حــرية و إنـصاف:عاجل : منع الزائرين من معايدة الأستاذ محمد النوري
معز الجماعي: خبر عاجل : تشديد الرقابة الأمنية على النشطاء الحقوقيين
زياد الهاني: مدوّنـة ضدّ الحجب : 4 نوفمبر يوم وطني من أجل حريّـة التدويــن
المؤتمر من أجل الجمهورية : المناضل جورج عدّة في ذمة التاريخ
النفطي حولة : تهنئة بعيد الفطر المبارك
صـــابر:سؤال الى الدكتور النجار وغيره..هل تحارب السلطة التونسية الاسلام ؟
يو بي آي:تونس ‘تحقق توازنا’ً بمصادر نمو الناتج المحلي
العرب:تونس تحتفل فى غرة أكتوبر باليوم العالمى للموسيقى
فتحي العابد:تونس العهد الجديد
إيلاف: السّكن والمنحة الجامعيّة… مشاكل تؤرق طلبة تونس
محمد النوري:هل يتجه العالم إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في الاقتصاد؟
مصباح غرسلّي : الجوع بات لسان الشعب
محمد العربي التونسي:الإسلاموفوبيا في تونس: صالح الزغيدي نموذجا
رشيد خشانة : تنامي الحركات التبشيرية في المغرب العربي يُهدد تجانسه الديني والمذهبي
أحمد رحيم : الجماعة الإسلامية في مصر تعرض «مصالحة تاريخية» مع النظام
رويترز:موقع: القاعدة تعلن مسؤوليتها عن انفجار الجزائر
عبدالسلام المسدّي : الوعي الثقافي بين السياسة والدين
محمد صادق الحسيني:نهاية حكاية الاقتصاد الحر: ردوا الحقوق الى اصحابها!
حسن نافعة:النّظام الدولي الحائر بين فقاعات الاقتصاد ودوّامات السياسة
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين
21- هشام بنور 22- منير غيث 23- بشير رمضان 24- فتحي العلج
|
16- وحيد السرايري 17- بوراوي مخلوف 18- وصفي الزغلامي 19- عبدالباسط الصليعي 20- الصادق العكاري |
11- كمال الغضبان 12- منير الحناشي 13- بشير اللواتي 14- محمد نجيب اللواتي 15- الشاذلي النقاش |
6- منذر البجاوي 7- الياس بن رمضان 8- عبد النبي بن رابح 9- الهادي الغالي 10- حسين الغضبان |
1- الصادق شورو 2- ابراهيم الدريدي 3- رضا البوكادي 4-نورالدين العرباوي 5- الكريم بعلو |
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 01 شوال 1429 الموافق ل 01 أكتوبر 2008 عاجل منع الزائرين من معايدة الأستاذ محمد النوري
بعد إقدام أعوان البوليس السياسي اليوم الأربعاء 01/10/2008 الموافق ليوم عيد الفطر المبارك على محاصرة الأستاذ محمد النوري رئيس منظمة حرية و إنصاف و السيد عبد الكريم الهاروني الكاتب العام و السيد حمزة حمزة عضو المكتب التنفيذي في منازلهم قاموا في خطوة تصعيدية جديدة بمنع زوار الأستاذ محمد النوري من معايدته نذكر من بينهم السيد منصف الطريقي و ابنه الأستاذ سامي الطريقي و بالتالي فقد فرضوا عليه نوعا من الإقامة الجبرية غير المعلنة. و حرية و إنصاف: 1) تندد بهذا التصعيد الخطير و ما فيه من اعتداء صارخ على الحرية الفردية و خاصة فيما يتعلق بالتنقل و استقبال الزوار و مقابلة الأصدقاء و تطالب برفع هذا الحصار فورا. 2) تطالب السلطة بالكف عن حملة المضايقات التي تستهدف منظمة حرية و إنصاف خاصة و الناشطين الحقوقيين من مختلف الجمعيات و المنظمات عامة. عن المكتب التنفيذي للمنظمة المكلف بالإعلام الدكتور سامي نصر
خبر عاجل تشديد الرقابة الأمنية على النشطاء الحقوقيين
قامت قوات الأمن منذ الساعات الأولى لصباح اليوم بنشر عشرات الأعوان بالزي المدني أمام منازل عدد من إطارات منظمة حرية و إنصاف . و علمنا من السيد حمزة حمزة عضو المكتب التنفيذي للمنظمة المكلف بالعلاقات مع الجمعيات الوطنية أن سيارة تابعة للأمن السياسي مرابضة منذ البارحة أمام منزله ، كما أفادنا نفس المصدر أن قرابة عشرة أعوان يحاصرون منزل رئيس المنظمة بطريقة إستفزازية لترهيب أفراد عائلته و ضيوفه مع تشديد الرقابة الأمنية على منزل السيد عبد الكريم الهاروني بمضاعفة عدد الأعوان المكلفين بمراقبته منذ خروجه من السجن و خاصة بعد إنتخابه كاتبا عاما للمنظمة . و غير بعيدا عن تونس العاصمة و تحديدا في معتمدية قليبية التابعة لولاية نابل شهدت الجهة منذ ساعات قليلة حالة إستنفار أمني أمام منزل السجين السياسي السابق و الناشط الحقوقي السيد فاروق النجار الذي إستغرب في تصريحه لموقع الحزب الديمقراطي التقدمي من هذه التصرفات ووصفها بالمجانية و الإستفزازية . و في نفس الإطار المكاني قام رئيس فرع قليبية للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بخطوة جريئة و شجاعة تمثلت في توزيع البيان الأخير الصادر عن الفرع على النشطاء الحقوقيين و عدد من المواطنين. معز الجماعي المصدر : موقع الحزب الديمقراطي التقدمي
مدوّنـة ضدّ الحجب : 4 نوفمبر يوم وطني من أجل حريّـة التدويــن
Abunadem اقترح في تدوينة له بموقع ضدّ الحجب بتاريخ 29 سبتمبر 2008، أن يكون الرابع من نوفمبر يوما وطنيا من أجل حرية التعبير.. ولاقى اقتراحه ترحيبا فوريا من « عياش مالمرسى و « لينا بن مهنّي » و « بشبوش ».. ومن ناحيتي لا يمكنني إلاّ أن أنضم للترحيب بهذا المقترح.. ليكن يوم 4 نوفمبر يوما وطنيّـا من أجل حرّيـة التدوين.. ليكن يوم 4 نوفمبر يوما يقول فيه المدوّنون : لا للحجب.. لا لمصادرة حقّنا في التعبير الحرّ والتّـواصل الحرّ.. نعم للمواطنة الحرّة.. عشتـم .. وعاشت نضالاتكم جميعا من أجل وطن حـرّ و سيّـد لأبنائه السّـادة الأحــرار
(المصدر: مدونة زياد الهاني الغلكترونية بتاريخ 1 اكتوبر 2008)
المؤتمر من أجل الجمهورية : المناضل جورج عدّة في ذمة التاريخ
ينعى المؤتمر من أجل الجمهورية وفاة المناضل جورج عدّة الذي توفي أول أمس بعد عمر طويل قضى جزءا كبيرا منه في خدمة الوطن. عرف الرجل في الثلاثينات محتشدات الجنوب وكان ذلك نتيجة انخراطه في معركة استقلال تونس عن الاستعمار الفرنسي. كان أيضا مهموما بمشاكل الظلم الاجتماعي ،فشكل طوال النصف الأول من القرن العشرين، واحدا من ركائز الحراك الاجتماعي ببلادنا . وإبان دخول التونسيين معركتهم الضارية ضدّ الاستبداد طيلة العشريتين الأخيرتين، وقف الرجل بجانب المجتمع المدني في نضاله من أجل الحريات الجماعية والفردية وذلك رغم مرضه وشيخوخته. . مات جورج عدّة الذي ساهم في تحقيق الاستقلال الأول دون أن يرى تحقيق الاستقلال الثاني. لكننا سنواصل نضاله وسنستلهم منه خاصة مواقفه الشجاعة والنبيلة . ففي هذا العصر الرديء الذي احتدت فيه الغرائز الانتمائية البدائية ، وعاد الناس إلى التقوقع على طوائفهم ومذاهبهم ونحلهم ، أعطانا هذا الرجل الشهم المتواضع المثال وهو يضع انتماءه للوطن وللقيم وللإنسان وللقضايا العادلة ،وعلى رأسها القضية الفلسطينية، فوق أي انتماء ديني أو عرقي مغلق وضيق ومعادي للآخرين . شكرا يا جورج على ما أعطيتنا جميعا في حياتك وفي موتك عن المؤتمر من أجل الجمهورية د منصف المرزوقي www.cprtunisie.net
تهنئة بعيد الفطر المبارك
إلى أهلي الطيبين بالخوض المنجمي اهدي لهم التهنئة بالعيد وأتمنى لهم من كل قلبي أن يفرج الله كربتهم ويرجع كل الموقوفين والمحاكمين إلى ذويهم وتعم الفرحة كل بيت كما أرجو من الله العلي القدير أن يسدد خطاهم ويعينهم على تجاوز الصعاب وان تكون مسيرتهم مظفرة بالحصول على الشغل بكرامة وهمة عالية. إلى الإخوة : عدنان الحاجي وبشير العبيدي وزكية الضيفاوي وحفناوي بن عثمان وغيرهم من الموقوفين والمحاكمين تعسفا دفاعا ونيابة عن كل شباب تونس العاطل عن العمل وخاصة أصحاب الشهائد اهدي لهم تحية عيد الفطر المبارك وأتمنى أن يفرج عليهم واذكرهم بأننا مازلنا عند وعدنا بمطالبة السلطة بإطلاق سراح كل الموقوفين وبطي هذا الملف بإعطاء كل ذي حق حقه. النفطي حولة :1 اكتوبر2008 .
