الاثنين، 17 ديسمبر 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2763 du 17.12.2007
 archives : www.tunisnews.net
 

 


الهيئة الوطنية للمحامين بتونس:  بيان
الرابطـة التونسيـة للدفاع عن حقـوق الإنسـان: بيان  حرّية و إنصاف: الاعتداء على معز الجماعي حرّية و إنصاف: عبد الحميد الصغير من الاختطاف إلى المحاكمة حرّية و إنصاف: : اعتقال لطفي بوعفيف حزب تونس الخضراء:حول مشروع زمبرة السياحي 
الفجر نيوز :قابس: إيقاف وتعنيف الصحفي معز الجماعي الحوار.نت :عملية إعتداء جبانة على  السيد معزّ الجماعي مراسل الحوار نت الشروق: قضية سليمان :اختلاف بين المحكمـــــة والدفاع حول التأخيــر، ومواقف المتهمين بين الانكار والاعتراف والندم انسحاب المحامين الصباح الأسبوعي :تقرير دولي مفزع عن السياحة التونسية وكالة رويترز للأنباء:ارتفاع عجز الميزان التجاري التونسي الى 3.7 مليار دولار وكالة تونس افريقيا للأنباء:تونس تحتل المرتبة 69 عالميا من حيث مؤشر الحرية الاقتصادية الحوار.نت: الشيخ عبد الوهاب الكافي أحد مؤسسي حركة النهضة التونسية في ضيافة الحوار نت « صوت الشعب »: بن علي يحتفل بالذكرى 20 لاستيلائه على السلطة:20 سنة من الحكم الفردي، 20 سنة من الوقت الضائع.. ! « صوت الشعب » : بيان حزب العمال بمناسبة 7 نوفمبر:20 سنة من الوقت الضائع على تونس الخضراء « صوت الشعب »: خطاب بن علي في عشرينية الانقلاب:خطاب فارغ ومشاكل متفاقمة بلا حلّ « صوت الشعب » : ندوة « الإصلاح السياسي واستحقاقات 2009 »:من أجل تمشّ مشترك لمواجهة موعد 2009 أنور مالك :ندوة عربية في باريس : المحاكم العسكرية في مصر… التعذيب في الجزائر… والإستبداد في تونس!!  عبدالحميد العدّاسي: مجرّد سؤال: أليس في محاربة الحجاب محاربة للإقتصاد التونسي؟! محمد العروسي الهاني :تهاني عيد الإضحى المبارك السعيد لكل قلب سليم ولكل مؤمن مخلص للإسلام والعروبة صحيفة «مواطنون»:ورقة التوت:أسفل «سقيفة الغدر»!!! مهاجر تونسي: للأسف هند هاروني: تهنئة بالعيد جريدة « الشعب » :بعد الطيارين:286 فنيا في صيانة الطائرات سيهاجرون إلى الخليج.. والعدوى وصلت إلى الجزائر… جريدة « الشعب » :خمسون الاثر:… من متعة المشاهدة الى لذة النص!!! جريدة « الشعب » :اللغة العربية والإشهار صحيفة « الحياة »:تضم المغرب وتونس ومصر والأردن… بلدان «اتفاق أغادير» تسعى الى التكامل واستقطاب الاستثمارات صحيفة « التجديد » :المغرب والجزائر جنبا إلى جنب في تل أبيب! موقع الجزيرة.نت: إسقاط تهمتي الإرهاب وغسل الأموال عن40 إخوانيا بمصر  رويترز للأنباء:عزمي بشارة: لا بديل عن طرح برنامج ديمقراطي كمشروع وطني وقومي آمال موسى: حلم الشراكة الندية بين «السمراء» و«الشقراء» عبد اللطيف الفراتي: الأيام الخمسة إسلام اون لاين.نت :أسعد طه: أريد رؤية العالم بأفلام عربية:اكتشف الويلات في برنامج « أرشيفهم وتاريخنا »


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


 

الهيئة الوطنية للمحامين بتونس
قصر العدالة ~  تونس
 الحمد الله،  تونس في  15/12/2007 بيان
ان مجلس الهيئة الوطنية للمحامين بتونس المنعقد في جلسة طارئة برئاسة العميد الاستاذ البشير الصيد مساء يوم 15 ديسمبر 2007 بالحمامات وبعد أن إطلع على ماجد بمناسبة إنعقاد جلسة الدائرة الجنائية الرابعة لدى المحكمة الابتدائية بتونس برئاسة القاضي السيد محرز الهمامي للنظر في القضية الجنائية عـ 14502ـدد المعروفة لدى الرأي العام بـ« قضية الجماعة المسلحة بسليمان «  والمتمثلة في : أن المحامين النائبين في القضية طلبوا تأجيلها لأجل مناسب حتى يتسنى للدفاع الإطلاع وتصوير أوراق الملف كاملة وخاصة المحامين الذين تقدموا بإعلامات نيابة يوم الجلسة ولكون أغلب المحامين لم يمكنوا من زيارة منوبيهم ومن ثمة حتى يتمكن المحامون النائبون من القيام بمهام الدفاع على الوجه المطلوب. وقد أكد كل من السيدين عميد المحامين الاستاذ البشير الصيد ورئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس الاستاذ عبد الرزاق الكيلاني ـ الحاضرين بالجلسة ـ على صحة موقف الدفاع وشرعية مطلبه في التأخير ، إلا أن رئيس الجلسة  لم يلتفت لطلبات الدفاع وأعرض عنها تماما وشرع في تلاوة قرار الاتهام ، وهو ما أثار إستياء المحامين وساد التوتر بينهم ورئيس الجلسة ، عند ذلك تدخل السيد عميد المحامين طالما من رئيس الجلسة إعطائه الكلمة قصد تمكين الدفاع من مطالبة وتسوية الخلاف إلا أنه لم يكترث وتجاهل الطلب مستمرا في تلاوة قرار الاتهام ، وازاء هذا التصرف الذي يمثل نيلا خطيرا من حقوق الدفاع وخرقا للقانون وتحقيرا لرمز المحامين اضطر العميد إلى إعلان إنسحاب الدفاع طالبا من المحامين مغادرة قاعة الجلسة ، وعند ذلك قام رجال الامن بالاعتداء على المتهمين بالضرب في رحاب الجلسة وعلى مرأى ومسمع رئيسها الذي لم توقف عن تلاوة قرار الاتهام وبناء على ذلك وبعد تدالوه ، ان مجلس الهيئة الوطنية : أولا ـ يدين تصرفات القاضي رئيس الجلسة المتمثلة في خرق القانون والنيل من حقوق الدفاع وعرقلة دوره وسوء معاملة المحامين وإهانة العميد رمز المحامين والاعتداء على المتهمين في حرمة القضاء مما يؤدي إلى عدم توفر شروط المحاكمة العادلة . ثانيا ـ يطالب الجهات المسؤولة بفرض إحترام لسان الدفاع ورفع كافة العراقيل ووضع حد للتجاوزات وتمكينه من أداء دوره الاساس في إقامة العدل ، كتوفير ضمانات المحاكمة العادلة للمتهمين في القضية . العمـيد البشير الصيد
 


الرابطـــة التونسيـــة للدفـــاع عن حقــــوق الإنســـان تونس في 17 ديسمبر 2007 بيـــــــــان
 
شهدت محاكمة « مجموعة سليمان » يوم السبت 15 ديسمبر 2007 أمام الدائرة الجنائية بالمحكمة الإبتدائية بتونس برئاسة القاضي محرز الهمامي أحداثا خطيرة لم يسبق أن حدثت داخل قاعة إحدى المحاكم التونسية عند انتصاب هيئة القضاء، فقد تمّ الاعتداء بالضرب بواسطة الهراوات على المتهمين تحت نظر هيئة المحكمة التي لم تحرّك ساكنا وواصلت قراءة قرار دائرة الاتهام. وقد بدأت الجلسة بجملة من الخروقات لأبسط حقوق الدفاع، فتجاهلت المحكمة طلبات الدفاع الذي كان يتقدّمه عميد المحامين الأستاذ البشير الصيد ورئيس فرع تونس للمحامين الأستاذ عبد الرزاق الكيلاني، والمتمثلة خاصة في تأخير الجلسة لتمكين المحامين الذين أعلنوا نيابتهم يومها من الإطلاع على الملف وإعداد وسائل الدفاع وزيارة منوبيهم بالسجن خاصة وأنّ عددا منهم تمّ تسخيرهم قبل يومين فقط من قبل الفرع الجهوي للمحامين للنيابة عن المتهمين الذين لا محامين لهم. ورغم الطلبات المتكررة للمحامين النائبين في القضية وللعميد فقد استمرّ رئيس المحكمة في تلاوة قرار دائرة الاتهام، ممّا دفع بالعميد إلى إعلان انسحاب الدفاع طالبا من المحامين مغادرة القاعة، وعند احتجاج بعض المتّهمين على ما ظهر من عزم على محاكمتهم دون دفاع، قام أعوان الأمن بالاعتداء عليهم بالضرب أمام هيئة المحكمة التي واصل رئيسها تلاوة قرار دائرة الاتهام. والهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان تدين بشدّة الاعتداء على المتهمين داخل قاعة المحكمة وتعتبره مؤشّرا خطيرا وغير مسبوق على الاستخفاف بالحقوق الدنيا للمتهمين وأبسطها الحق في الحرمة الجسدية التي من المفروض أن تحرص المحكمة على حمايتها على الأقلّ طالما كان هؤلاء المتهمين يمثلون أمامها. كما تعبّر الهيئة المديرة عن شجبها العميق لانتهاك حقوق الدفاع، وعدم اعتبار أهمية الدور الذي يلعبه المحامون في إقامة العدل، وقد بلغ الاستخفاف بهيئة الدفاع وسوء معاملة المحامين وعميدهم وهياكلهم الممثلة حدّا لم يكن متوقّعا. وتطالب مرّة أخرى بتدارك الأمور بتمكين المتهمين من الدفاع عن أنفسهم وبتمكين المحامين من الإطلاع على الملفات في أجل متسع وزيارة منوبيهم إعداد وسائل الدفاع معهم وعدم الإسراع في فصل القضية والنطق بالحكم دون توفر شروط المحاكمة العادلة. عـن الهيئـة المديـرة المختـار الطريفــي رئيـــس الرابطــة


أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير

حرّية و إنصاف

سارعوا إلى إنقاذ حياة السجين السياسي السابق أحمد البوعزيزي

33 نهج المختار عطية تونس 1001

الهاتف/الفاكس : 71.340.860

Email :liberté_équité@yahoo.fr

***

الاعتداء على معز الجماعي

تعرض يوم الأحد 16/12/2007 على الساعة الثانية و النصف بعد الزوال الناشط الحقوقي عضو الحزب الديمقراطي التقدمي بجامعة قابس و الصحفي بجريدة الموقف السيد معز الجماعي للاعتداء بالعنف الشديد من قبل أعوان الفرقة العدلية لمنطقة الشرطة بقابس أمام الملأ بمقهى ثم وقع اعتقاله و جره و وضعه بالصندوق الخلفي للسيارة و اقتياده لمنطقة الشرطة المذكورة أين حرر ضده محضرا في الغرض بتهمة الدعوة للعصيان المدني غير المسلح  ، و لم يطلق سراحه إلا في الساعة الخامسة و النصف مساء.

و قبل الاعتداء كان السيد معز الجماعي رفقة بعض أصدقائه بالمقهى المذكور يتناقشون في أسباب تعادل فريق الملعب القابسي و الاتحاد المنستيري التي عزاها الصحفي المعتدى عليه لوجود ممرن على رأس الفريق القابسي منصبا من قبل والي الجهة و غير منتخب و لا يملك الكفاءة المطلوبة لتدريب الفريق المحلي ، عندها فوجىء السيد معز الجماعي بحضور أربعة من أعوان الأمن بالزي المدني تحت إمرة رئيس الفرقة العدلية المدعو محمد العبيدي الذي أعطى الأوامر بالاعتداء بالعنف الشديد على الناشط الحقوقي أمام الملأ و داخل المقهى ، و بعد اقتياده إلى منطقة الأمن بقابس و أثناء التحقيق معه سأله المحققون عن علاقته بموضوع المفقود كمال المطماطي على اعتبار أن معز الجماعي من الناشطين الحقوقيين الذين يسعون لكشف حقيقة     و ملابسات فقدان السيد المطماطي لتضافر كل الأدلة و الشهادات على أنه قتل بمنطقة الأمن بقابس سنة 1991 مما يدل على أن استهداف الناشط الحقوقي معز الجماعي كان بدافع الانتقام منه لإثارته لموضوع خطير و ليس لمشاركته في النقاش داخل المقهى في موضوع الملعب القابسي .

و حرية و إنصاف :

1) تندد بالاعتداء الوحشي و الفظيع الذي تعرض له السيد معز الجماعي و تعتبره انتهاكا صارخا لمعاهدة عدم الاعتداء على الناشطين الحقوقيين التي أمضت عليها السلطة التونسية.

2) تستنكر معالجة الملفات الحقوقية وفق سياسة الهروب إلى الأمام عن طريق استعمال العنف و استهداف الناشطين الحقوقيين

3) تدعو إلى وقف التتبع ضد السيد معز الجماعي و إحالة من ثبت تورطهم في هذا الاعتداء عليه على أنظار القضاء.

تونس في 17 ديسمبر 2007

عن المكتب التنفيذي للمنظمة

السيد زهير مخلوف


 

أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير

حرّية و إنصاف

سارعوا إلى إنقاذ حياة السجين السياسي السابق أحمد البوعزيزي

33 نهج المختار عطية تونس 1001

الهاتف/الفاكس : 71.340.860

Email :liberté_équité@yahoo.fr

***

تونس في 17 ديسمبر 2007

عبد الحميد الصغير

من الاختطاف إلى المحاكمة

مثل اليوم الاثنين 17/12/2007 الطالب عبد الحميد الصغير أمام أنظار الدائرة الجناحية للمحكمة الابتدائية بتونس لمقاضاته من أجل التشويش و الإضرار بملك الغير و تعطيل سير الدروس و ذلك على إثر شكاية قدمها عميد كلية العلوم بتونس ضد الطالب المذكور الذي رابط أمام الكلية المذكورة احتجاجا على عدم ترسيمه بالمرحلة الثالثة (شعبة رياضيات) ، و قد حضر المحاكمة الأساتذة ضياء مورو و شكري علوان و إيمان الطريقي نيابة عن السيد عبد الحميد الصغير و بعد مرافعتهم قررت المحكمة التصريح بالحكم إثر الجلسة.           

علما بأنه وقع اعتقال الطالب عبد الحميد الصغير أمام كلية العلوم بتونس يوم السبت غرة ديسمبر 2007 من قبل ثلاثة أعوان أمن بالزي المدني حسب شهادة مجموعة من الطلبة  و لم تعرف عائلته بمكان إيقافه إلى أن تم عرضه على أنظار المحكمة.

و حرية و إنصاف :

1) تعتبر محاكمة السيد عبد الحميد الصغير محاكمة جائرة و ظالمة حيث أنه بريء من كل ما نسب إليه.

2) تدعو إلى إطلاق سراحه فورا و تمكينه من حقه في الترسيم.

عن المكتب التنفيذي للمنظمة

السيد زهير مخلوف


 

أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير

حرّية و إنصاف

سارعوا إلى إنقاذ حياة السجين السياسي السابق أحمد البوعزيزي

33 نهج المختار عطية تونس 1001

الهاتف/الفاكس : 71.340.860

Email :liberté_équité@yahoo.fr

***

تونس في 17 ديسمبر 2007

اعتقال لطفي بوعفيف

وقع يوم الأربعاء 29/12/2007 على الساعة الخامسة فجرا اختطاف السجين السياسي السابق السيد لطفي بوعفيف من قبل مجموعة متكونة من أربعة أفراد و لا يعلم مصيره إلى حد الآن.

علما بأن السيد لطفي بوعفيف أصيل منطقة قليبية و أب لأربع بنات قضى مدة طويلة في السجن من أجل الانتماء إلى حزب التحرير الاسلامي.

و حرية و إنصاف :

1) تندد بالاعتقال غير القانوني للسيد لطفي بوعفيف

2) تدعو لإطلاق سراحه فورا.

 

عن المكتب التنفيذي للمنظمة

الأستاذ محمد النوري


 حزب تونس الخضراء

حول مشروع زمبرة السياحي

   

 
تقدم الاستثماري الصيني السيد لي روو هونق ( Li Ruo Hong ) صاحب مجموعة استثمار دولية، يوم 23 نوفمبر 2007 بمشروع استغلال جزيرة زمبرة كمحطة سياحية « أيكولوجية و صحية من الطراز الرفيع (Haut de gamme)  » ولقد  » التزم هذا المستثمر بالمحافظة على الخصوصيات الطبيعية والبيئية للجزيرة وصيانة معالمها  » !! وتعد زمبرة وزمبرطة جزءا من التراث العالمي الإنساني وهي مخزونا بيولوجيا بيئيا دوليا حسب تصنيفات المنظمة العالمية للثقافة والتربية والعلوم (اليونيسكو) منذ سنة 1977. في نفس السنة بعثت الحديقة المحمية في الجزيرتين تبعا للأمر الصادر في افريل 1977 عدد 340/77 .  وكانت وزارة الفلاحة قد أصدرت أمرا بتاريخ 09 نوفمبر 1973 بإحداث منطقة حماية بيولوجية حول الجزيرتين طولها 1,5 ميلا ومساحتها 3.639 هكتار ويمنع الصيد البحري فيها . أما التصرف العام فقد أوكل منذ 1999 إلى المشروع الدولي MedWet coast  للمحافظة على المناطق الرطبة التي تجانب السواحل ومراقبة وتنمية المنظومات البيئية لشواطئ المتوسط . ويشمل هذا المشروع  ستة بلدان متوسطية منها تونس . أما التصرف المباشر فلقد أعطي منذ سنة 1999 للوكالة التونسية لحماية السواحل APAL . وللتأكيد على حقنا في هذه الثروات وحمايتها من المتطفلين فإن الدخول إلى زمبرة لا يتم إلا بترخيص من وزارة الدفاع ، وهي أهمية قصوى حسب تقديرنا لهذه الثروات الطبيعية البيئية . إن هذا المشروع الدولي، المكمل لتصنيف اليونسكو، جاء ليؤكد على الأهمية التي توليها بلادنا لثرواتنا الأيكولوجية النادرة، إذ تمّ إختيار منطقة الوطن القبلي وأرخبيل جالطة وزمبرة وزمبرطة لاحتوائها على أكثر من 35 بالمائة من الكائنات الحية المتوسطية التي تجد غذائها في أحواض هذه المنطقة البحرية الذي يصلها عبر تيار بحري من الأطلسي ومضيق جبل طارق. ومن ناحية التنوع البيولوجي الحيواني والنباتي الذي تتميز به الجزيرتين فهو يتألف من :   1/ آلاف الطيور المهاجرة التي تحط فيها أثناء ترحالها للجنوب  والطيور النادرة خاصة جلم الماء الأرمد  Le Puffin cendré الذي يفرخ و يعشش في زمبرة ويعد 25000 زوج ، وكذلك طائر النورس الأودوي النادر  ( Le goelan d’andouin ) المحمي دوليا. كما تختص زمبرة بوجود الفقمة الناسكة ( Le Phoque moine ) المهددة بالانقراض ويعتبر الخبراء أنه  » لا يمكن إعادة تعمير زمبرة بالفقمة حاليا إلا ضمن برنامج دولي لحمايتها في المتوسط والأطلسي . » تختبئ الفقمة الناسكة الآن لتحمي نفسها في مغاور الجزيرة .   2/ ومن النباتات الموجودة في الجزيرتين نجد أكثر من 230 نوع ساهمت الطيور المهاجرة في تواجدها وذلك بنقل بذورها من اسبانيا ، صقلية ، اليونان ، والشرق الأدنى. كما ساعدت أيضا التيارات البحرية الأطلسية على ثراء هذا التنوع البيولوجي النباتي النادر في المتوسط والعالم . هذه هي إذا أهمية زمبرة وزمبرطة التي أصبحت حديقة بيولوجية بيئية وطنية ودولية من اجل المحافظة على مخزونها النادر وهذا نتيجة عمل وتظافر جهود كل المؤسسات والجمعيات والخبراء  والعلماء التونسيين الذين ثمنوا بعملهم ودراساتهم المعروفة دوليا هذه المنطقة الجميلة جدا والرائعة جدا والمطلة على خليج تونس . كيف إذا سيحافظ المستثمر السياحي الصيني ( أو غيره) على كل هذه الثروات الطبيعية البيئية ؟ وهل المشروع السياحي الذي يدعو إليه سينمي كل الثروات البيولوجية المصنفة عالميا في حين أن كل التشريعات التونسية والأوامر والقرارات التي وضعت لحمايتها تمنع حتى الصيد البحري والاقتراب منها خشية الاضرار بها ؟ ! إننا نعلم جيدا أن « الصناعة السياحية في بلادنا أنتجت أثارا سلبية على الصعيد البيئي والاجتماعي والثقافي  وباحتلالها لفضاء واسع ومواقع حساسة انجر عن أنشطتها ما يخل بالبيئة ولا جدال في ذلك : فالسياحة وخاصة الفندقية تولّـد كميات هامة من النفايات الصلبة  والسوائل. إن استعمالها للإمكانيات المائية المتوفرة غير محدود » إننا إذ نثير هذه الأسئلة فإننا نخشى على ثرواتنا البيئية الحيوية ، إننا لسنا ضد الاستثمار العربي أو الدولي  نريد فقط أن نجّنب هذه الثروات الأيكولوجية والسياحية العديد من الكوارث والمفاجئات الغير سارة. إن النمو المستدام  هو الذي يحترم الانسان والمحيط والبيئة وكذلك الثقافة المحلية .


قابس: إيقاف وتعنيف الصحفي معز الجماعي

 
الفجرنيوز- خاص: بعد تعادل الملعب القابسي والإتحاد المنستيري توجه الصحفي معز الجماعي  بالصدفة ودون برمجة إلى أحدى مقاهي المدينة فوجد الجمهور في حالة هيجان تام  فخاطبهم وذكرهم بأنه كتب في بداية الموسم الرياضي مقالا يطالب بانتخاب الهيئة المديرة و لا تنصيبها من طرف الوالي والتجمع لكي تكون محاسبة أمامكم. وقال لهم بان الحل للخروج من هذا المأزق هو المطالبة بعقد جلسة عامة خارقة للعادة يقع فيها انتخاب الهيئة المديرة.  و بعد 10 دقائق فقط قدم أعوان الامن إلى المقهى و قاموا بالإعتداء عليه بطريقة متخلفة و اقتادوه على مرأى و مسمع الجمهور إلى الصندوق الخلفي لسيارتهم و من ثم وقع اقتياده إلى منطقة الأمن حيث خضع إلى استجواب ووجهت له تهمة « الدعوة إلى عصيان مدني غير مسلح  »  فرفض الإمضاء على المحضر و حجز لمدة  ساعتين و 30 دقيقة ومن ثم أخلي سبيله بعد توجه عدد من أحباء الجمعية و عدد من إطارات الحزب الديمقراطي التقدمي في قابس ووقع الإحتفاظ بالقضية دون إحالتها إلى المحكمة.   هذا والجدير بالذكر هو الطريقة  المهينة التي وقع إيقافه بها و العنف الذي تعرض له الصحفي معز الجماعي  فهو يعد في قابس من المناضلين الأشداء المدافعين   (المصدر: موقع « الفجر نيوز » (ألمانيا) بتاريخ 16 ديسمبر 2007) الرابط: http://www.alfajrnews.net/modules.php?name=News&file=article&sid=298  

عملية إعتداء جبانة على  السيد معزّ الجماعي مراسل الحوار نت

 
تعرض اليوم الأحد 16.12.2007 مراسل الحوار نت – السيد معز الجماعي-إلى اعتداء من قبل الشرطة « العدلية »  إثر تواجده  في إحدى المقاهي صحبة جمهور الملعب القابسي الذي تعادل مع الإتحاد المنستيري في مقابلة كروية. وكان هذا الأخير في حالة هيجان محتجا على وضعية فريقهم التي وصل إليها ،وحيث أراد معز أن يفيد الحضور بأنّ الداء يكمن في عدم انتخاب هيئة مشرفة وغير منصبة من الوالي ، شأنها شأن المؤسسات والدوائر من مثل مجلس النواب،المستشارين ،القضاة، وما جرتها هذه السياسة من ويلات مازال يعاني منها المواطن في كل مرافق حياته ..   ولم تمر عشر دقائق حتى تقدّمت نحوه زمرة من الشرطة « العدلية » وأشبعوه ضربا وجرّوه إلى الصندوق الخلفي لسيارتهم بصورة مهينة ثم اقتادوه إلى منطقة  الأمن حيث خضع لاستجوابات عديدة ،وقد وجهت إليه تهمة :  « الدعوة إلى عصيان مدني غير مسلح..!! »ثم أخلي سبيله بعد ساعتين وخمس وأربعين دقيقة كسراح مؤقت بعد أن تعرض إلى مضايقات عديدة  من قبل الشرطة…   وأمام هذه الحالة وحالات غيرها مما يتعرّض له الصحفيون ،لايسع الحوار نت إلاّ أن:   – يندّد بمثل هذه التصرفات المشينة  ضد مراسل الحوارنت من قبل أجهزة الأمن والتي من المفروض أن تحرص على أمن المواطن وسلامته.   – تهيب بكل القوى والفعاليات الإعلامية الوطنية والحرة أن تقف صفا واحدا في وجه الظلم المسلط على أصحاب الأقلام الحرة .   – يدعو السلطات التونسية أن تكفّ عن الإعتداء على الصحفيين واحترام ذواتهم البشرية. ويحمـّلها مسؤولية أية محاولة للمساس بسلامة وأمن المناضل معز الجماعي..ويحذّرها من محاولاتها الخسيسة للكيد بكل الوطنيين الأحرار .   أسرة الحوار نت   (المصدر: موقع « الحوار.نت » (ألمانيا) بتاريخ 16 ديسمبر 2007)


قضية سليمان:

اختلاف بين المحكمـــــة والدفاع حول التأخيــر، ومواقف المتهمين بين الانكار والاعتراف والندم انسحاب المحامين

