الأحد، 8 يوليو 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2602 du 08.07.2007
 archives : www.tunisnews.net
 

 


 

ا

للقــاء الإصــلاحي الديمقراطــي:حول « إعلان تونس »..

موقع الجزيرة.نت:بالذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية:ليبراليون ويساريون وإسلاميون يدعون لإصلاحات بتونس
السلطة تغلق موقع الحزب الديمقراطي التقدمي على الإنترنت
سليم بوخذير:رغم أنْف الدكتاتور:البطلة سامية عبّو تُحرز الإجازة في الحقوق

عبدالله الـــزواري: » في ظل دولة القانون و الموسسات »:الخنوع أو الجوع
الحوار.نت :الجزء الثاني من الحوار الذي أجراه موقع الحوار.نت مع الشيخ محمد العكروت الرئيس الأسبق لحركة النهضة التونسية والسجين السياسي السابق
الصباح :فـــي رحــــاب العدالـــة:المنتظر في المرحلة الجديدة للعميد البشير الصيد الصباح: بعد فرع سوسة للمحاماة:التنافس على أشده على رئاسة فرعي تونس وصفاقس اليوم
 جريدة « الشعب »:الأستاذ محمد جمور المرشح لرئاسة الفرع الجهوي بتونس للمحامين لـ «الشعب»: أنا لست عدميا حتى أتنكّر لمنجزات من سبقني
جريدة «الشعب»:و»عاد الصيد» الى «العمادة» بعد جلسة عامة ارتفعت فيها درجة الحرارة الى أبعد الحدود
جريدة «الشعب»:بمناسبة زيارته الأولى إلى تونس الشاعر المبدع أحمد فؤاد نجــم يــدلــي بحـديث خـــاص إلـــى جريدة «الشعب»
سي أن أن: طلبة تونسيون يحرزون بطولة العالم للرجال الآليين

صحيفة « الراية »:حبس مطرب تونسي بتهمة الاعتداء على فتاة
صحيفة « القبس » :يهود تونس.. أقلية منزوية تحافظ على طقوسها وتتمسك بهويتها التونسية
صحيفة « تشرين »:بحث تعزيز التعاون في مجال التدريب ومكافحة الجريمة مع تونس

كراس « الشيـــوعـي » ; عودة إلى النقاش حول حقوق المرأة
د. محمد الهاشمي الحامدي: مواقف عمرية (3) إهداء إلى إخوتي وبني وطني من أعضاء حزب العمال الشيوعي صلاح الدين الجورشي: حقا.. هل أصبح اليسار العربي جزءً من الماضي؟
توفيق المديني: ضرورة الاستثمار في الزراعة
صحيفة « الخليج »:عزيزي الكاتب: « أنت متآمر » (1 – 2)
رويترز: محامون: سجن جزائري بتهمة التجسس لحساب اسرائيل
المصري اليوم: مسلمات من جميع أنحاء العالم يجتمعن في الكونجرس لمناقشة حقوق الإنسان


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


للإطلاع على العدد 412 (وليس 413 مثلما هو مذكور في الصفحة الأولى) من صحيفة « الموقف » الأسبوعية الصادرة عن الحزب الديمقراطي التقدمي بتونس يوم الجمعة 6 جويلية 2007، اضغط على الوصلة التالية: http://pdpinfo.org/PDF/413.pdf


بسم الله الرحمان الرحيم اللقــاء الإصــلاحي الديمقراطــي

حول « إعلان تونس »..

 
 
اجتمعت المعارضة التونسية يوم السبت 7 جويلية 2007 بتونس، في ندوة وطنية بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس الجمهورية، وأصدرت بيانا سياسيا أطلقت عليه « إعلان تونس » تضمن دعوة صريحة لإصلاحات دستورية وسياسية ومطالبة بسن عفو تشريعي عام وتكريس الحرية الحزبية والإعلامية في البلاد. وإذ يحي « اللقاء الإصلاحي الديمقراطي » هذه الاجتماع ويعلن مساندته لهذا التحرك وما تبعه من بيان سياسي هام ويعتبره خطوة ضرورية وهامة في مسار تآلف المعارضة وعملها الوحدوي من أجل تغيير سلمي وسليم وديمقراطي في منهجيته وأدواته وأهدافه، فإنه يدعو بإلحاح على أن يمثل هذا البيان محطة أولى نحو العمل المعارض الفاعل والوحدوي والواعي، وعدم التوقف عند البيانات والعرائض. ومن هذا المنطلق يدعو « اللقاء الإصلاحي الديمقراطي » إلى الدفع للمزيد من جماهيرية المعارضة، على أن تكون المحطات القادمة مزيدا من الالتحام بهموم المواطن ومشاركته مطالبه وحاجياته وآماله وأحلامه وتفعيل العمل الجماهيري بأدوات وفعل سلمي وحضور مباشر حتى لا تبقى دعواتنا ومطالبنا حبيسة الجدران ولا تعيشها إلا النخبة وطاقمها السياسي وهي متدثرة بأحلامها وآمالها، بعيدا عن الجماهير وهمومها ومشاركتها. د. خـــالد الطراولي اللقـــاء الإصلاحي الديمقراطي باريس في 8 جويلية 2007 / 23 جمادى الثانية 1427 المصدر : موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net


بالذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية

ليبراليون ويساريون وإسلاميون يدعون لإصلاحات بتونس

 
لطفي حجي- تونس طالب معارضون تونسيون بإصلاحات سياسية ودستورية جوهرية لتحقيق ما أسموه « نظام جمهوري ديمقراطي » يكفل الحرية وسيادة القانون والفصل بين السلطات، والتداول الديمقراطي على الحكم. ودعوا في ندوة جماهيرية حاشدة حضرها ممثلون عن أحزاب ليبرالية وشيوعية وإسلامية بمناسبة الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية -الذي يصادف الخامس والعشرين من الجاري- إلى تحديد ولاية رئيس الجمهورية بدورتين، والحد من سلطاته وإقرار مبدأ مساءلته أمام هيئة يضبطها القانون. كما طالب المجتمعون بإعادة الاعتبار للدور التشريعي لمجلس النواب واستقلال السّلطة القضائية، وإرساء محكمة دستورية تراقب ملائمة القوانين لأحكام الدستور ويحق للمواطنين التظلم لديها. وانبثق عن الندوة التي رعتها هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات (ائتلاف تيارات سياسية وهيئات مدنية) « إعلان تونس من أجل نظام جمهوري ديمقراطي » تضمن علاوة على المطالب المذكورة المطالبة بسن عفو تشريعي عام، ورفع الحظر عن تأسيس الأحزاب والجمعيات وتكريس الحريات الإعلامية. وقال المنظمون إن مبررات دعوتهم إلى الإصلاحات التي وصفوها بالعاجلة اعتماد النظام السياسي التونسي لخمسين سنة على قوانين واختيارات حرمت المواطنين من حريات التعبير والصحافة والإعلام وحق التجمّع وتأسيس الأحزاب والجمعيات، فيما أخضعت سائر هذه الحريات لوصاية وزير الداخلية. كما أخضعت للوزير نفسه العملية الانتخابية في كل مراحلها مما وصفوه بالتزييف وتكرّس احتكار الحياة السياسية والعامّة، رغم كلّ الأصوات التي ارتفعت للاحتجاج والمطالبة بالتعددية والديمقراطية.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 8 جويلية 2007)

السلطة تغلق موقع الحزب الديمقراطي التقدمي على الإنترنت

 
عمدت الوكالة التونسية للإنترنات إلى فسخ رقم بروتوكول إنترنات التابع لموقع الحزب الديمقراطي التقدمي www.pdp.org.tn من موزع أسماء المواقع الذي تديره في نطاق احتكارها لمراقبة الإنترنات في تونس وذلك ابتداء من السبت 30 جوان الفارط، ورغم الاتصالات العديدة بالوكالة سواء من طرفنا أو من طرف مسدي الخدمات الذي يأوي موقعنا فإن الجواب كان دائما بالتسويف بذريعة عطب تقني وجود له في الحقيقة. ونحن نعتبر أن هذا التصرف هو اعتداء على حرية التعبير يمارسها النظام الذي يصنَّف من أكثر دول العالم غلقا لمواقع المعارضة ولمواقع الأخبار التي لا تتلقى تعليماتها من الحكومة، وهو تصرف مخالف للقانون التونسي وللأعراف الدولية في ميدان الحريات. والسبب الحقيقي لتجاوز السلطة هذا هو نجاح موقعنا في جلب المبحرين وفي تقديم أخبار صحيحة تظهر الواقع غير المزيف وفي توفير أرشيف للباحثين في ميدان السياسة يضع بين أيديهم بيانات الحزب ووثائق مؤتمره وجريدته. وقد وصل عدد المبحرين على موقعنا 14200 مبحرا في سبعة أشهر. ونحن نطالب السلط بإعادة فتح موقعنا فورا احتراما لحرية الرأي وتنفيذا لوعود الحكومة في ميدان حرية الصحافة. المسؤول عن الموقع (المصدر: موقع pdpinfo.org بتاريخ 7 جويلية 2007)

رغم أنْف الدكتاتور: البطلة سامية عبّو تُحرز الإجازة في الحقوق

 
أوقد الجمهوريّون في تونس آخرالأسبوع ومعهم كلّ الديمقراطيين في الساحة الوطنية من كل التيارات والأطياف المدنية ، قناديل الفرح إثر إحراز قرينة العضو المؤسّس لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية أخيهم و عزيزهم فارس الحرية محمد عبو سامية عبو ، على الإجازة في شعبة الحقوق من كلية العلوم القانونية بتونس  . إحراز زوجة حمام الحرية الحبيس على هذه الشهادة العلمية لا يُمكن النظر إليه هكذا على أنه نجاح علمي عادي ، ذلك أنّ الظروف التي تحقّق فيها هي ظروف تعرفون جميعا أنّها خارجة تماما عن العاديّ بكلّ المقاييس. . وعن المألوف . . و عن الذي يمكن تحمّله. . وعن القانون. . و عن كلّ شيء . فالسيدة سامية عبو إنّما خرجت بهذا النجاح من رحِم المأساة . . و من عمق الحصار المضروب على كلّ شيء جميل في حياتها . . ومن صميم الجراح التي ترفض أن تكفّ عن النزيف . . و من فيض الأوجاع المستبدّة بها إستبداد من سلّطها على محمد عبو وعلى ذويه ، و من يكون غير هذا الدكتاتور الذي لم يُشعْ في عهده الأسود غير الظلم و الظلمات . . سامية خاضت دراستها و هي مُلاحقة من عسس وزارة القمع صباحا مساء هي و فلذات كبدها . . خاضت مُراجعتها على إيقاع الذين يرفضون أن تهنأ في بيْتها بقليل قليل قليل من الهدوء فيُحالون ترويعها في ظلمات الليل الذي آن له حتما أن ينجلي. . خاضتها في العاصمة ولكن كان قلبها مُعلّق في الكاف تستبدّ به الحسرة على طائر ساحر فارقته عيناها و قد صار منذ أكثر من سنتيْن بين أيادٍ نزِقة لا يُؤتمن لها جانب .. خاضتها وبين التحرش والآخر يُسلّط عليها تحرش جديد و أحيانا الإعتداء على حرمتها الجسدية . . و لذلك كان نجاح سامية بالنسبة إلينا نصرا عظيما أكبر من كونه نجاح علمي . . نصر يأتي ليقول بأعلى صوت: إنّ كلّ ظلام الدكتاتورية هذا الذي سرى سريانا من حولنا على مدى 20 سنة من تاريخ تربّع هذا الدكتاتورعلى رؤوس التونسين ، إنّما تكفيه منّا شمعة واحدة ليتبخّر و يُزهر النور في كلّ الأرجاء.. تكفيه قاماتنا الواقفة الشامخة الرافضة الإنحناء. . وتكفيه إراداتنا الصادقة الحرّة الشريفة  التي ستُواصل إستدعاء الفجرالجديد القادم حتما إلينا من أبعد الآفاق ، و لو بعد قليل . . هو نصر كبير. . و لكنّه حتما لن يكون الأخير . * القلم الحرّ سليم بوخذير ملاحظة : لمن يُريد تهنئة السيدة سامية عبو بالنجاح يمكن له أن يطلبها على الرقم التالي : 0021620984225


 » في ظل دولة القانون و الموسسات »

الخنوع أو الجوع

 
السيد عمار بن علي الصغير الراشدي صاحب بطاقة تعريف رقم03167875        و الصادرة بتاريخ 16 أفريل 1998 يعمل في قطاع البناء منذ سنوات طويلة و برع في فرع منه  فاتخذه اختصاصا له…. و بحثا عن لقمة العيش هجر بلدته و استقر بالجنوب الشرقي… متنقلا من حظيرة بناء إلى أخرى، و لعل إحساسه بالظلم و القهر دفعه إلى الانخراط في حزب معترف به رأى في الشعارات التي يرفعها و يناضل من أجلها ما ينشده من قيم… تعارفنا منذ ما يزيد عن سنتين… كنت مضربا عن الطعام فرأى من الواجب عليه زيارتي تعبيرا عن مساندته   و مساندة حزبه لي في إضرابي…. و لم تنقطع  اتصالاتنا بعد ذلك… ساقه البحث عن الرزق إلى جرجيس…. و باشر العمل في  نزل لا يزال في طور البناء وسط إعجاب زملائه في العمل و رئيسه المباشر بمهارته… سألته قبل أيام متى يزور طفليه و زوجته؟؟ فقال إن شاء الله يكون ذلك في يوم العاشر من الشهر الجاري… في اليوم العاشر من الشهر تعود عمال البناء على أخذ قسط من مستحقاتهم المالية… كان عمار يحلم بالعودة إلى طفليه و زوجته بشيء من عرق جبينه يدخل به السرور عليهم و يعوضهم بعده عنهم طيلة نصف شهر تقريبا… و كان ما لم يكن في الحسبان.. في اليوم التاسع من مباشرة عمله أي الخامس من جويلية و بعد انتهاء حصة العمل المسائية و عودة عمار إلى مقر سكناه، يبلغه رئيسه المباشر قرارا جديدا…  » قدم عونا أمن و طلبا من صاحب النزل طردك من العمل، و قد طلب مني تنفيذ هذا القرار، و رغم أني حدثته عن مهارتك فإنه أصر على طردك »… و أصر عمار على سماع هذا الخبر من صاحب النزل مباشرة و تجشم من أجل ذلك عناء العودة إلى النزل… و أعاد صاحب النزل على مسمع عمار ما كان سمعه من رئيسه المباشر… اتصل عمار بأحد قادة حزبه لإحاطتهم علما بما تعرض له… و قرر الذهاب من الغد إلى معتمد المكان و منطقة الأمن الوطني لاستجلاء الأمر…  » ليس لدينا أعوان أمن يمنعون الناس من العمل » هذا ما سمعه عمار في الإدارتين… بل زاد معتمد المكان:  » عد إلى عملك و إن كانت هناك إشكاليات فعد إلي يوم الاثنين… أسرع عمار إلى عمله مزودا بما سمعه من مسؤولي البلدة… و أبلغ رئيسه المباشر ما سمعه من المسؤولين… ويبلغ الخبر صاحب النزل… فيصر على تنفيذ ما طلبه منه عونا أمن قدما إليه بالأمس… لم يكن عمار صاحب مشاريع كبرى كي يكون مرتهنا لبنك أو لمؤسسة أخرى… لم يكن صاحب بيت كي يكون مرتهنا لتجار مواد البناء… و لم يكن صاحب سيارة شعبية اشتراها بالتقسيط… و بقدر ما كانت أحلامه في الشأن العام كبيرة: مجتمع العدل و المساواة و الحرية، كانت أحلامه الخاصة صغيرة: شيء من الخبز، شيء من الزيت، شيء … في حين كانت أحلام غيره في الشأن العام حقيرة صغيرة: مجتمع الفساد و الإفساد    و الظلم و القمع و المحسوبية و الذلة و الهوان و يقابلها تضخم جلي لأحلامهم الخاصة… ….. عمار خير بين الجوع أو الخنوعuأعوان أمن يمنعون …. فاختار الجوع…. جرجيس في 6 جويلية 2007 عبدالله الــــــــــزواري abzouari@hotmail.com
 

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:

المادة 23 1- لكل شخص حق العمل، و في حرية اختيار عمله، و في شروط عمل عادلة  و مرضية و في الحماية من البطالة.  

الإعلان العربي لحقوق الإنسان

المادة 30 تكفل الدولة لكل مواطن الحق في عمل يضمن له مستوى معيشيا يؤمن المطالب الأساسية للحياة كما تكفل له الحق في الضمان الاجتماعي الشامل. المادة 31 حرية اختيار العمل مكفولة والسخرة محظورة ولا يعد من قبل السخرة إرغام الشخص على أداء عمل تنفيذا الحكم قضائي. المادة 32 تضمن الدولة للمواطنين تكافؤ الفرص في العمل والأجر العادل والمساواة في الأجور عن الأعمال المتساوية القيمة.

 


 

الجزء الثاني من الحوار الذي أجراه موقع الحوار.نت مع الشيخ محمد العكروت الرئيس الأسبق لحركة النهضة التونسية والسجين السياسي السابق

