الأربعاء، 11 مايو 2011

في كل يوم، نساهم بجهدنا في تقديم إعلام أفضل وأرقى عن بلدنا، تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNWS 11ème année, N°4003 du 11.05.2011  

archives : www.tunisnews.net


الحوار.نت:السيد يسري الدالي محافظ الشرطة من الصنف الأعلى يفجّر أسرارا خطيرة

الجزيرة.نت:اعتقال مجموعة معها متفجرات بتونس

كلمة:باجة: سلب ونهب وسعي لإحياء لجان حماية الأحياء

الجزيرة.نت:بعد احتجاجات شهدتها عدة مدن اعتقال المئات في تونس

الصباح:إلى أين وصل التحقيق في الأحداث الأخيرة؟ بين الداخلية والعدل.. «ضاع» الموقوفون…

قدس برس:طلبات بتونس لترخيص إذاعات وتلفزات

وثيقة تمهيدية لإحداث :  » التيار الثوري للواجبات والحقوق من اجل التقدم »

حركة النهضة تدين العنف والتخريب وتدعو إلى التهدئة

الصباح:حمة الهمامي يؤكد »:حزب العمال بريء من تهم الشغب..

الشروق:حمّة الهمامي: مستعدون للانتخابات من الغد وأدعو السبسي الى مناظرة تلفزية

كلمة:حمه الهمامي : الحكومة الحالية ليست وليدة الثورة بل وليدة النظام القديم

علي لعريض:في أولويّات المرحلة وأخلاقيّات الانتقال الديمقراطي

منتدى الحوار الحر في ساحة الثورة بنزرت

خبير تونسي بمركز جينيف للمراقبة الديمقراطية للقوات المسلحة لـ «الصباح»:لا ديمقراطية دون إصلاح قطاع الأمن في تونس

مختص في الاقتصاد العائلي والفقر واللا مساواة لـ«الصباح»التقسيم الجديد لقانون المالية يحافظ على توزيع غير عادل للثروات.. وتنمية جهوية منقوصة

العجمي الوريمي:المشهد السّياسيّ الآفاق والتحدّيات

الحبيب بوعجيلة:الممكن الوطني : تسوية على شروط الثورة ووفاق على قاعدة الانتقال

محمد الحبيب الخضراوي:الديمقراطية المحلية:عنوان مركزي لتحقيق أهداف الثورة

نوفل بوزياني:لقد قمنا بثورة تاريخية و يجب انجاحها

الفجر:القطاع السياحي بالبلاد التونسية: الواقع و التحدّيات (1-2)

عبد العزيز التميمي:ذكرى مجزرة 8 ماي 1945 في الجزائر يوم عالمي للحرية ؟

الفجر:غزوة بن لادن.. أم نقلة العنصر البشري ؟

كلمة:الثوار الليبيون يتمكنون من رفع علم الثورة في قاعدة بطرابلس

رويترز:الرئيس السوري يستخدم دباباته لإخماد الإضطرابات
محيط: تريليونات دولار.. « الأموال المهربة » عشرة أضاعف الميزانية المصرية

Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

تابعوا جديدأخبار تونس نيوز على الفايس بوك

الرابط

http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141


السيد يسري الدالي محافظ الشرطة من الصنف الأعلى يفجّر أسرارا خطيرة

 


السيد يسري الدالي محافظ الشرطة من الصنف الأعلى يفجّر أسرارا خطيرة « فرحات الراجحي أحالني على التقاعد الوجوبي لكني لم أشهد بأنه ليس كذابا أو معتوها »!… أعددت ملفا ضدّه في الثلب والتشهير والادعاء بالباطل في حقي لكني تراجعت يوم 4 ماي 2011 « ؟!… أتحدى الراجحي وغيره أن يثبتوا أني ظلمت بشرا واحدا رغم أني عملت مع السرياطي » … القناة الوطنية 1 اتصلت بي يوم 5 ماي وطلبت مني أن أقول إن الراجحي  » شارب حاجة  » ومعتوه ويتناول حبوب الهلوسة « !!!… أعرف كل شيء عن رئيس الرئيس وصانع التغيير الذي ردّ علي الراجحي من وراء حجاب… » !… هذه نصائحي لزملائي في الأمن وللحكومة والشعب حتى لا تضيع ثورة تونس إلى الأبد…. وردت علينا رسالة من السيد يسري الدالي محافظ الشرطة من الصنف الأعلى والأخصائي النفساني الذي عمل بسلك الأمن اكثر من 20 عاما وعمل خاصة بالقصر الرئاسي مع السرياطي …ننشرها كاملة نظرا إلى ما تضمنته من تفاصيل مثيرة جدا . يقول السيد يسري الدالي : لقد مرّت ثلاثة أشهر منذ إحالتي على التقاعد الوجوبي من قبل السيد فرحات الراجحي الوزير السابق للداخلية، وكنت قد تقدّمت بقضية للمحكمة الإدارية قصد النظر في هذا القرار الجائر حسب إعتقادي، كما انني كنت قد أعددت ملفا فيه عدة وثائق مكتوبة وأخرى سمعية بصرية تدين السيد فرحات الراجحي بغاية تقديم قضية جزائية ضدّه من أجل الثلب والتشهير والإدعاء بالباطل في حقيّ، لكنّني حين شاهدت يوم الأربعاء 04 ماي 2011 المقطع الذي تحدّث فيه عن كيفية تعيينه وكيفية إقالته وعن رأيه فيما تونس عليه اليوم، وجدت له عذرا وها إنني أساند البعض مما قاله ومما حلّله. لقد شاهدت المقطع الذي تحدث فيه السيد فرحات الراجحي والذي أخذ له دون علمه وإنني أؤكّد أنه أخذ دون علمه، وسمعت تفاصيل تعيينه ثم إقالته، وحيث بدا السيد فرحات تلقائيا كالعادة وأكثر من العادة ( نظرا لكونه قام بالمقابلة وهو يدخّن)، أعبّر أنا الأخصائي النفسي يسري الدالي، محافظ الشرطة أعلى المحال على التقاعد الوجوبي والمدير السابق لإدارة الدراسات وتطوير الكفايات للأمن الوطني، والخبير المستشار لدى مكتب تكوين ودراسات وانتداب حاليا، أنّ ما جاء بحديث السيد فرحات الراجحي لا يمكن أن ينمّ سوى عن صدق الرجل ونزاهته، رغم أنه ظلمني أيّما ظلم وهو الذي أمضى قرار إحالتي على التقاعد الوجوبي بدون وجه حق، وقد كنت أدليت بحوار في القناة الإلكترونية تونيفيزيون طالبته فيها بإفرادي بقرار الإحالة على التقاعد مع التنصيص على الخطإ الإداري الذي قمت به، كما أنني نشرت على أعمدة جريدة الشروق التونسية بتاريخ 15 فيفري رسالة مفتوحة له هذا نصها: رسالة مفتوحة إلى السيد فرحات الراجحي وزير الداخلية بسم الله الرحمان الرحيم تحية وطنية إني المضي أسفله يسري الدالي محافظ الشرطة من الصنف الأعلى مدير الدراسات وتطوير الكفايات سابقا بالإدارة العامة للتكوين التابعة للإدارة العامة للأمن الوطني بوزارة الداخلية، تمت إحالتي على التقاعد الوجوبي يوم الثلاثاء 01 فيفري 2010 ضمن قائمة إسمية تتشكل من 27 مسؤولا أمنيا وحشري فيما أسميته بقناة حنبعل بعملية « التنظيف » لبؤر الفساد في وزارة الداخلية، أنشر هذه الرسالة واطلب ممن يقرأها نشرها بدوره حتى أطلب بكل لطف من كل الذين يعرفونني بصفة مباشرة أو غير مباشرة إن كنت قد أسأت إلى أي كان بالفعل أو حتى بالقول، وإن كنت قد وشيت أو أحلت أحدا إلى العدالة أو إلى أي هيكل من هياكل قوات الأمن الداخلي سواء من المواطنين أو الزملاء، و إن كنت قد إعتديت على ممتلكات غيري، إن كنت أخذت رشوة أو أعطيت رشوة أو كانت لي وساطة أو كانت لي وساطات أو تدخلات بمقابل أو بدون مقابل لأي كان من ذوي الجاه أو السلطة سابقا أو حاليا، و إن كنت تواطأت مع مسؤولين أو غيرهم ضد أمن الدولة أو أمن الأشخاص، و إن كنت تحيلت على أحد، و إن كنت إستغللت نفوذي أو تجاوزت حدود السلطة في علاقتي بمرؤوسي أو زملائي أو أي فرد من أفراد المجتمع في كافة مواقع تواجدي، بالحي الذي أقطنه أو بمسقط رأسي أو بمحيط عملي أو بالأماكن التي أذهب إليها أو التي أقضي شؤوني منها… لكل من يقرأ هذه الرسالة رجاء إجابتي عن تساؤلاتي هذه، سواء كنتم أقاربي أو زملائي أو ممن أتعامل معهم في مختلف شرائح المجتمع، فقد شككني قرار السيد وزير الداخلية في نفسي وفي نزاهتي وفي مصداقيتي وفي قيمتي العلمية وفي جرأتي و خاصة في إنسانيتي وفي نظافتي و كرامتي التي أحيا لها و بها و التي من أجلها استشهد محمد البوعزيزي و غيره من التونسيين الأكارم. لمن لا يعرفني أقول أنني متحصل على شهادة الدراسات المعمقة في علم النفس الإكلينيكي ومسجل بالسنة الرابعة دكتوراه علم النفس، عملت منذ تخرجي في سنة 1992 من مدرسة الشرطة بصلامبو بذات المدرسة كأخصائي نفساني، إعتنيت بالإختبارات النفسية للإنتداب، والتكوين في مجال التواصل والتخاطب وعلاقة رجل الأمن بالمواطن والتصرف في الأزمات وفنيات القيادة والتصرف في حل الخلافات والصراعات وما إلى ذلك من المحاور ذات العلاقة بعلم النفس، فكنت أول من درّس علاقة رجل الأمن بالمواطن، وكنت أول من أجرى دراسة ميدانية شملت أكثر من خمسة آلاف من أعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة حول حالة الدافعية لديهم وأعلنت نتائجها للقيادة في أوت 2001 وكانت أهمها أن القاعدة فقدت الثقة في قيادتها الأمنية، وأن جملة المنح ضعيفة وأن الظروف المادية والنفسية للعمل صعبة للغاية وأن إنفجارا هاما سوف يقع في يوم ما( الدراسة موجودة بوزارة الداخلية) كانت كفاياتي في مجال علم النفس قد أعجبت المدير العام للأمن الوطني علي السرياطي آنذاك الذي عيّن في نفس السنة مديرا عاما لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية، فأعطى تعليماته بوضعي على ذمته بثكنة الأمن الرئاسي بقمرت من أجل مساعدته على تركيز تكوين علمي وانتداب ناجع لا تدخلات فيه ولا محسوبية، وبقيت أعمل منذ ذلك التاريخ بين جهازين إثنين وهما الإدارة العامة للأمن الوطني والإدارة العامة لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية، كما كنت أدرسّ بالمدرسة العليا لقوات الأمن الداخلي التواصل وحركية المجموعات، والتصرّف في الضغوطات النفسية، والقيادة، والمقاربة بالكفايات في العمل الأمني، علما أنني كنت من مؤسسي هذه المدرسة العليا. وقد عينت في أوت 1999 رئيسا لللإدارة الفرعية للتكوين والدراسات بالمركز الوطني للتكوين المستمر للأمن الوطني بقرطاج بيرصا، ثم مديرا لإدارة الدراسات وتطوير الكفايات بالإدارة العامة للتكوين للأمن الوطني والتي كنت أنا وراء بعثها بعد أن حظي مقترحي بالموافقة بارتقاء إدارة المدارس والتكوين من إدارة مركزية تضم تحتها مدارس الأمن الوطني إلى إدارة عامة مركزية في 2007، كما أنني درّست مادة علم نفس الطفل بالمدرسة العليا لعلوم الصحة لمدة ثلاث سنوات. كما كنت: – عضو الكشافة التونسية من 1987 إلى 1991. – عضو الغرفة الفتية الإقتصادية بالمرسى وأمين مالها سنة 1991 – باعث المدرسة الفيديرالية للشطرنج بقرطاج – رئيس فرع الرياضات الفكرية بالإتحاد الرياضي للشرطة والإصلاح – عضوا مؤسسا ورئيس جمعية نادي الكفايات الرياضية للأمن الوطني – عضو الجمعية التونسية لعلم النفس وقد كتبت العديد من المقالات حول علاقة رجل الأمن بالمواطن، حول الطفولة، حول الروح المعنوية للأفراد، حول العنف بالملاعب، حول التصرف في الموارد البشرية، حول المقاربة بالكفايات،حول المسارات المهنية وآخرها مقال نشر لي بمجلة علمية فرنسية: Revue de psychologie de travail et des organisations بعنوان: L’adaptation transculturelle d’une échelle de mesure Cas de l’échelle des ancres de carrière أنا أكتب هذا من أجل أن تحتكموا إلى ضمائركم الحية، لا بغاية إرجاعي إلى سالف عملي، بل بهدف إعادة إمضاء برقية إحالتي على التقاعد الوجوبي منفردة دون مزجي بقائمة الذين صرّح السيد وزير الداخلية بأنهم نظفوهم، لأنني أشهد وأشهد الله أنني لست متسخا بأي نوع من أنواع القذارة، كما أنني أطلب فتح تحقيق خاص بي وعرضي على لجنتي تقصي الحقائق والرشوة والفساد ومحاسبة من زج بي في هذه القائمة ظلما وبهتانا. أما إذا كانت إقالتي من أجل أنني كنت المدير الوحيد الذي نزلت لشارع الحبيب بورقيبة يوم الجمعة 21 جانفي 2010 لمواكبة مظاهرة أعوان قوات الأمن الداخلي وكنت قد إصطحبت زوجتي وطفليّ فإنني أقبلها بصدر رحب مع رجائي للسادة المسؤولين تحديد هذا السبب دون سواه حتى لا يقع مزجي ضمن قائمة « النظافة ». وأخيرا ثقتي كبيرة في المسار الجديد الذي اخذته بلادنا وفي قضائنا المستقل وأرجو أن يكون حشر إسمي في قائمة « التنظيف » خطأ تصلحه الإدارة و ذلك ما أطالب به. و إن لم يكن كذلك فملاذي حب بلادي وطيبة أهلها وعدل الخالق الذي ليس فوقه عدل. « بلادي وإن جارت على عزيزة وأهلي وان ضنوا عليّ كرام ». كتبت رسالتي تلك وبقيت أنتظر الإجابة، إلا أنني لم أتلقّ أي ردّ لا من السيد فرحات الراجحي الوزير السابق للداخلية، ولا من السيد الحبيب الصيد من بعده، كما أنني كنت قد وجهت نداء على صفحات الفايسبوك الخاصة بالسيد فرحات لمواجهتي أمام الملإ، مثلما وجّه لي أصابع الإتهام بالفساد أمام الملإ، وحرّض أفراد المجتمع على الحد من حريتنا بمراقبتنا مراقبة لصيقة والإعلام عن تحرّكاتنا. ورغم هذا، ورغم أنني عانيت وأعاني الأمرّين من جراء تصريحاته اللاّمسؤولة التي تنمّ عن شخصية تلقائية، آليات دفاعها النفسية بسيطة للغاية، وآليات دفاعها الإجتماعية هشة للغاية، ورغم أنني مقتنع أشدّ الإقتناع، مثلما هو مقتنع بذاته أنّه لا يمكن أن يكون سياسيا، ولا ديبلوماسيا (وإلاّ فكيف نفسّر أنّه خاف من تسجيل كمال اللطيف له، وإمكانية مساومته بهذا التسجيل، ولم يخطر بباله أنّ الصحافيين الذين أمامه يمكن أن يسجلاه بالصوت وبالصورة!!!) ورغم أنّ الرجل ذاق طعم السلطة وتجاوز حدودها، وعرف معنى النفوذ وتجاوز حدوده، ورغم أنّه حلم وما زال، وحلم معه العديد من التونسيين وما زالوا بمستقبل واعد على رأس السلطة، ورغم ما عرف عنه وما عرف عن أحد أفراد عائلته، رغم كلّ هذا فأنا اليوم وليس ككل يوم أقول له عفى الله عمّا سلف، وأقدّم له يد الصفح والعفو، وأسأل الله أن يكون في عونه ضد أغوال السياسة المتشدقين بتجاربهم وبتجارب غيرهم الفاشلة ممن « ساعات عملهم الإضافية تفوق سنين عمر فرحات الراجحي »، ضدّ الذين عشّش فيهم جنون العظمة فحسبوا أن البلاد يملكونها ويملكون عبادها ينصاعون لهم ويأتمرون بأوامرهم، ضدّ الذين نهشوا الأرض جنوبا وشمالا، شرقا وغربا آداتهم في ذلك كافة الأطراف السياسية وغايتهم إرضاء الماما أمريكا، وأنا اليوم وككل يوم في عمر الثورة، أتساءل عما إذا كانت الثورة شعبية تلقائية، أم محاكة مدبّرة؟ ليس كل ما قاله السيد فرحات الراجحي حقيقة، ولكن فيه من الحقيقة جانب كبير على كافة ممتهني السياسة، والمهرولين من أجل حقوق الإنسان، والحالمين بمجتمع المواطنة والسلوك المدني، الإصغاء مليا لحاجات الشعب الذي يقول بكل لطف للبيلياتشو الذي يحرّك الأراجوزة : « نحن نقبل بهذه الأصابع، ونقبل بهذه الخيوط المتحركة، ونقبل بطريقة التحريك، ونقبل بكافة فصول المسرحية، لكن رجاء، رجاء، رجاء، أتركوا لنا فضاء من الحرية نختار فيه كيف نضحك على الحرية »!!!! فحرية ما بعد الثورة في الإعلام الوطني التونسي هي حرية « الحرية »، إذ تلقيت يوم الخميس 05 ماي 2011 على الساعة الثالثة بعد الزوال رسالة على حسابي في الفايسبوك من صحفية أعرفها تقول أنها أضاعت رقم هاتفي الجوال وأنه علي أن أتصل بها »TAWWA TAWWA  » لأمر مستعجل ففعلت وقد قالت لي أن فلانة وهي صحفية قديمة بصحيفة « الحرية » كانت قد نشرت لإبنتي تحقيقا بمناسبة حصولها على بطولة تونس في الشطرنج، تريد الإتصال بي وتعذر عليها ذلك نظرا لكوني غيرت رقم هاتفي، فوافقت، وبالفعل فقد إتصلت بي الصحفية الشابة الآنسة ثريا المجبري من الرقم 71801413 لتسأل عن أحوالي وتناديني بالدكتور وتعتذر لكونها لم تتصل بي حين أحالني السيد فرحات الراجحي على التقاعد وتؤكد لي أنها على يقين من براءتي ومن وطنيتيى وتطلب مني إن كنت على إستعداد لأحلل شخصية السيد فرحات الراجحي على الوطنية1 وأن أؤكد في تحليلي على أنه كان في حالة غير عادية وأنه « شارب حاجة »، وبعدها مررت لي زميلها السيد وليد منصر الذي إعتقد أنني سأنقض على هذه الفرصة الذهبية لأقول إن الوزير السابق للداخلية معتوه وأنه شارب لحبوب الهلوسة القذّافية وانتظر أن أفنّد وأكذّب ما جاء في المقتطعات التي بثت على الفايسبوك، لكنني قلت ما قلته في الأسطر أعلاه من وصف وتحليل نفسي لسلوكات السيد فرحات، وقلت له أنّ هذا لا يعني أن ما جاء في قوله هو من قبيل الهراء والعته بل بالعكس فيها جانب كبير من الصحة وكان عليه أن يتحفّظ على ما يعرفه مثلما تحفّظت أنا شخصيا عما أعرفه من أجل أن تهدأ الأنفس وتطيب وحينها يمكن أن نكشف جميعا المستور ونعبر بكل حرية عما عشناه وعرفناه. لكن والحال هي الآن هذه الحال، وقد قال السيد فرحات ما قاله، وكشف المستور، واقتنع الشعب بهذا القول حتى بعد رجوع صاحبه فيه لأنه إصطدم بالواقع الواقع، كيف لنا أن نخرج من هذا المأزق؟ إجابتي عن هذا السؤال أطرحها إقتراحا، بادئ ذي بدء، على زملائي الأمنيين في كافة الإدارات دون إستثناء، وأقول لهم إنّ العنف لا يولّد إلا العنف، وإن الإهانة لا تولّد إلاّ الإهانة، وإن المصالحة لا تأتي إلاّ باعترافنا بكوننا خدمنا – كل من موقعه- نظام بن علي، وإنّ هروبنا إلى الأمام لن يمحي آثار ما صنعناه له من غطاء ودروع ووقع carapace ليفعل بشعبنا ما فعل هو وأقرب المقربين له والمحيطين به من مستشارين ومسؤولين حكوميين وتجمعيين… دروع كانت في عهده ولا تزال تنهال عليها مشاعر الغضب الشعبي وكأننا نحن المذنبون الحقيقيون، فرجاء من زملائي أن يتنحّوا عن هذا الدور الذي طالما تقمّصوه مع بورقيبة ثم مع بن علي، وأن يصغوا إلى صوت الشعب صوت الحق ويحترموه، ومن كان منكم مذنبا موغلا في الذنب، فليطلب العفو والصفح حتى ينزع عنه إماّ ذلك الموقف الذهني والنفسي الرافض للتغيير والمقاوم لمجمل أنواع التجديد علما أنّ هذا الموقف هو الذي يشكّل جبهة الصد والعنف والعدوان بغاية قطع كل ما من شأنه أن يصل الحقيقة بالحقيقة ويربط الواقع بالواقع، وإمّا أن ينزع عنه ذلك الشعور بالذنب والخوف والقلق النفسي الذي يشكل قاعدة للسلبيّة والإمتناع عن القيام بالواجب ورفض التعليمات والإنقلاب على القيادة. أما من لم يكن مذنبا أو موغلا في الذنب، فله شرف الإنتماء لهذا الجهاز الأمني، الذي نؤكّد بالمناسبة على أن كل الحكومات زائلة وأن الأمن قائم لا محالة، وله شرف العمل به لصالح الشعب ومن أجله، حماية لحرماته الجسدية وأعراضه وممتلكاته. ثم إنّ ندائي أوجّهه إلى المسؤولين عن الحكومة الحالية، أقول لهم إرأفوا بهذا الشعب المتعطّش للعدالة والكرامة والإنصاف، دعوه يستنشق حريته دون أن يشعر بأنكم تسمّمون ما يستنشقه وتلوّثونه بشتّى أنواع الغازات، دعوه ينظر إلى شمس الديمقراطية دون أن يشعر بأنكم تحجبون عنه أشعتها، وتعملون كل ما في وسعكم حتى يبقى في دهاليز التخلف والإنصياع وفي أروقة الحميرية والجهل، دعوه يرتكز على مقعديه ويقيم عوده دون أن يشعر بأنّكم تسلبونه لذة الإرتكاز بجهده وتعيقون قيامه بمفرده، دعوه يتعلم الحبو والمشي، يسقط تارة ويقوم أخرى، يتعثّر تارة ويصيب أخرى، دعوه يتعلّم قواعد النظافة وكيفية التحفّظ، ويعيش الإمساك والإطلاق دون أن يشعر بأنّكم تستغلّون برازه أو تتحكّمون في مخارجه ( وإلاّ حينما يكبر يفعلها مثلما فعلها السيد فرحات الراجحي أمام الملإ وعلى الملإ)، دعوه يتعلّم الكلام دون أن يشعر بأنكم عاجزون عن الكلام وأن مخارج الحروف لديكم مداخل، دعوه يتعلم الجري والركض وصعود السلالم وتسلق الأسوار وســـاعدوه – سادتي يا سادتي- على القفز، وشجعوه بحكمتكم، ورافقوه بحنكتكم، ووجهوه بخبرتكم، واصبروا على شقاوته وصابروا، وابعثوا في نفسه الطمأنينة والإحساس بالأمان والإنصاف، وبرهنوا على صدق معاملتكم له ومعه، وانظروا إليه بعين الرفق والرحمة، علّموه كيف نبني معا وطنا يجمع الجميع، علموه كيف نعفو وكيف نصفح وكيف نرحم وكيف نفلح، فأنتم يا سادتي قدوتنا، وأنتم يا قادتي ثروتنا. وأخيرا ندائي أوجّهه إلى كافة الشعب، أقول له أنت وحدك اليوم قادر على إستنشاق الحرية، فتنفّس بتريّث وتنفّس دون تلهّف، أنت وحدك اليوم قادر على النظر إلى شمس الديمقراطية دون أن تعمي بصرك أو أن تثقب عينك، أنت وحدك قادر اليوم على القيام بعودك والوقوف في وجه مغتصبك فلا تستسلم ولا تتأخر، أنت وحدك قادر اليوم على السير قدما نحو الأفضل فلا تترنّح ولا تختال ولا تتبجّح، أنت وحدك قادر اليوم عن الإحجام عن العنف وعن الإمساك عن العدوان وعن التحفّظ، أنت وحدك قادر اليوم على الإقلاع باتجاه العلى والسؤدد فلا تترك علاك تطير فيه غربان بن علي وصانعوه، أنت وحدك قادر اليوم على مدّ يدك باتجاه الآخر من أجل غد أفضل. اعرف كل شيء عن رئيس الرئيس وصانع التغيير ملاحظة أسوقها في آخر ما أكتب، لأقول إنّ السيد فرحات الراجحي عندما أحال إثنين وأربعين إطارا أمنيا على التقاعد، منهم سبعة وعشرون على التقاعد الوجوبي، هلل الإعلام بقراره، ومجّده، وتناولته وسائله المقروءة والمرئية والمسموعة باهتمامها اللامتناهي، وأعطيت التعليمات (أو إستبطنها المسؤولون عن الإعلام) كي يمنعوا أي أحد من هؤلاء الإطارات الأمنية، حتى الذي ظلم، وذهب ضحية مؤامرة حيكت من أجل إقصائه ضمن القائمة وعددهم غير هيّن، ولم نجد أسماءهم ضمن قائمات العار التي تنشر يوميا بأعمدة الصحف أو على المواقع الإجتماعية، بل ويعرفهم القاصي والداني بأن لا ناقة لهم ولا جمل فيما نهب السارق وحمل، ورغم ذلك فقد حرموا من حق الرّد، ومنعوا من الإجابة، أو حتّى الظهور، ومارسوا عليهم شتى أنواع القمع حتى لا يتكلموا، كل هذا ولم يحرّك أحد ساكنا، أما وقد تحدّث السيد فرحات الراجحي في حديث خاص لم يكن يعلم بكونه سينشر، عن حقائق ووقائع، وحلل ما حلل منها، وكان مصيبا في جانب منها ومخطئا في جانب آخر، خاصة ذلك المتعلّق بالمؤسسة العسكرية، التي برهنت على عظمة الدور الذي قامت وما زالت تقوم به، بغض النظر عمّن يرأسها أو الأشخاص الذين يقودونها، فهذه مؤسسات الدولة التونسية ومؤسسات شعبها، لا يحكمها شخص بمنأى عن شرعية هذه المؤسسة، وشرعية شعبها الثائر من أجل أن تتحرر تونس من براثن الأخطبوط الذي تحدّث عنه السيد فرحات الراجحي، والذي قامت الدنيا ولم تقعد من أجل أن يبقى هذا الأخطبوط متخفيا في جحره، ولكن هنا تسارعت وهرولت جميع وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية ( وعلى من ترضى سيدي، فسيدي يرفض هذه ويرضى عن هذه) ويخاطبنا من عليائه، من برجه العاجي، من جحره الذهبي، من وراء حجاب، نعرف من أي قماش صنع، ونعرف الأيادي التي غزلته، ونعرف المصنع الذي صنّعه، ونعرف مراقب جودته من، ونعرف أفراد إدارة التسويق من، ونعرف من يعقد الصفقات ويبيع القماش ويقبض الأموال، ونعرف حتى مصلحة ما بعد البيع أين!!! يكلّمنا رئيس الرئيس، يكلمنا سيد السيد، يكلمنا صانع صانع التغيير، يكلمنا المهندس الأول والأخير، وكم كانت صدمتي كبيرة حين سمعت كلامه وأعدت سماعه، وكم تمنّيت أن تتصل بي قناتنا الوطنية1 مثلما إتصلت بي عندما تكلّم السيد فرحات الراجحي لأبدي رأيي فيما سمعت، حتى أحلل نفسية سيدي وأرسم له ملامحا نفسية وأحدد له مواصفات شخصية، لكن قناتنا الوطنية لم تتصل بي بعد ذلك وقد عوّضتني بأخصائي نفساني آخر، وتخلّت عن محادثتي بمناسبة أخبار الساعة الثامنة ليلا ليوم الخميس 05 ماي 2011. إن الذي يحدث في تونس اليوم، ليس من جرّاء كلام السيد فرحات الراجحي حسب إعتقادي، بل هو نتيجة كيفية تناول الموضوع من قبل السلطة والإعلام، هذا الخروج الذي ذكّر الجميع بعبد الوهاب عبدالله وعبد العزيز بن ضياء، وبديناميكية الإعلام الفاسد، والإعلام الموجّه، والإعلام الذي لا يخدم المصلحة الفضلى للشعب التونسي، وإنما ما زال يخدم شرذمة من الوصوليين، نسجوا خيوطا عنكبوتية بكامل أنحاء بيتنا الصغير، لا تفوتهم أية حركة ولا يفلت من قبضتهم أي شيء ( وربي يسترنا حتى لا ننتحر ونبقي رسالتين أو أكثر نعترف فيهما بذنوبنا)، إن « الشباب » الذي ثار اليوم، لم يثر على المؤسسة العسكرية، ولم يثر على « السواحلية »، لأن حديث فرحات الراجحي فيهما كان تحليلا بعيدا عن الواقع وعن المنطق، ثورة « الشباب » هذه المرة على « خالق  » بن علي الذي بعثه من لا شيء وأردفه لا شيء، فسبحانك اللهم لا نشرك بك شيئا ولن نعبد من غيرك أحدا!!!! مصدر الخبر : الفايسبوك (المصدر: موقع « الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 11 ماي 2010)

