TUNISNEWS
6 ème année, N° 2072 du 23.01.2006
المرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع في تونس: رقابة غير مقيّدة على الصحف التونسية نقابة الصحفيين التونسيين: بيـــان حول حجز العددين الأخيرين من صحيفتي أخبار الجمهورية نقابة الصحفيين التونسيين: بيـــان حول اختطاف الصحفية الامريكية كارول جيل في العراق بيان المكتب الفدرالي بمعهد الصحافة
هيومن رايتس ووتش:تونس السلطة تواصل انتهاكاتهاالموقف: عضو بمجلس المستشارين يعود شارون في المستشفى الموقف: الحكومة تفكر في زيادة سعر الخبزالموقف: موظفو « اتصالات تونس » يضربون عن العمل احتجاجا على خصخصة الشركة الموقف: البلاد في أمسّ الحاجة إلى انفتاح إعلامي الجزيرة.نت: سرقة علمية لباحثة تفجر خلافا بتونس
حقائق: بعد لقائها بالسيد زكرياء بن مصطفى: الحوار عند الرابطة خيار ثابتالقاضي المختار اليحياوي: حقيقة الحصار على ارتفاع الأسعار الطيب السماتي: الإسلام هو الحل والعمل على إسقاط النظام السياسي الحالي، دون إصلاحه أفضل السبل مواطن: مــــروان! الأستاذ الحبيب المبروك: ( لنجعلها لكم تذكرة وتـعـيـهـا أذن واعية)تقرير واشنطن: أصوات عربية (ليبرالية) معارضة تجد لها منبرا في واشنطن إسلام أون لاين: فرنسوا بورجا: الخلل العالمي يُـبـقـي القاعدةالقدس العربي: الأردن يفكر بتأسيس هايد بارك وسط عمان الحياة: سمير أمين: الأميركيون يريدون لنا ديموقراطية بلا تقدم ووطنيّونا تقدماً بلا ديموقراطية
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows). |
المرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع في تونس
تونس في 22 جانفي 2006
رقابة غير مقيّدة على الصحف التونسية
ينبّه المرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع إلى ما عمدت إليه السلطات التونسية بمصادرة العدد الأخير من صحيفتين أسبوعيتين ومجلة ثقافية شهرية.
فقد تولّى يوم الخميس 20 جانفي 2006 أعوان الأمن بالزي الرسمي والمدني بمصادرة العدد 343 من جريدة الموقف (معارضة، لسان حال الحزب الديمقراطي التقدمي) والعدد 799 من جريدة أخبار الجمهورية (خاصّة) من نقاط البيع في كامل جهات البلاد وحجزه.
وهو ما حصل كذلك في بداية الشهر الجاري بالنسبة إلى عدد جانفي 2006 من مجلة الحياة الثقافية الشهرية التي تصدرها وزارة الثقافة التونسية.
ولا تقوم السلطات التونسية عادة بإبلاغ مسؤولي النشريات الصحفية بأسباب عملية الحجز وتكتفي بمنع تداولها دون إعلام رسمي. فلم تتلقّ إدارة جريدة الموقف أيّ إشعار بأسباب هذا الإجراء، وغالبا ما يتم حجز معظم نسخ الجريدة من الباعة وتسليمها لهم عشية استرجاع الموزّعين لها.
ويقول صحفيّو أخبار الجمهورية أنّ عرضها لخلفيات المشكلة القائمة بين إحدى الشركات الصناعية الميكانيكية ووزارة النقل البرّي بالإضافة إلى افتتاحية مدير الصحيفة الموجّهة إلى الوزير الأوّل كانت وراء عملية المصادرة.
ويُعتقد أنّ افتتاحية مدير تحرير مجلة الحياة الثقافية في نقد السياسة الثقافية وراء سحبها هي الأخرى.
وتنفي السلطات التونسية رسميّا باستمرار ممارستها للرقابة أو مصادرة الصحف وحجزها.
وكان مجلس النوّاب قد صادق في 9 جانفي 2006 على تحوير بمجلّة الصحافة يقضي بأن لا تخضع للإيداع القانوني النشريات الصحفية اليومية والدورية والمجلات الصحفية والدورية التونسية، غير أنّ وزارة الداخلية تقوم بمصادرتها بعد أن تصل إلى الأكشاك.
كما تقوم السلطات التونسية بمنع بعض الصحف الأجنبية، وخاصة الفرنسية، من التداول في تونس عند تطرّقها للشأن السياسي التونسي.
والمرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع:
– يعتبر أنّه بعد إلغاء سلطة الإيداع القانون المفروضة على الصحافة، انفرد وزير الداخلية وحده بمقاييس المحظورات التي هي معايير الرقابة الأمنية والسياسية فقط.
– يطالب بحذف الفصل 73 من مجلة الصحافة الذي يخوّل لوزير الداخلية صلاحيات غير مقيّدة لحجز كلّ عدد من دورية أو صحيفة يعتبره « من شأنه أن يعكّر صفو الأمن العام ». ويطالب بأن تسند تلك الصلاحيات إلى سلطة القضاء.
– يستنكر احتجاز هذه النشريات، ويعتبره دليلا على تسلّط الرقابة على العمل الصحفي وانتهاكا لحريته.
– يعتبر أن مصادرة حرية الصحافة في تناقض صريح مع كل القوانين والضمانات الوطنية والدولية لحق التعبير والكتابة والنشر ويطالب السلطات التونسية بوضع حد عن هذه الممارسة التعسفية.
عن المرصد
الرئيس
د. محمد الطالبي
نقابة الصحفيين التونسيين 11 نهج الحبيب ثامر تونس
نقابة الصحفيين التونسيين 11 نهج الحبيب ثامر تونس
عمدت السلطات إلى حجز العددين الأخيرين من صحيفتي أخبار الجمهورية و الموقف مما أثار العديد من التساؤلات لدى صحفيي المؤسستين و الصحفيين التونسيين عامة حول الأسباب الحقيقية لحجز الصحيفتين.
ان نقابة الصحفيين التونسيين تعبر اثر هذا الاجراء عن :
– استنكارها لهذا الأسلوب في التعامل مع الصحف الذي يتناقض مع الخطاب الرسمي و مع القانون الذي يحدد الأسس القانونية في التعامل بين مختلف الأطراف في قطاع الإعلام.
– تضامنها مع الزملاء الصحفيين العاملين في الصحيفتين، اعتقادا منها أن توقيف الصحف لا يساعد على تحسين أوضاع الصحفيين يحول دون توفير مناخ ملائم لحرية الرأي و التعبير.
و بالمناسبة تدعو نقابة الصحفيين التونسيين السلطات إلى الكف عن هذه الإجراءات الزجرية و تحكيم القانون لتحديد مسؤولية كل طرف.
عن الهيئة التأسيسية
الرئيس
لطفي حجي
تصادف اليوم اصدار تقرير الاتحاد الدولي للصحفيين حول تزايد المخاطر التي تهدد حياة الصحفيين في العالم وتستهدف
حياتهم مرور اكثر من اسبوعين علي اختطاف الصحفية الامريكية كارول جيل في العراق
ونقابة الصحفيين التونسيين اذ تناشد الخاطفين اطلاق سراحها والاستجابة للنداءات الدولية فهي تعبر عن:
انزعاجها للارقام الواردة بتقرير الفيج والتي تبين ان السنة الماضية قد كانت اكثر السنوات دموية بالنسبة لصحفيين اختاروا.
. المخاطرة بحياتهم من اجل القيام بالواجب وكشف الحقائق وكذلك
تؤكد مساندتها للمجهودات التي تبذلها المنضمات العربية والدولية لحماية الصحفيين
تضم صوتها للاصوات التي تطالب السلطات الامريكية بفتح تحقيق مستقل حول مقتل الصحفيين الذين سقطوا برصاص 8قواتها في العراق وباعتبار ان هذه المنطقة تعتبر اكثر المناطق خطورة حيث تؤكد الجنة الدولية لحماية الصحفيين ان ا عديد الصحفيين تعرضوا للاحتجاز من طرف القوات الامريكية او للقتل وذلك دون سبب فان النقابة تدعو هذه قوات الاحتلال الي الكف عن اعتبارالصحفيين طرفا في الحرب
بيان المكتب الفدرالي بمعهد الصحافة
هيومن رايتس ووتش: السلطة تواصل انتهاكاتها
تونس
أهم المقالات المنشورة في العدد الأخير من صحيفة « الموقف » الأسبوعية
(العدد رقم 343 الصادر يوم 20 جانفي 2006) الذي وقع سحبه فورا من الأسواق.
افتتاحية كلاب مسعورة
عضو بمجلس المستشارين يعود شارون في المستشفى
الحكومة تفكر في زيادة سعر الخبز
وفد من الرابطة يلتقي السيد زكرياء بن مصطفى
إلتقى وفد من الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان برئاسة الأستاذ المختار الطريفي بالسيد زكرياء بن مصطفى رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، و ذلك في إطار المهمة التي كلف بها السيد بن مصطفى من قبل رئيس الدولة للإستماع إلى منظمات المجتمع المدني و الأحزاب السياسية. و عرض الوفد على السيد بن مصطفى مشاغل الرابطة فيما يتعلق بالوضع الداخلي وخاصة ضرورة تمكين الرابطة من عقد مؤتمرها السادس بكل إستقلالية و في أقرب الآجال و رفع الحصار المضروب على فروعها وتمكينها من التمويل المخصص لها، كتمكينها من لعب الدور الذي هي به جديرة كمؤسسة تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان وتنشر ثقافتها، كما عبر الوفد عن انشغال الرابطة بخصوص وضع الحقوق و الحريات و خاصة حرية التنظم و التعبير و الصحافة، و حول استقلال القضاء و الوضع في السجون و ضرورة إطلاق سراح المساجين السياسيين و سن قانون العفو التشريعي العام.. و جدد وفد الرابطة فيهذا اللقاء التأكيد على إيمانه بالحوار كخيار ثابت لحل كل الإشكالات القائمة متمنيا أن تواجه السلطة هذا التمشي بنفس الروح.