 
الحوار.نت : لا شك أن قياديا بارزا مثل الشيخ العكروت قد سجل في ذاكرته في أثناء وجوده في السجن كثيرا من تقويمه الشخصي لمسلكه الماضي تفكيرا وتغييرا ضمن الحركة التي ساهم في تأسيسها. إذا كان ذلك صحيحا فهل يطلع الشيخ العكروت المهتمين من قرائنا هنا على أبرز المراجعات التي خزنها في ذاكرته في شكل خلاصات مركزة وحصائل متينة يمكن أن يستفيد منها أبناء الصحوة الجديدة أو أن تعدل مسار حركة النهضة على أساسها في المستقبل؟ الشيخ العكروت : التفكير في ماضي الحركة ومستقبلها كان الشغل الشاغل ولا أحسب أني أتيت بالجديد في تفكيري المنعزل عن الواقع ولكن كان إمتدادا لأرهاصات تفكير لم يسمح لها الجري المستمر وراء العمل الحركي ومتطلباته أو على الأقل ما كنا نحسبه من مستلزمات العمل النضالي أن تتبلور. ويمكن إختزالها في ما يلي : 1 ـ لا أريد أن أركز على إيجابيات الحركة وما قامت به من دور فعال في تربية الفرد وتهذيبه وتأثيرها في المجتمع وحمايته من الجشع البورقيبي وحزبه ومن تبعه إذ كانت الحركة والجامعة والإتحاد العام التونسي للشغل بمثابة الحصون الواقية التي تقرأ لها السلطة ألف حساب قبل الزيادة في الأسعار أو سن قوانين مجحفة وها قد نجح نظام إبن علي في دك تلك الحصون الثلاثة ولكن هناك محاولات لإعادة ترميم تلك الحصون وبدأت في إزعاج السلطة غير القابلة لأي رأي مخالف  » لا أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد  » فعلى الجميع التسبيح بحمده والثناء عليه وعلى منجزاته وإلتماس الأعذار لكل خلل أو نقص. ولكن الذي أريد أن أبرزه ما وقعت فيه الحركة من سلبيات من وجهة نظري. فالحركة لم تكن واضحة مع نفسها هل هي حركة سياسية دعوية تربوية أم هي حركة جهادية نضالية. صحيح أن الحركة لم تختر العمل المسلح نهجا ولم تختر أسلوب الإنقلابات العسكرية وما شابهها نهجا للتغيير ولكنها لم تكن حاسمة وواضحة تمام الوضوح في نفيها نفيا قطعيا لهذا العمل مما وفر ثغرات لدى السلطة ولدى خصومها للنيل منها وتشويهها. 2 ـ يوجد تنوع داخل الحركة جعلها أشبه بمجتمع إسلامي من حركة إسلامية فالإختلاف إلى حد التباين يمكن أن يسع المجتمع ولكنه لا يسع حركة معارضة. في فهمي لأي حركة مهما كان نوعها لا بد أن تكون القواسم المشتركة داخل عناصرها أكبر بكثير من التباينات فالإختلاف داخل الحركة الواحدة يجب أن يقف عند حد الإثراء لتزداد به قوة وصوابا في الرأي فكما أن القولبة وإختيار الأفراد على شاكلة واحدة سلبية قاتلة لأي تنظيم وكذلك تربية الفرد على الإنصهار الكلي والإنضباط التام وعدم معارضة لا القيادة ولا قراراتها ونظمها وقوانينها هو كذلك سلبية كبيرة فإن التنوع داخل حركتنا كان تنوعا مخلا ومرضيا إذ ساهم في عرقلة الحركة وتكبيلها وتفويت الفرص الثمينة عليها وعلى قيادتها فهنالك من عناصر الحركة من هم أقرب في تفكيرهم وسلوكهم ونمط حياتهم إلى الصوفية أو جماعة التبليغ وهنالك من إن تحدثت معهم تحسب أنك تتحدث مع أحد عناصر حزب التحرير ومنا من إن تحدثت معه فإنه أقرب إلى جماعة التكفير والهجرة وإلى الجماعات التي ترى أن الأسلوب الوحيد للتغيير هو أسلوب العمل المسلح والإنقلابات العسكرية ومنا من هو أقرب إلى اليسار الإسلامي وحتى إلى العلمانيين. هذا التباين الكبير كان من العوامل الأساسية التي منعت الحركة من تحقيق أهدافها ولو قمنا بعملية تقويم لقرارات مجلس الشورى سوف نرى العجب العجاب فكثيرا ما يتخذ القرار بفارق قليل في الأصوات وعوض أن يندفع الجميع الموافق والمخالف لتنفيذه بإعتبار أنه قرار علوي نجد المخالفين له يسعون جاهدين لعرقلته محاولين جلب التأييد لرأيهم حتى إذا أعيد تشكيل مجلس الشورى من جديد كان الإنتصار للرأي ا لمخالف وهذا لا أراه نضجا وإصلاحا ولا قوة بل هو من أكبر مظاهر الضعف داخل الحركة لأنه كبل القيادة التنفيذية وعلى رأسها رئيس الحركة وسفهها أمام قواعدها وأمام جماهيرها والمعارضين لها أكثر من مرة فكثيرا ما تندفع القيادة لتنفيذ سياسة ما أو لتحقيق مصلحة ما فتحبط جهودها وتصل إلى عكس ما أرادت. فمثلا العلاقة مع الأطراف السياسية وخاصة مع السلطة الحاكمة وفي العالم الثالث خصوصا تقتضي أحيانا أقدارا من المرونة أو مباركة إيجابية أو تهنئة بمناسبة لكن رئيس الحركة أو الجهاز التنفيذي المعين له لا يقدر على القيام بذلك خوفا من قواعده وخاصة من العناصر القيادية المعارضة لذلك وللمنهج المرن بصفة عامة وقد تتجرأ القيادة وتقدم على الفعل ولكن هجوم المعارضين تجعل تلك الخطوة مشوهة سلبياتها أكثر من إيجابياتها فتؤدي إلى نتائج عكسية فعوض أن تحقق أقدارا من المصالحة مع الأطراف المستهدفة بذلك العمل وذلك التحرك يحصل عكس ذلك فعدم الإقدام عليها بشجاعة والتردد في القيام بها يجعل الفرصة مواتية لجزء من الأطراف المستهدفة التي ترغب في تسميم الأجواء مع الحركة ولها مصلحة في الصدام معها. وأما المثال الثاني فإصدار بيان ما لدى الكثير من الحركات يقوم به رئيس الحركة وينجزه في سويعات قلائل بما في ذلك عرضه على جهازه التنفيذي الذي يصادق عليه بسهولة في حين داخل حركتنا يحاسب منجز مسودة البيان على الكبيرة والصغيرة ولا يمكن أن تمر نقطة بدون مناقشة وبيان واحد قد يستغرق أحيانا يوما كاملا لكثرة النقاش وعدم تساهلنا. نحن عندنا تضخم كبير في الشعور بالمسؤولية فرئيس الحركة هو الذي يحاسب أمام المؤسسات وأمام الجماهير وكذلك الشأن أمام قانون الحركة الذي يحمله المسؤولية وحده دون أجهزته التنفيذية ولكن رئيس الحركة كثيرا ما يحاسب على أعمال هو معارض لها وكان رأيه معاكسا لها لأن رئيس الحركة صوته مساو لصوت أي عنصر من مجلسه التنفيذي فصوت رئيس الحركة لا يزيد على الترجيح في حالة التعادل بين الأصوات ورغم ما هذا من فائدة في ترشيد القرارات وإندفاع العناصر التنفيذية للعمل بكل قوة لإن قيادة الحركة من الزاوية الواقعية هي قيادة جماعية ولكن هذا الأسلوب معرقل للعمل وفيه نوع من ظلم لرئيس الحركة رغم موافقته على هذا الأسلوب من العمل والشورى. 3 ـ الإستبداد والقهر الذي مارسه النظام البورقيبي بكل نفس إسلامي أو على كل نفس معارض أجبر العناصر الإسلامية منذ إنطلاقة الحركة ( الجماعة الإسلامية وقتها ) على السرية ونسأل الله أن يهيء لنا الأسباب حتى لا نجبر على العودة للعمل السري من جديد. بقدر ما كان يوجد صمود كبير ومشرف لدى العديد من عناصر الحركة وصل حد الإستشهاد يقابله ضعف متناه لدى عناصر أخرى جعل أداة القمع والتنكيل تصل بسهولة إلى كل معلومة وهذا في تقديري يعتبر فضيحة ووصمة عار في جبين الحركة التي خسرت معركة الحفاظ على المعلومة. أعرف جيدا أن التعذيب كان رهيبا ولا أدل من ذلك العدد الكبير من إخواننا الذين إستشهدوا تحت التعذيب أو لا يزالون يحملون إلى الآن إعاقات مزمنة وتشوهات ولكن جزءا من المسؤولية في دماء إخواننا الشهداء يتحمله أصحاب القلوب الضعيفة التي لم تتحمل ولو الحد الأدنى من مراوغات الباحث فالمعركة بين الجلاد والضحية كانت معركة قوية تحتاج إلى صبر وذكاء ودربة والحركة لم تتهيأ بالقدر الكافي ولم تنجح في إختيار العنصر المناسب لعمل سري في ظل نظام قمعي لا يراعي في مؤمن إلا ولا ذمة ولم ترب عناصرها ولم تعدهم ليوم الكريهة. 4 ـ الحركة كانت شبابية العناصر سمتها البارزة الإستعجال تنقصها الحنكة والتجربة وهذا أدى بها إلى خللين قاتلين : الأول عدم الصبر على الخصم ورد الفعل السريع الذي دفع بدوره إلى التعجل في السعي إلى إقتطاف الثمرة دون إعداد العدة الكافية لذلك ووصل إلى حد السذاجة في تقدير قدرات الخصم وما يملك من آلة رهيبة من بوليس وميليشيات وجيش مع إرهاب الشعب وتجنيده وسن قوانين على قياسه يجعل كل مواطن بما في ذلك الطبيب والمحامي ( رجل القانون ) مجبرا بأن يكون مخبرا للبوليس وإلا ألصقت به تهمة التستر على مجرم. أما المقتل الثاني فهذا التسرع دفع إلى تكليف عناصر صغيرة السن بمهام خطيرة لا يقدر على حملها حتى الكهول لا من حيث القدرة على الصبر على المعلومة وتقديرها حق قدرها حيث كثيرا ما يتبجح أمام أصحابه ومعارفه ملمحا إلى مكانته وإلى ما يحمل ولا من حيث إستعداده على تحمل الأذى في سبيلها. 5 ـ زهدنا في فكر الإخوان وفي كتاب التراث ولم نقدم البديل : تحت ضغط اليسار الإسلامي بإنشقاقهم عن الحركة بادرت القيادة لكي تسحب البساط بإنتقاد الفكر الإخواني وخاصة الشهيد سيد قطب وكان عندي هذا أكبر خطإ إرتكبته القيادة في حق قواعدها وفي حق المد الإسلامي عموما إذ زهدنا الفرد الإسلامي في المنبع الذي كان يتغذى منه فكريا وتربويا وروحيا. كان الفرد الإسلامي أكبر حريف للمكتبات والمعارض ووصل الزهد بالبعض إلى أن باع مكتبته وباع في ظلال القرآن ( لسيد قطب ) ولو حصرت القيادة نقدها للفكر الإخواني في أطر ضيقة مع الذين لهم القدرة في فهم الإشكالية وربما كونت لجانا لتطوير فكر الإخوان لكان ذلك مفيدا للجميع فالفكر الإخواني صاحب الفضل علينا ولا يزال فما يحق لنا أن نتنكر له بتلك الطريقة والنتيجة أننا ساهمنا في ترك الفرد الإسلامي إلى الفراغ وإلى تلقي تكوينه من الصحف العلمانية ومن أشباه الشيوخ والدعاة. الحوار.نت : مما يطرح عند بعض رفاق دربك يا شيخ محمد من حوارات ومراجعات فردية حرة إيجاد علاقة جديدة داخل حركة النهضة بين عملها السياسي وبين مناشطها الدعوية والإجتماعية والثقافية الأخرى. بعض تلك الطروحات تذهب إلى حد الفصل التام بين حزب سياسي إسلامي المنطلق ينشأ على ضفافها أو بعيدا عنها وبين بقية الجسم الحركي مترامي الأطراف للحركة بصحوتها على غرار تجارب عربية كثيرة في الأردن وتركيا والمغرب وغير ذلك. هل لامس الشيخ محمد هذا الأمر بينه وبين نفسه أو مع رفاق دربه وهل له من رأي في هذا الأمر؟ الشيخ العكروت : منذ سنوات قبل المحنة كنت طرحت داخل القيادة فكرة أن يقع الفصل بين الجهاز السياسي حتى يكون خفيفا قادرا على خوض المعارك السياسية وما تتطلبه من مناورات وبين بقية مناشط الحركة. بل حتى بقية مناشط الحركة كنت أرى ضرورة إنقسامها للعديد من الإعتبارات منها الإعتبارات الأمنية ( لا يمكن وضع البيض في سلة واحدة ) وكذلك لكبر جسم الحركة وترهله فالقيادة مهما كانت عبقريتها وذكاؤها غير قادرة على جر ذلك الجسم الكبير المختلف في توجهاته وآرائه إلى حد التناقض في ظل الملاحقات والمحاكمات المستمرة. وكذلك كنت أرى ضرورة إبعاد كل الذين لا يؤمنون بالعمل السياسي عن الحركة فلا داعي لتكبيلهم وتكميم أفواههم فلتتحمل السلطة وحدها مسؤوليتها في ما ترتب وسيترتب مستقبلا عن قمعها لأي نفس إسلامي وحتى لا تتحمل الحركة تبعة أعمال لا تؤمن بها وليست خيارا لها ولا تتناسب داخليا وخارجيا مع حزب سياسي يناضل من أجل أن يكون له موقع قدم. صحيح أننا نجحنا وربحنا في تجنيب البلاد ما وقع لغيرنا في بعض البلدان الأخرى من إقتتال داخلي لكن في المقابل كان ربح السلطة أكثر منا إذ وفرنا لها الفرصة في أن تتبجح بالأمن المستتب وأن تتبجح بقدراتها الأمنية والحال أننا نحن من أعانها على ذلك فنحن كنا من وراء نجاحها في إستتباب الأمن نوعا ما وفي نجاحها في ضربنا وإستئصالنا فلو تركنا كل فرد من عناصر الحركة والمتعاطفين معها يمارس قناعاته ولم ننصب أنفسنا أوصياء على الظاهرة الإسلامية لجاءتنا السلطة مهرولة ومحاورة فإخواننا الذين يحملون قناعتنا أو قريبون منا هم الآن يشاركون في السلطة في أكثر من موقع أو هم السلطة وليس ذلك لسواد أعينهم ولكن لوجود حركات جهادية ومن الخطإ عندي مواصلة القيام بنفس الدور فالسلطة الحاكمة في البلاد لن ترى ذلك لنا حسنة من حسناتنا بل إعتبرتها ضعفا فينا فلنترك كل فرد إسلامي يمارس ما يراه صوابا وحقا ونحن كحركة سياسية ندعو إلى فكرتنا ونقول للناس هذا ما نراه صوابا وهذا ما نراه أكثر نفعا للبلاد و العباد ولسنا مطالبين بالتنديد بما يرونه هم إرهابا فنحن لا نمارسه ولا ندعو إليه ونربي المتعاطفين معنا على الخيار السلمي ونترك السلطة التي تمارس القمع والإرهاب تجنى ثمار ما كسبت يداها وليس ثابتا بأن الخسارة ستلحق الجميع فنحن الآن لسنا نكرة فالجميع يعرفنا وحتى إذا كانت توجد شبهة فمأتاها أننا خليط في نوعية عناصرنا بينما توجهاتنا وخياراتنا واضحة فعندما لا نمارس الوصاية على الذين لا يؤمنون بخياراتنا ونتركهم ينفصلون عنا ويمارسون قناعاتهم ستدرك السلطة أن الخيار الوحيد أمامها هو إعطاء أقدار من الحرية والتنفيس على الحركة السياسية وخاصة الحركة الإسلامية وأساسا حركة النهضة ويمكن طمأنتها بأنه ليست لنا رغبة ولا مصلحة في منافسته على الكرسي نترك له الكرسي ونتنافس معه على الجماهير من خلال الفكر والإعلام ويعطينا حرية التنظيم والتعبير والتربية ولا أقول الحكم بيننا صندوق الإقتراع فحتى صندوق الإقتراع يمكن أن نفرط له فيه لمدة عشرية كاملة قابلة للتجديد لأننا نحن بدرجة أولى أصحاب فكرة ولسنا طلاب كراس فالكرسي هو وسيلة وليس غاية في حد ذاته ويمكن ترك هذه الوسيلة مؤقتا لصالح وسائل أخرى ( التبليغ ). لكن لم أقدر وقتها على بلورة فكرتي والدفاع عنها ربما لضعف في ولزحمة الأعمال وربما لأن الفكرة جوبهت بقوة من الأخ علي لعريض الذي إعتبر أن الفكرة خطيرة ويمكن أن تؤدي إلى تفتيت الحركة وإضعافها وإضعاف هيبتها ولأن الشيخ راشد بدوره كان يفاخر دائما بوحدة الحركة التي لم تقدر السجون والملاحقات الأمنية على تقسيمها ولكن في تقديري رغم أهمية الوحدة إلا أنها تعبتر وحدة مزيفة ولعل ما نسمعه اليوم على الأنترنت وغيرها خير دليل فالوحدة الحقيقية يجب أن تمس المشاعر والأفكار والأهداف والوسائل فإذا كانت القواسم المشتركة بيننا تغطي مساحة تفوق الخمسين بالمائة خاصة في المسائل التي لها علاقة بالنضال السياسي فإنها تكون عامل إثراء وقوة أما إذا كان العكس فعندها الأولى أن نفترق بسلام ونحافظ على رابطة الأخوة الإسلامية لا سباب لا شتم ولا تنابز بالألقاب وهذا يصدق مع سائر الفرقاء بدءا بالإسلاميين وصولا إلى المخالفين لنا في العقيدة والأهداف الكبرى. وفي تقديري وجود حركة إسلامية كبيرة لها قيادة واحدة وإسم واحد ووسائل وأهداف واحدة وتنظيم واحد أصبح ضرره أكثر من نفعه يخيف خصومنا في الداخل والخارج فما دام الهدف الكبير واحد وهو أسلمة المجتمع وتعبيده لخالقه ومن ضمن الوسائل المحققة له الوصول إلى الحكم فلنشجع الساحة الإسلامية على التشكل في كيانات صغيرة تخدم مصلحة الأمة فالذين لهم أهداف توعوية تبليغية يتشكلون تحت هذه اللافتة ويؤطرون من يشاطرهم الإهتمام بما في ذلك العناصر التي لها بعض الولاء للسلطة أو لأحزاب سياسية أخرى وكذلك الشأن بالنسبة للذين لهم إهتمامات إجتماعية أو إقتصادية أو ثقافية ونقدر على إدارة صراع حضاري سلمي بيننا وبين غيرنا والذي يحقق الهدف قبل غيره فهنيئا له وكل الأطراف تعينه وتتنافس معه وفقا للمعايير اسلامية. الحوار.نت : كيف يرى الشيخ محمد الصحوة الإسلامية الجديدة ( الصحوة الثانية في التاريخ المعاصر للبلاد )؟ كيف تنشأ صحوة إسلامية في تونس تملأ الوهاد و النجاد بعد عقدين كاملين من طحن البلاد تحت خطة تجفيف منابع التدين بعصا الثقافة وهراوة البوليس معا؟ ما هي العلاقة الأنجع بين تلك الصحوة وبين حركة النهضة في المستقبل؟ وهل يخشى الشيخ محمد على وحدة اللحمة الإجتماعية في تونس من جراء ذلك التنوع الفكري غير المسبوق النابض في رحم تلك الصحوة الجديدة؟. الشيخ العكروت : الصحوة الإسلامية الجديدة : هم أبناؤنا وإخواننا واجب علينا نصحهم وتوجيههم وإذا قدرنا حتى تربيتهم وتثقيفهم. أما كيف يمكن أن تنشأ صحوة بذلك الحجم في ظل القمع وسياسة تجفيف المنابع : أنا عندي قناعة قديمة منذ بداية السبعينيات إستقيتها من قريتنا الريفية الموغلة في قلب الجنوب التونسي.هذه القناعة مفادها أنه كلما كان الإسلام محور حديث الناس ولو بسبه وشتمه كان الإسلام منتصرا وإزداد الناس به تمسكا. في أواخر الستينيات وبداية السبعينيات وصلت بعض النفحات الإخوانية خاصة من خلال كتاباتهم ـ بارك الله فيها وفي مشايخهم ورحم الله الشيخ البنا والشهيد سيد قطب لما لهما من أيادي بيضاء على الصحوة الإسلامية وعلى الأمة الإسلامية عامة ـ . عدنا إلى قريتنا وكلنا حماسة لنشر هذا الدين مبشرين به شانين هجوما على الجمود والتحجر وعلى كل مظاهر الفساد رغم أن قريتنا وقتها بعيدة عن كل مظاهر الفساد المنتشر في المدن ولكن إنتشرت فيها رذيلة التمسح على أعتاب الأولياء والأضرحة مع إنتشار كاسح لترك الصلاة فالذين يؤدون فريضة الصلاة قلة من الشيوخ العجز وأهم ما لفت إنتباه الناس إلينا مخالفتنا لهم بإرسال اللحية والقبض في الصلاة وشن الحزبيون علينا ( الحزب الإشتراكي الدستوري بزعامة بورقيبة ) حملة شعواء على أننا أتينا بدين جديد والنتيجة أنه كلما أوغلوا في سبنا إزداد الناس حبا لنا وإزداد تمسكهم بالإسلام فكثر عدد المصلين خاصة في صفوف النساء والشباب وأكاد أجزم رغم عدم تمكني من إحصائيات دقيقة وقتها بأن عدد المصلين من الذكور والإناث تجاوز 90 بالمائة فإذا شتمك أحد عناصر الحزب الحاكم وندماؤه فهي الشهادة لك بصفائك وصدقك ونزاهتك وكما قال الشاعر : إذا أتتك مذمتي من ناقص فتلك الشهادة لي بأني كامل. ولهذا أعتبر أن الفضل إذا صحت العبارة في إنتشار الصحوة الإسلامية يعود لأمريكا وأذنابها فالطغيان الذي تمارسة أمريكا والغرب عموما ضد الشعوب الإسلامية والسرقات الواضحة والمقنعة لثروات الأمة المادية والمعنوية وعمالة العملاء والخونة هي الدافع الرئيس لتصالح الأمة مع هويتها وعودتها إلى دينها فلا تصلح هذه الأمة إلا بما صلح به أولها. هذه قناعة جماهيرية إذ أمة العرب وأمة الإسلام عموما ما كانت لتكون لها كلمة وشأن إلا لما تمسكت بدينها وإن سبب إنهيارها وإنهزامها أمام سائر الأمم بعدها عن دينها فالدين هو القوة المحركة. إضافة إلى مسألة أخرى هامة وهي أن الدين فطرة الله فطر الناس عليها فحاجة الإنسان إلى التدين حاجة فطرية نابعة من ذات الإنسان إذن يمكن القول بأن طغيان الطغاة وظلمهم وقهرهم حرك لدى الكثير فطرة الإسلام الكامنة في النفوس فأستيقظ لديهم الشعور الديني ويمكن أن أضيف إلى ذلك العمليات الإستشهادية في فلسطين وغيرها وخاصة تفجيرات 11 سبتمبر. هذه التفجيرات تفرض على كل إنسان مهما كان إنتماؤه ومهما كان دينه ومهما كان جنسه أن يتساءل ما الذي يمكن أن يدفع بشاب ناجح في حياته متفوق في دراسته يملك من الشهادات العلمية ما يجعله في صفوف النخبة المتميزة له مكانة مرموقة في المجتمع وله حظوة وله مرتب أو مورد رزق يمكنه من العيش المبسوط وحتى المترفه أن يفجر نفسه؟. هذا الحوار الساخن داخل كل المجتمعات بشتى فصائلها وداخل كل نفس يجعل البعد الديني حاضرا ويحرك خفايا النفوس ويوقظ فيها الشعور بالتقصير ويولد حوارات بين الناس بين مؤيد ورافض. ولكن بعد الصدمة الأولى تتدخل عوامل أخرى دينية ومصلحية وإنسانية كل من موقعه فترفض هذا الأسلوب. ترفضه بالمنطق الأمريكي والغربي لأنه إعتداء على السيد الأبيض وهنا تتدخل العقلية الغربية عقلية  » حرام عليكم حلال علينا  » فقتل الأبرياء في أمة الغرب حرام وجريمة نكراء لا يقوم بها إلا الإنسان المتوحش الإرهابي الذي يجب أن يزال ويمحق من الدنيا. أما قتل الأبرياء إذا كانوا من ذوي البشرة السمراء خاصة إذا إبتلاهم الله بالنفط والأرض الخصبة وبالحضارة العريقة فعندها يكون قتلهم ومحقهم حتى لو كان بأسحلة الدمار الشامل وبكل أنواع الأسلحة المحرمة دوليا فهذا مبرر وليس إرهابا فتقوم الدنيا ولا تعقد إذا أعتدي على قط أبيض في إسرائيل الأبن المدلل لدى أمة الغرب ولا تحرك هذه الأمم ساكنا عندما تدمر حضارة على رؤوس أهلها فإن إنقطع الدواء والغذاء على الأطفال والشيوخ والنساء ويترك المرضى يتعذبون ويموتون لا منقذ فهذا أمر مباح إذا كان الضحايا من ليبيا أو العراق أو فلسطين وأفغانستان المهم من أمة الإسلام. ولكن والحمد لله يوجد في كل العالم أناس عقلاء يؤمنون بحق كل إنسان في ا لعيش الكريم مهما كان جنسه ومهما كان لونه ويرفضون الإرهاب مهما كان مصدره وربما بعضهم حتى وإن رفض الإرهاب والقتل من حيث المبدإ ومن منطلق ديني وإنساني فإنه قد يتفهم إرهاب الضعيف الذي أهين وديس على عرضه وكرامته ومقدساته وإغتصبت أرضه وعرضه ولا يتفهم إرهاب الأقوياء إرهاب الغطرسة والجبروت إرهاب الذين يريدون أن تزيد أرصدتهم وكروشهم إنتفاخا فهلا فكر  » البوشيون  » بأن أقصر طريق للقضاء على الإرهاب هو رد المظالم فلو أن بوش أنفق ربع ما أنفقه في الحرب على أفغانستان في إستصلاح الأراضي وبناء الجسور وبناء المؤسسات الإقتصادية التي تشغل الشباب العاطل لأحبه الشعب الأفغاني ولترك المجاهد في الجبل سلاحه ونزل لينعم بالعيش الكريم ولينعم بحرية العبادة أما والحال أن بوش سلبه كل ما يلمك ولم يترك له أي خيار غير الموت فهل يمكن أن يقضى على الإرهاب بهذا الأسلوب فالعكس هو الذي يحصل وسيحصل فمدرسة البوشيين لا يتخرج منها الإ الإرهابيون فالذي لم يبق له ما يخسره ما الذي يجعله يفكر في السلم والسلام فعلي وعلى أعدائي هو المنطق الأسلم في هذه الحالة. حاول أن تدخل إلى نسق تفكير الذي يفجر نفسه لتنظر إلى جانب المنطق والحق الذي دفعه إلى ذلك لا يهم هل هو مخطئ أو مصيب فالذي يهمنا البحث عن الطريقة التي تجعلنا نبعده ونبعد من سيسير على نهجه من القيام بهذه الفاجعة وهذا التدمير. أعطه جانبا من الحق وقل له : صحيح أن هناك من دمر ما بداخلك من فطرة الخير قبل أن تدمر أنت ما تبقى منك ومن غيرك. لا تقل إنك إرهابي فعندها لن تزيده إلا إصرارا ولكن قل له يا أخي أنت مجاهد في سبيل الله عليك أن تنهج نهج محمد عليه الصلاة والسلام في جهادك عد إلى كتاب الله وتتملذ على أيدي أهل العلم وتفقه في دينك فستجد أن أفضل وسيلة للجهاد هي الكلمة وإصبر على أذى أعدائك ولا تعطهم الفرصة للنيل منك ومن أمتك ومن دينك. أمامك يا أخي فرص كبيرة للدعوة بالحسنى ولنشر الإسلام لا تجعل هواجس النفس تسيطر عليك وتقنعك بأن أمة الغرب هي دار حرب فكل ما فيها مباح فالغرب ليس وحدة متجانسة ففيه من كنوز الخير لو دخلت من بابها للتعرف بنفسك وبدينك لكان الطريق أيسر لك للوصول إلى هدفك فما زال باب الدعوة مفتوحا أمامك لم تتمايز الصفوف بعد. إبتعد عن تكفير من خالفك الرأي حتى لو كنت داخلك تعتقد بأنه كافر لأن ذلك ليس فيه نفع لا لك ولا له فأنت داعية إلى الله والداعية كالطبيب ينقم على المرض ولا ينقم على المريض  » أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ». وما خير رسول الله عليه الصلاة والسلام بين أمرين إلا أختار أيسرهما ما لم يكن إثما. هل الأيسر أن نحكم على الحكام بالكفر والظلم والفسق فنزيدهم ضلالا على ضلالهم ونقوي شيطانهم فنوقظ الفتنة النائمة أم الأيسر أن نصبر على أذاهم ونحاول الوصول إلى قلوب الناس ونسعى إلى تغيير ما بأنفسهم ونسعى إلى إرجاعهم إلى دينهم أليست مهمتك يا أخي المجاهد هي مهمة الأنبياء ومهمة الأنبياء بدرجة أولى تعبيد الناس إلى خالقهم. لو نتوجه إلى هذا الشاب ونعطيه جانبا من الحق لفتحنا صدره إلينا وجعلنا إمكانية أن يسمعنا أكبر بكثير وإذا سمعنا سهل ترويضه وإفهامه و سهل تغيير ما بداخله. فالعلاقة التي يجب أن تسود بين حركة النهضة والحركات الإسلامية القريبة منها مع هذا الشباب هي علاقة الأب مع إبنه الذي لم يحسن إختيار الطريق الأنسب والأسلم فإن كفرونا فلا نكفرهم وإن ضللونا فلا نضللهم ونصبر على أذاهم ونتحمل ما يمكن أن يلحقنا من أذى بسببهم. أعرف جيدا أن العملية صعبة وليس سهلة فنحن بين خيارين أحلاهما مر إن حاولنا ملاطفتهم وتفهمهم وتفهم ما يقومون به من أعمال نالنا الأذى من الحكام ووفرنا لهم فرصة لتشويهنا وربما ضاعت بعض مصالحنا لدى أمة الغرب خاصة أن المتربصين بنا كثر وإن حاولنا إسترضاء الحكام وإسترضاء الغرب وقلنا في هذا الشباب قول الحق ـ لأننا في كل الأحوال ما ينبغي لنا إلا قول الحق ـ من زاويته التي تضر وتنفع وتدفع هذا الشباب إلى مزيد من النفور منا وتكفيرنا. فليس للحق وجه واحد فإذ أردنا إصلاح هذا الشباب علينا ألا نستعلي عليه ولا نتحدث معه ولا ننظر إليه من زاوية أخطائه بل علينا أن نتمثل في حقه وحق كل من يخالفنا قول الله تعالى في سورة فاطر :  » وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين « . هل هناك شك في أن عملنا على هدى وأن أهل الشرك على ضلال مبين ؟ ولكن الحكمة الإلهية في تقريب النفوس وترويضها تقضي بأن تضع نفسك في نفس الخانة مع من تريد تغييره أما إذا نصبت نفسك مرشدا وموجها وأنك وحدك تملك الحقيقة وأن الطرف المقابل مخطئ وضال فعندها لن يسمعك ولن يفهم مقولتك. هل يخشى على اللحمة الإجتماعية في تونس ؟ فإذا كان هناك خوف على هذه اللحمة فهو ليس من شباب الصحوة الإسلامية المعاصرة إنما من سياسة التغريب المعتمدة من سياسة التفسيق والتجهيل من سياسة كبت كل نفس إسلامي أو حر أما شباب الصحوة فلا خوف منه كما علينا أن نقرأ هذا الشباب قراءة صحيحة فأنا ليست لي إحصائيات دقيقة ولكن من خلال إحتكاكي بهذا الشباب في المساجد في هذه المدة القصيرة غير كافية لإصدار حكم ما ومع ذلك أقول بأن قلة من الشباب يسمع بنا ويتعاطف معنا ويرانا مثالا وقدوة له وينتظر منا أي توجيه فهو في شوق لنا وفي شوق للحديث معنا. تقابله ثلة أخرى ولعلها أقل من الأولى إتحذوا نهجا غير نهجنا أقربهم منا يرانا مقصرين مذنبين في حق الإسلام والمسلمين مهادنين للظلمة والكفار نتمسح على أعتابهم تأمينا لمصالحنا نهجنا نهجا سياسيا مخالفا للإسلام كالإحتكام إلى صناديق الإقتراع وقولنا بالديمقراطية التي لا أصل لها في الإسلام ومنهم من يكفرنا ويفسقنا لمخالفتنا للإسلام من وجهة نظرهم . هؤلاء الشباب رغم أنهم قلة ولكن لتميزهم في مظهرهم وكثرة نشاطهم وإندفاعهم تجعلهم يظهرون كأنهم هم الأغلبية وكأن شباب الصحوة كله على شاكلتهم. ولكني أحسب أن الأغلبية الساحقة من شباب الصحوة صامت يدرس أو يعمل بصمت لا يعرف الحركة ولا يسمع بها ولكن في تفكيره ونظرته للحياة هو قريب جدا من طرح الحركة ونظرتها وأقرب فرصة تتاح للحركة كي تسمع ويصبح لها نشاط يعرف بها وبأفكارها أو تتقدم إلى إنتخابات ما فسوف يكون هذا الشباب معها فالحركة الإسلامية وخاصة حركة النهضة والحركات الإخوانية عموما ومن شابهها في تفكيرها وفي منهجها هي أقرب من الجميع إلى ضمير الجماهير المعبرة على خلجاتهم التي لها الأهلية أكثر من غيرها كي تحقق آمالهم في العدل والرخاء والصلاح والخير. أحاول من حين لآخر أن أقحم نفسي مع بعض الشباب الذي تبدو عليه علامات الضياع والبعد عن القيم وعن الدين وربما يعده البعض في صفوف الفسقة والمارقين فوجدت أغلبهم إذا لم أقل كلهم طيبين يسمعونك إذا تكلمت وتشرئب أعناقهم إلى سماعك ورأيت فيهم إستعدادا كبيرا للهداية ذكورا وإناثا لو يجدون من يوجههم ويرشدهم ويسمعهم شريطة ألا يتعسف عليهم ويكلفهم ما لا يطيقون. هم ناقمون على الحكام لا تستهويهم حركات المعارضة ولا يسمعون بها في أغلبهم يشعرون بعدم قدرتهم على التجلبب في جلباب السلفية ولا جلباب الصوفية أو جماعة التبليغ والدعوة في باطنهم يبحثون عن دين يسمح لهم بالعيش الكريم وبالأخذ من بعض مظاهر الحضارة الغربية فالصورة التي تستهويهم صورة المسلم الذي يعيش زمانه في مأكله وملبسه وتأثيث وتصميم بيته وفي علاقاته الإجتماعية. إلى اللقاء في الجزء الثالث من الحوار مع الشيخ العكروت (المصدر: المنتدى الكتابي لموقع الحوار.نت بتاريخ 8 جويلية 2007) الرابط: www.alhiwar.net/vb


غيث.. نافع
 
محمد قلبي أسواق التجارة الموازية ليست خفية عن العيون.. هي معروضة على الطريق العام يراها الرائحون والغادون. وفرق المراقبة ما انفكت تطارد تجارها منذ زمن بعيد.. فتغيب البضاعة مدة قصيرة ثم تعود من جديد! وما حيّر بالي ولم أجد له أي جواب ما.. هو: من أين تأتي كل هذه البضائع؟ هل تمطر بها السماء؟
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 8 جويلية 2007)

فـــي رحــــاب العدالـــة

المنتظر في المرحلة الجديدة للعميد البشير الصيد

 
بقلم: المنجي غريبي  يجب التريّث قبل الحكم لهذا أو ذاك، لأن الأعمال والمواقف الّتي ستتّخذ هي وحدها الكفيلة بالإعتبار في أي تحليل، لذلك من السّابق لأوانه تقييم مرحلة لم تنجز. ولا يصحّ الحكم على النوايا انطلاقا من لاشيء.. » هذا ما كتب في هذا الركن في 26 جوان 2001 عندما إنتخب الأستاذ البشير الصيد عميدا. وأعيد نفس العبارات في 11/7/2004 بعد إنتخاب الأستاذ عبد الستار بن موسى عميدا. والرّجوع لما كتب بعد إنتخاب العميد البشير الصيد  على رأس عمادة المحامين الأحد 1 جويلية 2007، يرد للتذكير فقط، لأنه سبق للمحامين أن عايشوا وخبروا مناهج عمل العميد البشير الصيد، كما عرفتها السلطات العمومية وتعاملت معها بالكيفية الّتي رأتها ملائمة. ونقطة الإستفهام الّتي تقف كالشوكة في حلقة المستقبل، تحوم حول المستتر من المنتظر. وما يمكن قوله، الآن ،أن فترة العمادة الجديدة، لن تكون كسابقاتها، وذلك الأسباب التّالية: أوّلا: إن الظرف تغيّر ومن المنتظر أن تحدث تغيّرات في الحياة العامّة ستكون لها حتما إنعكاسات على المحاماة. ثانيا: العميد البشير الصيد سبق له أن إعتمد أسلوبا  عرف حصاده، ومن المستبعد أن يسلك نفس التمّشي لعامل التجربة، ولرغبته في تتويج مسيرة لا يريدها قاحلة. ولذلك، لن يتقيّد بما تقيّد به  في السّابق. وخطابه  عند تسلمه رسميا لمهامه يوم الجمعة 6 جويلية الجاري، وإعلانه بكونه لن يترشّح مرّة أخرى للعمادة،مؤشّران على ذلك. ثالثا: إن تركيبة مجلس الهيئة الجديد والّتي ستكتمل اليوم ،قد تكون عاملا مساعدا على تخطّي العديد من المصاعب. رابعا: إن قراءة موضوعية ومتبصّرة لنتائج السنوات العشر الماضية  أو أكثر، في مجال المحاماة والقضاء عموما، ستتيح لجميع الأطراف الوقوف على مواطن الخلل  وإستخلاص الدروس. كل هذه المعطيات قد تكون حافزا لنقلة جديدة، في ملف المحاماة وفي طريقة التعامل معه، ولكن يبقى كل ذلك رهن  التفاعل الإيجابي مع المستجدات والإرادة الجادّة في التجاوز. أحكام الصندوق ما يريح المحامين وما يحسب لهم، أنهم رغم الاختلاف في وجهات النظر وفي مسيراتهم يحتكمون في النهاية إلى أحكام صندوق الانتخابات. فينتهي كثر الكلام بمجرّد الإطلاع على النتائج. ولكن يبقى النقاش والتحاجج ديدن الجميع في إنتظار الجديد . الصبر والمصابرة الأستاذ نصر بن عامر رئيس فرع سوسة السابق والّذي أنتخب رئيسا لصندوق الإقتراع، كان حقّا في مستوى المسؤولية الّتي اضطلع بها  وبرهن مرّة أخرى على حسّه الديمقراطي الرّاقي وعلى حسن تأقلمه مع الأجواء الإنتخابية دون تخاذل وبتنبّه وحنكة. وقد إستطاع بمعيّة بقية أعضاء المكتب رغم المشاق، إدارة العملية الإنتخابية من البداية إلى النهاية بكل إقتدار. مقوّمات القائمات وزّعت في اليوم الإنتخابي للمحامين يوم الاحد الماضي،قائمتان وأفرزت العملية الإنتخابية إنتخاب 7 أعضاء من القائمتين دون غيرهما. وإنطلاقا من هذا المعطى رأى البعض، أن الترشّحات المنفردة لم تعد مجدية، بل قال البعض أن الشفافية تقتضي  أن تصبح العملية الانتخابية ضمن قائمات. وبقطع النظر عن ردود الفعل، فإن المتمعّن في  عملية فرز الأصوات يلاحظ أن عميلة المزج موجودة ولكن قد يكون الرّهان  على العمادة قبل كل شيء جعل إنتخاب أعضاء مجلس الهيئة يخرج عن حسابات البعض. ولكن لا يمكن أن نتجاهل أن إعتماد القائمات، لم يكن مستندا على اعتبارات موضوعية تأخذ بعين الإعتبار الكفاءة التجربة، وإنّما على حسابات ومعادلات إنتخابية ظرفية، لذلك شهدت العملية الإنتخابية خروج بعض المحامين الأكفاء والمشهود بجديتهم من دائرة التنافس، وفي المقابل  أفرزت صعود من كان خارج التوقّعات  رغم الرصيد المهزوز. إفتخار الأستاذ شرف الدّين الظريف الّذي حرص على تهنئة العميد الجديد وأعضاء مجلس الهيئة الجدد، صرّح لنا أن الصندوق قال كلمته وهو فخور ككل المحامين بديمقراطية الصندوق، ولكن لم يخف تأثره من موقف بعض الّذين خذلوه أو خانوه كما قال، لأنه  كان يعتقد أنهم من المقرّبين له ولم يشك في مؤازرتهم له. والملاحظ أن الأستاذ الظريف حضر يوم تسليم المهام يوم الجمعة الماضي بدار المحامي، وحرص على شكر كل من آزره في الإنتخابات الأخيرة. حفل تسليم المهام تم يوم الجمعة الماضي بدار المحامي بتونس، تسليم جميع المهام للعميد البشير الصيد من طرف العميد المتخلّي الأستاذ عبد الستار بن موسى  ومجلس هيئته  بحضور الأستاذ نصر بن عامر رئيس مكتب الإقتراع، وعدد من المحامين. وقد ألقى العميد الصيد كلمة أكّد فيها بالخصوص على أنه كعميد لكل المحامين سيتوخى بمعية بقية الهياكل المنتخبة منهج التحاور مع جميع السلط العمومية لحل كل المشاكل ،و على انه سيبدا حالا في تنفيذ ما وعد به  ولن يتمتّع بأي راحة خلال الصائفة ليتفرّغ لدراسة للعمل. كما أكّد العميد الجديد على أنه لن يترشّح مرّة أخرى لمنصب العمادة، في تلميح لكونه لن يخضع في مواقفه المستقبلية لأية حسابات مسبقة…. بسط البساط كل من اطلع على التقرير المالي الّذي عرض على الجلسة العامة  للمحامين يوم الأحد الماضي لا يمكنه أن ينكر المجهود الّذي بذل في إعداده. ورغم ما قيل عن كشف قائمة غير الخالصين في إشتراكاتهم، ورغم عدم « شعبية » هذه العملية فإن هذه الأخيرة تساهم في إضفاء الشفافية المرجوة. غير أن ما يمكن ملاحظته، أن القائمة تضمّنت أخطاء كثيرة،  فنشرت أسماء بعض الأموات، أو المحالين على التقاعد أو المحالين على عدم المباشرة. كما إحتسبت السنة القضائية الحالية  دون تحيينها في الوقت المناسب، فورد ذكر من قام بالخلاص في آخر وقت . كما كان العمل منقوصا إذ كان من الأجدى أيضا نشر قائمة المحامين الّذين لا يضعون تامبر المحاماة على أعمالهم. كما غاب تقديم المبرّر على عدم تطبيق القانون على المخالفين وبيان الإجراءات العملية الّتي اتّخذت، والهياكل الّتي تهاونت في تطبيق الإجراءات اللاّزمة. ولو أن البعض إنتقد الأستاذة سميرة كراولي أمينة  المال المتخلّية على نشر القائمة المذكورة، فإن البعض الآخر نوّه بما قامت به من أعمال وعلى المجهودات الّتي بذلتها. وكما تمت المصادقة على التقرير الأدبي تمّت المصادقة على التقرير المالي بالاجماع، وهو ما لم يكن ينتظره البعض. وقد خرج العميد بن موسى في صورة قد يحســـده عليها بعض من سبقه في هيئات سابقة. اليوم يكتمل نصاب الانتخابات اليوم تبوح كل الصناديق بأسرارها الإنتخابية وسيعرف المحامون غدا بقية الفائزين في إنتخابات هياكل المحاماة، وعندها يمكن التقييم من مختلف الأوجه. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 8 جويلية 2007)

