رسالة إلى السيد والي جندوبة حول غلق مقرفرع جندوبة للرابطة
ميدل ايست اونلاين: خبراء يجتمعون في تونس ويدعون لتحرير المرأة العربية
الطاهر العبيدي: » لا تحسبوا » صمتي » بينكم طربا فالطير يرقص مذبوحا من الألم »
القاضي المختار اليحياوي:حديث الأربعاء – حول حديث الأستاذ محمد الشرفي لقناة الحوار
نصر الدين بن حديد:تعليقًا على مقال الأستاذ المحترم برهاس بسيّس «أفكار ضدّ التطرف»- أزمة البذرة؟؟؟ إشكاليّة الجذر؟؟؟ …
الحبيب أبو وليد المكني: تعقيبا على مقال برهان بسيس – لقد تغيرت تونس و تغيرت أيضا دلالة الحجاب
مرسل الكسيبي: ماذا يحدث في تونس, محاكمات سياسية أم تباشير اصلاح ؟
محمد العروسي الهاني : في ذاكرتنا الشعبية و الوطنية رجال خالدون لهم فعل و بصمات لم تمحى من الذاكرة على الإطلاق
د. خــالد الطـراولي:قداسة البابا… هذا محمد صلى الله عليه وسلم
الهادي بريك: في ظلال رمضان : الحلقــة الثانيـــة
د رجاء بن سلامة:هذه ليست تفجيرات 11 سبتمبر
ابوبكر الصغير: تزوج واحدة.. والثانية بالمجان!
الطاهر الهمامي: مع حزب الله ضد حزب الاستعمار
الصباح : حوار مع رئيسة وحدة بحث متخصصة في العلوم البيئية بجامعة صفاقس
رويترز: متشددون يتوعدون بحرب والفاتيكان يسعى لتهدئة الغضب
To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
لمشاهدة الشريط الإستثنائي الذي أعدته « الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين »
حول المأساة الفظيعة للمساجين السياسيين وعائلاتهم في تونس، إضغط على الوصلة التالية:
جندوبة في : 17/09/2006:
السيـــد : والــي جندوبــة
تحيـــة طيبــة وبعد :
نحن مكونات المجتمع المدني و مناضلي الرابطة المشاركون في الندوة التي دعت إليها جامعة جندوبة لحركة الديمقراطيين الإشتراكيين مساندة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان .
1 ـ نعتبر أن غلق مقرفرع جندوبة للرابطة ومنع الرابطيين من الإجتماع داخله غير قانوني وغير شرعي
2 ـ نندد بالحصار الأمني المضروب على مقرالفرع و بقية الفروع والمقر المركزي .
3 ـ نطالب بفتح مقرفرع جندوبة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و رفع كل المضايقات الأمنية المضروبة على هيئة الفرع و مناضليه و كافة منخرطيه حتى يتمكن من القيام بنشاطه وتدارس طرق حل الأزمة .
الإمضـاءات
1ـ بلقاسم المحسني: كاتب عام جامعة جندوبة لحركة الديمقراطيين الإشتراكيين
2 ـ الهادي بن رمضان : رئيس فرع جندوبة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان
3 ـ رابح الخرايفي كاتب عام جامعة جندوبة للحزب الديمقراطي التقدمي
4 ـ المولدي الزوابي : المنسق العام للدفاع عن خريجي الجامعة وحاملي الشهائد العليا ا-لجنة المحلية ببوسالم
5 ـ نسيم الكافي : عن الإتحاد العام لطلبة تونس
6 ـ نور الدين الصولي : نائب رئيس فرع جندوبة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان
7 ـ يوسف الخميري : منخرط رابطي
8 ـ محمد صالح المناعي: مناضل رابطي
9 ـ عبد الجليل التيساوي : مناضل رابطي
10 ـ عمار الخشيني : حركة الديمقراطيين الإشتراكيين
11 ـ الصادق الكحلاوي : حركة الديمقراطيين الإشتراكيين
12 ـ محمود العبيدي : حركة الديمقراطيين الإشتراكيين
13 ـ محسن الماجري : نقابي رابطي
14ـ نور الدين الرزقي : الحزب الديمقراطي التقدمي
15 ـ منجي القروي : من المدافعين عن حقوق الإنسان
16 ـ الفاضل السعيدي : مناضل رابطي
17 ـ صلاح الدين العلوي : مناضل رابطي و سجين رأي
18 ـ جلول البلالي : مناضل نقابي
19 ـ رضا السمراني : حركة الديمقراطيين الإشتراكيين
20 ـ رمضان المشرقي : عضو جامعة جندوبة لحركة الديمقراطيين الإشتراكيين
21 ـ الحبيب التيساوي : نقابي تعليم ثانوي جندوبة
22 ـ عبد السلام العوني: رابطي
اتصل بنا السجين السياسي السابق السيد محمد المنصف بن عبد الله الورغي الحامل لبطاقة تعريف وطنية عدد 03614256 الذي سبقت محاكمته من أجل انتمائه لحركة النهضة و أصدرت الدائرة الجنائية بتونس حكما يقضي بسجنه مدة عشرين عاما قضى منها مدة خمسة عشر عاما بمختلف السجون التونسية و غادر السجن وهو يعاني من عدة أمراض يوم 25 فيفري 2006.
ومنذ ذلك التاريخ طلب من المؤسسات الرياضية التي كان يعمل بها إرجاعه إلى العمل و قد قبلت القاعات الرياضية بنهج روسيا عدد 14 و قاعة ماجول ببنعروس و قاعة إستبرق بحي الإسكان ببنعروس تشغيله ستة أيام في الأسبوع بحساب يومين في كل قاعة و قد مكث في العمل طيلة شهر ونصف لكن ضغوطا صادرة عن فرقة أمن الدولة أدت إلى فصله عن العمل.
علما بأن السيد محمد المنصف الورغي له اختصاص نادر في المصارعة العربية و هو فني ممتاز ومؤسس لذلك الفن الذي أصبحت له شهرة عالمية في ذلك الاختصاص و أن عددا كبيرا من المدربين الحاليين في العالم أجمع هم من تلاميذه و هو متزوج وأب لعائلة تتركب من تسعة أشخاص أحدهم وهو الأكبر مقيم حاليا بماليزيا والثانية تقيم بالسويد وهو العائل الوحيد للسبعة الآخرين.
و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين تفتح بهذه المناسبة ملف المعطلين عن العمل من بين وقعت محاكمته بتهم سياسية و ترى أنه من الواجب التفكير في إدماج المسرحين من سجناء الرأي في المجتمع و تمكينهم من حقهم في الشغل و فتح بحث للتعرف على الأشخاص الساعين للإضرار بهؤلاء المسرحين و تعطيل اندماجهم في المجتمع و خلق جو من الشحناء و البغضاء بين مكونات المجتمع ومحاكمة كل من يثبت ارتكابه لمثل هذه الأفعال.
