الاثنين، 24 نوفمبر 2008

Home – Accueil

 

TUNISNEWS

8 ème année, N° 3107 du 24 .11.2008

 archives : www.tunisnews.net


السبيل أونلاين: مشاهد حية وحصرية لعبد اللطيف بوحجيلة داخل مستشفى شارنيكول

حــرية و إنـصاف : بـــلاغ عـاجـــل

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بعد التدهور الخطير في صحته :عبد اللطيف بوحجيلة  يواصل إضرابه..في المستشفى  .. !

حــرية و إنـصاف : عبد اللطيف بوحجيلة في قسم الإنعاش

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: نداء للكشف عن مصير الطالب ..رشدي المحجوب … !

حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس

المرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع:صحفيّة براديو كلمة تتعرّض للإيقاف والاعتداء بالعنف:بــلاغ

الجمعية الدولية: لمساندة المساجين السياسيين: بعد منعه من العمل ..البوليس يهدم منزل فتحي الحجي … !

عبد اللطيف البعيلي: لا للتدخل السافر في الشأن الداخلي للأحزاب والمنظمات

جمعيات ومناضلون حقوقيون بنابل: بيان مساندة

السبيل أونلاين : من المنتظر تسليم طارق الحرزي في موفى ديسمبر

 

لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس : إدارة كلية الآداب بسوسة تمنع الطالبات المحجبات من دخول الكلية

محيط : تونس : منع طالبة من استكمال تعليمها بسبب حجابها

 

 اسلام اولاين:حوار مع أ. نور الدين ختروشي : منسق مبادرة حق عودة ( إعادة نشر)

مكتب الوسط لمنظمة العفو الدولية : دعوة

إسلام أون لاين : مضايقات أمنية ضد قيادي إسلامي بسبب تصريحاته لـ »إسلام أون لاين.نت »

الحزب الديمقراطي التقدمي: بـــــــــــــلاغ

الحزب الديمقراطي التقدمي : مكتب التنسيق المؤقت للجامعة سيدي بوزيد : بيـــــان

الحزب الديمقراطي التقدمي : جـــامعة توزر : بيـــــان للرأي العام

توفيق المديني : « حرب النسوان » تعمق أزمة الاشتراكي الفرنسي

محمد الحمروني:بعد مطالبة نهضويين بحق العودة: إعلامي تونسي لـ «العرب» : هذه مناورة و«النهضة» أخطأت في تأجيل ترشيد خطابها

إسماعيل دبارة :  حقوقيّو تونس مستاءون من تصريحات وزير العدل

حافظ الغريبي : مصافحة مع رئيس جمعية القضاة التونسيين

عبدالحميد العدّاسي : جند إبليـــــــــــــــــــــــــس

أحمد الورغـمي : فرنسا بلد اليهود والعنصرية

الصباح :  قضايا إثبات النسب… أرقام ودلالات

الصباح : تحقيق: إثبات النسب في تونس بين الطب والقانون…

الصباح : الاستاذ محمد بن صميدة: 3 حالات يثبت فيها النسب

رويترز : مخرج تونسي ينتقد « هاجس الرقابة » في بلاده عبر فيلم كوميدي

العجمي الوريمي : أمام العرب فرصة

وليد نويهض:الإسلاميون ومأزق السياسة في مجال الممارسة( الجزء الثالث )

حسن البراري : الهولوكوست وإدانة ذهنية الضحية


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


قائمة الموقعين على مبادرة حق العودة http://www.manfiyoun.net/list.html الرجاء من المقتنعين بهذه المبادرة إرسال الاسم وبلد الإقامة وسنة الخروج من تونس على البريد الالكتروني للمبادرة:

 manfiyoun@gmail.com


مشاهد حية وحصرية لعبد اللطيف بوحجيلة داخل مستشفى شارنيكول

 

 
السبيل أونلاين – عاجل – زهير مخلوف – تونس    تدهورت الحالة الصحية للسجين السياسي السابق المضرب عن الطعام عبد اللطيف بوحجيلة بشكل خطير للغاية ، نقل على إثرها اليوم الإثنين 24 نوفمبر 2008، في حدود الساعة الحادي عشر صباحا إلى القسم الإستعجالي بمستشفى شارنيكول بالعاصمة تونس ، وقد زاره ممثل السبيل أونلاين ، في المستشفى ووقف على تفاصيل حالته الصحية ، والتقط له مشاهد حية من داخل المستشفى ساعة دخوله قسم الإستعجالي ، وقد أكدت الطبيبة المباشرة لحالة بوحجيلة في قسم الإستعجالي أن حالته حرجة حيث يعاني من تسارع دقات القلب ولديه أعراض مشاكل صحية تحتاج فحوصات إضافية لتحديدها … وعلى الساعة الخامسة مساء ، أخذت لبوحجيلة عينة ثانية من الدم ، لتحليلها ، بعد تحليل عينة أولى عند الساعة الواحدة ظهرا ، وعلى الساعة السابعة مساء قدم له طبيب مختص وأعلمه بأنه سيكون تحت إشرافه نظرا لخطورة حالته ، وقد أدخل بعد ذلك مباشرة غرفة العناية المركّزة (الإنعاش) ، ووقع إستخدام جهاز طبي لإنعاش قلبه ، وهو إلى حد كتابة هذه الأسطر ما يزال يخضع للعناية المركزة بمستشفى شارنيكول . يمكن الإطمئنان على عبد اللطيف بوحجيلة بالإتصال على رقم والده : 96795252 (المصدر:السبيل أونلاين،بتاريخ 24 نوفمبر 2008 )   رابط الفيديو : http://www.assabilonline.net/videos/bouhjila_24-11-2008.wmv


أنقذوا حياة عبد اللطيف بوحجيلة أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com     تونس، في 26 ذو القعدة 1429 الموافق ل 24 نوفمبر 2008 بـــلاغ عـاجـــل

تم نقل السجين السياسي السابق السيد عبد اللطيف بوحجيلة المضرب عن الطعام لليوم الثالث والخمسين على التوالي على جناح السرعة إلى مستشفى شارل نيكول إثر تدهور مفاجئ في حالته الصحية، وقد أخبرتنا عائلته أن والده السيد عبد المجيد بوحجيلة أجبر على نقله إلى المستشفى المذكور في سيارة خاصة بعد أن رفضت سيارات الإسعاف ذلك. عن المكتب التنفيذي للمنظمة           الرئيس    الأستاذ محمد النوري

 


  “الحرية لجميع المساجين السياسيين “ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 24 نوفمبر 2008

بعد التدهور الخطير في صحته :  عبد اللطيف بوحجيلة  يواصل إضرابه.. في المستشفى  .. !

 

رغم النداءات المتصاعدة لإنقاذ حياة السجين السياسي السابق عبد اللطيف بوحجيلة المضرب عن الطعام منذ 7 أسابيع ، لا يزال أصحاب القرار الأمني / السياسي مصرين على تجاهل مطالبه العادلة و حقه الدستوري في العلاج من مخلفات التعذيب و المعاملة القاسية اللذين تعرض لهما طيلة سنوات سجنه الطويلة . و قد شهد اليوم  الإثنين 24 نوفمبر 2008 تدهورا خطيرا في  صحته مما استدعى نقله إلى استعجاليا إلى قسم الاستعجالي بمستشفى شارل نيكول  بالعاصمة ( حوالي منتصف النهار )  بعد دخوله  في حالة غيبوبة ونوبة تشنج  عصبي  و شعوره بآلام حادة في مستوى الصدر حيث عاين الأطباء بالقسم المذكور هبوطا حادا في الكلسيوم مما استوجب تركيب أجهزة خاصة  بعد أخذ تخطيط للقلب وقد فضل الاطار الطبي الاحتفاظ به في غرفة العناية المركزة الى الغد في انتظار تحسن حالته ودراسة التحاليل ،  وشهد  قسم  الاستعجالي حضورا مكثفا لقوات الامن بالزي الرسمي   وعمد عناصر البوليس السياسي إلى إخلاء القسم من المواطنين  والنشطاء الذين حضروا  للمساندة والمتابعة ، والجمعية  إذ تجدد  المطالبة بمعالجة عبد اللطيف بوحجيلة على نفقة الدولة و تعويضه عن كل ما تعرض له من تعذيب و انتهاكات  فهي تدعو لتمكين جميع المساجين المسرحين من حقوقهم المكفولة دستوريا  و الإقلاع عن سياسة القتل البطيء المتبعة منذ بداية التسعينات ضد المساجين السياسيين و السجناء المسرحين.. !           عن لجنة متابعة أوضاع المسرحين        رئيس الجمعية الأستاذة سعيدة العكرمي  


أنقذوا حياة عبد اللطيف بوحجيلة أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 26 ذو القعدة 1429 الموافق ل 24 نوفمبر 2008

عبد اللطيف بوحجيلة في قسم الإنعاش

   

تم نقل السجين السياسي السابق السيد عبد اللطيف بوحجيلة حوالي منتصف نهار اليوم الاثنين 24/11/2008 على متن سيارة خاصة إلى قسم الاستعجالي بمستشفى  »شارل نيكول » وأمام التدهور الخطير في وضعيته الصحيه  تم الاحتفاظ به طيلة نهار اليوم و هذه الليلة ليبقى تحت الإشراف الطبي بغرفة الإنعاش حيث أجريت له عدة فحوصات علما بأن السيد عبد اللطيف بوحجيلة يواصل إضرابه المفتوح عن الطعام لليوم الثالث و الخمسين على التوالي للمطالبة بحقه في العلاج المجاني و جواز السفر.

و حرية و إنصاف

1) تعبر عن بالغ انشغالها لما لاحظته من تدهور في الوضعية الصحية للسيد عبد اللطيف بوحجيلة قد يعرض حياته للخطر. 2) تدعو السلطة للاستجابة لمطالبه المشروعة في العلاج المجاني و في الحصول على جواز السفر.   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


  “الحرية لجميع المساجين السياسيين “ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 24 نوفمبر 2008

نداء للكشف عن مصير الطالب .. رشدي المحجوب … !

 

لا تزال عائلة الطالب رشدي بن صالح بن محمد المحجوب دون أي خبر عن مصير ابنها المختفي منذ  يوم 25/10/2008 حين تم اختطافه  من الشارع  مباشرة بعد الإفراج عنه من منطقة الشرطة بجمّال ، علما أن الشاب  رشدي المحجوب يدرس  الإعلامية بالعوينة و قد تم استدعاؤه يوم 15 /10/2008  بمركز الشرطة ببني حسان ، سوسة و تم نقله  يوم 19/10/2008 الى منطقة الشرطة بجمّال حيث قضى بضع ساعات . و قد قدم والده بلاغا يطالب فيه بالكشف عن مصير ابنه ، و لكن لم تنجح أي من مساعيه في الكشف عن الجهة التي تحتجزه . و إذ تطالب الجمعية بكشف مصير الشاب المفقود فإنها تجدد الدعوة لاحترام حقوق المواطنين و حرياتهم و تذكر بأن الإحتجاز خارج الشرعيةو رقابة القضاء يعتبر جريمة  بحكم القانون .. !           عن لجنة متابعة أوضاع المسرحين        رئيس الجمعية الأستاذة سعيدة العكرمي  


أنقذوا حياة عبد اللطيف بوحجيلة أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 26 ذو القعدة 1429 الموافق ل 24 نوفمبر 2008

أخبار الحريات في تونس

 

 
1)منع مناضلين سياسيين ينتمون ل. ح. د. ش من الاجتماع:  منعت قوات البوليس السياسي يوم السبت 22/11/2008 عددا من المناضلين السياسيين ينتمون إلى حركة الديمقراطيين الاشتراكيين من التحول إلى مدينة صفاقس للحضور في اجتماع للحزب المذكور نذكر منهم: – من بنزرت السادة محمد بن سعيد و محمد الحشاني و محمد الزار و علي الوسلاتي و علي الرايس. -من نابل السيد عبد اللطيف البعيلي الذي اعتُدي عليه بالعنف و هُشم بلور سيارته – من جندوبة السيد بلقاسم المحسني -من حمام الأنف السيد سالم الشايبي ( 85 سنة) حجزوا سيارته و احتجزوه مدة ثلاثة ساعات. -من بني خيار السيد علي بن زيد. 2)اعتقال ثلاثة طلبة: اعتقل البوليس السياسي حوالي الساعة السابعة من مساء اليوم الاثنين 24/11/2008 الطلبة زياد بو مخلة و راشد الكحلاني و محمد محجوبي أمام مبيت الطلبة ببن عروس إثر تدخلهم لحل مشكلة نقل يعاني منها الطلبة ثم أطلق سراحهم بعد حوالي ثلاث ساعات من الاحتجاز و قد تعرضوا للتعنيف أثناء اعتقالهم.   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


  بــلاغ تونس 24 نوفمبر 2008 صحفيّة براديو كلمة تتعرّض للإيقاف والاعتداء بالعنف  
 
تعرّضت اليوم على الساعة الرابعة مساء الصحفية براديو كلمة، فاتن الحمدي، للإيقاف من قبل عدد كبير من عناصر الشرطة. وتمّ جرّها بوحشيّة إلى منطقة الشرطة بالقرجاني بتونس العاصمة بعد الاعتداء عليها بالضرب أمام المعهد التحضيري للدراسات الأدبية والعلوم الإنسانية بتونس. وكانت مراسلة راديو كلمة بصدد تغطية تحرّكات احتجاجية قام بها طلبة المعهد المذكور جرّاء تعرّضهم لهجمة من قبل عدد كبير من فرق الشرطة، بالزيّ المدني، عقب محاولتهم الخروج في مسيرة احتجاجية. واعتقلت الصحفية فاتن الحمدي وهي بصدد القيام بعملها، حيث تولّى عدد كبير من عناصر الشرطة، ضربها بوحشيّة حسب ما أفاد به الطلاب الموقوفون معها وبمعاينة الآثار الواضحة على أنحاء متفرّقة من جسدها. هذا وتمّ الاستفراد بها ووضعها في غرفة معزولة داخل منطقة الشرطة ليتواصل تعنيفها وافتكاك آلة التسجيل التي معها وتكسيرها، كما تمّ تفتيش حقيبتها الشخصية وتهشيم بطاقة هويّتها بالإضافة إلى تهديدها ونعتها بألفاظ نابية ومقايضتها من أجل العمل معهم مخبرة بمقابل مالي كما عرضوا عليها أن يتوسّطوا لها للالتحاق بالعمل بسلك الجيش شريطة أن تغادر عملها بالرّاديو. ولم يطلق سراح الصحفية إلاّ في حدود الساعة الثامنة مساء أي بعد أربع ساعات من الإيقاف وبعد إطلاق سراح الطلبة الذين تمّ اعتقالهم في نفس الوقت. ونظرا لخطورة هذا الاعتداء الذي استهدف صحفية أثناء قيامها بعملها والذي يعدّ استهتارا بحرّية الصحافة والصحفيين وتنكيلا بهم فإنّ المرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع: ـ يندّد بما أقدمت عليه الأجهزة الأمنية وخصوصا عناصر منطقة الشرطة بالقرجاني من سلوك همجيّ وخرق للقانون واعتداء على الحرمة الجسديّة بالعنف. ـ يعتبر هذه الحادثة جزءا من سلوك عام تمارسه السلطة في تونس ضدّ الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان. ـ يطالب السلطات التونسية بالكفّ عن مضايقة الصحفيين والاعتداء عليهم واحترام حرّية الصحافة والإعلام ويذكّر بأنّ هذه الممارسات التي تحصل قبيل أيّام قليلة من احتفال العالم بمرور 60 سنة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يتناقض بشكل صارخ مع ما تدّعيه السلطة من احترام لحقوق الإنسان وحرّية الصحافة والصحافيين.     عن المرصد الكاتبة العامة سهام بن سدرين

  “الحرية لجميع المساجين السياسيين “ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 24 نوفمبر 2008

بعد منعه من العمل .. البوليس يهدم منزل فتحي الحجي … !

   

قامت السلط الجهوية ببنزرت اليوم الإثنين 24 نوفمبر2008  بدعم بوليسي مكثف ممثلا في فرقة الإرشاد و الفرقة المختصة و الأمن العامّ بهدم كامل لمحل معد للسكنى على ملك السيد فتحي الحجي الواقع بضاحيةالماثلين ( بنزرت الجنوبية  6 كم من مركز المدينة) بعد أن أصدرت منذ أسابيع ثلاثة  معتمدية بنزرت الجنوبية قرارا بالهدم  بحجة البناء بدون رخصة ورغم أن  السيد الحجي  كان قد تقدّم لمعتمدية بنزرت الجنوبية بطلب تسوية وضعية, فقد عمدت السلط الجهوية إلى الإسراع بهدم محلّ السكنى في عمليّة عقابية خاصة للسيد فتحي الحجي الذي يعاني منذ فترة من ملاحقات أمنية على خلفية ميولاته الدينية ، و بسبب رفضه الخضوع للمساومات و الضغوطات التي طالت حتى شكل لباسه و مظهره الخارجي .. ويذكر أن أنّ السيد فتحي الحجي قد تعرض لمضايقات عديدة بهدف منعه من الإنتصاب على قارعة الطريق للإسترزاق ببيع التمور  ،و قد هرع نشطاء المجتمع المدني ببنزرت لمساندته والاحتجاج لدى السلط الجهوية  فووجهوا بحشد من الفرق  منعتهم من إيقاف عملية الهدم وعمدت إلى اصطحاب السيد فتحي الحجي إلى منطقة أمن بنزرت حيث تم استجوابه عن مصادر أمواله .. ! وعلاقته بنشطاء المجتمع المدني الذين جاؤوا لمساندته ..!   عن الجمعية        الرئيس الأستاذة سعيدة العكرمي

 لا للتدخل السافر في الشأن الداخلي للأحزاب والمنظمات

اعتداء سافر على الحرمة الجسدية والمعنوية لعضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وعضو المكتب السياسي لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين( الاحتفاظ بعضوية المكتب السياسي باعتبار أن المؤتمر لم ينهي أشغاله)  

في الليلة الفاصلة بين 22 و23 من الشهر الجاري نوفمبر 2008 تعرت إلى اعتداء سافر من قبل أعوان أمن بالزي المدني ولقد بدأت العملية بمحاصرتي بصفة لصيقة أينما تنقلت بسيارتي في مدينتي دار شعبان الفهري ومدينة نابل ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد بل تعدتها على إقامة جدار صد بالطيق العام متكون من ستة سيارات تابعة للشرطة والفرقة المختصة والإرشاد السياسي تهدف كلها إلى إيقافي ومنعي من التنقل إلى مدينة صفاقس لحضور لقاء تشاوري مع بعض مناضلي الحركة حول وقائع المؤتمر الأخير للحركة، وأثناء المطاردة وفي حدود منتصف الليل انقض علي كالوحوش لفيف من هؤلاء الأعوان وشرعوا في تهشيم بلور سيارتي ولكمي على مستوى الفك الأيسر حيث تعرضت إلى جروح في يدي إضافة للاعتداء اللفظي كما تم صدم سيارتي من الخلف والأمام. ولقد تمت محاصرتي حتى عشية يوم الأحد 23 -11-2008 فضلا عن ترويع عائلتي من خلال مرابطة ثلاث سيارات مليئة بالأعوان أمام المنزل المر الذي جعلني أسأل نفسي من أكون؟ ويهمني إعلام الرأي العام بصورة عامة ومناضلي الحركة بصفة خاصة أن ما تعرضت له لا يعدو أن يكون سوى حلقة من حملة من المضايقات والهرسلة التي تعرض لها المناضل محمد بن سعيد ورفاقه بمدينة بنزرت والمناضل سالم الشهابي بحمام الأنف والمناضل بالقاسم المحسني بجندوبة والمناضل محمد بركية ورفاقه بصفاقس وقابس وقد تم ذلك بدرجات وأشكال متفاوتة وذلك للحيلولة دون تحول الجميع إلى مدينة صفاقس، كما لا يخفى على ذي عقل أن هذا التدخل السافر في الشؤون الداخلية للحركة من طرف النظام يتم بإيعاز من أمينها العام الذي يحز في نفسه أن يتمسك مناضلو الحركة بالشرعية على قاعدة الديمقراطية عوضا عن التنصيب والتزكية باعتبار أن الخيار الديمقراطي هو الرافد الأساسي، وبهذه المناسبة فإنني أندد بأسلوب السلطة والمتواطئين معها في الاعتداء على المخالفين لها في الرأي كما أهيب بكل فعاليات المجتمع المدني للتصدي لهذه الظاهرة من أجل تحقيق مواطنتنا المسلوبة وتفعيل العمل المشترك. عبد اللطيف البعيلي دار شعبان الفهري في 24-11-2008  

جمعيات ومناضلون حقوقيون بنابل
نابل في 24-11-2008 بيان مساندة  
لقد عمدت مجموعة من قوات الأمن بالزي المدني إلى محاصرة السيد عبد اللطيف البعيلي عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وعضو المكتب السياسي لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين منذ منتصف النهار ليوم السبت 22-11-2008 إلى غاية يوم الأحد مساء وقد وصل الأمر إلى حد تهشيم بلور سيارته ومنعه من التحرك بها من طرف العديد من السيارات المدنية التابعة لقوات المن مما تسبب له في بعض الجروح تطلبت تحوله إلى المستشفى هذا إضافة على حالة الهلع والترويع التي طالت عائلته جراء هذا التصرف الغير مبرر. ونحن بعض فعاليات المجتمع المدني بجهة نابل نعبر عن: – استنكارنا لهذا الاعتداء الذي تعرض له السيد عبد اللطيف البعيلي والرامي إلى منعه من التنقل إلى مدينة صفاقس لحضور اجتماع داخلي لحركته. -رفضنا المبدئي لتدخل السلطة في الشؤون الداخلية للأحزاب والجمعيات -تضامننا مع السيد عبد اللطيف البعيلي في حقه في النشاط الحزبي دون أي وصاية مكتب الحقوق والحريات بجامعة نابل للحزب الديمقراطي التقدمي مكتب نابل لجمعية حرية وانصاف ممثل عن الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين مجموعة من الحقوقيين والديمقراطيين بالجهة


 

من المنتظر تسليم طارق الحرزي في موفى ديسمبر

   

 
 من زهير مخلوف – تونس
اتصل طارق الحرزي بوالده أمس السبت 22 نوفمبر 2008 ، ليعلمه بأن السلطات الأمريكية المشرفة على سجن « كروبر » ، بالعاصمة العراقية بغداد ، أعلمته بأنها ستقوم بتسليمه إلى السلطات التونسية في موفى شهر ديسمبر القادم ، وقد أكد لنا والده بأنه في صحّة جيدة . ونشير إلى أن الشاب طارق بن الطاهر بن العوني الحرزي أوقف يوم 18 ماي 2008 وهو الآن تحت إشراف وحراسة الأمريكان بالمجموعة رقم 5 بسجن « كروبر » ببغداد .   وقد عُذّب طارق الحرزي من طرف المخابرات العراقية لمدة تفوق ثلاثة أشهر بأشكال رهيبة ومتنوعة، وقد زاره الصليب الأحمر في 25-أوت-2008 . وتجدر الإشارة أن طارق الحرزي سافر إلى سوريا في أوت 2004 وانتقل بعدها إلى العراق وفي نوفمبر 2004 أُصيب في قصف على العراق وبُـترت رجله اليمنى .واعتقل بسجن أبو غريب لمدة سنة كاملة ، ذاق فيها كل أنواع التعذيب الذي سمعنا عنه الكثير ، وأطلق سراحه سنة 2005 وعاش مطاردا بعد ذلك بسبب أن السلطات التونسية سجنت إخوته علي وإبراهيم الحرزي لمدة عامين ونصف وقضت بسجنه غيابيا ب 24 سنة. علما بأن طارق الحرزي حاز على بطولة تونس في الملاكمة صنف فوق الخفيف وهو ملاكم مرموق شّرف تونس الكثير من المرات من سنة 2000 إلى 2003 . (المصدر: موقع « السبيل أونلاين.نت » بتاريخ 24 نوفمبر 2008)

 
لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس تونس، في 24 نوفمبر 2008

إدارة كلية الآداب بسوسة تمنع الطالبات المحجبات من دخول الكلية

إنتهى إلى علم لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس أن إدارة كلية الآداب بسوسة (منطقة الساحل التونسي)، منعت يوم الجمعة 21 نوفمبر 2008 ، الطالبات المحجبات من دخول الكلية لمزاولة دراستهن ، وطلبت منهن التخلي نهائيا عن إرتداء الحجاب كشرط لمواصلة الدراسة ، وقد تدخل لتنفيذ إجراءات المنع ما يسمى بـ »الأمن الجامعي » وحراس الكلية . ولجنة الدفاع عن المحجبات بتونس ، تعبّر عن شديد امتعاضها من إبتزاز الطالبات المحجبات بكلية الآداب بسوسة ، للتخلي عن حقهن في إختيار شكل لباسهن مقابل مواصلة دراستهن ، وتطالب عميد وكاتب عام الكلية بالتوقف عن مضايقتهن وعدم الإنتقاص من حقوقهن في التعليم وإختيار شكل لباسهن، وتحمل الإدارة الجهوية ووزارة التعليم كل التجاوزات التي تحصل في حق الفتيات المحجبات في القطاع ، وتدعو السلطات الرسمية إلى وضع حدّّ للتمييز ضد المواطنة التونسية المحجبة . تدعو الطالبات المحجبات بالكلية إلى عدم الصمت عن التجاوزات الخطيرة التى تحدث بحقهن ، ورفع قضايا لدى المحاكم بشأن التجاوزات التى ترتكبها إدارة الكلية ، وتطالب السلطة بوقف الحرب المفتوحة التي تشنها على المحجبات في تونس ، ومعاملة المرأة المحجبة معاملة كريمة كمواطنة تونسية لها كامل الحق في مزاولة تعليمها وهي ترتدي الحجاب . تدعو كل الضمائر الحية والشخصيات والهيئات المهتمة بحقوق الإنسان إلى تبنى قضية المحجبات التونسيات وإدانة ممارسات السلطة التونسية في حقهن ، وتطالب المفكرين والكتاب والساسة ، وعلماء الأمة ودعاتها بفضح الحرب المفتوحة التي تشن على المرأة التونسية المحجبة ، والعمل على رفع المعاناة اليومية التي تكابدها . عن لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس البريد: protecthijeb@yahoo.fr  

 

تونس: منع طالبة من استكمال تعليمها بسبب حجابها

 

محيط: منعت ادارة المعهد العالي لمهن التراث بباب الخضراء بتونس، الطالبة سارة الجميعي ، البالغة من العمر 19 سنة من مزاولة تعليمها بالجامعة ، بعد أن قام الكاتب العام المدعو محمد الصالح بن ميلاد مند أول يوم في السنة الدراسية الحالية (2008/2009) ، التى إنطلقت في بداية سبتمبر الماضي ، بمنع الطالبات المحجبات من الترسيم ، و عندما قابلت مدير المعهد المدعو جمال بن طاهر قام الاخير بشتمها ووصفها بنعوت مبتذلك ، وساومها بين مواصلة الدراسة او إرتداء الحجاب . وقياسا على هذه منعت كل الطالبات المحجبات بالمعهد العالي المذكور من الترسيم ، ومنهن الآن من تخلت عن حجابها ، ومنهن من رفضت التخلي عن حجابها ولم تباشر الدراسة إلى اليوم . وقد أبدت الطالبة سارة الجماعي عزمها على رفع قضية لدى المحكمة ضد مدير المعهد وكاتبه العام لمقاضاتهما ، ولإسترداد حقها في إرتداء الحجاب . ولجنة الدفاع عن المحجبات بتونس تنبه إلى خطورة الموقف الذي تتعرض له الطالبات المجبات بالمعهد العالي لمهن التراث بباب الخضراء بالعاصمة التونسية ، وتطالب السلطات الرسمية التدخل الفورى لوقف هذه الإنتهاكات الفاضحة ، وتحمّلها كل النتائج المترتبة عن حربها المحمومة ضد المحجبات في تونس ، وتشهد القاصي والداني في الداخل والخارج على الممارسات المشينة التى ترتكب بحق المرأة التونسية المحجبة . (المصدر: موقع شبكة الإعلام العربية محيط بتاريخ 24 نوفمبر 2008)

حوار مع أ.نورالدين الختروشي

 

 

اسم الضيف:الأستاذ نور الدين ختروشي : منسق مبادرة حق عودة إسلاميو تونس من المهجر – فرنسا

 

موضوع الحوار :إسلاميو تونس في المهجر وحق العودة

 

2008/11/22   محررة الحوار – مروة شاكر –  إسلام أونلاين

 

 

*بلقاسم علوي  – فرنسا  طالب / مهمتك هذه تتنافى مع مشاركتك في لجنة أو خلية المحاسبة التي أنشأتها المخابرات التونسية في بداية التسعينات لتشويه و ضرب حركة النهضة بنشر أخبار زاءفة عنها ونشرها عبر البريد خاصة فماهو رأيك ؟

 

الأستاذ نور الدين خترروشي:إذن قلت بالضبط إن هذا السؤال بدون معنى، الجميع يعرف في مقدمتهم بداية حركة النهضة أن لا علاقة لنا بتلك البيانات المشبوهة التي صدرت في بداية التسعينات باسم أعضاء من النهضة المهجر.