بعد فرع سوسة للمحاماة:

التنافس على أشده على رئاسة فرعي تونس وصفاقس اليوم

 
تونس: الصباح – ينتظر أن ينهي المحامون اليوم، انتخاباتهم في مستوى فرعي تونس (الذي يشمل منطقة تونس الكبرى وجميع محاكم منطقة الشمال) وصفاقس، بعد أن تم أمس انتخاب رئيس ومكتب جديدين لفرع سوسة للمحامين.. وتعد انتخابات الفروع الثلاثة، شديدة الأهمية بالنسبة لتركيبة الهيئة الوطنية للمحامين، حيث من المنتظر أن يلتحق بها آليا، ستة أعضاء من الفروع الثلاثة، أي الرؤساء الثلاثة والكتاب العامون الذين سيتم انتخابهم من كل مكتب جديد.. وتسهر الفروع في العادة، على قضاء شؤون المحامين اليومية، والنظر فيما يعترضهم من صعوبات.. كما تملك بعض الصلاحيات المهنية وإن كانت محدودة، مثل الإحالة على التأديب، والنظر في الخلاف حول التسعيرة بين الحرفاء والمحامين… الجدير بالذكر، أن مكتب الفرع، يضم عشرة أعضاء بالإضافة إلى الرئيس الجديد..
انتخابات فرع سوسة.. شهدت الجلسة العامة لانتخابات الفرع الجهوي للمحامين بسوسة، أجواء إيجابية، حيث هيمنت على الجلسة المطالب المهنية للمحامين، وانتهت بالمصادقة على التقريرين الأدبي والمالي، فيما بادر المكتب المتخلي للفرع إلى تكريم العميد عبد الستار بن موسى، وأمينة المال للهيئة، السيدة سميرة كسراوي، وذلك بحضور العميد الجديد للهيئة الوطنية للمحامين، السيد البشير الصيد.. وكان الأستاذ عبد الستار بن موسى، ألقى قصيدة مطولة تفاعل معها المحامون بشكل كبير، قبل أن يتم انتخاب الأستاذ نصر بن عامر، رئيسا للجلسة الانتخابية للفرع، وهو الانتخاب الثاني من نوعه للأستاذ بن عامر، مما يؤكد مصداقية الرجل ونزاهته..   وعلمنا أن المحامين بجهة سوسة، دخلوا في العملية الانتخابية في حدود الرابعة من مساء أمس، لاختيار رئيس للفرع والأعضاء العشرة.. وكان الأساتذة، زهير قريسة (الكاتب العام المتخلي)، ويوسف الأحمر ومنير بلعيد (عضوي المكتب المتخلي)، وعبد القادر سكندراني (الرئيس الأسبق للفرع)، ترشحوا لرئاسة الفرع الجهوي بسوسة، وسط توقعات بأن ينحصر التنافس بين السادة قريسة والأحمر وسكندراني، فيما لا يستبعد أن يحدث الأستاذ بلعيد المفاجأة في هذا الفرع.. على أن الانتخابات المتعلقة بعضوية الفرع، عرفت بدورها تنافسا شديدا بين حوالي عشرين مرشحا هم الأساتذة: محمد محجوب ورشاد برقاش والصحبي بن عبد الجليل وخميس الكافي ونادية الورغي معرف وعامر الصيادي والبشير السخيري وهشام بن عبد الله ومحمد المناعي وعبد الكريم كحلول ونور الدين علاف وزهير سويلم وأحمد صبري الطرابلسي ومحمد عاطف صفر ووفاء الزغيدي ومحمد العوني ومحرز مخلوف وعبد العزيز حسين وفوزي بوغطاس وهشام الحاج مبروك.. تنافس على أشده… من ناحيته، يبدو فرع تونس للمحامين، الذي يعتبر الأكبر بين الفروع الثلاثة للمحامين، أمام امتحان صعب، ليس فقط على مستوى عضوية الفرع، وإنما على صعيد المتراهنين على رئاسته، حيث ترشح لقيادة دفة التسيير، أسماء بارزة بينها الأساتذة: شوقي الطبيب (عضو الهيئة الوطنية المتخلية للمحامين، ورئيس جمعية المحامين الشبان بتونس وأحد مؤسسي المنظمة العربية للمحامين الشبان وأول رئيس لها سابقا)، إلى جانب عادل الشملي (عضو مجلس الفرع حاليا)، وعبد الرزاق الكيلاني ومحمد جمور (العضوين الحاليين لمجلس الهيئة الوطنية المتخلية)، إلى جانب محمد الهادفي (العضو السابق لمجلس الهيئة).. وحسب بعض العارفين بتاريخ الفرع، فإن الهيئات التي تولت مهام قيادة شأن المحامين في مستوى تونس الكبرى، كانت تتميز بنوع من التنوع من حيث الحساسيات السياسية، لكن ذلك لا يمس من انكبابها على الملفات المهنية بالدرجة الأولى، خصوصا وأن الفرع له طبيعة مهنية خدماتية للمحامين، وبالتالي فإن هؤلاء عادة ما يختارون الكفاءة المهنية، أي رئيس الفرع الذي بإمكانه خدمتهم بغض النظر عن توجهه السياسي… في المقابل، تقدم ما يزيد عن 34 مرشح لعضوية فرع تونس، وتتشكل القائمة الرسمية والنهائية للمترشحين لعضوية الفرع الجهوي للمحامين بتونس (بعد غلق باب الترشح) من الأساتذة : عامر المحرزي ـ الحنيفي الفريضي ـ مصطفى الغربي ـ نور الدين الخضراوي ـ كريم بولعابي ـ بو بكر بالثابت ـ رضا الطرخاني ـ حسان التوكابري ـ فريدة العبيدي ـ محمد الغلوسي ـ المكي الدلهومي ـ المنصف الباروني ـ محمد النكيس ـ سمير السويسي ـ أنور فتح الله ـ رابح الخرايفي ـ هندة بن رجب  ـ فتحي ـ فاخر القفصي ـ محمد رضوان وردليتو ـ أحمد سماط ـ سنية بن حدود ـ كمال بن خليل ـ محمد سعيدانة ـ أحمد الشكي ـ دليلة مراد ـ أكرم الزريبي ـ طارق العبيدي ـ الهادي الورغمي ـ الهادي المناعي ـ هشام بن الحاج حميدة ـ جابر الشقراني ـ هادية عتيق ـ ماهر الصيد ـ محمد فوزي الجبالي ـ سفيان الجريبي ـ بلقاسم السعسوقي ـ تماضر اليحياوي… ويتوقع المراقبون، أن ينحصر التنافس على رئاسة الفرع بين الأساتذة، شوقي الطبيب ومحمد الهادفي وبدرجة أقل عبد الرزاق الكيلاني.. فرع صفاقس… لكن هذا التنافس، ستعرفه انتخابات فرع صفاقس أيضا.. حيث السباق على أشده بين المترشحين للفوز برئاسة الفرع.. ومن بين الأسماء التي ترشحت لهذه  المسؤولية، الأساتذان مكي الجزيري (الكاتب العام الحالي للفرع)، وعبد الستار يعيش (رئيس المكتب المتخلي)، اللذين ينحصر بينهما التنافس، وهو ما يعني أنّ الانتخابات ستضمن قدرا كبيرا من التواصل والاستمرارية.. والسؤال الذي يطرحه الملاحظون هو، ما هي هوية الأعضاء الستة الجدد الذين سيلتحقون بالهيئة الوطنية؟ صالح عطية (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 8 جويلية 2007)


الأستاذ محمد جمور المرشح لرئاسة الفرع الجهوي بتونس للمحامين لـ «الشعب»:

** أنا لست عدميا حتى أتنكّر لمنجزات من سبقني ** مازالت المحاماة متشبثة باستقلال القرار وحرية الاختيار

 
من الميزات التي تتوفر في الاستاذ محمد جمور المرشح لرئاسة فرع تونس للمحامين هي مروره من جمعية المحامين الشبان الى عضوية الفرع ومنها الى الهيئة الوطنية. وهذه الخصوصية تجعله مطلعا على العديد من الملفات والتوازنات كما تجعله على علاقة واسعة مع زملائه المحامين. «الشعب» التقت الاستاذ محمد جمور المرسوم بافكار سياسية لتحاوره حول اعقد الملفات وجوانب ازمة المحاماة بما في ذلك الدرجة العالية لتسيس القطاع ومدى تأثيره على أداء الهياكل المهنية.  مررت من هياكل عديدة في القطاع، ما الذي جعلك تقدم ترشحك هذه المرة الى رئاسة الفرع الجهوي بتونس؟ ـ في الحقيقة  لم أقرر الترشح إلا بعد آن استشرت اعضاء في مجلس الهيئة . وقد كان أغلب الأعضاء مقتنعين ان الأستاذ جمور مازال مفيدا في هياكل المهنة من حيث الاداء والالتزام المهني، كما استشرت الكثير من الزملاء من خارج هياكل المهنة، وقد وجدت تشجيعا كبيرا من قبلهم. ومن ناحية أخرى فقد كسبت الكثير من النضج والخبرة سواء على الصعيد العلمي والصناعي أو على مستوى التسيير. واعتقد أن هذا النضج المهني والمرور التدريبي من جمعية المحامين الشبان وفرع تونس ثم الهيئة الوطنية تعتبر كلها شروطا ضرورية لضمان النجاح والقدرة على التسيير. وأقول ان المحاماة قد اعطتني الكثير على مدار 21 سنة من حيث التكوين والصداقات وهذا ما يمثل دينا بالنسبة إلىّ ويدفعني الى أن لا اكون جحودا ضد مهنتي وزملائي وبالتالي سأكرس كل جهدي وتجربتي المهنية لخدمة القطاع وزملائي على حدّ السواء. اما السبب الاخير، فهو انني اصبحت اعرف خصوصية المهنة وابرز الملفات خاصة بعد مشاركتي في العديد من المحطات والمفاوضات والملفات كذلك.  ما نلاحظه هو ترشح العديد من الوجوه ذات الثقل الكبير لرئاسة فرع تونس كيف تتوقعون التنافس مع زملاء عملت معهم صلب هياكل مختلفة داخل القطاع؟ ـ خلافا لبقية الزملاء المترشحين، فإني مررت  بجميع هياكل المهنة من جمعية المحامين الشبان الى فرع تونس الى مجلس الهيئة الوطنية للمحامين الذي كنت كاتبا عاما له خلال ثلاث سنوات من 2001 ـ 2004 ثم عضوا من 2004 الى .2007 وأعتقد أن الترشح لاي خطة كانت في هياكل المحاماة، يجب اعادة النظر فيها، لان المقاييس الحالية غيركافية. وأرى ان التدرج ـ كما قلت سابقا ـ والتجربة المهنية التي لا يمكن ان تقل عن عشرين سنة هما معياران أساسيان ومتضافران يجب ان يتوافرا للمترشح لرئاسة الفرع أو للعمادة، أما فيما يتعلق بدرجة التنافس وطبيعته، فإنه سيكون على قاعدة هذين المعيارين وما سيقدمه المترشح من تصورات وما يملكه من الرصيد المعنوي الشخصي لدى زملائه مثل الحرفية ـ التجربة الصناعية ـ الاستقامة ـ النزاهة ودفاعه عن زملائه والمهنة وحضوره واشعاعه.  لكن عادة ما ترتبط الانتخابات بتحالفات  سياسية تمثل أحد  العوامل الرئيسية للنجاح؟ ـ أشاطرك الرأي في ان قطاع المحاماة هو من أكثر القطاعات  تسيسا وذلك بالرجوع الى العديد من الاسباب التاريخية قبل 1956 وبعد 1956 وتكوين المحامين ودور المحامين في الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم وتعود درجة تسيس المهنة الى محاولة جهات ترويض القطاع الذي لا يزال يعبر عن تشبثه باستقلالية قراره  في اختيار من يمثله ورفضه الانسياق أو أن يوظف من اي اتجاه سياسي كان. وأنا متمسك بكل هذه الثوابت داخل المهنة، والانتخابات داخل القطاع هي انتخابات مهنية، ورغم ان الصداقات أو الانتماء السياسي يلعب دورا في دعم هذا المترشح أو ذاك من قبل عدد المحامين لكنه يظلّ عنصرا غير محدد وأنا لا أقوم بحملة انتخابية على أساس المعيار السياسي، بل ان احاسيس المهنة هي التي تقودني في حملتي الاتنخابية وهو ما لا يعني أيضا انني لا احظى بثقة الناشطين في العمل السياسي . واقول انني لن احصرحملتي الانتخابية في هذه المجموعة فقط . وكان دائما سلوكي قائما على أولوية الدفاع عن مهنة المحاماة ، لا  عن المحافظة على الصداقات السياسية والشخصية. ويمكن ان اضحي بصديق متعاطف معي سياسيا أو اتقاسم معه افكارا سياسية مقابل التمسك بالمهنة واستقلالية وحقوق زملائي.  يبدو أن مؤسسة العمادة ورئاسة فرع تونس عنصران مهمان في خلق تجانس اوسع في أداء مهنة المحاماة عامة فلو نلت ثقة زملائك، فمن تفضل العمل معه على رأس عمادة المحامين؟ ـ سأتعامل مع العميد الذي سينتخبه المحامون، بقطع النظر عن ميولاتي لأن المسألة تتجاوز الاشخاص باعتبارها قضية مؤسسات . وداخل مجلس الفرع، سأتعامل وسأشرك جميع الزملاء في أخذ القرار بقطع النظر عن انتماءاتهم السياسية فوحدة هياكل المهنة، هي شرط اساسي لقيام الهياكل بدورها الطبيعي، ولن أدخل في اي شكل من أشكال المواجهة مع اي عميد منتخب وقد كان سلوكي وأدائي دائما على هذا النحو، ولا أدل على ذلك سوى وصول العميد عبد الستار بن موسى الذي لم اصوت لفائدته . ولكن تعاملت معه بشكل جدي ومسؤول، ويعود  ذلك الى تجربتي المهنية وقناعتي السياسية التي رسخت القناعة بطبيعة قبول رأي الأغلبية وعدم إفشاء سر مداولات  الهياكل،  وهذا كل ما يعرف عن الاستاذ جمور لدى غالبية المحامين.  ما نلاحظه أيضا ان خلية المحامين لن ترشح أي كان من اعضائها سواء بالنسبة للعمادة أو بالنسبة لرئاسة الفرع كيف تقرأ هذا الموقف وكيف تقيم درجة تأثير الخلية في الانتخابات القادمة؟ ـ من قال لك  ان الخلية لم ترشح أي عضو أو لن تساند مترشحا ما  فالاستاذ الشملي محام ينتمي الى التجمع مثلما انتمي انا الى حزب سياسي. وان كان كثير من المترشحين لا يعلنون عن انتماءاتهم السياسية، فهذا أمر يهمهم واحترم مواقفهم. أما أنا، فلا يمكن لي «استبلاه» الزملاء. اذ انا بقناعات سياسية معروفة لدى الجميع، لكني اثبت من خلال تجربتي في هياكل المهنة أنني لا اخلط بين الشأن السياسي والشأن المهني ولم أوظف وجودي في الهياكل التسييرية للمحاماة للحزب الذي اتشرف بالانتماء اليه ولن اتخاذل في الدفاع  عن المحاماة لخدمة اهداف حزبية ضيقية .  لكن هناك من يرى أن من وجوه أزمة المحاماة درجة التسييس والتوظيف. فبماذا تجيبهم ؟ ـ لا اعتقد ان بعض  وجوه أزمة المحاماة ترتبط بأسباب سياسية . وأنا ايضا على يقين أن كل هياكل المهنة لم تقدم مطالب سياسية ، بل كل مطالبها تظل مهنية بالاساس ونقابية بصورة عامة،  ولم تطالب لا باقالة مسؤول وتنصيب آخر مثلا. فهياكل المهنة طالبت بأن تعامل باحترام وان يقع التفاوض معها بنزاهة وأن يقع تطبيق كل الوعود والاتفاقيات. وان كانت هذه المطالب سياسية، فقد نزلنا بالوعي السياسي الى أدنى مستوياته. وكل ما اطلبه من السلطة التعامل مع ما يفرزه صندوق الاقتراع تعاملا مسؤولا وجديا ونزيها بغض النظر عن الانتماء السياسي. لان من اختاره المحامون له مشروعية ويحظى بثقة زملائه وتمشياتهم واثبتت التجربة ان في كل بلدان العالم ان النقابيين الذين لهم مسؤوليات سياسية هم الأكثر حرصا على ايجاد الحلول نظرا لما يتمتعون به من مرونة في التعامل مع الجهات المسؤولة مع تمسكهم بالثوابت والقيم التي يدافع عنهم منظورو هم .  هناك شعارات مثل الديمقراطية والحريات والمساواة تهيمن  على قطاع المحامين  وتوسمه بهذه الصفة ، لكن ما نلاحظه ان قطاع المحاماة ظلّ قطاعا «رجاليا» وخاصة على مستوى سنة ترشح المحاميات فماذا تفسر هذه المفارقة؟ ـ أولا أؤكد على انني سأترشح وسأتحمل مسؤولية لولاية واحدة في صورة نلت ثقة زملائي، لاني أو من بالتداول.  ثانيا، رغم أن القانون يمنح لرئيس الفرع وحده العديد من الصلاحيات فأنا سأمارسها بتشريك جميع اعضاء الفرع وخاصة على صعيد الاحالات . ثالثا لقد سعيت لدى العديد من الزميلات اللاتي يشاطرنني الرأي بأن يقبلن الترشح لهياكل المهنة ايمانا مني بأن 38 من المحامين هم من الزميلات ويحق ان يقع تمثيلهن تمثيلا مناسبا لحجمهن داخل القطاع ، ثم ان المحاميات لا يقلن نضجا وتجربة وكفاءة واخلاصا ونضالية عن المحامين الذكور. وقد اثبت البعض منهن هن جدارتهن بتحمل المسؤولية. واتمنى ان تمثل الزميلات المحاميات بعدد مهم  في مجلس فرع تونس.  ما نلاحظه أيضا على مستوى الترشحات الى هياكل المهنة هيمنة الوجوه التي تعودت المسؤولية صلب الهياكل في حين ان القطاع يشهد ارتفاعا واضحا للشباب، ألا تعتبر هذه المسألة ضربا من ضروب الاحتكار والوصاية ؟ ـ انها ليست وصاية او احتكارا بل اعتقد ان عامل التجربة والطموح وغيرهما تدفع بالزملاء للترشح . وهناك من تدفعه الرغبة أيضا لخدمة المحاماة أيضا. لكن هذا لا يمنع من تحقيق معادلة انتخابية تضمن المزج بين فئة  الشباب واصحاب التجربة. وارى أن قانون المحاماة لا يضمن تحقيق هذه المعادلة. والاحظ أيضا ان هناك عزوفا لدى العديد من  المحامين الشبان في الترشح أو تحمل المسؤولية، وقد يعود ذلك الى درجة الإحباط أوالخوف أو غيره من الاسباب.  ما الذي يمكن أن تقدمه لاكثر من ثلثي المحامين في صورة وصولك الى رئاسة اكبر فروع القطاع؟ ـ سأكون موجودا بصورة دائما الى جانب كل زملائي وسأسخر كل الوقت لفائدة الفرع، وسأتجند للدفاع عن المحامين بغض النظر عن انتمائهم الفكري واقدميتهم في المهنة، وسأتولى الدفاع عنهم بكل جرأة لدى أية جهة كانت وسأسعى الى تحسين ظروف ممارسة المهنة وقيام  الدفاع بواجبه على أحسن  وجه مع قناعتي  ان تحسين ظروف مباشرة مهنة المحاماة يستوجب من الدولة الاهتمام بالمرفق العام للعدالة بما يعني ، يجب ان تكون محاكمنا لائقة اكثر وان يزداد عدد القضاة للقيام بمهامهم وكذلك عدد الكتبة. ويجب تفعيل النصوص القانونية الموجودة والتي تحمي حقوق الدفاع ، يجب على كل السلط احترام المحامين ومساعدتهم على أداء مهامهم وسأولي  اهتماما  بالتكوين العلمي والتكوين في مادة اخلاقيات مهنة المحاماة وسأقاوم  بحزم ظاهرة السمسرة وكل التجاوزات التي تمس من اعتبار هياكل المهنة ، وسأطالب بالترفيع في منحة التسخير الى مبلغ محترم لا يقل عن مائتي دينار . كما اتعهد في اطار مجلس الهيئة الوطنية على تفعيل اتفاقيات التعاون مع هيئات المحامين الصديقة من أجل تمكين المحامين وخاصة الشبان منهم من الاطلاع على تجارب أخرى في نطاق ترقيات مهنية. كما سننظم دروسا في اللغات الاجنبية للمحامين ودورات تكوينية في مادة الاعلامية ووسائل الاتصال وكذلك حلقات تكوين في المواد القانونية والمواد العلمية. وسأحرص على دعم المكاسب التي حققها زملائي ورؤساء الفرع السابقون فأنا لست عدميا، انا اريد اضافة حجر لما سبق ان شيده من سبقني الى رئاسة  الفرع. وبناء عليه أدعو جميع الزملاء الذين لهم حق التصويت الى الحضور بكثافة خلال الجلسة العامة الانتخابية للادلاء باصواتهم، لان في ذلك خير دعم للديمقراطية داخل المحاماة وفيه تعبير لمشروعية من سيمثلها ودعم معنويا تهم في مواجهة التحديات . حاوره : الحبيب الشابي (المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 7 جويلية 2007)


و»عاد الصيد» الى «العمادة» بعد جلسة عامة ارتفعت فيها درجة الحرارة الى أبعد الحدود

 
تغطية الحبيب الشابي ما ان تم الانتهاء من تلاوة التقريرين الأدبي والمالي، حتى انكشفت كل أوراق اللعبة الانتخابية حيث انقسمت قاعة الجلسة العامة الى شطرين متصارعين فكريا ومتشابكين جسديا ومتشاحنين حتى الساعات الأولى من فجر اليوم الثالث الذي كشفت خيوط شمسه عن اعادة انتخاب العميد بشير الصيد لولاية جديدة ستمتد الى غضون شهر جوان من سنة 2010 بالرغم من الحظوظ الكبيرة التي توفرت للاستاذ شرف الدين الظريف.. وقد كانت كلمة الافتتاح للعميد المتخلي عبد الستار بن موسى تراوح بين الالتزام المهني المستقل والروح المفعمة بالقيم والفن وذلك حين قال «ان حبي الفياض لمهنة المحاماة وايماني بالدفاع عن الحقوق والحريات والتزامي بالنضال عن ثوابت المهنة وصون روح الزمالة، جعلني منذ دخولي الى المحاماة سنة 1978 ، انذر نفسي مدافعا منذ البداية عن القيادة الشرعية للاتحاد العام التونسي للشغل وعن  النقابيين المناضلين، وأنخرط في العمل صلب جمعية المحامين الشبان لا نشط وأجعل  لجنة حقوق الدفاع والمشاكل المهنية بعيدا عن اللهث وراء الكراسي .. وبعد ان استعرض سيرته النضالية والانسانية تطرق العميد المتخلي من تلقاء نفسه بعد دورة نيابية واحدة الى تفاصيل تجربته في العمادة مبرزا أهم المحطات واخطر المنعرجات،  متوقفا عند ابي القاسم الشابي حين قال  ان ذا عصر رداءة غير أني  من وراء الظلام شمت فلاحة   ضيفا ضيع الدهر مجد الدفاع ولكن سترد الزمالة يوما وشاحه منتهيا بالتأكيد على ان المحاماة ستبقى مهنة الأمانة والشرف والدفاع عن الحق والحرية مهما اشتدت الاعاصير والانواء. هذه الكلمة التي افعمت آلاف المحامين مهدت الطريق نحو مضامين التقرير الأدبي الذي لخص تجربة ثلاث سنوات تسييرا، نضالا ومنجزات ، حيث توزعت فقراته على الوظائف الترتيبية للمحامين بما فيها من عناصر جزئية تهم الترسيم بالاقسام الثلاثة بجدول المحامين وترسيم شركات المحامين ثم جاء التقرير في جزئه الثاني متعرضا للنشاط العلمي والتكوين بكل تفرعاته  المتعلقة بمحاضرات ختم التمرين وافتتاحها أيضا فالندوات العلمية والتكوينية. وتعرض التقرير الادبي في جزئه الثالث الى النشاط النقابي والمهني بما فيه من مسائل تهم النظام الداخلي واخيرا معالجة النشاط الخارجي اخبارا وتحليلا سواء فيما يتعلق بعلاقة الهيئة الوطنية بالهيئات والاتحادات الدولية على غرار اتحاد المحامين العرب والاتحاد الدولي للمحامين والمجلس الدولي للهيئات والاتحاد الافريقي للمحامين وهيئات المحامين بالخارج ثم مجمل  الانشطة الثقافية والعلمية التي نظمت بالاشتراك مع الهيئات الاجنبية والاتحادات الاقليمية الدولية للمحامين واخيرا مناصرة القضايا العادلة في العالم. وجاء التقرير المالي الذي تلته الاستاذة سميرة الكراولي أمينة مال الهيئة الوطنية معبأ بالارقام والمعطيات والمؤيدات، ضخما في حجمه ، لكنه تضمن معطيات تتم نشرها لاول مرة وهي عبارة عن قائمات اسمية للمحامين والمحاميات الذين لم يسددوا معاليم اشتراكاتهم والانخراطاتهم بالهيئة  ولئن تمّ تصدير هذا التقرير بالقولة التالية: «من لم يناضل في سبيل حقه لا يستحق منحه اياه « فإنه قد حظى بنصيب وافر من التعليقات والملاحظات واحيانا الانتقادات رغم انه مختوم من قبل خبير المحاسبات. وقد تمثلت المداخيل المقبوضة لصندوق الهيئة خلال سنتي 2006 ـ 2007 في نحو 809814,035,1 د ت مسجلة زيادة قدرها 099,730,86 د ت أي بنحو 9  ولكن سجل التقرير ذاته قيمة عدم استخلاص المحامين لاشتراكاتهم ما يقارب 000,300,830,1 د ت كما تعرض التقرير بالتفصيل الى عدة  جزئيات أخرى. ومع اعطاء الاشارة للنقاشات كان هناك ازدحام كبير على أخذ الكلمة بين جميع الفرقاء والتلوينات السياسية التي جمعت شتاتها الانتخابي  لتنقسم الى قسمين هما :  محامو التجمع الدستوري الديمقراطي وانصارهم وبقية التلوينات الاخرى. هذا الانقسام ترجمته طبيعة الخطابات ومرجعياتها واسماء المتدخلين والوانهم حيث وصل الاختلاف الى التشابك بالايادي بعد ان خفت صوت الاعتدال أمام حرارة التنافس . وقد كان للمحامين الشبان والمتمرنين حضور مميز في هذه النقاشات سواء من خلال الكشف عن معاناتهم المهنية أو من خلال الاعتراف الصريح بميولاتهم المهنية والفكرية ولعل ما صدر عن ألسنة الاستاذين محمد ناصر العوني وماهر مورو ليقيم الدليل على ما ذهبنا اليه، رغم ما خلفه تدخلهما من تبعات وتفاعلات داخل قاعة المؤتمر كادت تدفع بالعميد عبدالستار بن موسى الى رفع الجلسة وتأجيل انعقادها وبعد  هذين التدخلين لم تهدأ عاصفة الاختلاف والجدل والصراع الفكري سواء من قبل هذا الطرف أو من قبل الآخر ، حيث تعمقت الهوة الفكرية وتوزعت المسارات الى مسالك عديدة. وقد الهب تدخل الاستاذ البشير الطرودي وكذلك تدخل الاستاذ أحمد الصديق القاعة بعد ان أتيا  على دور المقاومة العربية في العراق وفلسطين متوقفين عند الحركة  الوطنية والقطاعية الراهنة. ومع تدخل الاستاذين نجيب حسني وأنور القوصري اللذين تعرضا الى واقع المحاماة وما تواجهه من تحديات ومشاكل وصلت الى  حدود الأزمة الخانقة وافرزت قاعدة واسعة من التقفيز والخصاصة وتراجع لمكانة المحاماة والمحامين، ازدادت وتيرة الخلاف واحتدام الصراع . اذ حاول الاستاذ علي القادري الرّد على من سبقه في التدخل بإبراز المزايا والدفاع عن المؤسسات الرسمية. وان كانت هذه الصورة جزءا من لوحة فسيفسائية لقطاع المحاماة، فإن هذا هذا القطاع ظلّ قطاعا متسيسا حتى النجاع منغمسا في مبدإ الدفاع عن مبادئ العدالة والحرية رافضا كل أشكال الاسقاط والتوظيف. قطاع بات ينشد الخيار النقابي أمام تردي اوضاعه  المادية وضيق مجال تدخله. قطاع لأول مرة يشهد ترشح عشرة محامين لمنصب العمادة أغلبهم من العيار الثقيل سياسيا ومهنيا .. قطاع يشكل موجة عاتية وعارمة في بحربدا  وكأنه هادئ . ولقد كشفت صناديق الاقتراع في الجولة الثالثة عن ثقل كلّ مترشح رغم ان التحالفات  السابقة قد تغيرت واشتدت معها الكتلة  الانتخابية التي كان بإمكانها حسم الصراع لو كان عدد المترسمين منحصرا في أربعة اعضاء على سبيل المثال. فتقدم الاستاذان بشير الصيد وشرف الدين الظريف عن بقية المنافسين  التقليديين مثل ابراهيم بودربالة والداخل لتوه الى الحلبة صلاح الدين الشكي وعلى أصحاب الحضور القوي داخل المهنة مثل الاستاذين محمد المكشر وراضية النصراوي. ومع بزوغ اشعة يوم الاثنين الاولى تم حسم المعركة لفائدة الاستاذ العميد السابق بشير الصيد الذي التفت حوله عديد العائلات السياسية من  قوميين ويساريين ومستقلين ومن بعض الغاضبين  في مواقع أخرى. عودة البشير الصيد يقلبها المتابعون والمحللوون على أوجه عديدة من التأويل والتمحيص والتقليب ، غير أنها تظل مؤشرا كبيرا يدفع الفاعلين في هذه المواقع وفي تلك الى اعادة تشخيص المهنة بخصوصياتها ومشاكلها وارهاصاتها.   مرحلة دقيقة يصل فيها الاستاذ بشير الصيد ثانية الى العمادة وواقع اكثر دقة لعموم المحامين الذين باتوا واقفين امام خيارين لا ثالث لهما. خيار الموالاة وخيار المعاداة وبين هذا الخيار والآخر مساحات كبيرة للنقاش والجدل .. هوة واسعة من النظر والتدقيق .. رحلة شاقة من مسار المحاماة الذي يمتد الى أكثر من عقد فوق القرن لكن لعل هذه الفواصل هي التي تنمي  الوعي والممارسة الديمقراطية بين كل   الاطياف السياسية وتضعها أمام محك الواقع الذي لا يمكن ان ينقلب هكذا بكل ما فيه من مخاتلة ومكر دون ان يتم القبض على أدق لحظاته مكاشفة وعراء.. من هو العميد العائد؟ ـ احرز الاستاذ بشير الصيد  الأستاذية من جامعة تونس بملاحظة حسن ونال الجائزة الأولى. ـ اجتاز مناظرة القضاء ونال المرتبة الأولى ـ تحصل على الرتبة الأولى لشهادة الكفاءة لمهنة المحاماة. ـ تخرج من المعهد الأعلى للقضاء اللبناني وقضى به سنتيْ تربص. ـ قضى ست سنوات في القضاء التونسي. ـ انتخب عضوا بالمجلس الاعلى للقضاء في دورتين . ـ اسس جمعية القضاة التونسيين الشبان وانتخب بها كاتبا عاما بدورتين. ـ استقال من القضاء سنة .1973 ـ رافع في قضايا الحركة النقابية  وعن كل السياسيين والحقوقيين. ـ انتخب عضوا بمجلس الهيئة الوطنية للمحامين في دورة 1995 / .1998 ـ انتخب عميدا في دورة 2001 / 2004 . وصل الى الدورة الثانية من انتخابات العمادة مرتين. ـ انتخب عضوا بالمكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب. ـ يشغل عضوا مؤسسا لمنظمة العدالة الدولية ومقرها بروكسيل. ـ يشغل عضوا بالهيئة المديرة لمناهضة القمع. دخل حملته الانتخابية الاخيرة بشعار « دفاعا عن استقلالية المحاماة وكرامة المحامي» شعار سيتم وضعه في  محكّ مدته النيابية هوامش  ـ بدأ العميد الصيد هادئا خلال كلّ مراحل الجلستين العامة والانتخابية.  ـ كان الاستاذ الشاذلي بن يونس والعميد الازهر القروي الشابي مثاليين في احترام الصحافيين الذين لم يجدوا مكانا يؤدون من خلاله مهامهم. ـ تعددت شهادات التنويه والاعتراف بالجميل ازاء العميد عبد الستار بن موسى لما قدمه للقطاع وخاصة لتكريسه مبدإ التداول. ـ العنصر النسائي كان فاعلا خاصة في مستوى الدعاية والتأثير على النوايا الانتخابية. ـ كانت نتائج الدورة الأولى في مستوى غالبية التوقعات لمتابعي شأن المحاماة. ـ يرى العديد من المراقبين ان عددا من أنصار  الاستاذ صلاح الدين الشكي والاستاذ ابراهيم بودربالة وشقا من المحامين التجمعيين قد صوتوا في الدورة الثانية لفائدة العميد بشير الصيد الشيءالذي حسم الامر لفائدة هذا الاخير. ـ كانت تدخلات المحامين التجمعيين ممنهجة وموزعة بشكل لافت. (المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 7 جويلية 2007)  


