الاثنين، 2 نوفمبر 2009

TUNISNEWS

9 ème année, N 3450 du 02.11.2009

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو

ولقيادات إنتفاضة الحوض المنجي

ولضحايا قانون الإرهاب


الثلاثاء (03/11) تنعقد جلسة محاكمة مراسلنا في تونس المناضل الحقوقي زهير مخلوف

حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس

السبيل أونلاين:أنباء عن تعزيزات أمنية ضخمة لمحاصرة محكمة قرمبالية غدا

أحد أصدقاء سليم بوخذير:حصار وهرسلة وتهديد

حركة التجديد: جمع العدد 152 من صحيفة الطريق الجديد من الأسواق:بـــــــلاغ

رويترز:حزب تونسي معارض يتهم السلطات بمصادرة صحيفته

لجنة مساندة راضية النصراوى: امسية تضامنية

المرصد التونسي :اعتداء شنيع على متفقد تعليم ابتدائي في حرم مدرسة ابتدائية

عريضة وطنية :أوقفوا العنف ضد الاطار التربوي

  المرصد التونسي:جميعا من اجل إنجاح الحملة الوطنية :أوقفوا العنف ضد الإطار التربوي

الرابطة التونسية للدفاع عن حقـوق الإنسـان:بيان حول الانتخابات الرئاسية والتشريعية

الإصلاح والتنمية:البيــان الانتخــابي نجدّد حياتنــا السيــاسيّـة(الذي لم ترخص وزارة الداخلية توزيعه خلال الحملة الانتخابية)

رحمة رمضان:ناشط تونسى: لا يوجد حوار فى تونس إلا بالسلاح

ياسمينة صالح :تونس: ترشّــح زين العابدين وفاز بن علي!

خيرالله خيرالله:لماذا صوّت التونسيون لبن علي؟

لجنة الدفاع عن المطرودين والمجمدين والمبعدين من حزب الوحدة الشعبية:بيـــــان

حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي:بـــــــــــيـــــــــــان

الشرق الأوسط:اختيار القيروان لتنفيذ مشاريع تأهيل ثقافي ضمن مشروع «منتدى»

رويترز:فيلم جاكسون الأخير يلاقي ترحيبا واسعا في تونس

سميرة الصدفي:تونس تصدّر إلى إيطاليا نهاية 2012 4 ملايين متر مكعب من الغاز يومياً

د. سحر طلعت :لقاح الإنفلونزا الجديد.. مستثنى من الاختبار

مجدي صالح:شارك فيها باحثون عرب يعملون في الخارج ندوة حول إعلام العمق بـ « الجزيرة » على مدى 13 عاماً

توفيق المديني:أوباما والتسوية المستحيلة في الشرق الأوسط

زهير إسماعيل:إيران تتسنّن 

د.مضاوي الرشيد:الحج بين ايران والسعودية

مؤتمر دولي للتقريب بين المذاهب الاسلامية: المسلمون يواجهون تهديدات خطيرة بسبب ضعفهم وتشرذمهم

القدس العربي:أنباء عن رفض السلطات الجزائرية استقبال وزير الداخلية الفرنسي

رئيس منظمة مجاهدي الجزائر السعيد عبادو لـ «العرب»:سنلجأ إلى المحكمة الدولية إذا لم تعترف فرنسا بجرائمها في الجزائر

محمد إسماعيل:الإخوان وإصلاحات العريان.. تحفظ.. قبول.. تجاهل

القدس العربي:مؤتمر الحزب الحاكم اظهر القاء النظام بثقله سياسيا واعلاميا وراء التوريث

رأي القدس:جمال مبارك رئيسا للفقراء

العرب:قيادات المعارضة المصرية: الحزب الوطني كالثور الذي يختار فريسته

أحمد دياب:هل تتحالف روسيا مع الغرب في مواجهة الإسلام والصين؟


 (Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


منظمة حرية و إنصاف

التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

جانفي200

فيفري2009    

مارس 2009      https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm 
أفريل 2009     
جوان2009  https://www.tunisnews.net/20juillet09a.htm      جويلية 2009  https://www.tunisnews.net/23Out09a.htm   أوت/سبتمبر2009    


نطالب بإطلاق سراحه … 

الثلاثاء (03/11) تنعقد جلسة محاكمة مراسلنا في تونس المناضل الحقوقي زهير مخلوف

 


السبيل أونلاين – تونس – تقرير خاص   تنعقد غدا الثلاثاء 03 نوفمبر 2009 ، بالمحكمة الإبتدائية بقرمبالية جلسة النظر في قضية مراسل السبيل أونلاين في تونس ، المناضل الحقوقي زهير مخلوف ، الموقوف بسجن المرناقية منذ 20 أكتوبر الماضي ، والذى دخل في إضراب مفتوح عن الطعام منذ 21 أكتوبر للمطالبة بإطلاق سراحه وإسقاط التهم الكيدية الموجهة إليه . وتشهد صحّة زهير تدهورا خطيرا جراء الإضراب الذى بلغ يومه الثالث عشر .   وأقدمت السلطة التونسية على إعتقال مخلوف أيام قليلة قبل الإنتخابات التى تمّت بتاريخ 25 أكتوبر المنصرم ، ومن الواضح أنها كانت تستهدف وقف نشاطه كإعلامي بارز في الساحة الحقوقية والسياسية تميز بتوثيق الإنتهاكات صوتا وصورة عبر شرائط الفيديو .   جدير بالذكر أن زهير وقع إيقافه في مركز الشرطة بالمعمورة ، بعد أن حضر صباح يوم الثلاثاء 20 أكتوبر 2009 ، في حدود الساعة الساعة العاشرة و 45 دقيقة (10.45) ، لإستكمال التحقيق في موضوع تصوير الحي الصناعي بنابل ، ثم نقل إلى وكيل الجمهورية في قرمبالية الذى أحاله على سجن مرناق ثم إلى سجن المرناقية .   وقد وقع الإيحاء إلى الشاكي مراد لذيب للإدعاء على زهير بأنه وقع تصويره دون علمه ، في حين أن إسترسال المدعي في تصريحاته المقدّمه صلب الشريط لفترة زمنية تجاوزت العشر دقائق تدلل على أنه كان على علم ووعي بالتصوير ، خاصة وأن شهود عيان أكّدوا تطفّله على التصوير ورغبته في الظهور في التسجيل ، وحرصه على تقديم معلومات مستفيضة عن المشاكل البيئية والمهنية التى يعانيها الحرفيين في الحي الصناعي بنابل .   وتضمّنت شكاية المدعو مراد لذيب جملة من الإفتراءات في حقّ المناضل زهير مخلوف ، إذ تقدم بتصريحات جوفاء لا تستند على أدلّة مادية أو حتى حجج منطقية ، فمن جهة يدعى أن زهير ينتحل صفة صحفي ومن جهة أخرى أنه قادم من ألمانيا لتصوير الصناعات التقليدية بجهة نابل لعرضها والتعريف بها في ألمانيا ، وإنتهى به الأمر إلى الإدعاء على زهير بمحاولة إرتشاءه من أجل التراجع عن التشكي به ، في حين تقدّم زهير أثناء بحثه بجملة من القرائن والأدلة التى تبرّءه ، أهمها تقديم الشاهد السيد سعيد الجازي الذى حضر واقعة التصوير ، وعاين أيضا إبتزاز الشاكي لزهير ، ولكن إنتهى البحث بتحويل الشاهد إلى متهم في القضية الملفقة لزهير مخلوف لحرمانه من دليل براءته.   ويعود السبب الحقيقي لإعتقال مخلوف ، إلى التغطيات الإعلامية الجادة والشجاعة التى قام بها على مدى حوالي عام مضى وهو ما أزعج السلطات على ما يبدو ، فقد سهر على تغطية الإنتهاكات وتوثيقها بالصوت والصورة ، وأنجز في إطار ذلك تقارير توثيقية مكتوبة ، وأفلام وتسجيلات مرئية ، غير مسبوقة ، كسرت حاجز الصمت حول عديد الملفات ، منها قضايا من سقطوا تحت التعذيب شهداء ، كفيصل بركات وكمال المطماطي ورشيد الشمّاخي وغيرهم ، وأفلام ضحايا الموت البطيء من المساجين السياسيين كأفلام الشهداء أحمد البوعزيزي ، والهاشمي المكي ، والمنجي العيّاري ، وأحمد بن حامد وغيرهم ، والتى نجح مخلوف من خلالها في إظهار المأساة المريرة لضحايا السجون والإهمال الصحي من السجناء السياسيين وعائلاتهم ، إضافة إلى عشرات التسجيلات التى كشف فيها مظالم عائلات ضحايا ما يسمى بـ »قانون الإرهاب » ، وأيضا قضايا الحق العام الذين طالتهم سياط الظلم ولعل شهادات مثل شهادة المواطن ناصر العيّاري ومحمد بومعيزة وقضية أنيس الشوك وغيرهم ستبقى أصدق مثال على ذلك ، وإضافة إلى قضية الحجاب في تونس .   كما غطّى زهير الكثير من القضايا في مجالات الإقتصاد والبيئة و التعليم والصحة ، والقضايا الإجتماعية للكثير من القطاعات الوطنية إضافة إلى المواكبة الإعلامية – الحقوقية اليومية الدؤوبة ، فكانت بذلك تسجيلاته شهادات توثّق وترصد الإنتهاكات في كل المجالات وهو ما سيجعلها في المستقبل أرشيفا هاما يؤرّخ للإنتهاكات الحقوقية في تونس .   وأثناء العدوان على قطاع غزة خلال شهر ديسمبر 2008 وجانفي 2009 ، تمكن زهير مخلوف ، وبوتيرة يومية ، من تغطية كل التحركات الشعبية والقطاعية المنددة بالعدوان والمتضامنة مع أهل القطاع . قد أظهر زهير إرادة فذّة في تجاوز الإشكالات التقنية والربط السيء للشبكة من تونس ، وقدّم صور مشرّفة للتضحية ونكران الذات وحمل هموم المظلومين ومعاناتهم وهو دائما يصرّ رغم كل المعوقات على تغطية ونقل معاناة الناس ، وكان أحرص ما يكون على تحرّي الحقيقة ودقّة المعلومة دون زيادة أو نقصان .   وأحيل مراسلنا في تونس المناضل الحقوقي زهير مخلوف بتهمة « الإساءة للغير عبر شبكة الإتصالات العمومية » ، وهي تهمة جاءت مجردة قانونيا ، ذلك أن تسجيل الفيديو الذى نشر مرفوقا بنص مكتوب لم يتعرض لأحد بالإساءة وكان هدفه التحسيس بالوضع السيء للحي الصناعي والحرفيين فيه ، من أجل النهوض به وتحسين أوضاع العاملين ، وقد إقترح مخلوف في آخر التسجيل حلولا عملية لذلك ولم يكتفي بالكشف عن أوضاع الحي المتردية .   ودخل المناضل الحقوقي زهير مخلوف في إضراب مفتوح عن الطعام إحتجاجا على المظلمة المسلّطة عليه ، في التهمة الملفقة ضده ، و للتعبير على إحتجاجه عن إنتهاك أسمى حقوقه الإنسانية وهي حق التعبير – وحرية الفكر – وحرية التنظم ، بإعتبارها من الحريات الفردية الذى يضمنها الدستور والإتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان التى صادقت عليها الدولة التونسية .   ولا يسعنا إلا أن نطلق نداء موجها إلى كل السلطات المعنية والمنظمات الحقوقية وفعاليات المجتمع المدني بالداخل والخارج ، من أجل التدخل السريع لوضع حدّ لهذه المظلمة المسلّطة على مراسلنا في تونس المناضل الحقوقي زهير مخلوف وإطلاق راحه فورا بعد التدهور السريع والمفاجىء لحالته الصحية يوم الأحد الموافق لـ 01 نوفمبر 2009 ، حيث تعرّض للغيبوبة مرتين متتاليتين ، وهو ما ينبأ بوجود خطر محدق على حياته .   بالتعاون مع الأستاذة إيمان الطريقي – تونس    (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 02 نوفمبر 2009)  


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 14 ذو القعدة 1430 الموافق ل 02 نوفمبر 2009

أخبار الحريات في تونس

 


1)الاعتداء بالعنف اللفظي على رئيس منظمة حرية وإنصاف: تعرض مساء يوم السبت 31 أكتوبر 2009 الأستاذ محمد النوري المحامي رئيس منظمة حرية وإنصاف للاعتداء بالعنف اللفظي من قبل مجهول اتصل به هاتفيا من هاتف عمومي وأمطره بوابل من بذيء الكلام والسب والشتم، وتعتبر هذه المرة الثانية التي يتعرض فيها رئيس منظمة حرية وإنصاف للاعتداء بالعنف اللفظي عن طريق الهاتف. 2)الناشط الحقوقي زهير مخلوف يمثل أمام القضاء وصحته تشهد تدهورا نتيجة الإضراب عن الطعام: يمثل يوم الثلاثاء 03 نوفمبر 2009 الناشط الحقوقي زهير مخلوف العضو المؤسس لمنظمة حرية وإنصاف والمعتقل حاليا بسجن المرناقية أمام محكمة ناحية قرمبالية بحالة إيقاف في القضية عدد 96838 من أجل تهمة الإساءة إلى الغير عبر الشبكة العمومية للاتصالات (بمقتضى الفصل 86 من مجلة الاتصالات). وقد زاره اليوم الاثنين 02 نوفمبر 2009 بالسجن المذكور الأستاذان أحمد نجيب الشابي والعياشي الهمامي وذكرا أن صحته تدهورت بشكل ملفت نتيجة الإضراب المفتوح عن الطعام الذي شنه منذ 21 أكتوبر 2009 للمطالبة بإطلاق سراحه، وأضافا أن طبيب السجن عاينه بعدما فقدانه  للوعي مرتين. 3)القضاء ينظر في مصير مجموعة من الشبان :  نظرت الدائرة الجناحية السادسة بالمحكمة الابتدائية بتونس برئاسة القاضي فوزي الجبالي اليوم الاثنين 02 نوفمبر 2009 في القضية عدد 22959 التي يحال فيها كل من معز بوسنينة وصابر الصغير وصابر الرحيلي وصابر المستوري والشاب فاخر .. من أجل تهمة عقد اجتماع غير مرخص فيه، وبعد مرافعة المحامين قرر القاضي حجز جلسة يوم الاثنين 9 نوفمبر 2009 للتصريح بالحكم. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري

أنباء عن تعزيزات أمنية ضخمة لمحاصرة محكمة قرمبالية غدا


السبيل أونلاين – تونس – عاجل   وردت أنباء قبل قليل تفيد بأن السلطات التونسية دفعت بتعزيزات أمنية ضخمة مساء اليوم الإثنين 02 نوفمبر 2009 ، إلى مدينة قرمبالية مقر المحكمة الإبتدائية التى سيمثل أمامها مراسل السبيل أونلاين في تونس المناضل الحقوقي زهير مخلوف ، غدا الثلاثاء 03 نوفمبر 2009 .   و في ما يبدو ، فإن تلك الحشود الأمنية الكبيرة ، التى تتشكل من مختلف الفرق الأمنية ، تهدف إلى محاصرة المحكمة والطرق المؤدية إليها ، لمنع الوفود المساندة لزهير من المناضلين السياسيين والحقوقيين وأصدقائه وأقاربه من الوصول إلى قرمبالية وحضور المحاكمة .   (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 02 نوفمبر 2009)
 

حصار وهرسلة وتهديد

 


يخضع منزل الصحفي التونسي سليم بوخذير القلم الحرّ لحصار مستمر من طرف البوليس السياسي وتلقت زوجته فور وصولها من صفاقس إلى تونس العاصمة مكالمة هاتفية من مصدر مجهول(تاكسي فون) من امرأة وتضمنت المكالمة تهديدا بدعوى الانتقام منه زاعمة أنها تلقت مرسلات هاتفية علما أن سليم بو خذير سلب منه هاتفه المحمول أثناء الاعتداء الجبان الأخير الذي تعرض له يوم الأربعاء 28 أكتوبر 2009 وسلبت منه كذلك بطاقة الهوية التي يمكن له بواسطتها اقاف الخط والصحفي سليم بوخذير في حالة صحّية متعبة جدّا ويقرؤكم السلام
 
ولمن أراد أن يتصل به فهذا رقمه الجديد20.230.157  
تونس في 2\ 11\2009 أحد أصدقاء سليم بوخير


حركة التجديد-بلاغ: جمع العدد 152 من صحيفة الطريق الجديد من الأسواق تونس في 2 نوفمبر 2009 بـــــــلاغ  

للمرة الثالثة في أقل من شهر تتعرض جريدة « الطريق الجديد » إلى المحاصرة والتضييق. فقد حجز العدد 149 بتاريخ 19 أكتوبر 2009 بتعلات واهية ثم تمّ تعطيل العدد 150 لمدة أربع وعشرين ساعة أثناء الحملة الانتخابية في تناقض صارخ مع أحكام القانون الذي ألغى الإيداع القانوني وأخيرا وقع جمع العدد 152 من الجريدة المؤرخ في 31 أكتوبر 2009 للحيلولة دون عرضه للعموم ودون أن تتصل إدارة الطريق الجديد بأي تفسير لهذا الإجراء. إن حركة التجديد تعبّر عن احتجاجها الصارم إزاء هذه التضييقات الهادفة لإسكات صوت المعارضة الجديّة وهي، إذ تطالب بالإقلاع عن هذه الممارسات والسماح بتوزيع الطريق الجديد فورا، فإنها تعبّر عن انشغالها العميق إزاء التوتر الواضح الذي اصطبغت به في الأيام الأخيرة علاقة السلط بالصحفيين والمدونين ونشطاء حقوق الإنسان.    عن حركة التجديد سمير الطيب عضو أمانة الحركة  


حزب تونسي معارض يتهم السلطات بمصادرة صحيفته

 


تونس (رويترز) – اتهمت حركة التجديد المعارضة في تونس يوم الاثنين 2 نوفمبر 2009 السلطات بمصادرة العدد الاخير من صحيفة الطريق الجديد الناطقة بلسانها. وقالت الحركة في بيان حصلت رويترز على نسخة منه « وقع جمع الجريدة للحيلولة دون عرضها للعموم ودون ان تتصل بادارة الطريق الجديد باي تفسير لهذا الصنيع ». ورشحت حركة التجديد أمينها العام أحمد ابراهيم للانتخابات الرئاسية لكنه لم يحصل على سوى قرابة 1 بالمئة من اصوات الناخبين في الانتخابات التي فاز بها الرئيس بن علي دون عناء بنسبة 89.62 بالمئة. وقالت حركة التجديد في بيانها انها « تحتج ازاء هذه التضييقات » وطالبت السلطات « بالاقلاع عن هذه الممارسات والسماح بتوزيع الطريق الجديد فورا ». ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق من السلطات. وعبرت الحركة عن « انشغالها العميق ازاء التوتر الواضح الذي اصطبغت به في الايام الاخيرة علاقة السلطة بالصحفيين والمدونين ونشطاء حقوق الانسان. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 2 نوفمبر 2009)

لجنة مساندة راضية النصراوى  امسية تضامنية  


نظم وفد من مختلف فعاليات المجتمع المدنى امسية تضامنية مع الناشطة الحقوقية راضية النصراوى وذلك يوم السيت الماضي  , هذا الوفد ضم بالخصوص السادة علي بن سالم , محمد بن سعيد , محمد عبو , عبد الرِؤِوف العيادى , احمد القلعى ,انور القوصري , محمد الزار, خالد بوجمعة , علي بن عيسي , سامي الرايس , بسام الطريفي , علي النفاتى , علي الوسلاتي , الشريف خرايفي , طارق السوسي , حسان الصفاقسي , عبد الجليل الرواحي , شكري رجب , محمد علي بن عيسى , سليم البلغوتي , طارق العبيدي , فتحي بن بريك , نجمة الزغلامي ,سيدة الزغلامي , كمال عمروسية , حميدة الدريدى , منيرة جمال الدين , الحبيب شلبى ,ياسين البجاوي , -و نعتذر ان سهونا عن ذكر بعض اسماء الحاضرين الجدير  بالذكران هذه الامسية تقررت عشية زيارة نضامنية سابقة انبثقت عنها لجنة مساندة تضم السادة علي بن سالم . محمد عبو , محمد معالى , سهام بن سدرين , محمد بن سعيد , سليم بوخدير , انور القوصري ,  عبدالله قرام , خالد بوجمعة , علي بن عيسى و عمار عمروسية عن اللجنة محمود الدوادي  


اعتداء شنيع على متفقد تعليم ابتدائي في حرم مدرسة ابتدائية


جدت وقائع هذا الاعتداء الشنيع يوم الجمعة الفارط 30 أكتوبر 2009 على الساعة الثامنة والنصف صباحا بعد انطلاق الدروس بقليل  بالمدرسة الابتدائية في القرية المتوسطية برادس – بن عروس حيث قام ولي  وهو ضابط شرطة باقتحام الفصل على معلمة لإدخال ابنيه المتأخرين فأعلمته المعلمة انه أخطا في الفصل وان ابنيه لا يدرسان عندها فطلب منها الولي – ضابط الشرطة أن تحملهما إلى الفصل المطلوب  إلا  أن المعلمة رفضت ذلك وطلبت منه أن يحملهما إلى المدير ليقوم  بإيصالهم  الى الفصل المطلوب إلا أن الولي – ضابط الشرطة صب عليها جام غضبه ناعتا المعلمين بأقبح النعوت وهو ما جعل المعلمة تفر هاربة إلى الفصل المجاور أين كان يوجد احد المتفقدين داخل الفصل  وقد خرج المتفقد لاستجلاء الأمر وتهدئة الولي إلا أن الولي واصل هيجانه وقام بالاعتداء بالعنف على المتفقد إلى حد إسقاطه أرضا وفعل نفس الشيء مع المساعد البييداغوجي ومع معلم أخر حاولا مساعدة المدير . وعلى اثر هذا الاعتداء دخل المعلمون في إضراب فوري والتحق بهم عدد من النقابيين في الجهة وتحول إضرابهم الى اعتصام عفوي وقد قررت الهياكل النقابية رفع الشارة الحمراء خلال الأسبوع الحالي والتحضير لحركة احتجاجية اقوي في صورة استمرار هذا الولي – الضابط طليقا وكذلك في صورة استمرار هرسلة المعلمين والمتفقد لسحب القضية او تغييرها إلى واقعة تبادل عنف . علما وان المتفقد المعتدى عليه سيتقاعد خلال شهر افريل القادم فهل يمثل هذا الاعتداء مكافأة نهاية الخدمة .؟ وكيف يتغير الاعتداء إلى تبادل عنف وقد وقع في حرم مدرسة وأمام تلاميذ وعلى موظفين أثناء تأدية واجبهم ؟ نقابي من تونس — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux  


عريضة وطنية : أوقفوا العنف ضد الاطار التربوي

   


نحن المدرسين والأساتذة والاطارت التربوية  والنقابيين ونشطاء المجتمع المدني والمواطنين الموقعين أدناه وبعد تواتر حالات الاعتداء اللفظي والمادي على الإطار التربوي من مدرسين وقييمين وإداريين في التعليم الأساسي والإعدادي والثانوي ونظرا لما تمثله هذه الاعتداءات من إهانة لكرامة الإطار التربوي ولحرمة المؤسسة التربوية فاننا : 1 – نعبر عن رفضنا الشديد واستنكارنا لكل أشكال الاعتداء اللفظي والمادي التي تستهدف الإطار التربوي بجميع أصنافه. 2 – نطالب وزارة الإشراف القيام  بإجراءات عملية وعاجلة لتوفير حماية للإطار التربوي وفق ما يفرضه القانون خاصة  الفصل التاسع من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية   والذي ينص على أن  » للعون العمومي الحق طبقا للنصوص الجاري بها العمل في الحماية ضد ما قد يتعرض إليه من تهديد أو هضم جانب أو شتم أو ثلب  » 3 – نطالب الهياكل النقابية الجهوية والوطنية التعاطي بحزم مع هذه الظاهرة والوقوف إلى جانب الإطار التربوي المعتدى عليهم وتقديم كل أشكال المساندة  إليهم. للإمضاء على العريضة يرجى إرسال الاسم واللقب والصفة إلى العنوان الالكتروني التالي : Solidarite.tunisie@gmail.com الامضاءات الاولى علما ان العريضة تبقى مفتوحة  للجميع : 1 – الاستاذ خالد الكريشي – محام – عضو الهيئة للجمعية التونسية  المديرة للمحامين الشبان  مدير تحرير نشرية الناصرية الممنوعة من الصدور 2 – رؤوف العشي – عضو النقابة الاساسية للتعليم الثانوي – بوسالم 3 – محمد العيادي – منسق المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية 4 – عاطف زائري – استاذ –  المدرسة الاعدادية الاحواش – فريانة 5 – محمد الحبيب بوثلجة –استاذ متقاعد – نقابي سابق 6 – غازي بن علية – صحفي ونقابي 7-  مسعود الرمضاني – استاذ 8 – احمد بوجرة – جامعي 9 – انيس منصوري – ناشط مستقل – باريس 10 – النفطي حولة – عضو النقابة الجهوية للتعليم الثانوي – بن عروس 11- جمال حقي – باحث جامعي 12 – زهير الخويلدي – استاذ مبرز – كاتب فلسفي 13 – سجيعة يعيش بلحاج – مرشدة في الاعلام والتوجيه المدرسي 14 – حسن القصار – استاذ جامعي  – تونس 15 – جيلاني العبدلي – ناشط حقوقي – فرنسا 16 – كمال الدين غربي – متفقد المدارس الابتدائية 17 – حمادي بن سويسي – متفقد المدارس الابتدائية 18 – سامي الطاهري 19 – الطيب بن رجب – استاذ بالمعهد العالي للعلوم الانسانية – تونس 20- معز الباي – صحفي 21 – سامي الزواري – كاتب عام النقابة الاساسية للتعليم الثانوي – الزهراء 22 – حمزة الفيل – باحث جامعي – نقابي 23 – نورالدين الورتتاني – جامعي ونقابي – تونس 24 –لطفي الساطوري – معلم تطبيق وكاتب عام النقابة الاساسية للتعليم الاساسي – المدينة الجديدة 25 – فتحي الجلاصي – استاذ تعليم ثانوي 26 – ظافر الصغير – نقابي من التعليم الاساسي – بن عروس 27 – صالح الخمار – استاذ تعليم ثانوي – عضو النقابة الاساسية للتعليم الثانوي بالحنشة – صفاقس 28 – المنجي بن صالح – استاذ تعليم تقني 29 –توفيق كركر – استاذ جامعي متقاعد 30 – محمد نجيب العمامي – كلية الاداب والعلوم الانسانية – سوسة 31 – ياسين زايد – كاتب عام لنقابة الاوراست خدمات – الجزائر 32 – الاسعد النجار – استاذ وعضو نقابة اساسية – حمام الشط 33 – المنصف المسلمي – متفقد المدارس الابتدائية 34 – محمد العيد محمدي – استاذ تعليم ثانوي – صفاقس 35 – فخري شمام – معلم  نقابي – قابس 36 – رضا الماجري – استاذ تعليم ثانوي – شاعر 37 – منجي سالم – استاذ تعليم ثانوي – ناشط حقوقي 38 – الزين ناجح – نقابي – قابس 39 – محسن تلالت – نقابي من التعليم الاساسي – ماطر  – تونس 40 – المنتصر الحملي – استاذ وعضو نقابة اساسية 41 – عبد الباسط عثمان – عضو  النقابة الاساسية بمدنين الجنوبية 42 – عبد الله المرواني – عضو فرع جامعي للتاطير والارشاد التربوي – بن عروس 43 – حمادي عثمان – متفقد المدارس الابتدائية 44 – رضا بوقديدة – مسرحي جامعي ونقابي 45 – التيجاني القماطي – متفقد اول للتعليم الثانوي – كاتب عام مساعد للنقابة العامة  لمتفقدي التعليم الثانوي 46 – ماهر السالمي – عضو الاتحاد الجهوي للشغل بمنوبة 47 – نورالدين الطرابلسي – متفقد المدارس الابتدائية 48 – فوزي القصيبي – استاذ اول – قليبية 49 – نايلة بن علية قصيبي – استاذة اولى – قليبية 50 – عبد الوهاب عمري – استاذ اول فوق الرتبة 51 – عايش شوشاني – متفقد اول للمدارس الابتدائية 52 – فتحي الرحماني – ناشط نقابي وسياسي 53 – محمد عبد الحميد – طالب مرحلة ثالثة 54 – هندة العرفاوي 55 – الشاذلي مغراوي – نقابي – ماطر — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux  

المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية البريد الالكتروني marced.nakabi@gmail.com :  تونس في 01 / 11 / 2009

جميعا من اجل إنجاح الحملة الوطنية أوقفوا العنف ضد الإطار التربوي

 


تواترت خلال السنوات الأخيرة وبنسق تصاعدي حالات الاعتداء اللفظي والمادي على المدرسين وبقية أعضاء الإطار التربوي من قيميين وإداريين وعملة  سواء كان ذلك في التعليم الأساسي أو الإعدادي أو الثانوي حتى أن هذه الاعتداءات تحولت إلى ظاهرة سلبية  تهدد استقرار الوسط التربوي , ونظرا لما تمثله هذه الاعتداءات من إهانة لكرامة الإطار التربوي  ولحرمة المؤسسة التربوية فان المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية  قرر إطلاق حملة وطنية تحت عنوان : أوقفوا العنف ضد الإطار التربوي وهي تهدف إلى التحسيس والتوعية بمخاطر هذه الاعتداءات والضغط على الإطراف الإدارية بتحمل مسؤوليتها القانونية في حماية رجال التربية والتعليم . إن هذه الحملة مفتوحة للجميع ولهذا يأمل المرصد من كافة التشكيلات النقابية والنشطاء الحقوقيين والمدرسين ومختلف أعضاء الأسرة التربوية  والمواطنين المشاركة بفعالية في  هذه الحملة   دفاعا عن كرامة الإطار التربوي  وحرمة المؤسسة التربوية . يمكن التواصل مع  الحملة  على مدونتها على العنوان التالي : http://hamla-nakabia.blogspot.com                   او كذلك على الشبكة الاجتماعية الفايس بوك على  الرابط التالي : http://www.facebook.com/home.php?ref=home#/group.php?gid=168845481502 كما يمكن ارسال المشاركات او الملاحظات على البريد الالكتروني التالي : Solidarite.tunisie@gmail.com      عن المرصد المنسق  محمد العيادي — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicales  

   الرابطـــــــة التونسيــــــــة للدفــــــــاع عن حقـــــــــــوق الإنســـــــــان Ligue Tunisienne pour la défense des Droits de l’Homme   تونس في 03 نوفمبر 2009                                        

بيان حول الانتخابات الرئاسية والتشريعية

                                  


