها النقابية. إن المرصد يعتبر هذه المضايقات والتهديدات مخالفة لكل المواثيق والمعاهدات الدولية الخاصة بالحقوق والحريات النقابية خاصة منها الاتفاقية الدولية عدد 135 , وهو يطلب من السلط المغربية توفير الحماية لها ويحمل هذه السلط  مسؤولية ما قد يصيبها من مكروه كما ان المرصد يعول على كل المنظمات النقابية المغاربية المناضلة للتصدي لظاهرة الاعتداء على النقابيين وتهديدهم لما يمثله ذلك من خطر على مستقبل العمل النقابي في المنطقة. عاش التضامن النقابي المغاربي جميعا من اجل فرض الحقوق والحريات النقابية المرصد فضاء نقابي ديمقراطي مستقل وهو مفتوح لجميع النقابيين بدون استثناء وهو ليس نقابة ولا مشروع نقابة ويمكن التواصل مع المرصد على العناوين الالكترونية التالية : http://nakabi.maktoobblog.com          http://nakabi.blogspot.com                  عن المرصد المنسق : محمد العيادي 

تونس تصادر العدد الاخير من مجلة « لكسبرس » الفرنسية

 

تونس: اعلنت السلطات التونسية انها صادرت العدد الاخير من مجلة « لكسبرس انترناسيونال » الفرنسية بسبب ملف ينطوي على اساءة للاسلام، وذلك بعد اجراء مماثل اتخذه المغرب. وقال مصدر رسمي ان « العدد الرقم 2991 للفترة من 30 تشرين الاول/اكتوبر الى 5 تشرين الثاني/نوفمبر يتضمن ملفا ينطوي على اساءة للديانة الاسلامية وللمعتقدات ولمشاعر المسلمين ». واضاف المصدر ان هذا الاجراء اتخذ بموجب المادة 25 من قانون الصحافة التونسي. وكانت وزارة الاتصالات المغربية اعلنت الجمعة الفائت انها منعت دخول العدد المذكور للمجلة الفرنسية للسبب نفسه. ووضعت لكسبرس عنوانا لغلافها « صدمة المسيح-محمد، مسيرتهما، رسالتهما ورؤيتهما للعالم »، وذلك في اطار ملف اعد لمناسبة اجتماع نحو 50 من رجال الدين الكاثوليك والمسلمين في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل في روما « لمساعدة الحوار بين الاسلام والمسيحية ». ومن بين المقالات الستة التي يتضمنها الملف والتي تعرض اوجه الاختلاف بين الديانتين مقال بعنوان « المسيح، الرسالة المتمردة » واخر بعنوان « محمد، النبي والمحارب ». وقال كريستيان مكاريان مدير التحرير المنتدب ومؤلف كتاب « صدمة المسيح-محمد » انه « لا يفهم » سبب المنع. وقال مكاريان « مراعاة للحساسية الدينية في المغرب غيرنا غلاف الطبعة الدولية الذي اصبح يحمل صورة مخفية الوجه لمحمد احتراما للتقاليد الاسلامية. ورغم هذه العناية الخاصة تعرضنا للمصادرة. وهذا ما لا افهمه ». واضاف ان الملف يتحدث عن « العلاقة الخلافية » التي يمكن ان تنشأ بين الاسلام وبقية الاديان لكنه لا يتضمن « على الاطلاق اي اساءة » لهذا الدين. (المصدر: موقع « إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ 3 نوفمبر2008)

قاموس الشباب: لغة التونسيون بين القجمي والعجمي (2/7)

       

أمال الهلالي من تونس:   غزت الشارع التونسي في الآونة الأخيرة  مفردات غريبة وعجيبة قد تبدو لسامعها للوهلة الأولى.  لغة مشفرة وغير مفهومة لاتمت بصلة للغة العربية ولا حتى  للعامية التونسية .  لغة  لن تجد لها تفسيرا لا في لسان العرب ولا في معجم  الوسيط  لكن يكفي أن تنزل للشارع التونسي  وتسأل شريحة الشباب والمراهقين عن معانيها ودلالاتها لتدرك مدى درايتهم ومدى جهلك وبأنك غير مواكب لهذا العصر ولهذا الجيل من الناشئة. هي لغة تخاطب  حديثة ابتكرها الشباب التونسي للتعبير عن ما يجول بخاطرهم والتواصل مع أصدقائهم والمحيطين بهم بكل حرية . الجيل المتمرد على أصول  اللغة العربية ابتكر لنفسه لغة بديلة للتواصل في مابينه وقد عبر أغلب الذين قمنا باستجوابهم  عن قصور اللغة العربية من جهة والعامية التونسية من جهة ثانية عن استيعاب المعاني والمدلولات التي يريد الشباب إيصالها لبعضهم البعض   في حين وجدوا في لغتهم المستحدثة الحل الأنسب والأسهل والأكثر سرعة في التواصل والتخاطب في مابينهم كما أكدوا من جانب آخر أن لغتهم الشبابية  هي شكل من أشكال التمرد على ماهو سائد ومحاولة لإثبات الذات   في سعي  لتحقيق الاستقلالية بعيدا عن ما تفرضه العائلة والمجتمع من قواعد وآداب تخاطب وجب العمل بها. هؤلاء تمكنوا من خلال لغتهم السرية أن يتحدثوا في كل المواضيع المباحة والممنوعة: الحب والجنس  والسياسة والإدمان والزواج والفتيات وغيرها من المواضيع المحرمة والمشروعة  في مجتمع عربي له ضوابط أخلاقية وجب احترامها بالتالي كانت هذه اللغة وسيلتهم ومنفذهم للولوج لهذه المواضيع بكل حرية وتداولها  ليس فقط في مابينهم بل حتى أمام أولياءهم وأساتذتهم. الاشهار والمسلسلات أما عن كيفية انتشارها فقد أكد لنا أغلبهم أن بعض الألفاظ مستوحاة من التجارب الحياتية والمواقف اليومية المعاشة  من خلال مواقف محرجة لهم أو أخطاء لفظية دون قصد لتصبح فيما بعد لغتهم المتداولة  كما أن البعض يستمتع بتأليفها ونشرها ويتخذها هواية « فخبزة » مثلا شاب يدرس في أحد المعاهد الثانوية  بالعاصمة اشتهر بين زملائه بروحه المرحة وسخريته الدائمة من أصدقاءه وأساتذته وفي كل مرّة يبتكر هذا الشاب مفردة جديدة  تنضاف إلى قائمة المعجم الشبابي لتنتشر في سويعات قليلة على كافة أصدقاءه ويتداولونها من الغد أما جانب آخر فتحدث عن مدى تأثير الإعلانات الاشهارية  و المسلسلات والأفلام  التونسية  والأجنبية فمثلا كلمة « أمورك في الشنقر ونقر » تم إضافتها للرصيد المعجمي فقط منذ أشهر وهي تعني « أمورك جيدة وعال العال » وقد تداولها ممثل تونسي في مسلسل عرض خلال شهر رمضان الفارط فأضحت كلمة تداول عند الشباب للتعبير عن الحال. وسائل اتصال حديثة   من جانب أخر كان للثورة التقنية في مجال الاتصالات  كالهواتف الجوالة والانترانت وغرف التشات والفايس بوك  التأثير الكبير في  لغة الشباب  وسرعة انتشارها و التي صارت بدورها  مواكبة  للعصر وخاضعة  للتّحين من وقت لآخر فمعظمها مفردات  مختصرة ورموز وأرقام تستعمل لتسريع عملية التخاطب. وعلى سبيل المثال كلمة »ريزو » أي شبكة الهاتف  وقع استخدامها عند الشباب للتعبير عن الحال ف »الريزو طايح » معناها الأمور سيئة و »الريزو طالع » مفادها أن الأمور حسنة للغاية.  كذلك مفردة « بالع مسجلة » -آلة تسجيل- تقال للشخص كثير الحديث ومفردة « بورطابل » –هاتف جوال-صارت تقال للشخص النمام الذي ينقل أخبار الناس.   وفي مايلي مجموعة من المفردات نرجو أن نكون قد نقلناها بأمانة بعد جمعها من نسبة كبيرة من الشباب والمراهقين مع العلم أن هؤلاء أكدوا لنا أن حوالي 80 بالمائة من مفرداتهم المستحدثة تدور أغلبها في حقل دلالي جنسي بحت وبأن الفتيات انخرطن كذلك في نفس هذا التيار فلا فرق بين لغة الفتيات والذكور جميعها تدور في قطب واحد. لذلك يتعذر علينا نقل أغلبها احتراما لقراء إيلاف.   « القجمي »   (مع إضافة ثلاث نقاط فوق القاف)   وهي لغة تخاطب  خاصة جدا تعتمد أساسا على قلب الحروف أو اختصار الكلمة  ولها حاذقوها وليست في متناول أي شخص فمثال عوض القول »وينك لاباس؟؟ » يقال »سابلا كنيو » أو صاحبي « صحوبة »…وهكذا دواليك.     المفردات العامة     * سيجارة: حلّوزي  –  زقن  –  قارو – 16 – دز نفسي *تاكسيست: الشخص الذي يتكفل دائما  يإيصال أصدقاءه *ينقل أخبار الناس: بارابول(لاقط الفضائيات) –  بورطابل(هاتف خلوي) *شلّة: طرحة   –  عصابة *عاكس فتاة: بزنسها   – شكّلها  – طيّحها   – لحمها *ابن أصول: وليدها –ديقوردي  –  رجولي-  صحوبة  –  حومة ولد بلاد **فتاة جميلة ومثيرة:  قنبلة- تحفونة – تشوي – عسولة – كعبة  – هرية -زوزو – فرخة *اجلس: شركس  – بنّك  -قعمز  – اركش *دينار: دنّوس **وضعيته جيّدة: أمورو في العنبر- أمورو في الجبن -الريزو طالع – في الشنقر ونقر *لم أعره اهتمام: طفيتو – تلفتو- هبط عليه الريدو *هربت: قطعت – فلسعت –  فصعت *نازح من الريف للمدينة: جبري  –  جاي من ورا البلايك  -قديم  – كلاّب  – تسكرة التران في مكتوبو *شخص يتنازل عن كرامته في سبيل قضاء حاجته: يلحّس –  يتلوصق – يبندر – يهز في القفة   – يقحف *ملل ورتابة:  قينية   –   كبي- فدة *خبيث: يتخوبث  –  يخدم في مخو- يتعقرب  – يكمبص – يقرص ويدو تحتو *شخص مثلي: حصان – يرحم عمي – فونفون  – مرخوف – حاوي – مريّة *السّخرية والنميمة  من شخص:  يتمقعر عليه  – يكور بيه – يفتقو من بعضو – يكركبها عليه  – يتمنيك عليه  – يتمسخر عليه  – يفركو – *أوقع به :عدّاها عليه  – عقّبها عليه *شيء مبتكر: عفسة  –  كعبة جديدة   –  عفسيس  – *شخص يبعث على الملل:  ماسط  – كعبة لا في الحديقة  – سلعة  – مارق – ملايكتو رزينة *طمّاع: لهماق  –   سفساف *نتجوّل: نسكسفو- نحوّسو -ندزّو دورة – نكشّو – نشلوشو *سؤال عن الحال: سفن – أمورك في الجبن  – في الشنقرونقر- في الريزو * نقسم : نبشطرو *ضيّق الخناق: حلّبها علينا  – النفس لا- عاقدها *على راحتك: عوم بحرك   – شيخ أمورك  – اتفتق في أمها *حالته الصحية سيئة: شاد في كحّة   – يلعب على البلاصة  – واحد شوارمة *رجل غني:  كرزة  – معبّي *أخذ بزمام المبادرة: صدم- هد  ّ- اشري بطحاء *أصابه مسّ :  ضاربو تل  –  دخل وخرج في الحلّة  –  دخل في حيط-مفرعس-  *غبي: في موخو طاسة فارغة  –  في مخو جرانة (ضفدع)مقعمزة  – *قلق: موش في صحنو-ضاربو الكبّي   (المصدر: موقع ايلاف بتاريخ 03 نوفمبر 2008)

إقبال المشاهدين ليس معيارا للنجاح: الدراما
في تونس من أزمة الواقع إلى واقع أزمتها

 

