الأحد، 7 فبراير 2010

TUNISNEWS

 9ème année, N°3547 du 07 . 02 . 2010

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين

 العشريتين الدكتور الصادق شورو

وللصحافيين توفيق بن بريك وزهير مخلوف

ولضحايا قانون الإرهاب


منظمة حرية وإنصاف:بريد المظالم:رمزي بن بلقاسم : نداء استغاثة

السبيل اولاين:عناصر البوليس تترقب رمزي بلقاسم أمام منزل عمّه في قمرت

كلمة::تشريد 18 عائلة و هدم منازلهم بالقوة العامة

كلمة::منع الزميل معز الجماعي  من ارتداء معطف يحمل صورة شي غيفارا والشرطة تحرر ضده  محضرين

المولدي الزوابي:توقف أشغال المجلس الوطني لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين

كلمة:الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ينفي تصدّعه الداخلي

تواصل سلسلة الاعتداءات على فريق راديو كلمة

الشروق الجديد:كتاب يغلق أقدم جامعة خاصة فى تونس

مراد رقية: سؤال الى السيد وزير الصحة العمومية*بماذا يبرر التفاوت في معاملة طالبي الخدمات الصحية ؟؟؟

الصباح:في المدة النيابية الحالية للمجالس البلدية حل 5 مجالس ..إعفاء رئيسين وتخلي 4 عن النيابة

الأخضر الوسلاتي :ضباب

      خميس الخياطي:الفيلم الإيراني ووجه السوق…

سلوى الشرفي:وهل تريدني أن أساند جلادي؟

الصباح:المحكمة تؤجل النظر في قضية المهاجر قاتل ابنه ببلجيكا

الرابطة الليبية لحقوق الإنسان :ليبيا: على الأجهزة الأمنية احترام ٔاحكام القضاء وٕاخلاء سبيل المحتجزين فى سجونها

رشيد خشانة:إسبانيا تستثمِـر رئاستها للإتحاد الأوروبي لمحاولة تحقيق اختراقيْـن في الجنوب

الأستاذ نور حفصي:عزّة تركيّة وخزّي عربيّ

(الشروق) :الخبير أمين حطيط لـ «الشروق»: قوة المقاومة اللبنانية تضاعفت 500٪

د. فيصل القاسم:لماذا يفضل الإنسان العربي الحصول على مبتغاه بالطريق الملتوية؟!

عبد الباري عطوان:ليبرمان وتغيير النظام السوري

محمد إبراهيم المدهون :اغتيال


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس ديسمبر 2009

https://www.tunisnews.net/01fevrier10a.htm


 

الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 22 صفر 1431 الموافق ل 07 فيفري 2010

بريد المظالم نداء استغاثة رمزي بن بلقاسم


إنّي المسمّى: رمزي العيّادي بلقاسم صاحب بطاقة التعريف الوطنيّة عدد 05446633،  الصادرة  بـ: 21 نوفمبر 2000. و القاطن بـ 27 نهج بنو أميّة قمّرت القرية- المرسى -. أتقدّم إلى حضرتكم بهذا النداء كي تكونوا على علم بكلّ ما أعانيه أنا و كامل العائلة. حيث أنّه تمّ اعتقالي في يوم 22 أكتوبر 2006، من قبل أعوان أمن الدّولة و وجّهت إليّ تهمة الانضمام إلى منظّمة إرهابيّة، وحكمت بسنتين سجنا و خمسة سنوات مراقبة إداريّة. و قد تمّ إطلاق سراحي عند إنتهاء الحكم في تاريخ 28 أكتوبر 2008. و منذ ذلك الوقت و أنا أقوم بالإمضاء اليومي في مركز الشرطة بقمّرت القرية بصفة يوميّة. و علما أنّني عدت إلى عملي الذي كنت أمارسه قبل دخولي السّجن في تاريخ 08 فيفري 2009. و لكن تمّت مضايقتي في العمل من قبل أعوان منطقة الأمن الوطني بقرطاج، لذا و لهذه الأسباب انقطعت عن العمل، و بعد مدّة تحصّلت على عمل بشركة أخرى في منطقة عين زغوان و اسمها : CASABO و هي مختصّة في صنع الأثاث. و حيث أنّي أمارس الإمضاء اليومي بمركز شرطة قمّرت كما أنّني توجّهت يوم الخميس 04 فيفري 2010 فتمّ استفزازي من قبل عون ينادونه باسم لطفي حين توجه لي بكلام بذيء واعتدى علي بالضرب، فغادرت المركز و توجّهت إلى مقرّ عملي على الساعة التاسع و الربع صباحا. و عند حلول الساعة الواحدة و النصف بعد الزّوال أتى ذلك العون صحبة أعوان منطقة المرسى و قاموا بإخراجي رغما عنّي و عنّفوني و قاموا بتقييد يديّ إلى الخلف. بعد ذلك توجّهوا إلى إدارة الشركة و هدّدوا صاحبها وضغطوا عليه بأن يطردني من العمل. ثمّ توجّهوا بي إلى منطقة الأمن بالمرسى و هنالك تمّ طرحي على الأرض و قاموا بركلي و بشتمي و بقولهم لي أنّي ارهابيّ و لا يرجى منّي خير لهذا البلد. و مكثت غلى تلك الحالة لمدّة خمس ساعات و هم يتداولون عليّ الواحد تلو الآخر بضرباتهم العنيفة.      و عند الساعة السادسة و النصف تمّ اطلاق سراحي بعد أن هددوني بأنهم لن يتوقفوا عن ايذائي أنا وعائلتي. ولأني ضقت ذرعا بهاته الاعتداءات المتكررة على حرمة جسدي المادية والمعنوية أعلم الرأي العام أنني دخلت في اضراب عن الطعام منذ يوم الخميس وأنه في حال عدم الاستجابة لمطلبي في وضع حد لهذه التجاوزات التي فيها مس من كرامتي وارجاعي الى العمل من جديد بعد أن تسببوا في طردي فانني سألتجئ الى خياطة فمي . وأتوجه بندائي هذا الى كل فعاليات المجتمع المدني من منظمات حقوقية وأحزاب سياسية راجيا أن يساندوني في هاته المطالب المشروعية.         منظمة حرية وإنصاف  


عناصر البوليس تترقب رمزي بلقاسم أمام منزل عمّه في قمرت

السبيل أونلاين – تونس –   في خبر عاجل..تترقب عناصر البوليس سجين الرأي السابق رمزي بن العيادي بن علي بلقاسم أمام بيت عمّه في قمرت ، وكان البوليس زار بيت عائلته اليوم للسؤال عنه ولم يجده وقال بأن سيعود لاحقا .   وأكد رمزي بن علي بلقاسم أنه ما يزال مضربا عن الطعام وأنه مصمم على تقديم شكوي ضد الأعوان الذين أعتدوا عليه بالعنف يوم الخميس 04 فيفري الماضي ، وبأنه لن يتخلى عن فكرة خياطة فمه للإحتجاج على المظلمة التى يتعرض لها .   (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 07 فيفري 2010 )

تشريد 18 عائلة و هدم منازلهم بالقوة العامة


تشريد 18 عائلة و هدم منازلهم بالقوة العامة رغم إستصدار حكم قضائي ببطلان قرار الإخلاء و الهدم . عدسة عاشق الحرية زهير مخلوف واكبت الحدث و نقلت وقائع حية و مشاهد مثيرة لمتساكني حي البراطل و هم يواجهون أحداث غيرت من مجري حياتهم الهادئة – شريط من إنتاج كلمة تونس , تحيين و إخراج و توزيع كلمة تونس و راديو كلمة تونس
الجزء الأوّل  
لمتابعة الشّريط . انقر الرابط التالي   http://www.kalima-tunisie.info/kr/Video_Stream-page-watch-id-23.html  

منع الزميل معزالجماعي  من ارتداء معطف يحمل صورة شي غيفارا والشرطة تحرر ضده  محضرين