موظفو « اتصالات تونس » يضربون عن العمل احتجاجا على خصخصة الشركة
البلاد في أمسّ الحاجة إلى انفتاح إعلامي
سرقة علمية لباحثة تفجر خلافا بتونس
نصاب زكاة المال 1670 د والمقدار الواجب إخراجه 5ر2 بالمائة
يعلم مفتى الجمهورية التونسية فى بلاغ اصدره اليوم ان نصاب زكاة المال لسنة 142 7 هجرى ،2006 ميلادى التى تعد ركنا من الاركان الخمسة للاسلام قد قدر فى مفتتح شهر المحرم للعام الهجرى الجديد بالف وستمائة وسبعون دينارا 1670 د، وان المقدار الواجب إخراجه بعد حلول حول كامل وتوفر النصاب هو بنسبة 2 فاصل 5 بالمائة. وتضمن البلاغ تفاصيل حول زكاة الزروع والثمار وحول زكاة الماشية بمختلف انواعها من ابل وبقر وغنم. وجاء فى البلاغ ان فى تشريع الزكاة معان سامية منها تحقيق مبدا التكافل الاجتماعى وتقوية مشاعر التازر والانسجام بين افراد المجتمع وهو سلوك تجذر بين التونسيين جميعا واضحى سجية من سجايا المجتمع بفضل حكمة القيادة التونسية الرشيدة فى العهد الجديد المبارك. (المصدر: موقع « أخبار تونس » الرسمي بتاريخ 23 جانفي 2006)
الحوار عند الرابطة خيار ثابت
سمينار الذاكرة الوطنية مع الأستاذ الطاهر بوسمة
حول مذكرات والٍ
السبت 18 فيفري 2006 على الساعة التاسعة صباحا
حقيقة الحصار على ارتفاع الأسعار (*)
المختار اليحياوي
تونس ظمأى حسا ومعنى، كما عندما يعز الماء في أوج العطش حتى ليصدق في حالها القول « قطرة ماء خير من كنز ». العطش الذي نعنيه، والذي بلادنا تعانيه من أدناها إلى أقصاها في مدنها و في أريافها و في كل صوب ولدى كل فرد، لا يبحث عن ماء يبل الريق بقدر ما يبحث عما يشفي الغليل. يبحث عن شيء لا نعرفه و لكننا نحس أننا في أشد الحاجة إليه لترتوي عقولنا و تعود الروح لوجداننا. إنه التعطش للحرية.
ربما يظن البعض أننا نهذي هراء، و أن البلاد بعيدة عن الشعور بهذه الحاجة الإنسانية الخاصة بالشعوب الرقيّة. يعتقدون أننا مازلنا من أولائك الذين لا تعني الحرية بعد لهم سوى طعام يسد رمقهم أو رداءا يستر عورتهم و أننا لم نتجاوز هـمّ البطون.
و لأننا وصلنا فعلا إلى مرحلة الحاجة الأكيدة للحرية، لا نشك في أننا سندركها. و لا يكفي لذلك مجرد الكلام و لا حتى الإضراب عن الطعام. بل أننا بحاجة إلى أن نعي الثمن الذي سنبذله من أجلها. لأننا حتما سندفع قيمتها كاملة غير منقوصة. و هل لنا أن ندرك قيمتها ما لم نعي قيمة ما نخسره من غيابها. و لماذا بقدر ما يرتفع صوتنا للمطالبة بها يزداد أعدائها إصرارا على غلق كل منافذها وإحباط ما بزغ من الأمل في تحققها؟
بالنسبة لبلد منتوجه الوطني الأول وأساس غذائه يتضاعف سعره في ظرف سنة رغم وفرته حتى تصبح اللتر الواحدة من زيت الزيتون تساوي أجر يوم عمل على الأقل بحساب الأجر الذي يعيش عليه عامة التونسيين .. لا شك أن غياب الحرية يقودنا إلى الجوع لا إلى تخمة الأغبياء كما يعدون.
وبالنسبة لبلد ينتج تقريبا بقدر ما يستهلك من البترول فتطبق عليه دولته مؤشر ارتفاع السوق الدولية كأننا غرباء من اليابان أو أمريكان لا شك أنه علينا الرجوع لمركباتنا المجرورة بالبغال و أن غياب الحرية سيقودنا إلى القنديل و الكانون عكس ما يدعون أننا متقدمون.
و الأمثلة من هذا القبيل لم تعد تحصى و لا عادت أسعار المضاربة و الاحتكار تحتاج إلى دليل أو تتسع لمقال في إجحافها بهذا الشعب الصامت الذليل الذي يكادون يعيرونه بأنهم يطعمونه بالسلف والتقسيط حتى صارت حاجتنا للحرية لا للدفاع عن حقنا في أن نأكل كما حدث في انتفاضة الخبز منذ سنين بل للدفاع عن أنفسنا قبل أن نفترس و نُـؤكل.
غلاء الأسعار الذي نخشاه ليس غلاء الخبز و الزيتون كما يتظاهر بالدفاع عنا بعض المتخلفين كشعب « مغبون ». و لكن مؤشر الغلاء الذي فاق كل ما يمكن أن يتصوره العقلاء إنما أصبح يخص تكلفة الحاكم على المحكوم و الكارثة التي أصبح يشكلها كل مسئول في ضل غياب المعايير و احترام القانون.
ولسنا نقصد غلاء أجره؟ فهذا نحتمله و لكنه آخر همّه. فهل رأيتم في حياتكم مسئولا يطالب بالترفيع في جرايته أو يتذمر من مقابل خدمته؟ إن ما يزعجنا من تكلفة من يحكموننا أننا لم نعد نثق في جدوى عملهم بسبب إخفاقهم في الاضطلاع بدورهم لأننا صرنا نتحمل تكلفتهم دون أن نغنم شيئا من خدمتهم بعد أن أصبحوا رهائن .. ولاؤهم لمن نصبوا أنفسهم أولياء لنعمتهم لا يرعون غير مصالحهم و لا يعتبرون غير ما يروق لهم و لا يأتمرون بغير تعليماتهم حتى أصبحت المسؤولية تذيل وتبعية حكرا على من تجري ساقه في الركاب نتيجتها الإفساد لمصالح البلاد و انتهاك وغصب لحقوق العباد.
وهذا الجانب ليس سوى الجزء اليسير من الكارثة الوطنية التي أصبح يشكلها أصحاب المسؤوليات في عصر الإقطاعية السياسية. فالمسؤولية لم تعد مجرد وضيف مقيد بشروط الخدمة العامة بل أنها أصبحت صفة خارج السلّم لا يطالها القانون تعرف أنها دائمة ما دامت الحظوة و مستثناة من أن يطولها أي حساب أو مراجعة لتقيدها بالإجراءات.
هذا الوضع الذي أصبح عليه المسئول خوله ما ليس من متعلقات خطته حتى أصبحت تكلفته تغطي ما تتكلفه زوجته و مطلقاته و عشيقاته و أبنائه و بناته و أبناء الزنا من خليلاته و أصهاره و أهله وعشيرته و أصحابه و أترابه وكل من يرغب أن يشمله بنعمته من عملاء و عيون و آذان يبثهم حوله لحماية مركزه و أسياده من ذوي الفضل عيه و رعاته يتملق لهم للارتقاء في منصبه بالعطاء بما يرضي منزلة الوجهاء عساهم يذكرونه رغم تفاهته وعلمهم بشراسة نهبه.
كل هؤلاء لا يشبعون للنهب دائما متأهبون هاجسهم الإكثار من تملك الربع و العقار و الفوز بالأسهم الرائجة في البورصات و غنم الصفقات و السفر ببلاش في المأموريات في ظاهرها لحضور المؤتمرات و الندوات وفي حقيقتها نزهات وجولات تسوق على حساب من ضاع منهم كنش الحساب. ألذ كسبهم المال الحرام و اغتصاب أرزاق الغلابة و الضعفاء باسم العدالة و حكم القضاء.
لا هم لهم سوى توظيف زوجاتهم و أبنائهم على حساب ميزانية البلاد في ما لا تؤهلهم لهم كفاءاتهم حتى أصبح صنفهم أصحاب جرايات بدون خطط أو مطلوب منهم خدمات يعرفون بحسن البلاء في توظيف صيت الآباء و التباري في غنم الشقق الفاخرة و البذخ في تأثيثها و عدد الضياع في الأرياف و منازل الاصطياف و السيارات الفاخرة الجديدة و إقامة الحفلات و السهرات النابضة بالأبهة و الرخاء نكاية في الحاسدين و الأعداء.