 
شاكر الحوكي : 
لست متأكدا من أن هدف الدراما هو تصوير الواقع الاجتماعي ونقله إلى المشاهد الكريم، بينما هو محاطا بأفراد أسرته في جلسة حميمية كما يفترض أن يكون أو متوترة كما يحدث عادة. ولكن لنتجاوز هذه النقطة التي لن تحسم أبدا؛ فأذواق الناس تعددت بحيث أصبح من الصعب الإجماع على مبدأ ثابت، وتفرقت المواقف و تشتت إلى حدّ الذي لم يعد ممكنا الحديث عن رأي عام أو توجه عام يميزنا أو يوحدنا، بل لو رغبنا في جمع شخصين على رأي واحد لتحصلنا على ثلاث آراء أو أكثر. هذا يعني أن الفرد بات متذبذبا في أقواله مضطربا في أفكاره وعواطفه إلى درجة الانقلاب على ذاتهو حتىو إن حصل التوافق على موضوع ما ، فان ذلك لا يتعدى محض الصدفة، وليس نتيجة قناعات فلسفية أو منطلقات فكرية واحدة.p والحقيقة فان ذلك يعكس المرحلة الانتقالية التي يعيشها مجتمعنا وحالة اللاستقرار النفسي التي يمر بها. ربما كان ذلك ضروريا في تطور المجتمعات، ولكن من سوء حظنا انه قدّر لنا أن نعيش هذا المنعطفونعايش نتائجه ومرتباته، بالتزامن مع بناء الدولة الحديثة ومحاولة استيعاب صدمة الحداثة وتأثيرات العولمة ونمو الطبقات المتوسطة وهيمنة القيم الاستهلاكية، فضلا عن تآكل النسيج الاجتماعي التقليدي وبروز المرأة بقوة على الساحة العامة وهو ما يفسّر ارتفاع معدلات الجريمة وتفشي ظاهرة العزوبية والانحلال الأخلاقي والتفكك الأسري وانهيار القيم المثالية وارتفاع نسب الطلاق والتهور السلوكي وحتى كثرة الحوادث، دون أن ننسى تعثر التحول الديمقراطي وانسداد الأفق السياسي… وهي مسائل وإن مر بها العالم الغربي فقد مر بها على مراحل واستطاع أن يستوعبها بتأني وتدرج وأن يحاصر نتائجها السلبية ويحافظ على انسجامه ويخرج في النهاية سالما. وعلى كل حال فهذا ليس موضوعنا وإن بتنا على يقين بتشابك المواضيع بعضها ببعض، إنما السؤال الذي يطرح نفسه هو التالي: لماذا لا يكون إلى جانب هذا النوع من الدراما الواقعية كما قيل ويقال نوع من الدراما التاريخية التي تحي الذاكرة الوطنية بحيث تنمي الحس الوطني والثقافي والتاريخي لدى الشعب؛ وهو حس يعلم الجميع مدى ضعفه إلى درجة أن الواحد منا يعجز عن ذكر اسم احد البايات الذين حكموا تونس أو إحدى المناضلين الذين ساهموا في الحركة الوطنية نحو الاستقلال، وإن كنا في ذلك ليس أسوا حال من الشعب الأمريكي الذي لا يعرف أين تقع مدينته على الخارطة الأمريكية ، فأننا ابعد من أن نقارن بالشعب الفرنسي الذي يملك القدرة على أن يعد سلالة حكامه من شارلمان إلى ساركوزي . وعلى هذا الأساس فنحن نتساءل لماذا لا يكون خير الدين التونسي على سبيل المثال موضوع مسلسل تونسي تاريخي واجتماعي وثقافي متميز، ألا يستحق هذا الرجل أن يذكر والحال انه كان علامة فارقة ومضيئة في التاريخ التونسي أم أن شخصيته لا تتوفر على العناصر الدرامية التي يقف عليها العمل الفني. هل يجب أن نذكر هنا ما تعرض له هذا الرجل من معاناة وتحديات ومآسي وبأنه اختطف طفلا في وسط الحروب المتفرقة التي كانت تخوضها جيوش الدولة العثمانية، وهي الدولة التي سيحتفظ لها بالوفاء والإخلاص إلى آخر يوم من حياته! وكيف انه ظل يبحث عن جذوره وأصل منبته طول حياته حتى باتت رحلاته بين مختلف مدن العالم وكأنها تحقيقا لهذا الغرض. وعندما انتهى إلى علمه في أواخر حياته من أن احد كبار أعيان مصر يحتمل أن يكون أخيه، قصده من اجل لقائه وعندما كان على وشك الاتصال به، وباتت المسافة بينهما اقرب من أي وقت مضى عدل عن رغبته، مخافة سوء الظن وأن يظهر بمظهر المدعي مفضلا الاحتفاظ بسره إلى الأبد وكأنه أدرك أن جوهر الحياة وسرها، أنما في نبحث عنه لا فيما نعثر عليه. أما حياته العاطفية- لمن لا يرى في المسلسلات إلا البعد العاطفي فأنها لم تكن اقل اضطرابا ؛ إذ تزوج خير الدين في أول الأمر من ابنة عدوه وغريمه اللدود الوزير الأكبر مصطفى خزندار قبل أن يخلفه في منصبه ، وهنا أيضا بإمكاننا أن تتصور البعد الدرامي لهذه العلاقة المركبة؛ وهو بعدا قابلا للتضخم عندما نعرف أن زوجته قد اختطفها الموت مبكرا وأن زيجاته اللاحقة لم تكن لتنجح دائما. يذكر انه تزوج لاحقا بجاريتين تركيتين وسرعان ما طلقهما وانه استقر في نهاية المطاف مع إحدى جواريه. و من المدهش حقا أن لا يثير هذا الرجل انتباه المخرجين عندنا. ونحن نتسائل إذا ما كان بحوزتهم تجارب وجدانية أعمق تبرر هذا الإهمال، أم يجب أن ننتظر المخرج السوري أو المصري أو ربما التركي لاستثمار هذه التجربة الثرية وإخراجها من بطون المذكرات والكتب إلى النور الشاشة الصغيرة ، كما حصل مع عدة تجارب أخرى ، سيما وأن الرجل خلف سيرة ذاتية ثرية ودقيقة؛ مليئة بالمرارة ومسكونة بالحسرة والأسف . ولا بأس هنا أن نذكر أن الرجل تقلد عدة مناصب عسكرية وسياسية من قائد للخيالة إلى وزير حرب، ومن كاهية للمجلس الأكبر إلى وزير اكبر للدولة التونسية، ثم صدر أعظم للخلافة العثمانية في تركيا، كما تولى عدة مهام ديبلوماسية لدى حكومات ألمانيا وانكلترا وايطاليا والنمسا والسويد وهولندا والدانمارك وبلجيكا والجزائر وتركيا وفرنسا حيث أقام فيها ولامس عن كثب التقدم الذي بلغه شعبها، الشيء الذي دفعه، أثناء توليه مهام الوزارة الأولى، إلى إجراء عدة إصلاحات في مختلف الميادين، لعلّ أبرزها تحديث التعليم بجامع الزيتونة وإنشاء المعهد الصادقي الذي سيتخرج منه لاحقا النخبة التونسية التي جاءت بالاستقلال، دون أن ننسى كتابه الشهير أقوم المسالك في معرفة الممالك، أين جسد رؤيته الإصلاحية. إلى كل ذلك فقد اشتهر بمعارضته الشديدة لمبدأ الاقتراض من أوروبا ومشاركته في إخماد ثورة بن غذاهم وبمساعيه من اجل إنقاذ البلاد من أزمتها المالية، وبالاستقالة أو الإقالة من منصبه وووظائفه مرارا، بفعل مؤامرات حاشية القصر وضغوط القناصل الأوروبية. والحقيقة فليس خير الدين وحده الذي يستحق عناية المخرجين وكتاب النصوص الدرامي فهناك عدة شخصيات أخرى، ونحن إذ نركز هنا على خير الدين، فلكي نؤكد على الحاجة الملحة لتناول هذه الشخصية والحقبة التاريخية التي يمثلها، وأن ذلك ليس من باب الإسقاط والحشو أو حتى التقليد لتجارب أخرى. وانه لا فائدة من التهافت على تقييم الأعمال التي بين أيدينا في ظل غياب أعمال فنية حقيقية تسمح بتمييز الغث من السمين والفن من التهريج. وعندما تتوفر هذه الأعمال يمكن أن نرحب برأي النقاد والصحافيين ونعتد بمواقفهم ونطمئن إلى ملاحظاتهم عن الإخراج والسيناريو والماكياج والديكور …لان نجاح مثل هذه الأعمال لن يتحقق إلا بنجاح عوامل عديدة، وانجازها سيتطلب فعلا مجهودا حقيقيا وحرفيا لا غبار عليه، وليس مجرد فرصة لإثراء السيرة الذاتية لبعض المتطفلين على الميدان. والحقيقة فليس الدراما التاريخية وحدها التي تعاني من الإهمال فهناك الدراما السياسية والدراما الذاتية أو الوجدانية، وإذا كان لابد من الإصرار على الدراما الاجتماعية أو الواقعية فنحن نتساءل لماذا لا يتم تحويل بعض الروايات التونسية إلى مسلسلات كما يحدث في كل بقاع العالم على الأقل ستكون أكثر عمقا وأدق رصدا للواقع التونسي، وليست مجرد تلفيق بين صور اجتماعية متفرقة ومنمطة تخضع إلى اعتبارات شخصية واعتباطية؛ فبما يملكه الأديب من حس مرهف، ومنطلقات أخلاقية ووعي بالقضايا الحقيقية للمجتمع، كفيل بان يرتقي بالذوق العام دون إخلال بالموضوع أو القفز على المقتضيات الفنية والجمالية. ثم هل خلت البلاد من المثقفين والمناضلين والوطنين والشرفاء والمثاليين (وليس المثليين) من الناس بحيث لا نجد لهم اثر من قريب ولا من بعيد في الإنتاج الدرامي التونسي. أليس جل أصحاب الأقلام في تونس يعيشون أو عاشوا تحولات دراماتيكية بفعل تحولهم من اليمين إلى اليسار أو العكس ومن النضال إلى الارتزاق أو العكس، ألا يستحق هؤلاء الناس حضورا ما في المسلسلات الموسمية لشهر رمضان وحتى في الأفلام السينمائية . إن ما تقوم به الدراما اليوم إنما هو تعميم الظواهر الشاذة والمشبوهة وأعطائها بعدا جماهيريا وشرعية أخلاقية . وما يقدم على انه محاولة إلى كشف الواقع ولفت الانتباه وتصحيح الأخطاء يؤدي عادة إلى العكس وعادة ما يسقط المشاهد في فخ ما أريد التحذير منه ونحن نستطيع أن نلاحظ كيف أن محاولة الدراما التونسية في رصد بعض الظواهر الاجتماعية والأخلاقية واللغوية والتعبيرية السلبية والدخيلة أو المشبوهة أو حتى المحتشمة، انتهت إلى تعميم الظاهرة وتميع المعنى، وكل ذلك بدعوى نقل الواقع وكشف عيوبه. وهكذا يتحول ما كان معزولا إلى ظاهرة اجتماعية وما كان منكرا إلى مباح. وإذا جاز التعبير فان ما يحصل هو تأميم الرسمي لتلك المظاهر، أوليس التلفزيون أداة من أدوات الدولة؟؟ و إذ كنا لا نخفي اعتراضنا على نوعية المسلسلات’ الرمضانية ‘ التي تبث على القنوات التونسية فلأننا لا نراها تساهم إلا بنمذجة ما هو فردي، وتنميط ما هو خطير، وتمييع ما هو جدي، وتهميش ما هو أصلي، وتغييب ما هو فعلي، وإعطاء المشروعية لما هو شاذ واستثنائي ليحتل مقعده بين الحضور وكأنه هو الحضور، منتزعا اعتراف الآخرين بوجوده دون قناعة أو اقتناع أو توفر حد أدنى من التوافق الاجتماعي على شرعية وجوده. ثم لا يجب أن نذهب بعيدا في تقدير ظاهرة إقبال المشاهد على الإنتاج الدرامي، فهذا المشاهد المسكين الذي اعتزل المطالعة والثقافة والأخبار وقرّر أن يتسمر أمام الشاشة الصغيرة متشوقا لرؤية ومتابعة الإنتاج الدرامي التونسي هو نفسه الذي لا يفك عن متابعة أي مسلسل أكان تونسيا أو مصريا أو سوريا أو تركيا أو مكسيكيا أو أردنيا …المهم في كل الموضوع أن يكون في موقع المشاهد وعليه فكل شيء محكوم بالفضول. لم اسمع في حياتي عن مسلسل تونسي أو غيره لم يحض باهتمام الناس، لذلك فان إقبال المشاهد التونسي على المسلسلات التونسية ليس معيارا. لاسيما وأن مجال الفضول يحتمل كل التأويلات من مجرد حب الاطلاع إلى السخط والازدراء مرورا بالاستغراب والاستهجان وحتى التطفل وتضييع الوقت كما يردد دائما. لا نريد أن نحبط من عزم كل الذين شاركوا في الأعمال الدرامية لشهر رمضان هذه السنة واستبشروا خيرا بإقبال المشاهدين على أعمالهم. ولكن لا نملك إلا أن نلقي المسؤولية على عاتق الذين تقدموا لكي يشكّلوا عواطف الناس وتجاهلوا نقل المشاكل الحقيقية التي تتعلق بالبطالة و’الحرقان’ والتغريب واللامبالاة والتعصب والتقوقع والازدواجية في تعامل الذات مع الآخر بعيدا عن التهريج الذي يغيّب المعنى والغراميات التي تفسد المقصود، لعل في نقل معاناة الناس عندئذ ما يمنحهم القوة على مزيد من الاحتمال والشعور بأن معاناتهم ليست منعزلة أو فردية. أن معالجة مسألة العزوبية المتفاقمة في المجتمع التونسي مثلا، من شأنه أن يشد من أزر الآلاف الذين يعانون من هذا الظاهرة وأن يساعدهم على إيجاد الحلول إذا أمكن رصد الأسباب الحقيقة لذلك أو على الأقل المساهمة في توفير المناخ الاجتماعي لتفهم وضعهم. ما ينسحب على ظاهرة العزوبية ينسحب أيضا على ظاهرة البطالة والهجرة وارتفاع نسب الطلاق لكن للآسف أنهم يقدمون المسائل الثانوية على حساب القضايا الحقيقية. جامعي تونس (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 3 نوفمبر  2008)

حجب جائزة بمهرجان قرطاج بسبب فيلم سوري يثير جدلا

     

تونس (رويترز) – أثار حجب جائزة الأفلام الوثائقية القصيرة بالدورة الثانية والعشرين لمهرجان قرطاج السينمائي جدلا واسعا بسبب منع عرض فيلم سوري مما جعل لجنة التحكيم تمتنع عن إسناد الجائزة احتجاجا على قرار منع الفيلم.   وأُعلن ليل السبت عن إسناد مُختلف الجوائز ضمن حفل الاختتام. وفوجيء الحاضرون عندما أعلنت لجنة التحكيم حجب جائزة الأفلام الوثائقية القصيرة لان اللجنة شاهدت عشرة أفلام فقط من مجموع 11 فيلما.   وقالت السورية ريم علي مخرجة فيلم « زبد » انها مستاءة من قرار منع عرض فيلمها وأوضحت ان المنع كان بطلب من السفير السوري بتونس.   وامتنعت ادارة المهرجان عن التعليق على منع الفيلم الذي احتوى على إيحاءات للمشهد السياسي بسوريا.   ويحكي الفيلم ومدته 42 دقيقة قصة سجينة سياسية لها أفكار شيوعية خرجت من السجن وأصبحت لها طاقة لمساعدة الآخرين وشحنهم بأفكارها لكنها تقرر في النهاية البحث عن حياة أفضل ومغادرة البلاد.   وأصرت لجنة التحكيم الخاصة بالافلام الوثائقية والمتكونة من فاليكس سمبا نداي من السنغال وعلياء أرصغلي من فلسطين ودرويس هنجار من ألمانيا ورضا الباهي من تونس ونادية كمال من مصر على حجب الجائزة احتجاجا على منع عرض الفيلم.   وقالت المخرجة التونسية سلمى بكار للصحفيين انها « حزينة لمنع الفيلم السوري.. فهو منع بطلب سوري وهذه سابقة لم تحدث منذ بداية أيام السينما. »   وأضافت « أفلامنا تتمتع بدرجة عالية من الجرأة والصراحة والحرية وهذا مهرجان معروف عالميا فلماذا نقصي جرأة الآخرين.. »   وقال الممثل التونسي لمين النهدي والذي شارك نجله محمد علي بفيلم « المشروع » ضمن مسابقة الفيلم الوثائقي القصير « من غير المعقول ان نسحب الجائزة بهذه الطريقة وأنا أعتبر ان ابني يستحق الجائزة الأولى. »   وقوبل إعلان حجب جائزة الفيلم الوثائقي القصير بصيحات احتجاج داخل المسرح البلدي حيث أُقيم حفل الاختتام.   من جهته قال الناقد السينمائي خميس الخياطي لرويترز « اعتبر ان موقف لجنة التحكيم بحجب الجائزة مُشَرِف وصائب لأن أي لجنة تحترم قواعدها يجب ان تتتخذ مثل هذا القرار. »   ووصفت صحيفة الصريح المحلية موقف لجنة التحكيم بانه « موقف شجاع ».   وتوج فيلم « تيزا » من اثيوبيا بالتانيت الذهبي وهي الجائزة الكبرى في ختام المهرجان الذي شهد حضور نجوم سينمائية عالمية.   من طارق عمارة   (المصدر: وكالة رويتزللأنباء بتاريخ 03 نوفمبر 2008 )


تونس تنتشل جثث ثلاثة مهاجرين قبالة سواحلها

   

تونس (رويترز)   قالت صحيفة تونسية يوم الاثنين ان وحدات خفر السواحل عثرت على جثث ثلاثة مهاجرين أفارقة على شاطئ جرجيس جنوبي العاصمة تونس.   وأضافت صحيفة الأسبوعي انه لم يتم التعرف على هوية المهاجرين لكنه يرجح أنهم أفارقة شاركوا في عملية إبحار خلسة انطلاقا من الشواطئ الليبية باتجاه جزيرة لمبيدوزا الايطالية.   واضافت ان وحدات مراقبة السواحل ألقت القبض أيضا على سبعة مهاجرين تونسيين كانوا يبحرون خلسة باتجاه ايطاليا قبالة سواحل بنزرت.   وكثفت تونس من جهودها للحد من تدفق المهاجرين على اوروبا وفرضت عقوبات صارمة وغرامات مالية طائلة على كل من يضبط من مشاركين ومنظمين لهذه الرحلات.   وتطالب اوروبا بلدان شمال افريقيا بتكثيف مراقبة سواحله.   (المصدر: وكالة أنباء رويتز بتاريخ 03 نوفمبر2008 )

 

إسماعيل أدهم واختلافه غير المحتمل مثالا عن آليّات الحجز الرّقابيّ

   