 

* محمد – الأردن /السلام عليكم . سيدي الفاضل .ماهي فكرة المبادرة ؟ وماهي أهم الأهداف التي تسعون لتحقبقها؟

 

الأستاذ نور الدين خترروشي : فكرة المبادرة بكل بساطة، تقول: إن لدينا آلاف المهاجرين الموزعين على القارات الخمس، وهم ضحايا الحملة الأمنية التي تواصلت في البلاد طيلة العقدين السابقين، إذن هم ضحايا طيلة العقدين الماضيين، وهو ما شكل ظاهرة جديدة في تاريخنا السياسي الحديث، حيث لم تشهد تونس في تاريخها الحديث والقديم موجة من التهجير القسري، كما شهدته في السنوات الأخيرة، حيث لدينا مئات العائلات نساءً وأطفالاً ورجالاً المحرومين من العودة إلى وطنهم خوفًا من التتبعات الأمنية الجائرة.

 

أما لماذا المبادرة الآن، فالمبادة بالعمل على حق اللائجين في عودتهم إلى وطنهم هي وليدة واقعها، ومقوم شرعيتها تستمده من حاجة واقعية وموضوعية ملحة، تتمثل في تقديرنا بأنه وبعد خروج مساجين حركة النهضة أساسًا لأن السجون التونسية ما زال بها سجناء رأي، سواءً من شباب الصحوة الإسلامية يحاكمون وفق قانون الإرهاب سيئ الذكر وقانون مكافحة الرهاب 2003 سيء الذكر أو مساجين التحركات الاجتماعية في منطقة الحوض المنزمي بالجنوب التونسي.

 

فالمبادرة إذن جاءت لتفتح ملف إنساني وحقوقي وسياسي جديد على الساحة الوطنية متمثلا في العمل على تفعيل عودة مئات المهجرين التونسيين إلى بلادهم، عودة نريدها آمنة وكريمة تستعاد فيها الحقوق، وترد فيها المظالم، ولا تستثني أحدًا من المهجرين بدون مساومة وابتزاز كما هي حالة أغلب الذين تمت تسوية وضعيتهم وعادوا إلى البلاد في الأشهر الأخيرة.

 

*ابراهيم – فرنسا / تحية لضيفكم الكريم. أنا مواطن تونسي مهجر منذ التسعينات وأرغب في العودة لبلدي ورؤية أهلي وأقاربي وأحبابي. وقد عاد بعض أصدقائي منذ أشهر بعد أن تقدموا بمطالب عفو لدى السلطات ولكنني لم أشأ فعل ذلك حرصا على كرامتي وعلاقتي بإخوتي. فكيف تنظرون إلى العودة الفردية ومطالب العفو وكيف تقنعوني بأهمية الانضمام لمبادرتكم ? .وشكرا

 

الأستاذ نور الدين خترروشي : بالنسبة للحلول الفردية، أو ما توافقنا على الساحة الوطنية بتسميته بالحلول الخلاص الفردي، المبادرة في الحقيقة جاءت كرد سياسي وأخلاقي على مسار المساومة والابتزاز الذي تعرض له بعض أصدقائنا الذين حاولوا العودة من خلال ما هو مطروح من تسويات فردية عبر الاتصال بالقنصليات التونسية في الخارج. وحتى في هذه الحالات وما صاحبها من مساومة على المواقف وعلى المبادئ وعلى التاريخ النضالي للمناضلين، فإن السلطة لم تستجب للجميع، بل وأمعنت في إذلال البعض، وأرغمتهم كما هو معروف في الساحة الوطنية أجبر بعضهم على تقديم استقالات وهمية من حركة النهضة وغيرها من الأحزاب الوطنية المعارضة.

 

فالسلطة إذن تتعامل مع هذه المأساة بخلفية المفاوضة أو على أرضية المناورة السياسية، فهي تستغل مأساة المنسيين وتحولها إلى أداة من أدوات مواجهتها لمعارضتها. لذلك، اختار المهجرون من مختلف المواقع السياسية والايديولوجية الالتقاء بعمل منظم وممنهج من أجل استعادة حق الجميع في عودة كريمة في مستوى شرف ونبل مبادئنا وقضيتنا التي هجرنا من أجلها. أما كيف نقنع الأخ الكريم للانضمام إلينا، فنحن نستغل الفرصة لنوجهها لحضرته ولمئات المهجرين الذين لم يلتحقوا بعد للمبادرة للانضمام إلينا للحوار والتشاور حول أسلم السبل وأنجع الأدوات لاستعادة حقنا في العودة الكريمة إلى وطننا.

 

*بلقاسم علوي  / ملف المهجرين ملف سياسي تحكمه العلاقة بن النظام التونسي وحركة النهضة تاريخيا سياسة الضغط والمغالبة لم تؤتي أكلها مع النظام التونسي فهل ترى جدوى من هكذا تحرك ؟

 

الأستاذ نور الدين خترروشي :  في الحقيقة السؤال يحتوي على تقييم سياسي مباشر لأداء حركة النهضة وهو تأويل لا يلزمنا في قراءتنا في موضوع المهجرين، الحاصل الأكيد أمامنا أننا أمام مأساة إنسانية من ناحية، وأمام ملف حقوق وسياسي من ناحية أخرى، والمعادلة الحقيقية هي في كيف نستنبت أنجع الوسائل لتسهيل عودة المهجرين التونسيين من إسلاميين وغير إسلاميين، وأن نغلق نهائيًا هذه الصفحة المؤلمة من تاريخنا السياسي الحديث، وهنا مربط الفرس، وسرة المعنى، حيث يتقاطع موضوع العودة مع عناوين ومفردات أزمة الحياة العامة ببلادنا، والتي هي أزمة سياسية بامتياز، فعودة المهجرين مرتبطة أساسًا لتوفير شروطها التاريخية وفي مقدمتها شرط تنيقيط المناخ السياسي بالبلاد بإغلاق ملف سجناء الرأي من ناحية والمهجرين من الناحية الثانية، فالقضية إذن مرتبطة بإرادة سياسية، وهي أساسا وأولا وأخيرًا إرادة النظام القائم.  يبقى السؤال المطروح أمامنا نحن في المبادرة هو كيف نجترح السبيل الأقوم والطريق الأسلم لإقناع السلطة بأن مصلحة البلاد حاضرًا ومستقبلاً هي في غلق ملف المظالم السياسية، واحتكار الحياة العامة بقوة العنف الرسمي والممنهج، إقصاءًا لشركاء سياسيين وتأبيدًا للحظة الصفر الديمقراطي.

 

*فكري – المغرب /  هل جميع كوادر حركة النهضة الاسلامية يعلمون بأمر هذه المبادرة ؟وهل حصلتم على توقيعاتهم عليها؟

 

الأستاذ نور الدين خترروشي : التوقيع على النص التأسيسي للمبادرة هو بصفة المهجر فقط، وليس بصفة سياسية، رغم وجود العديد من الوجوه الحزبية، والسياسية، المؤسسة للمبادرة، سواء من حركة النهضة أو من حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، ومن حزب العمال الشيوعي التونسي، ومن مستقلين من كافة الرواسب الأيديولوجية بالساحة الوطنية، فقائمة الموقعين التي تشمل العديد من قيادات حركة النهضة وكوادرها وأعضائها، بل إن أغلب الموقعين هم إما من أبنائها أو من المشتقين عنها، وغياب توقيعات بعض الأسماء القيادية بالنهضة هو دليل على أن التوقيع كان بالأسماء الشخصية ولم يكن موجهًا من أي جهة حزبية وهو أيضًا ما يحتم علينا مزيد من العمل وبذل الجهد من أجل إقناع بقية أصدقائنا من أبناء وكوادر حركة النهضة للتوقيع على المبادرة.

 

*بلقاسم علوي  – فرنسا  طالب  / سؤالي الاول حول التعريف حيث حذفت عبارة عضو بحركة النهضة هل بسبب عدم حصتها أو لتناقضها مع هذه المهمة ام تكتيكا كالعادة ؟

 

الأستاذ نور الدين خترروشي :  ورد خطأ في بطاقة التعريف التي تفضل الإخوة المشرفون والمشرفات على الحوار بتقديمها للقراء، وسارعنا بتصحيح ما ورد في التعريف بشخصنا. حيث ورد أنني عضو بحركة النهضة وفي نفس الوقت ناشط سياسي مستقل، فطلبنا منهم واستجابوا مشكورين، بسحب صفة العضوية في حركة النهضة لأنها ببساطة غير صحيحة، فاستقلاليتنا يعرفها جميع العاملين في الساحة الوطنية، والانتماء للنهضة اليوم شرف لا ندعيه.

 

*فاروق – الجزائر /السلام عليكم . هل ترون أن الظروف مواتية حاليا لطرح هذه المبادرة؟ولماذا تأخرتم كثيرا في طرحها حيث أنكم مقيمون بالخارج منذ سنوات طويلة؟

 

الأستاذ نور الدين خترروشي : المبادرة وليدة واقعها، ومقوم شرعيتها تستمده من حاجة الواقع الموضوعي لها، وفكرة العودة طرحت على الساحة المهجرية في أكثر من مناسبة، سواء في شكل تحليل ونصوص ونداءات، أو في صيغة اقتراحات معملية، والمبادرة اليوم استفادت من ذاكرة العودة، فهي تعبير تاريخي مباشر على تفاعل قراءات متعددة ومفتوحة في موضوع العودة، يجمعها حرص المشترك على أن تكون عودتنا بداية لمرحلة جديدة في تاريخ بلادنا، عنوانها الأساسي الاستفادة من تجربة مهجرية عميقة، يحرص المبادرون على أن تكون رصيدًا في حساب الوطن، وطموحه المشروع في حياة عامة أكثر انفتاحًا وتعددًا وأقل انغلاقًا. أما بالنسبة للتوقيت السياسي المباشر، فالمعلوم أن قضية المهجرين ارتبطت واقعيًا وتاريخيًا وموضوعيًا وسياسيًا بملف المساجين، وللتذكير فإن المبادرة استبقت خروج الدفعة الأخيرة من مساجين حركة النهضة بأشهر، وهي اليوم وبعد خروجهم تبدو أكثر شرعية باعتبار أن الحاجز الأخلاقي أساسًا الذي كان سببًا في تردد المهجرين لطرح مأساتهم على العالم باعتبارها أقل بكثير من معاناة وأوجاع المساجين، ويوميات الانتقام الممنهج الذي مارسته أجهزة السلطة الأمنية في حقهم، يبدو أن الأغلبية من المهجرين اليوم قد اقتنعوا بضرورة استنطاق جرح المنفى، ووضع ملف حق عودة المنفيين على الساحة ودمجه في أجندة المطالب الوطنية الملحة، ثم إن هناك بعد آخر في المبادرة لا بد من الانتباه له والتنبيه إليه وهو البعد الثقافي الإسترااتيجي، المتصل بواجب الذاكرة، حيث سنفتح لتجربة المنفى فضاءات أخرى للتعبير عن فصولها لأقصى حدود الأمانة مع النفس والحقيقة والتاريخ، سنبدأ بإحصاء عدد المهجرين وأماكن تواجدهم، وسنؤرخ لتجارب فردية في حميميتها وذاتيها العميقة، لنعيد من خلالها تركيب صورة أخرى للمنفى لحساب الذاكرة الوطنية، سنحكي مرويات التغريب التونسية على لسان الأطفال والأمهات والآباء، والأحبة الذين غادروا ولم نرسم على جبينهم قبلة وداع، سنحكي ونصور ونكتب ألمهم، ولكن سنروي قصة إنجازات ونجاحاتهم وأفراحهم أيضًا، وهي والحمد لله إنجازات كثيرة ومتعددة، نريد لها حقيقة أن تكون في حساب الوطن، وأن يستفيد منها لأنه الأولى بها.

 

*بلقاسم علوي – فرنسا  طالب / الوظيفة  هل تنطلق في نضالك في هذا الملف من اعتبار أنه ملف إنساني بحت أم أنه ملف سياسي تريد حركة النهضة البحث من خلاله عن مدخل إعلامي وسياسي تطيل به حالة الصراع والصدام بينا وبين نظام الرئيس بن علي ؟

 

 الأستاذ نور الدين خترروشي:  أولاً، المبادرة لا علاقة لها من بعيد أو من قريب بأجندة أي طرف حزبي وطني، سواء أكانت النهضة أم غيرها، أما فيما يخص المطلبي والحقوقي والإنساني من جهة، والسياسي من جهة أخرى، في مضمون المبادرة، ففي الحقيقة الفصل بين هذه الأبعاد هو فصل المنهج بالأساس، ونحن حريصون على ذلك الفصل المنهجي في طريقة تعاملنا مع الملف. فالمطلبي والحقوقي هو جوهر عنوان العودة، فنحن أمام مطلب عيني ملموس محسوس مباشر يتمثل في تفعيل عودة كريمة آمنة شاملة للجميع لأرض الوطن، وسنطالب بذلك على أرضية حقوقية مطلبية، ولكن لن نتغافل ولن نتناصل عن البعد السياسي وتشابكه مع بقية الأبعاد، فكما قلنا في إجابة سابقة، حل الملف مرتبط بإرادة سياسية، وهي محل الرهان الأساسي في إستراتيجيتنا المقبلة. فالسؤال المطروح أمامنا هو كيف نصل في أقرب وقت، وبأقل الجهود، وبأسلم الأدوات، لتحقيق أهدافنا، وكنا قد أكدنا في البيان التأسيسي للمبادرة بأننا سنتوصل الأسهل والأنجع والأنسب من الوسائل لتحقيق المطلوب، هذا يعني أننا سنستنفذ أدوات وأساليب المطالبة، فإن حققنا المطلوب فكفى الله المؤمنين النضال، وإن كان غير ذلك فسنخط طريقنا بنفس روحية من أجل استعادة حقنا بكل الوسائل الشرعية والأشكال النضالية المعروفة والمتعارف عليها داخل الساحة الوطنية. وأعتقد أن الحركة الوطنية لها من الخبرة ولها من الكفاءات بما يجعلها قادرة على إنجاز هذا الاستحقاق.

 

*فهمي التونسي – فرنسا  مهندس إعلاميات/ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,  أما بعد أطلب من ضيفكم الكريم أن يوضح لنا ما هو الموقف المنتظر من السلطة تجاه هذه المبادرة. وهل يتوقع استجابة ايجابية من الرئيس بن علي وتسوية جماعية لملف الراغبين في العودة. أم أن النظام سيغلق عليهم الأبواب ويترك نافذه العودة الفردية المشروطة مفتوحة والسلام؟

 

الأستاذ نور الدين خترروشي : أنا أعتقد أن من مصلحة البلاد أن يسارع النظام بخطوة في الاتجاه الصحيح اتجاه حل هذا الملف، ولكن كل المؤشرات للأسف تدل على أن النظام لا يرى من مصلحته الآن أن يمضي في هذا الاتجاه، فال القليلة التي حدثت، والتي بالمناسبة نستغل الفرصة لنهنئ كل العائدين للبلاد؛ ولو أننا نعتقد أن عودة أخرى أكثر كرامة وأقل شبهة ممكنة، لا بحساب الأمل بل بحساب الممكن، بل إن السلطة استعملت بعض الإخوة العائدين للتشهير بالقائمين على المبادرة والتشكيك فيها، وهو ما يفهم منه أن السلطة مازالت تتعامل معنا بأساليبها التقليدية والأمنية أساسًا، والتحدي المطروح أمامنا مباشرة هو كيف نقنع السلطة، فإن لم نستطع فكيف ندفعها إلى التعامل السياسي مع الملف. ذلك هو رهاننا الأساسي في المرحلة المقبلة. فإذا كان النظام ينظر حقًا إلى مصلحة البلاد، فإنه سيعالج الملف معالجة سليمة تمكينًا للمناضلين من جوازات سفرهم وإيقاف التتبعات الأمنية والقضائية في حال عودتهم. أما إذا أراد مواصلة ذات السياسة الأمنية في التعامل معنا، فلن ينتظر منا استجداءً أو تقبيلاً للأيادي، بل سنستجمع كل مقومات قدرتناالبشرية والسياسية لاستعادة حقنا. فطريقنا واضح يكون استجداء، فالحقوق لا تستجدى ولكن لن نسقط أيضًا في تصعيد المجاني مع السلطة قد يؤدي إلى عكس المأمول. فإستراتيجيتنا عنوانها الأساسي أو أفقها الأساسي هو استعادنا في عودة كريمة وآمنة لبلادنا ولن نكون عامل تعقيد في هذا الملف، بل سنحرص أن نكون عامل حافز له.

 

*سامر – فرنسا / عندي سؤالين أرجو أن يتسع صدركم للإجابة عليهما. الأول : ما هي أهم بنود المبادرة ؟ الثاني : هل هناك قنوات للتواصل بشأن طرحها على النظام التونسي ؟ في حالة طرحها هل تتوقعون ردود إيجابية أم سلبية؟

 

الأستاذ نور الدين خترروشي :أما عن أهم بنود المبادرة، فحق العودة للجميع دون استثناء، وبدون إذلال أو ابتزاز، وعودة آمنة وكريمة تضمن الحق في التنقل والإقامة والمشاركة في المشهد العام، وكل حقوق المواطنة عمومًا. ثم هي عودة كريمة في مستوى حجم معاناتنا وتضحياتنا، هذا بالنسبة لأهم بنود المبادرة. أما هل هناك قنوات للتواصل مع السلطة، فالسلطة عندنا وللأسف لم تتدرب ولم تتعود على مفاوضة مخالفيها، فهي تأمر وتنهي وتعاقب ولا تفاوض. وأملنا في أن تستفيد السلطة من تجربتها وتغير أسلوب تعاملها مع المبادرات الجادة، فالتفاوض كما هو معلوم هو نتيجة مباشرة لموازين قوى قائمة، ونحن ليست لدينا أوهامًا نعلم ونعي أن ميزان القوى اليوم هو في صالح السلطة، وسنعمل ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، لدفعها إلى لحظة تفاوض جدي ومسئول حول الحد الأدنى المقبول من المهجرين لضمان عودتهم الآمنة والكريمة.

 

* soumeya : ما هي الضمانات التي لديكم لحماية الأشخاص الذين سيعودون. وهل ترون من المجدي أن تعودوا والوضع السياسي والأمني مازال لم يتغير ولم يطرأ جديد في مممارسات السلطة الحاكمة وهل اختزلت مطالب المعارضة التونسية في عودة مهجرين والحال أن البلاد مازالت غارقة في الظلم ؟

 

الأستاذ نور الدين خترروشي : أما فيما يخص الضمانات التي لدينا، فالضمانة الوحيدة هي حرصنا وتصميمنا على تجميع الجميع والالتفاف حول عمل منهجي ومنظم يستفيد من ذاكرتنا النضالية ويؤسس لتجربة جديدة تراكم ما أنجز وتضيف الجديد. أما فيما يخص قنوات التواصل مع السلطة، فإلى حد اليوم غير موجودة، لا بصفة مباشرة أو غير مباشرة. إن عودة اللاجئين والمنفيين مرتبطة بتوفر شروطها وفي مقدمتها شرط الانفتاح السياسي الحقيقي والجدي، على كل مكونات الفضاء العام، والمهجرون يتابعون يوميات أصدقائهم في المعارضة الوطنية، ويعوا جيدًا أن الشرط السياسي لتلك العودة ما زال دونه عدم قناعة السلطة بضرورة الانفتاح على الجميع واحترام التعددية القائمة موضوعيًا والتي لا بد لها من مناخ سياسي سليم لتعبر عن نفسها، وللمفارقة فإن السلطة تعترف بهذا وأكثر منه في خطابها الرسمي، بداية من بيان السابع من نوفمبر الذي أكد على نضج الشعب التونسي وحقه في الحياة التعددية، وأعلن صراحة وتنصيصًا لا ظلم بعد اليوم، إلا أن سنوات الجمر التي عاشها التونسيون وتابعها المراقبون من الخارج تؤكد أن النخبة الحاكمة لم تستفد من التجارب المريرة السابقة، وما زالت للأسف تواصل إلى اليوم سياسة الإقصاء الممنهج لخصومها السياسيين، فالحديث عن مناخ سياسي مهيئ للعودة اليوم، حديث فيه كثير من التجاوز، ولكن هل يعني ذلك ألا نجتمع على المطالبة بحقنا في العودة وفي المشاركة أساسًا في تهيئة المناخ العام من أجل حياة عامة أكثر انفتاحًا وأكثر تعددًا وأكثر ديمقراطية.

 

*عمرو – تونس/  ما هي الآليات التي تهدفون من خلالها الى تفعيل هذه المبادرة ومن هي الجهة الأخرى التي ستبادرون بعرضها عليهم ، هل هو الرئيس التونسي ، أم الحكومة أم النظام ككل؟

 

الأستاذ نور الدين خترروشي : أما فيما يخص الخطوات والآليات، فعمومًا سنتحرك ضمن ضوابط حددناها في ثلاثة مراحل أساسية، وهي التي طبعًا ما زالت مفتوحة للحوار والتشاور بين المبادرين، مرحلة المطالبة بالحق، وهي مسار كامل على أرضية وخطاب حقوقي مطلبي واضح، سنعمل على استنفاذ كل ممكناته ، ثم إذا لم تستجب السلطة فإننا سنتحول إلى المرحلة الثانية، وعنوانها استرداد الحق، وهي المرحلة التي سنستجمع فيها كل أدوات وممكنات الضغط الإعلامي والسياسي والميداني بالتوافق مع مختلف مكونات الساحة الوطنية استعادة لذلك الحق، ثم في مرحلة ثالثة إذا لم تتراجع السلطة وإذا لم تستجب، فسنعمل على افتكاك هذا الحق، وذلك من خلال أشكالا نضالية جديدة، ربما نفاجئ بها الساحة والعالم. هذه عمومًا، المراحل الثلاثة التي بدأت تتبلور من خلال حواراتنا الداخلية حول الاستراتيجية الممكنة لتحقيق المأمول.

 

*شادي – إيطاليا / ما هو واقع الإسلاميين المقيمين في فرنسا؟ وما هي حدود علاقتهم بالنظام التونسي وبأهلهم؟ 

 

 الأستاذ نور الدين خترروشي : هذا السؤال يوجه للمعنيين به.

 

*ابراهيم – فرنسا / سؤال ثاني من فضلكم: هل ستعتبرون الذين عادوا تحت المساومات وبعد طلب العفو خونة وتصنفونهم ضمن أعدائكم وتهاجمونهم في خطابكم وتحركاتكم أم سيكون لكم موقف آخر منهم؟ وشكرا.

 

الأستاذ نور الدين خترروشي : نحن نرفع شعار مبدأ يقول بوضوح: لا خيانة في العودة ولا بطولة بالبقاء في المنفى، فمن حيث الأصل، نحن نسعد لاستعادة إخواننا المناضلين الذين عادوا لوطنهم، فالعودة في ذاتها ليست جريمة ولا خيانة، بل الأصل في الأشياء العودة، والأصل أن نعتبر عودة أي مهجر هي تعزيز للرصيد البشري لقوى التغيير بالبلاد نحو غد أفضل، وهي مكسب للوطن بأجمعه باعتبار أن جل المهاجرين قد اكتسبوا خبرات وكفاءات نحسب أن الوطن أولى بها، هذا من حيث المبدأ.

 

أما من حيث التفصيل، فالملاحظ أن هناك من عاد إلى البلاد، ثم عاد إلينا منقلبًا على عقبيه، مقبحًا الحسن ومحسنًا للقبيح، ومشوهًا لصورة نضالاتنا، وهؤلاء القلة فيهم من وصل به الأمر إلى بيع ضميره، والقبول للعب أدوار مشبوهة لتفتيت الصفوف والمشي بالهمز والغمز في رفاق درب الأمس القريب. هؤلاء في الحقيقة هم أولاً وقبل كل شيء ضحايا نشفق عليهم، لأنهم دخلوا التاريخ السياسي الحديث لبلادنا من بوابة شرف، وخرجوا منه من شباك يفتح على إسطبل قطيع، وانضموا إلى اللفاقيق والمصفقين لخصوم التحرر السياسي والاجتماعي ببلادنا.

 

*كرم – أمريكا  / كم يبلغ عدد الأعضاء المشتركين في هذه المبادرة ؟ وهل هناك جهات أخرى تساعدكم فيها من أجل الحصول على حق العودة؟

 

الأستاذ نور الدين خترروشي: العدد بالضبط هو مائة وسبعة وستون موقع. ولا يوجد هناك أي جهات تساعدنا، نحن نعتمد أساسًا على كفاءاتنا وإمكانياتنا الذاتية. أما العدد فهو متزايد بشكل يومي والحمد لله. وما زال أمامنا عملا طويلاً للتحسيس للمبادرة والتعبئة حولها. والجميع في المبادرة يتحملون مسئولياتهم في القيام على هذه المهمة. وأجدد ندائي لجميع الإخوة الموقعين أن يتحملوا مسئولياتهم في المشاركة الفاعلة والبناءة لتجميع أقصى ما يمكن من التوقيعات، فالمبادرة في حاجة إلى الثواب والعدد. خاصة في الأشهر القليلة القادمة وما ينتظرنا من استحقاقات ميدانية.