تابعت الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وفروعها مختلف مراحل الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي جرت يوم 25 أكتوبر 2009 ، وذلك من منطلق اهتمامها بكل المحطات الهامة في الحياة العامة للبلاد وكذلك باعتبار ما يضمنه  الدستور التونسي والمواثيق الدولية ومنها بالخصوص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (في فصله الخامس والعشرين بصفة خاصة) من حق الشعب ، عبر انتخابات حّرة، ديمقراطية ونزيهة، في اختيار من يحكمه.                               وباعتبار أن الرابطة لا تتوفر لديها  الوسائل المادية والبشرية والتقنية لرصد كل مراحل الانتخابات ،بدءا بالتسجيل في القائمات الانتخابية وصولا إلى الترشحات والحملة الانتخابية و عملية الاقتراع وعملية الفرز وإعلان النتائج النهائية ،فهي تكتفي بالتأكيد على بعض الجوانب الهامة التي يمكن لكل متابع موضوعي أن يصل إليها :                                            1 – إن الانتخابات تفترض بالضرورة حياة سياسية تتميز بتعددية فكرية وسياسية وإعلامية فعلية تسمح بمنافسة حقيقية و متعادلة بين مختلف الأطراف التي تسعى إلى نيل ثقة الناخبين والناخبات.وقد أّكدت الانتخابات الأخيرة ونتائجها المعلنة أن الظروف المذكورة أعلاه ليست متوفرة لا قبل الانتخابات ولا خلالها.                                                                                                                           2 – إن مسألة الإشراف على تنظيم ومتابعة الانتخابات في جميع مراحلها لم تجد حتى الآن الحّل المناسب الذي تتوافق عليه الأطراف السياسية المعنية. فبين تشبّث السلطة بالمفهوم القائل بأن هذه المهمة من مشمولات وزارة الّداخلية وحدها ،ومطالبة عدد من أحزاب المعارضة بضرورة ضمان حيــــاد الإدارة ،ومن ثّم إسناد هذه المهمة إلى لجنة وطنية تضّم كافة الأطراف المعنية ،بقيت الأمور على حالها وواصلت  وزارة الّداخلية التفّرد بكافة الجوانب المتعّلقة بالعملية الانتخابية بدءا بضبط قائمات الناخبين والناخبات وصولا إلى عملية الاقتراع والإعلان عن النتائج ،وهو ما يجعل أطرافا عديدة معنية بالانتخابات تطرح مسألة في غاية من الأهمية ،ألا وهي مسألة مصداقية العملية الانتخابية في حّد ذاتها.                                   3- إن للإعلام أهمية قصوى في مواكبة الحملات الانتخابية لجميع الأطراف المتنافسة ،  والتعريف بمختلف البرامج المعروضة على الناخبين والناخبات ، شرط أن يكون ذلك على أساس الموضوعية التامة  وبالخصوص على أساس أقصى ما يمكن من العدل و المساواة بين الأطراف المتنافسة ،دون تفضيل لهذا الطرف على حساب بقية الأطراف…وهذا  مطلوب بصفة خاصة من الإعلام  العمومي..ومن الواضح لكل من تابع الأحداث في مختلف مراحلها واستمع إلى القنوات التلفزية والإذاعية العمومية وتجول في شوارع المدن والقرى قبل الحملة الانتخابية وخلالها أن تعامل الإعلام كان بعيدا عن العدل والمساواة بين مرشحي السلطة وبقية المرشحين.  كما أن تعامل الإدارة مع تعليق الصور والبيانات الانتخابية كان في أحيان كثيرة مخالفا لما نصت عليه المجلة الانتخابية من أن الإدارة تخصص مساحات متساوية لكل مترشح بالنسبة الانتخابات الرئاسية أو لكل قائمة من قائمات المترشحين بالنسبة للانتخابات الأخرى وانه بإمكانها إزالة أي تعليق يتم خارج الأماكن المخصصة من قبل الإدارة   أو في المساحات المخصصة للمترشحين الآخرين.                                                                       4- لقد سجلت قبل وبعد الحملة الانتخابية بعض الأحداث البارزة التي شّدت انتباه الملاحظين وأثارت عّدة تساؤلات ، نشير من بينها، على سبيل الذكر لا الحصر، الى سقوط العديد من قوائم المرشحين المقدمة في عدد كبير من الدوائر الانتخابية الستة والعشرين من طرف أحزاب المعارضة، دون أن يعلل هذا الإسقاط من طرف وزارة الداخلية، أو تم  بتعليل ضعيف أو مبهم أحيانا ، حتى أن بعض الأحزاب فقدت بهذه الصورة نصف قائماتها أو حتى ثلثيها..وكان من انعكاسات ذلك أن غابت بعض أحزاب المعارضة في مدن ذات كثافة سكنية كبيرة وثقل سياسي هام مثل العاصمة وصفاقس وغيرها….كما سجلت عملية تكتسي أهمية لا يستهان بها ، خاصة أنها تحدث للمرة الثانية بالنسبة للانتخابات الرئاسية ، وتمثلت في الحجز الذي تعرض له البيان الانتخابي لمرشح حركة التجديد –المبادرة الوطنية من اجل الديمقراطية والتقدم لرئاسة الجمهورية حيث لم يفرج عن البيان إلا بعد عشرة  أيام على افتتاح الحملة الانتخابية ،إلى جانب حجز أسبوعية « الطريق الجديد » الناطقة باسم نفس الحزب..                                                                                                                       5- أما النتائج المعلنة فأبرز ما تميزت به ،إضافة إلى الفوز الساحق الذي حققه الرئيس المنتهية ولايته واكتفاء المرشحين الثلاث المتبقين بتقاسم 10 بالمائة من أصوات الناخبين ،فهو أن أحزاب المعارضة الثمانية ، على مختلف ألوانها وتصنيفاتها ،خسرت الانتخابات في الدوائر الستة والعشرين بدون استثناء، ولم تتوصل إلى الفوز ولو بمقعد واحد في هذه الدوائر..وهو ما يثير تساؤلات عدة ومشروعة حول حقيقة التعددية في البلاد ومدى مصداقيتها.                                                                                                                    6- وفي النهاية ، فانه من الواضح أن الانتخابات الأخيرة والملابسات التي رافقتها والنتائج التي أسفرت عنها تطرح على جميع الأطراف ، سلطة ومعارضة ، العمل الدءوب على إعادة النظر في كل ما ينبغي مراجعته ، والإسراع بتطوير كافة العناصر والآليات المرتبطة بصفة مباشرة أو غير مباشرة بالمنظومة الانتخابية  ، حتى يتحقق ما ننشده من تقدم في اتجاه جعل المحطة الانتخابية مناسبة فريدة من نوعها يتوقف عليها مصير البلاد ، ويتمكن فيها الشعب التونسي  من الاختيار الحر والنزيه والشفاف بين برامج و اتجاهات مختلفة تطرح أمامه بكل حرية في نطاق منافسة حقيقية تتساوى فيها الفرص بين جميع الأطراف المتنافسة على نيل ثقة الناخبات والناخبين….                                                                  عن الهيئة المديرة   الرئيس   المختار الطريفي    21، نهج بودليــر- العمران-1005 تونس- الهاتف : 71.280596 – الفاكس : 71.892.866                                   ltdhcongres6@yahoo.fr البريد الإلكترونــي


الإصلاح والتنمية  البيــان الانتخــابي  نجدّد حياتنــا السيــاسيّـة

نص البيان الانتخابي للقائمة المستقلة الإصلاح و التنمية الذي لم ترخص مصلحة الإيداع القانوني بوزارة الداخلية توزيعه خلال الحملة الانتخابية لتشريعية أكتوبر 2009.   

أختي الناخبة..أخي الناخب   الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية استحقاق دستوري وطني يتكثف فيه الاهتمام بالشأن العام نقدا وتقييما واقتراحا. وهو مناسبة للمواطنين لمساءلة من تولوا المسؤولية وللتعرف على برامج المترشحين لها، وهو أيضا فرصة للسياسيين لمخاطبة الناس ونشر أفكارهم ومقترحاتهم والتفاعل مع الناخبين بشأنها. ولئن يحل موعد الاقتراع العام يوم 25 أكتوبر 2009 ، في مرحلة من تاريخ بلادنا لم تُستكمل فيها بعد جميع شروط الانتخابات التنافسية التي تتيح تداولا فعليا على السلطة، فإننا نشارك في هذا الاستحقاق عبر القائمة المستقلة « الإصلاح والتنمية » ذات اللون الزيتوني، لنمارس مواطنتنا ولنكرس خيارنا في المشاركة طريقا لتطوير الحياة السياسية، ولنعرض أفكارنا ومقترحاتنا بما تتيحه طبيعة الرهان، مركزين على الإصلاح السياسي الذي نعده من أولوياتنا ونراه المدخل الأنجع لمعالجة مختلف قضايانا. يحرّكنا في ذلك حب الناس والدفاع عن حقوقهم والعمل على إسعادهم والتعبير عن تطلعاتهم للكرامة والعدل والحرية، والتخفيف من معاناة بعضهم، وتدفعنا الغيرة على الوطن وشرف خدمته والعمل على رقيه.   ·من نحن؟ -نحن ننتمي إلى حضارة عربية إسلامية عريقة نفخر بالتواصل مع إرثها التنويري، كما ننتمي إلى بلد متجذر في ثقافة الإصلاح والتحديث، يعزّ علينا، ونحرص على مناعته واستقراره وتنميته ورخائه. نتحرك بروح العصر ونتبنى القيم الكونيّة التّي تضمن للإنسان حقوقه وتحفظ كرامته. -نحن تونسيون من أبناء جيل الاستقلال، نتواصل مع مشاغل تحديات بناء الدولة الحديثة وإسهامات من سبقونا في الإصلاح كما نتطلع إلى التعبير عن طموحات الأجيال الجديدة ومشاغلهم. -نحن نشطاء في المجتمع المدني، ممن تجاوبوا مع مشاغل الناس وحملوا همومهم وساندوا مطالبهم وعبّروا عن آمالهم وتحملوا مسؤوليات مختلفة في هياكل الجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية. -نحن تيار سياسي يتطلع إلى المساهمة في تجديد المنظومة السياسية بما يتيح للأجيال القادمة بيئة تزخر  بالحرية  والمشاركة والحوار، وظروفا أفضل لبناء الفضاء المواطني والإسهام في كسب رهانات التنمية وتحسين مستوى العيش. -نحن مستقلون نشارك خارج قائمات الأحزاب السياسية لكننا غير مُستقيلين، ننخرط في النضال من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان ونعمل من أجل الإصلاح السياسي ونشكل جزءا من المعارضة.   ·ما هي خصائص رؤيتنا السياسية ؟  رؤية سياسيّة تجديديّة في الخطاب والتمشي والأسلوب.    خطابنا -يستبعد التنافي والإقصاء والإكراه ويُحلّ التنافس السياسي ويرفض القطيعة والوفاق الشكلي. -يبرز المشتركات بين الفرقاء ويبني عليها دون أن يطمس الاختلافات. -يدعم المكتسبات ويعمل على تطويرها وينقد الأوضاع دون سوداوية. -يقترح أجندة للإصلاح لتطوير ديمقراطية تونسية المنشأ ويوضّح مسارات الانفتاح والانفراج والإنتقال الديمقراطي. -يعمل بجاذبية الديمقراطية ويفعّل المواطنة ويكرّس التعددية والاختلاف.     تمشينا -يعتمد الإصلاح الذي ينطلق من مرتكزات إيجابية في الواقع لمعالجة السلبيات، ويستبعد النقض واستئصال الخصم والبدائل الشمولية. -يتوخى التدرج والمرحلية  ويتميز بواقعية تنطلق من الممكن ولا تبحث عن الفرضيات الذهنية القصوى، ويتفهم تعقيدات الواقع وصعوباته، دون أن يبرّر البطء في الإصلاحات. -يعمل على تجسير العلاقة بين الدولة والمجتمع، وبين السلطة والمعارضة وبين أصحاب المصالح وأصحاب الحقوق.     أسلوبنا -يحرص على طمأنة مختلف أطراف العملية السياسية ببناء الثقة بينها. -ينفتح على مختلف الأطراف دون استثناء ويعالج مختلف القضايا دون تشنج أيديولوجي أو سياسي ويتمسك بالمبادئ ويتوخى المرونة ويرفض القوالب الجاهزة.     رؤية سياسية تعمل على:   -تعزيز التعددية المقررة في الدستور بتكريسها في المشهد الإعلامي والسياسي. -تطوير أداء السلطة والمعارضة وتوسيع منظومة المشاركة دون إقصاء. -اعتبار الدين الإسلامي والهوية العربية الإسلامية ثوابت مشتركة بين التونسيين جميعا وإخراجها من دائرة الصراع السياسي. -الترويج لثقافة الاختلاف والمشاركة وردّ الاعتبار للروح الوطنية وللمواطنة تحصينا لبلادنا من التطرف ووقاية لها من الهزات. -جعل الإصلاح السياسي أولوية وطنية وأساسا للتنمية وشرطا لحسن الاندماج في الاقتصاد المُعولم مع ضمان المصالح الوطنية وتحقيق الاندماج الإقليمي والدولي دون تفريط في استقلال القرار الوطني. – دعم الخيار الوطني في العمل على بناء الإتحاد المغاربي كخيار إستراتيجي وتعزيز العلاقات مع الدول العربية والإسلامية. – دعم القضايا العربية والإسلامية وفي مقدمتها قضية فلسطين ومساندة القضايا العادلة وحق الشعوب في مقاومة الاحتلال. -دعم التعاون والشراكة مع الإتحاد الأوروبي ومع الدول الصديقة والشقيقة والمجموعات الإقليمية على قاعدة احترام السيادة الوطنية والمصالح المشتركة وتحقيق السلم والاستقرار والرخاء. -دعم حوار الحضارات والتقريب بين الشعوب واحترام الخصوصيات الثقافية ونبذ العنصرية.   ·ماذا نعارض؟   نعارض بطء الإصلاح السياسي واستمرار عناصر جاذبية التسلط في النظام السياسي.   1-احتكار الحزب الحاكم ووصايته على الحياة السياسية، بما يكرّس الهيمنة والزبونية ويضعف التعددية في الواقع ويعطل التنمية السياسية. 2-اختلال التوازن بين السلطات وهيمنة السلطة التنفيذية وعدم حياد الإدارة بما يضعف مؤسسات النظام الجمهوري. 3-التضييق على حرية التنظّم السياسي والجمعيات بما يضعف المجتمع المدني ويقلص من الحريات الفردية والعامة ويكرس اللامبالاة والعزوف عن الشأن العام ويحرم البلاد من تعبئة كل الطاقات في مواجهة التحديات ويُروّج لثقافة الولاء. 4-الرقابة على الإعلام بأنواعه بما يضيّق من حرية التعبير والجرأة في النقد وطرح الملفات ويقلّص ثقافة المطالبة بالحقوق. 5-تغليب التعاطي الأمني مع الملفات السياسية والاجتماعية بما أدى إلى انحسار المشاركة واستبعاد المعارضة كمؤسسة دستورية تحظى بالإحترام وتؤثر في القرار، وبما دفع باتجاه انتهاج القطيعة  لدى بعض أطرافها.   نعارض السياسات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية ذات المردود السلبي.   1-الإشراك الضعيف للأطراف السياسية والاجتماعية في الاستشارات الوطنية بما يفرغها من محتواها ويكرّس الأحادية في وضع السياسات التنموية. 2-السياسات الاقتصادية وتقاليد المركزية المفرطة وتعثر الإصلاح الإداري التي تحدّ من تطوير القطاع الخاص ومساهمته في دعم الاستثمار والتنمية وامتصاص أزمة البطالة، وضعف الشفافية في مناخ الأعمال (الخوصصة، المشاريع الكبرى، التحفظ على المعلومات، التسهيلات والعراقيل…) 3-السياسات التي أدّت إلى تدهور المقدرة الشرائية للأجراء وإلى التداين المفرط للطبقة الوسطى وإلى تراجع خدمات الدولة وجودتها في مجالات الصحّة والتعليم والتنقل والطفولة والشباب. 4-سياسات دعم التشغيل التي برزت محدوديتها في امتصاص أزمة البطالة وأضفت الهشاشة على  سوق الشغل. 5-مسارات إصلاح التعليم والتكوين المتعثرة وعدم ملاءمتها لسوق الشغل وتراجع مستوى المتعلمين والخريجين وتدهور الأوضاع المادية لمؤسسات التعليم الابتدائي والثانوي والجامعي وضعف الخدمات بها بما يؤثر سلبا على أدائها. 6-ضعف السياسات الاجتماعية المتكاملة والنشطة لمعالجة مظاهر التهميش والهجرة السرية والعنف والتفكك الأسري والتطرّف، وقصور الإعتمادات والبرامج المخصصة لإدماج الأحياء الشعبية في النسيج الحضري بما يحسّن نوعية العيش فيها. 7-قصور السياسات التنموية بالجهات عن تحقيق تكافؤ الفرص والتوازن الجهوي. 8-ضعف نجاعة السياسات المُوجّهة للطفولة والشباب باعتبارهم الفئات الأكثر هشاشة وعرضة للمخاطر. 9-عدم إعطاء القطاع الفلاحي مكانته الإستراتيجية وتراجع الدعم العمومي فيه  وضعف التشجيع على الاستثمار الخاص، رغم أهمية هذا القطاع في ضمان الأمن الغذائي وتحسين مستوى العيش. 10ـ ضعف السياسات الداعمة للثقافة من نشر وترجمة وإبداع، وطغيان الفرجويّة والترفيه والتنشيط على المشهد الثقافي والحدّ من حرية الإبداع الذي يرتقي بالذوق ويطوّر القيم.   ·ماذا نقترح؟   1.اتخاذ إجراءات انفراجية في الحياة السياسية وفي مقدمتها إطلاق سراح من تبقى من المساجين السياسيين ومساجين الحوض المنجمي وتسوية عودة المغتربين ورفع التضييقات عن جمعيات المجتمع المدني وعن الأحزاب السياسية وإطلاق حرية الإعلام وسنّ قانون للعفو التشريعي العام. 2.إطلاق حوار وطني بين الأطراف السياسية دون استثناء، من أجل وضع أجندة للإصلاح مُحدّدة في المواضيع والزمن وذات مؤشرات لقيس مدى التقدم في تنفيذها. 3.ضمان حياد الإدارة بالفصل الكامل بين مؤسسات الدولة والحزب الحاكم ومنع أي نشاط حزبي داخل المؤسسات، وتكريس حياد الأجهزة الأمنية في الخلافات السياسية. 4.تنقيح القوانين المنظمة للحياة العامة مثل قانون الأحزاب وقانون الجمعيات والمجلة الانتخابية ومجلة الصحافة … بما يضمن حرية التنظّم وحرية الرأي والتعبير ويتيح مشاركة سياسية حرّة وتعددية وتنافسيّة. 5.إصلاح مؤسسات النظام الجمهوري بتجديدها وتفعيل دورها وصياغة عقد اجتماعي جديد يؤسس لدولة الحقوق والمؤسسات ويؤمّن منظومة مشاركة ديمقراطية ويحدّد المصالح الوطنية والتحديات والتهديدات ويشرّك جميع الأطراف في التصدي إليها. 6.تنقيح الدستور بما يضمن الفصل الفعلي بين السلطات وتكاملها وتوازنها ويُؤمّن عدم انتهاك الحريات وحقوق الإنسان ويجعل الحكومة مسؤولة أمام البرلمان ويُتيح تداولا فعليا على الحكم عبر الانتخابات. 7.بعث محكمة دستورية تضمن علوية الدستور وملاءمة جميع القوانين له ويمكن أن يتظلّم لديها الأشخاص أو الهيئات.  8.تقليص المركزية في المؤسسات والقرارات بدعم الديمقراطية المحليّة عبر مراجعة القوانين الأساسية للمجالس الجهوية وللبلديات وتطويرالمجالس القروية، بما يضفي عليها ديمقراطية أكثر، ومنحها مزيدا من الحرية والاستقلالية في إدارة الشؤون المحلية. 9.مراجعة سياسة التشغيل الحالية التي تسببت في هشاشة مواطن الشغل المدعومة وإحكام التنسيق بين كافة المتدخلين في سوق الشغل. 10. تطوير برامج تنموية جديدة قائمة على تشخيص جيد للواقع وتعتمد التمييز الإيجابي الانتقالي لفائدة الجهات التي لم تأخذ حظها من النمو، وذلك لدفع الاستثمار فيها وتوفير الفرص وتحسين نوعية العيش فيها. 11. مراجعة سياسات الإصلاح التربوي بما يعيد للمعرفة اعتبارها وللشهادات العلمية قيمتها وللمدرسة دورها في الارتقاء الاجتماعي وخدمة التنمية والنهوض بالثقافة الوطنية. 12. تطوير سياسات اجتماعية تسند العائلة وتدعم المكاسب التحررية لصالح الأسرة بما يحقق المساواة بين الجنسين ويوفر بيئة اجتماعية أفضل للأجيال القادمة. 13. ترشيد دعم الدولة للنشر والإبداع والإنتاج الثقافي وتشجيع الإنتاج الشبابي وتيسير مواكبة المنتوج الفكري والثقافي لكافة الفئات العمرية والاجتماعية خاصة في الجهات الداخلية والأحياء الشعبية. 14.العناية ببرامج حماية البيئة والمحيط خاصة في المناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية والإسراع بإنجاز المشاريع المبرمجة، وحسن التصرف في الموارد المائية وتشجيع ترشيد استهلاك الطاقة وتطوير الطاقات المتجددة.   أيها الناخبون .. أيتها الناخبات   صوّتوا لقائمة الإصلاح والتنمية صوّتوا لأفكار جديدة في المجتمع صوّتوا لمن يحملون آمالكم في الإصلاح والتطوير صوّتوا للون الزيتوني

ناشط تونسى: لا يوجد حوار فى تونس إلا بالسلاح

بقلم: رحمة رمضان أكد إيفين مارتن أحد أهم النشطاء الحقوقيين بأسبانيا، أن المشكلة الاجتماعية للشراكة الأورومتوسطية تتلخص فى بعدين الأول الهجرة غير الشرعية والثانية هى مشكلة البطالة، لذلك يرى مارتن أن هناك ضرورة عمل نظام اقتصادى أوروبى يعمم على الدول العربية ووضع سياسات اجتماعية متكاملة، كما قدم مارتن عدة اقتراحات لتحقيق التعاون بين دول الشمال والجنوب، وذلك من خلال إشراف المجتمع المدنى فى السياسات العامة للدول وتوسيع وتعزيز الخدمة المجتمعية، بالإضافة إلى مراقبة المجتمع المدنى للسياسات الوطنية وعمل نرصد لرصد المشاكل الوطنية. جاء ذلك على هامش الجلسة الافتتاحية لندوة « من أجل بعد اجتماعى حقيقى للشراكة الأورومتوسطية » التى عقدت صباح اليوم الأحد. واتفق معه فى الرأى حافظ أبو سعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان فى ضرورة توسيع وتعديل الخدمة المجتمعية وإشراك المجتمع المدنى فى السياسات العامة للدولة. وفى الجلسة الثانية للندوة تحدث أحد أبرز النشطاء الحقوقيين بتونس المختار الطريفى عن (حرية الجمعيات و النقابات) وقال الطريفى إنه لا يكاد يكون هناك منظمة نقابة غير تابعة للسلطات داخل الدول العربية وضرب بذلك مثال أن نقابة الصحفيين بدولته قامت الحكومة بعمل انقلاب وتشكيل مكتب جديد للنقابة تابع للسلطة. وأشار الطريفى أن هناك صعوبة شديدة بتونس لإقامة منظمة أهلية، حيث إنه لا يوجد غير منظمة أهلية للهجرة الغير شرعية بتونس سوى التي تمتلكها زوجة الرئيس التونسى ومحظور إنشاء غيرها فى نفس المجال. وأكد الناشط التونسى فى جملة وصفها بغير المجازية، أنه لا يوجد حوار بتونس إلا بسلاح، متسائلا: كيف نطالب بضرورة الحوار بين دول الشمال والجنوب ومازالت هناك قيود داخل دول الوطن العربى وخاصة على الانتقال داخل الدول العربية. وفى نهاية الجلسة تم عرض فيلم تسجيلى عن صور التعذيب داخل المعتقلات التونسية. (المصدر: « اليوم السابع » (يومية – مصر) بتاريخ 1 نوفمبر 2009) الرابط:http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=151828&SecID=88&IssueID=0  

تونس: ترشّــح زين العابدين وفاز بن علي!

ياسمينة صالح لم تكن الانتخابات الرئاسية التونسية حدثا وطنيا ولا إقليميا ولا دوليا (هذا قدر الانتخابات الرئاسية العربية)، ربما لأن الجميع كان يعرف نتيجتها، مثلما عرف الجميع أن الرئيس زين العابدين بن علي لن يتزحزح قيد أنملة من منصبه، ليس لأنه الأفضل، وليس لأن حب التونسيين له لا يضاهيه حب، وليس لأن الانجازات التي حققتها تونس في عهده كانت مثالية أو استثنائية أو تاريخية بالمعنى الإيجابي للكلمة، بل لأن زين العابدين بن علي جاء ليبقى! الوعد الذي لن يتحقق! عندما ظهر زين العابدين بن علي إعلاميا لأول مرة في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، ظهر كجنرال يمتطي ظهر الوعود السياسية. كان سهلا وقتها أن يتلفظ « بن علي » بكلمات كبيرة جدا عن ضرورة التغيير، ذهب به حبه للتغيير ول »مصلحة » الشعب حد انتقاد الرئيس التونسي وقتها « الحبيب بورقيبة » الذي كان في مرحلة الخرف السياسي العمري، بحيث لم يكن يستوعب ما يدور حوله، وكان عليه أن يتنحى قبل أن يبغ سن الخرف الفيزيولوجي، لكنه لم يفعل، ليأتي « زين العابدين بن علي » ويأخذ الحكم منه في انقلاب « أبيض » في نوفمبر 1987 من القرن الماضي، واعدا التونسيين بالتغيير في أشهر خطاباته السياسية ، قال لهم « زمن الظلم والسجون والمعتقلات انتهى » ولم يكتفي بهذا، بل ذهب إلى أن عاهد التونسيين عهدا صادقا أنه لم يسمح بأن يحكم أي رئيس تونس أكثر من خمس سنوات (عهدة رئاسية واحدة)، وأن التعددية هي التي سوف تقود تونس إلى التغيير الحقيقي والانفراج السياسي! كان ذلك أياما قبل أن يجلس على الكرسي، وقتها شعر التونسيون بالسعادة، أن يأتي هذا العسكري إلى الحكم حاملا أمل التغيير الذي يحتاجه الجميع، خاصة أنه هو نفسه إن لم ينجح في التغيير فلن يبق لعهدة رئاسية أخرى طالما وعد الحر دين! لكن زين العابدين أخلف وعده ونكثه، ولم يغادر، من وقتها وهو ينظر إلى التونسيين كملكية خاصة، مستغلا كل المتاح وغير المتاح لتحويل هذا البلد الجميل إلى معتقل كبير، وجد فيه التونسيون أنفسهم في الفخ دون أن يستطيعوا استيعاب اللعبة القذرة التي مورست عليهم. كل شيء حدث بسرعة، وقعت تغييرات إستراتيجية كبيرة في مؤسسات حساسة من الدولة، منحت مناصب للمقربين إلى الرئيس بن علي وزوجته، وتم تهميش الرجال الذين كانوا يحلمون بالتغيير الحقيقي، بعض المهمشين وجدوا أنفسهم في السجن لأنهم انتقدوا الرئيس. اتسعت الاعتقالات لتطال المواطنين العاديين، بعضهم كتب على النت رأيه، لم يكن سياسيا ولا منخرطا في حزب إسلامي، لكنه اعتقل، ورمي به في السجن، حيث الداخل إليه ليس كالخارج، والخارج منه ليس إنسانا سويا، بعد أن كشف حقوقيون تونسيين أن الخارجين من السجون التونسية يعانون إما من الأمراض الخطيرة ( السرطان) أو من أمراض نفسية، بعضهم في حالة يرثى لها!وإن بدت الحرب المعلنة من « سيادته » ضد الإسلاميين، فهي طالت فئات كثيرة من الشعب في نفس الوقت، طالت المثقفين، مثلما طالت الإعلاميين المستقلين، ومثلما طالت النقابات الحرة، ومثلما طالت المواطنين المدهوسين تحت أحذية الفساد والرشوة والمحسوبية، حيث جاء أن أزيد من 54% من التونسيين تحت الخط الأحمر من الفقر، وأن مناطق الجنوب تحتل المرتبة الأولى من المسحوقين والمنبوذين الذين يحملون الشعور أنهم تونسيون درجة ثانية!لقد انهار الإنسان أمام واقع مغلوط، يتكلم فيه الإعلام التونسي الرسمي عن انجازات رهيبة تحققت في 21 سنة من حكم بن علي. شاب في الواحد والعشرين في تونس يحلم بالهجرة على متن قوارب الموت. ذلك بالضبط ما تحقق في غياب فرص العمل، وفي غياب القانون، وفي غياب ثقافة التغيير الحقيقية، بحيث ليس من الديمقراطية في شيء فرض رئيس واحد على الشعب طوال 21 سنة! حاكمة قرطاج! تونس الدولة الرائعة بشعبها الأصيل والأبي تحولت إلى مزرعة يحكمها المقربون من العائلة الحاكمة، نفس السيناريو نجده في الجزائر، مثلما نجده في المغرب، وفي ليبيا، لكن الشيء الذي يبدو ملفتا للانتباه هو نفسه الذي كشفه أضخم كتاب صدر مؤخرا يتناول لأول مرة السيدة الأولى في تونس، تلك المرأة التي تعمل في الظل، على الرغم من ظهورها اليومي. كتاب نزل كقنبلة مدوية يحمل العنوان نفسه « حاكمة قرطاج »، يقول للتونسيين بصريح العبارة: في الحقيقة تونس تحكمها السيدة ليلى طرابلسي بن علي التي تلقب في الكواليس بالرئيسة! كتاب مثير للصدمة، صدر في فرنسا بقلم « باتريك بو » و « كاترين غراسييه » ، وإن أغضب الرئيس التونسي وأسرته كثيرا، فقد أغضب حرمه وأسرتها أكثر مما أغضبتها كتب أخرى تناولت الدور الذي تلعبه في الخفاء مع عائلتها المهيمنة على الاقتصاد التونسي، ربما لأن هذه المرة، ما جاء في الكتاب كما كتب في مقدمته ليس مجرد انطباع صحافيين فرنسيين، بل جاء من مصادر تونسية موثوقة، وأنه ما كان ليصدر كتابا بهذا الحجم لولا تلك المصادر التي يمكن تقديمها لأي هيئة قضائية دولية قد تلجأ إليها سيدة تونس الأولى للطعن في الحقائق، والتي تلخصت في الاستيلاء على عرق التونسيين، ومنح الأولويات لأهل الرئيس وأهل  » الرئيسة »، بيد أن تلك الهيمنة لا تعد كونها بورجوازية ممنوحة على طبق من ذبح بموجب المنصب الذي يحتله الرئيس التونسي، إنما تجاوزتها إلى غاية الاختلاس والنهب، والفساد على كل المستويات. فالسيدة « ليلى طرابلسي بن علي » ليست مجرد زوجة رئيس، إنها الملكة على تونس، واحدة من أكثر نساء رؤساء العرب استفادة من منصب زوجها، لم تساهم في جعل أفراد أسرتها المنحدرين من الطبقة الفقيرة أثرياء جدا فحسب، بل وساهمت في ضرب الاقتصاد التونسي بموجب ممارسات النهب شبه الصريح وبموجب الاعتداء على ممتلكات الآخرين باسم السلطة، ناهيك على أنه لا يمكن أن تتم صفقات اقتصادية دون أن تحظى بنسبة من الغنيمة، وأنها بهذا أسست لإمبراطورية يسودها الفساد الإداري والاقتصادي في أقذر صوره، في دولة منهكة على الرغم من كل ما يقال عنها، ويضيف الكتاب ليتساءل كيف أن تونس برغم أنها أرادت أن يضرب بها المثل في الديمقراطية والابتعاد عن التطرف، والعنف، لم تصل إلى مرتبة مرموقة على الصعيد الدولي اقتصاديا، وفي مجالات حساسة مثل حقوق الإنسان حيث مئات الآلاف من المعتقلين يعيشون أوضاعا مزرية بسبب انتقادات عادية لسياسة النظام الداخلية، أما الإسلاميين فهم في أقبية السجون يتحول تعذيبهم إلى وسيلة للقتل النفسي ضدهم كي لا يفكروا في أخذ الكرسي من الرئيس الذي قضى 21 عاما جالسا في منصب غامض، والحال أن القناة الخامسة الفرنسية في ريبورتاج بمناسبة الانتخابات الرئاسية التونسية الأخيرة ذهبت لأبعد من هذا حيث تساءلت كيف أن دولة مثل تونس حاولت أن تكون أوروبية أكثر من الأوربيين أنفسهم تبدو قاب قوسين من الانهيار؟ مضيفة: أين يكمن الخلل؟ ذلك السؤال الذي تبدو إجابته جلية، على اعتبار أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في السبعينات من العمر، ولن يعيش دائما! فأحيانا يبدو الموت رحمة للشعوب. (المصدر: « المسلم اليوم » (موقع سعودي) بتاريخ 1 نوفمبر 2009) الرابط: http://www.almoslim.net/node/119747


لماذا صوّت التونسيون لبن علي؟

 