* * *
دعكم من شاعرية المقال وسجع الأقوال و انظروا حولكم أيمنا وجدتم مسئول، من أصحاب الحكم مقبول، يغالي في الولاء و تكال له عبارات الثناء إلاّ و اكتشفتم أنني قصرت في حقه و لم آتي بكل ما يليق لوصف وضعه و انظروا حالكم ترون أين اختفى ما ضيق عليكم سبل الحياة الكريمة، تعوزكم الملاليم و تؤثث أحلامكم المليارات و الدولارات. كلها أنياب و مخالب حولكم، أفواه ملهوفة و جيوب بلا قاع مفتوحة على النهب قدر المستطاع باسم حرية التجارة و الاستثمار و انفتاح السوق و عصر الازدهار و العولمة الاقتصادية و نجاح خطط التنمية العبقرية و لا يغركم المديح ما يحكم تجارتهم في سوقنا غير مباح.
هكذا تشكلت المافيات المختصة في نهب البنوك و تفليس شركات التأمين حيث تستقبل بالترحيب و تعطى ما تريد بدون ضمان أو كفيل و الكل يعلم أنها بلا رصيد و غير قابلة للتسديد بل ستعود لتطلب المزيد ( تراجع قائمة الديون الغير مستخلصة التي تسربت عن البنك المركزي). وبدأنا بتجارة الموز بخمسة دنانير الكيلو حتى اكتسحت تجارتهم كل الأسواق و انتشرت على الأرصفة و حواشي الطرقات تحميهم الديوانة من مراقبة الجمارك و دفع الأداءات و مصالح المراقبة الإقتصادية و البلدية من جميع الأتاوات معفيون من الأداء عن الدخل و عن النشاط لأنهم ببساطة غير موجودون بالنسبة لكل العيون حتى أصبحنا لهم أعوان في ترويج ما يهربون يبنون لنا الأسواق المخصوصة في كل مدينة حتى يسهل حرقها كلما خف الطلب و لا نطمح لأكثر يجب و صارت المعامل تغلق لنتحول لباعة متجولين أصحاب الكردونة نفتك الرصيف متخصصين في رشوة أعوان الدولة و البوليس من لا نرتشيه يأخذ عنوة ما لا نعطيه و كل القضية تمثيلية هم يكذبون و يعرفون أننا نعرف و نحن نعرف أنهم يعرفون بأننا عارفون و لكنها مظاهر ضرورية حتى تبدو كأنها دولة صاحبة قانون و كأنها تطارد أصحاب التجارة المعفية و صدق من قال تجارة السلطان مهلكة للرعية.
* * *
نحن بحاجة لحرية التعبير لنقول كفى، لنضع النقاط على الحروف و نقول كل الأسماء نحتقر صحافة السفهاء المتكسبين بالأراجيف كما نكره صحافة التشديد و التخفيف من سماسرة السياسة و الساعين للرياسة لـيـُدمـوا بأنيابهم في حق هذا الوطن بأشد مما حاق به من محن.
نحن نريد كشف سوق الدعارة في هذه الأمارة و فضح المتواطئين من أصحاب المواقف الذليلة المتألهين بالظالمين و الطامعين في التحول على شاكلة هكذا مسئولين. نحن بحاجة إلى فضح أصحاب الإدارات العمومية التي حولوها لأكشاك قضاء الحاجات الخصوصية للمقربين و المحضوضين ولازدراء و انتهاك حقوق عامة المواطنين. نريد رفع الغطاء على السفهاء ممن يحتكرون المجالس في البرلمانات و القضاء و البلديات و النقابات و الأحزاب و الجمعيات و لا يتورعون عن الثناء على سياسة النهب و التضييق على المحرومين و الضعفاء و التشريع للفساد و التآمر على حقوق و مصالح العباد حتى لا يراودهم شك في ما نضمره لهم من احتقار و ما نعده لهم مهما طال الانتظار. حتى لا يبقى الكلام لمجرد الكلام لا بد أن يدرك كل أصناف هذه الأجلاف أننا لسنا نحن من يخاف لعل الناس يتنفسون الصعداء و يدركون أن ما نعنيه بالحرية ليس ما تلغو به بعض النفايات البشرية عسى أن يدرك أصحاب القرار أنه لم يبقى من معنى لهذا الحصار.
عندما ندرك بجلاء التكلفة الحقيقية لهذه الدكتاتورية نعي جيدا ما يقتضيه ثمن الحرية لنعود بالخطاب لواقع البلاد و نواجههم على ميدانهم في كل ما يمضون و ما يقررون و ما يشرعون فتلك حقيقة الأسعار على ارتفع الأسعار و من المصلحة الوطنية أن نقولها بكل شفافية : بلادنا لم تعد تقوى على تحمل تكلفة هذه الدكتاتورية.
المختار اليحياوي
تونس في 23 جانفي 2006
(*) هذا النص تحية لكل الذين ساندو إضراب الطعام من أجل الحريات الديموقراطية و تفاعلوا مع روحه و مغازيه كما انه إعلام باعتذار لأنني قد حسمت أمري عن روية على الانسحاب من الهيئة المنبثقة عنه.
(المصدر: مدونة القاضي مختار اليحياوي بتاريخ 23 جانفي 2006 على الساعة 10 و7 دقائق صباحا)
وصلة الموضوع: http://www.yahyaoui.blogspot.com/2006/01/cliquez-pour-agrandir-limage.html
« فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيبا »……
صدق الله العظيم .المعا رج.الآية 5،6،7
الطيب السماتي
مــــروان!*
( لنجعلها لكم تذكرة وتـعـيـهـا أذن واعية ) *
الأستاذ الحبيب المبروك – سويسرا
لمّا أوكل الأمر إلى غير أهله بقصد أو بغير قصد ، وصار يقول في الدّين من يعلم ومن لا يعلم وتحولت المسائل الشّرعيّة المتّفق عليها في ديار الإسلام شرقا وغربا الى جلبة مفتعلة » سوق ودلال » باللهجة التّونسية يزيد الكلام فيها وينقص دون خوف ولا وجل من الله سبحانه وتعالى ولا استحياء تحت شعار « الحداثة والتنوير » ذلك القناع الزائف الذي لا زال يتخفى وراءه اللادينيون وأدعياء التدين السطحي المائع زورا وبهتانا مخفين وراء ذلك أفكارهم الضالة والمضللة والمعادية لثوابت الدين الإسلامي الحنيف وأصوله الخالدة الواردة في كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وكذا في السنّة النبويّة الشّريفة …
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ان الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتّى اذا لم يبق عالما اتخذ النّاس رؤوسا جهّالا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا ) » حديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم «
فلا غرابة أن نسمع أو نقرأ ما يشكّك النّاس في دينهم من قبل بعض المتمّردين على نصوص الشّريعة القطعيّة في محاولات إقناع فاشلة وغير بريئة وفاقد الشيء لا يعطيه …
وما دام الخمار أو الحجاب في نظر بعض العقول القاصرة عن فهم مراد الشارع الحكيم « دخيلا » عن المجتمع التونسي و « نِشازا » و » زيّا طائفيّا » … فلا غرابة أن نسمع في القريب القريب بـ : « قرآن تونسي » و « سنّة تونسيّة » ( أستغفر الله العظيم ) على شاكلة التدين الرسمي التّونسي المختزل في لبس الشاشية والجبة التونسيتين لمصّليي الأعياد والمناسبات …
نحن نحبّ تدينا تونسياّ يرضي الله ورسوله وفي مستوى القرآن والسّنّة يجعل التونسيّ فخورا بدينه وتدينه ويرفع من شأنه بين الشعوب رفعة منارة الزيتونة وشموخها ومجد رجالها الأشاوس …
فأين « حامي الحمى والدّين »! من قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( ألا وانّ لكل ملك حمى ألا وان حمى الله محارمه ) وأين »راعي الديّار التّونسية » ! من قوله صلّى الله عليه وسلّم : ( كلكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته) …
وأين » ردّ الاعتبار لجامع الزيتونة المعمور » أمام ما ينشر علنا ويصرح به تنطعا جالبا ويلات عاقبتها وخيمة لا يعلمها الا الله …
سويسرا، 22 جانفي 2006
(*) الآية 12 من سورة الحاقة
أصوات عربية (ليبرالية) معارضة تجد لها منبرا في واشنطن
تقرير واشنطن- محمد المنشاوي
في نوفمبر 2003 أنهى الرئيس الأمريكي جورج بوش سياسة خارجية أمريكية اتبعت لنصف قرن من الزمان بإعلانه « أن الاستقرار لن يشترى على حساب الحرية ». أمريكا كما ذكر الرئيس الأمريكي « ستتبنى إستراتيجية من أجل نشر الحرية في الشرق الوسط ». كانت تلك مقدمة برنامج ندوة لمعهد أمريكان إنتربرايز www.aei.org عقدت في العاصمة الأمريكية الأسبوع الماضي تحت اسم « معارضون وإصلاحيون من العالم العربي ». ومعهد أمريكان إنتربرايز من أهم القلاع الفكرية للمحافظين الجدد الذين يلعبون دورا هاما في الإدارة الأمريكية الحالية.
وكما ذكرت مقدمة برنامج الندوة دانيل بليتكا نائبة رئيس المعهد لشئون دراسات السياسية الخارجية وسياسة الدفاع أن الإستراتيجية الأمريكية التي تتبنى الحرية الأمريكية لن يكتب لها النجاح دون وجود الكثيرين من العرب الذين يحملون مشاعل الحرية من أجل التغيير في بلدانهم. وخلافا لما هو دارج، هناك الكثيرون من نشطاء الديمقراطية في دول الشرق الأوسط ينخرطون الآن في معارك متواصلة من أجل الحريات الفردية، والاقتصاد الحر وسيادة القانون. وهؤلاء النشطون العرب كما ذكر برنامج الندوة يخاطرون بتعريض أنفسهم للزج في غياهب السجون، هؤلاء الأفراد هم أعمدة بناء الشرق الأوسط الجديد ويمثلون الأصوات الأصيلة المعبرة عن الشعوب العربية.