د. رجاء بن سلامة     لن أتحدّث عن « الإلحاد » ولا عن حقّ الإنسان المشروع في أن يكون مؤمنا أو غير مؤمن أو  موحّدا أو وثنيّا أو لاأدريّا أو غير ذلك، فهذه من أبجديّات الحرّيّات الأساسيّة. ولن أتحدث عن رسالة إسماعيل أدهم « لماذا أنا ملحد » وقد صدرت سنة 1937. ولن أتحدّث عن أعماله الكاملة، وقد نشرها أحمد الهراوي سنة 1992 في ثلاثة مجلاّت عن الهيئة المصريّة للكاتب. والمطّلع عليها يعجب من أهمّية تجربة الرّجل رغم قصر عمره، ويعجب من عدم التّناسب المهول بين ثراء فكره وطرافة كتاباته ونضج تجربته وتعدّد لغاته ومعارفه وحجم الصّمت الذي أحيط به. هذا الصّمت المنظّم هو ما سأتحدّث عنه. هو ما يفعله العنكبوت الرّقابيّ عندما يعزل الكائن الصّغير في زاوية، ويراكم عليه لفائف من نسيجه، ويحوّله إلى كومة رماد في أرشيف  رهيب. أقصد بذلك التّعامل الرّقابيّ مع هذه الذّات التي أنتجت الرّسالة ومع صورتها باعتبارها ذاتا تمثّل الاختلاف الأقصى الذي لا يحتمل أو لم يحتمل : لم يُخف إسماعيل أدهم عدم إيمانه بالغيبيّات خلافا للكثير من مثقّفي ومفكّري العالم العربيّ من معاصريه أو معاصرينا. فقد نزع سلاح التّكفير عن المكفّرين لأنّه أعلن كفره على الملأ. ويمكن أن نتساءل تبعا لذلك : ماذا سيبقى لهم من سلاح ومن كشوف وشكوك وأيّ نوع من الصّيحات العموميّة سيطلقون؟ ولم يكتف إسماعيل أدهم بإعلان إلحاده والشّهادة عليه والاستدلال عليه بما اعتبره براهين فلسفيّة وعلميّة، وبأمر آخر ربّما يكون أهمّ، هو الشّهادة الذّاتيّة الصّادقة الملتاعة (عن والده الذي فرض عليه الشّعائر الإسلاميّة فرضا، وحرمه من المطالعة، ولم يحبّه كما هو، بل حاول أن يفرض عليه طريقا غير طريقه). ولم يكتف بإعلان انتمائه إلى جمعيّة تنشر الإلحاد، بل ألقى بجسده في البحر، في يوم من أيّام يوليو 1940 . ثمّ إنّه لم يكتف بالانتحار المحرّم في الدّيانة التي ورثها عن والده، بل أوصى بأن تحرق جثّته ويشرّح رأسه. ولست أدري ما كان مصيره لو نجا من داء السّلّ وعذابه المهين آنذاك، وطال عمره، هل سيحتمل العزلة التي شكا منها قبل مماته، أم سيهاجر، أم سيغيّر نهجه وفكره كما فعل الكثيرون من معاصريه، أم سيُقتل أو يشرّد بمقتضى حكم الرّدّة أم سيطعن كما طعن نجيب محفوظ، وهو للتّذكير من مواليد سنة 1911، تماما كإسماعيل أدهم؟ هل أسعفه الحظّ لأنّه سبق زمان حملات التّكفير ودعاوى الحسبة  أم لم يسعفه الحظّ لأنّه كان سابقا لزمانه أو ولد في غير مكانه؟ كان جسده ومصيره معنيّين بمعتقده، أو لنقل إنّه جسّد مصير « الملحد » المختلف في حياته ومماته. ولهذا السّبب نجد أحد مقالات الإسلاميّين عنه يحمل عنوان « انتحار ملحد » (سليمان الخراشي، موقع إسلام واي). إنّه الصّورة المضادّة للشّهيد. الشّهيد يعزل بالتّضحية التي تنقله إلى دائرة القداسة، والمنتحر يعزل بتضحية فرديّة تعدّها المجموعة « هدرا » وهباء، أي مدنّسا ضديدا للمقدّس الإضحويّ. أمّا أن يكون المنتحر ملحدا، فتلك مسرحة لأقصى صور الغيريّة المرفوضة. الغيريّة التي تأتي من « الدّاخل » في عالم ما زال فيه الدّم وثاقا يشدّ  الدّنيويّ إلى المقدّس لإنتاج العنف العتيق. الدّم بكلّ صوره : دم الشّهيد ودم المرتدّ المهدر، ودم البكارة، ودم جرائم الشّرف، ودم الحيض المانع من المساواة، ودم الختان، ودم القصاص والأيدي المقطوعة.. غيّبته أمواج البحر ثمّ أمواج الرّقابة. ثمّ طفت رسالته على بحر الكلام والفكر، كما طفت جثّته. فهي اليوم، وبفضل الأنترنيت منشورة في مواقع عدّة. كيف غُيّب وكيف عادت كلماته إلى البروز؟ بأيّ المفاهيم وأدوات التّحليل يمكن أن نقارب الرّقابة على الفكر والكلام؟ فالاستعارات والصّور لا تكفي. لا تكفي استعارة العنكبوت وخيطها. لا تكفي استعارة الماء والغرق والطّفوّ. أو لنقل إنّهما لا تمكّنان من مواصلة التّحليل. فالرّقابة ليست قوّة حيويّة فرديّة كالعنكبوت، وليست أمرا هلاميّا سائلا كالماء، لأنّ الماء يجمع ويوحّد (كماء الرّحم مثلا)، والرّقابة تفصل وتعزل كما سنبيّن. ربّما يكون مفهوم الجهاز كما عرّفه ميشال فوكو وكما طوّره -وعمّمه- الفيلسوف الإيطاليّ جورجيو أغمبن Giorgio Agamben  أداة تحليل ممكن للرّقابة على الفكر وعلى الذّوات التي تحمل الفكر. ولا شكّ أنّ مفهوم الجهاز يضعنا في قلب لعبة السّلطة، وعلاقتها الوطيدة بالمعرفة، وبقولبة الذّوات. يقول ميشال فوكو في تعريف الجهاز :  « ما أحاول رصده من خلال هذا الاسم هو (…) مجموعة مختلطة فعليّا، تتضمّن خطابات ومؤسّسات وتهييئات معماريّة، وقرارات تنظيميّة، وقوانين، وإجراءات إداريّة، ولفيظات علميّة، وفرضيّات فلسفيّة، وباختصار : شيء من القول ومن عدم القول أيضا. والجهاز نفسه هو الشّبكة التي تجمع بين كلّ هذه العناصر. » (نقلا عن كتاب أغمبن : ما الجهاز؟ بالفرنسيّة، باريس، 2006) ولقد توفّرت على مدى عقود طويلة عناصر هذا الخليط في الرّقابة على فكر إسماعيل أدهم وصورته وذكراه كما سنبيّن، دون ادّعاء للاستقصاء، فالوثائق نادرة وغير متاحة، أوغير مباشرة، وإزالة ما علق من غبار رقابيّ قد يتطلّب جهودا طويلة من البحث والتّنقيب والجمع : 1.    الخطابات التي تراكمت منذ صدور الرّسالة إلى اليوم. ويمكن أن نصنّف هذه الخطابات إلى أنواع شتّى. فمنها الاستنفاريّة التي نجدها في صيحة الشّيخ الأزهريّ يوسف بن أحمد الدّجويّ (1870-1946)، وقد كان أيضا من مناهضي علي عبد الرزّاق ، فقد « قام… بالرد على رسالة أدهم فكتب عدة مقالات في مجلة الأزهر تحت عنوان « حدث جلل لا يمكن الصبر عليه ǃ » (مقال « معركة الإيمان والإلحاد على شرف إسماعيل ادهم، ياسر حجازي، إسلام أون لاين)       ومن هذه الخطابات ما يصادر على النّوايا فيتّهم الرّجل برغبته في كسب الشّهرة، كما فعل أحمد حسن الزّيّات (1885-1968) في تأبينه له. ومن هذه الخطابات ما يهدف إلى إنتاج « العبرة » كما في مقالات الكثير من الإسلامويّين المعاصرين : « وتدرج في مهاوي الضلال إلى أن وصل إلى آخر دركاته وهي الإلحاد –والعياذ بالله- لتكون خاتمته في تكلم الجثة الطافية على مياه البحر آيةً لمن خلفه من شباب الإسلام النابهين أن لا يفتروا بذكائهم ومواهبهم، فيخوضوا –لأجلها- ذات اليمين وذات الشمال واثقين –زعموا!- من أنفسهم، معرضينها للفتن والانسلاخ من الدين. » (سليمان الخراشي). ومن هذه الخطابات ما يهدف إلى إنتاج « الوصمة »، كأن يوصف إسماعيل أدهم بالجنون والسّخف والحمق. وهذه الآليّة نجدها في مقال حديث، أقلّ ما يقال فيه أنّه بذيء وغير لائق، نشرته الصّحفيّة المصريّة صافيناز كاظم في الشّرق الأوسط السّعوديّة (31 أيّار 2007)، ووصفت فيه إسماعيل أدهم بأنّه « مخبول »، ووصفت رسالته بأنّها أوراق « عبيطة ». 2.    المؤسّسات، وأهمّ مؤسّسة حاصرت إسماعيل أدهم كما هو متوقّع الأزهر، لاضطلاعه إلى اليوم بدور رقابيّ أساسيّ.  يقول إسماعيل أدهم في بعض مقالاته إنّ « شيخ الأزهر قرّر بمرسوم مسجديّ حرماني الجنّة جزاء لكفري… » وقد عمد الشّيخ يوسف الدّجويّ إلى استعداء السّلطة السّياسيّة بقوله إنّ صاحب الرّسالة « يطعن في دين الدولة ومليكها حامي الدين والعلم، وأن ما جاء فيها يتناقض مع الفطرة الإسلامية التي جبل عليها سائر البشر. » وهو ما يدلّ على تعاضد المؤسّستين الدّينيّة والسّياسيّة في محاصرة الفكر، كما سنرى من خلال « الإجراءات الإداريّة ». 3.    التّهييئات المعماريّة، فقد دفن في إحدى مقابر المسلمين، رغم أنّه أوصى بحرق جثّته، وتشريح دماغه. وإلى اليوم لا تقبل مجتمعاتنا إرادة الأحياء في اختيار موتهم، فتفرض الدّفن مصيرا واحدا لكلّ الموتى. إنّه مختلف يشار إليه بالبنان على أنّه مختلف غير محتمل، ولكنّه عندما يتحوّل إلى جثّة، تتمّ إعادة إدماجه في المجموعة، وفق الآليّة الخاصّة بطقوس الموت، ويتمّ إخضاعه إلى هندسة المدينة، ويمنع من ترك أثر مغاير فيها.  4.    الإجراءات الإداريّة : « وقد لبت وزارة النحاس نداء الشيخ يوسف الدجوي واستجابت للدعوة التي قدمها شيوخ الأزهر ضد إسماعيل أدهم، وقامت النيابة بالتحقيق معه ومصادرة رسالته وتفتيش منزله فوجدت فيه رسالة (لماذا أنا ملحد؟ )، وملفات أخرى تحوي بعض نسخ من بحوث متعددة عن فلسفة النشوء والارتقاء، وكتاب (لماذا أنا ملحد؟) لراسل، ومظروفا يحوي أكثر من ثلاثين صفحة من كتاب بخطه يشرع في تأليفه ينكر فيه وجود الله ويؤكد إلحاده. وقد حالت جنسيته التركية وحالته الصحية بينه وبين السجن واكتفت النيابة بتحذيره وتعطيل مجلة الإمام التي نشرت الرسالة لأول مرة. » (مقال حجازي) ولأنّ الرّقابة تنتقل بالعدوى، وتتّسع دائرتها تلقائيّا، فإنّ العزل الذي تقوم عليه طال محقّق أعماله الكاملة في السّنوات التّسعين من القرن العشرين. فقد ذكر لي أحد المفكّرين المصريّين المطّلعين (لا أذكر اسمه خوفا عليه من العدوى نفسها) أنّ أحمد الهراوي أطرد من جامعة صنعاء لأنّه درّس أحد مؤلّفات إسماعيل أدهم في النّقد الأدبيّ وصادف أن كان هذا المؤلّف منشورا في المجلّد الذي يتضمّن رسالته « لماذا أنا ملحد ». 5.    اللّفيظات العلميّة، أو « المتعولمة » بالأحرى، ونقصد بها اللّفيظات التي تحاول إيجاد سببيّة علميّة ما لإلحاد إسماعيل أدهم أو انتحاره. والملاحظ أنّ هذه السّببيّات تخدم الحصار الرّقابيّ، فتبقى فجّة غليظة، لا تأخذ بعين الاعتبار خصوصيّة خطابه ولصوته الذّاتيّ، ومبدإ تضافر العلل كما تبرزه المعارف الحديثة. فإلحاده قد يعلّل مثلا بـ »إدمانه » على قراءة النّصوص الإلحاديّة الشّيوعيّة، أو بـ »استعماله » ذكاءه الخارق في غير محلّه… 6.    « عدم القول » كما جاء في تعريف ميشال فوكو نترجمه بمحو الأثر، لإنتاج النّسيان.  فالكثير منّا لا يعلم بوجود أعمال كاملة للرّجل، أو علم ونسي. والذين يعلمون بوجودها لا يجدونها بيسر، والمبحر في الشّبكة العالميّة لا يجد حتّى صورته في محرّكات البحث. وهذا مجال المسارات (لا الإجراءات) الصّامتة التي تكاد تكون لاشعوريّة. ولقد كان روّاد النّهضة والتّنوير من المصريّين كالطّهطاوي وقاسم أمين، وعلي عبد الرّازق وطه حسين، ركنا أساسيّا في التكوين الثّانويّ والجامعيّ للجيل الذي أنتمي إليه بتونس. ولكنّني لم أسمع بإسماعيل أدهم إلاّ خارج الجامعة، وخارج مسار التّكوين الرّسميّ. كان التّنوير الذي درّسناه تنويرا « لطيفا خفيفا » لا يطرح الكثير من المشاكل، لأنّ المؤسّسة التّعليميّة هي نفسها جهاز لقولبة الذّوات، مهما أوتي القائمون عليها من بعد نظر تحديثيّ أو تنويريّ. فما حصيلة عمل جهاز الرّقابة من خلال هذه العيّنة الدّالّة؟ الحصيلة هي أننّا إذا استثنينا بعض المختصّين، لا نكاد نجد من يعلم شيئا يذكر عن فكر إسماعيل أدهم وكتاباته، سوى ما نجحت الرّقابة في جعله بصمة ووصمة، ووسما وعنوانا، وهو  أنّه ألحد وانتحر، والعياذ بالله. لسان حال الرّقابة هو دائما : « هذا على الحساب قبل قراءة الكتاب ». هكذا تشتغل : تنتج الوصمة لتعتّم عن الأثر. تضع الوصمة حجابا على كلّ الوجوه.   والحصيلة أيضا هي أنّ عمل جهاز الرّقابة يعطّل ما يسمّيه فرويد بـ »عمل الثّقافة ». وعمل الثّقافة لا يعني فقط انتشار المعارف وتراكمها وتناقلها بين الأجيال، بل يعني كلّ المسارات اللاشّعوريّة التي تساعد البشر على أن يعيشوا معا، ويحوّلوا ذواتهم بحيث يحدّون من نزعاتهم التّدميريّة والقتليّة. غيّب إسماعيل أدهم، بحيث لا يتماهى معه النّاشؤون، ولا يتذكّرونه، فيبقى عدم الإيمان أو « الإلحاد » ثقبة سوداء لا يمكن عيشها ولا يمكن التّعبير عنها إلاّ في دائرة من الخطر والعنف.    ولكنّ عمل الرّقابة يوازيه فعل آخر تحرّريّ، يعتبره أغمبن من باب التّدنيس profanation بالمعنى اللاتينيّ الدّينيّ-القانونيّ القديم، وهو إعادة الشيء المعزول والمحجوز إلى الاستعمال المشترك. فالرّقابة إذ تحجز، فتعزل وتطمس، تؤدّي إلى محاولات فكّ الحجز، بما يقوم عليه من عزل وطمس. هذا ما قام به بعض معاصري إسماعيل أدهم ممّن دافعوا عن حقّه في التّعبير، أمثال سلامة موسى (1887-1958) وأحمد زكي أبو شادي ( 1892-1955). وهذا ما قام به جامع أعماله أحمد الهراوي، وهذا ما قامت مواقع الأنترنيت عندما نشرت رسالته وعرّفت به بعد حوالي سبعين عاما من النّسيان المنظّم، وهذا ما قام به أنسي الحاج، فقد كان مقاله « إسماعيل أدهم » (الأخبار، 22 أغسطس 2007) ردّا بليغا أنيقا على كلّ البذاءات الإسلامويّة المتراكمة، وافتكاكا إبداعيّا لما قبضت عليه يد الرّقابة.  فالرّقابة ككلّ جهاز، لا يمكن تدميره. ولكن يمكن الحدّ من سطوته، بأن نستردّ ما احتجزه، ونخرجه من عمله الآليّ، وبأن نحوّل هذا الاسترداد إلى فعل متكرّر وملحّ. نشر في الأوان www.alawan.org  


 

زَيِّنْ أيَّامَكَ و جَدِّدْهَا        الجزء الأول

   