 

*فتح الله – تونس / مساء الخير . ما هي الملامح الرئيسية السياسية لهذه المبادرة ؟ وهل هي مبادرة حقوقية أم سياسية؟

 

الأستاذ نور الدين خترروشي : هذا السؤال طرح أكثر من مرة كما يلاحظ القارئ لهذا الحوار.  ونكتفي بالقول بأن ملف عودة المهجرين تتكثف على سطحه كل عناوين أزمة الانغلاق السياسي في العقدين الماضيين ببلادنا. فسواء من جهة أن أغلب المهجرين هم من حركة النهضة، وإن مسار تطور علاقة تلك الحركة بالسلطة سيكون المحدد الأساسي في مسار تطور المبادرة ذاتها، فهناك ارتباط موضوعي وجدلي بين الوصول إلى حل سياسي لملف الحركة الإسلامية بتونس وبين تحقق العودة الشاملة للمهجرين. من هذه الزاوية يمكن أن نقول: إن عنوان العودة هو عنوان سياسي وسياسي بامتياز، ومن زاوية أخرى، فإن لدينا العديد من الحالات الملحة التي يجب أن نعمل على تسهيل عودتها في أقرب الآجال، وبين هذا الحد وذاك، ستكون ديناميكية العمل والحركة محكومة بفك عناصر هذه المعادلة التي تبدو مركبة وصعبة، وهو ما يضفي على عملنا حيوية وطرافة وأيضًا مسئولية في تحريك مخيلنا العملي والنضالي لاستنبات الأقوم والأسلم لفك رموز هذه المعادلة.

 

*خالد- مصر / هل ترى أن طرح هذه المبادرة نوع من الإحراج السياسي للسلطة حيث أنه لاتمنع السلطة أحد من دخول تونس . بدليل أنها أفرجت عن كل معتقلي النهضة الاسلامية؟ 

 

الأستاذ نور الدين خترروشي: لا أبدًا، طرح المبادرة لا يكون بقصد الإحراج، وإنما بقصد تحقيق مطلب العودة.  أما أن السلطة لا تمنع أحدًا من دخول تونس، فهذا غير صحيح. فهناك العشرات من المناضلين الذين قدموا مطالب جوازات سفرهم، وطالبوا بحقهم في العودة ولم يستجب لهم. ومنهم من تعرض للضغط والابتزاز والمساومة كما ذكرنا سابقًا. ثم لا ننسى أن هناك العشرات ممن قدموا منذ سنوات مطالب الحصول على جواز سفرهم ولم يمكنوا إلى الآن من ذلك.

 

* بلقاسم علوي  –  طالب / الوظيفة :قامت أعداد كبيرة من قدامى أبناء حركة النهضة المهجرين بالسعي فرديا للحصول على جوازاتهم ألا ترى أن تحركك هذا يأتي كعملية تدارك من حركة النهضة لوقف النزيف و ايقاف فلتان القاعدة التنظيمية المتبقية ؟

 

الأستاذ نور الدين خترروشي: سبق وأن أكدت على أن المبادرة لا علاقة لها بأجندة وأولويات أية طرف. أما أن المبادرة ستخفف من حدة الحوارات الجارية حول مسألة العودة، سواء كان داخل النهضة أم خارجها، فهذا ممكن ومطلوب. والأكيد أن المبادرة في مسار تطورها ستتقارب وتتباعد بهذا الحد أو ذاك، من أجندة مختلف الأطراف الحزبية الوطنية وليس حركة النهضة فقط.

 

فالمبادرة ومصدر قوتها يكمن في استقلاليتها عن الجميع.  مطلب العودة مطلب مشروع وشرعيته يستمدها من الواقع الموضوعي ومن الحاجة التاريخية والسياسية المباشرة والملموسة. 

 

*زياد  – ألمانيا /  هل يرغب الاسلاميين التونسين بالعودة بالفعل ،أم أنه أصبحت لهم حياتهم الخاصة ومستقبلهم ،وحتى لو طرحت عليهم العودة لم يعودوا؟

 

الأستاذ نور الدين خترروشي :بالنسبة للرغبة في العودة، أعتقد أنها رغبة كل مهجر بعيدًا عن وطنه، رغبة أكيدة. أما مسألة بقائه بعد عودته في البلاد أو اختياره للمهجر، فذلك شأنه الخاص لا نتدخل فيه، ولا ينقص من شرعية مطلب حق العودة في ذاته. ونحن بصدد هذا الحوار الطيب، بلغني وفاة الأخ المناضل/ محسن بومعيزة اللاجئ السياسي بألمانيا منذ سنة 1990م، وبهذه المناسبة أتوجه لأهله وذويه وكل الإخوة المنفيين، بأحر التعازي و »إنا لله وإنا إليه راجعون ».

 

كما أدعو كل المهجرين للالتفاف حول المبادرة والانخراط فيها، وزيارتنا في موقعنا. http://www.manfiyoun.net وأدعو كل أصحاب الضمائر الحية في البلاد وخارجها؛ لدعم قضيتنا العادلة وحقنا المشروع في عودة كريمة وآمنة لوطننا.

 

فمأساة المنفى جرح عميق على جبين الوطن، وآن أوان تضميده. مع تحياتي للإخوة المشرفين على موقع إسلام أون لاين لإتاحتهم لنا هذه الفرصة الكريمة. وشكرنا لكم ولكل قراءكم ولكل من ساهم في إدارة الحوار وإلى لقاء قريب إن شاء الله يكون في المرة القادمة من داخل تراب الوطن.

 

نص الحوار من موقع إسلام أونلاين وقد قامت أسرة تحرير الحوار نت بإعادة تنسيقة خدمة للقرّاء..
 

تونس نيوز: ملاحظة

لقد تم نشر هذا الحوار في عدد يوم 22 نوفمبر وثبت أن نقصا جد في نص الحوار ولذلك نعيد نشره في عدد اليوم منبهين قرائنا أن النص تم نقله من موقع الحوار نت كمصدر للترتيب الاخير لنص الحوار
 
 (المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 22 نوفمبر   2008)  

 
   دعوة

في إطار « حملة 16 يوما من الأنشطة ضد العنف بسبب نوع الجنس » التي تشارك فيها منظمة العفو الدولية، ينظم مكتب الوسط لمنظمة العفو الدولية بالمناسبة النشاط التالي:                       *مداخلة للدكتورة ماجدة السبوعى والسيد جمال مسلم تحت عنوان « الحق في الصحة والأمراض المنقولة جنسيا ».                                                 * مداخلة للأخصائية النفسية سندس قربوج تحت      عنوان « الإطار الطبي وشبه الطبي واليات التعامل مع القضايا المسكوت عنها عند ضحايا العنف والاعتداءات الجنسية ».                                                *شهادة لأحد الحاملين لفيروس السيدا.             وذلك يوم الجمعة 29 نوفمبر 2008 بداية من الساعة الثالثة بعد الزوال بمقر المكتب :2 نهج أناتول فرنس/سوسة(قبالة معهد الذكور)

 

مضايقات أمنية ضد قيادي إسلامي بسبب تصريحاته لـ »إسلام أون لاين.نت »: « النهضة » التونسية.. قلق حقوقي ودعوة لمصالحة وطنية

السيد زايـد (*) لم يمض سوى أسبوعين فقط على الإفراج عن الصادق شورو (الرئيس الأسبق لحركة النهضة الإسلامية التونسية) وزملاءه حتى بدأ مسلسل المضايقات الأمنية ضده على خلفية التصريحات التي أدلى بها لموقع « إسلام أون لاين. نت »، وهو ما يؤكد ما كان يخشاه كل المراقبين للحالة التونسية من تواصل سياسة القتل البطيء التي سلطت على مساجين حركة النهضة الإسلامية بعد إطلاق سراحهم. أكّد شورو في تصريحات صحفية تعرضه للتهديد بالإعادة إلى السجن والعنف اللفظي وإساءة المعاملة من قبل الأمن وأوضح أنه تم استجوابه حول تصريحاته التي أدلى بها مباشرة بعد خروجه من السجن خاصة المتعلقة منها بشروط قيام مصالحة مع النظام وعلى رأسها حصول الحركة على حقها في العمل السياسي واسترداد أبنائها لحقوقهم السياسية والمدنية، واستهدافهم في أنفسهم وعائلاتهم وأبنائهم ودينهم، وأخيرا كشفه لانتهاك حرمة القران الكريم ودوسه بالأقدام. واعتبر الرئيس الأسبق للنهضة أن الهدف من عملية إيقافه ومحاولة إهانته والنيل منه، هو تخويفه وترهيبه ومنعه من حقه في النشاط والعمل السياسي المشروع، موضحا أن هذا لن ينال منه ولن يؤثر في عزيمته مثلما لم تؤثر فيها سنوات السجن الـ18، وأنه متمسك بحقوقه حتى لو أعادوه إلى السجن مرة أخرى بحسب تصريحاته لإسلام أون لاين. هذه المضايقات رصدتها منظمة « حرية وإنصاف » الحقوقية التونسية المستقلة، وقالت في بيان لها حصلت إسلام أون لاين على نسخة منه إنه « تم استجواب شورو من قبل فريق من إدارة أمن الدولة حول التصريحات التي أدلى بها لموقع  »إسلام أون لاين.نت » إثر الإفراج عنه في الخامس من الشهر الجاري، وكذلك حول مأدبة عشاء بمناسبة إطلاق سراحه بمنزله الكائن بضاحية « مرناق » قرب العاصمة التونسية. وطلب الأمن من شورو ـ بحسب البيان ـ الالتزام بعدم النشاط السياسي، وعدم تنظيم العشاء فرفض الإمضاء، وأقام حفل العشاء، رغم الحصار الأمني على منزله، وتمسك بحقه في حرية التعبير والإدلاء بالتصريحات الصحفية وحقه في التنظيم، وذكّر بأن حركة النهضة الإسلامية قدمت طلبا للحصول على التأشيرة للعمل العلني في إطار القانون، وأن من حقه استضافة من يريد إلى منزله، وأنه لا يستطيع منع من جاء لتهنئته. على الرغم من الإفراج عن الصادق شورو إلا أن هذا الاعتقال أثار قلق المنظمات الحقوقية ومن بينها الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين التي نددت بالضغوطات التي مورست على الرجل لحرمانه من حقه في التعبير، ومن الاندماج في المجتمع، واعتبرت أن هذه محاولة لعزله بعد سجنه، وأن هذا السلوك يأتي استمرارا لسياسة التضييق على المسرحين من المساجين السياسيين، واعتداء على حرية التعبير، والحرية الشخصية، ودعت إلى رفع المضايقات عن المسرحين وتمكينهم من حقوقهم المدنية والسياسية بما ييسر اندماجهم في المجتمع للمساهمة في خدمة بلادهم. النهضة والخطوط الحمراء الصادق شورو هو الرئيس السابق لحركة النهضة التونسية، عمل مدرسا بكلية الطب بتونس إلى أن تم اعتقاله سنة 1991. انضم لعضوية مجلس الشورى المركزي لحركة النهضة منذ بداية الثمانينيات، وانتخب في مؤتمر 1988 رئيسا للحركة وواصل القيام بمهامه حتى اعتقل في 17 فبراير 1991. حوكم شورو أمام المحكمة العسكرية سنة 1992على رأس 265 من قيادات النهضة، وطلب الادعاء العام إعدامه، ولكن تحت ضغط المنظمات الحقوقية والإنسانية اكتفى النظام بإصدار حكم في حقه بالسجن مدى الحياة. مؤخرا قامت السلطات التونسية بإطلاق الصادق ضمن معتقلي الحركة الـ21 بعد ثمانية عشر عاما من الاعتقال كمبادرة في الذكري الـ 21 لاستلام الرئيس بن علي السلطة في البلاد، وهو ما رحبت به الحركة في بيان أصدرته بهذا الشأن.. قائلة إنها تأمل « أن تستكمل هذه الخطوة الإيجابية بخطوات عملية تضع حدا لمعاناة الآلاف من المساجين المسرحين ليتمكنوا من ممارسة حقوقهم المدنية والسياسية كاملة. ودعت الحركة إلى إلغاء الأحكام الصادرة في حق المهاجرين السياسيين في العودة إلى بلادهم، وذلك في إطار سن عفو تشريعي عام لا يستثني أحدا، وقالت « بهذه المناسبة تجدد النهضة تأكيد استعدادها للتفاعل إيجابيا مع كل خطوة تدعم الإصلاح السياسي وتكرس الحريات العامة ». ما جاء في البيان أكده « شورو » في حواره مع « إسلام أون لاين.نت »، والذي اعتقل على خلفيته، مشيرا إلى تمسك الحركة بثوابتها وحقها في العمل السياسي بهدف إصلاح الداخل التونسي، معترفا في الوقت ذاته بتراجع شعبية الحركة في الشارع التونسي وبالعمل من جديد من أجل إعادة هذه الشعبية المفتقدة. وقال شورو حول حدود الحرية الممنوحة للحركة « يبدو أن النظام غير مستعد الآن للسماح للحركة بالعودة والرجوع إلى مواقعها السابقة، لكن نرى أن مصلحة البلاد ومستقبلها تقتضي السماح للحركة بحقها في العمل السياسي والقانوني، ويؤكد هذا الخيار أن الحل الأمني لم يعد هو الخيار، فهو يعمل على منع الحركة من الحصول على حقها في العمل السياسي القانوني، ومن الدمج داخل المجتمع كحركة طبيعية. التضييفات الأمنية من قبل السلطة ضد أعضاء « النهضة » كانت متوقعة، وهذا ما قاله الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية في اتصال هاتفي مع إسلام أون لاين.نت من لندن يقول « إن معتقلي النهضة خرجوا من سجن ضيق إلى سجن واسع، حقوقهم مسلوبة في الشغل والنشاط الثقافي والديني، وكثيرون منهم يفرض عليهم أن يثبتوا حضورهم يوميا أمام مراكز الأمن، ومحرومون كذلك حتى من التنقل بحرية داخل وطنهم، ومن التداوي داخل المستشفيات العامة أو حمل جواز سفر؛ ولذلك تبقى مشكلة هؤلاء المساجين كمواطنين قائمة؛ لأنهم لم يستعيدوا حقوقهم المدنية، ومشكلة النهضة برمتها تبقى قائمة. علاقة الحركة بالنظام سياسة الحظر الأمني على قادة الحركة المسرحين تستدعي طرح التساؤل من جديد حول علاقة الحركة بالنظام الحاكم وما هي إمكانية حدوث تغير في نهج السلطة الإقصائي تجاه الحركة وقادتها في الداخل؟ وفي هذا يقول الكاتب التونسي صلاح الدين الجورشي ورئيس منتدى الجاحظ لحقوق الإنسان: منذ ثلاث سنوات يدور نقاش حاد بين كوادر النهضة حول مسألة مراجعة العلاقة مع النظام، وهناك تيار ينمو شيئا فشيئا يطالب بإنهاء حالة المواجهة، وتجنب لغة التصعيد والقطيعة مع النظام، ويعتقد أصحاب هذه الرؤية أن عشرين عاما من المواجهة كان حصادها هش، حيث ضعفت الحركة وتم تهميشها، وسنحت الفرصة لبقية الأطراف السياسية أن تثبت أقدامها، فالمتضرر الرئيسي هو النهضة، والنظام استفاد بنجاحه في القضاء على حركة سياسية هامة، والنهضة اليوم تعيش على هامش الأحداث. ويرى الجورشي أن أصحاب دعوة المصالحة مع النظام يدعون إلى تغيير إستراتيجية العلاقة بالنظام، من أجل إعادة هيكلة قواعد الحركة المفككة في الداخل، بينما هناك جناح متشدد يلتف حول القيادة الحالية، ويرى أن شروط المصالحة غير متوفرة، ويسعى للتحالف مع بقية القوى السياسية من أجل ممارسة الضغوط على السلطة لتحقيق مكاسب فعلية للحركة ولبقية القوى الديمقراطية، وحقيقة فإن هذا التيار لم يحقق نتائج تذكر على الأرض. هذا الجدل سوف يولد عناصر قيادية داخل الحركة تدفع بقوة في اتجاه تغيير أسلوب المواجهة، والسعي لبناء ثقة مع النظام، لكن السلطة لم تبادر إلى الآن، والإجراءات القليلة التي يتخذها بن علي لا تزال محدودة التأثير، بل إن التضييق الأمني يزاد على المسرحين من عناصر النهضة، وهو ما يجعل العناصر القيادية المتمسكة بمقولة عدم توافر شروط المصالحة تستفيد، والسبب في ذلك هو النظام كما يؤكد الجورشي. من جانبه يعلق راشد الغنوشي على موقف السلطة تجاه الحركة وقادتها، وهل من الممكن أن يتغير مستقبلا: السلطة لا تزال مصرة على مواقفها القانونية من حركة النهضة، ومشكلة البلاد ككل بما فيها النهضة الأمنية وليست السياسية، معني ذلك أنه لا أمان من أن تتكرر نفس المأساة، وتعود حالات الاعتقال من جديد؛ لأن المسرحين ثابتون على مبادئهم وهذا حقهم. يطالب الغنوشي السلطة في هذا الشأن بإصدار عفو تشريعي عام يعيد للآلاف حقوقهم المدنية باعتبارهم مواطنين، وثانيا التعامل مع ملف النهضة كحركة سياسية مثل غيره من الحركات الأخرى في الدولة. لا جدال في أن النهضة خسرت كثير جراء المواجهة مع النظام، وهناك محللون يعيبون على الحركة الثبات على مواقفها، مما لا يعطي فرصة للنظام بحل مشكلات النهضة، لكن الشيخ راشد الغنوشي يرى أن الحركات السياسية والاجتماعية لا تعيش إلا من خلال تمسكها بمبادئها ويقول : من ينظر إلى أحوال حركة الإخوان المسلمين في مصر فترة الخمسينيات أو الستينيات أثناء الحملة الشرسة التي شنها النظام الناصري لم يكن يتوقع أن تقوم للجماعة قائمة، والآن هي الحركة المعارضة الأكثر شعبية وتمثيلا في البرلمان، فمبادئ « النهضة » ليست أردية نرتديها اليوم وننتزعها غدا، والتنازل عن المطالب السياسية ليس مطروحا داخل الحركة، ولن نساوم ونضحي بسنوات الاعتقال والمطاردة لأبناء الحركة من أجل التنازل عن حقهم في العمل السياسي، فهو تنازل عن واجب وطني. ويقول الغنوشي إنه « حتى لو تركنا الإسلام جانبا من خطابنا، ونحن لن نتركه، فالوطنية تحتم علينا المطالبة لإصلاح أحوال الناس ومقاومة الفساد. الحاجة لمصالحة وطنية تبدو الحالة التونسية أحوج ما تكون إلى مبادرة للمصالحة الوطنية من أجل الخروج من هذا النفق المظلم، على غرار ما حدث في جارتها الجزائر، لكن الغنوشي يرى أن السلطة لم تبادر برغبتها في فتح صفحة جديدة مع النهضة، وملف الحركة لا يزال ملفا أمنيا، وحتى يكون هناك خطوة فاعلة في هذا الملف فلابد أن يتم التعامل مع النهضة كحركة سياسية في المقام الأول وليس كحركة محظورة. طرح مبادرة للمصالحة مرهون باستعداد النظام للقبول بمصالحة مع الحركة، بشرط أن يكون استعدادا حقيقيا لحل كل القضايا المتعلقة بمهام الحركة ودورها وبمصالح البلاد، فإذا توفر هذا الاستعداد فالحركة ستكون مستعدة للمصالحة، لكن لابد قبل المصالحة من ظهور مؤشرات إيجابية حقيقية تثبت أن النظام قد غير مواقفه تجاهنا، وأن يسمح للحركة بممارسة نشاطها الطبيعي وحقها في العمل، بحسب الصادق شورو. الكاتب صلاح الدين الجورشي يرى أن إمكانية طرح مثل هذه المبادرة ونجاحها مرهون بمتغيرات كثيرة أهمها مشاكل حركة النهضة ذاتها والتي هي في أحد جوانبها أزمة قادة، فقادة الحركة فقدوا القدرة على المبادرة منذ فترة طويلة، سواء من خلال التصريحات، أو البيانات أو من خلال قدرة الحركة على التنسيق مع بعض القوى السياسية الأخرى، حيث نراه محدودا جدا إن لم يكن معدوما، كما يقول الجورشي. والسبب في هذا الوضع يحدده الجورشي في عدة نقاط: أولها: أن ميزان القوى مختل لصالح النظام. وثانيها: إن علاقة الحركة بالشارع التونسي أصبحت ضعيفة، فالشارع لا ينتظر في أي من الأحداث رد فعل الحركة، ولم تعد في أجندته حركة النهضة. وثالثا: هناك تفكك تنظيمي كبير داخل الحركة، فلم تعد هناك هياكل فاعلة للحركة داخل البلاد. ورابعا: عدم وجود عناصر ثابتة للنهضة داخل هياكل الجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية في تونس.  وبالتالي كيف يمكن لحركة سياسية أن توثر بدون هذا التغلغل. إضافة إلى أن الحركة خسرت بعض حلفائها في المنطقة العربية، خاصة في الخليج. (*) صحفي بموقع إسلام أون لاين.نت (المصدر: موقع « إسلام أونلاين.نت » (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 24 نوفمبر 2008)  

الحزب الديمقراطي التقدمي 10نهج ايف نوهال – تونس تونس في 24/11/2008 بـــــلاغ  

مازالت السلط الأمنية بجهة سيدي بوزيد تعتقل مناضلي الحزب الديمقراطي التقدمي، وهم السادة: محمود غزلاني (عضو اللجنة المركزية)، علي بوعزيزي ، الهادي خليفي، عبد الرزاق العياشي، عبد القادر نصيري، لسعد بوعزيزي ، سفيان السعيدي، على خلفية وقفتهم السلمية صباح الأحد أمام مقر ولاية سيدي بوزيد للمطالبة بإطلاق عضو جامعة الحزب بالجهة الطالب وحيد براهمي المسجون منذ قرابة السنتين من أجل أفكاره، ولم تفلح مساعي المحامين ومسؤلي الحزب في الجهة في الحصول على معلومات من الجهات القضائية والأمنية حول أسباب الإيقاف. وتأتي هذه الاعتقالات في إطار حملة التضييق على نشاطات الديمقراطي التقدّمي ومحاصرة مقراته اذ عمد أعوان أمن بالزي المدني في نفس يوم الأحد الى ضرب طوق أمني حول مقرّي الحزب بالعاصمة وقفصة ومنعوا العديد ممن لا ينتمون للحزب من حضور فعاليات التضامن مع أبناء الحوض المنجمي. وتأتي هذه الانتهاكات الخطرة في بداية سنة انتخابية من المفروض أن تشهد توسيع المشاركة السياسية وفسح المجال أمام حرية الرأي والتعبير، مما ينذر بأن الانتخابات المقبلة ستكون كسابقاتها وأن الشفافية والنزاهة والتنافس السلمي بين الأحزاب مازالت شعارات بعيدة عن التطبيق الفعلي صالحة للتسويق الخارجي لا غير. والحزب الديمقراطي التقدّمي إذ يجدّد تنديده بمواصلة اعتقال مناضليه ويطالب بالإفراج عنهم فورا، يقرر تنظيم اجتماعات عامة في كافة مقراته المركزية والجهوية يوم الاربعاء 26 نوفمبر على الساعة السادسة مساء تضامنا مع المعتقلين ودفاعا عن حرية العمل السياسي السلمي. عن الهيأة التنفيذية الأمينة العامة مية الجريبي

الحزب الديمقراطي التقدمي مكتب التنسيق المؤقت للجامعة سيدي بوزيد بيـــــان

على إثر قيام الإخوة المناضلين محمود غزلاني والهادي خليفي وعلي البوعزيزي وعبد الرزاق العياشي وعبد القادر نصيري ولسعد بوعزيزي بتحرك سلمي أمام الولاية يوم الأحد 23 / 11 / 2008 عند الظهر للمطالبة بإطلاق سراح المناضل وحيد ابراهمي المسجون ظلما منذ ما يقارب العامين قامت قوات الأمن بتفريق المعتصمين فانصرفوا ولكنها ما لبثت أن عادت لتقتاد المناضلين المذكورين من مقهى بوسط المدينة إلى مقر منطقة الأمن حيث تم اعتقالهم ولم يفرج عنهم إلى حد كتابة هذا البيان. إن مكتب التنسيق المؤقت للجامعة بسيدي بوزيد يعتبر: – أن التحرك الذي قام به الإخوة المناضلون للتعبير عن احتجاجهم على مواصلة اعتقال وحيد ابراهمي في ظروف سيئة هو تحرك شرعي يضمنه دستور البلاد. – أن الالتجاء إلى إيقاف المناضلين عمل استفزازي يهدف إلى تخويف مناضلي الحزب الديمقراطي التقدمي و ثنيهم عن الدفاع عن القضايا الحقوقية و السياسية . لذلك فإن المكتب : – يدين شدة عملية الإيقاف التعسفي لمناضلي الحزب المذكورين أعلاه ويطالب بإطلاق سراحهم فورا، – يؤكد التزامه بمواصلة النضال بكل الوسائل المشروعة من أجل إطلاق سراحهم والإفراج عن كل مساجين الحزب الديمقراطي التقدمي، – يهيب بكل القوى الديمقراطية المناضلة من أجل الحرية في بلادنا للوقوف إلى جانب مناضلي الحزب الديمقراطي التقدمي بجهة سيدي بوزيد لرفع هذه المظلمة. المنسق الجهوي للحزب الديمقراطي التقدمي بسيدي بوزيد                       مختار المنصري  


 
الحزب الديمقراطي التقدمي     جـــامعة توزر نفطة في 24 نوفمبر 2008   

بيـــــان للرأي العام

  قامت السلط الأمنية عشية الأحد 23 نوفمبر 2008 باعتقال 07 مناضلين من الحزب الديمقراطي التقدمي بولاية سيدي بوزيد على اثر مطالبتهم باطلاق سراح سجين الحزب الديمقراطي التقدمي المناضل الشاب وحيد براهمي الذي يقبع في السجن منذ ما يقارب السنتين بتهم واهية. إن جامعة توزر للحزب الديمقراطي التقدمي تندد تنديدا صارخا بهذا الاعتقال و تدعو الحكم لاطلاق سراح المناضلين السبعة فورا و دون قيد أو شرط كما تعتبر أن هذا الاعتقال قرار سياسي هدفه تصفية الحساب مع الخصوم السياسيين باستعمال جهاز الأمن العمومي وتؤكد أنه لن يحجب ضرورة استجابة الحكم لاستحقاقات الاصلاح السياسي و في مقدمتها تنقية المناخ السياسي و الاطار القانوني الذي سيحتضن الاستحقاق الانتخابي الرئاسي و التشريعي أكتوبر 2009. تنبه الجامعة إلى تواتر مؤشرات التصعيد الأمني ضد الحزب الديمقراطي التقدمي و ضد كافة التعبيرات السياسية و المدنية المستقلة عن الحكم بما يجرد كل مزاعم و ادعاءات الخطاب الرسمي حول التزامه بالتعددية السياسية من أية مصداقية ، كما تؤكد أن هذا التصعيد إنما يهدف لاعداد المسرح السياسي الوطني لاستحقاق انتخابي رئاسي و تشريعي يعيد إنتاج هيمنة الحكم على كل مفاصل الحياة السياسية الوطنية.     عن هيئة الجامعة   الكاتب العام محمد الهادي حمدة  