صوت مصري
بدأت الندوة التي استمرت من الساعة الـ9 صباحا حتى الـ12 من يوم الجمعة ال13 من يناير وتخللها فاصل قصير مدته 10 دقائق بكلمة للدكتور سعد الين إبراهيم من مصر. وتحدث الدكتور إبراهيم عن أهمية عام 2005 في العالم العربي ووصفه بعام الانتخابات، وأستشهد على ذلك بأجراء انتخابات في العديد من الدول العربية منها فلسطين والعراق ومصر ولبنان، فضلا عن الانفتاح التي شهدته دولا محافظة مثل السعودية والكويت وقطر. وأضاف الدكتور سعد الدين أن هناك حركة ديمقراطية تتجه للأمام وأن هناك ديناميكيات جديدة مشجعة في العديد من الدول العربية. والأهم من كل هذا ورغم أن ربيع الحرية لم يحن موعده بعد في مصر كما يقول الدكتور إبراهيم إلا أن حاجز الخوف لدى المصريين قد انكسر.
وتحدث الدكتور سعد الدين إبراهيم عن ضرورة عدم الخوف من نجاح الجماعات وحركات الإسلامية في صناديق الاقتراع، حيث إن هناك تطورا كبيرا حدث مؤخرا في فكر هذه الجماعات في الفترة الأخيرة وفعلا أصبح خطابها خطابا يدين العنف ويعني بمد الجسور إلى الآخر ومستعد للقبول باللعبة الديمقراطية وقواعدها المتعارف عليها دوليا.
وتحدث كذلك عن الصعوبات التي تواجه الليبراليين المصريين في جهودهم لتعبئة الجماهير خلفهم وخلف برامجهم، مقارنة بالسهولة التي يتمتع بها الإسلاميون من خلال شبكة تتكون من 100 ألف مسجد من جهة والسهولة التي يتمتع بها التكنوقراط من الأنظمة الحاكمة في الدول العربية من جهة أخرى. وذكر الدكتور سعد الين أنه من الصعوبة بمكان عقد تجمع من الليبراليين المصريين أن يعقدوا اجتماعا عاما لحشد الأنصار بسبب المضايقات الأمنية، وعدم قانونية التجمعات السياسية، على الرغم من تمتع الإسلاميين بالحق نفسه من خلال شبكة المساجد.
صوت ليبي
تحدث المعارض والناشط الليبي محمد الجهمي عن أخطاء السياسية الخارجية الأمريكية التي ترى في التعامل مع النظام الليبي ما يخدم المصالح الأمريكية المتعلقة بالحرب على الإرهاب، تلك السياسة التي ترى أن تخلص النظام الليبي طوعيا من أسلحته الكيمائية دليل على ذلك. ويري الجهمي أن المصالح الأمريكية ستتأثر سلبا بالانفتاح على نظام العقيد القذافي الذي يبرز بصورة كبيرة في عودة فتح السوق الليبية أمام الشركات الأمريكية وخاصة في قطاع الطاقة. ومبادرة النظام الليبي الداعية لإتاحة الفرصة أمام المئات من طلابها لتلقي التعليم في الولايات المتحدة ليست إظهارا لحسن النية والتقرب للولايات المتحدة، حيث سيضم هؤلاء الطلاب الكثير من عملاء المخابرات الليبية الذين سيكون من أهدافهم مراقبة الليبيين الأمريكيين والاتصال بالجماعات المتطرفة داخل الولايات المتحدة.
ونسب المعارض الجهمي إلى النظام الليبي ارتكاب الكثير من الانتهاكات التي نسبها للعقيد معمر القذافي بصفة شخصية. ويرى الجهمي أن سلوك القذافي لم يتغير بعدما تخلص من أسلحته الكيمائية، بل على العكس رأي المتحدث أن سلوكيات النظام الليبي أصبحت أكثر قمعا للمعارضين ودعاة الإصلاح . ومن المعروف أن شقيق السيد محمد الجهمي « فتحي » معتقل سياسي بأحد السجون الليبية على خلفية مطالبته بإجراء بعض الإصلاحات الديمقراطية في مقابلة تلفزيونية على شاشة قناة الحرة الأمريكية. وعدد المتحدث الليبي تاريخيا سلسلة من انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا منذ تسلم العقيد القذافي الحكم عام 1969. وندد كذلك بتصديق مقولات النظام الليبي بخصوص التعاون الأمني ضد الإرهاب العالمي في أعقاب حوادث 11 سبتمبر 2001، وقال « إنه إذا ما أرادت الولايات المتحدة أن تكسب عقول وقلوب العرب، فعليها أن تتبنى نهجا متسقا موحدا في التعامل مع انتهاكات النظم الحاكمة في العالم العربي ». وذكر المتحدث بعدم موضوعية النظرة الليبية للانتهاكات الديمقراطية في ليبيا وأستشهد بتدخل الولايات المتحدة وإدانتها لاغتيال الصحفي اللبناني سمير قصير في وقت لم تحرك ساكنا لاغتيال الصحفي الليبي ضيف الغزال.
صوت تونسي
تحدثت السيدة نايلة حشيشة عن الحالة التونسية وكونها ليست واضحة في الرادار الأمريكي الخاص بديمقراطية الشرق الأوسط. وذكرت أنه ليس هناك منظمات مجتمع مدني مستقلة يمكن أن تعمل بحرية. وتساءلت المتحدثة عن جدوى الانتخابات الحرة التي تستغل من قبل الإسلاميين حيث هم القوة الوحيدة المنظمة في تونس. وترى السيدة نايلة أن في ظل سيطرة نظم الحكم الديكتاتورية لا توفر الانتخابات الحرة حلا ديمقراطيا، حيث تصبح الانتخابات وسيلة غوئائية للوصول للحكم عن طريق الفوضى.
وذكرت أن حرية التغيير منعدمة إلى جانب عدم وجود حرية للتجمع وتساءلت كيف يمكن أن يحدث تطور في غياب وجود ممارسة ديمقراطية على المستوى الشعبي.
وتنادي الناشطة التونسية بضرورة تحييد الدين في المجتمعات السياسية العربية وضرورة أن لا يسمح باستغلاله سياسيا قبل إجراء انتخابات حرة. ويتم ذلك بعد السماح بحرية وجود منظمات المجتمع المدني التي تعمل بحرية وشفافية في مجتمع حر. وعن العامل الخارجي، ذكرت السيدة نايلة أن الضغط الخارجي على النظم الأوتوقراطية ضرورة هامة لدعم المعارضين والإصلاحيين في الداخل. ونادت نايلة كذلك بضرورة استغلال شبكة الإنترنت (بسبب كونها شبكة ووسيلة ديمقراطية) من أجل خلق مجتمع مدني دولي يساعد في خلق إدراك بالمعايير الدولية الديمقراطية الواجب إتباعها والعمل على نشرها في النظم غير الديمقراطية.
وقالت نائلة إنها تشعر كمواطنة تونسية بانتمائها لمنطقة حوض المتوسط أكثر من شعورها بالانتماء للعالم العربي الإسلامي.
صوت كويتي
كان الصوت الكويتي في هذه الندوة هو السيدة رولا داشتي التي ذكرت في كلمتها أنه رغم أن الحكومة الكويتية أبدت رغبة قديمة في منح المرأة مزيدا من الحقوق السياسية فإن تحالفا من أعضاء البرلمان من ممثلي العشائر والإسلاميين وقفوا مرات عديدة ولسنوات طويلة دون إقرار مشروع قانون يمنح المرأة هذه الحقوق التي حصلت عليها مؤخرا في عام 2005.
وتعتقد السيدة رولا داشتي أن مطالبة النساء بحقوقهن يصب في خير الدولة الكويتية وتطورها، حيث ستثير النساء قضايا جديدة ويحملن وجهات نظر مختلفة، وترى أن معيار التقدم الديمقراطي في أي من الدول العربية يجب قياسه بناء على مدى منح المرأة حقوقا متساوية كتلك الممنوحة للرجال.
وركزت الناشطة الكويتية في كلمتها على مهاجمة الإسلاميين والجماعات السياسية التي تتخذ من الإسلام شعار لها ووصفتهم بالجمود الفكري وعدم إدراك حقائق العصر، ونوهت في هجومها بما تعرضت له هي شخصيا من مضايقات من إسلاميين لسبب كونها امرأة تطالب بحقوقها السياسية.