اعتقال مجموعة معها متفجرات بتونس


أفاد مراسل الجزيرة في تونس بأن السلطات التونسية اعتقلت في مدينة تطاوين جنوبي البلاد عددا من الليبيين والجزائريين وبحوزتهم متفجرات وقنابل يدوية. وقال المراسل محمد البقالي من تطاوين نقلا عن مصادر أمنية إن المجموعة تضم ليبيين وجزائريين ولديها أيضا خرائط وهاتف ثريا. وأوضح أن التصريحات الرسمية تختلف عن المعطيات التي ذكرتها مصادر أمنية للجزيرة، لافتا إلى أن التحقيق ما زال جاريا لمعرفة ملابسات الموضوع. وذكر المراسل أن هناك مخاوف من وجود مندسين ضمن اللاجئين الذين فروا إلى تطاوين هربا من القتال الدائر في ليبيا بين المعارضة المسلحة وكتائب العقيد معمر القذافي. اعتقالات يأتي ذلك في أعقاب اعتقال السلطات التونسية مئات الأشخاص في عدة مدن وجهت لهم تهم تتعلق بمهاجمة الشرطة والتخريب وخرق حظر التجول، وذلك بعد احتجاجات اندلعت قبل أيام في مختلف مناطق البلاد وخاصة في تونس العاصمة. وطالب المتظاهرون بالكشف عن حقيقة مسار الأوضاع السياسية على خلفية تصريحات لوزير الداخلية التونسي السابق فرحات الراجحي، تحدث فيها عن وجود حكومة ظل تدير البلاد، وأشار إلى إمكانية تنفيذ الجيش لانقلاب عسكري إذا تسلمت حركة النهضة مقاليد السلطة في البلاد. وأعلنت وزارة الداخلية التونسية في بيان أمس أن نحو ستمائة شخص اعتقلوا في الفترة الممتدة من 2 إلى 9 مايو/أيار الجاري. وأوضح البيان -الذي نشرته وكالة تونس أفريقيا للأنباء- أن من بين الموقوفين أشخاصا خرقوا قانون الطوارئ وإجراءات منع التجول، وآخرين تم العثور لديهم على أسلحة بيضاء وآلات حديدية. وأضاف أن عدد الأشخاص الذين أوقفوا في العاصمة تونس وجهت لهم تهم تتعلق بمخالفة قانون منع التجول وإحداث الهرج والتشويش في الطريق العام وترويع المواطنين وسلبهم وترويج مخدرات وتكوين عصابة مفسدين، وكان من بينهم ثلاثة أشخاص من المطلوبين. ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن مسؤولين أمنيين في تونس قولهم إن الجيش قام بالاعتقالات في غارات يومي الاثنين والثلاثاء في أنحاء متفرقة من البلاد. احتجاجات وكانت شرطة مكافحة الشغب قد استعملت قنابل الغاز المدمع يوم الأحد لفض يوم رابع من الاحتجاجات نظمها عشرات الشبان في العاصمة التونسية وطالبوا خلالها برحيل الحكومة ورئيس الوزراء الباجي قائد السبسي وبمحاربة رموز الفساد في البلاد. وساد توتر أمني مدينة باجة في الشمال الغربي لتونس، بعد محاولة أعداد من المتظاهرين اقتحام مقار أمنية ومحال تجارية قبل أن تتصدى لهم قوات الأمن والجيش. وإثر هذه الاحتجاجات التي أعقبتها اضطرابات أمنية، فرضت السلطات التونسية اعتبارا من السبت الماضي حظر تجول في إقليم تونس الكبرى الذي يشمل محافظات تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة، وذلك من التاسعة ليلا إلى الخامسة صباحا بالتوقيت المحلي لفترة غير محددة. كما تجددت المظاهرات الأخيرة في بعض المدن التونسية، منها صفاقس وبنزرت والقيروان وقفصة وسيدي بوزيد، رافعة نفس المطالب. وعلى صعيد الهجرة غير الشرعية، قالت وزارة الداخلية التونسية إن عدد الجثث التي انتشلتها وحدات أمنية وعسكرية من السواحل التونسية بلغ 58 جثة خلال أبريل/نيسان الماضي.
وأوضحت في بيان أصدرته أمس الثلاثاء أن غالبية هذه الجثث كانت متعفنة إلى حد غياب الملامح الآدمية، وقد تم انتشالها من سواحل مدن تقع في محافظات صفاقس والمهدية وقابس.
وكانت السواحل التونسية قد عرفت موجة غير مسبوقة من الهجرة غير الشرعية باتجاه جزيرة لامبيدوزا الإيطالية التي وصلها في غضون أقل من عشرين يوما نحو 22 ألف مهاجر غير شرعي.
وكادت هذه الموجة تتسبب في أزمة سياسية بين تونس وإيطاليا، وبين فرنسا وإيطاليا، حيث ألقت بظلال كثيفة على العلاقات بين هذه الدول ما زالت تتفاعل لغاية الآن. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 11 ماي 2010)

باجة: سلب ونهب وسعي لإحياء لجان حماية الأحياء


قال شهود عيان أن السوق الأسبوعية ب تعرضت صباح يوم أمس الثلاثاء إلى مداهمات من قبل منحرفين ومشبوهين، وأن المعتدين نهبوا بعـض المبيعات من قبيل رؤوس أغنام وأكياس من الحبوب والبقوليات وأن عددا من المواطنين تعرضوا إلى عمليات تغيير وجهة « براكاجــات ». وحسب اتصال أجريناه بالدكتور زهير بن يوسف رئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أفاد بأن مدينة باجــة تكاد تتحول إلى مدنية أشباح خاصة بعد أن أغلقت المحلات التجارية والمؤسسات العمومية دون أن يكون هناك إضراب عام أو دعوة لذلك وأضاف محدثنا أن عمليات « البراكاجـات » تتم في وضح النهار وان الحضور الأمني لم يتجاوز الحضور الشكلي. وعلمنا أ، هناك سعي من قبل بعض المواطنين لإعادة تفعيل لجان حماية الأحياء. من جهة أخرى علمنا أن فتاتين تعرضتا قبل ليلة يوم أمس إلى عملية اختطاف من قبل عدد من الشباب وان لم يتم الإفراج عنهما إلا بعد ساعات. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ، بتاريخ 10 ماي 2010)

بعد احتجاجات شهدتها عدة مدن اعتقال المئات في تونس


 
اعتقلت السلطات التونسية مئات الأشخاص في عدة مدن، ووجهت لهم تهما تتعلق بمهاجمة الشرطة والتخريب وخرق حظر التجول، وذلك في أعقاب احتجاجات اندلعت قبل أيام في مختلف مناطق البلاد وخاصة في تونس العاصمة. وطالب المتظاهرون بالكشف عن حقيقة مسار الأوضاع السياسية على خلفية تصريحات لوزير الداخلية التونسي السابق فرحات الراجحي، تحدث فيها عن وجود حكومة ظل تدير البلاد، وأشار إلى إمكانية تنفيذ الجيش لانقلاب عسكري إذا تسلمت حركة النهضة الإسلامية السلطة.
وأعلنت وزارة الداخلية التونسية في بيان أمس أن حوالي ستمائة شخص تم اعتقالهم في الفترة الممتدة من 2 إلى 9 مايو/أيار.
وأوضح البيان -الذي نشرته وكالة تونس أفريقيا للأنباء- أن من بين الموقوفين أشخاصا خرقوا قانون الطوارئ وإجراءات منع التجول وآخرين تم العثور لديهم على أسلحة بيضاء وآلات حديدية. وأضاف أن عدد الأشخاص الذين تم إيقافهم بالعاصمة تونس وجهت لهم تهم تتعلق بمخالفة قانون منع التجول وإحداث الهرج والتشويش في الطريق العام وترويع المواطنين وسلبهم وترويج مخدرات وتكوين عصابة مفسدين وكان من بينهم ثلاثة أشخاص من المطلوبين.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن مسؤولين أمنيين في تونس قولهم إن الجيش قام بالاعتقالات في غارات يومي الاثنين والثلاثاء في أنحاء متفرقة من البلاد.
 
احتجاجات
وكانت شرطة مكافحة الشغب قد استعملت الغاز المسيل للدموع يوم الأحد لفض يوم رابع من الاحتجاجات نظمها عشرات الشبان في العاصمة التونسية طالبوا خلالها برحيل الحكومة ورئيس الوزراء الباجي قائد السبسي وبمحاربة رموز الفساد في البلاد.
وساد توتر أمني مدينة باجة في الشمال الغربي لتونس، بعد محاولة أعداد من المتظاهرين اقتحام مقارّ أمنية ومحال تجارية قبل أن تتصدى لهم قوات الأمن والجيش.
وإثر هذه الاحتجاجات التي أعقبتها اضطرابات أمنية، فرضت السلطات التونسية اعتبارا من السبت الماضي حظر تجول في إقليم تونس الكبرى الذي يشمل محافظات تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة، وذلك من التاسعة ليلا إلى الخامسة صباحا بالتوقيت المحلي لفترة غير محددة.
كما تجددت المظاهرات الأخيرة في بعض المدن التونسية، منها صفاقس وبنزرت والقيروان وقفصة وسيدي بوزيد، رافعة نفس المطالب. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 11 ماي 2010)


إلى أين وصل التحقيق في الأحداث الأخيرة؟ بين الداخلية والعدل.. «ضاع» الموقوفون…


تتالت فترات الانفلاتات الأمنية منذ تاريخ 14 جانفي، وارتبطت في أغلبها بعمليات سرقة وحرق ونهب وتكسير، علما وأن هذه الأحداث لم تقتصر على منطقة دون أخرى حيث توزعت على أغلب ولايات الجمهورية.. اقليم تونس الكبرى وباجة وسليانة وقفصة والقصرين وجندوبة والكاف نابل… الخ.
ويتداول أن هذه الانفلاتات مدبرة « من جهة ما  » لم يتم الكشف عنها الى الآن بصفة رسمية، مع العلم أنه في نفس السياق أكد الوزير الأول الباجي قائد السبسي في حواره التلفزي أن التحقيق مع الذين تم ايقافهم في أحداث سليانة منذ حوالي أسبوعين قد أثبت أن حزب سياسي من التي تكونت بعد الثورة قد قام بتحريض شباب المنطقة وإغرائهم بالمال من أجل القيام بأعمال العنف التي تم تسجيلها. نفس التحليل أعتمد في نقل الأحداث التي شهدتها العاصمة نهاية الأسبوع الماضي حيث يروج أن هناك من نضم الاحتجاجات الأخيرة وقام بتوزيع مبالغ مالية حسب السن على الشباب المشارك في رمي الحجارة والتخريب ورفع الشعارات…
وبالعودة أكثر إلى الوراء نجد أن نفس سيناريوهات الانفلاتات الأمنية هي بصدد إعادة نفسها فوفقا للروايات فان بعد كل انفلات يتم القبض على جهة تقوم بتوزيع الأموال على الشباب، وكل من يتم القبض عليهم أثناء الاحتجاجات يجدونه متحيزا على مبالغ مالية متفاوتة 20 دينارا، 30 دينارا 50 دينارا وتصل إلى 100 دينار…
فمن هي هذه الجهة التي حملها الوزير الأول مسؤولية أحداث سليانة؟ وماذا أثبتت التحقيقات في الأحداث الأخيرة؟ وهل تمكنت الحكومة من معرفة المسؤولين عن الانفلاتات المسجلة منذ 14 جانفي؟ الداخلية… في اتصال « الصباح » بوزارة الداخلية أفاد المسؤول عن الإعلام أن مهمة الداخلية تنتهي مع فترة الإيقاف التي تمتد على ثلاثة أيام قابلة للتجديد وعموما لا تتوفر لديهم معلومات دقيقة ورسمية لا بشأن ما صرح به الوزير الأول في حديثه الأخير ولا بشأن الجهة الخفية والانفلات الأمني الأخير وأشار أن كل ما يتعلق بالتحقيق هو من مهام حاكم التحقيق. وقد قال إن أحداث سليانة قد شهدت توقيف 20 شخصا تم تحويلهم على التحقيق أما بشأن أحداث العاصمة فقد بين مصدر الداخلية أنه بالترتيب وقع إيقاف:
89 شخصا يوم الجمعة الماضي 6 ماي من بينهم مخالف لقانون الطوارئ و26 مفتشا عنهم و4 لممارسة العنف و9 لعمليات سرقة و2 لإضرام النار في أملاك الغير و3 لحمل السلاح الأبيض و24 من أجل السكر والعربدة. ويوم السبت 7 ماي تم إيقاف 70 شخصا بعد الإعلان عن حظر التجول. لم يتم مدنا بالتفصيل في شأنهم. وصولا الى يوم الاثنين أين تم إيقاف 172 شخصا من طرف وحدات الأمن الوطني والجيش بتهمة جرائم نهب وسرقة وتحريض على العنف وسوابق عدلية ومفتش عنهم وتم إيقاف 25 آخرين من قبل الحرس الوطني في جهة حي التضامن والمنيهلة أساسا خلال الليل.
وفي نفس السياق أشار المكلف بالإعلام في الداخلية أنه من يوم 5 إلى يوم 9 ماي وقع تسجيل 629 موقوفا تمت إحالتهم على العدالة. ماذا عن العدل..؟ وباتصال « الصباح » بوزارة العدل بين المكلف بالاعلام انه تمت احالة من تم ايقافهم في سليانة على قاضي التحقيق الأول بالجهة كما علمنا انه لم تتم احالة ايا من الموقوفين في اطار الأحداث التي وقعت مؤخرا في العاصمة على القضاء. ريم سوودي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 ماي 2010)

 


طلبات بتونس لترخيص إذاعات وتلفزات


قالت الهيئة التونسية لإصلاح الإعلام والاتصال إنها تلقت نحو 74 طلبًا لترخيص محطات إذاعية و27 طلبًا لتقديم خدمات تلفزيونية، إلى جانب طلبات لتزويد خدمات البث الإذاعي تم إجراء تقييم أولي لها، وأخرى لمزودي خدمات التلفزيون يجري حاليا تقييمها. وأوضحت الهيئة في بيان لها أنه من بين طلبات تزويد خدمات البث الإذاعي التي وردت عليها 20 طلبا لتزويد الخدمة و32 طلبا لخدمات محلية وإقليمية في الشمال بما في ذلك مدينة تونس الكبرى، و18 طلبا لتقديم خدمات محلية وإقليمية في جنوب البلاد ووسطها وشرقها، إلى جانب أربعة طلبات لم تتضمن تحديدا لمجال تغطيتها المقترح.

وأشارت الهيئة إلى وجود معوقات تقنية تحول دون تنفيذ بعض الطلبات بعدما أكد الديوان الوطني للإرسال الإذاعي والتلفزي أن الطلب على الترددات « أف.أم » يتجاوز إلى حد كبير السعة المتوفرة على مستوى الطيف الترددي.
وأمام هذه المعوقات دعمت الهيئة توجه الديوان نحو التفاوض مع الهيئات الدولية المختصة للحصول على ترددات إضافية.
وقال البيان إن الهيئة قررت عدم الانتظار إلى حين إنهاء عملية التفاوض، بل شرعت مباشرة في إبداء الرأي في التصرف في الترددات المتوفرة من خلال عملية اختيار تفاضلية بين مختلف الملفات على حد سواء، واعتمدت في دراستها لهذه الملفات حدا أدنى من المعايير.
وبينت الهيئة أنها ستدعو المرشحين النهائيين الأقرب إلى هذه المعايير لجلسات استماع لتوضيح بعض الجوانب التي لم ترد في الطلب، وذلك بين يومي 25 مايو/أيار الجاري و3 يونيو/حزيران المقبل، قبل أن تقوم لجنة فرعية مستقلة تضم كفاءات تونسية بدراسة أخيرة للملفات يتم على إثرها تقديم توصية لإعطاء تراخيص مؤقتة للطلبات التي تستجيب للحد الأدنى من الشروط. المصدر:قدس برس (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 11 ماي 2010)


وثيقة تمهيدية لإحداث :  » التيار الثوري للواجبات والحقوق من اجل التقدم

 »