بسم الله الرحمان الرحيم سؤال الى الدكتور النجار وغيره..هل تحارب السلطة التونسية الاسلام ؟
أقدر عاليا توجهات الدكتور عبد المجيد النجار في النقد الذاتي لتجربة الحركة الإسلامية التونسية ، سواء تعلق الأمر بماضيها أو بحاضرها وترشيد ما يستقبلها ، أو بعلاقتها بالسلطة الرسمية في تونس، و الذي عبر عنه في بعض مقالاته المنشورة . وانى أرى ان التيار الاسلامي في تونس يحتاج الى هذا النقد الذى يصدر عن قيمة علمية ، ونحسبه والله حسيبه ان نواياه صادقة في التقويم والتصويب والترشيد ، وان كنا لا نقره على كل ما يكتب . وهو لعمرى مفقود عند بعض من انبرى يجلد الحركة الاسلامية على صفحات الانترنت – و التى لا تخلو من اخطاء – من أجل السمعة والتزلف للسلطان بغية منفعة دنوية ، وتلبية لمشاعر جياشة تصيب الخطأ تحسبه أيسر السبل لحلول هي عبارة على أماني وخالف تعرف ، يصل التحليل فيها الى درجة برمجة المقالات والافكار كي تتساوق مع طموح السمعة في شهادات الاستحسان من اي حدب . وهو مخالف أيضا لحديث بعض المغتربين الذين تجردوا من الموضوعية ، وانبروا يرمون تجربة الحركة الاسلامية من قوس السلطة التونسية بوعي او بدونه ، و لعنوا ماضيهم باقدار مختلفة ، وزاروا تونس بعد مدة غياب طويلة ناهزت العقدين لدى بعضهم وفاقت ذلك لدى آخرين ، ولم يستنكفوا في الثناء على السلطة لمجرد أن منحتهم جوازات سفر وأستقبلهم أعوان المطار في تونس ببشاشة عدت لهم شركا وقعوا فيه بسذاجة ظاهرة ، فحبروا شهادات مجروحة ، حول واقع لم يمكثوا فيه غير أيام أو أسابيع قليلة وطغت على حديثهم مشاعر اللقاء بالاهل والناس وزيارة البلاد بعد إنقطاع عنها ، وعدوا ذلك من مكارم السلطة وقدموا لها الثمن وبعضه دفع على رؤوس الأشهاد على صفحات الانترنت ، وكان الأولى أن تكون زياراتهم بلدهم وأهاليهم حق ليس منة من احد عليهم ، أو دينا يستحق السداد . وقد بدت شهادات بعضهم مزايدة مجانية ونكاية في أصحاب الأمس ، وتوددا الى أصحاب السلطة ، في الوقت الذى يشحذون سنان عباراتهم الجارحة تجاه إخوان الأمس خصوم اليوم وقد وصل البعض إلى استعداءهم وعدهم شر كله ولم يرى فيهم حسنة واحدة وسولت له نفسه مدح السلطة التى أجمع القاصى والداني أنها ظالمة مستبدة ، وقد كان تقييم هؤلاء لسياسات السلطة التونسية تنم عن هرولة لكسب ودها ، والركون إليها ، وهو ما يجعلهم غير مؤهلين لأدوار النقد والتصويب بعد أن مالوا عن الحق ميلة واحدة ، ووضعلوا بيضهم كله في سلة السلطة ، أما نياتهم الحسنة ان توسلوا بها فهي لا تساوي في ميزان أصحاب القرار في تونس شيئا ، ولعل بعض التجارب التى إعتمدت ما يعرف بـ »الكلمة الطيبة » تجاه السلطة منذ سنوات طويلة لم تحصد غير ذهاب القيمة . أما محاربة التدين في البلاد من قبل السلطة ، فلا يمكن أن تغطيه إجراءات مقصودة لشكلها ، مثل السماح بإذاعة القرآن وقناة دينية ، فهذه الإجراءات الشكلية ليست لخدمة الدين وإنما لمحاربة « التطرف والإرهاب والأفكار الظلامية ووو… » كما تصرح بذلك السلطة نفسها ، و الأخيرة تشجع رسميا مظاهر غير محمودة كبناء المزارات ومباركة التشيع والسعي الى اختراق الصحوة الدينية التى تحدث في البلاد ، وتشجيع مظاهر الإنحلال والتفسخ الأخلاقي ، والسلطة لا تتعامل مع الصحوة العارمة التى تعيشها تونس الا عبر سياسات الإحتواء والقمع ، بعد أن أصبح شطبها مستحيلا . ان المساجد في تونس تعج بالمصلين وأن الشباب التونسي عاد بقوة الى التدين ، وعدد المحجبات يفوق عدد الغير متحجبات في بعض الأماكن التونسية ، وقد فاقت كل هذه المظاهر قدرة السلطة التونسية على محاصرتها الكاملة وهي لم تغض الطرف عن أي شيء متعلق بالتدين والمتدينين وكنت أتمنى أن تفعل ولكن واقع الحال غير ذلك . وأنا أريد أن ألتزم بالمنهج القرآنى السوي الذى تحدث عنه الدكتور النجار في مقاله الأخير ، وهو العدل مع الشنآن ، فقد سعيت خلال الشهور الماضية أن اسبر آراء أناس من عامة الشعب التونسي ليس لهم علاقة بالسياسة أو معارضة السلطة ولهم تواصل لصيق بالواقع التونسي ، حول علاقة السلطة بالمساجد والكتاب الاسلامي والمتدينيين والمتدينات فلم أعثر على شهادة واحدة تزكي السلطة التونسية أو تبرر ما تفعله تجاه التدين والمتدينين . أما عن شهادات بعض العرب والمسلمين من موقف السلطة التونسية من التدين والمتدينين والذين زاروا تونس طبعا فهي غير جيدة كي لا أقول أكثر . لي سؤال في هذه العجالة لا انتظر جوابا عليه ، ولكن أريد أن يِعمل فيه الدين والعقل وسبر الواقع كما هو بمدأ العدل ، من كل صاحب دين وعقل وحكمة . سؤالي : ألا تحارب السلطة التونسية الدين والتدين والمتدينيين والمتدينات ، والتى وان فشلت في محاصرة كل ذلك فهي لم تراجع سياساتها المعتمدة على محاربة الظاهرة الإسلامية بكل تمظهرها ، وهو ما يمثل سياستها الرسمية ؟؟؟ .. والسؤال لا أوجهه الى الدكتور عبد المجيد النجار شخصيا ، وما يعنيني هنا هو طرحه . أقدر والله أعلم أن الإجابة الشافية على هذا السؤال في غاية الأهمية ، لأن تلك الإجابة ستحدد بوصلة تقييم المشهد التونسي في علاقة السلطة بالمجتمع ، وعلاقة السلطة بالحركة الإسلامية ، وتشخيص الواقع ( دون الدخول في طبيعة السلطة التونسية وعلاقتها بكل المعارضة وليست فقط الاسلاميين ، فهذا قد يكون موضوع آخر ) ، ذلك أن المراجعة واجبة على الطرفين أي السلطة والحركة الإسلامية ، وغير ذلك ستكون المراجعة من طرف واحد وان كانت واجبة على الحركة الاسلامية لذاتها فإنها لن تغير في الطرف الآخر وبالتالى أفقها معلوم سلفا . أخيرا..ان الكلمة الطيبة ان خرجت للناس في ثوب الضعف تكون كلمة انهزامية لا تغير شيئا بل تعطي اشارات خاطئة تجاه الآخرين , وأنا أثق أن جل الإسلاميين ان لم يكن كلهم مستعدون للفعل الطيب وليس فقط للكلمة الطيبة لو وجدوا ما يدعو لذلك , وليس أن يردوا الصفعة بالشكر والقتل بالإمتنان ، و الحل المنشود لا يمكن أن ياتى به طرف يتنازل عن حقوقه طواعية , وليس من حق البعض الذى يتزعم الحديث التنازل عن حقوق الآخرين , ولو خلصت النية . مع تقديري للجميع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته صـــابر: سويســـرا
تونس ‘تحقق توازنا’ً بمصادر نمو الناتج المحلي
|
تونس ـ يو بي آي: قال رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي إن بلاده تمكنت من ‘تحقيق التوازن’ في مصادر نمو إجمالي ناتجها المحلي، الذي ارتفع معدله بنسبة 5.7′ بين عامي 2007 و2008. وجاء ذلك في كلمة افتتح بها يوم السبت إجتماع المجلس الأعلى التونسي، الذي خصص لاستعراض نتائج عامي 2007 و2008، وآفاق عام 2009، وتحديد الاستنتاجات الكفيلة بدعم مسيرة التنمية للبلاد وفق الآهداف المرسومة ضمن خطة التنمية الخماسية الحادية عشرة (2007 ـ 2011). وبحسب رئيس الوزراء التونسي، فإن زيادة نمو الاستهلاك في بلاده بنسبة 5.1′ سنويا، وارتفاع نسق الصادرات بنسبة 7.5′ سنويا، وتطور الإستثمار بنسبة 7’سنوياً، انعكس إيجابياً على التوازنات المالية التونسية. ولاحظ أن نسبة الإستثمار من إجمالي الناتج المحلي التونسي، سجلت ارتفاعا من 23.4′ في عام 2006 إلى 23.9′ في عام 2007 والى 25.1’في عام 2008. واعتبر الغنوشي أن هذه النسب ‘أرفع من تقديرات خطة التنمية الخماسية الحادية عشرة وذلك بفضل نسق الاستثمار الخاص الذي أصبح يمثل 60% من مجموع الإستثمار’. وأضاف أن الاستثمار الأجنبي المباشر كان له أيضا الأثر الايجابي في تحقيق هذه النتائج، حيث ارتقت نسبته في إجمالي الناتج المحلي من 3% قبل عام 2007 إلى 5% خلال الفترة 2007/2008.
|
(المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 30 سبتمبر 2008)
تونس تحتفل فى غرة أكتوبر باليوم العالمى للموسيقى
تونس – العرب: تحتفل تونس في غرة أكتوبر من كل سنة باليوم العالمي للموسيقى الذي أقرته منظمة اليونسكو. دأبت تونس على الاحتفال بهذه المناسبة الثقافية على اعتبار الموسيقى فى تنوع أصنافها وأنبل تعبيراتها فنا قادرا على الإسهام فى إذكاء الذوق وإشاعة قيم الخير والتسامح والتعاون بين الشعوب فى كنف الاحترام المتبادل والتفتح على الآخر والدعوة إلى التنوع بما يثرى الثقافة الإنسانية وهو ما أبرزه البيان الذى أصدرته فى الإطار نفسه الثلاثاء وزارة الثقافة والمحافظة على التراث. وأذن الرئيس التونسى زين العابدين بن على باجراءات لفائدة قطاع الموسيقى ومن ضمنها تحسين مردود عائدات حقوق التأليف المادية المتأتية من بث المصنفات بوسائل الإعلام المسموعة والمرئية ودعوة وسائل الإعلام بمختلف أصنافها إلى تخصيص حيز أوسع لنشر الإنتاج الموسيقى التونسي. كما استفاد القطاع من الدعم الذى تقدمه الدولة للموسيقيين التونسيين من ذلك منحهم أولوية المشاركة فى المهرجانات وسائر التظاهرات الثقافية الوطنية وإسناد منح تساعدهم على إصدار مصنفات موسيقية جديدة وتمكينهم من الانخراط فى صندوق دعم التغطية الاجتماعية للفنانين والمبدعين والمثقفين كغيرهم من العاملين فى حقل الثقافة والفن. وأضاف البيان أن هذه السياسة أثمرت عديد الانجازات والمشاريع التى دخلت حيز التنفيذ منها إحداث مركز الموسيقى العربية والمتوسطية بسيدى بوسعيد الذى يعمل على مواصلة جمع التراث الموسيقى التقليدى والشعبى وتصنيفه والتعريف به والقيام بالبحوث والدراسات الميدانية للكشف عن ثراء المخزون الموسيقى والغنائى التونسى بمختلف أشكاله فضلا عن العناية بجمعية /الرشيدية/ التى تعتبر مؤسسة مرجعية فى مجال التراث الموسيقي. كما تدعم حضور الموسيقى التونسية فى المهرجانات وسائر التظاهرات الثقافية نتيجة لمضاعفة الاعتمادات المخصصة لاقتناء العروض التى تجاوز معدلها ألفى عرض سنويا توزع فى كل جهات الجمهورية. ويشهد مهرجان الموسيقى التونسية إقبالا متزايدا من قبل الفنانين باعتباره مناسبة متميزة لتسليط الضوء على الأعمال الجديدة. كما سجلت الجوائز المخصصة للمتفوقين من المؤلفين والملحنين والمطربين ارتفاعا ملحوظا. ومن ناحية أخرى ابرز البيان العناية الفائقة بالتربية الموسيقية فى كل المستويات من خلال بعث المعاهد المختصة وبروز جيل جديد من الموسيقيين الشبان من خريجى هذه المعاهد ومنهم من تبوا مكانة متميزة ضمن الساحة الموسيقية فى تونس وخارجها مما انعكس ايجابيا على دعم حضور الموسيقى والغناء التونسيين فى المهرجانات وسائر التظاهرات الثقافية الوطنية والدولية. وأشار إلى أن الاحتفال باليوم العالمى للموسيقى يصادف انطلاق موسم ثقافى جديد متضمنا مواعيد موسيقية هامة من أبرزها احتضان تونس لمؤتمر المجلس الدولى للموسيقى وذلك تقديرا من الهيئات الدولية المختصة لبلادنا وللسياسة الرشيدة المتبعة من لدن الرئيس زين العابدين بن على فى مجال النهوض بالثقافة والفنون ورعاية المنتسبين إليها. (المصدر: جريدة العرب (يومية – بريطانيا) بتاريخ 1 أكتوبر 2008)