بمناسبة زيارته الأولى إلى تونس الشاعر المبدع أحمد فؤاد نجــم يــدلــي بحـديث خـــاص إلـــى جريدة «الشعب»:

سعيد جدّا بزيارة تونس ولقاء شعبها قبل أن أموت

 
حوار: ماهر حرّاثي / صور: منتصر العكرمي بدعوة من الهيئة الوطنية للمحامين زارنا الشاعر الغنائي الملتزم أحمد فؤاد نجم الذي عرفناه من خلال تجربته الفنية مع الشيخ إمام ملحّن ومغنّي أغلب قصائده. هذه التجربة الثنائية نجم / إمام جسّدت مسيرة طويلة من النضال بالكلمة الحرّة والأغنية الهادفة التي عبّرت عن مشاغلنا وقضايانا الملحّة فمكّنتنا بذلك من التسلّل خارج حدود الرّداءة المزمنة التي يُعاني منها المشهد الفنّي والثقافي في الوطن العربي. أحمد فؤاد نجم المولود سنة 1929 والمنحدر من عائلة مصرية فقيرة والذي اشتغل معظم وقته فلاّحا، وهو الذي قضّى 18 سنة في السجن على خلفيّة مواقفه، إنّما ظلّ أمينا في شعره لما عاشه من معاناة مع أبناء شعبه، فكانت قصائده صوت رفض عات لواقع الفقر والظلم والهزيمة.. «الشعب» التقت الشاعر أحمد فؤاد نجم وسألته حول عديد القضايا والمشاغل العربية الملحّة، فكان الحوار التالي: * مرحبا بك بين أهلك في تونس. رغم أنّك تزورنا للمرّة الأولى، فإنّ مصافحتك لجمهورك بدت حميمية جدّا! ـ هذه أوّل مرّة آتي فيها إلى تونس، غير أنّها لم تكن المرّة الوحيدة التي حاولت فيها المجيء. فقد سبق أن حاولت القدوم لإحياء بعض الحفلات برفقة الشيخ إمام لكنّنا مُنعنا من ذلك زمن الثمانينات مثلما مُنعنا في أقطار عربية أخرى. وأنا سعيد جدّا بزيارتي هذه إلى تونس وشعبها العربي العزيز قبل أن أموت. فقد انتظرت طويلا هذه المصافحة الحارّة مع أحبّتي وأصدقائي. وهنا أرفع شكرا خاصّا إلى الهيئة الوطنية للمحامين والسيد العميد عبد الستار بن موسى الذي دعاني وأتاح لي فرصة لقائي هذا الجمهور الذي أحترمه كثيرا. * هل يمكن أن نعتبر قدوم الشاعر شاهين أبو الفتوح والفنان سيّد عبد العزيز معك ومشاركتهما في هذا اللقاء محاولة منك في نقل تجربتك مع الشيخ إمام إلى جيل جديد من الطاقات الفنية المتمسّكة بالنهج الفني الملتزم؟ ـ فعلا، هناك طاقات فنية كبيرة في الوطن العربي يجب التعريف بها ودعمها حتّى تستفيد من تجربتنا وتواصل مسيرة الإبداع الهادف وتطوّرها. ونحن لا نطالبهم بأن يكونوا نسخا منّا لأنّ كلّ جيل يصنع تاريخه الخاص وتجربته الخاصّة، وإنّما هم قادرون أيضا على إشعال شموس جديدة في واقع الظلمة والرّداءة. وذلك بوقوفهم بواسطة فنّهم إلى جانب جماهير شعبهم في محنهم والتّعبير عن تطلّعاتهم الحقيقية إلى التحرّر والانعتاق من نير الاستعمار وكل أشكال الاستبداد. * ولكن، في ظلّ عصر العولمة والأمركة ومحاولات الاختراق الثقافي وما يرافق ذلك من استثمار في الفن، تحوّلت الساحة الفنية العربية إلى موجات كاسحة من الفن المائع والمعلّب كما السلعة بهدف المتاجرة، هل بإمكان الأغنية الهادفة والشعر الملتزم أن يصمدا وينتشرا بين أوسع الجماهير؟ ـ ههنا يجب أن نميّز بين طبيعة الفن الذي ينتجه فنّان السلطة وبين الفن الذي ينتجه فنّان الشعب. فنّان السلطة ينتج فنّا على المقاس المطلوب من الميوعة، لأنّه لا توجد حرّية اختيار وإبداع أوّلا، ثمّ لأنّه يريد تحقيق مصالحه الخاصّة المتمثلة في الرّبح والإثراء. لذلك ينضوي إنتاجه تحت قوانين التجارة والسوق. وهو فنّ ظرفي وزائل. لأنّ الظروف التي أفرزته، وهي الواقع المظلم والمتعفّن، سوف تزول حتما. وفي المقابل ينتج فنّان الشعب فنّا يلتزم بهموم الكادحين الفقراء ومشاغلهم. وهو الفن الخالد، لأنّ النّصر لن يكون إلاّ لجماهير الشعب المظلومة. ثمن الإبداع الحقيقي * انتصارك لمفهوم المبدع العضوي الذي يلتحم بجماهير شعبه كلّفك مثلما كلّف كل الشرفاء السّجن والاعتقال والتضييق، فهل ينأى المبدعون اليوم عن النهج الملتزم هروبا من دفع هذه الضريبة؟ ـ طبعا، الفنّان والمبدع العضوي عموما هو الذي يعبّر عن الام شعبه وينخرط معه في النّضال بفنّه. فهو اختار أن يكون جزءا منهم. لذلك ومادام شعبه مفقّرا ومقموعا، فإنّ المبدع الحقيقي سيكون فقيرا أيضا ومطاردا ومهدّدا بالسّجن والاعتقال. وهذا ما ساهم في ظهور هذا العدد الهائل من فنّاني السلطة الذين لا يعبّرون إلاّ عن مصالحهم النّفعيّة ومصالح أسيادهم حتّى لا يتعرّضوا إلى التّضييق. فهم مدعومون بكلّ الوسائل والإغراءات حتّى يخدّروا أبناء الشعب المضطهدين، فيشدّونهم إلى الأوهام ويصرفونهم عن قضاياهم الأساسية. * كيف تقيّم مبادرة أحد فضاءات الثقافة في تونس (التياترو) بإحياء ذكرى الشيخ إمام سنويا؟ وهل يمكن دعم مثل هذه التظاهرات حتّى تصير مهرجانا موازيا لمهرجانات «العجرمة» في الوطن العربي؟ ـ إنّها تعكس جهدا في دعم النّهج الفني الملتزم. وهذا هو السبيل الذي يمكّننا من مقاومة موجات الرّداءة الفنّية. لذلك يجب علينا وعلى كلّ تقدّمي دعم هذه المبادرات بكلّ امكانياتنا. فمشكلتنا في الوطن العربي هي عدم التضامن والاتحاد قبضة واحدة مع بعضنا في مواجهة عدوّنا وتخلّفنا. المقاومة أمر يهمّ الجميع * هل نواجه «الميركافا» الصّهيونيّة و «الأباتشي» الأمريكيّة بالفنّ فقط؟ ـ نحن نعيش حالة حصار وقمع واحتلال، ، وما تقوم به المقاومة الوطنية عن طريق النضال المسلّح في العراق وفلسطين ولبنان هو الذي يجبر الاحتلال يوميا على التراجع ومغادرة أرضنا. ولكنّ الفن الهادف يزوّدنا بطاقة روحية هائلة في صمودنا لأنّه يمثّل ثقافتنا الوطنية وهويّتنا الحضاريّة. وعلى الجميع المساهمة في فعل المقاومة أطفالا ورجالا ونساء وفي كلّ المجالات وكلّ من موقعه. فنحن نرى كيف يشارك أطفال الحجارة في فلسطين في صدّ العدوان وكيف تساهم المرأة بإنجاب المقاومين الأبطال وكيف تنخرط في كلّ أشكال المقاومة والصّدام مثل ليلى خالد وجميلة بوحيرد ودلال المغربي… * هذه نظرة تقدّميّة للمرأة خلافا للنّظرة الرّجعيّة التي تشدّها إلى ماضي الاستعباد أو تحوّلها إلى حضور جسدي مائع بدعوى التحرّر؟ ـ لو اكتفينا بالنّظر إلى المرأة من جهة وظيفتها الطبيعية وهي الانجاب لوقفنا على دورها الأساسي في حياتنا. فهي «الولاّدة» التي تخلق الحياة وتهبها. فبرغم محاولات الإبادة التي تستهدفنا ورغم جرائم القتل الفضيعة التي يرتكبها المحتل الأمريكي والصهيوني بحقّ أبناء شعبنا في العراق وفلسطين، فإنّ المرأة العربية هي التي تقود معركة البقاء وهي التي تنجب أجيال المقاومين والمقاتلين. لذلك حان الوقت حتّى تكسر قيود الأفكار الرّجعيّة والتخلّف الذي يعيده انتاجه من جهة الحركات الإسلامية التي تقف موقف السلطة مثلما يحدث عندنا في مصر، ومن جهة أخرى النّظام الرّسمي العربي الذي أوهم بأنّ حرّية المرأة في ميوعتها. الطبقة الكادحة هي الرهان الوحيد * طفح شعرك بالنّقد اللاّذع والسّاخر للنّظام الرّسمي العربي، هل مازال موقفك متشدّدا مثلما رأينا ذلك في قصائدك التي غنّاها الشيخ إمام؟ ـ لقد ازداد موقفي تشدّدا بقدر ما ازداد تشدّد النّظام الرّسمي العربي في سعيه إلى تثبيت تخلّفنا وقمعنا حتّى يستمرّ «سلاطين الفول والزّيت» في البقاء على سدة الحكم. فكلّ رئيس لا يغادر السلطة إلاّ عندما يموت، حتّى أنّنا لا نستطيع أن نتحدّث عن رئيس سابق وإنّما نتحدّث دوما عن الرئيس الرّاحل إلاّ فيما قلّ وندر من الحالات. * أنت تناصر دائما الحركات اليسارية في شعرك ومواقفك، ما مدى تأثيرها اليوم في مجريات الصّراع من أجل التقدّم والتحرّر؟ ـ أريد أن أؤكّد بداية أنّني عروبيّ. وأنا نصير كلّ من يقاوم من أجل تحرير الأمّة العربية والذّود عن عزّتها. والأحزاب والحركات اليسارية تحاول جاهدة العمل على تغيير هذا الواقع المظلم والمهين، ودورها منحسر نسبيّا لأنّ أشكال النضال التي تتّبعها جعلتها معزولة عن عمق الواقع الشعبي ممّا جعل ممارستها في أغلب الأحيان نخبويّة ومحدودة في أوساط المثقّفين. لذلك عليها أن تتّجه إلى أوسع الجماهير الكادحة وتلتحم بها. * هل يعني هذا أنّ الطبقات الشعبية هي الرّهان الوحيد والطاقة الحاسمة التي بإمكانها تحريرنا من هذا الواقع؟ ـ هذا مؤكّد. فجماهير الشعب المظلومة والتي تلقى أصناف المهانة والاستغلال هي التي تسعى دائما إلى التحرّر من حياة البؤس والفقر والظلم وهي التي تخوض الحروب والمعارك والقتال المسلّح. فالمقاومة الشعبيّة في العراق وفلسطين ولبنان هي التي تعطينا الدروس. ولا أمل لنا إلاّ في حركات المقاومة التي تلحق الخسائر الفادحة يوميا في صفوف المحتل وتطرده من أرضنا. وانتصار المقاومة اللبنانية على العدو الصهيوني في الصائفة الماضية هو بداية التحرير الكامل لأرضنا العربية. * أنت متفائل بمستقبل المقاومة والجيل الجديد؟ ـ أنا متفائل جدّا. فقد علّمنا التاريخ أنّ الأمم المظلومة هي التي تنتصر في النّهاية، وأنّ حركات المقاومة الشعبية هي الظافرة بهذا الانتصار. لذلك يجب أن لا نحمّل الجيل الجديد أخطاءنا وعجزنا وإنّما يجب أن ندعمه ونتركه حرّا في اختياراته لأنّه يريد أن يخوض تجربته ويفجّر غضبه ورفضه لواقع الاذلال والهوان الذي وجده. * في ختام هذا اللّقاء، ماذا تقول لجمهورك في تونس والوطن العربي؟ ـ أشكر شعبنا العزيز في تونس لحسن ضيافتهم ولاهتمامهم وأقول يجب علينا أن نتمسّك بالحلم والأمل وأنّ تحرّرنا آت لا محالة. فالظُّلمة التي نعيشها ليست قدرا محتوما. ولأنّ الشمس تشرق كلّ يوم والحياة بطبيعتها تتجدّد وتتطوّر، فإنّ الجيل الجديد هو شمس جديدة قادرة على إضاءة مستقبلنا، وبإمكان هذا الجيل أن يصنع واقعا جديدا ويذود عن كرامة الأمّة العربية ويحرّرها من كل أشكال الاضطهاد. (المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 7 جويلية 2007)


طلبة تونسيون يحرزون بطولة العالم للرجال الآليين

 
باريس، فرنسا(CNN)– فاز فريق من الطلبة التونسيين بالجائزة الأولى في أول بطولة عالم لتصميم الرجال الآليين المتحركين والذي انعقد بفرنسا. وقالت أسوشيتد برس إنّه تمّ تنظيم البطولة ضمن مهرجان التكنولوجيا الذي تنظمه ضاحية مانت لا جولي بباريس ويجمع سنويا جامعيين وطلبة من مختلف القارات. وتضمن بطولة هذا العام عرض رجال آليين ذوي حجم صغير لا يتجاوز سنتمترات قليلة بعضها قادر على لعب الغولف والآخر يلعب البولينغ فيما بعضها قادر أيضا على فرز النفايات. ومن أبرز الأفكار التي توائم معايير البيئة وتميّز بها الفريق التونسي فضلا عن فرق أوروبية اعتماد الكرتون مثل كراتين الأحذية في صنع نماذج عملية تماما. كما تميزّ رجل آلي صغير لا يتجاوز طوله 40 سم بقدرته على تمييز العب من القوارير من النفايات الأخرى وجمعها إلى جانب بعضها البعض. فيما كان رجل آلي صغير آخر قادرا على التحدث إلى الأشخاص العاديين وتوجيههم. وشاركت في التصفيات النهائية أربعة فرق من فرنسا وتونس وروسيا وكوريا الجنوبية، ونجح الفريق التونسي في إحراز المركز الأول. وأشارت وكالة تونس أفريقيا للأنباء أنّ الرئيس التونسي زين العابدين بن علي منح الفريق التونسي واحدة من أكبر الجوائز العلمية التي تمنحها البلاد وتولى تسليمها نيابة عنه وزير التعليم العالي. ورأس الفريق الأستاذ الجامعي بالمعهد العالي للتكنولوجيا بقرطاج صابر الجمالي. (المصدر: موقع سي أن أن بالعربية (دبي) بتاريخ 7 جويلية 2007)


عام / حوادث المرور في تونس / احصائية

 
 
تونس – واس – احصت مصادر تونسية 1516 قتيلا واكثر من 00 15 جريح تسبب بها 11 الف حادث مرور وقعت العام الماضي لكنها سجلت انخفاضا بنسبة 50 ر 0 بالمائة مقارنة بعام 2005م. واشتركت الدراجات النارية في 25 بالمائة من تلك الحوادث بينما لوحظ ارتفاع في نسبة المتسببين فيها من المشاة حيث وصلت الى 42 في المائة فيما استحوذت العاصمة على القسط الاوفر من مجموع القتلى والجرحى بحوالي 5 ر 39بالمائة تليها مدن نابل وصفاقس و القيروان. ووفقا لمصادر صحفية فان فصل الصيف لايزال يسهم في وقوع اكبر عدد من حوادث المرور بنسبة تناهز 18 بالمائة من مجموعها نظرا الى ما يشهده هذا الموسم من حركة كثيفة جراء تزامنه مع نهاية وبداية السنة الدراسية ومواسم الاعراس والمهرجانات والعودة المكثفة للجالية التونسية المقيمة بالخارج فضلا عن ازدياد الحركة السياحية. (المصدر: وكالة الأنباء السعودية (واس) بتاريخ 8 جويلية 2007)

بحث تعزيز التعاون في مجال التدريب ومكافحة الجريمة مع تونس

 
عقدت صباح امس (السبت 7 جويلية) في مبنى وزارة الداخلية جلسة مباحثات سورية تونسية برئاسة اللواء بسام عبد المجيد وزير الداخلية والسيد رفيق بلحاج قاسم وزير الداخلية والتنمية المحلية في تونس جرى خلالها بحث مجالات التعاون المستقبلية الممكنة بين الوزارتين في مختلف المجالات التي تخص مجال عملهما. كما تم خلال الجلسة التأكيد على تفعيل الاتفاق الموقع بين الوزارتين وتعزيز التعاون في مجالات التدريب والتأهيل ومكافحة الجريمة وتبادل الخبرات والزيارات الاطلاعية للاستفادة من تجارب الطرفين لما فيه خير ومصلحة البلدين الشقيقين. ‏ وكان الوزيران عبد المجيد وقاسم تبادلا كلمتين وديتين فى بداية المباحثات اكدا خلالهما الرغبة والارادة المشتركة في تعميق التنسيق والتعاون المشترك بين الوزارتين بما ينعكس ايجابا على مناخ الامن والاستقرار الذي ينعم به البلدان ويتناسب والعلاقات المتميزة التى تربط القيادتين السياسيتين والشعبين الشقيقين في سورية وتونس. ‏ وحضر المباحثات اللواء صقر خير بك معاون وزير الداخلية وعدد من مديري الادارات والمكاتب المركزية في الوزارة وعن الجانب التونسي اعضاء الوفد المرافق للوزير قاسم والسفير التونسي بدمشق. (المصدر: صحيفة « تشرين » (يومية رسمية – سوريا) الصادرة يوم 8 جويلية 2007) الرابط: http://www.tishreen.info/_local.asp?FileName=993285987200707080118325

حبس مطرب تونسي بتهمة الاعتداء على فتاة

 
تونس- الراية- إشراف بن مراد: نظرت الدائرة الجنائية الأولي بالمحكمة الابتدائية بتونس في قضية الفنان شريف علوي وصاحب شركة كاسات اللذين احضرا موقوفين و3 متهمات فيما حضر ثلاثة متهمين بحالة سراح. ويذكر أنّ دائرة الاتهام وجهت لشريف علوي تهمة محاولة الاعتداء الجنسي بالإكراه مع أنثي، كما وجهت للمتهمة الرئيسية تهمة محاولة قتل نفس بشرية عمدا، وأما البقية فوجهت لهم تهمة التستر علي الجريمة، وقد حضر بالجلسة عائلة الفنان شريف علوي كما حضر 8 محامين للدفاع عن المتهمين. و بالعودة إلي وقائع القضية، فانه في تاريخ 10 ديسمبر 2006 تعرض الفنان المذكور إلي طعنات بالصدر والبطن واستنجد بزوجته فحلت بمنزلها ونقلته إلي المستشفي وبعدما تماثل للشفاء صرح للشرطة انه تعرض للطعن من طرف مجهولين اقتحموا منزله، غير أنّ جهات التحقيق كشفت انه تعرض إلي محاولة قتل من طرف فتاة صرحت بعد إيقافها أنها استنجدت بالفنان شريف علوي ليساعدها بعدما طردها مؤجرها من العمل وهو صاحب شركة كاسات ولكنها لما رافقت الفنان إلي منزله حاول مواقعتها فطعنته وفرت إلي مؤجرها (صاحب شركة الكاسات) ثم إلي منزل شقيقته ثم ساعدتها 3 فتيات علي الاختفاء، وبإجراء الأبحاث نجح المحققون في إيقاف الفنان والفتاة وآخرين مورطين في القضية. وبإحالتهم علي المحكمة، صرحت الفتاة أنّها مطلقة ولها من العمر 34 سنة وهي من قطر مغاربي مجاور تعيش بتونس منذ عامين كبائعة تابعة لشركة كاسات . (المصدر: صحيفة « الراية » (يومية – قطر) الصادرة يوم 8 جويلية 2007)