خيرالله خيرالله لم يكن تصويت المواطنين التونسيين بكثافة للرئيس زين العابدين بن علي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة سوى تعبير عن تمسكهم بمشروع معيّن يقوم على التنمية المستمرة والاستقرار بعيداً عن الشعارات التي لم تبنِ بلداً ولم تطعم شعباً ولم تحمِ نظاماً في المدى الطويل. في النهاية امتلك الرئيس التونسي الذي تولى السلطة في العام 1987 من القرن الماضي ما يكفي من الشجاعة لقول الحقيقة، كما هي من دون مواربة، للتونسيين بعيداً عن أي نوع من أنواع التملق للشارع. اكتشف التونسيون في ضوء التجارب التي مروا بها منذ الاستقلال أن لا خيار أمامهم سوى التمسك بمشروع بن علي الذي يشكل تطويراً لسياسة ثابتة تقوم على الاستثمار في الإنسان، في المرأة والرجل في آن، بعيداً عن أي نوع من العقد. هناك في العالم العربي عدد قليل من الزعماء يرفضون الانقياد للشارع والسقوط في لعبة المزايدات التي يمكن أن ترتد عاجلاً أم آجلاً على من يمارسها. هؤلاء الزعماء لا يتنكرون للماضي وينقلبون عليه، بل يأخذون أفضل ما فيه. لذلك كانت تجربة تونس ناجحة الى حد كبير من منطلق أن زين العابدين بن علي لم يجد أن عليه أن يرفض ما تحقق في عهد الحبيب بورقيبة كي يثبت أن لديه ما يقدمه للتونسيين ولتونس. على العكس من ذلك، استطاع الرئيس التونسي اثر « التحول » الذي حصل في السابع من نوفمبر 1987 إنقاذ التجربة البورقيبية من حال الترهل التي تعرضت لها اثر تقدم الرئيس الراحل في العمر. وعمل في الوقت ذاته على تطوير التجربة مع التركيز على الجوانب المشرقة فيها، خصوصاً الجانب المتعلق بحقوق المرأة والانفتاح على العالم من دون تقديم أي تنازلات تتعلق بالهوية العربية والإسلامية لتونس بعيداً عن أي نوع من التطرف أو التشنج في أي مجال كان. باختصار شديد، أنقذ « تحول » العام 1987 تونس وحال دون سقوطها في متاهات التطرف والانغلاق على الذات التي كانت تسعى اليها بقوة أحزاب معينة تدعي أنها إسلامية ولا تخدم في واقع الحال سوى جهات خارجية تتربص تونس وتريد لها الخراب. لم يفت التونسيين أن التجربة التي مر بها بلدهم منذ العام 1987 أتاحت لهم العيش في ظل نظام مستقر يعرف تماماً ما الذي يريده والى أين يريد أن يصل. ليس سراً أن النظام في تونس يعمل من أجل نقل البلد الى مكان آخر. من دولة نامية، الى دولة متقدمة. من يظن هذا الأمر مستحيلاً، يمكن إحالته على لغة الأرقام. تقول لغة الأرقام إن دخل الفرد في تونس كان في العام 1986 نحو 960 ديناراً، ما هو أقل من تسعمئة دولار أميركي، فإذا به في السنة 2008 نحو أربعة آلاف وثمانمئة دينار، ما يوازي أربعة آلاف دولار. أوليس ذلك إنجازاً في حد ذاته في بلد لا يملك الكثير من الثروات الطبيعية؟. ما سر التقدم الذي حققته تونس في مجال التنمية ولماذا لم تسقط كغيرها، كالجزائر مثلاً التي تمتلك ثروات كبيرة، ضحية التطرف الديني؟ الجواب ذو شقين. الشق الأول أن تونس تعاطت باكراً بحزم مع التطرف الديني. تبين بكل وضوح أن التطرف الديني، الذي يلبس في أحيان كثيرة لبوساً مرتبطاً الى حد كبير بالاعتدال ويحاول استغلال الديموقراطية لأغراض لا علاقة لها بتداول السلطة أو بالأسس التي تقوم عليها أي ديموقراطية، ليس سوى نسخة مقنعة عن الحركات الإرهابية من نوع « القاعدة ». أما الجانب الآخر الذي سمح لتونس بمواجهة التطرف، فيتمثل في الاستثمار في التعليم وتطوير البرامج التربوية. سجلت نفقات الدولة في مجال التعليم العالي والتربية في الفترة بين العامين 1986 و2008 زيادة نسبتها عشرة في المئة سنوياً. هذه النسبة هي الأعلى في العالم. والتعليم في تونس، فضلاً عن كونه مجانياً في كل درجاته، إلزامي بالنسبة الى كل الأطفال من سن السادسة الى سن السادسة عشر. صوّت التونسيون لمصلحة مشروع متكامل لا أكثر ولا أقل. السؤال الآن كيف يكون تطوير التجربة حتى لا تراوح مكانها وكيف يمكن تطوير المشروع نفسه. كان لافتاً أن المنافسة على موقع الرئاسة كانت بين أربعة مرشحين. كانت صور الأربعة في كل زاوية من تونس العاصمة والمدن الكبرى. ولكن بدا واضحاً أن التجمع الدستوري الديموقراطي، وهو الحزب الحاكم، يمتلك آلة تنظيمية ضخمة على كل المستويات أتاحت له تقديم مرشحين للانتخابات التشريعية التي جرت في موازاة الانتخابات الرئاسية، في كل الدوائر. بدا واضحاً أن بعض الأحزاب المعارضة ستكون قادرة على تطوير نفسها مستقبلاً، خصوصاً الأحزاب التي لا تتلقى دعماً من الخارج، وهو أمر مرفوض بشدة من التونسيين أنفسهم قبل أن يكون مرفوضاً من الدولة ومؤسساتها. هناك شيء اسمه الوطنية التونسية يشعر به الزائر أينما حل في البلد. تونس الى أين؟ لا شك أن ما تحقق على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي وعلى صعيد الاستقرار السياسي والأمني يمثل إنجازات ضخمة. ولا شك أن المشروع التونسي القائم على ايجاد طبقة متوسطة كبيرة حقق نجاحاً. معظم التونسيين ينتمون الى الطبقة المتوسطة ومعظمهم يمتلكون منازلهم. كيف السبيل لتطوير التجربة سياساً والانتقال بها الى آفاق التعددية السياسية في دولة ذات مؤسسات متينة؟ ربما كان ذلك السؤال الكبير. الانتخابات الأخيرة خطوة أولى في اتجاه التعددية وتثبيتها. في النهاية، على التونسيين وعلى تونس العيش على الضفة الأخرى من المتوسط. إنها الضفة المقابلة لأوروبا. صحيح أن في استطاعتها المحافظة على خصوصية معينة لتجربتها، لكن الصحيح أيضاً أنها لا تستطيع الانتقال الى مصاف الدول المتقدمة من دون التطوير المستمر للتجربة والمشروع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي انحاز التونسيون له في الانتخابات الأخيرة.   (المصدر:جريدة المستقبل(بيروت – لبنان)الاثنين 2 تشرين الثاني 2009 – العدد 3471 – رأي و فكر – صفحة 19)

لجنة الدفاع عن المطرودين والمجمدين والمبعدين من حزب الوحدة الشعبية
بيـــــان 

تعرب لجنة الدفاع عن المطرودين والمجمدين والمبعدين من حزب الوحدة الشعبية عن ارتياحها للأجواء الديمقراطية التي جرت خلالها الانتخابات الرئاسية والتشريعية يوم 25 أكتوبر 2009 وتتقدّم اللجنة بأحرّ التهاني إلى كلّ الذين نالوا ثقة الشعب.كما تعرب اللجنة عن عميق أسفها للأخطاء السياسية التي ارتكبها حزب الوحدة الشعبية خلال الحملة الانتخابية.وتؤكد اللجنة أنّ النتائج التي تحصل عليها الحزب في الانتخابات التشريعية والرئاسية لا يمكن أن تخفي حجم المشاكل والتأثيرات السلبية التي أضحت تلازم الحزب بعد 25 أكتوبر 2009 ولا سيما بعد قرار أربعة من أعضاء مكتبه السياسي تجميد نشاطهم داخل المكتب ثم التراجع عن هذا القرار بعد مشاورات ولقاءات مكثفة مع الأمين العام للحزب.   وتشير اللجنة إلى مساندتها للحركة الاحتجاجية لأعضاء المكتب السياسي الأربعة وترحبّ بأيّ اتفاق من شأنه أن يصحّح مسار الحزب ويرفع المظالم عن المناضلين لكنها تبدي قلقا إزاء طبيعة الاتفاق الحاصل بينهم وبين الأمين العام وتؤكد أنّ أيّ اتفاق لا يحافظ على الثوابت الأخلاقية والحزبية فاقد للشرعية.  وتؤكد اللجنة على أنها ظلت على امتداد الحملة الانتخابية محافظة على المسار الديمقراطي ولم تنشر بيانات رغم حجم الأخطاء المرتكبة من قبل قيادة الحزب لكنها تعلم الرأي العام أنها بصدد إعداد دراسة معمقة وتفصيلية حول مشاركة حزب الوحدة الشعبية في الانتخابات التشريعية والرئاسية من لحظة تشكيل القائمات إلى لحظة الإعلان عن النتائج.  الدائرة الإعلامية  


حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي بـــــــــــيـــــــــــان  


اجتمع المكتب السياسي لحزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي مساء السبت 31 أكتوبر 2009 وتناول بالدرس تقييم مشاركة الحزب وأدائه في الانتخابات التشريعية والرئاسية.   وأكد المكتب السياسي على:   أولا: العزم على المثابرة والمضي قُدما في مزيد ترسيخ ثوابت الحزب وتعميق خياراته وتفعيل المبادرات التي أطلقها خلال الحملة الانتخابية، لإيمانه أن التحديث السياسي يتطلب من جميع الأطراف، الجدية والمسؤولية وتكريس التنافس البنّاء بين مختلف البرامج على أرضية وطنية .   ثانيا: تثمينه العالي لأداء الأخ الأمين العام للحزب ومرشحه للانتخابات الرئاسية  ولبرنامجه الانتخابي الرئاسي والمبادرات التي أطلقها منذ الإعلان عن الترشح إلى اختتام  الحملة الانتخابية   ثالثا: تقديره عاليا الالتزام المعلن والصريح من قبل مرشح حزبنا للانتخابات الرئاسية بثوابت الحزب وخياراته الوطنية والقومية وبرنامجه السياسي على امتداد الحملة الانتخابية والتي عبّرت بروح نضالية عالية عن  التزام وطني عميق وعن مسؤولية عالية تجاه الوطن والشعب وقضايا الأمة العربية العادلة. رابعا: إكباره للدور الايجابي الذي قام به مناضلو ومناضلات الحزب طيلة الحملة الانتخابية الرئاسية والتشريعية والتزامهم خلال تحركاتهم الميدانية بثوابت الحزب وتوصياته وتقيّدهم بالقوانين المنظمة للعملية الانتخابية وتفانيهم في خدمة المصلحة العليا للبلاد والحزب.   خامسا: تقديره وامتنانه لأنصار وأصدقاء الحزب ولكل الناخبين الذين وضعوا ثقتهم في مرشحي حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي.   الأمين العام احمد اينوبلي


تشارك فيه كل من فرنسا وإسبانيا والجزائر والمغرب وتونس اختيار القيروان لتنفيذ مشاريع تأهيل ثقافي ضمن مشروع «منتدى»

 


تونس – المنجي السعيداني تم اختيار مدينة القيروان التونسية لاحتضان جزء مهم من المشروع الأورومتوسطي الهادف إلى تثمين التراث التقليدي وتنشيطه والتعريف به وإدماجه لدى النخب والمواطنين كعامل مهم للتنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. وتشارك في المشروع الأورومتوسطي الجديد، الذي يحمل اسم «منتدى»، خمس دول، وتضم القائمة كلا من: فرنسا، وإسبانيا، والجزائر، والمغرب، وتونس. وتقدر التكلفة الإجمالية لهذا المشروع بقرابة 3.5 مليون دينار تونسي (نحو 1.8 مليون يورو)، 80 في المائة من المبلغ عبارة عن تمويل أوروبي، والبقية، أي 20 في المائة، ستتكفل بها الحكومة الإسبانية. وستحصل تونس على مبلغ 400 ألف دينار تونسي توزع مناصفة بين مدينة القيروان ومدينة سوسة الواقعة على الساحل الشرقي لتونس، وسيمتد المشروع على ثلاث سنوات بداية من شهر فبراير (شباط) 2010، وتتواصل الأشغال إلى نهاية شهر فبراير من عام 2012، وتنفذ المشروع جمعية «صيانة المدينة» بالقيروان. حول هذا المشروع قال مراد الرماح، رئيس جمعية «صيانة المدينة» بالقيروان، لقد وقع الاختيار على مدينتين من كل بلد متوسطي مشارك في هذا المشروع. وفي تونس تم اختيار القيروان وسوسة، وهما مدينتان بهما الكثير من المعالم الأثرية المميزة. وبالنسبة للقيروان قال الرماح إن الجمعية تطرح مشاريع كبرى تتطلب تمويلات مهمة لتأهيلها وإدخالها ضمن الدورة الاقتصادية بشكل أفضل… فمشروع تأهيل حي سيدي عمر عبادة وتهيئة فسقية الأغالبة قد تكون من بين المشاريع الأثرية المهمة التي تساهم في فتح المدينة على عشاق التراث. وأشار الرماح، كذلك، إلى أهمية المسالك السياحية ذات الطابع الثقافي والحضاري التي تطرحها مدينة القيروان على زوارها، بدءا من جامع عقبة بن نافع ومعماره الفريد، إلى مقام الصحابي أبو زمعة البلوي، ومقام سيدي سلامة، ومتحف الفنون الشعبية، وبئر بروطة، وفسقية الأغالبة، وهي كلها، بالإضافة إلى الجوانب الروحية الصميمة التي تعرفها القيروان، تعطي للمكان أكثر من معنى. وهذا ما جعل هياكل التمويل الأوروبي تهتم بالمدينة وما تزخر به من مكونات. الرماح أضاف بأن المشروع يتضمن كذلك ندوات وملتقيات حول صيانة المدينة، إلى جانب بعث منتديات وتنظيم فضاءات حوار من أجل ترسيخ ثقافة حب التراث في المجتمع. وسيتولى الفريق الدولي لخبراء المتوسط تأمين البعد العلمي للمشروع وتعميق الرؤية نحو مفهوم الهندسة المعمارية التقليدية. (المصدر: « الشرق الأوسط » (يومية – لندن) بتاريخ 2 نوفمبر 2009)  

فيلم جاكسون الأخير يلاقي ترحيبا واسعا في تونس

تونس (رويترز) – لاقى فيلم (ذيس ايز أي)This is it  أو (هذا هو) عن ملك البوب الراحل مايكل جاكسون والذي يعرض حاليا بقاعات السينما في تونس ترحابا واسعا لدى الجمهور والنقاد على حد سواء. وبدأت قاعات السينما في تونس عرض الفيلم منذ يوم الجمعة الماضي لاول مرة في بلد افريقي وعربي. واحتشد المئات من معجبي ملك البوب امام قاعات السينما بتونس والمرسى والمنار وسوسة للاستمتاع بالعرض الوثائفي عن نجمهم المفضل مايكل جاكسون. وكان مايكل الذي صعد الى النجومية كواحد من أعضاء فريق جاكسون الخمسة والذي اكتشفته شركة موتاون ولا يزال يحمل لقب صاحب أحسن ألبوم والاكثر مبيعا في كل العصور قد مات فجأة يوم 25 يونيو حزيران في لوس انجليس بعد اصابته بما وصفه الاطباء بحالة « توقف في القلب ». ويستند الفيلم الى 80 ساعة مصورة بالفيديو لتدريبات جاكسون الاخيرة استعداد لعودته الى ساحة الغناء بسلسلة من الحفلات كان من المفترض ان تبدأ في العاصمة البريطانية لندن في 13 يوليو تموز الماضي. ونجح الفيلم في امتاع عشاق نجم البوب رغم موته المفاجيء. وكان كيني أورتيجا مخرج الفيلم قال « انها قصة أستاذ في حرفته ». يبدأ الفيلم بمجموعة من المغنين والراقصين اختارها جاكسون للمشاركة في عروضه التي كان من المفترض ان يعود بها الى ساحة الفن بعد سنوات من المشاكل وصل بعضها الى ساحات القضاء وهم يدلون بشهاداتهم ويتحدثون عن مشاعرهم بعد نيل فرصة العمل مع نجم البوب ثم ينتقل الفيلم على الفور الى أغنية جاكسون « أريد أن أبدأ شيئا. » وقالت الناقدة ريم قيدوز « لقد اثر في الفيلم بشكل كبير. تأثرت بطريقة تعامل مايكل جاكسون مع اعضاء فرقته وحبهم لهم. لقد كان في كل مرة يقول لهم أحبكم. » وطوال الفيلم يظهر جاكسون وهو يعمل بتفاني مع المغنين والراقصين ليقدم عرضا يبهر عشاقه. وفي قاعة المنار بالعاصمة قاطع المتفرجون العرض عدة مرات بالتصفيق والتهليل والهتاف باسم ملك البوب. وأبدى كثيرون اعجابهم بهذا العمل الذي استحضروا خلاله روح نجمهم. وقالت بسمة الخويني التي شاهدت العرض « لقد كان العمل ممتعا وسافرنا مع مايكل حتى اني نسيت انه قد مات فعلا. » اما الصحفي والناقد حسن بن أحمد فقال ضمن برنامج تلفزيوني بقناة حنبعل التونسية « هذا الفيلم أبرز مايكل جاسكون كدرس لكل الفنانين في تونس والعالم. » من جهتها اشادت صحيفة البيان الاسبوعية بالعرض وقالت « الفيلم الوثائقي حول عرض مايكل جاكسون ملك البوب كان رائعا حيث جاء ثريا بالمفاجات العفوية فقد كان جاكسون المايسترو الدقيق في كل الجزئيات. » واضافت « الفليم يوفر فرصة للشباب من احبائه وايضا للفنانين لمشاهدته واخذ الدروس من عملاق البوب مايكل جاكسون. » وكان جاكسون قدم قدم حفلا باستاد المنزه بتونس عام 1996 لاول مرة في افريقيا. وارتبط جاكسون بصداقة متينة مع رجل الاعمال التونسي طارق بن عمار وهو الذي كان وراء استقدامه الى تونس عام 1996. وبن عمار كان ايضا مديرا لاعمال جاكسون من 1996 الى 1998. من طارق عمارة (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 2 نوفمبر 2009)
 


تونس تصدّر إلى إيطاليا نهاية 2012 4 ملايين متر مكعب من الغاز يومياً

تونس – سميرة الصدفي حض المشاركون في المؤتمر الإقليمي السنوي الرابع للنفط والغاز في شمال أفريقيا، البلدان المغاربية على استقطاب أكبر عدد من مجموعات النفط، بمنحها حوافز ضريبية وتسهيلات أكبر، إضافة إلى تحديث وسائل الاستخراج والإنتاج على نحو يجعلها تستجيب لحاجات السوق الأوروبية، التي تشكل الزبون الرئيس لها في مجال الطاقة. ورمى المؤتمر الذي نظمته في تونس شركة «ذي إينرجي أكستشانج» البريطانية واستمر يوماً، إلى تبادل الخبرات بين العاملين في قطاع الطاقة وتعزيز التعريف بفرص الاستثمار المتوافرة في شمال أفريقيا. وأفاد وزير الدولة التونسي المكلف الطاقات المتجددة عبد العزيز الرصاع في كلمة ألقاها في المؤتمر، بأن قيمة الاستثمارات في مجالي الاستكشاف والتفتيش تضاعف خمس مرات خلال الفترة من 2004 إلى 2008 إذ ازداد من 500 مليون دينار (400 مليون دولار) إلى 2.7 بليون دينار. وأضاف أن نسق الاستثمار في السنة الحالية حافظ على مستواه على رغم تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية. وقدر الاستثمارات المسجلة بـ1.9 مليون دينار. وقال إن البنية الأساسية للطاقة ستتعزز في البلد بمد 1400 كيلومتر من أنابيب الغاز الطبيعي خلال السنوات الخمس المقبلة. وأظهرت أوراق قُدمت إلى المؤتمر أن 38 بئر نفط حفرت في تونس في 2008 ما أتاح تحقيق 20 استكشافاً جديداً. وتطرقت دراسات أخرى إلى قطاع الغاز الطبيعي الذي يؤُمن حالياً نصف إيرادات تونس من المحروقات، وتوقعت أن يُحقق البلد فائضاً من الغاز يقدّر بمليوني طن مكافئ نفط سنة 2012، بعد استكمال تهيئة حقل «صدر بعل» ومشروع «غاز الجنوب». وسيُتيح تعزيز شبكة نقل الغاز الطبيعي ربط 75 تجمعاً سكنياً بشبكة توزيع الغاز وزيادة عدد الأسر المرتبطة بالشبكة من 530 ألفاً حالياً إلى 800 ألف أسرة سنة 2014. وفي السياق ذاته قال خالد بالشيخ المدير العام للشركة التونسية للأنشطة البترولية في كلمة ألقاها في المؤتمر، إن تونس ستصدر أربعة ملايين متر مكعب من الغاز يومياً إلى إيطاليا اعتباراً من نهاية 2012. وفي مجال الكهرباء أفادت الأوراق المُقدمة إلى المؤتمر بأن إنتاج البلد سيزيد من 3500 ميغاويت حالياً إلى 5 آلاف ميغاويت في 2014 بعد استكمال إنشاء محطات توليد يجري تنفيذها حالياً بينها محطة كبيرة في الجنوب تبلغ طاقة إنتاجها 1200 ميغاويت. وتعتزم تونس تطوير الاعتماد على الطاقات المتجددة وبخاصة تركيز 350 ألف متر مربع من اللواقط الشمسية في غضون السنوات الخمس المقبلة. (المصدر: « الحياة » (يومية – لندن) بتاريخ 2 نوفمبر 2009)

 

لقاح الإنفلونزا الجديد.. مستثنى من الاختبار


د. سحر طلعت    « إذا عرف السبب، بطل العجب » مقولة تفسر أسباب التخبط الإعلامي، وحالة التشكك المنتشرة بين الناس، فمن لا يعرف لا يستطيع أن يتخذ قراره، فكيف للناس اتخاذ قرار أخذ التطعيم من عدمه إذا لم تتوفر لديهم معلومات كافية عنه، وعن أنواعه؟ سنجيب في هذه الجزئية على العديد من الأسئلة المتعلقة باللقاحات عموما وبلقاح الإنفلونزا الجديدة (H1N1) بصفة خاصة فهيا نبدأ: 1.  كيف تنتج اللقاحات وتختبر في الظروف والأحوال العادية؟ بلدان العالم المتقدم التي تنتج اللقاحات وتصدرها لنا تدرك جيدا أهمية إخضاع أي منتج طبي مصنع يستخدمه الإنسان للوقاية أو للعلاج، لفحص منهجي للتأكد من فعاليته والتعرف على آثاره الجانبية، ومن أجل ذلك تنشأ الهيئات والمنظمات التي تحدد ضوابط إنتاج المنتجات الدوائية، كما تقوم هذه الهيئات بمراجعة نتائج الأبحاث العلمية وتؤدي دورها في توعية المواطنين بنتائج الأبحاث التي تختبر فعالية وأمان المنتج الجديد، وتختص وكالة الأدوية الأوروبية (EMEA) بمهمة اختبار وترخيص اللقاحات في أوروبا، أما في أمريكا فقع هذه المهمة على عاتق الهيئات التالية: 1. مركز الوقاية والتحكم في الأمراض (CDC) الموجود في ولاية أتلانتا . 2. هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) الموجودة في ولاية ميرلاند . الجائحة العالمية.. حقائق وتساؤلات مشروعة ولهذه الهيئات نظام متبع لاعتماد اللقاحات والتصريح باستخدامها، وملخص خطوات هذا النظام كالتالي (للاطلاع على هذا النظام بالتفصيل يمكنكم زيارة هذه الصفحة) : – اختبار اللقاح قبل ترخيصه بواسطة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، وذلك بالتعرف على الكيفية التي يعمل بها اللقاح من خلال الكمبيوتر ثم اختباره على الحيوانات، فإذا ثبت أمانه على الحيوانات يتم تجريبه في مرحلة لاحقة على متطوعين من البشر، وحسب مركز الوقاية والتحكم في الأمراض (CDC) فإن مرحلة اختبار اللقاح تتم بواسطة مصنعي اللقاح، وأحب هنا التأكيد على أن الأبحاث الإكلينيكية تتم بواسطة شركات الأدوية المصنعة للقاحات، ولا تتم بواسطة جهة محايدة، وأن هيئة الغذاء والدواء تطلع فقط على نتائج هذه الأبحاث، ومرحلة الاختبار والترخيص هذه قد تستغرق 10 سنوات أو أكثر. – مراقبة اللقاح بعد ترخيصه من خلال نظام للإبلاغ عن الآثار الجانبية للقاح يعرف بـ Vaccination Adverse Event Reporting System (VAERS) . 2. كيف أنتج لقاح الإنفلونزا الجديدة (H1N1) بهذه السرعة؟ حاول المجتمع الطبي التعامل مع الجائحة وإنتاج لقاح سريع، والحقيقة أنه لا يمكننا التحدث عن لقاح الإنفلونزا H1N1 على أنه لقاح واحد.. فهناك عدة أنواع من اللقاحات التي يتم إنتاجها بطرق مختلفة، وهذه الأنواع تختلف في تركيبها وطرق تعاطيها، ويمكننا تلخيص طرق تصنيع لقاح إنفلونزا H1N1 فيما يلي: – إنتاج نموذج للقاح الجائحة قبل حدوث الجائحة (Mock Up): استعد المجتمع الطبي منذ مده لحدوث جائحة إنفلونزا عالمية، وتوقع أن يكون مسبب هذه الجائحة فيروس H5N1، والمعروف بفيروس إنفلونزا الطيور، وهو فيروس شديد الفتك ونسبة الوفيات منه بين المصابين تقارب 50%. ومن أجل هذا بدءوا التفكير في صنع نموذج للقاح الجائحة (Mock-up) ، ويتم إعداد هذا النموذج قبل حدوث الجائحة بنفس الطريقة التي سينتج بها اللقاح أثناء الجائحة. ولاختباره فعاليته وأمانه يوضع فيروس إنفلونزا جديد وغير منتشر ولم يتعرض له البشر من قبل، وعندما تحدث الجائحة يتم استبدال هذا الفيروس بالفيروس المسبب للجائحة، وبالتالي يمكن توفير لقاح للجائحة الجديدة في خلال حوالي 12 أسبوع، وحتى يتم ضبط عملية إعداد لقاح الجائحة وضعت وكالة الأدوية الأوروبية (European Medicines agency, EMEA) إرشادات وتوجيهات لصانعي لقاح الجائحة وانتهت الوكالة من صياغة هذه التوجيهات والإرشادات ونشرتها في 18 ديسمبر 2008 ومن أهم هذه التوجيهات ما يلي: – أن يكون الاختلاف الوحيد بين الفيروس الموجود في اللقاح المحضر قبل الجائحة واللقاح المحضر للجائحة هو في سلالة الفيروس، فإذا استخدمنا في اللقاح النموذج فيروس كامل غير فعال أو جزء من الفيروس نما في مزرعة الخلايا أو في بيض الدجاج.. فلابد أن يعد الفيروس المسبب للجائحة بنفس الطريقة، ومهم أيضا أن تكون مكونات الوسيط المحتوى على الفيروس النموذج مطابقة للمكونات الموجودة في لقاح الجائحة، وأن يعطى اللقاح بنفس وسيلة التعاطي وبنفس الجرعات. – أن يتم تحضير الفيروس الجديد بنفس طريقة تحضير الفيروس المجرب مسبقا قبل حدوث الجائحة. – أن يتم استخدام الفيروسات غير النشطة أو غير الفعالة (Inactivated) ولا تستخدم مطلقا الفيروسات الموهنة (Attenuated viruses). وفور الانتهاء من هذه التوجيهات والإرشادات شرعت الشركات المختلفة في تجهيز لقاح الجائحة الخاص بها مستخدمة فيروس H5N1، ولا ندري متى صنعوا هذا اللقاح ومتى اختبروه إذا كانت الإرشادات والتوجيهات لم تصدر إلا في آخر ديسمبر 2008، المهم أنه عندما ظهر فيروس الإنفلونزا الجديدة (H1N1) تم استبداله بفيروس H5N1 الموجود في اللقاح النموذج، ولكن اللقاح المصنع بهذه الطريقة يتم التصريح باستخدامه تحت ظروف استثنائية (Exceptional circumstances) لأنه لم يخضع للاختبارات التي تتم في الظروف الطبيعية للتأكد من فعاليته وسلامته. – طريقة التصريح في حال الطوارئ (Emergency Authorization Procedure): حيث يتم الاعتماد على المسار السريع للتصريح باللقاح، بحيث تقدم الشركات المصنعة للقاح ما توافر عندها من معلومات حول فعالية اللقاح وسلامته، ولا تنتظر حتى اكتمال كل المعلومات المطلوبة كما يحدث في الظروف الطبيعية، ويتم التصريح باستخدام اللقاح خلال فترة تتراوح بين 13 – 15 أسبوعا (11). – التعديل في لقاح الإنفلونزا الموسمي واستبدال الفيروس الموسمي بفيروس الجائحة . وفي كل الأحوال السابقة فلابد من إجراء رصد ومراقبة دقيقة بعد استخدام اللقاح للتأكد من فعاليته وسلامته، والتعرف على أي أعراض جانبية قد تطرأ عند تناول اللقاح. 3. هل خضع لقاح الإنفلونزا الجديدة (H1N1) لنفس الاختبارات التي يخضع لها أي لقاح آخر؟ – تخبرنا الوكالة الأمريكية لسلامة اللقاحات (America’s vaccine safety watchdog ) ومركزها الوطني لمعلومات اللقاحات (National Vaccine Information Center) في الصفحة المخصصة لجائحة الإنفلونزا الجديدة (H1N1) (H1N1)  أن هذا اللقاح أنتج في ظروف استثنائية، وهذا الظرف الاستثنائي يخول لهيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) التصريح باستخدام اللقاح بموجب نظام « التصريح بالاستخدام في الأزماتEmergency Use Authorization ». وبموجب هذا النظام يمكن استخدام أدوية ولقاحات لم يتم تجربتها التجربة الكافية في ظروف الطوارئ والظروف الاستثنائية مثل حدوث أوبئة أو حروب، والتصريح باستخدام أي منتج في هذه الظروف يعفي الشركات المنتجة لهذه المواد من أي مساءلة قانونية ويجنبهم التورط في دفع أي تعويضات للحالات المتضررة من الأعراض الجانبية لهذا المنتج مهما كانت قسوتها أو تأثيراتها السلبية على حياتهم، وفي هذه الظروف كل ما يمكنك فعله أن تقرر ألا تتناول العقار غير المجرب، وبموجب هذا النظام أيضا يمكن لرئيس الدولة أن يتخذ قرارا بالتطعيم الإجباري للمواطنين أو لبعض الفئات منهم إذا ارتأى أن المصلحة العليا تقتضي ذلك.. وبهذا يلغي حتى حق المواطن في الاختيار. – وهذا اللقاح الذي أنتج في هذه الظروف الاستثنائية سيتم تجربته لمدة لن تتجاوز الثلاثة أسابيع على بضع مئات قليلة من البشر كما أوضحت الوكالة الأمريكية لسلامة اللقاحات في صفحتها عن لقاح (H1N1). ولأن اللقاح أنتج في هذه الظروف الاستثنائية فلن يخضع منتجوه لأي مساءلة قانونية لو تضرر مستخدموه أو حتى ماتوا من جراء استخدام اللقاح، ولا يتوافر حتى أي دعم مالي لتعويض المتضررين من هذا اللقاح ، ولقد ذكرت هذه المعلومة في المنشور الخاص بلقاح (H1N1) سواء المعطل (inactivated) أوالموهن حيث نص المنشور صراحة على أنه إذا حدث ضرر من اللقاح للشخص نفسه أو لأولاده فلن يمكنه مقاضاة مصنعي اللقاح وفقا للقانون. – ولأن اللقاح أنتج في هذا الظرف الاستثنائي فإن منظمة الصحة العالمية ذكرت على موقعها العديد من الاحتياطات الواجب اتباعها عند تناول اللقاح، ومن ضمن هذه الاحتياطات ذكرت هذه العبارة: « نظرا لاستخدام تقنيات جديدة في إنتاج بعض لقاحات الجائحة، ولم تتاح الفرصة الكافية لتقييم مأمونية وسلامة هذه اللقاحات على بعض الفئات فإنه من الضروري تطبيق نظام رصد ومراقبة دقيق لاكتشاف أي آثار جانبية نادرة للقاح، ومن الضروري أيضا التبادل السريع للمعلومات عن فعالية ومأمونية وسلامة هذا اللقاح بين البلدان المختلفة حتى يتم إجراء التعديلات اللازمة على سياسات التلقيح المتبعة ». – ولهذا السبب أيضا فقد أضاف مركز الوقاية والتحكم في الأمراض (CDC) حملة جديدة لرصد أي زيادة في حالات متلازمة جيليان باري (وفيها يضرب الجهاز المناعي الأغشية المحيطة بالأعصاب الطرفية مما يؤدي لحدوث شلل حاد قد يتسبب في الوفاة إذا أصاب الشلل عضلات التنفس)، وتبدأ هذه الحملة مع بداية التطعيم وتستمر حتى مايو 2010، وذلك تحسبا لزيادة حالات هذه المتلازمة بعد التطعيم، كما حدث أثناء جائحة الإنفلونزا الجديدة (H1N1) عام 1976؛ حيث تسبب اللقاح في حدوث الشلل الحاد لحوالي 500 شخص ممن تم تلقيحهم وتوفى منهم 25، وذكرت بعض المصادر أن نسبة الإصابة بهذه المتلازمة كانت واحدا في المائة ألف، ورغم أن هذه النسبة تعتبر نسبة محدودة فإن الحكومة الأمريكية قررت وقف برنامج التطعيم في هذا العام، خصوصا أن الجائحة نفسها لم تقتل إلا عددا محدودا جدا من البشر . – وفي هذه الظروف الاستثنائية وحسب تصريحات الوكالة الأمريكية لسلامة اللقاحات في صفحتها عن اللقاح  فإنه من المتوقع تخطي الحظر الذي تفرضه هيئة الغذاء والدواء الأمريكية على استخدام المنشط المناعي (MF-59) والمذاب في سائل زيتي يحتوى على مادة السيكوالين، وهذا المنشط المناعي يسمح بتقليل جرعة اللقاح مع الحصول على نفس الاستجابة المناعية المطلوبة مما يزيد من جرعات اللقاح المتوفرة ويزيد من الدولارات التي ستدخل جيوب مصنعي اللقاح.  ومن المعروف أن هيئة الغذاء والدواء الأمريكية لا تسمح باستخدام السيكوالين وتسمح فقط باستخدام المنشطات المناعية المشتقة من الألمونيوم؛ حيث إن السيكوالين مستحضر سيئ السمعة ومرتبط بمتلازمة حرب الخليج وهو المرض الذي أصاب العديد من الجنود الذين شاركوا في حرب الخليج وتم تطعيمهم إجباريا بلقاح الجمرة الخبيثة تحت مظلة نظام التصريح بالاستخدام في الأزمات، وأصيب العديد من هؤلاء الجنود بهذا المرض الغريب، ويرجح حسب الدراسات المختلفة أن السبب في هذه المتلازمة راجع للتفاعل المناعي ضد مادة السيكوالين هذه، وهناك العديد من الأبحاث الطبية التي تربط هذه المادة بمتلازمة حرب الخليج (25، 26، 27، 28). وتوجد مجموعة أخرى من الأبحاث التي تؤكد أن استخدام هذه المادة آمن جدا ولا يؤدي لأي أعراض جانبية، ولكن ما يشكك في مصداقية هذه الأبحاث هو أنها أجريت بواسطة باحثين من شركة نوفارتس المصنعة للقاح المحتوي على المنشط المناعي (MF-59) المحتوي على السيكوالين (29، 30، 31). 4. ما هي اللقاحات التي تم التصريح باستخدامها حتى الآن في أوروبا وأمريكا؟ هيئة الغذاء والدواء الأمريكية صرحت يوم 15 سبتمبر 2009 باستخدام اللقاح المنتج من أربع شركات هي: CSL Limited – MedImmune LLC – Novartis Vaccines and Diagnostics Limited – and sanofi pasteur Inc. وهذه اللقاحات تم إنتاجها بنفس طريقة إنتاج لقاح الإنفلونزا الموسمية غير أنها تحتوي على فيروس (H1N1)، وتنتج إما في صورة جرعات للحقن تحتوي على فيروس معطل (Inactivated) ، أو في صورة فيروس موهن (Live Attenuated) يعطى من خلال الأنف ، ويتم تناول أي منهما في جرعتين يفصل بينهما شهر للأطفال حتى 9 سنوات، وللأطفال الأكبر والبالغين يُكتفى بجرعة واحدة فقط. وهذه اللقاحات تتوافر في عبوات تحتوي على جرعة واحدة فقط (بدون مواد حافظة)، أو عبوات متعددة الجرعات تحتوي على الثايميروزال Thimerosal وهو مشتق من مشتقات الزئبق، ويضاف لعبوات اللقاح متعددة الجرعات لمنع نمو الميكروبات الضارة على اللقاح إذا تركت العبوة مفتوحة. أما بالنسبة للقاحات التي أجيزت في الدول الأوروبية فهي: 1.  كيلفابان (Celvapan) من شركة باكستر . 2.  فوسيتريا (Focetria) من شركة نوفارتس . 3.  باندميركس (Pandemrix) من شركة جلاكسوسميث . وكل هذه اللقاحات تم إنتاجها بطريقة إنتاج نموذج ما قبل الجائحة (Mock-Up)، وكلها تعطى في جرعتين يفصل بينهما 3 أسابيع. والكيلفابان يحتوى على فيروس كامل معطل بينما يحتوى فوستيريا على أجزاء من الفيروس والباندميركس على أجزاء من سطح الفيروس. وينتج لقاح الكيلفابان في مزرعة من الخلايا (Vero cells) بينما ينتج كل من فوستيريا والباندميركس في بيض الدجاج. والكيلفابان ينتج في عبوة متعددة الجرعات (20 جرعة) ولكن بدون منشطات مناعية أو مواد حافظة، لذا لابد أن تستخدم العبوة خلال 3 ساعات بعد فتحها. أما الفوستيريا فتنتج في حقنة تحتوي على جرعة واحدة (بدون الثايميروزال Thimerosal) أو في عبوات متعددة الجرعات (10 جرعات) وتحتوى على الثايميروزال (Thimerosal)، وينتج الباندميركس في عبوات متعددة الجرعات (عبارة عن معلق ومذيب) وتحتوي على الثايميروزال (Thimerosal)، وكلا النوعين يحتوي على منشط مناعي به سيكوالين (AS03 في الباندميركس وMF-59 في الفوستيريا). أما في الصين فإن اللقاح المستخدم هو لقاح بانفلو 1 ((Panflu 1 وهو أول لقاح تم التصريح باستخدامه على مستوى العالم، وهذا اللقاح صنع بواسطة شركة سينوفاك (Sinovac) الصينية، ولا توجد أي معلومات عن طريقة تصنيعه أو تركيبه، وكل ما ذكر أنه صنع بنفس الطريقة التي صنعت بها اللقاحات المستخدمة في أمريكا. أما في أستراليا فإنه تم التصريح باللقاح المصنع منشركة سي إس إل بيوثيرابي (CSL Biotherapy) واسمه التجاري هو بانفاكس (Panvax H1N1) وهو أيضا مصنع بنفس طريقة تصنيع لقاح الإنفلونزا الموسمية، وينتج في حقنة تحتوي على جرعة واحدة (بدون الثايميروزال Thimerosal) أو في عبوات متعددة الجرعات (5 – 10 جرعات) وتحتوى على الثايميروزال (Thimerosal). والعبوات كلها تأتي محكمة الغلق، ولابد أن تحفظ في درجة حرارة 2-8 درجات مئوية، والعبوات المتعددة الجرعات لابد أن تستخدم في خلال 24 ساعة بعد الفتح، ولقد اختبر اللقاح في 240 متطوعا، وظهر من هذه التجربة أن جرعة واحدة من اللقاح تؤدي لحدوث الاستجابة المناعية المطلوبة، ولم تختبر فعالية اللقاح أو مأمونيته على الأطفال أو الحوامل أو المرضعات، وسوف يتم تطعيم الأطفال أكبر من سن 10 سنوات والمراهقين والبالغين . أستاذة علم الأمراض بكلية طب القصر العيني،ويمكنك التواصل معها عبر البريد الإلكتروني التالي: Sahar_mt2001@yahoo.com (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 02 نوفمبر 2009)  