تونس العهد الجديد
يا بنت[1] تونس عليك سلام اغتصبت منك الريادة والإسلام دنس بك وأزالك عن الأنظار قدر يحط البدر وهو تمام جرحان[2] تمضي بلادي عليهما هذا يسيل وذاك لا يلتام زعموك هما للتقدم ناصبا وهل السفهاء مرجع ومرام بالأمس كانت الزيتونة منبرا بعزها وعلوها يتخايل الإسلام من فتح مصر وفلسطين لم يضع أساسها لا يهود ولا أعجام واليوم أخذ المدائن والقرى بخناقها جيش من « البوليس » ديام جاهل بحقيقة شعبه كثر فيها المناكر والبغي والإجرام ويحثه باسم النظام أذلة نشطوا لما هو في الكتاب حرام ومسيطرون على الشعوب سخرت لهم الرقاب كأنها أغنام ذلل من شأن المرأة فباتت فريسة يلتهمها اللئام نزع عنها تاج الحياء فبرزت عارية في المحافل والأفلام فتحي العابد [1] بنت تونس أقصد بها القيروان [2] الجرحان: الأول تغييب الزيتونة عن الفعالية الإسلامية، والثاني ارتماء تونس في أحضان الصهيونية
السّكن والمنحة الجامعيّة… مشاكل تؤرق طلبة تونس
إسماعيل دبارة إسماعيل دبارة من تونس: لم يكن الطالب وليد بالي 21 سنة أصيل محافظة مدنين الجنوبية يتصوّر ولو للحظة أن يجد نفسه تائهًا في شوارع تونس العاصمة محملاً بأغراضه الثقيلة وباحثًا عن مسكن بسعر مناسب يمكن أن يكتريه رفقة عدد من زملائه. يقول وليد لـ « إيلاف »: قضيت السنة الماضية في مبيت جامعي حكومي بمنطقة، كنت أدفع شهريًا ما يُعادل 10 دنانير فحسب مقابل إقامتي تلك، لطالما حذّرني بعض الزملاء من أن تسوّغ مسكن في تونس العاصمة أصعب بكثير من الدراسة والنجاح… لم أتصوّر أن تكون الأمور هنا بمثل هذه الصعوبة و العُسر ». حاول وليد في البداية البحث عن منزل يكتريه في احدى ضواحي العاصمة، متوقّعًا أن تكون مساكن الضواحي اقل سعرًا من مثيلاتها وسط العاصمة. و يروي محنته التي امتدّت على ثلاثة أيام من البحث المستمرّ: « استسهلت الأمور أكثر من اللازم، ظننت أن بعض الدنانير ستحلّ الإشكال، وضعت أغراضي لدى قريب لي مقيم هنا وانطلقت في رحلتي بحثًا عن مسكن محترم، ثم كانت الضربة القاصمة التي تلقيتها من وسيط (سمسار) محتال ظننت أنه سيريحني عناء البحث، لكنه تقاضى مبلغ أربعين دينارًا ليتلاشى بعد ذلك تمامًا دون أن أستقرّ… باختصار أنا شبيه بالمشرّدين الآن فلا سكن لي و لا مال يكفي للإقامة ». حالة الطالب وليد قد تلخّص معاناة المئات أو الآلاف من طلبة تونس الذين يستعدون بعد أيام قليلة للعودة إلى مقاعد الدراسة وإستهلال سنة أخرى من العمل والكدّ، عسى أن تكلّل في نهايتها بالنجاح. ومع انطلاق رحلة البحث عن سكن قريب من مكان الدراسة وبثمن مناسب مع انتصاف شهر أغسطس من كل سنة، تكثر الشكاوى والتظلّمات في صفوف الطلبة من الغلاء الفاحش لأسعار المساكن المخصصة للكراء وممّا يسمّونه « سياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها الجهات المعنية عبر تمكين بعض المحظوظين من سنوات إضافية من السكن في المبيتات الحكومة وترك الأغلبية الساحقة من الطلبة يواجهون مصيرهم بمفردهم »، على حدّ تعبير الطالب مبروك من محافظة قابس. « لبّ الإشكال يكمن في عدم منحنا الأحقية في السكن لسنتين أو أكثر على الأقل كما كان معمولاً به في السابق، يضيف مبروك بحنق شديد »، حتى إن لم ننل حقنا في السكن في المبيتات الحكومية فعلى الأقل ليجتهد المسؤولون ويوفروا لنا أحياء أو ما شابه تكون قريبة من المركبات الجامعية وبأسعار مناسبة… نحن نتعرض لحملة ابتزاز كبيرة من قبل السمسارة و مالكي المساكن المخصّصة للكراء ، كما أننا لا نقدر على أسعار المبيتات الخاصة التي تتراوح بين 50 و 150 دينارًا للشهر الواحد ». وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجي من جهتها لا تمكّن الطلبة الذكور من الانتفاع بسكن جامعي عمومي مجاني سوى لسنة واحدة ، في حين يتمّ السماح للإناث بسنتين أو أكثر. ويشترط في الراغبين في الانتفاع بالمبيت الجامعي العمومي أن يكون مقر إقامتهم الأصليّة على مسافة 30 كلم أو يزيد من مكان الدراسة. وتعزو الوزارة هذا الإجراء الذي بدا « ظالمًا ومجحفًا » على حدّ تعبير عدد من الطلبة ممن تحدثت معهم « ايلاف » بالارتفاع الكبير لعدد الطلبة، وعدم تمّكن المبيتات العمومية من استيعاب أعدادهم الغفيرة. تقول الطالبة سعاد 25 سنة مُعلّقة بسخرية: أليسوا مع فتح الجامعة لكل من هبّ ودبّ …لم لا يستعدّون خير استعداد لاستقبال وفود الطلبة المتزايدة عاما بعد عام… ولنفترض أن مبيتاتهم لا تقدر على استيعاب كافة الطلبة… هل سنتمكّن من اكتراء مساكن بمنحتهم المتواضعة التي لا تسمن ولا تغني من جوع ». عدد من أصحاب المحلات المخصصة لسكن الطلبة اشتكوا من جهتهم من ‘استهتار الطلاّب بأملاك غيرهم وعدم خلاصهم لمستحقاتهم في الإبان ‘. و يقول رمزي و هو محام صاحب مبنى مخصّص للكراء بأحد الأحياء الشعبية وسط العاصمة : »نعلم أن الطلبة يشتكون باستمرار من غلاء أسعار المساكن والشقق ، لكن غلاءها ظاهرة عامة في تونس العاصمة و نحن لا نستهدفهم دون غيرهم … لنا تحفظاتنا أيضًا على بعض سلوكاتهم ونمط عيشهم المستهتر فما اصرفه سنويًا على إصلاح شُققي يفوق ما يمكن أن اجنيه من الربح تبعًا لتسويغها، ناهيك عن فاتورات الماء و الكهرباء التي يخلفونها ورائهم دون تسديد معاليمها بعد أن يغادروا في جنح الظلام. » حديث الطالبة ‘سعاد’ عن قيمة المنحة الجامعية المتدنية لدى الطلبة يفتح ملفّا آخر يبدو مؤلمًا لدى الشرائح الأوسع من الطلبة. فالمنحة الجامعية التي تقدّر بـ 550 دينارًا تدفع على أربعة أقساط وفي فترات زمنية متباعدة خلال السنة لا تفي بحاجيات الطلبة التونسيين. « لا يمكن لها (المنحة) تغطية مصاريف الكراء والأكل والشرب والتنقّل وغيرهم « يقول طالب الآداب ضياء 22 سنة. أرقام رسمية صادرة عن ديوان الخدمات الجامعية للشمال تشير إلى 48088 ممنوحًا في حين بلغ عدد الممنوحين حسب ديوان الخدمات الجامعية للجنوب الـ 24.450 طالبًا، أما ديوان الوسط فلم يضع بعد إحصائياته المحيّنة بالنسبة إلى السنة الماضية إلا أن الثابت أن عدد الطلبة الممنوحين في طول البلاد و عرضها لا يتجاوز ثلثي العدد الحقيقي للطلبة المرسمين في مختلف الأجزاء الجامعية والبالغ عدد هم حاليًا 360 ألف طالب استنادًا إلى آخر الإحصاءات الرسميّة. ويقول نقابي شاب بالاتحاد العام لطلبة تونس (نقابة طلابية) رفض الكشف عن اسمه لإيلاف: « آلاف من الطلبة لا يتمتعون بمعلوم المنحة الجامعية الذي يعتبر رمزيًا مقارنة مع الارتفاع المشطّ في أسعار المواد الغذائية والأساسية وإرتفاع أسعار المساكن المخصصة للكراء… أرى أن الشروط التي تضعها سلطة الإشراف لتمتيع الطلبة بهذه المنحة غير موضوعية ولا شفافة، وإنما تبدو اقصائية لبعض المحتاجين وذوي الدخل المحدود، خضنا عدّة تحركات في سبيل الرفع من معلوم المنحة وتعميمها على الجميع لكننا لاقينا آذانًا صمّاء لا تستجيب لمطالب الطلبة وحاجياتهم
(المصدر: موقع « إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ 1 أكتوبر 2008)
هل يتجه العالم إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في الاقتصاد؟
محمد النوري – باريس منذ بداية اندلاع الأزمة المالية الراهنة التي هزت أركان النظام المالي الرأسمالي العالمي الأسبوع الماضي وأدت إلى إفلاس كبرى البنوك الأمريكية الناشطة في مجال الأعمال والاستثمارات المالية والتأمين منذ عشرات السنين، انطلقت حالة من الهلع ودب الفزع في أوساط البنوك وصناع القرار المالي على صعيد دولي واسع ولا سيما في أمريكا وأوروبا خشية أن تنتقل العدوى إلى بقية أطراف العالم وتتحول هذه الأزمة المالية المحدودة مؤقتا، إلى أزمة اقتصادية عامة تهدد العالم بأسره على غرار أزمة الكساد الكبير 1929 حيث لا يستطيع احد أن يتكهن بعواقبها ومآلاتها وأخطارها. بدأت الأزمة الحالية منذ أوت 2007 بأزمة الرهن العقاري(Subprime) الّتي ضربت عددا من البنوك الأمريكيّة ، حيث أعطت البنوك قروضا لاقتناء مساكن بتسهيلات كبيرة وكانت تلك القروض مرتبطة بنسبة فائدة السوق المتغيرة ، وحيث أنّ المواطن الأمريكي استعمل جزءا من تلك القروض للاستهلاك الفردي وعندما ارتفع سعر الفائدة أصبح عاجزا عن دفع وإرجاع أقساط القروض فانهارت أسعار العقارات نتيجة أنّ البنوك الّتي أعطت تلك القروض الميسّرة وجدت نفسها في صعوبات استخلاص أموالها والقروض كانت بحجم مالي مرتفع جدّا ممّا تسبّب في بداية أزمة خانقة للقطاع المالي. ثم تحولت هذه القروض العقاريّة الرديئة إلى قروض عالية المخاطر ووظفت في مضاربات غير مشروعة مما سرع من عملية الانهيار لدى عدد هام من البنوك وأحدث إعصارا كبيرا في البورصات والأسواق المالية العالمية. اضطرت الحكومات الغربية التي تعتنق سياسات اقتصاد السوق منذ عقود والتي ترفض تدخل الدولة بشكل صارم بل وظلت ولا تزال تبشر بمنافع الخوصصة وحتمية التخلص من القطاع العام ،اضطرت هذه الحكومات تحت وطأة الأزمة الهيكلية الخانقة إلى النكوص عن تلك السياسات المتعسفة وتدخلت الدولة بكل قوة وحزم وبحجم لا نظير له لإنقاذ الوضع ومنع التدهور وضخت مئات المليارات لإيقاف النزيف واستعادت حصصا هامة من أسهم تلك البنوك والمؤسسات وأحالت القائمين عليها على المعاش الإجباري بصورة تعيد للأذهان سياسات التأميم التي قبرت مع العهد الاشتراكي الهالك. ولكن هذه الإجراءات والإسعافات الظرفية ليست في نظر العديد من رجال الاقتصاد وعقلاء السياسة، سوى معالجات تسكينية لتخفيف الأوجاع وهي بمثابة عملية ترحيل للأزمة وليس حلا لها بل هي تصحيح لوضع خاطئ وتطهير لوضعية غير سليمة . وهم يعتقدون أنّه آن الأوان للتخلّي عن النظام المالي الحالي الّذي أصبح يعمل بدون مراقبة جدّية وضوابط واضحة وثابتة يرمز إليها ك ًسجن بدون حراسٌ والانتقال إلى نظام مالي عالمي جديد يكون أكثر مراقبة وصرامة وذلك بوضع مقاييس علميّة. والملفت للانتباه في هذا الصدد ليس توالي صيحات الإنذار والتنبيه لخطورة الأوضاع عالميا وان المنتظر أسوأ مما يتصور الجميع.ليس ذلك فحسب ولكن انتقلت تلك الصيحات والنداءات إلى حد الهجوم العنيف على قواعد النظام الرأسمالي التي تقف وراء الكارثة التي تخيم على العالم والمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية في المجال المالي والاقتصادي كحل أوحد للخروج من المأزق! وقد صدرت على سبيل المثال مقالات متعددة (*) في هذا الاتجاه وعلى أعمدة وفي افتتاحيات كبرى الصحف والدوريات الاقتصادية العريقة في أوروبا وفي بلد رائد للعلمانية ومناهضة تدخل الدين في السياسة والاقتصاد! فقد كتب بوفيس فانسون( Beaufils Vincent ) رئيس تحرير مجلة ًتحدياتً( Challenges) افتتاحية اثارت الكثير من الجدل وردود الفعل في اوساط المال والاقتصاد تحت عنوان: البابا أو القرآن؟ تزامنا مع زيارة البابا الأخيرة لفرنسا،تساءل فيها عن لا أخلاقية الرأسمالية مثلما أشار إلى ذلك الفيلسوف الفرنسي سبونفيل(Sponville ) في كتابه الشهير: هل الرأسمالية نظام أخلاقي؟ و ركز في ذلك على دور المسيحية كديانة والكنيسة الكاتولبكية بالذات في تكريس هذا المنزع والتساهل في تبرير الفائدة، هذا النسل الاقتصادي السيئ الذي أودى بالبشرية إلى الهاوية على حد تعبير القديس بازيل(Saint Basile) واعتبارها آلية ضرورية للنظام الاقتصادي المعاصر!. وتساءل الكاتب بأسلوب يقترب من التهكم من موقف الكنيسة ومستسمحا البابا بونوا السادس عشر قائلا: ًأظن أننا بحاجة أكثر في هذه الأزمة إلى قراءة القرآن بدلا من الإنجيل لفهم ما يحدث بنا وبمصارفنا لأنه لو حاول القائمون على مصارفنا احترام ما ورد في القرآن من تعاليم وأحكام وطبقوها ما حل بنا ما حل من كوارث وأزمات وما وصل بنا الحال إلى هذا الوضع المزري! لان النقود لا تلد النقود ! وفي نفس السياق وبأكثر وضوح وجرأة طالب رولان لاسكين(Roland Laskine) رئيس تحرير صحيفة لوجورنال دو فينا نس(Le Journal De Finances) في افتتاحية هذا الأسبوع ،طالب بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في المجال المالي والاقتصادي لوضع حد لهذه الأزمة التي تهز أسواق العالم من جراء التلاعب بقواعد التعامل والإفراط في المضاربات الوهمية غير المشروعة. وقد عنون مقالته الجريئة: هل تأهلت وول ستريت (Wall Street) (بورصة نيويورك) لاعتناق مبادئ الشريعة الإسلامية؟ وتعرض في هذا المقال الملفت إلى المخاطر التي تحدق بالرأسمالية وضرورة الإسراع بالبحث عن خيارات بديلة لإنقاذ الوضع وقدم سلسلة من المقترحات المثيرة في مقدمتها تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية برغم تعارضها مع التقاليد الغربية ومعتقداته الدينية وذكر في هذا الصدد البعض من تلك المبادئ مثل بيع الإنسان ما لا يملك ومنع الإقراض بفائدة وهي جوهر ما جاء به القرآن منذ قرون طويلة على حد تعبيره. وتساوقا على ما يبدو مع هذه النداءات أو استباقا للتطورات والمفاجآت، أصدرت الهيئة الفرنسية العليا للرقابة المالية وهي أعلى هيئة رسمية تعنى بمراقبة نشاطات البنوك،أصدرت هذا الأسبوع أيضا قرارا على جناح السرعة تفاعلا مع تداعيات الأزمة المالية الراهنة، يقضي بمنع تداول الصفقات الوهمية والبيوع الرمزية واشتراط التقابض في أجل محدد بثلاثة أيام لا أكثر من إيرام العقد، وهو ما يتطابق مع أحكام الفقه الإسلامي في باب البيوع: بيع معجوز التسليم أو بيع المعدوم أو بيع الإنسان ما ليس عنده!كما ورد في حديث حكيم بن حزام. وكان أن أصدرت نفس الهيئة المذكورة قرارا مماثلا منذ أشهر يسمح للمؤسسات والمتعاملين في الأسواق المالية بالتعامل مع نظام الصكوك الإسلامي في السوق المنظمة الفرنسية.ومعلوم أن الصكوك الإسلامية هي عبارة عن سندات إسلامية مرتبطة بأصول ضامنة بطرق متنوعة تتلاءم مع مقتضيات الشريعة الإسلامية. ومنذ سنوات والشهادات تتوالى من عقلاء الغرب ورجالات الاقتصاد تنبه إلى خطورة الأوضاع التي يقود إليها النظام الرأسمالي الليبرالي على صعيد واسع وضرورة البحث عن خيارات بديلة تصب في مجملها في خانة البديل الإسلامي. فقد أشارت باحثة إيطالية (لووريتا نابليوني) إلى أهمية التمويل الإسلامي ودوره في إنقاذ الاقتصاد الغربي في كتاب لها صدر مؤخراً تحت عنوان « اقتصاد ابن آوى » اعتبرت فيه أن « مسؤولية الوضع الطارئ في الاقتصاد العالمي والذي نعيشه اليوم ناتج عن الفساد المستشري والمضاربات التي تتحكم بالسوق والتي أدت إلى مضاعفة الآثار الاقتصادية للارتفاع » وأضافت « إن التوازن يمكن التوصل إليه بفضل التمويل الإسلامي بعد تحطيم التصنيف الغربي الذي يضع على قدم المساواة الاقتصاد الإسلامي والإرهاب وتبني التمويل المذكور في القرآن » على حد قولها ورأت نابليوني أن « التمويل الإسلامي هو القطاع الأكثر ديناميكية في عالم المال الكوني « . واعتبرت أن « المصارف الإسلامية يمكن أن تصبح البديل المناسب للبنوك الغربية.فمع انهيار البورصات في هذه الأيام وأزمة القروض في الولايات المتحدة فإن النظام المصرفي التقليدي بدأ يظهر تصدعاً » يحتاج إلى حلول جذرية عميقة. ومنذ عقدين من الزمن تطرق الاقتصادي الفرنسي الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد موريس آلي (Maurice ALLAIS) إلى الأزمة الهيكلية التي يشهدها الاقتصاد العالمي بقيادة الليبرالية المتوحشة واعتبر أن الوضع على حافة بركان.وهو مهدد بالانهيار تحت وطأة الأزمة المضاعفة: المديونية والبطالة. واقترح للخروج من الأزمة وإعادة التوازن شرطين هما تعديل معدل الفائدة إلى حدود الصفر ومراجعة معدل الضريبة إلى ما يقارب 2%. وهو ما يتطابق تماما مع إلغاء الربا ونسبة الزكاة في النظام الإسلامي. (*) يمكن الإطلاع على هذه المراجع عبر الوصلات التالية: http://www.challenges.fr/magazine/0135-016203/le_pape_ou_le_coran.html http://www.jdf.com/indices/2008/09/25/02003-20080925ARTJDF00004-wall-strepour-adopet-mur- ter-les-principes-de-la-charia-.php http://www.amf-france.org/documents/general/8363_1.pdf http://www.amf-france.org/documents/general/8372_1.pdf
الجوع بات لسان الشعب
بقلم مصباح غرسلّي
يبدو أن الجوع بات لسان الشعب مادام الجوع قاتله بكل الأحوال. هل يجب أن نموت جوعا لتدرك الحكومة أن هناك أزمة ؟ هل يجب أن تعسكر المدن لتدرك هذه الحكومة أن الحلول الأمنية لم تعد مجدية؟ لا يفل الحديد إلا الحديد، وفي تونس لا يقضى على الجوع إلا بالجوع. من جديد يتحرك الشباب بولاية القصرين على غرار مدينة فريانة و قبلهما بالحوض المنجمي في إضراب جوع مفتوح بعنوان طلب الشغل. المضربون خمسة (قيس عتوري- لطفي قسومي – عادل قسومي – لطيفة عيشاوي – العلمي عيشاوي) من عائلات معوزة وهي سمة باتت تمس نسبة عالية بالجمهورية التونسية، تاريخ الإضراب 24 من سبتمبر2008 بمقر الاتحاد العام التونسي للشغل، الإغماءات تسجل بصفة يومية منذ يوم السبت. قرر هؤلاء الشباب الدخول في إضراب بعد أن سدت أمامهم سبل العيش وعائلاتهم التي علقت عليهم آمالا وأحلاما وكانت النتيجة التخرج والبطالة وركون إلى بيوت خاوية توشك أن تنهار على رؤوس أصحابها كما حادثنا احد الأولياء. يذكر أن العديد من النقابيين والسياسيين قد قاموا بمساندتهم كما راسلت جامعة الحزب الديمقراطي التقدمي بالقصرين والي الجهة بهذا الشأن طالبة منه التدخل لفائدة المضربين. يبدو أن الجوع بات وسيلتنا الوحيدة لنيل المقرات والسفر والاستحقاقات وكتابة المقالات وحتى رغيف الخبز. في الحوض المنجمي ينكّل بالأهالي ويزجّ بالشباب في السجون وفي فريانة المأساة الملهاة كانت المحاكمات سجالا والطلب يظل واحدا العيش الكريم. كل هذا ونحن نشهد تحويرات وزارية لا نعلم دواعيها وجدواها في حين يعاني اقتصادنا كل الأزمات ولا جديد يذكر. الحكومة صماء أمام ما يحدث و مثقفي السلطة يتشدقون علينا بالأكاذيب. نقول لهم جميعا اسألوا جيب المواطن فهو خير دليل راجعوا الحسابات البنكية لمن لهم حساب. هل أضحى التونسي رقما يستعاض عنه مجردا من كل إنسانيته؟ أم أن آمال العائلات أمرا لا يهم؟ عيد بأي حال عدت يا عيد قيلت وستقال مادام أبناؤنا يعانون الويلات بالحوض المنجمي، بفريانة، بالقصرين… بعنوان الخبز. إن ما يحدث منذ السنة الفارطة ينذر بكارثة على مستوى وطني ونظن انه آن الأوان لحوار جدي حول مستقبل تونس مع جميع الأطراف قبل فوات الأوان. مصباح غرسلّي
(المصدر : موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 1 اكتوبر 2008)
الإسلاموفوبيا في تونس: صالح الزغيدي نموذجا
المتتبع للساحة الفكرية في تونس منذ سقوط جدار برلين يلاحظ بدون كبير عناء أن بعض اليسار نسوا البروليتاريا وتخلوا عن دكتاتوريتها دون سابق إعلام أو « نقد ذاتي » كما كان يحلو لهم، وسقط من شعاراتهم الصراع الطبقي ومقاومة الامبريالية ومحاربة البرجوازية، ولم يبق لهم من ماركس ومن أنقلز إلا « الدين أفيون الشعوب ». إنهم طاقم الإسلاموفوبيا في أرض الإسلام. تتأكد لدى المرء هذه الفكرة كلما اطلع على خطاب وحتى ممارسة بعض اليسار التونسي خلال السنوات القليلة الماضية. ولكن قد لا يتسع المجال لدراسة مستفيضة بهذا الشأن في هذا الحيز، ولذلك سأقتصر على أحد النماذج التي أراها معبرة عن توجه عدد من اليساريين ممن فتحت لهم بعض المنابر للقيام بدور أنيط بهم، بعد أن لم يبق لهم من دور آخر في الحياة. غير أن الموضوعية تفترض القول بأنهم بعض اليسار وليسوا كله، وأنهم يحتلون الهامش في اليسار وليسوا القلب منه. ومن أبرز هؤلاء السيد صالح الزغيدي. هو من أبرزهم ليس من باب إنجازات حققها، إذ أنه لم يحقق في حياته إنجازا ما على أي صعيد، ولكنه أبرزهم من حيث استعداده للقيام بدور ما في الساحة لفائدة طرف ضد آخر. عاش السيد صالح الزغيدي الستينات والسبعينات والثمانينات والتسعينات وها نحن نشرف على نهاية العقد الأول من الألفية الجديدة، ولم ينجز ما حلم به في الشباب ولا ما ناضل من أجله في الكهولة ولا ما بقي له في الشيخوخة. ويكاد يخرج من الطرح دون أن يحقق شيئا يمكن أن يسجله له التاريخ. وربما لن يشفع له في هذا المجال تصريح في جريدة، أو تدخل في محاضرة، أو حتى مطلب لتأسيس جمعية. من حظ السيد صالح الزغيدي أن اسمه تكرر في المدة القليلة الماضية على صفحات جريدتين، تتبعان دار الصباح، هما لوطون والصباح، بالإضافة إى موقع إيلاف الألكتروني. حيث أعطى للوطون تصريحا (22/9) وأوردت الصباح )26/9) تدخلا له في إحدى الندوات. وفي النصين عبر الرجل عن أنه في الخدمة، فقط ليسمح له بالقيام بدور ما. وقد عبر عن ذلك بكل وضوح في الحوار الذي أجراه معه السيد نجيب ساسي في جريدة لوطون بتاريخ 22 سبتمبر الماضي. الحوار لم يتطرق إلى مسألة واحدة، وإنما إلى أكثر من مسألة، كان آخرها مسألة جمعية الدفاع عن اللائكية. وقبل الدخول في تفاصيل ذلك الحوار، لا بد من أن أعبر عن تضامني مع السيد صالح الزغيدي ورفاقه الخمسين وأضم صوتي إلى أصواتهم حتى يحصلوا على تأشيرة لجمعيتهم. وهذا رغم أني لا أشاطرهم الأهداف التي رسمها السيد صالح الزغيدي لها في حواره بجريدة لوطون. يتبين من ذلك الحوار أن هدف جمعية الدفاع عن اللائكية لا يعدو أن يكون محاربة « عدو » غائب عن الساحة التونسية منذ ما يقرب من عقدين كاملين. فقد صب جام غضبه على الفضائيات الدينية التي يتابعها الشباب والنساء في تونس، باحثين عن أجوبة من يسميهم « العلماء » (كذا). وأنه سيأتي بالأجوبة حول العلاقة بين الدين والدولة ومكانة « رجال الدين » ووظيفة الدولة بخصوص الدين والشعائر، وعن دور المدرسة بخصوص المسألة الدينية. وهو اعتراف بأن برنامج المرحوم محمد الشرفي لـ »تجفيف المنابع » الذي صفق له السيد الزغيدي في وقته، لم يؤت أكله وآل إلى فشل ذريع. لكن الأهم من ذلك أن السيد صالح الزغيدي غازل السلطة في محاولة منه التأثير عليها لمده بوصل الاعتراف بجمعيته إذ يقول بالحرف الواحد: « في الوقت الذي تتعاظم فيه المخاوف إزاء الأسلمة الزاحفة القادمة من الخارج » (وهل بقي في العالم خارج وداخل؟ ثم كأن الإسلام عند السيد الزغيدي هو سلعة أجنبية يمكن غلق الحدود الوطنية دون دخولها) « ولكن أيضا وبكل أسف من الداخل أيضا، فإن جمعيتنا يمكن أن تقوم بدور المنقذ » (في غزل واضح للسلطة حتى تستأنف ما قامت به بمعية بعض اليسار في التسعينات وبعدها ضد الإسلاميين). « إنهم المتطرفون الإسلاميون هم الذين يعتبرون أن الأفكار والقيم اللائكية لا يجب أن توجد في « أرض الإسلام ». إنهم هم الذين يعتبرون أن الدفاع عن اللائكية هرطقة وأنها ردة إذا كان مرتكبها مسلما. يقولون هذا لأنهم يعتقدون ذلك ثم لأن هذا يساعدهم بتنحية أولئك الذين يعارضون مشروعهم الرجعي » (وهل لهذا المصطلح اليوم من معنى بعد أن لم يعد لمصطلح تقدمي من معنى؟). ويختم السيد صالح قوله : « عند الاعتراف بجمعيتنا ستكون قادرة على مقاومة هذا الخطر وهو في صالح البلاد » (بمعنى في صالح النظام القائم). إن عقدة بعض اليسار هو الدين، إذ لم يبق لهم من الإيديولوجيا الماركسية إلا « الدين أفيون الشعوب ». تغير العالم وتغير كل شيء -حتى فيهم هم- إلا العداء للدين، ألم يشر السيد الزغيدي في نفس الحوار إلى ما اعتبره « مبادئ ضد المساواة وتمييزية » في الدين؟ رغم أنه يصرّ على أنه ليس معاديا للدين إذ يعرّف اللائكية التي كان من أهم مؤسسي جمعية للدفاع عنها بأنها « ليست العداء للدين بل تمسكا بحق المتدينين في التدين واللادينيين في اللاتدين » (الصباح 26/9/2008). ولكن يناقض نفسه في حوارات أخرى أدلى بها في نفس هذه الفترة، إذ انتقد « انتشار الحجاب الإسلامي الذي أضحى ظاهرة اجتماعية وحضارية خطرة » (موقع إيلاف 25/9/2008). ألا يدخل الحجاب في حرية المتدين في التدين، وهو المبدأ الذي يدعي السيد الزغيدي الدفاع عنه؟؟ إن الرجل لم يحترم حتى كون الحجاب من باب « حرية شخصية » أو حتى « حرية لباس »، وطفق يدحض هذه الحجة، فكيف تراه يقبل بحرية التدين وهو الذي آمن منذ شبابه بأن « الدين أفيون الشعوب »؟ وأكثر من ذلك فهو يحاكم الناس بما يتخيل هو أنه من نواياهم، وليس من خلال نصوص نشروها، ولا عجب في ذلك فالرجل لا يحسن غير الجدل الإيديولوجي ولم يتسلح يوما بمنهج علمي، ولا نلومه على ذلك حيث لا يسمح به تكوينه. إلا أن العجب أنه يحاكم المتحجبات لما يرى أنه « علّة » في الإسلام أو على الأقل في الحركة الإسلامية وهذا ما يمكن تبينه من كلامه عندما يقول : « أنّ من كان من بين معتقداته المقدّسة نفي حرية المعتقد (قضية الردّة وحكمها القتل في الإسلام) ونفي حريّة الزواج ونفي حرية الشرب (الخمر) وغير ذلك من المحرمات في ميدان الحرية الفردية، لا يمكن أن يتكلّم على ضرورة احترام حريّة اللباس كحرية فردية أو كقضية حقوقية ». وهو ما يعني أنه ليس مع حرية تدين المتحجبات لأن دينهن الإسلام، أو لأنهن منخرطات في حركة إسلامية. وحينئذ ليس أمامنا إلا التساؤل فأي معنى لللائكية التي يتكلم عنها السيد الزغيدي على « أنها تدافع عن المتدين في تدينه »، أم أن هذا لا ينسحب على الإسلام وإنما على أديان أخرى في تونس لا تنفي حرية المعتقد وحرية الزواج وحرية الشرب حسب تعابيره؟ إن جملة ما يعبر عنه السيد صالح الزغيدي وبعض اليسار، لا يمكن اعتباره إلا إسلاموفوبيا ذات نكهة خاصة باعتبارها موجودة على أرض الإسلام، وقد نجحت سابقا في التحالف مع بعض السلطة من أجل « شيطنة » الحركة الإسلامية، وها هي اليوم من جديد تعرض خدماتها مجانا هذه المرة. دون أن تكون قد استفادت من الفراغ السابق من أجل ما تعتبر أنه بناء أو تكون قد حالت دون حركة التدين الجديد التي تجتاح الشارع التونسي، أو حتى دون أن تفهم هذه الظاهرة الاجتماعية اعتمادا على المنهج الماركسي نفسه. وذلك ما يؤكد أن لم يبق لها من الماركسية إلا ذكرى. محمد العربي التونسي
تنامي الحركات التبشيرية في المغرب العربي يُهدد تجانسه الديني والمذهبي
رشيد خشانة أثار التقرير السنوي الذي تصدره وزارة الخارجية الأميركية عن الحريات الدينية في العالم موجة من الجدل والاتهامات مع الجزائر، بعدما رماها التقرير بالتضييق على المسيحيين. وأشارت الخارجية الأميركية إلى قانون ممارسة الشعائر الدينية الصادر عام 2006، واستدلت بمحاكمة بعض الجزائريين الذين اعتنقوا المسيحية. وقبل اندلاع حملة الاتهامات المتبادلة، باشرت الجهات الأمنية في الجزائر تحقيقا معمقا حول ظاهرة التنصير التي تقودها شبكات تعمل خاصة في الأحياء السكنية المخصصة للطلبة. وطبقا لصحف جزائرية، استطاعت تلك الشبكات إرسال كثير من الشباب الجزائريين إلى بلدان أوروبية لأهداف لم تتوضح بعد. ولئن شكّل تنامي حركات التنصير في الفترة الأخيرة قاسما مشتركا بين بلدان المشرق والمغرب العربيين، فإن الظاهرة ارتدَت طابعا أكثر دراماتيكية في المغرب العربي بالنظر إلى التجانس الديني والمذهبي السائد في أربعة من بلدانه الرئيسة، وهي المغرب والجزائر وتونس وليبيا، حيث لا وجود لأقليات مسيحية. ويسود المذهب السني المالكي بشكل مطلق في المغرب العربي منذ الفتح الإسلامي، وخاصة منذ أن عممه الإمام سحنون بن سعيد التنوخي (160هـ-240هـ) المدفون في مدينة القيروان. من هذه الزاوية، أحدثَ اكتشاف شبكات تبشيرية في المنطقة «خضة» في عقول كثير من الناس العاديين، لأنه أحالهم على سجل التحديات الدينية التي فُرضت على الأجيال السابقة خلال الفترة الاستعمارية. وكانت «الهجمة الصليبية» التي تزامنت مع احتفال رجال الدين الفرنسيين بذكرى مرور قرن على احتلال الجزائر في سنة 1930 ومرور نصف قرن على احتلال تونس في السنة الموالية، ألهبت مشاعر المسلمين، وأعطت دفعة قوية للحركة الوطنية في البلدين. كاثوليك وبروتستانت ومثلما كان الشبان السبعون الذين اعتُقلوا في الربيع الماضي في تونس للاشتباه في انتمائهم لجماعة «عبدة الشيطان» من طلبة الجامعات والثانويات، لوحظ أن أعمال التبشير التي تزايدت في الفترة الأخيرة استهدفت الشريحة الاجتماعية نفسها. وشكا كبير الأساقفة الكاثوليك في الجزائر، هنري تيسيي (فرنسي)، من دور البروتستانت، مُحمّلا إياهم المسؤولية عن تدهور العلاقات بين الكنيسة والسلطات الجزائرية من دون أن يُسميهم. وقال تيسيي في تصريحات أدلى بها في وقت سابق من الشهر الجاري: «إن زيادة نشاط المسيحيين التبشيريين في الجزائر ذات الغالبية المسلمة أدى إلى مصاعب خطرة تحدث بصورة دورية للكاثوليك رغم أن الكنيسة شرحت بوضوح أنها غير ضالعة في ذلك». وكانت الشرارة التي أشعلت نار الخلاف الأخير بين السلطات الجزائرية والكنيسة إقدام الراهب الفرنسي بيير واليز على الصلاة بمسيحيين في مدينة مُغنية غرب الجزائر القريبة من الحدود مع المغرب، وهي منطقة لا يُسمح فيها بممارسة الشعائر الدينية غير الإسلامية. ويمكن القول إن القانون الذي سنته الجزائر في 26 فبراير 2006 جاء ردا على تنامي الحركات التبشيرية، وبخاصة في منطقة القبائل التي اعتنق بعض سكانها المسيحية، ما تسبب في احتكاكات بين أبناء القرية الواحدة. وبموجب القانون الجديد، يُعاقب كل من يُغري المسلم بتبديل ديانته أو يُشجعه على ذلك بالسجن من سنتين إلى خمس سنوات، وبغرامة تتراوح بين خمسة آلاف وعشرة آلاف يورو، كذلك حظر القانون إقامة الشعائر غير الإسلامية خارج الأماكن المُخصصة لذلك. واعترفت صحيفة «لوموند» الفرنسية في تقرير لموفدها إلى الجزائر نشرته يوم 28 فبراير الماضي، أن «نشاط الإنجيليين حقيقي في البلد، وأنه يثير قلق الأهالي الذين يصدمهم ارتداد بعض معارفهم عن الإسلام في قرى صغيرة حيث يعرف الناس بعضهم بعضا». وعلق المراسل الذي حجبت الصحيفة اسمه، قائلا إن الجزائريين «يشعرون أن الحاجز الذي يمثله الإسلام يتعرض للهجوم». ولعل ما يدل على تنامي عدد مُعتنقي المسيحية في البلاد أن إحصاءات رسمية حديثة أظهرت أن هناك حوالي عشرة آلاف مسيحي في الجزائر. وعزا وزير الشؤون الدينية الجزائري، بوعبدالله غلام الله، تزايد البروتستانت إلى «مؤامرة من الأوساط المسيحية المُتصهينة في الولايات المتحدة الأميركية تستهدف الجزائر». وعبرت جمعية العلماء الجزائريين عن موقف مماثل، فيما اتهم غلام الله الإنجيليين بالعمل على تكوين أقلية دينية لكي تكون ذريعة لاستدعاء الحماية من الخارج. عشرة مسيحيين في اليوم؟ وأفادت صحيفة «الرياض» السعودية في معرض حديثها عن التنصير في الجزائر أن الأرقام تتحدث عن عشرة جزائريين يتنصرون يومياً، وأكدت أن هذا المد الإنجيلي «يقع بتوجيه مباشر من قبل لجان مختصة عالمية، أبرزها لجنة في الكونغرس الأميركي أقامها المحافظون الجدد». وكشفت الصحافية الجزائرية فضيلة مختاري بعضا من الأساليب المعتمدة في نشر المسيحية في بلدها، مثل تقديم النصرانية على أنها دين سلام، والإسلام دين إرهاب. وأماطت مختاري اللثام -في تحقيق نشرته في صحيفة «الشروق» الجزائرية في 30 مارس الماضي- عن مواقع نشاط المبشرين التي تتركز في منطقة القبائل، وقالت إن بعض الأماكن تتحول يوم الجمعة إلى كنائس، إذ ينتهز روادها تفرغ المسلمين للعبادة ليقوموا بأداء طقوسهم. وكشفت الصحافية أيضا أن كل من يذهب إلى الكنيسة في ولاية بجاية (القبائل) يحصل على مبلغ مالي قدره 1000 دينار جزائري مقابل أدائه الصلاة يوم الجمعة لعدة أسباب، منها ضمان توافد المتنصرين الجدد في مثل هذا اليوم بالذات كدلالة على تركهم الإسلام. وفي المغرب أيضا كشفت صحيفة «التجديد» مؤخرا عن حملة تنصير واسعة في منطقة شتوكة ذات الأكثرية الأمازيغية. كذلك امتدت الحملات إلى منطقة الطوارق على الحدود الجزائرية مع مالي والنيجر. وبعدما كانت الحملات تتم ببطء وبعيدا عن الأضواء، باتت اليوم -بفضل تطور التكنولوجيا وتقدم العولمة- تستخدم أحدث الوسائل، مثل شبكة الإنترنت والهواتف النقالة والقنوات الفضائية. أما في تونس، فزاد عدد المسيحيين في أعقاب نقل مكاتب «البنك الإفريقي للتنمية» إليها مؤقتا من ساحل العاج في مطلع العقد الحالي. وشكل مجيء أعداد كبيرة من الأفارقة المسيحيين مناسبة لمعاودة تنشيط الكنائس التي كانت مقفلة، غير أن أسقف تونس، الأب مارون لحام، نفى أن يكون للكنيسة أي ضلع في أعمال التبشير. وأيا كان حجم المسيحيين في المغرب العربي وحقهم في ممارسة شعائرهم بحرية، فالواضح أن هناك جدلا مرشحا للاستمرار حول ظاهرة توسع الحركات التبشيرية وعلاقتها ببعض الدوائر الغربية التي تسعى إلى إدخال المنطقة في أتون صراعات طائفية. (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 1 أكتوبر 2008)