يهود تونس.. أقلية منزوية تحافظ على طقوسها وتتمسك بهويتها التونسية

 
تحقيق وصور: معز زيود وألفة الجامي
تونس بلد تعاقبت عليه حضارات وامبراطوريات عديدة وتنوعت الاعراق والديانات والجاليات التي عاشت فيه، ولئن تمسكت معظم تلك الاعراق بالاستقرار والبقاء، فإن بعض الاقليات قد تضاءل عددها كثيرا وغادر معظمها البلاد. ومع ذلك يشتد حنينها الى تونس خلال بعض المناسبات فتتحول بعض معالمها الى مزار، تماما مثل معبد ‘الغريبة’ في جزيرة ‘جربة’ بالجنوب التونسي الذي يحج اليه خلال شهر مايو من كل عام آلاف اليهود من ذوي الاصول التونسية بالخصوص والقادمين من دول غربية عديدة، جاؤوا حنينا ورغبة في استحضار الماضي… قلة هم اليوم، لا يتجاوز عدد يهود تونس الألفين، اغلبهم مستقر بجزيرة ‘جربة’ السياحية ومعظم البقية في العاصمة وضواحيها، هم تونسيو المولد والنشأة، تجمعهم بغيرهم من التونسيين اللغة وبعض العادات والتراث الحضاري المشترك في عمومه… ورغم هذا التعايش، يصعب اليوم الالتقاء بهم والحديث معهم حول خصوصياتهم في مجتمع ذي اغلبية عربية مسلمة، نظرا الى ما لمسناه لدى بعضهم من طبيعة حذرة في الاحتكاك بالآخر المحلي وهو ما اكدته لنا شهادات عدد من جيرانهم المسلمين، او كذلك بسبب خشية البعض منهم من رد فعل ما يسمى ب’الكميته’ وهي جمعية تهتم بالشؤون المعيشية ليهود تونس. البقية الباقية منهم اليوم في معظمها من المسنين المتمسكين بالبقاء في هذه البلاد، فهي تبقى – حسب تأكيداتهم – موئلهم الاول والاخير على الرغم من هجرة اغلب ابنائهم… تساؤل مشروع حملناه تحديدا الى اليهوديات التونسيات: لماذا لا يساومن في مسألة التمسك بالبقاء في تونس رغم رحيل الشباب الى خارج البلاد؟ وكيف تبدو خصوصية عيشهم وطبيعة علاقاتهم مع مواطنيهم من التونسيين المسلمين. الجالية اليهودية لم يبدأ استقرارها في تونس – على خلاف ما يعتقده البعض – بحلول الاستعمار الفرنسي اواخر القرن التاسع عشر، وانما استوطنت في تونس منذ قرون عديدة.. هجرات متتالية الى خارج البلاد شهدتها هذه الجالية منذ استقلال تونس سنة 1956. فكانت الدول الاوروبية وخاصة فرنسا قبلة هؤلاء في اغلب الاحيان، غير ان البعض منهم ابى ان يغادر وتمسك بالبقاء في تونس الى اليوم… يصعب التوصل الى الاجابة القاطعة عن تضاؤل اعداد الشباب اليهودي ذي الاصول التونسية في تونس من افواه الامهات اليهوديات، مما قد يجعل المجال مفتوحا للتأويلات، وعلى ما بدا لنا اثناء مقابلة بعضهن، فإن السؤال يبدو محرجا احيانا وقد يؤدي ببعضهم الى تغيير مجرى الحديث نوعا ما فمن ابتسامة وتلقائية في الاجابات الى تلعثم ودبلوماسية واكتفاء بذكر ما قل من الكلمات. إصرار على البقاء.. ومهما يكن من امر هجرة الشباب اليهودي، فإن التاريخ يثبت انها ‘حركة’ لا تختص بالفترة الحالية. وانما هي مرتبطة بمراحل متعددة من تاريخ اليهود في تونس. ويبدو ان اهمها يعود الى فترة الستينات مع تعاظم المد القومي العربي في تونس والتعاطف الشعبي الكبير مع القضية الفلسطينية، حتى ان اهم الشوارع في قلب العاصمة التونسية والذي يقطن فيه اليهود وحيث يوجد فيه الى اليوم اكبر كنيس يهودي في البلاد قد تم تغيير اسمه الفرنسي الى شارع فلسطين. ولكن يهوديات تونس لهن رأي آخر في الموضوع. في هذا الصدد، تؤكد الدكتورة ‘كولات سرفاتي’ ان اليهود الشباب اصبحوا لا يرضون بتونس بلدا يحقق احلامهم. ففي مطلع الخمسينات بدأوا يغادرون الحارة – ذلك الحي الفقير جدا – في اتجاه فرنسا في سبيل البحث عن وضع اجتماعي افضل من ذلك الذي يعيشونه في تونس. ولكي يقلل من الاحساس بالوحدة والضياع في بلد يبدو لهم للوهلة الاولى غريبا، وجد الشباب اليهودي في الزواج الحل الانسب. فغدا البعض منهم يتزوج قبل مغادرة مسقط راسه الى ان يحل الرحيل الاكبر’. الخطيب يغادر وحيدا وتضيف متحسرة: ‘البعض الآخر مثلي، لم يستطع ان يفعل الشيء نفسه، فقد مكثت في تونس في الوقت الذي غادرت فيه معظم صديقاتي للزواج والاقامة في فرنسا، وغادر فيه خطيبي بمفرده بسبب قلة ذات اليد، اذ لم يكن لدينا المال الكافي للزواج والسفر معا. ومثلما يحدث كثيرا في المجتمع التونسي – سواء بالنسبة الى اليهود او المسلمين – لم تتفق العائلتان على مهري. فكان لي ان بقيت في تونس والتحقت برفيقي بعد ثلاث سنوات، حيث تزوجت حينها في فرنسا هناك زواجا متواضعا’. تتنفس الصعداء ثم تبوح لنا ‘لما قررت الرجوع الى الدراسة جعلت من ‘الزواج التونسي اليهودي’ موضوع شهادة الماجستير وبه استطعت ان احقق على الورق زواجا لطالما كنت اتمناه لنفسي على ارض الواقع… وبذلك اغلقت جرحا من الماضي عميقا’. أسباب اقتصادية وللاسباب نفسها المتعلقة بالسفر لاسباب اقتصادية، تخبرنا مريم فلاح ان ابناءها الاربعة غادروا تونس لانهم ‘لم يجدوا هنا عملا’ مناسبا فضلا عن رغبتهم في استكمال دراساتهم العليا… وبين القبول بالامر الواقع ورفضه تتنوع الاجابات عن هذا السؤال رغم كون المجيب واحدا… ‘المهم هو مصلحتهم ومستقبلهم، ولا يهم ان نبقى بمفردنا، فهذه حال كل الامهات والآباء، نربي ليكبر الاطفال ويصبحوا رجالا ونساء، يتركوننا للاهتمام بحياتهم الخاصة وهذا امر طبيعي، فالمهم ان يكونوا بخير ويطمئنونا عنهم ويزورونا كلما سنحت لهم الفرصة’. ومن المعلوم، ان اغلب اليهود في تونس يختارون الدراسة الابتدائية في مدرسة خاصة بهم، ثم يدرسون الثانوية في معهد ثانوي في العاصمة التونسية ملحق بالنظام التعليمي الفرنسي لتسهل عليهم فيما بعد مواصلة دراساتهم الجامعية في فرنسا. وبكل فخر واعتزاز ترينا الآنسة بية، التي غادر اخوتها تونس لاستكمال دراستهم الجامعية بفرنسا صورة اخيها الصغير وهو يرتدي لباس المحاماة. ‘فقد حصل مؤخرا على الاجازة وبدأ يمارس مهنته’. لم الشمل تتأسف الآنسة بية لانها الى اليوم لم تتمكن من الالتحاق بعائلتها التي غادرت تونس نحو فرنسا منذ عشر سنوات، وذلك لاستحالة حصولها على تاشيرة السفر الى فرنسا لان منحة المعاش الشهري التي تتقاضاها لا تتجاوز 200 دينار تونسي بما يعادل تقريبا 150 دولارا. فرنسا، بالنسبة اليها، بلد تجتمع فيه مع والدتها واخوتها لتعيش في دفء العائلة، فهي لا ترغب في الانتقال الى فرنسا بهدف تحصيل وظيفة او تحسين وضعيتها الاجتماعية. ورغم وجودها بمفردها، فإنها لا تتذمر من بقائها في تونس بلدها الاصلي – كما تقول – فهي تعتبر افراد عائلتها تونسيين احرارا اي تونسيين اصليين. هدف الجميع من خلال هذه الشهادات الحية في ان هجرة الشباب اليهودي اسبابها واحدة ولو اختلفت الفترات الزمنية وهي البحث عن ظروف عيش افضل واساسا البحث عن عمل مجد ماديا. وهذا ما يجعل شالوم فلاح زوج مريم يتدخل في الحديث ليؤكد ان ‘الهجرة الى فرنسا ليست مطمحا مقتصرا على الشباب اليهودي فقط، وانما اصبح عموما مطمح كل شباب تونس مسلمين ويهودا.. ويضيف ان اوروبا تجلب انظار الشباب في كل مكان. وهذه ظاهرة نجدها في عدة بلدان، لا تونس وحسب’.. واعتمادا على بعض الاحصائيات شبه الرسمية، يعيش حوالي 20 الف يهودي من اصل تونسي حاليا في فرنسا، في حين يعيش 30 الف آخرين في اسرائيل، اي الفئة الاكثر تسييسا منهم حسب الدلالات المباشرة لهذه الارقام. وعموما يبدو ان المقارنة بين جيلين من يهود تونس امر قد لا يستقيم، ذلك ان ابناء الجيل القديم من اليهود التونسيين يحملون في ذواتهم ذاكرة مفعمة بالاحداث عن تونس وتاريخها، فتونس بالنسبة الى الاقلية اليهودية الباقية بلد استوطنه اجدادهم واحسن معاشرتهم واصبح موطنهم الاول بل وحسب تعبير عدد منهم اضحت تونس وطنهم الوحيد بعد سلسلة من الاجيال… هنا بلدي هذه الاقلية الباقية لا ترى نفسها تعيش في بلد آخر غير تونس حتى ان بعضهم يستغرب منا السؤال عن سبب البقاء في تونس رغم كبر سنه وما قد يترتب على التقدم في السن من امراض واحساس بالوحدة… وعلى الرغم مما قد يتوافر لهم – في حالة الهجرة – من رعاية من قبل اولادهم الذين يعيشون في فرنسا، فإن الابتعاد عن تونس واللحاق بابنائهم امر غير قابل للنقاش، وهذا حال مريم التي تقول: ‘لا اريد العيش في غير بلادي، اذ في تونس ولدت، وفيها اعيش، وحيث ولدت وعشت اموت، فالانسان ليس له غير بلده، فلا شيء يغنيني عن بلدي تونس’، وتتساءل ‘هل يعقل ان يترك المرء بلدا ولد فيه وترعرع وانجب فيه ابناءه وعاش فيه الحلو والمر. فمن غير المعقول ان يسأل المرء لماذا لم يترك بلده؟’ وتضيف بحماس ‘انا امرأة تونسية لحما ودما، احب بلدي ولن اتركه ولا تعني لي باريس شيئا كبيرا وان كانت تحتضن ابنائي، فتونس تبقى الافضل… ومن يحبنا يزورنا، لكننا لن نغادر ارض بلدنا’. الاحساس بالانتماء والمواطنة نجده نفسه عند الآنسة بية التي تصرح ‘انا تونسية مائة في المائة ولو كنت غير تونسية ولو كنت لا احب بلدي لما عشت فيه الى اليوم، ولما حرصت امي واخوتي على زيارة تونس كل عام… في الاول والاخير انا تونسية رغم كلام المناوئين ممن يعسر عليهم فهم ذلك’. معالجة الحنين بالزيارة وفي المقابل قد لا تحاول اليهودية التونسية التي هجرت ‘بلدها’ منذ سنين ان ترجع اليه يوما لتستقر به بشكل دائم رغم الحنين المتواصل اليه ورغم عشقها له باعتباره بلدا حمل احلى فترات شبابها. كولات سرفاتي رغم كونها تزور تونس كلما حنت اليها ورغم الحديث عنها في كل مناسبة رسمية او عائلية فانها لا تفكر في الرجوع اليها رجوعا نهائيا، ‘من الصعب علي اليوم انا وامثالي ان نغير مسار حياتنا ونرجع الى تونس بعد استقرارنا في فرنسا سنوات طوال نحتنا خلالها ذواتنا’، وتوضح كلامها ‘ليس لي اي شيء ضد تونس، فالوقت متأخر لكي نبني حياة اخرى، فللسن والزمن والظروف احكامها… واليوم احس بأنني فرنسية وتونسية في الآن ذاته، فرنسية الجنسية وتونسية الهوية والمولد والمنشأ، بلدي عزيز علي لا انساه ابدا وكثيرا ما انثر حكاياتي عن تونس في كل مجلس اجلسه مع صديقاتي وقريباتي’. نفور أم تعايش؟ ‘كلنا بشر’ هذه الجملة مفتاح لفهم العلاقة التي بنيت منذ عشرات السنين بين التونسيين من المسلمين واليهود وعلى اساسها كان التعايش من دون مشاكل بين الفئتين. هي جملة وردت على لسان مريم وهي امرأة يهودية تونسية غير متعلمة، ايمانها كان عميقا بضرورة التعايش بين الطائفتين، ولكنه تعايش لا يتطلب التزاور او الاحتكاك اليومي بين المسلمين واليهود… وانما هو تعايش يستوجب اكثر من ذلك بكثير… يتطلب الفهم المتبادل لمبدأ اساسي وهو ضرورة ائتلافنا رغم اختلافنا. ‘علينا الا ننسى اننا نبقى في الاول والاخير بشرا’… تكررها ببساطة تمزجها بابتسامة وهدوء. بهذا المبدأ استطاع البعض من التونسيين يهودا ومسلمين ان يقتنع بأن الاختلاف لا يفسد للود قضية… والبعض منهم وجد لنفسه ولغيره سببا آخر يحقق التعايش تماما مثل شالوم فلاح الذي يرى ان الجانبين ينتميان الى عرق واحد وهو العروبة ‘نحن كلنا عرب رغم اختلاف الديانة نعيش في بلد واحد، تجمعنا لغة واحدة، ولا يوجد ما يفرق بيننا، المهم اننا نفهم هذا الكلام كي نتمكن من فهم بعضنا البعض ونتعايش جميعا في كنف الاحترام والاخوة’. بسبب هذا الاحترام المتبادل كان من السهل على التونسيين التعايش مسلمين ويهودا.. الحاجة مريم تحدثت عن علاقتها بجارتها اليهودية.. قالت ‘هي امرأة طيبة جدا وكريمة جدا… صحيح اننا لا نتزاور الا نادرا لكننا نلتقي في السوق فنتحدث عن امور شتى وهي امرأة تحب الخير للجميع’، وعن دينها تقول ‘لقد اعتاد اجدادي على مخالطة اناس معتنقين لاديان اخرى، فلا ضير لنا ان نختلط باليهود.. كما ان بية اعرفها منذ الصغر واعرف والدتها.. فهي تونسية مثلي وهي بنت بلادي’. ‘حاشاك’ المؤذية ‘بنت بلادي’ عبارة تغني عن كل تعليق… ومع ذلك من الموضوعية ان نشير الى انه لم يكن من السهل على بعض اليهود والمسلمين التعايش معا في تونس لا لاسباب سياسية وانما نظرا الى بعض الخلفيات الموروثة، كأن لا يقبل التونسي اليهودي الاكل مما يطبخه التونسي المسلم لانه ‘حرام’ في معتقدهم… ولبعض الاحكام المسبقة التي دخلت في المنطوق التونسي وشكلت قالبا جاهزا يسيء لاحساس بعض اليهوديات، ذلك ان البعض لا يتفوه بكلمة يهودي او يهودية الا بأن يرفقها بلفظة ‘حاشاك’ هذه العبارة – التي يشبه مدلولها في التعبير الشعبي التونسي تعبير ‘اعوذ بالله’ – وهي تختزل موقفا واضحا وصريحا لدى بعض التونسيين المسلمين من اليهود.. موقف ينبني على الازدراء والتحاشي. وهذا من شأنه ان يسيء الى بعض اليهوديات ويشكل حاجزا نفسيا امام التعايش بينهم. بية تستنكر هذا السلوك وتقول ‘في بعض الحالات تكون تلميحات التونسيات مؤذية لنا.. وخاصة كلمة ‘حاشاك’، لست ادري لماذا يستعملنها ويتغامزن بها علينا’… بية ترى ان اهم عنصر للتواصل هو عبادة الله فبما انها يهودية، تعبد الله فلا مجال للتفرقة او التنابز بالالقاب. وبذلك تضيف سببا آخر للتعايش السلمي وهو التوحد في عبادة الله… فبما ان كل المواطنين في بلد واحد يجتمعون على عبادة الله فلا مجال اذن للاختلاف. العنصرية تورث الكراهية هذه العبارة تجعل العلاقة بين التونسيين المسلمين واليهود تتسم ببعض النفور دون ان تتجاوزه الى تصعيدات اخرى من اي نوع. فاليهوديات وجدن الحل في الانكماش على بعضهن البعض وفضلن الانعزال على الاختلاط المصحوب بالاذى. وهذا ما تفعله بية وتجعله سلوكا قطعيا ‘من يتشرف بديني اتشرف به، ومن لا يفعل ذلك لا اتعامل معه ولا اكلمه مطلقا’. لذلك تدعو الى عدم الحكم عليها من منظور ديني، وانما من منظور اخلاقي فهو المحدد عندها لتغيير الفرد ‘انا ارفض كلاما سيئا عني لاني فقط يهودية، فلا دخل للدين في العلاقات بيننا كجيران، وان ارادت احدى جاراتي ان تدخل الدين في حساباتها فانني اقطع العلاقة فورا’. وتضيف ‘لا ينبغي الاخذ بكلام العنصريين مهما كانت انتماءاتهم الدينية او العرقية يهودا كانوا او مسلمين او مسيحيين، فالمهم هو الايمان بالله وحسن المعاشرة’. ولعل اكثر ما يقلق بية ‘ان تنهى احدى الامهات ابنتها عن مخالطتنا لاننا يهود، خاصة اذا كانت البنت صغيرة لا تفهم شيئا، فتورثها بذلك سلوكا عنصريا ينطوي على الكراهية بدلا من التفاهم والاحترام المتبادل’، وهو ما ينتج في الحقيقة رد فعل عكسيا وانفعاليا. العلاقة بين يهود تونس ومسلميها اتسمت بالاندماج غالبا والنفور احيانا… وهو نفور اختياري او بالاصح هو انهماك البعض منهم في مشاغل الحياة او انعزال لاسباب مزاجية. مريم لا تزور جيرانها الا عند الضرورة.. والضرورة يحددها زوجها في نطاق تقديم العزاء عند وفاة احد الجيران او تقديم التهاني بمناسبة الافراح.. فطبيعة زوجها لا تقبل الاختلاط والتزاور لان ذلك يخلق المشاكل من جراء طبيعة المرأة التي كثيرا ما تنهمك – حسب رايه – في الثرثرة والنميمة، وهي امور قد تؤدي الى مشاكل يرفضها اي رجل على اختلاف دينه… ‘الجيران المسلمون طيبون معنا.. لكننا لا نختلط ببضعنا البعض، كل واحد منا في منزله لا يقلق الواحد فينا راحة الآخر، زوجي يرفض الاختلاط بالجيران، وبصراحة دائما ما يقول انه لا يحب النميمة وانا امتثل لما يراه’… الواضح اذا ان تلك صفات ومواقف صيغت بحكم طبيعة العلاقات والانماط الاجتماعية السائدة او الموروثة وليست حكرا على دين او جنس دون سواهما… عادات متشابهة.. تدافع الباحثة كولات سرفاتي على انه لا وجود لفرق بين التونسية المسلمة والتونسية اليهودية. فكلاهما امرأة ولدت في تونس لكن بديانة مختلفة ومتشابهة في الوقت نفسه. وتوضح ذلك بمثال من الحياة الاجتماعية ‘التونسية المسلمة تغطي رأسها الشيء نفسه تفعله التونسية اليهودية’، وتتذكر محدثتنا ان جدتها ‘كانت تضع الوشاح على رأسها لان الديانة اليهودية مثل الديانة الاسلامية لا تبيح للمرأة ان تظهر مفاتنها امام الرجل، مبرزة ان المرأة اليهودية المتدينة اليوم تضع باروكة’. وفي السياق ذاته تقر بأن ‘المرأة التونسية يهودية أو مسلمة كانت تعيش اما اكثر منها زوجة وكانت كل واحدة منهما على حد السواء خاضعة لسلطة الرجل، فلا تغادر المنزل الا نادرا وبشرط استشارة زوجها’. وتعود بنا الباحثة الى تاريخ تونس، فترى ان المرأة التونسية سواء أكانت يهودية او مسلمة كانت تعيش تحت سيطرة ذكورية، سيطرة الاب قبل الزواج وسيطرة الزوج بعد ذلك. فقد كانت تعتمد بشكل كلي على الرجل في بيتها وفي مصاريفها لانها محرومة من حق العمل. ‘لكن مع بداية الاستعمار الفرنسي اصبحت المرأة التونسية المسلمة او اليهودية عرضة للتأثر بما حملته اليها اوروبا من سلوك وممارسات اجتماعية جديدة، وهذا ما غير حياتها’ حسب رأي الباحثة. وتستنكر ‘عادات كثيرة كان من المفترض ان تزول لكن الامهات عملن على الاحتفاظ بها وتمريرها لبناتهن مثل مراسم الزواج المعقدة والمكلفة جدا الى حد مبالغ فيه’.. تتمتع المرأة التونسية اليوم سواء المسلمة او اليهودية بالامتيازات والحقوق نفسها وعليهما الواجبات نفسها، فلا مجال، حسب رأي الدكتورة كولات، للتمييز بينهما والحال ان القانون التونسي لا يحدد اي فروق تفصلهما. *** على الرغم من بعض الاحداث الطارئة ولاسيما حادثة التفجير الارهابي قبل خمس سنوات لمعبد ‘الغريبة’ اليهودي بجزيرة جربة السياحية التي ذهب ضحيتها قرابة 20 شخصا من التونسيين والاجانب، فإن الشعب التونسي لا يزال محافظا على قيم التسامح والتعايش السلمي في كنف التنوع الحضاري المتراكم الذي شهدته تونس في مختلف مراحلها التاريخية.. رهن ‘الكميته’ والموروث.. تعيش المرأة اليهودية التونسية تحت حماية زوجها اولا، ثم تحت حماية ما يسمى ب’الكميته’ ثانيا شأنها في ذلك شأن الرجل اليهودي. فاليهود في تونس، رغم كونهم يعتبرون مواطنين تونسيين خاضعين للقانون التونسي ولهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، فإن لهم نظاما خاصا تسيره لفائدتهم ‘الكميته’ وهي جمعية رسمية في تونس تتعامل مع جهاز الدولة ويرأسها حاخام له مهمة ادارية رسمية معتمدة من قبل جهاز الدولة مثل المفتي لدى المسلمين. وتتولى ‘الكميته’ تسيير شؤون اليهود الدينية والتربوية، كما تجد حلولا لمشاكلهم، فمثلا منحت السيدة مريم بيتا تسكن فيه يعوضها عن منزلها المتداعي للسقوط.. كما تقدم هذه الجمعية اعانات مالية شهرية ليهود تونس من ذوي الاحتياجات الخصوصية، بالاضافة الى ما يتمتعون به من رعاية طبية مجانية. تعيش المرأة اليهودية التونسية الى اليوم في ظل زوجها، فهو بالنسبة اليها كل شيء في غياب الاولاد المهاجرين وشبه غياب العلاقات اليومية مع الجيران. هذه الاهمية الخاصة تروج لعادة قديمة روتها لنا السيدة كولات تتمثل في انه لا يحق لليهودية الارملة ان تتزوج ثانية برجل غريب عن العائلة وبالاساس عن عائلة الزوج المتوفى… فالاخ الشقيق يتصدر قائمة المسموح لهم بالزواج منها. وحسب هذه الطقوس، فإن تلك الارملة لا يمكنها اختيار شريك حياتها الا في حال اعلن شقيق زوجها الفقيد رفضه لها وعدم رغبته في الزواج منها وذلك امام الملأ في حفل خاص يدعى في الموروث اليهودي ‘هاليستا’ Halista. وبعد هذا الحفل لا احد له الحق في لومها.. واللافت للانتباه ان ذلك الرفض لا يكون شفهيا وانما يتم باتباع طقوس رمزية لا يتولى الرجل فيها اعلان الرفض بنفسه وانما تعمد الارملة الى تبليغه للجميع، وذلك بنزع حذاء صهرها امام كبار القوم دلالة على الرفض في عرفهم. ومن بين الممارسات الطقوسية الاخرى التي قد تكرس النظرة الدونية للمرأة انها اذا ما ترملت مرتين تصبح نذير شؤم ومحل استنكار من الجميع، فيهابها الازواج حينئذ وتلقب عند البعض ‘بقاتلة الازواج’. وتذكر لنا الباحثة سرفاتي ان هذه العادة لا تزال موجودة الى اليوم، غير انها بقيت على مستوى الاعتقادات البالية. هكذا اذا تبدو اليهودية التونسية بمثابة رهينة المحبسين، فهي من جهة تخضع خضوعا كليا لمشيئة زوجها، بل وقد تصيبها لعنته حتى بعد مماته، ومن جهة اخرى، تبقى اسيرة لرحمة ‘الكميته’ فتلزم الحذر الدائم في تعاملاتها مع الآخرين حتى لا تمنع عنها المساعدات. وهذا في الحقيقة ما لامسناه اثناء جمع بعض الشهادات الخاصة بهذا التحقيق الصحفي. ندرة الزواج المختلط يصعب وجود الزواج المختلط بين اليهود والمسلمين في تونس حاليا وربما ينعدم رغم وجوده في القديم، لان ‘الجيل الحالي من اليهود والمسلمين يبدو اكثر عنصرية، ولان معطيات كثيرة تغيرت في ايامنا الحالية’ على حد تعبير ‘بية’. كما ان الزواج المختلط غير موجود بسبب الممارسات الطقوسية والممنوعات التي يفرضها كلا الجانبين حسب ما يذهب اليه صالح الزغيدي باعتباره احد التونسيين الذين تزوجوا رغم ذلك من امرأة يهودية زواجا مدنيا استمر سنين طويلة، ولئن انتهى بالطلاق فهو طلاق لا يرتكز على خلفيات دينية او عرقية لانه لا يعتبر هذه الفوارق معيارا يحدد به الفرد خياراته. فالمحدد الوحيد الذي اتخذه للزواج ب’ليلى’ اليهودية يتمثل في اخلاقها وثقافتها الواسعة ونضجها رغم صغر سنها حينذاك… كلها عناصر جعلت منها فتاة ‘متميزة’ اختارها لتكون زوجته. وحول ظروف زواجه يحدثنا، ‘لم اجد معارضة تذكر من قبل اهلها، بالعكس فقد رحبوا بي خاصة انني كنت خريج جامعة السوربون الفرنسية المعروفة وناشطا في الحركة الشيوعية مثلهم، كما انهم يعتبرون انفسهم تونسيين اولا واخيرا. اما اهلي فهم تقليديون، وفي البداية وجدت معارضة من والدتي التي كانت لها آراء مسبقة تجاه اليهود عامة… كما انها كانت تخشى كلام الناس… كانت محاولاتي لاقناعها بسيطة جدا، اقتصرت فيها على جعلها تتعرف على ليلى عن كثب.. وبمجرد اللقاء الاول خبرت انها فتاة ذات خلق وادب الى درجة انها لم تصدق كونها يهودية نظرا الى الصورة التعميمية الخاطئة التي كانت تحملها عن اليهود رغم كونها لم تر يهوديا قط قبل ليلى.. ومن تلك المقابلة قبلت بها. فكان الاهم عندها انها تونسية وتعرف تقاليدنا بالدرجة الاولى’. اما عمة صالح الزغيدي فقد كان لرفضها سبب آخر بعيد عن المنطق السائد او الآراء المسبقة، ‘ارفض زواجك منها لانها تتكلم الفرنسية ولا يمكن لها ان تفهمني اذا ما شتمتها يوما’ بما يعكس وضعية المرأة في المجتمع التونسي في ذلك الزمن بغض النظر عن الدين والعرق.. اما الاب فكان من السهل عليه ان يقبل بها زوجة لابنه بعدما وجدها تقف الى جانبه في المحن السياسية التي واجهته… (المصدر: صحيفة « القبس » (يومية – الكويت) الصادرة يوم 17 جوان 2007) الرابط: http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/Issues/17-6-2007/68-international.pdf


عودة إلى النقاش حول حقوق المرأة

عودة

إلى النقاش حول حقوق المرأة

 

 

أثارت النقاشات التي دارت هذه السنة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، وخاصّة تلك التي دارت حول « إعلان هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات حول حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين »، عدّة مسائل تهم أوجها مختلفة من واقع النساء في تونس وآفاق تحررهن من الميز الذي تعانين منه. وسأتعرّض في هذا الملحق لبعض تلك المسائل لاستكمال أو دعم الأفكار والآراء التي أوردتها في مداخلتي في إطار « هيئة 18أكتوبر » وتتعلق هذه المسائل بـ: 1 – بعض الأفكار الشائعة حول تحرر المرأة. 2 – النساء والأخلاق والحب والجنس والعائلة. 3 – التاريخ والنسبية وأحكام الشريعة. 4 – العلمانية والهوية والوطنية.

1 – بعض الأفكار الشائعة حول المرأة

من الأفكار الشائعة في صفوف الرجال في تونس أنّ النساء حصلن على « حرّيتهن وزيادة » وأصبحن في وضع أفضل من وضع الرجال بل إنهن أصبحن « يستعمرن الرجال » « ويضطهدنهم » وأن الرجل هو الذي صار في حاجة إلى « جمعية للدفاع عن حقوقه ». ومن البديهي أن هذه الأفكار لا أساس لها من الصحّة. فالنساء التونسيات ما زلن بعيدات عن تحقيق المساواة التامّة بينهن وبين الرجال سواء على الصعيد القانوني أو على صعيد الواقع والممارسة. فهنّ عرضة للميز والاضطهاد كما بيّنتُ ذلك في مداخلتي في الندوة التي عقدتها « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » في مطلع شهر ديسمبر الماضي. ولكن ما الذي يشوش الوضع ويخلق الانطباع لدى فئات من الرجال من مختلف الطبقات الاجتماعية بأن ما حصلت عليه النساء من مكتسبات جزئية يمثل مغالاة في الحريّة غير مقبولة ومن ثمّة يشتدّ العداء لهنّ من تلك الفئات التي لا تخفي رغبتها في أن يحلّ في يوم ما نظام « يكسر شوكتهن » ويعيدهنّ إلى « جحورهن »؟

أعتقد أن أحد أهم الأسباب هو هشاشة المكتسبات التي حققها النساء. هذه المكتسبات ليست مسنودة بأرضية اقتصاديّة واجتماعية وثقافية وسياسية صلبة ترسّخها وتطوّرها في اتجاه تحقيق تحرر النساء التونسيات تحريرا كاملا على أساس من المساواة قانونا وممارسة. فلنأخذ تشغيل النساء مثلا. إن خروج هؤلاء إلى الشغل لم يندرج ولا يندرج في إطار إستراتجية تهدف إلى تحرّرهن. فقد وقع إخراجهن إلى سوق الشغل كقوّة عمل قصد استغلالهن، وهو ما جعل وضعهن في الشغل هشّا، والشاهد على ذلك ما قدمته في مداخلتي المذكورة من نسب وأرقام حول شغل النساء تؤكد ضعف نسبة الناشطات منهن وهشاشة الأعمال والوظائف التي يقمن بها وضآلة وجودهن في مواقع التسيير وضعف أجورهن مقارنة بأجور الرجال وتعرّضهن للطرد في أوقات الأزمات وتفشي البطالة في صفوفهن وتشريع عمل النساء نصف وقت، الخ. وقد سعت البرجوازية التونسية إلى الحفاظ على تلك النظرة التقليدية المتخلّفة لشغل المرأة باعتباره أمرا ثانويا، غير ضروري لها ولنهضة المجتمع وفي أفضل الحالات « مكمّلا » لشغل الرجل. ومن هذا المنطلق، ظلت العقلية العامة تنظر إلى المرأة على أنها تنافس الرجل في ميدان الشغل وتحمّلها مسؤولية بطالته خاصّة في مثل هذه الظروف التي تتفاقم فيها البطالة بشكل غير مسبوق وتحكم على مئات الآلاف من الأشخاص بالفقر والإملاق، عوض تحميلها للنظام الاقتصادي الاجتماعي البرجوازي المتخلّف، الذي يولّد بطالة الرجال والنساء على حدّ السواء.

وإلى ذلك فإن شغل النساء ليس مسنودا بخدمات اجتماعية تحرّرهن من عبودية البيت، ومن توزيع الأدوار التقليدي، النساء للشؤون المنزلية وتربية الأطفال والرجال لـ »خارج البيت » أي للشغل والشأن العام. وأقصد بالخدمات الاجتماعية المحاضن ورياض الأطفال والمطاعم في أماكن العمل (الكنتينات) والغسّالات العمومية وغير ذلك من الخدمات غير المتوفرة للنساء العاملات والأجيرات وحتى إذا توفـّرت فبأسعار لا يقدرن عليها (المحاضن ورياض الأطفال). كما أن الدولة لا تتخذ من الإجراءات ما يشجّع الأزواج أو يحملهم على تحمّل مسؤولية البيت والعائلة مع زوجاتهم. وأقصد هنا مسألة التنصيص دستورا وقانونا على المسؤولية المشتركة للزوجين في تحمل أعباء المنزل وتربية الأطفال وتمكين الأزواج من عطلة أبويّة للعناية بالأطفال إضافة إلى تمكين النساء الحاملات من عطلة ما قبل الولادة في القطاعين الخاص والعام. ومن البديهي أن غياب مثل تلك الخدمات الاجتماعية والإجراءات التشجيعية من شأنه أن يؤدي إلى ترك النساء الشغل والعودة إلى البيت للعناية بأزواجهن وأطفالهن وبأفراد العائلة الآخرين. وهو ما يؤكد النسبة الضعيفة للنساء المتزوجات من بين النساء العاملات والناشطات عموما. كل هذه العوامل تجعل خروج النساء إلى الشغل هشّا وقابلا للتراجع بهذه الدرجة أو تلك لأنه من الصعب جدّا العودة الآن إلى الوراء لإرجاع كل أو معظم النساء العاملات إلى بيوتهنّ لما سيحدثه ذلك من خلل اقتصادي واجتماعي يصعب على أي نظام، حتى لو كان إسلاميا، تحمّله. وهذا الوضع الهشّ لشغل النساء يخدم بطبيعة الحال مصالح رأس المال المحلي والأجنبي المسيطر في بلادنا لأنه يُفسِح له المجال أولا لاستغلال اليد العاملة النسائية استغلالا فاحشا وثانيا للتخلص منهن وطردهن كلما عنّ له ذلك وخاصة في أوقات الأزمات. كما أن هذا الوضع يخدم نظام بن علي الذي لا يرى نفسه مجبرا على توفير الشغل للنساء باعتباره حقا من حقوقهنّ الذي يجب على الدولة الوفاء به.