المولدي الزوابي
تعرض الزميل معز الجماعي مراسل راديو كلمة بقابس بعد ظهر يوم الجمعة 5 فيفري إلى تلفيق تهمة « التدخين بفضاء عام » وتمّ تحرير محضر ضدّه قال أعوان الشرطة بأنهم سيعرضونه على وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بقابس . تم ذلك بعد أن رفض الزميل الجماعي التخلي عن معطف يحمل صورة شي غيفارا. وكان عناصر من الشرطة قد لاحقوا الجماعي قرب محطة النقل الحضري وأمروه بالعودة إلى منزله وتغيير المعطف الذي يرتديه بحجّة كون صورة غيفارا ممنوعة. وأمام تمسك الزميل ورفضه حررت الشرطة محضرا في شانه موضوعه التدخين في فضاء عام. وقد أفاد الجماعي أن الشرطة اتصلت به لاحقا وأعلمته بأنها حرّرت في حقه محضرا آخر بتهمة تعطيل موظّف عمومي عن أداء واجبه. يأتي هذا الاعتداء على الزميل الجماعي وهو الثالث في اقل من شهر لينضاف إلى سلسلة الاعتداءات التي يتعرض لها فريق « راديو كلمة » تباعا ومن ذلك ما يحدث مع فاتن الحمدي ومعز الباي والمولدي الزوابي ولطفي الحيدوري من هرسلة يومية ومراقبة لصيقة واعتداء بالضرب والإيقاف ومصادرة معدات العمل والتهديد بالسجن وغيرها من أساليب الملاحقة التي أصبحت معتادة في تونس.  
(المصدر :  راديو و مجلة كلمة -تونس بتاريخ 06فيفري 2010)   

 

توقف أشغال المجلس الوطني لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين

 


حرر من قبل المولدي الزوابي في السبت, 06. فيفري 2010 أفادت مصادر خاصّة أنّ أشغال المجلس الوطني لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين أجّلت بعد افتتاحها يوم أمس السبت 6 فيفري الجاري بالمقر المركزي للحركة. وحسب بعض المشاركين فان الطيب المحسني رئيس المجلس وبإيعاز من قيادة الحركة دعا ثلاثة أعضاء هم عبد اللطيف البعيلي وعز الدين الشماري ورضا السمـراني وهم أعضاء معروفين بانتقاداتهم اللاذعة للقيادة إلى مغادرة القاعة حتى يتسنى للمجلس الشروع في أشغاله، غير أن المذكورين تمسكوا بحقهم في الحضور مطالبين الأمين العام ومساعديه بالحضور للرد على الاستفسارات التي وجهوها أمام الأعضاء والتي طالبوا من خلالها بمؤتمر استثنائي متهمين القيادة بممارسة الإقصاء لكل من خالفهم الرأي.  وأمام تمسك الأعضاء بحقهم في المشاركة قرر رئيس المجلس رفع الجلسة وتأجيل الاجتماع إلى وقت لاحق.  هذا وكان عدد من أعضاء الحركة قد قاطعوا هذه الجلسة فيما ذكر عدد آخر أنّ قيادة الحركة أقصتهم من الحضور بسبب مخالفتهم لتوجهات القيادة، على حد تعبيرهم.
 
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 06 فيفري 2010)   

الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ينفي تصدّعه الداخلي

 


حرر من قبل التحرير في الجمعة, 05. فيفري 2010 نفى حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي معلومات عن عريضة داخلية تحمل 53 توقيعا تستنكر سياسات قيادة الحزب. وقال الحزب في بيان وقعه أمينه العام إنّ هذا الخبر زائف ويحمل غايات مبيّتة ويندرج في إطار حملة منظّمة غايتها إرباك هياكل الحزب ومحاولة جره إلى مقاطعة الانتخابات البلدية، وفق تعبيره. وأشار البيان إلى أنّ المكتب السياسي للحزب سيجتمع خلال الأسبوع المقبل لاتخاذ القرار المناسب لمجابهة تلك الحملة. وكانت يومية « الشروق » قد ذكرت في عددها ليوم 03 فيفري الجاري أنّها تلقت عريضة ممضاة من 53 عضو مجلس وطني بينهم 13 كاتب عام جامعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي، وتضمنت العريضة حسب نص الخبر انتقادا للحالة التي يعيشها الحزب و سياسة الإقصاء بما يهدد وحدة الحزب ومسيرته.  
 (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 05 فيفري 2010) 

تواصل سلسلة الاعتداءات على فريق راديو كلمة

 


حرر من قبل المولدي الزوابي في الجمعة, 05. فيفري 2010 تعرض الزميل معز الجماعي مراسل راديو كلمة بقابس بعد ظهر اليوم الجمعة 5 فيفري إلى تلفيق تهمة « التدخين بفضاء عام » وتمّ تحرير محضر ضدّه قال أعوان الشرطة بأنهم سيعرضونه على وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بقابس. تم ذلك بعد أن رفض الزميل الجماعي التخلي عن معطف يحمل صورة شي غيفارا.  وكان عناصر من الشرطة قد لاحقوا الجماعي قرب محطة النقل الحضري وأمروه بالعودة إلى منزله وتغيير المعطف الذي يرتديه بحجّة كون صورة غيفارا ممنوعة.  وأمام تمسك الزميل ورفضه حررت الشرطة محضرا في شانه موضوعه التدخين في فضاء عام.  وقد أفاد الجماعي أن الشرطة اتصلت به لاحقا وأعلمته بأنها حرّرت في حقه محضرا آخر بتهمة تعطيل موظّف عمومي عن أداء واجبه.  يأتي هذا الاعتداء على الزميل الجماعي وهو الثالث في اقل من شهر لينضاف إلى سلسلة الاعتداءات التي يتعرض لها فريق « راديو كلمة » تباعا ومن ذلك ما يحدث مع فاتن الحمدي ومعز الباي والمولدي الزوابي ولطفي الحيدوري من هرسلة يومية ومراقبة لصيقة واعتداء بالضرب والإيقاف ومصادرة معدات العمل والتهديد بالسجن وغيرها من أساليب الملاحقة التي أصبحت معتادة في تونس. 
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 05 فيفري 2010)   

كتاب يغلق أقدم جامعة خاصة فى تونس

 


دينا قابيل «فى أحد أيام شهر مايو 2007 خرجت من منزلى وأنا أشعر شعورا صريحا بأنني لست متأكدا من العودة مساء إلى أهلي، فأدركت منذ ذلك اليوم أن تونس لم تعد بلد حرية». جاءت هذه العبارة فى مقدمة كتاب محمد البوصيرى بوعبدلى «يوم أدركت أن تونس لم تعد بلد الحرية» الذي صدر باللغة الفرنسية منذ عدة أشهر. وقامت السلطات التونسية بإغلاق جامعة «الحرة» – التي يملكها بوعبدلى- وهى أقدم جامعة خاصة فى تونس- بدعوى ارتكابها مخالفات إدارية وتعليمية. وجاء فى قرار سحب الترخيص من الجامعة أن هناك «نقص فى برامج تكوين المهندسين» إضافة إلى إنشاء اختصاصات جديدة دون ترخيص. ووصف محمد البوصيرى بوعبدلى مدير الجامعة، التي تأسست عام 1973، القرار بأنه «سياسى وتعسفى»، وأرجعه إلى إصداره كتاب «يوم أدركت أن تونس لم تعد بلد حرية» وكان ذلك قبل الانتخابات الرئاسية في أكتوبر الماضي. كما دلل على ذلك أيضا بقيام وزارة التعليم بإغلاق معهد لوى باستور الخاص الذي تديره زوجته الفرنسية في تونس في 2007. أما الكتاب -الذي يرجح أنه كان السبب الخفي وراء إغلاق المؤسسة التعليمية الخاصة – فيهديه مؤلفه إلى «أولئك التونسيين الكثيرين الذين عملوا، منذ سنين طويلة وقبلي أنا بكثير، من أجل أن تصبح تونس بلدا حرا وديمقراطيا». ويتناول بوعبدلى فى مقدمة الكتاب عمله النضالي السابق والمنعطف الذي شهدته البلاد منذ 7 نوفمبر 1987، تاريخ عزل الرئيس بورقيبة وصدور بيان تملؤه الوعود الوردية لمستقبل التونسيين ومشاركتهم فى صنع الديمقراطية. ويحدد الكاتب إصابته مثل غيره من التونسيين بخيبة الأمل قائلا: «وقد زاد التدهور فى الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي استفحالا للأسف! فتساءلت، كأغلب المواطنين التونسيين: كيف وصلت الأمور إلى هذا الحد في بلد معروف بتسامحه وتفتحه وبالمكاسب العديدة التى أحرزها منذ الاستقلال؟». أما التمهيد الذي حمل توقيع باتريك بودوان الرئيس الشرفي للفيدرالية الدولية لرابطات حقوق الإنسان، فيستعرض تردى الأحوال والإساءة للحريات فى تونس، ويشيد بتحليل مؤلف الكتاب البوصيرى بوعبدلى وإبرازه للتناقض بين «البيان الغنى بأمنيات الديمقراطية وبين واقع مستهين بكل مبادئ الديمقراطية الفعلية» ويضيف أن بعد مرور عشرين عاما من تولى الرئيس بن على السلطة فإن حصيلة تونس فى مجال احترام الحريات تبدو هزيلة. (المصدر:صحيفة الشروق الجديد(يومية- مصر) بتاريخ 6 فبراير 2010)