الجماعة الإسلامية في مصر تعرض «مصالحة تاريخية» مع النظام
القاهرة – أحمد رحيم الحياة – 01/10/08// في ما بدا أنه محاولة لطمأنة النظام المصري، أكدت الجماعة الإسلامية أنها «لا تسعى إلى الوصول إلى كرسي الحكم»، معتبرة أن « لا سبيل لوصول الحركة الإسلامية إلى الحكم لا بالقوة ولا بالديموقراطية (..) وإن وصلت إليه أرغمت على تركه». وحددت الجماعة الإسلامية، في بيان حصلت «الحياة» على نسخة منه، «إطاراً» لعلاقتها مع الدولة يقوم على «التوافق والتعاون والتآزر في القضايا الكلية التي تهم الإسلام»، عارضة «مصالحة تاريخية بين أهل الدين مع أهل الحكم» وذهبت إلى حد ضرورة «التحالف بينهما»، وأقرت بإخفاقاتها رافضة تحميل أي جهة أخرى مسؤولية هذه الاخفاقات. وقالت الجماعة في بيانها الذي أصدرته لمناسبة «بداية عقد جديد» من حياة الحركة الإسلامية وبعد ما يقرب من «قرن من الزمان من سقوط الخلافة الإسلامية» إن «الإقصاء المتعمد للحركة الإسلامية وتهميشها ومحاولة (البعض في الداخل والخارج) إبعادها عن أداء دورها خسارة كبيرة للأمة وللأوطان». وحرصت الجماعة على الإشارة إلى أنها لا تدّعي «أن الحركة الإسلامية هي كل الإسلام في مصر أو العالم الإسلامي ولكنها جزء مهم منه»، كما حضت الحركة الإسلامية على الاعتراف بأخطائها وإخفاقاتها «التي حدثت ليس فقط نتيجة الظروف الاستثنائية والضغوط والسياسات السيئة التي مورست ضدها لفترة طويلة، ولكن أيضاً نتيجة لأسباب من داخل الحركة الإسلامية نفسها». وقالت: «على الحركة الإسلامية ألا تلصق أخطاءها بغيرها أو تعلقها على شماعة المؤامرة لتريح نفسها من عناء محاسبتها لنفسها (…) لقد حدثت تلك الإخفاقات نتيجة إصرار الحركة الإسلامية على الصدام المستمر الساخن أو البارد مع الدول التي تعيش في ظلالها وعدم محاولة الجمع بين السلطان والقرآن والحديد والكتاب في منظومة واحدة تخدم الدين». وشدد البيان على أن «عزة الأمة ورفعة شأنها مرهونة بمدى تصالح السلطان والقرآن». وتابع البيان: «لقد تأكد لنا بعد طول تجربة وممارسة، وبقراءة واعية عاقلة للواقع أن الحركة الإسلامية لن تصل إلى الحكم لا بالقوة ولا حتى بالديمقراطية عن طريق صناديق الاقتراع، وإذا وصلت إليه أجبرت على تركه، وما الصومال والجزائر وغزة منا ببعيدة»، داعية إلى عدم استنزاف الجهود والطاقات في صراع لا طائل من ورائه. وأشارت الجماعة الإسلامية إلى خسارة كبيرة «حين حصرنا أنفسنا بين خيارين لا ثالث لهما، فإما القتال والصراع حتى الموت أو إقامة الدولة الإسلامية». وأضاف البيان: «نحن أحوج ما نكون اليوم إلى خلق واقع جديد، يجعل العلاقة بين الدولة والحركة الإسلامية علاقة تكامل وتعاون ومشاركة، لا علاقة صدام وصراع وقتال». (المصدر: جريدة الحياة (يومية – بريطانيا) بتاريخ 1 أكتوبر 2008)
موقع: القاعدة تعلن مسؤوليتها عن انفجار الجزائر
دبي (رويترز) – قال بيان نشر في موقع على الانترنت يوم الاربعاء إن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي أعلن انه وراء تفجير انتحاري في الجزائر العاصمة يوم الاحد. وانفجرت سيارة ملغومة في تاكدمت قرب بلدة دلس الساحلية على بعد 100 كيلومتر شرقي العاصمة الجزائرية يوم الاحد مما ادى الى مقتل ثلاثة اشخاص واصابة ستة بجروح. وقالت القاعدة ان المهاجم هو ابو العباس عبد الرحمن وان سيارته كان بها 600 كيلوجرام من مادة ناسفة لم يكشف عنها. وجاء في البيان الذي نشر في موقع يستخدمه الاسلاميون ان التفجير استهدف ثكنات للجيش. وقال البيان « نزف لامة الاسلام البشرى بانتصارات المجاهدين واثخانهم في عبيد امريكا المرتدين. » ونشر تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي العديد من البيانات على الانترنت خلال شهر سبتمبر ايلول قائلا انه لن يتوقف عن هجماته الى ان تتحرر الجزائر من النفوذ الفرنسي والامريكي والى ان تعزل الحكومة الجزائرية التي وصفها البيان « بالمرتدة ». وأعلنت القاعدة مسؤوليتها عن عدة هجمات من بينها تفجيران انتحاريان في مكاتب الامم المتحدة ومبنى محكمة في العاصمة في ديسمبر كانون الاول عام 2007 قتل فيهما 41 شخصا. كما اعلنت القاعدة المسؤولية عن هجوم بشاحنة ملغومة ضد ثكنات لحرس السواحل في دلس في سبتمبر ايلول 2007 قتل فيه 37 شخصا. وبدأت اعمال العنف في الجزائر في عام 1992 عندما الغت الحكومة المدعومة من الجيش انتخابات كان الاسلاميون على وشك الفوز فيها. وقتل نحو 150 الف شخص في اعمال العنف التي اعقبت ذلك.
(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 1 أكتوبر 2008)
الوعي الثقافي بين السياسة والدين
عبدالسلام المسدّي ما زال موضوع «عودة المقدس» في العصر الحديث يغري الفكر الإنساني بالمعالجة والتفسير، غير أن الأعمق غورا والأبعد أثرا هو الاختراق الخاص على جبهة المؤسسة المعرفية، فلا نفتأ نرصد تحوّلا عجيبا في علاقة العلم بالمعتقد، وكأننا بفلولٍ بدأت تظهر على حصون الموضوعية العلمية، وطفق كثير من المنظرين الإنسانيين -من ذوي السمعة العالمية- يشككون في قدرة العلم على الاحتماء من تأثيرات الذات بكل نوازعها الطبيعية والثقافية، والأكثر اعتدالا وحصافة منهم يقولون إن تغييب الذات يفضي إلى انقطاع العلم عن رسالته التاريخية التي هي بالضرورة رسالة حضارية. ومن هنا عاد البحث في أخلاقيات العلم بحكم ما يتنادى إليه أصحاب القرار الدولي من ضرورة تأسيس مجتمع المعرفة على قواعد شاملة مستدامة. وفي الأثناء بدأنا نتابع جدلا جديدا ما كان أحد -منذ عقدين- يغامر بتوقع حدوثه، ويتعلق ذلك بطرح أسئلة جديدة حول وظيفة الجامعة وطرائق معالجتها لعلاقة المعرفة بالقناعات الحميمة. الحاصل من ذلك كله أن المثقف الذي يرى نفسه معنيا بالشأن العام، والذي ينخرط في ميثاق المثقف الملتزم، العضوي، النقدي، لم يعد باستطاعته أن يزهد في موضوع المعتقد، أو أن يستنكف من متابعة ظاهرة التدين في مختلف شرائح المجتمع متعللا بأن الموضوع لا يندرج في خانة اختصاصه العلمي. هنا –تحديدا- تعاودنا تلك الثلاثية الخاصة بالوعي: فلئن كنا جميعا نسلّم بأن الوعي الثقافي يستتبع بالضرورة وعيا سياسيا، فإن علينا أن نسلّم الآن بأن تلك المعادلة الثنائية أصبحت مشدودة من طرفيها إلى هذا الوعي الثالث الجديد الذي هو الوعي الديني، وبدهي لديك الآن -أيها القارئ- أننا لا نقصد أبداً أن يكون المهموم بالمعرفة أو المهموم بالسياسة كائنا متعلقا بالدين، أو كائنا منخرطا في مسلّمات المعتقد، وإنما نعني أنه محمول حملا على أن يتثقف بهذه الظاهرة الجديدة، سواء أكان يتحرك داخل دائرة القبول أم داخل دائرة الرفض. ربما فهمت الآن –أيها القارئ– لِمَ يتوجّس الناس من الموضوع فيتّقونه، إذ يرون ساحته مزروعة بالألغام، وأشد الألغام عليهم ليست متأتية من طبيعته بقدر تولدها من المناخات الذهنية والنفسية التي تحفّ به. وبحكم هذا المُعطى يتحوّل فضاء التفكير فيه، ومن ورائه فضاء الكتابة، إلى أفق غير آمن، لأن براءة التأويل تَفْقد حظوظها، وقد يصل الارتياب إلى حد الذعر الذاتي فتغدو القراءة نفسها -فضلا عن الكتابة- مَجلبة للشبهة. وليس أقدرَ على إخصاب الخيال المذعور خارج حدود الواقع من ارتباك المثقف حيث تضيع نجمته القطبية في مفترق الطريق بين ما يفكر فيه فلا يتجرأ على قوله، وما يباح له قوله وفيه تغييبٌ لما يفكر فيه. إن الحديث عن عودة المقدس لم يعد حديثا في الدين وإنما أمسى حديثا في ثقافة المجتمع، ولذلك هو حديث في الثقافة السياسية قطعا، غير أنه ذو خصوصية بالغة الدقة لأنه متضافر الازدواج، فيه معالجة السياسة من زاوية القناعات المجتمعية، وفيه معالجة المعتقد من منظومة إدارة شؤون المجتمع، ولكن تلابُسَ الأحداث أوصل بعض رجال النخبة الفكرية إلى امتطاء جواد المعتقد بإعادة إنتاج الخطاب السائد حوله وكأنه مطيّة طيّعة الركوب، وكثير منهم لا يستكملون الأشراط الدنيا في الثقافة المخصوصة التي هي –تحديدا- مجال تداخل الدين والسياسة. علينا أن ننتبه إلى هذه الظاهرة في المشهد الإنساني الشامل لنتبين التغيّرات الطارئة عليه خلال العقدين الماضيين كما أسلفنا، ويكفينا –على سبيل الإجمال– أن نتأمل ما حصل من العودة الكبرى للطقوس الدينية فيما كان يسمى باتحاد الجمهوريات السوفيتية، وما حصل من أحداث جسام في جمهوريات البلقان، وما يحصل في الصين، وما يتواصل في الهند.. كلها مشاهدُ تدبرٍ للراصدين على تغيير ذبذبات التعقب والاستكشاف، ولن يغيب عن خاطرنا الامتداد الجديد لصوت الكنيسة عبر ممثلها الروحيّ، لاسيما ورموز الدول العلمانية في العالم الغربي أصبحوا يتسابقون إليه للإنعام والمباركة. ولكن موضوع التوالج العميق بين الاختيارات السياسية والقناعات العقديّة الحميمة -سواء على مستوى الدين الكلي الواحد أو على مستوى التصوّرات التأويلية المتعددة داخل الدين الواحد- لا يبرح يكتسب صورا من تضارب المصالح الاستراتيجية الدولية ويتخذ من الأرض العربية ساحة للتشظي، وتزداد الصورة دقة كلما حصرنا دائرة الضوء في عدسة المجهر ولاسيما في رحاب المؤسسات الفكرية وهي التي ما زالت تحتفظ بسلطة قوية في مجال دفع الوعي الاجتماعي والسياسي. لا بد في هذا السياق من تدقيق خصوصية تاريخية عامة وَسَمتْ علاقة المؤسسة السياسية بالمؤسسة الدينية منذ انبعاث دول الاستقلال في الأقطار العربية، ذلك أن الدولة انطلقت ناشدة إنجاز مشروع حضاري يحفظ التوازن بين تحقيق الحداثة العصرية وصوْن مقومات الانتماء التاريخي، ولكنها بعد بضعة عقود وصلت إلى مأزق مجتمعي حاد يوشك أن يذهب بكل مكاسب الجماهير مهددا في الأعماق مقومات تحرّره من الاستعمار. وهنا استيقظ الوعي الحضاري فانبرى الوعي الديني خصيما على الواقع السياسي، وانبرى يؤسس من جديد لضرورة انصهار الوعيين معا: الدنيوي والأخروي. أصبح الانتماء إلى المقدس يتحرك في فضاء يعادي الحداثة والتحديث باعتبار أنهما وافدان من الغرب، وأن استلهامهما يعني بقاء التبعية واستفحال الاستلاب. واستغل الوعي الديني الجديد البؤس الاجتماعي الناجم عن التناقضات الجوهرية في المجال الاقتصادي. ولم يشفع لدولة الاستقلال في بعض الأقطار ما ظنت أنه يحصّنها من انسجام عرقي ولغوي ومذهبي وطائفي، وما ظنت أنه درع وقائي لها ولاسيما رسوخ نهضة تعليمية تكرع من مناهل العقلانية المتوازنة. abdessalemmseddi @ yahoo.fr (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 1 أكتوبر 2008)
نهاية حكاية الاقتصاد الحر: ردوا الحقوق الى اصحابها!