صوت يمنيتحدث من اليمن السيدان حافظ عبده البوكاري وعلى سيف حسن وركزا على خصوصية الحالة الإسلامية في اليمن، حيث إن الإسلام لا يلعب نفس الدور المركزي بين الجماعات والأحزاب السياسية كما في العديد من الدول العربية الأخرى. وطالب المتحدثين بضرورة مساعدة اليمن للخروج من الأزمة الطاحنة التي يتعرض لها وتتمثل في الانفجار السكاني الذي يقابله شح في المصادر الطبيعية. وذكر المتحدثان أن الإصلاح في اليمن ليس خيارا بل هو وسيلة للنجاة، وناديا كذلك بضرورة تبني إصلاح في السلطة التنفيذية للدولة الذي يتمتع فيها رئيس الدولة بصلاحيات كبيرة وبلا حدود تضبط ممارسة هذه الصلاحيات. أما السلطة التشريعية التي تتكون من مجلسين فلا تمثل أي رقابة حقيقية على السلطة التشريعية مما يجعل من إصلاحها ضرورة هامة. وينصب نفس المعيار على السلطة القضائية التي يغيب حتى عن المحكمة الدستورية العليا أي استقلال عن مؤسسة الرئاسة القوية. كذلك تم التنويه بضرورة الإصلاح الاجتماعي الذي يتمثل في الاعتراف بالحقوق المتساوية للمرأة اليمنية مع نظرائها من الرجال. وتطرق الحديث أيضا عن أهمية إصلاح وضع القوات المسلحة في الحياة السياسية اليمنية تلك المؤسسة التي تتمتع بوضع خاص ومزايا تجعل من إمكانية خضوعها للمساءلة والمراقبة القضائية والسياسية شيئا صعب المنال.
صوت عراقي
اختتمت الندوة أعمالها بكلمة للدكتور كنعان مكية الذي قال إن الديمقراطية في الدول العربية تمر بمرحلة مخاض عسير ولم ترتق بعد إلى تطلعات الشعوب. إلا أنه لفت النظر إلى ظواهر جديدة منها استقلال العديد من الوسائل الإعلامية خاصة مع ما توفره الإنترنت من حرية غير مقيدة، واستشهد هنا بحالة « شلش » الكاتب الساخر الجديد في العراق الذي يهاجم وينتقد الكثير والكثير من أوجه الحياة السياسية الجديدة في العراق بصورة تبدو جديدة جدا على المجتمع العراقي حتى أن البعض يعتبره بمثابة ظاهرة.
المشاركون في الندوة
– رولا داشتي ناشطة كويتية في مجال حقوق المرأة وهي قيادية نشطة في الحركة النسائية الكويتية حملت لواء المساواة. وكان لها دور رئيسي في حصول المرأة الكويتية على حقها في التصويت، وترأس الجمعية الاقتصادية الكويتية وتمثل رولا داشتي نموذجا للمرأة الجديدة في الكويت التي تلقيت تعليما متميزا ودفعها طموحها إلى تبوء مواقع القمة في مجال الأعمال. وستترشح السيدة للانتخابات التشريعية في الكويت 2007. – حافظ عبده البوكاري رئيس مركز اليمن للأبحاث الإعلامية، ويشغل أيضا منصب سكرتير عام منظمة الصحفيين اليمنية، وعمل من قبل في المكتب الصحفي لرئيس الوزراء اليمني. – محمد الجهمي مؤسس تحالف الحرية الليبي الأمريكي وشقيق السجين السياسي فتحي الجهني المسجون حاليا في ليبيا. – نايلة شرشور حشيشة مؤسسة منظمة أحرار تونس المتوسطية، وهي ناشطة تونسية تعارض نظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. – علي سيف حسن مدير تنفيذي لمنتدى التنمية السياسية في صنعاء، ويعمل مستشارا لوزير التخطيط اليمني. – الدكتور سعد الدين إبراهيم مدير مركز ابن خلدون للدراسات التنموية، وأستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. – دكتور كنعان مكية أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة برانديس الأمريكية، له عدة مؤلفات هامة عن العراق منها كتاب « جمهورية الخوف »، وهو من أنصار عملية اجتثاث حزب البعث في العراق.
معهد أمريكان إنتربرايز!
جدير بالذكر أن الدعوة المطبوعة عن الندوة ذكرت أن معهد أمريكان إنتربرايز عمل خلال السنوات الماضية لتحديد ودعم الإصلاحيين والمعارضين العرب الساعيين لنشر الديمقراطية في بلادهم. ونوهت الدعوة إلى كون هذه الندوة هي بداية حلقات نقاش من معارضين وإصلاحيين من كل الدول العربية.
ويضم المعهد من بين العاملين فيه باقة من الباحثين المؤثرين في الساحة السياسة الأمريكية، منهم ريتشارد بيرل الذي لعب دورا مهما في وزارة الدفاع الأمريكي قبل وفي بداية فترة الحرب في العراق، ومايكل ليدين الذي عمل كمستشار للبيت الأبيض ووزارتي الدفاع والخارجية في الثمانينيات (ومن المعروف أن ابنة ليدين عملت في أجهزة إدارة العراق الأمريكية بعد الحرب، ورغم أن منصبها الرسمي كان متعلقا فقط بدعم القرار لعبت سيمون ليدين دورا كبيرا في إدارة ميزانية الهيئة بدون خبرة سابقة بهذا المجال)، والدبلوماسي السابق روول مارك غريتش، ونوت غينغريتش زعيم الجمهوريين بالكونغرس المشهور بمواقفه اليمينية، وجين كيرك باتريك ممثلة الولايات المتحدة بالأمم المتحدة خلال رئاسة الرئيس الراحل رونالد ريغان، ودانييال بليتكا نائبة رئيس المعهد لشئون دراسات السياسية الخارجية وسياسة الدفاع وعملت بليتكا في موقع مؤثر بمكتب لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، ومايكل روبن الذي عمل بمكتب وزير الدفاع خلال حرب العراق وعمل بعدها مستشارا للهيئة الأمريكية لإدارة العراق.
ولمعرفة المزيد عن هذا المعهد يمكن زيارة تقريرنا السابق عنه في:
http://www.taqrir.org/showarticle.cfm?id=106
(المصدر: موقع « تقرير واشنطن » العدد 42، 21 جانفي 2006)
وصلة الموضوع:
http://www.taqrir.org/showarticle.cfm?id=260فرنسوا بورجا: الخلل العالمي يُـبـقـي القاعدة
الأردن يفكر بتأسيس هايد بارك وسط عمان
سمير أمين: الأميركيون يريدون لنا ديموقراطية بلا تقدم ووطنيّونا تقدماً بلا ديموقراطية
ابراهيم العريس
هو واحد من أبرز دارسي الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في العالم. برز على ساحة الفكر التنموي والاقتصادي منذ ما يقرب الآن من نصف قرن، حين بارح مصر في خضم نضاله الفكري والسياسي، ليقيم في الخارج، في فرنسا خصوصاً، ولكن بعد ذلك في انحاء عدة من العالم. ولا يزال حتى اليوم بكتبه الكثيرة (التي يكتب معظمها في الفرنسية) وبدراساته وتقاريره، ومسؤولياته في الندوات والمؤتمرات العالمية، واحداً من أبرز المدافعين عن حق المجتمعات في التطور. حين التقيناه في باريس قبل اسابيع كان منهمكاً في صوغ الدراسات والاطر التمهيدية للدورة الجديدة من مؤتمر دافوس، وهي دورة تتوزع على غير مدينة هذا العام كما نعرف
.
د. سمير أمين، الذي تعرف اليه الفكر العربي من خلال بدء ترجمة كتبه الى العربية اواسط سبعينات القرن العشرين، كان في ذلك الحين من أبرز منتقدي المدارس الاقتصادية والفكرية الماركسية الرسمية. ومن أبرز المنادين بسلوك الدول النامية دروب تطور متكافئة، تحول بينها وبين الامعان في التخلف في السباق الاقتصادي والتنموي على الصعيد العالمي. يومها كان محل هجوم «الماركسيات الرسمية» وعدم ترحيب الفكر المدرسي، سواء أكان يسارياً أو يمينياً، لأنه اعتاد ان يقول ما يفكر فيه من دون تزويق. وما يفكر فيه نجده في هذه الصفحات، من خلال الحوار الذي أجرته «الحياة» معه، أو من خلال بعض نماذج فكره، «القديم» و «الجديد». و «الحياة» اذ تبدأ بهذا المشروع الحواري الطويل والمتنوع الذي همه التساؤل حول الفكر العربي بصورة عامة، وموقف المفكرين العرب مما يحدث، ونظرتهم الى الآفاق التي تبدو مسدودة بعض الشيء –
او الى حد كبير بحسب نظرة الشخص – ارتأت بدء المشروع بعرض تاريخي، ولو موجز، للظروف التي ادت الى انسداد تلك الآفاق، وبالتالي الى ايصال الفكر العربي، والمجتمع العربي من قبل، الى ما هما فيه.
ولما كانت، رؤية صاحب «التطور اللامتكافئ» رؤية من الداخل ومن الخارج في آن معاً، ولما كان صاحب هذه الرؤية مستمراً في مساره الفكري، البنّاء والنقدي في آن معاً، من دون فترات صمت طويلة، كان من المنطقي ان يكون من اوائل الذين سعت «الحياة» تبحث عندهم عن اجابات عن اسئلة مطروحة اليوم على الفكر العربي، او حتى عن مزيد من الاسئلة، كحلقة أولى في سلسلة حوارات مع أبرز المفكرين العرب تنشر على حلقات أسبوعية
.