أما من الجانب السياسي فإن الخطر على حريّة المرأة وحقوقها متأت، ليس من التيارات الرجعيّة التي تدعو إلى التراجع في مكتسباتها فحسب، بل من نظام بن علي ذاته الذي يُضعف تلك المكتسبات ويجعلها قابلة للطعن والمراجعة. فهذا النظام الاستبدادي يستعمل قضيّة المرأة لتلميع صورته، خصوصا في الخارج، والظهور بمظهر النظام « العصري الديمقراطي » الواقف في وجه التيارات الأصولية والذي يستحقّ بالتالي المساندة وغضّ الطرف عما يرتكبه من انتهاك منهجي للحريّات والمبادئ الديمقراطيّة. ولكي يتسنى لبن علي توظيف قضيّة المرأة، فهو يسعى إلى احتكارها ويعتبر نفسه الوحيد المخوّل له الخوض فيها وما على الآخرين، داخل الحزب الحاكم أو خارجه، إلا أن يصفقوا له ويهللوا بـ »القرارات الجريئة والرائدة » التي يتخذها، حتى لو كانت شكلية وجزئية وذات طابع ديماغوجي. ومن هذا الموقع لا يتوانى بن علي في قمع كل الأصوات الحرّة التي تنتقد أوضاع النساء في تونس وتطالب بإقرار المساواة التامة والفعلية بين الجنسين. كما أنه يمنع الجمعيات النسائية واللجان النسائية التابعة لهيئات مهنية ونقابية من النشاط الحر في صفوف النساء للارتقاء بوعيهن وتنظيمهن وتعبئتهن من أجل حقوقهنّ، وهو يسدّ أمامها أبواب وسائل الإعلام السمعية والبصرية والمكتوبة التي لا تتحدّث إلاّ عمّا يقوله ويقرره هو. إنّ هذا الأسلوب في التعاطي مع قضيّة النساء لا يسهم في تطوير وعي المجتمع بحقوقهن وحريتهن بل يغذّي بسهولة ردود الفعل الذّكورية، في صفوف فئات من الرجال بما في ذلك في الأوساط العمالية والشعبية، بل إن مثل ردود الأفعال هذه المعادية ظهرت وتظهر حتى في صفوف النساء المتأثرات بالأفكار الرجعيّة والواقعات تحت هيمنة التقاليد والعادات البالية.. إن أي خطوة جدّية تتخذ في نطاق السعي إلى تحقيق المساواة بين الجنسين ينبغي أن تكون محل نقاش عام وحر داخل المجتمع بمختلف مؤسساته وهيئاته وتنظيماته الحزبية والنقابية والنسائية والشبابية والثقافية بهدف شرح أبعاده وإقناع الناس به وخلق رأي عام حوله وترسيخه في الأذهان وتحويله شيئا فشيئا إلى جزء من الوعي والثقافة الاجتماعيين، ومن المنظومة التشريعية للبلاد بل إلى جزء من « الطبيعة الإنسانية » للتونسيات والتونسيين.

أما أن يتخذ هذا الإجراء أو ذاك بشكل فوقي، بيروقراطي لأغراض دعائية فإنه لا ينـْفـُذ إلى وعي الناس وعقولهم بل يبقى سطحياًّ، قابلا للتراجع خصوصا حين يكون المناخ الاديولوجي والاجتماعي العام غير ملائم. ولكن لا ينبغي أن يُفهم من هذا الكلام أن الإجراءات التي يتخذها نظام بن علي تتجاوز وعي التونسيين أوهم غير مستعدّين لتقبلها. طبعا لا. نحن نعتقد جازم الاعتقاد أن غالبية الشعب التونسي لا تعادي المساواة بين الجنسين وهي مستعدّة لتقبلها واستيعابها والاقتناع بها. لكن المشكل يتمثل في النظام الاقتصادي الاجتماعي الرأسمالي التابع والمتخلّف الذي يشوّه قضيّة تحرير النساء بإضفائه على هذا التحرير صبغة « سلعية/تجارية » أي تحرير المرأة كقوة عمل لتستغلها وتحرير جسمها كبضاعة لتباع وتشترى في « سوق اللّذة« ، كما يتمثّل في طبيعة النظام الاستبدادية التي تجعله يقمع حريّة الرأي والتعبير ويوظّف قضيّة المرأة لتلميع صورته وفي طبيعته الاجتماعية المتخلفة التي تثقل كاهل النساء بالعمل المنزلي وتربية الأطفال ولا توفر لهن الخدمات الضرورية.

وأخيرا وفي ما يتعلّق بالجانب الإيديولوجي الثقافي فإن الأفكار التي ينشرها النظام القائم عبر البرامج الدراسية ووسائل الإعلام والمؤسسات الدينية والكتب والمنتجات الفنيّّة والثقافية لا تخدم في معظمها قضيّة تحرر النساء، بل تشوّهها وتعاديها. فصورة المرأة الضعيفة، الماكرة، الشيطانة، المغوية، بليدة الذهن، والأم الراعية للبيت والأطفال وفقا للتوزيع التقليدي للأدوار داخل العائلة، هي التي ما تزال مهيمنة في الكتب المدرسية والمنتوجات الثقافية والغناء ووسائل الإعلام. ولا يتوانى نظام بن علي في توظيف الدين لتبرير رفضه بعض المطالب التي يرفعها النساء مثل الإدارة المشتركة للعائلة التي شرّعها مثلا النظام المغربي في آخر تحوير لـ« المدونة » وهو نظام يعتبر مَلِكَهُ نفسه « أمير المؤمنين »، والمساواة في الإرث التي نادى بها مصلحون من أمثال الطاهر الحداد، خرّيج الزيتونة والذي لا يمكن أن يتّهم بـ »الإلحاد » ومعاداة الإسلام. كما يستعمل نظام بن علي المساجد والجوامع لإطلاق حملات تشهير وتشويه ضد النساء الديمقراطيات والتقدميات المطالبات بالمساواة، وتقديمهن في صورة النساء « المعاديات للإسلام » لطمس مشروعية مطالبهن.

ويلقى هذا الخطاب الرجعي المعادي لحرية النساء وحقوقهن سندا له في المادة الدينية والثقافية والسياسية التي تبثها الفضائيات العربية الممولة من أثرياء سعوديين وخليجيين حريصين على توظيف الدين لإبقاء المجتمعات العربية متخلفة لاستدامة سيطرتهم عليها، علما وأن أصحاب هذه الفضائيات التي تبث مثل تلك المادة الرجعية المتخلفة، هم الذين يبيعون أوطانهم للامبريالية الأمريكية لتنهب خيراتها وثرواتها النفطية ويهدرون كرامة شعوبهم ويمسخون ذاتيتها وهويتها. كما أنهم هم الذين يمولون فضائيات تشجع الميوعة والابتذال وتمجّد صورة المرأة البضاعة.

وخلاصة القول بالنسبة إلى هذه النقطة هي أن نظام بن علي يمثل خطرا حقيقيا على مكتسبات النساء في تونس وهو ليس مؤهلا لصيانتها فما بالك بدعمها وتطويرها وتحرير النساء التونسيات من الميز والاضطهاد. فهو بسياسته الاقتصادية والاجتماعية وباستبداده السياسي وبخطابه الثقافي المتخلف وتشريعاته التمييزية يضعفها ويخلق الأرضية المناسبة لوضعها محل سؤال من قبل التيارات السلفية الموغلة في الرجعية التي تعتقد أن الرجوع بالنساء إلى الوراء هو الذي سيخلصهن اليوم من شرور النظام الرأسمالي لذلك لا يمكن البتة للنساء ولأنصار تحررهن من الرجال أن يناموا ملء جفونهم ويذهب في اعتقادهم أن ما حققه النساء من مكتسبات لا رجعة فيه. إن إلغاء تعدد الزوجات، وإقرار حق المرأة في الطلاق والولاية المشروطة على الأطفال والتبني والاختلاط في المدرسة وأماكن العمل والفضاءات العمومية، وتولي النساء خطة القضاء والمشاركة في الحياة العامة، إن لم تكن مهددة جميعها بمراجعة كلية، فعلى الأقل جزئيا. وهو ما يدعو إلى ضرورة توسيع النضال وتجذيره من أجل المساواة الفعلية والتامة التي تقتضي نضالا لا هوادة فيه ضد نظام الاستبداد.

2 – المرأة، الأخلاق، الحبّ، الجنس، العائلة

من الأفكار الشائعة في المجتمع أيضا، ليس في صفوف الذكور فحسب، بل كذلك في صفوف جانب من الوسط النسائي، هو أن النساء سبب الأزمة الأخلاقية التي تنخر مجتمعنا. وهذه الفكرة خاطئة بالطبع، لا لأنها تحمّل النساء مسؤولية التدهور الأخلاقي في المجتمع فحسب بل لأنها أيضا تختزل هذا التدهور في بعض المظاهر السلوكية المتعلقة بالجانب الجنسي في العلاقات بين النساء والرجال ( البغاء…) أو ما يعبّر عنه بعاميتنا بكلمة « لِفـْسَادْ ».

إن التدهور الأخلاقي والقيمي في مجتمعنا أمر موضوعي لا يمكن أن ينكره أحد، بل إن محاولة نكرانه أو طمسه كما يفعل نظام الحكم للتنصّل من المسؤولية أو كما يفعل بعض « التقدميين » خوفا من السقوط في « الأخلاقوية » أو من صبّ الماء كما يقولون في طاحونة التيارات السلفية التي تتخذ من تدهور الأخلاق والقيم ذريعة للدعوة إلى الرجوع بالمجتمع إلى الوراء، لن يجدي نفعا، باعتبار أن ذلك لن يوقف التدهور الأخلاقي ولا توظيف التيارات السلفية والأصولية له بل إنه لن يخدم في نهاية الأمر إلا هذه التيارات لما يحدثه التدهور الأخلاقي من فزع داخل الطبقات والفئات الشعبية وهي محقة في ذلك.

إن الموقف السليم يقضي بضرورة الإقرار بوجود أزمة أخلاقية وقيمية. ولكن هذا الإقرار لا يكفي إذ لا بد من تحديد مظاهر هذه الأزمة والوقوف عند أسبابها الحقيقية والبحث عن كيفية التصدي لها ومعالجتها معالجة متجهة نحو المستقبل ونحو الأفضل. وهنا لا بد من ملاحظة أن الأزمة الأخلاقية والقيمية في مجتمعنا هي أوسع وأشمل من أن تختزل في بعض المظاهر المتعلقة بالأخلاق الجنسية للنساء والرجال وما اعتراها من تسيب وتبضيع. كما أنها أعمق من أن يحمّل النساء مسؤوليتها أو أن يزعم أن حلها يكمن بكل بساطة في تشديد القمع على النساء والرجوع بهنّ إلى الوراء.

لقد تعرّض حزب العمال في إحدى وثائقه الأساسية المنشورة في السنوات الأخيرة بعنوان « من أجل بديل ديمقراطي وشعبي » إلى الأزمة الأخلاقية والقيمية التي تنخر مجتمعنا وأسبابها. فأشار إلى تفشي القيم الفردانية على حساب قيم التضامن والتآزر. وأرجع ذلك إلى المناخ الاقتصادي والاجتماعي السائد، مناخ الرأسمالية النيوليبرالية المتوحشة، التي جعلت من اللهث وراء الربح والمصلحة الخاصة الغاية القصوى في الحياة. وهو ما أدى إلى تحوّلٍ هام في العلاقات بين الناس إذ أصبح المال هو المعيار الذي يَحْكُمُ العلاقات ويُعَيَّرُ به الأفراد. وفي علاقة بذلك أصبحت مواصفات الشخص « الناجح في حياته » تكمن في مدى قدرته على التحيّل والنهب والسرقة والإرشاء والإرتشاء لتكديس المال ولم يعد العمل والعلم والكفاءة والتفاني في خدمة الغير والمجتمع المعيار القيمي الذي يستخدم للحكم على الأشخاص.

وأشارت الوثيقة من جهة أخرى إلى انتشار الغش والكذب والنفاق والوشاية وإلى تفشي البذاءة وتلوث لغة الشبان والكهول وحتى الصبيان أحيانا في المنزل ومركز العمل والشارع الذي غاب فيه الحياء. وتراجع السلوك المدني في العلاقة بين الناس ليغلب عليها غياب الاحترام والعنف. وامتدت الأزمة الأخلاقية إلى العائلة سواء في علاقة الزوجين ببعضهما بعضا أو في علاقة الأبناء والبنات بالوالدين إذ أصبح التوتر والتمرد والاستهزاء التي تغذيها الثقافة الرسمية السائدة (مسلسلات، منوعات، كليبات…) هي التي تحكم تلك العلاقات ولا يجد الآباء من رد على هذا السلوك سوى استعمال أساليب العنف والتسلط لـ »ردعهم ». وعلى صعيد آخر تفشت أخلاق العبودية بما تعنيه من خنوع للحاكم وأصحاب الجاه ومذلة واستسلام وهي كلها نتاج لـ »ثقافة الرعية » التي ينتجها الاستبداد. ولكن كيف تنعكس هذه الأزمة على النساء وعلى علاقتهن بالرجال؟

إن تشيئة المرأة وتبضيعها هما إحدى أهم سمات الواقع الاجتماعي في تونس اليوم وتمثلان أفظع نتيجة لهذه التشيئة وهذا التبضيع ما يمكن تسميته بـ »سوق اللذة » التي ظهرت إلى جانب « الأسواق الأخرى » إذ أصبح جسد المرأة يباع ويشترى مما أدى إلى انتشار ظاهرة البغاء في كافة الأوساط. ومن نتائج ذلك أيضا التكالب على الجنس إذ أصبحت العلاقة بين المرأة والرجل يسيطر عليها الجانب الجنسي، بل إن العلاقات الجنسية ذاتها فقدت جانبا كبيرا من بعدها الروحي، النفسي العاطفي، الثقافي الإنساني ليسيطر عليها الجانب الغريزي، الحيواني. وبالطبع عززت هذا الاتجاه القنوات التلفزية البورنوغرافية التي تذلّ المرأة وتدمّر عقول الشباب وتخرّب نفسياتهم وتفقدهم الكثير من إنسانيتهم.

ولكن لا ينبغي الخلط في تناول هذه المسألة بين ما يندرج حقا في مجال التدهور الأخلاقي في العلافة بين الجنسين وبين ما يندرج، خلافا لذلك، في مجال التطوّر الإيجابي، التقدمي للأخلاق الاجتماعية.

إن خروج النساء والفتيات إلى المدرسة والعمل واقتحامهن عديد الميادين واختلاطهن بالجنس الآخر، كل ذلك أدى إلى تحولات في شخصياتهن ونفسياتهن لا ينبغي النظر إليها كـ »علامات سلبية »، على غرار ما تروّج له التيارات السلفية والأصولية والرجعية عامة. فما اكتسبته المرأة مثلا من جرأة وقدرة على الدفاع عن ذاتها وحقوقها، ومن حرية في اختيار شريك حياتها أو الطلاق في حالة الفشل وربط علاقات عاطفية جديدة والجرأة على التعبير عن المشاعر والرغبات وعن الحق في علاقات عاطفية وجنسية متكافئة مع الشريك أو القرين والشعور بأن جسدها هو ملكها، ليس قابلا للبيع أو الشراء، أو أن لها كلمتها في إنجاب الأطفال بما في ذلك الحق في إيقاف الحمل لهذا السبب أو ذاك الذي يهمّ صحتها الجسدية أو النفسية أو غيرها من العوامل، وتمسكها بحقها في الشغل وفي كسب استقلاليتها المادية والمشاركة في إدارة شؤون العائلة وتقرير مصير الأطفال ورفض كافة مظاهر الإهانة من تعنيف ونيل من الكرامة وغير ذلك من الممارسات التمييزية، في كلمة تمسكها بالمساواة مع الرجل والكفاح من أجل ذلك، كل هذه المظاهر هي مظاهر تقدمية في حياتنا الاجتماعية، وهي وليدة التطور الاجتماعي الموضوعي، الذي لا تقدر على صدّه أية قوة. كما أنها تمثل تجاوزا للتقاليد والعادات الاجتماعية والثقافية البالية التي تعتبر المرأة أداة للمتعة والإنجاب بل متاعا من أمتعة الرجل وتـُعرّف المرأة الصالحة وفقا لمعايير الخنوع والخضوع والذل وانعدام الشخصية والتضحية بالحرية والحقوق من أجل الرجل صاحب كل الحقوق والامتيازات أي المرأة التابعة الذليلة. ولكن ينبغي الإقرار بأن تلك المظاهر الإيجابية والتقدمية هي بصدد التشوّه من جراء المناخ الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي السائد الآن في بلادنا والذي تستغله التيارات الرجعية للهجوم على مكاسب النساء وتعمّد الخلط بين هذه المكاسب وبين مظاهر الانحلال والفساد الأخلاقيين والإيهام بأن تلك المكاسب هي مصدر ذلك الانحلال والفساد، والحال أن مصدرها آخر، يكمن في النظام الرأسمالي الليبرالي المتوحّش الذي يحكم العلاقات الاجتماعية في بلادنا ويؤثر أيما تأثير في الأخلاق والسلوك. وهنا يكمن التهديد الجدي الذي تمثله الدكتاتورية النوفمبرية، التي « ترعى » هذه العلاقات، لمكاسب النساء فهي التي تدمرها وتيسّر وضعها محل مراجعة.

إن مواجهة التدهور الأخلاقي في المجتمع لا يمكن أن تتم إذن بتجريم المرأة، وعقابها وإرجاعها إلى البيت أو « تحجيبها »، ولكن بمقاومة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى التدهور الأخلاقي كما أدت إلى إذلال النساء وتبضيعهن. فالمجتمع التونسي في حاجة إلى ثورة لا إلى ردة في الأخلاق، والنساء في حاجة إلى الحرية لا إلى الاستعباد، والعائلة التونسية في حاجة إلى أن تسود داخلها المساواة والعلاقات الديمقراطية، لا إلى التسلط والقهر والإخضاع.

إن الأخلاق التي ينبغي لنا أن نناضل من أجل ترسيخها وإعلائها، في مجال العلاقة بين الجنسين هي تربية الفتاة التونسية على الحرية لا على العبودية، على الجرأة، لا على الخوف، على الاستقلالية، لا على التبعية، على المسؤولية، لا على القصور والاتكالية، على الحق، لا على المنّة والصدقة، على الكرامة لا على الذل. كما ينبغي لنا أن نربي الفتيان على احترام المرأة، لا على احتقارها، على عقلية المساواة، لا على الاستعلاء أو التمييز، وعلينا أن ندرك في نهاية الأمر أن الزواج الأخلاقي الوحيد هو الزواج القائم على حرية الاختيار خارج أي ضغوط مادية أو معنوية وأن العلاقات الجنسية الأخلاقية الوحيدة هي العلاقات القائمة على الحبّ، وأن العائلة الأخلاقية الوحيدة هي العائلة القائمة على المساواة التامة والفعلية وعلى الديمقراطية في علاقة أفرادها.

هذه هي الأخلاق التي على كل تقدمي أن يدافع عنها وينشرها بين الأجيال الحالية، ويناضل من أجل أن تصبح هي السائدة في العلاقة بين الجنسين. ومن البديهي أن ذلك مرتبط أشد الارتباط بالنضال على كافة الواجهات الأخرى، ذلك أن الأخلاق الإنسانية الرفيعة، لا يمكن أن تنبت وتنمو وتسود إلا في المناخ الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي الذي يلائمها، فكما أن مناخ الرأسمالية الليبرالية التابعة والمتوحشة والاستبداد يلائم تشيئة المرأة وتبضيعها واستغلالها واضطهادها وتأبيد اللامساواة بينها وبين الرجل فإن، مناخ الاشتراكية والديمقراطية، يلائم معاملة المرأة ككائن إنساني واحترام حريتها وحقوقها وإقرار المساواة بينها وبين الرجل.

وهنا لا بد من دفع شبهة يمعن بعض رموز الحركات الإسلامية في ترويجها مفادها أن « العلمانية تفسد الأخلاق ». إن العلمانية لم تفسِدْ ولا يمكن أن تفسد الأخلاق، بل إنها على العكس من ذلك ساعدت تاريخيا على تنسيبها وتطويرها والارتقاء بها. فما دامت الأخلاق، من منظور علماني، جملة القيم التي تنتجها مجموعة بشرية معينة، وتحديدا الطبقات السائدة في ظرف تاريخي معين، وتفرضها على باقي المجتمع كأخلاق عامة تبرر بها سيطرتها ومصالحها، فإنها تبقى قابلة للنقد والمراجعة والتغيير، ولا يمكن النظر إليها، كما يزعم بعض « رجال الدين » الذين خدموا الأنظمة العبودية والإقطاعية كـ »قيم مطلقة وسرمدية » بهدف تأبيد خضوع الفقراء للأغنياء، والعبيد للأسياد، والأقنان للإقطاعيين، والنساء للرجال، والسود للبيض، وأتباع الأقليات الدينية أو العرقية والقومية للطائفة المسيطرة، إلخ. ففي حين يعلن رجل الدين الرجعي مثلا أن اللامساواة بين الجنسين « مبدأ إلهي » غير قابل للتغيير وعلى النساء الإذعان له، تعلن العلمانية أنها « منتوج تاريخي« . ولـّدته علاقات اجتماعية معينة، كانت المرأة فيها في موقع دوني، وأن العصور الحديثة وفـّرت الشروط اللازمة لتصبح المساواة المبدأ الأخلاقي الجديد الذي يوجه العلاقات بين الجنسين وأنه من اللاأخلاقي أن يواصل اليوم شخص الدفاع عن اللامساواة التي ترمز إلى عصور متخلفة ووحشية من تاريخ الإنسانية، تماما كما هو الشأن بالنسبة إلى الرق، فمن يجرؤ اليوم على مواصلة الدفاع عنه، بينما كان في العصور الغابرة، وإلى حد القرن العشرين في العديد من البلدان العربية والإسلامية، ظاهرة عادية وكانت الأخلاق السائدة تقتضي أن يخضع العبد لسيده ويتصرف كمتاع من أمتعته. وخلاصة القول فإن أعداء العلمانية عوض أن يحمّلوا الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية بما فيها النظام الرأسمالي اليوم، مسؤولية هذا النمط من الأخلاق أو ذاك، يلقون باللائمة على العلمانية لأنهم في الواقع يريدون فرض أنماط أخلاقية على المجتمع، كـ »حقائق أبدية » ومن بينها اللامساواة بين الجنسين التي يضفون عليها طابعا قدسيا.

3 – التاريخ، النسبية، أحكام الشريعة

أشرتُ في مداخلتي إلى أن أحد أهم المشاكل التي تعاني منها الحياة الفكرية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية هو إلباس المسائل الدنيوية، العَلمانيّة، لبوسًا دينيا، وتحويلها إلى مسائل لاهوتية وإضفاء طابع قدسي وإطلاقي عليها وتحريم الخوض فيها وتكفير كل دعوة إلى تعديلها أو تغييرها. ففي الأوساط الدينية المحافظة والتيارات السلفية والأصولية مثلا يعتبر تعدد الزوجات وعدم المساواة بين الرجل والمرأة وحرمان هذه المرأة من حقوقها الأساسية بما في ذلك أحيانا حقها في الدراسة والشغل وممارسة مختلف المهن والوظائف العمومية وقوامة الرجل على المرأة و »حقه » في تأديبها ضربا، جزءا لا يتجزأ من « العقيدة الإسلامية » ومن « الهوية العربية الإسلامية » وبالتالي فإن الطعن في تلك الأحكام والمواقف والممارسات يعتبر طعنا في الدين والهوية.

وليس هذا الموقف موقفا، هامشيا معزولا اليوم، بل هو موقف شائع، مؤثـّر شديد التأثير خصوصا مع المد الذي يعرفه مجددا الفكر السلفي بكل تلويناته وتيارات الإسلام السياسي بمختلف فروعها. وقد أحدث هذا الواقع ارتباكا شديدا داخل القوى الديمقراطية العلمانية التي تعددت ردود فعلها. ونودّ التعرّض بصورة خاصة إلى ردّتي فعل من بين هذه الردود، ويتمثل الأول في التراجع عن الدفاع عن حقوق المرأة من موقع عَلماني، تقدمي، واللجوء إلى « حجج دينية » للدفاع عن هذه الحقوق اقتداء ببعض أعلام المدرسة الإصلاحية الإسلامية أمثال الطاهر الحداد وقاسم أمين ومحمد عبده وغيرهم، ممّن حاولوا إعادة تأويل النص الديني لتحميله معاني جديدة تتوافق مع ضرورة تحرير المرأة من العديد من القيود التي تكبلها. وقد نحا البعض الآخر منحى مناقضا لهذا التوجه إذ يغالي في نقد الإسلام متهما إياه بأنه السبب الرئيسي في الأوضاع التي تعاني منها المرأة، ويردّ ردا انفعاليا على كل إشارة إلى الإسلام أو إلى الهوية العربية الإسلامية حتى لو لم تكن لها أية علاقة بالحركات السلفية والأصولية. إن هذين الموقفين أحاديا الجانب ويتطلبان منا توضيحات وتصحيحات عدة حتى يستقيم أمرهما.

إن الموقف الأول يتميز، كما لا يخفى على أحد، ببعض النجاعة السياسية لما فيه من مراعاة إن لم نقل من « تحيّل »، على الذهنية العامة للناس، بما أنه يحاول أن يقنعهم بأنهم، بتبنيهم لهذا المكسب أو ذاك من المكاسب المتعلقة بالمساواة بين الجنسين والتي تحققت في العصور الحديثة، لا يخرجون من « قشرتهم » أي لا يتخلون عن «  دينهم » و »هويتهم » و »تراثهم » أي أنهم يبقون « هُمُ » وهو ما يريح ضمائرهم، ويقيهم ولو نسبيا، من بعض الارتباك أو الشعور بنوع من الانفصام. لكن لهذا الموقف حدوده ومساوئه، لا لسبب هشاشته المنهجية في مواجهة « المحافظين » الذين يمكنهم أن يستخرجوا من النصوص الدينية، آيات وأحاديث كثيرة قادرة على « مهزلة » التأويلات التي يقوم بها أصحاب ذلك الموقف وإظهار طابعها الملفق (خصوصا إذا كان الموقف الوارد في تلك النصوص واضحا) بل لأنه يحوّل المعرفة إلى مجرّد عملية تأويل مستمرة للنصّ. فالنص مطلق، ثابت، جاء بكافة المعارف، وفي كافة الميادين مرة واحدة وما على المسلم إلا أن « يولّد » أو « يستنبط » منه، عن طريق إعادة التفسير والتأويل وفقا لمقتضيات العصر، وهو ما ينزع عن المعرفة بشكل عام وعن المعارف الواردة في النص بشكل خاص طابعها التاريخي. إن المعرفة غير معزولة إطلاقا عن التجربة والممارسة التاريخيين في كل المجالات وتحديدا في العلم والاقتصاد والاجتماع والسياسة. وبما أن المعرفة تاريخية فهي مثلها مثل كل الظواهر التاريخية، تتطور تشهد في تطورها تراكمات كمية كما تشهد قفزات نوعية أو « قطائع » كما يقال، تنتقل فيها المعرفة من طور إلى طور تتم فيه مراجعة المعارف السابقة في هذا الميدان أو ذاك، فيكون لذلك انعكاس على حياة الإنسان الفكرية (نظرته لنفسه وللمجتمع وللطبيعة) والواقعية أي وسائل عيشه.

وفوق ذلك فإن هذه النظرة التأويلية تطمس ما يقوم به « المؤوّلون » من مجهود معرفي، ذلك أن المواقف التي يعبرون عنها هي في الواقع منطلقة من معارف عصرهم الناجمة عن سيرورة تاريخية عاشتها مجتمعات أخرى متقدمة أو تعيشها مجتمعاتهم ولو بشكل جزئي ومحدود أو حتى مشوه (المجتمعات العربية). ولكن هؤلاء يحاولون تقديمها على أنها موجودة أصلا في النصوص الدينية أو أن هذه الأخيرة لا تعارضها مبدئيا. ويكمن الجانب السلبي في هذا المنهج في أنه يشجع المؤمن/المسلم على نوع من الكسل والخمول الفكريين، فهو عوض أن يجتهد ويبحث وينقد ويراجع ويتجاوز أو حتى يقطع ويؤسس، أو بالأحرى ينتج معارف جديدة في هذا المجال أو ذاك، يكتفي باستهلاك المعارف التي ينتجها الآخرون المتقدمون عنه تاريخيا، مع محاولة «  تأصيلها » أو « تجذيرها » بشكل تلفيقي في ثقافته. إن المعرفة لا ينتجها إلا من يدرك أنها حصيلة بحث وصراع مع القديم الذي تجاوزه الزمن. فالمساواة بين المرأة والرجل مثلا ليست موجودة من قبل في أي حضارة من الحضارات، ولم تقرّها بشكل تام وفعلي أي شريعة من الشرائع لأسباب تاريخية بالطبع، وهي نتاج العصور الحديثة التي سجلت تطورات نوعية في كافة ميادين الحياة، وحتى في هذه العصور لم تأت المساواة ولم يقع إقرارها كمبدأ عام إلا عبر صراعات مضنية خاضها النساء وأنصارهن من الرجال التقدميين. لذلك فأن يقول المرء إن المساواة بين الجنسين « موجودة في النص أصلا » وتكفي قراءته وتأويله من جديد على هذا النحو أو ذاك، إنما هو يوقع المسلم، عن وعي أو عن غير وعي، في خلط من شأنه أن يحدّ من جهوده لكسب المعرفة وإنتاجها إضافة إلى أنه لا يتيح له التعامل مع تاريخه وثقافته من زاوية نقدية. إن النصوص، كل النصوص، بما في ذلك النصوص الدينية لها تاريخيتها أي أنها مرتبطة باللحظة التاريخية التي ولـّدتها أو وُلِدَتْ فيها وهي تحمل بالضرورة سماتها.