شارك فيها باحثون عرب يعملون في الخارج ندوة حول إعلام العمق بـ « الجزيرة » على مدى 13 عاماً

كتب – مجدي صالح: نظم قسم العلاقات الدولية والاتصال بالجزيرة ندوة على الإنترنت بعنوان  العمق في الجزيرة  شارك فيها عدد كبير من الباحثين والاعلاميين من عدد كبير من دول العالم بمناسبة مرور 13 عاماً على ظهور قناة الجزيرة على الساحتين العربية والدولية. وتدور الندوة حول ما الذي يرونه من إعلام العمق على شاشة الجزيرة من خلال ما تقدمه من برامج حوارية وأخبار وأفلام وثائقية وغيرها من فنون العمل الاعلامي الذي تقدمه القناة على مدى السنوات ال 13 الماضية من عمر الجزيرة. وصرح السيد كريم الماجري مدير إدارة العلاقات بالجزيرة ان الندوة تأتي ضمن فعاليات شبكة الجزيرة بمناسبة مرور 13 عاماً على انطلاقها وبداية دخولها العام الرابع عشر. وأضاف إن الندوة تمت عن طريق الانترنت وشارك فيها عدد كبير من الباحثين والإعلاميين العرب العاملين في عدد من وسائل الإعلام العالمية ومنهم الاستاذ طاهر العبيدي وهو صحفي يعمل في فرنسا والدكتور عادل السالمي وهو باحث في علم الاجتماع بالمعهد الوطني للأبحاث الزراعية والبيئة الغذائية بفرنسا والدكتور شاكر النابلسي والدكتور محسن التومي والأستاذ الجامعي والخبير لدى منظمة الأمم المتحدة ومدير مجلة العصر الاقتصادي وهو من فرنسا. كما يشارك في الندوة عبد اللطيف بن سالم وهو مترجم بجريدة لوموند الفرنسية ومحمد سعيد الريحاني وهو باحث وقاص ومترجم مغربي مقيم بأسبانيا والدكتور منصف المرزوقي وهو معارض تونسي بارز كان مرشحا لانتخابات الرئاسة التونسية  عام 2004. وشارك في الندوة أيضاً الاعلامي عادل السابكي والإعلامي والقاص ربا بركات والأستاذ حسن الطرابلسي الكاتب الصحفي باللغة الالمانية والباحث في مجال الفلسفة وعلم الاجتماع، بالإضافة الى الكاتب العام لرابطة الكتاب التونسيين الأحرار محمد الجابلي وهو باحث وروائي. وأشار الماجري الى ان تنظيم الندوة عمد الى جلب مجموعة من الباحثين من مشارب واتجاهات فكرية وسياسية مختلفة حتى يتم الاستفادة من آرائهم المختلفة حول ما تقدمه قناة الجزيرة في مجال إعلام العمق. من جانب آخر تبدأ اليوم قناة  الجزيرة  بثها بالشكل الجديد بمناسبة احتفالها بيوم الجزيرة ودخولها العام الرابع عشر. (المصدر:صحيفة « الراية » (يومية – قطر) بتاريخ 1 نوفمبر 2009)

أوباما والتسوية المستحيلة في الشرق الأوسط

بقلم: توفيق المديني  : توقع العديد من المحلّلين الملمين بأزمات الشرق الأوسط أن تفشل الإدارة الحالية التي يترأسها باراك أوباما في جهودها الراهنة لإيجاد تسوية للصراع الفلسطيني –الإسرائيلي، لأنها عجزت عن بلورة أسس حقيقية لهذه التسوية التي تتخذ من القرارات الدولية مرجعية لها، وأهمها التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة التي تمتد حدودها على خطوط 4 يونيو 1967، علماً أن هذه التسوية ليست بعادلة منظوراً إليها من زاوية طموحات الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه السليبة من النهر إلى البحر. وكانت الإدارة الأمريكية برئاسة باراك أوباما تعتقد أن موفدها إلى الشرق الأوسط  السناتور السابق جورج ميتشل سينجح من خلال جولاته المكوكية في التوصل إلى قواعد معينة مقبولة من الجميع يمكن عودة التفاوض على أساسها أولاً بين طرفي الصراع  الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ولاحقاً بين أطراف الصراع العربي ـ الإسرائيلي، جوهر أزمة الشرق الأوسط. فالتسوية متوقفة بسبب مضي نتنياهو إلى حد الإصرار على اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولة يهودية، وبأن القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، وتركيزه أيضاً على حق إسرائيل في الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، والمزيد من التوسُّع فيها، وذلك لمنع قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة.‏ وفيما يبدو موقفاً منسجماً ومتناغماً، عبّر باراك ونتنياهو، بعد عودة هذا الأخير من واشنطن، عن شرط إسرائيلي واضح، حين دعيا إلى «تجميد مؤقت للاستيطان مقابل خطوات تطبيعية عربية»، وذهب نتنياهو إلى حد القول إن «إسرائيليين كثيرين على استعداد لتقديم تنازلات كثيرة لفلسطينيين (وليس للفلسطينيين) ولكنهم لشيء واحد هم غير مستعدين: أن يكونوا بُلْها. لهذا إذا كان أحد ما يريد أن أجمد الاستيطان، فإنني أتوقع أن يقدم الفلسطينيون المقابل». والمقابل الذي يريده نتنياهو هو أن يعترفوا بإسرائيل «دولة قومية للشعب اليهودي»(1). في مقابل هذا الصلف والتعنت الإسرائيلي، الذي يُظهر مدى فاشية نتنياهو وفريقه الحكومي في الدفاع عن المشروع الصهيوني، كان الفلسطينيون والعرب الذين علّقوا الآمال على مقاربة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لأزمة الشرق الأوسط، ولاسيما بعد الخطاب الذي ألقاه في القاهرة، لكي يقدّم خطته للتسوية على أمل أن تكون أكثر إيجابية من خطط أمريكية سابقة والتي قدمها الرؤساء الأمريكيون السابقون، لكن مرّة أخرى، خيّب أوباما تلك الآمال، وأثبت عجزه في تغيير صورة أمريكا في الخارج كقوة عظمى منحازة بالكامل إلى جانب إسرائيل، ولاسيما أنه أخفق أيضاً في سياسته الخارجية لجهة  ممارسة الضغوط على نتننياهو كي يوقف الاستيطان، إنه انتصار لنتنياهو. لقد اصطدم أوباما بالموقف الإسرائيلي المتطرف الرافض لوقف الاستيطان، على الرغم من أن الاستيطان ليس هو القضية الجوهرية في الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، و هذا ما جعل الكاتب الفرنسي بيار روسبين في صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية يقول: إن «أداء أوباما على المستويين الداخلي والخارجي يؤكد أنه مجرد إنسان وليس صانع معجزات كما صوّر في السنة الماضية». ويتساءل المحللون، إلى ما يعزو عجز أوباما عن ممارسة الضغوطات على إسرائيل، هل لأسباب تتعلق بالبرنامج الصحي الذي يخوض أوباما معركة داخلية من أجل إقراره، أم إلى قوة اللوبي الإسرائيلي داخل الولايات المتحدة؟. على الرغم من الخطاب المهم الذي ألقاه أوباما أمام أنظار3.1 مليار مسلم وعربي، في القاهرة 4 حزيران الماضي، فإن ذلك الخطاب ذهب مفعوله فوراً، عندما ظهر أوباما في اليوم التالي في معسكر الموت في بوخنفالد في ألمانيا، فأزال التوقيت المختار للصورة التي التقطت له هناك كل الشكوك حول من يقود الرئاسة.‏ وكان اللوبي المؤيد لإسرائيل فتح جبهة داخلية على أوباما عندما أعلن أن قادة اليهود يشعرون بانزعاج بالغ من مبادرته الجديدة في الشرق الأوسط. كما ذكّره هذا اللوبي بأنه «أي أوباما» المنتج السياسي الذي جاء من التمويل اليهودي الأشكنازي، في الجزء الغربي من شيكاغو، وذكره أيضاً «أين تكمن مصالحه». والرئيس أوباما برفضه من جديد التصدي للدولة الصهيونية واللوبي في الولايات المتحدة، فإنما يترك مرة أخرى العنان لتغليب المصالح الإسرائيلية على المصالح القومية الأمريكية. وكان باراك أوباما عندما ضمن ترشيح الحزب الديمقراطي له، «حثّ الخطى إلى مؤتمر تعقده لجنة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية AIPAC، أقوى جماعات الضغط الإسرائيلية في الولايات المتحدة، وهناك ألقى كلمة كسر فيها سائر الأرقام القياسية المسجلة في إظهار الخنوع وممارسة التزلف» على حد تعبير الكاتب وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق يوري أفنيري في عموده المنتظم بتاريخ 10 حزيران 2008 وأضاف أفنيري: «انظروا كيف أن أول عمل أقدم عليه أوباما بعد ضمان ترشيح الحزب له كان التضحية بمبادئه.. وها قد أقبل أوباما زاحفاً وسط الغبار لينكب على أقدام «إيباك» ويخرج عن خطه المعهود في تبرير سياسة تناقض تماماً أفكاره التي طالما نادى بها». وجاء في مقالة أفنيري أيضاً القول: «الذي يهم فعلاً هنا هو وجه التشابه الكبير بين المشروعين الأمريكي والصهيوني، على المستويين: الروحي والمادي لدرجة يمكن معها القول إن: إسرائيل ليست سوى أمريكا الصغرى، وإن أمريكا هي إسرائيل الكبرى»(2). القمة الثلاثية بدلاً من خطة أوباما للتسوية من الواضح أن شهر العسل، قد انتهى بين أوباما والرأي العام في العالم  العربي والإسلامي (ولاسيما بعد الخطاب الشهير الذي ألقاه في جامعة القاهرة)، الذي خاب اعتقاده بعد إخفاق الجولات المكوكية والمحادثات التي أجراها جورج ميتشل مع  القادة الإسرائيليين المتمترسين خلف معتقداتهم الصهيونية. ويشكل هذا الإخفاق حرجاً كبيراً لأوباما، كما يشكك في قدرته على بلورة خطة للتسوية للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ولاسيما بعد أن أدرك حدود قدرته على تحريك الجبال في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه أزمة الشرق الأوسط. أوباما لم يرتكب خطأً سياسياً فادحاً، بل إنه انتهج سياسة خارجية تقوم على منهج الحوار والتعايش كنقيض مباشر لإستراتيجية الحروب الاستباقية التي مارسها سلفه جورج بوش، والتي كانت نتائجها كارثية على المنطقة، وعلى الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.. فاحتلال العراق لم يحول المنطقة إلى محمية أمريكية كما تنبأ رامسفليد وتشيني وأنصارهما من المحافظين الجدد، بل بالعكس، أصبحت تتقاسمه القاعدة والميليشيات الطائفية أو القبلية. أما أفغانستان فقد تحولت إلى مستنقع بدأت الولايات المتحدة وحلفاؤها يغرقون فيه ببطء. وفي كل من غزة ولبنان جاءت محاولة القضاء على حماس وحزب الله بأثر عكسي. وهكذا تحولت المنطقة بمجملها إلى منطقة توتر وتحفز للمواجهة، مع أمريكا ومع بعضها البعض. بيد أن هذه السياسة الخارجية اصطدمت بصعود اليمين المتطرف والفاشي إلى السلطة في إسرائيل متمثلاً بنتنياهو الذي كان متحالفاً مع النواة الصلبة للمحافظين الجدد، التي كان يرأسها ريتشارد بيرل ودوغلاس فايث اللذين توليا مناصب رفيعة في وزارة الدفاع الأمريكية تحت إمرة بوش ورامسفيلد، والتي أعدت في عام 1996 تقريراً عبر معهد الدراسات الإستراتيجية والسياسية المتقدمة (يميني التوجه) بعنوان «قطيعة تامة: إستراتيجية جديدة لتأمين البلاد». وقد أوصى التقرير بالتنصل من اتفاقيات أوسلو، و«تجاوز» القضية الفلسطينية عبر تغيير البيئة الإستراتيجية، وذلك بدفع الولايات المتحدة لاحتلال العراق وإسقاط صدام حسين، ثم تعزيز احتلال جنوب لبنان ومحاصرة سورية وتوسيع المستوطنات(3). وقد شكلت الأفكار الواردة في ذلك التقرير مرجعاً إيديولوجياً وسياسياً لبنيامين نتنياهو، وللإدارة الأمريكية السابقة بزعامة جورج بوش، التي قامت بتنفيذ هذه السياسيات، التي نجم عنها كوارث على منطقة الشرق الأوسط وأمريكا.  ومن هنا كان مجيء أوباما بإرادة شعبية ليقف ضد هذه السياسات. غير أن الرئيس باراك أوباما في تناوله للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي بدأ بالضغط على نتنياهو لإيقاف المستوطنات تمهيداً للتفاوض مع الفلسطينيين، لكنه اكتشف لاحقاً حدود قدرته في ممارسة الضغوط على نتنياهو، ليس بقوة اللوبي الإسرائيلي وكون الكونغرس الأمريكي صهيونياً أكثر من نتنياهو فحسب، بل لأن النظام الرسمي العربي والسلطة الفلسطينية لم ينتهجوا  سياسية صلبة تدافع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني،بل كانوا حلفاء موضوعيين لنتنياهو، بسبب الخوف من الدور الإقليمي  المتنامي لإيران، ولحركات المقاومة الفلسطينية الرافضة لنهج التسوية الاستسلامية المعروضة في المنطقة. فقد صدق نتنياهو وشيمون بيريز حين أعلنا على الملأ أن الزعماء العرب أخبروهما بأنهم أصبحوا يرون إيران خطراً عليهم أكثر من  إسرائيل. وهكذا، عجز أوباما عن ممارسة الضغوطات على الدولة العبرية من أجل إرغامها على وقف الاستيطان، وقد نتج عن ذلك خيبة أمل كبرى قد تصل إلى حد الهزيمة. ففي مواجهة هذا التوتر المستمر الداخلي والخارجي الذي يلوح في الأفق، انتقلت السياسة الخارجية للرئيس أوباما من البحث الجدي عن بلورة خطة للتسوية للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، كان من المفترض أن يطرحها في الخطاب الذي ألقاه أمام الجمعية للأمم المتحدة في دورتها الـ(64)، إلى البحث عن زعزعة الحكم الإسلامي في إيران، وفرض عقوبات أشد بسبب برنامجها النووي السلمي، ستشوه لا محال، بل وستدمر شعبية أوباما في الشرق الأوسط، لأنه بذلك سيكون نسخة مماثلة عن الرئيس الأسبق جورج بوش وتصرفاته الرعناء.‏ وبعد إخفاقه في الحصول على تعهد واضح وصارم من نتنياهو على تجميد الاستيطان خلال الفترة المقبلة، قام الرئيس الأمريكي باراك أوباما بجمع كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونتنياهو لعقد قمة ثلاثية، على هامش الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة. ومن الوجهة الشكلية فإن أوباما تدخل في اللحظة الحرجة و«فرض» موقفه على «حليفين» في المنطقة. ومن الوجهة العملية تراجع أوباما، ولو مؤقتاً، عن مطالبة الحكومة الإسرائيلية بتجميد الاستيطان، ولكنه في المقابل وضع نتنياهو أمام قرار لا يمكن التراجع عنه وهو معاودة المفاوضات السياسية مع السلطة الفلسطينية خلال أسابيع. وبذلك تجاوز العقدة التي وضعتها الحكومة الإسرائيلية وتمسك بها اليمين الإسرائيلي، أي الاعتراف المسبق من جانب الفلسطينيين بإسرائيل دولة يهودية. وفرض على الرئيس الفلسطيني التخلي عن شرطه لحضور «القمة الثلاثية» وهو تجميد الاستيطان، والاستعداد لدخول العملية التفاوضية في الأسابيع المقبلة. على الرغم من أن هناك تفاهماً مسبقاً بين الإدارة الأمريكية والسلطة الفلسطينية على شرط تجميد الاستيطان، فإن الأمريكيين مارسوا ضغوطاً كبيرة على الرئيس الفلسطيني عبر قنوات عربية من أجل الذهاب إلى القمة في نيويورك. بيد أن السلطة الفلسطينية التي وافقت على القمة الثلاثية، تعلم جيداً أن لا مصلحة لها في رفض حضور القمة، حتى لا تعطي إسرائيل الفرصة لإقناع أوباما بأنها هي المسؤولة عن عدم انعقادها، على الرغم من تمسكها بثوابتها المعروفة وغير المقبولة إسرائيلياً. أما إسرائيل التي وافقت على حضور القمة فهي تعلم أيضاً أنها لا تريد أن تظهر أمام السلطة الفلسطينية بأنها هي التي تتحمل مسؤولية عدم انعقاد القمة في حال رفضت حضورها، على الرغم من إبلاغها للأمريكيين أن حضورها لن يغير من مواقفها  الثابتة المعروفة. غير أن المشكلة لا تبدو منتهية عند هذه النقطة. فالقمة الثلاثية، وفق الرؤية الأمريكية، كانت ترمي لتدشين استئناف المفاوضات لتحقيق رؤية أوباما بحل القضية الفلسطينية خلال عامين. ولا يبدو حتى الآن أن من عجز عن وقف الاستيطان خلال ما لا يقل عن نصف عام من المباحثات قادر على تحقيق السلام الشامل خلال عامين. بل إن استئناف المفاوضات، بالوتيرة وبالهدف الذي «تفاهم» عليه الأمريكيون ورجال السلطة الفلسطينية لا يبدو واقعياً(4). التسوية المتقهقرة إلى الوراء في القمة الثلاثية التي جمعته مع كل من نتنياهو ومحمود عباس، قال أوباما: «سأواصل أيضاً السعي إلى سلام عادل ودائم بين إسرائيل وفلسطين، والعالم العربي. بالأمس، كان لي لقاء بنّاء مع نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس. أحرزنا بعض التقدم». وأوضح أن «الفلسطينيين كثفوا جهودهم في مجال الأمن.. والإسرائيليين سهلوا أكبر قدر من حرية الحركة للفلسطينيين.. نتيجة لهذه الجهود من كلا الطرفين، بدأ الاقتصاد في الضفة الغربية بالنمو.. ولكن هناك حاجة إلى مزيد من التقدم». ودعا «الفلسطينيين إلى الكف عن التحريض ضد إسرائيل، ونواصل التأكيد على أن أمريكا لا تقبل شرعية الاستمرار بالبناء في المستوطنات». وأضاف: «حان الوقت لإعادة إطلاق المفاوضات التي تعالج قضايا الوضع الدائم من دون شروط مسبقة: الأمن للإسرائيليين والفلسطينيين، والحدود واللاجئين والقدس. الهدف واضح: دولتان تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن دولة إسرائيل اليهودية، مع الأمن الحقيقي لجميع الإسرائيليين، ودولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة مع تواصل جغرافي ينهي الاحتلال الذي بدأ عام 1967، وتحقق إمكانات الشعب الفلسطيني». وقال الرئيس الأمريكي «فيما نتابع هذا الهدف، سنعمل أيضاً على السعي للسلام بين إسرائيل ولبنان وإسرائيل وسوريا، وسلام أوسع بين إسرائيل والعديد من الجيران. في السعي لتحقيق هذا الهدف، سنستمر بتطوير المشاركة في المبادرات الإقليمية مع مشاركة دولية، جنباً إلى جنب مع المفاوضات الثنائية». لكنه قال «لست ساذجاً.. أعرف أن هذا سيكون صعباً». في هذه القمة الثلاثية لم يطرح أوباما تصوّره لخطة التسوية للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، لكنه أوضح أنه سيتدخل بصورة مكثفة في المفاوضات المقبلة بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، وسينتهج أسلوباً مختلفاً عن كل الرؤساء الأمريكيين الذين سبقوه في هذا المجال. فهو سيتابع بدقة مجرى التفاوض عبر موفده الخاص إلى الشرق الأوسط الذي سينتقل من الآن فصاعداً من مرحلة الاستماع ونقل وجهات نظر الفريقين، إلى مرحلة دفع الطرفين إلى مفاوضات مباشرة حول قضايا الحل النهائي بعيداً عن الشروط المسبقة التي كان كل طرف يطرحها في وجه الآخر. يُجمع المحللون أن القمة الثلاثية لم تسفر عن أي نتيجة فعلية لدفع المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. فهي «مجرد لقاء لالتقاط الصور» و«قمة رمزية» و«قمة بلا توقعات» و«انكفاء عباس». فالقمة أبرزت بشكل واضح صمود نتنياهو في وجه الضغوطات الأمريكية ورفضه شروطها لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. فقد كتب بن كسبيت في صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أنه «لم يُبذل منذ زمن جهد كبير على هذا القدر، من كثيرين على هذا القدر، زمنًا طويلاً على هذا القدر، لجر رجلين إلى ممر لا يفضي إلى أي مكان.. يقف نتنياهو وأبو مازن الآن على مدخل هذا الممر وينظران إلى الطريق المسدود القائم أمامهما. يحفظ كلاهما هذا الطريق عن ظهر قلب. فقد سارا فيه من قبل.. حانت الآن نوبة أوباما لفعل ذلك.. سيجرب على جسده مقدار تضليل هذا الطريق، ومبلغ تملص الجائزة التي تنتظر في نهايته.. طريق طويل بائس، لم يعد منه أحد حياً، لكن أوباما حاول أمس أن ينفث فيه روح الحياة.. كانت خطبته متعبة قاتمة، كانت نوعاً من محاولة إحياء جثة.. بل لقد بدا تعبير (نعم نحن قادرون) خائباً تماماً.. الطريق إلى لا مكان مرصوف كما يبدو بالنوايا الحسنة والخطب التاريخية المؤثرة.. لكن اللا مكان لا يتغير آخر الأمر». ولم يجد دان مرغليت في «إسرائيل اليوم» من إنجاز يتفاخر به في هذه القمة سوى أن أوباما وبخ الفلسطينيين أكثر مما وبخ الإسرائيليين. وفي كل حال بدا أن كثيراً من المعلقين الإسرائيلين محتارون حول سبب ارتياح نتنياهو وليبرمان بفشل أوباما. وتساءل بعضهم، هل لإسرائيل حليف قوي آخر في العالم؟(5). يعتقد المحللون العرب الذين تابعوا القمة الثلاثية الأمريكية الفلسطينية الإسرائيلية التي عقدت في نيويورك، أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يسير على خطى سلفه جورج بوش، ولاسيما أنه بدا ضعيفاً أمام قوة المؤسسات الأمريكية الضاغطة والمؤيدة بقوة لإسرائيل التي تمكنت منه وحولته إلى مثار للسخرية، بعدما ادّعت طوال الأشهر الثمانية الماضية من عهده أنه يناصبها العداء، وبالتالي لا يبادل إسرائيل أي ود، بل هو يصر على حشرها في الزاوية ويضغط عليها علناً من أجل تجميد الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة لأشهر قليلة، بينما يناشد العرب سراً أن يفتحوا أبواب التطبيع أمامها. يقول الكاتب اللبناني ساطع نور الدين في مقاله «سقوط أوباما»: «ثمة ما هو أخطر من الضعف في شخصية أوباما وفي رئاسته، التي طوّرت ولا تزال تطور العلاقة الإستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية إلى أبعد مما كان الإسرائيليون يحلمون به، وإلى حد أن إسرائيل ستتحول إلى قاعدة تحتوي على أهم المنظومات الأمريكية الصاروخية والمضادة للصواريخ في العالم.. وهو قرار اتخذته إدارته عن سابق تصور وتصميم، وبمعزل عن ذلك الخلاف المصطنع حول تجميد الاستيطان لأشهر، الذي شغل العالم كله منذ مطلع هذا العام، وكان شرطاً مسبقاً للتفاوض لا يتزحزح عنه الأمريكيون.. إنه سقوط مريع لأوباما الذي تغنى كثيرون من العرب والمسلمين به وبخطابه الذي لم يقرءوه جيداً، وبسياسته التي لم يفهموها أبداً، حتى جاءتهم الصدمة الأخيرة، عندما اعترف بهزيمته الصريحة أمام نتنياهو»..(6). أوباما يكرر التجربة عينها التي سلكها سلفه بوش عندما دعا إلى عقد «اجتماع دولي» في تشرين الثاني/نوفمبر 2007، لتفعيل مسيرة التسوية في منطقة الشرق. وكان مؤتمر أنابوليس من أشد المؤتمرات الدولية بشأن الشرق الأوسط غموضاً. فقد تم الإعلان عنه من أجل تحريك المسار التفاوضي الإسرائيلي ـ الفلسطيني بعد خسارة السلطة الفلسطينية لقطاع غزة عسكرياً لحماس، وبعد أن كانت قد خسرت الجمهور الفلسطيني انتخابياً. وكان المطلوب رسم أفق سياسي يتيح للسلطة استعادة جزء من مصداقيتها لدى الجمهور الفلسطيني. ولكن الدافع للإعلان عنه كان إسرائيلياً وأمريكياً في الوقت عينه. فأمريكا تريد أيضاً تقديم الدعم لحليفها الأبرز أولمرت بعد الخيبات التي مُني بها في حرب تموز 2006 ومن جراء التحقيقات الجنائية. وكان المؤتمر مطلوباً أمريكياً لإظهار أنه لا يزال بوسع إدارة بوش بعد كل ما فعلته في المنطقة أن تحشد الكثير من القوى خلف سياستها. ولكن المخفي كان أعظم من المعلن، فالسلطة الفلسطينية تعلم أن لا خيار أمامها للبقاء سوى المفاوضات. ولأن إسرائيل أوقفت عملياً المفاوضات منذ عام 2000 فإنه لا معنى للحديث عن بقاء السلطة من دون مفاوضات، هذا حتى من دون الإشارة إلى الدور الذي لعبته سيطرة حماس على القطاع. وعلى الرغم من الحديث الفضفاض عن الحل الشامل فإن السلطة الفلسطينية لم تستفد من درس (أوسلو). فعلى مدار سنوات التفاوض الفلسطيني ـ الإسرائيلي منذ مؤتمر مدريد في خريف 1991، كانت الانتقادات الموجهة للسلطة الفلسطينية التي قامت على أساس اتفاقيات أوسلو وتوابعها، أنها تخلت عن المقاومة بأنماطها عموماً، ووضعت السلاح جانباً. ولهذا السبب لم تحصد السلطة الفلسطينية التي كان ظهرها إلى الحائط، وهي تفاوض الكيان الصهيوني، سوى الإخفاق. وتؤكد لنا تجارب حركات التحرر الوطني في العالم الثالث التي تفاوضت مع القوى الكولونيالية، أنها التزمت بحكمة المزج الواعي أو المزاوجة بمعايير دقيقة بين العمل الميداني، بالمقاومة المسلحة أو المدنية أو بكلتيهما معاً، بحسب المعطيات الموضوعية، وبين آليات التفاوض السياسي وغير السياسي بلا تهافت أو استضعاف للذات. لا شك أن أوباما انهزم أمام جذرية وفاشية الموقف الصهيوني الذي يجسده نتنياهو ووزير خارجيته ليبرمان، والحال هذه فهو سينساق مضطراً إلى أجندة نتنياهو التي تركز على المواجهة مع إيران، كغطاء لمساعيها لتصفية القضية الفلسطينية عبر تهويد القدس بالكامل واقتطاع ما تريد من الأراضي الفلسطينية وتجويع غزة حتى الركوع. وقد كان ليبرمان جاداً حين صرّح بأن إسرائيل لا تحتاج لحل للقضية الفلسطينية، ويمكن أن تترك الأمور على ما هي عليه، تماماً كما قال أحد أسلافه إن إسرائيل لا تحتاج لتوقيع اتفاقية سلام مع سورية لأن السلام قائم فعلاً. فإسرائيل قد اقتطعت الأراضي السورية والفلسطينية وباشرت استعمارها بهمة ونشاط في سلام ووئام. فما الذي يجبرها على إعادتها وأهلها وأنصارهم قعود، بل منهم من هو عون لإسرائيل على إخوته؟ إسرائيل تدعم أمريكا لكبح المشروع النووي الإيراني قبيل الانتخابات الرئاسة الأخيرة في إيران التي جرت في 12 حزيران الماضي، كانت إيران تبدو في أوج قوتها بعد أن تمكنت من تجنب أية تأثيرات سلبية تذكر للمقاطعة الدولية وللعزلة التي سعت الولايات المتحدة إلى فرضها عليها وللعقوبات التي سنها مجلس الأمن ضدها. وعلى الرغم من كل ذلك فإن طهران كانت تمتلك نفوذاً  إقليمياً متزايداً في لبنان والعراق وأفغانستان ومنطقة الشرق الأوسط، وبالتالي كان من الصعب إغفال وجودها أو كلمتها في أي شأن من شؤون المنطقة الأساسية بل وأيضا في قضايا الطاقة. وكانت قضية العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، ولا تزال تحظى بتغطية إعلامية متواصلة وكأنها القضية الوحيدة على المسرح السياسي الدولي، والسبب في ذلك يعود إلى تنامي الدور الإقليمي الإيراني وتشابكه مع أزمات الشرق الأوسط المعقدة، من الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، إلى الحرب الدائرة في أفغانستان، مروراً بالعراق. اليد الممدودة لإيران، تلك السياسة التي انتهجها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ولاسيما في الخطاب الذي ألقاه بمناسبة عيد النيروز الإيراني في شهر آذار/مارس الماضي، عندما قال :«إنه مستعد لحوار مباشر مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية»، إضافة إلى تقديمه بعض الاقتراحات البناءة التي تتيح لطهران الاستمرار في تطوير برنامجها النووي ولكن مع تقديم ضمانات بألا تتقدم نحو صنع سلاح نووي، يبدو أنها دخلت في مرحلة حساسة، إذ أقنعت أوباما بضرورة فرض عقوبات جديدة على طهران. في الوقت الذي تزداد فيه الضغوطات على إيران من جانب الدول الغربية، عزز الكشف عن المنشأة النووية الإيرانية بالقرب من مدينة قم، تقديرات المخابرات الإسرائيلية  التي لطالما حذّرت من النشاط السري النووي الإيراني. كما أثار التطور الأخير الجدل داخل الصحف الإسرائيلية حول ضربة عسكرية للمنشآت النووية لإسرائيلية. وقبل انتهاء المهلة التي حددها الرئيس الأمريكي أوباما لإيران نهاية سبتمبر 2009 من أجل الدخول في مفاوضات مع الدول الست المكلفة بمناقشة برنامجها النووي، قدّم وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي في طهران يوم الأربعاء 9 سبتمبر الماضي إلى  ممثلي مجموعة الخمسة زائد واحد التي تضم (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، روسيا والصين) في طهران رزمة المقترحات الإيرانية بشأن برنامجها النووي. وكانت إيران قامت بمبادرات عديدة خلال هذا الصيف، وأرسلت إشارات كجزء من إستراتيجية  نشطة استهدفت في الظاهر تحييداً لانتقادات الموجه ضد برنامجها النووي.. وعلى الرغم من أن المقترحات الإيرانية الأخيرة لا تستجيب للمطالب المتعلقة ببرنامجها النووي حسب ادعاءات الدول الغربية، وأنها تتمحور حول مسائل أخرى، إضافة إلى رفض الإيرانيين مناقشة برنامجهم النووي، فإن الولايات المتحدة الأمريكية قررت يوم الجمعة 11 سبتمبر الماضي، قبول العرض الإيراني، والدخول في مفاوضات مع طهران. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيليب كراولي إن الولايات المتحدة تريد إجراء محادثات متعددة الأطراف على مستوى عال مع إيران لاختبار رغبتها في معالجة المسألة النووية وقضايا أخرى، على الرغم من المقترحات «المخيبة للآمال» التي تقدمت بها طهران. وقال إن الوثيقة التي قدمتها الجمهورية الإسلامية الأربعاء الماضي، لا تتضمن تقدماً ملموساً لكنها «تقول فقط إن الحكومة الإيرانية ترغب في بدء حوار وتفاوض». وأكد كراولي أنه «إذا كان لدى إيران الرغبة في المشاركة في مفاوضات جادة، فإنها ستجد في الولايات المتحدة والبلدان الأخرى لمجموعة الست (ألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا) محاورين حقيقيين». وعبّر عن أمله في عقد اجتماع بين مسؤولين كبار من إيران والدول الست. وقال «من وجهة نظر الأسرة الدولية، القضية المركزية هي المسألة النووية.. إذا كنا سنتحدث فسنعمل على مناقشة القضية النووية». وتهدد الدول الغربية، ولاسيما الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا المقتنعة بأن إيران لا تزال ماضية في تحقيق طموحاتها النووية، بتشديد العقوبات عليها والتي تبقى فعاليتها رهناً بالتزام تطبيقها وبالضوء الأخضر الصيني ـ الروسي. وكانت إيران تعرضت لثلاث حزم من العقوبات الدولية جرى تبنيها في السنوات 2005، 2006، و2007، وشملت شركات وشخصيات إيرانية. وفي المقابل قال الرئيس أحمدي نجاد للسفير البريطاني الجديد في طهران سايمون غاس، إنه «من وجهة نظر الأمة الإيرانية، فإن الملف النووي مغلق». وأضاف أن «امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية هو حق الأمة القانوني والثابت ولن تجري أي مفاوضات بشأن حقوقها التي لا يمكن لأحد إنكارها»، مكرراً أن إيران مستعدة للتباحث بشأن القضايا الاقتصادية والأمنية العالمية، وهي المسائل التي ركزت عليها مقترحاتها الأخيرة إلى الدول الكبرى. غير أن الرئيس الإيراني أكد على أن الحوار يجب أن يتمحور حول أمرين: «الأول إتاحة الفرصة لجميع البلدان من أجل الاستفادة السلمية من الطاقة النووية النظيفة، والثاني بشأن الإدارة الفاعلة للحيلولة دون انتشار الأسلحة النووية ونزع الأسلحة المحظورة في العالم»، مشدّداً على أن أساس الخلاف ليس حول الملف النووي، بل يتعلق بعداء اثنتين أو ثلاث دول لإيران. ومن الواضح أن الطريقة التي يبلور بها الرئيس نجاد الأمور، تركز على الدور الإقليمي لإيران، باعتبار إيران تقع في قلب منطقة حساسة جداً، حيث تراكمت فيها المشاكل والأزمات أمام إدارة الرئيس أوباما. فالعراق يشهد عودة التفجيرات، في الوقت الذي يتأهب الجيش الأمريكي للانسحاب، أما في أفغانستان فإن الجيش الأمريكي ومعه قوات الحلف الأطلسي يوغلون جميعاً في المستنقع الأفغاني، الذي بات أشبه بفيتنام جديدة. الاجتماع  الذي بدأ يوم الأول أكتوبر 2009 بين الدول الست (مجلس الأمن زائداً ألمانيا) وإيران، لا ينتظر منه أطرافه مفاجآت كبرى.لأن إيران تدافع عن حقها في تخصيب اليورانيوم، وعن حقها في بناء منشأة نووية للتخصيب، وتبدي استعدادها إخضاع هذه المنشأة للتفتيش، لكن شركائها في المفاوضات يعتبرون ذلك غير كاف. ويؤكد مسؤولون أمريكيون معنيون بالملف الإيراني أن واشنطن «ليس لديها أي أوهام حول نيات» إيران، وأن كشف الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن مفاعل قم السري لتخصيب  اليورانيوم يعكس وضوح الإدارة ووعيها للطريق التي تسير فيها إيران. والحال هذه ليس لواشنطن «توقعات ضخمة» من الحوار المباشر الذي تدخله للمرة الأولى منذ سبعينات القرن العشرين وعلى مستوى دولي مع إيران لافتة إلى أن العائق الأبرز أمام الإدارة الأمريكية في مفاوضاتها، هو استكمال إيران تخصيب اليورانيوم وبمعدلات مرتفعة، ما يناقض أهداف واشنطن سواء لناحية إثبات سلمية البرنامج الإيراني أو منع طهران من تطوير سلاح نووي. من هنا تتجه الدبلوماسية الأمريكية وفي الجولة الأولى للمفاوضات، نحو إقناع إيران بوقف كامل للتخصيب أو تخفيضه لنسب تمنع طهران من تطوير سلاح نووي مع الوقت. ويتوقع الخبير في معهد كارنيغي للسلام الدولي كريم سادجابور أن ترفض إيران العرضين، بسبب ذهنية القيادة الإيرانية وعدم وجود «إغراءات كافية لتقديمها تنازلات حول ملفها النووي». من هنا تتضح براغماتية واشنطن في قراءة الصورة الإيرانية واحتواء توقعاتها من هذا الحوار. وتؤكد مصادر الإدارة الأمريكية لـصحيفة «الحياة» أن «نهج المسارات المتوازية بين الحوافز والعقوبات ساري المفعول» وأن واشنطن بدأت محادثاتها مع شركائها الأوروبيين وروسيا والصين حول خيارات العقوبات الدولية وخصوصاً تلك التي تستهدف قطاعات النفط والمصارف والاتصالات، بهدف حشر إيران وإرغامها على تقديم تنازلات(7). وتؤكد الولايات المتحدة أنه في حال لم تلق عروض الحوار مع إيران أي رّد إيجابي، فإن مجموعة الدول الست ستفرض عقوبات قاسية في مجالي الطاقة و المال. والعقوبات الجديدة في مجال الطاقة  الجاري بحثها تتعلق باستيراد الوقود، حيث تستورد إيران 40% من استهلاكها المحلي من البنزين من أوروبا، لأن بنيتها الصناعية التكريرية متقادمة ويحتاج تجديدها إلى استثمارات خارجية ضخمة. وقد تكون العقوبات  موجعة، ولاسيما في هذا البلد النفطي، لأنها قد تطال المستهلك مباشرة. وفي هذا الوقت ما انفك نتنياهو الذي قام قبل شهر بجولة أوروبية، بشن حملة دبلوماسية مكثفة تهدف إلى إقناع أمريكا وأستراليا وكندا وبعض الدول الأوروبية الكبرى بتشديد الحصار الاقتصادي والعقوبات على طهران، وإلى زعزعة الاستقرار في النظام الإيراني بقيادة الرئيس محمود أحمدي نجاد، الذي تعتبره إسرائيل «أضعف مما يبدو للعالم»، وذلك من أجل إجباره على الاختيار بين تعليق برنامجه النووي كي لا يخسر السلطة، أو استبدال النظام الحالي. العلاقات الأمريكية ـ الروسية… والملف النووي الإيراني كان قرار بنشر الدرع المضاد للصواريخ في جمهوريتي التشيك وبولندا منذ إعلانها رسمياً بذلك في 20 كانون الثاني 2007، قد شكل  أزمة جيوبوليتيكة كبيرة في بداية هذا القرن. وكانت  الدلائل كلها تشير أن أمريكا ماضية لإقامة محطة رادارات على أراضي تشيكيا، و نصب عشرة صواريخ قادرة على اعتراض الصواريخ الباليستية في بولندا، حيث تقول الولايات المتحدة إن نشر هذه المنظومة يستهدف حماية أراضيها وأراضي حلفائها من أي هجوم إيراني أو كوري شمالي. ومنذ ذلك الوقت تحولت قضية الدرع الصاروخية الأمريكية في أوروبا إلى مادة سجالية بين أمريكا وروسيا. ويعتبر المحللون أن قرار أوباما بإلغاء نشر الدرع الصاروخية الأمريكية في أوروبا الشرقية، قد يعبد الطريق أمام حوار جدي بين واشنطن وموسكو لحل مشكلات تؤثر سلباً في العلاقات الأمريكية – الروسية، ومنها برنامج التسلح النووي الإيراني، ومعاهدة «ستارت 2»، حيث أن «موسكو مدعوة إلى التجاوب مع المبادرة الأمريكية، والامتناع عن بيع إيران صواريخ (س ـ300) الدفاعية، والموافقة على قرار الأمم المتحدة تشديد العقوبات ضد إيران عند صدروه» (8). وكانت موسكو أعلنت بوضوح خلال شهر أيلول/سبتمبر الماضي، معارضتها لسياسة فرض العقوبات على إيران، حتى لو كان هذا البلد لا يستجيب للمطالب التي سنّها مجلس الأمن الدولي بشأن إلغاء تخصيب اليورانيوم، والشفافية حول الأنشطة النووية. ويأتي قرار أوباما في الوقت الذي تسعى فيه أمريكا لتحسين علاقاتها مع روسيا، وفي ظل انعقاد اجتماع قمة مجموعة العشرين الاقتصادية 24 و25 سبتمبر الماضي، في بيتسبرغ (ولاية بنسليفانيا)، التي حضرها الرئيس الروسي ديمتري ميد فيديف، إلى جانب مشاركته في الاجتماع السنوي المخصص لمناقشة أمن الأمم المتحدة، حيث ناقش أوباما مع نظيره الروسي تحديات أمنية كبيرة تتهدد أمن البلدين، مثل ضبط الانتشار النووي، ومكافحة الإرهاب خارج أفغانستان، والتصدي للمشروع النووي الإيراني، إضافة إلى سعيه على حمل روسيا تأييد الدول الغربية في زيادة الضغط على إيران داخل مجلس الأمن. كما يأتي قرار أوباما أيضاً قبل انطلاق المحادثات المرتقبة بين الدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) وإيران في أول شهر أكتوبر 2009، حيث من المتوقع أن يمثل وليام برنز نائب وزيرة الخارجية للشؤون السياسية، الولايات المتحدة فيها المحادثات، فيما سيتولى مستشار أوباما في البيت الأبيض دنيس روس الإشراف على الإستراتيجية الأمريكية في إدارتها، ومع كل ذلك فإن روسيا تظل شريكاً صعباً حول الملف النووي الإيراني، بصرف النظر عن سياسة الانفتاح الأمريكية على موسكو. وتسعى إدارة أوباما إلى تشكيل جبهة عالمية واسعة لممارسة مزيد من الضغط على إيران، في حال لم تُثمر محاولات الحوار معها عن نتائج مرجوة. وفي هذا الصدد أكد الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبس أن «المسألة النووية ستكون جزءاً من المحادثات. إذا كانت إيران غير مستعدة لبحث برنامجها غير المعلن لصنع أسلحة نووية، هذا لن يكون سوى تعزيز لمواقف الأسرة الدولية عندما تشير إلى الالتزامات التي يرفض الإيرانيون تنفيذها». ويعتقد الخبراء الغربيون أن روسيا تعمل على استغلال التوتر القائم  بين إيران والدول الغربية لمصلحتها، من أجل تحدّي أمريكا على الصعيد الجيوبوليتيكي. فلا تزال موسكو تُخَزِّن التنازلات الأمريكية من دون أن تقدم أي شيء بالمقابل. وفي محاولة تخفيف حدة الخلافات المتراكمة من عهد الرئيس السابق جورج بوش، أرسلت إدارة أوباما عدة إشارات إيجابية تجاه روسيا، من أهمها: تعلية قيمة روسيا إلى مرتبة القوة العظمى النووية (المفاوضات بشأن  تقليص الأسلحة النووية الهجومية «ستارت 2»)، حيث رهنت موسكو توقيعها على المعاهدة الجديدة بإلغاء واشنطن نشر الدرع الصاروخية الأمريكية في أوروبا الشرقية، الذي تعتبره روسيا بأنه يشكل تهديداً على قدرتها في مجال الردع النووي. ولا شك في أن قرار أوباما الأخير يسهم في إبرام الاتفاق النهائي على معاهدة «ستارت ـ 2» سريعاً، علماً أن روسيا سبق لها أن قدمت خدمة كبيرة لأمريكا يوم أجازت انتقال قواتها إلى أفغانستان عبر أراضيها ومجالها الجوي. ومنذ انتقال الملف النووي الإيراني إلى أروقة مجلس الأمن في سنة 2006، ظلت موسكو تضع كابحات قوية من أجل تخفيف الضغوطات على طهران. المشكل الآن أن المعطى الجديد الذي صاغه فريق أوباما يهدف إلى تقريب الموقف الروسي من الموقف الغربي. وكان الموقف الروسي يكمن دائماً، كما كرره مراراً رئيس الحكومة الروسية فلاديمير بوتين، في إنكار وجود بعد عسكري  للبرنامج النووي الإيراني. روسيا هي الحليف الأول لإيران فيما يتصل بالبرنامج النووي، وكانت مواقف موسكو مؤيدة لطهران دائماً، أو رافضة لمسايرة الضغوط الأوروبية والأمريكية عليها، وكان آخر هذه المواقف الاقتراح الذي قدمته روسيا منذ ثلاث سنوات لإيجاد مخرج من عقدة تخصيب اليورانيوم الذي تصر عليه إيران. وكان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قال بشأن الاقتراح الروسي في سنة 2007، في تصريحات أوردتها وكالات الأنباء: «إن اقتراح روسيا بتخصيب اليورانيوم الإيراني على أراضيها ما زال قابلاً للتفاوض». وأضاف أن الخطة الروسية «لا تزال مطروحة على طاولة المفاوضات وتشكل عنصراً مهماً في البحث عن حل«للأزمة النووية الإيرانية». وتقترح موسكو على طهران تخصيب اليورانيوم على الأراضي الروسية لطمأنة الغربيين الذين يشتبهون في أن طهران تطور شقاً عسكرياً سرياً تحت ستار برنامجها النووي المدني. وكان هذا الاقتراح المدعوم من الأمريكيين والأوروبيين موضع جولات مفاوضات عدة عقدت في موسكو وطهران من دون أن تسفر عن نتيجة. ومهما أحرجت المواقف الإيرانية روسيا، فإن هذه الأخيرة لا ترغب في فرض عقوبات ضد إيران بسبب طموحاتها النووية، وذلك لاعتبارات نفطية واقتصادية ومصالح جغرافية ـ سياسية لموسكو. علماً أن روسيا لا مصلحة لها أن ترى إيران المالكة للسلاح النووي تطفو على أبوابها، غير أن قربها من إيران الفاعل الرئيس في الجيوبوليتيك لمنطقة أوراسيا يتطلب منها الحذر والتريث في اتخاذ أي موقف ضد إيران. فالانضمام إلى العقوبات الدولية التي تعتزم الدول الغربية فرضها على إيران تعتبرها موسكو كارثة بالنسبة إليها.  الهوامش: (1)- ماجد الشّيخ ،أهداف الغرب المعجّلة والتسوية الموعودة.. مؤجّلة! المستقبل – السبت 5 أيلول 2009 (2)- د . عبدالحي زلوم  :أمريكا إسرائيل الكبرى، التاريخ الحقيقي لأمريكا في الشرق الأوسط، كتاب منشور على حلقات في صحيفة الخليج الإماراتية ، بتاريخ من 6/4/2009. (3)- د.عبد الوهاب  الأفندي ، إيران كمخرج لأوباما من مأزقه الإسرائيلي. (المصدر: صحيفة «القدس العربي» (يومية – لندن) الصادرة يوم 29سبتمبر  2009). (4)- حلمي موسى، أوبـامـا يعقـد القـمـة الثلاثيـة اليـوم … بشـروط نتنياهـو، صحيفة السفير، 23/9/2009 . (5)- صحيفة السفير 24/9/2009. (6)- ساطع نور الدين ، سقوط اوباما ، صحيفة السفير24/9/2009 . (7)- واشنطن – جويس كرم ،واشنطن تبدأ الحوار مع طهران بحثاً عن «صفقة» تمنع تل أبيب من مهاجمة منشآتها النووي ،الاربعاء, 30 سبتمبر 2009. (8)- على حد قول الصحافي أندري تيريخوف عن «نيزفيسيميا» الروسية 18/9/2009.  
(المصدر: مجلة الوحدة الإسلامية:السنة الثامنة ـ العدد الخامس والتسعون (95)ـ ذو القعدة ـ ذو الحجة ـ 1430 هـ ـ(تشرين ثاني (نوفمبر 2009 م)