 
* تونس ـ «الشروق» : قرّرت الدائرة الجنائية الرابعة بالمحكمة الابتدائية بتونس مساء أمس السبت تأخير النظر في ما عرف بقضيّة «سليمان» إلى جلسة يوم السبت المقبل 22 ديسمبر لتمكين المحامين من الترافع، بعد أن شهدت الجلسة انسحابا للدفاع ولعدد من المتهمين، فيما استنطقت المحكمة البعض الآخر بعد تلاوتها لقرار دائرة الإتهام. وقد شهدت الجلسة التي انعقدت في القاعة السادسة بقصر العدالة بتونس أحداث فوضى بعد أن اختلفت المحكمة مع لسان الدفاع، فرفع بعض المتهمين شعارات ممّا تقرّر معه اخراجهم من القاعة. المحاكمة انطلقت في حدود الساعة التاسعة والنصف صباحا، إذ تمّ إحضار الثلاثين متهما، وانطلقت المحكمة في القيام باجراءات تسجيل حضور المتهمين وتسجيل المحامين النائبين عنهم، وقدّم رئيس فرع تونس للمحامين قائمة تضمّنت ثمانية من زملائه تقرّر تسخيرهم للدفاع، وطلب المحامون أثناء ذلك على لسان عميدهم من الهيئة القضائية تأخير النظر في القضيّة إلى جلسة لاحقة مع تمكينهم من الوقت الكافي للاطلاع وإعداد وسائل الدفاع خاصة أمام تقديم بعض المحامين لإعلامات بالنيابة جديدة، كما طالب لسان الدفاع هيئة المحكمة بتمكينهم من نسخة أصلية من ملفات القضيّة. المحكمة رأت بعد الاستماع إلى ملاحظات عميد المحامين ورئيس فرع تونس، تلاوة قرار دائرة الاتهام حينا مع تأجيل استنطاق المتهمين والاستماع الى مرافعات الدفاع إلى جلسة لاحقة، الأمر الذي رفضه المحامون. شرعت المحكمة في قراءة قرار دائرة الاتهام المكوّن من 34 صفحة، فيما قرّر المحامون النائبون عن المتهمين الانسحاب باستثناء محامية واحدة فضلت البقاء داخل الجلسة، وتمسّك المحامون النائبون عن القائمين بالحق الشخصي، من أهالي الضحايا والمتضررين بالحضور. في حدود الساعة العاشرة و50 دقيقة، وأثناء انسحاب المحامين شهدت القاعة حالة من الفوضى عندما رفع المتهمون بعض الشعارات، وبدأوا بدورهم بالانسحاب أمام حالة من التوتّر والتداخل مما استوجب تدخل أعوان الأمن للسيطرة على الوضعية، وتمّ اخراج المتهمين من قاعة الجلسة. المحكمة رأت أن الانسحاب لا يؤثر على السير القانوني للمحاكمة، فواصلت تلاوة قرار دائرة الاتهام قبل أن يتمّ اعلامها برغبة بعض المتهمين وعددهم خمسة الحضور لأنه تمّ جرّهم من قبل بعض زملائهم، وبالتالي غادروا القاعة دون رغبة منهم وهو ما سجلته المحكمة التي أذنت لهم بالحضور. بعد تلاوة قرار دائرة الاتهام وسط قاعة مكتظة جدا بالمحامين وأهالي المتهمين وأعوان الأمن والصحافيين والمراقبين، بدأ رئيس الدائرة باستنطاق المتهمين إذ أنكروا بعض التهم المنسوبة إليهم ونفوا ما ورد على لسانهم أمام باحث البداية، ورأى أحدهم أنه فعلا تبنّى الفكر السلفي الجهادي والتحق بما يعرف باسم «جند أسد ابن الفرات» بجبل في قرمبالية من ولاية نابل وأنه التقى ما يعرف باسم «مجموعة سوسة»، إلا أنه لم ير سلاحا ولم يحمله  ولم تكن له نية الاطاحة بنظام الحكم أو التآمر على أمن البلاد ونفى القتل واستعمال المتفجّرات وقال انه رفض مبايعة  «أمير الجماعة» لرفضه قتل المسلمين، وأضاف بأنهم كانوا مختفين في كهف بجبل في قرمبالية، كما تراوحت تصريحات باقي المتهمين بين الانكار لبعض التهم والاعتراف ببعض التهم الأخرى إلا أنهم نفوا تخطيطهم للتآمر على أمن البلاد، واختار أحد المتهمين الصمت فيما طلب ا لمتهم الخامس من هيئة المحكمة تسجيل تصريحه بأنه ندم على كل ما صدر عنه من جرائم. من جهتهم طلب المحامون القائمون بالحق الشخصي من المحكمة التأخير،  وفوّض ممثل النيابة العمومية النظر، فرأت الهيئة القضائية اعتبار جلسة أمس السبت جلسة لتلاوة قرار دائرة الاتهام وجلسة استنطاق وقامت بالتنبيه مرّتين على المتهمين الذين رفضوا المثول أمامها وإبلاغهم أن موقفهم ذلك يعتبر موقف من اختار الصمت، مع الاشارة الى أنه بإمكان المتهم أن يختار عدم الكلام وهو مضمون قانونا، كما سجلت المحكمة عدم حضور المحامين الذين اختاروا الانسحاب، وبعد  أن استمعت الى كافة الأطراف وقامت بالاجراءات القانونية قرّرت تأخير النظر في القضية لجلسة يوم السبت المقبل 22 ديسمبر 2007 لتمكين المحامين من الحضور والترافع. يذكر  أن هذه القضية انطلقت على اثر المواجهات المسلحة بين عناصر مجموعة مسلحة وقوات الأمن والتي شهدتها الضاحية الجنوبية للعاصمة وخاصة في مدينة سليمان وأسفرت عن مقتل 12 من عناصر المجموعة وضابط وعون أمن، وتقرّر مقاضاة من ألقي عليهم القبض وعددهم ثلاثون متهما من أجل التآمر على أمن الدولة الداخلي ومحاولة الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على قتل بعضهم بعضا وإثارة الهرج والقتل بالتراب التونسي والمشاركة في عصيان مسلح من أكثر من عشرة أفراد الواقع أثناءه اعتداء على موظف نتج عنه موت ومحاولة قتل نفس بشرية عمدا مع سابقية الاضمار والانضمام داخل تراب الجمهورية الى تنظيم اتخذ من الارهاب وسيلة لتحقيق اغراضه وتلقي تدريبات عسكرية بقصد ارتكاب جرائم ارهابية وهي الجرائم التي نجمت عنها وفاة وعجز بدني تجاوزت نسبته 20 بالمائة ومسك وحمل ونقل واستعمال مواد متفجرة وأسلحة نارية واستعمال تردّدات راديوية دون ترخيص، واتهام أحدهم من أجل جرائم مسك وحمل ونقل أسلحة نارية ومواد متفجرة وعدم اشعار السلط بما اطلع عليه من معلومات وإرشادات حول ارتكاب جرائم ارهابية. * المنجي الخضراوي  

(المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 16 ديسمبر 2007)

تقرير دولي مفزع عن السياحة التونسية

 
مثّل تقرير مؤسسة «فيتش رايتنغ itch Ratingsf» الدولية (المتخصصة في تقييم أداء المؤسسات الاقتصادية) حول السياحة التونسية والصادر الاسبوع المنقضي تحت عنوان «الصناعة السياحية التونسية: نمط اقتصادي مطلوب تجديده» ضربة موجعة لقطاع ينزف من خلال ما أورده من معطيات وما أعتمده من تحاليل وما انتهى اليه من استنتاجات.   فتونس فقدت خلال سنوات 2000 -2005 ما قدره 5.3% من حصتها من السوق الاقليمية في حين ارتفعت حصة تركيا بـ 9.9% كما صنفت المداخيل السياحية لبلادنا الادنى مقارنة مع منافسي الوجهة التونسية في حوض المتوسط حصل هذا رغم أن الدولة واصلت دعم القطاع اصطناعيا على حد تعبير التقرير من خلال التخفيض في قيمة الدينار ومن خلال حثّ البنوك على إعادة جدولة الديون الفندقية.   ورأى التقرير دعوة أصحاب الفنادق كي تلغي البنوك ديونهم غير مقبولة… في المقابل ذهب الى أن هناك بداية حلّ يمكن أن تتوفر في الاهتمام الذي أبدته صناديق الاستثمار العقاري لاقتناء النزل المتدنية الآداء ورأى أن في هذا النمط تعزيزا للفصل بين الملكية العقارية والتصرّف الإداري بما أن عددا هاما من الفنادق يديرها مالكوها أو شركات إدارة تابعة لهم..   وفيما يخص الفنادق الغارقة في الديون رأى التقرير أن من الافضل تحويل هذه الديون الى أسهم في رأس المال مع فصل الادارة التجارية للفندق عن مالكيه.   وختم التقرير استنتاجاته بضرورة المراجعة الاستراتيجية العميقة بغاية إعادة تموقع الوجهة التونسية التي أضحت الوجهة البخسة في حوض المتوسط.. ورغم أن الحلول الذي عرضها التقرير كما المعطيات لم تكن بالغريبة عن العارفين بالقطاع إذ تم تداولها في أكثر من مرّة فإن شهادة «فيتش رايتنغ» التي وزعت على كل أنحاء العالم زادت في تعميق الجراح.. والمطلوب اليوم وأكثر من أي وقت مضى المزيد من الحزم والصرامة والتضحية لتعود للقطاع عافيته.   (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 17 ديسمبر 2007)

ارتفاع عجز الميزان التجاري التونسي الى 3.7 مليار دولار

 
تونس (رويترز) – أظهرت احصائيات رسمية يوم الاثنين أن عجز الميزان التجاري التونسي ارتفع منذ بداية العام وحتى مطلع الشهر الحالي بنسبة عشرة بالمئة الى 3.7 مليار دولار مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وأوضحت أرقام المعهد التونسي للاحصاء أن الواردات ارتفعت بنسبة 21 بالمئة الى 18.2 مليار دولار بينما ارتفعت قيمة الصادرات بنسبة 24 بالمئة بالمئة الى 14.5 مليار دولار. ويعزى نمو الصادرات الى ارتفاع عائدات قطاع الطاقة في المقدمة بنسبة 38 بالمئة الى 2.3 مليار دولار. كما نمت صادرات قطاع النسيج بنسبة 17 بالمئة الى 2.9 مليار دولار في حين ارتفعت وارداته بنسبة 19 بالمئة الى 2.64 مليار دولار.   (الدولار يساوي 1.412 دينار تونسي)   (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 17 ديسمبر 2007)

تونس تحتل المرتبة 69 عالميا من حيث مؤشر الحرية الاقتصادية

تونس تتقدم في هذا التصنيف على بعض الدول الخليجية وبلدان شمال افريقيا

 
تونس 15 ديسمبر 2007 (وات) صنفت تونس في المرتبة 69 عالميا من اصل 157 دولة من حيث مؤشر الحرية الاقتصادية لسنة 2007 وذلك حسب تقرير سنوى تنشره المؤسسة الامريكية /ذى هيريتاج فوندايشن/ بمعية نشرية والت ستريت جورنال. وتتقدم تونس في هذا التصنيف بعض الدول الخليجية مثل قطر /72/ والامارات /74/ والسعودية /85/ وبلدان شمال افريقيا مثل المغرب /96/ ومصر /127/ والجزائر /134/. وقد بلغ مؤشر الحرية الاقتصادية في تونس 61 بالمائة سنة 2007 مسجلا تحسنا مقارنة بسنتي 2006 و2005 حيث بلغ على التوالي 2ر59 بالمائة و7ر56 بالمائة. ويعتبر هذا المؤشر مقياسا للحرية في 10 مجالات اقتصادية تهم بالخصوص مناخ الاعمال والمبادلات التجارية والاستثمار والنظام المالي والنقدى والتشغيل. ويشير التقرير الى ان تونس تتمتع بمستوى مرتفع من الحرية في سير الاعمال وفي القطاع المالي والجبائي وحرية تجاه الادارة والتشغيل. كما يتميز الاقتصاد التونسي ضعف مستوى التضخم والمستوى المقبول لنسب الجباية فضلا عن السرعة في احداث الموسسات والمرونة في التشغيل. وقد اصبحت تونس بذلك ضمن مجموعة الدول التي يفوق مؤشر الحرية فيها 60 بالمائة وهو ما تعتبره منظمة هيريتاج فوندايشن عتبة تمكنها من استقطاب اهتمام الاطراف الامريكية. كما تعتبر تونس من البلدان القلائل في المنطقة التي حققت هذه النتائج الايجابية مقارنة بالمغرب /4ر57 بالمائة/ ومصر /2ر53 بالمائة/ والجزائر /2ر52 بالمائة/ وتركيا /3ر59 بالمائة/ واليونان / 6ر57 بالمائة/.   (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 15 ديسمبر 2007)

السرطان في تونس

 
تونس – واس – افادت تقارير طبية تونسية حديثة بان تسعة آلاف شخص يصابون بالسرطان سنويا في تونس وان سرطان الرئة يأتي في المرتبة الأولى بالنسبة للرجال بينما يعد سرطان الثدي الأكثر إنتشارا لدى النسوة المصابات. إلى جانب سرطان الرئة يتعرض الرجال في تونس الى سرطان المثانة بنسبة 3ر10بالمائة وسرطان البروستاتا بـ 2 ر6 بالمائة وسرطان المعدة بـ 1ر5 بالمائة . وتتعرض التونسيات الى سرطان الرحم بنسبة 1 ر6 بالمائة وسرطان الجلد بـ 6 ر5 بالمائة وسرطان المبيض بـ 1 ر4 بالمائة.   (المصدر: وكالة الأنباء السعودية (واس) بتاريخ 17 ديسمبر 2007)

 

بمثل هذا الرجل ترسخ هوية تونس العربية الإسلامية في تونس العربية الإسلامية :

الشيخ عبد الوهاب الكافي أحد مؤسسي حركة النهضة التونسية في ضيافة الحوار نت

 
حاوره الأستاذ الهادي بريك   لم يدر بخلدي التقديم بين يدي حوار موقعنا مع الشيخ عبد الوهاب الكافي ولو بكلمة واحدة ولكن خانني حنين جارف جمعتني فيه أقدار الرحمان سبحانه بهذا الرجل الكبير قبل عشرين عاما. كنت يومها أدخل السجن لأول مرة في حياتي بعد إيقاف بوزارة الداخلية دام شهورا قصيرة. كان شعوران يخترمانني : شعور خوف من السجن لفرط ما كنت أسمع عن بشاعته عندما يتحدث أقربائي عن اليوسفيين الذين أذاقهم بورقيبة من العذاب ألوانا وشعور بالأمن لما كنت أسمعه ممن كان معي في زنزانات الداخلية بأن السجن مرحلة آمنة نفسيا لعدم وجود تحقيق بوليسي فيه.   نقلت إلى السجن والشعوران يتبارزان في فلا ينتصر أحدهما على الآخر لأستريح وهناك أودعت غرفة ضيقة ( سيلون ) بالجناح ( أ ) وهو جناح مضيق كله إلا غرفة واحدة (17) إستقر فيها مقامنا بعد ذلك عاما كاملا تقريبا ضمن مجموعة أمن الدولة. أودعوني غرفة ضيقة ( سيلون ) ووجدت فيها رفيقا واحدا وهي بالكاد تتسع لأكثر من سجين واحد. وجدت رجلا شيخا وقاره في حديثه وتصرفه وفي نحافة جسمه. شيخ غزا الشيب كثيرا من مواطن ذقنه أحاطني بدفء لذيذ وهو يهون علي أمر المحنة والسجن يبشرني بقرب الفرج كأنه يراه رأي العين. سألته عن إسمه وقضيته فإذا هو الشيخ عبد الوهاب الكافي عضو الهيئة التأسيسية لحركة النهضة وعمره آنذاك 57 عاما.   أول ما تبادر إلي هو أنى لهذا الشيخ الوقور نحيف الجسم أن يتحمل عذابات الإيقاف وبذاءة الشرطة وعسس السجن وحرس بورقيبة ثم ظلت قائمة طويلة من الأسئلة ترد علي من نفسي دون توقف : هل يكون الإنسان في مثل سن الشيخ الكافي هادئا بمثل هدوئه الذي يخيل إليك أنه في أمسية يوم صيفي معتدل تحت ظل شجرة زيتون يبسط لك من حكم الحياة ودروسها ما به تقر عينك؟ أم هل يكون الإنسان في مثل سن الشيخ الكافي محافظا على حيوية الشباب في حمل رسالته بثبات وصبر وجلد كأنه يحمل فوق رأسه طبق عنب لا أمانة تأخرت عن حملها الجبال الراسيات؟   لئن كانت سعادتي في تلك المحنة بلقاء وصحبة رجال طوى بعضهم التراب والله وحده يعلم مثوى آخرين فإن قمة بهجتي كانت بالتعرف عن قرب على شيوخنا من مثل : الشيخ المبروك الزرن عليه رحمة الله سبحانه فلقد تعلمت منه أغلى دروس في الحياة ومن مثل الشيخ عبد الوهاب الكافي الذي كان هادئا جدا لطيفا جدا خدوما جدا يلاعبنا كمن يلاعب ولده المدلل ويملؤنا يقينا وثقة في الله سبحانه.   لقد شاءت أقدار الرحمان سبحانه ألا ألتقيه فيما أذكر بعد مرحلة السجن الأولى 87 إلا مرة أو مرتين عن عجل شديد ثم شاءت الأقدار مرة أخرى أن ألتقيه في هذا الحوار الشيق الذي دفعني إلى كتابة هذه المقدمة بما زرع في من حب جديد متجدد لذاك الرجل الذي بمثله تحفظ هوية تونس عربية إسلامية. هذا شاهد على عصره يخيل لمن لا يعرف البلاد أنه يحدثك عن ألبانيا قبل زوال الشيوعية الحمراء بما إستحكم في تونس من أنياب ومخالب مسمومة للعلمانية المتطرفة التي زرعها بورقيبة فكرا ثم جاء خلفه فحققها عملا أثمر خطة تجفيف منابع التدين.   سؤال الوداع هو : هل تيسر أقدار الرحمان سبحانه لقاء جديدا بشيخنا الوقور الهادئ عبد الوهاب الكافي قبل بسط المنية لجناحيها على واحد منا أم يزف إليه أو إلينا الخبر ذاته الذي نعى إلينا شيخنا الزرن رحمه الله تعالى؟   من هو الشيخ عبد الوهاب الكافي :   ــ من مواليد  1930  بالكاف.تعلم بالقيروان ( عاصمة الأغالبة بإفريقية في العهد العباسي). وعمل بها مربّيا حتى التقاعد.   ــ أستاذ علوم طبيعية متقاعد بالمعاهد الثانوية التونسية.   ــ متزوج وأب لأربعة أولاد وحفدة لجيلين متتابعين من بنين وبنات والحمد لله.                        ــ من مؤسسي حركة النهضة التونسية ( الإتجاه الإسلامي سابقا ).   ــ من تلاميذ شيخ القيروان المرحوم عبد الرحمان خليف أحد أكبر شيوخ الزيتونة بتونس.   ــ إعتقل وعذب مرات كثيرة لعل أشهرها عام 1987 بسبب إنتمائه الإسلامي ونشاطه السياسي وكذلك في أوائل تسعينيات القرن الميلادي المنصرم ضمن حملة تجفيف منابع التدين بتونس.    نص الحوار :   الحوار.نت : مرحبا بك شيخ عبد الوهاب ضيفا كريما على موقعنا الحوار.نت.   الشيخ عبد الوهاب الكافي :السلام عليكم ورحمة  الله وبركاته و قبل الجواب على أسئلتكم البـيّـنة  اسمحوالي أن أتقدم لكم بشكري  الجزيل  على ما تقومون  به من مجهودات موفقة للمساهمة  في نشر و إعلاء كلمة الحق.   الحوار.نت : هل لك أن تروي لقرائنا مشهدين على الأقل من مشاهد التأسيس لحركة النهضة بإعتبارك أحد المؤسسين مما عايشته أنت بنفسك أو جرى أمام عينيك وسواء كان ذلك المشهد إيجابيا أم سلبيا في تقديرك أو كان أمرا داخليا أو له إتصال بالواقع.   الشيخ عبد الوهاب الكافي :في أواخر السّبعينيّات كنت أدرّس العلوم الطّبيعيّة في معهد المنصورة وكان الشيخ راشد – في نفس المعهد – يدرّس الفلسفة الإسلاميّة وكانت علاقـتـنا-أيامها- علاقة زمالة فحسب .وقد كنت التحقت من قبل  بجامع عقبة ابن نافع أحضر ليلا للإملاء القرآني والدروس الدّينية التي كان يلقيها الشيخ عبد الرحمان خليف رحمه الله رحمة واسعة وجازاه عن الإسلام كل خير. فبفضل الله ثم بفضل دروسه القيّمة علمت – لأول مرة – أن الإسلام لا  ينحصر في أداء العبادات  فقط بل هو أيضا علم وعمل و أمر  بالمعروف ونهي عن المنكر وجهد وجهاد بالنفس والنفيس للنهوض بالأمة الإسلامية كما تعلمت منه أن ّ الإسلام منهج حياة يشمل كلّ نواحيها : الإجتماعية و الإقتصادية والتربوية والسياسية . كما فقهت أن العمل الجماعي للدعوة أفيد من الدعوة الفردية ثم إ ن ّمطالعاتي لمفكرين إسلاميّين   ( البنا, قطب, المودودي, مصطفى السباعي ) ثم مصاحبتي لشباب الصحوة …كلّ هذه العوامل عجّلت بانخراطي  في الحركة بتوفيق من الله.   ففي عام 1981استدعيت سرّا إلى منزل الشيخ الفاضل والداعية المجاهد السيد محمد صالح النيفر رحمه الله رحمة واسعة وجازاه عن جهاده خير الجزاء- للإجتماع مع إخوة-لا أعرف جلّهم لنتشاور في تأسيس  حركة الإتجاه ألإسلامي والإعلان عن بيانها (أهدافها ووسائلها) وعن هيأتها وتقديم مطلب في ذلك للدّوائر المختصة للتّحـصيل على رخصة . ومن بين المواضيع التي نوقشت (عرضا لأول مرّة ولم تخرج الى العلن )هو اقتراح الشيخين راشد وعبد الفتاح لتغير إسم حركة الإتجاه الإسلامي  فــرًفض اقتراحهما  بالأغلبية وهذا ممّا أثلج صدري إذ أنّ مبدأ الشورى  لم يكن شعارا فقط ! وممّا زاد قلبي بهجة وانشراحا عدم وجود مسيطر من القياد ة   فتيقنت بذلك  أنّي وفقت إلى  إختيار حركة مباركة إن شاء الله والحمد لله.   و في أوائل  الصحوة و بمشاركة زميلين ( أستاذ في الحسابيات وآخر في التقنية )  مستعينين بمصادر علمية حديثة في العلوم العصرية  أذكر من بينها   كتاب :                               La Bible le CORAN et la  SCIENCE de MAURICE  BUCAILLE   قمت   بمنابر حرّة   وكان ذلك تحت إشراف الشبيبة المدرسية التي مكننا مشرفوها والمتحمسون لهذه المبادرة أن  نطوف بكل معاهد الولاية. وكانت كل حصة تبدأ بمداخلة قصيرة لأحد الأساتذة المشرفين ثم تختتم بنقاش حرّ بين الأساتذة والتلاميذ كل محاورها : العلم طريق الإيمان و الإسلام منهج حياة.   كما كنت أشارك  مع شباب الصّحوة كل عشية أحد  في الحلقات الثقافية و الدينية التي كان يسهر عليها بعضهم في جامع ـ نقرة-  بالقيروان و لم نكن نتعرّض وقتها لأي مضايقة.   وتعددت   تلك الحلقات في المساجد ما بين المغرب والعشاء وقبل السحور في رمضان وتُـتَوّج في المواسم والأعياد ا لدّينية بمسابقات وتوزيع الجوائز بمشاركة الحاضرين من روّاد المسا جد  وكان ذّلك مما يقوّي رابطة الأخوّة ّبين ا لمصلّين من كل الأجيال وكل الطبقات.   الحوار.نت : هل لك أن تروي لقرائنا مشهدين آخرين من مشاهد صلتك بالشيخ المرحوم عبد الرحمان خليف سواء في مسيرته العلمية أو الجهادية أو التربوية فيما جرى لك معه مباشرة أو مما عاينته بنفسك   الشيخ عبد الوهاب الكافي : كنت عضوا في الهيأة الجهوية  للمحا فظة على القرآن الكريم التي كان ير أسها المرحوم الشيخ عبد الرحمان  خليف فكان نشاطه موفقا  حتى في أقصى الريف. و قد بلغ  عدد الإملاءات  43 في كامل ولاية القيروان وكان يشجع  كل مـؤدبـيـها  و  تلامذتها بما يمده به أصحاب الخير الذين كانوا يثقون في إخلاصه حتى أنه أسس فرعا للأفارقة و  للتلاميذ المنقطعين عن التعليم من أ هل القيروان وضواحيها ورشات صناعة يتعلّمون فيها بعض الحرف  بعد الزوال  وحفظ القرآن وحصص لتعلّم  اللّغة العربية  والفرنسية كل صبا ح. و مكّن غير المقيمين بالمدينة  من المبيت ومن المطعم و كسوة الشتاء والصيف وحتى الحذاء وكان رحمه الله ينظم ويسهر على دروس علمية  يقوم بها مشايخ زيتونـيّـون  في المسا جد.    ومنذ تطبيق النظام لسياسة تجفيف المنابع لم يبق إلا إملاء واحد  في القيروان بجامع عقبة والقليل في بعض المعتمديات وكان – رحمه الله – يقوم بمحاضرات  في القيروان وفي غيرها من  المدن التونسية: سوسة و صفاقس و نابل . وأذكر أني شاهد ت له تسجيلا لمحاضرة ألقاها بإحدى مدن  بفرنسا.   الحوار.نت : هل لك أن تروي لقرائنا مشهدين أخرين من مشاهد سنوات الجمر الحامية التي عشتها محاصرا في بلادك من يوم الإنقلاب على نتائج أول إنتخابات العهد النوفمبري في الثاني من أفريل 89 حتى اليوم وخاصة عند إحتدام تطبيق خطة تجفيف منابع التدين في تونس. أذكر لنا مشهدين على الأقل إنطبعا في ذاكرتك من تلك المرحلة الصعبة من تاريخ تونس.   الشيخ عبد الوهاب الكافي :إني – والحق يقال – في ستة أشهر سجنا  قضيتها بين الداخلية وسجن 9 أفريل  أيّام محكمة أمن الدولة وعامين و نصف  في المحنة الأخيرة  لم أذق إلا النزر القليل  جدا  مما  عاناه إخوتي  في الداخلية و في السجون من  التعـذيب  مما لم تعـد تخفى  شـدته وقسوته ووحشيته  على أحد.  و اسمحوا لي  أن أذكر شيئا  مما  أ ثلج صدري مدة سجني : تضامن الإخوة خصوصا عند العواصف (كهجوم  أعوان « البوب »  بهراواتهم علينا وهم يصرخون بسبّ الجلالة والكلام البذيء أو التظلم على  أحدنا  من طرف المسؤول عن الحجرة « الكبران » وتقاسم القفة بـيننا و  حتى مع بعض المعوزين من مساجين الحق العام ) كان ذلك في الأيام الأولى من المحنة ( وبالتحديد في سجن الهوارب  ) ثم لن أنسى ما  أحاطني به أبنائي الروحيين طيلة إ قامتي  بمدرسة سيّدنا يوسف –عليه السلام –  من رعاية فائقة تفوق بصد ق ما ألقاه من بر في ّ عائلتي الصّغيرة.  كما اذكر بفخر و آنا بسجن حربوب ما  قام به أحد الإخوة إذ كان يرتكب المخالفات عمدا عديد المراّت  ليأخذوه في أحد غرف العزلة بعد أن يشبعونه ضربا مبرّحا بهراوة غليظة.  كلّ ذلك ليتمكّن آخر الليل  حين  تخفّ الّرقابة من  أن يجاور أخا  محكوما عليه بالعزلة غير الـمحدودة و يتحاور معه فيخفف عليه بذلك ما  ناله من آثار الوحدة الطويلة ويا ليتني ألقاه اليوم  فأقبل رأسه. ولن أنسى ما أصاب جميعنا من حًرقة  عظيمة عندما  إ فتكّوا منا المصاحف!  وبفضل من الله  تداركنا ذلك  ولو بعناء بتحفيظ بعضنا بعضا القرآن الكريم.   الحوار.نت : هل لك أن تصف الصحوة الثانية الجديدة في تونس بشيء من التفصيل والدقة وبقدر ما تيسر لك من الإطلاع على أحوالها وتنوعاتها بإعتبارك عايشت الصحوتين : الأولى التي كنت راعيا لها بحكم سنك وتجربتك وواحدا منها في الآن نفسه والثانية التي ظهرت بدون إستئذان من رحم الحرب على التدين بدون هوادة ولعلك من أقدر من يصفها ويصف أسباب ظهورها وأسباب تنوعها بحكم وجودك في الميدان وإهتمامك الإسلامي والسياسي. وهل لك أن تصف لنا أثرها الواقعي والمستقبلي على البلاد وواجبك أنت ومن معك من شيوخ الصحوة الأولى حيال الصحوة الشبابية الجديدة   الشيخ عبد الوهاب الكافي :لم يعد أحد يجهل أن النظام  كان ومازال يحارب مظاهر التدين بخلعه للحجاب للنساء كرها بل  أحيانا بعنف وتهديد  ووعيد في مراكز الشرطة وحتى في الأسواق وحلق اللّحى خصوصا في الأرياف  ولسائقي سيارات التاكسي والأجرة و تحريم لباس « القميص »  للرّجال  وفتح المساجد قبل الأذان بقليل ويسرع لغلقها اثر الصلوات  وتشجيع تعدد المراقص الليلية والخمارات  والقمار بالنوادي  وحتى بالتلفزة الوطنية. أليس في برنامج « دليلك ملك » ما يشجع على حب الربح المادي الوفير دون جهد وكد وجد؟   ومنذ خروجي من السجن – آخر1993-  كانت الرقابة وما زالت ولو بأقلّ كثافة  في المد ة الأخيرة  تضايقني  كما تضايق كل السياسيـيـن  ولم ينج من القبضة الحديدية  للنّظام  زعامات أحزاب المعارضة المعترف بها الّتي لا تدور في فلكه  وكم من مرة منعوني من ا لدخول إلى مقرّ الحزب الديمقراطي التقدمي بالقيروان وبالعاصمة ! فكيف يرجو منا أحد أن  نقوم بعمل جماعي مع بعض الأخوة.  ورغم ذلك   كنت وما زلت   ألتقي ببعض من أريد في المقهى أو على كرسي عمومي على الرصيف أو أتمشّى معه راجلا  في شوارع المديـنة. فلم انقطع –  والحمد لله –  عن العمل الدعوي حتى لو كانت دعوة فردية وذلك كما تأمرنا  به سورة العصر و تأمر به كل  مسلم يغار على دينه.  وقد قمت مع أحد الشباب من المصلين في المسجد و في عطلة صيفية بجمع بعض أطفال الحي  وتلقينهم آداب المسجد التي كانوا يفـتقدونها في صلا تهم معنا وتحفيظهم نصيبا من القرآن وبعض الأنا شيد الإسلامية  و الّقصص التربوية وتوزيع بعض الجوائز المتواضعة وكان هذا العمل  محدودا في الوقت  نصف ساعة في اليوم وفي العطلة الصيفية  وفي مسجد الحي فقط  .فما كان من قوات الشرطة إلا أن هددت إمام المسجد الذي طلب مني توقيف هذا النشاط حتى لا يفقد وظيـفـتيه في ا لمسجد والتعليم .    إن الصحوة الثانية و التي ظهرت – كما قلتم – بدون إستئذان والتي تجسدت في انتشار ظاهرة الحجاب حتى في تونس التي يُحارب فيها بدون هوادة وفي إقبال الشباب على المساجد إقبالا ملحوظا وخصوصا في تهجدهم  بحضور كثـيف  في جامع عقبة وتضرعهم بالدعاء في خشوع إلى حد البكاء هي – قبل كل شيء- رحمة من الله و نور ساطع من  آية  في  القرآن الكريم : » يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متمّ نوره ولو كره الكافرون » ( الصف أيـة 8)  إن هي إلاّ  ثمرة طيبة لما بثـّـه  علماء الدين الأفاضل الذين دخلوا بيوتنا عن طريق الفضائيات الدينية.   و إني لمستبشر بها ولو أنها في حاجة إلى الترشيد.  و أخشى  ما أخشاه  ا ن يتسبب ضغط النظام المتواصل  في دفع آخرين منهم إلى التطرف والى الإنـزلاق  – عن جهل  – إلى أساليب العنف لمقاومة الظلم  والتي لا تحمد عقباها.   الحوار.نت :  ما هو المطلوب في رأيك من حركة النهضة في المستقبل لإصلاح أوضاع البلاد ومن المعارضة بصفة عامة وخاصة ضمن تحالف 18 أكتوبر ومن القوى الحرة في النقابات والجامعة والنخب والمثقفين وما هي أولويات تلك الأعمال المطلوبة في ظل الأوضاع الإقليمية المعروفة والعربية والدولية؟   الشيخ عبد الوهاب الكافي :أمام تعنت النظام في مواصلته لوسائل القمع  رغم معرفته بإفلاسها  يجب على كل حرّ الاستماتة  في توحيد الصفوف على ما يجمع المعارضة على قاعدة صلبة : الحرية كأولى الأولويات والإتفاق  على وسائل النضال السّـلمية- كلّـفنا ذلك ما كلّفنا – وليس مثال الثورة البرتقاليـّة عنّا ببعيد –   وترك الخوض في ما يمكن أن يفرقنا وهذا  ما يسعى إليه النظام بكل إمكاناته:  تشتيت صفوفنا ! وهذا ما يجب على  هيأة  18 أكتوبر أن  تعمل جادة  لتسريع  تفعيله على أرض الواقع .   الحوار.نت : هل للشيخ عبد الوهاب من كلمة أخيرة يتوجه بها إلى من شاء في أي مكان أو موقع شاء في البلاد أو الحركة أو الصحوة أو المعارضة أو غير ذلك.   الشيخ عبد الوهاب الكافي :وصيّتي أوّلا لنفسي ولكل  إخوتي في الحركة :   ـ تقوى الله ووحدة الصفّ واحترام الرأي المخالف وفصل أمر كل خلاف عار ض بالشورى الملزمة  إن كان مرده استراتيجيّا أو تكتيكيا  و إلى أهل الذكر في فقه ا لكتاب والسّنة إن كان اجتهاديّا.   ـ ثانيا: لإخواننا في المعارضة :  نتـّـفق على الوسائل السّلميّة لمقاومة الطغيان  والصبر الجميل على   ردود  فعله العمياء  و بذلك  نضمن  دحره و اجتـثاثه من جذوره ولو بعد حين !   ومرة أخرى كلمة شكر وتقدير  من صميم قلبي  لكم  ولكل إنسان-  مهما كان  معتقده أو جنسيته –   ساهم ويساهم بما  يستطيع من قريب أو من بعيد  في رفع راية العـدل في الأرض بين كل الناس!    والله الموفـق. والسلام.   الحوار.نت :  شكرا جزيلا للشيخ عبد الوهاب على ما أولانا به من حوار صريح شيق.   (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 16 ديسمبر 2007)