 

« حرب النسوان » تعمق أزمة الاشتراكي الفرنسي

 
توفيق المديني أعلن يوم السبت  الماضي فوز الوزيرة الفرنسية السابقة مارتين اوبري بقيادة الحزب الاشتراكي الفرنسي بفارق ضئيل جدا لم يتعد 42 صوتا مع منافستها سيغولين روايال، ما اثار احتجاجا شديدا لدى معسكر روايال واثار مخاوف من احتمال انقسام في حزب المعارضة الرئيسي.وتفوقت مارتين اوبري واضعة القانون الذي حدد ساعات العمل الاسبوعية بـ35 والمؤيدة لترسيخ الحزب في اليسار، على منافستها ب42 صوتا من اصل 137 الفا فحصلت على 50,02% مقابل 49,98% لروايال، بحسب النتائج التي نشرتها قيادة حزب المعارضة الرئيسي باكرا صباح السبت . وأشار معسكر سيغولين روايال الى « ظهور احتجاجات هنا وهناك حول انتظام عمليات التصويت » وطالب بتنظيم عملية اقتراع جديدة الخميس. وردت اوبري رئيسة بلدية ليل (شمال) بان « لا داع » لاجراء اتصويت جديد.وشكك جان بيير مينار محامي روايال في النتيجة قائلا إنها مثيرة للريبة في حين قال مانويل فالس المؤيد البارز الآخر لروايال إن التصويت يجب أن يعاد يوم الخميس المقبل.ولا يبدو أن معسكر أوبري على استعداد للتخلي عن فوزه. وقال فرانسوا لامي أقرب مستشاري أوبري « لا يمكن أن ينفي أحد أن الوضع معقد ولكن لا يمكن أن ينفي أحد أن مارتين أوبري هي الأمين العام الأول الجديد للحزب الاشتراكي. اما فرانسوا هولاند السكرتير الأول للحزب الاشتراكي  فقال أنه سيدعو المجلس الوطني للحزب إلى اجتماع لإقرار النتائج منتصف الأسبوع المقبل. لكن هذا الاجتماع الذي سيضفي شرعية على تولي أوبري منصب الأمين العام، لن يعيد اللحمة الى حزب بات منقسماً مناصفة بين السيدتين المتصارعتين وكانت الحرب  اشتعلت بين قيادات الحزب الاشتراكي الفرنسي على من يتولى زعامته، و لم يحسم مؤتمر الحزب الذي عقد يوم 14 نوفمبر الجاري في مدينة رانس  هذه المعضلة،إذ  عجز ال600 مندوب اشتراكي، و نواب الحزب ال200، الاختيار بين  الاندراج خلف  أحد برنامجين، يؤولان إلى تزعيم إحدى مرشحتين: سيغولين رويال أو مارتين أوبري. لم يكن مؤتمر الحزب الاشتراكي  مؤتمر التجديد الهادىء، فبينما كان السكرتير الأول فرانسوا هولاند يستعد لترك منصبه الذ يشغله منذ إحدى عشر سنة ، اشتعلت نوعا من الحرب الباردة بين المرشحة السابقة للانتخابات الرئاسية سيغولين رويال  التي حصلت لائحتها  في 6 نوفمبر على نسبة 29في المئة  من منخرطي  الحزب الاشتراكي ال130 ألفا، مقابل 25 في المئة  لكل من عمدةمدينة ليل  مارتين أوبري ، و عمدة باريس برتران دولانوييه، و 19  في المئة  لبنوا هامون  ممثل الجناح الراديكالي للحزب الاشتراكي الناجي من الاندثار بفضل تساؤلات الاشتراكيين المستجدة عن معنى الأزمة المالية العالمية، و الفرصة المتاحة لجناحهم لتجديد اشتراكية الحزب. فمن خلال تركيزهما على الأزمة و تجذير خطابيهما ، كانت السيدة سيغولين رويال  والناطق الرسمي باسم الجناح اليسار للحزب بنوا هامون الرابحين الكبيرين  من هذا الاقتراع  الداخلي لمناضلي الحزب، الذي يعني في أحد أبعاده  هزيمة كبرى لعمدة باريس برتران دو لانوييه.و هزيمة هذا الأخير  هي أيضا هزيمة كبيرة لفرانسوا هولاند ، الذي تبين أنه عاجز عن صنع الملوك، و أنه فقد السيطرة على الحزب. إذ إن دعمه لبرتران دولانوييه جعل هذا الأخير في نظر مناضلي الحزب و كأنه استمرار للجمود الايديولوجي، بينما هم يريدون التجديد. فرنسوا هولند الذي تسلم قيادة الحزب الاشتراكي في 27 نوفمبر 1997، لم يصبح الرجل القوي إلا بعد انتخابات 21 أبريل2002. و رغم أنه معروف بذكائه، وحسه التكتيكي، وتقمصه الوجداني، فإن سكرتير الحزب الاشتراكي لم يكن قائدا لتيار محدد، بل على العكس من ذلك، استمد سلطته من خلال قدرته على إقامة التسويات بين التيارات المتنازعة، والتموقع في حجر الزاوية للحزب الاشتراكي، نقطة التوازن المفضلة له. وعلى نقيض أسلافه، ميشال روكار، ولوران فابيوس، أو ليونيل جوسبان، أزال فرنسوا هولاند الطابع الإيديولوجي للحزب الاشتراكي. فقد فرض السكرتير الأول نفسه كرجل إجماع، لا كرجل داعية للأفكار في الوقت الذي أصبحت فيه المصاعب التي تواجه الاشتراكية الديمقراطية في ظل العولمة المالية الليبرالية تتطلب تجديد الفكر الاشتراكي لليسار الفرنسي. مؤتمر رانس الذي عجز فيه المندوبون الاشتراكيون عن تشكيل ائتلاف يتكون من أكثرية واضحة، تتفق على برنامج توفيقي بين التيارات الثلاثة التي تشق الحزب، وتتقاسم قيادته، مع أفضلية في المبادرة إلى تركيب الائتلاف، ممنوحة للتيار الذي حصل على أعلى نسبة في الانتخابات الداخلية للمناضلين، والحال هذه لسيغولين رويال، يعكس الأزمة العميقة التي يعيشها الحزب الاشتراكي. القارئ الجيد لتاريخ الحزب الاشتراكي منذ انعقاد مؤتمره التأسيسي والتوحيدي لمختلف التيارات الاشتراكية الفرنسية، يلمس بوضوح أن الحرب على زعامة الحزب كانت قائمة دائماً. والمواجهة الحالية التي حصلت على الظفر بزعامة الحزب الاشتراكي ،بين سيغولين رويال (55 عاما) ابنة الضابط اليميني الفرنسي، ومارتين أوبري (58 عاما) ابنة الوزير الفرنسي الشهير ورئيس المفوضية الأوروبية سابقا، جاك ديلور، ليست مواجهة بين امرأتين فحسب، بل هي في الحقيقة مواجهة بين مفهومين للسياسة العامة، ولدور الحزب الاشتراكي في المستقبل. وعلى الرغم من انعقاد مؤتمر الحزب الاشتراكي الفرنسي في ظروف تعتبر مشجعة بصورة استثنائية: الانتصار التاريخي لباراك أوباما في الانتخابات الرئاسية الأميركية، و تقهقر «البوشية» في العالم مع انفجار الأزمة المالية العالمية التي دقت ناقوس الإفلاس التاريخي لليبرالية الجديدة، فإن الحزب الاشتراكي الفرنسي بجميع تياراته، لم يبلور أطروحات يسارية مناهضة للرأسمالية، و بالتالي للعولمة الليبرالية المتوحشة. فالاشتراكيون الفرنسيون ينسون أن الاشتراكية ولدت كأطروحة مناهضة للرأسمالية منذ مؤتمر تور في العام 1920، وأن التيارات الإصلاحية ما انفكت تحاول تحويلها ديمقراطيا.  وعندما تسلم الرئيس الراحل فرنسوا ميتران قيادة الحزب الاشتراكي عقب المؤتمر التوحيدي الذي عقد في مدينة إيبيناي العام 1971، وبالتالي زعامة اليسار الفرنسي عقب بلورة البرنامج المشترك مع الحزب الشيوعي الفرنسي القوي جدا آنذاك، وجه الزعيم الاشتراكي أمام قصر فرساي في 2 ديسمبر 1972، انتقاداته اللاذعة ضد «أسياد المال، المال، المال، الأسياد الجدد»، مضيفا: « إنه صراع طبقي بين هذه المجموعة الصغيرة من الأثرياء وحشد العاملين الأجراء». وعندما أصبح اليسار في السلطة ، قال فرانسوا ميتران: »لم يتم انتخابي كي  أقوم بالخصخصة و بجعل الرأسماليين أكثر ثراء ». و مع ذلك، فخلال تجربة ثلاثين عاما من الحكم أو التناوب على السلطة ،التقى هذا اليسار الاشتراكي في العمق مع اليمين الليبرالي  حول السياسات الاجتماعية الاقتصادية، مع أن الليبرالية الاقتصادية لا تحظى بموافقة الأكثرية في فرنسا.   وفضلا عن ذلك، لم يقم الحزب الاشتراكي الفرنسي بالمراجعة الايديولوجية المطلوبة، بل إنه اصبح اليوم بلا عقيدة فكرية بعد موت الاشتراكية في بلدان المنظومة السوفياتية السابقة.  ومنذ أسس الزعيم التاريخي للاشتراكية الفرنسية جان جوريس ورفاقه الحزب الاشتراكي الفرنسي سنة 1905،كانت الايديولوجيا التي تتحكم في مسار هذا الحزب تقوم على أنه «حزب صراع طبقي وثورة» ضد «عدو طبقي محدد، هو الأقلية الخاملة»، «أصحاب المال المبذرون»، «و البرجوازيون المنكدون والبخلاء». وقد عبر هذا الصراع بين رأس المال والعمل طيلة القرن العشرين برمته، عبر الخطابات كأمر بديهي،. ففي العام 1946، أكد الفرع الفرنسي للأممية العمالية في الإعلان عن مبادئه بأن «الملكية الرأسمالية قد قسمت المجتمع إلى طبقات متضادة بحكم الضرورة». و في العام 1969، وضع الحزب الاشتراكي «لحزب الثوري»، «الخير العام كهدف له و ليس المنفعة الخاصة»، وسعى إلى «إلغاء الاستغلال وبالتالي الطبقات»، حسب قول الكاتبين ريمي لوفيفر، وفريديريك ساويكي في دراستهما الممتازة المخصّصة للحزب الاشتراكي: «مجتمع الاشتراكيين»، الصادر في باريس العام 2006. إذ يضيفان أن «من يتابع الحزب الاشتراكي يكتشف بيئةً غير وديّة، وغالباً بمنتهى القسوة، تتّسم بعنفٍ رمزيٍّ يسعى للسيطرة فيها نمط «المراءاة الأخلاقية»، خلف قواعد لعبة «الرفاق» المناضلين. يقول الكاتب الكبير سيرج حليمي في مقاله  : »عندما يعيد اليسار كتابة تاريخه في الحكم »المنشور بصحيفة لوموند ديبلوماتيك نيسان/أبريل 2007: »فاللازمة الدائمة حول تحوّلات اليسار، وتوجّهه اليميني المرتبط بالـ « قيود الأوروبية »، والتغيّر العميق في سوسيولوجية اليسار الانتخابية، لا يمكن فصلها عن الممارسة المَلَكية للسلطة. وهذا ما كان قد حوّل الحزب الاشتراكي إلى مسرحٍ للظلّ تكثر فيه المواجهات بين الأشخاص أكثر منها حول السياسات (ويبقى في هذا السياق مؤتمر مدينة رينّ عام 1990 الذي شهد مواجهةً عنيفةً بين جوسبان وفابيوس المقرّبان من ميتران نموذجاً فريداً في نوعه). كما بات مناضلي هذا الحزب أقرب إلى مناصري الحظيرة الرئاسية إن لم يكن إلى سقّائين في آخر عمليات التحكيم بين القرارات التي تبتّ بها السلطة التنفيذية . في نظر جهاز الحزب الاشتراكي و قياداته التاريخية ليونيل جوسبان، وبيار موروا، وجاك دولور، وجان بيار شوفينمان، وجاك أتالي، وبيار موسكوفيسي، وفرنسوا هولاند ورولان دوما،و لوران فابيوس ، الاختراق الذي حققته سيغولين رويال هو بمنزلة موت للحزب الاشتراكي لا أكثر و لا أقل، إنه التخلي «عن اليسار الحقيقي».و هناك من يذهب إلى حد التشكيك في قدراتها الفكرية والثقافية ،بسبب ارتباكها و تذبذبها الإيديولوجي ، الأمر الذي يجعل من المستحيل تحديدالعائلة الفكرية التي تنتمي إليها. منذ عقد الثمانينيات، المفاهيم التي تبناها الحزب الاشتراكي الفرنسي : مثل «الصراع الطبقي»، «طبقة خرقاء»، «فقراء»، «ضرائب على الأغنياء»، «محاربة البطالة بزيادة النفقات العامة والاستهلاك الشعبي وتأميم الشركات الصناعية والمالية الكبرى»، جميع هذه التعابير لم تعد موجودة في قاموس الحزب الاشتراكي، الذي اقتصرت دعايته على «نبالة الأخلاق». إنه حزب يعيش أزمة وجودية كبيرة، مثله في ذلك مثل كل الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية الأوروبية كلها. ففي أوروبا خسرت الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية ثلاثة عشر استحقاقا انتخابيا، من أصل خمسة عشر. أما الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية الحاكمة(مثال بريطانيا و ألمانيا) فإن سياساتها تعتبر غير شعبية . والأحزاب الاشتراكية القابعة في المعارضة مثل فرنسا وإيطاليا، تواجه يمينا جديدا وشعبويا قويا. على كل حال، كان الاشتراكيون الديمقراطيون يحكمون معظم بلدان الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك توقفوا حول إعادة النظر في «الرأسمالية القاسية» على حد قول ليونيل جوسبان العام 1997. إنها أزمة الهوية للاشتراكية الديمقراطية الأوروبية.  

كاتب من تونس  
(المصدر:صحيفة أوان (يومية كويتية) بتاريخ 24 نوفمبر 2008)

 

بعد مطالبة نهضويين بحق العودة.. إعلامي تونسي لـ «العرب»: هذه مناورة و«النهضة» أخطأت في تأجيل ترشيد خطابها

 

 
تونس – محمد الحمروني  قال برهان بسيّس إن مطالبة مجموعة من أبناء حركة «النهضة» في المهجر بالعودة «تثير العديد من نقاط الاحتراز من ناحية التوقيت والخلفيات بما يجعلها أقرب إلى مناورة تقف وراءها القيادة المهجرية الأقلية لحركة «النهضة» من أجل الالتفاف على الحق الشخصي المشروع في العودة وتحويله إلى ورقة للمناورة السياسية بعد أن شحّت هذه الورقات مع إطلاق سراح آخر سجين من الحركة». وأضاف الكاتب والإعلامي التونسي في تصريحات خاصة لـ «العرب»: «إن باب العودة قد فتح منذ سنوات ودخله العديد من النشطاء السابقين في إطار تسويات شخصية خضعت لضوابط القانون ولتفّهم القيادة السياسية بالبلاد». جاء ذلك بعد الإعلان عن مطالبة أكثر من 150 من أبناء الحركة في المهجر بحقهم في العودة إلى بلدهم، واعتبارهم أن الوقت حان للاهتمام بملف المشتتين بين دول العالم منذ بداية التسعينيات. ودعا المطالبون بالعودة في لائحة وزّعت على وسائل الإعلام إلى «أن تكون العودة شاملة ولا تستثني أحدا، وأن تضمن لهم الحق في التنقل والإقامة وممارسة حقوقهم العقائدية والسياسية، وحريتهم في مواصلة نضالهم السلمي من أجل المصلحة عامة، بكل الوسائل المشروعة التي يكفلها الدستور والقانون». وأوضح نور الدين ختروشي منسّق مبادرة «حق العودة» إلى تونس أن المبادرة لا تقتصر على أبناء «النهضة» فقط وأن «أصحابها ينتمون إلى تنظيمات سياسية وعائلات أيديولوجية مختلفة من بينها حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب العمال الشيوعي التونسي وعدد من المستقلين، يعانون كلهم من التهجير القسري، وذلك رغم أن غالبية الموقعين على العريضة هم فعلا من الإسلاميين المنتمين لحركة النهضة أو المتعاطفين معها والذين اضطروا لمغادرة البلاد إثر موجة الاعتقالات والمحاكمات الجائرة والتعذيب الوحشي التي طالت الآلاف في بداية التسعينيات من القرن الماضي». واعتبر بسيّس أن التصريحات التي أطلقتها قيادات «النهضة» في الآونة الأخيرة «غير واضحة وضوحا كاملا خاصة أنها تتوازى مع تصريحات لا تقل تشنّجا ولهجةً تصعيديةٍ عما صدر عن تلك القيادات في السابق، وهي لغة تعوّد عليها خطاب النهضة، فالصادق شورو رئيس الحركة ما زال يشبّه العلاقة مع السلطة بعلاقة موسى بفرعون» على حد تعبيره. وردا على سؤال لـ «العرب» بأن شورو-وهو الذي خرج حديثا من السجن بعد 17 سنة من الاعتقال- قد لا يكون المثال الأفضل والمعبّر الأكثر «وفاء» عن مواقف الحركة، قال بسيّس «عموما وبغض النظر عن تصريحات شورو فإن خطاب النهضة لم يخرج عن سياق الجملة «التقليدية» التي لا توسّع هامش الإشارات الإيجابية» في إشارة إلى ما يتردد باستمرار على لسان بعض قيادات النهضة عن «الخروج من السجن الصغير إلى السجن الكبير». وعما تردد من أخبار مؤخرا عن مبادرات قامت بها الحركة باتجاه الحكم، وما عبرت عنه من خلال تصريحات عدد من قيادييها عن استعدادها لطيّ صفحة الماضي قال الإعلامي التونسي «إن هذه الأخبار تم إلقاؤها للعموم دون تحديد السياق الذي جاءت فيه ولا الفترة التي تمت فيها وهذا لن يغير شيئا من أن «النهضة» أخطأت في تأجيل ترشيد خطابها، وطلبُ المصالحةِ كان من الممكن أن يكون له صدى لو جاء في فترة مبكّرة». وتابع «يعلم الجميع أنه في سنة 1999 عطلت النهضة مبادرة كان من الممكن أن تفضي إلى نتائج، وهي ما زالت إلى حد الآن تنكر وجود هذه المبادرة». واعتبر أن المطلوب من الحركة الآن هو إعادة ترتيب أولوياتها وفق ميزان القوى في الواقع وأن عليها أن تدرك مجموعة من الحقائق الجديدة من بينها أن أولوياتها الآن هي التسوية الإنسانية قبل التسوية السياسية. لكن النهضة -وفق بسيّس- «ما زالت للأسف تعتبر نفسها الطرف الأقوى في المعادلة السياسية والعديد من قياداتها لم يستوعبوا بعد أن هذه المعادلة تغيّرت عما كانت عليه في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي». يذكر أن عدد المهجّرين من النهضة يبلغ وفق آخر إحصاء قدمته الحركة نحو 3000 مهجّر يتوزعون على القارات الخمس، ويتركّزون بالأساس في بلدان الاتحاد الأوروبي حيث يتمتّعون بحق اللجوء السياسي، ويعود تاريخ تهجيرهم إلى بداية التسعينيات حين شنت السلطة حملة لاستئصال الحركة وزجّت بالآلاف من أبنائها في السجون والمعتقلات فيما تمكن عدد قليل منهم من الفرار.  (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 24 نوفمبر 2008)  

 
« التّكاري » اتّهم بعضهم بالتبعيّة و التوظيف السياسي حقوقيّو تونس مستاءون من تصريحات وزير العدل

إسماعيل دبارة من تونس أثارت تصريحات وزير العدل و حقوق الإنسان التونسي البشير التكاري منذ يومين و التي اتهم فيها بعض الأفراد و المنظمات الحقوقيّة و الجمعيات المستقلة بالتوظيف السياسي و التبعيّة للأجنبي، استياء في صفوف عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان في البلاد. و أبدى عدد من الحقوقيين التونسيين ممن تحدّثت معهم « إيلاف » استيائهم من تصريحات الوزير التكّاري التي أدلى بها في إطار محاضرة نظمتها المدرسة الوطنية للإدارة تحت عنوان « حقوق الإنسان و مخاطر التوظيف »وذلك بمناسبة الذكرى الـستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وقال وزير العدل في مداخلته إنّ « العالم يواجه اليوم مخاطر التوظيف لحقوق الإنسان الذي يمارسه من أطلقوا على أنفسهم صفة المدافع عن هذه الحقوق سواء كان هذا المدافع منظمة غير حكومية أو أفرادا نصّبوا أنفسهم مدافعين عن حقوق الإنسان دون أن يكلفهم أحد بذلك ». وأشار التكاري إلى أن الشكل الأول لهذه المخاطر يتمثل في « اختراق المنظمات غير الحكومية من قبل عناصر ومجموعات متطرّفة و انتهازية لا تؤمن بحقوق الإنسان، وثانيا استبدال الحياد بالانقياد لدى بعض المنظمات غير الحكومية من خلال حصولها على تمويلات مشبوهة تسقطها في فخ التبعية لبعض الدول والجهات وتعصف بقاعدة الشفافية لديها ». و تابع التكاري قائلا : » الشكل الثالث لمخاطر التوظيف، يتجلى في استغلال آليات الحماية من قبل الممتهنين لحقوق الإنسان الذين يتعمّدون بطريقة حرفيّة توظيف مفاهيم وآليات الحماية الفعلية لحقوق الإنسان التي جاء بها القانون الدولي اعتبارا لما تدرّ عليهم هذه الحقوق من منافع عينيّة ومالية لا تخفى على أحد ». و أشار كذلك إلى عناصر ومجموعات اتهمها بالـ »متطرّفة اقترنت بأيديولوجيات سواء كان مصدرها عرقيّ مثل النازية أو ديني مثل بعض الحركات الكنسية في القرون الوسطى أو بعض التنظيمات الإسلاموية أو بعض حركات أقصى اليسار التي غاب عنها أنّ حائط برلين سقط منذ سنوات » على حدّ تعبيره.واعتبر أن هذه العناصر والمجموعات ترمى من خلال اختراقها للمنظمات غير الحكومية إلى تحقيق غايتين أوّلهما « تقديم نفسها على أنّها تدافع عن حقوق الإنسان والحال أنّ منطلقاتها الأيديولوجية تقوم على نكران حقوق الإنسان ، وثانيهما الزجّ بمسألة حقوق الإنسان في صراعها مع السلطة السياسية في بلد ما فيغيب الصراع الحضاري ويظهر كأنّه صراع حقوقي في مجال حقوق الإنسان ». مؤكدا في المقابل على أنّ الانتماء السياسي « لا يمثّل في حدّ ذاته حاجزا دون العمل في المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان لكنّه لا يجب أن يكون هو الهدف من التواجد في هذه المنظمات ». الحقوقي سمير ديلو عن الجمعيّة الدولية لمساندة المساجين السياسيين (مقرها تونس) أبدى في تصريحاته لإيلاف  » أسفه الشديد من عدم إلمام وزير العدل التونسي بالواقع الحقوقيّ في البلاد ». وردّ ديلو على اتهامات الوزير بخصوص التمويل المشبوه الذي يتلقاه بعض الحقوقيين في تونس بالقول إنّ إشكالية التمويل غير مطروحة لدينا كون عمل المنظمات الحقوقية الميداني لا يحتاج إلى تمويل ضخم للقيام برصد الانتهاكات التي تطال حقوق الإنسان و التشهير بها ، و اعتبر ديلو إنّ الدفاع عن حقوق الإنسان هو عمل تطوّعي لا علاقة له بالدعم المالي، و قال : » كان من المفروض طرح هذا السؤال على 8000 جمعية حكومية لا ندري متى تكونت ومتى حصلت على التراخيص و نالت الاعتراف ». و استنادا إلى سمير ديلو تطرح هذه المسألة واقع المشهد الحقوقي المزدوج في تونس ، إذ أنّ مجتمعا مدنيا موازيا يتحرّك في كلّ المناسبات الدولية التي تعقد في الخارج من أجل تحسين صورة تونس ، يقيمون في أفخر الفنادق و يصرفون المال الوفير بدون محاسبة ، في حين يصرف الحقوقيون المستقلون الكثير من الوقت و الجهد دون الحصول على تمويل عموميّ. و يختم ديلو بالقول إنّ ما يشوه سمعة الوطن هو من ينتهك حقوق الإنسان ومن يحاول تجميل صورة الجلاد و الواقع يدلّل على ذلك. من جهتها ، اعتبرت الناشطة الحقوقية نزيهة رجيبة الكاتبة العامة للمرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع و المسؤولة بالمجلس الوطني للحريات في تصريحاتها لإيلاف إنّ السيد البشير التكاري من أكثر الناس قناعة بخطأ ما قاله في محاضرته وما صرح به. و تقول رجيبة :ما قاله الوزير التكاري يأتي في إطار الحملة على تطويق المجتمع المدني التونسي وهو هجوم كلاميّ يأتي بعد الهجمات البوليسية و القضائية التي استهدفته. »فالنظام هو من يوظّف حقوق الإنسان ، ففي السابق كانت تدرّس مادة حقوق الإنسان لتلاميذ السنوات الأولى و بعد أن تتبعناها وجدناها مادة لا تمتّ بصلة لحقوق الإنسان و إنما هي تعداد لانجازات النظام فقط ». و بخصوص تهمة التوظيف السياسي و تأثيرها على مفهوم الدفاع عن حقوق الإنسان قالت رجيبة إنّ الخلط بين السياسة و حقوق الإنسان كائن و بجلاء لان من يقوم بانتهاك حقوق الإنسان هو النظام السياسي و الحقوقي يجد نفسه فور التزامه بالدفاع عن تلك الحقوق في مواجهة النظام و بالتالي فالخلط  بين السياسة و الدفاع عن حقوق الإنسان مبرر. نزيهة رجيبة هاجمت بشدّة ما سمتها « الجمعيات التي تستغل خزانة الدولة ومواردها للاستفادة من ذلك ، في حين أنه لا علاقة لها بالعمل الجمعياتي أو الحقوقي. أما بخصوص التمويل فتقول: »يقطعون عنا كل تمويل ثم يشتكون من تمويل أجنبي يصلنا ، نحن محرومون من مال بلادنا على الرغم من أنه لنا الحقّ في التمويل ، شخصيا لم يحدث و أن استقبلت تمويلا أجنبيا و لا ادري بالضبط من يقصد الوزير التكاري بكلامه هذا و لكن لو عُرض عليّ شخصيا تمويلا أجنبيا غير مشروط و تأكدت من أنّ لصاحبه نية حقيقية و صافية في الدفاع عن حقوق الإنسان ، لقبلته على الفور ». و ترفض رجيبة « المزايدة بالوطنية أو إلقاء الاتهامات جزافا بالولاء للخارج و التبعية للأجنبي ، لأنّ النظام التونسي هو من يتبع الخارج و يأتمر بأوامره و ليس نشطاء حقوق الإنسان و المجتمع المدني، كما أننا لن نطلب إذنا من أيّا كان لنمارس دفاعنا عن حقوق الإنسان ». حمزة حمزة عضو المكتب التنفيذي لمنظمة حرية و إنصاف ، استهجن من جهته تصريحات الوزير التكاري و ذكر إنها تأتي في سياق الهجمات المتكررة على منظمات حقوق الإنسان في تونس و رموز المجتمع المدني ، و قال : »لم يكفيهم التضييق على نشاطنا و محاصرتنا أثناء أدائنا لهذا العمل التطوعي النبيل ، ليتهمونا الآن بتلقي أموال من الأجنبي أو بالتطرف و خدمة أجندات سياسية ،نحن نربأ بأنفسنا للردّ على هذا الكلام و لكنها فرصة لنجدد تمسكنا بالدفاع عن حقّ الإنسان الطبيعي في الحياة و ممارسة النشاط الذي يريد، و نجدد التزامنا بالمعاهدات و المواثيق الدولية التي أقرت في هذا الشأن ، و لن ندخر جهدا في سبيل التشهير بالانتهاكات الحاصلة في بلادنا مهما كان مصدرها و بعيدا عن إي توظيف سياسي أو إيديولوجي ». و غالبا ما تشير تقارير حقوقية تونسية و أخرى دولية إلى سجل تونس السيئ في مجال احترام حقوق الإنسان ،على الرغم من تأكيد الحكومة في كل المناسبات و المحافل الدولية احترامها لتلك الحقوق و عملها الدؤوب على النهوض بها و تعزيزها. و تعهدت تونس في ابريل الماضي أثناء تقديم تقريرها أمام آلية الاستعراض الدوري الشامل التابعة لمجلس حقوق الإنسان في جينيف باستضافة مقررين خاصين وبتعزيز الدور العملي للشركاء في عملية مراقبة احترام حقوق الإنسان. و شهدت تلك الجلسات لغطا كبيرا بين منظمات المجتمع المدني التونسية المعارضة، على غرار الرابطة التونسية لحقوق الإنسان ومنظمة النساء الديمقراطيات والجمعية التونسية لمناهضة التعذيب من جهة و ممثلي الحكومة من جهة أخرى بخصوص أوضاع الحريات في البلاد. (المصدر: موقع ايلاف (بريطانيا) بتاريخ 24 نوفمبر 2008)  