رئيس الجمعية
الأستاذ محمد النوري
اربعينية المرحومة السّيّدة بنت الصّادق التّركي والدة السّجين السّياسي السّيد عبد الكريم الهاروني
خبراء يجتمعون في تونس ويدعون لتحرير المرأة العربية
» لا تحسبوا » صمتي » بينكم طربا فالطير يرقص مذبوحا من الألم » (*)
الطاهر العبيدي / صحفي وكاتب تونسي لاجئ سياسي بباريس
الإهداء إلى الشهداء
الصحفية أطوار بهجت (*)
الهاشمي المكي (**)
إلى أطفال قانا المكررة
إلى أهالينا في فلسطين والعراق
إلى كل هؤلاء من علمونا المقاومة بالأجساد
عندما يصبح الصمت لغة استشهاد، وحين تصبح المقاومة فعلا بالأجساد، وعندما يصبح التنظير والتحليل والتقدير عنوان الكساد، عندها لا أجد ما أرسم وما أقول سوى الوقوف تعظيم سلام، إلى العابرين في صمت الحناجر. أولئك الذين جعلوا من أجسادهم مراكب للعبور، من أجل أن تكون لنا الشوارع والمعابر والأزقة والنخيل، من أجل أن تكون لنا الأمطار والأشجار والصفصاف والبحر والأصداف والصبّار والحقول، من أجل أن تكون لنا المساجد والكنائس والمزارع والتراب والسهول، من أجل فتح نوافذ في زمن الرماد، من أجل استيقاظ العقل وصحو الضمير، من أجل استرجاع النص المفقود، واستعادة الحلم الموءود، وتحرير الشرف المنهوب، أولئك الذين كتبوا عناوين البقاء، حيث الكتابة لديهم لا تعني الاستكانة ومضغ الذل والقناعة بهوان المصير، هم لم يكتبوا بحبر أجسادهم علامات التحدي والمرور، من أجل تزفيت الطرقات أو البحث عن المعادن، بل من أجل التنقيب عن الإنسان الحر في زمن الطواغيت وزمن القمع الاستباقي، وزمن الإقطاع الفكري، وزمن ديمقراطيات القنابل، ليكونوا كتّابا من نوع آخر، كتابا غادروا منصات الأوراق واشتبكوا مع هموم الناس وأحلام الجماهير…
فمن أي المعابر يستطيع قلمي الولوج، ومن أي المسارب أستطيع المرور ونحن رهائن الغربتين، غربة المنفى وغربة أوطان تحترف الظلم وتنتج الخضوع والهوان، تملك جيوشا من رماد، تملك سجونا تطحن العظام والأجساد، تملك شعوبا منزوعة العيون واللسان، تملك تنمية وهمية ومشاريع من سراب، تملك صحافة فولاذية لغتها حطب وأخشاب، تملك خططا تآمرية على الوعي الخلاق، تملك أسلحة موجهة ضد حرية الرأي وحرية التعبير وحقوق الإنسان، تملك خطبا بالية تماما كما العملة القديمة انقرضت من الأسواق، تملك جرأة كبيرة على تزوير التاريخ وتحريف نتائج الانتخاب…
لا يليق بنا الحياد لا يليق بنا الحداد، فليكن الوطن محبرة وليتحوّل القلم إلى قنبلة، ولتتحول الأوراق إلى منصّات مفخّخة، فما عاد ممكنا التستر على المفردات المحظورة، ما عاد ممكنا التستر على الصمت الآثم، فالكلمة غير قابلة للقسمة، كما الحقيقة غير قابلة للتجزئة، ما عاد ممكنا إعراب مآسينا المكرّرة، ما عاد ممكنا تصريف أحوالنا المدمرة، فقد بزغ الشعاع والتقطت معه إشارات صادرة عن الإنسان، وتجاوزت رطل أيامنا في محطات السنين الطويلة…
مقطبة الجبين كل الحروف والنصوص واللغات، عقيمة هي المفردات، مبتورة كل الأحاديث وكل التصريحات، معطوبة كل الأقاويل والتفاسير والحوارات، خجولة هي الكلمات وموصدة في وجه قلمي كل المسارب والمعابر التي تروي فعل المقاومة بالأجساد، لترسم أن الإرادة ليست منتوجات كيماوية، ولا هي في الأنابيب الاصطناعية، ولكنها كامنة في الإنسان حيث الرفض والتحدي والممانعة والمقاومة قناديل تضيء ليالي السواد، هناك في فلسطين الثبات، إلى لبنان المنتصبة في واقع المؤامرات، إلى العراق التي تصارع الغزاة إلى تونس بلد السجون والمعتقلات، وإلى كل المدن العربية الأخرى التي تتوق للحرية والانعتاق، وتشهد ارتفاع درجة حرارة الجماهير وتنتظر الفصل الأخير، من كل هذه المدن التي تستعدّ لرفع الشراع واختراق بحور الضياع، لتعلن الرفض والوقوف في وجه الطغاة، تجيء الومضات، لتروي لنا اعترافات من فضلوا الفعل عن الكلام، وتكتب بالحرف المغموس بين ثنايا الأجساد، حكاية استشهاد » الهاشمي المكي » ذاك التونسي المولد والانتماء، ذاك الذي قضى في سجون الاستقلال سنين طوال من أجل حرية الرأي وحقوق الإنسان، ومن أجل أن تكون تونس بلد المواطنة بلد المناصفة بلد المحاسبة بلد المحاكم العادلة، وبلد حرية الرأي وتعددية الأحزاب، فكان الثمن سنين مكلومة خلف الحديد والقضبان، وظل في الزنزانة يقاوم سنوات المحنة وسنوات الغمّة وسنوات الظلمة، إلى أن أصيب بسرطان المفاصل، فأطلق سراحه أربعة أشهر قبل أن يغادر هذه الحياة، بعد مضي 11 عام، بين السجون والمعتقلات، ليستشهد بعد بضعة أيام وبذلك يكتب بالجسد والسواعد، طريقا للحرية في سبيل أن تشرق شمس الوطن من خلف الضباب، ويكتب بصمت دون ثرثرة قسديرية، ولا خطب عاجية، ولا بيانات معدنية، ولا بلاغات خشبية، عبارة المقاومة بالأجساد، من أجل أن لا نكون أحياء في ثوب أموات، من أجل أن لا نسير ونحن نتوسد خضوعنا، كما كنا نشبه البشر ونحن أموات، ليقول دون تخصيب الكلام أن الثورة لا يمكن أن تزهر طالما بقيت حبيسة التنظير والأوراق، وأن الأرض لكي تنتعش تحتاج إلى المطر والسحاب، وأن الورود والأشجار لكي تستيقظ تحتاج إلى هبوب الرياح، وأن الكرامة لا تنبت تحت أرائك التمني والسهاد، وأن الحرية ليست بضاعة تستورد من الأسواق، وأن التغيير لا يمكن أن يكون قولا فضائيا متعاليا عن هموم الناس، وأن وصية الهاشمي المكي في السفر ما قبل الأخير، وهو على فراش التجهز والرحيل، كان يحلم بوطن يكون ملكا للجميع، ملكا للفرقاء، ملكا للفقراء للبؤساء للكادحين، للمواطنين البسطاء، للمزارعين للفلاحين للمتسولين للإعلاميين للمبدعين للمنفيين للمهاجرين والمهجّرين دون إقصاء ، دون تفضيل دون تبجيل.. وطن لا سجون فيه تنهش الأجساد وتدمر العقول، ولا محاضر محرّفة ولا محاكمات مزوّرة ولا تلاعب بالقانون، ولا هتافات خاوية ولا مديح ينتج شعبا يحترف الزحف وطق الطبول، وينتج صحافة لا تعتني سوى بإحصاء وترتيب ومسح أحذية المسؤول، وقبل انتهاء الفصل الأخير، قبل السفر والرحيل، يرفع الهاشمي المكي إشارة النصر بيد منهكة عطبتها ملوحة وقسوة السجون، ليكون المشهد علامة فاصلة بين من يستشهد في سبيل القيم والثوابت، وبين من يموت كما تموت الجرذان والبعير، بين من يفتح بجسده مسربا للعبور، وبين من يقبع في فراشه متوسدا أطنان القول المأثور، حالما بالتغيير عبر المراسلة دون جهد دون تعب، سوى الحديث الطري والكلام اليانع والتفرج من خلف الشرفات والشبابيك وعبر الفضائيات والجرائد وعبر الأثير… ليقول لنا الهاشمي المكي وصية المشهد الأخير، أن الموت الكريم هو بدايات التغيير، وأن الفرق شاسع بين يغرس