إفتتاحية

بن علي يحتفل بالذكرى 20 لاستيلائه على السلطة: 20 سنة من الحكم الفردي، 20 سنة من الوقت الضائع.. !

 
احتفل بن علي مؤخرا بالذكرى العشرين لاعتلائه الحكم، بعد « انقلاب طبي » على بورقيبة. وقد صُرفت في هذه الاحتفالات المليارات من المليمات، في الوقت الذي كان من الضروري أن تصرف فيه هذه الأموال على المدارس التي تفتقر حتى إلى الطباشير أحيانا، أو على أصحاب الشهادات العليا المعطلين عن العمل أو على البنية التحتية التي بينت فيضانات ثاني أيام « العيد الصغير » المأساوية هشاشتها إلخ… ولكن بن علي ونظامه لا يفكران إلا في البهرج للإيهام بأن الأمور على أحسن ما يرام، وقد أُعطيت التعليمات لكافة المؤسسات بإظهار الزينة على واجهاتها احتفالا بالمناسبة « العظيمة ». وقد رافق ذلك كله حملة دعائية في وسائل الإعلام العمومية وشبه العمومية لإبراز إنجازات السابع من نوفمبر المزعومة واتخاذ ذلك ذريعة لـ »مناشدة » بن علي بالبقاء في الحكم ولاية خامسة أي بالبقاء في الحكم مدى الحياة، والحال أنه لما أطل على التونسيات والتونسيين فجْْر السابع من نوفمبر 1987 وعدهم بأن لا رئاسة مدى الحياة مستقبلا… وليس هذا الشيء الوحيد الذي وعدهم به وتراجع عنه. في هذا العدد من « صوت الشعب » يجد القارئ بيانا تقويميا لعشرين سنة من حكم بن علي وتحليلا لخطابه بهذه المناسبة يبيّنان الهوّة الواسعة بين الخطاب والواقع. (المصدر: « صوت الشعب » اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي التونسي – العــدد 259،  بتاريخ نوفمبر 2007)

صوت الوطن بيان حزب العمال بمناسبة 7 نوفمبر: 20 سنة من الوقت الضائع على تونس الخضراء

 
يوم 7 نوفمبر 2007 يكون قد مرّ عشرون عام على إزاحة بورقيبة من قبل وزيره الأول الذي استأثر بالحكم وحوّل رئاسته السابقة إلى رئاسة مدى الحياة وأجهض أحلام الشعب التونسي في الحرية والكرامة والسيادة التي ناضل من أجلها وقدّم جسيم التضحيات زمن الاستعمار الفرنسي وزمن الحكم البورقيبي. 20 عاما من الوقت الضائع على تونس الخضراء التي كانت مؤهلة بخيراتها وخبرتها وكدّ عمالها وكادحيها، كي تنهض وترتقي إلى مستوى بلد متطور متقدّم. 20عاما من الاستبداد والاستعباد الذي خلّف آثارا ماديّة ومعنويّة وخيمة على المجتمع حيث تفشّت أخلاق العبيد وقامت علاقة المحكوم بالحاكم على الخوف والطمع، ولم يعد بمقدور التونسي أن يعيش إلاّ بشخصيتين علنية لإرضاء الحاكم ولأعوانه، وسرية لإرضاء ضميره وصحبه. 20 عاما كانت بدايتها الوعود التي سرعان ما تبخّرت، وبمجرّد أن استقرّ الأمر لبن علي والحاشية الجديدة، عادت الأوضاع إلى ما هو أسوأ، وتمّ الالتفاف على مكاسب الحركة الديمقراطية والنقابية، سواء في مجال الصحافة والإعلام أو التنظيم، أو الاجتماع والتظاهر، أو الانتخاب، أو التعبير عن الرأي أو القضاء والإدارة، وتمّ ضرب المجتمع المدني الوليد (الرابطة وجمعية القضاة…) وتوخّي الحلول الأمنية لحسم الخلافات والاختلافات السياسية كما تمّت العودة للرئاسة مدى الحياة بعد الوعد بوضع حدّ لها، فتأبّد الحكم الفردي المطلق الساري في البلاد منذ نصف قرن كما تأبدت هيمنة الحزب الحاكم على الحياة العامّة، واشتغلت ماكينة القمع لتشمل كافّة التيارات الفكرية والسياسية وتمتلئ السجون بالمعارضين ناهيك أنه من الصّعب أن توجد عائلة تونسية لم يطل القمع أحد أبنائها أو بناتها خلال العشرين سنة من حكم بن علي وأدى التعذيب في محلاّت البوليس السياسي وسوء المعاملة في السجون إلى وفاة العشرات من المعتقلين وظلّ المسرحون من هؤلاء وهم يعدّون بالآلاف يعيشون تحت المراقبة المستمرّة دون حقوق تذكر، وقد طال القمع أفراد عائلاتهم وأقاربهم. وأفضت الصدمة الناجمة عن إجهاض أحلام الحرية وانتهاج نهج التعذيب والقمع والإرهاب إلى إفراغ الحياة السياسية وحمل الناس عن العزوف عن السياسة، والكفاءات على الهجرة. وامتدّ هذا التصحّر ليشمل الحياة الثقافية والفكرية التي أصابها الجدب والرّكود جراء تطبيق سياسة الإقصاء وتهميش القيم الثقافية والإبداعية الأصيلة. (أين المسرح؟ أين السينما؟ أين الموسيقى أين الأغنية؟ أين الرّسم؟ الخ.). وبإعطاء الأولوية للولاء والموالين، والمدح والمداحين، ونظرا إلى ما يربط الثقافي بالاجتماعي فقد شمل التردّي كافّة القطاعات ذات النّفع العام، كالتعليم والصّحة والنقل والبنية الأساسية وغيرها، وزحفت آفة الخوصصة التي أخضعت هذه القطاعات لمنطق السوق والمردودية الماديّة قبل منطق المستوى والمحتوى وخدمة المصلحة العامّ. وتقلّص حظّ التكوين والسؤال النقدي من برامج التعليم ومناهجه، وتمّ تهميش دور أهل المهنة والاختصاص وترهيب نشطائهما النقابيين والفكريين. وأفضت سياسة القبضة الأمنية وثقافة تشريع الفوارق الطبقية وامتهان الذات البشرية والتساهل مع الجريمة الحقيقية إلى تردّي العلاقات داخل المجتمع وتفاقم تدهور الوضع الأخلاقي والذهني بما جعل الغشّ والرشوة والوشاية والإدمان والبغاء والسرقة والاعتداء المادي واللفظي يشهد انتشارا غير مسبوق، والجهل يخرج من الباب كي يعود من الشبّاك، وسوق الخرافة والشعوذة تستقطب كافّة الفئات الاجتماعية. ولم يسلك ساسة السابع سياسة الاستبداد والتفقير الحسّي والمعنوي هذه طيلة العشرين عاما من حكمهم إلاّ للإستلاء على ثروة البلاد دون منازع، وتعميق تبعية اقتصادها الهشّ بما يخدم مصالح الأقلية البرجوازية العميلة وأسيادها الامبرياليين وفي مقدّمتهم الأمريكان، وبما يجعل طريق التطبيع مع الكيان الصهيوني وخيانة المصالح الوطنية والقومية سهلة. وقد وفّرت « العولمة » غطاء لهذه الأقلية كي تمعن في ربط مصير البلاد بالخارج الاستعماري وإفقادها هويّتها الثقافية وذاتها الحضارية. وفي هذا الإطار وباسم « الإصلاح الهيكلي » و »التأهيل الشامل » تمّ تخريب النسيج الاقتصادي وتصفية القطاع العام والدور الخدماتي للدولة وبيعت البلاد أرضا ومؤسسات للرأسمال الأجنبي، واستولت المافيا الجديدة على الأخضر واليابس وعمّ الفساد وإفساد عالم الأعمال وكافّة مجالات الحياة، ولم يجن العامل وسائر الطبقات والفئات الكادحة من هذه الاختيارات المفروضة عليهم سوى المزيد من المتاعب، من بطالة طالت لأوّل مرّة وبشكل واسع أصحاب الشهادات العليا، وتدهور المقدرة الشرائية نتيجة غلاء الأسعار من جهة وتدنّي الأجور والمداخيل من جهة ثانية، وتردّ للخدمات الاجتماعية من صحّة وتعليم ونقل وسكن من جهة ثالثة. مما لاشكّ فيه أن سلطة السابع استفادت كثيرا من ضعف القوى المعارضة وعملت ما في وسعها كي يتحوّل هذا الضعف إلى وهن لا قيام بعده. ومما لا شكّ فيه أيضا أن تشرذم تلك القوى وتشتت صفوفها جرّاء هيمنة الرّوح « الدكاكينية » والفئوية وانتهازية الرؤية السياسية شلّ قدرتها على المواجهة، والسّلطة لم تتردد في تأجيج خلافاتها الداخلية ووقفت وراء عديد التصدّعات والانشقاقات التي نخرتها وقاومت مشاريع الجبهات والتحالفات النضالية. هذه حقيقة لا بدّ أن يقف عليها التقييم الموضوعي والمبدئي طيلة العشرين سنة الماضية، وأن يهتدي الرأي السديد إلى سبل التجاوز عسى أن يشهد بذلك ميزان القوى تعديلا من شأنه أن يُري شعبنا وأحراره باب النّفق، وفي هذا الإطار ووفق هذه الرؤية التصويبية التي يتبنّاها حزب العمال كان تجمّع 18 أكتوبر نواة سياسية وتنظيمية لمسعى اجتياز العقبة الواقفة في وجه الجميع مهما كانت الخلفية الفكرية والبرنامج الاستراتيجي لكل فصيل، بعد تجربة سنوات طويلة من النضال المشتت ومواجهة آلة القمع والتعذيب فرادى. على أن عقلية مجموعة الضّغط الصغيرة التي يستفيد منها الأقوى وملازمة موقف الانتظار، ما تزال تؤجّل صحوة عدد من فصائل المعارضة وتطيل أمد هامشيتها وشكلية حضورها. إنّ حزب العمال الشيوعي التونسي الذي يواصل النضال ضدّ الدكتاتورية والتعبئة والفساد والتصحّر الثقافي والتطبيع مع الكيان الصهيوني لا يرى من مدخل إلى حياة الحرية والكرامة والاستقلال والسيادة إلاّ عبر الارتقاء بالفعل المعارض تنظيما وسياسة، بغية رفع الكابوس الجاثم على رقاب الجميع، وفتح الطّريق المسدود، طريق الجمهورية الديمقراطية، والمواطنة الحقيقية. وتتوفر اليوم فرصة هامّة للمعارضة الديمقراطية كي تكتل جهودها وتؤثّر في مجرى الأحداث. إنّ نظام السابع من نوفمبر يعُدّ بعد عامين (2009) لمهزلة انتخابية جديدة يرمي من ورائها إلى تكريس الرّئاسة مدى الحياة مجدّدا وتأبيد هيمنة الحزب الحاكم على الحياة العامّة بما يعنيه من استمرار للقمع والقهر من جهة وتواصل للنهب والاستغلال والتبعية من جهة ثانية. وبإمكان المعارضة أن تتصدّى موحّدة من الآن لتقول لا للرئاسة مدى الحياة! لا للنّهب والاستغلال! لا للفساد! لا للتبعية! المجد للشعب ولتضحياته طيلة العشرين سنة الماضية، والعزّة لمناضليه الصامدين تسقط الديكتاتورية ولا عاش في تونس من خانها تونس في: 6 نوفمبر 2007 حزب العمال الشيوعي التونسي (المصدر: « صوت الشعب » اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي التونسي – العــدد 259،  بتاريخ نوفمبر 2007)

خطاب بن علي في عشرينية الانقلاب: خطاب فارغ ومشاكل متفاقمة بلا حلّ

 
ألقى بن علي خطابا بمناسبة الذكرى العشرين لاعتلائه السلطة. وتعرّض في هذا الخطاب بالتقييم لفترة حكمه ولِمَا ينوي « إنجازه » في المستقبل. وكما كان متوقعا، تجاهل بن علي المشاكل الجوهرية التي تعاني منها البلاد ويعاني منها الشعب التونسي وانبرى يمجّد نظامه ويعدّد الإنجازات المزعومة التي حققها في « كافة المجالات » ولا يَعِدُ بأكثر من إجراءات ذات طابع جزئي مغشوش لا تساعد في شيء على حل المشاكل المتفاقمة مؤكدا بذلك إصراره على رفض الخروج بالبلاد من الوضع المتردي الذي هي فيه على كافة المستويات، دفاعا عن مصالح أقلية الأثرياء المحليين والأجانب التي تسند نظامه وتدعمه. 1 – دعم الديكور وتجاهل مطالب الحركة الديمقراطية ففي المجال السياسي أجاب بن علي على حالة الاحتقان التي يعيشها المجتمع جراء استفحال القمع والاستبداد بأنه لا تغيير جوهريا في الأفق مدّعيا أن « الحرية والديمقراطية والتعددية متوفرة » في البلاد وأن « حقوق الإنسان مصانة » وأنه رغبة منه في تدعيم هذه « المكاسب » سيأذن فقط بمضاعفة المنحة المخصصة للأحزاب البرلمانية (معارضة الديكور) وبالزيادة في المنحة المخصصة لصحافتها، كما سيأذن بـ »تكثيف » فضاءات الحوار في وسائل الإعلام العمومية (أي المزيد من البرامج التمجيدية) وإجراء تحويرات جزئية للغاية على المجلة الانتخابية للتقليص شيئا ما في عدد مكاتب الاقتراع التي تعدّ بالآلاف لتسهيل التزوير والتزييف، والرفع في نسبة المقاعد البرلمانية المخصصة لمعارضة الديكور من 20 إلى 25 بالمائة. تلك هي الإجراءات التي أعلنها بن علي في خطاب الذكرى. وبعبارة أخرى فإنه لا رفع للحصار المضروب على أحزاب المعارضة التي رفضت الولاء والاصطفاف والجمعيات والمنظمات والهيئات المستقلة، كالرابطة وغيرها ولا اعتراف بالأحزاب والجمعيات الراغبة في العمل القانوني والملاحَقَة باستمرار ولا معالجة لأزمة جمعيتي القضاة والمحامين الشبان اللتين سطا عليهما الحزب الحاكم وأعوانه، ولا ترخيص لصحف جديدة بالصدور ولا لإذاعات وتلفزات ينتظر طالبوها منذ سنوات عديدة (عدا إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم لصاحبها صخر الماطري صهر بن علي) ولا أمل في تحوير الدستور ومراجعة المجلة الانتخابية لضمان الشروط الدنيا لانتخابات رئاسية وتشريعية حرة وديمقراطية ولا في رفع السلطة يدها عن وسائل الإعلام العمومية وإسناد مسؤوليتها لهيئة مستقلة ولا وقف للاعتقالات والمحاكمات الجائرة وممارسة التعذيب ولا إطلاق سراح لكافة المساجين السياسيين وعودة المغتربين غير المشروطة وسن قانون العفو التشريعي العام لإعادة الاعتبار لكافة ضحايا الاضطهاد النوفمبري وتمكينهم من حقوقهم المدنية والسياسية ووضع حد لمراقبتهم وملاحقتهم والتنكيل بهم وبعائلاتهم حتى بعد مغادرة السجن. وفي كلمة فإن بن علي خطب يوم 7 نوفمبر لـ »يبشّر » التونسيات والتونسيين بأن الحالة السياسية ستتواصل على ما هي عليه من انغلاق وبالتالي سيتواصل حرمانهم من حقوقهم الأساسية عامين قبل موعد انتخابات 2009 الرئاسية والتشريعية التي يعمل بن علي على أن يجعل منها مرة أخرى مهزلة لتكريس الرئاسة مدى الحياة وتأبيد هيمنة « التجمع الدستوري » على الحياة العامة عن طريق التزوير والتزييف. 2 – تجاهل للأزمة الاقتصادية المتنامية وفي المجال الاقتصادي قدّم بن علي لوحة وردية عن الوضع تتناقض تماما مع الواقع المتردي الذي ينذر بأزمات خانقة في المستقبل على حساب الشعب والبلاد. فقد امتدح نسب النمو المسجلة في عهده وهي 4,3 بالمائة خلال العشرية الأولى و5 بالمائة خلال العشرية الثانية معتبرا ذلك « إنجازا كبيرا »، وتناسى أن هذه النسب لم تبلغ حتى الحد الأدنى وهو 7 بالمائة الذي تطالب به المؤسسات المالية والدولية ليقدر الاقتصاد التونسي على احتواء المشاكل الناجمة عن « لبرلته » (libéralisation) مثل البطالة، علما وأن النسب المسجلة خلال الست سنوات الأخيرة هي نسب ضعيفة بل من أضعف النسب على الإطلاق، وأنه لا يوجد ما يؤشر لتحسن جوهري في السنوات القادمة. وإلى ذلك فإن النسب التي يذكرها بن علي ليست هي الأهم أو ليست استثناء في تاريخ البلاد، فقد سجل الاقتصاد التونسي خلال الستينات والسبعينات نسب نمو أرفع تجاوزت الـ6 أو الـ7 بالمائة في بعض السنوات دون أن يقدر الاقتصاد التونسي الرأسمالي التابع على تخطي التحديات التي واجهته. ومن جهة أخرى فإن الأرقام التي قدمها بن علي تحوي الكثير من التزوير، من ذلك مثلا أن الحكومة تدمج عائدات المؤسسات المفوت فيها للرأسمال الأجنبي عند احتساب نسبة النمو وهو ما يضخمها والحال أن الأمر لا يتعلق بتطور هيكلي ناجم عن تطور للقطاعات المنتجة الصناعية والفلاحية، وهو ما يفسر تفاقم المشاكل الاجتماعية، رغم ما توحي به تلك النسب من نمو، زد على ذلك أنها محققة عن طريق تكثيف استغلال العمال والكادحين، وأن المنتفع الرئيسي منها في نهاية الأمر ليس هؤلاء بل الأقلية المحظوظة المحلية والأجنبية التي تكدس الثروات. ومهما يكن من أمر فإن بن علي تجاهل المشاكل الحقيقية للاقتصاد التونسي وهي كثيرة. ومنها تفاقم التبعية ورهن البلاد لدى الدول والشركات الأجنبية نتيجة التفويت في المؤسسات والأراضي العمومية للرأسمال الأجنبي، إضافة إلى تفاقم الاختلالات الهيكلية على حساب قطاعي الصناعة والفلاحة اللذين يشهدان تراجعا خطيرا (تراجع دورهما في الناتج المحلي الخام، تناقص الاستثمارات، تواضع المستوى التكنولوجي…) لفائدة الأنشطة الخدماتية غير المستقرة والهشة وضعف الاستثمار رغم التشجيعات المغدقة على أصحاب رأس المال وتفاقم المديونية التي هي أهم بكثير مما ذكره بن علي. وهشاشة النظام البنكي الذي يعاني من ظاهرة القروض غير المسترجعة التي تذهب إلى جيوب المقربين من القصر، وقد بلغت نسبتها حسب المؤسسات المالية الدولية 21 بالمائة والحال أن النسبة المقبولة لا ينبغي أن تتجاوز الـ2 بالمائة. لقد تجاهل بن علي كل هذه المشاكل الجوهرية. كما أنه تجاهل المصاعب الجديدة التي تنتظر الاقتصاد التونسي في القادم من الأشهر والسنوات نتيجة اختيارات نظامه الرأسمالية النيوليبرالية التابعة المعادية لمصالح البلاد والشعب مثل تحرير المبادلات مع الاتحاد الأوروبي في مطلع العام القادم، وهو ما ستنجر عنه مشاكل لا تحصى للمؤسسات الصغيرة والوسطى وللعمال والأجراء (إفلاس، طرد جماعي، غلاء أسعار) واكتفى بالتعرض للزيادة في ثمن المحروقات والحبوب ليحمّل مسؤوليتها للعوامل الخارجية ويهيئ المواطن للزيادة في الأسعار متناسيا أن حكومته لم تـُعِدَّ أية استراتيجية خلال السنوات الأخيرة لمواجهة هذه الحالة والحد من انعكاساتها على اقتصاد البلاد وعلى المستوى المعيشي للمواطنين. وفي كلمة فإن بن علي انتهج في خطابه نهجا تمجيديا، ولم يثر المشاكل الحقيقية للاقتصاد التونسي، الهيكلية منها والعارضة لإخفاء فشل نظامه وتبرير بقائه في الحكم مدى الحياة. 3 – تجاهل المشاكل الاجتماعية المستفحلة وفي المجال الاجتماعي تحاشى بن علي كما فعل في كافة المحاور، الخوض في المشاكل الاجتماعية الحقيقية التي تؤرق الشعب، ولم يقدم لها أي حل جدي وجوهري، وهذه المشاكل هي الطرد الجماعي من المؤسسات والبطالة التي طالت حتى أصحاب الشهادات العليا من مختلف الاختصاصات، وهي أيضا تدهور المقدرة الشرائية نتيجة ارتفاع الأسعار الذي لا يتوقف مقابل ضعف أجور العمال والأجراء وتراجع مداخيل الفلاحين الصغار، وأصحاب المهن الحرة الصغيرة، والحرفيين وارتفاع الضرائب في الوقت الذي تزداد فيه فئة قليلة من الناس، معظمهم من المقربين لبن علي (أفراد عائلته وأصهاره والمقربون منهم…) ثراء، سريعا وفاحشا، ومستفزا بطرق غير مشروعة. يضاف إلى ذلك تردي الخدمات الاجتماعية من صحة وتعليم وسكن ونقل نتيجة الخوصصة وتراجع الدور الاجتماعي للدولة وتفاقم الاعتمادات المخصصة لجهاز الأمن المتضخم والذي يتركز دوره على الحفاظ على نظام بن علي وقمع المواطنين. وقد تجاهل بن علي في خطابه الأزمة الشاملة التي تنخر النظام التعليمي في تونس والتي أصبحت مصدر انشغال لكافة العائلات التونسية المهمومة بمستقبل البلاد. كما تجاهل الأوضاع المزرية للشباب ولم يقل لنا إذا كان نظامه حقق كل تلك الإنجازات المزعومة فبماذا يفسر هروب الشباب المستمر من البلاد وتعريض حياته للخطر (الحرقان) بحثا عن مورد رزق في البلدان الأوروبية؟ إن أكثر ما وعد به بن علي الشباب هو « حوار وطني » في عام 2008، وهو ما يعني أن لا حلول لديه، وقد كانت الحوارات والاستشارات في السابق مناسبات للخطب الفارغة التي لا تسمن ولا تغني من جوع. 4 – هل سيحل المجلس الأعلى للثقافة معضلة التصحر الثقافي؟ وفي المجال الثقافي اكتفى بن علي بإعلان تكوين مجلس أعلى للثقافة للعناية بـ »الإبداع » وإلغاء الرقابة الإدارية عند الإيداع القانوني. والجميع يعلم أن إحداث مثل ذلك المجلس لن يحل معضلة التصحر الثقافي ببلادنا، مثلما أن إحداث مجلس أعلى للإعلام أو الاتصال لم يحل سابقا معضلة غياب الإعلام الحر والتعددي، ففي مناخ سياسي يتسم بالاستبداد، واقتصادي يتسم بالاستغلال الفاحش والفساد، وثقافي يتسم بالابتذال واللهث وراء الربح وباحتكار السلطة لكل الفضاءات ومراقبتها لكل الأنشطة، لا يمكن لهيكل جديد اسمه المجلس الأعلى أن يحل أي شيء، بل سيكون هيكلا بيروقراطيا جديدا، صوريا. إن معالجة التصحر الثقافي تبدأ بإشاعة حرية الإبداع وحل أجهزة الرقابة ووضع حد للضغوط على أصحاب الفضاءات ودور النشر والتوزيع، وعدم إخضاع الدعم لشرط الولاء السياسي. أما بالنسبة إلى إلغاء الرقابة الإدارية عند الإيداع القانوني، فهي من ناحية تفضح نظام بن علي الذي يعترف بعد أكثر من نصف قرن من « الاستقلال » وعشرين سنة من وصوله إلى الحكم بوطأة هذه الرقابة على الإبداع، ومن ناحية ثانية لا نعتقد أن رفعها سيؤدي إلى تحرير النشر والإبداع في تونس في ظل الضغوط الإدارية والبوليسية على أصحاب دور النشر والمطابع. وقد بيّن رفع تلك الرقابة على الصحف مدى شكلية هذا الإجراء في مناخ الاستبداد، إذ عُوّضت الرقابة الإدارية بطرق أخرى لخنق الصحف المعارضة (الضغط على المطابع وعلى الباعة لمنع الصحيفة من الوصول إلى القارئ، الضغط على المؤسسات العمومية والخاصة كي لا تنشر فيها الإعلانات الإشهارية، الخ.). 5 – مجاملة للامبرياليين والصهاينة وفي مجال السياسة الخارجية، لم يجد بن علي أكثر من كلام عام حول مساندة المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني وتمنياته بإحلال السلم في العراق ليعيد بناء ذاته، إلى غير ذلك من الجمل الإنشائية متجنبا تسمية الأشياء بأسمائها، كتسمية أن من يضطهد الشعب الفلسطيني ويحتل أرضه هو الكيان الصهيوني المدعوم من الولايات المتحدة وأن من يحتل العراق ويمزق أوصاله ويرتكب المجازر اليومية على حساب شعبها هو الامبريالية الأمريكية وأن من يعتدي على لبنان ويهدد أمنه باستمرار هو أيضا الكيان الصهيوني. لم يقل بن علي شيئا من ذلك لأنه يراهن على مجرمي الحرب في البيت الأبيض لحماية نظامه وضمان بقائه ولا يريد إغضابهم، ولأن سياسة الولاء للامبريالية والتطبيع مع الصهيونية تفرض عليه غض الطرف عن الحقائق الجارية على الأرض والاختفاء وراء الجمل الفضفاضة والكلام العام والمستهلك. ومن الحقائق الجارية على الأرض أن محاكم بن علي ما انفكت وراء كل تونسي تحدثه نفسه بالتفكير في الذهاب إلى العراق أو فلسطين لمؤازرة المقاومة. ومازال بن علي يؤكد الانضواء خلف القاطرة الامبريالية الأمريكية في دعوى « مكافحة الإرهاب » ويتخذ من هذه الدعوى ذريعة لمزيد التضييق على الحريات وحقوق الإنسان. ذلك هو خطاب بن علي في العشرينية، وقد غض فيه النظر، كما لاحظنا، عن القضايا الجوهرية التي تشغل بال التونسيات والتونسيين، في كافة مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وقال لهم « إن كل شيء على ما يرام ». وهو ما يؤكد ما قلناه مرارا من أن الدكتاتورية لا يمكن أن تتخلى عن طبيعتها الاستبدادية والقمعية والاستغلالية ولا يمكن أن تتحول إلى ديمقراطية في خدمة الشعب، كما لا يمكنها أن تحل مشاكله وتـُحسّن واقعه المتردي بل هي تمعن باستمرار في قمعه واستغلاله. إن ما جاء على لسان بن علي في العشرينية يضع المعارضة الديمقراطية أمام مسؤوليتها، فهي مطالبة مرة أخرى بتوحيد صفوفها وتقديم مقترحات ملموسة للشعب لمعالجة أوضاعه والقيام بمبادرات نضالية لتحريك الوضع السياسي، ومواجهة المهزلة الانتخابية التي يُعِدّ لها بن علي في 2009، مواجهة موحدة. ولقد سبق أن أكدنا على صفحات هذه الجريدة أن التصدي للرئاسة مدى الحياة والمطالبة بانتخابات حرة وديمقراطية، والتشهير بالفساد والمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية للشعب، شغلا وأجورا وخدمات اجتماعية، والتضامن مع الشعبين الفلسطيني والعراقي، تمثل محاور هامة لمواجهة المرحلة. (المصدر: « صوت الشعب » اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي التونسي – العــدد 259،  بتاريخ نوفمبر 2007)