أيّها الحبيب النابه زيّن أيّامك وجددها بالإيمان الخالص و القول الصادق والسلوك الحسن والعمل الصالح و النافع و الصبر الجميل والإخلاص والنصح التام لله ولكتابه ورسوله وأئمة المسلمين و عامتهم وسائر خلق الله ما استطعت إلى ذلك سبيلا. فالدّين النصيحة و من أحسن من الله ورسوله قيلا : عن أبّي رُقيّة تميم بن أوس الدّاري رضي الله عنه أنّ النبيّ صلى الله عليه و سلّم قال : (الدِّين النصيحة) قلنا: ( لمن؟) قال: ( لله ولكتابه و لرسوله و لأئمة المسلمين وعامتهم)(1). رحلة فريدة ، زادها العمل الصالح حياتُنا هذه، ولئن بدت لنا طويلة وبطيئة خاصة عند بداية المشوار ونحن  لا نزال في عنفوان الشباب،إلاّ أنّها  في الحقيقة قصيرة ووتيرة سيرها سريعة جدّا.وسَتَسْألُ نفسك يوما و لا شك أيها الحبيب النّابه إن أطال الله في عمرك عندما يتقدم بك السّن بعض الشيء ،عجبا كيف مرّت كل هذه السنين التي خَلَتْ و خِلْتُهَا طويلة بهذه السرعة وأنا غافل عن ذلك ؟. فالحقيقة الدامغة هي أنّ حياتك كلها من المهد إلى اللّحد،أي من اليوم الذّي وُلدت فيه إلى اليوم الذي تموت فيه لا تعدو أن تكون أياما معدودات مَحْصِيّة عليك في كتاب مبين لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلاّ أحصاها و عدّها عدّا. يقول عزّ َ من قائل : (و جعلنا الليل و النّهار آيتين فمحونا آية الليل و جعلنا آية النّهار مُبصرة لتبتغوا فضلا من ربّكم ولتعلموا عدد السنين و الحساب و كُلّ شيء فصّلناه تفصيلا. وكُلَّ إنسان ألزمناه طائره في عُنُقِهِ و نُخرجُ له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) (2). و حتى نستفيد من هذه الأيام على قلتها و التي قضى الله أن نعيشها و لا ندري متى  وكيف  ستتوقف لتبدأ حياة أخرى،كان علينا أن نفكر في هذا الأمر  العظيم مليّا و أن لا نفرّط  في يوم واحد  من أيّامنا، بل و في ساعة واحدة من ساعاتها ، إلاّ و نقضيها في ما ينفع الناس حقيقة و يعود على سائر مخلوقاته  بالنفع و الصلاح.و لكي تكون أيّامك سعيدة و مباركة  و لا تندم على ما فاتك منها،عليك أن تُزّينها بكل ما هو جميل و جذ ّاب. زيّنها بالإيمان والعمل الصالح و القول الجميل و الذّوق الرّفيع والحس المُرهف والصبر الجميل و السّماحة في غير ذ ُلٍّ و لا مهانة. أيّامك، زيّنها   بالمبادرات الرائدات النافعات والصالحات من الأعمال والإنجازات.  اللّه خلقك في أحسن صورة ما شاء ركبك،وأودع فيك مواهب و قدرات كثيرة، و جعلك متميّزا عن غيرك و فريدا من نوعك في أمر ما ( كُلّ ٌ خُلق لما هو ميّسَرٌ له)، فعليك أن تجتهد و تبذل جُهدك لتعرف ما حباك الله به من مواهب وما ميّزك به من طاقات لتوظف كُلّ َ ذلك في طاعة الله وخدمة النّاس عموما وأمتك خصوصا، فإن لم تفعل فأنت مُقصِرّ ٌ واللهُ مُحاسبُكَ عن ذلك. والله يحب إذا عمل أحدنا عملا خاصة إذا كان من اختصاصه أن يتقنه ويُحَسِنّهُ ويبذل فيه كل جهده.  أيّامك هي مزرعتك الخاصة، فلا تتركها فريسة للأعشاب الطفيليّة، تَعّهَدْهَا دوما بالصيانة وازرعها زرعا مباركا من قمح و شعير و حنطة و فول و عدس وغير ذلك من الحبوب والثمار النافعة. أيّامك هي حقلك، فاغرسه بعد أن تتبيّن نوعية التُربة و طبيعة المناخ شجرا مباركا ومثمرا. أغرسه تينا و زيتونا ورمانّا و عنبا وتفاحا و برتقالا ونخلا وجوزا…. وما شئت من غلال  مختلف ألوانها و مُتنوع طعمها، ذات بهجة فيها لذ ّة للآكلين والشاربين وفيها عبرة للنّاظرين والمعتبرين…  أيّامك هي حديقتك الخاصة، فازرعها أزهارا وورودا جميلة و فيّاحة مُنعشة تسعد لرؤيتها العين وينشرح لها الصدر. حياتك هذه لا تقدّر بثمن. عليك أن تحرص على سلامتها من المهالك وأن تُجدّدها في كل حين وتُغذيها في كل مرة جرعة جديدة من الأمل، فإنّ ذلك سيضفي عليها جمالا و تجدّدا وبهاء لا يراه إلا السعداء من أهل الدنيا. حياتك لاترهنها لأحد سوى الله و لا  تربطها بموعد مع الأقدار المجهولة كمثل تحسُّن وضعك الإجتماعيّ أو زواجك أو سفرك أو إنهاء دراستك أو غناك أو فقرك….  تجدُدُ الحياة لا ينبع إلاّ من إرادتك الحقيقية للتغيير، أي من داخل نفسك التي بين جنبيك(  إنّ الله لا يُغيّر ما بقوم حتى يُغيّروا ما بأنفسهم )(3)      فالظروف المحيطة بنا والمؤثرة فينا  مهما ساءت و تعقدّت لا يمكن أن تثن صاحب العزيمة من المؤمنين المخلصين عن بلوغ أهدافه ما دام مُستعينا بالله متوكّلا عليه. فمن رحم المعاناة والمكارة يشق المؤمن  صاحب الإرادة طريقه بكل ثبات وثقة نحو النصر وهو في ذلك ( كبُذور الأزهار التّي تُطْمَر تحت أكوام السَّبخ، ثُمّ هي تشُقُّ الطريق إلى أعلى مُستقبلة ضوء الشمس برائحتها المنعشة!!……..كذلك الإنسان إذا ملك نفسه، وملك وقته،واحتفظ بحرية الحركة لقاء ما يواجه من شؤون كريهة،فإنّه يقدر على فعل الكثير دون انتظار أمداد خارجية تساعده على ما يريد.  ….فلا ترهن  حياتك ، إذا، بأُمنية قد يلدها الغيب، فإنّ هذا الإرجاء لن يعود عليك بخير)(4) . أيّامنا محدودة لا تسمح لنا بتسويف و لا تقصير ولا وقت لنا نضيعه في أحلام اليقظة و التمني على الله الأماني دون كدح  حقيقي نكدحه  أو عمل نافع نقوم به. فالواجبات كثيرة في حق الخالق و المخلوق و لا مجال  و لا مُتسعَ لأدائها إلاّ إذا استثمرتَ أيّامك و لياليك  كما ينبغي في تحقيق ذلك.  فاليوم عمل و غدا جزاء.  يقول الرسول (ص) ( النادمُ ينتظر من الله الرّحمة، و المُعجب ينتظِرُ المَقْتَ. واعلموا عباد اللّه أنَّ كلَّ عاملٍ سيقدمُ على عملِه، و إنّما الأعمال بخواتيمها، و الليل و النهار مطيَّتَان فأحسنوا السير عليهما إلى الآخرة، و احذروا التسويف فإنّ الموت يأتي بغتة، و لا يغترَّنَّ أحدكم بحلم اللّه جلّ جلاله،فإنّ الجنّة و النار أقرب إلى أحدكم من شراك نعله. ثمّ قرأ: ( فمن يعمل مثقال ذرّة  خيرا  يره . ومن يعمل مثقال ذرّة شرّا يره )(5). فَعُمُرُك أيُّها الحبيب ليس هو تلك السنوات التي تعيشها من يوم ولادتك إلى يوم وفاتك، فعمرك الزمني لا معنى له ،لأنّه قد يكون  حجة لك، إن كنت من أهل الخير،وقد يكون حجة عليك، إن كنت من أهل الشقاوة. أمّا عمرك الحقيقي فهو عملك الصالح الذي تقوم به على أحسن وجه مبتغيا به وجه الله تعالى، فيتقبله الله منك ويكتبه في رصيدك و صفائح حسناتك يوم لا ينفع مال و لا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم. قال ابن عطاء رحمه الله : ( رُبّ َ عمر اتسعت آماده،وقلّت أمداده،ورُبّ عُمُر قليلة آماده، كثيرة أمداده، ومَن بُورك لهُ في عُمرهِ أدرك في يسير من الزّمن ، من المنن ، ما لا يدخلُ تحت دائرة العبارة و لا تلحقه ومضة الإشارة). و لهذا كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يدعو بهذا الدعاء دائما: (اللهم نسألك صلاح الساعات والبركة في الأوقات ). كما أنّه ورد في بعض الأدعية: (لا بُورِكَ لي في طلوعِ شمسِ يومٍ لم ازدد فيه من الله علما، ولا بورك لي في طلوع شمسِ يومٍ لم أزدد فيه من الله قُربا).  (6). ولك أن تعرف  ايها المؤمن أنّه بإمكانك أن تُطيل  حياتك، وأن تَمّدَ  من عُمُرِ آثارك الطيّبة بعد مماتك، فقد ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنّه قال: ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلاّ من ثلاثة : إلاّ من صدقة جارية، أو علم ينتفع به،أو ولد صالح يدعو له)(7) و في حديث آخر نجد بعض التفصيلات لهذه الثلاث: (إنّ مما يلحق المؤمن من عمله بعد موته، علما علّمه و نشره،وولدا صالحا تركه،و مُصحفا ورّثهُ،أو مسجدا بناه،أو بيتا لابْن السّبيل بناه،أو نهرا أجراه،أو صدقة أخرجها من مالِهِ في صِحّتِهِ و حياتهِ،يلحقه من بعد موته)(8). فالدّين نفسه يعدّ ُ طول العمر نعمة إذا اقترن بعمل صالح نافع، فعن عبدالله بن يُسْر أنّ أعرابيا قال : يا رسول الله ! من خير النّاس ، قال : ( من طال عُمُرُهُ و حسُن عمَلُهُ) (9). فعلى قدر ما يمتدّ نفع العمل الصالح الذ ّي يُخَلِّفُهُ الإنسان ويبقى ، بقدر ما يُكْتَبُ له الخلود وتتحقق له مثوبة الله وجزاءه الأوفى. وهذا ما يؤكده حديث النبي المصطفى عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم : ( ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلاّ كان له به صدقة ) (10). ومن هذا المنطلق قام أبو الدرداء رضي الله عنه بغرس شجرة جوز،وهو في الشوط الأخيرمن العمر، فقال له بعض النّاس مُستغربين: أتغرس هذه الشجرة و أنت شيخ كبير،وهي لا تُثمر إلاّ بعد كذا و كذا من السنين؟ فأجاب أبو الدرداء رضي الله عنه: و ماذا عليّ أن يكون لي ثوابها و لغيري ثمرتها؟(11). فالذكر الحسن الذي يتركه الإنسان بعد موته يُعتبر عمرا آخر له ، و في هذا قال الشاعر :        دقَّاتُ  قَلْبِ  المَرْءِ  قَائِلَةٌ     لَهُ          إنَّ الحياة دقائقُ و   ثوَانٍ.        فارْفَعْ لِنَفسِكَ بَعدَ مَوْتِكَ ذِكرها         فالذِكرُ للإنسان عمرٌ ثانٍ.                                                        مصطفى الونيسي / باريس الهوامش : 1)   رواه مسلم 2)   الإسراء / آيات 12ـ 13ـ 14 3)   الرعد /آية 11 4)   الشيخ محمد الغزّالي : جدد حياتك ص 15/16 بتصرف 5)   الزلزلة : 7/8 6)   حسناء صلاح الأصبحي : المعين في الوعظ و الإرشاد ص368ج2 7)   صحيح مسلم 8)   سنن ابن ماجة  9)   سنن الترمذي 10)                   حسناء صلاح الأصبحي : المعين في الوعظ و الإرشاد ص371ج2
 

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أفضل المرسلين 
 تونس في 92008/10/2
بقلم محمد العروسي الهاني الرسالة رقم 493 
رئيس شعبة الصحافة الحزبية سابقا
 مناضل وكاتب –  على موقع تونس نيوز  