الزيتون والليمون والبرتقال والنخيل، وبين من يقبع معلبا في مكانه ينتظر مواسم الحصاد وشرب العصير، لتكون الإيحاءات عوض الكلمات، وتكون الإشارات عوض الخطابات، وتكون الإيماءات عوض البيانات، لننتبه من حولنا هناك في عراق الدمار والمأساة، حيث الرؤوس يوميا تحصد كما العشب والنبات، حيث الموت العبثي والقتل العدمي والموت المجاني، يأتي تحت عباءات التحرير والتنوير، وضمن مخطط القصاص والتدمير، وتخريب التاريخ وحرق الكتب والمكتبات، والمسخ والفتنة وزرع الشقاق والتهجير، هناك في تلك المدن المغرّبة بلا ميناء، يصلب الإنسان تحرق الأشجار والأحجار والنخيل، ويمتزج الحزن بالعويل بالصراخ برائحة الرصاص وعطس المدافع وتنهد المفرقعات وسعال الرشاش وهدير القنابل، لينقطع الإرسال، وتتوقف الصورة لينبلج وجه شهيدة الميكروفون وشهيدة الصورة الصحفية الأممية » أطوار بهجت » وهي متلبسة بعشق العراق وعشق الفرات، منتصبة في خندق المعركة تواجه القصف بالميكروفون والصورة والكلمة، لتنقل بصدق المشاعر كل تفاصيل المشرحة… كانت امرأة لا كبعض النساء تعتني بصبغ الشعر ولبس الحلي وتقليم الأظافر، بل فضلت امتطاء صهوة « المكرفون » واختارت التمركز على جبهة المشهد والصورة في زي مقاتل، لم تكن تملك جيشا نظاميا ولا مدرعات ولا قنابل، بل لم يكن على كتفيها نياشين مرصّعة ولا نجوم مذهّبة ولا شاحنات تموين ولا أكداس بنادق، كانت وحيدة عتادها ميكروفونا وكلمة وصفاء حنجرة… وحيدة تمشي على جراحاتها، تتسلل عبر الطرق والمعابر، دون تمويه دون اختفاء ولا ثوب واقي من الرصاص والقنابل، لم يكن معها جيشا جرّارا وحدها كانت كتيبة من عساكر، ترسانتها نقل حي وتقرير موضوعي وخبر استباقي وتنوير المشاهد، لتكون وجها لوجه مع الموت اليومي والاشتباك الدموي، لتلتقط بالصوت الجهوري والحس الصحفي، أحزان المساءات وأوجاع مدن تئن تحت القصف والمفرقعات، وتظل منتصبة واقفة بين عواصف الرصاص وصرير البنادق، متدثرة بعشق التربة وعشق العراق، لتنقل إلينا تأوه الشوارع واحتراق الأشجار وهدم المنازل، وانقطاع الكهرباء وعطش البيوت واشتعال المزارع، ومعاناة القرى وتهديم المساجد، لتروي إلينا نحن الذين نتفرج خلف الجهاز ممدين في المضاجع، قصص المآسي وكل بشاعة المشاهد، لتسقط شهيدة الفعل المقاوم، وتستشهد نيابة عنا جميعا نحن الذين احترفنا الجلوس والقعود والنضال خلف المكاتب، نحن الذين احترفنا الصمت الآثم واحترفنا رطوبة الكلام ومضغ الهزائم، نحن الذين تعوّدنا التفرّج يوميا على طوابير المجازر في غزة والقطاع وجنين وكل الأزقة والأحياء والمخيمات التي ترفض التنازل، وكل المدن المستيقظة التي تأبى السقوط ترفض الهوان وتتحدى المدرعات والعساكر، وتواجه الرصاص والصواريخ والقصف، والحصار والتجويع أمام أنظار العالم، ليكون الفعل المقاوم جوابا فسفوري على من ابتكروا الكتابة باللسان عوضا عن الأصابع، أولئك الكتاب الذين امتهنوا تبييض القهر والاستبداد ومحاولة إقناعنا أن الفهود والنمور والأسود لا تملك أنيابا ولا مخالب، وان النسور أليفة رقيقة وديعة كالحمائم، فتكون قانا المكرّرة صفحات ملونة تفشل هذه النظريات وكل هذه المزاعم، ويستشهد أطفال لبنان تحت أطنان القنابل، ليكتبوا بأجسادهم الغضة عناوين الطفل المقاوم ليصبح التاريخ يصوغه هؤلاء الأطفال عبر الدماء عبر الصور البشعة وفظاعة المجازر…
فاعذرونا أيها المارون في عمق المداخل، يا شهداء كل المحاور، أعذروا صمتنا الآثم، فأنتم المنشقون عن القول المساوم، ونحن المشتقون من الفشل الجماعي، مازلنا جامدين في نفس الزمان راسبون في نفس المكان، منذ سنين طويلة أرهقتنا فواتير الهزائم، أحيانا ندفعها بالتقسيط وأحيانا كثيرة نسدّدها بالفوائض…
—————————————————-
هوامش
(*) أطوار بهجت / صحفية عراقية مراسلة قناة العربية / اختطفت واغتيلت مع طاقم العمل أثناء تغطيتها لتفجير مقام الإمام علي الهادي في سامراء بالعراق صباح الأربعاء 22 فبراير 2006 م. من مواليد 1976
(**) الهاشمي المكي سجين سياسي تونسي من مواليد 22 – 12 – 1958 محاكم ب 37 سنة من أجل انتمائة لحركة النهضة التونسية افرج عنه 14 – 3 – 2003 بعد استفحال مرض السرطان الذي أصابه نتيجة الاعتقال توفي بعد خروجه من السجن بتاريخ 15- 7- 2006
(*) انظر الشريط السمعي البصري للجمعية الدولية للدفاع عن المساجين
————————-
المصادر
العرب أونلاين لاين بتاريخ / 14 / 9 / 2006
جريدة الشعب المصرية / 15 – 9 – 2006
موقع البصرة نت بتاريخ / 16 – 9 – 2006
حديث الأربعاء
المختار اليحياوي
تابعت مساء يوم الأربعاء (13 سبتمبر 2006، التحرير) الحديث الذي أعادته قناة الحوار التي يديرها السيد الطاهر بن حسين و الذي أدلى لها به الأستاذ محمد الشرفي وزير التربية و التعليم السابق (1989 – 1994) ومع مفاجئتي بالتطور الحاصل في موقفه من تقييم السلطة منذ 7 نوفمبر 1987 إلى الآن حتى أن المستمع إليه يخال نفسه أمام الوزير المقبل و ليس السابق.
وإن يبدو من التجربة أن هذا التقلب في المواقف من سمات النخبة السياسية السائدة حاليا و أنه لا يجب أن نغتر بالمواقف و أن نكتفي بقراءتها من خلال العوامل الظرفية التي وردت في سياقها خاصة وأذكر كيف شعرت بالإحراج عندما كنت في حوار صحبته مع أحد وكلاء وزير الخارجية الأمريكي الذين زاروا تونس حيث قال الأستاذ الشرفي كلاما غير ما سمعتُ في رئيس الدولة وهو الذي عمل معه 5 سنوات جعل المسؤول الأمريكي يجيبه “هل تطلب مني أن أحمله معي في الطائرة وأريحكم منه »؟. فسبحان مبدل الأحوال.
و لكن ما أثار انتباهي يخص الإصلاح التربوي الذي ادخله في عهده والذي لا يزال ساريا لحد اليوم. وبقطع النظر عن تجاوز الحوار الوقوف على تقييم الإصلاح المذكور بعد مضي أكثر من عشر سنوات على تطبيقه و النتائج الكارثية التي جرها على حرمة الجامعة اقترانه بتركيز الحرس الجامعي داخلها حيث اكتفى بالقول أن وزير التربية يملك صلاحية الإذن للأمن بدخولها ولكن لا يملك التحكم في خروجه منها ولا في ما يقوم به داخلها. ومع انه ليس مفاجئا غياب أدنى نقد ذاتي أو إقرار بفشل « مشروعه » الذي لم ينجح سوى في تعميم التدين وتعميقه في أوساط الطلبة و لكن في صيغه السلفية القدرية.
ولكن النقطة التي وردت في الحوار والتي أعتقد أنه من المفيد تنبيه الأستاذ الشرفي لها ما أعاده أكثر من مرة لتبرير إمضائه على طلب العفو التشريعي العام على المعتقلين لحد الآن بسبب هذه الأحداث من قيادات الحركة الطلابية بقوله أن الأحكام كانت قاسية ومشطة لذلك أمضى على طلب العفو العام عنهم.