ندوة « الإصلاح السياسي واستحقاقات 2009 »: من أجل تمشّ مشترك لمواجهة موعد 2009

 
النص الكامل لمداخلة الرفيق حمه الهمامي في ندوة « حركة التجديد » حول « الإصلاح السياسي واستحقاقات 2009″ بدأت انتخابات 2009 تحظى بالاهتمام المتزايد من مختلف القوى السياسية ببلادنا. وينبغي الإقرار بأن السلطة هي التي فرضت هذا الاهتمام المبكّر نسبيا. فقد أطلقت منذ أشهر حملة عبر وسائل الإعلام لـ »مناشدة » بن على كي يترشّح لولاية خامسة تكريسا للرئاسة مدى الحياة مقنّعة. وعلى اثر ذلك صدرت ردود أفعال في بعض الصّحف المعارضة المعترف بها وغير المعترف (الموقف، صوت الشعب، مواطنون…) تدين الرئاسة مدى الحياة وتقدم بعض الأفكار لمواجهتها. ولكن يمكن القول إن المسألة الانتخابية بجانبيها الرئاسي والتشريعي لم تحظ إلى حد الآن بنقاش عمومي، موسّع ومعمّق، سواء داخل الأحزاب أو في ما بينها. وتعتبر هذه الندوة رغم أنها لم ترسم لنفسها مثل هذا الهدف، فرصة لتبادل الرأي وإنضاج النقاش،عسانا نهتدي إلى تمشّ موحّد لمواجهة موعد 2009. وهذا أمر مهم حتى لا تقع الحركة السياسية في أخطاء سابقة، فتنقسم قبل الأوان، وتدخل في صراعات هامشية ومزايدات لا طائل من ورائها، وتنسى مهمّتها الأساسية المتمثلة في مقاومة الاستبداد. إنّ المعارضة مطالبة بأن لا تفوّت على نفسها فرصة أخرى للفعل السياسي الموحّد. وبأن تجعل من 2009 مناسبة للتصدّي المشترك للدّكتاتورية، فتخرج أقوى من قبل وتقطع خطوات نحو تحقيق أهدافها. إنما يشغلنا في حزب العمال هو كيف نوجد جماعيا التمشّي الذي يحقق هذه الغاية خدمة للشعب وللبلاد. ومن هذا المنطلق نطرح عليكم جملة من الأفكار: الواقع الحالي لا يسمح بانتخابات حرّة لا يمكن لعاقلين أن يختلفا حول حقيقة أن الوضع الراهن لا تتوفّر فيه الشروط الدنيا لانتخابات حرّة، وبالتالي لا تتوفّر فيه الشروط الدنيا التي يمكن أن تبرر إعلان أية قوّة سياسية جادّة من الآن مشاركتها في انتخابات 2009. فالقوانين الجاري بها العمل لا تسمح كما هو معلوم لا بحريّة الترشّح للرئاسة ولا بحرّية الترشح للبرلمان. فبخصوص الرئاسة لا يجيز القانون عمليا الترشّح إلاّ لممثل الحزب الحاكم. وفي أفضل الحالات، فإن السلطة ستعمد إلى ما عمدت إليه سابقا من سن قانون خاصّ لا يسمح بالترشّح إلاّ لأشخاص معيّنين، إما لأنها تعتبرهم من المقرّبين منها وبالتالي مؤهّلين للقيام بدور « التيّاس » أو لأنها تعتبرهم مهمّشين ولا وزن لهم ولا يمكن أن يتجاوز دورهم دور الديكور في مهزلة يكون بطلها مرشّح الحزب الحاكم. أما بخصوص الانتخابات البرلمانية فإن النظام الانتخابي الحالي يمكّن السلطة كما جرت العادة، من التلاعب بالعملية الانتخابية من أولها إلى آخرها، خصوصا وأن الإدارة والقضاء لا يتمتّعان لا بالحياد ولا بالاستقلالية بل هما خاضعان تمام الخضوع لإرادة الفريق الحاكم. ثمّ إن القوانين لا تسمح بحرّية التعبير ولا بحرية التنظّم والاجتماع أي أنها لا تُوفر لا التعددية الحزبية ولا التعدّدية الإعلامية اللتين هما شرطان أساسيان لأي انتخابات حرّة. زد على ذلك أن وسائل الإعلام والفضاءات العامّة كلّها تحت سيطرة السّلطة. ومن جهة أخرى تسود اليوم في البلاد حالة من القمع غير مسبوقة. وهي تتمثّل في الحصار المضروب على الأحزاب والجمعيات والهيئات المدنية والنقابية وفي غلق مقرّاتها وحرمانها من الفضاءات العمومية، وفي تلجيم وسائل الإعلام وتكثيف الاعتداءات على المناضلات والمناضلين من مختلف الاتجاهات وتشديد المراقبة عليهم والتضييق على حرّيتهم في التنقل في الداخل والخارج. يضاف إلى هذا تكثيف المراقبة على المواطنات والمواطنين في كامل أنحاء البلاد وتزايد حملات الاعتقال التي تشمل المئات من الشبان بتعلّة مقاومة الإرهاب، والعودة المكثّفة إلى ممارسة التعذيب وسوء معاملة المساجين السياسيين وتضييق الخناق على المسرّحين منهم سواء كانوا إسلاميين أو يساريين، وقمع التحركات الاجتماعية وخاصّة منها تحرّكات المعطّلين عن العمل والاعتداء على النقابيين وطرد النشطاء من العمل بأشكال تعسّفية. ولم يعد خافيا على كل من يتابع الشأن العام بالبلاد أن تشديد القبضة الأمنية على المجتمع لئن كان من طبيعة نظام الحكم، فإنه مشروط أيضا برغبة السّلطة في السيطرة على الوضع من هنا إلى 2009 سيطرة تامّة لمنع تطوّر حركة معارضة سياسية واجتماعية تفسد عليها مشاريعها الرامية إلى دوس السيادة الشعبية مرّة أخرى ومواصلة تكريس الرئاسة مدى الحياة واحتكار « التجمّع الدستوري » للحياة العامّة. وما من شكّ في أن من أهم العوامل التي تشجّع نظام الحكم على مواصلة السير في هذا النّهج، هو تواصل الانخرام الفادح في موازين القوى لفائدته بسبب ضعف الحركة السياسية وتشتّتها وانعزالها عن الحركة الاجتماعية. إعلان المشاركة من الآن و »مهما كانت الظروف » خطأ فادح لهذه الأسباب نعتقد أن إعلان المشاركة في الانتخابات من الآن ومهما كانت الظروف يمثل خطأ سياسيا فادحا إلاّ إذا كان الطّرف المعني، لا تهمّه سوى المشاركة لضمان منافع فئوية خاصّة عن طريق الولاء والارتشاء السياسي وليس عن طريق صندوق الاقتراع. وهو السلوك الذي عوّدتنا به أحزاب الديكور. وبالطّبع ليس من المفيد أيضا إعلان المقاطعة الانتخابية من الآن، إذا كان الهدف من ذلك البقاء على الربوة واتخاذ عدم توفر شروط المشاركة ذريعة لعدم خوض نضالات ميدانية ملموسة ضدّ الدكتاتورية ومهازلها الانتخابية. إن أقصى ما يمكن أن يؤكّده حزب جدّي ومسؤول في الوقت الحاضر هو موقف مشروط من قبيل: « سنشارك إذا … أو سنقاطع إذا … ». وإذا جاز له أن يرجّح فرضية على أخرى فهو مطالب بأن يفعل ذلك بناء على تحليل ملموس للواقع ودراسة موضوعية لآفاق تطوّره. ومن هذه الزاوية، واستنادا إلى خصائص الوضع الحالي وموازين القوى فيه فإن الأقرب إلى المنطق هو ترجيح المقاطعة على المشاركة. ولكن حتى لا نتهم بالانحياز فإننا نقول إنّ من ينوي المشاركة من موقع نضالي، فهو مطالب بأن يحترز وأن لا يتسرّع فيعلن مثلا أنه « سأشارك ولكن من هنا إلى وقت الانتخابات سأعمل على توفير الشروط الدنيا التي تجعل من مشاركته عملية نضالية، وإن لم تتوفر تلك الشروط رغم ما سأبذله من جهد « ، فإنه سيلتجئ مكرها إلى المقاطعة لأن غير ذلك، أي المشاركة مهما كانت الظروف، لن تكون نضالية ولن تخدم سوى الدكتاتورية. المشاركة والمقاطعة شكلان من أشكال النضال إن المشاركة والمقاطعة شكلان من أشكال النضال، وهما مرتبطان تمام الارتباط بالظروف الملموسة، وبالتالي لا يمكن لأي قوّة سياسية جادّة أن تتبنى أحد هذين الشكلين، وترفض الشكل الأخر بصورة مطلقة، دغمائية، بالنظر إلى ما في هذا الموقف من نتائج سياسية سلبية. إن من يتبنى المشاركة مثلا بشكل مطلق ودون اعتبار للظروف، قد يجد نفسه عندما تكون المشاركة في غير محلّها، يخدم في ركاب الاستبداد والدكتاتورية، ولا يقدم في شيء قضية الشعب والبلاد، مهما كانت الشعارات التي يغلّف بها مشاركته، إذ أن ما يعطي مدلولا للمشاركة ليس النوايا وإنما السياق العام الذي تندرج فيه والأهداف التي تخدمها موضوعيا. وما قلناه عن المشاركة يصحّ أيضا على المقاطعة حين تتحوّل إلى مبدأ يطبّق بمعزل عن الظروف الملموسة للنضال. فالمقاطعة إذا كانت في غير محلّها تصبح سلوكا انعزاليا، صبيانيا، يؤدّي إلى خسارة فرصة الاتصال بالعمال والشعب والارتقاء بوعيهما ودرجة تنظيمهما، وهو ما يخدم في نهاية الأمر الرجعية الحاكمة. إن ما يحدد الموقف العملي من أي انتخابات، هو أولا وقبل كل شيء التحليل الملموس للظرف الملموس الذي تجري فيه، أي الشروط القانونية والسياسية لهذه الانتخابات. وعلى هذا الأساس الشكل الأنسب الذي يتقدم بالحركة الديمقراطية خطوة أو خطوات نحو أهدافها. لقد سمعنا أكثر من مرّة من يقول إنه يتبنى موقف المشاركة في الانتخابات بصورة « مبدئية وثابتة » لأنه مع « النضال السلمي » وكأن المقاطعة شكل من أشكال النضال العسكري وليست من أشكال النضال المدني السلمي التي نرى حتى أحزابا برجوازية، ليبرالية، في كافة أنحاء العالم، تتبناها كلّما رأت أن الطغمة الحاكمة في بلادها تمارس التزوير والتزييف وتدوس مبدأ السيادة الشعبية. كما يوجد من يقول إنه طالما أن الحالة، حالة جزر، فإنه لا بديل عن المشاركة معتبرا أن المقاطعة لا تجوز إلاّ في حالات المدّ. وهذا الموقف معروف، وهو للينين ولكن الذين يستعملونه لتبرير المشاركة يخرجونه عن إطاره التاريخي ويوظّفونه توظيفا خاطئا. لقد جاء هذا الموقف ردا على مجموعات يسراوية ترفض العمل في البرلمانات البرجوازية في أوروبا وفي ظروف لم تكن فيها الأوضاع ثورية، فحثها لينين على استغلال ما يوجد من هامش حرّية يسمح بالترشح وبالدعاية وحتى بالفوز لتوعية العمال والكادحين والدفاع عن مصالحهم من أعلى البرلمانات، واعتبر أن رفض العمل في المؤسسات البرجوازية في ظرف الجزر موقف صبياني. أما الوضع في الأنظمة الاستبدادية التي لا يوجد فيها هامش من الحرية السياسية وبالتالي لا تتوفر فيها إمكانية لا للترشح الحر للهيئات التمثيلية ولا للدعاية ولا للفوز، وتتحكّم الدكتاتورية في كامل مراحل الانتخابات، ويمثل التزييف القاعدة، وحتى من يصل إلى البرلمان، فبالتعيين من وزارة الداخلية، فهو وضع آخر يقتضي موقفا آخر وهو رفض المشاركة بأي ثمن وتطوير موازين القوى لفرض مشاركة جادّة وفعّالة. إن القول بأن المشاركة في الانتخابات في وضع مثل وضعنا في تونس يمثل فرصة للدعاية والاتصال بالشعب وتحقيق الالتحام به هو أيضا قول خاطئ، لأننا لا نعتقد أن 15 يوما وهي مدّة الحملة الانتخابية تمكّن من تحقيق هذه الغاية ونحن نعرف الظروف التي تجري فيها تلك الحملة: خضوع البيانات والمناشير للمراقبة المسبقة للبوليس السياسي، منع توزيع البيانات والمناشير التي تثير القضايا السياسية والاجتماعية الأساسية، خضوع الكلمات المتلفزة والمبثوثة عبر جهاز الراديو لمراقبة قضائية، فتتحول إلى كلمات متشابهة ومبتذلة، منع استعمال الفضاءات العمومية، ترهيب المواطنين لثنيهم عن حضور اجتماعات المعارضة. إن الثمن السياسي الذي يدفع مقابل « شيء من الدّعاية » المتحكّم فيها، وهو ثمن باهظ، يتمثل في إضفاء صبغة تعدّدية زائفة على مهزلة انتخابية معلومة النتائج مسبقا، وجميعنا يتذكّر ما حصل مثلا للحزب الديمقراطي التقدّمي من تضييقات سنة 2004 مما اضطره إلى الانسحاب في آخر لحظة رافضا أن يكون شاهد زور. فيوجد في السابق من الأحزاب من شارك في كل الدورات الانتخابية، انطلاقا من موقف جامد، لا يعترف إلاّ بالمشاركة، كطريقة واحدة للتعاطي مع الانتخابات في مثل ظروف بلادنا، وقد بين الواقع أن تلك المشاركة لم تؤدّ مطلقا إلى توسيع تأثير تلك الأحزاب في صفوف الشّعب ولا إلى تنمية قواها الذاتية من حيث عدد منخرطيها وحضورها في الأوساط النقابية والشبابية والنسائية والثقافية وغيرها، بل إننا لا نغالي إذا قلنا إنها ازدادت انحسارا، في الوقت الذي توجد فيه قوى سياسية غير معترف بها، وتنشط في السرّية ولا تشارك في الانتخابات، أكثر حضورا وتأثيرا وعددا. إن من يريد التوجّه إلى الشعب عن طريق البيانات والمناشير وأدوات الاتصال الأخرى عليه أن يقوم بذلك على مدار السنة وليس مرّة كل خمس سنوات، كما أن عليه أن يكسّر بشكل دائم الحواجز التي تضعها الديكتاتورية بينه وبين الشعب، ولا ينتظر ذلك الموعد اليتيم المتحكّم فيه، وإلاّ أصبحت المشاركة في الانتخابات تعبيرا عن نزعة شرعوية، وذريعة لإخفاء العجز الذاتي عن العمل في صفوف الشعب خارج الخطوط التي ترسمها الدكتاتورية. إن تعبئة الشعب للتصدّي خلال الانتخابات للاستبداد لا يمكن أن يتمّ خلال أسبوعي الحملة، بل لا بد من القيام بها يوميا حتى إذا جاء الموعد كانت الحالة الذهنية للجماهير متحفزة لمقاومة التزوير والتزييف، ولا ننسى هنا حقيقة وهي أن فئات واسعة من الشعب التونسي، حتى لا نقول معظمه، تقاطع المهازل الانتخابية التي تنظّمها السلطة مرّة كل خمس سنوات لأنها لا تثق بها وتعرف أنها مزوّرة وأن نتائجها معلومة مسبقا فكيف يمكن الاعتقاد أن هذه الفئات ستلبّي نداء المعارضة خلال الحملة وتشارك في المهزلة، بل كيف يمكن لها أن تصدّق معارضة تحاول إقناعها بجدّية ما يجري وبمصداقيته، والحال أنه لا جدّية ولا مصداقية له؟ أو كيف يمكن للمعارضة أن تغير ذهنية الناس في أسبوعين وتقنعهم أنهم بمشاركتهم، في عملية حبكتها السلطة، يمكنهم قلب موازين القوى؟ إن المرّات القليلة التي هبّ فيها التونسيون إلى صناديق الاقتراع، ونعني هنا تحديدا انتخابات 1981 و1989، ارتبطت بأوضاع كانت تشهد حركية سياسية غير عادية، وكانت الصحافة تعيش فيها حالة نسبية من التحرر، وكانت القوى السياسية والمدنية لا تتعرّض لمحاصرة شديدة ويسمح لها بالاجتماع وبتوزيع مواقفها، وكان يوجد نوع من الاعتقاد بأن الانتخابات ستجرى في جوّ من الشفافية ولو نسبيا، لأن السلطة لم تكن في حالة هجوم على الحرّيات وكانت تتظاهر بقبول قواعد اللعبة، وقد حفز كل ذلك الجماهير على المشاركة ولكن النتيجة كانت سلبية لالتفاف نظام الحكم على النتائج وتزويرها. أما في المرّات الأخرى فإن المقاطعة السلبية كانت هي السائدة ولم تفلح نداءات المعارضة حتى في جلب المواطنين لحضور اجتماعاتها، وكانت الاجتماعات التي حضرها مئات من المثقفين تعد على الأصابع، وهذه الحقيقة ينبغي إقرارها ولا فائدة في التضخيم لتبرير المشاركة. استخلاص الدرس وتجميع القوى وما يهمنا نحن ليس « تصفية الحسابات » مع المشاركة. بل استخلاص الدّرس بالنسبة إلى المستقبل. فالمعارضة أمامها عامان كاملان وبإمكانها استغلالهما للاستعداد استعدادا جيّدا لموعد 2009 حتى تكون قادرة على التأثير في مجرى الأحداث، وتبرز كقطب بديل، وهو ما يَطرحُ عليها بلورة خطّة مشتركة للتحرّك. إن ما يمكن أن يجمع اليوم كافة القوى السياسية الجادّة التي تريد خدمة البلاد والشعب قبل التفكير في إعلان المشاركة أو المقاطعة هو العمل على تغيير الواقع السياسي الحالي، من أجل خلق ميزان قوى جديد خلال العامين القادمين يمكّن المعارضة من أحد أمرين اثنين إما فرض إصلاحات على نظام الحكم تمكّن من مشاركة جادّة في الانتخابات أو إحداث حالة من الأزمة السياسية التي تضعف الاستبداد وتزيد في عزلته وتخطو بالمعارضة خطوة إلى الأمام في اتجاه النهوض بأوضاعها وأوضاع البلاد. ودعونا نقول بكل صراحة، إن المعارضة الجادة لو حزمت أمرها، ووحّدت صفوفها وأعلنت من الآن أنها لن تشارك في المهزلة معلومة النتائج مسبقا بل أنها لن تشارك إلاّ إذا توفّرت الشروط الدنيا لانتخابات حرّة وضبطت برنامجا نضاليا ملموسا تتحرّك على قاعدته، لقرأت لها السلطة ألف حساب، أما إذا كانت هذه الأخيرة تعرف مسبقا أن المعارضة منقسمة وأن فيها أطرافا ستشارك « مهما كانت الظروف » ودون أي شرط، فإن ذلك سيشجعها على مزيد الاستهتار بالسيادة الشعبية وممارسة التزييف والتزوير. نقاط برنامجية لعمل مشترك فما هي النقاط التي يمكن أن تشكل اليوم أرضية دنيا تتحرّك على أساسها المعارضة من أجل تغيير الواقع السياسي الحالي؟ إن مركز الثقل في الانتخابات القادمة، هو بالطّبع الانتخابات الرئاسية، لأن بيت الداء في النظام السياسي التونسي هو أولا وقبل كل شيء الحكم الفردي المطلق الذي يتخذ شكل الرئاسة مدى الحياة، وهذا النمط من الحكم هو الذي يعيق تطور الحياة السياسية في بلادنا، كما يقف حجر عثرة أمام تمتع الشعب التونسي بحقوقه الأساسية، بما فيها حقه في اختيار من يحكمه، كما أنه يمثل العائق الرئيسي أمام إقامة دولة القانون والمؤسسات، لأن رئيس الدولة، يتحكّم قانونا وممارسة في كل شيء ويمسك بكافة السلطات دون حسيب أو رقيب، وحتى البرلمان، فلا وزون له أمام سلطة رئيس الدولة، لذلك فإنه من دون وضع حدّ للرئاسة مدى الحياة وللحكم الفردي المطلق لا يمكن تحقيق أي تقدّم سياسي جدّي في بلادنا. إن نقد النظام السياسي في تونس ينبغي أن يبدأ بنقد الحكم الفردي المطل حتى يكون له معنى. كما أن تغيير النظام السياسي في تونس، حتى يكون له معنى أيضا، ينبغي أن يبدأ بإلغاء الرّئاسة مدى الحياة. وبعبارة أخرى فإن من لا يطرح هذه المسألة ولا يتصدى لها ويحصر اهتمامه بالانتخابات التشريعية إنما يتغاضى عما هو رئيسي وعما هو حاسم في الحياة السياسية ويقدم خدمة ثمينة للدكتاتورية. إننا نعتقد أن المعارضة السياسية يمكنها، بل من واجبها أن تتفق في المقام الأول على التصدّي للرئاسة مدى الحياة وهو ما يقتضي منها على الأقل وبشكل مباشر اقتراح إصلاح دستوري جوهري يلغي الرئاسة مدى الحياة ويحدد عدد ولايات الرئيس ويشرّع حرّية الترشح لمنصب الرئاسة ويلغي الشروط الواردة بالمجلّة الانتخابية كما ينهي ترشح الرئيس الحالي لولاية خامسة، حتى تتاح الفرصة للتداول الديمقراطي على السلطة. أما بالنسبة إلى الانتخابات التشريعية فإن مراجعة المجلة الانتخابية لتغيير النظام الانتخابي الحالي أمر ضروري لفسح المجال أمام تمثيلية حقيقية للشعب. كما أنه من الضروري فصل الانتخابات التشريعية عن الانتخابات الرئاسية لإتاحة الفرصة للقوى السياسية للإعداد الجيد لها. ومن جهة أخرى ينبغي العمل على إلغاء ترسانة القوانين القمعية التي تسند الحكم الفردي المطلق وتؤبّده كما تسند احتكار الحزب الحاكم للحياة العامّة وتؤبّدها، وذلك لفسح المجال للاعتراف بكافة الأحزاب السياسية والجمعيات الراغبة في ذلك وللسماح بصدور الصّحف والمجلاّت التي قدّم أصحابها مطالب وبقيت في رفوف وزارة الداخلية، وللترخيص للإذاعات والقنوات التلفزية التي قدّم أصحابها مطالب، علاوة على تحرير وسائل الإعلام العمومية من سيطرة الحزب الحاكم. وإلى ذلك ينبغي النضال من أجل استقلالية القضاء وحياد الإدارة (فصل الحزب الحاكم عن الدولة) ومراجعة المجلّة الانتخابية لتغيير النظام الانتخابي الحالي وتكوين هيئة مستقلّة لمراقبة الانتخابات وتجريم التزوير ومعاقبته. وأخيرا وليس آخرا لا نعتقد أنه يمكن إجراء انتخابات حرّة دون إطلاق سراح كافة المساجين السياسيين وسن عفو تشريعي عام يعيد إلى ضحايا نصف قرن من الاضطهاد حقوقهم المدنية والسياسية التي تمكنهم من المساهمة في الحياة العامّة. هذه نقاط أساسية يمكن أن تمثل برنامجا ملموسا على مدى العامين القادمين لكافة فصائل المعارضة السياسية الجادّة، الطامحة حقا إلى تغيير الواقع السياسي لبلادنا على طريق إحداث تغيير ديمقراطي حقيقي يؤدي إلى جمهورية ديمقراطية حقيقية، على أنقاض الاستبداد الذي بيّن نصف قرن من تاريخ تونس أنه عدو الديمقراطية التي لا يمكن أن تتحقق لاعن طريقه ولا بالتعاون معه بل بالنضال ضدّه وعلى أنقاضه. وبناء على هذه النقاط يمكن وضع خطط نضالية مشتركة تراعي موازين القوى طبعا، ولكنها لا تستسلم إليها بل تعمل على تطويرها. العمل مع المجتمع المدني وفي صفوف الشعب ومن البديهي أن قضيّة الحريات لا تعني القوى السياسية فحسب، بل تهم أيضا كافة مكوّنات المجتمع المدني من نقابات وجمعيات وهيئات حقوقية ونسائية وثقافية وشبابية، التي نعلم مسبقا أن نظام الحكم سيلتفت إليها لتزكية الرئيس الحالي تكريسا لرئاسة مدى الحياة لذلك من واجبنا أن ننفتح على كافة هذه الفصائل ونتعاون معها حتى يكون الموقف واحدا من هذه المَعَرّة التي تحكم على بلادنا بالتخلّف وتجمّد طاقاتها وتهدد مكاسبها التي تحققت بتضحيات بناتها وأبنائها. وتهم قضيّة الحريات والديمقراطية كافة فئات الشعب، ومن واجبنا أن نتوجّه إليها ونمثل همومها ومشاغلها، التي تأتي في مقدّمتها البطالة والتهميش وتدهور المقدرة الشرائية نتيجة ارتفاع الأسعار وتردّي الخدمات الاجتماعية علاوة على استشراء الفساد الذي لم يسلم منه قطاع بما في ذلك القطاع التربوي. ومن الأكيد أن تعبئة جماهير الشعب حول حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من شأنه أن يساعد على تقريب الحركة السياسية والحركة الاجتماعية بعضها من بعض وهو ما من شأنه أن يسمح بخلق ميزان قوى جديد قبل انتخابات 2009. وخلال هذا المسار يمكن للمعارضة بل عليها أن تجتمع وتقوّم وفي نهاية المطاف تحدد الموقف العملي الذي ستتخذه: تشارك لأن الشروط القانونية والسياسية الدنيا متوفرة أو لأن ميزان القوى تطوّر بشكل يمكّنها من أن تفرض نفسها ميدانيا، أو تقاطع وتستعمل المقاطعة للضغط والفضح ولعزل الدكتاتورية والاستبداد وتبرز للرأي العام الداخلي والخارجي، كقطب مستقل، يرفض دوس السيادة الشعبية، كما يرفض أن يكون شاهد زور وغطاء للاستبداد. إننا مقتنعون بأن المعارضة السياسية قادرة على الفعل في 2009 إذا تسلّحت برؤية سياسية واضحة وببرنامج عمل ملموس ونزَلت إلى الميدان لتكريسه. إن الاستبداد قوي بضعف المعارضة وبتخلّف الوعي السياسي للشعب، وبغياب الأطر التي يتنظّم فيها ويتحرّك من خلالها، وإذا ما تمّ تجاوز هذين العائقين ستتضح هشاشة الاستبداد وإمكانية التخلّص منه إلى الأبد. هذا ما أردت قوله بشيء من الاقتضاب وربما تتوفر لنا الفرصة مستقبلا لمزيد النقاش. حزب العمال الشيوعي التونسي تونس في 28 أكتوبر 2007 (المصدر: « صوت الشعب » اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي التونسي – العــدد 259،  بتاريخ نوفمبر 2007)

 


ندوة عربية في باريس : المحاكم العسكرية في مصر… التعذيب في الجزائر… والإستبداد في تونس!!