ود. سمير أمين، الذي ولد في مصر العام 1931، اجتذبته الحركة الطالبية التقدمية في مصر باكراً، منذ اندلاعها بعيد الحرب العالمية الثانية، واجتذبته اخبار نضالات شعوب الشرق الآسيوي في نهاية الاربعينات، وفاجأته، وهو شاب متحمس، حركة الضباط الاحرار في مصر في العام 1952
… وهو حمل ذلك كله معه الى فرنسا حيث توجه في العام 1954 لدراسة الاقتصاد السياسي. لكنه بعد ان عاد الى مصر حاملاً الدكتوراه في العام 1957 وعمل في المؤسسة الاقتصادية الحكومية، وجد نفسه يبارح وطنه بعد اقل من ثلاث سنوات، ليتحول في باريس كاتباً بالفرنسية لدراسات اقتصادية، ثم خبيراً ومسؤولاً لبرامج تنموية قادته الى الكثير من البلدان الافريقية وغير الافريقية، في نشاط عملي، تحت ظل مؤسسات الامم المتحدة لا يزال متواصلاً حتى اليوم. اما بالنسبة الى الكتابة، فإنه اعتبرها دائماً «جزءاً من النضال» وبالتالي «اداة لحوار متواصل». وقد اصدر د. سمير أمين خلال نصف قرن تقريباً كتباً عدة، ألف بعضها في العربية مباشرة، وبعضها في الفرنسية او الانكليزية وترجم الى العربية. ومن ابرز كتبه: «التراكم على الصعيد العالمي» و «التطور اللامتكافئ» و «الطبقة والامة في التاريخ».
>
سمير أمين، قلت في خاتمة واحد من اهم كتبك القديمة («التطور اللامتكافئ») ان «الثورة التقنية الراهنة ستستبدل العمل المجزأ العديم الاختصاص – وهو الشكل الاساسي للعمل منذ بداية نشوء الآلة – بالعمل الآلي (الأتمتة). وسيسمح ذلك معاً بتوفير الوقت الممكن من دون عمل، وسيعطي للعمل اشكالاً عالية الاختصاص جديدة. ما هو رد فعل النظام الراهن تجاه هذا المنظور؟ انه لا يرى فيه فجر تحرر الانسانية، ولكن التهديد ببطالة اجتماعية، وبتهميش متزايد لجزء من الانسانية – بالضبط: العالم الثالث – في نظام لا يستوعب إلا الاقلية. وهذا هو المنحدر الطبيعي لحساب الريعية القائم على غاية وحيدة هي الربح، وللضياع الاقتصادي الذي لا يرى في البشر الا يداً عاملة. لكن الانسانية بتحريرها المجتمع من الايديولوجية التي يفرضها عليه نمط الانتاج الرأسمالي، تحرر ايضاً قواها المنتجة»… ألا يبدو هذا الكلام اليوم وكأنه آت من كوكب آخر؟ أين نحن الآن من هذا كله، من قوى الانتاج من قضايا المجتمع؟ من بحثك القديم في العلاقة الكأداء وغير المتوازنة بين المركز والاطراف؟
–
في اعتقادي ان هذا كله لا يزال صحيحاً وإن تبدلت الاسماء والاشكال، خصوصاً مسألة العلاقة بين المركز والاطراف، والتي اوليتها اهتمامي الخاص في معظم دراساتي الاولى، ولا ازال وإن بأشكال مختلفة. فهذا المفهوم لا يزال ساري المفعول كما كان شأنه في الماضي. والسبب بسيط وهو ان الاستقطاب الذي كان موجوداً، ولا يزال موجوداً على الصعيد العالمي، مرتبط بمنطق التراكم الرأسمالي نفسه وبجوهر كينونته. لقد كان هناك مركز وأطراف (أو «ومحيط»، سمها كما تشاء) خلال المرحلة الاولى من ظهور الرأسمالية قبل خمسة قرون من الآن، وسيظل هذا موجوداً في المستقبل طالما ان هناك رأسمالية وتراكماً رأسمالياً. لكن هذا ليس معناه ان شكل النظام ومضمون المركز ومحتوى الاحتكارات التي تقوم عليها امتيازات المراكز في ما يتعلق بعلاقاتها مع المحيط، وكذلك سمات المركز، لم تتغير ولا تتبدل على طول التاريخ. كل هذا في تبدل وتغير لأن الرأسمالية نفسها نظام دائم التغير… في تطور مستمر. والمهم بالنسبة الينا هو ان نلفت النظر الى ما هو جديد في سمات الرأسمالية… اذ لم تعد هي هي سمات الاستغلال البسيط القديم. طبيعة هذا كله تغيرت بتغيّر شكل الاستقطاب على الصعيد العالمي…
ما الجديد؟
>
في أي مستوى من مستويات هذا التبدل ترانا نعيش الآن…
–
اننا، ومنذ ما بين 20 و25 سنة، ندخل مرحلة جديدة… مرحلة لا أسميها مرحلة ما – بعد الاستعمار، او ما بعد الرأسمالية. هي جديدة في اطار الرأسمالية وفي اطار الاستعمار… سمة محايثة للرأسمالية نفسها في توسعها على نطاق عالمي شديد الاتساع. السؤال هنا: ضمن هذا الاطار نفسه، ما هو الجديد؟ الجديد هو ما يمكن استخلاصه من الواقع الذي يقول لنا ان التناقض الاساس بين المركز المتقدم والاطراف المتخلفة، ظل ما بين ازدهار الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، ونهاية الحرب العالمية الثانية، متفاقماً قليل التبدل. ولكن منذ انتهت هذه الحرب قامت حركات تحرر وطني ونظم جديدة في مناطق عدة من الاطراف، ولا سيما في بعض اجزاء آسيا وأفريقيا. بالنسبة الى السمة الاساسية للنظام القديم، كانت المراكز تحتكر الصناعة… اما الاطراف فبالكاد كانت تعرف الصناعة… فقط الطبقات القائدة فيها، سياسياً واقتصادياً، وهي من فئات الملاّك العقاريين والزراعيين، كانت ترتبط بالمنظومة الرأسمالية الصناعية العالمية، وسط استشراء نظم كولونيالية في كل مكان. وتلك المرحلة انتهت بـ «انتصار» حركات التحرر الوطني، الذي كان من نتيجته ان دخلت بلدان اطراف عدة، مرحلة التصنيع، كاستمرار لدور الدولة ودور الطبقات القائدة الجديدة، من دون ان يعني هذا نشوء طبقة بورجوازية وطنية، مثلاً، تملك وسائل الانتاج وتسيطر عليها. هي طبقة سلطوية غالباً سيطرت على الوضع الاقتصادي من خلال سيطرتها على الدولة… وكانت غالباً ذات سمات عسكرية، او ترتبط بحزب وحيد حاكم كان هو الذي، في شكل او في آخر، انجز التحرر الوطني وصار انعكاساً لتاريخه فيه…
> …
يبدو لي ان هذه المرحلة التي تتحدث عنها لم تدم طويلاً… بمعنى انها تكاد اليوم تبدو منسية تماماً، وفي معظم مناطق الاطراف…
–
بالضبط… هي مرحلة ابتدأت اواسط سنوات الخمسين من القرن العشرين، لتنتهي مع ازمة سنوات الثمانين. لكنها خلال ذلك حققت اموراً لا بأس بها، من البدء في دخول مرحلة التصنيع، في بلدان عدة، الى تعميم التعليم، وتشجيع الهجرة من الارياف الى المدن، وتحديث الادارة والدولة. ومن خلال هذا كله اتسم النظام بما يمكن ان نسميه تعبئة اجتماعية، انتقلت احياناً الى مستوى الفرز الطبقي. غير ان هذا كله سرعان ما تراجع، باختصار، اذ انتقلنا، على الصعيد العالمي الى مرحلة جديدة وأساليب متقدمة من سيطرة المركز على الاطراف. فالمركز لم يعد يمتلك، كلياً، احتكار الصناعة. اذ لو نظرنا الآن الى الصين او الهند، الى جنوب افريقيا او البرازيل، بل حتى الى مصر والجزائر، بين بلدان اخرى، سنجد انها بلدان دخلت، وإن بنسب متفاوتة عصر التصنيع. غير ان هذا لا يعني ان كل هذه البلدان في سبيلها الى اللحاق بالدول الكبيرة المتقدمة. بل انها لن تلحق بها ابداً، ذلك ان المراكز تمارس الآن احتكارات من نوع جديد: انها تسيطر على التكنولوجيا، ووسائل الاتصال والمعلوماتية، من ناحية، ثم تسيطر على توزيع الاموال على صعيد عالمي… وفي المقام الثالث نجدها تسيطر على الوصول الى الموارد والثروات الطبيعية على كوكب الارض، بما في ذلك البترول العربي، الذي هو بترول عربي فقط في باطن الارض، اما حين يستخرج فبترول غربي – رأسمالي، مشترى سلفاً، في مقابل اموال يعاد توظيف معظمها في المصارف الغربية. وهناك اخيراً، وأهم من هذا كله، السيطرة على أدوات وأسلحة التدمير الشامل، سواء أكانت نووية او جرثومية او كيماوية. وفي يقيني ان الخطر الاكبر يكمن ها هنا، وليس في مصنع ايراني او قنبلة باكستانية! اذاً، من خلال التفرد بهذه الاحتكارات الخمسة، يمكننا ان نستنتج أن شكل العلاقة، بل جوهرها حتى، لا يزال غير متساوٍ. لقد اختلف عن الشكل السابق الذي كان يقوم على احتكار المراكز للصناعة… لكن الجوهر واحد. وهذا التبدل مهم جداً، اذ تصاحب هذا التغيير تغيرات اخرى في المجال الاجتماعي، والتنظيم السياسي وبالتالي في المجال الايديولوجي. وهناك، على سبيل المثال، تغلغل عميق لأنماط الاستهلاك والحياة الغربية، داخل البلدان الفقيرة. وفي هذا الاطار يبدو لي التبدل جوهرياً. ومن هنا اقول انني، في تحليلي السابق لمسألة العلاقة غير المتكافئة بين المركز والاطراف كنت انظر الى الامور في شكلها السابق، والآن انظر اليها في شكلها الجديد. وأحاول، طبعاً ان اجدد داخل هذا الاطار.