والذي أعرفه مما أخذته من علمه أن تحديد مدة العقوبة مسألة موضوعية متروكة للسلطة التقديرية للقاضي. فالقانون يحدد أدنى و أقصى مدة العقاب لكل جريمة و يبقي للقاضي حرية الاجتهاد المطلق في تعيينها. كما أن القانون قد يحدد للقاضي شروطا تقتضي التخفيف أو شروطا تقتضي التشديد للنزول بالعقاب دون الحد الأدنى أو لتجاوز الحد الأقصى و لكنه لا يضع مفهوما اسمه حكم قاسي وحكم هين. ونعلم جميعا أن نظامنا القضائي يقوم على مبدأ التقاضي على درجتين بمعنى أن تحديد مدة الحكم يتدخل فيها ستة قضاة أو ثمانية إذا كانت جناية كما هو الشأن و متى استقر حكمهم لا يمكن حتى لمحكمة التعقيب النظر في مراجعته باعتبارها تسهر فقط على حسن تطبيق القانون ولا سلطة لها في تقدير اجتهاد القضاة.
وخلاصة القول أن الحكم الذي يبدو لمن تسلط عليه مشطا و قاسيا لا يمكن التخفيف فيه إلا بطلب العفو الخاص من رئيس الدولة أو بالسراح الشرطي طبق الضوابط التي يحددها القانون وهو ما يجعل الأستاذ الشرفي يرتكب خطأ لا يستساغ من مثله بإمضائه على طلب العفو العام عنهم مع اقتناعه بإجرامهم.
فالعفو العام يمحو الجريمة والعقاب بحكم قانون وهو أعلى سلطة من القضاء وإذا اعتبرنا أننا سنأخذ بمقياس شدة العقاب في منحه فإنه سيصبح من حق كل مجرمي الحق العام و خاصة أخطرهم الاستفادة منه و نحن نعرف أنه لدينا الآلاف منهم و لا أعتقد أن ذلك ما هو مطروح اليوم و لا أن أولويتنا تخصهم. فقد سبق أن مُنح العفو العام بخصوص المحكومين من أجل جرائم معينة كما حصل للمسجونين من أجل إصدار شيكات بدون رصيد و لكن الأستاذ الشرفي لم يختر مقياس نوعية الجريمة حتى لا يكون هناك أي إلتباس في وصمهم بالإجرام بعد خروجهم.
وعندما تلتبس الأمور بهذا الشكل و يصدر الالتباس من شخص يحمل المرجعية الأكاديمية و القانونية و الحقوقية و السياسية التي يحملها الأستاذ الشرفي، العميد السابق لكلية الحقوق، والوزير السابق للتربية، والرئيس السابق للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، فإن الأمر يقتضي التوقف والمراجعة بصفة جذرية حتى ندرك عن وعي مع من نحن و مع من نناضل من أجل الحريات والديموقراطية ومن أجل أي هدف.
فكثير من مواطنينا تسلط عيهم أحكام قاسية فعلا ربما كان يكفي جزء يسير منها لردعهم كما لا يخلو أي قضاء من أخطاء وأي سجن من أبرياء وفي كل هذه الحالات يكون المحكومون أشد المصرين والمطالبين بالصفح عنهم أو إنصافهم و قلما توجد سلطة يصلها صدى مثل هذه النداءات وتجد مبرراتها و لا تسعى لإجابتها إذ قلما توجد سلطة مجردة عن مثل هذه الأخلاقية.
وفي المقابل يندر أن يوجد شخص يقبل بإضاعة حياته هدرا في السجون و المنافي و يتملكه اليأس من انفراج باب الرحمة في وجهه و هو مقتنع ببراءته أو بقسوة الحكم المسلط عليه حتى لا يتلمس أبواب العفو و الرحمة لإنقاذه من ورطته.
ولكن السجناء الذين تحدث عنهم الأستاذ الشرفي رغم طول مدة أسرهم لم يتوسلوا لأنفسهم مخرجا ولا طلبوا عفوا لا يأسا منهم من الاستجابة لمطالبهم و لكن لقناعتهم بأنهم سجناء من أجل قضية تتجاوزهم و تتجاوز الحدود الضيقة للقضية التي تعني شخصيا كل واحد منهم. وهم في هذا الموقع لا شأن لخلفيتهم الدينية أو الإيديولوجية أو الحزبية بما يرمزون إليه و لا فرق بينهم اليوم وبين من سبقهم وكل الأحرار في العالم الذين تعرضوا لما يتعرضون إليه و كانت مواقفهم مثل موقفهم. إن طمس هذه الخلفية لتضحياتهم جريمة في حق معركة الحرية.
لذلك عندما نساندهم اليوم ويساندهم كل أحرار هذه البلاد و كل الأحرار في العالم لا علاقة لنا بذواتهم و لا بمعتقداتهم و لا بكل ما يعطيهم تلك الخصوصية التي يدافعون عنها قبل اعتقالهم ولكن ندافع من خلالهم على محتوى الحقوق التي نعتقد أنها من حقنا في التعبير عن رأينا و الدفاع عن خصوصيتنا الذاتية و التي نعتبرها من مقومات مواطنتنا و كرامتنا في وطننا و نعتبر أن ممارستها هي التجسيم المادي لتمتعنا بالحرية و التي إنما اعتقلوا و سجنوا من اجل ممارستهم لها ومن أجل إصرارهم على ممارستها و رفضهم لمصادرتها و لأن بقائهم في السجن يعني بالنسبة لنا بقائنا محرومين من ممارسة حرياتنا بصفة فعلية. لذلك فهم سجناء رأي و مساجين سياسيين رغما عني عنك وعن السلطة التي تحتجزهم لأن العالم كله يعتبرهم كذلك و التاريخ سيذكرهم بذلك.
كلمة أخيرة وردت في الحوار لابد من التوقف عندها لتوضيح هوة الخلاف الذي أصبح يفصلنا عن بعض متزعمي حركة المعارضة الديموقراطية فقد ذكر الأستاذ الشرفي أنه تصرف كرجل دولة عندما طلب من البوليس اقتحام الجامعة و أعتقد أنه مخطئ في هذا الباب أيضا لأنه إنما تصرفت كرجل نظام لا كرجل دولة. فتحركات الطلبة لم تكن تهدد الدولة في شيء و لكنها كانت تمثل تهديدا خطيرا ومباشرا للنظام الذي كان مهندس سياسته في هذا المجال ولو تصرف كرجل دولة لما أدخل البوليس إلى الجامعة التي كان عميدها وهو يعرف أنه لا يملك إخراجه منها و لاعترف أن الجامعة في أغلبيتها الساحقة انتفضت ضد إصلاحهم وأن الدولة دولة مواطنين و ليست دولة نظام وأن نظاما يلاقي مثلما لاقاه برنامجهم من معارضة – لو قدم شأن الدولة على مصالحه الضيقة – لتراجع عن برنامجه أو قدمت حكومته استقالتها حتى يتم التوافق على الإصلاح علي ما يقبل المعنيون به. ولكن النظام المستبد بسلطته و المستمد لسطوته من قوة أجهزة قمعه بقدر ما تشتد وتنتشر المعارضة لسياسته بقدر ما يضاعف من شدة قمعه و جبروته على مواطنيه وهو ما حصل بالضبط حتى ثكلتم تونس في شبابها.
لقد رأينا منذ بضعة سنوات كيف تعطلت فرنسا بأسرها و أغلب أوروبا من حولها لعدة أسابيع بسبب إضراب سائقي الشاحنات و تعطيلهم لحركة المرور على كل طرقاتها حتى يُخضعوا النظام لمطالبهم ولكن النظام في فرنسا تصرف بمنطق الدولة و اعتبر أن المجتمع الذي فوضه سلطته من حقه أن يتدخل مباشرة حتى في ديموقراطية مثل فرنسا ويفرض إرادته التي لم تكفلها المؤسسات و لم يدخل حساب الربح و الخسارة المترتبة عن احتجاجاتهم لقمعهم ولم يعتبر نفسه أحرص على فرنسا من أهلها. وحتى لا نبتعد كثيرا و ما حدث في الشتاء الماضي في الجامعات الفرنسية من تحركات نقابية طلابية تواصلت لعدة أسابيع إلى أن انتهت بإجبار النظام على التراجع على القانون الذي استصدره لأن النظام لا يلغي المجتمع بل يتفسخ ليتركه يعبر عن إرادته ما دامت الدولة دولته.