ملاحظات أولية
اختيار تسمية » تيار » أولا فيه ابتعاد عن المفهوم المبتذل والمغلوط والتضخيم الفارغ لكلمة حزب التي تستعملها الكثير من الأحزاب التي لا تمتلك المقومات التنظيمية والوحدة الفكرية المتينة. وفيه كذلك نية الانفتاح المستقبلي على تكوين جبهة تقدمية جماهيرية فاعلة ولعل التفاؤل بالمستقبل سيتجاوز تلك المجموعات السياسية المتخلفة على عصرها شكلا أو محتوى أوحتى شبه أحزاب.
هذا الحكم يمكن أن يبدو قاسيا ولكنه موضوعيا فكثير من الأحزاب المتبقية بعد العهد السلطوي علنية كانت أو حتى سرية لا تبالي بقلة مصداقيتها وبنفور قطاعات عريضة من الجمهور. وما أدل على ذلك من تلك الانتفاضات الشعبية التي قامت في العشريات الأخيرة بدونها أو خارجها وأخرها وقائع الثورة العظمى الأخيرة.
وما نراه اليوم هو أن معظم « الأحزاب » عوضا عن مراجعتها الجذرية لأساليبها الزعاماتية البالية والقوالب الجامدة تعول على أنواع من الانتهازية والوصولية والتسلل إلى المنظمات المدنية أو التحالفات غير المبدئية للركوب والالتفاف على حركية الثورة الحالية علها ترجع فيها الروح الحزبية الضائعة وهو من قبيل » منامة العتارس « 
– ثم أن انتقاء الواجبات والحقوق ليس من قبيل الشعارات الفضفاضة إنما هو تعبير لروح المسؤولية الوطنية بل هو قطع فكري وثوري مع العهد الماضي الذي سادت فيه الانفرادية والمصلحية والأنانية وعدم الاكتراث بالصالح الوطني العام على جميع المستويات في ظل دعايات مغلوطة ) دولة القانون والمؤسسات – عهد التغير – تونس المستقبل… أو حتى المستوحاة من القران الكريم: تونس البلد الأمين (… ومع احترامنا للأفكار الطيبة المشاعة هنا وهناك والوعي الصادق بالواجبات الوطنية عند الكثير فإننا ننضم إلى غالب الناس في رفضهم الواضح للمشهد السياسي الحالي الذي يمكن تسميته ب « سوق عكاظ الجديد » والمتكون من أحزاب قديمة رممت واجهاتها القيادية أو الدعائية بشعارات شعبوية ومرتجلة لتمرير خليط من الإيديولوجيات المحنطة والمعتقدات الفوقية المتحجرة ) لبعض الفقهاء أو المثقفين ( والمؤسف كذلك أن العديد من المكونات السياسية الحديثة التأشيرة رمت بنفسها في هذا المستنقع السياسي الذي أكل عليه الدهر, هذا إذ لم تقتبس شعارات من المحيط الأوروبي . فالمشهد المليء بالغرائب :هذا ليبرالي كأن البلاد في حاجة إلى المزيد من الرأسمالية المتوحشة أو لم يتأثر بتداعيات العولمة آو هذا يساري أو وسطي قبل أن تتضح أو تكتمل الجغرافيا السياسية وهذا مغاربي يعلم انه تجاوز الأزمات والتعقيدات والحال أن أكثر من 40 اتفاقية ممضاة بين الأقطار الخمس لم تفض إلى خطوة واحدة في اتجاه المغرب الكبير . والأدهى والأمر انه مع تكوين تلك الحزمة المهولة من الأحزاب بقيت دار لقمان على حالها . حيث نرى الآن كما في الماضي أن جل التحركات السياسية إما عفوية أو تقوم بها المنظمات المدنية والمهنية تاركة الأحزاب مع كثرتها في مكانة أتباع التابعين. لذا لا بد من الخروج من هذه الحلقة المفرغة وهو ما ارتأيناه من خلال تكوين » التيار الثوري للواجبات والحقوق من أجل التقدم » لكن لا مناص من طرح جملة من الأسئلة المفصلية لماذا ؟ كيف ؟و متى ؟ 1/ لقد سبق أن اشرنا إلى اختيارنا عبارة « تيار » عوضا عن الحزب إذ نضيف أن اعتقادنا أن الحزب هو أداة أو وسيلة أو جهاز أو مؤسسة للتعبير المنظم وللتجسيم الجماعي للأحلام أو الطموحات التي تعلقها جل شرائح الشعب في ظروف )كالثورة الحالية ( وليس هدفا في حد ذاته. بل الهدف من ورائه هو بلوغ الأهداف المرسومة مسبقا. 1 ويتطلب الظرف الراهن وعيا وحسا سياسيا دقيقا لنوعية هذه الوثبة التاريخية التي انطلقت من تونس الأعماق وتصدرها الشباب لتشمل الحشود من النساء والرجال من الأرياف والمدن متحدين بصدور عارية منظومة رهيبة قد تفنن الطاغية وأزلامه في تركيبها وصقلها عشرات السنين. وكأن الشهيد محمد البوعزيزي ارتأى تضحيته ستفجر برميل البارود الشعبي الذي كان قد استرخى فوقه النظام البائد وبهذا التمثيل يشعر من يستحضر تاريخ البلاد نفس الدوافع والعواطف الثورية) من ثورة علي بن غذاهم ضد تعسفات الياي 1864 – المقاومة ضد دخول المستعمر وعلى رأسها علي بن خليفة 1881-1884 – وبعدها واقعة الجلاز ثم الحركة الوطنية في منتصف القرن الماضي( واليوم أمام دماء الشهداء الزكية – دون أن نغفل عن ضحايا الصمود الآخرين- نرتئي التسلسل التاريخي المتوارث لنفس الحركة الثورية بحيث تأتي الثورة بمثابة اكتمال تكوين امة تريد لنفسها – عبر المدد التاريخية – العزة والكرامة واخذ مصيرها بحرية تامة بالقضاء على الطغيان وهو في ذات الوقت إشارة إلى عامل أساسي في الثورة وهو المخزون الحضاري والثقافي والسياسي الذي نلتمس تطوره سواء في المدد الطويلة أو القصيرة كما في العشريات الفارطة والذي حاول الطغيان الظالم طمسه وتعتيمه دون جدوى. وفي نفس السياق نؤكد انه ليس عجيبا أو من غرائب الصدف أن تتبوأ تونس اليوم الريادة في المحيط العربي الإسلامي أو حتى العالمي والتاريخ المعاصر يشهد انه سبق لها أن لعبت هذا الدور الريادي ) محاولات التطلع إلى الحداثة – حضر العبودية في القرن19 ثم الحركة الوطنية والنقابية وتحرير المرأة في القرن الماضي( وليس مجرد صدفة أن تتغنى اليوم الشعوب المنتفضة بأبيات نشيد الحياة لأبي القاسم الشابي ولا ننسى استقطاب الرأي العام الكوني لإخبار وطننا. ونترك لعلماء تاريخ الحضارات التبسط في عمق الحدث الجسيم في حين أننا نركز على وجوب إرساء كل تحليل سياسي قويم على قاعدة فهم دقيق ونافذ للثورة. لذا نريد تيارا سياسيا يجمع ويوحد كل العزائم الأبية ويقود ديمقراطيتنا الفتية إلى تحمل التحديات والمهمات الكبرى والمسؤوليات التاريخية حتى ترتقي إلى مستوى راقي تقدمي يتجنب الانزلاقات نحو المسالك المسدودة و يبتعد عن « بازار » الوصفات المسلمة والسياسة المبتذلة وسلع الحوانيت الضيقة وخصوصا منها الخطابات الجوفاء من قبل الزعماء الذين يتناسون فوات إقلاع القطار كما اولائك الذين يخفون نية جر عجلة التاريخ القهقرى ويزعمون أننا في حقبة تاريخية عادية. فالمطلوب إذا فهم عمق الأحداث والتعويل على مقاربة استشرافية صحيحة متروية ومتيقنة أن خيوط الحاضر هي الحبال التي تشد توجهات المستقبل. 2/ الإجابة على سؤال كيف ؟ أن الإجابة على هذا السؤال المفصلي لا تتطلب تخمينات صعبة ولا طرق ملتوية بل هي في الواقع الراهن واضحة وسهلة : كسب المصداقية.
كسب ثقة الناس واحترامهم لا تكمن فقط في نوعية البرامج وتجاوبها مع تطلعاتهم والنجاح في التطبيق والممارسة بل هناك شروط مبدئية وأولية خصوصا بعد سقوط النظام البائد ومرور عقود من النفاق والمغالطات والنصب على جماهير شعبنا وكما قال شاعرنا منور صمادح: » شيئان ببلادي خيبا أملي الصدق في القول والإخلاص في العمل ». فقد فتحت الثورة بابا كبيرا على مصراعيه: احترام القيم الأخلاقية والمثل الاجتماعية العليا) الديمقراطية أولا ثم الحرية والكرامة والملكية والرزق المشروع والعدالة والصدق والتضامن …( وكل ما يجلب احترام الناس. وما تسميتنا الواجبات أولا ثم الحقوق إلا تذكير لإعادة الاعتبار إلى القيم الأخلاقية لمعناها الشامل فتثبيتها في العلاقات الإنسانية هي لحمة المجتمع والوطن والحق يقال أننا لا ندعي الابتكار والتجديد في هذا المجال فيكفي ملاحظة تلك الثورة الأخلاقية التي جاءت بعد سقوط النظام والتي تكلف بها المحامون والقضاة والجمعيات ورجالات الصحافة وحتى البعض من عناصر الحكومة المؤقتة إذ شمل التحقيق العديد من الوقائع التي تلبس بها مسؤولو العهد البائد من إجرام في حق الوطن والمواطنين والاستيلاء على الأملاك العمومية والخاصة وغيرها من أنواع الاستبداد والظلم والخيانة واستباحة حق البلاد والعباد وفي الميدان السياسي فان مصداقية التيار الثوري للواجبات والحقوق تكمن في قدرته على جعل تلك الحملة غير وقتية بل وقفة دائمة وكفاح متواصل حتى يزول الخراب الأخلاقي وترجع الثقة بين المواطنين وترتقي المعاملات إلى مستواها الحضاري.  
وقد يضيق المجال هنا لذكر العوارض التي تفشت وعمت لا الحزب الحاكم السابق فقط بل أحزاب الموالاة للقصر وبلغ هذا التلوث الأخلاقي حتى أحزاب المعارضة التي لاحظ الرأي العام عدم شفافية تصرفاتها وسلوكياتها و انفضحت عندما تعرضت لهزات أوانشقاقات جراء انعدام الديمقراطية فيها وسلطوية الزعماء في التسيير والانفرادية في اخذ القرار وازدواجية الخطاب وخيانات شتى كالعمالة مع البوليس السياسي والعلاقات مع الأجهزة الموازية للدكتاتور والوشاية والمكائد والتنكر لقوانينها الداخلية أي جملة من المشاكل وأحداث يمكن أن تغرق العدالة عشرات السنين إذ لم نسرع في تجاوزها.  
وخلاصة القول أن ما كشفته الثورة من تلوث أخلاقي ومدني وصل إلى حد أن ما يمكن اعتباره أحداثا و وقائعا استثنائية في زمن بورقيبة صار القاعدة اليومية في نظام خليفته.  
فمسؤوليتنا في هذا الباب ليست بالهينة إذ نعلم صعوبة المثابرة الدائمة في كفاحنا ضد الرداءة .  
أما الشرط الثاني لكسب الثقة فيتعلق بالبرامج السياسية العامة واعتبار للفهم المعمق للثورة فانه يتسم أولا بالشمولية وثانيا منهجية التشاور والمشاركة الفعلية والإصلاحات السلسة للانتقال من الواقع الحالي إلى المنشود الجماهيري.  
فالشمولية تعني أولا الجانب النوعي من ناحية ما هو ديمقراطي أخلاقي وحضاري ثم الجانب القطاعي من اقتصادي وثقافي وأخيرا بجميع المستويات العمودية ) المركزي الجهوي والمحلي( وفي جميع المؤسسات الإنتاجية والخدمات العامة الاجتماعية والإعلامية والثقافية والمنهجية نركز فيها على التشاور مع أهل الاختصاص والخبراء قصد الإلمام بواقع الميدان وأيضا بالملفات ثم المشاركة عن اقتناع في إدخال الإصلاحات بطرق سلسة ومرحلية تقطع مع السلطوية والقفز نحو المجهول أو المغامرات الفاشلة وتبرز المشاركة الواعية في التطبيق.  
ونعلم حق العلم صعوبة هذا النمشي التقدمي الديمقراطي إمام تدهور الأوضاع في كثير من القطاعات المؤسساتية خصوصا على المستوى الجهوي والمحلي والاقتصادية إذا أخذنا في الاعتبار الانفصام بين قطاع التصدير والمعاملات والخدمات مع الخارج من جهة والسوق الداخلية المتسمة بفوضى ممنهجة تهيمن عليها الشبكات الموازية و »الفريب » من جميع السلع المستعملة والقديمة حتى أصبحنا نعرف ب »مقبرة الديناصورات ».  
وكذلك التأثيرات السلبية للانصهار في الشراكة مع أوروبا ومرادفاتها توجهات المنظمة العالمية للتجارة والتي أدت إلى إغلاق الآلاف من الشركات الصناعية خاصة في الساحل والشمال الغربي وهو ما كون الأرضية لتراكم الغضب الشعبي وكان عاملا معجلا لقيام الثورة .  
فإذ انفتحت البلاد على التوازن بين القطاعات الإنتاجية الثلاث )الدولي التعاضدي والخاص( في الإنتاج والخدمات كما في السبعينات وتبديل أفاق التنمية الشاملة المستديمة وكذلك استيعاب خبرة اقتصاد السوق الاجتماعي في حل مشكل السوق الداخلية وضيقها المستعصيين منذ ما يزيد عن خمسة عقود.  
أما الفلاحة التي نعول عليها في بلوغ الاكتفاء الذاتي فإنها بحاجة إلى مقاربة شاملة كقطاع إنتاج ومحط سياسة بيئية )جفاف تصحر انجراف وملوحة ( ونمط العيش الريفي الذي يعاني من التردي والمعاناة الاجتماعية وأخيرا في ما يخص مكافحة البطالة فإنها تستلزم أن نتجاوز خطة الآليات العشرين المحسوبة على الدولة وان نتعمق في مفهوم التشغيل كي يصبح بالفعل أولوية الأولويات الوطنية باتخاذ سياسية إرادية يشارك فيها خاصة مؤسسات التعليم والتكوين وقطاع الإنتاج والأعمال الخاص وتعتمد على توجهات أفقية عامة كاختيار أنماط تكنولوجية متوسطة تجمع بين القدرة على المنافسة المطلوبة وتراعي ضرورة التشغيل وهي إمكانات عريضة في قطاعات كبرى كالفلاحة والمناجم والصناعات المعملية والبناء والتجهيزات العمومية والصناعات التقليدية والخدمات بجميع أنواعها وحسب رأينا فان التطور الاقتصادي مقياسه الأساسي هو التشغيل أي لا بد من خلق فرص العمل والنزوع إلى التضامن يقتضي النظر في منحة البطالة كي لا تثقل عوارض العطالة عن العمل على كاهل الأسر المحدودة الدخل يتضح من قراءتنا النقدية المبينة أعلاه للمشهد السياسي ومقاربتنا المركزة على عمق أبعاد الثورة ومنهجية البرنامج العام أن هناك حلقة معدمة أو تكاد تكون تتمثل في معالم الفضاء التقدمي غير الواضحة والدليل على ذلك أن القوى التقدمية مكبلة الحركة بين مجموعات صغرى مقسمة بشعارات إيديولوجية من شتى الأصقاع و متشرذمة بحكم حدة التنافس هذا من جهة ومن جهة ثانية قوى توسعية تكتسح الفضاء التقدمي من غير مذهب مستفيدة من ضعف ميزان القوى فيه و هذه الملاحظة نسوقها للحفاظ على الثورة و ضرورة الإسراع في إحداث الجبهة التقدمية.
و يتنزل « التيار الثوري للواجبات و الحقوق من أجل التقدم » في هذا الشبه فراغ متسلحاً بأخلاقياته السياسية و بمواقفه الموضوعية لإعادة الاعتبار و توحيد القوى التقدمية في جبهة تقدمية حقيقية خطاباً و ممارسة و لا يغيب عنا التاريخ المفعم بالخيبات و النكسات التي تولدت في العهد البائد بخصوص وحدة القوى التقدمية.
 
و كانت الوحدة ضيقة المفهوم بين قيادات فوقية لا تتعدى مستوى الدعاية الفارغة و التصريحات في وسائل الإعلام بحيث لا تمكث أكثر من استحقاق انتخابي أو فصل من فصول السنة و مرد ذلك هو خوف الزعيم على دكانه الضيق من الإفلات و الاندماج في مجموعة أخرى وهو ما يبين فقدان الروح الوحدوية و قلة الاقتناع بالشعارات الخلابة المنشودة .و لذا ينبغي في البداية انطلاق نواة صلبة سياسياً و أخلاقيا تعتمد كسب الثقة و المصداقية و تنتهج تدريجياً ممارسة و نشاط الثوريين الحقيقيين الذين لا يبالون بالتضحية بالنواة الأولى المكونة من أجل الوحدة في كل مراحل التطور نحو جبهة تقدمية ترجع الثقة إلى كل من عاش التجارب السلبية السابقة و كانوا ضحية عزائمهم الصادقة . فالثورة مناسبة للتدارك ،فإما التوجه التقدمي إلى الأمام معتمدين على جبهة مكونة ترص الصفوف و إما الانزلاق نحو ما لا ترضاه الثورة من روتينيات لا تحل أي مشكل أساسي و لا تستجيب لتحديات المحيط مع العلم و اليقين أن تونس في سلم البلدان الصغيرة أو المتوسطة إن شئنا مما يستوجب الاحتياط كي لا تكون عرضة لتأثيرات المحيط الخارجي.
و أخيرا فإن التيار يعول على حماس الشباب و تعلقه بالمثل العليا كما يعول على خبرة و تجربة الكهول كما نفسح المجال و الأفاق أمام المرأة للتحرك ، تجسيم و دعم مكتسباتها لترتقي بظروفها الحياتية .
عاشت تونس حرة ديمقراطية أبدا الدهر . عاش الشعب التونسي الحر الأبي . عاش التيار الثوري للواجبات و الحقوق من أجل التقدم . معا إلى الأمام من أجل البناء و التقدم
عن الهيئة التأسيسية بلقاسم الطبربي Tel : 33620390029 Email : BTEBOUR00V@orange.fr


بسم الله الرحمن الرحيم

حركة النهضة تدين العنف والتخريب وتدعو إلى التهدئة


تشهد البلاد خلال الأيام الأخيرة تحركات احتجاجية، مصحوبة بمظاهر اضطراب وفوضى في أحياء العاصمة ومدن تونسية أخرى ، وذلك على إثر التصريحات التي أدلى بها وزير الداخلية السابق السيد فرحات الراجحي. ويهم حركة النهضة هذا الصدد أن تسجل المواقف التالية: 1. تدافع عن حق التونسيين في التظاهر السلمي والمدني باعتباره من أهم منجزات ثورتنا المباركة، وتدين كل تجاوزات رجال الأمن بحق شباب الثورة والصحافيين. 2. ترفض كل أشكال الاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة، وبث الرعب بين المواطنين الآمنين، وتدعو لجان الأحياء ولجان حماية الثورة وكل القوى السياسية والمدنية إلى التجند لحماية السلم المدني والاستقرار العام في بلادنا وإلى المحافظة على نظافة البلد واحترام القانون. 3. تنبه إلى خطر وجود جهات مشبوهة تعمل على هز الاستقرار العام لحسابات سياسية ذات صلة ببقايا النظام السابق، وتدعو الحكومة إلى كشف هذه الجهات وإحالتها على القضاء. 4. تكبر دور المؤسسة العسكرية في حماية الثورة وتحصين الأمن الوطني، وتقدر جهدها في حماية الحدود ومساعدة وإيواء أشقائنا الليبيين. وبهذا الصدد تعبر عن اعتزازها بكرم شعبنا وحسن وفادته واستضافته إخواننا الوافدين من ليبيا وتدعوه إلى المزيد من ذلك. 5. تدعو الحكومة إلى التعامل مع تصريحات السيد الراجحي باعتبارها تندرج عموما ضمن قضايا الرأي، ومجالها التدافع الإعلامي والسياسي وليس قاعات المحاكم . 6. تحث جميع التونسيين على مزيد التضامن والتآزر لحماية الثورة ومكاسبها، وعلى مزيد اليقظة في مواجهة القوى المضادة للثورة ومجموعات العنف والتخريب. 7. تدعو الجميع إلى تنشيط الحركة الاقتصادية وتهيئة المناخ الملائم لإنجاح الموسم السياحي حتى تبلغ سفينة البلاد محطة 24جولية التاريخية، آمنة متضامنة. قال تعالى »وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان » الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الأربعاء 11 ماي 201
 

حمة الهمامي يؤكد حزب العمال بريء من تهم الشغب..


اتهم الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي حمة الهمامي البوليس السياسي وبقايا التجمع بإثارة أعمال الشغب من نهب وحرق للمنشأة على خلفية التحركات الأخيرة التي شهدها الشارع التونسي. كما اتهم الهمامي خلال ندوة صحفية له باحدى القاعات بالعاصمة الوزير الاول بالحكومة المؤقتة الباجي قائد السبسي بالغموض في تصريحه الصحفي الذي نظمه مع عدد من القنوات التلفزية. تحقيق مستقل ونفى الناطق الرسمي باسم حزب العمال أي تورط لمنخرطي او مناصري الحزب في أعمال الشغب التي شهدتها البلاد منذ يوم الجمعة الماضي مؤكدا في هذا السياق على أن الحزب تعرض إلى حملة تشويه من طرف البوليس ذاته حيث عمل على إلصاق تهم كيدية للحزب قصد تشويه صورته التي كسبها نتيجة نضالات اجيال قدمت ارواحها من أجل هذا الوطن على غرار الشهيد نبيل بركاتي. وطالب المتحدث بضرورة إيجاد تحقيق مستقل وشفاف يضمن الحد الأدنى من المعلومات حول المتسببين الحقيقيين لاحداث العاصمة وبعض الجهات على غرار مدينتي سليانة وقفصة وكشفهم للراي العام. .. ولو بعد حين وفي ما يتعلق بالانتخابات ذكر الهمامي بقول الوزير الاول الذي اكد على سعي اطراف سياسية تاجيل الموعد الانتخابي من خلال بث الفوضى وفي رده على هذه النقطة أكد الناطق الرسمي باسم حزب العمال استعداد الحزب وعلى جميع المستويات من أجل خوض استحقاقات المجلس التاسيسي ليوم 24 جويلية وقال  » إن الحزب لن يقاطع الانتخابات وانه مستعد لها حتى وإن تقدم موعد اجرائها. » وأضاف الهمامي أن الحزب لم يدع إلى تاجيل الموعد الانتخابي بالقوة كما يروج بل انه دعا إلى ذلك في اطار من التوافق والنقاش وتبقى المسالة مجرد اقتراحات لا سبيل إلى فرضها لا على الشارع ولا على الحكومة. ودعا الهمامي المواطنين خاصة في تونس العاصمة إلى اليقضة تجاه العناصر التي تحاول الإعتداء على الممتلكات مدعية في ذات الوقت انتماءها إلى حزب العمال الذي لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بهؤلاء المخربين.  
خليل الحناشي  
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 ماي 2010)

حمّة الهمامي: مستعدون للانتخابات من الغد وأدعو السبسي الى مناظرة تلفزية

تونس (الشروق):  
اعتبر السيد حمّة الهمامي الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي أن الاتهامات التي وجهها الوزير الأول السيد الباجي قائد السبسي لبعض الأحزاب بإثارة الفوضى ونشر العنف في تصريحاته الأخيرة تهم حزبه بحكم أنه كان من الداعين ضمن جبهة 14 جانفي الى تأجيل الانتخابات، مؤكدا أن حزب العمال مستعدّ لخوض الانتخابات «منذ يوم الغد»، وأن المتورطين الحقيقيين في ما شهدته البلاد خلال الأيام الماضية كان نتيجة محاولات بقايا النظام السابق وحزب «التجمع الدستوري الديمقراطي» المنحلّ وأجهزة الأمن لتأجيل الانتخابات مطالبا رئيس الوزراء في الحكومة المؤقتة بإجراء مناظرة تلفزية معه أو مع وزير الداخلية لإثبات العكس حسب قوله. واتهم الهمامي خلال ندوة صحفية عقدها حزبه أمس رئيس الوزراء في الحكومة المؤقتة بممارسة التضليل وتلفيق التهم ومغالطة الرأي العام. ما المصلحة ؟ وأكد الهمامي أن القوى التقدمية ليس لها مصلحة وليس من تقاليدها اتباع مثل هذه الأساليب وأن ما مرّت به البلاد خلال الأيام الماضية لا يخدم إلا الطرف المعادي للثورة والذي ليس له مصلحة في تقدم البلاد ولأنه مهدّد بالمساءلة والمحاسبة وأن الحرق والنهب والتخريب من أساليبه ومن ضمنهم بقايا «التجمع» المنحلّ والمستهدفين بالفصل 15 من قانون انتخاب المجلس التأسيسي. واعتبر الناطق الرسمي باسم حزب العمال أن مسؤولية الحكومة اليوم لا تكمن في توجيه أصابع الاتهام الى أطراف دون ذكرها أو تقديم ما يدينها، كما أنها لم تقم بواجبها حتى في ما له علاقة بالانتخابات مشيرا الى أن مشروع القانون أعدته الهيئة العليا لحماية أهداف الثورة منذ 11 أفريل وأن الحكومة عطلته من أجل الفصل 15 أكثر من شهر.  
مؤامرة وتحدّ وحذّر الهمامي من وجود ما قال انها مؤامرة على القوى التقدمية والديمقراطية معتبرا أن الوزير الأول تكلم مؤخرا ليثير مشاكل أكثر واتهام الأحزاب والمنظمات. وأشار الى أن حزب العمال طرح موقفه بخصوص الانتخابات وانه يناقش هذا الموقف مع بقية الأحزاب وليس في الشارع باعتماد العنف، مؤكدا أنه جاهز لخوض الانتخابات «منذ يوم الغد إذا أرادوا». وتابع قائلا «سنرفع عنكم الذريعة التي قدمتموها فقوموا بالانتخابات يوم غد وسوف نشارك ونحن مستعدون، هناك مؤامرة تحاك ضد حزب العمال وضد حركة الوطنيين الديمقراطيين». وطالب الهمامي بلجنة تحقيق مستقلة تشمل قضاة وممثلين عن المجتمع المدني وعناصر من جهاز الأمن إن أرادت الحكومة ذلك «نحن نعرفهم ونعرف من وراءهم فنظام بن علي مازال موجودا وكلما يعارض طرف الحكومة إلا ووجّهوا له هذه الأكاذيب والاشاعات».  
الحقيقة والمناظرة وتوجّه الناطق الرسمي باسم حزب العمال بدعوة الى الوزير الأول أو وزير الداخلية لإجراء مناظرة تبثّ على الهواء مباشرة في التلفزة الوطنية أو غيرها من التلفزات «لكي نكشف الحقائق للشعب». كما دعا الهمامي المواطنين في تونس العاصمة خاصة التي شهدت أحداث عنف خلال الأيام الأخيرة الى أن يكونوا يقظين للأطراف التي تستهدف أمنهم ومصالحهم، مضيفا أنه «إذا جاءكم أحد هؤلاء المخرّبين وادعى أنه من حزب العمال فامسكوه واتصلوا بنا». وفي الاطار ذاته تحدث الهمامي عن الأحداث التي شهدتها سليانة مؤخرا و«أعمال تخريب قامت بها مجموعة معروفة وقبل بدء التحقيق قيل إن حزب العمال هو من قام بذلك وأوقفوا 5 مناضلين وأخرج أعوان الأمن خبرا مفاده أن حزب العمال هو من قام بذلك وانها خلية تابعة له، لكن الـ5 مناضلين هم من حركة الوطنيين الديمقراطيين وليس من حزبنا، كما أن الوزير الأول لم يتحدث عن هذه التفاصيل بالرغم من أن البوليس هو من ضغط عليهم ليقولوا إنهم من حزبنا» على حدّ قوله.  
تضليل وكذب ومن جهته اعتبر السيد شكري بلعيد من حركة الوطنيين الديمقراطيين أن من أرادوا تلفيق هذه التهم لا يجيدون فنّ التضليل والكذب، فالانفلات الذي وقع أيام 14 و15 و16 جانفي هو نفسه الذي وقع أيام 25 و26 و27 فيفري لأن الفاعل نفسه وهو نفسه الذي مارس العنف يومي 6 و7 ماي ولماذا لم يتهم في المرة الأولى أو الثانية؟». وأكد بلعيد أيضا أن حركته مستعدة لخوض الانتخابات «حتى النهاية لأنه لدينا ثقة في شعبنا ونحن مع الشرعية الانتخابية فقط». تغطية عبد الرّؤوف بالي  
(المصدر: جريدة الشروق التونسية (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 ماي 2010)

 
حمه الهمامي : الحكومة الحالية ليست وليدة الثورة بل وليدة النظام القديم


أكد الناطق الرسمي لحزب العمال الشيوعي التونسي خلال الندوة الصحفية التي عقدت صباح اليوم بالعاصمة بمعية حركة الوطنييون الديمقراطييون ، أن الحكومة الحالية ليست وليدة الثورة بل وليدة النظام القديم و لم تقم بواجباتها خلال فترتها المؤقتة. و استغرب الهمامي التصريحات الأخيرة للوزير الأول بالحكومة المؤقتة الباجي القائد السبسي و التي قال فيها  » ان بعض الأحزاب السياسية التي تعارض يوم 24 جويلية كموعد لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي هي من تقف وراء الانفلات الأمني  » ووصفها بالتصريحات الغامضة و غير الواضحة. و اتهم الناطق الرسمي لحزب العمال بقايا التجمع الدستوري الديمقراطي و المنحل قضائيا بوقوفها وراء الانفلات الامني ، ليطالب بضرورة تشكيل لجنة تحقيق مستقلة لكشف المخربين و من يريد تعطيل المسار الديمقراطي على حد قوله. و نفى الهمامي ضلوع أي منخرط في حزبه المشاركة في أعمال التخريب التي طالت عدة ولايات في الأيام الأخيرة على خلفية تصريحات السيد فرحات الراجحي . و طالب بمناظرة تلفزية مع الوزير الأول أو وزير الداخلية الحبيب الصيد ، ليؤكد أن حزبه مستعد للانتخابات القادمة حتى قبل موعدها المحدد. من جهته وصف السيد شكري بلعيد الناطق الرسمي لحركة الوطنييون الديمقراطيون الخطاب الأخير للوزير بالخطير و المثير للفتنة و أضاف أن الحكومة الحالية هي حكومة بقايا التجمع المنحل قضائيا ، ليتهمها بسعيها لتأخير الانتخابات. و حضر الندوة الصحفية عدد محترم للصحافيين من المؤسسات التونسية العامة و الخاصة و العربية و أيضا حضور لمنخرطي الحزبين و أنصار جبهة 14 جانفي و التي تظم 11 مكونا سياسيا.  
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ، بتاريخ 10 ماي 2010)


في أولويّات المرحلة وأخلاقيّات الانتقال الديمقراطي

 