 

سؤال الى السيد وزير الصحة العمومية *بماذا يبرر التفاوت في معاملة طالبي الخدمات الصحية داخل المستشفيات،ومن يستفيد فعلا من صيدلياتها*؟؟؟


مراد رقية   يتداول الجميع الكثير من الأصداء الطيبة عن شخص الوزير،وعن نشاطه الدؤوب،وعن متابعته المتصلة للقطاع الصحي العام والخاص ومنها زيارته المفاجئة في مناسبتين اثنتين لحضيرة المصحة  العمومية الجديدة للولادة والولدان بالمنستير التي وقف شخصيا عبرهما وفي غفلة من السلط الجهوية على تجاوزات خطيرة مرتبطة بسوء استغلال أكيد للموارد العمومية؟؟؟ وبناء على ما تقدم أردت سؤال السيد الوزيروانطلاقا مما هو مسجل عبر حالة خاصة عايشتها هذه الأيام بصفة غير مباشرة من خلال مكابدة معينة منزلية فاضلة،أصيلة الشمال الغربي مقيمة بحثا عن لقمة العيش بمدينة قصرهلال،متزوجة،أم لأربعة أطفال،يعتبر زوجها العامل السابق بحضائر البناء والذي أصيب بكسر مضاعف في عداد المعاقين مما حتّم عليه الاكتفاء بعمل بسيط ببلدية صيّادة يتقاضى في مقابله مائة وعشرون دينارا؟؟؟ تعيش المرأة المجاهدة  المسكينة في بيت بدائي بدون نوافذ مما جعل صحتها وصحة أبنائها مهددة في كل حين،وقد صادف بأن أصيبت ابنتها الصغيرة بمرض مفاجىء اعتقد  أول الأمر بأنه مجرد سلسلة من نزلات البرد،ولم يتفطن الا في خاتمة المطاف وبعد فوات الأوان الى أن مرضها الأصلي هو « الكيس المائي »؟؟؟وصادف في هذا الموقف الحرج أن لم يتوفر لديها البطاقات العلاجية المناسبة لتغير مقر اقامتها فبدأت معاناتها و »رحلة الألف ميل »،فانطلقت المحنة مع أطباء القطاع الخاص الذين لم يجتهدوا وباعتبار حالتها المادية المحدودة ،أو المحدودة أن يوجهوها للقطاع العام رأفة بحالها فنالوا نصيبا من الأموال المقترضة موزعة بين العيادات العامة ،وعيادات التصوير؟؟؟ وكانت المرحلة الثانية عبر اتصالها بالمرشدة الاجتماعية التي تبين بأنها في عطلة،فألحت المسكينة على زميلة لها لتوفير بعض الوثائق التي تثبت عوزها،وفي الأثناء نقلت البنت عبر مستوصف قصرهلال الجهوي الى المستشفى الجامعي بالمنستير،المرفق الصحي الحقيقي الوحيد بالولاية حيث بقيت البنت حوالي الشهر والعشرة أيام حبيسة المستشفى دون أن تجرى لها عملية،بدعوى عدم توفر المتبرعين بالدم مع العلم وأن المرأة استطاعت برغم قلة حيلتها بأن تجند سبعة متبرعين بالدم وهو من الأكيد ما يزيد عن الحاجة؟؟؟ لقد تبينت المرأة المجاهدة ومنذ بداية رحلة معاناتها اليومية ذهابا وايابا بين قصرهلال والمنستير بأنها مواطنة تونسية  من درجة ثانية،أو ثالثة تضطر الى استعطاف أعوان الحراسة تارة شفويا،وتارة أخرى نقديا،وحتى أعوان التنظيف لضمان تغيير أغطية سرير ابنتها وصولا الى مقابلتها والاطمئنان على معاناتها هي الأخرى داخل هذا المحتشد الصحي الذي تعامل فيه معاملة غير آدمية،تنقل بين العنابردون جدوى،وبقيت الأم المسكينة تنتظر دون جدوى حلول موعد العملية مع العلم بأنه وقع ادخال ابنتها أكثر من مرة الى عنبر العمليات واخراجها منه،تارة بسبب تردي حالتها الصحية العامة،وتارة أخرى ولعلها الأهم بسبب عدم توفر الدم اللازم عبر المتبرعين؟؟؟ ولم تقع المبادرة باجراء العملية الا بعد حوالي الشهر وزيادة مما كلّف الأم المجاهدة،المسكينة،غير ذات السند،المعدومة الامكانيات التنقل اليومي بعد عملها غير المنتظم داخل المنازل(معدل مرتين اثنتين فقط في الأسبوع)وقضاء واجباتها  الأسرية العادية،التنقل الى المستشفى اطمئنانا واستفسارا مع جدوى ضبابية دائمة التأجيل؟؟؟وكانت في كل مرة تزورنا لمباشرة عملها تندب حظها معتبرة أن المؤسسات الاستشفائية الحكومية الممولة من ضرائب وخدمات المواطن لا تعامل المواطنين على قدم المساواة،فالأسبقية لصاحب الجاه والنفوذ المالي والسياسي،وللعلاقات والأكتاف والذي تقضى حاجته في لمح البصر ربما مجانا ودون اقتطاع الايصالات من أي نوع ،فتلبى حاجته ويحصل على مبتغاه وحتى على أدويته من صيدلية المستشفى،في حين تضطر ابنتها للانتظار شهرا وعشرة أيام،فأين وجه العدالة في كل هذا ياترى،حضرة الأخ الوزير؟؟؟ لم تغادر  البنت المسكينة التي ملّت مشاهدة جدران المحتشد الصحي »المستشفى الجامعي فطومة بورقيبة »بعد،والتي عانت من سوء المعاملة وقلة الحيلة،ولعل الخطير في كل هذا مطالبة الأم المجاهدة،المعدومة الامكانيات بشراء الأدوية من الصيدليات الخاصة،وهنا نسأل من الذي له الحق في التمتع والاستفادة بأدوية  صيدليات المستشفيات والتي تشترى من الصيدلية المركزية عبر فروعها المختلفة بأرقام تصعب على الحصر والضبط أحيانا؟؟؟ فمن الناحية النظرية  أعتقد بأن كل المضمونين الاجتماعيين المنتسبين للصناديق الاجتماعية عبر الصندوق الوطني للتأمين على المرض لهم الحق فيها  خصوصا اذا كانت محدودة الثمن ومتوفرة في المخزون،والحاصل الآن وهو المرعب والمبشر بقيام الساعة أن حتى المعدومين وذوي الحاجة أصبحوا محرومين منها؟؟؟ فهل توجد حقا رقابة أكيدة وشفافة على تداول الأدوية داخل المؤسسات الاستشفائية كبيرها ومتوسطها وصغيرها،وهل هناك جرد منتظم بقائمة وهوية المنتفعين   منها ولعلهم يكونون من الميسورين والأعوان لا من أصحاب الحاجة وهو ما نخشاه ولعله الحاصل فعلا فتمنح الأدوية الجنيسة وغيرها(برغم محدودية ثمنها) لمن لا يستحقها من العاملين،ومن المتنفذين الاداريين والسياسيين ولأقاربهم ومعارفهم؟؟؟ في ختام هذه الرسالة النابعة من هموم وشجون هذه الأم المجاهدة،المثالية،المكلومة، التي عوملت وابنتها كمواطنتين تونسيتين من درجة ثانية،أو حتى ثالثة  نرجو من جنابكم الوقوف على هذه النجاوزات وغيرها كثير التي تحرم المواطنين من ثمارالتنمية الوطنية والتي تحولت من حق الى منة،في انتظار تغييبها الحقيقي،والتفضل بتمكين أصحاب الحقوق من حقوقهم المشروعة استقبالا ورعاية وعلاجا ومتابعة وأدوية حتى نكون معكم حقا بخير؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟  