غريب أن يواصل البعض احتكار صدارة المعركة من اجل الحرية و هو يعتقد في صميم قناعته أنها جريمة إذا وقعت ممارستها لمعارضته.
إذا لم يكن من حقنا أن نفرض إرادتنا على دولتنا و أن نرغمها رغم كل وسائل السطوة و القوة التي تملكها كيف سنبني ديموقراطية؟ و كيف سنؤسس حرية؟ و كيف سنقيم مواطنة؟ و لماذا كل هذا العناء من أجل تغيير الرجال و الأسماء و قد وافق شن طبقة؟.
المريع في كل هذه القضية انك ستفهم أن من ينتقد برنامج إصلاحك يرغب في تسليم البلاد « للخوانجية » و الأفظع أنك لم تفهم – رغم كل ما مضى – أن برنامجك لم يؤسس لمدارس وجامعات عصرية وإنما لأجهزة برمجة وتحكم في العقليات بقصد فرض هيمنة سياسية وأنك لم تكن مبدعا و إنما كنت الأداة.
المختار اليحياوي – 14 سبتمبر 2006
(المصدر: مدونة « كلمة حـق »، بتاريخ 14 سبتمبر 2006)
الرابط: http://kalimathak.wordpress.com/2006/09/14/charfi-hiwar/
إلى هيئة الإشراف على موقع تونس نيوز والقراء الأفاضل:
أزمة دلالات أم إشكاليّة فكر؟؟؟؟
تعليقًا على مقال الأستاذ المحترم برهاس بسيّس «أفكار ضدّ التطرف»:
أزمة البذرة؟؟؟ إشكاليّة الجذر؟؟؟ أسئلة الجذع؟؟؟ تساؤلات الفرع؟؟؟ هويّة الثمرة؟؟؟
تعقيبا على مقال برهان بسيس
لقد تغيرت تونس و تغيرت أيضا دلالة الحجاب
الحبيب أبو وليد المكني
يمثل الأستاذ برهان بسيس أحد الوجوه اللامعة بين الإعلاميين التونسيين في السنوات الأخيرة ، من خلال مقالاته بجريدة الصباح اليومية و من خلال تقديمه لبرنامج حواري في قناة » أي أن بي » أو مشاركاته الكثيرة كمدافع عن النموذج التونسي الذي يراه متميزا و واعدا . لا نعرف على وجه التحديد ما هي الوظيفة التي يشغلها ضمن الأجهزة الرسمية بيد أن المقالات التي يكتبها تتجاوز التعبير عن الرأي لتدخل ضمن إطار رسم السياسيات و التوجهات و الخيارات الرسمية .
عندما يحاور الرجل مدعوويه في البرنامج الذي يشرف على تقديمه على القناة اللبنانية المذكورة. يبرهن على إطلاع واسع و تمكن من المعلومة و متابعة جيدة للحوارات الجارية بين النخب العربية بمختلف مدارسها ، ينتصر الرجل دائما لما يعتقد أنه الطرح العقلاني و يؤكد على أن الطرح الإسلامي لا قيمة له بميزان العقل و لا يزيد عن كونه ظاهرة مرضية ستزول بزوال أسبابها و مبرراتها . لكنه ينتصر أيضا للحريات العامة و الفردية و قيم الديمقراطية و الحداثة .
و لاشك أن السيد برهان يملك من المهارات و الإمكانيات ما يجعلنا نهتم بالكتابة عنه و مناقشة أفكاره، لذلك فعندما نكتب عنه اليوم كما كتبنا عنه بالأمس فلأننا نشعر أنه من الوجوه التي يمكن التحاور معها من أجل إرساء ثقافة التسامح و التنوع و الانتصار لقيم الحق و العدل و الحرية فلعل ذلك يساهم في تحريك الملف السياسي التونسي ، ذلك الملف الذي لا زال جموده يحط بظلاله على مختلف الملفات الوطنية و ينشر في العالم عن تونس صورة نموذجية أحسن ما توصف به « أنها من العسير الدفاع عنها » …و ليس مهما في رأينا حتى يكون الحوار ديمقراطيا أن يستمر الخلاف حول المنطلقات الأيديولوجية و البرامج السياسية بل المهم أن تصدق النية في إرساء قواعد التعايش السلمي بين الفرقاء السياسيين و فتح المجال حتى تعبر التعددية الفكرية عن نفسها بقدر كبير من الحرية و يستمر التدافع بين القوى تحت سقف واحد تحدده مواثيق وطنية مشتركة وتكون فيه مصلحة البلاد فوق كل الاعتبارات …
و لا بد أن نتوافق في البداية على أن الأوضاع في تونس لم تتأهل بعد لفتح مثل هذا الحوار الهادئ ، إلا أن تأهيلها لا زال تحت الإمكان و السيطرة , وقد لا يحتاج إلا لقرار سياسي جريء يفتح الأبواب أمام الصادقين، و يسدها أمام أصحاب المصالح الضيقة و النفوس المريضة و الولاءات المشبوهة .
لقد كان الأستاذ برهان بسيس واضحا في بعض مقالاته الأخيرة في التأكيد على أسلوب محدد لمواجهة التطرف الديني » بالاعتدال العلماني » . فهو يرى أن التيار العقلاني في تونس يجب عليه أن لا يترك الساحة لقوى التطرف حتى تنفرد بتوظيف تأجج روح المقاومة في لبنان و فلسطين لصالحها لتبدو وحدها القوى المقاومة للاستعمار و الصهيونية ، في حين ينشغل أهل الفكر العميق في الكتابة عن الموازين الحقيقية و البناء و التحرر من الحماس الزائد . وهو في مقاله الأخير في جريدة الصباح عن التطرف، يدعو لانتهاج الأسلوب نفسه ضد المتطرفين وذلك بعدم إعطائهم الذرائع و تمكينهم من الحجج التي تظهرهم وحدهم كمدافعين عن القيم و الأخلاق ، في حين تبدو مؤسسات الدولة بمظهر المشجع على الابتذال و التعري و التفسخ . و مما جاء في مقاله : » ماذا يعني أن تصعد فنانة تونسية على ركح مهرجان عام ممول من طرف وزارة الثقافة ، مفتوح لعموم الشعب الكريم ، منقول على التلفزيون معبر عم طبيعة اختياراتنا الثقافية ، مبرمج ضمن العروض المدعومة من مال الدولة أي المجموعة الوطنية ( يعني يملك كل المقومات التي تجعلنا غير قادرين على التبرؤ منه) . ما معنى أن تصعد هذه الفنانة المكرمة بأوسمة الاستحقاق الثقافي بمثل « الزي الطائفي « الذي صعدت به على ركح مهرجان الحمامات ؟؟ .
وليس غريبا أن يقع الكثير ممن يقرأ هذا الكلام في سوء الفهم ، فالإسلاميون منهم فهموا أن الكاتب يعترض على تكريم فنانة « محجبة » في مهرجان عام، رغم أنهم لا يعلمون هذه الفنانة المحجبة التي كرمت سابقا بأوسمة الاستحقاق الثقافي وظنوا أن الأمر يتعلق بنوع من التسامح مع الزي الإسلامي لم يعجب الكاتب .ثم تبين أن الأمر جد مختلف بعد توضيح من السيد برهان نفسه (*).