ماذا عن العالم العربي
> …
حسناً، اذا حاولنا ان ننتقل من هذه الصورة العامة والشاملة، الى الوضع العربي حيث نلاحظ مثلاً، انفصالاً تاماً بين المال والاقتصاد، وبين الواقع الاجتماعي والتطلعات التقدمية القديمة، وبين الانتاج والاستهلاك، نشعر أن الجمود – لئلا نقول التراجع المريع – الذي تعيشه المجتمعات العربية يتفاقم… فهلا تقول لنا أين تموضع المنطقة العربية ضمن اطار هذه الرؤية؟
–
المنطقة العربية، في هذا الاطار، ليست سوى جزء من هذه الصورة عبر انتمائها الى الاطراف… تاريخ المنطقة العربية لا يختلف كثيراً عن تاريخ بقية المناطق مثل الهند او افريقيا، بالنسبة – على الاقل – الى مسألة العلاقة بالتطور الرأسمالي العام. ومع هذا لا بد من القول انه بما ان لكل منطقة سمات خاصة، من المؤكد ان للعالم العربي ايضاً سمات خاصة، مع العلم ان هذا العالم العربي، الذي كان بعض اجزائه شهد نهضة ما، بعيد الحرب العالمية الثانية، توقف تطوره ونموه الحقيقي خلال مرحلة تطور سابقة، من دون ان يصل الى أي مستوى عالٍ من التصنيع، وأسباب هذا مختلفة، من الضروري الاشارة دائماً الى الاساسي منها لأنها هي التي انتجت وضع الجمود والتخلف الراهن… ومنها بالطبع اسباب سياسية. فالحال اننا حين نقارن، مثلاً، بين بعض البلدان العربية التي كان يمكن اعتبارها الاكثر تصنيعاً، وربما ايضاً تقدماً على صعيد المسألة الاجتماعية (مصر عبدالناصر، الجزائر في عهد بومدين، العراق وسورية تحت حكم البعث) وهي بلدان كانت – وبعضها لا يزال – تحكم حكماً «وطنياً شعبوياً» – ولكن من دون ان يكون الشعب فاعلاً حقاً -، حين نقارن بين هذه البلدان وبين تركيا او البرازيل او الهند، نجد ان البلدان العربية لم تصل ابداً الى مستوى هذه البلدان في مجال السيطرة على وسائل الانتاج والتصنيع… فما السبب؟ ان بعض القوميين العرب، يعزون هذا الى التفتت العربي، حيث ان البلدان العربية صغيرة الحجم بلداً بلداً، نسبياً، مقارنة بالهند او البرازيل... وهذا الكلام يبدو – شكلياً – صحيحاً الى حد ما. ولكن هنا، أفلا يحق لنا ان نتساءل: لماذا، اذاً، تفوقت قوى «التفتيت» القطرية على الآمال والقوى «الوحدوية»؟ حسناً… لن اجيب إلا بمثال واحد يقول لنا ان قوى التوحيد نفسها كانت دائماً قطرية… والمثال هو الوحدة التي قامت بين سورية ومصر في الخمسينات… ففي ذلك الحين، كانت القوى المسيطرة ناصرية من ناحية وقومية عربية (بعثية على الاغلب) من ناحية ثانية… ومع هذا شهدت الوحدة تناحراً منذ اليوم الاول. ان هناك من يقول دائماً (ولا سيما في اوساط الباحثين الغربيين) ان السبب في هذا كله انما هو الموروث الثقافي… وربما الديني. فهل هذا صحيح؟ صحيح اذا ادركنا فقط ان ما نسميه الموروث الديني، ليس في حرفيته الدين الاصلي، بل ما نعيشه هو دين تركي نما في القرون السابع والثامن وحتى العاشر. ومن هنا لا بد من القول ان معظم القوى الايديولوجية التي تزعم اليوم العودة الى «اصول الدين» لا تعود في الحقيقة الى هذه الاصول، بل الى الموروث المرتبط بمرحلة الانحطاط، خصوصاً ان هذا الشكل من الايديولوجيا، بعيد عن النظرة الصحيحة لوضعية المرأة والعائلة وما الى ذلك… بل هو يرتبط بما اسميه نظام المماليك. باختصار، اصحاب هذه الايديولوجيات وغيرهم لم يفهموا – وهذا بالنسبة الي أمر جوهري – ان التقدم لا يمكن ان يكون حقيقياً من دون ديموقراطية. معهم، سواء أكانوا في الحكم او في المعارضة، عجز نمط التحديث عن استيعاب ما هو ضروري وحديث حقاً. كذلك عجز عن ادراك ماهية التاريخ الحقيقي الاصلي للدين. علماً أن النخب الشعبوية لم تكن اصلاً دينية، بل نصف علمانية (لأن اياً منها لم يكن علمانياً حقاً). وأي منها لم يدرك ان الديموقراطية حاجة اساسية للتحديث. وكذلك لم يدركوا ان الديموقراطية ليست مسألة سياسة فقط، بل هي اساسية في العلاقات الاجتماعية، داخل مراكز السكن، واطارات العمل والمدارس والجامعات والعائلة والأسرة… ومن هنا، لهذه الاسباب سرعان ما تبخرت تجربة «التحديث» او هي دخلت في ازمة بعد مرحلة ازدهار وانجازات وطنية (لم تدم سوى عشر سنوات احياناً، او 15 سنة في احيان اخرى). فاذا قارنا بين فترة تحديث دامت بين 40 و50 سنة في تركيا او الصين، او حتى ايران التي عاشت تجربة مماثلة ولكن اكثر غنى قبل ان تدخل هي الاخرى ازمتها الخانقة… امام هيمنة العولمة، نفهم لماذا يعاني العالم العربي ما يعاني اليوم. ونفهم كيف استطاعت مجتمعاتنا ان تبتلع وتدمر، بسرعة – وإن جزئياً – مفاهيم التحديث بما في ذلك العلمانية الجزئية والديموقراطية والتعددية الفكرية وشتى اشكال الرؤى الاجتماعية ذات السمات التقدمية. وهنا اذ أتحدث عن العلمانية، لا بد من الاشارة، ازالة لكل التباس، الى ان العلمانية تعني بالنسبة الي، وحتى بالنسبة الى الانظمة الشعبوية التي ادعتها، وضع المفاهيم الدينية في قالب ايماني… وفصل الدين عن الالعاب السياسية، من دون ادنى حديث عن الغائه من حياة الفرد او الجماعة. المهم ان التقدم الصناعي ثم السياسي، جاء من دون تطوير اجتماعي، ليعبر سريعاً، ما ادى الى الاوضاع التي نحن فيها الآن… وهي اوضاع تسيطر عليها سلطات فقدت حتى الطابع الوطني الشعبوي الذي كان لها. اما البديل المطروح فأيديولوجيا اسلاموية سلطوية، لا تتصور أي امكان جدي ومنطقي للانفصال عن العولمة الرأسمالية السائدة، بل اقول ان هذه العولمة ترحب بهذا البديل…
العولمة والمتطرفون
>
لماذا…؟
–
لأن العولمة لن يضيرها من يحمل زجاجة الكوكاكولا بيد، وبيرق الدين وشعاراته بيد اخرى… وهذه هي – في رأيي – حدود البديل المطروح الآن محل نظم سلطوية لم تعد لا وطنية ولا شعبوية… بل انها هي نفسها لا تفتأ تقترب من التيارات الاصولية المتطرفة وتتحالف معها. وفي المقابل، اذا دنونا من مسألة اقتصاديات البترول الشائكة، نلاحظ ان هذا البترول كله يذهب الى الغرب والى العالم الصناعي، في مقابل كميات ضخمة من اموال ليس لها أي اثر حقيقي في قرارات النظام الرأسمالي العالمي… انه الفصل التام بين الكتلة النقدية والاقتصاد، والسياسة بالتالي… انه مال من دون تحديث… واستهلاك من دون ديموقراطية…
>
في هذه الصورة الاجمالية التي ترسمها بهذا الاختصار، وفي ظل غياب الاحزاب الجماهيرية الحقيقية الفاعلة، وتخلف دور الجامعة وتخبط اجهزة الاعلام والاستقطاب والفرز المتزايدين… هل هناك دور يمكن المثقف او المفكر ان يلعبه؟
–
المصيبة الكبرى، هي انه في وجه هذا المأزق الكبير الذي يعيشه العالم العربي، وربما ايضاً نتيجة لهذا المأزق… يبدو الجسم الثقافي العربي ساكتاً تماماً، ان لم يكن متواطئاً. خلال المرحلة السابقة ارتبط المثقفون، في شكل عام، بالمشروع الوطني الشعبوي… سواء أكانوا متعاونين معه، او حتى خصوماً له. فهم، سواء أكانوا يساريين او ليبيراليين او قوميين، حددوا افكارهم واختياراتهم، انطلاقاً من موقفهم تجاهه. بعضهم حقق ما يشاء من مكاسب، وبعضهم تلقى ما سُدد له من ضربات… لكن في الحالين لم يسكتوا. اليوم نلاحظ ان المثقفين، في مواجهة الازمة، اما انهم صامتون تماماً، وإما انهم انتهازيون موزعون بين محققين للمكاسب المالية نزلاء فنادق النجوم الخمسة المشاركين في الندوات والاحتفالات، وبين مختارين لمهادنة او معاونة النظم القائمة… خوفاً من البديل المقلق (في العراق مثلاً يتحالف الشيوعيون مع الاميركيين، وفي سورية يتحالفون مع البعث الحاكم… وفي لبنان ينتقلون الى صفوف ليبيرالية متأمركة). وهناك الذين يرون الحل في الالتحاق بالحركات الاصولية…
>
تحاورت امس مع قومي عربي قال لي انه الآن متحالف مع الاصوليين، على رغم عدائه لأفكارهم… أملاً – كما قال – في ان «يحققوا انتصاراً على الامبريالية، ومن ثم نضربهم ونتخلص منهم»…
– (
يضحك)… حسناً… شيء مثل هذا كان يقوله لي مناضلون يساريون ايرانيون قبل اطاحة الشاه، واستيلاء الإمام الخميني على السلطة… كانت تكتيكاتهم تقوم على التحالف مع «الثورة الاسلامية» ثم التخلص منها. ونعرف انهم كانوا اول ضحايا ذلك التحالف. هم لم يفهموا ولا يريدون ان يفهموا ان اميركا هي الحليف الطبيعي – وعلى رغم كل المظاهر – لهؤلاء. لينظروا مثلاً صوب فلسطين، حيث نجحت اسرائيل في أمر غاية في الاهمية: ضربت المقاومة الوطنية ذات النزعات العلمانية، مشجعة بدايات الحركات «الدينية» الاصولية هناك. بالنسبة الى السلطة الاسرائيلية كان يجب ضرب المقاومة الوطنية لمصلحة تطرف ديني يبرر وجود الصهيونية.