هذا في خصوص الموقف الأول أما الموقف الثاني فإن ما يتسم به من تشنج إزاء الإسلام لا تفسره إلا النظرة اللاتاريخية إلى هذه الديانة، وهي نظرة لا تختلف في لاتاريخيتها عن النظرة المقابلة التي تعتبر أحكام الإسلام أو شريعته « خارجة عن التاريخ » و »صالحة لكل زمان ومكان ». إن الإسلام، موضوعا في إطاره التاريخي، شكّل « ثورة » في اللحظة التي جاء فيها، والعبارة ليست لي، وإنما هي لكارل ماركس، واضع أسس علم التاريخ الحديث. وقد شكل الإطار الفكري والسياسي لأعظم حضارة في العصر الوسيط، وأدخل إصلاحات على وضع النساء مقارنة بوضعهن السابق، في مكة والحجاز خاصة. وظهر خلال القرون الأولى للإسلام مفكرون استنكروا الوضع الدوني للمرأة في ما تعلّق بتعدد الزوجات، أو حجبهن في البيوت واستعبادهن (المعري، الجاحظ، ابن رشد…). ولما توقفت الحضارة العربية الإسلامية عن التطور وتحديدا عن الانتقال إلى مرحلة الرأسمالية لأسباب لا يسمح المجال بشرحها وسيطر على المجتمعات العربية والإسلامية الجمود الفكري والعقائدي، ازداد اضطهاد النساء وأصبغ الفقهاء وضعهن الدوني بصبغة قدسية، وربطوا ذلك الوضع بـ »إرادة إلهية ». وكان النساء في البلدان المسيحية يعانين وقتها من نفس الأوضاع بل أحيانا من أوضاع أقسى وأشدّ. ولكن ما حصل هو أن هذه البلدان شهدت نهضة كبرى بظهور الرأسمالية فيها التي توّجت بثورات سياسية واجتماعية وفكرية ذات طابع بورجوازي خلقت إطارا جديدا لطرح مسألة تحرر النساء من عبودية القرون الوسطى. وفي الوقت الذي كان فيه النساء في أوروبا في القرن 19 ينهضن، كانت الأوضاع في المجتمعات العربية والإسلامية راكدة وأوضاع النساء فيها متخلفة، وفي هذه اللحظة حصل الانفصال بين وضع النساء في أوروبا ووضع النساء في البلدان العربية والإسلامية ثم حصل لاحقا الانفصال بين وضع النساء في معظم بلدان العالم التي شهدت تحولات ووضع النساء في البلدان العربية والإسلامية التي حافظت على أنظمتها القديمة. ولا يمكن تحميل مسؤولية تخلف أوضاع النساء العربيات والمسلمات إلى الإسلام في حد ذاته، فهذه نظرة مثالية مغلوطة. إن الإسلام جاء في لحظة تاريخية محددة وقام بدور هام في تطوير وضع المجتمعات العربية القديمة ولكنّ المسؤولية مسؤولية المسلمين الذين لم يطوروا أوضاعهم ولم ينهضوا كما نهض الأروبيون، وحافظوا على بناهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية التقليدية المتخلفة، التي سهلت سيطرة الاستعمار عليهم. وبما أنهم لم يتطوروا ولم ينهضوا فإنهم لم يشهدوا ثورات فكرية واجتماعية وسياسية، كما أنهم لم يشهدوا حتى حركة إصلاح ديني عميقة كالتي شهدتها أوروبا في القرن السابع عشر. ولم ينتجوا معارف جديدة ولم يحدثوا تحولات جوهرية في أوضاع النساء. وما يزال العرب والمسلمون إلى اليوم يعانون من التخلف لأنهم، لم يشهدوا، رغم كل المحاولات، ثورة جذرية على أوضاعهم، لأسباب داخلية وخارجية، منها الهيمنة الامبريالية الاستعمارية في أشكالها القديمة والجديدة من جهة وأنظمة العمالة والاستبداد من جهة ثانية. وهذا التحالف معيق للتطور والتحديث في المجتمعات العربية والإسلامية وهو في أحسن الأحوال يقود إلى تحديث مشوه. ولا يمكن تحقيق نهضة عميقة وشاملة قادرة على الارتقاء بوضع النساء إلا بالقضاء على هذا التحالف. وهذه المهمة لا يمكن أن تنجزها إلا الطبقة العاملة المسنودة بالشعب، لأنها هي القوة الاجتماعية الوحيدة القادرة، في غياب بورجوازية وطنية، على قيادة تحولات اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية عميقة ولكن هذا الأمر يبقى مشروطا بوعيها بذاتها وبدورها الاجتماعي. لذلك فإن محاولة ربط التأخر الحالي الذي تعاني منه أوضاع النساء بـ »الإسلام » في حد ذاته هو تفسير مثالي، دون أن يعني ذلك أن الإيديولوجيا الدينية ليس لها دور في عرقلة تحرر النساء، ولكن هذه الإيديولوجيا تفعل فعلها من خلال البنى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التقليدية، وما يسهّل تجاوزها هو تثوير هذه البنى، وقتها ستتوفر الظروف لتتهاوى تلك الإيديولوجية وتحل محلها إيديولوجيا تقدمية.

إن ما أردنا قوله هو أن التشنّج الذي يبديه البعض حيال الإسلام لا يمكن أن يقنع عامة الناس الذين سيرون فيه استفزازا لمشاعرهم الدينية. ولكن هل يعني ذلك عدم نقد الشريعة أو الدين أو الفكر الديني بصفة عامة، بدعوى عدم المساس بتلك المشاعر. لا، أبدا! إنما المسألة تتمثل في معرفة أي مدخل يمكن اعتماده لمناقشة أحكام الشريعة المتعلقة بالمرأة مثلا، مناقشة هادئة، موضوعية، مقنعة، لا مجال فيها لاستفزاز المشاعر الدينية من جهة أو لتقديس أحكام الشريعة من جهة ثانية. إن هذا المدخل هو التاريخ الذي قال عنه ماركس في « الأيديولوجيا الألمانية« : « نحن لا نعرف إلاّ علما واحدا وهو علم التاريخ«  تأكيدا لأهميته في معرفة تطور الحياة البشرية والقوانين العامة التي وجّهتها وحكمتها. والتاريخ هو الذي يمكّننا من تنسيب الأشياء. فوضع كل حكم من أحكام الشريعة في إطاره التاريخي أي في إطار الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية التي يتنزل فيها من شأنه أن ينزع عنه كل طابع إطلاقي ويبين لماذا كان على ذلك النحو وليس على نحو آخر ويضفي عليه بالتالي صبغة انتقالية في مجرى التاريخ المتطور باستمرار.

لقد بينتُ في مداخلتي مثلا الطابع التاريخي، النسبي، الانتقالي لأحكام الميراث وارتباطها بالعلاقات الاجتماعية التي كانت سائدة وقتها في مكة والحجاز، وأكدت أن هذه الأحكام تجاوزها الزمن بتجاوز الظروف التي أنشأتها ومجيء ظروف جديدة أصبح فيها للنساء موقع جديد في العلاقات الاجتماعية بسبب خروجهن إلى الشغل ومساهمتهن في الحياة العامة. ويمكننا إضافة مثال ثان وهو حدّ قطع يد السارق. فهذا العقابُ كان سابقا للإسلام وابتدعه حسب الإخباريين الوليد بن المغيرة (والد خالد) في مجتمع قبلي لم تكن فيه لا دولة ولا سلطة قضائية ولا سجون، فكانت الأحكام تتخذ طابعا ماديا مباشرا. وكان حكم قطع يد السارق سُنّ في وقت قريب من الإسلام، فلما جاء الإسلام حافظ عليه (حتى وإن رفض مبتدعه الوليد بن المغيرة دخول الإسلام)، وهو ما لا ينزع عنه طابعه التاريخي، النسبي والانتقالي، لكن الفقهاء أصبغوه بصبغة إطلاقية، وجعلوه فوق التاريخ. ولئن تجاوزه عدد من البلدان الإسلامية التي أصبحت تطبّق قوانين وضعية فإن دولا أخرى ما تزال تطبّقه كما تطبّق عقوبات بدنية أخرى مثل الجلد والرجم. كما أن تيارات سلفية عديدة ضمنت برامجها تطبيق الحدود. وهي تدعو إلى التراجع عن القوانين الوضعية التي استبدلت عقوبة قطع يد السارق بعقوبة السجن، وهو ما يجعلها خارج التاريخ وضد التقدم الإنساني الذي أعطى للجسم حرمته وآمن بإمكانية الإصلاح، وتشوه صورة المسلم وتسهّل على القوى الامبريالية والاستعمارية تقديمه على أنه « متوحّش » و »متخلف ».

إن التاريخ إذن يبقى هو المدخل للتنسيب، ولتيسير نشر الوعي في صفوف جماهير الشعب بشكل عام وجماهير النساء بشكل خاص حتى تتصدى للفكر الرجعي المتخلف الذي يتستر بالدين، ويصبح التقدم وبالتالي مبادئ الحرية والمساواة جزءا من هويتها الجديدة. إن المسألة ليست مسألة صراع بين « مؤمنين » و »ملحدين » وإنما هي بين قوى التقدم التي تريد للشعب التونسي ولنساء تونس الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وقوى التخلف التي تشدهما إلى الوراء، عن طريق الاستغلال الفاحش والاستبداد السياسي والفكري والتبعية.

4 – العَلمانية، الهوية، والوطنية

نقطتان أثيرتا في هذا المجال، الأولى تتمثل في ما يتردد على العديد من الألسن من أن التونسي أو التونسية، (المسلم/المسلمة)، في حاجة إلى الشعور بـ »الاطمئنان » بأنهما « يحافظان على إيمانهما » من جهة و »يواكبان عصرهما » من جهة ثانية، فلا « انفصام » عن ماضيهما من ناحية ولا عن حاضرهما من ناحية ثانية. وفي الواقع لا يوجد غير العلمانية لتوفر هذا التوازن. ذلك أن مأتى الاضطراب لدى البعض متأتّ من الخلط بين العقيدة من جهة والمسائل الاجتماعية والسياسية من جهة ثانية. فهذا الخلط يجعله يعتقد أنه إذا تخلى عن تعدد الزوجات أو قطْع يد السارق أو الرجم، تخلى عن إيمانه أو عن جزء منه. ولكنه في نفس الوقت يشعر بأنه إذا دافع عن هذه الأحكام فهو غير مواكب لعصره وما أثمره من رؤى وأحكام جديدة متقدمة وأكثر إنسانية. وقد عاش مثل هذا التمزّق مثقف كبير مثل قاسم أمين « رائد تحرير المرأة في مصر ». فقد نشر في أواسط التسعينات من القرن التاسع عشر (1894) كتابا باللغة الفرنسية بعنوان « المصريون » ردّ فيه على مواقف احتقارية للفرنسي « دوق داركور » وقد وجد قاسم أمين نفسه يدافع بكل ضراوة عن « الحكمة » الموجودة في تعدد الزوجات وغير ذلك من الأحكام والتقاليد المحقّرة للنساء والتي ترسخت في عصور الانحطاط وأصبحت بمثابة « العقيدة الدينية » أو « الهوية ». ولكن بعد سنوات قليلة، وبتشجيع على ما يبدو من مفتي الديار المصرية، الشيخ محمد عبدو، وجد قاسم أمين نفسه ينتقد بحماس كبير ما كان دافع عنه بالأمس لشعوره بأنه من غير المنطقي تبرير اضطهاد النساء وتحويله إلى هوية للمسلمين، وهو ما جعله في موقف هجومي حيال الكتّاب والمثقفين الغربيين الاستعماريين الذين يوظفون مظاهر التخلف في الحضارة العربية الإسلامية لتبرير استعمار العرب والمسلمين، بينما كان بالأمس في موقف دفاعي لا يحسد عليه!!

إن العلمانية هي الوسيلة الوحيدة في الحقيقة التي توفر للمسلم/المسلمة التوازن المطلوب أو المنشود، لأنها تمكنه من الفصل بين ما هو دين/عقيدة/إيمان المُكتسى في ذهنه بطابع المطلق وبين ما هو اجتماعي، سياسي، دنيوي، متغير باستمرار، خاضع لاجتهاد البشر، ولمصالحهم المتضاربة أيضا والتي تدفعهم إلى اتخاذ مواقف متباينة، متضاربة حول الموضوع نفسه. وبهذه الصورة، يُرضي المسلم/المسلمة ضميره من جهة ويعيش عصره، ويدافع عن مصالحه من جهة أخرى، وهذا لا يعني أنه لا يجوز له أن يستلهم مواقفه من هذه القضية أو تلك من قيمه الدينية، العامة، المهم أن لا يقع في الجمود ويحوّل بعض المنتجات التاريخية إلى عقيدة أو هوية، فيعرّف المسلم بأنه ذاك الذي « يؤمن » بأن المرأة « أداة للمتعة والإنجاب » وأنها « ناقصة عقل » و »شيطان رجيم » و »فتنة » و »مكانها الطبيعي هو البيت » ولا حقّ لها في المشاركة في الحياة العامة، ومن حق الرجل أن يؤدبها « ضربا » وهي كلها مواقف موجودة في النصوص الدينية والفقهية.

لقد انتبه إلى هذا الأمر منذ قرون عديدة، رجل دين، هو الإمام أبو إسحاق الشاطبي الأندلسي (720-790هـ) الذي جعل من المقاصد أساسا لفهم النص الديني مبعدا به عن « الحرفية والتجزيئية » وفاتحا بابا لإمكانية « التجديد ». فما الذي يمنع اليوم المسلم/المسلمة من الاجتهاد وتخطي الجمود العقائدي وتبني الحل الذي لا يحكم عليه بالانغلاق ولا يبقيه في موقع دفاعي، يدافع عن أفكار وأحكام وممارسات تجاوزها الزمن ولا مصلحة إلا لرجال الدين المحافظين المرتبطين بمصالح الفئات الرجعية، الإقطاعية والبرجوازية الكمبرادورية، وبأنظمة الاستبداد، في استمرارها حتى يستمروا هم في السيطرة على عقول جماهير الشعب بغطاء الدين. إن هؤلاء، وغيرهم من أقطاب السلفية الرجعية، هم الذين يربكون المسلمين والمسلمات ويحجبون عنهم النور ويعزلونهم عن التقدم بإيهامهم بأنهم يستمدون « هويتهم » و »أخلاقهم » من اضطهاد النساء وبعض أحكام الشريعة كقطع يد السارق أو الرجم ويخيفونهم من العلمانية ويقدمونها إليهم على أنها « شر الشرور » والحال أنها مكسب إنساني!! إن المسلم في حاجة إلى « هوية جديدة » تحافظ على مقوماته الحضارية والثقافية وعلى ما فيها من إيجابيات وفي نفس الوقت تستوعب مكتسبات الإنسانية التقدمية التي من بينها المساواة بين الجنسين.

أما النقطة الثانية فتتمثل في الفكرة التي يروجها دعاة الدولة التيوقراطية والتي تزعم أن العلمانية تضعف الهوية الوطنية وتخدم الاستعمار وتساعده عل التغلغل في أقطارنا. وهذه الفكرة كغيرها من الأفكار التي تلصق الفساد الأخلاقي بالعلمانية لا أساس لها من الصحة وهي تهدف إلى إرباك المسلم/المسلمة ومغالطتهما وتشويه وعيهما. فإذا كان ثمة شيء يضعف الهوية الوطنية لشعب من الشعوب أو لأمّة من الأمم، فهو ليس العلمانية، وإنما هو الدولة الدينية لأنها تفرّق بين أبناء وبنات الوطن الواحد على أساس عقائدي، فعوض أن يشعر الفرد بانتمائه إلى الوطن، الذي يكسبه هويته، يشعر بانتمائه إلى دين أو مذهب في صلب نفس الديانة، يمنحه هويته ويحدد علاقته بالآخر، من أبناء/بنات وطنه حتى وإن كانوا ينتمون إلى نفس القومية أو الأمة، وهو ما يجرهم إلى التطاحن والكراهية. وليس أدلّ على هذا الأمر مما يجري في العراق. فالامبرياليون الأمريكيون والأنجليز سارعوا بعد احتلال العراق إلى تقسيمه إلى طوائف وبناء المؤسسات السياسة للحكم على أساس ذلك، وهو ما غذى الصراع بين الطوائف في المقام الأول بين العرب السنّة والعرب الشيعة. وكذلك الأمر في لبنان التي شهدت خلال السبعينات والثمانينات حربا طائفية ضروسا غذاها الكيان الصهيوني والقوى الامبريالية. وتوجد اليوم محاولات جادة لإشعال نار الفتنة الطائفية من جديد. وفي السودان كان إعلان قيام « الدولة الإسلامية » وتطبيق الشريعة في عهد حكم « النميري-الترابي » ثم في عهد حكم « البشير-الترابي »، عاملا أساسيا من العوامل التي غذت التمرد المسيحي في الجنوب. وها أن حسن الترابي زعيم « الجبهة الإسلامية القومية » يعترف الآن بخطأ ما كان دعا إليه بالأمس ويقر بالفساد الذي كان سائدا في « الدولة الإسلامية » والذي كان كوادر حزبه طرفا أساسيا فيه.

إن العلمانية وهي النظام الذي يؤمن حرية الضمير والعقيدة للجميع ويؤسس العلاقة بين أبناء الوطن الواحد، نساء ورجالا، على مبدأ المواطنة الذي يعني المساواة في الحقوق بقطع النظر عن الدين أو المذهب هي الكفيلة وحدها، كما أوضح ذلك حزب العمال منذ سنوات (« الحد الأدنى الديمقراطي لتحالفنا اليوم وغدا » – أفريل 2001) بالمساعدة على بلورة وعي وطني يتجاوز تلك الانتماءات وتقوم عليه وحدة وطنية صمّاء في مواجهة الأخطار الأجنبية الموجودة فعلا أو المحتملة.

وعلى هذا الأساس فنحن لا نفصل بين العلمانية والوطنية، بل نرى فيهما وحدة لا تنفصم، نرى في العلمانية جزءا لا يتجزأ من مشروع النهضة الوطنية وبرنامجها المناهض للامبريالية والاستعمار الأجنبي الذي يستخدم الصراع الطائفي أو القومي أو الثقافي لضرب الوحدة الوطنية وتفتيت أبناء البلد الواحد ليسهل عليه إخضاعهم والسيطرة عليهم. وهذا الموقف الذي ندافع عنه هو الموقف الملائم لمصالح الشعوب التي تريد التخلص من التبعية والاستغلال الفاحش والاستبداد السياسي والإيديولوجي وتحقيق تحررها التام وإقامة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

بالطبع يوجد من يطرح العلمانية من موقع التبعية للغرب الامبريالي، أي من موقع ازدراء هويته الوطنية وتمجيد « هوية » الغزاة بعنوان الدفاع عن « الحداثة » و »التقدم » و »الكونية » universalisme. والذنب هنا ليس ذنب العلمانية، بل ذنب الذين يستعملونها غطاء لإخفاء معاداتهم لأوطانهم وتبعيتهم، تماما مثلما تستخدم قوى سياسية أخرى الدين غطاء لإخفاء عمالتها. ففي العراق تستند الامبريالية الأمريكية اليوم على أحزاب دينية، شيعية وسنية لتكريس الاحتلال ونهب خيرات البلاد وثرواتها وتفتيت وحدتها وتقتيل أبنائها. كما تستند في المنطقة على أنظمة دينية تعلن نفسها « حامية الإسلام » ونقصد هنا بالخصوص النظام السعودي.

إن أي تقدمي لا يمكن له إلا أن يسعى إلى تحديث بلاده حتى تخرج من التخلف الذي هي فيه. ولكن عليه أن يدرك أنه لا حداثة خارج الهوية الثقافية والحضارية الخاصة أي خارج تطوير العناصر الثقافية والحضارية التقدمية الخاصة حتى تصبح الحداثة نبتة وطنية، صلبة، قادرة على البقاء والدوام. ومن البديهي أن يستلهم المرء في تحديث بلاده من مكتسبات الإنسانية، ولكن دون التخلي عن هويته، بل عليه أن يصارع « الكونية الامبريالية » التي تعمل على تدمير هويات الشعوب والأمم الأخرى لتفرض عليها هويتها هي، أكلا ولباسا وسلوكا وذوقا ولغة وفنا… لتقطع كل رابط بينها وتبسط سيطرتها عليها.

إن كونية العمال والشعوب، كونية الإنسانية التقدمية، تقوم على احترام هوية كل شعب وكل أمة، وعلى الإيمان بأن كل شعب وكل أمة لها إسهامها في الإرث الإنساني، من خلال إبداعاتها الخاصة، التي تلتقي مع إبداعات الآخرين في الدفاع عن تحرير الإنسان من كل استلاب اقتصادي واجتماعي وسياسي وايديولوجي. وهذه العملية لم تبدأ اليوم بل بدأت منذ فجر الإنسانية، وهي في كل مرة تخطو خطوة إلى الأمام، في خضم من الدماء والدموع، ضد أعداء الإنسانية. ومن المؤكد أن هوية إنسانية واحدة ستنشأ في يوم من الأيام، ولو في مستقبل بعيد، ولكنها لن ترى النور إلا بعد أن تنتهي التضادات الطبقية والعرقية والقومية والدينية والجنسية وتصبح مجرد ذكرى من ذكريات « العصور الوحشية للإنسان ». وهذه الهوية الإنسانية الواحدة ستنشأ من الهويات المختلفة، ولا يمكن الجزم أنها ستلغي التنوع والاختلاف، ولكن يمكن الجزم فقط، أن الإنسانية ستتجمّع حول قيم المساواة والعدالة الاجتماعية والحرية.

حمّه الهمّامي ماي 2007

(المصدر: كراس « الشيـــوعـي » الصادرة عن حزب العمال الشيوعي لشهر جوان 2007)

 


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مواقف عمرية (3)

 

إهداء إلى إخوتي وبني وطني من أعضاء حزب العمال الشيوعي

 

د. محمد الهاشمي الحامدي

 

تخصص الدولة في بريطانيا عطاء شهريا ثابتا لكل مولود جديد في البلاد، بقطع النظر عن الوضع الإقتصادي لعائلته.

 

وعندما قررت نشر هذه المواقف العمرية المختصرة، وجدت أن تلميذ مدرسة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان سباقا في اعتماد هذه المبادرة الإجتماعية الرائعة الحكيمة.

 

إذ أمر بتخصيص عطاء لكل مولود يصل مرحلة الفطام في كل أنحاء الدولة الإسلامية التي كان نطاقها يتسع كل عام في عهد سيدنا عمر رضي الله عنه وأرضاه.

 

لكن موقفا واجهه ذات يوم في المدينة جعله يتخذ قرارا بتغيير هذه السياسة. ليس باتجاه الغائها كما قد يتبادر إلى الذهن، ولكن باتجاه التعجيل بصرف العطاء منذ ميلاد الطفل الجديد، دون انتظار بلوغ مرحلة الفطام. وهذه هي القصة.

 

* * *

 

قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه :

 

قدمت المدينة قافلة نزلت في المصلى فقال لي عمر :

 

ـ هل لك أن نحرسهم الليلة؟

 

فباتا يحرسانهم ويصليان ما كتب الله لهما، فسمع عمر بكاء صبي فتوجه وقال لأمه :

 

ـ اتقي الله واحسني الى صبيك.

 

 ثم عاد الى مكانه فسمع بكاءه ثانية ، فعاد الى أمه فقال:

 

ـ اتقي الله واحسني الى صبيك، ثم عاد الى مكانه.

 

فلما كان اخر الليل سمع بكاءه فاتى أمه فقال:

 

ـ ويحك إني أراك امّ سوء ، مالي أرى ابنك لا يقرّ هذه الليلة؟

 

ـ قالت : يا عبد الله ، قد أضجرتني هذه الليلة. إني أجبره على الفطام فيأبى.

 

ـ قال الخليفة: ولم؟

 

ـ قالت : لأن عمر لا يفرض العطاء إلا للفطيم.

 

ـ قال الخليفة: وكم له؟

 

ـ قالت: كذا وكذا شهرا.

 

ـ قال : ويحك لا تعجلي عليه. ثم صاح مخاطبا نفسه: ويحك يا بن الخطاب كم قتلت من أولاد المسلمين!!

 

فلما صلى الفجر إماما ، ما استبيان الناس قراءته من شدة بكائه ، ثم أمر مناديا فنادى:

 

ـ   لا تعجلو على صبيانكم في الفطام ، فإنا نفرض لكل مولود في الاسلام عطاءه. وكتب بذلك الى الافاق.


 

محامون: سجن جزائري بتهمة التجسس لحساب اسرائيل

 
 الجزائر (رويترز) – قال محامون إن محكمة في منطقة القبائل الجزائرية المضطربة حكمت على صحفي جزائري بالسجن عشر سنوات يوم السبت لتجسسه لحساب إسرائيل. وادين سعيد سحنون وهو مراسل لصحف بدول واقعة جنوب الصحراء الكبرى بتقديم معلومات لجهاز المخابرات الاسرائيلي (الموساد) بعد محاكمة بمحكمة الجنايات في بلدة تيزي وزو الواقعة على بعد 100 كيلومتر شرقي الجزائر. ونقل محامون مشاركون في القضية عن الادعاء قوله ان سحنون قدم معلومات عن قدرات الجيش الجزائري وعن جماعة اسلامية متمردة تعرف باسم الجماعة السلفية للدعوة والقتال . واعلنت تلك الجماعة التي غيرت اسمها هذا العام الى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي مسؤوليتها عن ثلاث هجمات انتحارية ادت الى قتل 33 شخصا في 11 ابريل في الجزائر . وقال المحامون ان المحكمة برأت ساحة شرطي اتهم بنفس الاتهامات مع سحنون خلال المحاكمة السرية. ولم يعلن اسم الشرطي لاجهزة الاعلام. ومازال عشرات من المتمردين الاسلاميين هاربين في منطقة تيزو وزو. وهذه المنطقة ايضا معقل للناطقين بالبربرية في الجزائر والذين تشهد علاقاتهم مع السلطات توترا منذ فترة طويلة لاحتجاجهم على ما يصفونه بتفرقة في المعاملة من جانب الاغلبية العربية. وقتل ما يصل الى 200 الف شخص في اعمال عنف سياسي منذ عام 1992 عندما شن أنصار حزب اسلامي اصولي محظور الان تمردا مسلحا بعد الغاء انتخابات كان الحزب في طريقه للفوز بها. وتراجعت اعمال العنف بشكل كبير في السنوات الاخيرة ولكن سلسلة من التفجيرات التي وقعت في الاونة الاخيرة واعلن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي مسؤوليته عنها تهدد محاولات الجزائر لاعادة البناء.
(المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 7 جويلية 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)  

 