تبين إذن أن الكاتب يعترض على تكريم فنانة تونسية وهي في لباس غير محتشم . هو لا يعترض على التكريم في حد ذاته ولكن يرى أن ظهورها أمام الناس في مناسبة تكريم وهي في زي فاضح لا يتفق مع خيارات الدولة التونسية التي لا تقبل الحجاب باعتباره زيا طائفيا كما أنها ترفض الأزياء الفاضحة، و المشكل في أن الكاتب ساوى بين « الحجاب » و التعري من خلال تسمية كلاهما بالزي الطائفي. وهذه وجهة نظر تدعونا إلى البحث في مفهوم الكاتب للمواطنة ،. فالأمر بدا وكأن التونسي في نظر الكاتب سيفقد حقوقه كمواطن إذا لبس زيا معينا يعتبر في نظر الحكومة زيا طائفيا ؟؟
والواضح أن السيد برهان بسيس كان سيعترض على تكريم فنانة تونسية تقف أمام الجمهور وهي محجبة لتتسلم جائزتها فتعترف مؤسسات الدولة بكفاءتها . وهذه مسألة سوف نختلف معه فيها على طول الخط . اذ أننا لا نوافق أبدا على حرمان كفاءة تونسية ذكرا كان أو أنثى بسبب التزامه الديني أو عدمه ، لأن هذا ببساطة سيحمله على الاعتقاد بأنه ليس مواطنا كامل الحقوق ….يمكن مثلا أن نلفت الانتباه لفنانة عرفت بالابتذال في ملابسها أن تخفف من ذلك على الأقل بمناسبة التكريم …يمكن أن نعالج الأمر مع أخرى بطريقة مماثلة ، لكن الحرمان في كل الحالات هو ظلم و تعسف لا نستطيع أن نقبل به .وهو جزء من برنامجنا الداعي إلى إطلاق الحريات بأنواعها .
و لا بأس أن نضيف أن من جملة إجراءات مصالحة الدولة مع المجتمع في تونس أن يتوقف الحديث عن الحجاب باعتباره برنامجا سياسيا معارضا كما فعل السيد برهان لأن الحقيقة اليوم هي غير ذلك .
فالحجاب اليوم هو ظاهرة تدين غير متسيس و نحسب أن لا مصلحة لتونس في تسييسه لأن ذلك سيكون عائقا مهما أمام استقلال ظاهرة التدين عن المعارضة السياسية الإسلامية ، ولينظر السيد برهان بسيس في محيطه العائلي وليحاول أن يدرس جيدا هذه الظاهرة وسوف يجد أن من الخطأ أن يحملها دلالات وضعت في زمن غير زمنها . و لا شك أن تونس قد تغيرت عما كانت عليه في بداية التسعينات من القرن الماضي في كل شيء بما في ذلك دلالة الحجاب .
نأمل أن يتوقف الحديث عن ظاهرة التدين بمختلف تجلياتها على أنها شكل من أشكال عودة الاستقطاب والمواجهة التي لا زال الوطن بكل مكوناته يدفع ثمنها فلعل ذلك يمهد الطريق لإرساء المفهوم الحقيقي للمواطنة باعتباره أحد أركان بناء تونس الغد ، تونس الديمقراطية .
(*) راجع التوضيح المنشور في الغرض بتاريخ 16 سبتمبر 2006على صفحات صحيفة الوسط التونسية.
(المصدر: مجلة « الوسط التونسية » الألكترونية بتاريخ 17 سبتمبر 2006)
ماذا يحدث في تونس, محاكمات سياسية أم تباشير اصلاح ؟
(المصدر: افتتاحية مجلة « الوسط التونسية » الالكترونية ليوم 18 سبتمبر 2006)
الرابط: http://www.tunisalwasat.com/viewarticle.php?id=index-20060918-2096
في ذاكرتنا الشعبية و الوطنية رجال خالدون لهم فعل و بصمات لم تمحى من الذاكرة على الإطلاق
قداسة البابا… هذا محمد
صلى الله عليه وسلم
د. خــالد الطـراولي*
هل يمكن أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم نكرة حتى نواصل تقديمه إلى الناس؟ هل يمكن أن يكون هذا الرجل العالمي مجهولا عند الناس وقد تدين بديانته مئات الملايين من البشر؟ هل يعقل أن تغيب شخصية هذا النبي الكريم عن البعض وهي التي لم يترك جانب منها خاص أو عام، وفي أصغر تفصيلاته، إلا ملأت الكتب والمعاجم واستوطنت الصدور وملأت الأفاق؟ هل يعقل أن لا يعرف قداسة البابا قصة هذا الرجل الطيب وما حمله للبشرية من جديد وتجاوز للقديم، ومن ورائه قصة أمة وقصة دين؟
سوف نبني على حسن النوايا وندعو قداسة البابا، من موقعنا المتواضع جدا أمام مكانته وعلمه وخبرته وسنه، ندعوه لمرافقتنا في هذه الرحلة القصيرة التي سنطوي بها المسافات القهقرى نحو جانب بسيط من حياة هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وتعامله مع الآخر، وسنقتصر على مشاهد تروي العلاقة التي أفرزها مجيئه الكريم على التقارب بين أتباع عيسى وأمة محمد، وهي محطة نخالها إحدى هذه التعبيرات الإنسانية لهذا الرجل الصالح عليه السلام ومحبته للتعارف والتقارب بين الأمم والشعوب، وبين الثقافات والأديان…
عناوين التبجيل والتشريف
في البداية كان القرآن وكانت الكلمة الربانية التي تستوقفنا، فحملت سوره عناوين للبيت المسيحي، فكانت آل عمران ثاني أكبر السور القرآنية تحمل اسم أسرة المسيح عليه السلام، ثم تفاجئنا سورة تحمل اسم العذراء السيدة مريم عليها السلام تشريفا لها وتكريما، وسوف لن تجد في المقابل اسم فاطمة ولا خديجة ولا عائشة ولا الحسن ولا الحسين كعناوين بارزة أو ذكرا مباشرا، وهم من البيت النبوي وأقرب الناس إلى الرسول الكريم… و سوف تجد أن ذكر عيسى عليه السلام في القرآن بالإسم يبلغ 25 مرة في القرآن ولم يذكر محمد صلى الله عليه وسلم إلا 5 مرات! ولن تجد أحداثا خاصة وعصيبة مر بها الرسول الكريم من موت أم وأبناء وبنات وزوجة وجدّ وأعوام حزن وفراق، وسوف تجد بالمقابل سردا تفصيليا لمولد المسيح عليه السلام من قبل الإنشاء إلى حد الرفع… هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم!
هذا القرآن الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم جعل من النصارى أحفاد وأجداد الحبر الأعظم أقرب الناس إلى المسلمين… » وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّا نَصَارَىٰ ذٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ (المائدة 82 ) وهو تأكيد مباشر على خاصية الرهبنة والرحمة والمحبة والتواضع في قوم عيسى الذين ينتمي إليهم قداسة البابا… وهو دعوة لهذا النبي الكريم إلى التقرب من هؤلاء العادلين الذين من المفترض أن يكون سموهم الروحي مطية للحب والتقارب مع الآخر والتعارف عليه. ومن وراء سطور هذا التبجيل والتشريف دعوة للعدل المتبادل بين قوم عيسى وأمة محمد حيث تسطّر المودة أحلى إطار إنساني لها.
وسنتجاوز آيات التبجيل والتمجيد والتكريم للمسيح وأمه الصديقة والطاهرة التي ملأت أرجاء القرآن الذي جاء به محمد عليه السلام لترسو سفينتنا على هذا التعظيم الذي حمله هذا النبي الكريم نحو المسيح بأن تنبأ له بالعودة إلى الأرض في آخر الزمان ليحمل مشعل الإسلام ويواصل المشوار الذي بدأه محمد عليه السلام دفاعا عن هذه العقيدة وأهلها المؤمنين… هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم!
تحت أقبية المسجد صليب وهلال
ولقد حملت إلينا الأخبار ذلك اللقاء العجيب الذي جمع هذا الرجل الطيب عليه السلام مع نصارى نجران، حيث جاؤوا إلى المدينة والرسول الكريم في قوته وبين أهله وذويه، وجاء القوم من بلادهم وهم ضعاف ينظرون ماذا سيفعل بهم هذا الرسول الذي لا يؤمنون ببعثته… ودخل 60 فردا على الرسول في مسجده وهم يلبسون أحلى ما رأى الناس حتى قيل لم نر وفدا مثلهم، ولم يغضب الرسول لهذا الاستعراض وهذه الجلبة وهو في محرابه بل استقبلهم داخل مسجده وبجانب محرابه وفي موطن عبادته وتوحيده، ولما حان وقت صلاتهم اتجهوا نحو المشرق وأرادوا أداءها… في المسجد وأمام رسول يدعي الرسالة حسب زعمهم وفي اتجاه مخالف لاتجاه المسلمين… تثليث وصلبان وصلاة مغايرة في مقابل التوحيد وصاحب الرسالة… ورفض الصحابة هذه الإثارة ولعل البعض رآها استفزازا ولكن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قبل ذلك، وطلب من أصحابه الأفاضل السماح للضيوف الكرام أداء صلواتهم في المسجد وعلى مرمى وعين صاحب الرسالة احتراما لعيسى وآل عيسى وأتباع عيسى… ولقد بقي هذا الجمع يسكن المسجد لأيام في ضيافة النبي صلى الله عليه وسلم يأكلون ويشربون ويصلون وينامون دون إزعاج أو مضايقة أو منع أو تنديد… هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم!