 
أنور مالك – باريس: كما ضرب الموعد من قبل مع الإستثناء الذي وعدت به اللجنة العربية لحقوق الإنسان في باريس، فقد أقامت ندوة في بيت الجمعيات الجديد بمدينة مالاكوف بالضاحية الباريسية، تناول فيها المتدخلون قضية المحاكم العسكرية والحريات الأساسية في مصر، وهو موضوع الندوة ولكن الحوار توسع وشمل قضايا مختلفة منها التعذيب في سجون الجزائر والإستبداد بتونس، وتعتبر الندوة الثانية بعد الأولى التي عقدت بلندن وتناولت الحريات في مصر والعالم العربي… قبل الإفتتاح قام الدكتور والمعارض التونسي البارز منصف المرزوقي بقراءة بيان حرره فور التحاقه بالقاعة حول الصحفي التونسي المسجون سليم بوخذير، وطلب من الحاضرين التوقيع عليه تضامنا معه، وهو ما رحب به الجميع من دون استثناء، وخاصة أن الصحفي يعاني الأمرين في زنزانة هي في الأصل مرحاضا تم ايداعه بها، لسبب مواقفه وكتاباته… الندوة قسمت لجلستين، الأولى ترأستها الدكتورة فيوليت داغر رئيسة اللجنة العربية لحقوق الانسان، حيث تناولت الكلمة الإفتتاحية التي جالت فيها بين واقع حقوق الإنسان في مصر والإنتهاكات الفادحة التي تمارس من قبل النظام، وأعطت بعض الإشارات عن الواقع السياسي الذي يتجه نحو توريث للحكم يسير بخطى وعلى حساب قيم الإنسان المتفق عليها دوليا، ولم يغب في كلمتها وطنها الأصلي لبنان حيث ترحمت على العماد المغتال فرنسوا الحاج، ثم دعت لمصالحة شاملة لأجل تجاوز الأزمة التي يغرق فيها وطنها الأم… بعدها أحالت الكلمة إلى التونسي فتحي بلحاج الذي تحدث عن إضراب الجوع في تونس، الذي يشنه أساتذة مطرودون تعسفا وهم معز الزغلامي، علي الجلولي ومحمد المومني منذ 20 نوفمبر 2007، ثم عرج في كلمته المختصرة عن واقع الحرية في تونس، وما يعانيه المعارضون من إستبداد وإضطهاد… بعدها سلمت الكلمة للصحفي أنور مالك والتي تناول فيها قضية وتداعيات تقرير « التعذيب في سجون الجزائر » الذي اصدرته اللجنة العربية مساء الجمعة 07 نوفمبر 2007 وكان له الصدى البالغ سواء على المستوى السياسي أو الأمني، والذي أدان النظام الجزائري بممارسة التعذيب في السجون وكشف تورط وزراء في ذلك، نذكر من بينهم الوزير وزعيم حركة حمس يوقرة سلطاني، والذي كان رده يوم السبت 08 نوفمبر على صدر يومية « النهار » الجزائرية، حيث برر قائلا: « أنا مشغول بحزبي وليس لي الوقت لتعذيب الناس »، مما فسره الكثير من الملاحظين أن الوزير لا يدين التعذيب بل يبرره في حالة وجود الوقت الكافي، وكذلك انتقاصه من شأن اللجنة العربية التي أصدرت التقرير… وقد كشف الصحفي أنور مالك في كلمته أشياء كثيرة حول ما يحدث في سجن الحراش (الجزائر العاصمة) حيث إخترقه رجال الأمن ومارسوا التعذيب لمساجين تناول تقرير اللجنة قضاياهم وأشار لأسمائهم، وناشد كل المنظمات الحقوقية بالوقوف مع هؤلاء المساجين الذين يتعرضون للإضطهاد في زنازينهم… بعدها تقدمت الدكتورة فيوليت بتعليق عن تقرير التعذيب في السجون الجزائرية، وأعطت مقاربة حول ظروف العمل به ونشره، ودعت بدورها إلى ضرورة مناصرة هؤلاء المضطهدين… الجلسة الثانية ترأسها الدكتور هيثم مناع، ونشطها الدكتور محمد سعد الكتاتني وهو رئيس كتلة الإخوان بالبرلمان المصري، والمحامي صبحي صالح موسى والذي هو بدوره نائب عن الإخوان… البداية كانت بكلمة من الدكتور هيثم مناع والذي إفتتحها بكلمات خفيفة الظل في صورتها وعميقة بمعانيها، حيث لما جلس بين النائبين أشار إلى أن الجلوس بين شخصين من الإخوان المسلمين دليل على أن الوحدة ممكنة، ثم راح ينتقد مسيرة هذه المحاكمات العسكرية والمحاكمة الأخيرة التي دامت عام، وأعتبرها كارثة للعائلة وللمحامي وللمتهمين، حيث مما أشار إليه تلك الكيفية التي يتم بها نقل المتهمين إلى المحكمة، وانتقد بشدة السيارات المستعملة والتي شبهها بإسطبلات، والتي يتم التبول فيها لأجل الحط من كرامتهم، ليقول: « أنها محاولة إذلال للمتهمين ولكن في الحقيقة هم الأذل… »، ثم إسترسل في الحديث عن الإعتقال ومدة التوقيف التي لا تحترم، واعتبر أن التوازي بين القضاء العسكري والقضاء المدني جاء لضرب القيم الإنسانية، وإستنكر بشدة محاكمة مدني أدى واجب الخدمة الوطنية بمحكمة عسكرية، ليزيد في إنتقاده للقضاء العسكري الذي يتجاوز رسالته الحقيقية في مثل هذه المحاكمات الهزيلة، ليذهب بعيدا في رؤيته حيث أن المحاكمات التي تجري الآن هي مقدمة لمحاكمات قادمة، فقد بدأت بالإخوان وتنتهي بالليبراليين على حد تعبيره، بل ذهب إلى نعتها بأنها عمليات تجريب تستهدف هؤلاء الكوادر، فإن نجحوا في الحكم عليهم فإنه لن ينجو أحد منها… أيضا أن وجود نواب من الإخوان في العاصمة الفرنسية هو في حد ذاته أمر هام للغاية، وتجدر الإشارة إلى أنه كان من المفروض أن يلتقي نواب الإخوان مع نواب فرنسيين ولكن ألغي ذلك بسبب تداعيات زيارة الزعيم الليبي القذافي إلى باريس… بعدها احال الدكتور هيثم المجال للدكتور محمد سعد الكتاتني، الذي إفتتح كلمته بالشكر الجزيل للجنة العربية لحقوق الإنسان التي أتاحت له الفرصة، ووجه شكره الخاص للدكتورة فيوليت والدكتور هيثم على تحملهما مشاق السفر نحو بلاده ومحاولاتهم لحضور جلسات المحاكمة، بعدها بدأ الحديث عن القضية والتي وصف ملفها بـ « الضخم والمؤثر »، ليبدأ في محاضرته التي قسمها لمحاور، بدأ ها بتساؤلين: لماذا هذه القضية؟ ولماذا هذا التوقيت بالذات؟، ليصف أن ما يقوم به النظام بالمسلسل، لأن المحطة الآن هي القضية السابعة لتحويل قيادات الإخوان للمحاكمة العسكرية في ظرف 10 سنوات، ليردف في حديثه هذا عن طبيعة المتابعين حيث وصفهم بأنهم صفوة المجتمع، من أطباء ونقابيين وأساتذة جامعيين، ثم أشاد بنواب الإخوان وبالشعبية التي يتمتعون بها، وقد تعجب كثيرا من التهم الموجهة إليهم والمتمثلة في تمويل الإرهاب وغسيل الأموال، جاعلا منها مجرد باطل لا أساس له، ونفى نفيا قاطعا وجود أي علاقة لهم بكل ما ذكر، أما في إجابته عن تساؤله حول التوقيت المختار، فقد أرجع ذلك إلى صعود الإخوان التدريجي وحيازتهم لثقة الشعب (88 نائب – 10 % من النواب)، وهذا الذي أثار حفيظة النظام المصري، وبدل المنافسة لجأ إلى أسلوبين حسب رأيه: الأول ويتمثل في منعهم من تشكيل حزب سياسي، أما الثاني فهو إعتقالهم وتشويه صورتهم ومحاكمة القيادات عسكريا… ليضيف أن هاجس النظام الآن هو الخوف من فوز مرتقب للإخوان في إنتخابات مجلس الشورى، إلى جانب سعيه إلى نقل السلطة وتوريثها من دون أي تأثير يعوق هذا التحول، إلى جانب مواقف الإخوان التي تساند القضايا العادلة والتنظيمات الجماهيرية الأخرى، التي بدورها وقفت ضد التعديل الدستوري المكرس للإستبداد، أمر آخر أشار اليه الدكتور الكتاتني والمتعلق برسالة وجهها النظام لأمريكا من خلال توجيه تهم تتعلق بالإرهاب، وهو ما تسعى إليه الكثير من الأنظمة لكسب ود البيت الأبيض، جانب آخر لم يغفله المحاضر ويتعلق بالمساعدات المقدمة للشعب الفلسطيني والدور البارز للإخوان فيه، لذلك يسعى النظام المصري لمنعها من خلال ما يطال الإخوان من تجاوزات، والمحاكمات بحد ذاتها تهدف إلى تغييبهم وحرمانهم من الترشح للإنتخابات القادمة حتى تضعف شعبيتهم كما أكد النائب الكتاتني… أما المحور الثاني من محاضرته والذي جعله يدخل في إطار إنتهاك أسس العدالة، وإن كان ترك التفاصيل لزميله المحامي إلا أنه أشار إلى بعض النقاط البارزة في القضية، منها عدم وجود دليل محدد يخص أي من المتهمين، أيضا أحكام القانون والدستور المنتهكة، إصطناع الدليل لموافقة الإتهام، المحكمة العليا السرية… ليشير إلى بعض الأسماء التي حضرت لمناصرة قضية الإخوان منها طبعا الدكتور هيثم مناع، الدكتورة فيوليت داغر، الصحفية الانجليزية إيفون ريدلي، الحقوقي الاردني سميح خريس، وزير العدل الامريكي السابق رامزي كلارك، الناشط الحقوقي الامريكي بورس نستور، الدكتور عمار القربي… الخ، أما المحور الثالث من مداخلته فقد أعطى فيه صورة عن إنتهاكات حقوق الإنسان للمحالين للقضاء العسكري، ومن بين الإنتهاكات التي تحدث عنها، بدأ بإنتهاك الحرية الشخصية وحرية المسكن حيث تم ترويع الأطفال والنساء والمعاملة الهمجية، أيضا تحدث عن إنتهاك الحقوق القضائية للمتهمين وذلك بعدم إحترام قرارات القضاء المدني بالإفراج عنهم، الإهمال في الرعاية الصحية، سوء إستعمال سلطة الحبس الإحتياطي، سوء معاملة المدعى عليهم، نقلهم لجلسات المحاكمة في سيارات مهينة، إيداعهم أثناء المحاكمة في أقفاص حديدية ضيقة، تسارع جلسات المحكمة بسبب إرهاق المدعى عليهم وحتى المحامين، عدم إصدار تصاريح لزيارتهم في السجن مما يقطع الصلة بين المحامين وموكليهم… في الأخير أكد أن الإتهام ملفق لا أساس له والغرض منه إقصاء المعارضين من الحياة السياسية المصرية. تحال الكلمة للمحامي صبحي صالح منصور، والذي أعطى لمداخلته الطابع القانوني وأعتبرها مرافعة لبيان إجراءات التعسف في حق المدعى عليهم، ومن مجمل ما أشار اليه أن القبض على المتهمين جاء على خلفية أحداث جامعة الأزهر، وأكد أن الطلاب هم من قام بها، وتم إستبعادهم من الإتهام، وتعجب من التناقض الصارخ في القضية، أيضا إسترسل بلغته التي شدت إنتباه الحضور إلى مسالة قرار الإفراج الذي صدر والملزم بالإفراج الفوري وبلا ضمان ولا متابعة، ولكن تم إعتقالهم مجددا فور الإفراج هذا، وإنتقد وزير الداخلية الذي إعترض على قرار الإفراج، واصفا الحكومة من أنها « أفلست بيديها الإثنيتن »… ليزيد في مسائل مختلفة منها الطعون المقدمة سواء كانت في قرار الإحالة أمام مجلس الدولة… وأطلق على ما يجري لفظ مصري شهير وهو « البلطجة »، ليتساءل: أين القانون؟ وبأسلوب ساخر: نحن لا نعرف بأي قانون نحاكم، ليجعل المحاكمة العسكرية لكوادر الإخوان تتعارض مع أكثر من 35 مبدأ دستوري، و33 نص من الدستور يتعارض مع هذه المحاكمات التي وصفها بغير القانونية ولا الدستورية، إضافة أن المحاكمات لم تكن علنية كما يفرض القانون، وأقل دائرة العلنية هي لعائلات المتهمين وهذا الذي تم خرقه، ليعود في الحديث بصفته محامي المدعى عليهم عن الصعوبات الكبيرة والعراقيل المختلفة التي يتلقونها، والتي يهدف من ورائها لحرمان المتهمين من حقهم في الدفاع، ليفيض في وجوه مختلفة تؤكد عدم دستورية المحاكمة، كالطعن المقدم منذ 1995 ولم يفصل فيه، المادة 86 مكرر مطعون فيها بعدم دستورية نص الإحالة، أيضا عدم دستورية الإختصاص، المحاكمة أمام محكمتين في قضية واحدة… المحاضر أيضا لم يغفل بعض الأمور التي تجعل من هذه المحاكمة مجرد مهزلة كما أطلق عليها من خلال كتاب وزع في الندوة، كسرقة الاحراز التي تستند عليها مباحث أمن الدولة كركن ثاني في الاتهام، وأيضا ما يتعلق بالشاهد الضابط عاطف الحسيني الذي كانت إجاباته كلها « لا أعلم »، « لا أدري »، « معلومات سرية »، « مصادر سرية »، « أفضل الاحتفاظ بالإجابة »… الخ، ليختم حديثه بقوله: « أن الملاحظات كثيرة جدا ولا أريد أن أتجاوز الوقت »… بعدها علق الدكتور هيثم قائلا: « أن المحامي صبحي محامي الحريات وليس الإخوان فقط »، ليقدم ملاحظته حول التراجع الخطير حيث انه في عام 2002 تم السماح لوفد اللجنة العربية بدخول قاعة المحكمة، ولكن منعوا مؤخرا من ذلك، ليحيل الكلمة للدكتورة فيوليت التي قرأت مداخلة مكتوبة أرسلها الدكتور محمد السيد السعيد وهو كما وصف « رجل علماني ورئيس تحرير صحيفة البديل »، والذي بدوره إنتقد المحاكمة العسكرية التي وصفها بأنها إختراق للدستور، وفصل في النتائج المدمرة لهذه المحاكمات على المدنيين والمجتمع المدني، ليعود في حديثه للعلاقة القهرية بين المدني والعسكري، معطيا الصور المختلفة التي منها يشرع الإستبداد، ليؤكد أن الحكم العسكري في مصر بدا عام 1952، وأن حسني مبارك هو الوحيد الذي حكم بقانون الطوارئ منذ أكثر من 26 عاما، عرج أيضا على القوانين الإستثنائية ليصل إلى نتيجة مفادها أن المجتمع سيصل لتقهقر وتفكك وإلى القابلية للإستعمار على حد نظرية الفيلسوف مالك بن نبي… بعدها فتح المجال للنقاش حيث بدأ بمداخلة للصحفي أنور مالك عن المحاكمات العسكرية للمدنيين والمحاكمات المدنية للعسكريين في الجزائر، موضحا أن ذلك هو ديدن الأنظمة المستبدة، وبعدا طرح أسئلة على المحاضرين، مداخلة أخرى كانت خفيفة الظل للدكتور منصف المرزوقي، حيث انه قال: « كم نتمنى يا مصريين أن نكون في جهنمكم؟ » معرجا طبعا عن حال الديكتاتورية في تونس، ومما سجل أيضا مداخلة للتونسي عامر العريض وهو رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة المعارضة، مؤكدا أن القضية سياسية تهدف إلى تحجيم المعارضة، وطرح تساؤلا أجاب عليه النائب الكتاتني، ثم مداخلة للتونسي منير سليني وهو ناشط ايضا في مجال حقوق الإنسان، حيث أعطى لطيفة أضحكت الحضور من أن السجن لم يذكر في القرآن إلا في مصر… مداخلة أيضا للحقوقي فاروق سبع الليل الذي حاول أن يجعل منها نيران صديقة، فتحت شهية الحوار الموسع حول قضايا مختلفة تتعلق بالحريات في العالم العربي وتجارب الإخوان في الجزائر والأردن وتركيا… أيضا مداخلة أخرى للكاتبة اللبنانية الدكتورة حياة لحويق التي أعطت مقاربة دقيقة لم تغفل فيها الشأن اللبناني الذي إنتقدته كثيرا… النقاش تواصل حتى 11 ليلا وتبادل الحاضرون أثناء تناول وجبة العشاء الكثير من الآراء والنقاشات… خلال الندوة تم توزيع كتبا أصدرتها اللجنة العربية لحقوق الإنسان عن قضية الصحفي تيسير علوني وكتاب آخر باللغة الإنجليزية عن السجين سامي الحاج وتقرير عن التعذيب في سجون الجزائر، ثم منشورات مختلفة عن قضية المحاكمات العسكرية التي تجري في مصر… وبيان وقعت عليه مؤسسات مختلفة كالشبكة العربية لحقوق الإنسان والجمعية المصرية لمناهضة التعذيب ومركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية… يدعو كل المنتمين للقوى الحية في مصر إلى عدم التواطؤ في أي جهة في جريمة السكوت على قمع مواطنين مصريين… ونحن نقوم بتحرير هذه التغطية بلغنا من أن القضاء المصري قد اسقط التهم التي تتعلق بالإرهاب وغسيل الأموال في حق كوادر حركة الإخوان، وتبقى بلا شك قضية الإنتماء إلى جماعة محظورة محل جدل تتقاذفه أمواج السياسة وأخرى للقضاء.
 
المصدر : موقع صحيفة « وطن » (تصدر بالولايات المتّحدة) بتاريخ السبت 16 ديسمبر 2007 . الرابط :
 

 


مجرّد سؤال: أليس في محاربة الحجاب محاربة للإقتصاد التونسي؟!

 

« ولم تفلح كل محاولات الأستاذ الجامعي العراقي وزوجته في إفهام رجال الأمن والشرطة التونسية في المطار بأنهما أستاذان جامعيان عراقيان في بريطانيا وأنهما أحبّا أن تكون تونس محطة استراحة لهما قبل أن يتوجّها إلى العراق، وتمّ احتجاز الدكتورة وقضت ليلة في مركز شرطة المطار، وفي الصباح تم تسوية الأمر وأطلق سراح الدكتورة دون أيّة كلمة اعتذار لأنّ ضابط المركز كان يكرّر عبارة مفادها أنّ هذه هي القوانين التي أصدرها سيادة الزعيم التونسي، وواجبنا تنفيذها (حتى لو كانت المرأة ضيفة على أرض تونس)« …

 

فقرة من مقال الدكتورة نجاح العطيّة، منشور على صفحات تونس نيوز بتاريخ 16 ديسمبر 2007، خصّصته للحديث عن التصرّفات العار المارقة في أرض عقبة والزيتونة. وقصّة الدكتورة العراقيّة وزوجها المتيّمين بحبّ تونس تعود إلى سنة 2004، تاريخ رجوعهما إلى العراق عبر تونس الخضراء… والذي لفت انتباهي في القصّة هو « عدالة » شرطة المطار، حيث نفّذوا تعليمات زعيمهم وإمامهم (وفرعون كان إمام قومه) دون تفرقة بين تونسية وغير تونسية ودون بذل الجهد في التعرّف على المرأة قبل بدء التنفيذ، إذ الأهميّة – بالنسبة لهم – لا تكمن في اللاّبس (الشخص) وإنّما تكمن في الملبوس (الحجاب)، ما يؤكّد بأنّ الحرب ضدّ الحجاب ليست – كما يريد أن يسوّق النّظام التونسي العار على تونس – ضدّ رمز سياسي (حركة النهضة تخصيصا) وإنّما هي ضدّ تشريعات الإسلام، دين الله الخاتم. كما هي استخفاف أيضا بأبسط حقوق الإنسان العربي المسلم (والتونسي منه) الذي اختار لنفسه الستر بدل أن يعرض نفسه لحما فاسدا قد تكأكأ عليه كلّ رخيص ووضيع…

 

على أنّ في الموضوع أمرا آخر بالغ الخطورة، ويتمثّل في عمل النّظام التونسي – وعى ذلك أم لم يع وظنّي بالرّجوع إلى مداركه أنّه لا يعي – على استبعاد وطرد نوع معيّن من ضيوف تونس، لعلّه يكون أكثر فائدة للبلاد من أولئك العراة حاملي جنود فقدان المناعة الذاتية. فيكون بذلك شأنه شأن من قام بعمل إرهابي (وقد أرهب الدكتورة حاملة الحجاب) لمحاربة نموّ القطاع السياحي في البلاد، وبالتالي محاربة الإقتصاد التونسي. وهو لعمري عمل مشين لا يمكن القبول به خاصّة إذا علم مَن لم يعلم بأنّ النّظام التونسي وأجهزته الأمنيّة وجنوده من الفاسقين (لجان الأحياء والصحافة المأجورة) قد نشطوا جميعا على ذات السبب، ذات مرّة، فدلّسوا الملفّات وأعدموا الرّقاب الصالحة البريئة تأكيدا منهم على « حبّهم » لتونس وترسيخا لـ »وطنيتهم »….

 

عبدالحميد العدّاسي، الدّانمارك

 

بسم الله الرحمان الرحيم                                                       تونس في 2007/12/17 والصلاة والسلام على أفضل المرسلين                                         بقلم محمد العروسي الهاني الرسالة رقم 361                                                            مناضل كاتب في الشأن التونسي و العربي على موقع تونس نيوز 

 

إلى الإعلام الحر وخادم الحرمين الشريفين في الصميم وضع النقاط على الحروف

تهاني عيد الإضحى المبارك السعيد لكل قلب سليم ولكل مؤمن مخلص للإسلام والعروبة

 
من أعماق الأعماق أتقدم بواسطة منبر الإعلام الديمقراطي منبر الواقعية والصراحة المنبر المفتوح للجميع منبر تونس نيوز العالمي ومن خلاله قناة المستقلة وقناة العربية وقناة الحوار وقناة الجزيرة وقناة إقرأ لأعبر عن أسمى مشاعر المسلم الوفي والمؤمن الخالص لدين الله ولمبادئ الإسلام الحنيف ولرسالة سيد الخلق ورسول السلام والمحبة والتسامح محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبهذه المناسبة السعيدة والعيد المبارك يسعدني أن أرفع أسمى آيات التهاني القلبية الحارة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود على مبادرته الكريمة ودعوته الأخوية ولفتته الأبوية الصادقة لأخيه أحمد محمود نجاد رئيس الجمهورية الإسلامية الإيراني و بدعوته لزيارة البقاع المقدسة بمناسبة أداء مناسك الحج لعام 1428هجري وهي دعوة كريمة ….لها أكثر من معنى وبعد وهي تدل على عمق المشاعر وصفاء القلوب والتضامن والتسامح وهي أيضا رسالة بليغة لكل من يريد أن يدخل بين الظفر واللحم وبين الأشقاء والقادة وبين الإخوة في الإسلام وهذه هي الدعوة الثالثة في ظرف وجيز بعد الدعوة الأولى لزيارة المملكة العربية السعودية زيادة دولة للتفاهم والتقارب والتضامن ثم المرحلة الثانية دعوة الرئيس محمود أحمد نجاد لحضور قمة المجلس الأعلى الخليجي والمساهمة بصفة فاعلة وملموسة وقد استمع قادة الدول الخليجية لخطاب الرئيس الايراني الضيف وبعد الخطوتين البارزتين أبى خادم الحرمين الشريفين إلا أن يدعم ويجسم هذه الأنشطة والمحادثات بدعوة أخيه محمود أحمد نجاد لأداء مناسك الحج والقيام بفريضة الحج والطواف بالكعبة الشريفة والسعي بين الصفاء والمروى والوقوف على جبل الرحمة عرفات ورمي الجمرات وطواف الإفاضة وبعد اتمام مناسك الحج يتحادث مع خادم الحرمين الشريفين في أقدس مكان وأعظم وأشرف بقعة في مكة المكرمة أرض الوحي ونزول القرآن الكريم على قلب حبيب الرحمان الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأزكى التسليم ما أسمى هذه الدعوة وما أكرم هذه المناسبة وما أعظم هذه الأيام التي ذكرها الله في كتابه العزيز « والفجر وليال عشر والشفع والوتر » صدق الله  العظيم. ما أجمل هذه اللفتة العزيزة بالمعاني السامية وما أعمق هذه الدعوة الصادرة من رجل الحكمة والعقل السديد خادم الحرمين الشريفين ليقول للعالم وللغرب بصفة خاصة ولإسرائيل وأمريكا بصفة أدقّ إن الأخوة الإسلامية أسمى وأن الإسلام أقوى وأن المحبة أعظم وأن ديننا الحنيف هو دين التسامح يدعونا للتفاهم والتعاون والتضامن والإنسجام والقوة والوحدة ضد أعداء الإسلام حقا إنها رسالة بليغة هامة جديرة بكل عناية وبكل تعليق وجديرة بكل تنويه وجديرة بأن نعطيها أبعادها الأخلاقية والحضارية والدينية والتاريخية وهي أيضا رسالة لكل المغرضين الذين لا هم لهم إلا تعكير الأجواء بين المسلمين….وأنها أيضا رسالة لضعاف الإيمان حتى يجددوا إيمانهم ويتسلحوا بروح الإسلام وينزعوا عنهم الخوف والريبة من ظلم الأمريكان وبهذ المناسبة السعيدة المباركة يسرني ويسعدني أن أبارك هذه اللفتة الكريمة وأدعو الله تعالى أن يسدّد خطى الملك وأن يوفقه لما فيه خير عزة ديننا الإسلامي وأن يكلل جهوده بالعون والتوفيق والنجاح لما فيه قوة وعزة الإسلام والمسلمين وأن ينزع فتيل القتال بين الأمة الواحدة والدين الخالد وأن يعيد هذا العيد بالنصر والتمكين لكل المجاهدين المسلمين من أجل نصرة الإسلام وإعلاء شـأنه بنصر من الله مبين وأن وعد الله حق ختاما أهنئ إخواننا في موقع تونس نيوز وأشكرهم على الجهود المبذولة لدعم صوت العربي الأصيل وإخواننا في قناة المستقلة الديمقراطية التي تسعى بإبلاغ صوتنا وهي منبر إعلامي هام وإلى إخواننا في قناة الجزيرة أول فضائية عربية تسعى لإبلاغ صوت الامة ورفع شان وراية الإسلام خفافة وإلى قناة العربية هي الأخرى تعمل لدعم الحق ودعم الإعلام العربي وإلى كل العاملين فيها وإلى قناة إقرأ قناة الإسلام والقرآن والأخلاق وكل العاملين فيها وإلى أسرة التحرير فيها وإلى كل الإخوة في المهجر من أبناء تونس البررة الكرام من عمال وطلبة وأدباء ومنفكرين وسياسيين ورجال أعمال وصحافين وفنيين وعلماء دين وإلى كل قادة الدول العربية والإسلامية ونتمنى لهم التوفيق والنجاح حتى يدعموا روح الأخوة الاسلامية ويرفعوا راية الإسلام وحبهم لأوطانهم ولشعوبهم وأن يعدلوا ويطلقوا سراح المساجين ويرفعوا عنهم الأغلال وأن يرفعوا حالة الطوارئ علىالإعلام حتى يعبر كل مواطن برأيه بحرية ومصادقية بعيدا عن الإقصاء والتهميش هذا هوعيد التسامح أيها القادة والله ولي التوفيق قال الله تعالى : »ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون » صدق الله العظيم.                                                       
محمد العروسي الهاني هـ : 22 022 354


 

ورقة التوت أسفل «سقيفة الغدر»!!!