 
مصافحة مع رئيس جمعية القضاة التونسيين استقلال القضاء ليس امتيازا ممنوحا للقضاة بل هو حقّ للمواطن

 
حاوره: حافظ الغريبي نعم قرّرت تجديد ترشحي وأتمنى أن يجدد بقية أعضاء المكتب التنفيذي ترشحاتهم نحن نرى النصف المملوء للكأس ونترك لغيرنا أمر التعليق عن النصف الآخر هذه نظرتنا لتطوير تأجير القضاة أصبح من المستعجل إحداث محكمة ثانية بولاية نابل وآن الأوان لإحداث محكمة استئناف ثانية بالعاصمة هناك من أراد الانزلاق بالجمعية لميدان من اختصاص غيرها تونس- الأسبوعي: تستعد جمعية القضاة التونسيين لعقد مؤتمرها الثاني عشر يوم 21 ديسمبر القادم بعد فترة انتخابية تميّزت بكونها هادئة مقارنة بزمن العواصف الذي سبقها…  صامتة مقارنة بدويّ المقالات والتصريحات التي صدرت ولا تزال تصدر بين الفينة والأخرى بغاية محاولة ارجاع صفحة كانت قد طويت ومضى من خطّوها في حال سبيلهم… «الأسبوعي» في هذا الحوار استضافت شخصا معروفا بكونه يعمل كثيرا ويتكلّم قليلا والدليل أن القاضي طارق براهم وطيلة فترة رئاسته للجمعية لم يدل بأي حديث… وهاهو اليوم يستعد مع زملائه لتوديع دورة واستقبال أخرى فماذا سيقول عن حصاد سنتين. * دورة مرّت وأخرى قادمة، هل لنا أن نعرف ما تحقق للقضاة خلال السنتين وما لم يتحقق وفق ما كنتم وعدتم به في برنامجكم الانتخابي؟ – أولا وللتوضيح وعلى عكس بقية الجمعيات والمنظمات فإن المترشحين لجمعية القضاة ليس لهم برنامج انتخابي بالمفهوم المتداول… فعملنا الوحيد الذي توارثناه أجيالا هو الدفاع عن استقلال القضاة والمصالح المادية والمعنوية للقضاة وكل مرحلة من مراحل عمر الجمعية تفرز مواضيع أو محاور معيّنة يقع العمل على تحقيقها… وإن كان لنا من برنامج وحيد فهو تجسيم التوصيات الصادرة في لوائح المؤتمر وإن سألتني لماذا هذا التوجّه أجيبك بأنه نظرا لخصوصية هذه الجمعية فإنه لا يمكن أن يكون للمترشح لعضوية المكتب التنفيذي أهداف غير التي حدّدها القانون الاساسي للجمعية وهي الدفاع عن المصالح المعنوية والمادية للقضاة دعما لاستقلال السلطة القضائية. اذ استقلال السلطة القضائية ليس شعارا فضفاضا نرفعه من هنا وهناك بل هو ممارسة فعلية يمارسها القضاة من خلال أدائهم لرسالتهم إيمانا منهم بأن استقلال السلطة القضائية ليس امتيازا ممنوحا للقضاة بل هو حق للمواطن ان يكون له قاض كفء وجهاز قضاء ناجز يوصل الحقوق لأصحابها ومن أجل هذا لاتزال جمعية القضاة التونسيين تطرح مسائل كتحسين الوضع المادي سواء تعلق الأمر بتأجير القاضي أو تطوير الخارطة القضائية او بناء مقرات محاكم جديدة خاصة منها محكمة التعقيب أو تطوير وسائل العمل. * لنغيّر طبيعة طرح السؤال هل لنا أن نعرف ما تحقق للقضاة بمجهود من المكتب التنفيذي خلال السنتين المنقضيتين؟ – خلال السنتين المنقضيتين عمل المكتب التنفيذي على الحفاظ على مكتسبات الجمعية وتدعيمها على أساس أن الجمعية هي الفضاء الوحيد الذي يلتقي فيه القضاة دون إقصاء ويتدارسون مشاغلهم وقد عملنا على عقد المجالس الوطنية في الآجال وكذلك الأمر بالنسبة لجلساتها العامة وأدّينا مهامنا كما يجب واقعا وقانونا وفيما يخص مطالبنا فلنا جهة واحدة نتعامل معها وهي وزارة العدل وحقوق الإنسان وقد عملنا على ايجاد علاقة ثقة وصراحة… فكانت لنا مواعيد تكاد تكون قارة مع وزير العدل وحقوق الإنسان وهو ما ساعدنا على ايجاد حلول للعديد من المشاغل. * لنبدأ بمسألة تحسين الوضع المادي للقضاة خصوصا وكل القطاعات تخوض مفاوضات اجتماعية فماذا تحقق على هذا المستوى؟ – أولا لا يجب حصر مسألة تحسين الوضع المادّي في التأجير… فالحديث عن تحسين الوضع الماديّ يعني كذلك تحسين ظروف العمل القضائي بما يكون له مردود ايجابي على المتقاضين… نأتي الآن لما يخصّ التأجير فنحن كمكتب تنفيذي لنا رؤية متكاملة تضمّ عديد المقترحات سواء تعلّق الأمر بمراجعة المنح المخوّلة للقضاة أو إعادة صياغة تأجير العمل القضائي إذ توجد وظائف قضائية تتطلّب وقتا ومجهودا أكثر ولا تجد ما يقابلها من منح سواء تعلّق الأمر بقضاة المرتبة الأولى أو الثانية أو الثالثة كما توجد مسؤوليات إدارية لبعض القضاة ليس لها ما يقابلها من منح… لذلك فإن كل هيكلة التأجير تفترض مراجعة وقد بدأنا بعد في تقديم تصوّرات في هذه المسألة مع الوزارة. * وهل تفهّمت وزارة العدل وحقوق الإنسان هذه المسائل؟ – أهم شيء أن هناك إطارا عاما ومناخا سليما يقبل طرح جميع المواضيع دون تحفظ سواء تعلّق الأمر بالتأجير أو بظروف العمل أو بالحركة القضائية أو التأمين على المرض لكن كما القطاعات الأخرى نعي بصعوبة المرحلة الإقتصادية التي تمرّ بها البلاد والتي كان لها تأثير على التقدّم في مسألة المفاوضات الإجتماعية وكذلك نأمل في إيجاد صدى طيب لمطالب القضاة في الفترة القريبة المقبلة. * وماذا عن بقية المطالب المادية الأخرى؟ – أولا ظروف العمل القضائي والتي نرى أنها من أولوياتها الترفيع في عدد الملحقين القضائيين من قبل المعهد الأعلى للقضاء لمجابهة تنامي حجم العمل كما وكيفا خصوصا بعد إحداث محاكم جديدة ودرجات تقاض جديدة في العقاري والجنائي… كذلك دعم الإطار الإداري بمختلف أصنافه… * هذا أولا وماذا عن بقية المسائل المتعلقة في تحسين ظروف العمل المادية؟ – أعتبر أن من الأمور المستعجلة إحداث محكمة ابتدائية ثانية بولاية نابل نظرا لما تشهده محكمة قرمبالية من ضغط ومن ظروف عمل صعبة… والعاملون في ميدان القضاء يعرفون جيّدا ما معنى تطوير الخارطة القضائية ومن هذا المنظار نرى كذلك أنه آن الأوان لإحداث محكمة استئناف ثانية في تونس. * يعيب البعض عليكم أنكم كمكتب تنفيذي تجارون كثيرا الوزارة؟ – إن ما يجعلنا نختلف عن غيرنا هو أننا نرى النصف المملوء للكأس ونترك لغيرنا أمر التعليق على النصف الفارغ… بعبارة أخرى إنه كلّما توفر فعل ايجابي يجب أن ندعمه لنؤكد مزيد انخراط القضاة في العمل القضائي وهو ما تترجم عنه بلاغاتنا وأعمالنا. * وكأني بك تشير إلى مرحلة وظروف ومواجهات مرّ بها مكتبكم لذلك أستسمح أن أسألكم عن علاقتكم بالمحامين خصوصا بعد أن ظهر في سماء باب بنات ما يلبّدها خلال المدة المنقضية وأستغرب في الآن نفسه ردّكم في حين كنتم دوما تلوذون بالصمت عندما يصدر مكتب الرئيس السابق للجمعية بيانات أو يأتي ذكر الجمعية عن بعض صحف المعارضة أو على الشبكة العنكبوتية؟ – أولا أقول أننا اخترنا منذ مدة عن وعي عدم الردّ عن كل ما يقال حول الجمعية… قرارنا هذا لم يكن مرجعه اعتبارات سياسية ولا ظرفية بل هو خيار طوعي منّا لتوجيه طاقاتنا لماهو أنفع للقضاة والقضاء وبالتالي فلسنا في حاجة للدخول في مهاترات لا طائل من ورائها خصوصا أن العمل القضائي فوق كل التجاذبات التي تطرأ في المجتمع المدني أو على الساحة السياسية… وهناك من ركبوا على الأحداث السابقة وأرادوا الإنزلاق بالجمعية إلى ميدان مخصص لغيرها محاولين إخراج الجمعية عن حيادها وحياد من ينشط فيها… فهل تريدوننا أن ننساق وراءهم أو نردّ عليهم… إن العمل القضائي فوق كل التجاذبات التي تطرأ على اعتبار التزامنا مبدأ الحياد… والحياد هو من المقومات الأساسية التي تكوّنت من أجلها الجمعية… وفيما يخص علاقة القضاة بالمحامين فتجدر الإشارة أولا أنه ليس هناك أزمة بين جمعيتنا وهياكل المحاماة… صحيح تحدث بعض الحوادث خلال الجلسات لكنها حوادث عرضيّة يسعى كل مسؤول من موقعه إلى حلّها لذلك يمكن القول أن علاقتنا وثيقة مع المحامين غير أننا لا نقبل بأن يدخل البعض هذه العلاقة ضمن أجندا محدّدة سلفا لذلك كان ردّنا في بلاغ 13 أكتوبر واضحا. * لو عدنا للقضاة نلاحظ انعدام الرضاء لدى البعض مما اصطلح على تسميته بـ«التدوبيل» أي الرسوب لسنوات بعد توفر شروط الترقية لديهم… فهل من توضيح؟ – ليس هناك رسوب ولا أريد أن يستعمل القضاة هذا اللفظ كل ما في الأمر أن للقاضي الحق في المطالبة بالترقية بعد أن يقضي عددا من السنوات في رتبة واحدة والمسألة مرتبطة بالقانون الإطاري الذي ينظم ميزانية وزارة العدل وحقوق الإنسان واعتقادي أن بإحداث محاكم جديدة إلى جانب القرارات السابقة المتعلقة بتعميم الخطط الوظيفية في كافة المحاكم ستكون آفاق الترقية أرحب… علما أنه لمسنا تجاوبا كبيرا من المجلس الأعلى للقضاء كما لاحظنا خلال اجتماعنا باللجنة المكلّفة بإعداد الحركة القضائية الدورية صدى ايجابيا لمقترحاتنا وهذا يعود بالأساس لجوّ التفاهم السائد بين الجمعية والإدارة القضائية. * لكن هل لمسألة التمديد لبعض القضاة دور في تعطيل ترقية البعض الآخر؟ – التمديد لا علاقة له بالترقية فالمعنيون به لا يتجاوز عددهم سنويا عدد أصابع اليد الواحدة وعلى سبيل المثال من ضمن 19 قاضيا سيغادرون القضاء السنة القادمة هناك 3 أو 4 وقع التمديد لهم… فهل يمكن أن نقول أن هذا العدد يعطّل الترقيات… شخصيا أرى أن المسألة أهم وأعمق من ذلك. * ما معنى ذلك؟ – معنى ذلك هل ترون مع تطور معدل أمل الحياة أنه من المعقول أن يغادر القاضي في سن الستين وماذا سيجني من ذلك إن غادر بعد 30 سنة من العمل؟… 70% من المرتب فهل هذا كاف؟. * هل أفهم من كلامكم أنكم مع مراجعة سنّ التقاعد؟ – ليس في المسألة طلب مراجعة سنّ التقاعد بل دعوة لتعميق النظر في نظام مدة العمل الفعلي ولم لا مراجعة مسألة النسب من خلال التنفيل كما يتم في بعض القطاعات الأخرى… ولم لا كذلك تأخير سنّ التقاعد… المطلوب دراسة معمّقة في الغرض. * البعض يعيب عليكم مركزية نشاط الجمعية وكذلك اقتصار المكتب التنفيذي على قضاة من العاصمة فقط؟ – هذا غير صحيح نحن عقدنا مجلسا وطنيا في المهدية وعقدنا اجتماعات في كل الجهات وكلّما تيسّرت لنا الامكانيات نبادر بتنظيم ما ينشط عمل الجمعية داخل الجهات لكن هناك ظروف مادية ومهنية تتحكم فينا كما لا ننسى أن العمل الجمعياتي هو عمل تطوعي… وفيما يخص توسيع المكتب التنفيذي ليشمل أعضاء من الجهات فدعني أقول لك أن التجربة السابقة وقع التراجع فيها لأنها لم تعط إضافة تذكر… ثم ليعلم الجميع أن المجلس الوطني يتكون من ممثلي كافة المحاكم ويجتمع دوريا ويحاسب المكتب التنفيذي عن كل شيء ونحن نفتخر بذلك لأننا رسخنا العمل الديموقراطي وهذا مجهود أتى به الأوّلون ودعمه المعاصرون. * نختم الحديث بسؤال يفترض طرحه الآن هل قرّرتم الترشح؟ – نعم قرّرت الترشح من جديد وأتمنى أن يترشح بقية أعضاء المكتب التنفيذي نظرا لجوّ التفاهم الذي ساد عملنا خلال المدة المنقضية والمهم لدينا هو ثقة القضاة في من سينتخبونهم والمؤكد أن مهما كان رئيس الجمعية المنتخب فإنه سيظلّ دوما قاضيا. (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 24 نوفمبر 2008)  

 
جند إبليـــــــــــــــــــــــــس

  كتبه عبدالحميد العدّاسي   لأنّ تونس قد حُكمت في الآونة الأخيرة (والدنيا كلّها أونة) من طرف أناس جافوا أخلاق المسلمين بل وحتّى أخلاق وأعراف عرب ما قبل الإسلام، أولئك الذين كانوا يحترمون أنفسهم فيتحوّطون لكلّ تصرّفاتهم خشية أن تُُحصي عليهم الأمم بعض السلوك الطاعن في قيمهم، فقد وجدنا أنفسنا (أنا والكثير من الشرفاء أبناء تونس الخضراء المسلمة الحييّة) عرضة لسفهاء « تونسيين » تغييريين مغيّرين تافهين ساقطين أبناء حرام، آثروا ألاّ يرمونا بالحجارة، كما فعل سفهاء الطائف بالرّسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، وإنّما رمونا ببعض ثمارهم التي قد تكون أنتجتها دور الحضانة اللاّشرعية والأمّهات العازبات المسبّحات بنعم الحريّة والتقدّميّة والانفتاح و »الديمقراطيّة » المنتعشة في ميادين المواطنة المنحازة لأعداء الوطن وأعداء الدّّين وأعداء الله (فإنّ من صالح الله لا يمكنه أن يأتي متعمّدا وبإصرار ما يغضبه تعالى ولا ما يغضب أوليائه)، فرصدوا وأوقفوا « فنّيين » من جنود إبليس ولدوا ونُشّئوا وتعلّموا في مضاجع الضلالة ومكبّات الرّذيلة، فعوّموا بريدي الإلكتروني بالعديد من الرّسائل القذرة الظاهر المجهولة الباطن المعروفة المقصد، ليؤكّدوا لنا أن لا مكان للحوار أو للتعايش مع إفرازات السابع، ليس لأنّنا لا نريد حوارا أو لأنّنا لا نتقن معايشة، ولكن لأنّ أنوفنا لا تتحمل نتن رائحتهم وآذاننا لا تقبل سماع فواحشهم وعيوننا لا تقوى على رؤية بشاعة صورهم وسيرهم وصنائعهم ورجولتنا تأبى علينا مصاحبتهم، فقد استشكل علينا جنسهم وما رأينا في الرّجال ولا النّساء أمثالهم…   السؤدد والرّقي والرفعة والكرامة للإخوة في تونس نيوز (الموقع الذي استعمل للتلبيس على المتلقّي من أمثالي)، ولكلّ صادق عامل في ميادين الكلمة، وأسأل الله أن يجعل أعمالهم خالصة تُثقِّلُ موازينَ حسناتهم… والشؤم والخزي والعار على مروّجي الفساد ومشيعي الرّذيلة، وأسأل الله أن يتداركهم بتوبة من عنده إن سبق في علمه أنّهم سيتوبون ويؤوبون أو أن يأخذهم – بأذلّ جنده (لعلّه الفيروس)- أخذ عزيز مقتدر منتقم، وأن يطهّر البلاد منهم حتّى لا تؤذي « تونس » النّاس بفواحشها!… وحسبنا الله ونعم الوكيل!… 
 

 
فرنسا بلد اليهود والعنصرية
في الوقت الذي تتعاطف وتتعاون وتدافع فيه كل الحكومات الفرنسية بدون حدود على اليهود بفرنسا وخارجها وتمدهم بكل الحقوق وأكثر من ذلك لتزال وزارة الداخلية الفرنسية وبوليس مخابراتها تحارب بكل عنصرية حمقاء في الإسلام والمسلمين وترفض أي تسوية لكثير من المعارضين المسلمين وخاصة  َمْن لم يرضخ مثلي للعمالة ولن يحني ظهره ليقبل يد البوليس ويتذلل لهم ويبيع ضميره وإخوانه من أجل إعطائه بطاقة الإقامة أو تلفق له ألاف من التهم والأباطل فقد لفقت لي المحكمة الإدارية بالكذب من البروفكتير في الجلسة الأخيرة يوم 16 09  2008 بأني إرهابي من حركة النهضة التونسية وأساعد في الإرهابيين يا للعجب لقد قلت لهم عدت مرات أنني لا أنتمي لحركة النهضة وأني أكرههم كما أكره الدكتاتور بن على ونظامه الفاسد وأني على يقين أن كثيرا  ِمْن َمْن ينتمون لهذه الحركة بباريس يتعاملون مع المخابرات وهم يعلمون ذلك وإن كانت حركة النهضة إرهابية في نظرهم وأعيونهم فلمذا يعطوهم اللجوء ويحرموني منه فلمذا هذه التهم العنصرية ضد كل مسلم يرفض أن يكون عميل وعين لهم ضد المسلمين فأني أتوجه لكل المدافعين على حقوق الإنسان وكل  َمْن عنده الضمير الحي والإنساني والحر أن يتدخل ليساعدني ضد هذه الهجمة الصليبية العنصرية الفرنسية ويساعدني لتقديم شكوة ضد الحكومة الفرنسية في كل المحاكم الدولية 22 وعشرون سنة من العذاب بدون أي حقوق لا أوراق لا عمل محروم من زوجتي وأولادي إلى مت أو حتي أعطيهم فرصة للإنتماء لأي مجموعة مسلحة لأقتل الأبرياء ليقولوا ها لمذا لم نعطيه حقوقه وأني أشكر كل من يساعدني ويرفع هذه المظلمة أو يدافع عني لقد هربت من ظلم البوليس التونسي فوقعت في ظلم بوليس الداخلية الفرنسية لأني لم أقبل أن أكون قواد لهم  
 
أحمد الورغـمي 
 

 

 
 
كلمة : قضايا إثبات النسب… أرقام ودلالات

هل يمكن لنا أن نفتخر أم ندق ناقوس الخطر عندما نعلم أن معدّل قضايا اثبات النسب في ارتفاع مطرّد خلال السنوات الاخيرة؟ سؤال يتبادر الى الذهن عندما نعلم وفقا لمعلومات غير رسمية أن ما لا يقلّ عن ألف قضية اثبات نسب رفعت خلال السنة الجارية.. الضعف لدى جهات أخرى غير رسمية كذلك.. هذه القضايا لم تحفظ بل بلغت حدود التحليل الجيني وأجريت فحوصات على عيّنات من دم المولود وأمّه والمدعى عليه ـ أي الأب المفترض.. وعندما نعلم كذلك أن هذه الأرقام زادت بما لا يقلّ عن 20% مقارنة بالسنة المنقضية وهي مرشحة لمزيد التطوّر حسب محامين مختصين عاينوا تطوّرها خلال السنوات الأخيرة. نفتخر لأن بفضل القانون هناك مئات الأطفال سينعمون بلقب عائلي وسيعرفون أن لهم أبا حتى ولو كان البعض من الأباء يرفضون الاعتراف بهم اجتماعيا… ونسرّ لأن القانون سيجبرهم على الإنفاق على أبنائهم بما يضمن للمولودين خارج إطار الزواج فرص العيش الكريم.. نفرح لأن بفضل اختبار التحليل الجيني لن يتحمّل أي شخص مسؤولية ما اقترفه شخص آخر خصوصا إذا ما كانت الأم متعددة العلاقات. لكن بالقدر الذي نفرح فيه نحزن كذلك الى ما آلت إليه العلاقات الإنسانية من تدهور أخلاقي لا نعني به المساس من حريّة الفرد في ربط علاقات بل نعني به تعمّد العديد التملّص من المسؤولية لترك الأمّ تتحمل بمفردها مسؤولية خطإ مشترك.. نحزن كذلك لأن البعض من النسوة أصبحن يتعمّدن الحمل خارج إطار الزواج ممن يحببن أو ممن يطمعن فيهم ليضعنهم أمام الأمر المقضي أو ليساومنهم كي يدفعوا لهن من المال ما يقلب حياتهن رأسا على عقب.. نحزن لأن الشك تسلل كذلك الى العلاقات الزوجية وأصبح البعض يطالب باثبات انتساب ابنه إليه. واعتقادي أن مثل هذه المؤشرات تستوجب وقفة تأمّل ولم لا نجري بحثا معمّقا للتحولات الإجتماعية التي تعيشها بلادنا بما يساعد على ضبط خطط تحرّك أكثر ملاءمة ومردودية.. إذ يبدو أن الإنجاب خارج أطر الزواج قد يناهز الواحد في المائة من مجموع ما ينجب كل سنة.. فهل سيتحوّل القانون من أداة لحماية الأطفال إلى أداة لتشجيع العازبات على تطوير علاقات خارج إطار الزواج مع ضمان الحماية اللازمة إذا ما أثمرت تلك العلاقات خطيئة. حافظ الغريبي (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 24 نوفمبر 2008)  

تحقيق: إثبات النسب في تونس بين الطب والقانون.. من يقوم بالتحليل الجيني ومتى.. وهل توجد إمكانيات للتزوير؟