والقصة لا تنتهي في هذا الإطار الجميل الذي زين أروقته رسول كريم بكل ما حمل من رفق واحترام لأصحاب الرأي المخالف وإن كانوا أهل عقيدة مخالفة. بل رافقها صلح جاء فيه هذه السمة الغالبة للرحمة واحترام الآخر لهذا النبي الكريم : … ولا يُغير أسقف من أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته، ولا كاهن من كهانته، وليس عليه دَنيِّة… هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم!
أخوة ومواطنة
ولقد كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يعود المرضى من غير المسلمين ويزور جيرانه ولو لم يكونوا من أصحاب ديانته ولا يبخل على الإحسان إلى محتاجهم، ولقد وقف ذات يوم عند مرور جنازة احتراما لجثمان الميت، فقيل له إنها جنازة يهودي فقال عليه السلام أليست نفسا!!! تذكير بأصل الخلقة وتكريم الخلق على اختلاف مشاربهم وأجناسهم وأديانهم وثقافاتهم حيث » إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أبيض، ولا لأبيض على أحمر فضل إلا بالتقوى…، اللهم إني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت وأن العباد كلهم إخوة… هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم!
ولن يقف هذا النبي الكريم موقف المحايد أو الشامت أو الداعي إلى الخلاص ممن رفض دينه وعايشه في وطن علت فيه قيم المواطنة على انتماءات العقيدة والجنس، وغلبت فيه لغة حقوق الإنسان مهما غربت أو شرقت وجهته الدينية، فكان دستور المدينة تعبيرا فريدا وإفرازا نوعيا وإنشاءا قانونيا جديدا جمع تحت بنوده أمة محمد والأمم الأخرى التي تساكنه نفس الوطن لها مالهم وعليها ما عليهم… ولن يتوقف هذا المدد الإنساني الذي حمله محمد صلى الله عليه وسلم بين دفتي رسالته ولن ينحبس مدراره فقط في تشكّل قانوني للدفاع عن هذه العلاقة الوطنية التي تجمع كل الأطراف، بل تجاوزه إلى اعتبار ديني غليظ يصبح فيه الرسول الكريم سندا روحيا مباشرا لأهل الديانات الأخرى إذا طالهم ظلم أو حيف أو انتقاص.. » من ظلم معاهدا (مسيحيا أو يهوديا…) أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو اخذ منه شيئا بغير طيب نفسه فأنا حجيجه يوم القيامة » …هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم!
لقد كان في كتاب النبي الكريم إلى أهل نجران (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاّ نعبد إلاّ الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون)، وهي الآية التي تبني علاقة الاحترام والتعارف بين الأديان والثقافات، والتي حملها رجل رفع شعارها عاليا فكان رحمة للعالمين! رفعت الأقلام وجفت الصحف… هذا يا قداسة البابا هو محمد صلى الله عليه وسلم!
المصدر: موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net
في ظلال رمضان
الحلقــة الثانيـــة
هذه ليست تفجيرات 11 سبتمبر
تزوج واحدة.. والثانية بالمجان!
مع حزب الله ضد حزب الاستعمار
مع رئيسة وحدة بحث متخصصة في العلوم البيئية بجامعة صفاقس
ننصح المواطنين بعدم تناول كبد الحيوان وخاصة الأسماك لهذه الأسباب
ركزنا أبحاثنا على هرمونــات اصطناعية تصيب الحـــيوانات البحــرية بالشذوذ الجنسي
من المسائل الهامة التي اضحت تشغل بال الجميع في الوقت الحالي العلوم البيئية وتحديدا المسممات البيئية التي تهدد حياة مختلف الكائنات الحية.. للحديث في هذا الموضوع الشائك اتصلنا بالدكتورة آمال حمزة الشافعي وهي متخصصة في هذا المجال ورئيسة وحدة بحث بجامعة صفاقس وأستاذة بالمعهد التحضيري للدراسات الهندسية بصفاقس وأستاذة زائرة بجامعة لوهافر بفرنسا واشتغلت أستاذة زائرة لمدة شهرين بجامعة أكيت باليابان ولها علاقات بجامعات أجنبية اخرى مثل جامعة كون بفرنسا وازمير بتركيا وهي عضو بلجنة تحكيم بمجلات علمية أجنبية متخصصة وهذا اهم ما دار بيننا من حديث:
حوار : محمد القبي
* ما هو الدور الذي تقوم به وحدة البحث التي ترأسينها بجامعة صفاقس؟
– هذه الوحدة تم احداثها سنة 2000 وهي معترف بها من قبل وزارة التعليم العالي وتضم 16 عضوا من بينهم الاستاذ فتحي العذار وهو متخصص في الكيمياء. وفي حقيقة الامريعود انشغالنا بالتلوث البيئي واشتغالنا عليه الى سنة 1989 منذ أن كان الاستاذ عمر العابد يشرف على المخبر. ومنذ ستة أعوام تمت هيكلة البحث ..ولهذه الوحدة شبكة تعامل وذلك مع معهد علوم وتكنولوجيا البحار بصفاقس ومركز البيوتكنولوجيا ومخبر علوم البيئة ومخبر الطب النووي بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة ومخبر الانسجة والخلايا بكلية الطب بصفاقس فما نعجز عن القيام به في مخبرنا ننجزه في هذه المخابر. هناك تعاون وثيق مع مختلف هذه الهياكل وعلى المستوى العالمي لدينا علاقات واتفاقيات وتأطير مشترك مع العديد من الجامعات الفرنسية أخصّ بالذكر منها جامعة كون وجامعة لوهافر وأمضينا اتفاقية هذه السنة مع جامعة أزمير بتركيا ولدينا علاقات مع جامعة كليموسكي بكندا وجامعة هيروشيما باليابان والرباط بالمغرب والبرتغال وغيرها. وحدة البحث هذه تقوم بدراسة مدى انعكاس الملوثات والمسممات الصناعية على البحر وعلى الاحياء البحرية والمنتوج البحري ككل ومحاولة إيجاد ما يسمى بالمنبهات البيئية فعن طريق بعض البروتينات أو الانزيمات يمكن معرفة هل ان الحيوان البحري قد تأثر بمقادير ضئيلة جدا لا يمكن تقديرها بالتحاليل الكيميائية الكلاسيكية أو لم يتأثر بذلك لأنه عند حصول الخطر يمكن تفاديه. وهو ما نسميه جهاز انذار مبكر بالخصطر.
* هل تشكو هذه الوحدة من بعض النقائص؟
– هذه الوحدة تعود بالنظر الى جامعة صفاقس وتشكو من قلة الفضاءات فالفضاءات المتوفرة تكون الاولوية فيها للطلبة اي ان هناك قاعات للتدريس قبل كل شيء، حاليا نستغل فضاء بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس فقسم الكيمياء هناك وضع على ذمتنا منذ سنوات قاعة . بالمناسبة اوجه نداء للوزارة وجامعة صفاقس للتعجيل بتشييد مجمّع للبحث بضم جميع وحدات البحث وتوضع فيه تجهيزات ثقيلة يستغلها مختلف الباحثين في عدة اختصاصات وها أننا ننتظر هذا الانجاز منذ السنة الجامعية المنقضية.
كان المسؤولون قد وعدونا بانجازه وقيل لنا ان الاعتمادات لبنائه متوفرة، هذا المجمّع ضروري نظرا لأن مستقبل الطلبة مرتبط باشغال بحثنا والبحث العلمي لا ينتظر وها أننا نستغل الفرصة لتكرير النداء بالحاح شديد حتى يتحقق ما نصبو اليه.