في المدة النيابية الحالية للمجالس البلدية  حل 5 مجالس ..إعفاء رئيسين وتخلي 4 عن النيابة

 


والأكيد أن هذه المجالس وكذلك سكان البلديات يتساءلون اليوم: «بماذا دخلت المجالس البلدية..وبماذا خرجت؟» أي ماذا قدمت طيلة المدة النيابية التي امتدت على مدى 5 سنوات والتي شهدت حل ما لا يقل عن 5 مجالس بلدية وتعيين نيابات خصوصية بدلا عنها وكذلك إعفاء رؤساء بلديات من مهامهم وتعويضهم بنواب لهم وذلك لعدة أسباب تندرج جميعها في خانة عدم القيام بالواجب إضافة إلى تخلي بعض رؤساء البلديات عن مهامهم هذا إضافة إلى «التخلي المادي» لأغلب المستشارين عن القيام بدورهم.  
والأكيد أن السبب الرئيسي لحل مجلس بلدي منتخب أو إعفاء بعض أفراده من مهامهم هو عدم تحمل هذا المجلس أو المسؤول الأول عنه لمسؤولياته كاملة وانصرافه عن مشاغل منتخبيه وسوء التصرف وغير ذلك من الأسباب التي لم ترض لا المواطنين ولا السلطة التنفيذية التي كانت تأمل في ضمان مناخ عيش أفضل للمواطنين وبيئة سليمة وتفهم لمشاغل وتطلعات المتساكنين في المنطقة البلدية. يذكر أن عمليات حل المجالس البلدية تتم بقرار رئاسي وبمقتضى القانون الأساسي للبلديات وكذلك المجلة الانتخابية. واثر حل المجلس البلدي يتم مباشرة تعيين نيابة خصوصية يكون على رأسها عادة معتمد الجهة.  
وخلال المدة النيابية البلدية 2005-2010، تمّ حلّ ثلاث دوائر بلدية سنة 2007 وهي حمام الأنف وحلق الوادي وزغوان وتم إجراء انتخابات بلدية جزئية يوم 9 ديسمبر من نفس السنة عملا بأحكام المجلة الانتخابية التي تنص في فصلها 161 على الاتي: «في صورة تسمية نيابة خصوصية طبقا للقانون الأساسي المتعلق بالبلديات يقع انتخاب أو إعادة انتخاب المجلس البلدي خلال سنة من تاريخ تسمية النيابة الخصوصية وذلك بصرف النظر عن الأحكام المخالفة لهذا.ولا تنظم الانتخابات إذا كانت المدة المتبقية للتجديد العام للمجالس البلدية لا تفوق اثني عشر شهرا»..كما تم حل المجلس البلدي بقصور الساف من ولاية المهدية في صائفة 2008 (لم تجر إنتخابات جزئية !!!) .ثم وفي 29 أكتوبر الماضي تم بمقتضى الأمر عدد 3135 لسنة 2009 حل المجلس البلدي بسيدي بوسعيد بعد تقرير في الغرض يشير إلى «ما آل إليه الوضع بمجلس بلدية سيدي بوسعيد نتيجة عدم انسجام رئيس البلدية مع محيطه الداخلي والخارجي». وإضافة إلى حل هذه المجالس البلدية وتعيين نيابات خصوصية، نلاحظ أن النيابة البلدية 2005-2010 شهدت كذلك إعفاء رؤساء بلديات من مهامهم دون حل المجلس البلدي من ذلك إعفاء رئيس بلدية التضامن -المنيهلة من مهامه وإعادة توزيع المسؤوليات بين أعضاء المجلس واختيار رئيس جديد للبلدية وذلك على خلفية قضية متعلقة بهدم عدد من المنازل دون وجه حق.
كما تم يوم 12 جانفي الماضي إعفاء شيخ مدينة تونس السيد عباس محسن من منصبه وتعيين نائبه السيد محمد الباجي بن مامي خلفا له ويعتقد أن سبب الإعفاء يعود إلى عدم تسهيل عمل فريق إعلامي في برنامج تلفزي.
وشهدت بلديات أخرى تغييرا على رأسها بسبب قانون التفرغ حيث قدم رؤساء بلديات كل من توزر ومنوبة وباجة ورواد استقالاتهم بسبب استحالة تفرغهم للعمل البلدي.
ونحن على أبواب انتخابات بلدية جديدة،المطلوب من المترشحين ومن الأحزاب المرشحة لهم أن يعتبروا جيدا من الأسباب التي أدت إلى حل هذه المجالس البلدية أو إعفاء مسؤوليها من مهامهم .وأن تعمل على تجاوز الاخلالات والاقتراب أكثر من هموم المواطن وحاجياته. وخاصة الالتزام بتنفيذ المشاريع المعلن عنها والبحث في سبل تنمية الجهة والنهضة بها والعناية بالبيئة وتكثيف الجهود وحملات التوعية والتحسيس بما يؤمن الحفاظ على سلامة البيئة والمحيط في مختلف المدن والأرياف…والأهم حسن اختيار المسؤولين البلديين والمستشارين حتى يقدموا ما لديهم من امكانيات وخبرات لفائدة المجموعة والابتعاد عن «الحسابات الضيقة» ومحاولة استغلال مناصبهم البلدية لأغراض شخصية…  
سـفـيـان رجب
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 6 فيفري  2010)

ضباب         

  رجعت ولم تنحن(ي) كالصّغار رجعت ورأسك مرفوعة لا غبار سيبقى الكبير سليل الكبار ويبقى الصّغير سليل الصّغار كسرت كغيرك هذا الجدار وأكّدت أنّ الحياة انتصار وليْست كما قال بعضٌ هزائم عار وأنّ الرّجوع رجوع اندحار وإلاّ بقاء وطول انتظار وعدت تفجّر فينا قنابل وعي وأشعلت نار فلا بدّ من هدم هذا الجدار فقد صار سدّا منيعا لأيّ انتصار وجمّد فينا التّحوّل والابتكار وأضحى سوادا يلفّ النّهار فلا بدّ من هدمه كي نعيد البناء بناء جديدا يؤسّس للانتماء وترجع فينا الحياة وينبض قلب وتغلي دماء فإمّا نهوض وإمّا فناء تمّهّل أخي قد دخلت الحرام وأمر خطير كهذا الكلام وما الفرق بين الّذي قلته والعدى والنّظام كلام خطير كموج البحار ولا يركب البحر إلاّ العظام وماذا جنينا بطول المقام سوى الانتظار وكثر الكلام وماذا جنينا وراء الإباء سوى أنّنا نحو درب الفناء فلا بدّ من صرخة في السّماء لكي يستفيق النّيام فهذا البناء هوى بالهوى وما عاد يحمي الظّهور الإباء فهيّا نهدّم هذا البناء ونبني بناء جديدا يعيد الرّجاء أساس البناء متين عميق وصلب صلابة طول السّنين وزيتونة بارك اللّه فيها أتت أكلها كلّ حين ومخضرّة عبر هذي القرون جذور تسطّر تاريخنا كي نكون وأغصانها قد حكت ما لقي المؤمنون نضالاتنا سطّرتها السّنون جهاد عذاب سجون قروح جراح منون ومنفى يغذّي الحنين فمنها رضعنا وصرنا الرّجال وخضنا المعارك خضنا النّضال وكانت لنا مثل أمّ حنون أعند الرّخاء لها طائعون وعند البلاء لها جاحدين وصرنا نريد لها الموت حتّى نكون بثوب جديد وفكر جديد فقد طال فينا الخمود وأشباه موتى بهذا الوجود فلا بدّ من صدمة بعدها نستفيق وينبض قلب وتجري الدّما في العروق ويستيقظ العقل بعد الخمود ونكسر أغلالنا والقيود كلام جميل ولكنْ ثقيل وصعب المنال وقل مستحيل أنقتل أنفسنا كيْ نكون وجدّك هذا لأصل الجنون   الأخضر الوسلاتي         باريس فيفري 2010        