تحقيق : جمال المالكي ** هل يمكن إجبار شخص على القيام بالتحاليل وما عدد العلامات التي تثبت النسب أو تنفيه؟ ** ما قصّـة الدفتر المدرسي …والشاب الذي كاد يتزوج أخته… والثري الذي اعترف بابنته وأغناها بعيدا عن القضاء؟ ** التطور العلمي أتـاح إمكانية أخذ خلايا شخص مات منذ عشرات السنين.. لكن بشرط! الدواعي والأسباب عندما التقيت الدكتورة حبيبة الشعبوني رئيسة قسم بمستشفى شارل نيكول سألتها أولا: هل يمكن لأي شخص في تونس أن يتقدم لإجراء تحليل جيني A.D.N بدعوى أنه يريد أن يتثبت من أن أولاده هم حقا من صلبه؟ فقالت: هذا غير ممكن طبعا، فالأشخاص الذين يخضعون إلى التحاليل هم مرسلون من قبل المحكمة المختصة وفي بعض الحالات من قبل وكالة الجمهورية. ولا يمكن إجراء تحليل لأي شخص إلا بإذن من المحكمة (تسخير). وتواصل الدكتورة حبيبة حديثها قائلة: عندما تنجب امرأة (أو فتاة) طفلا ..أو حتى قبل الإنجاب فإنها تبحث عن وسيلة لإثبات نسب المولود أو الجنين.. وعندما  ينكر أحد الأبوين نسب المولود أو الجنين فإن الطرف الثاني يبحث عن الإثبات.. وحالات الإنكار هذه تصحبها غالبا حالات شك مثل أن يدّعي أحد الطرفين أن «ابنه الحقيقي» أبدلوه في المستشفى وأن الذي يعيش في كنفه قد لا يكون ابنه.. وهناك أيضا حالات أخرى لاشخاص يبحثون عن آبائهم أو أمهاتهم أو عن الآباء والأمهات معا» لكن كيف يتم التحليل؟ عن هذا السؤال حاولت الدكتورة حبيبة تبسيط الأمور فقالت: «نأخذ عينة من الشخص الذي سنثبت بنوته (جنين أو طفل أو كهل) ثم عينة من الشخص الذي سنثبت (أو ننفي) أبوته أو أمومته. نحن نحبّذ أن يحضر لدينا الولي الثاني كي تكون النتائج أقرب الى الواقع لكن ذلك ليس ضروريا. أما العينات فإن أهمها الدم الذي يمكن لنا الإحتفاظ بكمية منه للضرورة (إعادة التحاليل إن لزم الامر) وكذلك ما يسمى الخلايا ذات العلاقة الغشاء المحيط بالجنين( Cellules Amniotiques ) في الإختبارات التي تجرى قبل ولادة الطفل وهناك أيضا خلايا اللعاب وتؤخذ من داخل الوجنة. وفي حالات نادرة نأخذ عينة من العظم أو الجلدة أو الشعر. وبعد أخذ العينات حسب الطرق الطبية والقانونية نقوم بدراسة 16 علامة ونقارن بين علامات الطفل او طالب البنوة (الكهل مثلا) وعلامات الشخص الآخر لنصل في النهاية الى الاثبات أو نفي النسب. الإثبات والنفي تقول الدكتورة حبيبة: «يكون الإثبات عندما تكون كافة العلامات الأ دي آن (les marqueurs d’A.D.N) متطابقة. فإذا وجدنا اختلافا واحدا في علامة واحدة فقط فإننا  نعيد التحاليل ونستعمل علامات أخرى. وفي حالات التطابق الكامل نقوم أيضا باختبار تكميلي لنصل الى نسبة 99.99% طالما أن العلم في العالم كله لم يصل الى حد الآن الى نسبة 100% . لكن كيف يكون النفي؟ هذه النقطة وضحتها الدكتورة حبيبة فقالت: «إذا وجدنا أن علامتين اثنتين على الأقل غير متطابقتين بمعنى أنهما موجودتان عند الطفل وغير موجودتين عند الأب أو الأم أو العكس فإن ذلك يعني نفي النسب. ولأن امكانية الخطإ موجودة ولو بنسبة ضعيفة جدا فإننا أيضا نعيد القيام بالتحاليل وعندما  نصل إلى نفس النتيجة فإننا ننفي الشك باليقين فيكون نفي النسب». حالات مستحيلة؟ سألت الدكتورة حبيبة: «ماذا يحدث لو أن المطلوب إثبات أبوته مثلا مات منذ زمن بعيد؟ فقالت: «تطور العلم اليوم صار يسمح لنا بأخذ الخلايا حتى من المقابر بشرط أساسي وهو أنه لم يقع دفن شخص آخر مع الشخص المعني بالأمر لأن الخلايا يمكن أن تختلط عندما تتحلل جثث الذين يدفنون في قبر واحد. وللإفادة أيضا أقول إننا تعرضنا إلى حالات مات فيها الأب منذ أكثر من 30 عاما فالتجأنا الى أخذ عينات من إخوته». لعنة الدفتر المدرسي! في إطار هذا التحقيق روى لنا بعض المحامين بعضا من الوقائع التي عاشوها  وتفاعلوا معها ومنها هذه القصة إذ قال أحدهم: بعد 15 سنة من الزواج حكمت الظروف على زوجين بالانتقال للسكن في محل آخر وخلال عملية نقل الأدباش تفطن الزوج الى دفتر مدرسي ملقى على الأرض فأخذه فإذا به دفتر زوجته. وقد استرعى انتباهه في ذلك اليوم عدم وجود لقب زوجته بالدفتر فبدأ الشك يسيطر عليه فاتصل بالقضاء وبحث بطرقه الخاصة حتى توصل الى إثبات أن زوجته كانت تعيش مع والدين بالتبني فطلب الطلاق . وهكذا دفعت المرأة ضريبة خطإ ليست لها به علاقة لا من قريب ولا من بعيد». كاد يتزوج أخته!! حالة أخرى رواها لنا أستاذ آخر فقال: «جمعت إحدى الصدف بين شاب وفتاة وتطورت إلى علاقة عاطفية قررا أن يتوجاها بالزواج. الشاب روى لوالدته ففرحت كثيرا وفرحت أكثر عندما استدعى الشاب صديقته وقدمها إلى والدته.. وبعد مدة اكتشفت الأم من خلال تفاصيل الحديث الذي كان يدور بينها وبين البنت أن هذه الأخيرة أخت ابنها.. حاولت في البداية اختلاق بعض الأسباب لتبرير اعتراضها على هذا الزواج حتى تعكرت العلاقة بينها وبين ابنها الذي هددها بالزواج سرا إذا واصلت رفضها.. وعندما  وجدت الأم نفسها  أمام أمرين أحلاهما  مرّ أجبرت على إفشاء السر وأعلمت ابنها باسم والده الحقيقي (وهو والد الفتاة) بعد أن عاش الابن سنوات وهو يتوهم أن والده من بلد عربي وقد هاجر منذ سنوات ولم يعد؟ الأم بدأت الصراع والابن أنهاه هذه القصة أيضا تشبه أفلام الخيال. فقد انجبت امرأة ولدا سنة 1981 ثم دخلت في صراع مع والده من أجل إثبات النسب منذ سنة ..1990 ويكبر الولد ويصبح راشدا فيأخذ المشعل عن والدته ويواصل الصراع إلى أن انتهت الأمور بإثبات نسبه بعد قضية أولى خسرتها الأم عام 1994 وقضي فيها بنفي النسب.. أطوار هذه القصة الغريبة رواها لنا الاستاذ بن صميدة فقال: «قبل سنة 1990 كان أحد الاشخاص معترفا بنسب ابنه الذي ولد في إطار الزواج. وكان ينفق عليه ويرسل له حوالات بريدية. ثم تغير الوضع وتزوج  الرجل مرة أخرى وصار له أبناء آخرون. وعندما  ثقلت عليه المسؤولية رفع دعوى في نفي نسب ابنه الأول (من الزوجة الاولى) واستطاع أن يثبت أن تلك الزوجة كانت لها علاقات متعددة تجعل نسب الابن محل شك وحكمت المحكمة في اطوارها الثلاثة بنفي النسب وكان ذلك سنة 1994 ونتيجة لذلك أصبح الابن بلا لقب. وبعد صدور قانون سنة 2003 أصبح من حق الابن المطالبة بإسناد لقب والده البيولوجي له.. الموضوع أصبح قديما واتصل به القضاء. لكني سعيت الى رفع دعوى جديدة دام النقاش القانوني فيها 4 سنوات  وبينت للمحكمة أن سند الدعوى مختلف للمطالبة بإسناد اللقب رغم تحايل الأب وخوفه من أن يكون ابنه طامعا فيه.. وكبر الابن وصار راشدا وأخذ المشعل عن والدته  في التقاضي وأصرّ على استعادة لقبه وبيّن للجميع أن تلك كانت غايته الوحيدة خاصة أنه تخرج وأصبح إطارا عاليا ويتقاضى أجرا عاليا جدا.. ولعل الغريب أن هذا الابن الذي خاف والده من أن يقاسم إخوته أجرة أبيهم أصبح ينفق عليهم وأحيانا على والده الذي ظلّ مدة طويلة يتهرب من اجراء التحليل وفي النهاية عاد إلى رشده فقام بالتحليل وثبت أنه أب شرعي وبيولوجي للشاب». بعيدا عن القانون هذه الوضعية عاشها الاستاذ بن صميدة وروى تفاصيلها فقال: «في أحد الايام كانت احدى النساء على فراش الموت تنتظر سفر الروح الى خالقها. نادت ابنتها وقالت لها: «أريد أن أصارحك بسرّ أتعبني سنوات عديدة. فأنت يا ابنتي بنت فلان الفلاني الذي كنت أعمل بمنزله خادمة».. وبعد مدة من موت المرأة جاءتني ابنتها وطلبت أن أساعدها على إظهار الحقيقة فاكتشفنا أن فلانا رجل ثري جدا.. وعندما تحدثت معه في الامر لم يلجأ الى الانكار بل اعترف بأنها ابنته  واشترط عليها عدم اللجوء الى القضاء لإثبات الأمر وقال لها إنه مستعد لتقديمها الى عائلته في إطار ضيّق على أساس أنها ابنته الحقيقية ثم أعطاها ما قلب حياتها رأسا على عقب وأخرجها من براثن الفقر الى وجاهة الثراء.. بعيدا عن المحاكم والقضاء»! (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 24 نوفمبر 2008)  


الاستاذ محمد بن صميدة: 3 حالات يثبت فيها النسب هناك ثغرات في مأمورية التحاليل تجعل التزوير ممكنا

الحديث مع الأستاذ بن صميدة في هذا الموضوع كان طويلا ومشوقا وقد أجبرتني المساحة على اختصاره في أهم النقاط. سطر الذل ! يقول الأستاذ: خلال السنوات الاخيرة كثرت دعاوى إثبات النسب وذلك لأسباب واقعية وأسباب قانونية دعمها  القانون عدد 51 لسنة 2003 المؤرخ في 7 جويلية .2003 هذا القانون جاء لمعالجة حالات مجهولي النسب وأعطاهم الحق في حمل أسماء افتراضية (مستعارة). ففي الكثير من الأحيان يستخرج أحدهم مضمون ولادة فيجد فراغا به سطر في الخانة المخصصة لاسم الوالد ولقبه وحرفته.. وقد جاء هذا القانون ليعالج هذه المسألة بمنح اسم مستعار لمجهول النسب دون التنصيص على ذلك في خانة الملاحظات أسفل المضمون وذلك حفاظا على سرية البيانات التي يعاقب بالسجن من يفشيها بحكم اطلاعه عليها في إطار وظيفته. وقد كان هذا السطر الذي بقي البعض منه الى الآن، رمزا للذل لهؤلاء الأبناء ومصدرا للاحساس بأنهم منبوذون من قبل المجتمع فجاء المشرّع ليحميهم  وينقذهم من هذا الاحساس». وسائل الإثبات  أما عن وسائل إثبات النسب فقال الاستاذ: هناك 3 حالات لا غير إما أن يقر الأب ويعترف بابنه وإما أن يشهد شاهدان أو أكثر من أهل الثقة وإما التحليل البيولوجي الذي تصل نتائجه الى نسبة 99.99% (الفصل 68 من مجلة الاحوال الشخصية يقول: «يثبت النسب بالفراش أو بإقرار الأب أو بشهادة شاهدين فأكثر من أهل الثقة). الامتناع دليل أيضا سألت الاستاذ: ماذا يحدث في صورة امتناع المدعى عليه عن إجراء التحليل الجيني فقال: «هذا هو الجديد في قانون 2003 الذي دعمه قانون 2005 وخاصة الفصل 429 من مجلة الالتزامات والعقود. فعندما  يمتنع شخص عن إجراء التحليل الجيني رغم أن استدعاء المحكمة قد بلغه شخصيا فإن المحكمة تعتبر امتناعه  دليل  إثبات ضده.. وهذا مبدأ قانوني معمول به». لا إجبار على التحاليل قلت للاستاذ: هل يمكن اجبار شخص على القيام بالتحاليل فقال: «لا يمكن ذلك لأن الاجبار انتهاك للحرمة الجسدية التي يضمنها  الدستور. ثم ان القاضي ليس في حاجة الى الاجبار لأنه امام مبدإ قانوني يعتبر أن امتناع الشخص  عن اجراء التحاليل دليل إثبات ضده. ويحدث كذلك أن يواصل الشخص نفي النسب رغم أن نتيجة التحاليل تكون ايجابية بنسبة 99.99% وهنا يكون القاضي أمام حقيقة علمية ويمكن له أن يسعى الى إعادة التحليل للتأكد فإذا كانت النتيجة واحدة فإنه يحكم بثبوت النسب». هل يمكن التزوير؟ التزوير الذي أقصده هو أن يذهب شخص ما للقيام بالتحاليل  مكان الشخص الذي تأمره المحكمة باجرائها. وهذه النقطة بالذات قال عنها الاستاذ بن صميدة «للاسف فإن امكانية التزوير واردة  جدا وقد حصلت بعض الحالات مثل أن يذهب توأم بدل شقيقه أو أن يذهب شخص آخر يحمل نفس الأسم واللقب وغير ذلك من حالات التلاعب التي تهدف الى التضليل وعدم التوصل الى إثبات النسب وأعتقد أن امكانية التزوير سببها بعض الثغرات في مأمورية التحليل. ففي هذه المأمورية لا يتم التنصيص على الاسم الثلاثي  للشخص المطالب بالتحليل وعدد بطاقة تعريفه وعدد رسم الولادة. وتفاديا لكل التباس أقترح أن تصدر وزارة العدل نموذجا  موحدا للمأموريات يشمل البيانات الدقيقة عن الشخص المعني بالأمر وصورته وبصمته إن لزم الأمر. وعندئذ لن يستطيع أي شخص القيام بالتحليل الجيني مكان شخص آخر». (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 24 نوفمبر 2008)  

 
مخرج تونسي ينتقد « هاجس الرقابة » في بلاده عبر فيلم كوميدي

تونس (رويترز) – أثار فيلم « سيني شيتا » للمخرج التونسي ابراهيم اللطيف والذي وجه فيه سهام نقده اللاذعة إلى أجهزة الرقابة بوزارة الثقاقة في بلاده اهتماما واسعا خلال عرضه لاول مرة بقاعات السينما هذا الاسبوع ضمن أنشطة الدورة الخامسة عشرة من مهرجان السينما الاوروبية المقام بتونس. وتدفق المئات إلى قاعة المونديال بالعاصمة حيث يعرض الفيلم الذي أثار جدلا بسبب تناوله مسألة تشغل قطاعا غير صغير من السينمائيين يشكون من حرمانهم من دعم مادي من الحكومة الا بشروط. وفي الفيلم الذي يقوم ببطولته محمد النهدي ومحمد علي بن جمعة ودرة زروق أراد المخرج من خلاله القاء الضوء على تجربة عاشها شخصيا حينما حرم من الدعم المالي لانجاز فيلم بسبب رفضه الخضوع لبعض شروط الرقابة. وقال اللطيف في مقابلة مع رويترز « هذا الفيلم هو رد على رسالة تلقيتها من لجنة الدعم السينمائي تعلمني ان هذا الموضوع لا يتماشى مع ما يشهده المجتمع من تطور. » وأضاف « هنا تساءلت.. هل أن المبدع خلق لينتقد ويبدع أم انه خلق لينفذ ويلتزم بما هو مطلوب منه. » وفي الفيلم الذي طغت على أغلب اجزائه مواقف الكوميديا السوداء وظفت الشخصيات للسخرية من تسليط سيف الرقابة بشكل يحد من حرية التعبير لدى المبدعين في السينما. وقال اللطيف « ان الاوان لترفع الرقابة أيديها عن الابداع السينمائي في البلاد وأن تكف عن فرض شروط تحد من ابداع الفن. » ويروي الفيلم قصة ثلاثة شبان مولعين بالسينما هم « شاهين » و » حميد » و »انيس » الذين أرادوا انجاز أول فيلم غير انهم اصطدموا برفض مصلحة الدعم بوزارة الثقافة المساعدة في تمويل الفيلم الا في حالة حذف عدة اجزاء عن الإرهاب والتشدد والجريمة. ويسعى الشبان الحصول على المال بأي طريقة لتمويل مشروعهم فيلجأوا للسطو على بنك مما يمكنهم من تحقيق حلمهم بانتاج فيلم بل وايضا عرضه بمهرجان كان السينمائي أحد أشهر المهرجانات العالمية. وتخصص وزارة الثقافة ميزانية هامة للمساهمة في تمويل عدد من الاعمال السينمائية والمسرحية التونسية غير ان بعض المبدعين يشتكون من ان الدعم يعطى مقابل فرض رقابة مشددة على العمل. لكن وزير الثقافة التونسي عبد الرؤوف الباسطي قال في وقت سابق ان وزارته لا تمارس أي رقابة على حرية الابداع في البلاد. وأضاف أن جرأة السينما والمسرح التونسي مشهود بها في الداخل والخارج. ويؤكد اللطيف الذي اخرج عدة افلام قصيرة ابرزها « فيز » و »ضحكة زائدة » انه لا يسعى إلى حرب ولا مواجهة مع أحد بل انه يسعى لتوسيع هامش الحرية بشكل يفضح من خلاله ما سماه بتجاوزات أفراد. ويعتبر فليم « سيني شيتا » نقلة نوعية في السينما التونسية حيث انه من نوع كوميديا بوليسية على الطريقة الايطالية لم يتعود عليها المشاهدون في تونس على حد تعبير المخرج. ويصل تهكم المخرج مداه حين يسخر من بعض الشخصيات المؤثرة في الوزارة من بينها وزير الثقافة السابق محمد العزيز بن عاشور حيث تبرز في الفيلم شخصية « ابن عاشور » التي كانت تشبه كثيرا ملامح الوزير السابق لكنها جاءت على نحو كاريكتيري. ويقول مقربون من الحكومة ان السماح بعرض فيلم يتضمن مثل هذه المشاهد هو دليل واضح على حرية التعبير التي تتيحها البلاد لكل مبدعيها. لكن في مقابل النقد اللاذع لبعض الشخصيات حاول المخرج تكريم شخصيات سينمائية اخرى مثل المخرج المصري الراحل يوسف شاهين والمنتج التونسي الراحل أحمد بهاء الدين عطية حيث اختار لاسماء ابطاله اسمي شاهين وحميد « تقديرا لاسهامهما في اثراء السينما العربية والافريقية ». واعتبر اللطيف ان « الرقابة حين تفرض فانها لا تفرض على شخص المبدع وانما تتجاوزه لتشمل شعبا كاملا من خلال حرمانه من نسمات حرية وحديث عن مشاغله. » وأضاف لرويترز « الوقت لم يعد يسمح لاحد بوضع ممنوعات في ظل العالم.. القرية التي أصبحت فيه المعلومة متاحة على الانترنت وعلى الفضائيات ايضا. » ومضى يقول « نحن نريد ان نتكلم عن كل شيء في بلادنا بحرية هنا وليس خارجها. » من طارق عمارة (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 24 نوفمبر 2008)  

 

أمام العرب فرصة

العجمي الوريمي (*)  في مشهد مذهل، توجهت سيدة أميركية عجوز إلى المرشح الجمهوري ماكين بقولها: «إني خائفة! لقد سمعت أن أوباما عربي»، فأجابها: «هذا غير صحيح.. إنه ليس بعربي، إنه ربّ عائلة جيد»؟ عندما نقرأ «مذكرات شاهد القرن» وهو السيرة الذاتية لمالك بن نبي، نجد أن مؤلفه كان شديد الاهتمام بالواقع، دقيق الملاحظة، يرصد الظواهر بعين الناقد ويحاكمها في ضوء نماذج ذهنية كوّنها من حصيلة قراءته وحدسه بدءا من القرآن الكريم الذي أنجز حوله كتابا من أفضل وأمتع ما كتب خلال القرن العشرين، مرورا بابن خلدون وتوينبي وكوندياك ونيتشه وماركس.. وعندما نستعرض ما كتبه مالك بن نبي منذ ألّف «شروط النهضة الجزائرية» حتى محاضرته «دور المسلم ورسالته في الثلث الأخير من القرن العشرين» والتي عدها البعض وصية الوداع، نجد كتاباته تحفل بالأمثلة الواقعية الحية والمعبرة، فكانت هذه المراوحة بين النموذج المثالي، إذا استخدمنا مفهوم ماكس فيبر، وبين العينة والشاهد الواقعي هي منهج بن نبي في دراسة الواقع الاجتماعي والظاهرة الاستعمارية كخلاصة لوجهين مشوهين لحضارة إسلامية أفل نجمها وطال ليلها وحضارة غربية سطع نجمها ودالت لها الأمور. هذان الوجهان القبيحان وجه الانحطاط ووجه الاستعمار سمتهما البارزة والمشتركة هي الفوضى التي يتوقع بن نبي أن تخلق في رحمها إنسانية جديدة «غير أننا نستطيع أن نعقد هنا مقابلة مباشرة بين القابلية للاستعمار والاستعمار باعتبارهما عوامل شلل وتعجيز، وسندرك من هذه المقابلة أن المستعمر يمكنه دائما أن يتحرر من قابليته في الوقت الذي يستخدم فيه ذكاءه وجهده لتذليل العقبات وتخطي العوائق وتحطيم القيود» (بن نبي، وجهة العالم الإسلامي). لقد زال الانبهار بالغرب الذي زامن ظهور حركة الإصلاح في طورها الثاني مع الأفغاني إثر أول اتصال مع أوروبا، وهو الإعجاب الذي حفلت به كتب الجبرتي والطهطاوي وخير الدين التونسي، فقد كان للاستعمار دور حاسم في توجيه ضربة قاتلة للأنموذج الحضاري للحداثة الأوروبية وفي تجذير الوعي لدى الشعوب المستعمرة بعد أن استيقظت على حقيقة تخلفها وعلى حقيقة الأهداف الاستعمارية التي ترمي إلى تعميق ذلك التخلف وتأييده حتى الوصول إلى تذويب الشخصية العربية الإسلامية. فالواقع الذي يصفه بن نبي ليس لحظة دخول نابليون إلى مصر أو ما أطلق عليه صدمة الحداثة، إنها لحظة ما بعد الحرب العالمية الثانية، لحظة هزيمة النازية والفاشية وتكوين «عصبة الأمم»، وقيام الجامعة العربية ونكبة فلسطين التي رأى فيها بن نبي عامل تحد أيقظ العالم الإسلامي من المحيط إلى بحر الصين. لكن واقعية بن نبي التي تجعله يغوص بسكين النقد في الجرح العربي والإسلامي ويجلد ذات «إنسان ما بعد الموحدين» بدون رحمة عله يطهرها من انحطاطها ويضعها في طريق الحضارة، كثيرا ما يسقط في التبشير وفي الخطابة التي أدانها عند السياسيين، ولعل الخطاب الإصلاحي مهما اتسم بالعلمية والموضوعية لا بد أن ينزلق في الترغيب وفي حفز الهمم، لا لدغدغة المشاعر وتغذية الأوهام وإنما من طبيعة كل منزع إصلاحي أن يكون حادسا للحظة الآتية على أنها استئناف لطريق توقف واستعادة لمجد انقضى، فضلا عن الصبغة الأخلاقية التي لا يخلو منها أي خطاب إصلاحي لأن الإصلاح هو جماع الفضائل ولو كانت عقلية، وفعالية القيم ولو كانت عقلانية لذلك تحفل كتابات مالك بن نبي بالصور الشعرية والرمزية بل إنه يبدأ بعض كتبه بأناشيد تذكرنا بزرادشت ونيتشه. ما بين نكبة فلسطين وسقوط بغداد يقف مالك بن نبي مبشرا بـ «الفوضى الخلاقة» التي صارت شعار الاستعمار الجديد ترفعه القوة الأعظم لإقامة شرق أوسط كبير جديد تنتشر فيه الديمقراطية وتتكرس فيه حقوق الإنسان ويقضي فيه نهائيا على جذور الإرهاب. لكن فوضى العالم الإسلامي وفوضى الوضع العالمي كما تؤشر على إخفاق النهضة العربية تطرح سؤال الإخفاق كإشكالية محورية للفكر العربي مطلع هذا القرن في مرحلة لا هي بالحداثة ولا هي بما بعدها بل هي مرحلة ما بعد نصف قرن من تجارب في التنمية وفي التحديث فيها الطموح وفيها الخبط العشوائي ولكن السمة الغالبة والنتيجة المؤلمة هي الغياب، وهذا الغياب لا بد له من تفسير بدأت بواكيره في كتابات نقدية وحوارات لقرن جديد، ولكي نعرف الخلل علينا أن نعرف أو لا ما الغائب في ثقافتنا، ما الذي لم تفكر فيه ذاتنا؟ إن الغائب في تراثنا وفي ثقافتنا المعاصرة هو ما لم يكتمل من كياننا الحضاري وما لم يقتحمه العقل العربي ليستجلي فيه صورة واقعنا وصورة فكرنا ومرآة أنفسنا ومستقبل أبنائنا. «لكننا مع ذلك نرى أنه لا يكفي بالنسبة إلينا اليوم الرصد الأكاديمي لغياب كهذا أو حتى الاستشكال ذاته، بل من الضروري الاضطلاع بذلك نظريا وعمليا في الراهن الذي يحاصرنا على نحو عالمي نشترك فيه مع غيرنا، وعلى نحو مخصوص يعنينا أكثر من أغلب المجموعات الجغرافية» (صالح مصباح: من التساهل إلى الخصوصية الثقافية، تحولات استشكالات التسامح في حركة التنوير العربية). إن من أهم تحديات الوقت الراهن تحدي البرامج والمضامين، وقد فتحت الأزمة المالية العالمية الآفاق رحيبة أمام العقل الإسلامي لينفض الغبار عن مصادر تفكيره ليعيد فاعليتها ويحيي معانيها المتجددة من منابعها الخالدة التي طمستها قرون الانحطاط والاستعمار وأذهلها عنها هبوط الهمم واحتقار الذات والانبهار وإفلات زمام المبادرة. لذلك ينبغي أن تعطي الفرصة للنخبة الإسلامية العربية لكي تقتحم ميادين الفكر والثقافة والتقنية دون تهيب لكي تنتج المعرفة وتقدم الإضافة. إن الإنسانية متجهة نحو التساؤل والتفكير في نفس القضايا، لذا ينبغي التفكير والتنظير ضمن أفق أوسع دون تجاهل ما أنجز في حقل الأفكار. نحن لا نسير نحو حضارة واحدة ولا نحو حضارات لا تبقي ولا تذر، ولكن يخشى أن تنحط البشرية إلى البربرية من جديد. وعلى فرض حصول الإجماع حول قيم كونية، الإنسانية في أشد الحاجة إليها فإن التعددية والتنوع ستظهر من داخل الوحدة وهي تعددية تأويل وفهم وإبداع فكل تنوع ينشد الوحدة وإلا طاله الفناء وكلّ وحدة تنتج التعدد والتنوع وإلا أصابها البوار. المهم أن لا يسود التعصب أو العدمية، فكلاهما يوصل إلى مأزق، وأخطر المآزق الجمود العقيم أو التميع المهلك للحرث والنسل. (*) كاتب من تونس تعليق من عبد الوهاب الهاني – باريس تصحيح طفيف شكرا جزيلا أخي العزيز العجمي على هذا المقال القيم وتهاني الحارة بنجاحك في الخروج من وضع الضحية واعتلاء المكانة التي هي لك في عالم الأفكار والأنوار بعيدا عن الأقبية والدهاليز. فإن لك رسالة ومسؤولية أمام أجيال قتلها اليأس ودمرها العقم والحقد الأعمى. وإنني أردت في هذه المصافحة أن أصحح معلومة وردت في مقالك، ف « عصبة الأمم » نشأت بعيْد الحرب العالمية الأولى في عام 1919 (التي شارك فيها عشرات الآلاف من التوانسة وقضى كثير منهم نحبهم دفاعا عن فرنسا) على إثر معاهدة فرساي الشهيرة لنفس السنة. وقامت « منظمة الأمم المتحدة » سنة 1945 على أنقاض عصبة الأمم بعد الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية وهزيمة النازية والفاشية وصعود الستالينية. وقصر ويلسون الذي احتضن عصبة الأمم بجينيف يحتضن اليوم مقر المفوضية السامية لحقوق الإنسان التي آمل أن تزورها قريبا بإذن الله تعالى مرة أخرى ألف شكر ولا تبخل في إمتاعنا بهذه الكتابة التي تحتاجها الأمة أخوك (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 24 نوفمبر 2008)