إيران تتسنّن  

زهير إسماعيل في البدء كانت الثورة مبدأ ولاية الفقيه خطوة نحو التسنّن مؤسسة ولاية الفقيه  
سُئل أدونيس (علي أحمد سعيد) عن الثورة الإسلامية في إيران وهي تخطو خطواتها الأولى في عالم ما زال محكوما، يومها، بما كان يُعرف بالحرب الباردة. فقال « إنّها ثورة بالدين وفي الدين ». وإلى جانب بلاغة هذا القول وجمال صياغته فإنه كان يصدر عن مثقف من أبرز ممثلي تيّار الحداثة نظرا وعملا، بما تعنيه الحداثة في الفكر العربي المعاصر من يأس جذري من الدين وأمل كبير في العقل. وبعد ثلاثين سنة من عمر الثورة قام شبه إجماع على أنها حلّت في الدولة بعد تجربة فاشلة في تصدير الثورة. وهي في ذلك ليست بدعا من الثورات، حتى كأن الغاية التي تجري إليها الثورة، كل ثورة، هي الدولة. ورغم ذلك بقيت الجمهورية الإسلامية حاضرة في المشهد الدولي مثيرة للانتباه. وتمثل انتخابات الثاني عشر من يونيو/حزيران 2009 إحدى المحطات البارزة في تاريخ هذه التجربة وهزّة سياسية حقيقيّة. ونودّ في هذا المقال أن نقرأ مبدأ « ولاية الفقيه » قادحَ الثورة الإيرانية وعمادَ دولتها، في ضوء الانتخابات الأخيرة. ونريد التشديد على أنّ الأحداث المتولّدة عن الانتخابات ليست شرطا لقراءة مبدأ « ولاية الفقيه »، غير أنّه من الصعب فهم هذه الأحداث ذاتها بمعزل عن المبدأ المذكور. في البدء كانت الثورة  » منذ الأسابيع الأولى للثورة أطّرت قيادتها عنفوان العملية السياسية المتولّدة عن اجتثاث نظام الشاه بشعار الجمهورية الإسلامية، بعد استفتاء، اضطُرّت نُخب حداثية إيرانية واسعة إلى مجاراته، تحت زخم المدّ الجماهيري  » منذ الأسابيع الأولى للثورة أطّرت قيادتها عنفوان العملية السياسية المتولّدة عن اجتثاث نظام الشاه بشعار الجمهورية الإسلامية، بعد استفتاء، اضطُرّت نُخب حداثية إيرانية واسعة إلى مجاراته، تحت زخم المدّ الجماهيري بقيادته الروحية ذات الكاريزما العالية والألق غير المسبوق. وأهمّ من كل هذا تبنّي المذهب الجعفري مذهبا رسميّا للجمهورية الناشئة. ولئن فاجأت استعادة المطلق المذهبي الجميع فإنّ ردود الأفعال تجاهه تباينت. فرأت النخب الحداثية في الداخل والخارج، في المذهب، تفصيلا من تفصيلات رؤية دينية للعالم تصدر عنها الثورة، مرفوضة في عرف هذه النخب، ذلك أنّ من رفض الأصل رفض تفريعاته. وأمّا التيار الإسلامي الواسع فقد غضّ الطرف عن هذه الاستعادة المذهبية، رغم أنه كان أكثر المتفاجئين بها. فقرأ كتاب الإمام الخميني الحكومة الإسلامية بعين سياسية عَشِيتْ عن كل ما هو مذهبي وعن كل ما كان يُظنّ أنّه في حُكم الميّت من التراث الإسلامي ويمعن الكتاب في إحيائه. كان التيار الإسلامي لا يصدّق عينيه وهو يرى الإسلام ( بصورة من صوره) يُحدث ثورة عظيمة وينتفض بعضُ أهله لردّ الظلم ونصرة المستضعفين. وكان التيار الإسلامي، في الوطن العربي خاصة، محاصرا فكريّا وسياسيّا من قبل النخب الحداثية وفي طليعتها عتاة الفرنكفونية سليلو الثورة الفرنسية ذات المزاج المتوتر ضدّ ما كان يعتبر ثقافة دينية. ولم يكن من مرادف لعبارة « الرجعية العربية »، يومها، سوى الحركات الإسلامية والأنظمة العربية الدائرة في فلك الإمبريالية الأميركية. فوجد التيار الإسلامي في الثورة الإسلامية في إيران طوق الّنجاة وسبيل الخروج من حالة الحصار المطبق، لذلك لم يكن مستعدّا لإثارة ما يفسد عليه « نشوته السياسية ». فكان تبنّي الثورة هو الموقف الغالب وبالأخص في أوساط الاتجاه الإسلامي في الحركة الطلابية في الوطن العربي. كما كان الانفتاح على كتابات رموز الثورة وعلماء الحوزات العلمية في « النجف » و »قم » دون توجّس من خلفيّتها المذهبية. ومثّلت كتابات علي شريعتي التي لم تكن الحركات الإسلامية تدرك علاقتها المتوتّّرة بتياّر علماء الدين في إيران، الصيغة المقبولة ضمن فضاء سنّي طال عليه الأمد فنسي أنّه سنّي. ولاية الفقيه خطوة نحو التسنّن مبدأ ولاية الفقيه اجتهاد شيعي متأخّر سليل التدافع المذهبي عبر قرون من تاريخ المسلمين. ونُذكِّرُ في هذا السياق بأنّ الخلاف في تجربتنا التاريخية يبدأ سياسيّا وينتهي عقديّا. وتمثل الخلافة أول ما استلت فيه السيوف بين المسلمين. ومع الوقت تبلور موقفان رئيسيان: موقف صار يعرف به من سُمّوا بأهل السنة والجماعة يقوم على اعتبار الخلافة مؤسسة بشرية سياسية يختارها الناس عن طريق ضرب من التعاقد يسمّى البيعة. فالأمة تختار من يسوسها. وقد يدير شأنها مفضول ظاهر على أفضل مغمور (لقد ولّيت عليكم ولست بخيركم..). فيكون الاختيار مطلوبا لذاته، في مستوى الواجب على الأقل. أمّا في الواقع فقد تحولت الخلافة إلى ملك بالغ في عضّ الأمّة. وموقف عُرف به الشيعة يرى في الخلافة -ويسمّونها الإمامة- أمرا إلاهيّا دينيّا. والإمامة بمعناها الواسع جزء من العقيدة: آلية انتقالها من إمام إلى آخر الوصية ومنطلقها وصية النبي (صلى الله عليه وسلم) لعلي (رضي الله عنه) ومنتهاها الوصية للمهدي الإمام الثاني عشر الذي غاب. وسيعود يوما ليملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا وظلما. كان التشيّع في تاريخنا أقليّا مقارنة بالتيّار السنّي شديد التنوّع والغالب على الأمّة. ومثل كل أقلية مضطهدة سعى إلى أن يتميّز تشريعا لوجوده ولأحقّيته بالإسلام. ولا شكّ في أن التشيّع لم ينضج دفعة واحدة، مثله مثل التسنّن. فكان التأثر بالروافد الأجنبية فيه أظهر. فتوتّر بين الاعتدال والمغالاة (الزيدية، الإسماعيلية). وكان التأثر متبادلا بين التشيّع والتسنّن، فكما أثّر التشيع في الدائرة السنّية (علم الكلام الاعتزالي) تأثر بالتسنّن. ويعتبر مبدأ « ولاية الفقيه » أبقى بصمات التسنّن عليه. وأوّل ما يلفت الانتباه هو العبارة: ولاية الفقيه، وهي عبارة تبدو متوترة بين مرجعيتين إذا اعتبرنا في مفردة ولاية إحالة على المرجعية الشيعية/الصوفية وفي مفردة فقيه إحالة على المرجعية السنيّة.  » يعكس التوتّر في مستوى عبارة ولاية الفقيه اختراقا سنّيا للمجال الشيعي, أي أن مبدأ ولاية الفقيه مضمون سنيّ بلسان شيعيّ, وهو محصّلة للسجال السنّي الشيعيّ الذي اتخذ أشكالا شتّى عبر تاريخنا  » كلمة فقيه صارت سنية الهوى ممّا أوجب مرادفا لها عند التشيّع هو كلمة إمام. ويعكس التوتّر في مستوى عبارة ولاية الفقيه اختراقا سنّيا للمجال الشيعي. أي أن مبدأ ولاية الفقيه مضمون سنيّ بلسان شيعيّ. وهو محصّلة للسجال السنّي الشيعيّ الذي اتخذ أشكالا شتّى عبر تاريخنا. إنّنا نعتبر لحظة غياب المهدي استعادة للحظة غياب النّبي. كانت إجابة التشيع عن وفاة النّبي الوصيّة، وهي في اعتقادنا بعدية: أملتها شروط الصراع مع بني أمية بأخرى من حكمهم. وكانت الحجة أنّ النّبي (صلى الله عليه وسلم) لا يمكن أن يترك الناس هملا. فلا بدّ من أن يوصي، وكانت الوصيّة لعلي (رضي الله عنه) فكيف يترك المهدي وريث النبيّ الناس هملا ولا يوصي لمن يخلفه قبل غيبته التي لا بدّ أنه كان يعلم بها. فهو المعصوم الموصول. إن ّ مبدأ ولاية الفقيه إجابة متأخّرة عن خلافة النبي، تختلف عن الرأي السائد عند الشيعة. وإن ّ المهدي كالنبي (صلى الله عليه وسلم)، والفقيه الولي كأبي بكر (رضي الله عنه) فيكون القول بولاية الفقيه تبنّيا متأخّرا لمبدأ الاختيار لمن يخلف النّبي وإقرارا بختم النبوّة، لأن في الوصيّة والعصمة رفضا ضمنيّا لأساس الإسلام: ختم النبوّة. ومن الطريف الإشارة إلى أنّ عمر (رضي الله عنه) كان أول الرافضين لفكرة ختم النبوّة عندما هدّد بقتل كل من يقول بموت النبي قبل أن يذكره أبو بكر ذلك الرجل الاستثنائي في تاريخنا بالآية الكريمة « و ما محمّد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرسل. أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم. ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرّ الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين » (آل عمران 142-144) . واستنتاجا ممّا سبق يكون الشيعي القائل بمبدأ ولاية الفقيه سنيّا حتّى ظهور المهدي. ولعلّه لهذا السبب ووجه الإمام الخميني من قبل المراجع في قم مواجهة عنيفة. مؤسسة ولاية الفقيه أخرج الإمام الخميني وهو رجل استثنائي بكل المقاييس، بتحريك مبدأ ولاية الفقيه، قسما من جمهور الشيعة من غموض وسريّة وانعزال طبعت مسيرة التشيع في إيران. ورأى أنّه لا يعقل أن يتواصل الانتظار وأن لا يشهد الإنسان العالِمُ على عصره. فكانت خطب الإمام قريبة من « الأدب الخارجي » في الانتفاض في وجه الظلم وإباء الضيم. وكانت الكلمة المأثورة « الساكت عن الظلم شيطان أخرس » كثيرة الدوران في كلامه إلى الناس. ولم يعتبر سيطرة الإمبرياليّة الأميركيّة واقعا لا يُواجَه. كان الخميني شبيها بلينين في المدرسة الماركسية. وإذا كان الخميني ينتظر قيام المهدي الذي لا خلاص للعالم إلا به، فإن لينين انتظر طويلا قيام الثورة البروليتاريّة في أوروبّا التي لا تحرّر للعالم بدونها. فاجتهد لينين وقام اجتهاده على فكرة أساسية تقول بأنّ قيود الرأسمالية يجب أن تقطع في أضعف حلقاتها. وقام اجتهاد الإمام الخميني على تحريك مبدأ ولاية الفقيه وسيلةً لضرب ما يسمّيه الاستكبار العالمي في أقصى امتداداته في المنطقة. وفي الحالتين كان الخروج من حالة الانتظار والإرجاء. ومثلما اُتهم لينين بالانحراف عن الماركسية وقد انحرف، اتهم الخميني بالخروج عن التراث الشيعي وقد خرج. في التشيع انتظار تحت تأثير تصور عقدي يجعل من ظهور المهدي حتمية تاريخية. وفي الماركسية انتظار تحت تأثير فهم ميكانيكي وتصور حتمي للتاريخ يكاد يلغي دور الإنسان. وفي الانتظارين يتنكر التاريخ لتاريخيته. اختار الرجلان أن يكون التاريخ تاريخيّا ففعل كل منهما بطريقته.  » مرّ على مؤسسة ولاية الفقيه حين من الدهر شهدت فيه مع العالم أحداثا مزلزلة, فكانت حرب الخليج الأولى مقدّمة لوأد الثورة في المهد وحرب الخليج الثانية تمهيدا لنظرية الاحتواء المزدوج وحرب احتلال العراق مدخلا إلى الفوضى الخلاقة  » لقد مرّ على مؤسسة ولاية الفقيه حين من الدهر شهدت فيه مع العالم أحداثا مزلزلة. فكانت حرب الخليج الأولى مقدّمة لوأد الثورة في المهد وحرب الخليج الثانية تمهيدا لنظرية الاحتواء المزدوج وحرب احتلال العراق مدخلا إلى الفوضى الخلاقة. وكان لهذه المنعرجات الثلاثة أثر على مؤسسة ولاية الفقيه. ورغم وجهها الديني وطابعها الشمولي لم تلغ المؤسسة حقّ الشعب الإيراني في الاختيار، تحت ذريعة لا صوت يعلو فوق صوت المعركة. وكان للقيادة الإيرانية العُلمَائية من المبرّرات من التراث الشيعي ما هو كفيل بإلجام جميع الأصوات. ولكنّها اختارت غير هذا السبيل منذ الأيّام الأولى للثورة. ففي تلك الأجواء العاصفة كان الاستفتاء على الجمهورية وكانت الانتخابات الرئاسية. لِمَ لمْ يتجنّب الخميني هذه المخاطر واختار مشاركة الناس -لو في حدودها الدنيا– وهو المرجع الذي يأمر فيطاع؟ هذا جانب مثير يرقى إلى درجة المفارقة في شخصية الإمام وفي هويّة الثورة وفي تجربة الدولة في إيران المعاصرة. ولكن ما أثر المنعرجات الثلاثة المذكورة على المؤسسة؟ نشير، في اختصار، إلى أنّ حرب الخليج أفضت إلى ظهور التيار الإصلاحي من داخل المؤسسة تحت تأثير الانكسار العسكري بعد ثماني سنوات من الحرب بقيادة الإمام نفسه، في حين كان من نتائج حرب الخليج الثانية وصول التيار الإصلاحي إلى الرئاسة ومجلس الشورى. وترسّخ ثنائية المحافظين/الإصلاحيين في الحياة السياسية. أمّا سقوط بغداد فقد كان تأثيره على الجهتين: ضعف الإصلاحيين أمام الغطرسة الأميركية وعودة الاستعمار المباشر وغلبة أطروحة هنتنغتون في صراع الحضارات على أطروحة خاتمي في حوار الحضارات. وعجْز المحافظين عن مواجهة الأزمات الاجتماعية رغم بعض النجاحات السياسية في الخارج (انكسار الكيان الصهيوني أمام حزب الله، عجزه عن تحقيق أهدافه في الحرب على غزة، توسّع تيّار الممانعة إلى النظام العربي ومحيطه الإسلامي: قمّة الدوحة). ومثّلت انتخابات 12 يونيو/حزيران 2009 وما تلاها من احتجاجات منتهى لتحولات شهدتها مؤسسة ولاية الفقيه. ويبدو ما رافق الانتخابات وتلاها من تجاذب صراعا بين المحافظين والإصلاحيين. ولكنّه في عمقه أمارة على درجة قصوى من التحول يُخرِج مؤسسة ولاية الفقيه عن مرجعيتها بالكامل. لقد اعتبرنا ظهور مبدأ ولاية الفقيه خطوة مهمة نحو التسنّن في تاريخ التشيّع وكانت الخطوة الثانية لإيران الشيعية نحو التسنّن مع اندلاع الثورة والانتخابات. ولسنا نعني البتّة أن الانتخابات سنية الهوية (العالم السني، في معظمه، خال من كل انتخابات حقيقية) وإنما نعني الصلة الفكرية بين الانتخابات والتسنّن النظري الذي يَعتبر الخلافة شأنا سياسيّا يختار فيه الناس من يسوسهم. وهذا ما تنفيه السياسة العمليّة في المجال السني المتّسمة بالاستبداد. كما نعني أيضا انتفاء العلاقة بين الانتخابات والتشيّع النظري الذي يعتبر الإمامة أمرا دينيّا لا شأن للناس به. وهذا ما بقيت عليه المرجعية في قم والنّجف حتّى بعد قيام الثورة. تمثل الانتخابات ذات المصداقية العالية في إيران علامة فارقة، حتى وإن كانت مؤطرة فكريّا (دائرة الإسلاميين) ومذهبيّا (دائرة التشيّع الإمامي في الوظائف السيادية).  وهل تخلو تجربة تقوم على الاختيار الحر من قيم مؤطرة وتابوهات؟ وإنه ليس أبلغ عندنا من أن نرى الولي الفقيه والمرشد العام للثورة يأتي يوم الانتخابات فردا. ويقف أمام صندوق الاقتراع، صوته كصوت أيّ إنسان آخر. أليست المفارقة صارخة إذا نظرنا إلى المشهد من المنظور الشيعي؟ إنّه بمجرد الوقوف أمام صندوق الاقتراع يكفّ الإمام عن أن يكون إماما بالمعنى الشيعي. ولنا أن نتساءل ماذا بقي من التشيّع مع ولاية الفقيه؟ ونوجّه السؤال إلى من اعتبر أزمة الانتخابات الأخيرة تعبّر عن رغبة في التحوّل من ولاية الفقيه إلى ولاية الأمّة: هل من فارق فعلي بين ولي فقيه ينتخب مثل سائر الناس وهو مُنتَخب من قبل مجلس خبراء، وبين ولي للأمة؟ وهل تتمّ ولاية الأمة ذات الجذور السنيّة دون وسيط يدّعي تمثيله الأمة؟  » في ضوء التجربة الإيرانية يبدو النظام العربي جادّا نحو ضرب من التشيع السياسي غريب صار معه حكّامه المحذرون من « الهلال الشيعي » أكثر عصمة من أئمة الشيعة الكرام, إنّنا أمام تشيع يتسنّن كلما اقترب من الدولة وتسنّن يتصنّم إذا صار منها وإليها  » لئن بدت إيران سائرة نحو التسنّن بالمعنى الذي حدّدنا، متخلّصة من تمسّح (من المسيحية) شاب التشيع عبر مراحل بعيدة من تاريخه ولوّن جانبا من الفكر الغربي وهوية انتظامه (الدولة والديمقراطية)، فقد بدا النظام العربي جادّا نحو ضرب من التشيع السياسي غريب صار معه حكّامه المحذرون من « الهلال الشيعي » العاضّون بالنواجذ على الكراسي أكثر عصمة من أئمة الشيعة الكرام. إنّنا أمام تشيع يتسنّن كلما اقترب من الدولة وتسنّن يتصنّم إذا صار منها وإليها. تجربة إيران المعاصرة مثيرة بكلّ المعاني. ونراها، مشاكَلَةً لعبارة جورج لوكاتش الشهيرة، بحثا متدهورا (منظور مذهبي تراثي) عن هوية انتظام أصيلة (علاقات أفقية = عدلا) في واقع انتظام متدهور(علاقات عموديّة = دولة). إنها بحث عن هوية انتظام جديدة تتخطى هوية الانتظام التي استقرّ عندها الفكر السياسي المعاصر واعتبرها منتهى للتاريخ ومستقرّا يجري إليه: هي الدولة. وهذا في تقديرنا مدخل مهم جدّا لفهم ما يحدث في إيران والعالم. فلا نهاية عند المسلمين للتاريخ عند هوية انتظام بعينها وإنما هي أشكال سياسيّة تبتدع ما دام الإنسان. وليست الدولة بسدرة المنتهى. ولا نهاية للتاريخ إلاّ عند الوقوف بين يدي الله بعد الانتباه من الحياة. لئن كان لثنائية شيعة/سنّة حضور في مقالنا، فإنّ ذلك لا يعني البتّة انخراطا في مذهبيّة ممقوتة. وإنّما الثنائيّة لا تعدو أن تكون معطى سياسيّا ثقافيّا يجنّبنا تفسير تجربتنا الخاصّة بتجارب الآخرين. كما أنّنا لا نحبّذ منهجيّا النظر إلى إيران الشيعية ولا إيران الفارسية، على أهميّة هذين المعطيين، وإنما نحن أميل إلى اعتبار إيران دولة ذات طموح إمبراطوري تنتمي إلى العالم الإسلامي وتمثل عمقا للوطن العربي انطلاقا من مصالحها. إيران ثورة بالدين التهمتها الدولة، وتبقى الثورة في الدين أفق انتظار. زهير إسماعيل أكاديمي وباحث تونسي * أستاذ جامعي وباحث تونسي. * متخصص في دراسة التجارب الإسلامية ونقد الفكر الإسلامي الحديث. * يدرس في المعهد العالي للدّراسات التطبيقيّة في الإنسانيّات بمدينة مدنين في الجنوب التونسي.
 