 
سواء شكّل الصحفيون ذلك القطاع النوعي والمتميّز أو هم من عامّة الناس، سواء أحسّوا أن من أقلامهم ينبت العالم ومن فكرهم تأتي الحقيقة، سواء ركنهم أهل السياسة وازدروهم أو رموا لهم ببعض العظم يتسلّون به… سواء قلنا بولاية الصحفي ووجوب أن يكون «تلك المرجعيّة» التي على العالمين أن ينالوا منها البركة. سواء هذه أو تلك، فقد وجب القول أنّ قطاع الصحافة صار يحظى فعلا هذه الأيّام بما ردّدناه دائمًا «ذلك الاهتمام الكبير»!!!!   لم يكن أن صرنا تحت هذا الكمّ الهائل من الأضواء ونحن من اعتاد تسليط هذه الأضواء، والمراوحة بين «تغطية» الأحداث من ناحية و«كشف» ما نراه حقيقة!!! غريب فعلا أن يصير الفاعل مفعولا به….   هذه الحالة غير المألوفة أدخلت فرحًا في بعض النفوس وجعلت آخرين يتوجّسون ريبة حين كان الشكّ ولا يزال أداة فعلنا الأوّل، فما بالك حين يتحوّل إلى غريزة بقاء ومفتاح للوجود…   أمّا وقد صرنا «فرجة»، فقد صار هذا يدلي بدلائه وذاك يرمي بسهامه وآخر فضّل القبوع في الظلّ والانزواء في الظلام، يرقب تجلّي غبار المعركة، علّه يرفع شارة النصر والهزيمة منه مأخذ!!!! تلك «واقعيّة» المشهد كما هو فعلا، سواء أشعر البعض بالقرف وجعل الجبين منهم يندى أو هم كمثل البوم يعشقون الخراب ويمتهنون الجلوس فوق التلّة…   وجب الاعتراف أيضًا، أنّ بعض أهل القلم، هم أشبه بذلك الطبيب الذي يؤسّس لمنع التدخين وينصح مرضاه بالتوقّف عن تناول هذا السمّ، وهو يحرق السيجارة تلوى الأخرى. هؤلاء يكتبون عن الديمقراطيّة، عن الحريّة، عن وجوب احترام الرأي المخالف، وضرورة القبول بتقاسم المجال الحيوي مع من هم على خلاف أو اختلاف معه، إلى غير ذلك من الحديث المطنب عن الحريّة والكلام المحلّى بالمرجعيات الإنسانية، دَيدنهم في ذلك مقارعة السلطة بمختلف أقطابها واختلاف الفاعلين فيها، والمزايدة على المعارضات، مع كانت تسميات بعضها وتوصيفات البعض الآخر. يزايدون ـ من خلال القول ـ على الجميع ويدّعون في كلّ الأمور كلّ المعارف وكلّ ما أدركته البشريّة…   حين وجب أن ننظر إلى الناس جميعًا، وإلى الصحفيين خصوصًا من خلال ما يتجلّى لنا من تباين بين القول والفعل، بين الموقف الكلامي والأداء الفعلي، يكون من الأخلاق أيضًا ألاّ ننزل إلى درك الرجم بالغيب والأخذ بالريبة، بل أن ننظر إلى ما بدا من قول وما تجلّى من فعل…   قد ـ ونقول قد من باب ما يلزم به الاختلاف من تحفّظ ـ تتباين مواقفنا بخصوص بعض النقاط من بعض جوانب الأخلاق ومراتب الرجولة ومنازل الأنوثة (حين وجب الاعتراف بما تحمل هذه القيمة النسويّة من نبل وما تحيل عليه من شهامة)، لكنّ الأصل ثابت، وليس لعهر العولمة الزاحف أن يجعل الدعارة الفكريّة خصوصًا والبغاء القلمي من حسنات الفعل وجميل الخصال…   الراجع إلى «رسالة الغفران» لأبي العلاء المعرّي وشبيهتها «الكوميديا الإلهيّة» للشاعر الإيطالي دانتي، يلاحظ أنّ هذا الشاعر وذاك قد أنزلا إلى أرذل المراتب، أيّ «سقيفة جهنّم»، صنف من البشر حاول الجلوس على مقعدين والمراوحة بين مجلسين والقول بكلامين، هذا يُرضي به ذاك وذاك يسكت به هؤلاء…   قد نختلف مع «رجال السلطة» وقد نقف ضدّهم وربّما نغلبهم يومًا وينتصرون يومًا، لكنّنا نحترم من يحترم نفسه منهم ومن يصدق ذاته قبل مصادقة الآخرين، أمّا «القافز» بين المقاعد، ذلك الذي ينظّر لضرورة اللين حينًا ووجوب التأقلم وشرعيّة التراجع أحيانًا، بل لعق بصاق الآخرين حين يجب الأمر، فالواجب يدعونا إلى شدّ الرحال إلى قبر المعرّي ومن بعده إلى دانتي نوقظهما علّهما يصنعان للسقيفة سقيفة… تكون أسفل «سقيفة الغدر»!!! صرنا إلى ساعة الحقيقة ولحظة الحقّ وموعد الصدق وميعاد الحسم… ومن يراهن على «عطف السلطة» و«سذاجة الصحفيين» لتحقيق مآربه، فعليه الخلود إلى النوم لأنّ الكوابيس وحدها قادرة على تحقيق هذا الطلب….   (المصدر: صحيفة «مواطنون» (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 40 بتاريخ 12 ديسمبر 2007)

 للأسف
 
بقلم: مهاجر تونسي    تقول الله أكبر و تصلي صلاتك… تصير ارهابي    للأسف تربي ولدك على الدين و القرآن… تصير متخلف    للأسف تقول الحقيقه والواقع… تصير كذاب    للأسف تدور على الرزق الحلال… تصير طماع   للأسف تضرب الظالم … تصير ظالم   للأسف تحلم تصير واحد من الأدباء والعلماء … تصير مجنون    للأسف تشوف المنكر و تعجب فيه … تصير فاهم   للأسف تحمي عيالك من الحرام… تصير « غريب اطوار »    للأسف تسكت عن الحق… تصير مطلووووب …… تتكلم بالحق… تصير منبووووذ   للأسف تطول اللحيه تقصر الثوب… تصير ملتزم … تطول اللحيه تقصر الثوب تحفظ القرآن تصلي الصلوات و السنه وتعمل بما امرك الله ورسوله… تصير متشدد   للأسف تكحل العين وتلحن الصوت تسحي الشعر… تصير إعلامي .. تتغنا بحياء وسط تفاهة البنات تصير فناااان    للأسف تحسن وتصفي النيه… تصير صايع للأسف مع أهله شيء و مع اصحابه شيء ثاني للأسف ناس ما تماشي الا  » ناس » و بشر ما ودها تعرف إلا « بشر »   للأسف ترمي امك للدار العجزة و تنساها… لأجل زوجه حاقده عليها و عليك    للأسف شاب يحب شابه ( مجرد لعب جهال ) … سموه « بغرام احباب »    للأسف ناس في منتدى « الحوار الهادف » غير … و في الحياة الطبيعيه غير (يقولون مالا يفعلون)    للأسف تعز انسان ما يعزك… تكرم انسان ما يكرمك… تذكر انسان ما يذكرك… فالاخير يقولك : ليش تهجرني وما تحبني   للأسف صار بعد كل الكلام كلمة « الأسف »… والحين صارت كلمة « الأسف » قبل كل الكلام
(المصدر: موقع « الحوار.نت » (ألمانيا) بتاريخ 17 ديسمبر 2007)

 
 تهنئة بالعيد
هند اهاروني:

 

In the name of ALAH the Merciful and Prayer and Peace Be Upon our Prophet MOHAMED Tunisia on monday 17th of december, 2007 We have appointments with happy successive occasions these days and الحمد لله they are happy and memorable ones both on the level of our personal life as well as upon that of our relationship with ALAH and our Islamic religion : – my dear brother Abdelkarim’s birthday is today, monday 17th december, 2007! : To my brother I say, « my brother and friend Abdelkarim, I pray ALAH to protect you and grant you more patience and wisdom, lighten your path and triumph you in your struggle for freedom and rights and strengthen you to overcome the long lasted prison pain and of course send you from the bottom of my heart all my best wishes at this birthday occasion hoping you will successfully achieve your objectives in life ». – pilgrimage and  Aîd Al Idha on wednesday and thirsday 19th-20th of december : To my brother again, I say : » Welcome back to us and

 
عيد فطر مبارك و الله يحفظك و كلّ عام و أنت بخير و الله ندعو أن ييسّر لنا الحجّ معا قريبا بإذنه إلى بيته الحرام مكّة المكرّمة و المدينة المنوّرة و يتقبّل والدتنا السّيّدة رحمها الله في مكان صدق عند مليك مقتدر-آمين & To our family, friends and muslim nation, I say : » عيد إضحى مبارك و سعيد و الله نسأل أن يثبّتنا على اتّباع دينه و سنّة نبيّه سيّدنا و حبيبنا محمّد صلّى الله عليه و سلّم وأن يتقبّل منّا صالح أعمالنا و يهدينا سبل الرّشاد و يغفر لنا خطايانا  و يجعلنا ممّن يقبل الله اليهم يوم القيامة و هو ضاحك إليهم و راض عنهم و بشربوا شربة هنيئة من يد حبيبنا محمّد صلّى الله عليه و سلّم من حوض الكوثر لن يضمؤوا بعدها أبدا-آمين يا ربّ العالمين و أن يجمع شمل كلّ العائلات بأحبّائها من سجناء سياسيّين بعودتهم سريعا اإلى ديارهم في تونس و في كلّ مكان قال الله سبحانه و تعالى: »واعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرّقوا ».  صدق الله العظيم * كما أنّني أتوجّه في هذه المناسبة إلى كلّ أخ و أخت  أكرمها الله بالحجّ و إن شاء الله بالوقوف على جبل  عرفات أن تتذكّرونا بالدّعاء في ذلك المكان المقدّس .و جزاكم الله عنّا كلّ خير
 

بعد الطيارين:

286 فنيا في صيانة الطائرات سيهاجرون إلى الخليج.. والعدوى وصلت إلى الجزائر…

 
كنّا انفردنا في شهر فيفري الماضي بخبر هجرة الطيارين التونسيين إلى الخليج واليوم ننفرد بخبر هجرة الفنيين التونسيين، حيث يعتزم 22 عونا فنيا لصيانة الطيران بشركة الخطوط التونسية، ممّن لهم الكفاءة العالية والخبرة الطويلة، مغادرة مواقع عملهم بتونس نحو شركة طيران الخليج.   فقد علمت «الشعب» من مصادر خاصّة أنّ مسؤولين من طيران الخليج الإماراتية قد قدموا مؤخرا الى تونس وقاموا باختيار مجموعة من فنيي الطيران وتمّ قبول 22 فنيا حيث طلب منهم الاستعداد الى التحوّل بسرعة إلى دولة الإمارات. وكانت دفعة أولى تقدّر بـ 6 فنيين قد انطلقوا في العمل بالإمارات منذ مدّة. وتقدّم شركات طيران دول الخليج حاليا اغراءات كبيرة للطيارين والفنيين. فبالنسبة للطيارين فإنّ الأجور المقترحة قد تصل إلى أكثر من 17 مليون دينار، أمّا بالنسبة للفنيين فإنّ الأجور قد تفوق 8000 دينار تونسي اضافة إلى عديد المنح وتوفير السكن والتغطية الطبية الشاملة. ويعتبر ملف هجرة الطيارين وفنيي طيران شركة الخطوط التونسية ملفا شائكا رغم أنّ المؤسسة قامت بتحفيز الطيارين لوقف هذه الهجرة المضرّة للشركة. ويقدّر عدد فنيي الطيران حاليا بـ 500 فني موزّعين على المطارات التونسية، كما علمنا أنّ الإدارة العامة قد استبقت هذا الخطر بإنتداب 200 عون جديد متكوّن في برج العامري. وتعتبر اليد العاملة التونسية في الطيران من الكفاءات المطلوبة بشدّة بدول الخليج، نظرا للسمعة الطيبة التي تتمتّع بها شركة الطيران التونسية. وهذه الإشكالية التي تعيشها الخطوط التونسية تشتكي منها أيضا الخطوط الجوية الجزائرية حيث صرّح رئيس نقابة الطيارين الجزائريين لصحيفة «الشروق اليومية» الجزائرية أنّ  40 طيارا جزائريا غادروا الشركة نحو قطر والامارات وسلطنة عمان. وأكد أنّ حركة هجرة عمّال القطاع الجوّي أخذت في الاتساع وتهدّد القطاع ككل، وكانت نقابة الطيارين الجزائريين قد وجهت رسالة إلى الحكومة ووزير النقل حول وضعية الهجرة نحو بلدان الخليج مركزة على ضرورة تحسين الراتب وظروف العمل. ونقلت صحيفة «الشروق اليومية» تصريحا للسيد مسعود بن شمّام مدير الطيران بوزارة النقل اعتبر فيها «أنّ مشكلة هجرة الطيارين الجزائريين لا تخص الجزائر وحدها وهي تشمل عددا من دول افريقيا من بينها تونس موضّحا أنّ هذه الأخيرة حالتها أعوص مرتين أو ثلاث من الجزآئر». وأفاد أنّ الإغراءات التي تعرضها كل من الصين والهند ودول الخليج باتت تستقطب الطيارين عبر أنحاء القارّة الافريقية مؤكدا أنّ لجوء هذه الدول يعود الى الحاجة في مواجهة التطور الحاصل في مجال النقل الجوي.    غسّــان القصيبي   (المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 15 ديسمبر 2007)

خمسون الاثر:

… من متعة المشاهدة الى لذة النص!!!

 
إبراهيم خصومة   تزامنا مع ايام قرطاج المسرحية اتحفتنا دار الجنوب للنشر بتونس باصدار جديد يندرج في اطار سلسلة «المسرح الحي» حاملا للنص المؤسس للمسرحية الحدث «خمسون» للممثلة القديرة والكاتبة السيدة جليلة بكار.   الاصدار الجديد «خمسون» الذي جاء تقديمه للقارئ العربي عموما والتونسي على وجه الخصوص على علته، في إطار ايمان دار الجنوب للنشر بدينامكية الفعل المسرحي وعلاقته التلازمية بالحياة وجاء ايضا امتدادا لذات التمشي الذي اختارته هذه الدار الرائدة نشرا ودعما للثقافة الجادة والابداع الفكري الرصين كما انه يتنزل في سياق اصداراتها لعدد من العناوين ضمن سلسلة «المسرح الحي» التي قدمت للقارئ العربي مؤلفات محمد ادريس «اسماعيل باشا» وجليلة بكار «جنون» و»البحث عن عائدة» والفاضل الجعايبي «فاميليا» وتوفيق الجبالي «كلام الليل» والزميل أحمد حاذق العرف «المسرح التونسي وعوائق التجاوز» وللفاضل الجعايبي أيضا «عشاق المقهى المهجور» الذي صدر باللغة الفرنسية.   من هذه الزاوية التي تراهن على اثراء المكتبة المسرحية حري بنا ونحن نتلقف بفرح طفولي بعد ان استثنتنا ادارة فاميليا من متعة مشاهدة المسرحية ركحيا لاسباب لا يعلمها الا المسؤول عن ادارة شركة فاميليا للانتاج!!!  ان نثمن هذا الجهد الكبير الذي اقدمت عليه كاتبة خمسون السيدة جليلة بكار وادارة دار الجنوب للنشر بتونس اللذان لم يحرماننا من لذة مطالعة الاثر عسانا نلتقي مع سعي هذه الدار في تبني النصوص المسرحية ونشرها مستقلة بذاتها فتعيد تشكيل شخوص الفعل الابداعي امام قارئ لم يتسنّ له مشاهدة المسرحية..   ولعلنا لا نغالي  حين نجزم ان دار الجنوب للنشرتؤسس باقدامها على تبني النصوص المسرحية ونشرها  مستقلة بذاتها مسارا جديدا يتحد فيه القارئ بالمشاهد فيتحول الخطاب الركحي الى نص مكتوب كتابة ترسخ في ذهن المتلقي ما كان قد شاهده ويغذي ذاكرته بروعة ما اكتشفت عيناه وليكون (ايضا وهذا هو المهم في اعتقادنا) مرجعا مهما يعود اليه متى اراد ذلك.   ان خصوصية النص نابعة من لحظة القراءة التي تجعله يعيد اكتشافه ويتعمق في فهم معانيه او ما قد يبدو لحظة تلقي الخطاب كنص شفوي منطوق في حدود الركح غامضا ، فلذة المطالعة قد تعيد لنا تمثل المسرحية ذهنيا…   قد لا يعسر الامر وما ذهبنا اليه على من شاهد «خمسون»مسرحية وقد يكون ايضا!! ولكن قد يستحيل او لنقل قد يصعب على من يكتشف «خمسون» من نافذة دار الجنوب للنشر بتونس ليبقى من الضروري على القارئ وهو يقبل على تلقف المسرحية / الاثر استكمال شغف المنجز الابداعي بمشاهدة العمل الركحي…   نترك لمن شاهد «خمسون» ركحيا متعة العودة للاثر «الكتاب» والذي نراه مكملا اساسيا لا محيد عنه لاستعادة تمثل «خمسون» ومناخاتها بحثا في تناقضات فكرية وايديولوجية وانفصامات كبيرة في بنية الشخصيات فتشترك في الهموم حد التباعد وتنهض الوقائع من ركام الاشلاء وتزهر ساحة الفعلة / الفعل وتتولد التقاطعات تفجر استنطاق ما رسخ في «خمسون» الزمان والمكان والمسرحية او هكذا يخيل الينا ولمن لم يجد لمشاهدة المسرحية / الحدث سبيلا ولا هادي!!!   (المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 15 ديسمبر 2007)

اللغة العربية والإشهار

 
بقلم: التهامي الهاني   اللغة هي إحدى الركائز التي تشكل الهويّة لكلّ أمّة أو شعب ما.. والعربية هي محمل حضاري وأداة تواصل للعرب منذ آلاف السنين.. وهي أقدم اللغات في العالم. وهي اللغة التي تحتلّ المرتبة السادسة في سلّم لغات العالم الكبرى، تأتي بعد: الماندرينية وهي اللغة الصينية الأكثر انتشارا في الصين رغم وجود لغات صغرى «الكانتونية» و»الواوية» و»المينية» و»الهاكية».. والثّانية هي الأنليزية ثمّ الهندية، بعد ذلك الاسبانية، والخامسة الروسية والعربية هي لغة رسميّة في الأمم المتحدة، لكن أصواتا عديدة بدأت تنادي بإلغاء العربية من لغات المنظمة الأمميّة لأنّ الدول العربية لم تسدّد ما عليها من النفقات الأمميّة.. ولأنّ القادة العرب لا يتكلّمون الاّ باللغات الأوروبية (فرنسية ـ انليزية) فأهميّة العربية تقلّصت بمواقف أهلها منها…   حملني على كتابة هذه السطور في هذا الموضوع ما رأيته في لوحات إشهار.. أحد البنوك الذي تمّت خصخصته في الأشهر الأخيرة، والذي اقترن اسمه بالتّجارة، ينشر على مطويّة إشهارية له، هكذا: MANDAT فيسع فيسع ـ وكذلك كتابة «للبانكة».. فهل عجزت العربية عن التعبير عن هذا، بفصاحة تهزّ  الشعور وتحفظ «لغة القرآن». وفي لوحة إشهارية لإحدى شركات «الجوّال» أو»الخلوي» نجد: .. دِيمَا.. فهل كانت هذه الشركات غير معنيّة بالمحافظة على اللغة العربية؟ وما أذكره أنّ الحكومة التونسية أصدرت في السنوات الأخيرة مرسوما يقضي بـ  «منع كتابة الإشهار بالفرنسية» على واجهة المحلاّت ـ وهذا اجراء محمود.. لكن اليوم نرى أنّ تنفيذ هذا الإجراء بدأ  يتلاشى… فاللغة الدارجة واللغة الأجنبية، وجهان لعملة واحدة والقاسم المشترك بينهما، هو تخريب اللغة العربية.. ويذكر التّاريخ أنّ كوريا، لما حصلت على استقلالها سنة 1946، أصدرت مرسوما يقضي بـ «منع الكلام باللغة اليابانية»، والشرطي الكوري، بإمكانه أن يمسك كلّ من يتكلّم اليابانية ويودعه السجن.. ويذكر التّاريخ أيضا «القضية العدلية التي رفعت ضدّ الشركة الوطنية الفرنسية للتبغ بعد إشهار تضمّن وجود «حرف» في غير موقعة.. وهو Filter الأنليزية عوضا عن «فلتر»… يوم 27 أكتوبر سنة 1990، نظّم حسين آيت أحمد مسيرة شعبية ضدّ التعريب في الجزائر.. وردّ عليه الدكتور عثمان سعدي، رئيس جمعية الدفاع عن اللغة العربية في حديث إذاعي يوم 16 ديسمبر سنة 1990 م وطالبه بمناظرة تلفزية حول التعريب. وكانت فرنسا ترصد مليار دولار لتنمية الفرنسية بكلّ من تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا. وفي دورة بالجزائر خاصة بالقارة الافريقية  طالب ممثل الجزائر بحذف العربية من اللغات المعتمدة في المنظمة الرياضية ممّا حمل ممثّلي ليبيا ومصر مغادرة الجلسة، رغم أنّ  منظمة الوحدة الافريقية السابقة (الاتحاد الإفريقي حاليّا) لا تعترف الاّ بالعربية كلغة إفريقية. فكلّ ما ذكرناه هو للمطالبة بأن تكون العربية لغة محفوظة، تصان من الاستعمال العشوائي للغة العاميّة أوللغات الأجنبية في المطويات واللوحات الإشهارية. كتبنا عن هذا في صحف متعدّدة وأبرزنا أن أخطارا تهدّد مستقبل اللغة العربية في البلاد العربية، ونأمل أن نصونها من كل تهديد، وهي التي تجاوزت الدعوات إلى العامية، والكتابة بالحروف اللاّتينية وما أطلق عليه صاحبه: «الكتابة الأفقية».. ولا يعني هذا، الانغلاق أو التقوقع أو رفض اللغات الأجنبية التي تكون بوّابة للثقافة الأجنبية لكن يبقى موقع اللغة الأم»  هو الذي لا يمكن المساس به.   (المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 15 ديسمبر 2007)

تضم المغرب وتونس ومصر والأردن…

بلدان «اتفاق أغادير» تسعى الى التكامل واستقطاب الاستثمارات

 
تونس – سميرة الصدفي        اتفقت أربعة بلدان عربية شاركت في اتفاق أغادير على تعزيز التنسيق بينها لاستقطاب الاستثمارات وحماية صناعتها المحلية وبخاصة صنع المنسوجات، من المنافسة الخارجية. وكانت تونس والمغرب ومصر والأردن توصلت في مدينة أغادير المغربية عام 2004 إلى اتفاق لإنشاء منطقة تبادل حر بينها أطلق عليها اسم «الإتفاق العربي المتوسطي للتبادل الحر» أو «منطقة أغادير». وأقامت السكرتارية الفنية للاتفاق ملتقى اقتصادياً أمس وأول من أمس في تونس حضره وزيرا التجارة المغربي والتونسي عبد اللطيف المعـــزوزي ورضا التويتي والأمين العام لوزارة الصناعة والتجارة الأردني منتصر العقلة ومديرة الاتفاقات في وزارة التجارة والصناعة المصرية عزة محمد أمين. وأكد المشاركون في الملتقى، وهو بعنوان «الشراكة والتكامل لإعطاء دفعة للتجارة واستقطاب الاستثمار» ضرورة إنشاء مشاريع مشتركة مع مجموعات استثمارية وصناعية خارجية في قطاع المنسوجات والملبوسات وبدائل السيارات لتنشيط التصدير. واتفقوا على ضرورة تفعيل «الاتفاق العربي المتوسطي للتبادل الحر» وهو يشمل المنتوجات المتبادلة جميعها من دون استثناء على أساس مبدإ تراكم المنشأ.   وتوقعت السكرتارية التنفيذية للاتفاق أن تتكثف المبادلات بين البلدان الأعضاء مستقبلاً، في ضوء خطة ترويجية ستباشر تنفيذها في أوساط رجال الأعمال وإعداد دراسات عن فرص التنسيق والتكامل في المجال الصناعي اعتماداً على قاعدة تكامل المنشأ، بخاصة في قطاع المنسوجات والملبوسات وبدائل السيارات. وأفادت أن دراسات مماثلة تخص قطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية والمنتوجات الغذائية سيتم إعدادها. وقال وزير التجارة التونسي التويتي إن حجم المبادلات التجارية بين تونس وبلدان اتفاق أغادير تطور من 302 مليون دينار (240 مليون دولار) في 2004 إلى 675 مليون دينار (614 مليون دولار) حالياً. ورأى الوزير المغربي معزوزي أن اتفاق أغادير، الذي لم يدخل مجال التنفيذ إلا منذ بضعة شهور يشكل نموذجاً لتكريس التكامل الاقتصادي بين البلدان العربية التي تملك مقومات مادية وبشرية كثيرة للانتقال إلى مرحلة أعلى من التكامل على نحو يتيح لها مجابهة تحديات العولمة. وحض على اعتماد المرونة في تطبيق الاتفاق مشدداً على دور الجمارك في تيسير المبادلات التجارية والتعاطي بمرونة مع انسياب منتوجات البلدان الأعضاء في ما بينها.   وأظهر الملتقى الاقتصادي الذي حضره صناعيون ورجال أعمال أن البلدان الأربعة تمنح الأولوية الى قطاع المنسوجات ويعمل فيه أكثر من 850 ألف عامل في المنطقة العربية المتوسطية ويُحقق إيرادات من التصدير تزيد عن 6 بلايين دولار ويتألف من 7 آلاف وحدة صناعية بينها 3270 وحدة في مصر و2128 وحدة في تونس و1612 في المغرب و52 وحدة في الأردن. وأظهرت إحصاءات عُرضت في الملتقى أن قطاع تصنيع بدائل السيارات يُؤمن بدوره أكثر من 70 ألف فرصة عمل ويدر 1 بليون دولار ايرادات ويتألف من 400 وحدة صناعية، إضافة الى 30 وحدة لتجميع أنواع سيارات. وشدد المتحدثون في الملتقى على أهمية دور القطاع الخاص وحضّ ممثل الأردن العقلة على إنشاء صناعات جديدة في بلدان منطقة اتفاق أغادير قادرة على منافسة المنتوجات الأجنبية لجهة التكلفة والنوعية، وأكد أن الاتفاق يُتيح للبلدان الأربعة الحصول على معاملة تفضيلية في أسواق الاتحاد الأوروبي وقوامه 600 مليون مستهلك، مشيراً إلى ضرورة التكامل بين القطاعين العام والخاص في هذا المجال. وحضت المصرية أمين على ضرورة استثمار تكنولوجيا المعلومات للاستفادة من فرص تتيحها العلاقات مع الاتحاد الأوروبي لتكثيف الصادرات وتعزيز الكفاءات البشرية داخل بلدان اتفاق أغادير.   مرفأ مالي دولي في تونس   وفي سياق متصل أعلن رئيس بيت التمويل الخليجي عصام يوسف جناحي عن مشروع لإقامة منطقة حرة للخدمات المالية في تونس سيُطلق عليها اسم «مرفأ تونس المالي الدولي».   وقال في لقاء مع الصحـــافييــن بعد اجتــماعه مع الرئيس بن علي في تـــونس أول من أمس إن المشروع يتألف مــن أربعـــة مكونات هي مركز مالي ومركز للمؤتمرات وآخر للنشاطات التجارية ومعهد للأعمال، إضافة الى مجمع سياحي وإقامات. وقدر تكلفة المشروع، الذي قال إنه سيُؤمن 16 ألف فرصة عمل لخريجين من ذوي الكفاءات العالية، بـ3 بلايين دولار.   (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 16 ديسمبر 2007)

المغرب والجزائر جنبا إلى جنب في تل أبيب!