الرسالة التاريخية المفتوحة رقم 27 بمناسبة الذكرى الحادية و

 العشرين

للتحول أوجها إلى سيادة الرئيس زين العابدين بن علي
وتشمل على 47 مقترح وفي ذلك سر لا يعلمه إلا الله على بركة الله وعونه وتوفيقه يسعدني ويسرني كمناضل دستوري وكاتب أشعر بحرية الكلمة ومتعلق بقيم الإسلام الخالدة والنصيحة الخالصة لوجه الله وبثوابت حزبنا العتيد حزب التحرير الذي علمنا الصراحة والحوار النزيه والإصداع بكلمة الحق والوضوح. وبناء  على ذلك يشرفني ويسرني أن أكتب هذه الرسالة المفتوحة التاريخية بواسطة موقع الإنترنات تونس نيوز موقع الحرية والتعبير الحر وحرية الرأي الهادف والصريح. إلى سيادة الرئيس زين العادين بن علي بمناسبة الإحتفال بذكرى التحول والتغير بعد  أسبوعين إن شاء الله تعالى وهذه الذكرى الحادية و العشرين للتحول السابع من نوفمبر 1987 يترقبها الأحرار بكل لهفة وشوق وينتظرها الوطنيون الأوفياء بكل تعطش وأمل ويتحدث عنها العقلاء والكتاب وأصحاب الأقلام السليمة النظيفة بكل حرية وتردّد الألسن الطاهرة والقلوب العامرة بالإيمان بالله ورسوله بكل تفاؤل ويعلق عليها أصحاب النوايا الصادقة والعقول النيرة بكل خير ويتطلع نتائجها أصحاب الفكر السياسي السليم والعقل والخيال الواسع النظيف الصافي ويؤمل أغلب الشعب التونسي أن تحصل مفاجاَت سارة وقرارات ثورية تعزّز مكانة تونس وتدعم صورتها في الداخل والخارج بصفاء وانطلاقا من هذه المجموعة من حسن الظن والتفاؤل والأماني بمستقبل أفضل وعيش أسعد وفرحة أعم وثقة أكبر وأمن في القلوب أوسع وحرية في الفكر أرحب وممارسة ديمقراطية أشمل وصفاء العقول أوضح سيادة  الرئيس المحترم، يسعدني أن أتقدم إلى سيادتكم بهذ المناسبة الكريمة التي تصادف الذكرى التحول المبارك وقد كتبت عدة مقالات عن هذه الذكرى في الصحافة المكتوبة التي كانت مفتوحة نسبيا للرأي العام حتى عام 2002. ثم أغلقت أبوابها وبعد محاولات عديدة لنشر مقالاتنا ورسالتنا التاريخية واَرائنا التي تعبر عن ما يخالج فكر وهاجس الشعب وما يدور في ذهن المجتمع التونسي وما يخفيه الإعلام ويحاول تهمشيه. وبعد أن شعرنا بأن أبواب الحوار ومنابره أصبحت هي الأخرى محدودة ولا تتحمل الرأي الحر ولو كان يتحدث على تاريخ زعيم الأمة الخالد وتاريخ ومجد حزب التحرير وبناء الدولة وعندما لاحظنا أن الحوار أصبح دون جدوى وضاقت الأرض بما رحبت طرقنا باب الخير موقع تونس نيوز فوجدناه مفتوحا للجميع مشجعا ومدعما وعادلا وناصفا وغير مغلق وبدون مراقب ولا تحالقه الرقابة الذاتية ومقص الإعلام وتعليمات بعضهم سامحهم الله استغلوا النفوذ لمنع الرأي الحرّ ومنذ يوم 2005/06/23 شرعت في الكتابة في هذا الموقع وساهمت لحد الاَن بـ493 مقال منها توجيه 27 رسالة مفتوحة لسيادتكم عبر هذا الموقع منذ يوم 2005/12/26 إلى اليوم 27 اكتوبر  2008في شتى المجالات. سيادة الرئيس المحترم، اسمحوا لي أن أخاطبكم بواسطة هذا الموقع راجيا أن تجد رسالتي هذه العناية الكاملة والاهتمام وسوف أسعى هذه المرة أن تصلكم هذه الرسالة بفضل القنوات الجديدة والمواقع الداخلية وأبناء تونس الغيورين وأشخاص مخلصون وشبان واجلون من يوم اَت وحساب (لا يترك كبيرة أو صغيرة إلا أحصاها) (يوم نضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاوإن كان مثقال حبة من خردل أُتينا بها وكفى بنا حاسبين) صدق الله العظيم. والحمد لله في تونس اكتشفنا رجال أصحاب الأمانة يبلغون بحول الله هذه الرسالة وسوف يكون مصيرها مضمونا لا كغيرها من الرسائل وسامح الله من حبس رسائلنا وأخفاها. سيادة الرئيس، بمناسبة إحياء ذكرى التحول يسعدني أن أساهم ببعض الخواطر والمقترحات التالية عسى أن تحظى بالرعاية والعناية من لدن سيادتكم ويأخذ في شأنها قرارات هامة تدعم مسيرة تونس ونضالها وتاريخها المجيد طيلة خمسة عقود 52 سنة كاملة منها عقدين في عهد التغير برئاستكم والمقترحات على النحو التالي: المجال الديني والأخلاقي
أولا: في دولة عربية دينها الإسلام أولا العمل على فتح كل المساجد في المؤسسات والإدارات والكليات والجامعة للقيام بدورها وإشعاعها ورسالتها الدينية وقال الله تعالى : » ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها » صدق الله العظيم. ومسجد المركب الجامعي بالعاصمة إحدى هذه المساجد المغلقة. ثانيا : ضرورة دعم الجانب الأخلاقي وحماية الأخلاق الفاضلة ومحاربة مظاهر التفسخ والانحلال الأخلاقي والتسيب والانحراف العراء والميوعة وكل العوامل المشجعة على الانحلال الأخلاقي من ذلك وسائل الإعلام تشجع على العراء في التلفزة. ثالثا : التاكيد على بعث محطة تلفزية تهتم بالجانب الديني والدروس والأحاديث النبوية على غرار المحطات الفضائية العربية وتعزز بعث إذاعة الزيتونة للقراَن الكريم ويكون مقرها مدينة القيروان عاصة الأغالبة ويطلق عليها اسم عقبة بن نافع. الجانب السياسي :
 رابعا : مزيد دعم الديمقراطية بإدخال تحويرات جديدة على المجلة الانتخابية وإفساح المجال للأحزاب السياسية الصغيرة للمشاركة في الانتخابات بنسة نجاح 3% وهي النسبية معمول بها في عدة بلدان في العالم المتحضر والمتقدم. خامسا : إعطاء صلاحيات أوسع لمجلس النواب لمراقبة الحكومة وإصدارلائحة لوم إذا قصرت الحكومة في أداء وظيفتها وعملها نحو الشعب وإذا تبين استغلال وزير لمنصبه… سادسا : تحديد الفترة النيابية لعضو مجلس النواب بمرتين فقط حتى يتسنى لكل مواطن تحمل المسؤولية في مجلس النواب دون حكر على أشخاص والعدل السياسي يفرض هذه الطريقة مستقبلا حتى لا نحرم أشخاص لنرضي اَخرين.؟ سابعا : إعطاء صلاحيات أكثر للوزير الاول كما كان في عد حكومة الزعيم الهادي نويرة رحمه الله والتفويض الذي منحه له الزعيم الكبير المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله حتى يتقرغ الوزير الاول للجلسات الدورية لمجلس الوزراء ومتابعة الملفات والتنسيق بين أعضاء الحكومة ويقوم بزيارة الجهات دوريا ويترأس المجالس الوزارية. ثامنا : إعادة النظر في الفصل 57 القديم في الدستور و التأكيد على أن يتولى الوزير الأول في صورة الشغور لخطة رئيس الدولة مواصلة الأمانة والفصل المشار إليه أسلم وأضمن لاستمرار المسؤولية ومراجعة الدستور ضرورية في هدا المجال. تاسعا : إصدار عفو تشريعي عام بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين وطي صفحة الماضي وإفراغ السجون وتحقيق المصالحة الوطنية والوئام التام وسحب البساط من تحت أقدام المتاجرين والمستغلين لهذا الوضع والمستفيدين منه أقلية بينما المصالحة والعفو الشامل تعطي دفعا جديدا وعهدا جديدا لتونس ولشعبها وهذا أمل الأغلبية والمحبين لتونس ولرئيسها وللدعم والاستقرار والمناعة والثقة في النفوس. عاشرا : مزيد دعم الديمقراطية داخل هياكل التجمع الدستوري الحزب الحاكم وبقدر توسيع الديمقراطية داخل التجمع بقدر توسيع نتائجها وإشعاعها لا فقط على أغلبية التجمعيين بل ينعكس هذا على بقية الأحزاب السياسية في البلاد. المشهد الإعلامي :
 إحدى عشر : مزيد إعطاء دفعا للإعلام وفتح أبوابه ونوافذه للشعب والعمل على إضفاء مزيد التفتح على الرأي والرأي الاَخر وعدم احتكار الإعلام من طرف جهة دون أخرى وترك الإعلام مفتوحا للجميع يعبر فيه المواطن بحرية خاصة في الإعلام المرئي والمسموع الذي هو محدود الأدوار ومغلق على أغلبية الشعب. اثني عشر : مواكبة الإعلام التونسي لما يدور في الإعلام المتطورفي الشرق والغرب وحتى عديد الدول العربية تطور فيها الإعلام تطورا ملموسا باكثر حرية وشفافية وعندما نذكر هذا لرجال الإعلام في بلادنا ونحملهم المسؤولية بعد خطابكم وتعليماتكم لرجال الإعلام يوم 3 ماي 2000 في عيد الصحافة الجلسة الممتازة والحوار الصريح يقولون لنا أنتم تحكمون على الظاهر فقط؟. ثلاثة عشر : مزيد بعث الإذاعات والفضائيات في بلادنا مثل ما فعل الملك محمد السادس عاهل المغرب حفظه الله الذي أذن ببعث حوالي 50 محطة تلفزية وإذاعية لمزيد حرية الإعلام وأن الضرورة تدعو لبعث عددا اَخر من الإذاعات مثل إذاعة ناطفة باسم الاتحاد العام التونسي للشغل تعبر عن مشاغل العمال وهمومهم وقضية التشغيل وغيرها والإستغلال في مجال التشغيل. الوضع الإجتماعي : العناية بشريحة المعوزين والعائلات الفقيرة جدا فبعد نصف قرن من الاستقلال و 21  سنة من التحول لا يليق توزيع الإعانات الظرفية بواسطة وسائل الإعلام لتلقي زاورة أو خروف أو 15 كيلو مواد غذائية في شهر رمضان المعظم أو مائدة إفطار لمدة شهر ثم 11 شهر يعيش على الهامش بينما الكرامة قبل الخبزوحان الوقت لمسح خريطة الفقر ومساعدة الفقراء. أربعة عشر : الترفيع في قيمة المنحة للعائلات المعوزة كل 3 أشهر من 150 دينار حاليا إلى 270 دينار أي بمعدل 90 دينار شهريا أي بمعدل 3 دنانير يوميا مبلغ لشراء رغيف متواضع. خمسة عشر : الإذن بترفيع المنحة العائلية للأطفال المجمدة منذ 15 سنة بينما كل شيء ارتفع وتطور 30 ضعفا في الأسعار وحاجيات الأظفال ماعدى منحتهم بقيت في مكانها منذ 15 سنة دون ترفيع وهذا والله مخجل. ستة عشر : الإذن بالترفيع في منحة المقاومين والمناضلين من 140  دينار إلى 240 دينار أي 8 دنانير في اليوم وأن منحة تقاعد فنانة أو فنان أكثر من منحة من ضحى بحياته في سبيل الوطن وفي سبيل حرية الوطن وبناء الدولة العصرية وقامت الدولة على إعتاقهم. سبعة عشر : التخفيض في الأداء على الدخل السنوي لشريحة المتقاعدين الذين ضحوا طيلة 35 سنة أو أكثر يدفعون الضريبة كاملة وأجورهم محدودة مراعات لإمكانيات البلاد واليوم بعد إحالتهم على المعاش مازالوا يدفعون نفس القيمة كاملة. نقترح التخفيض من الخصم الكامل 10% من المرتب إلى 5% فقط حتى نريح المتقاعد من ثقل الخصم كما هو معمول به في الخارج. ثمانية عشر : إيجاد صيغ عملية لقضية التشغيل وما أدراك ما التشغيل القضية أكثر تعقيدا ولازالات معقدة وفي ازدياد مستمر والحلول موجودة إذا توفرت الإرادة السياسية و من الحلول سن قانون التقاعد المبكر بعد 55 سنة حتى يقع استيعاب اَلاف الطلبة المجازين أصحاب الشهائد العليا مع تكوين لجنة محايدة للانتدابات بأكثر شفافية وحذف البحث الإداري والأمني في قضية الخبزة والرغيف. تسعة عشر : إيجاد صيغ جديدة  لقضية السكن لأصحاب الدخل المحدود ما يسمى بالأجر الأدنى المضمون مرتين أو 3 مرات  هؤلاء لا يقدرون على شراء متر واحد بـ 120 دينار و اكثر وعلى الحكومة تخصيص مقاسم بـ200 متر بأسعار لا تتجاوز 15 دنيار حتى يتسنى لهذه الشريحة الحصول على بناء مسكن مع التخفيض من فائض قرض المساكن الاجتماعية من 5% حاليا إلى 2% مثل الدول المتقدمة وفرنسا قرض السكن منخفضا إلى أبعد الحدود. عشرون: الخدمات الإدارية ومشاكل التعامل مع الإدارة : عشرون : العمل على تقريب الإدارة من المواطن بمزيد إحداث المعتمديات وقد اقترحت في مقالات سابقة إحداث 51 معتمدية جديدة وكلك إحداث 6 ولايات جديدة حسبما اقترحته سابقا منها تقسم ولاية صفاقس إلى 3 ولايات ونابل إلى ولايتين وبنزرت إلى ولايتين والمهدية إل ولايتين ومدنين إلى ولايتين وصفاقس قبل كل شيء. الحادي والعشرين : مضاعفة الاتصال بالمواطنين والإصغاء إليهم من طرف المسؤولين الجهويين والمحليين والردّ على مشاغلهم والإجابة على رسائلهم في ظرف 15 يوما على أقصى الحالات وأن تكون الردود ايجابية لا بالصيغ المعمول بها :أحلنا مطلبكم تحت عدد إلى السيد المعتمد أو المصلحة الفلانية….والنتيجة لا شيء سرابا في سراب.. اثني و عشرين : مزيد إعطاء صلاحيات للولاة قصد انجاز مشاريع في مناطق نفوذهم خاصة إذا كانت متواضعة وبسيطة ولا تتطلب دراسات فنية وأموال طائلة في نظاق اللامركزية والمحورية مثل ايصال الماء للحجارة وغيرها… ثلاثة وعشرين : جعل أبواب الولاية والمعتمدية مفتوحة للجميع ولا يمكن من يرغب في مقابلة الوالي أن يبقى ينتظر سنة كاملة أو اكثر مع نجاعة وجدوى المقابلات لا من أجل المقابلة فحسب بل العبرة نقضي حاجة المواطن والإصغاء إليه وهذا الامر أكدتم عليه يا سيادة الرئيس مرارا في ندوات السادة الولاة ولكن الخطاب جميل والتعليمات أجمل والتطبيق ربي ينوب به هناك ولاة لا يزورون مناطقهم طيلة مدة ولايتهم….و4 ولاة تحملوا المسؤولية بصفقاس ولم نشاهد واحد منهم زار الجهة (اعني منطقة الحجارة). أربعة وعشرين : الوضع الاقتصادي : مزيد العناية بتشغيل الشبان في المجال الفلاحي والعمل في هذا الصدد على تطوير القرض المخصص لشراء الأراضي الفلاحية بواسطة مشروع فلاحي عن طريق وكالة النهوض بالاستثمار الفلاحي فالقرض المخصص حاليا 100 ألف دينار أصبح لا يفي بالحاجة ولا تشتري إلا خمسة هكتارات في زغوان أو القصرين وسيدي بوزيد أما في الوطن القبلي وصفاقس والساحل فالهكتار أرض بيضاء أصبح بـ60 ألف دينار وأكثر والمطلوب تطوير قيمة القرض الفلاحي إلى 250 ألف دينار. خمسة وعشرين : التخفيض من قيمة الفائض على القرض ألفلاحي من 6% إلى 3% حتى يتسنى للفلاح الصغير خدمة أرضه ومزيد الانتاج وتوفير الغذاء للوطن بأقل التكاليف وتسيير الشروط وعدم ارتباك الفلاح بشروط عسيرة. ستة وعشرين : إعادة النظر في توزيع الضيعات الفلاحية وغابات الزيتون وإمكانية مزيد العدل الإجتماعي في توزيعها وعوضا عن إسناد 3000 أصل زيتون لشخص واحد يمكن أن تسند لخمسة شبان عوضا عن واحد له معارف وتدخلات مثل ما حصل في صفاقس. سبعة وعشرين : التشجيع المتواصل للفلاحين الصغار بإقرار وتحديد أسعار انتاج الحبوب والحليب والزيت لنحافظ على كمية الإنتاج المحلي بأسعار لا تحبط الفلاح وتجعله في حالة خسارة دائما والواجب يدعو لدرس الأسعار درسا مستفيضا حتى لا يكون عرضة لخسارة الفلاح سواء في موسم الحبوب أو انتاج الحليب والزيت ولا بد من اقتصاد متين يراعي مصلحة الفلاح وضروريات المستهلك مثل فرنسا أو اروبا وهذا يتطلب دراسة عميقة حتى لا يكون الربح لشريحة دون أخرى. ثمانية وعشرين : وضع حد لشروط مشطه في خصوص بناء معصرة جديدة أو مخبزة جديدة في جهة ريفية بعضهم يقولون ممنوع إضافة معصرة أو مخبزة كيف يمكن أن نشجع صاحب مشروع وكلمة ممنوعهي السائدة. تسعة وعشرين : التنمية ومناطق الظل والجمعيات ودورها : ضرورة دعم مناطق الظل ببرامج تنموية شاملة للنهوض بها وإلحاقها بالجهات التي ازدهرت وحققت تنمية شاملة وإن صندوق القروض المخصص لمناطق الظل ورفع مستوى المواطنين مازال دون المطلوب لتحسين ظروف عيش المواطنين ودعم مشاريع للشباب ويجب مضاعفة الإعتمادات المخصصة للمناطق الأقل حظا وخاصة مناطق الظل ولا يمكن لقيمة قرض بألف دينار مثلا أو أقل أن يلعب دور في تنمية دخل المواطن وعليه فإن القرض بنبغي أن يفوق ثلاث ألاف دينار ويسترجع بعد 3 أعوام بفائض 2% ويسند لكل شاب يسعى لتحسين وضعه وتطوير ظروف عيشه. ثلاثون : العمل على صيانة وتعهد الطرقات والمسالك الفلاحية التي انجزها صندوق 26-26 في الأعوام المنصرمة وإصلاحها ومتابعة وتعهد المشاريع التي أنجزها الصندوق منذ 10 أعوام وبعض الطرقات تعطبت وحصل فيها خلل فادح ولم تعير المصالح الجهوية أي اهتمام لطلب التعهد مثلها حصل في طريق الحجارة ببئر صالح بمعتمدية الحنشة ولاية صفاقس وكذلك الشان بالنسبة لحرمان 87 أسرة من الماء الصالح للشراب بالمنطفة رغم النداءات المتكررة لا من مجيب ونأمل قرارات حاسمة من أعلى هرم الدولة في الذكرى الواحدة والعشرين للمناطق الأقل حظا مثل الحجارة. واحد وثلاثون : إعطاء الأولوية في التشغيل لمناطق الظل خاصة أصحاب الشهائد العليا والعائلات المعوزة لكن بالنسبة لوزارة التربية والتكوين منذ عام لم تعير أي اهتمام بمطالب شبان مناطق الريف ومناطق الظل ووقع التركيز على جهات دون أخرى وأصبحت الجهوية هي الفكرة الطاغية عند بعض المسؤولين سامحهم الله. اثنان وثلاثون : العمل على تلبية طلب الحصول على التأشيرة القانونية لبعث جمعية الوفاء للمحافظة على تراث الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله ورموز الحركة الوطنية وهذا الطلب أكدنا عليه منذ يوم غرة جوان 2005 ونأمل الحصول على التأشيرة بمناسبة الذكرى العشرين للتحول وفاء لروح الزعيم الخالد ودعما للتوجه الديمقراطي. ثلاثة وثلاثون : الكرامة وعزة النفس : سيادة الرئيس إن شعبكم كافح الإستعمار طيلة 74 سنة من أجل الكرامة والأنفة وبفضل الله وعونه تحقق النصر بفضل ونصر من الله وبحكمة وتبصر من قيادة وطنية أنعم بها الله علينا ووهبها الصبر والثبات والعقل والحكمة فجاء النصر على يديها وتحققت العزة والكرامة والحرية على يد بطل التحرير وزعيم الأمة المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله ورفاقه. نرجو من سيادتكم دعم كرامة المواطن وجعل الكرامة قبل كل شيء لأن الإنسان أكرمه الله وجعله الله خليفته في الأرض قال الله تعالى : » وكرمنا بني اَدم » صدق الله العظيم. نرجو من سيادتكم ضرب كل يد تعبث بكرامة المواطن أو يفرق بين البشر هذا متاعنا وهذا مش متاعنا وهذا من جهتي وهذا من الريف وهذا ما حصل في مجال التشغيل أحدهم من المسؤولين عند الإنتدابات يختار 50% من جهته ويوزع البقية على 23 ولاية والاَخر يعين من مدينته الصغيرة عدد هام من المعلمين والأساتذة والريف نصيبه النزر القليل. وهذا يفتح مناظرة على الصحف ولكن النتيجة مسبقة ومعروفة. ندرك الإدراك العميق أنكم يا سيادة الرئيس لا تعلمون بهذه التصرفات والشطحات لا تصلكم معلومات عنها والرسائل لا تصلكم وأحبابهم يغطون عنهم ولا يفضحونهم لأنهم يدركون لو تصلكم أخبارهم وتصرفاتهم وأفعالهم لا يمضي النهار إلا وهم معزولون ومعفون من مناصبهم لأن التحول جاء لمزيد الإصلاح وقلتم لا ظلم بعد اليوم. قال الله تعالى : « لمن الملك اليوم لله الواحد القهار »صدق الله العظيم. »  أربع وثلاثون :التخفيض من كمية البنزين أللتي تسند للمسولين بنسبة %50 لمجابهة قضية التشغيل خمس و ثلاثون :  دعم المجلس الأعلى للمقاومين و كبار المناضلين بعناصر جديدة لمزيد التفاعل و الحركية. ستة وثلاثون : حذف الإيداع القانوني للكتب والصحف مزيد دعم هذا القرار وتطبيقه على كل الكتاب وأصحاب الرأي دون استثناء أو تخصيص أشخاص كما لاحظنا مؤخرا تعطيل بعض الكتب بينما قراركم واضح وعلى الإدارة مواكبة قراراتكم والسهر على تطبيقها بحذافيرها ؟؟؟ سبعة وثلاثون : مزيد دعم قضية الأخلاق وتطويق ظاهرة التفسخ الأخلاقي والسلوك اللغير حضاري وارتداء اللباس القصير المناخي للأخلاق الحميدة وضرورة التصدي للانحراف مظاهر ومظاهر الانحلال الأخلاقي بسن قوانين رادعة لكل المنحرفين والخارجين على القانون وقيم المجتمع العربي والإسلامي وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما بعثت لأتهم مكارم الأخلاق ثمانية وثلاثون:  ضرورة تعميم الانتخابات داخل التجمع وهياكله على مختلف الأصعدة والمستويات القاعدية والمحلية والجهوية والوطنية ومن أهمها لجان التنسيق الحزبي على الصعيد الجهوي تسعة وثلاثون : العمل على الضغط على أسعار المواد الأساسية والتخفيظ في سعر البنزين بعدما هبط سعره عالميا وأن الأسعار العالمية هبطت إلى 50% ومن باب دعم الطاقة الشرائية ومراعاة ظروف المواطنين العمل على المبادرة بشجاعة بتخفيظ مادة البنزين التي أصبحت من العوامل المؤثرة في استهلاك المواطن في مجالات الفلاحة والصيد البحري والنقل والخدمات والاقتصاد. المقترح الأربعون : ضرورة مراجعة الحقوق المدنية والسياسية بصفة آلية بعد قضاء المدة المنصوص عنها حسب القانون 3 أعوام للخطايا وخمسة أعوام لقضايا المحكوم عليهم بالسجن وإمكانية التخفيظ من هذه المدة وجعل قضى الأجل مرجعا آليا دون استثناء حتى نقضي على قاعدة الاستثناء التي أصبحت قاعدة لا تتماشى ونص القانون وقد لعب الاجتهاد دور هام ليس في صالح هذه الشريحة. وأن هناك شبان وقع حرمانهم من السفر وحق جواز السفر الذي نص عليه الدستور التونسي من أجل خطية رغم خلاص الخطية في وقتها؟؟؟ واحد وأربعون : ضرورة مراجعة قضايا الديوانة وتطوير ودعم العلاقات بين إدارة الديوانة والمواطن في إطار الصلح فهناك قضايا تافهة لا تتجاوز 250 دينار يقع التشديد عند المصالحة وترفع بعض القضايا للمحاكم وهناك قضايا كبرى تصل المليارات ملفات أصحابها مؤجلة لماذا ؟؟؟ اثنان وأربعون : مزيد دعم تمثيل بعض الجهات الداخلية في إسناد بعض المسؤوليات في تجسيم العدل السياسي والإجتماعي بين الجهات والمعتمديات وهذا ضروري لدعم التمثيل المحلي حتى في سلك المعتمدين ومجلس المناضلين. المقترح الثالث والأربعون : المبادرة من طرف سامي سيادتكم بإصدار العفو والصفح والتسامح على كل المطرودين من عملهم سواء من المناجم في ولاية قفصة أوكل المطرودين من العمل بما في ذلك العون بلقاسم الناصري العامل بفرع الجم لشركة الكهرباء والغاز الذي تم طرود وعزله يوم 10/04/2008 من العمل وقضت عليه الشركة قضاء مبرما وحكمت عليه بالإعدام وعلى أسرته المترقبة من 7 أشخاص وهو في سن الأربعين. اربع واربعون :ضرورة بعث صندوق وطني للعاطلين عن العمل من اصحاب الشهائد العليا يمول من طرف اصحاب المشاريع خمس واربعون : تسوية وضعية اصحاب شهادة الكفاءة المهنية للمحاماة المسندة من المغرب والجزائر في السنوات الاخيرة في اطار اتفاقية الاتحاد المغاربي. ستة واربعون : دعم الطاقة الشرائية لشرائح اجتماعية هامة لمجابهة مصاريف الاعياد الدينية وشهر رمضان والعودة المدرسية المبادرة تتمثل في صرف مرتب شهر هدية بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين للتحول وشعبكم جدير بهذه اللفتة الكريمة. سبعة واربعون: ضرورة طرح الخطايا المتخلدة بذمة المواطنين سواء الاداء البلدي او خطايا التسجيل العقاري والاملاك الفلاحية هذه المقترحات الشجاعة عددها 47 مقترح يصادف هذا العدد اعز الذكريات الوطنية في عام 1961.  فهل ذكرى السابع من نوفمبر تحمل البشرى و الفرحة للشعب التونسي و ان مخاطبة سيادة الرئيس زين العابدين بن علي بكامل الوعي و الحرية هو دليل قاطع على تجاوب القاعدة مع القمة في تصور سليم لحياة افضل  وأرقى يسودها الاحترام والثقة وحسن الظن. وعسى أن يأتي اليوم المنشود الذي يأخد فيه المواطن حقه و يشكر على مقترحاته لمزيد دعم الاصلاح والتقدم والاستقرار والأمن في القلوب والنفوس وإعلاء حرية    الكلمة والتعبير بعيدا عن كل أشكال الإقصاء والتهميش والمراقبة اليومية الذاتية لكل جملة تنشر بمواقع الانترنات؟؟؟ خوفا من الرأي الحر والكلمة الصادقة الهادفة التي هدفها الإصلاح ثم الإصلاح ولا شيء أفضل من حرية الرأي والتعبير ولا أسمى من قول الحقيقة. ولا أبلغ من الإصداع بالحق طبقا لمنهج الإسلام وتعاليم ديننا الحنيف وشريعتنا السمحاء وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيديه لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا. وقال أبو بكر الصديق خيركم من أهداني عيوبي أي نصحني كل هذه الأقوال تدل على قول الحق والدفاع عنه. كما نتمنى ان نتخلص ايضا من التشخيص المفرط حتى في ذكر رئيس شعبة حضر اجتماع و انفرد بالذكر و التنويه، و الرئيس قال عام 1988 قل تحيا تونس لأنها هي صاحبة الفضل و الانتماء؟؟؟ و ان الوفاء لا يكون الا لرمز البلاد و الانتماء الا للوطن. سدد اله خطاكم يا سيادة الرئيس وأعانكم على تحقيق أماني شعبكم الذي يتطلع إلى مزيد القرارات وهذه المقترحات هي من أماني شعبكم الوفي الذي ينتظرها بمناسبة الذكرى الحادية و العشرين. سيادة الرئيس، إن ما جاء في هذه الرسالة المعبرة لا يكتبه إلا مناضلا مخلصا صادقا وفيا عامرا قلبه بالإيمان والحب والوفاء وفي العالم المتطور صاحب الرسالة مثل هذه الرسالة يكرم ويبجل ويحضر المناسبات الكبرى لأنه اكبر ناصح وأكبر غيور على الوطن وأكبر شجاع ولا يكون شجاعا إلا النظيف الصادق المعتدل ويا ليت ننسج على منوال الدول الراقية التي تحترم مفكريها وآراء أبنائها المخلصين الذين لا يعرفون للمادة سبيلا أو طريقا مثلما يتاجر غيرهم .  قال الله تعالى : »ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين » صدق الله العظيم.     محمد العروسي الهاني  هـ : 22 022 354  3 نهج الوفاء حمام الشط  وعنواني يدل على شجاعتي