حقا.. هل أصبح اليسار العربي جزءً من الماضي؟

 
صلاح الدين الجورشي – تونس
كتب أحد المثقفين المغاربة مقالا قبل بضعة أشهر، تحت عنوان « لماذا ينتصر اليسار في أمريكا اللاتينية ويصعد عندنا الإسلاميون »؟ ويختزل العنوان بشكل دقيق، أزمة الوجود التي يُـعاني اليسار العربي منذ أن بدأ يتراجع دوره وحجمه في المنطقة العربية في مطلع الثمانينات من القرن الماضي. فمنذ ذلك التاريخ، واليساريون العرب – أو على الأقل المتشبثون منهم بمرجعياتهم الأيديولوجية وبتراثهم السياسي – يحاولون تجاوز المأزق التاريخي، الذي وجدوا أنفسهم فيه، لكن بدل أن يحققوا نتائج ملموسة، وجدوا أنفسهم عاجزين، حتى عن إيقاف حالة التراجع والانحسار، إلى أن مالَ بعضهم إلى الاقتناع بأنهم ربّـما أصبحوا تحت رحمة « قانون الانقراض » الطبيعي، لكن العديد منهم يرفضون منطِـق الاستسلام وإلقاء السلاح ويتمسّـكون بما وعد به ماركس، حين أكّـد جازما بأن التاريخ يسير حتما نحو انتصار الاشتراكية. أصدر الفيلسوف الأردني فهمي جدعان كتابا قبل أشهر، تحت عنوان « في الخلاص النهائي »، اعتبر فيه أنه حاليا توجد ثلاث خطابات تطرح على العرب مشاريع « إنقاذ » بالمعنى الطوباوي وحصر أصحاب المشاريع في ثلاث تيارات: هم الإسلاميون والعِـلمانيون والليبراليون، واستثنى من ذلك اليساريين، قائلا بأن الأيديولوجية الجماعية في صِـيغتها الاشتراكية والماركسية والشيوعية « طالها الأفول والتضاؤل والإخفاق »، وبناء عليه « يصح القول بأن هذه المنظومة لم تعُـد اليوم – وعلى المدى المنظور – واحدة من المنظومات الأيديولوجية الحيّـة، التي تعد الفضاءات العربية، بحلول خلاصية ممكنة »، فالإصابة قد « طالت النظام في مجمل حضوره وفعله ».
موت اليسار العربي؟
الذين يبشِّـرون بموت اليسار ينطلقون من ثلاث اعتبارات، لتأكيد صحة « نبوءتهم »، أولها، حالة الضعف والتشرذم الشديد، الذي بلغته أوضاع اليساريين العرب في كل مكان، وهو ما جعل كل محاولات الإنقاذ وإعادة البناء تفشل حتى الآن في أن تعيد الزخم لهذا التيار الفكري والسياسي، الذي كان يتقدم حيوية وعطاء خلال الستينات والسبعينات من القرن العشرين. أما الاعتبار الثاني، فهو أيديولوجي، وذلك بإثبات أن أهم السيناريوهات الاقتصادية التي توقَّـعها ماركس، لم تتحقق وانهارت أمام قدرة الرأسمالية على تجديد نفسها وتجاوز مآزقها. وثالثا، اتساع ظاهرة « الردة الفردية والجماعية »، التي تشهدها أوساط اليسار منذ أكثر من عشرين عاما. لكن، إذا كانت هذه المعطيات قوية وموثقة، فإنها تبقى غير كافية للحكم بشكل قاطع ونهائي بموت اليسار العربي، والشواهد المضادة تؤكد ذلك. فعودة اليسار بقوة في ستِّ دول بأمريكا اللاتينية، يدل دلالة واضحة على أن النمط الرأسمالي لم يحسم الأمور نهائيا لصالحه ولم يُـلبِّ حاجيات الشرائح الاجتماعية المتضّررة من السياسات التي فرضها صندوق النقد الدولي والمنظمة العالمية للتجارة، كما أن حركات المناهضة للعولمة، التي اجتاحت معظم دول العالم، وبالأخص الغربية منها، أشارت على وجود أزمة أفق مرشحة للتفاقم خلال المرحلة القادمة.
أزمة الفكر الاشتراكي
فالليبرالية الجديدة، التي توصف بالمتوحشة، عمقت الفجوة الطبقية على مختلف الأصعدة، المحلية والدولية، بمعنى آخر، إذا كان الفكر الاشتراكي يعيش أزمة هيكلية، فإن المنظومة الرأسمالية تعيش بدورها حالة من التأزم الداخلي، وهو ما يحاول أن يستغلّـه الاشتراكيون في الدول الصناعية لتحقيق انتصارات انتخابية على أحزاب اليمين. السؤال المطروح، الذي لا إجابة له من قِـبل اليساريين العرب هو، لماذا استطاعت حركات اليسار في مناطق عديدة من العالم أن تجدد نفسها وتواجه تحديات المرحلة بشكل مكّـنها من الاستمرارية وتهديد موازين القوى من جديد، في حين ظل اليسار العربي عاجزا عن القيام بنفس المحاولة؟ ما يلاحظ، أن قِـوى اليسار لم تختفِ نهائيا من المشهد العربي، وأحيانا تحدث المفاجأة، وهو ما حدث على سبيل المثال في الانتخابات التشريعية الجزائرية الأخيرة. فحزب العمال، الذي تقوده المناضلة لويزا حنون، بالرغم من أنه حزب صغير من أقصى اليسار، إلا أنه حقق نتائج جيدة، مما جعله يحتلّ المرتبة الرابعة في البرلمان، كما أن محاولات متواصلة داخل صفوف اليسار المغربي من أجل تجاوز أخطاء الماضي وتجنّـب حصول انهيار شديد خلال الانتخابات البرلمانية القادمة. أما اليسار اللبناني، فبالرغم من انقسامه الحاد، غير أنه يحاول أن يكون فاعلا، سواء داخل كُـتلة الموالاة أو في صفوف المعارضة. حتى في تونس، التي تعاني فيها المعارضة بكل أصنافها من ضعف شديد، فإن التعبيرة اليسارية لا تزال أصواتها مرتفعة، رغم حالة التشتّـت التي حوّلتها إلى مجموعات متحاربة أو على الأقل غير متفقة على القضايا الأساسية، كما أن ما تبقّـى من اليسار المصري يحاول من جهته أن يحُـول دون خروجه من الحياة السياسية والذاكرة المصرية، رغم النتائج الهزيلة التي حققها خلال المحطات الانتخابية المتتالية. الكتلة التاريخية
هناك مصطلح سبق أن صاغه المثقف الإيطالي الماركسي (غرامشي)، لكن بدأ يردِّده البعض في العالم العربي خلال الفترة الأخيرة، ويتعلّـق بالدعوة إلى بناء (كتلة تاريخية) لإنجاز « التغيير والإصلاح ». ومن أشد الداعين المتحمسين هذه الأيام لإنجاز هذه المهمة، المفكر المغربي محمد عابد الجابري، الذي جمع في مسيرته بين صِـفة المناضل السياسي، حيث كان عضوا في قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي كان يُـمثل أقوى حزب يساري في المغرب الأقصى وعلى الساحة العربية، وبين صفة المثقف الذي يسمح لنفسه باتخاذ بعض المسافات تُـجاه الأحداث والمشاغل السياسية اليومية. وتعود دعوة الجابري إلى بناء الكُـتلة التاريخية إلى سنة 1982، حين نجحت الثورة الإيرانية بسبب قيام هذه الكتلة، وقد أكد في حوار أجرته معه القناة التلفزيونية المغربية الثانية أن « الخطأ الذي ارتكبه القوميون العرب في الخمسينات والستينات، وارتكبه اليساريون العرب في الستينات والسبعينات، هو خطأ إقصاء الآخرين »، كما اعتبر أن « المجتمع العربي والإسلامي المقسم إلى طوائف أو أحزاب، لا يمكن لأي فصيل من فصائله، قبيلة كانت أو حزبا سياسيا أو حركة دينية، أن يقوم بمفرده بالإصلاح المطلوب، يتطلب التغيير المنشود، الجميع وتكتل الجميع ». أما القوى التي يرشّـحها الجابري لهذه الكتلة، فقد حددها في أربعة، هي « الفصائل المنحدرة من الحركة الوطنية والمجموعات المرتبطة بها من نقابات وجمعيات ثقافية ومهنية ونسوية، وثانيا، التنظيمات والتيارات التي تُـعرف اليوم باسم الجماعات الإسلامية، التي يجب أن يفتح أمامها باب العمل السياسي المشروع كغيرها من التنظيمات، وثالثا، القوى الاقتصادية الوطنية، وربعا، جميع العناصر، التي لها فاعلية في المجتمع، بما في ذلك تلك التي تعمل داخل الهيئة الحاكمة ». دعوة الجابري، تفترض وقفة نقدية لتجربة اليسار العربي على الصعيدين، الأيديولوجي والسياسي، فهو لن يقبل فكرة الكتلة التاريخية، إلا إذا اكتشف أسباب القصور التي حالت بينه وبين الجماهير العريضة التي دافع عنها بصدق، وكان يعتقد بأنه ولِـد من أجل إنقاذها وحماية مصالحها، وكانت المشكلة في إحدى جوانبها، أن عموم هذا اليسار – مع استثناءات قليلة – لم يتساءل حول الاستحقاقات المترتبة بالضرورة عن اعتبار هذه الجماهير « عربية مسلمة »، وظن الكثير من اليساريين – وبعضهم لا يزال على حاله – أن التغيير الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، يمكن أن يحصل من خارج النسق الثقافي والتاريخي، وكان ذلك أحد الأخطاء القاتلة في حركة اليسار العربي، وهو عامل حلّـله الجابري وغيره من مثقفي اليسار، الذين حاولوا أن يصحِّـحوا الرُّؤية والمسار وأن يُـعيدوا وضع الهرم على قاعدته.
تقاطعات بين اليساريين والإسلاميين ما يلفت النظر، هو أن شخصيات ومجموعات يسارية أدركت الخلل ولم تكتف بذلك، بل قرّرت أن تُـعالجه من خلال خوض تجارب لم تخضَـع بعدُ للتّـقييم والمراجعة. والعديد من هذه الشخصيات أو المجموعات، لم تكتف بفتح ملفات التراث ومحاولة الإطلاع على المصدر المعرفي الرئيسي، الذي لا يزال يزوِّد الجماهير ويضخّـها بالمفاهيم والرموز، وإنما قرروا أيضا أن يتجاوزوا صراعاتهم السابقة مع خصومهم « التاريخيين »، وهكذا تعددت التقاطعات بينهم وبين الإسلاميين في أكثر من مكان في السنوات الأخيرة. حصل ذلك في العراق وفي لبنان، عندما تحالف الإخوان المسلمون مع كتلة الموالاة، التي تضم شقا من اليسار الجديد، في حين وقف شق من الحزب الشيوعي إلى جانب « حزب الله »، وأسست الأحزاب اليمينية، بما في ذلك الحزب الاشتراكي إلى جانب عدوه السابق حزب الإصلاح، جبهة سياسية كادت أن تضع نظام علي عبد الله صالح في مأزق لم يتوقعه، ويمكن إدراج « حركة 18 أكتوبر » التونسية، التي وإن عمّـقت الانقسام داخل صفوف اليسار، إلا أنها كشفت عن إمكانية الالتقاء بين الحزب العمالي الشيوعي التونسي وحركة النهضة المتمسكة بتوجهاتها الدينية، وذلك بعد حرب مفتوحة، استمرت فترة طويلة، وكادت حركتا فتح وحماس أن تؤسسا تجربة تعايش فريدة من نوعها، لولا وقوع « الحمساويين » في فخ نصَـبه لهم من يُـعرفون في الساحة الفلسطينية بتيار « الأسرلة ». بالرغم من أن هذه التجارب لا تزال في أولها، إلى جانب أنها متعثِّـرة ولم تكتمل ملامحها، لكنها تعكس لدى جزء من اليسار على الأقل، قناعة تترسخ يوما بعد يوم، مفادها أن استمرارية الخيار اليساري مرهونة إلى حدٍّ كبير بإنجاز مراجعات كبرى، أيديولوجية واستراتيجية وتكتيكية. فاليسار حاجة عربية اجتماعية وسياسية مؤكّـدة، وهو مبثوث في ثنايا النُّـخب وعالم الأفكار والفن والحريات السياسية والاجتماعية، لكنه ليس بالضرورة حاملا ليافطة ماركسية. فاليسار موقف فكري واجتماعي مناهض للاستغلال ومنحاز لعموم المواطنين ومدافع عن قِـيم التقدم. لكن الأكيد، هو أن الواقع العربي لن يعطي فرصة ليسار بلا جذور أو يسار يرفض تغيير نظاراته. (المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 8 جويلية 2007)

ضرورة الاستثمار في الزراعة

 
توفيق المديني * احتل البنك الدولي مركزا مهما في واجهة الأحداث السياسية والاقتصادية العالمية، بسبب فضيحة الفساد التي تعرض لها رئيسه السابق بول وولفويتز، أكثر من إسهاماته في نظريات التنمية. وبمناسبة إعداد تقريره المقبل حول “التنمية في العالم” الذي أعاد فيه طرح موضوع غير جذاب (لم يعالج منذ عام 1982) وهو الزراعة. وتمثل الزراعة في البلدان النامية أكثر من %30 من الناتج المحلي الإجمالي و%60 من فرص العمل. وعلى الصعيد العالمي، هناك أكثر من %70 من الفقراء يعيشون في مناطق ريفية، ولاسيما في جنوب آسيا وإفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى. ويبرهن البنك الدولي بالحجة أن النمو في الزراعة يساهم أكثر من القطاعات الأخرى في تخفيض الفقر، وأن فاعلية الزراعة تعتمد على الاستثمارات العمومية: وهذه الأخيرة يجب أن تزداد، ولاسيما في إفريقيا. ويعالج التقرير السياسات العامة الداعمة للزراعة، ولكن أيضا للقطاعات الأخرى، لأنها تساعد اليد العاملة الرخيصة على ترك الزراعة في ظروف جيدة. ويعتبر هذا الإسهام من البنك الدولي مرحبا به بقدر ما بقيت الزراعة موضوع نقاش حاد بين اقتصاديي التنمية. ويذكر الخبيران الاقتصاديان من البنك الدولي مارتين رافيون وشاو هواشين أن التخفيض المدهش للفقر في الصين منذ العام 1980، يعود بالدرجة الرئيسية إلى زيادة النمو في المناطق الزراعية (وإلى الهجرة نحو المدن) أكثر منها في المناطق المدينية. وأظهر خبيران آخران من البنك الدولي وهما لوك كريستيانسين وليونيل ديميري، أيضاً، أنه في البلدان ذات الدخل المنخفض، كانت الزيادة في الإنتاجية الزراعية لها تأثير قوي على تخفيض الفقر: فالنمو في القطاع الزراعي امتلك القدرة على تخفيض الفقر بنحو 2 – 3 مرات أكثر من القطاعات الأخرى (الصناعية والخدماتية). ومع ذلك، فإن هذه الأسبقية للزراعة تنخفض كلما أصبحت البلدان غنية. ففي إثيوبيا على سبيل المثال، الإنتاجية الزراعية لا تزال ضعيفة لكي تواكب النمو الديموغرافي، الأمر الذي يقود العائلات الريفية إلى مشترين للقمح. وحسب الخبير كريستيانسين، فإن نمو الصناعة والخدمات لم يكن له أي تأثير في تخفيض الفقر. وفي المقابل، فإن النمو بنحو %4 في قطاع الزراعة خلال عقد، كان كافيا بتخفيض الفقر إلى الثلث، عبر تنويع الزراعة، وتحسين إدارة الموارد(الماء)، والبنيات التحتية، والأسواق الريفية، ومن خلال تشجيع الأعمال الريفية خارج نطاق الزراعة. إنها مقومات النمو للبلدان الآسيوية، على سبيل المثال، تايوان، وتايلاندا، والفلبين، إذ سبقت عملية التصنيع في هذه البلدان، تحويل تكنولوجي للزراعة، التي كانت تعاني في السابق من نقص في الإنتاجية. ومع ذلك، فإن تحرير الأسواق الزراعية  المقترحة من البنك الدولي  إذا كانت مفيدة في البلدان التي تعمل فيها الأسواق بصورة جيدة، فإنها غالبا ما كانت لها تأثيرات سيئة في البلدان الفقيرة. إذ إن الفلاحين يكرهون المغامرة بسبب فقرهم، إضافة إلى أنهم لا يستطيعون الحصول على قروض زراعية. والحال هذه، تكون منتوجاتهم غير تنافسية، أمام المنتوجات الزراعية المستوردة من البلدان الصناعية المدعومة غالبا. إن عقيدة التنمية خادعة في طبيعتها. فهي تضيّع عقولنا كما فعلت في زمانها فكرة الأرض المسطحة لكن النتائج هنا أخطر بما لا يقاس على وجودنا. وفي واقع الحال وعلى الرغم من كل الخطب حول الحاجات الحيوية والنضال ضد الفقر  وبعد مرور عقود عدة من الزمن مكرسة رسميا للتنمية  ما زال على ازدياد عدد الأشخاص الذين يعانون الحرمان في أقصى أشكاله. وأضحى مفهوم التنمية مجرد ابتهال لا يحث على القيام بأعمال طارئة وملموسة كما يفترض. بيد ان الواقع شاخص أمام أعيننا: هناك 80 بلدا تراجع دخل الفرد فيها عما كان عليه منذ عشر سنين وعدد الذين يعيشون يومهم بدخل اقل من دولار واحد لا يتناقص ابدا (2,1 مليار) بينما يقارب عدد من يكسبون اقل من دولارين يوميا الثلاثة مليارات. هكذا يلزم الفقير 109 أعوام ليحصل على ما يجنيه لاعب كرة القدم الفرنسي زين الدين زيدان في يوم واحد! وتم إفساد التنمية المستدامة بخمس طرائق: أولا من خلال عالم الأعمال الذي حوّلها مرادفا للنمو المستديم وهذا بمنزلة صفة متناقضة مع الموصوف تعكس الخلاف بين رؤية تجارية للعالم وأخرى بيئية واجتماعية وثقافية. فبات شعارا للشركات المتعددة الجنسية وأوساط رجال الأعمال. والأخطر أنها ومن باب سوء المصادفة فتحت المجال أمام “ردة فعل خضراء” اي الانحراف التدريجي للحركة البيئية عبر ما يطلق عليها “واقعية النشاط الاقتصادي”. وباتت تسمية “بيئي” كما صفة “المدافع عن الطبيعة”، تطلق من دون تمييز على من يدمرون الغابات او يقتلون الحيوانات طمعا بجلودها. وتتم تغطية هذه الممارسات بتوريات مشكوك فيها كالإنتاجية او قطاف الثمار الطبيعية للحيوان والنبات. وتنفق الشركات التابعة لدول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية سنويا حوالي 80 مليار دولار كرشى من أجل الحصول على امتيازات أو تعهدات. وهو مبلغ من شأنه بحسب الأمم المتحدة القضاء نهائيا على الفقر في العالم. وأضحت التجارة غير المشروعة للحيوانات الحية والمنتجات المشتقة من عظامها المصدر الثاني للدخل بعد الاتجار بالمخدرات في عالم الجريمة المنظمة. وأدت هذه التجارة التي تمثل في الواقع مصدر دخل ضعيف الأخطار إلى زوال قريب لبعض الأصناف مثل وحيد القرن والنمر. يعاني 800 مليون شخص سوء التغذية بينما تختنق قلة قليلة من التخمة.ومع مسألة الصناعة الغذائية تبرز إلى الضوء أهمية مواضيع من نوع النزعة الاستهلاكية المفرطة وانعدام المساواة على المستوى العالمي والضعف الذي يصيب السلطات العامة. ان انفتاح السوق العالمي الكبير باسم التبادل الحر وقواعد منظمة التجارة العالمية والرقابة على المساعدات تدعم الصناعة الغذائية وتمركزها حيث ان عشر شركات تسيطر على نسبة 60 في المائة من هذا القطاع (البذور، السماد، الادوية، التصنيع ونقل المنتجات). إن نمو الانتاجية الزراعي يحرر أيضا قوة العمل  التي يجب امتصاصها  غالبا من قبل القطاعات المدنية غير الرسمية. وإذا استمرت الزراعة تمثل قاعدة النمو، كما هو الحال في الصين، فإن هذا الأمر حصل في ظروف سياسية مختلفة، ومقابل زيادة عدم المساواة الاجتماعية. * كاتب اقتصادي (المصدر: صحيفة  » الخليج  »  الصادرة يوم 7 جويلية 2007)
 

عزيزي الكاتب: « أنت متآمر » (1)

 
بقلم: سعد محيو عزيزي السيد محيو المحترم: “لم نعد ندري ما إذا كان كتابنا العرب، وأنت منهم، يكتبون من أجل الأمة، أم من أجل التآمر عليها. إذ لا يكاد يمر يوم واحد من دون أن نسمع منكم ومن غيركم عن مصير داكن للعرب والمسلمين يتم فيه تمزيقهم إلى دويلات وكيانات وعشائر متناحرة ومتقاتلة، وكأن ما يرسمه الآخرون لنا قدر لا مفر منه، أو كأننا مجرد دمى صماء وعمياء تحركها أصابع أجنبية. “لا يا سيدي. نحن لسنا كذلك. نحن أمة تقاتل وتقاوم. في أفغانستان، أغرقنا القوات الأطلسية والأمريكية في جحيم حرب عصابات لا نهاية لها. وفي العراق أنتم ترون بأنفسكم كيف يعمل القتلة الأمريكيون على حزم حقائبهم تمهيداً للرحيل بعد أن لقنهم مجاهدونا درساً قاسياً لن ينسوه. وفي جنوب لبنان كانت المقاومة الإسلامية تسجل أهم وأروع انتصار على اليهود المارقين. وفي غزة، نجحت المقاومة الإسلامية الشريفة مؤخراً في تنظيف القطاع من أوكار عملاء “إسرائيل” الفاسدين وهي تستعد الآن لإعادة تصويب النضال الفلسطيني ووضعه في مساره الصحيح. هل يجوز بعد كل ذلك أن تتحدثوا بلغتكم السوداء عن “المصائر الداكنة” وعن “المقادير الغربية التي لا رد لها”؟ لماذا لا ترون نصف الكأس المملوء بدل التركيز على النصف الفارغ؟ نحن نعلم أن الغرب يتآمر على المنطقة، لكن من قال إن ما يريده الغرب الكافر المتآمر يجب أن يحدث بالضرورة؟ اتقوا الله في ما تقولون وعودوا إلى جادة الصواب، وكفاكم تهويلاً وتخويفاً فيما الأمة تندفع للجهاد والمقاومة”.  هذا جانب من رسالة وصلت إلى كاتب هذه السطور قبل أيام، وذيلت باسم “المجاهد محمود”. وهي، بغض النظر عن اتهامات “التآمر” و”عدم تقوى الله”، مهمة للغاية لسببين: الأول، أنها تكشف عن مقاربة لتطورات المنطقة مغايرة تماماً للنظرة السائدة الآن بين كل أو معظم الباحثين والكتاب العرب. مقاربة ترى كل ما يجري على أنه انتصارات لا انتكاسات؛ إنجازات لا تهديدات؛ فرص لا مخاطر. والثاني، أن هذا التوجه يوضح إلى هذا الحد أو ذاك طبيعة لوحة موازين القوى التي قد ترتسم الآن في الشرق الاوسط، أو التي قد ترتسم لاحقاً، بفعل اشتداد الصراعات والحروب والمجابهات. في هذه اللوحة ليس الغرب القوي والمتفوق هو اللاعب الوحيد. إلى جانبه ثمة قوى مقاومة وممانعة قادرة على رد الفعل برغم الاختلال الكبير في فعل موازين القوى. وبالتالي، وبرغم اتهامات وإدانات “المجاهد محمود”، إلا ان منطقه يمتلك نقاط قوة واضحة: فالمشروع الأمريكي الأصلي الذي جسده المحافظون الجدد حين اعتبروا غزوهم للعراق الخطوة الأولى لتغيير وجه الشرق الأوسط كله، تراجع بالفعل، أو على الأقل تمت “فرملته”. وحرب الأسيرين في لبنان كشفت على نحو خطير حدود القوة “الإسرائيلية”، ورسمت في الوقت ذاته سيناريوهات أخرى لمجابهات يتفوق فيها المقاتل العربي المزود بالعزيمة والصواريخ على التكنولوجيا المتطورة. وحرب أفغانستان المتجددة تكاد تدفع الآن حلف الأطلسي إلى الاعتراف بفشل أول عمليات عسكرية له خارج أراضيه الأوروبية المعهودة. وأخيراً، وقوف المشروع الغربي بتردد على أبواب طهران، كان هو الآخر المؤشر على أنه ليس كل ما يلمع ذهباً في ترسانة القوة الغربية. كل هذا صحيح ودقيق.  لكن، هل يعني ذلك أن قوى المقاومة والممانعة العربية والإسلامية قادرة على إلحاق الهزيمة بالغرب وطرده من الشرق الأوسط (كما أعلن مؤخراً رئيس الأركان الإيراني)، أو حتى على منعه من مواصلة مشروعه الكبير لإعادة رسم خرائط الشرق الأوسط وفق هواه ورؤاه، تمهيداً لدمج المنطقة كلياً في النظام الرأسمالي المتعولم الجديد؟ (المصدر: صحيفة « الخليج » (يومية – الشارقة) الصادرة يوم 2 جويلية 2007)


عزيزي الكاتب: « أنت متآمر » (2)

« الأصغر هو الأفضل »

 
سعد محيو  اعترفنا في مقالة أمس بأن ثمة مشروعين في الشرق الأوسط، لا مشروعاً واحداً، وتساءلنا: هل يستطيع مشروع الممانعة والمقاومة العربي  الإسلامي أن يحبط المشروع الغربي لإعادة رسم خريطة المنطقة تمهيداً لدمجها (كما يهوى هو) في المنظومة الرأسمالية المتعولمة الجديدة؟ الأمر يحتاج إلى تحليل عقلاني بارد على عكس اتهامات صاحبنا “المجاهد محمود” العاطفية الحارة. ولذلك سنرجئ الجواب عن هذا السؤال لنعطي الأولوية أولاً لاستعراض المدى الذي وصله المشروع التقسيمي الغربي في المنطقة، إضافة إلى مقاربة العوامل الذاتية الفاعلة هذه الأيام في الشرق الأوسط الإسلامي. في النقطة الأولى، أول ما يتبادر إلى الذهن هو النجاح الأمريكي في إقامة وشائج علاقة ناجحة وممتازة مع الدول الصغيرة في المنطقة العربية، من قطر على ضفاف الخليج العربي إلى تونس على شواطئ البحر المتوسط، مروراً بالطبع بالبحرين وعمان والكويت ولبنان وجيبوتي وكردستان العراق وموريتانيا (ومؤخراً ليبيا “القذافي الجديد”).. الخ. هذه العلاقات الناجحة التي تشمل شتى انواع التنسيق الأمني والاقتصادي، إضافة إلى مبدأ الحماية العسكرية والسياسية، تشجع الولايات المتحدة، على ما يبدو، على رفع شعار “الأصغر هو الأفضل” في الشرق الأوسط، وتدفعها رويداً رويداً إلى الانحياز للمشروع المشترك بين “إسرائيل” والمحافظين الجدد الأمريكيين لتفكيك وإعادة تركيب دول الشرق الأوسط الإسلامي على أسس عشائرية وقبلية وطائفية، على أن تتكفل “اليد السحرية الخفية” لموازين القوى بإقامة التوازن بين الدويلات الصغيرة الجديدة التي ستتم إقامتها، والتي يمكن لاحقاً أن تنضم إلى اتحاد شرق أوسطي شبيه بالاتحاد الأوروبي، بقيادة القوة المركزية “الإسرائيلية”. ومؤخراً كسا “الإسرائيليون” والمحافظون الجدد الأمريكيون مشروعهم التقسيمي الكبير هذا  بغلالة إيديولوجية. وهكذا، اقترح الكاتب الأمريكي المقرّب منهم روبرت ليفاين “تعميم تجربة الكانتونات السويسرية الديمقراطية على الدول العربية”. وكما هو معروف، أقام السويسريون دولتهم وديمقراطيتهم استنادا الى فكرة الكانتونات اللغوية والدينية والاجتماعية الصغيرة. لكن، إذا ما طبقت هذه التجربة في المشرق العربي، فإنها ستعني إقامة فدراليات أو كونفدراليات قبلية وعشائرية وطائفية متناحرة لا متصالحة، بسبب غياب الاسس الصناعية – الانتاجية والليبرالية- الديمقراطية  التي تضمن التعايش السلمي بين هذه الفئات. وهذا بالتحديد هو المشروع “الاسرائيلي” القديم للمنطقة. هذا بالتحديد أيضاً ما يحدث  في العراق الذي تتم تجزئته الآن ليس فقط إلى ثلاث دول سنية وشيعية وكردية، بل أيضاً إلى دويلات عشائرية ومذهبية ومناطقية داخل هذه الدول. الشكل النهائي ل “العراق الجديد” لما يتبلور بعد. لكنه على الطريق، عن طريق الحروب الأهلية التي كان اول من لفت إليها الدبلوماسي العربي- الدولي المخضرم الاخضر الابراهيمي حين قال: “أحذّر القادة والشعب في العراق من احتمال وقوع حرب أهلية. إني قلق بسبب وجود مخاطر كبيرة جدا. الحرب الأهلية لا تندلع بقرار من شخص ما، بل تقع بسبب وجود أنانيين وجماعات (كتلك التي وجدت في لبنان والجزائر) تفكر في نفسها أكثر مما تفكر في بلادها”. وبعد أيام قليلة من تحذير الإبراهيمي المجلجل هذا، كانت “فاينانشال تايمز” تنشر تقريراً سرّياً أمريكياً يؤكد أن “بلقنة العراق” بدأت بالفعل. المثير هنا أن عملية تفتيت العراق على هذا النحو، تجري برغم استمرار المقاومة ضد الاحتلال الأمريكي وبرغم استعدادات واشنطن المكثفة لإعادة نشر قواتها بعد تقليصها من 150 ألف جندي إلى نحو 50 ألف جندي. وإذا ما عنى هذا الأمر شيئاً، فإنه يعني أن مشروع التقسيم الغربي للمنطقة لن يتوقف أو يُرجأ، برغم تعرضه إلى ضربات مؤلمة، وهو أمر تثبته التطورات في دول عربية أخرى. كيف؟ (المصدر: صحيفة « الخليج » (يومية – الشارقة) الصادرة يوم 3 جويلية 2007)

مسلمات من جميع أنحاء العالم يجتمعن في الكونجرس لمناقشة حقوق الإنسان

 

 كتب  واشنطن – أمريكا إن أرابيك    ٨/٧/٢٠٠٧ يستضيف الكونجرس الأمريكي الأسبوع الحالي مؤتمراً تنظمه جمعية للنساء المسلمات الأمريكيات المعنيات بقضايا حقوق الإنسان، تحضره ناشطات نساء من جميع العالم الإسلامي.  وتستضيف جمعية «كرامة» – هي منظمة غير ربحية مقرها واشنطن – حدث افتتاح البرنامج الصيفي السنوي الخامس للقانون والقيادة للمرأة المسلمة في غرفة مانسفيلد بمبني الكونجرس مساء غد «الاثنين»، ويحاضر فيه البروفسور الأمريكي إيراني الأصل سيد حسين نصر، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة جورج واشنطن الأمريكية، حول موضوع حقوق الإنسان في الإسلام. «البرنامج الصيفي للقانون والقيادة» عبارة عن برنامج مكثف مصمم لتعليم المرأة المسلمة القضايا القانونية ذات الأهمية بالنسبة لها ولتطوير المزيد من خصائص القيادة، حيث يحضر المشاركون برامج إثارة فكرية تمتد ٣ أسابيع، وتتضمن محاضرات، تغطي العديد من الموضوعات مثل تنمية القيادة وحل الصراعات وعقد المقارنات بين القانون الإسلامي والقانون الأمريكي. وسيضم جمهور البرنامج ٢٥ منظمة نسوية، تم اختيارها من جميع أنحاء العالم، حيث تشارك سيدات من بلغاريا وهولندا والسعودية وسوريا والسنغال وغيرها، إضافة إلي كندا وأنحاد متفرقة من الولايات المتحدة، كما تمت دعوة أعضاء من الكونجرس للحضور. وقد تأسس «البرنامج الصيفي للقانون والقيادة» عام ٢٠٠٢، وتقول منظمة «كرامة» إنها تسعي من ورائه إلي التأثير في فهم المرأة المسلمة لدينها وفهم حقوقها الإنسانية وممارستها القيادة.  
(المصدر: صحيفة « المصري اليوم » الصادرة يوم 8 جويلية 2007)
http://www.almasry-alyoum.com/article.aspx?ArticleID=67891

 


Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.