في زمن الحصار.. اجتماع لمنظمة التعاون والأمن الأوروبي بـ »إسرائيل » حول  »التسامح »

 
كشفت وكالة تيلغراف اليهودية أن اجتماعا للشراكة المتوسطية لمنظمة الأمن والتعاون في أوربا سينعقد غدا الثلاثاء وبعد غد الأربعاء في تل أبيب، وستشارك في هذا الاجتماع دول عربية من بينها تونس والجزائر والمغرب والأردن ومصر، ويأتي هذا الاجتماع كثمرة لأعمال  »مكافحة التعصب والتمييز وتعزيز الاحترام المتبادل والتفاهم بين الدول » التي تشرف عليها المنظمة. وكانت هذه المنظمة أطلقت عام 2003 مبادرة لمكافحة تنامي ظاهرة معاداة السامية وغير ذلك من أشكال التعصب في أوروبا.   من جهته استغرب خالد السفياني الأمين العام للمؤتمر القومي العربي في تصريح ل »التجديد » أن يكافح التعصب من قلب التعصب، واعتبر مشاركة الدول العربية في هذا الاجتماع دعما للكيان الصهيوني في جرائمه المتواصلة ضد فلسطين، وأعرب السفياني عن اندهاشه من قبول دول عربية مثل المغرب والجزائر وتونس والأدرن ومصر لهذا الاجتماع، وأدان هذا الاجتماع وطالب الدول العربية بالتراجع عن المشاركة فيه.   وكشفت صحيفة هآريتس الإسرائيلية الجمعة الماضية عن انطلاق حملة سرية لتمسية الملك الراحل محمد الخامس ب »الملك الصالح »، وتعتبر هذه التسمية بمثابة شهادة توزعها مؤسسة  »ياد فاشيم » على غير اليهود ممن خاطروا بحياتهم لانقاذ اليهود خلال المحرقة، وذكرت الصحيفة أن المحركين لهذه الحملة السرية في كل من المغرب وإسرائيل يترددون في الحديث عن هذه المبادرة أمام الرأي العام ويعملون خلف الستار، ونقلت الصحيفة عن سيرج بريديكو سفير المغرب المتجول في العالم ورئيس الطائقة اليهودية في المغرب قوله:    »لم نقدم أي طلب بهذا الخصوص، لكن كل المغاربة هنا في المغرب وفي  »إسرائيل » يتطلعون لهذا الحلم، ولكنه أمر صعب ويحتاج لوقت طويل »   وذكرت الصحيفة أن سيرج بريديكو استفسر  »ياد فاشيم » عن إمكانية تكريم الملك الراحل، وحصل وعلى تأييد الرئيس الإسرائيلي ، شمعون بيريز وعدد من السياسيين الاسرائيليين من أصل مغربي.   ونقلت ذات اليومية أن روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى المؤيد لإسرائيل نشر العام الماضي كتابه » مع الصالحين: القصص الضائعة من الهلوكوست الطريق الطويلة إلى الأرض العربية » الذي وصف فيه الاضطهاد الذي عانى منه اليهود في البلدان العربية خلال الحرب العالمية الثانية وألقي فيه الضوء على الدور الايجابي الذي قام به محمد الخامس.   وحذر خالد السفياني منسق مجموعة العمل من محاولة التطاول على التاريخ النضالي للملك الراحل محمد الخامس، واعتبر بمثابة مس بشخصه وبتاريخه، كما طالب السلطات المغربية برفض هذه المحاولة.   (المصدر: موقع صحيفة « التجديد » (يومية – المغرب) بتاريخ 17 ديسمبر 2007) الرابط: http://www.attajdid.ma/def.asp?codelangue=6&infoun=37793
 

إسقاط تهمتي الإرهاب وغسل الأموال عن40 إخوانيا بمصر

  

 
أفاد مراسل الجزيرة في القاهرة بأن المحكمة العسكرية أسقطت تهمتي الإرهاب وغسل الأموال من جميع المتهمين من جماعة الإخوان المسلمين, فيما أبقت محاكمتهم بتهمة الانضمام لجماعة محظورة. وقد أرجأت المحكمة محاكمة الأربعين متهما من الإخوان بنفس القضية من بينهم القيادي خيرت الشاطر إلى الـ23 من الشهر الجاري. وقالت جماعة الإخوان في بيان إن « المحكمة العسكرية العليا فاجأت اليوم هيئة الدفاع وقيادات الإخوان الذي يحاكمون أمامها بإسقاط تهمتي الإرهاب وإدارة أموال الجماعة ». وقد رحب محامي الجماعة عبد المنعم عبد المقصود بقرار المحكمة, معتبرا ذلك بادرة طيبة لتسوية القضية والحكم فيها لصالح الإخوان. وأضاف المحامي أن قراءة أولية وعامة للقرار تشير إلى أنها خطوة لتخفيف حكم يمكن إصداره ضد المتهمين, مجددا تأكيده أن المحاكمة سياسية وليست قانونية.   محاكمة عسكرية   ويحاكم المتهمون منذ أواخر أبريل/نيسان الماضي, بعد اعتقالهم أواخر العام الماضي, وأحيلوا إلى محكمة عسكرية بقرار من الرئيس المصري حسني مبارك بموجب قانون الطوارئ الساري منذ عام 1981. وكانت منظمة العفو الدولية قد طالبت الحكومة المصرية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بوقف محاكمة قادة الإخوان أمام محكمة عسكرية لافتقارها لمعايير النزاهة القانونية. ولا تسمح السلطات المصرية للصحفيين أو المراقبين الدوليين بتصوير المحاكمة أو الدخول إلى قاعة المحكمة في قاعدة عسكرية شرق القاهرة. وفي آخر انتخابات برلمانية جرت بمصر عام 2005 شغلت جماعة الإخوان خمس مقاعد البرلمان, حيث يمثلها 88 نائبا من أصل 454.   (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 17 ديسمبر 2007 نقلا عن وكالات الأنباء)

عزمي بشارة: لا بديل عن طرح برنامج ديمقراطي كمشروع وطني وقومي

 
القاهرة (رويترز) – يقول الكاتب الفلسطيني عزمي بشارة انه شرع في إعداد كتابه الجديد حين كانت الولايات المتحدة ترفع الديمقراطية شعارا ضاغطا على حلفائها « وتتدخل عدوانيا ضد غيرهم » لكن الديمقراطية أصبحت يتيمة بتخلي واشنطن عنها حتى كشعار بعد تطورات الاحداث بين عامي 2005 و2007.   ويحث في كتابه (في المسألة العربية.. مقدمة لبيان ديمقراطي عربي) على  » ضرورة طرح برنامج ديمقراطي وطني وقومي » بحيث تنشأ الديمقراطية من منطلق داخلي كعملية توازن موضوعي بين قوى متعددة منظمة.   ويرفض التحول الديمقراطي بتدخل خارجي مستشهدا « بانهيار نظرية المحافظين الجدد الامريكيين وبخاصة بعد العدوان على العراق واحتلاله والضرر اللاحق بعملية التحول الديمقراطي في المنطقة نتيجة لعملية الربط التي تمت مع التدخل العسكري بالعدوان » مضيفا أن التدخل الامريكي في العراق تجاهل « المسألة العربية » وحاول زرع فكرة أن التعددية الديمقراطية هي التعددية الطائفية وأنها ممكنة دون قومية.   ويقول ان التدخل الامريكي لمصالح سياسية واقتصادية تحت شعار الديمقراطية أساء للقضية الديمقراطية « كمسألة قومية » لانه وضعها خارج الاجندة الوطنية والسيادة.   والكتاب الذي صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت يقع في 271 صفحة كبيرة القطع ويضم فصولا منها (بؤس نظريات التحول الديمقراطي) و (الديمقراطية والدولة الريعية) و ( اشكالية القبيلة والدولة) و(القومية والدين واشكالية الهوية) و(الديمقراطية والجماعة السياسية والهوية) و (المواطنة بين التجانس والتعدد).   ويقول بشارة في المقدمة ان الكتاب نتج من وحي التفاعل مع الازمات العربية الاخيرة وتجربته الشخصية في صياغته للافكار المتعلقة بالقومية العربية والمواطنة الديمقراطية في ظروف  » شديدة التعقيد… مررت أثناء هذا الكتاب بعدة منعطفات وأزمات مثل الحرب (الاسرائيلية) العدوانية على لبنان وحملات التحريض والملاحقة الاسرائيلية بسبب ترابط نشاطي السياسي والفكري والتي حولتني في اخرها الى ملاحق ومطلوب من قبل اسرائيل » التي اتهمته بعد الحرب التي دارت بينها وبين مقاتلي جماعة حزب الله اللبناني في صيف 2006 على مدى 34 يوما بتلقي أموال من الخارج وتمرير معلومات الى حزب الله عن مواقع استراتيجية في اسرائيل.   وردا على تلك الاتهامات اتهم بشارة اسرائيل بتصفيته سياسيا. وسلم في ابريل نيسان الماضي استقالته من الكنيست الى السفارة الاسرائيلية في القاهرة. ولا يعترف حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي أسسه عام 1995 باسرائيل دولة للشعب اليهودي.   ويقول بشارة في كتابه ان من مظاهر اعاقة التحول الديمقراطي في العالم العربي « اختلاط الاصلاح السياسي بالتدخل الاجنبي والاجندة الاستعمارية وذلك من دون مشروع سياسي ديمقراطي وطني مقابله » مضيفا أن هذا الاختلاط يمنح هامش مناورة واسعا لقوى غير ديمقراطية معادية للاستعمار في مقابل موقف توفيقي للانظمة العربية القائمة.   وتابع أن هذا الموقف التوفيقي للانطمة « غير الديمقراطية » الحالية يناور بين تخيير حليفها الامريكي بقبولها كما هي أو مع اصلاح محدود وبين صعود قوى معادية للولايات المتحدة.   ويضيف أن من هناك عائقا اخر أمام الديمقراطية هو العشائرية السياسية التي يقول انها تشوه مفهوم التعددية  » وتمنع نسج علاقة فرد-مجتمع-دولة أو مواطن- دولة ».   لكن بشارة لا يذهب الى تعميم هذه الظاهرة التي من تجلياتها ارتباط البنية القبلية باليات الحكم كمصدر قوى بشرية للاجهزة الامنية أو كقوة مانعة للانضمام في نسيج الدولة مضيفا أن هذا الوضع يسمح « بعقد صفقات وتقديم خدمات لاعضائها (العشيرة) أو أفرادها أو حمايتهم » بدلا من أن يتمتع الفرد بحقوق المواطنة الديمقراطية.   ويستعرض المسار التاريخي العربي حيث « يجري انكار الجماعة القومية حتى داخل الدولة القطرية ويرتبط الفرد بجماعة ما قبل قومية تعيق الانسجام داخل المجتمع. ويستعاض عن الديمقراطية بالتوازن بين الجماعات العضوية والطوائف والقبائل ويستعاض عن المواطنة بالعضوية في جماعة تتوسط بين الفرد والدولة » مشددا على أن هذا مثل المشهد ليس تعددية ديمقراطية بل مجرد توزان وتعايش ربما يتحول في أي لحظة الى احتراب أهلي.   وتحت عنوان (الديمقراطية كقضية سياسية.. خصوصية الاصلاح عربيا) لا يجد بشارة مبررا لتأجيل مهام الديمقراطية بحجة تغيير ثقافة المجتمع قائلا ان دولا عربية ترفض أن تؤدي دورا باتجاه الانتقال للديمقراطية والاصلاح بدعوى أن المجتمع غير جاهز.   ويضرب المثل بما يسميه « الحالة التونسية. هنا يصبح قرار الإصلاح من عدمه من قبل المؤسسة الحاكمة قرارا مصيريا. في تونس يتوفر تاريخ من التجانس القومي والديني وتاريخ للهوية الوطنية… وطبقة وسطى واسعة ومتعلمة نسبيا في ظل اقتصاد سوق. ومع ذلك تقرر النخبة الحاكمة أن تدعم وتعزز النظام السلطوي وتمنع الحريات بحجة أن المجتمع غير جاهز وأن الديمقراطية سوف تأتي إلى الحكم بقوى سياسية أصولية غير ديمقراطية » مضيفا أن الدولة في مثل هذه الحالة تجد من المثقفين من يبرر رفضها الإصلاح كأن قدوم الأصوليين حتمي « أو هو البديل الوحيد الممكن للاستبداد العلماني الطابع. »   ويقول ان النظام السياسي العربي يتبع اليات « لافراغ الاصلاح من محتواه… اصلاح البرلمان في نظام غير برلماني لا يعني الكثير » مستشهدا بما يعتبره احدى زوايا النموذج السياسي المصري.   ويقول ان الديمقراطية قضية اقتصادية واجتماعية ترتبط بتنفيذ مهام وطنية منها بناء اقتصاد وطني وحسم مسألة الهوية وشرعية الدولة وليست الديمقراطية وعظا وارشادا بل « قضية نضالية تحتاج الى ديمقراطيين وليس الى وكلاء حصريين أو غير حصريين لاستيراد البضاعة الديمقراطية الجاهزة. فمن يريد أن يبنيها يضع برنامجا سياسيا لكيفية حكم البلد يتجاوز القضايا الايديولوجية ويناضل من أجل تحقيقه ويجب أن يكون جاهزا لدفع الثمن. »   كما يعتبر بشارة كتابه دعوة لتنظيم القوى الديمقراطية سياسيا لطرح مشروع التحول الديمقراطي العربي « فنظريات التحول وهي ليست نظريات علمية فعلا اذا تحولت الى بديل من طرح مشاريع سياسية للتحول تصبح في الواقع معيقا خطيرا » حيث تستبدل بالفعل السياسي نظريات يفترض أن تتم الاستنارة بها.   من سعد القرش   (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 17 ديسمبر 2007)


حلم الشراكة الندية بين «السمراء» و«الشقراء»

 
بقلم: آمال موسى (*)   يظهر أنه حتى الخطاب الغربي، يستعين بمقولات وهمية وبراقة، من أجل إشباع نفسي سياسي، يساعد بدوره في تأمين مصالح وأطماع مادية صرفة. هذا أول ما نستنتجه ونحن نتابع الخطاب الذي استندت إليه القمة الأوروبية الأفريقية، التي انعقدت أخيرا في العاصمة البرتغالية.   ونقصد بذلك وبالتحديد الوثيقة الاستراتيجية المشتركة المعلنة، وما رافقها من مقولات نرى أنها تجافي واقع العلاقات الاوروبية الافريقية أو حتى مستقبلها القريب.   طبعا من المهم أن تفكر القارتان الاوروبية والأفريقية في سبل تكريس تغيير طبيعة العلاقة والحلم بشراكة ندية سياسيا واقتصاديا تقوم على التكافؤ ولكن هناك فرقا بين التخطيط للوصول الى تحقيق الشراكة المطموح إليها وبين تناولها، كمسألة رهينة توقيع بعض الاتفاقيات وفتح الأسواق. ونعتقد أنه كان بالإمكان توخي خطاب واقعي عقلاني، يؤمن للقارتين مكاسب مستقبلية جادة. وكان يكفي في هذا السياق التركيز على حقيقة أن كلا من القارة الاوروبية أو الافريقية تحتاجان الى بعضهما، بمعنى تحديد مظاهر الحاجة المتبادلة والتوقف عندها والعمل على إشباعها وبعد ذلك ربما يصح الحديث عن علاقة ندية واضحة البنود وبالتالي تجعل من مقولة الشراكة واقعا ملموسا لا كليشيهات مخدرة. فهناك فرق بين الحديث عن الحاجة المتبادلة وبين الحديث عن شراكة ندية. فالحديث الأول يمكن أن يكون مقدمة للحديث الثاني، الذي يمثل تتمة وتتويجا.   قد يشتم من هكذا كلام استنقاصا لقيمة القارة الافريقية لصالح الأخرى الأوروبية وهو ما لا نقصده ولا نهدف إليه، خصوصا أن أفريقيا تلك القارة العجوز هي موغلة في القدم والعراقة وتشير العديد من الأبحاث الى أنها شهدت ظهور الانسان الأول أي أن أبا البشرية جمعاء افريقي الاصل والمولد. ولكن مدار حديثنا في هذه المساحة يدور حول الخصائص الواقعية الحالية للقارتين اليوم. فمن يستطيع أن ينكر أن اوروبا تمثل رمز التقدم والحضارة وأنها تعيش اليوم على وقع مكاسب علمية وثورة تكنولوجية وحياة سياسية تتوفر فيها بشكل فعلي الحداثة السياسية وقيم المواطنة والديمقراطية. بدون أن ننسى النجاح الكمي والنوعي لمسيرة التنمية الشاملة في معظم بلدان أوروبا وعلى رأسها دولها الكبرى مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا ، في حين – وبعيدا عن خطاب التفاضلية الحضارية الذي لا نتبناه ولا نؤمن بالفكر الذي ينتصر له ـ أن القارة الافريقية أبعد ما تكون عن القفزة النوعية التي حققتها أوروبا منذ القرن السابع عشر زمن انطلاق الثورة الصناعية والى اليوم.   ويكفي في هذا السياق أن نتأمل مشاكل افريقيا ونطيل النظر فيها، حتى نجد أنفسنا في حالة من الضيق والإحباط، مما يجعل مجرد التشدق بسرعة تطبيق واعتماد شراكة ندية سياسيا واقتصاديا أضحوكة، بل في هذه الحالة يكون قادة أوروبا كمن يضحك على ذقون شعوب افريقيا.   وإن كان صحيحا مئة بالمئة أن القارة الافريقية باتت أكثر من ذي قبل، فضاء لتنافس القوى الدولية الكبرى للاستحواذ على النفط، خصوصا أن التقديرات تشير الى أن إنتاج افريقيا من النفط سيتضاعف وكذلك الغاز الطبيعي والخشب.. وإذا كان صحيحا أيضا أن قوى كبرى أوروبية وحتى بالنسبة الى الصين ترى في افريقيا غنيمة، تسيل لعاب الكبار بما فيهم الدول التي سبق لها نهش بواطن الأراضي الافريقية زمن استعمارها (خصوصا فرنسا) رغم صحة كل هذه المعطيات التي تقارب افريقيا كلقمة مغرية وكفضاء للاستثمار وللتوسع الأوروبي فيها تنمويا، فإن الرؤية الواقعية تستدعي التحلي بالصراحة ومواجهة خصائص أخرى لا مجال لتجاهلها.   إن مشاكل أفريقيا أكثر من ان تحصى أو تعد بدءا باعتبارها تتصدر أكثر القارات بؤر توتر. بالإضافة الى طاعون الفقر الذي يشمل 46 بالمائة من سكانها، مما يجعل أعلى معدلات الفقر موجودة فيها. ونجد في أفريقيا 28 مليون مصاب بفيروس الايدز وسنويا يموت مليون إفريقي بسبب مرض الملاريا. دون أن ننسى ما يعتمل في هذه القارة من فساد سياسي ونزاعات وتجاوزات وتخلف على الأبعاد كافة، باستثناء بعض البلدان في شمال افريقيا ومصر التي لا تقارن بكثير من البلدان الافريقية سواء على مستوى خطوات التنمية أو واقع التعليم والفقر والحداثة بشكل عام.   وبالنظر الى كافة هذه النقاط المفجعة، نرى أن مصلحة القارتين أوروبا وأفريقيا، تستدعي تأهيل أفريقيا سياسيا وتنمويا وتحصينها من الأسباب المنتجة للإرهاب والتي جعلتها فضاء خصبا لتناميه والذهاب الى ما هو أبعد من المساعدات التي تعطى بيد وتؤخذ أضعافها من المواد الخام والثروات الطبيعية باليد الأخرى.   فالشراكة علاقة تشترط ندية حقيقية وكذلك تمييز أوروبا بين مواقفها السياسية ومطامعها الاقتصادية وعدم التضحية بما هو ديمقراطي من أجل غنيمة قصيرة المدى. بل أنه في اللحظة التي تقبل فيها أوروبا على فتح أسواقها أمام المنتجات الافريقية وأمام المهاجرين والتعامل معهم كذوات درجة أولى.. حينها فقط تصبح الشراكة الندية واقعا ملموسا لا بيعا للكلام المعسول شكلا والحنظل جوهرا.   (*) كاتبة وشاعرة من تونس   (المصدر: صحيفة « الشرق الأوسط » (يومية – السعودية) الصادرة يوم 17 ديسمبر 2007)

الأيام الخمسة
 
عبد اللطيف الفراتي (*)           الزيارة الرسمية التي أداها العقيد معمر القذافي رئيس الدولة الليبية، حسب تعبير المسؤولين الفرنسيين،وقائد الثورة الليبية حسب تعبير المسؤولين الليبيين، عرفت تجاذبات لم تشهد مثيلا لها زيارة لرئيس دولة آخر على مر السنين.   ورغم أن العقيد القذافي تمنى أن توضع زيارته تحت تسمية زيارة دولة وليس زيارة رسمية، تبدو أنها أقل مقاما، فإن الجهات الرسمية الفرنسية رفضت ذلك مكتفية باعتبارها زيارة رسمية.   ولقد عرفت هذه الزيارة أطوارا ليس من المعتاد أن تطرح على الساحة العامة عندما يقوم رؤساء الدول بزيارات إلى بلدان أخرى.   فقد تزامنت الزيارة مع تصريحات للآنسة الشابة راما ياماد وزيرة الدولة لحقوق الإنسان، التي لم تلك كلماتها القاسية قبل إطلاقها، وذكرت أن فرنسا ليست ممسحة لحقوق الإنسان، واعتذر وزير الخارجية كوشنار عن حضور أي من نشاطات العقيد بمبرر وجوده في بروكسيل، في ما كان موجوداً بباريس، أما رئيس الفريق البرلماني للأغلبية في البرلمان كوبي، فإنه امتنع عن حضور الزيارة التي أداها العقيد ليس للبرلمان وإنما لإحدى قاعاته، بعد أن تم رفض طلبه الملح بإلقاء خطاب أمام الجمعية الوطنية الفرنسية أو حتى الحضور في أحد اجتماعاتها، خوفا من أن تقاطع المعارضة، وأعداد من نواب الأغلبية الجلسة احتجاجا على حضوره.   وبعكس العادة فإن حفل العشاء الذي نظمه الرئيس ساركوزي لضيفه، قد شهد تعتيما، ولم يحضره من الوزراء، سوى أولئك الذين كان عليهم أن يوقعوا اتفاقيات مع معاوني الرئيس الليبي، وكان الحصاد « طيبا » وشمل مبيعات فرنسية لليبيا بمبلغ 14 مليار دولار، في انتظار ما سيأتي، وأقدمت الصحف تقريبا في مجموعها على كتابة مقالات موجهة للعقيد لا يمكن أن يقال فيها إلا إنها وقحة ولا تليق أن يطلق شيء منها في صحيفة تجاه رئيس دولة، وتساقطت النعوت على الرئيس الليبي كما المطر الغزير.   وهاجمت الصحافة الداعي للزيارة، أي رئيس الجمهورية الفرنسية ذاته، كما هاجمت العقيد القذافي بشكل مقذع، واعتبرت دعوته خطأ تاريخيا، ما كان له أن يحصل.   وبالمقابل فإن العقيد القذافي بالذات وكبار مساعديه، قد بدا وكأن ما توجه إليهم أمر لا يعنيهم مطلقا، وتصرفوا وكأنهم محل ترحيب وتبجيل، وبرروا ما هو مقبول وما هو غير مقبول من تصرفات عقيدهم وخاصة إصراره على ضرب خيمته في قلب شارع الشانزيليزي الذي يوصف بأنه أفخم شارع في العالم، واعتبروا أن قرار إقامته في خيمة ضخمة على مشارف فندق « مارينيون » الذي يرمز » للأم الحنون » فرنسا، يبرز تصميمه على إظهار بداوته وعدم خوفه من تحدي المجتمع الفرنسي، أو ردود فعله.   وبدا أن الرئيس الفرنسي لا يهمه سوى لعب دور الوسيط التجاري، بين ليبيا ذات الفوائض المالية الغزيرة، والمؤسسات الفرنسية التي تسعى لاكتساح السوق الليبية، وسيقدم الرئيس الفرنسي لبلاده في هذه المناسبة فعلا صفقة مغرية، بل أكد لمن يريد أن يسمع ومن لا يريد إنه إذا لم تكن فرنسا هي التي تحصل على هذه الصفقات فإن دولا أخرى ستحصل عليها، وتحرم منها فرنسا التي تحتاجها للمحافظة على دوران مصانعها واستمرار اشتغالها وعلى رفع مستوى عيشها وتشغيل المزيد من أبنائها.   على أن أطوار هذه الزيارة لم تكن لتشرف لا فرنسا، التي بدا رأيها العام مضادا لزيارة أبرزت استطلاعات الرأي أنها لم تكن محبذة، كما أبرزت جهات عديدة أن فرنسا كان يمكن أن تعقد هذه الصفقات، دون ضرورة لقدوم الرجل، الذي اعتبر أنه جسم لمدة سنوات عديدة، الشخص المعادي لحقوق الإنسان والمتهم لحد اليوم بأنه هو الذي كان وراء إسقاط الطائرة الفرنسية « يوتا » فوق مجاهل إفريقيا، ما تسبب في وفاة المئات من الركاب الأبرياء غالبهم من الفرنسيين.   أما العقيد القذافي فإنه بدا أنه لا يهمه مطلقا أقوال الفرنسيين أو حتى تصرفات بعض مسؤوليهم، بقدر اهتمامه بالتدليل بأنه جاء لفرنسا في زيارة رسمية، كاسرا بذلك الطوق الذي كان يحيط برقبته، ويجعله متهما دوما باتهامات كثيرة، يشعر أن هذه الزيارة غسلته منها وطهرته من لوثتها، وأنه أسهم بذلك في إخراج بلاده من عزلتها.   والعقيد بقدر ما هو معروف عنه من سورات الغضب العنيفة، ضد أتباعه، فهو معروف بصبره على الإذاية الخارجية، ولعل أكبر موقف تعرض له في هذا الصدد، هو ذلك الذي وضعه فيه رئيس الجمهورية التونسية السابق الحبيب بورقيبة في أحد أيام ديسمبر 1973، عندما كان شاهد خطابا للعقيد يبث مباشرة على التلفزيون التونسي، من إحدى كبريات قاعات العاصمة التونسية، فيه تنظير للوحدة العربية وحتميتها، فما كان منه إلا أن طلب سريعا سيارته وامتطاها حتى دون أن يربط خيوط حذائه، واتجه إلى مكان الاجتماع وسيطر على الميكروفون، وقدم درسا في العلوم السياسية حول الواقعية السياسية ومقتضيات المرحلة، معتبرا أن العقيد بلا تجربة ولا عمق سياسي، وبدل أن يبرز العقيد القذافي غضبا مما كان يسمع وما كان موجها له شخصيا، جلس في كرسيه يستمع باهتمام، وعلى شفتيه ابتسامة عريضة، وما كان منه إلا أن وقف في نهاية خطاب بورقيبة مصافحا وكأنه يؤيد كل كلمة قيلت فيه، وهو المناقض لما كان يقوله قبل قليل، ويسفهه نقطة بنقطة.   ولعل الأغرب في هذه الزيارة التي يبدو الرئيس ساركوزي قد ندم شر الندم على دعوة القذافي لأدائها، هو ذلك التناقض بين الرجلين بصورة علنية، وإذا كان الرئيس الفرنسي قد أكد أنه تحدث للعقيد عن حقوق الإنسان في بلده تبريرا أمام شعبه، داعيا إياه لتدشين سياسة جديدة في هذا المجال، فإن العقيد نفى تماما أن يكون ذلك حصل، أو أن يكون الرئيس الفرنسي حدثه بذلك الشأن أو تعرض لقضية حقوق الإنسان في ليبيا، التي هي محترمة ومقدسة.   ولقد تجاهل ساركوزي ما قاله العقيد القذافي، وترك لمساعديه عناية التأكيد على مختلف شبكات التلفزيون بأنهم كانوا حضورا عندما حدث رئيسهم العقيد القذافي بشأن ضرورة احترام السلطة الليبية لحقوق الإنسان،و لم يفتهم أن يستغربوا أن يجري مثل الذي جرى في الساحات العمومية، بما ينافي التقاليد المرعية في مثل هذه الظروف.   ويبدو أن الرئيس الفرنسي ساركوزي وكبار مساعديه، تنفسوا الصعداء عندما شد العقيد القذافي الرحال إلى بلاده، ورفع خيمته من أشد أحياء باريس أناقة، وإن كانوا على سرور شديد من الصفقات التي عقدوها معه.   وسواء كان العقيد شاعرا أو غير شاعر بالتجاوزات التي ارتكبت، فإن مهاجري العرب والمغرب العربي يشعرون اليوم بأشد الحرج، لما بدر من الرئيس الليبي من أفعال وأقوال، لا ترفع من شأنهم ولا من قدرهم، بل تجعل المجتمع الفرنسي المتعود على الأناقة في الفعل والتعبير، يزيد من دونية النظر إلى العرب، واعتبارهم أناسا غير جديرين بأن ينتسبوا إلى عالم المتحضرين. وكل الدلائل تشير إلى أن الأيام الخمسة كانت بمثابة الكابوس الضاغط على صدورهم.   (*) كاتب وصحافي من تونس   (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 15 ديسمبر 2007)
 