الإسلاميون ومأزق السياسة في مجال الممارسة( الجزء الثالث )

 

 
 
 
الإسلاميون ومأزق السياسة في مجال الممارسة (8) النقد الذاتي ومراجعة للخطاب الإسلامي  
وليد نويهض    
شكلت آراء الغنوشي وعدم تحفظه على استخدام الديمقراطية كمفرد ومصطلح إلى مواقفه المبكرة من مسألة الديمقراطية وتداول السلطة صدمات ايديولوجية في حياة الحركات الإسلامية العقائدية، فهو أعلن منذ العام 1981 أنه لو اختارت الجماهير «الحزب الشيوعي فسنعتبر أن حكم الحزب الشيوعي قانوني». (حوارات، ص 67، 79). من هذه النقاط المفارقة شق الغنوشي طريقه الخاص منذ مطلع الثمانينات واشتغل كثيراً على تطوير أفكاره عن «حقوق المواطنة – حقوق غير المسلم في المجتمع الإسلامي» (إصدار المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1989 – 1993). و «الحريات العامة في الدولة الإسلامية» (إصدار مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 1994)، وصولاً إلى أخطر وثيقة صدرت عن حركة إسلامية عربية معاصرة تقيم فيها تجربتها الخاصة وتنتقد نفسها مكرسة بذلك مدرسة جديدة في النقد الذاتي وهي ممارسة غير مسبوقة في الأحزاب الإسلامية. لا تقل الوثيقة التي صدرت في الذكرى الخامسة عشرة لتأسيس حركة النهضة وحملت عنوان «دروس الماضي وإشكالات الحاضر وتطلعات المستقبل» أهمية عن الوثائق الثلاث التي صدرت عن حركة الإخوان في مصر بل إنها تضاهيها من ناحية الجرأة في النقد الذاتي والمكاشفة أمام الآخر من سلطة أو خصوم سياسيين. وبحسب الغنوشي «إن السياسة هي عالم المعقول، وليست عالم الغيبيات، هي عالم المعقولات، هي العالم الموضوعي» (حوارات، ص90). انطلاقاً من الفهم المذكور لعالم السياسة أقدمت حركة النهضة في مؤتمرها الأخير على إصدار تلك الوثيقة «الانقلابية» ووزعتها في كتيب صدر في يونيو/ حزيران 1996 تحدثت فيه عن مبررات وجودها وتجربتها المرة وسياساتها الصحيحة والخاطئة وأهدافها المستقبلية. (حزب النهضة التونسي، دروس الماضي وإشكالات الحاضر وتطلعات المستقبل، يونيو/ حزيران 1996). تشمل الوثيقة على تقديم صغير و76 فقرة و8 أهداف متواضعة، واحتوى الفصل الأول منها على استخلاصات تقويمية ضمت 27 فقرة، وضم الفصل الثاني 34 فقرة تناولت الخلاصات التحليلية، وضم الفصل الثالث 16 فقرة وتحدث عن استشراف المستقبل، وأخيراً جاءت الأهداف وهي ورقة واحدة من الوثيقة نصت على حقوق الإنسان وضمان حرياته الأساسية وترسيخ هوية البلاد (تونس) العربية والإسلامية وسن عفو تشريعي عام وإخلاء السجون من المعارضين السياسيين وتعاضد قوى المعارضة من أجل تحقيق انفراج في البلاد يرفع المظالم ويرد الحقوق والحريات واحترام حرية الصحافة والتعبير والاجتماع ومراجعة القوانين الجائرة وضمان حق التدين وإلغاء المناشير التي تمنع ارتداء الحجاب وإقامة الصلاة في المؤسسات والتدريس في المساجد، ورفع وصاية الأجهزة الأمنية على الحياة السياسية ودعم المسار التصالحي بدل التناحر والتنابذ والقطيعة. أهم ما تحتويه الوثيقة تلك الفقرات التي جاءت في الفصل الأول وفيها إعادة قراءة التجربة واستخلاص الدروس ونقد الأخطاء وبعض السياسات. ويرد في الفصل محاولة تحليل أسباب تأسيس حركة الاتجاه الإسلامي (حزب النهضة لاحقاً) وتربط الأمر بالتحديث المتوحش وتغول الدولة ومصادرتها للمجتمع وسيطرتها الشمولية والكلية على مؤسسات الحياة المدنية والأهلية وترى المسألة رد فعل على استبداد الدولة وهيمنتها المطلقة. «تأسست حركتنا بعد خمس عشرة سنة من استقلال البلاد، بعدما تمكنت النخبة التغريبية الحاكمة من تحطيم معظم البنى التحتية للمجتمع والدولة، مثل: إلغاء الأوقاف والمحاكم الشرعية والتعليم الزيتوني وتفكيك العلاقات الأسرية والعشائرية، وتبلور معالم دولة سلطوية تلغي دور المجتمع وثقافته الأصلية ومؤسساته المدنية ما أحدث بالتدرج اختلال توازن بين الدولة/الحزب/ الفرد من جهة والمجتمع من جهة أخرى». ولا ترى الوثيقة أن تأسيس الحركة هي انقلاب على جهود الآخرين من أبناء البلد بل هي امتداد «لجهود الإصلاح والتجديد الفكري على صعيد البلاد والعالم الإسلامي ولنضال الحركة الوطنية من أجل التحرر السياسي والثقافي والاقتصادي»، وأكدت الوثيقة أن أهداف الحركة كانت ولاتزال تركز على «أولوية المهمة الفكرية والتربوية والثقافية» وإذا اهتمت بالسياسة فإن الأمر مرده إلى «هيمنة الدولة على كل الفضاءات»، وأعادت الوثيقة تأكيد منهج الحركة التغييري السلمي ونبذ العنف، وانتقدت تصرفاتها الخاطئة في مواجهتي 1987 و1991 واعتبرتهما عملية استدراج لها مخالفة فيهما استراتيجيتها السابقة والتقليدية. ورأت أن استخدامها، لمواجهة «مشروع الاستئصال»، العمل السري بهدف «استجماع شروط الاستعصاء» وتوفير المناعة الداخلية والتحصن لمواجهة ضربة خارجية، من الأخطاء التي ارتكبتها حتى لو كانت مضطرة لها. وأشارت إلى سلبيات علاقاتها بالمعارضة الأخرى إذ إنها «لم توفق في بناء قاعدة ائتلافية متينة مع النخبة وبقية أطراف المعارضة الوطنية». وانتقدت الحركة مراهنتها على نجاح التجربة الديمقراطية في الجزائر التي انطلقت في العام 1988 من «دون تقدير لاحتمالات الانتكاسة». وخلصت الوثيقة إلى أخطر موقف عندما حملت السلطة نفسها ثم المعارضة مسئولية «التجربة المريرة التي لاتزال تعانيها البلاد منذ العام 1990» ودعت إلى وقف «التشابك وهدر الطاقات»، وأقرت فكرة «التنازل المتبادل وحتى من طرف واحد» وغلبت الوفاق كمصلحة وطنية عليا وانتهت إلى إقرار مبدأ التدرج بانفتاح النخبة التونسية على بعضها ودفع السلطة إلى الانفتاح «من أجل الوصول إلى المصالحة الوطنية الشاملة». (ص 12، 13، 18، 19، 20). تدين الوثيقة حركات العنف التي أساءت للإسلام وترفض ممارسات حركات التطرف والعنف العشوائي في الجزائر وتنتقد النظام التونسي الحالي إذ إنه «بوليسي فردي مركزي يتركز حول شخص رئيس الدولة». (حزب النهضة، فقرة 18 ص228). وتنتهي إلى إثبات أفكارها الاجتماعية والثقافية وهي: أولاً، احترام حق الأغلبية في الحكم والأقلية في المعارضة عبر مؤسسات منتخبة تنبثق عنها الشرعية والتداول على السلطة. ثانياً، أولوية الثقافي والاجتماعي على السياسي، وتعني بالسياسي هو أن «يأخذ محمولات ومضامين فكرية جديدة بحيث يكون خادماً للمهمة التربوية والثقافية بدرجة أولى». ثالثاً، تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة داخلياً وعلى الصعيدين العربي والإسلامي و «على قاعدة المشاركة والتعايش بديلاً عن الإقصاء والتنافي أو حتى هيمنة الأغلبية»، والدعوة إلى «التراضي العام والوفاق واعتبار دور كل قوة ليس بحسب عددها فقط وإنما بحسب قوة تأثيرها ونفوذها في الواقع وحاجة التوازن لها أساساً» انطلاقاً من فكرة التنازل الطوعي لتمثيل الأقلية السياسية. رابعاً، دعم سلطة المجتمع واستقلالية هياكله وقوامته على الدولة ومواجهة نزوعات التفتت الطائفي أو المذهبي أو العرقي. (ص 38، 39، 40). تمثل أفكار الشيخ الغنوشي ومواقف حزب النهضة التونسي خطوة مهمة في سياق إدراك الفترة الانتقالية التي تمر بها المنطقة العربية – الإسلامية. فالحديث عن مجتمع التراضي والديمقراطية التوافقية يشكل بداية طيبة للتسوية التاريخية التي يجب أن تقوم لتنظيم حياة سياسية سلمية تقلل من مخاوف النخبة العسكرية المستبدة وتوسع من حريات المؤسسات المدنية وحقوق الهيئات الأهلية. فالتحديث القسري الذي بدأ في العهدين الفرنسي والبورقيبي أنتج شكلين اجتماعيين لابد من تعايشهما لصوغ تصور تاريخي مركب يمزج بين وعيين متناقضين، لابد من تفاهمهما لأنه لا سبيل لأحد منهما في استئصال الآخر. نداءات الشيخ ذهبت حتى الآن أدراج الريح فهو كمن يطرق على باب حديد ولا يوجد الآخر المستعد لفتح باب الحوار، فالدولة (النخبة) في بلاده أوغلت في سياستها القمعية وأخذت تطال أقرب المقربين منها وصولاً إلى الجهات التي ساهمت في صنعها وتبرير نهجها الاستئصالي، بينما ردت جماعات الجهاد والتنظيمات الإسلامية على أفكار الغنوشي بالرفض وسخرت من مراهناته واتهمته بالعلمانية والليبرالية. ففي مقال كتبه (أبوإنصاف) عرض فيه أوضاع تونس تناول أفكار الغنوشي وسياسة النهضة وذكر أنها حركة ديمقراطية وليست إسلامية إذ إنها «سافرت بعيداً وأبعدت النجعة وأوغلت في الخطاب السياسي والعلماني والمنهزم في آن واحد». (نشرة الفجر، السنة الثانية، العدد 16، 1996).     الإسلاميون ومأزق السياسة في مجال الممارسة (9) حماس وتعارض الديمقراطية مع الاحتلال وليد نويهض   يربط خالد الحروب في كتاب له صدر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت، بعنوان «الفكر والممارسة السياسية عند حركة حماس» اندلاع الانتفاضة واغتناء الساحة السياسية الفلسطينية بتيارات الإسلام السياسي بظروف الوضع الفلسطيني وغياب أية سلطة مركزية (دولة أو غيرها)، وبسبب وجود معارضة يسارية لخط منظمة التحرير فرض على «حماس» والقوى الإسلامية الأخرى «الاعتراف بواقع التعددية السياسية وإقراره واعتماده». ويرى الكاتب أنه بغض النظر عن دوافع «حماس» لمثل هذا الاعتراف حمل خطابها السياسي «تأكيدات متواصلة على تبني التعددية السياسية والاعتراف بالآخر السياسي» (فصل حماس والتعددية السياسية). ويشير الكاتب إلى ميثاق الحركة الذي اعترف بالحركات الإسلامية الأخرى في فلسطين والحركات الوطنية على الساحة السياسية إلى اعترافه بمنظمة التحرير الفلسطينية. وطورت «حماس» موقفها في وثيقة عرفت بـ «المذكرة التعريفية» التي أكدت فيها احترام مبدأ التعددية ووجود وجهات نظر واجتهادات في ساحة العمل الوطني وأقرت ضرورة العمل المشترك على رغم تباين الطرح السياسي. ولم يقتصر موقف «حماس» على إقرار مبدأ التعددية والاعتراف بالآخر بل صرح مؤسسها الشيخ أحمد ياسين (اغتالته «إسرائيل» في غارة جوية في العام 2004) لصحيفة «النهار» المقدسية بتاريخ 30 أبريل/ نيسان 1989 بقبوله بدولة ديمقراطية متعددة الأحزاب تحترم رغبة الشعب وحقه في اختيار سلطته بواسطة الانتخابات الديمقراطية، وعندما سألت الصحيفة الشيخ السجين آنذاك عن موقفه إذا فاز الحزب الشيوعي بالانتخابات أجاب «حتى لو فاز الحزب الشيوعي فسأحترم رغبة الشعب الفلسطيني». يذكر الحروب في كتابه تلك المبادرة التي طرحتها «حماس» في أبريل 1994 وأشارت فيها إلى «إجراء انتخابات تشريعية حرة وعامة للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج لاختيار قيادته وممثليه الحقيقيين». وكرر الأمر نفسه أحد قادة «حماس» محمود الزهار في مقابلة أجرتها معه صحيفة «الوطن» الغزية في 19 يناير/ كانون الثاني 1995 حين ذكر «أن حماس تحترم رأي الشارع الفلسطيني ولو كان عكس رغبتها». وانسجم موقف الزهار مع إعلان «حماس»، أنها على رغم رفضها لتوقيع اتفاق أوسلو في سبتمبر/ أيلول 1993 ومعارضتها الحكم «لن تستخدم العنف» وذكرت القوى الأخرى ببيانها الذي أصدرته بتاريخ 9 أغسطس/ آب 1992 وأشارت فيه إلى «تبني الحوار الوطني كأسلوب ديمقراطي حضاري للتعامل بين أبناء الشعب». وكرر الأمر نفسه أحد قادة حماس عبدالعزيز الرنتيسي (استشهد في غارة جوية إسرائيلية) حين أكد معارضة الحركة الحكم الذاتي لكنها «لن تستخدم العنف ضد أي طرف يسير في طريق الحكم الذاتي» وطلب من الآخرين احترام «أي طرف في أن يقول رأيه بطريقة ديمقراطية من دون اللجوء إلى العنف». لم تكن تلك المواقف جديدة بل هي تبلورت عند كل منعطف كانت تمر به القضية الفلسطينية. ويشير الحروب في السياق المذكور إلى بيان «حماس» الذي صدر بتاريخ 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 1991 بعد انعقاد «مؤتمر مدريد» اعترف بوجود اختلافات في الرأي، وأكد حق كل طرف للتعبير عن موقفه ورفض أساليب الاغتيال وكم الأفواه وشجب أية محاولة من جهة لإلغاء الأخرى، وطالب بإجراء انتخابات حرة نزيهة ومحايدة لمعرفة الجهة التي تمثل الغالبية. اضطربت مواقف «حماس» العامة بعد قيام السلطة الفلسطينية في مناطق الحكم الذاتي بسبب الاعتقالات التي قامت بها «في فترات متعددة عقب عمليات حماس العسكرية» الأمر الذي جعل الحركة تصدر بيانات متتالية في 16 و18 و20 يناير 1996 وصفت فيها ديمقراطية الحكم الذاتي بالديمقراطية المزيفة وأحياناً شعارات الحرية الكاذبة، وأكدت أن مقاطعتها للانتخابات «لا تعني بتاتاً رفض التعاطي مع الديمقراطية». ويفرد الحروب فصلاً عن مشاركة «حماس» في الانتخابات منذ أن بدأت نشاطها في نهاية 1987 على المستويات النقابية والطلابية والمهنية والبلدية، ويشير إلى تحليل محمود الزهار الذي تناول نتائج انتخابات 23 مؤسسة في الضفة الغربية وقطاع غزة أجريت في العام 1991 – 1992 ويستنتج منها أن الكتلة الوطنية المؤيدة لمنظمة التحرير نالت ما نسبته 50.88 في المئة من الأصوات ونالت الكتلة الإسلامية المؤيدة لـ «حماس» 45.81 في المئة وتوزعت 3.12 في المئة من الأصوات على المستقلين. يذكر الحروب هذه الوقائع ليفسر أسباب مقاطعة «حماس» والقوى الفلسطينية الأخرى المعارضة لاتفاقات أوسلو وطابا والقاهرة انتخابات الحكم الذاتي التي جرت في يناير 1996. ويشير إلى وجود وجهات نظر في «حماس» بين مؤيد للترشيح (عماد الفالوجي، إسماعيل هنية، خالد الهندي، وسعيد النمروطي) إضافة إلى الناطق الرسمي باسم الحركة محمود الزهار بينما مال موقف «حماس» الرسمي إلى عدم المشاركة. وبررت موقفها بخمسة أسباب منها أن المجلس المنتخب سيكون محكوماً بسقف اتفاقات أوسلو، وأن «إسرائيل» تملك حق نقض قراراته، وأن الانتخابات ألغت حق 4 ملايين فلسطيني في الشتات بممارسة دورهم، وأنها تكرس تبعية الفلسطينيين في القدس للجنسية الإسرائيلية، لذلك وجدت «حماس» أن المطلوب من المجلس المنتخب إضفاء الشرعية على اتفاقات أوسلو وتكريس الاحتلال الإسرائيلي وإهمال قضية الشتات وحق العودة والقدس. يلاحظ من المسار الديمقراطي لحركة «حماس» أن صدمة توقيع اتفاقات أوسلو أحدثت في برنامج الحركة وتركيبتها ردود فعل متباينة بين تيار التقط المفارقات السياسية الجديدة ويحاول التعاطي معها بواقعية من دون الاعتراف بنتائجها المبدئية على مصير القضية الفلسطينية، وتيار لم يلحظ تلك المستجدات واستمر يتعاطى مع المسائل السابقة بعقلية الانتفاضة التي توقفت بعد المصافحة التي تمت بين ياسر عرفات وإسحق رابين في حديقة البيت الأبيض. يلاحظ، وهذا هو الأهم، أن التيارين السياسيين في «حماس»، إلى التيارات الإسلامية الفلسطينية الأخرى، لم يتراجعا عن فكرة الديمقراطية والاعتراف بالتعددية وحق الشعب في اختيار سلطته في انتخابات حرة ونزيهة، فالخلاف لم يحصل على قبول الديمقراطية ورفضها وإنما على وظيفة الانتخابات والاستحقاقات السياسية المطلوبة من المجلس المنتخب مثل إلغاء الميثاق الفلسطيني والتزام اتفاقات أوسلو وتوابعها وشطب الحقوق الفلسطينية الثابتة والمؤيدة دولياً من برنامج النضال المقبل. فالخلاف بين سلطة الحكم الذاتي والمعارضة الفلسطينية (الإسلامية والوطنية واليسارية) تركز على السياسة وحق المعارضة في مواصلة قتالها ضد المحتل ولم يشمل فكرة الديمقراطية والانتخابات. أمام هذا الحال كيف تعاطت سلطة الحكم الذاتي مع المعارضة الفلسطينية في وقت أطلقت حكومة رابين – بيرس السابقة حق المعارضة الإسرائيلية في خوض معركتها ضد اتفاقات أوسلو وطابا والقاهرة حتى الانقلاب عليها؟ تصف هيلينا كوبان شعورها في مقال نشرته في صحيفة «الحياة» تعليقاً على تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأميركية (هيومن رايتس ووتش) «كان شعوري عند قراءة التقرير الطويل (50 صفحة) المدعوم بالوثائق، الحزن العميق» إذ «بدا أن كل الكفاح الذي خاضه الشعب الفلسطيني، داخل وطنه التاريخي وخارجه، من أجل تقرير مصيره على أرضه، لم يأتِ له سوى… بماذا؟ إدارة محلية مضطربة وتعسفية بشكل يثير القلق، لاتزال تستمد سلطتها المحدودة، كما يذكرنا التقرير، من سلطات الاحتلال الإسرائيلي» (هيلينا كوبان «الحياة» 8 مارس/ آذار 1995). واتهم تقرير أعده مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسليم) رجال الأمن الفلسطيني بانتهاك حقوق الفلسطينيين في الضفة الغربية. ووصف التقرير وضع حقوق الإنسان في الضفة الغربية بالمقلق. وذكر محامون فلسطينيون يهتمون بحقوق الإنسان «إن مئات اعتقلوا بلا محاكمة وتعرضوا للتعذيب أو الضرر». واعترض المحامون على «عدم وجود هيكل قانوني متكامل»، وذكروا أن السلطة تستمد قوتها من «غابة قوانين خلفها العثمانيون والبريطانيون والإسرائيليون». وقال المحامي راجي الصوراني: «لدينا 18 ألفاً من رجال الأمن وهذا نسبياً أكثر بكثير مما يجب، فهو يعني أن هناك رجل أمن لكل مئتي مواطن» وذكر الصوراني أن هناك تناقضاً بين القرار «الصادر عن الرئيس الفلسطيني بتاريخ سبتمبر/ أيلول 1993 في تونس والقاضي باحترام كل المواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، والقرار رقم 1 لسنة 1994 القاضي باستمرار سريان القوانين والأنظمة التي كانت سارية المفعول قبل 5 يونيو/ حزيران 1967» (الحياة 1 يوليو و16 فبراير 1995). بدورها نددت منظمة «الحق» الفلسطينية التي تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان بقرار رئيس السلطة بإنشاء «محكمة أمن الدولة» في غزة واعتبرتها تذكراً «بالمحاكم العسكرية الإسرائيلية التي قوضت في شكل شبه شامل استقلال القضاء خلال سنوات الاحتلال». ونددت «منظمة العفو الدولية» بانتهاكات السلطات الإسرائيلية والفلسطينية لحقوق الإنسان بعد العام الأول لتوقيع اتفاق السلام بين الطرفين، وذكرت أن السلطات الإسرائيلية قبضت على 7 آلاف فلسطيني منذ حفل التوقيع، واحتجزت السلطات الفلسطينية المئات من دون تهم أو محاكمة أو فرصة الاتصال رسمياً بمحاميهم أو أفراد عائلاتهم ومن دون أية مراجعة قضائية. (الحياة 13 فبراير و12 مايو 1995). وازدادت حملات الاعتقال والتعذيب في أعقاب موجة من التفجيرات التي نفذها إسلاميون في «إسرائيل»، ووصفت منظمة «ووتش» لحقوق الإنسان الاعتقالات بالتعسفية واتهمت «إسرائيل» وياسر عرفات باستخدام القوة العشوائية وحضتهما على ضرورة التمسك بالمعايير الدولية في مساعيهما لحماية اتفاقية السلام. (الحياة 5 أبريل 1996). وعندما كشف مدير الجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان إياد السراج تجاوزات السلطة وانتهاكها لحقوق المواطنين أقدمت الشرطة الفلسطينية على احتجازه واستجوابه بسبب تقديمه شكاوى في شأن وفاة الكثير من السجناء في المعتقلات الفلسطينية ولجوء الشرطة إلى أعمال تعذيب تؤدي أحياناً إلى الموت. (الحياة 9 ديسمبر 1995). خيبت السلطة الفلسطينية الآمال ولم تؤدِ اتفاقيات السلام إلى تحسين شروط حياة المواطن الفلسطيني وتطوير مجتمعه السياسي، بل كادت تؤدي إلى حرب أهلية بعد أن اضطربت حريات المواطن إثر تولي السلطة مهمتها في غزة وجزء من الضفة المحتلة في مايو/ أيار 1994، بسبب اعتماد الأجهزة الأمنية على لوائح «منظمة التحرير للعام 1979 في القضايا العسكرية والأمنية» واستناداً إلى القانون الأردني المطبق حتى العام 1967 في القضايا المدنية. (الحياة 25 أغسطس 1995). تتحمل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ولا شك، المسئولية الأولى في دفع سلطة الحكم الذاتي إلى ممارسة أقسى حالات العنف ضد المعارضة الفلسطينية بذريعة أنها تشكل تهديداً لاتفاقات السلام. ومارست حكومة رابين – بيرس، قبل فوز بنيامين نتنياهو بالانتخابات الإسرائيلية التالية سلسلة ضغوط وضعت الحكم الذاتي الفلسطيني أمام اختيارات صعبة وصلت إلى حد التهديد بإعادة احتلال أجزاء من غزة والضفة أو فرض حصار على المناطق الفلسطينية التي تعاني أصلاً مشكلات اقتصادية وبطالة مزمنة أو ملاحقة المطلوبين وتسليمهم للمحاكم الإسرائيلية. وقصد تل أبيب من تلك السياسات كان يؤشر إلى احتمالات مختلفة منها دفع الوضع الفلسطيني الهش سياسياً إلى مزيد من الانقسام وصولاً إلى الحرب الأهلية (وهذا ما حصل لاحقاً) وهو أمر إذا حصل تكون «إسرائيل» قد بررت أمام الرأي العام العالمي احتلالها المدمر، وأكدت أنه لا ديمقراطية في المنطقة سوى «ديمقراطيتها» والدليل أن الشعب الفلسطيني لايزال يعاني في ظل سلطته كما سبق وعانى من احتلالها.     الإسلاميون ومأزق السياسة في مجال الممارسة (10) صدمة أربكان في 1996 والمصافحة بين العلمانية والإسلام وليد نويهض   تشبه، إلى حد ما، المصافحة بين الإسلامي نجم الدين أربكان والعلمانية تانسو تشيلر في تركيا، تلك المصافحة بين الفلسطيني ياسر عرفات والإسرائيلي إسحق رابين في حديقة البيت الأبيض. فالأولى إشارة إلى بداية اتفاق على تشكيل حكومة ائتلافية تجمع بين النقيضين (الإسلام والعلمانية) والثانية بداية مؤشر إلى مرحلة جديدة فيما يسمى بالصراع العربي – الإسرائيلي. وبغض النظر عن قوة التحالف الائتلافي واستمراره في تركيا، أحدثت مصالحة أربكان – تشيلر هزة في الوعي الجمعي في الطرفين الإسلامي والعلماني وهي تشبه تلك الهزة الوجدانية التي أحدثتها مصافحة عرفات – رابين، فالمصافحتان حصلتا حتى لو تعرضتا لاحقاً للسقوط. كانت القضية الفلسطينية، ولاتزال، في وعي الإسلاميين قضية مقدسة ترتفع في جوهرها التاريخي والإنساني إلى حد الحق المطلق الذي لا يقبل القياس أو التكيف أو الخضوع للمساومة أو التفريط، كذلك تعتبر مسائل «التغريب» و «العلمانية» و «الفساد» في معايير الحكم الإسلامي. فتشيلر متغربة وعلمانية ومتهمة بالفساد واختلاس الأموال العامة وبالتالي فهي بالنسبة إلى مقاييس الإسلاميين أحد رموز الأتاتوركية التي جلبت الويلات على تركيا وأطاحت بمكانتها الاستراتيجية الإقليمية والدولية، ودفعت بها من قوة كبرى في مطلع القرن الماضي إلى قوة إقليمية محدودة التأثير في نهاية القرن. ربما يعتبر بعض المحللين أن تركيا دولة إسلامية غير عربية وأنه لا شأن لها ولا تأثير لحوادثها في الحياة السياسية العربية من ناحية تشكيل الوعي أو على الأقل المساهمة في إنتاجه وتحديد أولوياته. يجانب الرأي المذكور حقيقة الأمر، فتركيا مثلها مثل القوى الإقليمية الكبرى، العربية وغير العربية، كمصر وإيران، تلعب حوادثها سلسلة أدوار في إنتاج الوعي السياسي في المنطقة العربية، وتعتبر القوى المذكورة بمثابة النموذج – القدوة لقوى العالم العربي – الإسلامي. ليس جديداً القول إن الانقلابات العسكرية التي هبت على المنطقة العربية منذ عشرينيات القرن الماضي استمدت نموذجها من عناصر التجربة الأتاتوركية التي اعتمدت الأسلوب القهري في تحقيق التحول القسري الفوقي في عاصمة السلطنة العثمانية. فالأسلوب الانقلابي، إلى المنهج العلماني الاستبدادي الذي اعتمده أتاتورك شكلا قدوة سيئة للنخب العسكرية والعلمانية في المنطقة العربية التي حاولت تقليد التجربة التركية في التعاطي مع المجتمع وبالتالي عزله عن السياسة واستبعاده من حركة الدولة وقراراتها وتصوراتها. في مقاله «قراءة جديدة للشرق الأوسط» يعتبر المستشرق برنارد لويس أن تركيا هي الدولة الوحيدة في العالم الإسلامي «استمرت فيها الديمقراطية تعمل وتنمو على رغم الصعوبات والعقبات، ففي تركيا لم تأتِ الديمقراطية موروثة من حكام امبرياليين، ولا مفروضة من أعداء منتصرين، كانت اختياراً حراً من الأتراك أنفسهم». (قراءات سياسية، مصدر سابق). وقياساً على القراءة المذكورة يمكن تحليل ما حصل في تركيا بعد أكثر من 80 سنة إلى حد كبير ما حصل ويحصل في المنطقة العربية بعد أكثر من 80 سنة على انسلاخ المقاطعات العربية عن السلطنة. فالتجربة التركية أدت إلى نمو الدويلات وتطورها باستقلال نسبي عن المجتمع وضد حركته السياسية وتحولاته الداخلية، كذلك أخذت التجارب العربية المقلدة للمنهج الأتاتوركي الانقلابي تتجه نحو عزلة شبه مطلقة للدولة الكيانية الحديثة والمعاصرة عن حركة تحولات المجتمع وتطوره شبه الذاتي وأحياناً المستقل عن تطور الدولة، وما نلحظه من حوادث عنف وصدامات في غير بلد عربي ليس بعيداً في مناخاته السياسية عن ذاك الذي يحصل في تركيا أو ذاك الذي سبق وحدث في إيران في العام 1979. منذ الستينات تشهد تركيا خضات داخلية تعبر عن احتجاج المجتمع ضد سيطرة الدولة وإشرافها الكلي على حركة الناس وحقوقهم الفردية ومطالبهم الاعتقادية، وإذا نجح الجيش في قيادة انقلاب عسكري ضد إصلاحات عدنان مندريس وتنفيذ حكم الإعدام به ثم قيامه بانقلاب آخر في الثمانينات لتطويق تفاعلات الحدث الإيراني والسيطرة على العنف الجارف في الشارع فإنه في النهاية اضطر للتنازل جزئياً عن السلطة وإعادة الحياة المدنية والسماح للأحزاب السياسية بممارسة دورها مع احتفاظه بحقه في التدخل إذا طمحت قوى المجتمع السياسي الإسلامية إلى تعديل صلاحيات الدولة المطلقة وهويتها الأتاتوركية العلمانية. لاشك في أن أربكان اكتشف هذه المفارقة بين إعادة الحياة المدنية وفي الآن ضبطها تحت سقف سيف الأتاتوركية، وهو أمر ساهم في بلورة وعي مركب ظهر مرات جلية في فترة حكم الرئيس التركي السابق تورغوت أوزال الذي حاول موازنة الدستور الأتاتوركي الرسمي (العلماني) ودستور المجتمع الموروث تقليدياً (الإسلام) باتجاه إعادة تشكيل وظائفه ليتناسب مع حاجات الناس. يشبه القلق الذي كان يعيشه أوزال في السلطة ذاك القلق الذي بدأ يعيشه أربكان بعد فوزه كأكبر قوة سياسية نالت أكبر نسبة من المقاعد من دون أن ينال الأكثرية التي تسمح له بتشكيل حكومة تقتصر على عناصر حزبه. شكل التوازن المذكور مفارقة كبرى في وعي أربكان، فهو إما أن يرفض المصافحة ويحافظ على طهرية المقدسات ويرفض تلوثها بالسياسات الأتاتوركية وإما أن يقبل بفكرة التعايش والاعتراف بالآخر انطلاقاً من مبدأ التعددية وحق المختلف في التمثيل النيابي والحكومي. اختار أربكان التحالف المصلحي الذي يقبل بالتكيف مع الآخر شرط أن يقبل المختلف معه حقه أيضاً في تشكيل حكومة برئاسته تأخذ توازن المصالح في الاعتبار. واختيار أربكان التحالف مع المختلف على خيار القطع معه يشير إلى تطور مهم في الوعي المفارق يشبه ذاك الذي حصل على الجبهة الفلسطينية بين عرفات ورابين. فأربكان حدد أولوياته بين العزلة السياسية والانكفاء مرة أخرى إلى دائرة التجمع العصبوي المغلق وعالمه الخاص المستقل عن المحيط وتأثيراته وبين كسر الحاجز النفسي على المستويين: الدولة وحامي شرعيتها الانقلابية (الجيش) والمجتمع وحامي شرعيته التاريخية (الإسلام)، فاختار منهج الوسط الذي يجمع بين خطين ويعيد تركيب المتناقضات في سياسة شديدة التعقيد والتعرج تمزج بين الموقف المبدئي والممارسة المصلحية.   الإسلاميون ومأزق السياسة في مجال الممارسة (11) التجربة التركية ومحاولة الجمع بين المتعارضات وليد نويهض   واجهت خطوة أربكان التصالحية اعتراضات كثيرة وخصوصاً من جماعات الجهاد وتنظيمات الجماعة التي هي أصلاً لم تعترف بسياسته التسووية قبل أن ينجح في تشكيل حكومته، ففي نشرة «الفجر» أوردت أخبار أربكان وتهكمت على أسلوبه ومراهناته، فذكرت تحت عنوان «تركيا: أربكان… أحلام طوباوية» لتفسير سبب إخفاقه الأول حين كلف بتشكيل الحكومة «سقطت التجربة الديمقراطية الجاهلية في تركيا من جديد حيث أبعد حزب الرفاه بقيادة نجم الدين أربكان (79 سنة) عن السلطة على رغم فوزه فيما يسمى بالانتخابات في ديسمبر/ كانون الأول الماضي»، وأضافت «لأن الديمقراطية كما يسمونها لعبة، وهي غير إسلامية أصلاً، ولذلك يفشل الإسلاميون في كل مرة لأنهم يلعبون على أرضية لا يحسنون التعامل معها وكذلك لأنهم يلعبون وفق شروط وقواعد نظم وضعها الخصم». وتهاجم نشرة «الفجر» في العدد 13، الجيش لأنه سبق لهذا الجيش «أن مارس هوايته المفضلة في الحفاظ على شكل اللعبة ثلاث مرات عن طريق الانقلابات العسكرية وذلك سنة 1960، 1971 و1980». وتنصح النشرة أربكان «أن يستوعب القضايا السابقة ثم يرجع إلى الكتاب والسنة حتى يجد الطريقة المثلى والشرعية التي يمكن من خلالها أن يقيم حكماً إسلامياً حقيقياً لا مزيفاً، ولو فعل أربكان ذلك لما أصابه الاضطراب والتناقض…». (الفجر، السنة الثانية، العدد 13، 1996). على رغم سخرية النشرة من إخفاق أربكان الأول في تشكيل حكومته لا توضح ما هي الأساليب التي ينبغي أن يلجأ إليها غير اللعبة الديمقراطية. فالمسألة بقيت ضمن الاعتراض والسلبية ولم تتطور إلى اقتراح عملي أو ميداني غير العودة إلى الكتاب والسنة. فهي لم ترشده إلى ممارسة العنف والقوة مثلاً ولم تطالبه بالاعتماد على «أقلية» سياسية للانقلاب على الدولة وجيشها. وهذا يشير إلى انسداد آفاق البدائل وعدم توافرها حتى عند الجماعات التي تمارس العنف وترفض اللعبة الجاهلية. فور حصول المصافحة بادرت الجماعات الإسلامية وتنظيمات الجهاد إلى شن حملة ضد أربكان واتهمته بالتراجع عن برنامجه الانتخابي وبتعهده احترام أفكار مؤسس الجمهورية التركية (كمال أتاتورك) والحفاظ على اندماج تركيا بالمجموعة الأوروبية ومحاربة القوى الانفصالية إلى زيارته قبر أتاتورك وسكوته على الاتفاق العسكري مع «إسرائيل» وغيرها من النقاط التي أثارتها أيضاً القوى العلمانية المتطرفة. فالموقف الوسطي أثار حفيظة الجهتين المتطرفة والاستئصالية. الإسلاميون استنكروا تراجعه لأنه خيب آمال المسلمين وتفكيرهم باحتمال عودة تركيا «إلى ماضي مجد الخلافة الإسلامية»، واستهجن العلمانيون براغماتية أربكان لأنه خيب آمالهم أيضاً وأحبط خطة تحريضهم الجيش على الانقلاب وإنقاذ جمهورية أتاتورك من دهاء أربكان. (الفجر، السنة الثانية، العدد 17، 1996). إذاً لم تقتصر صدمة أربكان على جهة الإسلاميين بل أحدثت دوياً في جهة العلمانيين أيضاً لأن الفريق الأخير كان يراهن على الجيش لإعادة ضبط المجتمع ووضعه من جديد تحت رقابة الدولة وملاحقاتها الايديولوجية والدستورية لعناصره الاجتماعية والتقليدية. بدورها لم تلحظ جبهة العلمانيين عملية التحول وبلوغ الأتاتوركية مرحلة الشيخوخة في وقت مازال المجتمع يجدد شبابه، كذلك لم تستوعب حاجة الأتاتوركية للإسلاميين لحماية الدولة من التفكك الاجتماعي والانهيار التاريخي، انها سخرية القدر وفي الآن حاجة تاريخية. لاشك في أن أربكان التقط تلك المفارقة واكتشف أن الفترة هي مرحلة تسوية لابد منها لإنقاذ تركيا من الانقسام والتقسيم، فتركيا الآن تمر في مرحلة انتقال تتحرك فيها مختلف القوى من مدنية حديثة وأهلية تقليدية في وقت واحد، ولابد من المصالحة بينهما لإعادة تركيب الدولة وتوحيدها في سياق يندمج فيه الجديد مع القديم في شكل ثنائي. ودائماً يتضمن نموذج مرحلة الانتقال ذاك الشكل الاجتماعي الثنائي الذي يربط خصائص الهيئات الأهلية بالمؤسسات المدنية ويعيد توظيفها لتخدم مهمات محددة تلبي حاجات فترة تاريخية شديدة التعقيد، في وقت بلغت الأتاتوركية سن اليأس ولم تعد تمتلك الوسائل والحيل التي استخدمتها سابقاً لتأجيل عملية التحول التاريخية. فالجيش الذي سبق وتدخل ثلاث مرات لإنقاذ الأتاتوركية في انقلابات سنوات 1961 و1971 و1980 بات الآن في حال لا يحسد عليها، فإذا تدخل وقام بانقلابه الرابع ستكون الدولة نفسها مهددة بالانهيار الشامل والتفكك الوطني والاجتماعي، وإذا ترك السياسة للقوى العلمانية فإنها ستقود البلاد مجدداً إلى مأزق يعطي دفعة شعبية للتيار الإسلامي يجعله سيد الموقف في الانتخابات المقبلة (الانقلاب حصل وفاز الإسلاميون لاحقاً). بين الخيارين انحاز الجيش إلى خيار ثالث وهو حماية الدولة بالقوى الشعبية الإسلامية والضغط على العلمانيين للقبول بهذا الموقف التصالحي الذي يضمن توازن المصالح ويعيد تركيب الهيكل الاقتصادي والتنظيم الاجتماعي ومعادلة السلطة بشكل ثنائي تتعايش في نموذجه مختلف القوى الحديثة والقديمة والمدنية والأهلية والعلمانية والإسلامية. فالنموذج الانتقالي هو شكل مركب لمرحلة تاريخية تتداخل فيها القوى التقليدية والأنماط الحديثة، وهو بدوره يحتاج إلى وعي مركب يجمع تلك الثنائيات في فترة تشهد البلاد تغييرات تلعب فيها الأنماط التقليدية دور الدافع للتحول السياسي، فالتحديث أنتج نقيضه (الإسلام) وبات بحاجة إليه ليستكمل التحول. تمثل تركيا ذاك النموذج المتناقض الذي تتعايش في داخله تعارضات أخرى تجمع بين الموروث والجديد والتقليدي والحديث والمؤسسات المدنية والهيئات الأهلية، وكان على الدولة أن تختار بين الحل الإنقاذي وتفتح الباب للقوى الإسلامية لتلعب دورها التاريخي (تجربة الثنائي أردوغان – غل لاحقاً) وبين الحل الجزائري فتنقلب على المجتمع وتعرقل تطوره وتؤخر الاستحقاق التاريخي فترة زمنية ستكون محدودة على أي حال. فالتعارض الموجود حالياً في الجزائر وتركيا ليس خاصاً بل هو نموذج عام ومنتشر في معظم دول العالم الثالث وهو أكثر بروزاً في دول العالم العربي – الإسلامي، إذ هناك ما يشبه التساكن الثنائي بين المدينة والريف، والمناطق الصناعية والمناطق الزراعية، وبين أهل الساحل (البحر والنهر) وأهل الجبال، وبين الأكثرية الكبرى والأقليات الصغرى، وبين القوى الحديثة الحضرية والقوى التقليدية القبلية والجهوية، وبين الموروث المؤسس على الاجتماع الطبيعي وبين الجديد المؤسس على الهيئات الاجتماعية. اختارت تركيا نموذج إعادة تشكيل الشخصية التاريخية للمجتمع بإشراف الدولة الأتاتوركية ورقابة جيشها وبمساعدة قوى تقليدية معادية للنموذج العلماني، ورفضت الخيار العسكري الجزائري الانقلابي الضيق الأفق الذي لو اتبعته لكانت كلفته الإنسانية والعمرانية والاقتصادية أضعافاً مضاعفة لكلفة التسوية التاريخية التي تم تأخيرها ثلاث مرات وبات من الصعب تأخيرها مرة رابعة وخامسة. فالدولة اكتشفت عجزها وبات عليها التكيف مع البيئة السياسية – الثقافية المتوارثة لتعيد التوازن المفقود للمجتمع وتعقد المصالحة التاريخية التي أكدها وحدد شروطها حزب النهضة التونسي في برنامج مؤتمره الأخير، وهو برنامج يعكس رغبة في تكييف حاجات المجتمع مع متطلبات مرحلة انتقالية تتعايش فيها ثنائيات القديم والجديد، والتقليدي والحديث. تمثل تجربة أربكان (أسقطت بانقلاب) خطوة بالغة الأهمية في توليد صدمة سياسية ردود فعلها متباينة في مستوى اكتشاف قوانين الوعي المركب من متناقضات يمكن جمعها في حالات معينة، وهذا يمكن توقعه مهما كانت نتائج التجربة وخلاصاتها. فصدمة أربكان صدمة مزدوجة طالت المعسكرين العلماني والإسلامي وربما يمكن اعتبارها بداية تأسيس للمجتمع السياسي الذي يتشكل وعيه التاريخي من عناصر مفككة لم تجتمع سابقاً ويمكن اجتماعها مصلحياً في لحظة حصول توازن في المعادلة البرلمانية، فالتقاط اللحظة الزمنية يشكل نقطة تجاذب في الوعي الجمعي. أربكان حاول أن يركب عناصر متنافرة لإنقاذ الدولة العلمانية (الأتاتوركية) من حال الانهيار وفي الآن حاول دفع المجتمع لاستعادة دوره السياسي بعد إخفاق محاولات تغييب هويته الحضارية. ويمكن إدراج محاولة أربكان، بغض النظر عن نجاحها أو إخفاقها، في سياق الوعي التاريخي الانتقالي الذي يزاوج بين المتناقضات ويوفق بينها من دون أن تشكل انتكاسة كبرى لتجربته الطويلة. بقي السؤال ما هي خلاصات النموذج التركي النظرية وكيف يمكن فهم تلك المسيرة الطويلة؟ تمثل التجربة الأتاتوركية النموذج التاريخي لمسار المنطقة في القرن العشرين، وإذا كانت هناك فائدة من التجربة فإنها على الأقل تدلنا على كسب الوقت واختصار الوسائل حتى لا يضيع الزمن في لحظة يشهد العالم تحولات كبرى. فقراءة دروس نهايات التجربة الأتاتوركية يعود بنا إلى بداياتها عندما انقلبت الدولة (النخبة) على المجتمع وأخذت تعيد هيكلته بحسب مزاج الحاكم وتصوراته الفردية. استخدمت الأتاتوركية كل الأدوات لفصل المجتمع عن هويته الدينية – الحضارية وابتكرت كل الطرق لمنع الناس من الكتابة بأبجديتهم وفرضت عليهم أبجدية لاتينية، واختارت لهم أرقى الدساتير الأوروبية وترجمتها إلى التركية واعتمدتها كقوانين علمانية للدولة، ومنعت الاذان بالعربية، وحرمت المرأة من حرية ارتداء الحجاب، وضغطت على الرجل لخلع العمامة والطربوش، واستباحت الأقليات غير المسلمة لتحقيق التجانس في قاعدة الدولة الاجتماعية، ولاحقت الأقليات المسلمة ومنعتها من استخدام لغاتها القومية وارتداء ملابسها الوطنية… وتم كل ذلك وغير ذلك باسم التقدم والحداثة والتحديث. بدأت المسألة بتفكك السلطنة، ثم أخذت عناصر التفكيك تهدد تماسك الدولة القومية من جديد فانتهى أمر الأتاتوركية بعد أكثر من 80 سنة من التقلبات والانقلابات إلى الرضوخ للأمر التاريخي واضطرت إلى اللجوء إلى التسوية مع الواقع. وقبول المؤسسة العسكرية بأربكان الإسلامي رئيساً للحكومة بداية تحول جذري في تفكير الدولة يعود بها من جديد إلى تلك الفترة الانتقالية التي تفصل إصلاحات السلطان عبدالحميد الثاني في 1870 والانقلاب عليه في 1908 قبل الانقلاب على السلطنة في الحرب العالمية الأولى. أربكان الإسلامي يمثل عودة إلى تلك الحلقة الوسيطة بين الفترة السلطانية والفترة الأتاتوركية، وهو يمثل النموذج البديل الذي يجمع الضدين في مرحلة تحتاج تركيا إلى محاولة لتحقيق المصالحة المفقودة مع المجتمع واكتشاف قوانين التوافق والتراضي بين الدولة وهوية الجماعات التي تعيش في الوطن. بات على تركيا اليوم أن تعود، بعد أن خسرت الوقت الثمين، إلى نقطة البداية لتباشر من جديد رحلة التوافق بين الدولة والمجتمع بعد أن أخفقت التجربة في كسر الشخصية التاريخية لتركيا. فهل تستفيد الدول العربية (النخب الحاكمة) من سلبيات التجربة الأتاتوركية وتكسب الوقت لتقوم بتأسيس المصالحة السياسية بين الدولة والجماعات الأهلية أم أنها ستكرر تلك التجربة لتعود بعد حين إلى اعتماد خيارات الناس وما يتوافق مع شخصيتهم التاريخية؟ هذا هو السؤال.