علي لعريض
حققت الثورة التونسية حتّى الآن أهدافا كبيرة. فزيادة على ريادتها وإسهامها المعتبر في انطلاق ثورات ديمقراطية في البلدان العربية وزيادة على الإشعاع الذي جلبته لتونس وأهلها في العالم كلّه فقد تمكنت على المستوى الوطني في فصلها الأوّل من التخلّص من رأس الاستبداد، وكان فصلها الثاني هو تسليط أعلى درجات الضغط الميداني على رجال السلطة حتى أقرّوا نهائيّا بأنّ ما وقع ويقع هو ثورة شعب يريد التخلص من الاستبداد برجاله وسياساته ومن الظلم والحيف الاجتماعي والاقتصادي ومن الفساد وليس مجرّد شغور في منصب الرئاسة يعالج في إطار نفس الدستور الاستبدادي والقوانين القهريّة التي كانت تصادر الحياة السياسية والإعلامية. وقد أفرزت الثورة في فصلها الثاني تعليق العمل بالدستور وحلّ الحزب الحاكم وتعليق المؤسسات المنصّبة والقوانين الظالمة، والإقرار بأنّ تحديات الوطن وطموحات الشعب التونسي الثائر إنّما تجد حلولها في إطار شرعية الثورة والتوافق والتأسيس لنظام ديمقراطي جديد وأوّل خطوة في هذا الطريق هي انتخاب مجلس وطني تأسيسي يوم 24 جويلية 2011. تحديّات المرحلة وأولوياتها كيف يمكن تحويل شعارات الثورة ومبادئها إلى إنجازات في مختلف المجالات ذلك هو التحدّي الأكبر الذي يستوجب على التونسيين رفعه اليوم. إن الكرامة كمجمّع لقيم الثورة وأهدافها تعني الحريّة والديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الرشيد وتعني العدالة بين الجهات وبين الفئات وبين المواطنين وتعني حسن التصرف في المال العام وتعني تقوية الوحدة الوطنية وتعميق مشاعر الانتماء الجماعي العربي الإسلامي… ويحق للشعب التونسي أن يطمح لكلّ هذا وأكثر وهو برجاله ونسائه بشيبه وشبابه قادر بعون الله على تحويل أهدافه السامية وبوسائل شريفة ونبيلة إلى منجزات حقيقية ضمن تمشّ مرحلي يرتب الأولويات ربحا للوقت والجهد. وتقديرنا أن التحديات والأولويات هي اليوم: استمرار التعبئة العامة واليقظة التامّة والاستعداد للنضال حتّى نصدّ الباب أمام كل محاولة لإجهاض الثورة وأهدافها أو الالتفاف عليها من أي طرف كان في الحكم أو خارجه، من بقايا النظام السابق أو من إفراز المرحلة الجديدة. التعاطي بأعلى درجات الوطنية والمسؤولية والأخلاق مع المواعيد والمراحل الانتقالية الحالية والقادمة فهي التي ستؤكد مدى نضج التونسيين ومدى وحدتهم الوطنية وقدرتهم على حلّ مشاكلهم دون عجز أو تدخل خارجي تماما كما كانت ثورتهم تونسية بحتة مستقلّة عن كل القوى الخارجية ويبرز في هذا الإطار انتخاب مجلس وطني تأسيسي يعبّر عن إرادة الشعب ويسهر عن المرحلة الانتقالية القادمة. معالجة القضايا الملحّة اجتماعية واقتصادية للتخفيف مما يعانيه الشباب المعطل عن العمل والجهات المحرومة والعائلات الفقيرة وضمان استمرار المرافق العامة الحياتية كما لا بدّ من التفريق بين حق الاحتجاج السلمي والمطالبة المنظّمة بالشغل أو تحسين الأجور وهي مطالبة مشروعة وتحظى بالمساندة، وبين إرباك العمل أو سدّ طريق أو غلق مؤسسات أو إيقاف الدورة الاقتصادية أو كل ما يصبّ في الفوضى أو التعجيز. من أخلاقيات الانتقال الديمقراطي التحلّي بأعلى درجات الوطنية ونكران الذات -ذات الفرد وذات الحزب وذات الجمعية وذات الجهة وذات الفئة- فذروة الثورة التونسية هو التضحية من أجل تونس ومستقبلها. ويندرج في هذا الإطار دعم الوحدة الوطنية التي صنعتها الثورة، فلا يليق بمجتمعنا وقد بلغ ما بلغ من التعلّم والتربية والوعي مثل النعرات القبلية أو الجهويّة أو المذهبيّة إلخ.. وحين يظهر شيء من ذلك يكون واجبنا محاصرتها واستحضار الانتماء الذي يوحّدنا ويساوي بيننا. ويندرج في هذا الإطار أيضا البحث عن التوافقات فلا حزبية ضيّقة ولا جهوية ولا مزايدة على أحد وإنما هي مصارحة للمواطنين بالواقع وإمكانياته وكيفية الارتقاء بأحوالنا وتحقيق أهداف شعبنا. يضاف إلى ذلك العمل على توسيع المشتركات بيننا: احترام هويتنا العربية الإسلامية بأركانها وثرائها وخصوصياتها والعدالة الاجتماعية ومبادئ النظام الجمهوري القائم على الحريّة والفصل بين السلطات وتوازنها والتعددية وحقوق الإنسان واستقلال القضاء ثمة عقد صامت وتلقائي بين قلوب التونسيين لأنهم يحسّون ويفكّرون بطرق متقاربة وذاك هو الذي تبنى عليه وحدتنا ويسهّل توافقنا على الحلول ويحاصر تحوّل خلافاتنا إلى تصدّعات لا قدّر الله، إنّه العهد الحقيقي وهو أقوى من كل عقد مكتوب وإذا زدنا فصدّرنا به الدستور الجديد أو وثقناه ففي ذلك خير. التنافس الديمقراطي الراقي فلا عنف مادي أولفظي ولا نزول إلى سفاسف الأمور والقضايا وإنما هو حوار وتنافس جادّ في قضايا الوطن ومشاغل المواطن يرتقي بوعي التونسيين جميعا وبقدرتهم على شقّ طريقهم الخاص مطمئنين إلى بعضهم محترمين اختلافاتهم في الرأي والتقديم مدافعين على نموذجهم في البناء كما دافعوا عن نموذجهم في الثورة وعلى الظلم والاستبداد. ونحن نحتاج إلى الاستثمار في مختلف المجالات وعلى رأسها الاستثمار في الحريّة لأنها أفضل سبيل للارتقاء بالوعي وإصلاح عقليات الشطط. الإنصاف والتجاوز إن ثورتنا على الظلم والاستبداد واتجاهنا نحو المستقبل تجعلنا أكثر من أيّ وقت مضى لا نرضى أبدا أن نكون نسخا من الذين مارسوا الظلم واعتمدوا المحاكمات الصوريّة للنيل من الأحرار والمعارضين وداسوا على القيم والقوانين ومن هنا فإن التعامل مع مخلّفات العهود السابقة يحتاج منّا أن لا تحضر لدينا أو تسود عقلية تصفية الحساب والانتقام وإنّما عقلية الإنصاف والعدل، إنصاف الضحايا وردّ الاعتبار إليهم وجبر معاناتهم وإعادة أموال الشعب وممتلكاته إليه لتنفق في تدارك التفاوت الجهوي والتشغيل والصحة والسكن وإقامة عدالة متجهة نحو بناء المستقبل، مستقبل شعب موحّد لا مآسي فيه والعبرة بالانتصار لا بالتشفّي. (المصدر: جريدة الفجر لسان حال حزب حركة النهضة (أسبوعيىة-تونس) عدد 5 يتاريخ الجمعة 6 ماي 2011)
 


منتدى الحوار الحر في ساحة الثورة بنزرت


بعد مشاركتها في مسيرتي يوم الجمعة 06 ماي و الثلاثاء 10 ماي 2011 ، تشارك التنسيقية الجهوية لحماية مسار الثورة ببنزرت في منتديات الحوار التي تنظم يوميا بساحة الثورة ( أمام قصر بلدية بنزرت) بداية من الساعة السادسة مساءا للتداول في الشأن العام و الشأن السياسي قي تونس و تبادل الاعلام الجهوي و الوطني.

تهدف هذه الحوارات الى ارساء تقاليد الحوار الحضاري الديمقراطي البناء بين المواطنين و المناضلين و العمل الجماعي من أجل توضيح المشهد السياسي المتغير لحماية مسار الثورة من قوى الردة و أعدائها في الداخل و الخارج. خالد

مكتب هيئة بن عاشور: قلنا للوزير الأول ان هيبة الدولة لا تفرض بالقوة

تونس (الشروق):
قال السيد عياض بن عاشور رئيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي انه وجد الوزير الأول لدى لقائه به أمس متخوفا من الوضعية العامة للبلاد ولديه نوع من التشاؤم حول تعطل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية في البلاد.
وأكد بن عاشور في افتتاح جلسة الهيئة مساء أمس أن السيد الباجي قايد السبسي استغرب ردود الفعل التي تلت الحوار التلفزي الذي أجراه مؤخرا وقال انه لم يفهم أسباب التشنّج والانفعال المتأتي من جميع الأطراف.
وأضاف رئيس الهيئة قائلا «أوضحنا له أن المرحلة انتقالية وعلى الحكومة العمل مع جميع الأطراف وأن موقف الحكومة من مسألة هيبة الدولة تجاوزته الأحداث.. قلت له صراحة بمعية أعضاء مكتب الهيئة أن الأمور لا يجب أن تأخذ هذا الاتجاه وأن كل شيء يجب أن يتم بالتوافق بعيدا عن الكلام عن هيبة الدولة وحدثناه عن الصعوبات التي تواجهها الحكومة الانتقالية مثل تجربة البرتغال».
وتابع «تحدثنا عن تصريحات الراجحي وهو نفس الموقف الذي قاله في الندوة الصحفية أردنا التنسيق في هذا الأمر وبلغناه رسالة مفادها أنه في المرحلة الانتقالية لا يجوز توخّي اجراءات صارمة وعدلية قد يفهم أنها اقصائية في هذه المرحلة.. حاولنا أن نليّن موقفه واقترحت عليه تكوين لجنة مشتركة بين الحكومة والهيئة ويبدو لي أن الوزير الأول لم يرفض الفكرة».
ودار الحديث بين مكتب الهيئة والوزير الأول أيضا حول عدة مسائل تتعلق بالمراحل التي ستسمح بالمرور للعملية الانتخابية، وعن انتخاب الهيئة المركزية للهيئة العليا للانتخابات الذي جرى مساء أمس الأول وهنا تساءل الوزير عن بقية أعضاء الهيئة أي القضاة وعلم أنه سيتم تعيينهم بعد أن رفضوا تقديم ترشحاتهم، وذلك وفق الفقرة الأخيرة من الفصل الثامن للقانون الانتخابي للهيئة.
وأكد السيد عياض بن عاشور أنه سيلتقي نهاية الأسبوع الجاري مع أعضاء الهيئة المركزية للهيئة العليا للانتخابات. وسيكون مقرهم في المقر القديم للمجلس الاقتصادي والاجتماعي وسيقومون بتعيين رئيسهم والكاتب العام مؤكدا أن الهيئة العليا لحماية أهداف الثورة لن تتدخل في عملهم.
 
رفعت الجلسة
وهذا وخصصت جلسة الهيئة أمس لمناقشة مشروع بيان حول الأزمة الأخيرة التي شهدتها البلاد. وتراوحت آراء أعضاء الهيئة بين مساند ومعارض، كما تمحورت الخلافات أيضا حول طبيعة البيان والنقاط التي قد يتطرق إليها.
ومن هذه المنطلقات اعتبر عدد من الأعضاء أن الحكومة فشلت في تحقيق أولى مهامها ألا وهي توفير الأمن للمواطنين والمساهمة في تحقيق الانتقال الديمقراطي مؤكدين أنه لا يمكن الخروج من مثل هذه المواقف بقرارات فردية سواء من الوزير الأول أو من أي طرف آخر.
كما اعتبر بعض السائرين في هذا الاتجاه أنه «ما وقع من قمع يذكر بأسوإ أوقات بن علي.. هيبة الدولة يمكن أن تكون ثابتة وهادئة وتجعل الناس تحترم الدولة».
وذكر أحد الأعضاء بأن الوزير الأول ولدى حضوره في الهيئة ولدى سؤاله عن كيفية تعيين وزير الداخلية قال انه مستعد لإقالته مع أول خطإ يقوم به وأشار آخرون الى أن الانفلات الأمني إذا تواصل فسيعطل الانتخابات و«خاصة إذا ما حوكم الراجحي الآن». وفي الجانب الآخر رفض عدد من أعضاء الهيئة اصدار بيان «يشهر بالحكومة» معتبرين أنه يمكن الاكتفاء بمذكرة أو مراسلة توجه الى الحكومة.
وفي السياق ذاته اعتبر آخرون أن البلاد تحولت الى حقل ألغام وأن دور الهيئة ومهمتها الأساسية هي أن تحاول انتزاع هذه الألغام «ما أمكن».
وتواصل الجدل حول البيان وصيغته ومدى الحاجة الى اصداره وقد بدا التوتر واضحا على أشغال الجلسة التي لم تتمكن من الحسم في المسألة كما أنها لم تتطرق الى ما طرحته عليها الهيئة من مواضيع مثل مسألة النقاش حول العقد الجمهوري التي توقفت منذ أكثر من أسبوعين.
وفي آخر الجلسة ومع انسداد أفق «البيان» هتف عدد كبير من الحاضرين «الشعب يريد اصدار البيان»، كما يجب أن نشير الى أنه كانت هناك غيابات كثيرة.
وفي الأخير اقترح السيد بن عاشور أن تنعقد جلسة اليوم لتكوين لجنتين واحدة للهيكلة وأخرى لإعادة صياغة البيان ليكون محل توافق بين جميع أعضاء الهيئة. تغطية عبد الرؤوف بالي  
(المصدر: جريدة الشروق التونسية (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 ماي 2010


خبير تونسي بمركز جينيف للمراقبة الديمقراطية للقوات المسلحة لـ «الصباح» لا ديمقراطية دون إصلاح قطاع الأمن في تونس


حاوره كمال بن يونس ـ « انهيار النظام الأمني القديم وراء ما تعيشه تونس من فلتان » ـ تعاقبت أمس وخلال الأيام القليلة الماضية حوادث العنف والمواجهات وحالات قطع الطرقات والهجمات على المؤسسات الأمنية والإدارية والتجارية الخاصة في عدة مناطق مما عقد الوضع الأمني في أكثر من مدينة..

في نفس الوقت تعمقت الهوة بين الحكومة وبعض الاطراف السياسية في تقييم حجم رد الفعل الامني على مظاهرات الجمعة والسبت وما اقترن بها من عمليات عنف وسرقة لمحلات وسط العاصمة تونس وخارجها؟ فكيف نفسر ما يجري؟ وإلى أين تسير الأمور؟ وكيف ينبغي التصدي لهذه الوضعية؟
في محاولة للإجابة على هذه التساؤلات التقينا الدكتور هيكل بن محفوظ استاذ القانون العام في الجامعة التونسية والخبير التونسي بمركز جنيف للمراقبة الديمقراطية للقوات المسلحة فكان الحوار التالي: استاذ هيكل.. صيحة فزع أطلقها المواطنون بسبب ما يسمى « الانفلات الأمني ».. في نفس الوقت برز صوت الغضب بين رجال الامن ونقابتهم ردا على ما وصفوه بـ »التجني » على رجل الأمن. وتتعمق الهوة بين الحكومة وبعض خصومها في تقييم مهمة قوات الامن. كيف تقيم هذا الوضع المتأزم؟ لا مستفيد من هذا الوضع بالطبع، سوى الاطراف التي تفكر في الرجوع بالشعب التونسي إلى الديكتاتورية والتسلط.. ان الطرف الوحيد الذي له مصلحة في أن تعم الفوضى وأن يبقى نظام الفساد قائما هو الطرف الذي يخشى من ظهور الحقيقة ويسعى بكل الوسائل إلى تضليل طريق كل من يسعى إليها… رجل الامن والمواطن في حالة غضب لكن صاحب المحلات التجارية التي تحرق وتنهب والمسؤولين عن القباضات المالية والمؤسسات الادارية والبنكية التي تهاجم وعامة المواطنين يريدون الامن وحلا عاجلا لمعضلات الانفلات الامني؟ المؤسسة الأمنية تعيش أزمة حادة وهي في حاجة إلى إصلاح جوهري وشامل حتى تكون شريكا فاعلا في عملية الانتقال الديمقراطي وضامنا لها.
ولكن هذا المشهد المحير والمؤسف لمواطن يشعر بالفزع ولقوات أمن غاضبة يدعونا إلى التساؤل عن آفاق إصلاح المنظومة الأمنية في تونس، بعد ثورة قادها الشعب وتصدت لها بعنف بعض الجهات الأمنية، لكنها أدت في نهاية المطاف إلى انهيار نظام-امني حكم البلاد على مدى عقود.
تحديات جمة تقف إمام إصلاح قطاع الأمن اليوم والأسباب في ذلك عديدة ومتداخلة. إعادة النظر في السياسة الامنية السابقة ما هو المخرج إذن؟ إن الانفلات الأمني وما يتبعه من تصدع في مستوى العلاقة بين المواطن وعون الأمن يشكل خطرا على تثبيت المسار الديمقراطي في تونس، فضلا على انعكاساته السلبية على النمو الاقتصادي والاجتماعي.
والانفلات الامني خطر على بناء الديمقراطية لان هذه العوامل لها تجاذبات عكسية سلبية فيما بينها، يمكن إن تؤدي بنا إلى دوامة من العنف وعدم الاستقرار والتراجع إن لم نتصد لها.
لذا، فان التحدي الأول، في نظرنا سياسي باعتباره انه على الدولة أن تكون قادرة على معالجة الملف الأمني بجميع مكوناته الاجتماعية والاقتصادية والقضائية والسياسية والعسكرية، ووضعه في إطار تصور شامل تكون فيه المنظومة الأمنية في خدمة التنمية. وعليه فانه من الضروري إعادة النظر في السياسة الأمنية السابقة التي كانت تقوم على تحقيق الاستقرار وامن الدولة والنظام فقط، ومراجعتها على أساس الاعتراف بالارتباط الوثيق بين التنمية والأمن بشكل تصبح فيه المؤسسة الأمنية شريكا في إرساء مناخ اجتماعي واقتصادي وسياسي مناسب للتنمية وساهرة على استقراره.
والدور الذي يمكن إن تقوم به المؤسسة الأمنية في المسار الديمقراطي والتنموي يبقى رهين التزامها بقواعد الديمقراطية ومبادئها وخضوعها إلى أنظمة الرقابة والمحاسبة. والقانون وهنا يكمن التحدي الثاني. القطع نهائيا مع خيار القمع والاستبداد البعض يفسر ما يجري بعدم تبني السياسيين وخاصة  » الهيئة العليا  » ( وبقية لجان التحقيق والمساءلة ) لخيار المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية بما يعني تجنب عمليات  » الثار » وعدم تهديد عشرات الالاف من السياسيين ورجال الامن السابقين بالمحاكمة والاعتقال؟ الصعوبات التي تواجه المؤسسات السياسية والأمنية كثيرة جدا..ومن أكبر التحديات والمعضلات بالنسبة للمؤسسة الامنية اليوم (والتي تحد من قدراتها العملية ) شبه إفلاتها من كل إشكال الرقابة والمساءلة، وذلك إما لغياب آليات الرقابة (الرقابة البرلمانية) أو لضعفها (رقابة القضاء ووسائل الاعلام )، مما حولها من مؤسسة حفاظ على الأمن العام إلى منظومة تستعملها مجموعات معينة لحماية مصالحها السياسية والاقتصادية، ثبت ضلوعها في الأجرام المنظم وهو ما وضع المؤسسة الأمنية في قفص الاتهام ولأسباب يعلمها الخاص والعام.
وعلى المؤسسة الأمنية اليوم إن تقطع بشكل نهائي مع أسلوب حولها إلى أداة عمل يستعمله النظام لضمان بقائه وتدعيم مصالحه بالقمع والفساد والرشوة. والقطع مع هذه الممارسات يقتضي التمييز بين من عمل وأدى واجبه خدمة لأمن المواطن وللمصلحة العامة وبكل شرف وبين من استغل النفوذ ليقدم مصلحته الذاتية ومصلحة أقلية مستفيدة على مصلحة المواطن. (…) وفي هذا السياق تطرح سيناريوهات عديدة من بنيها المصالحة الوطنية.. ضمان الامن من حقوق الانسان ألا ترون أن من بين أكبر التحديات التي تواجه الاصلاح السياسي والامني في تونس أزمة الشرعية وعدم ايمان قطاع من القائمين على الامن بمشروعية بعض تحركاتهم؟ في حقيقة الأمر، ان هذا التحدي لا يهم تونس فقط بل كل الأنظمة العربية التي كانت ولا تزال تستعمل أجهزة الأمن لتحقيق مصالحها. أما دور المؤسسة الأمنية فيحتاج إلى مراجعة جذرية، لا على مستوى المفاهيم والتصورات فقط، ولكن بالأساس على مستوى المهام التي يفترض إن تضطلع بها في مجتمع ديمقراطي يسود فيه القانون.
لذلك فمن باب الأوليات تحديد الاحتياجات الأمنية وضبطها بما يعكس احتياجات المواطنين ومتطلباتهم من حرية وعدالة اجتماعية وتنمية واستقرار ووضع الآليات التي من شانها إن تستجيب لذلك وتسهر على حمايتها. فالحديث عن سياسة أمنية واضحة المعالم ليس مزايدة سياسية بل مطلبا شعبيا ملحا، كما إن الحق في الأمن هو من الحقوق الأساسية للإنسان.
وحتى تنتقل المؤسسة الأمنية من مؤسسة حماية نظام إلى مؤسسة في خدمة المواطن عليها إن تحل أزمة المشروعية التي تواجهها اليوم وان تتجاوزها بحكمة ومسؤولية وبالاشتراك مع مكونات أخرى من المنظومة الأمنية (القضاء الإعلام المجتمع المدني)؛ وهو تحد لا يقل بذاته أهمية عن التحديات الأخرى. أزمة شرعية ألا ترى أن أزمة الشرعية تضغط على السياسيين ومسؤولي قطاع الامن منذ ثورة 14 جانفي؟ نعم.. أزمة رجل الأمن بعد الثورة أزمة ثقة وشرعية، فعلاوة على الفكرة اللاصقة بجهاز الأمن – عن خطا أو صواب – من كونه جهاز قمع واستغلال نفوذ وحماية مصالح فئة ضيقة، فانه يشكو بدوره نوعا من التصدع بسبب تصدع أجهزة الدولة نفسها، بعد إن ثار الشغب على النظام السياسي والدستوري القائم. وعدم الاستقرار الدستوري الذي تشهده البلاد اليوم يحدث اضطرابا على الوظيفة الأمنية وعلى مؤسساتها ويجعل المؤسسة الأمنية تواجه نفس التحديات التي يواجهها كيان الدولة والسلطة في هذه المرحلة الانتقالية. وعليه فان إصلاح المؤسسة الأمنية يعتبر جزءا لا يتجزأ من الإصلاح الدستوري والسياسي الذي ستعيشه البلاد بمناسبة وضع دستور جديد يضفي شرعية جديدة على المؤسسة الأمنية التي عليها إن تتحول إلى مؤسسة ديمقراطية تخضع لرقابة من نفس النوع؛ وهو تحد صعب في حد ذاته لأنه يفترض أن يصبح الأمن جزءا من المعادلة الديمقراطية وهو أمر قد يستغرق بعض الوقت تتعلم فيه المؤسسة الأمنية الممارسة الديمقراطية شانها في ذلك شان المواطنين والأحزاب وتنظيمات المجتمع المدني. تطهير من بعض العناصر هل المطلوب اذن تجديد المؤسسة الامنية واحالة غالبية ضباط القطاع على التقاعد المبكر؟ من المتوقع إن تواجه الأجهزة الأمنية تحديات على مستوى تجديد قياداتها وهياكلها وتنظيمها، وهو ما يفترض إصلاح الهياكل الأمنية وإسنادها مهاما جديدة تستجيب ومقتضيات الإدارة الديمقراطية الرشيدة. والحديث عن تجديد المؤسسة الأمنية هو الذي يثير في حقيقة الأمر حفيظة أجهزة الأمن، لأن مثل هذه الإصلاحات ستؤدي حتما إلى طرح مسألة تطهير المؤسسة الأمنية من العناصر التي ليست لها قدرة على استيعاب قواعد اللعبة الديمقراطية وبالتالي المساءلة. ولرفع هذا التحدي مع المحافظة على شرف السلك ونبل مهمته، لا بد من وضع برنامج تكوين لفائدة سائر الهياكل والوحدات الأمنية تتمرس فيه على مبادئ احترام القانون والالتزام بالشفافية في العمل والتنظيم وخضوع للرقابة والمساءلة القضائية والاشتراك مع سائر مكونات المجتمع في إرساء نظام امني في خدمة المواطن. ولا يخفى ان المرحلة الحالية تقتضي الشروع فورا في عملية إعادة هيكلة المؤسسة الأمنية وتأهيل عناصرها ووحداتها عبر برامج تكوين جديدة توضع خصيصا لهذا الغرض، تمكن على مراحل من إرساء عقليات وممارسات سليمة ومن تجديد المؤسسة الأمنية. وطبيعي إن لا يقع تأهيل إلا من لم يتورط في إعمال العنف والقمع والفساد. لكن مرحلة تكوين عناصر الأمن بمختلف وحداتها ورسكلتها وإعادة تأهيلها ولئن كانت رئيسية فهي لا تكفي بمفردها لتحقيق الإصلاح الفعلي للمؤسسة الأمنية. فحتى وإن غيرنا مناهج العمل وطرق ممارستها، فان المشكل القائم يتمثل في تغيير العقليات، وهو اكبر تحد لأنه يفترض التوصل إلى تخلص عون الأمن من استعمال القوة لمعالجة المسائل واكتسابه لقدرة نفسية ومهنية تمكنه من التعامل مع الأوضاع الأمنية رغم الضغط المسلط عليه والتحكم في الوضع الاجتماعي برصانة وتريث، يبقى فيه الالتجاء لاستعمال القوة هو الخيار الأقصى والأخير. دور وسائل الاعلام من هي الاطراف التي يمكن أن تساهم في انجاز مهمة تصحيح العلاقة بين رجل الامن والمواطن في مرحلة ما بعد الثورة؟ إن تغيير النظرة الى رسالة قوات الأمن فهو ليس بالمسؤولية الوحيدة لهياكل الأمن والأجهزة المشرفة عليها، بل لابد أن تشترك في ذلك جميع مكونات المنظومة الأمنية، ونخص بالذكر وسائل الإعلام والمواطنين، باعتبارهم المنتفعين الرئيسيين بالخدمة الأمنية. وفيما بتعلق بالإعلام، فمن الضروري إرساء لغة تواصل وحوار بين المؤسسة الأمنية والمواطن وذلك بتوفير المعلومة الدقيقة وبشكل منتظم وتلقائي؛ فعلى أجهزة الأمن القيام بدور إعلامي وتثقيفي. وهو تمش من شأنه أن يعزز ثقة المواطن في أجهزته الأمنية ويدعمها، لأنه في حاجة أن يشعر بأنه في صلب اهتمامات الخدمة الأمنية. ومن الممكن في هذا المجال التفكير في بعث مرصد أمني على شاكلة بوابة توفر جميع المعلومات حول الوضع الأمني بالبلاد، مع فتح مجال للحوار والإرشاد لفائدة مستعملي هذه الخدمة ولكن المسؤولية كذلك هي على عاتق وسائل الإعلام التي لها من الإمكانيات ما يجعلها قادرة، أولا: على فتح الملف الأمني في هذه المرحلة ومناقشة الوضع والتحديات والخيارات؛ ثانيا: لعب دور الرقيب على الأجهزة الأمنية (وهو أمر لا مفر منه في كل مجتمع يقر بالديمقراطية وبوسائل تحقيقها)؛ ثالثا: بربط قنوات الاتصال ولو بشكل غير مباشر – بين المؤسسة الأمنية والمنتفعين بالخدمة الأمنية؛ رابعا: بتمكين المواطنين من بلورة تصوراتهم والتعبير عن هواجسهم وحاجياتهم الأمنية. وإذ نؤكد على دور وسائل الإعلام في ضمان الشفافية في العلاقة بين الأمن والموطن، فانه من الضروري الـتأكيد على وجوب تحلي الأعلام بالمسؤولية والحياد؛ وهو ما يطرح بدوره مسألة إصلاح قطاع الإعلام.  
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 ماي 2010)