محمد صادق الحسيني (*) ‘انتهى عصر الاقتصاد الحر…’ وعلى الجميع اتخاذ الاحتياطات اللازمة لفتح مسار جديد في التعامل في سوق التعامل الاقتصادي العالمي وبشكل مختلف حتى لا تتكرر المأساة! هذا الكلام ليس لانسان عادي من العالم الثالث الذي غالبا ما ظل يوصف بالتخلف، ولا هو كلام لآخر من بقايا العالم الاشتراكي الذي غالبا ما ظل يوصف بانه يسير عكس اتجاه التـاريخ والريح! انه كلام الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي على اثر الازمة المالية الامريكية الاخيرة والانهيارات الخطيرة التي تركتها على الاقتصاد الامريكي اولا والذي ظل يوصف باقتصاد الدولة الاقوى، ومن ثم على الاقتصاد العالمي الذي سيظل بلا شك يعاني لفترة طويلة من وراء هذه الازمة! ثم ان مسبب هذه النهاية هو البلد الذي ظل يتبجح حتى الامس القريب بانه انجز كل شيء في مسار التقدم العلمي والتكنولوجي والاجتماعي ووصل بالمسيرة الكونية الى محطتها الاخيرة والتي اخذت تسمية ‘نهاية التاريخ’ المعروفة، والتي ظل يتغنى بها منظرهم المستعار من الشرق الياباني الاصل فوكوياما، اليس كذلك؟! ثم بعد ذلك نعيب على الرئيس الايراني احمدي نجاد لماذا يطالب بالمشاركة فيما صار بسميه بـ’ادارة العالم’ بطريقة مختلفة عن الطريقة التي استأثرت بها الادارة الامريكية الى حد ما لوحدها طوال الفترة الاخيرة! كما نعيب عليه وعلى غيره والذين بدأت تتكاثر وتتعالى اصواتهم وهم يتحدثون عن قرب نهاية الامبراطورية الامريكية وطموحاتها اللاشرعية في حكم العالم بطريقة احادية مجحفة ومتعسفة! لقد آن الاوان ان يعترف ما عرف حتى الآن بالعالم الحر وان يذعن بانه ومنذ معادلة ما يسمى بالمنتصرين بالحرب العالمية الثانية انما حكم العالم بطريقة معوجة وغير سوية سادها ولا يزال الكثير من الظلم والعسف ليس فقط في المسار الاقتصادي بل في كل شيء، لا بل ان اساسها قام اصلا على قواعد من الظلم والاستخفاف بالآخر وعدم احترامه وعدم الافساح بالمجال له حتى ليجرب طريقه من بين سائر الطرق المتبعة، نعم والحجة كانت دائما جاهزة: الاقتصاد الليبرالي الحر او لا شيء! اننا في امم الشرق بالذات وفي العالم الاسلامي خصوصا والعربي بشكل اخص من حقنا ان نستشعر الآن بالخطر يحيط بنا من كل جانب ليس فقط على اقتصادياتنا، فهذا ما اصبح تحصيل حاصل، بل اننا نستشعر على وجودنا برمته وبتحديد اكثر من استمرار بقاء هذه القاعدة العسكرية المتقدمة والمدججة باسلحة الدمار الشامل التي اسمها اسرائيل، فماذا تعمل هذه القاعدة بين جناحي العالم العربي الآسيوي والافريقي؟! وعلى اي اسس لا تزال مقامة على ارضنا وبين ظهرانينا ؟! اليس من حقنا ان نسأل هذا السؤال بعد مرور ستين عاما على هذا السلوك غير السوي من قبل القوى الكبرى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية والتي كانت من نتائجها تصدير مشكلة اوروربية خاصة بها الى قلب عالمنا العربي والاسلامي وعلى حساب امنه واستقراره ووحدته ورفاهيته واقتصادياته؟! انها فرصة مناسبة جدا لطرح كل الاسئلة الصعبة التي ظلت لعقود محاطة بالغموض وبالكتمان او ممنوعة من التداول بحجج واهية اقلها تعريض العالم وقواعد العمل الدولي للاختلال! ان مخاطر الانهيار الاقتصادي الذي تتعرض اليه اكبر دولة من دول المنتصرين في الحرب الكونية الثانية اليوم وما يعكسه ذلك من نتائج قد تكون كارثية على قواعد العمل الدولي فرصة مناسبة جدا لطرح كل الاسئلة الصعبة وفي مقدمتها الحديث عن سبب وجيه واحد فقط لاقامة مثل هذه القاعدة العسكرية المدججة بكل اسلحة الدمار الشامل والتي زرعت في قلب وطننا العربي والاسلامي والتي اسمها اسرائيل؟! لسنا هنا بصدد مناقشة موضوعات اخرى من قبيل المسألة اليهودية ولا الهولوكوست ولا كيفية التعامل مع هذا الكم من البشر الذي تم تكديسه فوق ارضنا وعلى حساب اهلنا في فلسطين الحبيبة بقوة السلاح والمجازر وكل انواع العسف والظلم والاجحاف والارهاب والجريمة المنظمة التي لا تزال مستمرة وقائمة وبدون انقطاع، بقدر ما نريد فسح المجال على الاقل لمن هم اصحاب هذا الحق الذي يأبى النسيان والذي لا يمـكن ان يسقط بالتقـادم ان يوجهـوا المـزيد من الاسئـلة المشروعة لهذا العالم الحر الذي ظل يتبجح لعقود بانه وصل الى نهاية التقدم ونهاية التاريخ واقفل باب الاجتهاد العلمي على كل ما هو غيـر غربي، ليقـال له اليوم: الى ايـن ذاهب بنـا اليـوم ايها المتغطـرس الاكبـر بعـد هذه النهاية المفجعة التي اوصلتنا اليها؟! وانه اذا كانت هذه هي نهايتك الاقتصادية التي هي سر تميزك وتمايزك عن الآخرين وسر تقدمك وسر افضليتك كما كنت تروج، فما بالك اذا ما انتشر المرض لديك واستشرى في الروح والاخلاق والنفس ووصل السرطان الى الاعماق؟! اليس من حقنا اليوم ان نطالب باقل حقوقنا، بالعودة الى ارضنا بالعودة الى حيث تم اقتلاعنا بقوة السلاح؟! اعتقد ان هذا هو اقل ما يجب ان يذعن له الغرب وعلى رأسه صاحب الدولة الاكبر في العالم اليوم اي الولايات المتحدة الامريكية، لقد حانت ساعة الحساب! ان رائحة الكبريت اخذت تعم الكرة الارضية كلها اليوم وليس منبر الامم المتحدة فقط والذي تحدث عنه الرئس الفنزويلي تشافيز العام الماضي بعد اعتلائه له بعد الرئيس الامريكي جورج بوش، والسبب هو تلك الحروب غير المبررة وغير المشروعة والعبثية التي خاضتها ادارة الامبراطوريين الجدد طمعا في نهب مصادر الطاقة وموارد العالم الحيوية على حساب حقوق الشعوب المغلوبة على امرها! نعم لقد وصلت القصة اليوم الى حيث نهاياتها المحتومة وعلى الادارة الامريكية ان تعترف وتقر وتذعن وتعيد النظر في ادارة العالم من افغانستان الى العراق الى فلسطين وتعيد الحقوق الى اصحابها قبل فوات الاوان، هذا هو الطريق الاقل كلفة للخروج من الازمة العالمية الراهنة اذا كان ثمة من يريد ان يستعبر ويستخلص الدروس والعبر، والا فان على العالم السلام! نعم المطلوب ليس فقط استدعاء المرشحين الجمهوري والديمقراطي وبعض اعضاء الكونغرس لاجتماعات طارئة، فهذا شأنكم في امريكا لانقاذ ما تعتقدون انه ممكن انقاذه من الاقتصاد الامريكي المنهار، لكن المشكلة باعتقادنا ويشاركنا من تبقى من عقلاء امريكا برأينا هو في الادارة السيئة وغير المسؤولة للعالم من قبل سولت لهم انفسهم في شن الحروب الاستباقية والردعية بحجج واهية وتحت مسميات واهمة والهدف الخادع كان وما يـزال من ورائهـا الكثير من الشره وحب السيطرة والتسلط وهو ما يقترب اليوم من نهاياته المحتومة وفي مقدمتها تفكيك هذه القاعدة العسكرية المتقدمة لكم والمدججة بكل اسلحة الدمار الشامل والتي اسمها اسرائيل والتي اقمتموها ظلما وعدوانا قبل نحو ستين عاما على ارض الغير، وهاهي تحين اليوم ساعة تفكيكها واعادة الحق الى نصابه من خلال انصاف اصحاب الارض والقضية والحقوق! هذه هي مشكلتك الحقيقية ايها الغرب المشتكي اليوم من نهاية الاقتصاد الحر ان اردت الحقيقة عارية كما هي وليس كما يحاول المتلاعبون بك ان يصوروها لك! (*) كاتب من ايران (المصدر: جريدة القدس العربي (يومية – بريطانيا) بتاريخ 1 أكتوبر 2008)
النّظام الدولي الحائر بين فقاعات الاقتصاد ودوّامات السياسة
حسن نافعة (*) لست خبيرا اقتصاديا، ولذلك تعيّن علي أن أنكبّ على قراءة تحليلات متنوعة لخبراء اقتصاديين بارزين في محاولة لفهم أسباب ودلالات الأزمة المالية التي تواجهها الولايات المتحدة حاليا، استخلصت منها ما يلي: 1- يعاني الاقتصاد الأميركي من «فقاعات اقتصادية» تنفجر منذ فترة بين حين وآخر محدثة ارتباكا في أسواق المال، يتفاوت حجمه من حال إلى أخرى. ففي عام 2000 انفجرت فقاعة أطلق عليها اسم «فقاعة الانترنت»، بعد أن ظلت تتضخم مدة عشر سنوات، محدثة هزة محدودة في قطاع المال. وفي العام الماضي انفجرت فقاعة أخرى اسمها «فقاعة الرهن العقاري» وأدى انفجارها إلى سلسلة من الهزات أثّرت في الاقتصاد الأميركي ككل ولم يقتصر تأثيرها على القطاع المالي هذه المرة. 2- «الفقاعة» الأخيرة نجمت من تزايد إقبال الأميركيين، أفرادا وشركات، على شراء العقارات، لامتلاك مسكن أو كاستثمار طويل الأجل وأحيانا للمضاربة، مما أدى إلى ارتفاع أسهم الشركات العقارية المسجلة بالبورصة إلى أن أصبح الاستثمار العقاري أفضل انواع الاستثمارات وأكثرها ربحية، وأغرى البنوك على التوسع في تقديم التسهيلات الائتمانية من دون ضمانات كافية، فبدأت الفقاعة في الظهور وراحت تتمدد تدريجيا إلى أن انفجرت في صيف عام 2007 بعد أن انهار سوق العقارات وعجز ملايين المقترضين عن سداد القروض التي حصلوا عليها بضمان العقارات، ثم بدأت أسهم الشركات العقارية الكبرى تتراجع بسرعة في البورصات العالمية محدثة هزة مالية كبرى. 3- ما لبثت العدوى أن انتقلت من القطاع العقاري إلى قطاع البنوك الدائنة لكبرى الشركات العقارية حين راحت هذه الشركات تتعثر وراح بعضها يعلن إفلاسه. وهكذا بدأت أسهم هذه البنوك بدورها تهبط نتيجة عدم سداد المقترضين لقروضهم، ومعها بدأ القطاع المالي والمصرفي برمّته يترنح. أي أن الأزمة بدأت بقطاع العقارات الأميركية وانتقلت منه إلى القطاع المالي والمصرفي ثم إلى بقية القطاعات الاقتصادية في الولايات المتحدة. 