 
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 2 نوفمبر 2009)  

الحج بين ايران والسعودية


د.مضاوي الرشيد فتحت تصريحات المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية ورئيسها الباب على مصراعيه امام زوبعة تنذر بعواقب وخيمة خلال موسم الحج القادم. واضطرت السعودية للرد عليها اعلاميا داعية لعدم تسييس موسم الحج مع الاشادة بانجازاتها السابقة والقادمة في سبيل خدمة الحجاج المسلمين وتأمين سلامتهم خلال ممارسة شعائرهم. واعتبرت التصريحات الايرانية استفزازا لها وتشكيكا في سيادتها على الاماكن المقدسة. وبعيدا عن العلاقات المتشنجة بين البلدين والتي فشلت مقولات الوحدة الاسلامية في استيعابها بل هي تتأزم تدريجيا وبزخم على شاشات الفضاء الاعلامي يوميا نجد اننا هنا بصدد رؤيتين متباينتين تتعلقان بمفهوم الاسلام والشعائر المرتبطة به. من جهة تحاول السعودية تفريغ الاسلام من مضمونه الشامل كدين وتحصره في سلسلة من شعائر العبادة التي تحدد علاقة الخالق بالمخلوق وتفسح المجال للاسلام كممارسة للعبادة مع التمسك ببعض التفاصيل التي ترتبط بتطبيق الشريعة في مجالات محدودة بعيدة كل البعد عن السياسة والشأن العام المرتبط بالدولة وسياستها الاقتصادية وتحاول منذ عقود ان تقلص صلاحيات مطاوعيها وتحد من هيمنتهم على المرافق الاجتماعية والتربوية والاعلامية تمهيدا لعملية فصل تدريجية للدين عن الدولة. فرغم الشعارات الكبيرة نجد السعودية تتجه لتطبيق علمانية واقعية تتخفى تحت ستار ما تسميه الوسطية الدينية ورفض التطرف وفي مقابل ذلك نجد ايران تتمسك بمبدأ الدين كإطار شامل تكون العبادة والشعائر فيه مرتبطة بمفاهيم ابعد من علاقة الخالق بالمخلوق بل تتحول العبادات الى طقوس سياسية تستغل للتجييش في سبيل تحقيق اطروحات دنيوية لا تنفصل عن اهداف الدولة السياسية واستراتيجيتها الشاملة. ومن هنا جاءت التصريحات الايرانية لتضرب على وتر حساس في الجسد السياسي السعودي وتعيد الذاكرة الى فترة مواسم الحج المأزومة في مرحلة الثمانينات. ولا تزال السعودية ترفض ما تسميه تسييس الشعائر ولكن رفضها هذا ليس قطعيا اذ ان العبادة في السعودية وما يرتبط بها من خطب ودعاء لا تمر دون تسيسها في خدمة قضية واحدة وهي تثبيت مبدأ الولاء لولاة الامر والثناء عليهم وعلى انجازاتهم. والنظام السعودي بموقفه هذا هو اول من سيس الاسلام قبل ولادة الجمهورية الاسلامية. فينسى النظام السعودي ان في ايامه الاولى هو من استغل الاسلام وحوله الى سيف ضرب به من ضرب في سبيل مشروع بناء دولة فاستغل الاسلام في تحقيق مصالح سياسية دنيوية وما تزال السعودية تستغله حتى هذه اللحظة في اكتساب شرعية داخلية وعالمية. لقد نسيت السعودية ان الاسلام وحده الذي مكنها من تحقيق حلم سياسي ارتبط منذ بدايته بمشروع تمددي وتوسعي ليس فقط في الجزيرة العربية بل ابعد من ذلك بكثير. وبعد ان استتب لها الامر استطاعت ان تؤصل لاسلام جديد يفرغ الاسلام من مضمونه السياسي بل حولته لاداة تضبط المجتمع وتضمن ولاءه وصمته وتحارب بسيفه أي محاولة تستمد منه ثقافة ترفض الامر الواقع. واكثر ما يخيفها تحول الطقوس والشعائر الى مساحات رفض او نقد او تململ من السياسة الشاملة للدولة. فإسلام السعودية اليوم هو مسيس ولكن لا سياسة فيه سوى سياسة الطاعة والخنوع وبعد ان قلصت مساحات العمل السياسي وحجرت على تبلور تيارات سياسية تطالب بالتغيير انتبهت الى ان هذه التيارات تحولت الى المساحات الدينية من مسجد الى حلقة علم مرورا بنشاطات ربما يكون ظاهرها دينيا الا ان مضمونها سياسي ومن هنا نشطت في مجال التضييق على هذه المرافق التي كادت ان تفلت من سيطرتها حتى تحولت خطبة الجمعة الى فرمان سلطاني يحمل اختام الوزارات المعنية واصبحت الاعمال الخيرية هبات ومكرمات ملكية ودروس الدين تراتيل تربي النشئ الجديد على السمع والطاعة. ومع كل هذا ترفض السعودية ما تعتبره تسييسا للدين والشعائر وتتهم ايران أنها تنذر بفتنة في بلاد الحرمين تواكب موسم الحج القادم. ترتجف السعودية وترتعد من الرهط الآتي من مختلف بقاع العالم ولا نستغرب هذا اذ انها تخاف رهطها الداخلي المحتقن وهي حتى هذه اللحظة تفضل التعامل مع مجتمعها والفعاليات الناشطة به كشخصيات منعزلة تأتي فرادا وتمنع التجمهر والمظاهرات مهما كانت اهدافها سامية. وهي لا تزال تحتجز في سجونها شخصيات دعت الى مظاهرة لنصرة قضايا ملحة منها نصرة غزة خلال حرب اسرائيل عليها. فان كان لاحد ما من مطلب فعليه ان يقدمه شخصيا للجهات المسؤولة ويخاطبها تزلفا وتملقا فيأتون واحدا واحدا وليس جمعا وحشدا بل ان التواقيع الجماعية كانت في الماضي مصيدة لاصحابها وقد زج منهم الكثير في السجون لانهم تجرأوا وجمعوا التوقيعات. فما بالك بحج يجمع الملايين من المسلمين وان هتف هؤلاء بشعار ما او تحركوا لقضية ملحة فمن المؤكد انهم سيواجهون بحسم يخنق شعاراتهم في حناجرهم وربما ان السعودية قد تتمكن من خنق احلام وشعارات مواطنيها دون ان يتحرك المجتمع الدولي لنصرتهم. ولكنها ستجد نفسها في حرج امام العالم الاسلامي ان هي خنقت اصوات الحجاج في حناجرهم وخاصة حجاج ايران والذين تعودوا على الخروج الى ميادينهم وشوارعهم منذ عقود طويلة وحولوا شعائرهم ومآتمهم الى مهرجانات سياسية استطاعت ان تسقط حكم الشاه في مرحلة سابقة. سيجد العالم الاسلامي نفسه امام نظريتين مختلفتين تماما النظرية الاولى تعرف الاسلام على انه دين عبادة وتعبد واخرى على انه موروث ثقافي وحضاري قديم تستخدم ابجدياته للتجييش والحراك السياسي الحالي. وعلى المسلم اليوم ان يقرر ويحدد اولوياته واهدافه. هل هو ناسك متعبد يضمن آخرته ومكانه في جنة الخلد ام انه بالاضافة الى ذلك يطمح الى واقع جديد يضمن له التحرر من العبودية الدنيوية التي فرضتها عليه انظمة تتمسح بالاسلام ومظاهره بينما هي تنغمس في ملذات الحياة الجديدة وما توفره من مناصب وثروة. لقد حسمت مجتمعات اخرى موقفها من هذه المعضلة. فبينما اوروبا وغيرها من مناطق العالم تجاوزت هذه المرحلة عندما فصلت دينها عن سياستها بعد ان استحدثت آليات جديدة لتسيير امورها الدنيوية ومؤسسات حديثة تتعاطى بالشأن العام وحولت الدين الى خصوصية فردية نجد ان العالم الاسلامي اليوم في اكثر من منطقة لا يزال يتخبط دون ان يصل الى منظومة تجعله يسير اموره الدنيوية بحرية وكرامة ومن خلال مؤسسات صلبة. بينما حكوماته تطلب منه ان يتقوقع في عباداته دون ان توفر له بديلا سياسيا تماما كما تفعل السعودية اليوم. سيظل العالم الاسلامي وحجاجه يتخبطان بين المنظومة السعودية والايرانية الاولى تراه ناسكا والثانية محاربا وان كانت السعودية في ما سبق استنجدت بالاسلام ذاته لتبني صرحا عتيدا ولكن ما ان انتهت المهمة نراها اليوم باسلامها المسمى زورا بالمعتدل والمتوسط ترتجف مما تخبئه لها الايام القادمة. لقد نسيت السعودية ان الاسلام سيف بحدين. ان هي استغلته فسيستغله الآخرون وان رأت فيه مجالا مفتوحا للطاعة والولاء فسيراه الآخر كساحة تمرد ونضال. فالاسلام ليس حكرا على السعودية ومطاوعيها وتفسيراتها وتراتيلهم وقد استطاع الاسلام ان ينتشر في بقاع العالم لانه كتاب مفتوح تنمو جذوره في بيئات ثقافية متعددة ومتباينة. فقد انصهر هذا الاسلام وتعاطى مع بيئات مختلفة تختلف تماما عن ثقافة الوشم والعارض وسدير. لذلك ليس من المعقول ان تعمم السعودية ثقافتها المحلية على البشرية جمعاء مهما بذلت الاموال الطائلة وشيدت المؤسسات العالمية للترويج لهذه الثقافة المحدودة او اسست الفضائيات العالمية في سبيلها. سيظل الاسلام قائما على تعددية في الشرح والطرح والتفسير المرتبط ببيئات ثقافية متبانية منهم من سيحول الطقوس الدينية الى عملية هروب جماعية من مسؤوليات الدنيا ومنهم من سيجعلها صرحا لتغيير الواقع والنهوض في هذه الدنيا. في موسم الحج القادم سيجد المسلمون انفسهم ربما وجها لوجه امام خيارات صعبة ولكن لن تحسم القضايا المصيرية لا في هذا الموسم ولا بعده اذ ان حسمها يتطلب هزة فكرية تتعاطى مع معضلة المسلمين ودور الاسلام في حلها. ‘ كاتبة واكاديمية من الجزيرة العربية (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 2 نوفمبر 2009)

مؤتمر دولي للتقريب بين المذاهب الاسلامية: المسلمون
يواجهون تهديدات خطيرة بسبب ضعفهم وتشرذمهم


لندن ـ ‘القدس العربي’: انعقد المؤتمر الدولي الثالث للتقريب بين المذاهب الاسلامية بدعوة من المركز الاسلامي في انكلترا تحت عنوان: ‘التقريب بين المذاهب الاسلامية من أجل تكريم الانسان وتعزيز الوحدة الاسلامية’. وبمشاركة عدد من العلماء والمفكرين من مختلف البلدان الاسلامية والاوربية من خلال حضورهم وابحاثهم ومداخلاتهم وبحضور حاشد من ابناء الجالية الاسلامية والعربية في بريطانيا. وقال المؤتمر في بيانه الختامي الذي حصلت ‘القدس العربي’ على نسخة منه: لقد اتخذ المؤتمر هذا العنوان باعتباره ضرورة من ضرورات هذه المرحلة التي يواجه فيها عالمنا الاسلامي مختلف الانشطة والفعاليات في إطار التحديات والتهديدات أمام وحدة كيان الأمة الإسلامية بمذاهبها وطوائفها وقومياتها وكافة مكوناتها، وحينما لا تتمكن هذه الامة من جمع صفوفها ولملمة اطرافها فأنها ستكون عرضة لكل تلك التحديات والاخطار وينتهي الأمر بها الى الضعف والهوان، قال الله تعالى: (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين) (سورة الانفال: 46). وهنا تتجلى عزة الأمة وكبرياؤها بتماسكها وتقاربها ووحدة وصواب خطابها ومواقفها، فالتقريب هو من اجل كرامة هذا الانسان، وتفعيل فرص الوحدة الاسلامية، وكلا الأمرين يبعث على تحقيق أغراض واهداف الرسالة الاسلامية التي تهدف الى اخراج أمة يحب الله اصطفافها مدافعة عن سبيل الحق، قال الله تعالى: (ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص) (سورة الصف: 4)، وقال الله سبحانه: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله(سورة آل عمران: 110). ونستذكر هنا باكبار جهود وتأثير علماء وقادة العالم الاسلامي آنذاك حيث اثروا التقريب بأفضل الأساليب واغنوه بمشاريعهم وبرامجهم وأفكارهم كالشيخ محمود شلتوت والشيخ محمد المدني والامام حسن البنا والسيد شرف الدين والشيخ محمد تقي القمي والامام الخميني والسيد الخامنئي والشهيد الصدر وآخرين (رحمهم الله تعالى). ويأتي هذا المؤتمر الثالث للتقريب بين المذاهب الاسلامية من خلال تأكيد المؤتمرين السابقين الاول والثاني اللذين انعقدا في العامين الماضيين في هذا المكان نفسه على تفعيل لغة الحوار والتعايش بين ابناء الامة الاسلامية الواحدة المتطلعة الى مستقبل واعد ولكن من خلال الإلفة ووحدة الموقف ونبذ الفرقة والاختلاف. وقد أقرّ المجتمعون في هذا المؤتمر الدولي الثالث جملة من التوصيات والرؤى من خلال أحاديثهم وأبحاثهم وحواراتهم: 1- لا زالت نتائج المؤتمرين السابقين للتقريب بين المذاهب الاسلامية اللذين انعقدا في لندن خلال السنتين الماضيتين 2007، 2008 تقتضي المواصلة والسعي المستمر لتحقيقها حيث انها تصب في اطار جهود الوحدة الاسلامية والتقريب وتوسيع فرص الحوار بين المسلمين أنفسهم وعلى مختلف طوائفهم ومذاهبهم وقومياتهم، منطلقين من قاعدتين اساسيتين هما الأخوة الانسانية والأخوة الاسلامية. 2- ان التحديات التي واجهها العالم الاسلامي ولا يزال منذ عقود متعددة لا زالت تتسع وتأخذ حجماً أكبر وتتعقد أساليبها يوماً بعد يوم مستهدفة ضعف المسلمين من خلال حالة التشرذم والفرقة التي يعيشها عالمنا الاسلامي اليوم. وازاء ذلك لابد من الاصرار على طريق الوحدة والانسجام في الخطاب والمواقف معاً والمضيّ قدماً في طريق التقريب، ليكون خطابنا بمستوى المرحلة والتحديات. 3- ان التهديدات والاخطار الكثيرة في العالم اليوم كآفة الفقر والمرض والتجهيل وأخطار البيئة والحرمان الاقتصادي وغيرها تؤثر كلها في بلداننا وشعوبنا الاسلامية قبل غيرها من البلدان والشعوب، وتأتي على كرامة الامة وهوان الانسان المسلم بعد ان يعرضوه لدمار الفقر والتجهيل والمرض. ولا خلاص لهذه الامة إلا بوحدتها وتقاربها ومتانة خطابها ومعرفة حقوقها وثقتها بالله الحي القيوم، فالتقريب يعيد للامة هوية وجودها المستلب ويحقق لها فرص العمل المشترك ويقضي على أوهام الفرقة والاختلاف. وتبقى الكلمة السواء بيننا هي كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة. 4- لم تزل فتاوى التكفير ضد المسلمين الى اليوم منطلقة من بعض المتخلفين والمتحجرين فكرياً وتمر للأسف من غير مواجهة او شجب إلا من قبل بعض المتنورين، والمخلصين في هذه الامة، ورغم ان مسؤولية هذه المواجهة على الجميع بقول رسول الله (ص): (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) لكن تبقى المسؤولية الاكبر يضطلع بها علماء هذه الامة، فعلى العالم ان يبيّن علمه ويواجه الفتن السوداء التي تريد بالامة التمزق وزوال قوتها، ولابد ان تسمع الانسانية والمسلمون بشكل خـاص صوت الوحدة والتقريب من علماء هذه الامة الاسلامية وقياداتها الدينية، ولنجعل قاعدة: نختلف لنتكامل لا لنتخاصم. 5- ان كرامة الانسان من ابرز اهداف مسيرته في الحياة التي لابد ان تدعّم من خلال اساليب عملية واضحة منها: احترام حقوق الآخرين والمحافظة عليها والسعي في رفع حاجات الناس من خلال اشاعة مفاهيم التكافل والنصرة، وتتوج هذه الكرامة من خلال مواجهة اسباب التشتت، والاختلاف المؤدي الى الفرقة والتناحر بالوحدة والتوافق وتفهّم الآخر. 6- على العلماء والمفكرين ومسؤولي البلاد الاسلامية ورموز الأمة التصدي لتصحيح الصورة المشوّهة عن الاسلام في العقل الغربي ويقتضي ذلك ايجاد أطر وآليات متقنة لتوثيق الخطاب المؤثر وهذا لا يتأتى بجهود فردية فهي فرص للعمل المشترك أيضاً بين المسلمين بمختلف مذاهبهم وطوائفهم للتصدي ومواجهة هذه التحديات والعمل على تصحيح الصورة المشوهة لديهم. 7- الحرص على ان يتضمن خطابنا التقريبي المضامين الرئيسة منها: تغليب المصلحة العامة على غيرها عند التعارض، واعتماد النظرة الاجتماعية ومقاصد الشريعة العامة اولاً، وان العالمية الاسلامية لا تتجاوز على الخصوصيات الثقافية للشعوب بل تهذبها وتوجد الانسجام بينها، ولابد من اعتماد مبدأ الوحدة الاسلامية في المواقف العملية والتوجه الى اكتشاف المساحات المشتركة وتوسعتها والتعاون على تطبيقها والتسامح في مورد الاختلاف. 8- نبذ منهج الافراط والتطرف فانه منهج مخرب، فالتطرف ينتج العزلة والانزواء من جهة والتهور والاستهانة بالحرمات وتكفير الآخرين واباحة دمائهم من جهة أخرى، ولابد من انتاج خطاب إنساني يساعد على الانفتاح والحوار ونشر ثقافة دافعة تصنع العلاقات الايجابية مع الآخر. 9- ان يتوفر لدينا خطاب متوازن له خصوصيته العقائدية وهويته الاسلامية الواضحة ومنفتحا على الآخر في مواجهة الجانب الاستعلائي في الخطاب الغربي لنا والذي يطمح للأسف الى تسييد الحضارة الغربية وتمرير منظومته الفكرية والاخلاقية التي لا ينسجم الكثير منها ومعتقدات الامة الاسلامية، وهذا تعبير آخر عن النهج الاستكباري الاستعماري للبلدان الاسلامية. 10- هناك من يتطاول على مشروع التقريب موجهاً له الطعون متهمين إياه بعدم الجدوى وانها جهود ضائعة لا يمكن ضمّها الى خطط بناء وتنمية العالم الاسلامي وشعوبه، ان بعض هؤلاء للاسف الشديد لم يدركوا قيمة هذه الجهود المؤثرة في تجسير الهوّات وإقامة فرص الحوار المشترك وتجاوز الجمود الفكري. أما اعداء الامة الاسلامية فهم يخافون من هذه المشاريع التقريبية والوحدوية فراحوا يطعنون ويلمزون الساعين في هذا الطريق، وما العدوان الهمجي المدان انسانياً وشرعياً والذي وقع في منطقة سرباز جنوب شرق ايران مؤخراً والذي راح ضحيته العشرات من رواد التقريب سنة وشيعة. ومن الساعين لتحقيق الاخوة بين ابناء المذاهب الاسلامية الا تعبيراً عن تلك المخاوف وكاشفاً عن أجندة لئيمة يخطط لها اعداء هذه الامة مستهدفين رجالاتها المؤمنين السائرين في طريق التقريب والوحدة. 11- يثمن المؤتمر المواقف البناءة التي اتخذتها المرجعية الدينية في العراق في إطار التقريب والوحدة لا سيما مرجعية آية الله العظمى السيد علي السيستاني، وكذلك جهود الوقفين الشيعي والسني في العراق على ايجاد فرص الالفة وتذليل الكثير من المشاكل التي واجهت هذا الشعب العراقي اليوم. 12- لا زالت قدراتنا الاعلامية المتاحة لدى المسلمين يمتلكها خطاب تجزيئي واحياناً فئوي او رسمي او مذهبي، فلابد من ترشيد هذه الطاقات وتوجيهها من خلال بلورة خطاب اعلامي واقعي ومؤثر الى جانب السعي للحيلولة دون تحول هذه الوسائل الاعلامية الى ابراز الهموم الذاتية او توظيفها تجارياً ليثرى البعض على حساب مصلحة الامة. 13- يبارك المؤتمر كل الجهود المخلصة الرامية الى اشاعة ثقافة التقريب والوحدة بين المسلمين، ونذكّر على سبيل المثال بخطوتين في هذا الطريق كفضائية التقريب التي أسسها مؤخراً المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية لتكون منبراً مؤثراً في هذا الطريق وكذلك المساعي الحاصلة لدى المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة الايسيسكو في تأليف كتاب مدرسي للتقريب بين المذاهب الاسلامية ليكون مؤثراً أيضاً في المنهج المدرسي للطلاب، وهنا يأتي الدور المهم والمؤثر لمنظمة المؤتمر الاسلامي بما يتاح لها من التأثير والقدرة على ايصال صوت التقريب الى قلوب واذهان المسلمين لا سيما من خلال النظام الرسمي في البلدان الاسلامية. 14- ضرورة انشاء لجان ومراكز مشتركة ايضاً تتبادل المعلومات وتتشاور في قضايا التواصل حول تعزيز العلاقات بين الثقافات والشعوب والحضارات لمواجهة ثقافة الصدام والتهميش والالغاء والصراع واستبدالها بآفاق الحوار الديني والحضاري مع عموم الانسانية في كل مكان. 15- يتقدم المؤتمرون بالشكر لكل العاملين في مجال التقريب ويثني على جهودهم الاستثنائية والشكر موصول أيضاً لكل من شارك في هذا المؤتمر وسعى لانجاحه وساهم في إظهاره أعلامياً وبالخصوص وسائل الاعلام المحترمة والسادة الاعلاميين المشاركين في المؤتمر. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم  02 نوفمبر 2009)

أنباء عن رفض السلطات الجزائرية استقبال وزير الداخلية الفرنسي


الجزائر ـ القدس العربي ـ من كمال زايت ـ قال مصدر مسؤول من السفارة الفرنسية في الجزائر في اتصال مع « القدس العربي » أن وزير الداخلية الفرنسي كان من المقرر أن يزور الجزائر في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، مؤكدا على أنه لا يعلم إن كانت الزيارة قد ألغيت أم لا، موضحا أن الترتيبات الخاصة بهذا النوع من الزيارات تتم بين وزيري البلدين. ورفض المصدر ذاته ( الذي فضل عدم ذكر اسمه) التعليق الخبر الذي أورده الموقع الإخباري « كل شيء عن الجزائر »، مشددا على أنه لا يعلم من أين جاء الموقع بتلك المعلومات، وأنه لا يريد أن يعلق على ما جاء في الخبر المنشور على الموقع. وأوضح أن السفارة أخبرت بإمكانية قيام وزير الداخلية الفرنسي بريس هورتفو للجزائر خلال هذا الشهر، دون أن يتم تحديد موعد نهائي لهذه الزيارة، مشيرا إلى أنه يتعلق بالتفاصيل الأخرى فلا علم للسفارة بها، لأن التحضيرات والترتيبات الخاصة بهذا النوع من الزيارات تتم بالتنسيق بين الوزارتين المعنيتين في البلدين. وكان موقع « كل شيء عن الجزائر » قد ذكر أن السلطات الجزائرية قد أبلغت رسميا نظيرتها الفرنسية، نهاية الشهر الماضي ردا سلبيا على طلب تنظيم زيارة عمل لوزير الداخلية بريس هورتوفو. وأضاف الموقع نقلا عن مسؤول جزائري ( لم يذكر هويته) أن الجزائر ترى بأن مثل هذه الزيارة غير مرغوب فيها، بالنظر إلى توتر العلاقات حاليا بين البلدين، مشيرا إلى القيادة السياسية في الجزائر لا تحبذ في الوقت الحالي الزيارات الوزارية من هذا النوع، لأنه « ليس لدينا ما نقوله لهم » يضيف المصدر ذاته. واعتبر الموقع أن زيارة وزير الداخلية الفرنسي كانت ستحسم في عدد من الملفات الثنائية العالقة بين البلدين،إضافة إلى تعزيز التنسيق والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، علما وأن البلدان وقعتا خلال عام 2008 على اتفاق في المجال الأمني. واعتبر المصدر ذاته أن التعاون بين البلدين في المجال الأمني يبقى مرهون بدرجة « حرارة » أو « برودة » العلاقات بين وزيري داخلية الجزائر وفرنسا نور الدين يزيد زرهوني وبريس هورتوفو، موضحا بأن التوتر القائم بينهما سببه قرب هورتفو من الرئيس نيكولا ساركوزي، وكذا التوتر الذي تعرفه العلاقات الجزائرية ـ الفرنسية منذ عدة أشهر. جدير بالذكر أن العلاقات بين البلدين ليست على ما يرام، رغم أن التصريحات الرسمية والدبلوماسية تحاول نفي أي نوع من أنواع التوتر، فقد انقطعت زيارات الوزراء من الجانبين منذ عدة أشهر، كما أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رفض زيارة فرنسا رغم الدعوة التي وجهها له ساركوزي عدة مرات. وتزامن ذلك مع تفجر عدة قضايا « محرجة » للنظام الجزائري، مثل إعادة فتح ملف اغتيال 7 رهبان فرنسيين عام 1996 في الجزائر، وكذا إحياء الجدل بشأن النوايا النووية الجزائرية. وفي نفس الوقت اتخذت الحكومة الجزائرية مجموعة من القرارات بهدف حماية اقتصادها، وهي قرارات وصفها البعض بالانتقامية من المصالح الفرنسية في الجزائر، وبأنها نتيجة للصراع القائم بين البلدين، في حين رأى البعض الآخر بأنها ليست نتيجة وإنما هي السبب في تعكير صفو العلاقات الجزائرية الفرنسية. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم  02 نوفمبر 2009)   