مختص في الاقتصاد العائلي والفقر واللا مساواة لـ«الصباح» التقسيم الجديد لقانون المالية يحافظ على توزيع غير عادل للثروات.. وتنمية جهوية منقوصة


تحقيق التنمية الجهوية وبلوغ تقسيم عادل للثروات، يعد من أبرز التحديات الموضوعة على كاهل الحكومة الانتقالية اليوم ويعتبر من أهم الأهداف التي على الحكومة المنتخبة إنجازها…تحد سترثه وستورثه للحكومات القادمة. في السياق أفاد الوزير الأول الباجي قائد السبسي في لقائه الصحفي التلفزي ليلة أول أمس أنه تم تخصيص 80 بالمائة من ميزانية التنمية التي ستصدر في قانون المالية الجديد الإضافي لفائدة المناطق الداخلية في حين رصدت النسبة الباقية للمناطق الشرقية للبلاد. وتجدر الإشارة أولا أن حديث الوزير الأول قد تناول الميزانية الإضافية فحسب والتي تبلغ 251 مليون دينار وقد أعلن عنها وزير التنمية الجهوية منذ فترة، أما ميزانية قانون المالية لـ2010 التي تبلغ 1232 مليون دينار فقد أكد المكلف بالإعلام في وزارة التنمية لـ » الصباح  » أنها بقيت على حالها نظرا أنه تم المصادقة عليها سلفا ولا يمكن إعادة النظر فيها. وبالتالي تصبح ميزانية التنمية في مجملها 1483 مليون دينار مقسمة بنسبة 71 بالمائة للمناطق الشرقية الساحلية أي منطقة تونس الكبرى، الشمال الشرقي، الجنوب الشرقي والوسط الشرقي. وتخصص النسبة الباقية (29 بالمائة) لبقية الجهات الغربية والجنوبية والشمالية.. وفي قراءة للتقسيم الجديد لميزانية التنمية اتصلت « الصباح » بالباحث في منتدى البحوث الاقتصادية والمختص في الاقتصاد العائلي والفقر والمساواة عبد الرحمان اللاحقة وكان له التقييم التالي.. تنمية منقوصة لا عادلة… قال المختص في الاقتصاد العائلي والفقر والمساواة أن: « جيوب الفقر موجودة في جميع ولايات الجمهورية وحتى في تلك المدن المعروفة بأنها غنية… ». ورأى أن التدخل يكون أكثر نجاعة وله نتائج مجدية عندما يكون في مناطق جغرافية واضحة والمطلوب بالتالي تقسيم الحكومة لميزانية التنمية باعتماد مقياسين علميين هامين هما: مقياس العدالة الأفقية والذي يفضي الى معاملة المناطق المتشابهة التي لها نفس الظروف الحياتية بالمثل. مقياس العدالة العمودية والذي يقوم على معاملة الأفراد المختلفين في ظروفهم الحياتية بطريقة مختلفة وعادلة وذلك بإخضاعهم إلى تقسيم عادل يهدف الى التقليص من الفوارق الموجودة بينهم. ويلاحظ عبد الرحمان اللاحقة أن هذا التقسيم لا يمكن اعتماده إلا بتقديم دراسة للفقر حسب المعتمديات وليس الولايات وترتيبها وفقا للأولوية باعتماد الكثافة السكانية، ومتوسط الإنفاق داخل المعتمدية ونسبة الربط بالمرافق العمومية ونسبة البطالة العامة ونسبة بطالة حاملي الشهادات العليا. كما يشير أن التنمية عليها أن تأخذ أيضا بعين الاعتبار عدم تعطيل مسار الإنتاج في المناطق الصناعية وذات الإنتاجية العالية لأنها ستكون ضمنيا مصدر التمويل بالنسبة للمناطق الأقل حظا إلى أن تتحقق المعادلة. جيوب الفقر.. تأكيدا لما ورد في أول المقال تبين دراسة الفقر وفقا للمعتمديات والصادرة في سنة 2004، أن العشر معتمديات الأقل فقرا في تونس تنتمي بالترتيب الى ولاية القصرين(حاسي الفريد والعيون) وسليانة( الروحية) وجندوبة (فرنانة) وبنزرت (جومين) وزغوان (الناضور) ثم مرة أخرى يعود محرار الفقر الى القصرين (جدليان والقصرين الجنوبية) ليقف في المرتبة العاشرة في القيروان (العلا) والحادي عشر في سيدي بوزيد (منزل بوزيان). وبالذهاب أبعد من العشر مراتب في الـ261 معتمدية نجد أن جميع الجهات شمالا وجنوبا، غربا وشرقا…تتداول على جدول ترتيب المعتمديات الأكثر حاجة كما أن الفقر في تونس يخضع إلى توزيع يفرض التخلي على التقسيم التقليدي للبلاد بطريقة يحدد به مدى حاجة كل منطقة مقارنة بالأخرى. توزيع الثروات… من أجل تقديم دراسة متكاملة رأى الباحث في الفقر واللامساواة عبد الرحمان اللاحقة أنه من الضروري التشريع بإعادة تقسيم الميزانية العامة الموجهة للتنمية والتي تقدر في الأصل بما يقارب الـ4000 مليون دينار، خاصة أن طريقة التقسيم التي كانت معتمدة في النظام السابق هي طريقة اعتباطية تخضع لمزاج الرئيس المخلوع وأصبح من البين أن ميزانية التنمية التي أعلن عليها وهي 1483 مليون دينار غير كافية. ويشدد في حديثه أنه من المهم تشريك النسيج الجمعياتي والإطارات الجهوية في كل منطقة في تقسيم الميزانية الموجهة لكل معتمدية فأهل المنطقة هم الأكثر معرفة بحاجياتها وأولوياتها التنموية. اعادة تقسيم للميزانية وفي نهاية الحديث قدم اللاحقة تقسيما لميزانية التنمية الجهوية التي تمت المصادقة عليها في 2010 والإضافية الملحقة إثر الثورة في بداية 2011 أي مجموع251 مليون دينار و1232 مليون دينار، واعتمد في ذلك الدراسة العلمية لسنة 2004 التي تقدم ترتيبا واضحا لنسبة الفقر في كل معتمديات الجمهورية من أكثرها فقرا الى الأكثر حظا في التنمية معتمدا في ذلك على مقياسي العدالة الأفقية والعدالة العمودية. وتجدر الاشارة إلى أن الترتيب تنقصه كل من معتمدية قرقنة وزاوية سوسة نظرا لعدم توفر المعطيات حولهما كما تم دمج كل من معتمدية دوز الشمالية والجنوبية معا نظرا لمحدودية الكثافة السكانية بهما. ريم سوودي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 ماي 2010)
 

المشهد السّياسيّ الآفاق والتحدّيات

 


العجمي الوريمي يترواح المشهد السّياسيّ في تونس بين أقليّة تمارس المزايدة وأغلبيّة تمارس الطّمأنة وبين الفريقين تبحث أطراف عن نفسها وعن تحالفات تؤمّن لها الحضور في المجلس الوطنيّ التّأسيسيّ وتمكنها من التغلّب على صعوبة تشكيل قوائم انتخابيّة صارت ملزمة بمقتضى القانون أن تجعلها متناصفة بين النّساء والرّجال والسّؤال الذي يطرح نفسه هل عدّلت الأحزاب السّياسيّة ساعتها على زمن الثّورة أم أنّها لا تزال مشدودة إلى ممارسات الماضي وتتحرّك في الوقت بدل الضّائع ولا يستبعد أن تخرج عند أوّل منعرج عن المسار وتمضي إلى تهميش نفسها بالإصرار على الاتّجاه نحو العنوان الخطأ؟
كانت السّاحة السّياسيّة تعاني من إقصاء المعرضة الجادّة ومن توظيف المعرضة المستأنسة في إفراغ التعدّديّة من محتواها وجعل العمليّة السّياسيّة مسرح عرائس لا يجذب إلاّ الأبله أو المريض.
وفي بلادنا اليوم بعد أن تمّ فسخ الخارطة القديمة قوى صاعدة من أحزاب عريقة أو ناشئة وقوى مضادة من أحزاب أو بقايا أحزاب فقدت الشّرعيّة والسّند والغطاء وهي حاضرة بالغياب أو من وراء حجاب كقوى متربّصة بالثّورة. وممّا لا شكّ فيه أنّ مسؤوليّة الأحزاب الوطنيّة في هذا الطّور من حياة الثّورة في البلاد هي أكبر ممّا كانت عليه في أيّ وقت مضى. فهي بعد أن بشّرت بالإصلاح ودعت إليه وبعد أن التحقت بالثّورة والتحمت بها لم يعد يسمح لها أن تنسحب من المعركة التّاريخيّة ولا أن تترك الشّعب لنفسه بلا وضوح ولا دليل أو أن تترك الحكومة بمفردها تقرّر ما تشاء دون دعم أو رقابة أو تخطيط وتشريك.
كما أنّ من مسؤوليّة الإدارة والأحزاب الإصغاء إلى شباب الثّورة الذي تجتهد قواه لتنتظم من أجل الانتقال من الرّفض إلى البناء ولا يكون ذلك إلاّ بالمشاركة والحوار ومنح الشّباب كامل الثّقة لأنّ من صنع الثّورة لا يمكن أن يفرّط في مكاسبها.
فأطراف المعادلة السّياسيّة المشكّلة للمشهد الجديد أي الحكومة الانتقاليّة والأطراف الوطنيّة والطّليعة الشّبابيّة في تجاذب وتعاون فيما بينها له ما يبرّره وما يستدعيه حتّى لا تكون هناك عودة إلى المربّع الأوّل مربّع الاستبداد والاصطفاف الإيديولوجيّ والاستقطاب المفرّق للصفّ الوطنيّ. ويبدو أنّ بعض الشّخصيّات والأطراف الإيديولوجيّة بدأت تستهويها لعبة الاستقطاب.  
لقد غيّرت الثّورة كافّة الإطار السّياسيّ القديم رغم أنّ البلاد لكي تسير في طريق المستقبل في حاجة إلى هدم كامل البناء وهو ما لم يتحقّق بعد. كما أنّها في المقابل في التّعاطي مع مكوّنات السّاحة السّياسيّة في حاجة إلى تغليب منطق الوفاق على منطق المغالبة. وقد ساهمت اعتصامات القصبة والاحتجاجات التي عمّت كافّة أرجاء البلاد في تخليص الحكومة الانتقاليّة من تردّدها وارتباكها دون أن تتحرّر تماما من إرث الماضي ودون أن تنقطع عن المناورة وآخر فصولها التّجاذبات حول المّادة الخامسة عشر من القانون الانتخابيّ. كما أنّ الحراك الشّعبيّ قد أغرى بعض المجموعات والأحزاب بالمسارعة إلى التكتّل والإعلان عن ولادة جبهة سياسيّة ألصقت على واجهتها وفي غفلة من المرابطين في ساحات النّضال تاريخ سقوط الطّاغية فأطلقت على نفسها اسم جبهة 14 جانفي وكأنّها الخيمة الوحيدة الملتزمة بأهداف الثّورة في حين كانت تكتظّ ساحة القصبة بالخيام الشّبابيّة من كلّ الجهات والاتّجاهات فاستحوذت خيمة الشّمال في زمن لم يعد فيه للشّمال نفس الدّلالة على المشترك لإنقاذ نفسها من التّهميش ومن الوقوع تحت هيمنة التيّار السّائد واستبقت إعلاء راياتها الإيديولوجيّة في لحظة نادت فيها الجموع الشّبابيّة في كامل الوطن إلى التكلّم بصوت واحد والمطالبة باستقالة حكومة الغنّوشي التي ضمّت في صفوفها لفيفا متناقضا من بقايا النّظام وأركان المعارضة خاصّة التّجديد والدّيموقراطيّ التقدّميّ.
ولقد ساهمت مشاركة الحزب الدّيموقراطيّ التقدّمي في حكومتي الغنّوشي الأولى والثّانية وانضمام حزب العمّال الشيوعيّ إلى جبهة 14 جانفي في إطلاق رصاصة الرّحمة على ائتلاف 18 أكتوبر الذي كان إلى حدّ هروب بن علي القوّة السّياسيّة الأبرز في التصدّي لسياسات النّظام وأكثرها انحيازا لمطالب الشّعب والتزاما بقضاياه. وقد صمد الائتلاف قبل الثّورة أمام كلّ محاولات نسف وحدته ووجوده من الدّاخل أو من الخارج.
وقد ارتأت بعض الأطراف كلّ من منطلقاته (الحزب الديموقراطيّ التقدميّ وحزب العمّال الشيوعي) أنّ هذا الائتلاف قد استوفى أغراضه ولم يعد يستجيب للأوضاع الجديدة وأصبحت المقاربات السياسيّة للأطراف المكوّنة له متباعدة خاصّة فيما يتعلّق بخارطة الطّريق المستقبليّة وأولويّات المرحلة القادمة. وعلى ما يبدو لم يعد ممكنا لهذه الأطراف أن تتغلّب على حاجتها للمخالفة والتميّز أو أن تتجاهل مجالها الإيديولوجيّ وتوازناتها الدّاخليّة بعد أن فتحت له الثّورة أفقا سياسيّا.  
وإذا كان ائتلاف 18 أكتوبر قد تخطّى العائق الإيديولوجيّ باتّفاق حركة النّهضة ذات المرجعيّة الإسلاميّة مع باقي مكوّناته العلمانيّة أو شبه العلمانيّة على أرضيّة سياسيّة وعلى عدد من الرّؤى الفكريّة المرجعيّة فإنّ جبهة 14 جانفي تعتبر انتكاسة عن ذلك المسار بإقامتها جدارا عازلا حتّى تعفي نفسها من الإحراج وتستبدل الأرضيّة السّياسيّة بمنصّة لقصف أبرز المنافسين الممثّل في حركة النّهضة العائدة بقوّة من بوّابة الثّورة وبرصيد التّضحيّات.
وقد شهدت السّاحة السّياسيّة بتونس خلال الفترة الأخيرة محاولات جديدة لتكوين أقطاب وسط وأقطاب يسار لكن تبقى حركة النّهضة والحزب الدّيموقراطي التّقدّميّ وحزب التكتل وحزب العمال الشيوعيّ وحزب المؤتمر من أجل الجمهوريّة خارج التّجاذبات صمّام أمان للانتقال الديموقراطيّ إذا حافظت على رصيد الماضي من ثقة ونضال مشترك ووفاق حول القيم الأساسيّة وقواعد التّعامل الدّيموقراطي والتّداول والتّنافس السّلميّين. كما يبقى اتّحاد الشّغل عامل توازن وكبح جماح الاستبداد والمزايدة السّياسيّة كما أنّ عددا من القوى النّاشئة يمكن أن يقدّم الإضافة على مستوى الخطاب والبرامج وطرق العمل إذ أنّها تكتشف العمل السّياسيّ للوهلة الأولى وهي لا تدخله خالية من الرّصيد ولكنّها معافاة من العقد والجمود الفكريّ.
لكنّ التحديّ الأكبر يتمثّل في اكتشاف المفردات الملائمة للتّخاطب مع شباب الثّورة وفي إعطائه فرصة للبرهنة على جدارته في صنع المستقبل دون وصاية أو تشكيك. (المصدر: جريدة الفجر لسان حال حزب حركة النهضة (أسبوعيىة-تونس) عدد 5 يتاريخ الجمعة 6 ماي 2011)  


الممكن الوطني : تسوية على شروط الثورة ووفاق على قاعدة الانتقال

بقلم الحبيب بوعجيلة (قيادي في حزب الاصلاح والتنمية) شهدت البلاد في الأيام الأخيرة اندلاع المظاهرات الغاضبة في عدد من المدن وأهمها العاصمة تونس على خلفية التصريحات التي أدلى بها وزير الداخلية السابق السيد فرحات الراجحي . وتضاف هذه الأحداث إلى مظاهر عديدة من الفلتان الأمني اثر الهروب المتزامن لعدد من المساجين في مناطق مختلفة من البلاد و تجدد عدد من الاعتصامات المعطلة للمرافق العمومية و ارتفاع وتيرة الغضب الاجتماعي في بعض الجهات . من جهة أخرى طغت على الحياة السياسية مؤخرا أجواء متوترة غلب عليها الاستقطاب و الشحن الإيديولوجي والسياسي ما أدى إلى تعطيل عدد من الاجتماعات الحزبية إضافة إلى ما شهدته مداولات الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي والإصلاح السياسي من تشنج متبادل بين أطرافها أثناء مناقشة كيفيات التعاطي مع ردود الحكومة حول ما تم قراره من مراسيم منظمة للمرحلة الانتقالية في أفق الاستحقاقات القادمة .
و في مقابل هذا الاحتقان الخطير لم يكن أداء الحكومة المؤقتة في مستوى ماهو مطلوب منها في مثل هذه الظروف من حكمة في التصرف و اتزان في إدارة هذه المرحلة الانتقالية الحساسة . فقد كانت ردود  » قوات الأمن  » على المتظاهرين مفرطة في عنفها الذي قد يدفع بالبلاد إلى منعرج خطير . في حين ظلت الردود الرسمية للحكومة في شخص مسؤولها الإعلامي أو ناطقها الرسمي بل وحتى في مستوى وزيرها الأول عاجزة عن الإقناع و بعيدة عما يحتاجه الرأي العام في هذه اللحظة من شفافية في الخطاب و دقة في المعالجة بعيدا عن المماحكات اللفظية و  » الهزل الديماغوجي  » الذي لا يطمئن أحدا على مستقبل البلاد واستحقاقات الثورة و مسارات الانتقال الديمقراطي .
لا نحتاج –بطبيعة الحال –إلى ذكاء كبير حتى نفهم مضامين الرسائل المتبادلة بين الأطراف المؤثرة في العملية السياسية بالبلاد . فليست هذه المرة الأولى ولا تبدو الأخيرة التي تدخل فيها الساحة الوطنية هذا النفق المظلم بعد الثورة المجيدة ومنذ هروب الرئيس المخلوع بعد 14 جانفي . لقد برزت سابقا فزاعة الفراغ الأمني و تم استعمال المقايضة  » البائسة  » بين الأمن والحرية في مناسبات سابقة . كما التجأت مختلف الأطراف السياسية –حاكمة أو معارضة- إلى أسلوب لي الذراع و العض المتبادل للأصابع في محاولة لاستعراض القوة و الحضور على طاولة « التفاوض » قبل الحسم النهائي عبر صناديق الاقتراع .ومن جهة أخرى لم يكف « الشارع الثائر » عن توجيه تحذيراته إلى  » النخب  » المشغولة عن اهتماماته بمعاركها الخاصة و العاجزة عن التواصل معه والقاصرة عن التاطير الايجابي لاندفاعاته .
إن دقة المرحلة التي تمر بها البلاد تقتضي قدرا لا يستهان به من صراحة الخطاب ووضوح الحوار الذي يتجاوز « حفلة التكاذب المتبادل » على الساحة السياسية . لابد من الاعتراف بمنسوب التخوف الذي يربك الأداء العام لمختلف الأطراف الفاعلة و يهدد المسار الانتقالي السلمي لتحقيق أهداف الثورة والوصول بالبلاد إلى انتخابات المجلس الوطني التأسيسي كشرط أساسي لبناء الشرعية و مواجهة التحديات المختلفة . يحكم التوجس المتبادل علاقات القوى السياسية المختلفة إذ يجهد  » الإسلاميون  » أنفسهم للخروج من الزاوية التي حشرتهم فيها « سياسة الاشتغال  » على « نغمة الاستقطاب » التي مدت صوتها من جديد لتعيدنا إلى أساليب التسعينات . ومن جهة أخرى يشتغل خصومهم على تأجيل  » معركة الحسم  » خوفا من ضعف ذاتي مفترض وتضخيما لقوة « متخيلة  » للخصم المقابل . وفي « ظل  » هذا المشهد تستغل  » القوى المتضررة » من استكمال استحقاقات الثورة ما تملكه من أوراق و مفاتيح « موروثة  » لتعطيل المحاسبة وتصفية « تركة الفساد والاستبداد  » كما تنتهز هذه القوى بمهارة تنابذ الأطراف المشدودة إلى استقطاباتها التقليدية و العاجزة عن الترتيب الحكيم لأولوياتها و الالتزام المسؤول بالاستحقاقات الوطنية بعيدا عن الحسابات الخاصة . و أمام اختلاط أوراق الساحة تبرز « قوى الشعب الكريم » متوجسة من ضياع آمالها في الحرية والكرامة فتندفع إلى « شارعها  » محتمية بحناجرها دون أن تامن من التوظيفات « المختلفة  » لهذا الاندفاع الذي يتربص به من احترفوا تجيير كل شيء لأجنداتهم الخاصة .  
إن الاستمرار العبثي في هذه « اللعبة السمجة » سيكون بلا ريب على حساب استحقاقات المصلحة الوطنية التي لا تحتمل التراجع عن مسار الانتقال الديمقراطي الذي قررته ثورة شعبية صممت على القطع الناجز مع منظومة الفساد والاستبداد وبناء تونس الجديدة القائمة على مبادئ الحرية والكرامة والعدل .ومن خلال ما تقدم اعتقد –مرة أخرى- ضرورة التذكير بالمعطيات التالية :
1/ يخطئ « المتضررون من الثورة  » إذا تصوروا أن ما يملكونه من قدرات إرباك وتعطيل يمكن أن يجعلهم قادرين على الانخفاض باستحقاقات الثورة إلى درجة الالتفاف عليها .إن الاعتراف بالحقيقة الثورية وشرعيتها يسهل التعاطي الحكيم مع المرحلة الانتقالية . لن يقبل المنتصرون للثورة وبالثورة تسوية تستعيد « الماضي » المخلوع .فإقرار العدالة وتطهير المؤسسة الأمنية والإدارية تبدو مطالب من الصعب  » رمرمتها  » و « التحايل » عليها أمام شارع يقظ وفطن . يمكن للمتضررين المطالبة بتسوية تقوم على التدرج و تتجنب التشفي لكن عليهم الاعتراف بأنها تسوية بين « منتصرين  » و « خاسرين  » يعترفون بانتصار الثورة وخسارة الاستبداد والفساد ويتحملون تبعات هذه الخسارة .
2/ لابد للقوى المعنية باستكمال استحقاقات الثورة وعلى رأسها مطلب الانتقال الديمقراطي أن تدرك بان الأولوية الرئيسية اليوم هي بناء الشرعية . لا شك أن من حق « الثورة » أن تحصن هذا الانتقال من كل مخاطر الانتكاس و لكن مع الاقتناع بان كل انتقال يقوم بالضرورة على مرحلية ترتب المهام و تمييز الآجل عن العاجل .لقد حققت  » الثورة  » بإصرار أنصارها مكاسب مهمة بفرض « انتخاب المجلس التأسيسي  » و استبعاد أهم رموز العهد البائد و حل أهم مؤسسة سياسية دعمت الاستبداد وسوقت له و لاشك أن مطالب أخرى مازالت تنتظر التحقيق ولكن حكمة  » السياسة  » تقتضي ترشيد الفعل وقراءة الممكن . إن الذكاء الثوري والمصلحة الوطنية يتطلبان تفويت الفرصة على من يرى مصلحته في الفراغ.
3/ لابد للمتوجسين من مواعيد الحسم الانتخابي أن يدركوا تماما بان توفير ظروف ملائمة لصراع سياسي جدي واقتراع شفاف من شانه أن يؤكد الحقيقة التعددية لتونس الجديدة . إن تونس القادمة لن تحكم أبدا بالرأي الواحد و اللون الواحد و لهذه الأسباب فان التفكير بمنطق الانفراد بالبلاد أو بروح الإقصاء سيعمق التشنج السياسي و الاستقطاب الإيديولوجي ليعطل بالتالي حظوظ البلاد في انتقال سلمي إلى مرحلة جديدة تكون فيها قادرة على مواجهة التحديات وتحقيق الطموحات . إن الاشتغال على قاعدة  » الوفاق الوطني » يبدو اليوم أقوم المسالك للمرور بالبلاد إلى شاطئ الأمان وتفويت الفرصة على الملتفين و أنصار الارتداد .
(المصدر: جريدة « الشروق  » (يومية – تونس) الأربعاء 11 ماي 2011 ص 28 )  


الديمقراطية المحلية : عنوان مركزي لتحقيق أهداف الثورة

 