الفيلم الإيراني ووجه السوق…


خميس الخياطي   تقام في تونس حاليا، وتحديدا في دار الثقافة ابن رشيق، الدورة السادسة لأسبوع الفيلم الإيراني الذي ترعاه سفارة «الجمهورية الإسلامية» بالتعاون مع وزارة الثقافة والمحافظة على التراث…   بغض الطرف عن الأفلام وقيمتها والغرض من هذا المهرجان واستمراريته، لفت انتباهي عنوانان في هذه التظاهرة. الأول هو عنوان المعرض الذي يقام في بهو دار الثقافة : «ثلاثون سنة من السينما الإيرانية في الصور الفوتوغرافية»، والثاني هو عنوان الندوة السينما الإيرانية عبر ثلاثة عقود… في كلا العنوانين، نستخلص أن السينما الإيرانية لم توجد ولم تتطور إلا منذ نهاية السبعينات ومع حلول الجمهورية الإسلامية…  الصحف التونسية لهذا الأسبوع، بجميع اتجاهاتها، أشبعت هذه السينما إشادة وانبهارا كما لو أنها لم تكن موجودة من قبل وكأن صحفيينا وأهل السينما بديارنا لم يشاهدوا نتاج هذه السينما إلا منذ السنين القليلة الماضية، هذه السينما كظاهرة وكصناعة وكبضاعة للاستهلاك وكاتجاهات فنية وفكرية ليست وليدة الثورة الخمينية، بل طلت بوادرها منذ بداية القرن الماضي وتحديدا في العام 1900… ومما ساعد على تأهيل السينما في هذا البلد ثقافته الدينية عبر «مأساة الحسن والحسين» وما إنجر عنها من تجسيد فرجوي له مفرداته (النار، الصحراء، الماء، الضياع، الخيانة إلخ…) غير أن الأمور لم تكن بالسهولة هناك ايضا. لقد عرفت أيران وجود قاعات سينما لها مداخل مختلفة للنساء عن الرجال… ذلك أن من مأساة الصورة السينمائية أنها لن تكون إلا حين يحل الظلام… والظلام منبع لكل الفرضيات المريبة القاتلة وخاصة للشك. وحينما يحل الشك ولغرض التماسك الاجتماعي باسم البقاء على الهوية، تعلو أصوات التراجع، تكون السينما إحدى الضحايا… منذ تلك الفترة حتى العام 79 من القرن الماضي، كونت السينما الإيرانية لنفسها تراكما فيلميا عدديا وقيميا وفنيا به تيارات فنية وفكرية، به صناعة لها مخرجوها ونجومها ونقادها وبالتالي جمهورها… ففي منتصف الخمسينات، كانت لإيران أكثر من عشرين شركة إنتاج سينمائية بأفلامها التي عرض البعض منها في المهرجانات العالمية وكانت را بع إنتاج في العالم بعد أمريكا والهند وفرنسا… فهي لم تكن «جاهلية» سينمائية كما يظن البعض ويروج تحت تأثير «بروباغندة» ألجمهورية الإسلامية… «روح الله» ومنها روح السينما فعلاوة عن الناقد والسينمائي «فاروق جعفري»، عديد المثقفين الإيرانيين (مثل صمد بهرنجي وعلي شريعتي وجلال علي أحمدي وبعدهم بكثير، مثل المنظر دريوش شاياغان) كان لهم الدور الفاعل في تطور السينما الإيرانية حتى تكون تعبيرا صادقا عن حياة البلاد، فأنتجت أفلاما أمضاها مخرجون مهمون أمثال أفلام دريوش مهرجوي والصديق «بارفيز كيميافي» ومعهما صهراب شديد سالس وعباس كياروستمامي وبهمان فرمانارا ومحسن مخمالباف وأخرون كانوا قد كونوا سينما «مختلفة» عن السينما التجارية التي كانت تنتج ستين فيلما في السنة (ما يعادل الإنتاج المصري) دون أن تكون لها سوق قومية ما عدا الجالية المتواجدة بأمريكا… بعجالة، لم تكن إيران مكانا هادئا لسينما تجارية فقط.. لقد أنتج، على سبيل الدلالة، تيار «السينما المتفاوتة» (البديلة) أكير من 800 فيلم نضالي مقاس 8 ملي… وكان عدد العاملين في حقل السينما في العام 1977، 40 ألف شخص، وكان هناك حوالي 900 دار عرض سينمائي، وكان بطهران وحدها 88 دار عرض (أي ما كان موجودا بكامل تراب الجمهورية التونسية أنذاك)، وكانت السينما واحدة من أهم عشر صناعات في القطاع الخاص الإيراني… هذا الحراك قبل انتصاب الجمهورية الإسلامية هو الذي جعل عديد السينمائيين الإيرانيين يقفون مع الثورة,,, وقد وصف لي «بارفيز كيميافي» حالة الشوق التي كانت تسكنه وهو يصاحب آية الله روح الله الخميني» إلى إيران… وككل المثقفين الذين لا تنفعهم تجارب الآخرين… رجع كيميافي إلى باريس يعد اقل من سنة من عودته إلى وطنه فيما أستقر البعض الأخر بين الجالية الإيرانية في كاليفورنيا… السينما الإيرانية؟ هي «المكان الذي يشاهد فيه الناس الأفعال الشائنة على ا لشاشة، ويرتكبون الخطيئة في الظلام»، هكذا عرف روح الله الخميني السينما في واحدة من محاضراته عام 1962 عند افتتاح قاعة بمدينة قم… أحرقت القاعة ولم تمت السينما… وحينما عاد «روح الله» إلى إيران في العام 79، وكانت السينما موجودة بكثافة، لطف من تهمه وقبلها على «أن تستعمل في محلها»، صحيح أن طبقة الملاة لم تكن كلها على شاكلة «روح الله» الذي أمر بتجريد اصحاب دور العرض من ملكياتهم ومنع حوالي 80 في المائة من الممثلين والممثلات من العمل وأممت السينما… كان ذلك مع منع الموسيقى وحرق الكتب وفتوى «الآيات الشيطانية»… إلا أن سياسة الدولة واستعمالها للسينما جعلها تستعيد عافيتها بعد شق صحراء الجدب الإنتاجي الحر إلا في ما ندر… وما نشاهده اليوم من أفلام بعضها جيد مثل أفلام مسعود دهنمكي وسميرة مخملباف وجعفر بناهي ورخشان بني إعتماد وآخرون وأخريات لا يمثل أكثر 5 في المائة من الإنتاج العام… كما لو أن مشاهدا من «المريخ» أعجب بفيلم للنوري واخر لبوغدير وتالث لمفيدة ورابع للباهي وخامس لناجية بن مبروك واستخلص أن هناك سينما تونسية جريئة وبصحة وعافية… هو وجه السوق لا أكثر ولا أقل.  
إعلامي تونسي maiskhe@gmail.com (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 6 فيفري  2010)