الإسلاميون والأزمة المالية.. قراءة في الخطاب الاقتصادي

 

عبد الحافظ الصاوي   الأزمة المالية جعلت الجميع يعيد حساباته لا شك أن الأزمة المالية كانت من العمق بحيث يعيد الجميع حساباته، خاصة بعد تلك الأصوات الغربية التي طالبت بمراجعة آليات الرأسمالية، وما يتعلق منها بآليات العولمة والتي اصطلح على تسميتها بالرأسمالية المتوحشة، حيث إنها تنظر إلى مكاسبها القريبة دون النظر للأبعاد الاقتصادية والاجتماعية وتأثيرها على الآخرين، في ظل أزمات عالمية متعددة من حيث انتشار الفقر والجوع بين البلدان النامية والأقل النمو، فضلا عن ارتفاع معدلات البطالة بين أبناء الدول الأوروبية وتجاوز مسلمات أوروبية رسخت على مدار السنوات الماضية مثل الشفافية داخل المؤسسات ووجود الرقابة والمحاسبة الدقيقة، فهال الغربيين أنفسهم هذا الكم من الغش والخداع داخل المؤسسات المالية والاقتصادية، والتي تكشفت من خلال سقوط المؤسسات المالية الواحدة تلو الأخرى.  الخطابات المختلفة حول الأزمة وقد تعددت الخطابات والكتابات لتناول الأزمة من حيث الرصد أو التوصيف أو الأسباب، فوجدنا خطاب ما يمكن أن نسميهم عقلاء الرأسمالية والمنادين بالرأسمالية الاجتماعية، والنظر بعين الاعتبار للأزمة الاقتصادية والاقتصاد العيني لا الاقتصاد المالي فقط. وكذلك خطاب اليسار والذي تعددت رؤاه مع تداعيات الأزمة وأداء الدول الغربية تجاهها فنجده في الوهلة الأولى يرى سقوط الرأسمالية ووصفها بأنها نظام تجاوزه الزمن ولا بد من تغييره، إلا أن هذا التقويم اختلف بعد مرور نحو شهر من وقوع الأزمة، حيث رأى بعض اليساريين أنه لا يجزم بسقوط الرأسمالية؛ لأنها ليست نظاما اقتصاديا فحسب، ولكنها نظام اجتماعي وسياسي، وأن الديمقراطية السياسية للرأسمالية من أهم مقومات تغلبها على المشكلات. ومن ثم يرى أصحاب هذا الرأي المتأخر لليسار أن الذي سقط هو الليبرالية الاقتصادية أو العولمة الاقتصادية الداعية لحرية انتقال رءوس الأموال بلا ضوابط، وكذلك حركة التجارة الدولية. وفي خطاب الإسلاميين نجد أنفسنا تجاه مكونات عدة لهذا الخطاب من جهة، ومن جهة أخرى يدعونا الأمر لمقاربة بين خطاب الإسلاميين تجاه الأزمة المالية العالمية الحالية وبين ذلك الخطاب السابق للإسلاميين عند سقوط الاتحاد السوفيتي في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، مع الأخذ في الاعتبار أن سقوط الاتحاد السوفيتي كان متسارعا وصادما في نفس الوقت، وإن كانت هناك بعض التحليلات لعلماء غربيين يرون نفس المصير لأمريكا والاتحاد الأوروبي. وتعنى هذه السطور برصد مكونات الخطاب الإسلامي تجاه الأزمة المالية، ووجود مقارنة بينه وبين الخطاب السائد لهم تجاه سقوط الاتحاد السوفيتي.  الأزمة كعقاب إلهي ركز جزء من الخطاب الإسلامي على أن زوال الاتحاد السوفيتي في القرن الماضي أو الأزمة المالية العالمية الحالية التي حلت بالغرب بشكل خاص وبالعالم بشكل عام، هما عقاب إلهي طبيعي وعادل لظلم كلا النظامين، والرأسمالية في طريقها لنفس مصير الاتحاد السوفيتي فعلى سبيل المثال استعرضت مجلة التبيان الصادرة عن الجمعية الشرعية في مصر أعمال ندوة نظمتها الجمعية وحملت عنوان: الرأسمالية وإرهاصات السقوط، استدل فيها أستاذ التاريخ الإسلامي د. عبد الحليم عويس بمقولات مؤرخين وفلاسفة غربيين على زوال الحضارة الغربية، حيث قال أحدهم: « إن الحضارة الغربية تعيش ساعتها الخامسة والعشرين »، أي أن عمرها انتهى وتعيش في مراحلها النهائية. فالاتحاد السوفيتي خاض حربا استمرت نحو عشر سنوات ضد شعب أفغانستان الأعزل، كما عمل على تقويض الجمهوريات الإسلامية في شرق أوروبا وضمها إليه قسرا، وفرض عليها أيدلوجيته الشيوعية وأغلق المساجد ومنع الحجاب ودور تحفيظ القرآن والمدارس الدينية. كما أن أمريكا وبمساعدة أوروبية أعادت احتلال أفغانستان والعراق، وأعانت اليهود على تكريس احتلال فلسطين، واتخذت من الإسلام عدوها الأول بعد سقوط الاتحاد السوفيتي في القرن الماضي، وسعت أمريكا والغرب لفرض نظم اجتماعية وثقافية على البلدان الإسلامية تصطدم بعقيدة الإسلام باسم العولمة. وفي هذا الإطار يتم التبشير بقيام دولة الإسلام العالمية، وهي نفس الدعوة التي تمت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، خاصة أن ذلك تم بعد فشل الاتحاد السوفيتي في حربه في أفغانستان، ونفس الخطاب يرى أن الأزمة المالية مقدمة لزوال الرأسمالية، وبذلك تكون هناك حالة فراغ لا يملؤها سوى الإسلام، وقيام الخلافة الراشدة.  سلامة المصدر     المصارف الإسلامية تضررت أقل من غيرها ركز الخطاب الإسلامي على واحدة من أهم مكوناته وهي الإشارة إلى سلامة المصدر الإسلامي؛ لكونه مصدرًا إلهيًّا، بينما غيره من النظم الأخرى مستمدة من تجارب بشرية يرد عليها الصواب والخطأ.   وهذا المكون الخطابي ثابت في تفسير الإسلاميين لأمر سقوط الاتحاد السوفيتي « سابقا » وفي الأزمة المالية للرأسمالية، فالنظام الاشتراكي الذي تبناه الاتحاد السوفيتي « سابقا » اعتمد على الصدام بالفطرة البشرية والسنن الإلهية، فألغى الملكية الفردية ومنعها بالكلية، فضلا عن كفره بالأديان جميعا، والأزمة المالية الحالية أتت من جراء هذا الإفراط في الملكية الفردية فكان هذا الشطط من قبل المؤسسات المالية، واعتماد العلمانية والحرية المطلقة كمنهج حياة، مما يجعلها تصطدم في أمور عدة بتعاليم الإسلام.  مخالفة شرع الله رصد الخطاب الإسلامي مجموعة من الآليات التي اعتمدها الاقتصاد الرأسمالي وأسواقه المالية، تقوم على الربا وبيع الديون والغرر والغش والنجش، وهي أمور محل زجر ونهي في المنهج الإسلامي. وركز خطاب الإسلاميين على أن ما وقع من مشكلات اقتصادية يأتي كنتيجة مباشرة لمخالفة شريعة الله عز وجل، ليس في هذا الجانب فحسب بل بممارسته بعض أنواع النشاط الاقتصادي المحرمة في الأصل، مثل صناعة وتجارة الخمور، والقمار والدعارة، وغسيل الأموال القذرة التي تم جمعها من أنشطة محرمة… إلخ. نظرية المؤامرة  تبني وجهة النظر الداعية إلى أن ما حدث ليس أكثر من عملية منظمة ومتفق عليها (نظرية المؤامرة)، من قبل أمريكا والغرب لإهدار ثروة المسلمين التي تحققت خلال السنوات الخمس الماضية من جراء ارتفاع أسعار النفط، وقد زكى هذا الاتجاه في الخطاب الإسلامي بعض الكتابات في الغرب التي توقعت هذا السيناريو للأزمة، مثل كتاب « حرب العملات »، والذي ركز على دور اليهود في إحداث أزمة مالية يكون الهدف منها إهدار الثروة الصينية، أو تصريحات بعض القادة السياسيين في الخليج من أن منطقتهم مستهدفة، أو استرجاع تصريحات رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد من دور اليهود في إحداث أزمة الأسواق المالية في دول آسيا في عام 1997. الدعوة إلى النظام الإسلامي  دعوة النظم العربية والإسلامية إلى تبني النظام الإسلامي بجوانبه المختلفة، بعد أن ثبت في الواقع فشل النظم الوضعية، وبرهن الخطاب الإسلامي هذه المرة على صحة دعوته إلى نماذج واقعية معاصرة، سواء في سقوط الاشتراكية أو الرأسمالية، وليس عبر استدعاء تاريخي أو اجترار للماضي. وفي تطور واكب هذه الأحداث والدعوات أعلن أن المملكة العربية السعودية بصدد إصدار تشريع خاص للمصارف الإسلامية والتي شهدت انتعاشا بها خلال الفترة الماضية، ولكنها كانت تشكو وجود عراقيل من اللوائح الخاصة بالبنوك التقليدية، والتي كانت وما زالت البنوك الإسلامية تعمل في إطارها. هذا بالإضافة إلى الاعتماد على الشهادات الغربية بسلامة المنهج الإسلامي، وقد سهلت هذه الكتابات مهمة اعتماد الخطاب الإسلامي عليها؛ وذلك لخروجها مبكرا من قبل كتاب وصحف كبيرة في الغرب، تدعو لتبني نظام التمويل الإسلامي ودراسة الشريعة الإسلامية، بل وإقبال فرنسا على إنشاء منهج دراسي للاقتصاد الإسلامي بجامعاتها، والسماح من قبل بنكها المركزي بالتوسع في ممارسة المصرفية الإسلامية.  الاقتصاد الإسلامي كمخرج للأزمة هناك كتابات إسلامية ركزت على فلسفة النظام الاقتصادي الإسلامي، وعدم حصره فقط في الجانب المالي أو المصرفي، ولكن ربطه بالجوانب العقائدية، وكونه جزءا من كل وهو النظام الإسلامي العام، مع بيان لدور المال ووظيفته في الإسلام، وقضية الاستخلاف وحقيقة دور الإنسان في الأرض، مع التركيز أيضا على الجوانب الإنسانية والاجتماعية التي يأخذها الإسلام في الاعتبار في نظامه الاقتصادي. بالإضافة إلى تأكيد الثقة على حرمة الربا، خاصة ما يتعلق بفوائد البنوك، وحيث كانت فوائد البنوك واحدة من القضايا لتي أثارت لغطا كبيرا في الأوساط المصرفية والاقتصادية مؤخرا، بعد اتجاه البعض إلى جوازها في السنوات القليلة الماضية. واستعان خطاب الإسلاميين بكتابات بعض الاقتصاديين الغربيين المنادين بجعل سعر الفائدة صفرا، أو اتجاه البنوك المركزية الغربية الآن لتخفيض سعر الفائدة والذي وصل في أمريكا إلى 1% كدليل على صحة المنهج الإسلامي. كما طالب الإسلاميون باعتماد النظام المالي العالمي على قواعد النظام الإسلامي، فبعد التداعيات السلبية للأزمة المالية ودعوة رئيس وزراء بريطانيا إلى مؤتمر عالمي لمراجعة النظام المالي العالمي على غرار مؤتمر بريتود وودذ –الذي عقد في الأربعينيات من القرن الماضي- دعا بعض الإسلاميين إلى بلورة موقف إسلامي اقتصادي يمكن تقديمه لهذا المؤتمر لاعتماده كقواعد للنظام المالي العالمي.  العودة إلى قاعدة الذهب أشارت بعض الكتابات الإسلامية إلى أن التخلي عن قاعدة الذهب في سبعينيات القرن الماضي جعل الاقتصاد الأمريكي يستنزف ثروات العالم بدعوى قبول عملته الوطنية كعملة دولية لتسوية المعاملات الدولية، ومن هنا يطالب هؤلاء الإسلاميون بالعودة مرة أخرى إلى قاعدة الذهب واعتبارها الغطاء الوحيد لإصدار العملات والنقود. ويساعد على تبني هذه الدعوة ما هو قائم بالفعل في ماليزيا وعدد من الشركات على مستوى العالم من خلال ما يطلق عليه « دينار محمد » وهو مقوم بالذهب وتتم التسويات بين هذه الشركات على هذه العملة، وهناك دعوة لتفعيل هذه العملة على الصعيد العربي والإسلامي على الأقل من أجل المحافظة على ثرواتهم.  سلامة تجربة المصرفية الإسلامية على الرغم من حرص الإسلاميين والمتخصصين في الاقتصاد الإسلامي على التفرقة بين المصرفية الإسلامية كفلسفة، وأسس ومبادئ وتجربة البنوك والمصارف الإسلامية التي شابها العديد المخالفات، فإن خطاب مسئوليها منذ اللحظة الأولى اعتمد على نفي أي أضرار لتلك البنوك من جراء الأزمة المالية العالمية، بسبب بُعد آليات العمل بها عن تلك الموجودة في أسواق المال أو البنوك الغربية المضارة من الأزمة؛ إلا أن بعض مسئولي البنوك الإسلامية في ماليزيا صرح بأنها ستضارّ بشكل غير مباشر؛ بسبب حالة الركود المنتظرة عالميا، وليس بسبب اعتمادها آليات البنوك التقليدية. كما أن البعض أشار إلى وجود بعض الخسائر التي تمنى بها البنوك الإسلامية بسبب وجود استثمارات لها في قطاع العقارات في أمريكا والغرب، وإن كانت تتبع فيه آلية المرابحة الإسلامية، ولكن هذا القطاع في عمومه أصيب بحالة كساد كبيرة وانخفضت قيمة أصوله بشكل كبير. وتتبنى المواقع الخاصة بالمصارف الإسلامية ما ينشر على مواقع دولية مثل bbcarabic.com وغيرها عن انتشار وتزايد التعامل مع البنوك الإسلامية في الغرب، خاصة في بريطانيا من قبل غير المسلمين. بقي أن نقول إن الهدف من هذا المقال ليس التهوين من الخطاب الإسلامي، ولكن الهدف الوقوف على مفرداته وطبيعة أدائه، وتصوره ومفهومه للأزمة المالية العالمية وأبعادها. باحث مصري متخصص في الشئون الاقتصادية (المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 3 نوفمبر   2008)  