 


                             

أنتج أكثر من 300 فيلم وثائقي من 50 دولة أسعد طه: أريد رؤية العالم بأفلام عربية اكتشف الويلات في برنامج « أرشيفهم وتاريخنا »

 
سعيد أبو معلا (*)   فجأة.. بدا الجميع، عربيا، بحاجة إلى الفيلم الوثائقي، لدرجة أصبح عندها الحديث عنه « موضة » بامتياز، فمع توالد الإعلام الفضائي العربي « المرضي » ظهرت الحاجة إليه كأنه الحل!!   الحال عند المخرج « أسعد طه » وصاحب شركة (Hot Spot Films) مختلف، فالفيلم الوثائقي من منظوره الشخصي هو رؤية شخصية للواقع الذي نعيشه، وللعالم الذي نحيا به، وهو بين كل فترة وأخرى يطالعنا برؤيته هذه، والتي تنحاز للإنسان، بفيلم أو برنامج مميز يكون قد عكف عليه شهورا عدة ليرى النور عبر شاشات « الجزيرة الفضائية ».   جوائز كثيرة حققتها أفلام « أسعد طه »، والأهم من الجوائز هو رؤيته لحلمه يتحقق على يديه ومجموعة تكبر ببطء من مخرجين مؤمنين بالفيلم الوثائقي ليمنحوه حياتهم، فأنتج إلى الآن ما بين الفيلم والبرنامج أكثر من 300 عمل فني غطت قضايا في أكثر من 50 دولة، وهو رقم كبير دون أدنى شك.   وفي هذا الحوار سيكون « أسعد » هو الأجدر – لبحر خبرته وتجربته الممتدة لأكثر من 15 عاما قضاها مخلصا للفيلم الوثائقي وللقضايا التي يؤمن بها – بالحديث عن واقع الفيلم الوثائقي العربي والإشكاليات التي يطرحها في منطقة تعج بالأزمات والمشاكل والقضايا الإنسانية.   نجوب معه في عوالم شائكة تعترض طريق الفيلم الوثائقي الذي يمتهن السير على سككه الوعرة مؤمنا ومتحديا معا، مؤكدا أنه يمارس فكرا لا تجارة، وأن السؤال الذي يؤرقه دوما هو: إلى متى سأبقى صامدا؟ وفيما يلي نص الحوار:   لحظة تاريخية   * نسمع الكثير من التنظيرات التي تؤكد أهمية الفيلم الوثائقي، كما نلحظ عشرات الدورات والورش الفنية والمهرجانات المخصصة له، كما يؤكد البعض أنه في ظل الكم الكبير من الفضائيات العربية سيكون المستقبل للفيلم الوثائقي، برأيك ما أهمية الفيلم الوثائقي في الحالة العربية تحديدا؟   – هناك شقان لأهمية الفيلم الوثائقي على المستوى العربي، الشق الأول مهني، فهو فن ليس لنا فيه باع طويل، ولهذا علينا أن نهتم به ونتسلح بأدواته الكثيرة والمختلفة.   كما أن هناك أهمية تتعلق باللحظة التاريخية بنا كعرب، لدينا مشكلة في التاريخ، فنحتاج إلى تأريخ جديد للأحداث ورصد تبعاتها في كل القضايا، فيجب أن لا ينحصر التعامل مع الوقائع العربية في برامج « التوك شو » فقط، بل نريد أن نرى الواقع بطريقة أخرى، خصوصا لو اقتنعنا أن الفيلم الوثائقي هو رؤية شخصية من الفنان للواقع، عندها نكون بحاجة إلى رؤية وجهات نظر كثيرة لعناصر كثيرة في الواقع.   ونحن بحاجة إلى رؤية أنفسنا، نرى مصر والسودان والعراق ولبنان، السنة الشيعة (فقد نكتشف أن ما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا)، والآخر الغربي، نريد أن نرى ذلك من خلال حكاياتنا وفننا كي تتفتح الأذهان وتتشكل الصور الجديدة.   * وقفت عند نقطة أساسية وجوهرية ستحيلنا إلى الأفلام الوثائقية العربية، فهناك من يرى أنها « أفلام وثائقية رصدية وتقريرية أكثر منها نقدية أو معالجة أو مناقشة » للكثير من قضايانا، في رأيك لماذا هذه المشكلة، وكيف يمكن تجاوزها؟   – نعم.. صحيح، وأعتقد أن هذه ليست المشكلة الوحيدة في صناعة الفيلم الوثائقي، لكننا سنجتازها لأننا ما زلنا في البداية، فمن لا شيء لا يمكن أن يولد شيء عظيم، وهذه هي البداية، وهي مرحلة تأسيسية لهذا الفن، فيلزمنا وقت كي يتكون جيل مهتم بهذا الفن، فمثلا ما زال هناك اختلاف حول مفهوم الفيلم الوثائقي، كما أن هناك خلطا بين الفيلم الوثائقي والريبورتاج القصير والطويل.   يضاف إلى ذلك وجود مشاكل ومعيقات تجارية تعيق عملية الإنتاج، تترافق مع ندرة في الكفاءات والمخرجين المؤمنين بالفيلم الوثائقي، وهي مشكلة تواجهني شخصيا من خلال المخرجين الذين أعمل معهم، فجزء منهم يعتبر الفيلم الوثائقي مجرد مرحلة أو سلم، إما لأنه لا يجد عملا أو أنه يستعد به لتقديم سينما روائية، فهو يقدم الفيلم الوثائقي وعينه على الدراما والسينما.   فالكادر المهتم فعلا بالفيلم الوثائقي نادر جدا، من يريدون عمل فيلم وثائقي قلة، كما أن المخرجين القادرين على عمل فيلم وثائقي خارج العالم العربي أكثر ندرة، فهذا يحتاج إلى جهد كبير من حيث الإعداد والدراسة وتخطي حاجز اللغة.   نأتي للعقبات الخاصة بالتسويق.. فمن يشترون الفيلم الوثائقي لا يملكون القناعة لرصد الميزانية المطلوبة لهذا النوع من الأفلام، أي فضائية تفضل دفع 1000 دولار في برنامج « توك شو » على دفع 100 ألف دولار في فيلم وثائقي لمدة ساعة. وأنا كمخرج أعمل في إنتاج أفلام وثائقية وأعرف تكاليفه المرتفعة، وأقدر أين تذهب الميزانية، بعكس المنتج الذي لا يستطيع أن يفهم لماذا ترصد كل هذه الأموال في مقابل شريط واحد.   كما أنه لا يوجد لدينا آلية لتوزيع الفيلم الوثائقي وبيعه كي يعود بربح مجز على المنتجين.   الجمهور مل الخطابة   * يمكن بطريقة أو بأخرى أن نرى المشكلة في الجمهور، فصاحب الفضائية ليس مستعدا لدفع 100 ألف دولار ورصدها للفيلم الوثائقي لأنه في اعتقاده لا يوجد جمهور يتابع هذا الفيلم وبالتالي لن يجذب الإعلانات.   – لا أظن أن المشكلة لدى الجمهور، بالعكس أعتقد أن الجمهور مل من الخطابة والمباشرة التي لا نعرف نحن العرب سواها، لدرجة أن هذه الثقافة تؤثر على تقييم الفيلم الوثائقي لو احتوى دقيقتي صمت مثلا، وهو الأمر الذي يكشف الجهل بفن الفيلم الوثائقي عندما يقدم صورة تتكلم أكثر من أي كلام.   الجمهور يحتاج إلى الرؤية والمعرفة، فما يقدمه التلفزيون من أخبار عما يجري في العراق لا يجعلنا نرى العراق حقيقة، بل هو مجرد كلام، وما نراه من صور هي مبتورة وغير مكتملة، وهنا يأتي الفيلم الوثائقي ليلعب دورا في توضيح الصورة حتى تظهر ملامحها ويعرف المشاهد من المقاوم ومن الإرهابي، من يمتلك مشروعا، ومن يقف خلف التفجيرات في الأسواق، من هم السنة ومن هم الشيعة وما الفرق بينهم.   الجمهور حتما راغب في المعرفة من خلال عناصر تشويقية وليس من خلال ريبورتاج مدرسي يلقنه المعلومة.   * لنبق مع الجمهور قليلا.. في اعتقادي أن الجمهور لم يستوعب بعد فكرة أن يجلس أمام الشاشة لساعة كاملة ليشاهد فيلما وثائقيا يعرض جميع الأطراف بعد أن يراهم عبر نشرات الأخبار، أعتقد أن الرهان سيكون على الجمهور مستقبلا في أن يطلب هذا الشكل الفني الجديد.   – يمكن أن نضع كل هذا تحت عنوان كبير اسمه « ثقافة الفيلم الوثائقي »، سواء عند أصحاب رأس المال أو عند الجمهور أو عند المخرجين، فلا توجد قناعات حقيقية تجاه الفيلم الوثائقي.   فكر وليس شغلا   * لنبسط الموضوع عبر تفريعه ولنتناول المخرج تحديدا، فأنا أرى أن المخرج غير مقتنع بالفيلم الوثائقي تماما، وهذا ينعكس في ميله إلى الاستسهال، وبذا يظهر الفيلم الوثائقي مجرد مقابلات متلفزة مع مواد مصورة سابقا، كما لاحظنا أن الكثير من الأفلام تخرج إلى النور بناء على توافر مواد مصورة مؤرشفة يحاك عليها قصة، وبالتالي أصبح الأمر معكوسا تماما وقاد إلى ظهور أفلام وثائقية هي عبارة عن تجميع لمواد وتقارير إخبارية مصورة؟   – أنا متفق معك فيما تقول، وممكن تلخيصه في غياب الرؤية، فأنا مؤمن بأن تعريف الفيلم الوثائقي هو رؤية شخصية للواقع.   هناك شريحة من المخرجين تتعامل مع الفيلم الوثائقي على أنه شغل رغم أنه فكر في النهاية، فهم لا يمتلكون رؤية أو موقفا، فيقدمون أفلاما فيها الكثير من السطحية التي تحدثت عنها، فيكون الفيلم مجرد مقابلات ومواد مصورة، فالمقاومة عنده معناها أنه يقدم اثنين أو ثلاثة يتكلمون عنها، ويطعم ذلك بصور قصف وناس تبكي وناس تضرب… وخلاص، أما هو فليس لديه رؤية، لم يدرس ولم يقرأ، وبالتالي لم يفهم، وبالتالي لن يجعلنا نفهم أيضا.   * يلحظ المتابع أن هناك حضورا فجائيا لكل ما له علاقة بالفيلم الوثائقي من ورش وندوات ومحاضرات وحتى مهرجانات، كما أنه في الوقت نفسه لا توجد كتابات عميقة عن هذا الموضوع، فهو فعلا ناشئ في ظل زخم فضائي عربي.. ما تعليقك؟   – يبدو أنها مسألة ترتبط بكونها أصبحت « موضة »، موضة الفيلم الوثائقي والاهتمام به، أنا أعمل منذ فترة طويلة في ذلك، وحتما هناك أناس بدأت قبلي، وهناك من هم أحسن مني، لكن من فترة قصيرة وجدت الجميع يتكلمون عن الفيلم الوثائقي ولا أدري لماذا؟ هذه الموضة ذاتها قادت إلى قدوم ناس عملت في الفيلم الوثائقي ليسوا على قناعة بأهميته أو دوره أو ما هو أصلا.   قلبي على الوطن   * في شركتكم (hot spot) خرجتم عن جغرافية الوطن العربي في القضايا والأفلام التي تنتجونها، هل اكتفيتم من تناول القضايا العربية أم أنها الصعوبات التي تواجهونها داخل الوطن العربي؟   – الأمور متداخلة، وأنا أرى أن محرك المخرج الأساسي هو الرؤية، أنا لا أستطيع أن أعمل مثل البائع في السوبر ماركت رغم احترامي له كونه واضحا جدا.. يبيع ويشتري، لكن أنا أتعامل مع الفيلم على أنه فكر، وبالتالي أتحرك في منطق يخدم رؤيتي وفكري.   وجزء من هذا المنطق يكون بضربي أكثر من عصفور بحجر واحد، فأستطيع رؤية الآخر الذي لا أعرف عنه شيئا، وأخافه كنتاج أساسي للثقافة السائدة، ولوجود من يخيفني منه، فأعرف وأكتشف مثلا أن الأمريكي ليس شيطانا، وليس ضدي، بل هناك من يحبنا ويتعاطف معنا.   كما أكتشف مثلا أنه توجد قارة اسمها أمريكا اللاتينية قريبة جدا من العالم العربي، حيث تتقاطع معنا في التاريخ المشترك كالاحتلال ووجود ديكتاتوريات، ولهم نفس قضايا حقوق الإنسان، ويعانون من ذات الاستغلال الأمريكي اقتصاديا لحد الاستعمار، كما أنهم يحبوننا ويناصرون قضايانا ولا يأخذون موقفا ضدنا كمسلمين، وهم في الوقت نفسه شعوب تنهض مرة ثانية ونحن عاجزون عن استغلال ذلك.   ستكتشف الكثير خارج العالم العربي مما يتعلق به.   ومن الأسباب التي دفعتنا للخروج صعوبة التعامل داخل الوطن العربي، فقد تصل بعض الصعوبات إلى استحالة العمل، فلدي قائمة من الأفكار المقترحة للتنفيذ عربيا لكن في المقابل لدي عوائق أمنية كثيرة تقف حتى أمام الأفلام التي تنتج لأغراض سياحية، فالسلطات الأمنية متشككة في نوايانا على طول الخط، ولهذا نعجز عن الحصول على تصاريح عمل في بعض الدول العربية.   لكن الأهم هنا بالنسبة لي أنه وأنا خارج الوطن العربي فإن قلبي يكون على الوطن ذاته باتساعه وامتداده، فرغم أن فلسطين مستغلة إعلاميا من زعامات باعت واشترت فيها، وأحزاب مارست قمعا باسمها، ومع هذا فأنا مهما كان المكان الذي أذهب إليه فإن فلسطين تبقى أمام عيني، وكذلك بقية القضايا العربية.   فمثلا في فيلم « الميدان » الذي تناول الثورة البرتقالية في أوكرانيا كنت أضع أمام المشاهد العربي نموذجا أقول من خلاله للعربي إن كل واحد له دور، ويجب أن لا ننتظر حدوث شيء كبير ليحصل التغيير، عرضت ثورة لشعب منضبط في طريقة ثورته ورغبته في التغيير، فلم يحرقوا، ولم يخربوا، حتى أن طالبة كانت تتحدث في الفيلم عن كيف أنها تبحث عن مكان تكتب فيه شعارات حتى لا تشوه الحائط، فيما يمكن أن نطلق عليه الثورة النظيفة، فأصحاب المبادئ العليا لا بد أن يكون عندهم وسائل عليا لتحقيق أهدافهم.   فأنا كمخرج – وفي النهاية مع كل احترامي وتقديري للثورة البرتقالية ولمن قاموا بها – هذه ليست قضيتي، فقضيتي هي أن أقدم للعربي تجربة شعب آخر تقول إنه يمكن لك أن تغير بدون عنف، فأنت تفاجأ في الفيلم أن الألوف المحتشدة في الميدان والتي لا ترى أن الفودكا حرام ومع ذلك تمتثل لقرار المنظمين- في بلد درجة حرارته تصل لأقل من (-30) – بمنع شربها كي لا تحدث أعمال شغب احتراما لمبدأ الثورة! إنه نموذج راق.   * تكلمت عن شك الأنظمة من أي فعل تقوم به كشركة تنتج أفلاما وثائقية، إلى أي حد يؤثر ذلك على عملية إنتاج الفيلم الوثائقي بمراحلها المختلفة؟   – هو شيء لا علاقة له بالفيلم الوثائقي بمقدار ما له علاقة بالنظم السياسية والاجتماعية السائدة، وأشدد على النظم الاجتماعية السائدة، فأنا ضد تحميل كل مساوئ واقعنا العربي للأنظمة العربية، فنحن لدينا مشاكل في الأحزاب والتنظيمات والشعوب والطبقات، وستفاجأ بحجم ذلك وأنت تعمل مثلا مع الأحزاب المعارضة التي تحاول أن تقصي أحزابا معارضة أخرى بشكل ديكتاتوري تماما كالأنظمة التي تعارضها.   للأسف حياتنا مليئة بالشك والمحاذير الاجتماعية والتابوهات التي تؤثر على صناعة الفيلم الوثائقي وتطوره.   رهان الجمهور   * جوهر الفيلم الوثائقي تقديم معلومات للمشاهد، وواقعنا العربي يعاني من نقص في ذلك بجدارة بحجج كثيرة، منها « الضرر بالأمن القومي »، كيف يؤثر نقص المعلومات على الفيلم الوثائقي وكيف تتعامل مع ذلك؟   – خارج الوطن العربي لا مشكلة في توفر المعلومات، فنحن عملنا مثلا 25 فيلما عن عرب أمريكا اللاتينية، وعند بحثنا عن مصادر غير عربية وجدناها وهي موثوق فيها.   في المنطقة العربية لا يوجد لديك مصادر تعتمد عليها بأرقام أو إحصائيات، وكي نتغلب على ذلك نتحايل من خلال تجنب طرح المعلومة في بعض الموضوعات، بل نعرض المسألة من خلال الحكاية أو من منظور اجتماعي.   عمليا نحاول أن نحصل على أكبر قدر من المعلومات المتاحة، وما تبقى نعرضه من خلال حكايات وقصص تعكس حالات، فمثلا: ظاهرة زنا المحارم، هي ظاهرة موجودة في المجتمع العربي المحافظ الأخلاقي المتدين!! هنا نلجأ للحكاية لتقديم الظاهرة، ومع ذلك قد نتهم هنا بعدم الاعتماد على مصادر أو بعدم الصدق، وقد يسألك البعض متهما: على ماذا اعتمدت في قول هذا وذاك؟   هنا نحن رهاننا على الجمهور الذي يعرف أن ما نعرضه هو حقيقي وموجود ومعاش.   وثائق مريبة   * حدثني عن برنامج « أرشيفهم وتاريخنا ».. فهو برنامج بدا مميزا وجريئا وإشكاليا ومرهقا معا؟   – كنت أتمنى أن يخرج بأحسن مما خرج عليه، ورغم أن الميزانية المرصودة له كانت معقولة بالمفهوم العربي لكن تمنيت أن يرصد له ميزانية أكبر بحيث يخرج كما كنت أريد، أي أن أعقد مقارنة بين تاريخنا الشائع في الكتب المدرسية والجرائد… إلخ وما ستكشفه هذه الوثائق.   ولن تتخيل كمية الجهد المبذول خلف كل حلقة تعرض على الشاشة لمدة 50 دقيقة، فالحلقة تحتاج إلى أكثر من شهري عمل بين إعداد وجمع وبحث من فريق عمل متكامل… إلخ.   كما أن هناك مشاكل أخرى تتعلق بجمع المعلومات، فمثلا: لا يعتمد الأرشيف الروسي على نظام إخراج الوثائق بعد مرور 30 عاما عليها كما هو معمول به في الدول الأوروبية، ولهذا كنا نضطر إلى اللجوء إلى طرق جانبية للحصول على الأجزاء المطلوبة من الأرشيف والوثائق.   كما أننا من خلال عملنا في البرنامج اكتشفنا أنه حتى الدول الأوروبية التي تتباهى بكشفها الوثائق فإنها تخفي الكثير منها أو تخفي بعض تفاصيلها، ويزداد التحفظ عليها في حال علمهم أن البرنامج « للجزيرة »، فتنهار الأفكار التي يروجون لها عن الحرية والرأي الآخر، ولكن مع كل هذا فالتعامل معهم أفضل كثيرا من التعامل عربيا.   كما تواجهنا أحيانا صعوبة كبيرة في قول كل ما تحصل عليه من حقائق، فمثلا في الحلقات التي تناولت علاقة الأحزاب الشيوعية العربية بالاتحاد السوفيتي فقد حصلنا على وثائق مريبة كان يمكن لها أن تفتح النار علينا. فمثلا اكتشفنا أن قيادات عربية على علاقة بالاتحاد السوفيتي كانت تطلب جزءا من مستحقاتها ومكافآتها الشهرية على شكل « بنات »، هذا التناقض الفظيع حيث قيادات تتقاضى رواتبها من بلد آخر وتطلب بناتا للترفيه، ويأتي في بلده ليتحدث عن الطبقة الكادحة! طبعا هذا لا يعمم، فهناك شيوعيون شرفاء ومناضلون بحق.   أنا أرى أن ما وراء صناعة الفيلم هو فيلم بالنسبة لي على المستوى الشخصي، خصوصا مع وجود جمهورية « هوت سبوت » الديمقراطية.   * إذا حافظت على هذا الخط فسيتم محاربة الفيلم الوثائقي وتحديدا بالمفهوم الذي تعمل فيه؟   – لن أكون محاربا بالمعنى التقليدي، بل هناك عقبات، السؤال المطروح: إلى متى ستبقى صامدا؟   في النهاية أنا أتعامل مع مهنة ولست حزبا، أمتلك مؤسسة ربحية ترغب في تجاوز العقبات وتربح، وهذا هو التحدي، فأنا لا أعمل كاسيت أو فيديو كليب، السؤال: كيف أبقى مستمرا وأقدم أعمالا جادة بعائد مادي مجز في ظل قلة توافر الكفاءات والكوادر المؤمنة بالفيلم الوثائقي.   كما أن قيمنا ومفاهيمنا تؤثر على الكثير من جوانب حياتنا بما فيها الفيلم الوثائقي، فهو يحتاج جهدا غير عادي، فمن هو المستعد لمنح الفيلم كل جهده؟ فهو متعب ومريب، قد يبدو للمشاهد بسيطا جدا لكنه في الحقيقة أصعب مما يتصور البعض. بالتالي السؤال: إلى أي مدى ستصمد؟ أنا أدعي أنني محارب، ومعي ناس محترفة لا تظهر في الصورة، وأنا أبحث عن المؤمنين بالفيلم الوثائقي دوما. وعندما ظهرت قناة « الجزيرة الوثائقية » أعطتنا أملا كبيرا، ونرجو أن تكون في جرأة الجزيرة الإخبارية عندما ظهرت، وذلك من حيث اعتمادها على عناصر عربية، فنحن لا نريد المزيد من الأفلام المدبلجة، نريد أفلاما عربية ترى العالم بعيون عربية.   محتكر للجزيرة   * كمنتج تعتمد في تسويق أعمالك على الجزيرة فقط، هل تواجه صعوبات تسويقية مع قنوات أخرى؟   – أنا لا أجيد التسويق ولا توجد آلية لتوزيع الفيلم الوثائقي عربيا، وهذا يفرض علي أن أجيد عملين، الأول منتج والثاني موزع، كما أن السوق يحتاج مشتريا وبائعا، والمشتري ليس متوفرا بما فيه الكفاية، فأي قناة فضائية تشتري فيلما وثائقيا بمبلغ من 50 – 100 ألف دولار. في النهاية ستجد نفسك محتكرا للجزيرة، وقد تولد مشكلة في يوم من الأيام في أن لا يوجد بديل، كل ما يمكنني الآن القيام به هو تقديم إنتاج جيد وربح محدود ولن أتنازل عن ذلك.   * برنامج « الجريمة السياسية » ظهرت عدة مشاكل لاحقة ربما تسبب فيها المونتاج أو رؤية المخرج، خصوصا مع المصادر التي تضررت من اختصار تصريحاتهم بفعل عوامل الترتيب، والقطع وطريقة خروج الفيلم ذاته بمكوناته المختلفة؟   – الفيلم الوثائقي والتلفزيون بصفة عامة يحفل بمجالات التأثير من خلال الإيحاء، والتلاعب فيه واسع جدا، والمسألة ترجع لأخلاقيات القائم بالعمل، لكن ما أضمنه أنا هو أن لا يوجد تلاعب مقصود.   لكن ما نواجهه أن المصادر ترغب في أن يقول الفيلم ما تريده هي، وأن نستخدم كلامه كله، وهو أمر غير منطقي، فليس من الممكن استخدام ساعتين لمصدر واحد.   * هل الإشكالية في فهم المصادر لطبيعة الفيلم الوثائقي؟   – هذا يرتبط بثقافة الفيلم الوثائقي، فأكون قد سجلت مع المصدر أكثر من 3 ساعات تظهر في الفيلم 3 دقائق فقط، وبالتالي هذا بحد ذاته يغضبه ويزعجه.   هنا أرى أن الأساس هو السمعة، فإذا انتشر أني أتلاعب بكلام المصادر لن يتعامل معي أحد بعدها.   أما بخصوص برنامج « الجريمة السياسية » فأنا مقتنع بأن الفيلم رؤية للواقع، وهي رؤية تكون أحيانا مفتوحة وأحيانا ضيقة. أما في « الجريمة السياسية » فمساحة الرؤية فيها ضيقة جدا؛ لأنها تعتمد على وقائع تاريخية، وهنا يكون تعاملنا معها تعاملا أكاديميا تاما، فننقل الجريمة كما هي، ننحي العواطف والمواقف الشخصية، طبعا لن تنتفي الشخصية تماما ولكن يجب الحرص على الأمانة والدقة.   * فكرة فنية الفيلم الوثائقي كيف تتغلب عليها وتحديدا لخلق حالة من التشويق عند معالجة قضايا تتكرر في نشرات الأخبار والتقارير الصحفية؟   – يرجع هذا إلى المخرج وطريقة معالجته للمسألة، فهناك قوالب فنية متعددة منها القالب الحكائي، أو قالب التجربة الشخصية، أو من خلال استخدام الأرشيف والوثائق التاريخية والمقارنة بين ذلك والواقع الذي نحن فيه، القوالب الفنية تعود إلى رؤية المخرج وهي مفتوحة أمامه.   لا أريد 20 أسعد طه   * كمخرج وصاحب شركة تدير مجموعة من المخرجين العرب كيف تتعامل معهم في ضوء وجود اختلافات في انتماءاتهم ورؤاهم لموضوعات التي تقرر الشركة أن تنتجها؟   – كنت مخرجا قبل أن أؤسس شركة (Hot Spot)، وكان لدي قناعة أن الحياة فيها متسع للجميع بتناقضاتنا واختلافاتنا، ومع ذلك كنت قلقا من رغبتي في وجود مخرجين من اتجاهات مختلفة يعملون في شركة واحدة، لكني حاولت أن أثبت مشتركات موجودة وحقيقية، وهي مشتركات منحتني مساحة أكبر مما كنت أتخيل، قلت للمخرجين إننا سنتكلم عن القضايا التي لا يوجد فيها خلاف مثل: الفقر، العنف، الحرية… إلخ، فكان الاعتماد أولا على المساحة والقيم المشتركة التي تجمعنا والبعد عن القيم الخاصة، ثم النقطة الثانية والأهم كانت المهنية والاحترافية والتي هي سيف على رقابنا جميعا.   قد أخرج اليوم فيلما أصنف من خلاله على أنني إسلامي، وقد أعمل فيلما آخر أصنف فيه على أنني يساري، والسبب هو المهنية، فكلما ازدادت مهنيتك كلما كنت قادرا على قطع الطريق على كل أعدائك.   الأمر الآخر أنني أفصل تماما وخصوصا في تقييم الأفلام بين رأيي الشخصي ورأيي المهني، فأنا أحارب نفسي عند عملية التقييم، فأحيانا أكون غير راض كمخرج عن الفيلم، ولكن مهنيا هو مضبوط، فلا يمكنني التدخل ولهذا تخرج من شركتي أفلام أكون غير مقتنع بها شخصيا، لأني لو نفذت كل أفلام الشركة بطريقتي فسيكون هناك 20 أسعد طه، وأنا لا أريد ذلك.   * كشركة متخصصة في إنتاج الأفلام الوثائقية ما حجم منجزكم الفني من أفلام وثائقية؟   – وصل إنتاجنا ما بين الفيلم والبرامج الوثائقية إلى أكثر من 300 فيلم وثائقي غطت قضايا في أكثر من 50 دولة.   (*) ناقد فني ومحرر في النطاق الثقافي والفني في شبكة إسلام اون لاين.   (المصدر: موقع إسلام اون لاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 17 ديسمبر 2007)

 

 


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.