وهل تريدني أن أساند جلادي؟


سلوى الشرفي   تعقيبا على ردّ عبدالسلام الككلي…  
لا أستسيغ كثيرا الرّوائي والمفكّر الفرنسي «ألبير كامي» الذي افتتحت ردّك على «برجي العاجي» بمقولة له. لا أستسيغه لعلّة في أسلوبه وأخرى في طريقة تفكيره.   أسلوبه الرّوائي جافّ تقريريّ، وتفكيره يكيل بمكيالين. «ألبار كامي» كان يروّج للأنسنة غير أنه كان يستثني منها العربي الجزائري الذي كان «كامي» يعيش على أرضه كمستعمر، دون أن ينتبه إلى مأساته. لم يقدّم «كامي» شيئا يذكر للإنسان الجزائري، أما حصوله على جائزة نوبل فنحن نعرف الآن، «بفضل» أوباما، أن البعض يحصل عليها «بأبّاخ الفم» حسب تعبيرنا التونسي البليغ. «ألبار كامي» يذّكرني بما ورد في إحدى المدوّنات القانونية العربيّة التي تؤطّر أحوال الأسرة، والتي أطلق عليها أهل ذاك البلد اسم «مدونة العار»، فهي تنصّ، من بين ما تنص عليه من فعل العار، على أنّ لكل إنسان أن يتدبّر رزقه بجهده ما عدا المرأة فرزقها على زوجها، وهو ما يعني منطقيّا أن المرأة ليست إنسانا. والحقيقة أن مدوّنة العار هذه، كباقي مدونات العار في منطقتنا، لم تأت بجديد، فهي مجرّد انعكاس لفكر معيّن متخصّص في «جرائم المنطق» حسب تعبير «ألبار كامي» الذي استدلّلت به. فأصحاب جرائم المنطق يندّدون بالتعذيب، ولكنّهم يبرّرون، بل ويستسيغون، ضرب المرأة وقطع الأعضاء البشريّة. وهم يطالبون بحقهم كمواطنين في المشاركة في تسيير الشؤون العامّة، ويستثنون من هذا الحق النساء، لأن القوم لن يفلحوا إذا ولّوا أمرهم امرأة. ويشجبون معاملة المواطنين بمكيالين، غير أنّهم يعتبرون البعض منهم مواطنين من درجة ثانية عليهم قبول هذه الدرجة وهم صاغرون. هم يرفضون الأمير القائم بدعوى تسلّطه، ويهلّلون للأمير الطّامح ويشرّعون لطاعته وإن ضرب الظهر وأخذ المال. وقائمة تناقضاتهم الأخلاقية، قولا وعملا، المؤدّية إلى جرائم المنطق تطول. وخلاصة الأمر أن هذه الجماعة الفكريّة ترى القشّة في عين العدّو الفكري ولا ترى العارضة التي في عينها. وفكر جماعة «ناس فرض وناس سنّة « هذه، عاجزة حتى عن تحديد المصطلحات المترادفة. فكلمة كفر، التي انزعج منها معارضي، لا تختلف في معناها عن كلمة الخيانة أو العمالة. إنّها كلمات يلجأ إليها كل متسلّط بالرأي لوصف خصمه الفكري في إطار التمهيد والتبرير لشن حرب استباقيّة عليه. فإذا كانت المسمّيات مختلفة والمسمّى واحدا فلماذا، يا ترى، يتحرّج مخاطبي من مسميّات دون أخرى؟ لماذا يقبل كلمة خائن وعميل ويرفض معادلتها بكلمة كافر ؟ هل يكون المزعج في كلمة كفر هو مرجعها الإيديولوجي بالنسبة لمن يرفض «إقحامها» في معجم الخيانة والعمالة كطريقة لتبرير الاعتداء على المعارض؟ هل يعتبر أنه من الشرعي، بالنسبة إليه تكفير المختلف عنه، ومن الظلم أن يخوّن خصمه المختلفين عنه؟ تلك هي حال كلّ من كبّل نفسه بإيديولوجية معيّنة، بأسمائها وتصوراتها ومقولاتها، غير أن المتحرّر منها لا تهمه غير المعاني، أمّا أسماؤها، أي لباسها وجلابيبها الفضفاضة، فيتركها لبن لادن، مثلا، ليكسي بها معانيه حتّى لا تظهر فاضحة بتماثلها مع معاني جورج بوش مثلا. ولو كان الشارع عالما بخفايا اللعب على الكلمات والرموز، ذاك اللعب الهادف أساسا للتلاعب بالمعاني، لما هلّل لبعض المتسلّطين وثار على البعض الآخر. المستثمرون في الشارع والمستفيدون من هستيريته يريدون من المثقف أن يخرج من برجه لمساندة شارعهم، أما إذا كان خروجه يهدف إلى نقد الشوارع الواقعة تحت سلطة جميع الأفيونات، بما فيها أفيونهم، فذاك ما لا يروق لهم البتّة. هؤلاء هم أحوج المثقفين إلى الصعود إلى برجهم، لعلّ المسافة تقشع عنهم الخدع البصريّة، فيرون العارضة في عيون جماعتهم. وفي النهاية ما هو المطلوب منّي فعله حتى يرضى عنّي معارضي ؟ هل يريد منّي أن أتمثّل ب»إميل زولا» للتنديد فقط ببعض المتسلّطين دون غيرهم ؟ أي بكل وضوح هل يريد منّي، كامرأة، أن أستثني جلادي بالذات من بين الجلادين؟  
أستاذة الإعلام بالجامعة التونسيّة saloua.charfi75@gmail.com
 (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 6 فيفري  2010)  

المحكمة تؤجل النظر في قضية المهاجر قاتل ابنه ببلجيكا

   


  وخلال الجلسة حضر محاميا المتهم وطلبا الإفراج عن منوّبهما كما طلبا عرض الاختبار الطبّي الذي أجري على جثّة القتيل على الطبيب الشرعي التونسي لإبداء رأيه فيه لأنه حسب ما ذكر الدّفاع انبنى عليه اتهام منوّبهما، ولكن ممثل النيابة العمومية رفض مطلب الإفراج، وبالمناداة على ورثة الهالك لم يحضر أيّ منهم ولذلك طلب ممثل النيابة العمومية تأجيل المحاكمة لإعادة استدعاء الورثة، فحجزت المحكمة القضية للنظر في المطلبين الشكليين والمتمثلين في الإفراج عن المتهم وعرض نتيجة الاختبار على الطبيب الشرعي التونسي، وتحديد موعد الجلسة القادمة. «حرقان» فزواج فاشل محمد أمين طفل الثلاث سنوات ولد في ظروف غير عادية ومات في ظروف مأسوية… ولكن قبل الخوض في الحديث عن مأساة هذا الطفل نشير إلى أن والده سافر خلسة إلى إيطاليا منذ حوالي عشر سنوات ومنها تسلل إلى بلجيكا. لما بلغ بلجيكا استقر بمدينة لياج وشرع شأنه شأن بعض الشباب الذين يعيشون بأوروبا بطريقة غير قانونية في السعي للتعرّف على امرأة تحمل جنسية البلد الذي حطّ فيه الرّحال لتنقذه من العيش في «النّوَارْ»… وهذا ما فعله المهاجر، حيث تعرّف على امرأة بلجيكية وعاشا معا وأثمرت علاقتهما ولادة الطفل محمد أمين ولكن الأم ما لبثت أن هجرت محل الزوجية بعد أقل من شهر على قدوم محمد أمين للحياة، وتكفّل الأب بحضانة طفله حتى بلغ سن الثالثة. الليلة السّوداء يوم 13 فيفري 2009 أخذ الأب ابنه إلى فضاء ترفيهي قريب من منزله وبعد ما قضى الطفل ساعات في اللهو واللعب عادا إلى المنزل فأخلد الأب للنوم فيما بقي الابن يلعب وفي الأثناء أفاق والده وقذفه بحذاء، ويبدو أن الإصابة كانت خطيرة لأن حالة الطفل تعكّرت وفي صباح اليوم الموالي عثر عليه جثة هامدة وأمام ما حدث وجد الأب نفسه حائرا فاتصل بصديقته المقربة وهي فتاة بلجيكية وأعلمها بما حدث فنصحته بأن لا يُبلغ السلطات الأمنية خاصة وأن إقامته غير شرعية فقرر أن يدفن ابنه ويدفن معه السر فوضعه في حقيبة وحمله مع صديقته إلى غابة بمدينة لياج وهناك حفر له قبرا ووارى جثته التراب ثم عاد إلى تونس وظنّ أنه دفن السرّ إلى الأبد. لما كان الأب بتونس فتحت السلطات البلجيكية بحثا تحقيقيا حول اختفاء الطفل محمد أمين وكانت صديقة الأب هي الخيط الذي كشف الحقيقة، فصدرت برقية تفتيش دولية لإيقاف الأب المشتبه به. وتم اخراج جثة الطفل وعرضها على الطبيب الشرعي البلجيكي فجاء بنتيجة الاختبار أنّ الجثة تحمل الكثير من الكدمات بالرّأس والظهر والصدر والأطراف الأربعة تعود إلى وقت قصير من وفاته، وأن سبب الوفاة راجع إلى تعرّضه للضرب، كما صرح بعض الشهود الذين يقيمون بجوار المظنون فيه أن هذا الأخير متعوّد على الإساءة لابنه كما عاين المحقّقون بعض الدّماء العالقة بالمنزل وهي دماء محمد أمين. وأمّا المتهمة الثانية في القضية وهي الفتاة البلجيكية فقد أصرت على أن صديقها المهاجر أرغمها على التستر على الجريمة وكذلك على مرافقته إلى الغابة لدفن جثة الطفل. وأمّا المهاجر فقد سلم نفسه للسلطات الأمنية بتونس خلال شهر مارس 2009 وكانت دائرة الاتهام وجهت له تهمة الضّرب الناجم عنه موت دون قصد القتل طبق أحكام الفصل 208 من المجلة الجزائية. وفي جلسة يوم 6 فيفري الجاري تم تأجيل محاكمته.
مفيدة القيزاني  (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 6 فيفري  2010)  