* ما هي البحوث التي قمتم بانجازها في الوحدة والتي نشرتموها في مجلات دولية متخصصة؟
– منذ سنة 1994 قام فريق البحث بنشر بحثين كل سنة في مجلات علمية أكاديمية متخصصة معترف بها دوليا واغلب هذه المنشورات باللغة الانقليزية من بين الاعمال التي نشرناها هناك بحوث حول تلوث الاسماك بخليج قابس وذلك سنة 1989 وقتها لم ينشر اي بحث حول هذا الموضوع. وبحوث حول كيفية تخزين المعادن السامة في بعض انواع الاسماك وذلك خلال سنة 1994 وهو بحث يتعلق ببعض العادات الغذائية بجهة صفاقس ويتضمن تحذيرا من استهلاك بعض اعضاء الاسماك لتجنب بعض المخاطر التي تهدد صحة الانسان.
وفي هذه السنة اهتممنا بالمحار وهو ثروة لها قيمتها في بلادنا في تونس عموما وخليج قابس بالخصوص حيث ينتج 94% من المنتوج الوطني واهتممنا بتكاثره وتأثير التلوث على التكاثر لدى المنتوج البحري وهل يمكن ايجاد منبهات بيئية تقدم لنا فكرة حول تلوث الموقع هذا بالاضافة الى بحث يتعلق بالهرمونات الاصطناعية التي تصل الى البحر وتؤثر سلبا على التكاثر وعلى جنس الاحياء البحرية، هو موضوع شائك وبكل تواضع نحن أول من بدأ الاشتغال عليه في تونس.
* ما هي اهم المسممات البيئية التي يمكن أن تؤثر على مختلف الاحياء؟
– هناك المعادن السامة والهيدروكربور والمبيدات المستعملة في الفلاحة، والتلوث الطاقي، جميعها لها تأثير سلبي على الانسان والحيوان والنبات.
* ما هي حالة الاسماك في السواحل التونسية عموما وخليج قابس بالخصوص وهو الذي يعد من اثرى السواحل من حيث السمك؟
– الثروة السمكية في تراجع وذلك يعود الى عدة اسباب منها فترات الصيد وطريقته والطرق العشوائية والاستاذ عمر العابد كان أول من تسبب في إحداث فترة راحة وهي ما تسمى براحة بيولوجية حتى تجد الاسماك الوقت الكافي للنمو والتكاثر فضلا عن أن مشاكل التلوث هي مشاكل مزمنة ومؤثرة تأثيرا سلبيا فهي تؤثر على سلامة الاسماك. لاسيما تلك التي تعيش في أعماق البحار نظرا لوجود تراكمات ففي الاسماك الزرقاء كميات الدهون مرتفعة لذلك فهي يمكن ان تخزن انواعا من المعادن تلتحم بالمواد الدهنية اما انواع الاسماك التي تعيش في المستوى العلوي لمياه البحر فإنها تكون عرضة للهيدروكربور ومختلف النفايات التي تفرزها البواخر. الموضوع شائك ومعقد. فالبحر اذا كان ملوثا فإن الضرر يلحق جميع الاحياء البحرية: فمخ الاسماك وكبدها وبيضها وأمعاؤها تتضرر كثيرا من جراء التلوث..والكبد في كل الاحياء هو خزان لكل المواد السامة.
لذلك ننصح بعدم تناول كبد جميع الحيوانات بما في ذلك الدجاج ولكن يمكن تناول كبد الخروف اذا كان يرعى في مناطق سليمة وغير معرضة للملوثات.
* لماذا اخترتم القيام بدراسة وبحوث حول المحار؟
– الاسماك تتنقل من مكان الى آخر في حين إن المحار هو من الحيوانات البحرية التي لا تتنقل وتعيش في التراب في قاع البحر، وتتغذى من مياه البحر وتقوم بتصفيتها فتمتص المسممات المنحلة فيها وتخزنها وتحافظ على سلامتها اذ لديها طاقة كبيرة على المقاومة فهي تقدم لنا فكرة عن نوعية الوسط: هل هو ملوث ام لا، هي مهمة جدا من الناحية الاستراتيجية فهي أفضل من الاسماك التي لا تمتلك مثل هذه الخاصية.
فالشبكة الوطنية للمراقبة تستعمل المحار لمراقبة أشياء ميكر وبيولوجية ففي بحثنا جانب تطبيقي وجانب آخر جوهري يتعلق بخصوصيات الجينات. ركزنا بحثنا على المحار لأنه مهم من الناحية الاقتصادية فتجديد الثروة له اهمتيه وكذلك تكاثر وتناسل المحار فالمستهلك ليس باستطاعته معرفة هل ان المحار ملوث أم لا، هناك مناطق مغلقة لا يحق لاي كان صيد المحار فيها ولكن هناك مناطق اخرى مفتوحة للاستغلال ومن المفيد بالمناسبة ان نشير الى أن الكميات المصدرة للخارج تخضع للمراقبة. بالنسبة الينا لدينا رخصة من وزارة الفلاحة لدخول هذه المناطق لاخذ عينات مع الالتزام باستعمالها في اغراض علمية بحتة، فدورنا تأطيري علمي أكاديمي وليس تحسيسيا ونقدم المعلومة للجهات المعنية عندما تطلب منا ذلك ولكن نتائجنا يمكن أن تفيد هذه الجهات، فالمناطق الاكثر تضررا هي المناطق الموجودة في الجهات الصناعية والمناطق البحرية الملوثة.
* ما هي المواضيع التي جلبت اهتمامكم في مجال البحث في الآونة الأخيرة؟
– هي المسائل المتعلقة بالهرمونات التي تصل عن طريق شبكات التطهير، هي هرمونات طبيعية واخرى اصطناعية متأتية من حبوب موانع الحمل تشبه الهرمونات الطبيعية. جميع هذه الهرمونات لا تزول بل بالعكس تأخذ اشكالا اخرى، والهرمونات الاصطناعية تتنكر وتلوح كأنها هرمونات طبيعية تعود الى الحيوانات البحرية وتحدث خللا في الوظيفة الهرمونية للتكاثر لدى الاحياء البحرية وفريقنا هو اول فريق تونسي اهتم بهذا الموضوع وذلك منذ سنة 2002 . وينتج عن عملية التنكر شذوذ جنسي فالانثى تصبح ذكرا والذكر يصبح أنثى مما يؤدي الى عدم حصول تكاثر كما ينبغي وبالتالي فإن الخلل يحصل في الثروة السمكية فينقص حجم الثروة. لذا فالتوازن ضروري. هذا الشذوذ وجد لدى بعض الاصداف والتماسيح وفق نتائج علمية لا مجال للشك فيها.
* ما هي آخر الاكتشافات التي توصلتم اليها خلال سنة 2006؟
– هي نتائج أطروحة دكتوراه قدمتها الاستاذة وفاء السماوي دمق، كنت قد أطرتها في هذا البحث تمت متابعة اثر الكادميوم على التكاثر عند المحار في منطقتين. الاولى غير معرضة للتلوث ببرج يونقا بالمحرس، والثانية معرضة للنفايات الصناعية بصفاقس. في هذه المنطقة حصل تأخير في الانتاج فالتكاثر لم يتم كما ينبغي له ان يتم اي ان دورة التكاثر قد تأثرت.
* هل ان التلوث يؤثر على التكاثر عند الانسان؟
– هذا الموضوع شرعت في الاهتمام به وحدة البحث وهو مدى تأثير الملوثات على التكاثر عند الانسان، اي تأثيرها على الجهاز التناسلي وكذلك على الحياة الجنسية مثلما هو الشأن بالنسبة الى تدخين السجائر والشيشة وتناول الكحول، هو موضوع مخيف ولكننا سنواصل التعمق والبحث فيه للوصول الى بعض النتائج العلمية الهامة.
(المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » التونسية الصادرة يوم 18 سبتمبر 2006)
متشددون يتوعدون بحرب والفاتيكان يسعى لتهدئة الغضب