محمد الحبيب الخضراوي
 
اتسع الجدل كثيرا بين النخب السياسية والفكرية في تونس حول أهداف الثورة وتحديدها والاتفاق عليها، وهو وعي ناشئ بعديا أي بعد نجاح الممارسة الشعبية في تحقيق نتائج سياسية هامة وعلى رأسها الإطاحة بالنظام السياسي السابق. وقد ارتقى الجدل حول هذه الأهداف إلى مرحلة متقدمة تطمح إلى أن تكون إطارا ملزما لتوجهات المجلس التأسيس الذي سيتم انتخابه يوم 24 جولية، ويعبر هذا الحراك عن تخوف النخب الفكرية والسياسية من شرعية الانتخاب وما ستفرزه صناديق الاقتراع، فلا أحد من هذه النخب يقدر حجمه الحقيقي وعمق امتداده الشعبي ، مثلما أن الجميع يجهل بعضه البعض ويحترز على بعض من مساراته التاريخية مما كون رؤية مشوشة نحو الواقع لم يجد فيها هؤلاء ما يطمئنهم كثيرا نحو المستقبل نظرا لغياب المعطيات الموضوعية والمعلومات الميدانية المستقاة من التشخيص الدقيق للواقع ومن دراسات سبر الآراء والبحوث المسحية النزيهة.
ويكشف هذا الجدل من بعض جوانبه عمق أزمة الثقة التي تكونت بفعل المنظومة السابقة بين النخب الفكرية والسياسية وبين الفئات الإجتماعية أو الشعب بجميع فئاته، حيث يرى بعضا من هذه النخب أنه من الضروري أن تتم قيادة الشعب بواسطة منظومات فكرية تحرره من القيود وتؤهله لأن يبسط سيادته ويتم التمكين له، بينما يرى البعض الآخر أن الشعب في حاجة إلى أن يعبر عن نفسه بنفسه وعن مشاغله واهتماماته دون وصاية من قيادة أو من فكرة أو إيدولوجية أو تركيبات مسقطة وفي خضم هذا التعبير سيكتشف المجتمع ذاته بنفسه وسيهتدي إلى حلول لمشكلاته فيعمل على معالجتها بما يتوفر عليه من قدرات وامكانيات.
هذه قضايا الخلافية في مشهد النخبة في مسارات الثورة بعد 14 جانفي تسندها أطروحات فكرية ومذهبية وتنبني عليها خيارات واستراتيجيات عمل في التعاطي مع الواقع الموضوعي وتنتهي إلى ممارسات ميدانية قد تتباين في التسميات والعناوين لكنها تعود جميعا إلى تلك الأصول من الاختلاف بين الرؤيتين المعرفيتين وتداعياتهما العملياتية والإجرائية المتشابكة.
وفي غياب مرجع واقعي يرجح رجاحة أحد الخيارات المطروحة فإنه بالإمكان أن نخوض في نفس هذه القضايا ولكن من منظور آخر مختلف بل ومعكوس. وهو المنظور الذي يتم إهماله عادة لسبب أو لآخر بوعي أو دون وعي وبقصد مدروس أو بممارسة عفوية. ويتعلق هذا المنظور بالبعد المحلي في التحليل والقراءة والممارسة والاستشراف.
وأقصد بالبعد المحلي هنا ، البعد المجالي الذي يرتبط بحياة المواطن وتحقيق معاشه وقضاء شؤونه وتصريف أعماله بشكل دائم ومتكرر، فالمواطن بحكم موقعه ودوره الاجتماعي فإنه يؤثث ممارسة تمتد على مدار اليوم واعتبارا إلى تكرار تلك الممارسة يوميا فإن قيمتها تحتل المراتب الأولى في تشكيل وعيه بالواقع والتعامل معه في إطار سلوكات عينية يخضع أغلبها للنمطية بحكم التعود. ويبدو للجميع أن تلك السلوكات وردود الأفعال السلوكية الذهنية والحركية والانفعالية الاجتماعية وكأنها بديهية أو هي طابعا ثابتا في الشخصية ويعتقد البعض أنها أيضا قدرية حتمتها قوى خارجية، بينما هي في جوهرها تعود إلى منظومة كاملة من العلاقات الاجتماعية التي تكونت بين الأفراد طيلة علاقاتهم التاريخية ، كما يعود إلى ما نتج من خلال تلك العلاقات من امكانيات وموارد مادية ومرافق وموارد، مثلما يرجع أيضا إلى تراكم خبرتهم الاجتماعية التي تشكلت من خلال الوعي بعناصر المحيط المادي والرمزي.
والمواطن في إطار هذه السياقات من العلاقات ومن ردود الأفعال والمعيش اليومي يتحدد وجوده الاجتماعي وفق تموقعين أساسيين : التموقع الأول هو موقع المتفرج على الما يحدث والمنفذ لما تم التخطيط له والمطبق لكل التراتيب التي نظمت هذا المحيط المادي والعلائقي دون دراية بالرهانات المستفيدة أو الأكثر استفادة . وقد يجد ذلك المواطن نفسه – إن صحت عليه هذه الصفة- في مآزق عديدة نظرا لعدم معرفته بما يجري حوله أو كذلك نظرا لتصادم حاجياته ومتطلباته من الحياة اليومية مع ما تم اقراره وتنفيذه عمليا ، فقد يجد المواطن نفسه عاطلا عن الشغل أو فاقدا له أو عاجزا عن استغلال موارده الخاصة المادية والرمزية ، وقد لا يجد فضاء يلبي تصريف ميولاته في قضاء الوقت الحر، وقد لا يستمع إلى المعلومات المحلية حول الأحداث التي تهم مدينته وقريته وحيه، وقد تطفو ظواهر اجتماعية سلبية بالقرب من سكناه فلا يجد وجهة للتعامل معها بما لا يضر بوجوه المادي والاجتماعي ، وقد تضطرب شؤون الخدمات الحيوية فتتعطل أشغال تعبيد الطريق اليومي الذي يمر منه أو أشغال الإنارة به أو خدمات التزويد المنتظم بالماء والكهرباء والغاز والربط بالانترنت، وقد تتعثر خدمات رفع القمامة وتصريف المياه المستعملة في الحالات الاعتيادية فضلا عن حالات الكوارث حيث يصبح محل إقامته مهددا باستمرار فيشعر بعدم الأمن والأمان فيظل متوترا باستمرار متحفزا إلى التنقل باستمرار باعتباره مطلبا ينشد ولا يدرك في إطار هذا النوع الأول من التموقع الاجتماعي.
أما إن كان هذا المواطن له قرين وله أبناء وله عائلة فإن الإرتباط بالواقع الاجتماعي المحلي يصبح شديد التشابك وعميق الترابط والتبادل وستضاف علاقات التربية ما قبل المدرسية والمدرسة والصحة الأساسية وسيظل المواطن بمواصفات التموقع الاول ملاحقا لتبعات تشكل الواقع الذي صيغ على مقاسات الآخرين فليس له إلا أن يكون تابعا مصطدما بالمفاجآت في كل حين يعمل على تعديل حياته باستمرار حتى تتلاءم مع الترتيبات المستحدثة فيخسر الوقت والمال. سيمتثل هذا المواطن لقانون السوق الأسبوعية في حيه بما يحتويه من فوضى تعمه وبالسرقات في المكاييل والموازين وغلاء الأثمان دون موجب وستعترضه الإنتصابات الفوضوية التي تتاجر بمواد غير مراقبة صحيا لأن أصحابها يخضعون لحماية خفية وخاصة بموجب تبادل الخدمات المصلحية بين الأطراف التي شكلت ذلك الواقع.
وليس خفيا القول بأن التجمع الدستوري الديمقراطي ممثلا في حضوره المحلي الحزبي والإداري والبلدي هو الذي كان الفاعل الأوحد في صياغة هذا الواقع وتشكيله لفائدته بامتياز من خلال شبكاته المتداخلة بن الحزب والدولة داخل الولايات والإدارات ولجان التنسيق والبلديات والمعتمديات والشعب والعمد وغيرها من الهياكل ذات الارتباط والتي هيأت لواقع الإقصاء ورتبت لرهانات الإنتهازيين والمتسلقين تحت عناوين مختلفة.
ولا يختلف المشهد الاقتصادي والتجاري المحلي عن هذا الارتهان بل هو في صميم رهان التجمع من القيادة الأحادية. فالأكشاك والمقاهي والمساحات العمومية التي تم التفويت فيها والامتيازات الخاصة التي تمتع بها البعض في التهرب من الجباية وإسقاط المراقبة البلدية أو الاستفادة من مشاريع وهمية، أو انجاز مشاريع غير ذات جدوى أو غير مطابقة للمواصفات الفنية ، وعمليات تحويل الأموال تحت عناوين مختلفة للقيام بشراءات غير متأكدة أو شراءات دون معايير الجودة من مزودين محددين لهم ولاءات مصلحية مع الفاعلين الذين صاغوا الواقع المحلي ، كل ذلك نتاجا لهذا الشكل من العلاقة التي انتهت باستغلال مقدرات الواقع المحلي وموارده لفائدة رهاناتهم الخاصة.
التموقع الثاني للمواطن في محيطه المحلي هو تموقع المشاركة في صياغة هذا الواقع تخطيطا وبرمجة وانجازا وتمثلا وتجسيدا وإخراجا وهو ما أسميه بالمواطنة . وتحقيق التموقع الثاني بعنوان المواطنة لن يتم إلا بإزاحة هذا التمكن السابق وإبعاد السيطرة المطلقة للتجمع الدستوري الديمقراطي وشبكته العلائقية المهيمنة لفسح المجال أمام التعبيرات الطبيعية للواقع المحلي والبحث عن التوازنات الاجتماعية النابعة من إرادة كل مكونات الواقع والجامعة له.
أما فكرة الإقصاء فقد تم طرحها بشكل غير واقعي في كثير من الأحيان وتلقفها الإعلام ليشتغل بها في أهم الواجهات السياسية بعد اعلان الهيأة العليا لحماية الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي عن المادة 15 المتعلقة بالترشح لعضوية المجلس التأسيسي. والمصطلح  » إقصاء  » يحمل في حد ذاته دلالات سلبية وشحنات تجمع عناصر انفعالية تنتهي بترجيح رفض الموضوع المضاف دون تمعن في الرابط المنطقي بينهما. وحين يستعمل المصطلح وسط مناخ علائقي متوتر فإن آثاره تكون أكثر وقعا وحدة وأكثر تجييشا للمشاعر والأحاسيس العدائية والصدامية.
وعبارة « إقصاء التجمعيين » تندرج وفق هذا التحليل لأن هذا التركيب اللفظي وما يصاحبه من معنى لا يستقيم بحسب الدلالات والسياقات الجديدة بعد الثورة التونسية التي تفرض قيما جديدة لتحقيق المواطنة بالتموقع الثاني الذي تم عرضه، ويمكن الاستدلال على ذلك من أوجه عديدة ومن أهمها:
1- إن التجمع الدستوري الديمقراطي كحزب سياسي تم حله بموجب حكم قضائي بات ونهائي بسبب مخالفة أنشطته للقانون وبالتالي لم يعد للتجمع أي اعتبار مادي أو معنوي أو قانوني أو على أرض الواقع بحيث أن الصفة التجمعية تسقط مباشرة عن الأفراد الذين كانوا يعملون تحت هذا المسمى وينتظر المجتمع من هؤلاء إما التبرأ من هذه الصفة والإعتذار للشعب عن الضرر الذي حصل أو التعنت والإصرار على حمل تلك الصفة وتحمل تبعاتها القانونية والجزائية تبعا لذلك. وفي الحالة الأولى فنحن نتحدث عن أفراد أو تشكلات جديدة لأفراد كانوا يحملون صفات تجمعية ونزعت منهم تلك الصفة بمقتضى القانون.
2- الوجه الثاني هو أن التجمع الدستوري الديمقراطي حين استحوذ على النشاط السياسي بالبلاد طيلة أكثر من خمسة عقود تحت مسميات عديدة، استطاع أن يشكل الواقع في صياغة خاصة ومن أهم خاصيات هذا التشكل هو تكوين رصيد مالي ومادي ورمزي لفائدة أفراده ولفائدة الأطراف المتعاونة معه. وهذا الرصيد هو مكسب متحقق لا ينمحي بمجرد انتزاع الصفة التجمعية عن الأفراد بل يظل قائما لأنه يتجسد في صورة مصالح وعلاقات وشبكات من الخدمات المتبادلة وأرصدة مادية ومالية تكونت ونمت بمقتضى الانتساب للتجمع ومن خلال نشاطه.
السؤال المطروح تبعا لذلك هو : كيف يمكن محاسبة التجمع الدستوري الديمقراطي على هذا الرصيد غير الشرعي بمقتضى سلوك الهيمنة والإقصاء الذي مارسه، والذي أقر الجميع اليوم بأنه كان سببا في تأخرنا السياسي وكان غطاء على عمليات النهب الممنهجة تجاه مقدرات الشعب والوطن؟ وكيف يمكن سحب هذا الرصيد غير الشرعي من أولئك الأفراد الذين استفادوا وأثروا في إطار هذه الوضعيات التي حاكها التجمع بمقتضى القانون؟( نحن هنا لم نتحدث عن بعد عن السرقات والتجاوزات المباشرة المخالفة للقانون بشكل صريح ، فتلك القضايا معلومة ويجب أن يحاسب فيها كل مخالف وأن يأخذ القانون مجراه تجاهها).
ويبدو أن تبعات هذا السؤال أخطر بكثير ،على أولئك الأفراد الذين يطالبون بالترشح، مما مورس تجاههم تحت عنوان الإقصاء . ونظرا لأن القضاء لا يستطيع في هذا الحيز الزمني المتاح توفير الإجابة الإجرائية على مثل هذه التبعات ، فإن الطبقة السياسية ارتأت أن يتحمل الفاعلون السياسيون في التجمع المسؤولية السياسية لأزمة الواقع وما لحق به، وأن يتم ابعاد هؤلاء بشكل مؤقت عن الفعل السياسي القيادي حتى يستعيد المشهد من المنافسة السياسية توازنه الطبيعي .
إن الأمثلة الميدانية على منطق هذا التحليل عديدة ويمكن أن نبرهن عليه من خلال مثالين اثنين مستمدان من التجربة الشخصية يؤكدان صدق نتائجها .
المثال الأول يتعلق بالحصول على خطط إدارية صلب الوظيفة العمومية ومؤسسات الدولة. وما هو معلوم أن إسناد تلك الخطط (رئيس مصلحة ، كاهية مدير، مدير، مدير عام …) يخضع إلى ملف إداري يستوجب الإحالة إلى وزارة الداخلية لإبداء الرأي الملزم بعد أن يمر بمصفاة أولى بموجب التراتب الإداري بدء بالرئيس المباشر وصولا إلى رئيس المؤسسة متمثلا في المدير العام أو في الوزير. وجميع هذه المستويات خضعت في تكونها لنفس آلية الترشح والتصفية وهي لن تعيد في تطورها إلا انتاج نفسها وإنتاج صورها ممثلة في المتماهين مع سياستهم ولونهم الحزبي في غالب الأحيان( راجع تدخلات الشعب المهنية بالمؤسسات الإدارية) . وعند وصول الملف الإداري إلى وزارة الداخلية تتقاطع المعلومات الاستخبارية والوشائية داخل المؤسسة وخارجها على المستوى الترابي وتنتهي بقرار من الصعب جدا أن يكون لصالح مواطن بمقتضى متطلبات الدور الاجتماعي للتموقع من الصنف الثاني الذي أشرنا إليه من قبل.( نحن هنا لا نتحدث عن عشرات الآلاف الذين أطردوا من الوظيفة العمومية بسبب لونهم السياسي المخالف فحسب بل وأيضا الذين بقوا داخل الإدارة دون لون سياسي). ولسنا في حاجة هنا إلى اثبات أن الحصول على مهمة إدارية أو ترأس إدارة مؤسسة كان يعتمد بالأساس على تزكية من التجمع الدستوري الديمقراطي الذي يهب النزاهة لمن يشاء وينزع الوطنية ممن يشاء بيده الحل والعقد وهو على ذلك قدير.
إن أكثر من خمسين سنة من العمل الإداري بالمؤسسات الرسمية في تونس وسط علاقة متينة بين الحزب والدولة سوف لن تنتج سوى شبكة من العلاقات النافذة في الإدارة التي استغلت وجودها بالتمتع بالترقيات وبالحصول على موارد لتوجيهها وجهات معينة لن تكون حتما بعيدة عن مصالح رهاناتهم ورهانات الدوائر التي ركزوها بفضل أدائهم وشبكة علاقاتهم. ولم تكن الكفاءة إن وجدت إلا العنوان الثاني بعد الولاء الحزبي مما أدى إلى تداعيات كثيرة السلبية على الإدارة وعلى تقزيم دورها في قيادة التنمية بالبلاد.
فكيف يمكننا اليوم استرداد الأموال التي تحصل عليها كل من تحمل مهمة إدارية أو ترأس إدارة عمومية على إثر تزكية التجمع في إطار غير تنافسي فيه اقصاء وتغيب فيه الكفاءة؟ وكيف تنتزع الموارد التي تمتع بها هؤلاء طيلة الفترة السابقة والموارد التي وفروها في إطار علاقاتهم القائمة على الولاء الحزبي والتي حرم منها من هو مخالف لها؟.
إن هذا النوع من المحاسبة رغم تشدده فإنه يعتبر الأقرب إلى إعطاء كل ذي حق حقه وهو المدخل الرئيسي لإعادة ترتيب البيت السياسي والثروة الوطنية على أساس تساوي الجميع في الفرص دون استثناء وبشكل شفاف.
ومن هذه الوجهة يبدو أن المطالبة بإبعاد الرموز والفاعلين الذين تحملوا مسؤولية بالتجمع الدستوري الديمقراطي من الترشح، لا يعتبر إقصاء من الحياة السياسية ، حيث لا تصح هذه العبارة سياقيا ودلاليا، بل هو تنظيم للحياة السياسية على أساس العدالة والمساواة والتوازن وإرجاع الحقوق إلى أصحابها، ويعتبر هذا التوجه أرقى أشكال المحاسبة لأنه لم يطالب بتلك الحقوق التي أثرناها وإنما تنازل عنها لفائدة المسؤولية السياسية وهو اجراء ، حسب رأيي، وقتي غير دائم إلى حد استرجاع التوازن الطبيعي للعلاقات الاجتماعية وتبعاتها المادية والرمزية.
المثال الثاني يتعلق بتشخيص وقائع على مستوى محلي ويتعلق باستيلاء شعبة للتجمع الدستوري الديمقراطي على مؤسسة شبابية بمنطقة خزندار من مدينة باردو. امتد هذا الإستيلاء على المقر المذكور دون وجه قانوني لمدة تفوق الثلاثين سنة والمقر هو عبارة عن امتداد لدار الشباب مساحته المغطاة تقدر 200 متر مربع كما يتوفر على مساحة خلفية مكشوفة بـ100 متر مربع وأخرى أمامية مساحتها 800متر مربع (القياس تقديري) تحتوي على حديقة واسعة وجميعها مسيج بسياج المؤسسة الأصلية التي هي دار الشباب.وتقع هذه البناية ككل في موقع استراتيجي هام يحاذي المعهد الثانوي بباردو ويقابله بشكل مباشر محطة للمترو الخفيف بحيث أن قيمة المتر المربع لا يتصور أن يقل عن 400 دينار (راجع صور الفيديو لهذه المؤسسة على الروابط التالية:http://www.dailymotion.com/video/xijfmz_mhk-publication4_news http://www.dailymotion.com/video/xijfve_mhk-production5_news http://www.dailymotion.com/video/xijfw6_mhk-production6_news http://www.dailymotion.com/video/xijfwo_mhk-production7_news).
فإذا أردنا المحاسبة المالية فما هي التعويضات التي تستوجب من الشعبة الترابية لفائدة دار الشباب وشباب المنطقة لفترة زمنية تفوق الثلاثين سنة؟ وإذا أضفنا إلى قيمة الاستغلال قيمة الخدمات الأخرى التي انتفعت بها الشعبة المذكورة دون دفع مقابل مثل معاليم استغلال الماء والكهرباء إضافة لاستغلال بعض الأثاث الذي يجلب من دار الشباب عند الاجتماعات فضلا على استغلال القاعة الكبرى في المناسبات السياسية التعبوية وهي ليست بالقليلة، فإن محصلة المحاسبة ستكون كبيرة جدا.
أما الأضرار الأخرى الجانبية التي حصلت نتيجة هذا التواجد غير القانوني والنزعة التسلطية للحزب الواحد على الدولة والمجتمع، فيمكن ملامستها على مستوى رواد المؤسسة الشبابية والأنشطة والبرمجة وتأثير ذلك على نسبة الإقبال والتردد على المؤسسة الشبابية وتأثيره أيضا على الحياة الشبابية بالجهة ككل، وهو ضرر أقره كل العاملين في قطاع الشباب المنشطين منهم والمديرين والمتفقدين على السواء ولم تتم الاستجابة له بأي شكل من الأشكال رغم أن هذه الحالة لها ما يماثلها في أغلب الولايات بالبلاد التونسية.
إن المحاسبة بهذا الشكل ستكون عسيرة على كل من اشتغل بهذه الشعبة وعقد فيها اجتماعا حزبيا وعلى كل من سهر بداخلها الليالي من « الشرفاء » و » رجال اليقظة » من أجل المراقبة وكتابة التقارير والوشاية وتعطيل حركة الشباب وضرب حرية التعبير والإنتاج الفني والابداع.
لقد أحرق شباب الثورة كل مراكز التجمع الدستوري الديمقراطي تقريبا وتعاظم الغضب الشعبي ضد المقر المركزي له بتونس وتشكل رأي عام ثوري يقطع مع هذه التركة التاريخية لأنها دائرة الحمى الأولى التي أمنت للفاعلين سلب مقدرات البلاد ونهبها وتهميش فئاتها اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.
ألا يحق بعد هذا أن يعتذر أولئك على أقوالهم وأفعالهم وأن يتراجعوا ولوا في هذه الفترة الانتقالية المهمة على درب صناعة الحرية والديمقراطية؟ أليس من الحياء السياسي أن يتراجعوا عن المطالبة بالقيادة السياسية بعد كل ما جرى وتم الكشف عنه؟ أليس من المخاطرة أن يستعيدوا الظهور في هذه المرحلة خشية أن تقع مطالبتهم بمحاكمة شعبية ؟ ألا تعتبر عودتهم للنشاط المحلي البلدي بالمجالس البلدية التي أقرها بعض الولاة ( ومنهم والي تونس : بلدية باردو) استفزازا للمواطنين وارباكا للديمقراطية المحلية الناشئة؟ ألا تعتبر مشاركتهم توظيفا لمكاسب غير مشروعة والدخول إلى اللعبة الديمقراطية من باب المسك بأطرافها وبخيوطها الأساسية وهو ما تفتقده الأطراف الأخرى نتيجة اقصائها المستمر سابقا؟
لا تزال إدارة الحكومة المؤقتة تبادر بممارسات مربكة للمسار الديمقراطي الذي نادت به جميع القوى بالبلاد، ولا تزال تتجاهل إصلاح الواقع المحلي بشكل جذري من خلال هيمنة المركز وإصدار قرارات تسلب المحلي قدرته على إدارة شؤونه مثل قرارات وزارة التربية ووزارة الثقافة والشؤون الدينية، فلا يعقل مثلا أن يتم تنصيب مجالس بلدية دون العودة إلى التشكلات الجديدة الناشة على إثر الثورة، ومنها المجالس المحلية للثورة. فعدم وجود شرعية الانتخاب لا يبرر مطلقا اللجوء إلى التنصيب لأنها ممارسة لم يعد الواقع المحلي يستوعبها ولا يسمح بوجودها. وتؤكد ملاحظاتي الميدانية أن المجالس المحلية للثورة تشكلت برغبة من فاعلين جدد كانوا مهمشين وتم تطوير رآهم في المشاركة المحلية على إثر حوارات ونقاشات وأغلبهم انتهى إلى إقرار صيغ توافقية في انتظار أن تقول صناديق الإقتراع كلمتها. فلا أحد منهم على حد علمي يقر بالشرعية ولكنهم جميعا توحدوا على ضرورة المشاركة بالتوافق الذي يجمع أطرافا مختلفة المشارب ومنهم المستقلين والكفاءات المحلية التي قد تدفع إلى تطوير الواقع المحلي بامتياز.  
إن الاستفزاز يولد ردود الأفعال وهو ما حدث فعلا من خلال اللقاء الذي أعدته قوى المجالس المحلية للثورة أمام المسرح البلدي بتاريخ 24 أفريل 2011 مطالبين بإلغاء القائمات المنصبة وإبعاد رموز التجمع منها. فلماذا يتم التغاضي عن هذه المطالب بالرغم أنها المدخل الطبيعي لتطوير حياة المواطنة؟ لماذا يوهم والي تونس مثلا بأنه متفهم لهذه المبادرات ومستعد لقبولها بينما يفاجئ الجميع بقائمة لم يستشر فيها أي أحد من التشكلات الجديدة المحلية؟ هل ينتظر الوالي أن يحظى أولئك المنصبون بترحاب محلي؟ النتائج تؤكد عكس ذلك لأن المواطنين أنتجوا أشكالا للدفاع عن حقهم في المشاركة ولو كانت مؤقتة، وهو ما حصل فعليا بمدينة باردو كما تظهره الصور المعروضة التالية: لقد وضع الوالي بتصرفه اللامسؤول هذا، المدينة في مسار تصادمي وخلق أزمات إضافية على مستوى العلاقات داخل الواقع المحلي وأربك النشاط الإداري نفسه لأن معتمد جهة باردو اختفى من مقره بالمعتمدية على اثر قيام الاحتجاجات المطالبة برحيل بقايا التجمع ونادى الجميع بـ » بلدية مستقلة والتجمع على برة » كما نادوا بضرورة احترام حق المواطنة في المشاركة المحلية عن طريق ممارسات ديمقراطية فيها قدر من التوافق على الأقل في هذه الفترة الانتقالية الحرجة. ثم تترك بعدها الكلمة للشرعية التي تفرزها صناديق الاقتراع.
يبدو أن الشبكات الجديدة التي لا ترى لها مصلحة في الإستقرار، أو الشبكات التي وجدت مصالحها في إطار الفوضى ، أو الشبكات القديمة الماسكة بدواليب الحياة المحلية، لم يقع تفكيكها بعد إثر الثورة، وأثناء المسارات الحالية، وقد عانت البلاد كثيرا هذه الأيام وما قبلها من الممارسات المحلية التي تخلق بؤر توتر كبيرة على المستوى الأمني والاجتماعي وليس من المستبعد كثيرا أن تكون تلك الشبكات هي التي تدفع بشكل أو بآخر لتأجيج الخلافات وتغذيتها والرفع من حدتها في سياق ما توفر من حرية وغياب الدولة والسلط الشرعية المرجعية. ومثال ذلك إضرابات أعوان البلديات المتكررة في المناطق الحضرية. والمعلوم لدى الجميع أن المجالس البلدية يسيطر عليها التجمع منذ عقود ، ودون الدخول في شرعية المطالب التي ينادي بها أعوان البلدية وحقوقهم المشروعة في الأجر المحترم والترسيم، فإن عدم إزالة الفضلات ورفعها سبب خللا جوهريا بالحياة المدنية إضافة إلى مخلفات ذلك من الناحية الصحية المباشرة الآنية والآجلة التي خلقت بيئة حاضنة لانتشار الحشرات والأوبئة مع ارتفاع الحرارة وقدوم فصل الصيف. فكيف يصر هؤلاء على تحقيق مطالب بشكل متواصل ومفتوح في إطار هذه المرحلة الانتقالية مهددين بذلك الأمن الصحي للمواطن ورافعين سقف الفوضى والذعر العام إلى مستوى نوعي آخر.  
أما إضرابات أعوان الأمن وأعوان السجون والإصلاح فهي الكارثة النوعية الأخرى التي ليس فيها أي منطق وطني. لقد كان أعوان الأمن هم أول المستفيدين من الثورة من خلال الترفيع في أجورهم اعترافا من الدولة و من المجتمع بأهمية دور الأمن في البلاد في حفظ الحياة ومقوماتها ، إلا أن الابتعاد عن مراكز العمل وعدم التفطن إلى أهمية الرفع من الدرجة الأمنية في حراسة المؤسسات السجنية يطرح تساؤلات كثيرة حول تلك الممارسات خاصة إذا كانت تتم في أوقات متقاربة .
إن نتائج هذه الممارسات وتلك التي أشرنا إليها سابقا تؤدي بالضرورة إلى مزيد نشر الفوضى بالبلاد وتجعلنا نرجح الفكرة التي أشار إليه القاضي فرحات الراجحي من وجود صف خفي يدير شؤون البلاد ويدفعها في إطار مسارات مضادة لأهداف الثورة وخاصة منها تلك التي تكبل الواقع المحلي وتشدد على مواصلة الشبكات القديمة مسكها للواقع وعدم السماح بالتفريط فيه بأي شكل من الأشكال حتى وإن أدى ذلك إلى حمامات من الدم حسب تعبير بعضهم. وقد أشرنا في تحليل سابق (http://khadhraoui.blog4ever.com/blog/article-462502.html) إلى أنه كلما وجد عدم وضوح في المشروع السياسي إلا وانفجرت بؤر الغضب في أشكال عديدة وهو ما حدث فعليا على إثر تصريحات فرحات الراجحي في بداية الأسبوع الأول من شهر ماي الجاري. ولم يكن الراجحي سوى المعبر الصادق عما يجري من حيرة داخلية بين الفئات الاجتماعية. إن مرحلة ما بعد الثورة في تونس خضعت إلى انفجارات متعددة الأقطاب لم تعد الآليات السياسية القديمة قادرة على مواكبتها وفهمها واستيعابها كما أن الخطابات الجوفاء التي لا تحمل أثرا ملموسا لم تعد تلبي الاحتياجات لمرحلة ما بعد 14 جانفي، وإن كان لا بد لأي مشروع يريد الاستقرار والتقدم في تحقيق أهداف الثورة فلا بد أن يكون فيه البعد المحلي حاضرا ومقوما لأي خطاب أو فعل سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي في إطار بناء مواطنة الوفاق تكون فاعلة ومسؤولة عن محيطها صانعة لأقدارها بإرادتها، دون أياد خفية تحركها، و يجد فيها الجميع موقعا ودورا.
 