رئيس منظمة مجاهدي الجزائر السعيد عبادو لـ «العرب»: سنلجأ إلى المحكمة الدولية إذا لم تعترف فرنسا بجرائمها في الجزائر

 


حاوره بالجزائر – حسين بوجمعة  يكشف رئيس منظمة مجاهدي الجزائر السعيد عبادو في هذا الحديث الذي خص به «العرب»، ولأول مرة عن مشاورات باشرها مجاهدو الجزائر مع حقوقيين ورجال قانون من أجل تقديم دعاوى قضائية أمام المحكمة الدولية والأمم المتحدة، في حال استمرار تعنت فرنسا وعدم الاعتراف بالجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في حق الشعب الجزائري خلال احتلاله لأرضه لقرن و32 سنة. كما شدد عبادو التأكيد أن الجزائر لن تعقد أية معاهدة صداقة أو تعاون مع فرنسا دون اعتذار وتعويض عن جرائمها، وذلك رغم إقراره بوجود تطور في الموقف الفرنسي بخصوص هذه القضية مند وصول نيكولا ساركوزي إلى الحكم. كما يكشف رئيس مجاهدي الجزائر أن سمو الأمير كان أحد جامعي التبرعات للثورة الجزائرية. كثرت مؤخرا الدعوات والنداءات المطلقة من قبل المسؤولين الجزائريين تجاه فرنسا للاعتراف بجرائمها، فهل أنتم متفائلون بإمكانية إقدام السلطات الفرنسية على الاعتذار، رغم أن الرئيس الفرنسي قالها صراحة في زيارته إلى الجزائر عام 2007 بأن الأحفاد ليسوا مطالبين بالاعتذار عما اقترفه آباؤهم وأجدادهم؟ ● موقفنا واضح من القضية، فنحن نخاطب للدولة الفرنسية. وكما هو معروف فالدولة ككيان قانوني لها استمرارية وهي مسؤولة عن كل المراحل في ماضيها وتاريخها، وبالتالي فالمنطق الذي يتحدث به ساركوزي مرفوض ومخالف للتقاليد الدولية، كما أن هناك سوابق في هذا الميدان ترفض منطقه، فلماذا اعترف بيرلسكوني مثلا بما اقترفه الفاشيون ضد الشعب الليبي وأبرم اتفاقية لتعويض الأضرار، ولماذا عوضت ألمانيا الحديثة اليهود عما ارتكبته ألمانيا النازية؟ قلت في إحدى تصريحاتك إن القانون الذي أصدرته فرنسا بخصوص تعويض ضحايا تجاربها النووية بالصحراء الجزائرية، هو مجرد ذر للرماد في العيون، لماذا قتلم هذا رغم أن ملاحظين اعتبروه خطوة إيجابية في طريق اعتراف فرنسا بجرائمها المقترفة بالجزائر؟ ● القانون الفرنسي لتعويض ضحايا التجارب النووية، هو سلبي جدا، لأنه أعد من طرف واحد ولم يؤخذ رأينا فيه، رغم أنه يتحدث عن ضحايا سقطوا على أرض جزائرية خلال فترة الاحتلال. فإذا أراد الفرنسيون التكفير عن ذنبهم حقا، فكان يجب عليهم الدخول في محادثات مع الجانب الجزائري وإبرام اتفاقات بين حكومتي البلدين من أجل الوصول إلى أفضل الصيغ لتعويض الضحايا. وإذا عدنا إلى نص القانون المذكور فسنجده يذكر مصطلح الصحراء مجردا دون الإشارة إلى المناطق التي أجريت فيها التجارب النووية في منطقة رقان بولاية أدرار الجزائرية أوعين أبكر بتمنراست، كما أنه تكلم عن إنشاء لجان مشتركة تتكفل بعملية التعويض، لكن لحد الآن لم يتصل بنا أي أحد، أي أنهم خلقوا مشكلا إضافيا يتعلق بمن يحق له تمثيل الضحايا الجزائريين.. كل هذه الهفوات والثغرات تجعلنا نقول إن القانون مجرد ذر للرماد في العيون، ولم يأت لتعويض الجزائريين ضحايا تجارب منطقة رقان وعين أبكر، وإنما جاء نتيجة ضغوط مارسها عدد من الفرنسيين الذين كانوا ضحايا للتجارب النووية الفرنسية، بعد أن حازوا على أحكام قضائية من العدالة تدين الحكومة الفرنسية وتلزمها بضرورة التعويض. هل الجزائر متمسكة بمطلب الاعتذار فقط أم أنكم تطالبون بالتعويض أيضا؟ ● هناك ترابط بين الأمرين، فلا بد للجزائريين أن يحصلوا على اعتراف فرنسا بجرائمها التي ارتكبتها في حق الشعب الجزائري طيلة احتلالها لأرضه مدة 132 سنة، ثم الاعتذار عن تلك الجرائم المرتكبة، ليأتي التعويض عما ارتكب ضدهم من نهب للأراضي والسيطرة على الثروات وطمس الشخصية الجزائرية من خلال استعمار استيطاني حاول أن يجعل شعب الجزائر وأرضها جزءا من فرنسا، بواسطة ما كان يعرف بقانون الإلحاق، وأنا شخصيا أذكر أن بطاقة هويتي أيام الاستعمار كان مكتوبا عليها «فرنسي مسلم». ومعنى هذا أن اعتراف فرنسا بجرائمها ثم الاعتذار والتعويض، من شأنه أن يطوي صفحة الماضي المؤلمة، إذ ليس من حقنا أن نترك هذه العلاقة بالشكل الذي هي عليه اليوم إلى الأجيال القادمة. فعداوتنا ليست مع الشعب الفرنسي وإنما أعداؤنا الحقيقيون هم أولئك الذين لم يتخلوا عن أفكارهم الاستعمارية. لذلك أؤكد أنه لا يمكن إبرام معاهدة صداقة مع فرنسا إذا لم يكن هناك اعتراف واعتذار وتعويض وأيضا إعادة للأرشيف الوطني المنهوب.. ليس لدينا أحقاد لكننا نريد أن نطوي الملف ونترك للأجيال الصاعدة الجو المناسب لإقامة علاقات متطورة في فائدة البلدين والشعبين. لقد طالبت في إحدى تصريحاتك الحكومة الفرنسية بإرجاع الأموال المسروقة من خزانة الدولة عند احتلالها الجزائر سنة 1830، فهل تعتقد أن فرنسا التي ترفض الاعتراف بجرائمها التي ارتكبتها قبل نصف قرن فقط ستعوض الجزائر عن مسروقات مر عليها قرابة قرنين من الزمن؟ ● لقد صادرت فرنسا المحتلة أموالا طائلة عند احتلالها للجزائر، لاسيما أن بلادنا كانت من أغنى الدول في البحر المتوسط في تلك الفترة. وأنا على يقين بأن الفرنسيين يعلمون بالتدقيق قيمة المسروقات بل ويحفظونها، فالدولة الفرنسية تصور وتوثق كل شيء بما في ذلك جرائمها، ولهذا فإنه كان من المفروض أن تسلم فرنسا كل ما أخذته من الجزائر بعد أن خرجت منها مهزومة بفضل ثورة التحرير التي نعيش في ظلال ذكرى اندلاعها الخامسة والخمسين (1 نوفمبر 1954)، وهناك سوابق في هذا الإطار، فإيطاليا عندما خرجت من أثيوبيا، أرجعت كل ما أخذته، والآن الإيطاليين يفعلون الشيء نفسه مع الليبيين، فلماذا يشذ الفرنسيون عن القاعدة؟ أكثر من هذا فإنهم عندما قرروا منحنا جزءا من الأرشيف وفقا لاتفاقية أبرمت بين وزارتي الثقافة للبلدين، عمدوا لأن يكون الأرشيف المسترجع دعائيا، وهو عبارة عن مجموعة من الاسطوانات لإذاعة «صوت البلاد» الفرنسية خلال فترة الاحتلال في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي. إن أهم شيء استلمته الجزائر من فرنسا، هو خرائط الألغام، لكننا نأسف أيضا لأن تسلمها لم يكن في الوقت المناسب، وإنما جاء بعد مرور 45 سنة عن استقلال الجزائر، وهي فترة استمرت معها الجرائم الفرنسية من خلال سقوط عشرات الجزائريين أسبوعيا جراء تلك الألغام. حيث وصل عدد الضحايا 120 ألفا منهم 4 آلاف قتيل. قلت أيضا أن الموقف الرسمي الفرنسي تطور منذ مجيء الرئيس ساركوزي، كيف ذلك؟ ● فعلا هناك تطور في الموقف الفرنسي منذ صعود ساركوزي إلى الحكم، لكنه غير كاف، فساركوزي نفسه اعترف لأول مرة بأن الاستعمار كارثي وظالم، وذلك خلال خطابه الذي ألقاه في جامعة قسنطينة لدى زيارته الرسمية إلى الجزائر. كما أن سفير فرنسا السابق بالجزائر باجولي اعترف في محاضرة له بجامعة قالمة شرقي البلاد، بالجرائم التي ارتكبها المستعمر الفرنسي في حق أبرياء خرجوا للتظاهر بانتهاء الحرب العالمية الثانية، لكنهم استقبلوا بالنيران وارتكبت في حقهم مجازر رهيبة يوم 5 مايو 1945. وبالتالي فالاعتراف جاء بعد 60 سنة، غير أنه مع ذلك يعتبر تطورا إيجابيا. بالإضافة إلى أن بعض المنتخبين الفرنسيين بدؤوا يعترفون بجرائم فرنسا الاستعمارية، فرئيس بلدية باريس صدر عنه تصريح مهم مؤخرا، عندما قال إن الجزائريين لم يأتوا إلى باريس وإنما نحن من ذهبنا لاحتلالهم. وهناك عدد من الجمعيات الفرنسية بدأت تضغط من أجل الاعتذار للجزائر. وبرأينا فإن التطور الحاصل في مثل هذه المواقف يبقى غير كافٍ، لكنه خطوة في الطريق الصحيح. ويجب الإشارة إلى أنه في مقابل تطور الموقف الفرنسي فإن هناك مواقف نرفضها وبشدة، مثل قانون 23 فبراير 2005 الممجد للاستعمار الذي أصدره المشرع الفرنسي. والسؤال الذي يطرح نفسه، هو: إذا كان الفرنسيون يقبلون تمجيد احتلالهم للجزائر وتمجيد الخونة من الجزائريين الذين تعاونوا معهم، فهل يقبلون تمجيد الخونة الفرنسيين الذين تعاونا مع النازيين؟.. فالعالم كله يعرف أنهم حاكموا خائنهم بيتان وأعدموه. والغريب أيضا أنه في الوقت الذي لا نسمع أي كلام عن الخونة الفرنسيين مع الألمان، فإن الفرنسيين أنشؤوا مؤسسة لتمجيد الحركي (الخونة الجزائريين)، وهذا سلوك متعنت ومتكبر يخلو من أية أخلاق. دعوت مؤخرا الأوروبيين من رجال قانون وحقوقيين إلى الضغط على فرنسا للاعتراف بجرائمها، فهل يعني هذا أنكم بدأتم تفقدون الأمل في استجابة باريس لدعواتكم ونداءاتكم؟ ● ما يهمنا هو إيصال مطالبنا بجميع الوسائل وفي جميع الاتجاهات، فهذا موقفنا الثابت. فنحن نستشير قانونيين من داخل وخارج الجزائر ومؤرخين وباحثين وأطباء، وإذا استمرت فرنسا في تعنتها فلا بد أن نرفع دعاوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية والأمم المتحدة، لن نسكت عن حقوقنا. كما أننا نرفض إقامة معاهدة صداقة أو تعاون مع فرنسا ما لم تعترف فرنسا بجرائمها التي اقترفتها في حق الشعب الجزائري والاعتذار له. وهذا ليس موقف منظمة المجاهدين وإنما هو موقف كل المؤسسات الرسمية الجزائرية. أثير جدل واسع لم ينته بعد بشأن قضية ما يعرف «بالمجاهدين المزيفين»، فوزارة المجاهدين قالت إن عددهم لا يتجاوز 10 آلاف، في حين تدعي بعض الأطراف بأن عددهم أكثر بكثير وهو يتراوح بين 300 ألف و600 ألف مجاهد مزيف، فأين هي الحقيقة من بين هذه الأرقام؟ ● الجهات المخولة للبحث في صحة «المجاهد» الحقيقي من «المجاهد المزيف»، هي المنظمة الوطنية للمجاهدين ووزارة المجاهدين. لكن الملف أعقد مما نتصور، فلا يمكن لأي أحد أن يأتي ويعطي تصريحات للصحافة يدعي فيها بان هذا مجاهد حقيقي والآخر مزيف، وقد أدلى كل من هب ودب بدلوه في القضية، وصدرت عدة اتهامات لكن كلها تفتقد للأدلة الدامغة، فقد ذهب البعض إلى حد القول بأن %60 من مجاهدي الجزائر المعترف بهم مزيفون! من جهتنا كلما طرحت علينا قضية من هذا النوع نقوم بالتحقيق في الأمر بالتعاون مع الوزارة المختصة، وقد أثبتنا أن عديد الادعاءات كانت سلبية ودوافعها في غالب الأحيان إما الانتقام أو لخلافات شخصية، وجميع المجاهدين لهم ملفات على مستوى وزارة المجاهدين، وهم يحوزون على اعترافات من مجاهدين آخرين بأنهم شاركوا في الثورة التحريرية، وبالتالي ليس من السهل إطلاق أحكام جزافية هكذا دون تقديم دلائل واضحة على أنهم مجاهدون مزيفين لم تكن لهم علاقة بالثورة. فالطابع الخاص للثورة التحريرية والسرية الكبيرة التي قامت عليها تجعل من الصعب الطعن في أي كان على أنه ليس مجاهدا أو «مجاهدا مزيفا»، إذا كان قد اعترف له مجاهدون آخرون عملوا إلى جانبه في الميدان. شككت بعض الجهات في عدد شهداء الجزائر، وتبنت الادعاءات الفرنسية التي تقول إن عددهم دون المليون شهيد، والغريب أن من ضمن هؤلاء السيد آيت حمود عميروش نجل أحد قادة الثورة الكبار، فلماذا تخلفت الجزائر الرسمية في الرد بحزم على هؤلاء وأولئك؟ ● عدد مليون ونصف المليون من شهداء الثورة التحريرية، هو الرقم الذي قدمه المجلس الوطني للثورة الجزائرية والحكومة المؤقتة، غداة استرجاع السيادة والحصول على الاستقلال، وبالتالي لا يمكن التشكيك في هذا الرقم، لأنه أعلن وفقا لإحصائيات قام بها المجلس الوطني للثورة. وأضيف أن رأينا الخاص هو أن عدد شهداء الثورة أكبر بكثير، لأن الثورة الجزائرية دامت 7 سنوات ونصف ومازلنا إلى الآن نعثر على شهداء في مناطق مختلفة في البلاد، وكان آخرهم العثور على مقبرة جماعية تضم رفاة 132 شهيدا بولاية بومرداس (50 كلم غرب العاصمة الجزائر)، وقد وجدت تلك الجثث مكدسة فوق بعضها البعض وغالبيتها مقيدة اليدين بأسلاك شائكة، وذلك على مقربة من إحدى الثكنات التي كانت للاستعمار الفرنسي. فلو قامت فرنسا بتسليمنا الأرشيف والوثائق على جرائمها التي ارتكبتها لأمكننا القيام بالأبحاث الضرورية، فالمفقودون وسكان الأرياف والقرى الذين قتلوا في الجبال بعد أن استعملت ضدهم أسلحة «النابالم»، يعدون بمئات الآلاف. فضلا عن ضحايا التجارب النووية بالصحراء الجزائرية. فنحن متأكدون أنه لو ترك الأمر للباحثين والمؤرخين في حالة الحصول على أرشيف الثورة من فرنسا، وبناء على مقارنة ذلك الأرشيف مع وثائق جبهة التحرير التي قادت الثورة وشهادات المجاهدين، لتم إثبات أن شهداء الجزائر يفوق العدد المعلن، وذلك بغض النظر عن شهداء الجزائر الذي سقطوا على مدار 132 من مقاومتهم الاحتلال الفرنسي، على غرار مقاومة الأمير عبدالقادر التي دامت 17 سنة كاملة ومقاومة الشيخ بوعمامة والشيخ الحداد والمجاهدة فاطمة نسومر. ينادي البعض بضرورة إدخال جبهة التحرير الوطني التي قادت الثورة وانتصرت، إلى المتحف، لأن دورها انتهى مع الاستقلال، فما موقفك من هذا الطرح وقد كنت أحد قادتها خلال الثورة التحريرية؟ ● أولا لا يجب تسييس الموضوع لأن هناك صراعا سياسيا بين الأحزاب، والمنظمة مستقلة ولا يمكنها الدخول في ذلك الصراع لأن لها أهدافا أسمى تسعى لتحقيقها. فجبهة التحرير التي قامت بالثورة وانتصرت شيء، وحزب جبهة التحرير الوطني بعد الاستقلال شيء آخر. وأنا شخصيا كنت من قادتها خلال الثورة كما كنت ضمن لجنتها المركزية من سنة 1964 إلى بداية تسعينيات القرن الماضي، حيث انسحبت منها احتجاجا على خطها السياسي الذي انتهجته، عندما ذهب أمينها العام (عبدالحميد مهري) إلى سانت ايجيدو بإيطاليا للاجتماع مع المتطرفين الإسلامويين. في وقت أنا كنت من ضمن الشخصيات التي أسست «لجنة إنقاذ الجزائر» للتصدي للإسلامويين، بعد فوز «جبهة الإنقاذ الإسلامية» بالانتخابات التشريعية. ثم أسسنا في منتصف التسعينيات حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الذي تولى حماية الدولة الجزائرية من الانهيار. لكن ما يجب الإشارة إليه أن المنظمة الوطنية للمجاهدين تضم أمناء من جميع الأحزاب، من «حزب جبهة التحرير» ومن «التجمع الديمقراطي» وحتى من أحزاب المعارضة على غرار «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (علماني). بعد مرور 47 سنة عن استرجاع الجزائر لسيادتها، لازالت الثورة الجزائرية تحتفظ بكل أسرارها، باستثناء بعض الشهادات التي وردت في مذكرات بعض القادة، فهل أنتم مع المقولة التي تقول أن التاريخ لا يكتب إلا بعد رحيل صانعيه؟ ● رأينا واضح بخصوص هذه القضية، فالمجاهدون والمجاهدات ليسوا من يكتبون تاريخ الثورة التحريرية الجزائرية، فدورهم يقتصر على الإدلاء بشهاداتهم، سواء في إطار مذكرات أو الشهادات السمعية البصرية. أما الذين يكتبون التاريخ فهم المؤرخون والعلماء بناء على الشهادات المتوفرة، فتاريخ الثورة التحريرية هو تاريخ تضحيات وتاريخ ثورة انتصرت لأنها درست كل النقائص التي كانت سببا في عدم نجاح المقاومات الشعبية التي سبقتها. كما أننا نأمل أن يكتب المجاهدون مذكراتهم وشهاداتهم من أجل التاريخ لأعظم ثورة شعبية في القرن العشرين. استفادت الثورة الجزائرية كغيرها من حركات التحرر في العالم آنذاك من مساعدات عربية وأجنبية مختلفة، ما رأيكم في الموضوع؟ ● لا يمكننا نكران أية مساعدة من الأشقاء العرب لشعبنا خلال الثورة التحريرية. وقد كان لهم جميعا نصيب من الفضل في استرجاع الجزائريين لحريتهم، ومساعدة الأخ لشقيقه من الواجبات التي لا منّة فيها لأحد، فكما ساعدنا الإخوة المصريون -مثلا- في إسماع صوت الثورة التحريرية إلى العالم من خلال إذاعة «صوت العرب»، وكذا من خلال احتضان القاهرة لعدد من قادة الثورة، فإننا لم نتأخر عندما كانت مصر في حاجة إلى الجزائر وأرسلنا أفضل ضباطنا وأحدث عتادنا العسكري لمساعدتها في دفع الظلم الصهيوني، وقد ارتوت صحراء مصر بدم شهداء الجزائر. أما من الناحية المادية فالحق يقال إن هناك أشقاء آخرين أيضا كانوا سباقين في مساعدتنا على غرار العراقيين والسوريين والأردنيين دون أن ننسى الإخوة في المغرب العربي والإخوة في الخليج العربي، وبالمناسبة فإني أذكر أنه عندما كنت وزيرا للمجاهدين وزار سمو أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الجزائر في نهاية التسعينيات، فإننا قدمنا له هدية سرته كثيرا، وذلك من خلال تخصيص جناح بـ «متحف المجاهد» للتعريف بمساعدات الشعب القطري للثورة التحريرية، وكانت مفاجأتنا تتمثل في صورة لسمو الأمير وعمره 10 سنوات خلال جمعه للتبرعات لصالح الثورة التحريرية الجزائرية.. وأذكر أن سمو الأمير سر كثيرا بهذه الصورة لأنه رآها للمرة الأولى في حياته. (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 02 نوفمبر 2009)  


الإخوان وإصلاحات العريان.. تحفظ.. قبول.. تجاهل


محمد إسماعيل 01-11-2009  
تباينت ردود الأفعال بين قيادات جماعة الإخوان المسلمين حول المقترحات التي طرحها الدكتور عصام العريان في مقاله الذي حمل عنوان « الآثار الجانبية للحملة البوليسية على الإخوان » والذي قدم من خلاله أفكارًا يمكن قراءتها باعتبارها مقترحات لخطط وإستراتيجية تحاول التغلب على الآثار السلبية للخطط النظامية التي يراها العريان تستهدف الجماعة بالخنق والإقصاء. وما بدا لافتًا أن العريان تحدث وربما للمرة الأولى بشكل أكثر صراحة ومباشرة وكثافة عن كثير من مناطق الخلل في أداء الإخوان، وقدم بدائل من شأنها أن تثير الجدل داخل الجماعة، خاصة بين قيادتها. مقال العريان طرح مجموعة تساؤلات حول طبيعة الطرح، ولماذا في هذا الوقت تحديدا؟ ودلالات التوقيت الذي خرجت فيه دعوته، وقد اختلفت المواقف داخل جماعة الإخوان حول أفكار العريان، ففي الوقت الذي تلقفها البعض بالقبول والتشجيع، كان التحفظ حيالها والصمت عن إبداء رأي صريح حولها هو موقف قيادات الجماعة بمكتب الإرشاد. الجماعة ليست عصام العريان     من ناحيته رفض جمعة أمين عضو مكتب الإرشاد التعليق على مقترحات العريان، وقال: « ليس لدي كلام حول ما يكتبه عصام العريان أو يقوله أو أفكاره أو أي شيء يصدر عنه ».. متهما وسائل الإعلام باختزال الجماعة في شخص عصام العريان. وأضاف أمين: « هل لا يوجد سوى عصام العريان داخل الإخوان حتى نعلق على ما يكتبه أو يقوله ونظل طوال الوقت نتناقش حوله ». ولم يختلف موقف الدكتور محمود غزلان عضو مكتب الإرشاد كثيرا عن موقف جمعة أمين حيث أكد أنه ليس لديه رغبة في التعليق على مقال العريان الأخير والمقترحات التي وردت فيه، مرجعا ذلك إلى أنه لم يقرأ المقال. مقترحات تخالف منهج الإخوان أما الدكتور رشاد البيومي عضو مكتب الإرشاد فأكد أنه لا يستطيع أن يصدر حكما على مقترحات عصام العريان نظرا لأنه لم يقرأ المقال بعناية واطلع عليه بشكل عابر، مشيرا إلى أنه يعتزم أن يعود إلى قراءته مرة أخرى خلال أيام وأضاف: « ليس من طبعي أن أصدر حكما على الأمور إلا بعد دراستها بشكل جيد، لكن بشكل عام فإن بعض المقترحات التي طرحت في المقال تم تداولها من قبل، ومضمونها ألا يكون هناك تنظيم للإخوان وأن تكتفي الجماعة بتربية الكوادر دونما ارتباط تنظيمي، وهذه المقترحات تخالف منهج الإخوان في التعليم والتربية ». المناقشة في الفضاء العام    وعلى النقيض تماما اعتبر الدكتور إبراهيم الزعفراني عضو مجلس شورى الإخوان المسلمين أن عصام العريان قدم بمقترحاته الأخيرة مثالا لابد أن يحتذى به، مطالبا قيادات الجماعة بطرح هذه المقترحات للنقاش العام بين الكوادر. وقال الزعفراني لـ »الإسلاميون.نت » عصام العريان قدم مقترحات تتضمن حلولا لأزمة للجماعة، ولابد أن يقتدي به الآخرون فلا يكفى لأي مسئول في الجماعة أن يطرح اسمه وتاريخه فقط لأن التاريخ لم يعد يكفى لحل الأزمات. ورفض الزعفراني اتهام عصام العريان بمناقشة شئون الجماعة خارج إطار التنظيم وقال: « اليوم أصبح الإخوان المسلمون يعلنون عن أسماء أعضاء مكتب الإرشاد ومجلس شورى الجماعة ويقدمون برامجهم السياسية للمجتمع، والدكتور عصام العريان طرح هذه الأفكار للنقاش العام من منطلق إيمانه بأن مستقبل الجماعة هو شأن عام يهم المصريين جميعا، إلى جانب أن الجهات الأمنية لن تمكن مجلس شورى الجماعة من عقد اجتماع لمناقشة هذه المقترحات، ومن ثم كان لابد من طرح هذه الورقة للنقاش العام وحتى يستطيع أيضا أعضاء الجماعة في المحافظات المختلفة والذين لا يتولون أي مناصب قيادية مناقشة هذه الأفكار ». وأبدى الزعفراني اندهاشه من المطالبة بحصر النقاش حول مستقبل الجماعة في الإطار التنظيمي فقط لدواع أمنية؛ مؤكدا أن أجهزة الأمن لديها معلومات عن الجماعة أكثر بكثير من التي قدمها عصام العريان في مقاله، وهو ما يعني ضرورة مناقشة هذه الاقتراحات في الفضاء العام بدون خوف، وأشار الزعفراني إلى أهمية اقتراح العريان بضرورة إطلاق طاقات أفراد الجماعة داخل المجتمع بحيث يسمح لهم بالحركة الذاتية دون تكليف من الجماعة أو الرجوع وقال: « من الصعب إدارة جسد ضخم مثل جماعة الإخوان المسلمين بهذا الشكل حيث تخضع كل الشئون السياسية والإغاثية والمالية والدعوية للنقاش داخل المستويات القيادية للتنظيم قبل السماح للكوادر بالحركة »، مشيرا إلى أن هذه الطريقة تؤدي إلى تعطيل طاقات أبناء الجماعة. قيادات مستقلة للجماعة واقترح الزعفراني أن يكون للمرشد نائبا للعمل السياسي، ونائبا آخر للعمل الإغاثي، ونائبا ثالثا للعمل الدعوي، ويشكل كل نائب منهم مجموعة عمل من أعضاء مكتب الإرشاد وقيادات الجماعة تخول لها سلطة اتخاذ القرار في كل شأن دون الرجوع للحصول على موافقة مكتب الإرشاد بحيث تصبح هناك قيادة مستقلة للعمل السياسي، وقيادة أخرى للعمل الدعوي، وقيادة ثالثة للعمل الإغاثي، مع التنسيق بينهم حفاظا على وحدة الجماعة. ترحيب بين الشباب أفكار العريان كان لها صدى واضح بين شباب الإخوان، حيث يؤكد الدكتور مصطفى النجار الناشط الإخواني البارز أن المقال لاقى ترحيبا بين قطاعات واسعة من شباب الجماعة، وذكر أنه وضع المقال على مدونته بشبكة الإنترنت « أمواج في بحر التغيير » تحت عنوان خارطة الطريق، وقال النجار: « أكثر ما لفت انتباهي في المقال أن الدكتور عصام العريان استعار مصطلحات وألفاظا استخدمها الباحثون لتوصيف حالة الجماعة، وهذه طريقة تختلف عن الطريقة التقليدية لقيادات الإخوان في التعامل مع الدراسات التي تتناول شئون الجماعة حيث يتهمون الباحثين دائما بأنهم لا يعلمون شيئا عن الجماعة وأن دراساتهم تهدف إلى الإثارة الإعلامية فقط ». وأشار النجار إلى أن العريان كان محقا في حديثه حول التعقيدات الإدارية والمركزية الشديدة التي يعانى منها الجسد التنظيمي في الإخوان وأضاف: « المركزية شيء طبيعي في أي تنظيم يبحث عن وحدته في مواجهة محاولات اختراقه، لكنها تسببت في قيود شديدة على الحركة داخل الجماعة، ولذلك فإن مساحات التفويض واللامركزية داخل الجماعة بدأت في الاتساع خلال السنوات الأخيرة، خاصة في المكاتب الإدارية بالمحافظات ». واتفق النجار مع العريان حول ما طرحه بشأن دعم شباب المدونين وعدم الالتفات إلى الأصوات التي تطالب بتقييد حريتهم؛ مؤكدا أن هذا المقترح يدعم حرية الرأي والتعبير داخل الجماعة، ولفت النجار إلى أن ما طرحه العريان لتطوير الأداء الإعلامي للجماعة يؤكد استياءه مثل كثير من الإخوان من معالجة الإعلام الإخواني للأزمة الأخيرة؛ مشيرا إلى أن هناك ضرورة حقيقية لوجود إعلاميين إخوان مهنيين ولا يعتمدون فقط على التنظيم. تداعيات الأزمة   
حول الدلالات التي يحملها صدور مقال العريان في هذا الوقت تحديدًا اعتبر الدكتور ضياء رشوان الخبير في شئون الحركات الإسلامية أن مقال عصام العريان الأخير هو جزء من تطورات الأزمة الأخيرة حول تصعيده لعضوية مكتب الإرشاد؛ مشيرا إلى أن هذه الأزمة فرضت على الجماعة حالة من حالات الانفتاح الإعلامي سواء قسريا أو طوعيا. وأضاف رشوان: « واضح أن عصام العريان انتهز فرصة الانفتاح الإعلامي وطرح هذه الأفكار على المجال العام ليؤكد أن هذا هو منهجه بدون خوف؛ خاصة أن التيار الإصلاحي في الجماعة الذي ينتمي إليه عصام يدرك طوال الوقت أهمية المجال العام ». وأوضح رشوان أن مقال عصام العريان الأخير أكد أن جزءا من أزمة التيار الإصلاحي داخل الإخوان تنظيمي وليس فكريا فقط كما يظن البعض؛ لأن من يملك التنظيم يملك الحديث باسم الجماعة على حد تعبير رشوان، وتابع: « كان واضحا في الأزمة الأخيرة أن الخلاف بين التيار الإصلاحي والمحافظ داخل الإخوان لم يكن على إستراتيجية الحركة وإنما كان خلافًا حول التوزيع العادل للمواقع التنظيمية ». وأشار رشوان إلى أن حديث العريان حول مركزية التنظيم يعد دليلا على أن المقال كان جزءا من تداعيات الأزمة نظرا لأن أغلب الانشقاقات التي حدثت داخل بنى تنظيمية قوية من مختلف التيارات الفكرية كان جوهرها هو وجود مجموعة استفادت من مواقعها للسيطرة على التنظيم؛ مشيرا إلى أن الدعوة إلى اللامركزية في أي تنظيم عادة ما تصدر عن الذين يتم إبعادهم. من جانبه اعتبر الدكتور رفيق حبيب المحلل السياسي أن اقتراحات الدكتور عصام العريان تدور حول 3 عناصر.. العنصر الأول هو اللامركزية؛ حيث يرى أن الجماعة شهدت بالفعل حالة من اللامركزية خلال السنوات الأخيرة وأصبحت المكاتب الإدارية في المحافظات تدار بعيدا عن مركزية الجماعة وهو أمر جيد -بحسب وصفه- ويحتاج لمزيد من التعميم. أما العنصر الثاني فهو قضية تعقيد الجوانب الإدارية والتنظيمية ويقول حبيب فيما يخص هذه الإشكالية: « في إطار محاولة الجماعة لدعم الشكل المؤسسي داخلها تعرضت لحالة من التعقيد الإداري والإجرائي أصبحت تستهلك جزءًا كبيرًا من وقت وطاقة الأفراد بشكل ربما يعطل حركة الجماعة مما يستلزم معه تبسيط الإجراءات الإدارية مع الاحتفاظ بقوة المؤسسة ». ويشير رفيق حبيب إلى أن العنصر الثالث المتعلق بفكرة إطلاق الحرية للطاقات الإبداعية لكوادر الجماعة يتطلب ضرورة التمييز بين أكثر من مستوى أثناء تحليل هذه الفكرة؛ فمن ناحية يعد العمل الجماعة هو مصدر قوة التنظيم، ومن ناحية أخرى فإن بعض الأنشطة تحتاج إلى نوع من الحركة الفردية الحرة. ويقول حبيب: « العمل الجماعي ليس مجرد حاصل جمع طاقات الأفراد، ولكنه حاصل ضرب هذه الطاقات؛ أي أنها تتضاعف؛ وبالتالي فإن العمل الجماعي لأي تنظيم شيء أساسي وضروري، وفي نفس الوقت فإن قامات مثل الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ محمد الغزالي عندما ابتعدوا عن التنظيم استطاعوا أن يؤثروا في المجتمع بشكل أفضل ». وأوضح رفيق أن الجماعة تدرك أن هناك بعض الأنشطة إذا تمت من خلال التنظيم فلن تكتمل ولذلك تصرح للمتميزين من أعضائها بترك التنظيم والعمل بشكل فردى ولا يضرها هذا، أما فيما يتعلق باقتراح عصام العريان للفصل بين النشاط الاقتصادي لأفراد الإخوان والنشاط التنظيمي للجماعة فأكد رفيق أن هذا الاقتراح يتفق معه ما هو قائم بمعنى أن الجماعة تسعى منذ فترة إلى إبعاد النشاط الاقتصادي للأفراد عن الشأن التنظيمي، مدللا على ذلك بتقلص عدد المشاريع الاقتصادية التي يمكن أن تحسب على الجماعة مثل دار النشر والتوزيع الإسلامية. وأشار رفيق إلى أن الجماعة قد تتجاوب مع بعض هذه المقترحات ولا تتجاوب مع البعض الآخر؛ فمثلا قد تتجاوب مع الدعوة إلى اللامركزية وتبسيط العمل الإداري مع الاحتفاظ بالطابع المؤسسي، كما قد تتجاوب مع وضع خطوط أوضح للفصل بين المال الخاص ومال التنظيم استنادا إلى إدراكها أهمية الفصل بين النشاط الاقتصادي الخاص والأنشطة التنظيمية واستدرك قائلا: « لكن لا أظن أن الجماعة ستتجاوب مع الدعوة لإطلاق الحرية للطاقات الفردية للأفراد بشكل عام؛ لأنها تدرك أن خطة عملها لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال عمل جماعي، ومن ثم لا يمكن أن توكل هذه الخطة إلى الجهود الفردية ». صحـفي مهتم بشئون الحركات الإسلامية  (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 02 نوفمبر 2009)