سوريا المطعونة في الصدر وفي الظهر
 منصف المرزوقي الشهر الماضي تعرضت سوريا حبيبة كل العرب لطعنتين. الأولى في الظهر يوم 26/10/2008   أكتوبر عندما قتل  » مغاوير » الجيش الأمريكي مدنيين عزّل في قرية البوكمال، مثيرين موجة من السخط والاشمئزاز من المحيط إلى الخليج، وليس فقط على الحدود السورية العراقية. الطعنة الثانية تلقتها في الصدر يوم الأربعاء،29عندما أدانت محكمة صورية رياض سيف رئيس مكتب أمانة إعلان » دمشق « ، و فداء أكرم حوراني رئيسة المجلس الوطني،  وأميني سر المجلس أحمد طعمة و أكرم البني، و أعضاء الأمانة العامة علي العبد الله و جبر الشوفي و ياسر العيتي، وأعضاء المجلس الوطني طلال ابودان و وليد البني و محمد حجي درويش  و مروان العش  وفايز سارة. طعنتان تندرجان في سلسلة طويلة من الطعنات للمحتلّ الداخلي والعدوّ الخارجي. فالمحاكمة الأخيرة حلقة من سلسلة المحاكمات الطويلة…وراء هذه المحاكمات الصورية، ثمة ظروف الاعتقال، وظروف التعذيب، وظروف سجن الآلاف من خيرة أبناء سوريا…ووراء كل هذه الفظاعات ثمة مجازر حماة وحلب والأخرى التي لم نسمع بها…كل هذا لترويع الشعب السوري وتركيعه حتى يقبل مكرها بمصادرة كرامته وحريته وثرواته… بالفساد والظلم والتزييف والفقر… دون قدرة محاسبة أحد أو تصحيح خلل. وعلى الطرف الآخر، الهجوم الجبان على البوكمال آخر حلقة مما يكلفه العدوّ الخارجي لسوريا…بعد كل الحروب المخسورة ضد الصهيونية…بعد فقدان الجولان…بعد الهجومات الجوية على ما سمي المفاعل النووي السرّي…بعد تكاليف الحمل الثقيل لمئات الآلاف من اللاجئين العراقيين، وسيذكر التاريخ العربي للشعب السوري أنه الشعب الوحيد الذي فتح قلبه وذراعيه للشعب الشقيق وهو في النازعات غرقا. لقائل أن يقول أن وضع الطعنتين على نفس المستوى أمر مناف للمنطق، لا لشيء إلا لأن من سمح بوجود اللاجئين العراقيين هو النظام. لكن ليتمهّل من لا يفهمون أن الوطنية ليست الولاء للنظام وإنما الموطنية حتى لا تحجب عنهم الشجرة الغابة. ليتذكروا فقط عدد الذين اغتالهم وعذبهم وأرهبهم النظام الاستبدادي على مرّ العقود الأربعة الأخيرة، وليزنوه بعدد ما قتل الأمريكان والصهاينة في نفس الفترة. ليتذكروا العدد الأكبر لكل من ألزمهم رعب المخابرات بيوتهم وعقل ألسنتهم وجمّد طاقاتهم.  وإذا أصروا على أن التعذيب الوطني والقتل الوطني والسجن الوطني خير وأبقى من تنكيل الأجانب واحتلالهم المباشر فليكن لهم هذا الخيار يتحملون وحده مسؤوليته.  وللذين لا يزالوا يتوهمون أنه بمثل أداة الدولة الاستبدادية ستتطور سوريا إلى درجة قدرة مواجهة التحديات الخارجية، يرجى العودة لخطب النظام وانجازاته الفعلية.  ليضعوا نصب أعينهم المثال الليبي حين تهدد عنق سيده الحبل الذي لفّ عنق صدام حسين، فترك جانبا الثورية والوطنية والقومية وارتمى على أقدام اسياده مقدما كل الخدمات مقابل إطلاق يده في قطيعه ومزرعته الوطنية. وهذه الأنظمة الغربية التي تتشدق بالديمقراطية وحقوق الإنسان تتسابق بينها لإعطائه كل المكانة التي لا يستحق ضاربة بعرض الحائط شعارات زائفة تموّه بها على شعوبها وشعوبنا. لن يختلف الأمر في شيء غدا في سوريا أو مصر أو أي قطر عربي آخر محتلّ من طرف دولة خصخصتها العائلات و عصابات الحق العام. سيبيعوننا بقشور اللفت وسيجدون من يشتري. وضع لا تحسد عليه لا سوريا حبيبة العرب، ولا كل أقطار الأمة، وهي بين المطرقة والسندان… وهي بين فكي نفس الكماشة القاتلة. وضع أصعب هو الذي يواجهه كل الذين وضعت الأقدار على كاهلهم مهمة ترجمة آلام وآمال شعوبنا وأمتنا وقيادة خطاها المتعثرة نحو برّ النجاة. فباسم الوطنية ومحاربة العدو الخارجي، ثمة من يريدون التغاضي عن جرائم نظام الاحتلال الداخلي، وهذا طريق لا يؤدي إلا إلى دوام الداء الذي جعل أوطاننا لقمة سائغة لكل من هبّ ودبّ. وثمة من يريدون باسم محاربة الاحتلال الداخلي الاستعانة بالمحتلّ الخارج متناسين كارثة العراق. قدرنا جميعا، وفي سوريا حبيبة العرب، بالذات، رفض الانخراط في أي من التوجهين والقبول بأن حربنا ضد المحتلّ الداخلي تمرّ برفض كل تعاون مع المحتل الخارجي، وحربنا ضد المحتل الخارجي لن تربح إلا يوم نكسر شوكة المحتلّ الداخلي. نعم، حتى لا نظلّ الطريق يجب أن نتوجه دوما إلى حيث تشير بوصلة التجارب  ولسان حالها يقول : لا تساهل مع المحتل الداخلي ولا تواطؤ مع المحتل الخارجي فهما وجها نفس قطعة النقد: استغلال الأرض والعرض لمصلحة قلة على حساب بشر ولدتهم أمهاتهم أحرارا وجعلوا منهم عبيدا سموهم للسخرية و الشماتة مواطنين. تحية إكبار لأسرى حرب الاستقلال الثاني رياض سيف، و فداء أكرم حوراني أحمد طعمة و أكرم البني، و جبر الشوفي و ياسر العيتي، طلال ابودان و وليد البني و محمد حجي درويش  و مروان العش  و  فايز سارة وكل القابعين في سجون الاستبداد السوري والعربي. رحم الله شهداء البوكمال…آخر ضحايا غباء الإمبريالية الأمريكية…هاته الامبريالية التي أشهرت إفلاسها الأيدولوجي في وال ستريت الشهر الماضي ـ في نفس الوقت الذي اشهرت، بقتلها المدنيين العزّل في البوكمال وفي قرى باكستان وأفغانستان وقبلهم المائتي ألف مدني عراقي، إفلاسها الأخلاقي. د. منصف المرزوقي (المصدر: موقع « إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ 2 نوفمبر 2008)  

 

الحرب على الإرهاب من المنظور الأميركي

 

 

توفيق المديني يرى كثير من المحللين الاستراتيجيين في الغرب والوطن العربي أن إخفاق الاستراتيجية الأميركية في العراق كان يمكن لها أن تكون فرصة للولايات المتحدة كي تعيد النظر في الكثير من سياساتها الخارجية, لكن في ظل استمرار الحرب ضد ماتسميه الإرهاب , استمر صقور الإدارة الأميركية في انتهاج السياسة الأحادية القطب الانتقامية.‏ فقبل بداية الحرب ضد أفغانستان, سعت الولايات المتحدة الأميركية لتشكيل تحالف دولي ضد ماتسميه الإرهاب , ضم كلا من أوروبا وروسيا والصين وجيران أفغانستان, وهذا التحول في السياسة الأميركية لم يكن نابعاً من تحرر الأنا الأميركية المتعالية والمتعجرفة من أنانيتها, بل لأن واشنطن رأت أن لاخيار أمامها إلا أن تأخذ بعين الاعتبار وجود المحيط الدولي وعدم القفز وتجاوز المجتمع الدولي.‏ غير أن النصر في الحرب الأولى الذي تم إحرازه بسهولة نسبياً في أفغانستان, جعل إدارة الرئيس بوش تعود إلى فكرة القطبية الأحادية, الحصرية, ذلك أن هذه الإدارة ميالة بطبيعتها إلى تجاهل بقية العالم, وفي الواقع يتراءى لنا اليوم أنه باسم الحرب ضد الإرهاب التي أعلنها الرئيس بوش في خطاب حول الاتحاد أمام الكونغرس تعمدت الولايات المتحدة إلى اتخاذ إجراءات صارمة لقمع الحريات على المستوى الداخلي الأميركي وعلى المستوى العالمي.‏ والعودة إلى انتهاج سياسة كارثية تتسم باصطناع العنف في مقاومة العناصر التي تعتبرها الحكومة الأميركية هدامة.‏ الولايات المتحدة تطلب من بلدان العالم أن تقرر فيما إذا كانت معنا أو ضدنا وكأن الخط الفاصل واضح, وقد وافق الكونغرس على منح الرئيس بوش التمويل والدعم اللازمين لتوسيع بناء قوة عسكرية واستخباراتية واسعة وتقلصت مساحة الحرية العامة للأميركيين. و قد جعل الرئيس بوش من خطابه حول الاتحاد خطاباً تعبوياً بامتياز, طالباً من الأميركيين الوقوف وراءه في حربه المعلنة على الإرهاب ومكرساً معظم خطابه للحديث عن الحرب رابطاً مستقبل أميركا بتطوراتها, وبذلك حدد الرئيس بوش مصير الأميركيين في الداخل بما يتحقق له من إنجازات في حربه على الإرهاب, وهي معركة لن تنتهي في غضون سنة أوسنتين, بل وضع لها حداً يتجاوز ولايتيه في البيت الأبيض.‏ واشنطن لاتعاين إلا تفوقها العسكري الكاسح, الذي تستخدمه لتأكيد هيمنتها على العالم, والولايات المتحدة مستمرة في التبختر والتعجرف, وإظهار سيطرتها على النظام العالمي, وهي لاتريد حقاً ممارسة )عدالة غير محدودة كما تدعي, لأن هذا يرتب عليها الإصغاء إلى مختلف الأصوات الصادرة من أنحاء العالم ومن المنظمات غير الحكومية التي تصرخ عالياً للحصول على شفقتها, عوضاً عن إيديولوجيتها وأعمالها الحربية التي تقذفها واشنطن كيفما أرادت.‏ هذه السياسة ليست جديدة, فالرئيس بوش أعلنها قبل انتخابه رئيساً للولايات المتحدة, ومارسها بعد انتخابه, وتتصرف إدارته الحربية المتكونة من مسؤولين لهم باع طويل في مكافحة الإرهاب خلال الأعوام السابقة في كل مكان تبعاً لرهانات هي تحددها لا المجتمع الدولي, أو حلف شمال الأطلسي, فمن بين القضايا الساخنة في العالم, هناك القضية الفلسطينية التي كانت الاختبار الحقيقي لإدارة الرئيس جورج بوش لجهة تبنيها منطق وسياسة رئيس الحكومة الإرهابي شارون ومن بعده أولمرت, إلى معاهدة (أي بي أم) مع روسيا حيث تنصلت الولايات المتحدة منها لمصلحة مشروع الدرع الصاروخي, إلى انتشار الأسلحة النووية.‏ وبذلك, فإن الحرب ضد الإرهاب من وجهة نظر إدارة بوش تقتضي عدم الإصغاء لحلفاء الولايات المتحدة الأميركية, واستمرارها في نظام القطبية الأحادية, لأن هذا الموقف الهيمني يسمح لواشنطن بوجه خاص أن تحتكر وحدها المبادرة العسكرية في شن الحرب ضد أي بلد يعارض سياستها الامبريالية من دون تقديم كشف حساب لأحد, علماً أن هناك دولاً تمارس الإجرام والإرهاب, وهذا مايوافق تماماً تصرفات أصدقاء الولايات المتحدة الصهاينة الذين يتبعون سياسة ماهو أبشع من الجريمة والإرهاب, وأميركا تغض النظر عن هذه السياسة الإرهابية, بل إنها تتبنى منطقها أكثر من أي وقت مضى, وفي عالم مندمج, حيث إن القرارات الرئيسية للولايات المتحدة بشأن خوض الحرب ضد الإرهاب, تؤثر على التوازنات الكبيرة التي تنظم العلاقات الدولية, في السراء والضراء, كان من المنطقي والتاريخي أن تشكل الأزمة الأميركية في العراق منعطفاً في التفكير الأميركي بحيث يمتد التأثير ليكون بمنزلة نهاية التفرد الأميركي بالقرار العالمي ونهاية القطبية الأحادية, فضلاً عن وجوب بقاء تلك الحرب الكارثة في العراق ماثلة في الذاكرة الأميركية, لجهة إعادة واشنطن النظر في علاقاتها مع الدول الأخرى من منطق الاحترام المتبادل, والقيام بمشاورات حقيقية على مستوى عالمي.‏ الحرب ضد الإرهاب تستدعي تحديد وتعريف الإرهاب من قبل مؤسسات دولية مثل هيئة الأمم المتحدة, وتتطلب أيضاً سيادة المبادىء العامة والشاملة, وليست الغربية فقط كالديمقراطية والحرية والمساواة ومقاومة الشعوب للاحتلال واحترام حقوق الإنسان بغض النظر عن جنسيته وديانته التي ينتمي إليها, غير أن الخطر الأكبرالذي وضعت فيه الولايات المتحدة يكمن في تجاهل هذه القيم ووضعها على الرف, وذلك بالتذرع بالظروف الدولية غير الملائمة وما شابه, غير أن هذه الفرصة التاريخية خسرتها الولايات المتحدة, بل إن إدارة الرئيس بوش دفنتها عندما اختارت تأكيد أنها القوة العظمى الوحيدة, التي صارت تعتبر نفسها سيدة العالم بفرضها مادعته النظام العالمي الجديد أحادي القطبية, وإطلاق اسم الإرهابي على كل من يعادي ظلمها وجورها.‏ هذه الفرصة التاريخية المهدورة, سوف تكون لها نتائج كارثية, لأن الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة الأميركية ضد الإرهاب لن تحقق النتائج المقصودة, ولأن الحرب ضد الإرهاب أيضاً, التي تخاض حصرياً على الصعيد العسكري, والاستخبارات, والتجسس, والحرب السرية, وبأهداف منتقاة من الولايات المتحدة هي بالضرورة متفككة, فالولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب, تستخدم الوسائل غير الديمقراطية, وتغلق أعينها تماماً على ممارسات الأنظمة الديكتاتورية في العالم, ذلك أن فكرة مساندة أنظمة ما وتقديم المساعدة لها بحجة أنها تنادي بالقضاء على الإرهاب فكرة غير ناضجة وغير مقبولة, فهل يمكن قبول تسلط بعض الأنظمة العالمية المتعسفة لأنها أدانت هجمات الحادي عشر من أيلول? وهل بالإمكان غض الطرف عما يحدث في الشرق الأوسط من إرهاب صهيوني بشع? الإرهاب كل لا يتجزأ, وبالتالي تقتضي محاربته استخدام الوسائل الشرعية والديمقراطية العادلة سواء على المستوى الوطني أو العالمي, وهذه الحرب تحتاج إلى مرتكزات قانونية أو أمنية بدلاً من اللجوء إلى القوة واستخدام الأعمال العسكرية كيفما اتفق , وخاصة ضد الدول المناوئة للسياسة الأميركية كالعراق وإيران وكوريا الشمالية.‏ إن معظم الدول في العالم الثالث عامة وفي الوطن العربي خاصة, ترفض لجوء الولايات المتحدة إلى استخدام القوة العسكرية ضد العراق, وتدين العدوان الأميركي الأخير على سورية, وهي تريد أن تتعاون مع واشنطن من أجل الوصول إلى مجتمعات أكثر تماسكاً وتطابقاً وانسجاماً مع المبادىء العامة الشاملة, التي تخدم مصلحة الجميع, إلا أن مناداة واشنطن بالديمقراطية وإقامة تحالفات مع الطغاة أو الحكومات الاستبدادية وخوض الحرب ضد الإرهاب أمر فيه الكثير من التناقض ويثير السخرية, لأن مسألة وصف بوش بلدان معينة تناهض السياسة الأميركية بأنها محور الشر , وأنها تمثل تهديداً واضحاً وبائناً للعالم, وأن هذا التهديد خطير جداً , قد جعل الولايات المتحدة الأميركية تنتهج سياسة فاشية واضحة للعيان, إذ أصبحت هذه السياسة تذكرنا بما كان عليه الحال زمن الحرب الباردة, حيث أصبح الهاجس الأمني من أولويات التعاون الدولي, وشغله الشاغل إلا أن البحث عن الأمن ودعم الديكتاتوريات المفروضة بالعنف والتعسف مسألتان متناقضتان وتهيئان الأجواء لمزيد من العنف والتعسف لتصبح أكثرملاءمة لكافة أنواع التجارة غير المشروعة من جهة كتجارة الأسلحة والمخدرات وغير ذلك, وبالتالي تعمل على تغذية التطرف والإرهاب من جهة ثانية.‏ إن إدارة الرئيس بوش تتجاهل كثيراً العالم, بل إنها تعتقد أنها صاحبة فضيلة, وترفض رفضاً قاطعاً معالجة الأسباب التي قادت وتقود إلى مراكمة جميع الكراهيات ضد أميركا التي ليست بمستوى واحد, وبالتالي فهي ليست متشابهة, ذلك أن العداء للأمركة مختلف من دولة لأخرى.‏ إن المنطق الذي يسير بموجبه بوش هو بناء نظام القطبية الأحادية الذي لايترك مجالاً للآخرين, حتى حلفائه لإبداء وجهة نظر قد تكون مختلفة مع توجهاته في الشكل, ومتفقة معها في المضمون, إنه يريد بناء عالم يتقرر مصيره في مكتبه البيضاوي.‏ السؤال الذي باتت تطرحه النخبة الأميركية الفكرية والسياسية مراراً وتكراراً, وبصراحة تامة كلما سنحت الفرصة, ويطرحه الغرب برمته, لماذا هذا العداء المتجذر للولايات المتحدة الأميركية في العالمين العربي والإسلامي?‏ كاتب تونسي‏    (المصدر: صحيفة الثورة السورية شؤون سياسيةالأثنين 3/11/2008)  