بسم الله الرحمن الرحيم، لقد قمنا بثورة تاريخية و يجب انجاحها

كلما فتحت الفيسبوك و تصفحت لاحظت أشياء تفرحني و أشياء أكثر منها تحزنني. لقد قامت الثورة لنسير إلى الأمام. يقول أكثر التونسيون الذين ينشطون على الأنترنت ويمرون في بعض القنوات التلفزية أن كل هذا راجع إلى الوزير الأول المؤقت و إلى الحكومة المؤقتة. و إن كنت لا أنفي و أقول بعكس ذلك، فانني أرى أنه المسؤل الأول عن نجاح أو عدم نجاح هذه الثورة هو الشعب. أنا متأكد انني سوف ألقى كثير من الانتقادات و سوف يهاجمونني كثيراً. و لكنني أردت أن انقل وجهة نظر لعلها تكون خيراً للبعض. قامت الثورة في تونس وكنت كلها عفوية و بدون تأطير و هذا ما جعلها تكسب إحتراما كثيراً من الناس في الداخل و الخارج و حتى رؤساء الدول اللات يقولون عنها عظمى ولو انني أرى في عظمتها ليست بمعجزة وبامكننا أن نكون مثلهم يوم ما وأرجو أن يكون قريب ونكون حتى أحسن منهم. كنت ثورتنا جميلةً لأنها انطلقت بفتيل القهر و الظلم و الاستبداد المحرمين في كل الشرائع السماوية و الوضعية. ساهم في هذه الثورة المسكين و العاطل عن العمل و المرأة و الرجل و الطفل و هذا ما زادها جمالاً. و لكن من واجبنا أن نحافظ عليها و نطورها و نسعى إلى أن تحقق اهدافها المنشودة التي ضحى من أجلها مجموعة من الشباب الأحرار. لن اتحدث عن أحداث التي وقعت خلال وبعد الثورة وانما سوف أحكي على ما يجب أن نفعله وما كان يجب أن نفعله. كلنا يمكن أن يحلل الوضع و ينقد و لكن ليس كلنا بامكانه أن يصلح و يبني و يساهم في البناء. لقد كنت من أول المنادين بإيجاد هيكلة صحيحة وفورية في تونس تحمي الثورة و تحافظ عليها. صحيح أنه لم يكن الظرف ملائم و مناسب للتخطيط و التفكير في أول أيام ما بعد الثورة ولكن كنت انتظر من المثقفين و الملمين بالوضع أن يكون لهم شأنٌ كبير في إدارة شؤون الدولة و أخص بالذكر رجال القانون بما في ذلك القضاة و المحامين لعلمهم أكثر من غيرهم بأوضاع البلاد (الكلمة التي القاها محمد أبو، عبد الناصر العيوني و الهادي العيادي وعميد المحامين… خير دليل على ذلك). فترك الشباب بدون تأطير مهمش في الشارع لا يزيد الوضع إلا سوءًا. هذا يا يقلل من شأن شباب تونس الأعزاء الذين برهنوا للعالم كله اننا احرار و لا نقبل الذل يجب أن نكافئه بتحقيق أهداف هذه الثورة و مساعدته على التقدمي نحو الامام. لقد كنت في تونس بين 11 و 28 ديسمبر 2010, أيام و عايشت وعي و تحضر الشعب التونسي وخاصة الشباب. و كنت انصح و حتى قبل هروب بن علي بوجوب قيام الفئة العمرية المتقدمة المتمثلة في اباءنا و أمهاتنا بدورها في التحول و تأطير الثورة نحو المسار الصحيح. و لكن للاسف هذا لم يحصل حتى بعد الثورة. كما في كل ثورة حصلت كان يجب علينا أن نمسك بالمؤسسات و نؤطرها وخاصةً بعد حل البرلمان و توقيف العمل بالدستور. فبموجب هاتين الحادثتين أصبحت الحكومة فاقدة للشرعية من باب القانون لأنها ليست حكومة منتخبة من الشعب و لكن الوضع هو الذي الزمني بقبول بحكومة مؤقتة. فبسقوط الشرعية عن الحكومة يصبح الشعب هو الوحيد الذي يملك الشرعية. و لكن للاسف فهمت هذه الشرعية خطأ و أصبح كل فرد يمتلك الشرعية. شرعية الشعب هي من شرعية الفرد ولكن العكس ليس صحيح. أي أنه إذا قرر الشعب أو إتفق على شيء ما ففي غالبه سيكون قرار صحيح لأن شرعيته مستمدة من الشعب أما إذا كان القرار نابع عن قرار فردي فهو لا يلزم عامة الشعب. كلنا أو معظمنا يعرف أنه هناك أشخاص يديرون الحكومة أو لنقل لديهم تأثير كبير على قرارات الحكومة المؤقتة. و لكن هذا الشيء لا يمنع المواطنين أو الشعب أن يحد من هذا النفوذ و يقلصه. قد يسأل البعض كيف لنا أن نقوم بهذا و الوزير الأول يحكم البلاد وحده ولا يشركنا فالقرارات. لا أنفي هذا و لكن لا يجب أن نطلب من شخص أكثر من طاقته. معضم التونسيين يعرفون من هو السبسي وما تاريخه ولذلك لا نكلفه أكثر مما يستطيع أن يفعل وخاصة أنه فقد لشرعية. سوف تقولون إذا كان فقد لشرعية فلماذا لا يغادر. كنت قد ناديت بتأسيس لجان شعبية محلية في كل عمادة أو قرية تكون منتخبة بطريقة عفوية و سريعة و وقتية تمثل القرية أو الجهة بصفة وقتية و بذلك تنتخب المجموعة المنتخبة رئيس دائرة (معتمد) و ينتخبوا رؤساء الداوئر الوالي أو ممثل الولاية و ذلك حتى نصل إلى الانتخابات. بهذه الطريقة من السهل أن يصل الشعب صوته و مطالبه للحكومة المؤقتة و تراقبها في نفس الوقت. لو قمنا بإنتخاب هذه اللجان و فرضنا على الحكومة أن تسمع أشعب و تلبي مطالبه. أما عن محاكمة رموز الفساد فهذا الشيء لا يتم إلي بمساعدة الشعب. لقد قال الوزير الأول و من قبله الراجحي أمه ليس هناك قناصة. هذا لا يعني أنه ليس هناك من يمتهن القنص و انما الذين قتلوا المتظاهرين خلال الثورة انما هم عناصر من الأمن و بعظهم أتى لمساعدة الرئيس الهارب كمرتزقة و لكنه دخل تونس بتأشيرة سياحية (لم يرد اثبته من طرف الحكومة و الجهات المختصة و لكنه متداول و معروف و ما نراه في ليبيا وسورية ببعد). فرموز الفساد تتكون من رجال أعمال استغلوا قربهم وصداقتهم من عائلة « السراق » وبن علي نفسه و منخرطين أو مشاركين فالفساد و رجال أمن ورجال مخابرات وصلوا على حساب رقاب العباد وفي هذه المجموعة هناك القناصة و رؤساء شعب و عمد و مخبرين. إذ أنه ليس من الصواب أن نقلل من شأن رؤساء الشعب و المخبرين بل انهم اخطر في نظري من رجال الأعمال و المسؤولين الكبار. فإن لم يخبر هذا المخبر لما وصلت الداخلية أو غيرها للمواطنين. و قد كنت من أشد المعارضين لمسامحة أو التغطية على « القوادة » المخبرين حتى في الجهات الداخلية (القرى و المدن الصغيرة). لقد رأينا من أين كان يأتي المتظاهرين الذين يريدون أن يعارضوا حل حزب التجمع. و قد سررت كثيراً عندما قام أبناء الرقاب وبعض المناطق الاخرى من منع « القوادة » من الذهاب إلى تونس العاصمة للتظاهر. فإن كانت كل قرية أو مدينة يحمون المخبرين أو يعلنون عن اسمائهم فكيف لسبسي أو غيره أن يحاكمهم. من هذا الباب أقول إن الشعب متواطئ في مسألة محاكمة رموز الفساد. أنا لا ادعو لتعنيف المخبرين أو « القوادة » وانما الاعلان عن اسمائهم وتقديم شكايات في صددهم ونترك القضاء يأخذ مجراه. وقد ذهلت من ضعف الدور الذي قام به رجال القانون و المحامين و القانون. كان من المفروض أن يكون الحكومة المؤقتة وليس سبسي أو غيره. لو كان موقفهم قوي و كسبوا دعم الشعب و ثقته واثبتوا قدرتهم على تحمل المسؤولية لسار الشعب و راءهم مهللين. و لكنني عندما رأيت كيف كان المحامين يصيحون و يسبون و يصعدون فوق الطويلة في المحاكم أحسست بالحزن. يجب على المحامي أن يكون في مستوى القيادة و الريادة لينهوا هو الذي يجري وراء حقوق الناس. أما عن الذي القيام به في الوقت الحالي فهذا ليس بسهل أن نحدده. و لكن من المؤكد أنه ليس من مصلحة أحد أن نأجل موعد الانتخابات للأسباب التالية. وجود حكومة لا شرعية لها مثل الحكومة المؤقتة لا يساعد لا تونس و لا الشعب في كل المجلات بدون إستثناء. عدم إعطاء فرصة للاطراف المشاركة في التخريب و اقتيادنا إلى حمامات الدم كما صرح البعض على بعض القنوات التلفزية. قطع الطريق أمام احزاب الردة التي تنقسم إلى قسمين: احزاب كنت تعيش على مساعدات بن علي و احزاب ليس لها مستقب في تونس العربية المسلمة. ليس من مصلحة تونس أن يكون سبسي و حكومته على رأس الحكومة المؤقتة ولكن هذا لن يكون أحسن من أن نغير سبسي بمستيري أو غيره. ثمة إنه إن غيرنا هذه الحكومة بحكومة جديدة لا يرضى كافة الشعب و سوف نشغل أنفسنا بتغيير الحكومات بينما هناك من ينهب ويحارب الأموال إلى الخارج و الهاربين لم نتقدم و لو قليلاً في موضوع بن علي و لا طرابلسية. يجب أن نسرع في إجراء الانتخابات و لكن من المؤكد يجب علينا أن نراقب الحكومة المؤقتة ولكن بطرق حظارية و عملية. كفانا كلاماً ودعنا نعمل. يجب أن لا نعطي المخربين والانتهازيين فرصة لعيستغلل دم شهدائنا وتشويه ثورتنا. و ختاماً لقد قمنا بثورة تاريخية و يجب انجاحها. لنا فرصة أن نسجل اسماءنا في التاريخ فلا تضيعوا هذه الفرصة. وكلنا مسؤول عن أفعاله. السلام عليكم نوفل بوزياني

القطاع السياحي بالبلاد التونسية: الواقع و التحدّيات (1-2)

إنّ أيّة خطط وطنية تنمية سوف تصاغ في المستقبل القريب يتوجّب أن تأخذ بالاعتبار أهمية الوظائف الاجتماعية والاقتصاديّة لنشاط السياحة. وسيتعذر على كافة القوى التعاطي مع ملفّ السياحة بالقفز والتعال في بلد تحوّل إلى ثالث وجهة سياحية في إفريقيا وسابعها في حوض المتوسّط. وبالنّظر إلى مكانة هذا القطاع الذي بات يساهم بنسبة 18 % في النّاتج الدّاخلي الخام في الوقت الرّاهن. علما و أنّ إمكانياتنا في هذا المجال لاتزال واعدة و غير مستغلّة نظرا إلى أنّنا إلى حدّ الآن لا نستقبل سوى 1 % من أدفاق السياح العالميين ولا تتخطّى حصّتنا من السّوق الأوروبيّة الـ2 %. ولئن عدّت بلادنا الوجهة رقم 34 على الصعيد العالمي فهذا قليل أمام غنى المشهد الطبيعي وتنوّعه وعراقة الحضارة بالبلاد. فطاقة الإيواء لا تزال محدودة قياسا بالوجهات المنافسة، ففي جزر الكناري (ليس أكثر من 7300 كم 2 إجمالي مساحتها) تضمّ ما يزيد عن 500.000 سرير سياحي، ضعف ما يتوفّر في تونس رغم كون الأخيرة تعادل مساحتها 23 مرّة أكبر في المساحة من الجزر المذكورة. علاوة عن ذلك وبالتّوازي مع تنامي طاقة الإيواء السّياحي إذ يتجاوز عدد الأسرّة السياحيّة الـ240 ألف سرير وتطوّر عدد الوافدين بما يزيد عن 100 مرّة بين 1962 و2010، ليتخطّى عتبة الـ7 مليون سائح قضّوا ما يزيد عن 40 مليون ليلة سياحية، تحوّلت السياحة إلى أبرز مصادر الدّخل الخارجي بالعملات الصّعبة. وقد مكّنت العائدات السياحية المقدّرة بزهاء 1,5 مليار دولار سنويّا من إنماء احتياطي الصّرف المودع في خزائن البنوك الوطنية والذي يكتسب قيمة إستراتيجية بالغة لأنّه يضمن التزوّد بشتّى المواد والخدمات المجلوبة من الخارج، لذا لا غرابة أن تمكّن إيرادات السياحة من تغطية 70 % من قيمة عجز الميزان التّجاري. كما تدعّم الدّور التّشغيلي للسياحة عبر السّنين ، فـ 427.000 نشيط مشتغل يعمل بشكل مباشر في الفنادق أو بشكل غير مباشر في مهن وأنشطة متينة الصّلة بالسياحة كالحرف المنتجة والبناء والتّجارة والنّقل… ومن المعلوم أنّ القطاع السياحي يتزوّد بالجانب الأكبر من احتياجاته من السّوق الدّاخلية فيم يتعلّق بالمواد الاستهلاكية و الأثاث بنسبة تتراوح بين 90 و 95 %. و في المحصّلة النّهائية أضحت السياحة مصدر رزق لأكثر من 15 % من الأسر التونسية. و على المستوى الجهوي تضطلع السياحة بدور لا يستهان به في تحريك الاقتصاد الجهوي في أقاليم عرفت بمحدوديّة مواردها كطبرقة وجزر قرقنة والمنستير وجربة، وتقوم كذلك بتنويع اقتصاد بعض الجهات التي عرفت بتخصّصها المفرط مثل منطقة نابل والحمامات والواحات الصّحراويّة. كما مكّنت السياحة من تطوير بعض التّجهيزات في بعض الجهات كجربة والحمّامات وسوسة الشمالية حيث ساعدت على مدّ شبكة الطرقات و الكهرباء والهاتف والماء كما كانت السبب الرئيسي في تغيير المشهد الجغرافي في بعض الجهات. لقد غدا القطاع السياحي في ظلّ ظروف تونس الحالية  » قطاعا لامفرّ منه » un secteur incontournable ولابدّ لكلّ من ينادي بالعدول عن القطاع السياحي أن يقترح حلا بديلا لمشكل العملة الصعبة »(1) و أيضا لمعضلة التّشغيل، ففي بلد من المرجّح أن يرتقي عدد العاطلين عن العمل إلى 700.000 و بنسبة 19 % من السكان النشيطين- سابقة في تاريخ تونس المعاصرة- (2) من المفترض تكاتف الجهود لاستحداث أكثر ما يمكن من فرص عمل في السياحة وفي غيرها لامتصاص البطالة بعيدا عن المهاترات السياسية والتعويم الإيديولوجي .. نقول هذا مع إدراكنا التام لمواطن ضعف وهشاشة هذا القطاع ومع وعينا بانعكاساته السلبية على المحيط المجاور. نقائصه هيكليّة يجب تداركها المنتوج السياحي التونسي قليل التنوع، فالسياحة الشّاطئية بالمناطق الساحلية حيث نشأت المناطق السياحية الرئيسية تستوعب ما يزيد عن 90 % من طاقة الإيواء المتوفّرة بكامل لبلاد. ومن نتائج التخصص المفرط انخرام التوازن بين مختلف المواسم إذ تبلغ قدرة النشاط السياحي على التشغيل وعلى توفير المداخيل حدّها الأعلى خلال الأشهر الدّافئة. تنعكس موسمية النشاط السياحي على مستوى تشغيل الوحدات الفندقية فيتراجع مؤشّر طاقة التّعبئة على الصّعيد الوطني إلى أقلّ من 50 % بمعنى أنّ كلّ سرير سياحي لا يشتغل في المتوسّط سوى 180 يوما في السنة لا أكثر. وإنّ « سوحلة » النشاط السياحي –المفضي إلى مزيد تعميق ظاهرة التباينات الإقليمية التي يخشى تفاقمها- وضع يمكن تداركه بواسطة تنويع أكبر للمنتوج السياحي قصد التقليل من الاعتماد المفرط على منتوج أحادي « شمس و بحر »، عبر دعم سياحة الاصطياف الجبلي بالشمال الغربي والقصرين والسياحة الايكولوجية والسياحة الصّحراويّة.. فمن الممكن تسويق الصحراء كمنتوج سياحي ويمكن في هذا الإطار الانتفاع من الآثار الايجابية التي انطبعت في الأذهان عن المشاهد الطبيعية التي صوّرت فيها أفلام سينمائية خالدة على غرار « حرب النّجوم » أو « المريض الانكليزي ». و لم لا فتح مسالك سياحية جديدة في اتّجاه المعالم الدينية التي تزخر بها بلادنا في المدن العربية-الإسلامية لتونس والقيروان و قابس و غيرها، خصوصا وأنّ شهر رمضان المعظّم يتزامن خلال السنوات القادمة مع ذروة الموسم السياحي أي الصيف، و خصوصا أيضا مع الآفاق الواعدة التي انفتحت خلال السنوات الأخيرة للسوق الجزائرية –حيث زار البلاد السنة الفارطة 1,2 مليون وافد بلغ مجموع ما أنفقته كلّ عائلة جزائريّة قرابة 500 دولار. والسياحة الدينية يمكن أن تقطع مع منتوج يتنافى والانتماء الحضاري الأصيل لشعبنا، و قد سعى العهد البائد بشكل دؤوب إلى ترويجه « السياحة الجنسية » فقد صرّح محمد جغام حين كان وزيرا للسياحة في عهد بن علي لصحيفة انكليزية بأنّ تونس بلد الـ »four S » : sea(بحر) وsun(شمس) وsand(رمل).. وقال مازحا « أراهن على ذكائك لمعرفة الأخيرة »، وكان يقصد sex(جنس). وقد أشارت « لومند ديبلوماتيك » في عددها الصادر في أوت 2006 في معرض حديثها عن خارطة السياحة الجنسية في العالم أنّ روّاد المتعة من أوروبا وأمريكا يفضلّون تونس والمغرب نتيجة انتشارالبغاء و دور الخناء. ولنا في السياحة الاستشفائية خير دليل على ظاهرة التنويع، فقد استقبلت البلاد 68.000 حريف أجنبي(سنة 2006) من الذين تردّدوا على المصحّات الخاصّة وفي عدد من الاختصاصات كجراحة القلب و الشرايين و تقويم الأعضاء وأمراض الكلى والعيون وجراحة التجميل. وقد أمكن لوكالات الأسفار و شركات السياحة أن تدمج العلاج الطبي المقدّم للوافدين فباتت تضمّ العمليات الجراحية والإقامة بالمصحّات واستعمال المنتجات الصيدلانية والأدوية وخدمات ما بعد العمليات الجراحية وأيضا تذاكر السّفر والإقامة بالفندق المرغوب فيه.(3) السّوق السياحيّة التونسية بدورها قليلة التنوع، فأكثر من 80 % من السياح الوافدين ينتمون إلى بعض البلدان الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا. وهذه وضعيّة تعكس واقع التبعيّة الخطيرة للسياحة التونسية التي تبقى متأثّرة بتغيّرات الظّرف الاقتصادي والاجتماعي السّائد في أوروبا الغربيّة. الارتباط التبعي لسياحتنا يبدو من خلال كذلك أهميّة الاستثمارات الأجنبية للسّلاسل الفندقيّة الكبرى والتحكّم شبه المطلق لوكالات الأسفار العالمية في المنتوج السياحي التونسي بنسبة 90 %، وفرضها للأسعار التي تراها مناسبة واقتطاعها لحصّة لا تقلّ عن 25 % من سعر البيع أو أكثر. لذا وجب التخطيط الجدّي لاكتساب أسواق جديدة في آسيا والخليج العربي وأوروبا الشرقية والأمريكيتين. والاستفادة من الأثر الطيب لتونس الثورة والتّعاطف والرغبة في الاستكشاف التي أبدتها قطاعات عريضة من الجمهور والرأي العام العالمي لبلد صغير الحجم أطاح بأعتى الديكتاتوريات في المنطقة. و لابدّ من إيلاء السياحة الداخلية الأهمية التي تستحقّ التي تبقى عند أدنى حدود الإقبال إذ لا يستهلك المقيمون بالبلاد سوى 7% من مجموع الخدمات المقدّمة في القطاع، وذلك عبر تفعيل الإقامات الجماعية المنظمة التي تراعي الطاقة الاستهلاكية للمواطن التونسي و عبر نشر دور الإقامة العائلية (Pensions de famille). 1)حافظ ستهم، القطاع السياحي في تونس – مقتبس من مؤلف جماعي  » القطاع السياحي في تونس » دار سراس للنّشرتونس افريل 1993 ص23 2) الحسين بن عيسى « أي منوال للتنمية بتونس بعد الثورة؟ » دراسة نشرت في موقع nahdha.info بتاريخ 22 أفريل 2011 3) Jeune Afrique numéro 20-26 mai 2007  
(المصدر: جريدة الفجر لسان حال حزب حركة النهضة (أسبوعيىة-تونس) عدد 5 يتاريخ الجمعة 6 ماي 2011)  