الرابطة الليبية لحقوق الإنسان

ليبيا: على الأجهزة الأمنية احترام ٔاحكام القضاء وٕاخلاء سبيل المحتجزين فى سجونها

٨ فبراير ٢٠١٠


١. تابعت الرابطة الليبية لحقوق الإنسان مداخلة العقيد القذافى المفاجئة امام « مؤتمر الشعب العام » يوم الخميس ٢٨ يناير ٢٠١٠ والتى أعلن خلالها، ضمن ما اعلنه قرارره الإبقاء رهن الإعتقال، فى سجون خاصة بالمبّرئين قضائيا تابعة الى الأجهزة الامنية، على أكثر من ٣٠٠ سجين رأي برّأت المحاكم الليبية عددا كبيرا منهم وانهى البقية مدد عقوبتهم. ويبدو ان العقيد القذافى قرر مخاطبة « المؤتمر » عقب إطلاعه على مداخلة من وزير العدل، المستشار مصطفى عبد الجليل، طالب فيها المؤتمر بإعفائه من منصبه لكونه غير قادر على القيام بمهامه الوظيفية، خاصة تلك االمتعلقة بمسؤوليات وواجبات وزارة العدل في إرساء دعائم العدالة وإحقاق الحق. وقد علل الوزير ذلك « بعدم قدرة اللجنة الشعبية العامة للعدل على تنفيذ أحكام صدرت بالبراءة من أعلى المحاكم الليبية بحق 300 مواطن ليبي لا يزالوا يقبعون في السجن (…) وصدور أحكام بالإعدام في جرائم قتل تم الافراج عن الجناة دون موافقة ولي الدم »، اي اهل الضحايا والتى اعتبرها الوزير تدخلا غير مبرر فى شؤون القضاء وتجاوزات لا بمكن قبولها كونها تمس جوهر مهمة ورسالة وزارته. وقد تميزت مداخلة الوزير بالطابع القانونى والقضائى واجتناب اللجوء الى اللغة الخشبية فى مخاطبته الى أعضاء « المؤتمر ». ٢. وقد اعتبر العقيد القذافى فى الجزء من مداخلته الذى خصصه للتعليق على ماورد على لسان وزير العدل بان كلام الوزير « سليم ، ومن حقه، لكن في غير محله ». واضاف العقيد القذافي ان السجناء « الذين قال أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل {وزير العدل} عنهم أنهم أنهوا المدة ولم يتم إطلاق سراحهم، بعد أن استفسرت، وجدت أن هؤلاء الناس من الزنادقة الإرهابيين (..) تقريبا كلهم تبع القاعدة، تبع بن لادن والظواهري، وقاموا بعمليات قتل لعدد من الليبيين شرطة ومدنيين ». واعتبر العقيد القذافي ان هؤلاء السجناء « خطرون لا تنطبق عليهم نصوص القانون. فمن سيتحمل مسؤولية الافراج عنهم ». وأشار العقيد القذافي ان المحكومين بالاعدام هم تسعة كان اصدر هو نفسه عفوا عنهم. وقال « انها حالات دفاع مشروع عن النفس في جرائم شرف ». واضاف « ينبغي تغيير القوانين. لا يمكن ان ندين احدا بالاعدام لانه قتل دفاعا عن حياته وشرفه ». هذا أهم ما جاء فى تعليق العقيد القذافى على كلام المستشار مصطفى عبد الجليل وهو تعليق، اقل ما يمكن القول فيه انه غير دقيق. فمثلا عند الإشارة الى انخراط هذه المجموعة فى صفوف القاعدة لم يأت العقيد القذافى بجديد لان كل الناس تعرف ان تهمة الإنتماء الى القاعدة هي التهمة الأساسة التى وجهت الى اغلب افراد هذه المجموعة والتى من اجلها قدموا الى المحاكمة وصدر ضد افرادها احكاما قضائية بعقوبات مختلفة، بناء على تحقيقات اجرتها الأجهوة الأمنية معهم وأيضا القضاء . كذلك فإن القول ان هؤلاء المساجين « قاموا بعمليات قتل لعدد من الليبيين شرطة ومدنيين » فهو شيء مهم ان يعرفه الرأي العام، إلا انه ليس من مهام الاجهزة الامنية ولا من اختصاصها ان تقررسجن أو طرق معاقبة من قاموا بهذا العمل مهما كانت درجة خطورته لأن هذه المهام تقع فى صلب اختصاص القضاء الذى وحده له حق البث فى جميع انتهاكات القانون، بدون استثناء،و اصدار الأحكام المناسبة ضد مرتكبيها. أما أجهزة الأمن فتقتصر مهامها فى ميدان القضاء على تنفيذ الأحكام الصادرة من المحاكم و تحت إشرافها وهي لا تتمتع بحق الطعن فى مايصدر عنها او « حق فيتو » على احكامها وإلا ما لزوم القضاء أصلا!. هذا هو باختصار الإشكال القانونى الذى يتوجب حله عن طريق إخلاء سبيل هذه المجموعة من سجناء الرأي من قبضة الأجهزة الأمنية ووضع جميع السجون تحت الإشراف القضائى العادل وحث وتذكير اجهزة الدولة بوجوب تقيدها بالقانون عند تأديتها لمهامها والقيام بواجباتها فى نطاق القانون وليس على حساب القانون. ٣. تخشى الرابطة ان يتطور النقاش الدائر الآن حول مهام الأجهزة الأمنية وتغوّلها على حساب جهاز القضاء و تهميشه، باسم الامن والإستقرار والسلم المدنى و ان يؤدى الى الإنقضاض على ما تبقى من دولة القانون واستبدالها كلية بدولة اجهزة الأمن التى تبدو هذه الأيام وكأنها أكثر تناغما وانسجاما، خارج نطاق القانون طبعا، مع رغبات اصحاب القرار فى الدولة. وتخشى الرابطة كذلك أن يؤدى هذا التغول وهذا التناغم، فى ظل الغياب التام للرقابة القضائية المستقلة، الى المزيد من الإنتهاكات على طريقة الإبقاء عن المزيد من المبرئين قضائيا داخل سجون تابعة لأجهزة الامن من جهة والى مزيد من عدم الإستقرار فى صفوف المواطنين نتيجة الإحساس بعدم الإطمئنان من جهة اخرى وهي الوصفة المثلى لاندلاع العنف وعدم الإستقرار وهما العاملان الأساسيان اللذان سوف تستعملهما الأجهزة الأمنية، إذا ما سمح لها بالإستمرار فى انتهاك القانون، لتعزيز مكانتها السياسية وفرض شروطها ليس على القضاء فحسب بل ايضا على القيادة السياسية برمتها. ولابد ان نتذكر دائما أن الأجهوة الامنية فى الدول ذات الأنظمة السياسية غير الديموقرطية تستمد قوتها أساسا من عدم الإستقرار ومن الإستبداد ومن إضعاف دولة الحق والقانون وتهميشها. فمتى اتسع هامش عدم الإستقرار واستبعد القانون تعززت سلطة الاجهزة الأمنية داخل هياكل الدولة الشمولية وقويت هيمنتها. وفى المقابل فان أكثر ما تخشاه الأجهزة الامنية فى الدول غير الديموقراطية هو إعادة الهيبة للقضاء والإعتبار لاحترام القانون وحقوق الإنسان والعمل على إرساء قواعد دولة الحق والقانون. وهي كلها عوامل تتناقض مع كثير مما تقوم به هذه الأجهزة مثل التصفيات الجسدية ومراقبة وملاحقة الخصوم السياسيين و الإعتقال خارج نطاق القانون وتعذيب المساجين والتجسس على المواطنين ومراقبة حركاتهم والقيام باعمال غير مشروعة أخرى مثل نشر الفساد المالى والإدارى والأخلاقى لا تقرها حتى » المقولات الثورية » للنظام. ٤. لقد ان الأوان ان تتخذ الدولة الإجراءات المناسبة للحد من انفلات سلطة الاجهزة الأمنية وتغولها داخل المجتمع وجعلها تقوم بمسؤولياتها وواجباتها الوطنية دون الإخلال بمبدأ الحرية والممارسة الديموقراطية وإلزامهابالتقيد خلال قيامها بواجباتها باحترام القانون وتنفيذ الإختصاصات الأمنية بشكل مقبول وعدم الإعتداء على حرية الفرد واحترام حقوق الإنسان “إذا ما اريد للبشر الا يضطروا آخر الأمر الى اللجوء الى التمرد على الطغان والإضطهاد”(من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان). ان العلاقة بين حقوق الإنسان والامن هي علاقة متشابكة. فتعزيز احترام حقوق الإنسان يعني فى الأساس تطبيق واحترام القانون وتوسيع هامش الحرية في جميع الميادين وتعزيز ثقافة التسامح واحترام الرأي الاخر، والتداول السلمي للسلطة، والبناء والاعمار والرفاهية وهي ايضا عوامل أساسية فى تعزيز أمن المواطن واستقرار الدولة وانخفاض الجريمة بجميع أنواعها. ولا يساور الرابطة شك فى أنه فى حالة ما إذا أعمل العقل والحكمة والقانون فى أعمال وتحركات أجهزة الأمن في آدائها لمهامها فسوف تتضائل آنذاك احتمالات التناقض بين الأمن واحترام حقوق الإنسان والعدل بصفة عامة. وسوف يتلاشى هذا التناقض كلية حين تفرض الدولة على الجميع رقابة إدارية وقانونية وإعلامية شفافة وإلزام أجهزة الأمن بممارسة مهامها القانوينة، التى لا يمكن لاي دولة عصرية الإستغناء عنها، في إطار القانون واالعدل والحرية واحترام حقوق الإنسان تحقيقا لمصالح الليبيين العليا ومن أجل وضع ليبيا علىي الطريق الصحيح نحو الأمن والاستقرارالحقيقى والرقي والتقدم والتى تجعل فى النهاية من اي ازدهار للأجهزة الامنية ازدهارا للقانون والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.  
٨ فيراير ٢٠١٠
 