 السلفية وسياسات التطرف في جزائر ما بعد الصراع (دراسة)

 

أصدرت مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي مؤخرا دراسة بعنوان: « السلفية وسياسات التطرف في جزائر ما بعد الصراع »، وتضمنت الدراسة اختبارا لفرضية الدمج السياسي التي تركز على التيارات الإسلامية المعتدلة، وتغفل التحول الجديد نحو الاتجاهات المتشددة التي ترفض المشاركة في السياسة، وهو ما يجعل الجزائر حالة تستحق التوقف عندها.  طالع النص الكامل للدراسة قدمت الدراسة التي نشرت بالإنجليزية حصرا للاتجاهات السلفية في الجزائر: أنواعها، وتوجهاتها، إلى جانب تطور علاقاتها بالنظام السياسي في ظل الظروف الأمنية والسياسية الخاصة التي تعيشها الدولة داخليا وخارجيا، وخلصت الدراسة إلى أن هناك ضرورة تدعو إلى دمج التيارات السلفية في المجال السياسي كوسيلة للحد من تنامي الاتجاهات المتطرفة التي ترفض العمل من داخل النظام السياسي، وتشجيعها على الانفتاح على باقي المجتمع. وتستعرض الباحثة آمال بوبكر تاريخ علاقة التيار السلفي بالنظام السياسي من خلال تيار السلفية الحركية الذي انتظم سياسيا في بداية التسعينيات، وتربط الباحثة بين فشل النظام السياسي في استيعاب وإدماج الجبهة الإسلامية للإنقاذ والجماعة الإسلامية المسلحة من خلال مشروع المصالحة الوطنية، وبين ظهور السلفية الجهادية التي تتبنى خيار العنف ضد الدولة ممثلة في الجماعة السلفية للدعوة والقتال، أو تنظيم القاعدة في بلاد المغرب لاحقا. وبالمقابل، شهدت سنوات القرن الحادي والعشرين تناميا ملحوظا لتيار السلفية الدعوية أو العلمية الذي ينبذ العنف، ويحظى بدعم الدولة التي أصبحت أكثر ميلا إلى تكثيف استخدام الخطاب الديني في مواجهتها مع الجماعات المسلحة، لكنه تيار يرفض الحزبية والعمل السياسي، ويفضل الانغلاق على أتباعه.وفي ظل ارتفاع حجم العزوف عن السياسة في أوساط الأجيال الجديدة من الجزائريين الذين نشئوا في بيئة يتفشى فيها العنف، تقدم السلفية الدعوية لأتباعها منهجا جديدا في الحياة منفصلا عن مطالب المشاركة السياسية أو المواجهة مع الدولة، مع ربط ذلك بحالة الازدهار الاقتصادي الذي توفره الوفرة النفطية التي تشهدها البلاد منذ سنوات. وتكتسب الدراسة أهمية خاصة لمحاولتها الربط بين المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تتفاعل مع الظروف الأمنية في الداخل (استمرار حالة الطوارئ منذ 1992)، واعتبار الجزائر شريكا فعالا في الحرب على الإرهاب خارجيا، وبين استمرار عدم إتاحة النظام الفرصة لقطاعات من الشباب بالمشاركة السياسية التي تؤدي إلى الحيلولة دون تبنيهم لخيار العنف أو العزوف عن السياسة، إلى جانب تأجيل خيار التعددية السياسية من خلال رفض اعتماد أحزاب سياسية جديدة منذ سنة 1999 (حزب الوفاء ذو التوجهات الإسلامية لأحمد طالب الإبراهيمي، والجبهة الديمقراطية لعمارة بن يونس)، إضافة إلى عجز الأحزاب الإسلامية المشاركة في السلطة عن تحقيق مشاركة فعلية تسمح لها بتعبئة قواعدها. وتخلص الباحثة إلى ضرورة تعزيز اندماج التيارات السلفية في المؤسسات الديمقراطية وانفتاحها على الأحزاب السياسية، من خلال تقوية المجتمع المدني، وفسح الحريات، وتنمية الشعور بالمواطنة، وجعل عملية المصالحة أكثر شفافية، وتشجيع أشكال جديدة من الشرعية السياسية التي لا تقوم على العنف والدين، مع اعتبار أن تحقيق الاستقرار الاجتماعي والتكامل الوطني يقتضي فتح حوار بين جميع القوى السياسية والمجتمعي (المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 3 نوفمبر   2008)
 

 إنتفاضة اوباما التاريخية

 

 
عبد الباري عطوان  
ثلث الناخبين الأمريكيين ادلوا بأصواتهم حتى مطلع هذا الصباح، واثبتت استطلاعات الرأي تقدم باراك اوباما على غريمه الجمهوري جون ماكين بأكثر من عشر نقاط، الامر الذي يعني، اذا لم تحدث كارثة، انه سيتوج يوم الاربعاء المقبل رئيسا جديدا للولايات المتحدة الامريكية. الشعب الامريكي يفجّر، بانتخابه اوباما، ‘اكبر انتفاضة’ في تاريخه الحديث، انتفاضة ضد العنصرية، انتفاضة ضد الطبقية، انتفاضة ضد اليمين المتطرف، انتفاضة ضد الانجليكيين، انتفاضة ضد العبودية بأشكالها كافة. كل ما تعلمناه حول السياسة الامريكية في القرنين الماضيين اصبح ماضيا، فنحن نقف الآن امام مفترق تاريخي من الصعب ان يتكرر، فهو شخص فقير معدم اسود، يشق طريقه بقوة لزعامة القوة الاعظم في التاريخ، عبر صناديق الاقتراع، ورغما عن المؤسسة الحاكمة ذات القوة والجبروت الهائلين. فوز اوباما شبه المؤكد هو عجلة الخلاص بالنسبة الى امريكا والامريكيين في آن، وأمل المصالحة الوطنية، المصالحة بين الامريكيين انفسهم، والمصالحة بينهم وبين العالم بأسره، لان ثماني سنوات من حكم الرئيس جورج بوش افلست البلاد وجعلتها اقل هيبة بالنسبة الى اعدائها واقل احتراما في اوساط اصدقائها وحلفائها. هزيمة اوباما، اذا حدثت، لأسباب خارجة عن ارادته، او لتلاعب ما، او حتى من خلال عملية انتخابية نزيهة، ربما تؤدي الى كارثة لأمريكا وشعبها والعالم بأسره، وقد تُحدث جروحا وانقسامات ربما لا تلتئم لعقود قادمة، هذا إذا لم تؤد الى تسريع انهيار هذه الامبراطورية، وربما نزول الناس الى الشوارع في مظاهرات عنف وغضب غير مسبوقة. ربما يجادل البعض بأن هذا الرجل الاسمر النحيل، القادم من رحم المجهول، عديم الخبرة، التصويت لصالحه مخاطرة، ولكن ماذا استفادت امريكا من خبرة جورج بوش الابن، وما هي البدائل لأوباما، هل التصويت لرجل مسن، يريد الاستمرار في سياسات دمرت العالم بأسره، ووضعته على حافة الافلاس السياسي والاخلاقي؟ لرجل اختار نائبة له لم يقابلها الا مرتين، ولم تستخرج جواز سفر الا قبل عام فقط ، ولم تزر الا دولتين خارج بلادها؟ اوباما بدأ حملته الانتخابية بقروش قليلة، ومؤيدين قلائل، ولكنه اثبت انه يملك الكاريزما، والقدرة على الاصغاء، والتعلم بسرعة قياسية، ونجح في التفوق على اكبر مؤسستين سياسيتين راسختين في امريكا وهما: الديمقراطيون،جناح هيلاري كلينتون وزوجها، ثم اليمين المتطرف المحافظ الابيض، الذي هيمن على الخريطة السياسية الامريكية لقرون. لم يتعرض مرشح للرئاسة الامريكية على مدى العقود السابقة الى حملات تكريه وتشويه مثل التي تعرض لها اوباما، فقد تركزت حملات الكراهية الضخمة التي استهدفته طوال الأشهر الماضية على ماضيه وحاضره، ولم تتحدث مطلقا عن المستقبل المشرق الذي يمكن ان يحققه لبلاده، بالعمل على اخراجها من ازماتها الحالية الطاحنة. الأغلبية الساحقة من شعوب العالم صوتت له، قبل ان تبدأ الانتخابات، ويذهب الامريكيون الى صناديق الاقتراع، لان هذه الصناديق ستأتي بزعيم للعالم وليس زعيما للولايات المتحدة، فـــــــي ظل انعــــدام التنافس على سقف العالم، وتفردها، اي امريكا، بمقدراتنا كقوة عظمى وحيدة. فإذا كان اكثر من ثمانين في المئة من البريطانيين، اكثر شعوب العالم محافظة وانحيازا لامريكا، يريدون اوباما رئيسا، فإن الشعب الامريكي يجب ان يتوقف متأملا وان ينحاز الى عملية التغيير التي يعد بها هذا الشاب الطموح الصادق. التغيير في امريكا قطعا سينعكس ايجابا علينا كعرب ومسلمين، نحن الذين عانينا لمدة ثماني سنوات من ادارة امريكية جرى اختطافها من قبل اللوبي الاسرائيلي، وتوظيف قدراتها الهائلة في خدمة تل ابيب، وتدمير العالمين العربي والاسلامي في حروب دموية ما زلنا نعاني من آثارها. صحيح ان المقاومة في العراق والمقاومة وافغانستان نجحتا في هزيمة المشروع الامريكي، من خلال حرب استنزاف طاحنة ادت الى خسائر مادية فاقت الثلاثة تريليونات دولار، وافلاس العالم الغربي بالكامل، ولكن الصحيح ايضا اننا لا نريد الحروب وسفك الدماء، ونتطلع الى السلام والاستقرار، وتنشئة اجيال جديدة بطريقة تخرجنا من حال التخلف والاستبداد التي نعيشها حاليا. التغيير في امريكا سيكون مقدمة للتغيير في بلادنا، فأنظمة الاستبداد الحالية الكاتمة على انفاسنا هي ثمرة تحالف الادارات الامريكية السابقة مع هذه الانظمة، ولمصلحة استمرارالهيمنتين الامريكية والاسرائيلية على مقدراتنا، وبما يؤدي في النهاية الى تحويلنا الى ذيول للمشروعين الامريكي والاسرائيلي. ندرك جيدا ان العرب، او غالبيتهم، انحازوا الى الجمهوريين ضد الديمقراطيين في الانتخابات السابقة التي اتت بالرئيس بوش الى السلطة، كرها بالسناتور الصهيوني جوزف ليبرمان المرشح كنائب للرئيس، وجاءت خيبة املهم كبيرة، ولكن علينا ان نضع في اعتبارنا ان اي رئيس امريكي مقبل سيدرك جيدا، ان العالم يتغير، وان المسلمين والعرب ليسوا ‘حيطة واطية’، والعداء معهم او ضدهم سيكون مكلفا للغاية. مشكلتنا لم تكن مطلقا في من يحكم امريكا، وانما في من يحكمنا، فلو كان لدينا حكام اقوياء عادلون مخلصون منتخبون، لما كان لنا الحماس نفسه لهذا المرشح الرئاسي الامريكي او ذاك. نحن نملك ثروات اقتصادية هائلة، تشكل خشبة الخلاص للعالم من الأزمة الاقتصادية الحالية، يمكن لو اننا استخدمناها ان نفرض كلمتنا واحترامنا، ونخدم قضايانا، ويكفي التذكير بأن اسرة روتشيلد اليهودية استخدمت نفوذها المالي الضخم لاستصدار وعد بلفور من الحكومة البريطانية، التي كانت خارجة لتوها من الحرب العالمية الاولى التي أفلستها، فهل نستخدم ثرواتنا الهائلة، لاستصدار وعد امريكي غربي مماثل، ونصحح خطأ تاريخيا انسانيا لمصلحتنا كعرب ومسلمين؟ نأمل ان يكون الرد بالايجاب، وفي جميع الاحوال من حقنا ان ننحاز الى باراك اوباما، ليس لان اسم ابيه حسين، او لانه اسود، وانما لانه ربما يكون الاقرب الى تفهم معاناة العالم ومعاناتنا، خاصة، من الظلم والغطرسة الامريكيين. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 3 نوفمبر  2008)

\Home – Accueil الرئيسي

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.