ذكرى مجزرة 8 ماي 1945 في الجزائر يوم عالمي للحرية ؟

عبد العزيز التميمي لئن اتفق العالم على تخصيص الأول من ماي من كل عام ليصبح موعدا للاحتفال بحلول الذكرى العالمية للأحداث المتصلة بقضية هايماركت عام 1886. فإن يوم 8 ماي يذكّر بالمجزرة التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي بالجزائر سنة 1945 وأصبحت منطلقا ملحميا لتأسيس ثورة التحرير الجزائرية.
ولو تم رصد جميع الأحداث الكبرى التي حصلت في شهر ماي لأصبح دهرا لذاكرة الشعوب وخبــراتها. فمن يوم العمال العالمي إلى ذكرى سنوات الجمر لحرب التحرير الجزائرية، بعبارة المنتج والمخرج السينمائي الجزائري المعروف محمد لخضر حامينا. وحرب التحرير الجزائرية ما هي إلا فصل من فصول حركة التحرير العربية والمغاربية التي تمثل العمق الاجتماعي الثقافي والسياسي للمصير العربي والمغاربي الوحدوي المشترك.
ففي الثامن من ماي من سنة 1945 اقترف الاستعمار الفرنسي جريمته النكراء في حق جزائريين لم يكن يحسبهم من الآدميين. جريمة تعالت أصوات ضحاياها شاهدة في التاريخ على ما اقترفه السادة المتحضرون باسم المدنية من مجزرة سجلت كجريمة ضد الإنسانية، وسماها العديد من المؤرخين هولوكستا فرنسيا.
كانت اللحظة فاصلة، حين وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، وهزم المحور النازي والفاشي أمام الحلفاء الاستعماريين. تجمعت جماهير الشعب الجزائري أطفالا ورجالا ونساء بالساحات العامة للاحتفال بهزيمة النازيين أمام الحلفاء وانتهاء الحرب باعتبارها مقدمة لتحررهم من المستعمر الفرنسي بعد أن ذاقت فرنسا ويلات الحرب والاستعمار النازي على يد حكومة (فيشي ) التي أعلنها الماريشال فيليب بيتان في جويلية 1940 لتنتهي في سبتمبر من سنة 1944م. امتلأت الساحات العامة في الجزائر بالجماهير الشعبية في مسيرات سلمية حولتها فرنسا جريمة نكراء في حق النساء والرجال والأطفال العزل حيث قوبلت المظاهرات السلمية بالرصاص الحي للجيش والجندرمة الفرنسية في صدور الأبرياء الذين تطلعوا طويلا على امتداد أكثر من قرن إلى الانعتاق والحرية فكان جزاؤهم لئيما وأليما، تمثل في استشهاد أكثر من 45 ألف وطني مكافح، جندلهم رصاص الاحتلال الاحتلال في شوارع سطيف وأفران الجير بهليوبوليس، وقالمة وخراطة وقسنطينة، وانتهكت قرى عديدة في شرق البلاد وغربها وشمالها وجنوبها.
ولكن تلك المجزرة التي فضحت آنئذ فاشية المستعمر مثلت بداية النهاية لسقوطه وانسحابه من الجزائر المجاهدة وبات الاستقلال الجزائري أفقا تراه العين. فقد كان انتصار الحلفاء يعني خروج فرنسا من الأرض الجزائرية بعد احتلال دام أكثر من قرن. وقد تتالت أجيال المقاومين من الأمير عبد القادر الجزائري إلى جمعية العلماء إلى بوعمامة إلى حزب الشعب ومصالي الحاج، إلى جبهة التحرير الوطني وأحمد بن بلا ورفاقه.
كم كان المستعمرون واهمين حين اعتقدوا أنهم بوحشيتهم سيتمكنون من إجهاض الحرية ولو إلى حين· إلا أن مجازر 8 ماي كانت المقدمة الميدانية والروحية للثورة التحريرية التي فجرها الشعب الجزائري في فاتح نوفمبر من سنة 1954. وكانت الثورة التي حررت الجزائريين وسجلت تاريخا من البطولات التي لازال يراكمها العرب والمغاربيون عساها تفتح على أفق لوحدتهم الوطنية الشعبية والديمقراطية بمرجعياتها الإسلامية ومساراتها في استراتيجيات التنمية. ولئن كانت انتصارات جويلية 2006 في لبنان على العدوان الصهيوني الغاشم، والصمود البطولي في غزة في جانفي 2009 أمام الرصاص المصبوب الفاشي الحاقد على النساء والأطفال والأبرياء العزل، وأمام تخاذل النظام الرسمي العربي. فليكن يوم 14 جانفي 2011 التونسي يوما سنويا عربيا وعالميا للثورة.. ويوم 8 ماي 1945 الجزائري يوما عربيا وعالميا للحرية. (المصدر: جريدة الفجر لسان حال حزب حركة النهضة (أسبوعيىة-تونس) عدد 5 يتاريخ الجمعة 6 ماي 2011)  


غزوة بن لادن.. أم نقلة العنصر البشري ؟

 


عبد العزيز التميمي ذكروا أنّهم تسللوا ذات مساء إلى مخبئه في الحدود الباكستانية الأفغانية، كومندوس استخباري من الجيش الأمريكي مدجج بالسلاح وبوسائط لوجستية اتصالية نفذ العملية بمساعدة عملاء باكستانيين. وانتهى الهجوم المباغت بمواجهة وتبادل لإطلاق النار وسقط بن لادن جثة هامدة بعد أكثر من عشر سنوات من المطاردة. من قندهار ووادي بنشير وجبال طورا بورا إلى ذلك المخبأ الرابض قبالة ثكنة عسكرية باكستانية.. كبار المسؤولين الأمريكيين كانوا يتابعون تفاصيل العملية من وراء كواليس لوجستية عملاقة غطت الكوكب الأرضي الأزرق البريء.
وفي لحظة اختراق الرصاص لجسده انتشر الخبر في جميع أنحاء العالم حتى قبل أن يرتطم جسده بالأرض.. وفي رواية أخرى والعهدة على الرواة أنّ الإجهاز على الصيد الثمين حصل قبل التاريخ المعلن بأسبوع. حتى يتأكد خبراء التشريح البيولوجي من تطابق تحليل الخلايا الجذعية مع الهوية البيولوجية لأسامة بن لادن. صراع كارثي بوفاة بن لادن أسدل الستار على فصل من صراع كارثي بين أصوليين سلفيين رأوا في أنفسهم قادة ومخلصين يحيون فريضة للجهاد طالما تجاهلها المسلمون، كما رأوا أنهم يعيدون عقارب « الزمن الفاسد » إلى « نصاعة » العصر الذهبي للإسلام الأول إسلام الصحابة والتابعين. وبقدر ما كانت إحاطتهم حادة بتقنيات حرب العصابات الخاطفة، غابت عنهم تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم المتصلة بالوعي بالزمان والمكان وهي ما يترتب عنها الوعي بالمشروعية الإبستمولوجية لسوسيولوجيا الإسلام والوعي بسنن التطور الذي يجري على المجتمعات وحركة التاريخ والوعي بجدلية العقل والفكر العلمي والديناميات التي تصنع الأفق الإنساني والكوني الجامع والموحد للحضارة الإنسانية.
نهاية التاريخ وصدام الحضارات
لقد كانت حلقة تحكم الإمبرياليين في العالم على وشك الاكتمال حين احتفلوا طويلا بانتصارهم النهائي في الحرب الباردة، وكتب فرانسيس فوكوياما عن نهاية التاريخ، حيث لم يعد التاريخ عنده سوى حلقات متكررة تستكمل العصر النيوليبرالي للمحافظين الجدد. وكتب صمويل هنتنجتون عن صدام الحضارات، محذرا من العالمين الإسلامي والصـــيني. فبدأ عصر العنجهية الشمولية للامبريالية.. واتهمت العديد من الأوساط الأمريكية السياسية والفنية ومراكز التحليل الإستراتيجي إدارة الرئيس جورج وولكر بوش بتدبير أحداث 11 سبتمبر التي توفي فيها ضحايا أبرياء كثيرون بهدف إيجاد المبرر الأمني والعسكري لتدشين عصر امبريالي استعماري توسعي مباشر دون قيود من القانون أو حقوق الإنسان. فاحتلت الولايات المتحدة العراق وأفغانستان وتجاهلت مجازر العدو الصهيوني في فلسطين ولبنان، ومن ثم أسقطت أهم مبدأ بشرت به حداثة الميثاق العالمي لحقوق الإنسان ( كل الحقوق… لكل الناس ) دون تفريق أو تمييز عنصري بين الشعوب لأي سبب من الأسباب المتعلقة بالدين والجنس والقومية والإثنيات. السينمائيون ومراكز القرار يدينون المحافظين الجدد وليس من باب الصدفة أن ينتج كوستا غافراس فيلما أمريكيا بعنوان (خيانة)، سلط فيه الضوء على مؤشرات تفيد بأن أحداث 11 سبتمبر وقعت بـتدبير من قوى داخلية أمريكية.
و قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر بسنتين ( 1999) : أنتج فيلم أمريكي بعنوان (صائد العاصفة) قصته تفيد بأنّ مجموعة من القوات الخاصة في الجيش الامريكي، بقيادة جنرال طيار معروف، قامت باختطاف طائرة عسكرية. الحبكة السينمائية ذروتها حين تسير الأحداث في قصة الفيلم إلى أن المخططين للعمل الإرهابي وبعد أن جرى تنفيذ الخطة الجريمة اتخذت الإدارة الأمريكية في وقائع الفيلم إجراءات فدرالية سريعة وواسعة النطاق. وتمثلت في (تقييد الحريات) في الولايات المتحدة بموجب قوانين استثنائية. وبعد 11 سبتمبر اتهم الكولونيل ستيف بتلر الرئيس الأمريكي جورج بوش بكونه عرف بالهجمات الوشيكة على أمريكا ولكنه لم يفعل شيئا لتحذير الشعب لأنّه كان يحتاج إلى هذه الكارثة واستثمارها، حتى يسند رئاسته المهزوزة. وقد عزل الضابط الأمريكي كولونيل ستيف بتلر من منصبه وأُعفي من الخدمة العسكرية بسبب ذلك .
وبعد 11 سبتمبر أيضا، ألف الكاتب الفرنسي تيري ميسان كتابا بعنوان (11 سبتمبر: الخديعة المرعبة). وقال ميسان في مقدمة كتابه «سنبرهن لكم في هذا الكتاب أنّ الرواية الرسمية الأمريكية عن أحداث 11 سبتمبر ما هي إلا عبارة عن (مونتاج) سينمائي لا أكثر ولا أقل». مؤشرات دالة وهكذا تكون العديد من المؤشرات دالة على أن أحداث 11 سبتمبر شكلت تقاطعا بين تصميم تنظيم بن لادن على غزوة نيويورك كما سماها، وبين خطة المحافظين الجدد والاستخبارات الأمريكية في إيجاد المبرر المادي للتوسع الإمبريالي دون قيود من الكونجرس أو المنتظم الدولي .
دفع بن لادن الصدام إلى أقصاه ودفعت الولايات المتحدة الصدام إلى أقصاه ولكن النتيجة كانت قهرا للشعوب وليس مزيدا من الحداثة أو توسعا لقيم الإسلام.
فهل تكون البشرية اليوم مقدمة على أفق جديد للشعوب يتفاعل فيه الجدل الحضاري لسوسيولوجيا الإسلام مع الأفق النقدي للعقل الحداثي بما يعيد للشعوب سلطتهم وللإنسانية إنسانيتها ؟ (المصدر: جريدة الفجر لسان حال حزب حركة النهضة (أسبوعيىة-تونس) عدد 5 يتاريخ الجمعة 6 ماي 2011)  

الثوار الليبيون يتمكنون من رفع علم الثورة في قاعدة بطرابلس

في تطور اعتبره الثوار الليبيون نوعيا ورفع من معنوياتهم، تمكن الثوار يوم أمس من رفع علمهم في إحدى القواعد بطرابلس وأكدوا أن بعضا من فرق القذافي الأمنية ومنتسبين لوزارة الداخلية التحقوا بالثوار.
من جهة أخرى استمرت المواجهات والكر والفر بين الثوار وكتائب القذافي في عدة محاور من البلاد، فقد كثفت الكتائب هجوماتها على معبر ذهيبة وازن الحدودي مع تونس بهدف استرجاعه من الثوار لأهميته الاستراتجية لكلى الطرفين، لكن دون جدوى. كما تكبدت الكتائب خسائر كبيرة من قبل الثوار وقوات التحالف في محور جدابيا.
 
 
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ، بتاريخ 11 ماي 2010)
 
 

الرئيس السوري يستخدم دباباته لإخماد الإضطرابات

 


لندن (رويترز) – توغلت الدبابات في بلدات سورية واعتلى قناصة اسطح المباني وأخذوا يطلقون الرصاص على كل ما يتحرك واعتقلت قوات الامن محتجين. مشهد المدرعات الثقيلة مألوف في العالم العربي كما حدث حين دخلت الدبابات الامريكية العاصمة العراقية بغداد عام 2003 أو حين اجتاحت الدبابات الاسرائيلية جنوب لبنان عام 2006 . ولكن الدبابات هذه المرة سورية وتستهدف محتجين سوريين يطالبون بسقوط الرئيس بشار الاسد.
ووعد الاسد (45 عاما) باصلاحات حين خلف والده في عام 2000 عقب أربعة عقود من حكم الاقلية العلوية الشيعية ولكنه اختار الدبابات والرصاص بدلا من التغيير وتقديم تنازلات حقيقية لمعالجة مظالم المحتجين. وفي انحاء سوريا من درعا في الجنوب الى بانياس في الشمال تشتد قبضة حركة القمع وتزداد عزلة البلدات التي كانت في قلب الانتفاضة. واضحى تحرك المحتجين والنشطاء الذين يستلهمون انتفاضتين اطاحتا برئيسي تونس ومصر أكثر صعوبة.
واعتقل عدد كبير منهم او كممت افواههم. وطوق الجيش وقوات الامن المدن الرئيسية بالدبابات واقام المتاريس على الطرق ومنع الوصول لبعض البلدات وعزلت عن بقية البلاد بقطع خدمات الهاتف والانترنت. ويقول سكان يتسن الاتصال بهم بشكل متقطع عن طريق الهاتف او موقعي تويتر وفيسبوك على الانترنت انهم يسمعون عن الاضطرابات في مدن اخرى من المحطات التلفزيونية الفضائية العربية وما يتردد على الالسن. وقال باتريك سيل الذي كتب سيرة الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد والد بشار « يوحد النظام صفوفه ويحاول سحق المعارضة. « ارى النظام يفقد شعبيته بشكل متزايد ويلجأ لاساليب وحشية ولكنه سينجو هذه المرة. »
ومع الاستعانة بالجيش ضد محتجين غير مسلحين وغياب احتمال حدوث نفس نوعية التدخل العسكري في محاولة لوقف هجمات الزعيم الليبي معمر القذافي على شعبه تشير التوقعات الى ان اليد العليا ستظل للاسد في الاونة الحالية ما لم يتمرد الضباط السنة عليه.
ولكن ثمن البقاء في السلطة يرتفع يوميا.
وقال سيل « طالما بقى الجيش وقوات الامن على ولائهما لبشار سيبقى ولكن على حساب تضرر سمعته. »
وقال نديم حوري مدير منظمة هيومان رايتس ووتش في بيروت « بغض النظر عن سحق الجيش وقوات الامن الاحتجاجات من الواضح ان شيئا ما كسر بشكل جوهري في سوريا بين النظام وقطاع كبير من المواطنين. « لا يمكن اصلاح الاوضاع بالقمع. النظام يخدع نفسه بالاعتقاد بان الدبابات يمكن ان تحل المشكلة. ربما يسحق الاحتجاجات ولكن لن ينجح في علاج المشاكل الكامنة. » ومع حظر وسائل الاعلام العالمية في سوريا فان الاتصالات الهاتفية مع السكان ولقطات الفيديو التي يصورها هواة هما الشاهد الوحيد على الحملة ضد المدنيين الذين قرروا ان من حقهم ايضا تنسم رياح الحرية التي ينشرها « الربيع العربي ».
وحين تشاهد التلفزيون السوري او تستمع لوسائل الاعلام الرسمية يصعب ان تصدق ان ثمة خطبا خطيرا في سوريا فيما عدا هجمات عشوائية على الامن والجيش يعزوها مسؤولون لعصابات مسلحة مجهولة وعملاء اجانب ومتشددين اسلاميين.
ولا توجد أي صلة بين رواية السلطات عن الاحداث والتجربة القاسية التي يتعرض لها من نزلوا للشوارع للاحتجاج. وتقول جماعات حقوقية سورية ان ما يصل الى 800 شخص قتل واعتقل الالاف منذ اندلاع الاحتجاجات في مارس اذار. ومنذ ذلك الحين لم يوجه الاسد كلمه مباشرة للامة بل ظهر على شاشة التلفزيون وهو يتحدث امام مجلس الشعب والحكومة. وقال سيل « يعتقد البعض ان هناك من حل محل وانه فقد السلطة لصالح المتشددين في العائلة. « لم يوجه كلمة للامة. لم يقل ماذا يريد ان يفعل. ترك الامر لقوات الامن. يمكن ان يستخلص المرء انه ربما لا يمسك بزمام الامور كليا. » ولا زالت العواصم الغربية في حيرة من امرها بشأن من يسير الامور في سوريا. هل هو بشار أم شقيقه الاصغر ماهر قائد الحرس الجمهوي والفرقة الميكانيكية الرابعة وغالبية جنودها من العلويين ام اصف شوكت زوج شقيقة بشار وهو مدير المخابرات العسكرية سابقا ونائب رئيس اركان الجيش حاليا؟ وعند فرض العقوبات الاوروبية التي تستهدف افراد اسرته كان غياب اسم بشار لافتا للنظر ويبدو ان صناع القرار في الغرب لازالوا يعتقدون ان الرئيس السوري يحتمل ان يكون اصلاحيا ولكن يكبحه المتشددون من افراد حاشيته. ولكن كما يشير خبراء فان القضية الرئيسية ليست هزيمة بشار لشعبه ولكن ما اذا كان الحل العسكري يمكن ان يدوم دون اصلاحات حقيقية لاخماد الشرارة التي أشعلت الاحتجاجات في المقام الاول. ويقولون ان المواطنين مثلما حدث في العواصم العربية الاخرى يتمردون على غياب الحرية والفرص. كما يثير حنقهم الفساد الذي اثرى الصفوة بينما يعيش ثلث السوريين تحت خط الفقر. ويحيط اصحاب المليارات بالعائلة الحاكمة بينما تجمد الدخل القومي طوال عقود في اقتصاد لا يزال شديد الانغلاق. وقال حوري « خرج الجني من القمقم. لا يمكن بناء اصلاحات على اساس قمعي. كلما تنامى العنف المستخدم كلما تضاءلت فرص قبول الاصلاحات. » ويقول المراقبون انه لا ينبغي على الاسد ان يأمل بالافلات بنفس الوحشية التي انتهجها والده الذي قمع انتفاضة اسلامية في حماه في عام 1982 بالدبابات والمدفعية وسوى بالارض مساحات شاسعة من المدينة وازهق ما بين 20 و30 ألف روح. وقال حوري « اذا اعتقد اي شخص ان بوسعه ان يفلت بحماة اخرى فانه يعاني من قصر نظر. ستنتشر المعلومات في عصر ويكيليكس ووسائل التواصل الاجتماعي والهواتف المحمولة. » ويعتقد اخرون انه بسبب موقع سوريا المحوري في الشرق الاوسط – كحليف لايران وحزب الله اللبناني في ذات الوقت الذي تنتهج فيه سلوكا براجماتيا في تعاملاها مع اسرائيل – سيواصل العالم ودول المنطقة التعامل مع الاسد. ورغم ما بذل السوريون من ارواح للاحتجاج على سنوات من القمع والمعاناة الاقتصادية والفساد بين الصفوة فان قلة من الطلبة السوريين يعتقدون ان الاقلية العلوية ستنفذ الاصلاحات التي وعدت بها منذ فترة طويلة. ويبلغ تعداد سكان سوريا نحو 20 مليون نسمة ويمثل السنة 75 في المئة. وذكروا ان اي اصلاحات ذات معنى تنطوي على انتخابات حرة وسيادة القانون والمحاسبة تعني الاطاحة بعائلة الاسد. وقال سيل « انه حكم اقلية اذا نفذ اصلاحات سياسية حقيقية مثل اجراء انتخابات حقيقية فانه يخاطر بالاطاحة به من السلطة. يخشى التعرض لمذبحة. لا زالت سحابة حماة تظلل الافق. » ويعزو البعض الفضل للاسد في محاولة تحرير الاقتصاد وتحديث سوريا ولكن الزيادة السكانية الكبيرة -تصل حاليا لحوالي 2.4 في المئة سنويا- فاقت كثيرا قدرة الاقتصاد على توفير فرص عمل على مدار العقود الثلاثة الماضية. غير ان كثيرين من السوريين والدول المجاورة على حد سواء يقولون ان اي رغبة في رحيل الاسد يكبحها خوف اكبر من تفجر صراع طائفي على غرار ما حدث في العراق عقب الاطاحة بالرئيس الراحل صدام حسين. والمجتمع السوري مزيج من العلويين والسنة والمسيحيين والاكراد والدروز. ويقول سوريون كثر انهم يفضلون بقاء الاسد على المخاطرة بمواجهة تبعات رحيله. لكن باستثناء الاقليات واقارب الاسد ورفاق العائلة وطبقة جديدة من الرأسماليين المقربين من نظام الحكم وغيرهم من المستفيدين من الشرطة السرية الى ميليشيات الشبيحة العلوية فان من يريدون التغيير اكثر عددا بكل تأكيد. وقال الناشط علي الاتاسي « سوريا عند نقطة مفصلية ولا يمكنها الرجوع للوراء. » (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 11 ماي 2011

تريليونات دولار.. « الأموال المهربة » عشرة أضاعف الميزانية المصرية

في الوقت الذي قدر فيه المحامي المصري عصام سلطان أن أجمالي الأموال المصرية المهربة بلغت 3 تريليونات دولار وهو ما يوازي ميزانية مصر لأكثر من عشر سنوات ويكفي لحل كل مشاكل وأزمات مصر الاقتصادية ، شكل مجموعة من المحاميين والقانونيين المصريين لجنة قانونية لاسترداد أموال مصر المنهوبة من الخارج بالتعاون مع مكاتب محاماة فرنسية وسويسرية.
وكانت الحكومة المصرية طلبت من الولايات المتحدة الأمريكية وعدة دول أوروبية بتجميد أموال مسئولين عملوا فى ظل نظام الرئيس السابق حسني مبارك الذي تنحى عن منصبه في 11 فبراير الماضي تحت ضغط ثورة الشارع. المصري في الخامس والعشرين من يناير / كانون الثاني الماضي.
وعقب ذلك وتحديدا فى مارس الماضى، قرر الاتحاد الاوروبي تجميد ارصدة مبارك وزوجته سوزان ونجليهما علاء وجمال وعدد من الشخصيات البارزة فى النظام السابق.
وبالفعل وفى بداية مايو / آيار الجاري أعلنت السلطات السويسرية وجود 410 ملايين فرنك سويسري (2.8 مليار جنيه مصرى) لديها تخص مبارك وأسرته و15 مسئولا بنظام حكمه وتجميدها.
خطوات على الطريق
ومنذ ذلك الحين بدأت مصر مساعى حثيثة لاستعادة تلك الثروات المسلوبة، وكانت أولى تلك الجوالات زيارة لوفد سويسري في القاهرة أمس الثلاثاء تناولت كافة الجوانب القانونية والفنية لاسترداد هذه الأموال، والتي وصفها رئيس اللجنة المستشار عاصم الجوهري مساعد وزير العدل لشئون جهاز الكسب غيرالمشروع ـ مباحثات ـ بـ »المثمرة ».
وقال الجوهري في تصريحات صحفية ان الجانبين المصري والسويسري اتفقا على عدة بنود في مقدمتها قيام سلطات الجانبين باستكمال التحريات وجمع المعلومات عن اصول وأموال اعضاء النظام المصري السابق الموجودة لدى سويسرا مع العمل على تنفيذ طلبات المساعدة القضائية، كما تم الاتفاق على تنفيذ الأحكام التي ستصدرعن المحاكم المصرية بحق المتهمين حال إدانتهم واستمرار التشاور بين الجانبين حتى لا يفلت أي متهم من العقاب.
وأعرب الجوهري عن أمله في أن يثمر التعاون بين مصر وسويسرا في استعادة الاموال المسلوبة مثمنا المبادرة السويسرية بتجميد أموال مبارك وأسرته والمسئولين السابقين معتبرا إياها خطوة على طريق استرداد مصر لحقوقها، داعيا كافة الدول إلى مساعدة مصر في استرداد أموالها.
تعاون سويسرى
ومن جانبه، ابدى الوفد السويسري استعداده للتعاون التام والكامل مع مصر لتمكينها من استعادة الأموال والممتلكات الموجودة فى الأراضى السويسرية شريطة أن تتقدم مصر بالمستندات والأوراق الدالة على أن تلك الاموال تكونت فى إطار كسب غير مشروع. واكد الوفد السويسرى إن حكومتهم لا تريد الاحتفاظ بتلك الاموال أو الإبقاء عليها بأراضيها لكنهم اوضحوا أن هناك إجراءات لابد من استيفائها قبل الشروع فى إعادة تلك الأموال والممتلكات إلى مصر.
وبدوره قال سفير سويسرا بالقاهرة دومنيك فورجلر خلال الاجتماع ان هناك بعض الاجراءات سوف تتخذها بلاده خلال الايام المقبلة لاعادة الاموال المصرية المجمدة فى سويسرا، مشيرا إلى أن بلاده وضعت شروطا صارمة لتجميد اموال الفاسدين منذ بداية الثورة المصرية وقبل ان تقوم الحكومة المصرية نفسها بطلب ذلك رسميا مؤكدا ان بلاده ليس لديها اى رغبة فى الحصول على اصول غير مشروعة موجودة فى بنوكها او على ارضها .
وكانت اللجنة المصرية المعنية باسترداد الأموال المهربة في الخارج عقدت قبل ايام اجتماعا مع وفدين من سويسرا وإمارة ليختنشتاين الاوروبية لبحث التعاون القضائي والقانوني بغية استعادة الاموال المصرية من الخارج، فيما طلبت الولايات المتحدة الأمريكية من الحكومة المصرية تحديد موعد لحضور لجنة للتفاوض مع المسئولين فى القاهرة حول آليات اعادة الأموال المصرية المهربة لديها. تعاون فرنسي ومن جانبها وعلى الصعيد نفسه، أعلنت كريستيان لاجارد وزيرة الاقتصاد ا لفرنسية ان فرنسا مستعدة لرد الأموال المصرية المسلوبة‏.‏ وأكدت ان فرنسا واحدة من الدول التي تساند مبادرة من البنك الدولي يطلق عليها  » ستار  » لاستعادة الأموال المسروقة، مشددة علي ان فرنسا تحت تصرف العدالة المصرية- كما كانت تحت تصرف العدالة التونسية. ردا على الشائعات وحول على ما يتردد بشأن صعوبة الحصول على الأموال المهربة للخارج وانخفاض نسبة ما يسترد إلى 20 % أكد المستشار محمد عبدالعزيز الجندي وزير العدل إنه تم اتخاذ بعض الإجراءات الخاصة بتوكيل محامين في سويسرا وبعض الدول الأجنبية الأخرى وذلك وفقا للقواعد المالية المتعلقة بتلك الدول ، مضيفا أنه وفقا للاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي وقعت عليها مصر فإنها تعطى الحق لمصر في الحصول على كامل تلك الأموال فيما عدا المتعلقة ببعض الإجراءات الإدارية . ونفى وزير العدل ما يتردد في بعض وسائل الإعلام حول أن أقصى ما يمكن الحصول عليه هو 20 % ، مؤكدا الحرص على الشفافية والعدالة في إجراء التحقيقات . مصدر الخبر : محيط (المصدر: موقع « الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 11 ماي 2010)

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.