4- مع احتداد الأزمة اضطرت الإدارة الأميركية للتدخل في محاولة لاحتوائها، ولكن بشكل حذر في البداية، إذ قامت بضخ 150 بليون دولار في القطاع المصرفي خلال شهر آب (اغسطس). غير أنه سرعان ما تبين لها أن حجم الكارثة أكبر بكثير مما كان يعتقد في البداية، خصوصا بعد انهيار بنك «ليمان براذرز»، أحد أكبر وأقدم البنوك الأميركية، وظهور بوادر تصدع في مؤسسات مالية أخرى عملاقة. ومع تصاعد المخاوف من أن تؤدي الهزات الناجمة عن انفجار هذه «الفقاعة العقارية» إلى تراجع الإنفاق والاستهلاك اليومي على نحو قد يفضي إلى مرحلة كساد طويلة، قررت الإدارة الأميركية الاستحواذ على شركتي «فاني ماي» و «فريدي ماك» الضامنتين لنصف القروض العقارية، ومقدارها 12 تريليون دولار، بعد أن عانتا من خسائر مالية مقدارها 14 بليون دولار خلال سنة واحدة، وذلك في إطار خطة إنقاذ تسمح للدولة بوضع ضوابط للإقراض العقاري، وتحديد سعر فائدة تلتزم به كل البنوك وتحول دون التلاعب به، إضافة إلى شراء ديون المؤسسات المالية المتعثرة بما قيمته 700 بليون دولار. 5- أظهر النقاش الذي دار في الكونغرس حول خطة الانقاذ (والذي لا يزال محتدما) أن الهوة السياسية والأيديولوجية التي تفصل بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي كبيرة جدا. فعلى رغم موافقة الديموقراطيين من حيث المبدأ على تدخل الدولة، إلا أنهم رفضوا تحميل دافعي الضرائب، خصوصاً متوسطي ومحدودي الدخل الذين تتعرض مساكن كثيرين منهم إلى المصادرة بسبب عجزهم عن تسديد أقساط الرهونات العقارية عليها، أخطاء طبقة أكثر يسرا تدير أعمال الشركات العملاقة وتتقاضى رواتب سنوية خيالية تسبب نهمها البالغ ورغبتها في مضاعفة مكاسبها، ولو من خلال أرباح وهمية، في اندلاع وتفاقم الأزمة. 6- لم يتردد أقرب حلفاء الولايات المتحدة، خصوصاً ألمانيا وفرنسا، في تحميل الإدارة الأميركية الحالية مسؤولية ما حدث، على رغم اضطرارهم للتضامن معها حفاظا على مصالح زادتها آليات العولمة تشابكا، بل راحت أصوات كثيرة وقوية توجه الاتهامات إلى النظام الرأسمالي نفسه وتطالب بوضع ضوابط لتنظيم عمل آليات السوق والحد من توحش قوى رأسمالية تبدو احتكارية الطابع وبعيدة عن الممارسات الشفافة. وإذا صحت قراءتنا المبسطة هذه لأسباب وتداعيات أزمة بالغة التعقيد، يمكننا أن نستنتج منها ثلاث حقائق على جانب كبير من الأهمية: الحقيقة الأولى: أن الأزمة قد تبدو في ظاهرها مالية – اقتصادية لكنها في جوهرها سياسية – اجتماعية. الحقيقة الثانية: أن لهذه الأزمة بعدين مرتبطين ومتداخلين لا يمكن فهم أي منهما بمعزل عن الآخر، أحدهما يتعلق بالصراع السياسي والاجتماعي الدائر على الساحة الأميركية، والآخر يتعلق بصراع وموازين القوى العالمية. الحقيقة الثالثة: من المرجح أن يكون لهذه الازمة تأثير كبير ليس فقط على هيكل النظام الدولي وموازين القوة فيه ولكن أيضا على مستقبل النظام الرأسمالي نفسه. ورغم مظاهر قلق يصعب إخفاؤها، ما زال «الليبراليون الجدد» يؤكدون أن الأزمة الحالية هي مجرد أزمة دورية عابرة، شأنها في ذلك شأن الأزمات العشر السابقة التي واجهت النظام الرأسمالي خلال المئة عام الأخيرة وخرج منها في كل مرة سليما معافى، بل أقوى مما كان عليه. غير أن هذا الاستنتاج يبدو متعجلا بعض الشيء لأن الأزمة الحالية تبدو مختلفة عن سابقاتها من زاويتين على الأقل: الأولى، أنها تأتي في مرحلة متقدمة من مراحل تطور النظام الرأسمالي والذي دخل مرحلة الكونية ولم يعد أمامه حيز إضافي يستطيع أن يتمدد فيه ويصدّر إليه تناقضاته. والثانية، انفجار الأزمة في قلب الاقتصاد الأميركي، أقوى حلقات النظام الدولي، بعد أن بدأت تظهر عليه علامات وهن وإرهاق ينذران بالأفول. كان النظام الرأسمالي، والذي ارتبط في نشأته بانطلاق الثورة الصناعية وظهور الدولة القومية الحديثة في أوروبا، قد راح يتمدد إلى أن تحوّل إلى نظام كوني شمل العالم بأسره، مستفيدا في مسيرته الطويلة، والتي امتدت لأكثر من ثلاثة قرون، من ثورات علمية وتكنولوجية متعاقبة كان ساعد في الوقت نفسه على تفجيرها، محدثا تغييرات هائلة في البنى الاقتصادية والاجتماعية التقليدية في مختلف المناطق التي دخلها. وكان من الطبيعي أن تفرز هذه التغييرات قلاقل سياسية واجتماعية أخذت أحيانا شكل ثورات وحروب دولية وإقليمية وأهلية أعادت تشكيل الخريطة السياسية للعالم ولموازين القوى فيه على نحو دائم ومستمر. ولأن أوروبا هي التي شهدت انطلاق الثورة الصناعية، فقد كان من الطبيعي أن تقود مسيرة التوسع الرأسمالي نحو العالمية عبر توسعها الاستعماري والذي شمل العالم بأسره تقريبا وأدى إلى تعرض قارات إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية لعملية نهب منظم. وتسبب الصراع على المستعمرات بين القوى الأوروبية المتنافسة في اندلاع حرب عالمية أولى مهدت الطريق لانتصار أول ثورة اشتراكية في العالم تستلهم الأيديولوجية الماركسية والتي شكلت أكبر تحدٍ يواجه النظام الرأسمالي منذ قيامه. ومن المفارقات أن تؤدي التقلصات السياسية والاجتماعية التي أصابت أوروبا عقب قيام نظام اشتراكي في الاتحاد السوفياتي إلى إنتاج نظم فاشية وعنصرية تسببت في اشعال حرب عالمية ثانية اسفرت عن تراجع مكانة القارة برمّتها ونشوء نظام دولي جديد بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. غير أن دورة التاريخ لم تتوقف عند هذا الحد. ففي سياق الحرب الباردة التي نشبت بين قطبي النظام الدولي الجديد تم إعادة تأهيل الدول المهزومة في الحرب العالمية الثانية لتصبح تدريجيا قوى اقتصادية عظمى، وانطلقت عملية تكاملية واندماجية بين أوروبا الغربية كان يصعب تصور حدوثها في سياق آخر، وهي عوامل ساعدت في النهاية على حسم الحرب الباردة لصالح المعسكر الغربي. وكان يمكن للتاريخ أن يأخذ مسارا آخر مختلفا تماما لو لم يكن اليمين الأميركي المتطرف، والذي أسكرته نشوة السقوط المذهل والسريع للاتحاد السوفياتي، قد تصور أنه بات من الممكن تأسيس امبراطورية أميركية على أنقاض الاتحاد السوفياتي لتهيمن منفردة على العالم ولقرن آخر مقبل. ويبدو أن الفجوة المتمثلة في القوة الشاملة، والتي كانت تفصل بين الولايات المتحدة وبقية القوى الكبرى في النظام الدولي، والتي كانت تميل بشكل حاسم في ذلك الوقت لصالح الولايات المتحدة، قد خدعت هذا التيار المتطرف، فلم يضع في حسبانه تكلفة الهيمنة المنفردة، خصوصا إذا جرى فرضها بوسائل القوة العسكرية وحدها، والوقت الذي تحتاجه روسيا والقوى الدولية الأخرى لكي تستعيد تماسكها أو لتأكيد مكانتها، من ناحية ثانية. لذا لم يكن غريبا أن يجري الترويج لنظريات «نهاية التاريخ» و «صراع الحضارات» لتبرير سياسات ومخططات عدوانية جاهزة ومعدّة سلفا. وبمجرد نجاح جورج بوش في الفوز في انتخابات الرئاسة عام 2000، عاقدا العزم على غزو واحتلال العراق، اعتقد أن الهيمنة على الشرق الأوسط ستصبح في متناول يده بمجرد إتمام هذا الغزو الذي سيمكنه من التحكم في أكبر مخزون لاحتياطات النفط في العالم. ومن الواضح أن اليمين الأميركي أخطأ الحساب على الأصعدة كافة. فقد تحوّلت الحرب على العراق إلى حرب استنزاف للموارد المالية والبشرية الأميركية، وتماسكت روسيا ثم استعادت بعضا من هيبتها ومكانتها بأسرع مما كان متوقعا، ونمت الصين وازدادت قوتها بمعدلات أكبر مما كان مقدرا، وظهرت قوى إقليمية أخرى عديدة، خصوصاً في آسيا وأميركا اللاتينية، غيرت من شكل خريطة وموازين القوى في النظام الدولي على نحو مختلف عما كانت تأمله الولايات المتحدة. الأزمة الناجمة عن «الفقاعة العقارية» تأتي إذن على خلفية من: 1- أزمة اقتصادية عامة لها مظاهر عديدة تبدو معها الولايات المتحدة كدولة تعيش بأفضل مما تتيحه لها قدراتها الحقيقية. فهناك مديونية حكومية تتزايد باستمرار وصلت في العام 2007 إلى حوالي 9 تريليونات دولار (مقابل أقل من 4 تريليونات في نهاية الثمانينات)، عجز تجاري مزمن منذ العام 1971 وصل في العام 2006 إلى 758 بليون دولار، وعجز في الميزانية قدر سنة 2008 بأكثر من 400 بليون دولار. 2- أزمة سياسية عامة نجمت من تهور وأخطاء ارتكبتها إدارة المحافظين الجدد وأفقدت الولايات المتحدة مصداقيتها ومكانتها الأخلاقية. غير أن ذلك ليس معناه أن الولايات المتحدة باتت على وشك الانهيار أو انها في طريقها للتحوّل إلى قوة من الدرجة الثانية. كل ما هناك أن الأزمة الاقتصادية الأخيرة جاءت لتؤكد للعقلاء من النخبة الأميركية أنه لم يعد بمقدور الولايات المتحدة أن تستمر في نهج السياسات الداخلية والخارجية ذاتها التي انتهجتها طول السنوات الثماني الماضية، وأنها باتت في حاجة ماسة لإعادة ترتيب بيتها من الداخل والتخلي عن أوهامها الامبراطورية ورسم سياستها الخارجية بما يتناسب مع إمكاناتها الحقيقية، ما قد يفضي، إن حدث، إلى إعادة النظر في مجمل أفكار اليمين المحافظ على نحو قد يفتح الطريق أمام بلورة أفكار جديدة تروّض وحش الرأسمالية وتضفي بعدا أكثر إنسانية على عمليات العولمة. ومع ذلك لا نستبعد أن تدفع الأزمة نحو الاتجاه المعاكس، أي إلى طريق الهاوية! (*) كاتب مصري (المصدر: جريدة الحياة (يومية – بريطانيا) بتاريخ 1 أكتوبر 2008)