مؤتمر الحزب الحاكم اظهر القاء النظام بثقله سياسيا واعلاميا وراء التوريث جمال مبارك لايستبعد ترشحه للرئاسة ويقر بالقلق حول انتقال السلطة

 


لندن ـ ‘القدس العربي’ من خالد الشامي: لم يستبعد جمال مبارك انه قد يكون مرشح الحزب الوطني للانتخابات الرئاسية، في مؤتمر صحافي عقد في اطار المؤتمر العام للحزب امس في القاهرة. وقال جمال تعليقا على انتقادات لامكانية ترشحه للرئاسة في ضوء ما يتمتع به من امتيازات لكونه نجلا للرئيس ‘الكل حر في رأيه’. واكد ان اختيار مرشح الحزب للرئاسة سيتم قبل عدة شهور من الانتخابات المقررة في نهاية 2011، طبقا للاطار التنظيمي داخل الحزب(..). واقر بوجود قلق مشروع لدى البعض تجاه انتقال السلطة الا انه سابق لأوانه (..) واشار الى ان الحزب ليس مطالبا باعلان مرشحه للرئاسة قبل عامين من الانتخابات. وحول ما اذا كان على المستوى الشخصي مستعدا لدخول الانتخابات الرئاسية، قال انه ‘عضو في مؤسسة ويقوم بمسؤولياته في وضع السياسات والاستعداد للانتخابات التشريعية العام المقبل، ويرى موضوع الانتخابات الرئاسية في هذا التوقيت من وجهة نظر مؤسسية’. ورأى مراقبون ان جمال كان بالامس اقرب ما يكون الى اعلان ترشحه بشكل صريح، اذ حرص على ابقاء الباب مفتوحا امام خلافته لوالده، سواء في العام 2011 او في حال حدوث فراغ مفاجئ بالسلطة قبل ذلك، بينما كان يقدم نفسه عمليا وبشكل واضح كمرشح قوي وربما وحيد للحزب. وظهرت اثار الحملة التي تشنها الصحف المعارضة والخاصة بشأن موضوع التوريث جلية في بعض العصبية في اجابات جمال حول الموضوع. واعتمد جمال مبارك لهجة رئاسية واضحة في المؤتمر الصحافي، وبدا اكثر حنكة في التعامل مع اسئلة صعبة، واعتبر البعض انه يتمتع بذكاء سياسي وسرعة بديهة ودراية واسعة بملفات اقتصادية وسياسية عديدة، الا ان تمتعه بقبول شعبي كاف يبقى سؤالا مفتوحا. وكان الرئيس مبارك بدا في صحة جيدة اثناء القاء خطابه امام الحزب امس الاول، والذي تجاهل فيه كل التكهنات حول خلافته، ما دعم تكهنات بأنه ربما يرشح نفسه لفترة رئاسية سادسة في العام 2011. الا ان المؤتمر اظهر ان النظام القى بثقله بالكامل وراء سيناريو التوريث، وهو ما بدا واضحا في الميزانية الضخمة التي خصصها للحملة الاعلامية اوالاعلانية المصاحبة للمؤتمر العام والتي ابرزت جمال في المركز الثاني بعد والده رغم انه يحتل المركز الخامس رسميا في الهرمية القيادية للحزب. واعتبر معارضون ان ادعاء الحزب بالفضل فيما تحقق من ‘انجازات’ لم يصحبه تعبير واضح عن تحمل المسؤولية تجاه ما شهدته البلاد من تفاقم للاوضاع الاقتصادية، وان الهدف الاساسي للمؤتمر كان محاولة تعزيز مكانة نجل الرئيس على المستويين الاعلامي والشعبي، حيث لم يشهد المؤتمر صدور اي قرارات او سياسات جديدة. وحرص المؤتمر على اظهار وجود قاعدة شعبية له، ردا على انتقادات المعارضة بأنه حزب رجال الاعمال، اذ دعا عددا كبيرا من الشباب قال انهم يمثلون وحدات للحزب في القرى والمحافظات، بينما تقول المعارضة ان الحزب يعرض اغراءات مالية وخدمية لجذب الدعم السياسي في المناطق الفقيرة. واقر جمال ضمنيا بأن الحزب وجه هجومه في هذا المؤتمر الى جماعة الاخوان بشكل خاص، بينما تحدث عن امكانية الحوار مع احزاب المعارضة، ما اعتبره مراقبون دليلا على توجه الحزب الى اقصاء الجماعة سياسيا في الانتخابات التشريعية المقررة في نيسان/ابريل المقبل، ومنح مقاعدها للاحزاب التي كانت دخلت في صفقات مع الحزب الحاكم لتوزيع مقاعد في انتخابات مجلس الشورى العام الماضي. وردا على سؤال حول امكانية دخوله في مناظرة مع احد رموز المعارضة، قال انه ‘يرحب باجراء حوار او مناظرة مع الاحزاب الاخرى ولكن في اطار المعركة الانتخابية كما حدث في العام 2005’. واشار الى ما يقوم به من جولات تشمل لقاءات مع الشباب كما حدث في محافظة قنا الاسبوع الماضي. وبدا خطاب الحزب الحاكم في مؤتمره العام مضطرا الى اللجوء للدفاع، تحت وطأة انتقادات واسعة من المعارضة ووسائل الاعلام، وتدهور الحالة الاقتصادية، رغم الحديث عن ارتفاع متوسط الدخل السنوي للفرد، وزيادة الاستثمارات وعدد السياح، كما ورد في خطاب رئيس الوزراء احمد نظيف. وكان نظيف قال في خطابه امام المؤتمر قال ان حجم الاقتصاد بلغ ‘ترليون جنيه مصري للمرة الاولى’، واشار الى ان ‘ البنوك المصرية اصبحت مثار حسد البنوك العالمية، بعد تمكنها من تجنب اثار الازمة المالية العالمية’، الا انه اقر بوجود تحديات كبيرة ابرزها الزيادة الكبيرة في عدد السكان، مستشهدا بارتفاع عدد المواليد الى مليوني نسمة في عام 2008. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم  02 نوفمبر 2009)

جمال مبارك رئيسا للفقراء

 


رأي القدس 02/11/2009 سيشكل مؤتمر الحزب الوطني المصري الحاكم في مصر الذي من المقرر ان تختتم دورة انعقاده السادسة اليوم المحطة التي ستؤرخ رسمياً لترشيح السيد جمال مبارك نجل الرئيس لخلافة والده، ليس لان هذا المؤتمر قرر تصعيده الى موقع الامين العام المساعد فقط، وانما بسبب الطريقة التي خاطب فيها السيد جمال المؤتمر، والتصريحات التي نسبت الى كبار قادة الحزب حول شرعية ترشحه لمنصب الرئاسة دون اي مواربة. السيد جمال تحدث امام المؤتمر كرئيس قادم، فقد تحدث عن المستقبل، مستقبل مصر، وهمومها الداخلية والخارجية، وكان حديثه موجهاً الى الشعب المصري وليس الى اعضاء الحزب فقط. اللغة التي استخدمها السيد جمال مبارك جديدة، وخطابه الذي استغرق القاؤه ساعة كاملة، صيغ ايضاً بطريقة مختلفة عن كل الخطابات السابقة، والتصفيق الحار الذي قوبل به كان تصفيقاً لشخص يستعد للقيادة، وتعبيراً عن مبايعة غير محدودة له. مشاكل الفقراء احتلت مساحة كبيرة من هذا الخطاب، وكذلك الوعود بمواجهتها من خلال سياسة محددة ووعود جازمة، مثل التركيز على الفقراء والارامل والمطلقات واليتامى، مما يعني ان الرئيس المصري المقبل يريد ان ينفي عن نفسه تهمة الانحياز الى القطط السمان، وطبقة رجال الاعمال الفاسدة التي نهبت ثروات البلاد وتصرفت وكأنها فوق كل القوانين مدعومة بحكم الرئيس واجهزته الامنية. لا نعرف كيف سيتقبل الشعب المصري، وطبقة المسحوقين منه التي تشكل الاغلبية العظمى، مثل هذا التوجه الجديد للسيد جمال مبارك، ولكن ما نعرفه ان الجولات التي قام بها، بترتيب خاص ومدروس، الى بعض القرى، والتجمعات السكانية في ريف مصر لم تحقق ما هو مرجو منها، اي تقريب ابن الرئيس من القاع المصري، واقناع هذا القاع بانه يحس بهمومه، ويتفاعل معها، ويمكن ان يكون الشخص الاصلح لمواجهتها. السيد جمال مبارك لا يعرف الفقر وربما لم يسمع عنه الا من خلال بعض الصحف والافلام المصرية القديمة، على افتراض انه مستعد لتحمل بعض المناظر المزعجة حول الفقراء في هذه الافلام. فالرجل عاش معظم حياته مرفهاً يلعب بالملايين ان لم يكن بالمليارات، وقضى فترات طويلة في الخارج، خارج مصر، منخرطا في ميدان الاعمال. وحتى عندما يتواجد في مصر، فانه يعيش في مجتمع مختلف، في مصر مختلفة، اندية فخمة يؤمها علية القوم واثرياؤه، واللغات المستخدمة فيها هي اللغات الاجنبية مثل الانكليزية والفرنسية، لان الحديث باللهجة المصرية المحبوبة لدى كل العرب، يمثل عنوان تخلف. التقرب من الفقراء ومحاولة كسب ودهم، ومغازلة مشاعرهم، ربما تصلح للعناوين الرئيسية لصحف الحكومة ونشرات اخبار محطات تلفزتها، ولكنها قد لا تقرب السيد جمال مبارك من قلوب هؤلاء وافئدتهم، فالمسألة اعمق من ذلك بكثير. الشعب المصري يئن من استفحال الفساد، وانتشار البطالة، وغياب الحد الادنى من الخدمات الاساسية، وحوادث القطارات والحافلات نتيجة الاهمال، وبات على قناعة راسخة بان التغيير يجب ان لا يكون بالالفاظ، ولا باستبدال الابن بالأب، وانما يجب ان يكون تغييرا شاملا، من القمة الى القاعدة او العكس، تغييرا يطيح بدولة رجال الاعمال الفاسدة، ويأتي باناس يضعون مصلحة مصر وشعبها، وليس مصلحتهم وحساباتهم البنكية، فوق كل الاعتبارات. ان يتحدث السيد جمال مبارك عن الفقر والفقراء فهذا شيء يشكر له على اي حال، ولكن عليه ان لا يتوقع ان هؤلاء سيتدافعون لمبايعته او انتخابه رئيسا في اي انتخابات نظيفة ونزيهة بعد عام ونصف العام من الآن. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم  02 نوفمبر 2009)

قيادات المعارضة المصرية: الحزب الوطني كالثور الذي يختار فريسته

 


القاهرة – محمد المتولي – «كيف يصارع الثور مخلوقا ضعيفا ولا يفترسه؟!» هكذا وصفت قيادات أحزاب معارضة مصرية العلاقة بين أحزابهم وتنظيماتهم وبين الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) الذي دخل مؤتمره السنوي السادس يومه الثاني أمس، والذي من المقرر أن يختتم اليوم، متهمين إياها باستئثار السلطة واحتكارها وسوء الإدارة والفساد، وذهبوا إلى أن هذا الحزب الذي يرأسه الرئيس المصري حسني مبارك، ويتولى أمينه العام صفوت الشريف اختيار من يعارضه من خلال لجنة شؤون الأحزاب، فيما يحدد نجل الرئيس جمال مبارك سياسات حكومته، هو المسؤول عما تشهده مصر من سوء إدارة وفساد وإفساد بسبب ما وصفوه باحتكار قله للحكم. وحمل رؤساء الأحزاب، المشاركة في مؤتمر للمعارضة المصرية عقد بموازاة مؤتمر الحزب الحاكم، الحزب وحكومته مسؤولية تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد. وقال رئيس حزب الجبهة الديمقراطية الدكتور أسامه الغزالي حرب: «الوطني يستأثر بالسلطة منذ أكثر من 30 عاما بمسميات وشعارات مختلفة»، مشيراً إلى أن وصف قياداته للمعارضة بأنهم قله مندسة لا يعبر عن الواقع الذي يقول إن هذه القلة هي التي تحكم وأن الغالبية هم المعارضة التي تعبر عن الشارع المصري. وكان أمين التنظيم بالحزب الوطني، والنائب البرلماني أحمد عز قد هاجم بعنف، في كلمته أمس الأول السبت أمام مؤتمر الوطني، أحزاب المعارضة وجماعة الإخوان المسلمين، ووصف برامج المعارضين بأنها مطالب عامة وشعارات مرسلة، ووصفها بأنها مفتتة وأن الصحافة تقوم بدورها، مما أثار غضبا على جانب المعارضة التي انزعجت من وضعها في سلة واحدة. ومن جانبه، قال وكيل مؤسسي حزب الكرامة تحت التأسيس النائب البرلماني حمدين صباحي إن «مصر تعيش أسوأ مراحل تاريخها منذ عهد محمد علي من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية بسبب سلطة الفساد والإفساد والتبعية التي أزاحت الطبقة الوسطى، وجعلت البعض من المصريين يموتون من فرط السمنة، والغالبية الطاحنة تموت جوعا بعد تطبيق الخصخصة وبيع القطاع العام، مؤكداً أن «مصر تشهد خلخلة حقيقية في ولاء وانتماء أبنائها لها بعدما انتقلنا من دولة قوية لدولة رخوة تحولت سريعا إلى دولة عاجزة وفاشلة على كل الأصعدة». ودعا المعارضة إلى نهوض وطني شامل يكمن من خلاله الوقوف على عتبة الإصلاح، رافضا في الوقت نفسه دعوات بعض أحزاب المعارضة التي تنادي بتعديل الدستور قائلا: «نحن لا نرقع الثوب الذي يحتاج أن نستبدله». (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 02 نوفمبر 2009)  


هل تتحالف روسيا مع الغرب في مواجهة الإسلام والصين؟

أحمد دياب * في أوروبا كثيراً ما يشيرون إلى أن مركز العداء والصراع السياسي تحرك دائماً نحو الشرق تاركاً عدو الأمس حليف اليوم: ففرنسا كانت عدو بريطانيا طوال ما يزيد على ثلاثة قرون، ثم أصبحت حليفتها في مواجهة ألمانيا، منذ بداية القرن العشرين، وكانت بريطانيا وفرنسا (وأسبانيا) عدوتين للولايات المتحدة طوال القرن التاسع عشر، ثم تحالفت معهما في مواجهة ألمانيا في الحربين العالميتين الأولى والثانية، ثم أضحت ألمانيا (الغربية) حليفة الدول الثلاث بداية من النصف الثاني من القرن العشرين، إذ صار الاتحاد السوفياتي السابق (الإمبراطورية الروسية) عدو الجميع طوال سنوات الحرب الباردة. وفقاً لهذا المنطق، ما الذي يمنع من أن تتحول روسيا إلى حليف للغرب؟! طرح هذا التساؤل قبل نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي السابق، كان البعض يعتبره مجرد رياضة ذهنية، والبعض الآخر كان يعده إسرافاً في التفاؤل، فواقع الاستقطاب الإيديولوجي بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي كان ينفي أي إمكانية لاحتمال تحقق هذا الافتراض، وفي الوقت نفسه لم يكن هناك وجود لخطر أو تحد يهدد المعسكرين معاً، في شكل يجبرهما أو يساعدهما على تجاوز أو تناسي مبررات الصراع الإيديولوجي بينهما، مثلما حدث خلال الحرب العالمية الثانية، حين قبلت بريطانيا وفرنسا وأميركا التحالف مع موسكو في مواجهة ألمانيا النازية. ولعل استمرار الصراع الإيديولوجي واختفاء العدو بعد هزيمة ألمانيا النازية، يفسران رفض أميركا وبريطانيا طلب الاتحاد السوفياتي السابق الانضمام إلى حلف الأطلسي عام 1954، في حين قرر الحلف ضم ألمانيا (الغربية) إليه في عام 1955، الأمر الذي دعا الاتحاد السوفياتي إلى تأسيس حلف وارسو في العام نفسه وما ترتب على ذلك من زيادة حدة الاستقطاب والصراع بين المعسكرين طوال فترة الحرب الباردة. لكن مع نهاية هذه الحرب في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1989، وانهيار الاتحاد السوفياتي السابق في كانون الأول (ديسمبر) عام 1991، بدا أن التساؤل حول إمكانية تحالف روسيا مع الغرب يكتسب أبعاداً واقعية، خصوصاً أن روسيا قطعت خطوات جدية نحو اقتصاد السوق والليبرالية السياسية طوال عقد التسعينات الماضية، وبدأت السياسة الروسية تتخلى عن عدد من المواقع التي كان وجودها فيها يمثل نوعاً من التحدي للغرب. غير أن التحالفات لا تقوم في الواقع لمجرد اتفاق أو تماثل الدول في نظمها السياسية والاقتصادية، أو حتى اشتراكها في منظومة ثقافية واحدة، بقدر ما تقوم استجابة لتحديات ومخاطر مشتركة، وتجربة الحرب العالمية الثانية خير مثال. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن يدور حول ماهية التحديات والمخاطر التي تواجه روسيا والغرب معاً، سواء راهناً أو في المستقبل؟ هل هي «الإسلام الراديكالي» كما تطرحه أحداث اللحظة الراهنة في ظل ما يسمى الحرب العالمية على الإرهاب التي دشنتها واشنطن منذ أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001؟ أم هي الصين وفقاً لفرضية أن مركز العداء والصراع السياسي يتحرك دائماً نحو الشرق التي بدأنا بها هذه السطور؟!. وفقاً لنظرية «صدام الحضارات» ذاتها التي روجت لحتمية الصدام بين الإسلام والغرب منذ أوائل التسعينات الماضية، فإن العالم الإسلامي يفتقد إلى نواة أو مركز موحد قادر على دفعه الى الصدام مع الغرب. في المقابل تبدو الصين هي التحدي القادم للغرب عموماً وأميركا تحديداً. فالصين كانت دولة عظمى منذ قيام الإمبراطورية الصينية عام 221 قبل الميلاد وحتى منتصف القرن التاسع عشر، ولم تخرج الصين أبداً من حسابات السياسة الدولية، إلا أنه منذ بداية هذا القرن توطدت مكانة الصين في شكل لافت، وبات الحديث متواتراً عن صعودها كقوة عالمية كبرى منافسة للولايات المتحدة على مواقع النفوذ في المسرح الدولي. فالصين تحوز الآن قدراً كبيراً من عناصر القوة الشاملة: سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. وعلى رغم أن بعض المشتغلين في الحقل الأكاديمي يُقللون من قيمة الصين الصاعدة ومن فاعلية تهديدها لهيمنة أميركا الكونية، فإن ثمة اتجاهاً قوياً، بالمقابل، يجادل بأن هذا هو ما يحصل بالفعل. فعلى سبيل المثال، يؤكد هاري هاردينج، مدير الأبحاث والتحليل في مجموعة «يوروآسيا»، أن الصين تشكل تحدياً فردياً وجدياً للولايات المتحدة لأنها تتحول إلى «قوة متعددة الأبعاد» بخلاف منافسي أميركا الآخرين. فإذا كانت روسيا قد مثلت خلال الحرب الباردة تحدياً، لا تهديداً، للولايات المتحدة إلا أنها فعلت ذلك بطريقة واحدة فقط: بأن كانت لديها قدرات عسكرية قوية، في حين ظل اقتصادها ضعيفاً جداً. وإذا كانت اليابان قد أصبحت منافساً اقتصادياً جدياً لأميركا في ثمانينات القرن الماضي، إلا أنها لم تكن قوة عسكرية منافسة. وفي المقابل نجد أن قوى الصين الاقتصادية والعسكرية تنمو سوياً بسرعة لافتة، فضلاً عن أنها أخذت تستخدم «قوتها الناعمة» في شكل متزايد لمصلحة أهدافها الجيوستراتيجية الخاصة. وقالت الاستخبارات الأميركية في تقرير استراتيجي صدر في منتصف أيلول (سبتمبر) 2009، إن «لدى الصين مصالح مشتركة مع الولايات المتحدة لكن سياستها التي تتجه أكثر فأكثر نحو الموارد الطبيعية وتحديثها، على الصعيد العسكري، هي بين العوامل التي تجعل منها تحدياً معقداً». وفي موسكو (تموز/ يوليو 2001)، كانت العلاقة داخل مثلث واشنطن – بكين – موسكو المحور الرئيسي لحوار شارك فيه يفغيني بريماكوف وزبغنيو بريجينسكي. وهل سيكتب على روسيا أن تكون «شريكاً أصغر» يختار واحداً من القطبين الأميركي أو الصيني للتحالف معه؟ أجاب بريجينسكي أن هذه «معادلة قاسية» لكنها واقعية. ونصح موسكو بأن تختار الأسرة الأوروبية – الأطلسية، وتقبل بتوسع الناتو والاتحاد الأوروبي شرقاً، كما أكد على وجود خطر توسع صيني يهدد روسيا. وفي أوائل أيار (مايو) 2008 وفي العاصمة الكازاخية، أعاد بريجينسكي التأكيد على هذا المعني قائلاً: «أعتبر أن قلقاً سيسود في المستقبل، ولو كنت مواطناً روسياً لكنت أكثر قلقاً على علاقة روسيا مع الصين من العلاقة مع واشنطن، فالصين تتغير وفي شكل سريع والتغير يحدث في كل الاتجاهات، وأكثر مما يظنه البعض». فالمعادلة‏ ‏الصينية‏ – ‏الروسية‏ ‏صعبة‏ ‏بلا‏ ‏شك‏. ‏فروسيا‏ ‏أرض‏ ‏تحتاج‏ ‏إلى‏ ‏شعب‏ ‏والصين‏ ‏شعب‏ ‏يحتاج‏ ‏إلى ‏أرض‏ ‏وهي‏ ‏معادلة‏ ‏خطيرة‏ ‏قد‏ ‏تقلب‏ ‏موازين‏ ‏الأمن‏ ‏والاستقرار‏ ‏في‏ ‏آسيا‏ ‏وأوروبا‏ ‏بالكامل‏. فروسيا‏، ‏بتعداد‏ ‏سكانها‏ ‏الحالي‏ البالغ حوالى 142 مليون نسمة،‏ ‏تبلغ‏ ‏مساحتها‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ 17 ‏مليون‏ ‏كلم‏2، ‏في‏ ‏حين‏ ‏أن‏ ‏الصين‏ ‏التي‏ ‏تبلغ‏ ‏مساحتها‏ ‏نحو‏ 9.5 ‏مليون‏ ‏كلم‏2، ‏يبلغ‏ ‏تعداد‏ ‏سكانها‏ 1300 ‏مليون‏ ‏نسمة‏. ‏وتعداد‏ ‏الذكور‏ ‏في‏ ‏الصين‏ ‏يزيد‏ على ‏تعداد‏ ‏الإناث‏ ‏بمقدار‏ 32 ‏مليون‏ ‏نسمة‏، ‏في‏ ‏حين‏ ‏يزيد‏ ‏تعداد‏ ‏الإناث‏ ‏في‏ ‏روسيا‏ على ‏تعداد‏ ‏الذكور‏ ‏بمقدار‏ 6 ‏ملايين‏ نسمة‏. ‏وتجمع‏ ‏الدولتين‏ ‏حدود‏ ‏مشتركة‏ ‏تصل‏ ‏إلى‏ 3645 ‏كلم‏2. وبينما‏ ‏لا‏ ‏يتعدى ‏عدد سكان‏ ‏سيبيريا‏ ‏كلها‏ ‏30 ‏مليون‏ ‏نسمة‏، ‏منهم‏ ‏نحو‏ ‏عشرة‏ ‏ملايين‏ ‏فقط‏ ‏على‏ ‏الجانب‏ ‏الروسي‏ ‏من‏ ‏الحدود‏ ‏مع‏ ‏الصين، ‏نجد‏ ‏أن‏ عدد ‏السكان‏ ‏في‏ ‏الأقاليم‏ ‏الصينية‏ ‏الثلاثة‏ ‏المقابلة‏ ‏للحدود‏ ‏الروسية‏ ‏يصل‏ ‏إلى‏ 250 ‏مليون‏ ‏نسمة‏. ‏أي‏ ‏أن‏ ‏الكثافة‏ ‏السكانية‏ ‏في‏ ‏الجانب‏ ‏الصيني‏ ‏تتعدى‏ 25 ‏ضعفاً‏ ‏‏نسبتها‏ ‏في‏ ‏الجانب‏ ‏الروسي‏.‏ ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي السابق لم ‏تضيع‏ الصين ‏وقتاً ‏طويلا‏‏ً، ‏فدخلت‏ ‏من‏ ‏طريق‏ ‏التجارة‏ ‏إلى‏ ‏عمق‏ ‏الأراضي‏ ‏الروسية في الشرق الأقصى‏. وبحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية، في نيسان (أبريل) الماضي، استقرّ عدد يتراوح بين 400 و700 ألف فلاح صيني في شرق سيبيريا. ويتوقع‏ ‏الروس‏ ‏أن‏ ‏يصل‏ ‏عدد‏ ‏هؤلاء‏ ‏الصينيين‏ ‏إلى 20 ‏مليون‏ ‏نسمة‏ ‏خلال‏ ‏العقود‏ ‏المقبلة‏. وفي‏ شباط (‏فبراير‏) 2002 ‏أشار‏ ‏‏ممثل روسيا الحالي لدى الناتو، وزعيم‏ ‏حزب‏ «‏رودينا»‏ ‏القومي‏ ‏والرئيس‏ ‏السابق‏ ‏للجنة‏ ‏الشؤون‏ ‏الخارجية‏ ‏في‏ ‏مجلس‏ ‏الدوما‏، ديمتري‏ ‏روغوزين‏، ‏إلى‏ «‏أن‏ ‏الخطر‏ ‏الأساسي‏ ‏على‏ ‏روسيا‏ ‏حالياً ‏مصدره‏ ‏الجنوب‏ (الإسلامي) والشرق (الصيني) ‏وليس‏ ‏الغرب‏»، ‏متهماً ‏الصين‏ ‏بالتخطيط‏ ‏للاستيلاء‏ ‏على‏ ‏سيبيريا‏ ‏بالديموغرافيا‏ ‏إن‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏بالقوة‏. ‏وفي‏ شباط (‏فبراير)‏ ‏2006‏ ‏طالب‏ ‏روغوزين‏ ‏بوضع‏ ‏قوانين‏ ‏جديدة‏ «لإعادة‏ ‏سيطرة‏ ‏روسيا‏ ‏على ‏حدودها‏»‏، ‏داعياً ‏إلى‏ ‏حض‏ ‏الروس‏ ‏على‏ ‏الانتقال‏ ‏إلى ‏المناطق‏ ‏الحدودية‏ ‏لصد‏ «التهديد‏ ‏الصيني‏ ‏لروسيا‏ ‏الأم‏».‏ وعلى رغم اعتراف الروس بمهارة المهاجرين الصينيين وبإمكان تحويلهم منطقة شمال سيبيريا إلى «حقول للرز»، لكنهم يخشون من ذوبان الروس «البيض» وسط الكثافة الديموغرافية «الصفراء» الصينية. وتقوي نظرة الروس للصينيين «المهرة» و «المطيعين» لقادتهم الشيوعيين، الصورة القديمة للخطر المقبل من الشرق المرتبط تاريخياً بالمغول والتتار الذين احتلوا روسيا بالفعل في القرن الثالث عشر. وفي أواخر حقبة الرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسين وبداية حقبة الرئيس السابق ورئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين، عادت صورة المغول بسبب تنامي سياسة «الأوربة»، تلك العقيدة السياسية والفلسفية التي تعتبر الروس نسيج وحدة من السلاف الأرثوذكس والمسلمين ذوي الأصول التركية في معظمهم. وفي الوقت الحالي فإن صورة المغول القديمة تعود، باعتبارهم محتلين مستبدين عانت روسيا على أيديهم كثيراً. وغالباً ما يربط الروس بين هؤلاء المغول والصينيين والآسيويين في العموم. ويكشف مضمون هذا الخوف المتأصل تجاه الصين بين الروس عن اتجاههم نحو الغرب، خصوصاً أوروبا. فالروس ينظرون إلى أوروبا باعتبارها أقرب إليهم من شعوب الشرق. ويأمل الروس بأن تعترف الدول الأوروبية بأنها أقرب إلى روسيا اقتصادياً وعسكرياً وديموغرافياً، وبأن روسيا مهمة بالنسبة اليهم باعتبارها «صنوهم»، المسيحي الديني والقوقازي الحضاري، الذي يواجه المخاطر نفسها المقبلة من الشرق. فبعد نحو شهر من محاضرة البابا بنيديكتوس السادس عشر في 12 أيلول (سبتمبر) 2006، التي اتهم فيها الإسلام بمجافاة العقل والميل الى العنف، أعلن الرئيس الروسي السابق ورئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين أمام مؤتمر عقدته دول الاتحاد الأوروبي في فنلندا أن التحدي الأكبر الذي يواجه الأوروبيين هو «حماية المسيحية في أوروبا». * كاتب مصري.  (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 2 نوفمبر 2009)  

Home – Accueil الرئيسية

 

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.