 
 
 

 

الهولوكوست وإدانة ذهنية الضحية

 

 
حسن البراري (*) تاريخيا، الحدث الأكثر تأثيرا في الذاكرة الجمعية لليهود، أينما حلوا، هو حلّ هتلر الحاسم في الهولوكوست وقتل الملايين من اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية. وما من شك أن المحرقة تركت أثرا كبيرا على العقل الجمعي لليهود، وبخاصة الناجين منها. لكن، تكمن المشكلة كما يعرضها أفرهام بورغ في كتابه «المحرقة انتهت.. علينا النهوض من أنقاضها»، في أثرها على سلوك اليهود وخاصة الإسرائيليين وفي عدم قدرتهم على الثقة بالأغيار. طبعا لا بد من الإشارة إلى أن الكتاب نشر باللغة العبرية قبل عام تقريبا، لكن هنا أقدم مراجعة للنسخة الإنجليزية التي صدرت حديثا، فقيمة الكتاب ومصداقيته مستمدتان من أن مؤلفه هو أحد الشخصيات الصهيونية البارزة التي تولت مناصب رفيعة في المؤسسة الإسرائيلية، وآخرها رئيسا للكنيست لمدة أربعة أعوام، كما سبق أن شغل منصب مدير الوكالة اليهودية. ويعرض بورغ في كتابه الممتع أثر الهولوكوست على إسرائيل مع التركيز على والديه، وهما من الناجين من المحرقة، ليبيّن للقراء ما الذي يجب عمله من أجل التحرك والتعايش مع العرب بسلام. ويجادل بورغ في الكتاب أن إسرائيل أصبحت أسيرة وسجينة بهوسها وتوظيفها وإساءة استخدامها للهولوكوست كأهم مكوّن للهوية اليهودية المعاصرة. وينتقد بشدة نزع الهولوكوست من سياقها التاريخ واستعمالها كمبرر لوحشية معاملة الفلسطينيين. فكل عمل وحشي تقوم به إسرائيل تتم مقارنته بالهولوكوست من أجل التقليل من شأنه وبالتالي تتحول وحشية إسرائيل إلى عمل مقبول. وقد خلقت هذه التجربة «عقلية المحاصر»، كما سبق أن تحدث عنها الرئيس الإسرائيلي الأسبق عيزرا وايزمان عندما تكلم عن البنية الذهنية التي تتخيل أن كل العالم ضد اليهود، وبالتالي منعتهم من التقدم باتجاه السلام مع الفلسطينيين والعرب. وينتقد بورغ بشدة عدم النظر للمحرقة في سياقها الأعرض وهي جزء من حملة النازيين وعقيدتهم المتعالية والمتعلقة بتفوقهم المزعوم على بقية الأعراق. وبالتالي، يرى بورغ أن محاولات إسرائيل اختطاف واحتكار صفة الضحية دون غيرهم وأن المحرقة هي قمة معاداة السامية والتركيز على فرادة الضحية اليهودية قد دفع بإسرائيل لتبنّي طرق غير مقبولة. ويكثر في الكتاب من مقارنة إسرائيل بألمانيا قبل أن يستولي النازيون على الحكم. فالمجتمع الإسرائيلي، على حد تعبيره، هو قريب جدا من المراحل الأولية لتحطم إنسانية وحضارة ألمانيا بعد صعود هتلر للسلطة. وهنا يحذر بورغ من أن الكنيست الإسرائيلي ليس بعيدا عن تبني تشريعات مساوية لقوانين نورمبيرغ المعروفة. لا تنتهي الانتقادات في الكتاب لدرجة أنه ينتقد بشده أهم قانون أساسي في إسرائيل والمتعلق بحق العودة لليهود. لا يمكن بطبيعة الحال تناول كل محتويات الكتاب بمقالة. لكن هناك عدد من الملاحظات لا بد من أن نوردها. أولا، صدر هذا الكتاب بنسخته العبرية قبل عام وأحدث ضجة كبيرة في إسرائيل لدرجة أن أحد أعضاء الكنيست من حزب كاديما الحاكم طالب بمنع دفنه في المقابر اليهودية عندما يموت. وقد أجرى أري شافيت مقابلة معه في جريدة «هآرتس» كانت أشبه بالاقتتال وليس بالحوار برغم أنهما أصدقاء منذ ثلاثين عاما إذ وصف شافيت الكتاب بأنه معاد لإسرائيل. الملاحظة الثانية، هي أنه لو كتب الكتاب بهذا الشكل من عربي أو مسلم لاتهم بمعاداة السامية ولقامت الدنيا وما قعدت. ربما في ذلك فائدة عندما يكتب يهودي إسرائيلي بوزن بورغ كتابا من هذا النوع ليس لأنه يساعد في تعزيز الرواية العربية للأحداث التاريخية بل لأنه يصعق الإسرائيليين وبالتالي يحدث شرخا في الذاكرة الجمعية لعل ذلك يساعدهم على الخروج من البنية الذهنية التي ترى في المحرقة المكوّن الأهم للهوية اليهودية وكذلك استعمالها كمشرعن للأعمال الوحشية ضد الفسطينيين. ملاحظة أخيرة، وهي رغم أن مؤلف الكتاب معروف بمواقفه المعارضة للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، فيحق لنا أن نتساءل أين كان عندما كان في مواقع المسؤولية؟! صحيح أنه كان واضحا في موقفه المعارض للاحتلال الإسرائيلي لكن ماذا عمل من أجل ذلك عندما كان رئيسا للكنيست؟! (*) أستاذ العلوم السياسية بجامعة نبراسكا (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 24 نوفمبر 2008)

 

\Home – Accueil الرئيسي

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.