عمل طويل الأمد
>
حسناً… ازاء هذا التشخيص كله، أعود الى سؤالي: ما الذي يمكن المثقف الواعي ان يفعله في خضم هذا الوضع كله؟
–
عليه مسؤولية تاريخية بالتأكيد… وحتى لو كانت الظروف لا تسمح له بأن يكون ذا تأثير فوري في الاحداث، او قدرة على تبديل مجراها… او على التأثير في الحركات السياسية او «الجماهيرية». مسؤوليته هي ان يهيئ للتغييرات المقبلة من خلال اشتغاله على الافكار ونقدها. فنحن الآن في حاجة ماسة الى ان نركز على المرحلة المقبلة… المرحلة التي قد يمكن خلالها الاشتغال على مفاهيم التحرر، وليس بالضرورة بالمعنى السياسي وحده… فهناك ايضاً، وخصوصاً، التحرر من الاضطهاد في اشكاله كافة، سياسياً كان او اجتماعياً – ولا سيما بالنسبة الى المثقف – داخل اطار العلاقات العائلية والاجتماعية. ففي المستقبل، لن يعود ثمة وجود لأي نمط لسلطة شعبوية وطنية… لأن الوعي وصل الآن الى ضرورة ان يكون ثمة تقدم اجتماعي يسير بالتوازي مع التقدم السياسي. اليوم، مع الهجمة الاعلامية وعولمة الافكار، لم يعد ممكناً وجود تقدم اجتماعي يسير ويتحقق من دون ديموقراطية. كذلك، فإن الديموقراطية من دون تقدم اجتماعي مرفوضة. وأقول هذا وأنا افكر بالديموقراطية التي يسعى الاميركيون الى فرضها علينا: ديموقراطية شكلية من دون أي خلفيات اجتماعية. ديموقراطية تقوم فقط على «حرية قبول قواعد الرأسمالية الغربية». وفي يقيني ان اتباع هذه الطريق لن يؤدي الا الى انهيار اجتماعي شامل، خصوصاً ان الشعوب العربية تتساءل: ما نفع هذا النوع من الديموقراطية اصلاً… والحال ان ما تسعى اليه اميركا هو ديموقراطية سياسية من دون تقدم اجتماعي. اما ما كان ينجزه النوع الذي تحدثنا عنه من النظم الوطنية الشعبوية فتقدم اجتماعي من دون ديموقراطية. الترياق الحقيقي يكمن في الربط بين النزعتين: نزعة الديموقراطية ونزعة التقدم الاجتماعي…
>
ولكن… من هو الطرف الذي يقوم بمثل هذا الربط؟ هل انت متفائل في هذا الصدد؟ هل لديك مشروع؟
– اجل… لدي مشروع لكنه طويل الامد… ذلك أنني اعتقد ان الشغل الاساس هو شغل على مستوى الافكار… فالأفكار الموجودة حالياً غير مقبولة. سكوت المثقفين كارثة، والتحالف مع المتطرفين مرفوض… والتعاون مع السلطات القمعية لن يؤدي الى مكان. اما الحل الوحيد فهو الصراع من اجل ديموقراطية مستقلة عن النمط الاميركي… ديموقراطية مرتبطة بالمصالح الحيوية للطبقات الاجتماعية، كما يمثلها مجتمع مدني حقيقي، في اطار علماني – غير ملحد – يلغي استغلال الدين وأي ايديولوجية
.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 23 جانفي 2006)
القيام بشيء مغاير
نقد نظرية النمو
«لقد دفعني تاريخي الشخصي، تاريخ اشتراكي مصري، الى ان ادخل هذه الفترة المثيرة التي نعيشها، كمثقف من العالم الثالث وكمناضل من اجل تحريره. لم يكن ذلك نتيجة لقرار ذهني مخطط له مسبقاً، ولكنه جاء نتيجة الظروف الموضوعية للحياة. الا انه لم يكن ابداً، لهذا، توجهاً مصطنعاً، او دخولاً ثانوياً. اذ ان العالم واحد وتحرر الشعوب المضطهدة يتطلب منهم تحرر الانسانية بأكملها والمشاركة فيه. لقد كان من الطبيعي اذن ان ترى ازمة عقيدة السلعة، ولادة النظرية والتطبيق الجديدين، لتحرر «البلدان المتخلفة». فما نسميه حتى الآن، لعادة متواترة، منذ ما ينوف على عشر سنوات، وباصطلاح ناقص، «نظرية التخلف والتطور» يشهد اليوم نهوضاً مهماً. ان نقطة انطلاق هذا التجديد كانت من دون شك نقد «نظرية مراحل النمو»، هذه النظرية التي تؤدي الى اعتبار البلدان المتخلفة مجرد بلدان متأخرة، في طريق التطور، مقدمة لنا بذلك بنية انتقالية تتجاور فيها العناصر الحديثة (الرأسمالية) والتقليدية (الما قبل – رأسمالية). وقد ظل هذا يشكل مبدأ ومنتهى ما يدعى بنظرية التطور حتى اعوام 60. ويجب القول ان هذه النظرية قد ظهرت في طبعة «برجوازية» اتفاقية، هي ما افصح عنه بجدارة روستو Rostow كما ظهرت في طبعة مستمدة من الماركسية السوقية والمذهبية. والتقت الطبعة الماركسية السوقية للنظرية هذه، في هذا الميدان كما في غيره، مع مجمل تيار التفسير الاقتصادوي والتعاقبي لماركس مشوه ومحوّل. لقد كان هذا التيار اقتصادوياً بسبب رؤيته غير الجدلية للعلاقات بين البنية التحتية الاقتصادية والبنية الفوقية السياسية والعقائدية. فمنذ نهاية القرن التاسع عشر ردت الاشتراكية – الديموقراطية الاوروبية، بهذه الصورة، المادية التاريخية الى مادية اقتصادوية تربط تفاؤلها بقدوم المنقذ مستوى تطور القوى المنتجة، علم التقنية. وكان تعاقبياً بالضرورة بسبب ايمانه بتعاقب الاطوار، المنطبقة على كل مجتمع انساني (الاطوار الخمسة الشهيرة من الشيوعية البدائية الى العبودية ثم الاقطاعية ثم الرأسمالية وبعدها الاشتراكية). ومع ذلك فإن كل تاريخ الانسانية يعلمنا انه ليس تعاقبياً. فقد كانت الحضارات الاقدم والاعظم لعالم ما قبل الرأسمالية، حضارات الصين ومصر، منظمة بطريقة تضمن لها في الوقت نفسه الاستقرار والمرونة الكفيلين بتمكينها من استيعاب التقدم المستمر، لكن البطيء والمحدود للقوى المنتجة. وبهذا المعنى يستحق نموذج هذه الحضارات ان يسمى بالنموذج الناجز. بالمقابل، لم تكن للحضارات الما قبل رأسمالية التي تكونت بصورة مستقلة، على اثر هذه المجتمعات، وفي محيطها، صفة الانجاز. وهذه الحضارات، الاقل لمعاناً، تصبح هذا السبب بالذات الاكثر استعداداً لابداع اشكال تنظيم جديدة، ملائمة اكثر للرد على احتياجات تطور متفوق للقوى المنتجة. وهكذا يوحي تاريخ ميلاد الرأسمالية بقانون تطور غير متكافئ يقضي بأن تجاوز أي نظام لا يتحقق في مركزه ولكن انطلاقاً من محيطه». من مقدمة كتاب سمير أمين: «التطور اللامتكافئ» (1974) (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 23 جانفي 2006)