إسبانيا تستثمِـر رئاستها للإتحاد الأوروبي لمحاولة تحقيق اختراقيْـن في الجنوب


اقترحت مدريد يوم 5 يونيو المقبل، تاريخا للقمة الثانية للإتحاد من أجل المتوسط في برشلونة، على أن تسبقها مناقشات تُجْـرى في برلمانات البلدان الأعضاء والبرلمان الأوروبي في اليوم نفسه، لوضع اقتراحات تركِّـز على المستقبل. فماذا في جُـعبة الإسبان الذين تسلّـموا في مطلع السنة الرئاسة الدورية للإتحاد الأوروبي؟ « رئاسة كُـبرى »، « رئاسة استثنائية »، « رئاسة تتركُ أثرا في التاريخ »… بهذه العِـبارات الفخمة، يتعاطى الإسبان مع رئاستهم للإتحاد الأوروبي، التي بدأت مطلع السنة وتستمِـر حتى أواخر يونيو المقبل. ويتردّد على ألسنة مسؤوليهم في هذا السياق، تاريخ نوفمبر 1995، بوصفِـه لحظة تتْـويج لرئاستهم للإتحاد الأوروبي، التي أبصرت ولادة مسار برشلونة، وهُـم لا يُخفون إصرارهم على عقْـد مؤتمر القمة الثاني للإتحاد من أجل المتوسط في برشلونة يوم 5 يونيو المقبل، بُغية إخراجه من غُـرفة العناية الفائقة التي وُضع فيها في أعقاب عملية « الرّصاص المسكوب » الإسرائيلية على قطاع غزة. ومع إقرار أندرو كلاريت Andreu Claret، مدير « المعهد الأوروبي للبحر المتوسط » (مقرّه في برشلونة) بأن مسار برشلونة صفحة طَـواها التاريخ، فإنه يُشدِّد على أن أهدافه والقِـيم التي بُـنِـي عليها، لا زالت صحيحة وتكتسي طابعا راهِـنا. وقال لـ swissinfo.ch، إن على الحكومة الإسبانية أن تنطلِـق من إرث العمل المُـشترك الأوروبي المتوسّطي، لكي تُكرِّس زعامتها وتقترح مُـبادرات تبقى راسِـخة في التاريخ وتتجاوز فترة الأشهُـر الستة التي تستغرقها رئاسة الإتحاد الأوروبي. وعلى هذا الأساس، اعتبر كلاريت أن علاقات الإتحاد الأوروبي مع البلدان المتوسطية، التي كانت طرفا في مسار برشلونة، هي « حجر الزاوية في رئاسة إسبانيا للإتحاد »، وهي رُؤية تحتمِـل ربّـما بعض المبالغة، لأن مدريد تُـواجه مصاعِـب جمّـة لترويض شُـركائها على الالتزام ببُـنود معاهدة لشبونة وما يترتّـب عنها من تغييرات مؤسَّـسية في الإتحاد. الهندسة المؤسسية الجديدة
 
ويُنبِّـه حسن أبو أيوب، السفير المغربي السابق لدى فرنسا، إلى التحدِّيات الكُـبرى التي تُـواجهها الرئاسة الإسبانية في ظِـلّ مناخ دولي مُـلبّـد بالأزمات، وفي مقدِّمتها إدارة المسار الأوروبي للخروج من الأزمة الاقتصادية العالمية، مع وجود عناصِـر من شأنها تعقيد الوضع الاجتماعي، بناءً على التّـفاقُـم المُتوقّـع للبطالة في الدول المُصنعة (19% بحسب يوروستات)، من دون آفاق واضحة لحلِّـها. وأشار أبو أيوب في تصريح لـ swissinfo.ch إلى مُـقتضيات مُـتابعة نتائج مؤتمر القمة الخاص بالمناخ، الذي عُقد في كوبنهاغن وكذلك ضرورة انطلاق مُـفاوضات الدوحة مجدّدا بعد الاجتماع الوزاري الذي عُقد في نوفمبر الماضي، ممّـا يتطلّـب من إسبانيا العمل على تذليل أزمة المفاوضات التجارية متعدِّدة الأطراف. لكن في المجال المتوسطي أيضا، توقع أبو أيوب أن يُـواجه الإسبان صعوبات غير مسبوقة، بالنظر للتغييرات المؤسسية التي وُضِـعت موضِـع التنفيذ تطبيقا لمعاهدة لشبونة، « على رغم ما أثبتته مدريد خلال الرئاسات الثلاث السابقة للإتحاد الأوروبي من حذاقة وفِـطنة في السّـيطرة على مراكز صُـنع القرار في الإتحاد »، على حد تعبيره. وتساءل عن هامِـش التحرّك المُـتاح لإسبانيا لإنجاح المؤتمر الثاني للإتحاد من أجل المتوسط، من أجل وضع المشاريع التي أتى بها الإتحاد موضع التنفيذ. وفي هذا السياق، اعتبر أن مِـن أهمّ التحدِّيات التي على إسبانيا أن ترفعها في الأسابيع المُـقبلة « وقف تدهْـوُر الوضع في الشرق الأوسط بحمل إسرائيل على تجميد بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية، وخاصة القدس الشرقية، لإيجاد المناخ الملائم لاستئناف المفاوضات من أجل تكريس حلّ الدولتيْـن ». لكن، هل ستحظى أوروبا بثقة طرفيْ الصِّـراع وهي التي صارت تمثيليتها مُـنشطرة بين مركزَيْ ثِـقلهما الرئاسة الدورية (إسبانيا) والرئاسة الدائمة التي تولاّها البلجيكي هِـرمان فان رامبوي، فيما سُلِّـمت كاترين أشتون مِـقوَد الدبلوماسية الأوروبية؟ يعتقد أبو أيوب أن الشرط الوحيد لمنح هيبة لأوروبا، يتمثل في تخلِّـيها عن دور « المصرفي » الذي يُموّل الحلول التي تفرضها الولايات المتحدة و »عقد شراكة حقيقية مع واشنطن، تنعكس في خطوات عملية على ساحة المفاوضات بين أطراف النزاع ». وعلى هذا الأساس، يكتسي ملفّ العلاقات مع البلدان الواقعة على الضفة الجنوبية للمتوسط، وخاصة ملفا الهجرة والطاقة، أهمية كبيرة لإعادة الثقة بين الجانبين، واستطرادا، إعادة الرّوح إلى الشراكة الأوروبية المتوسطية في طبعتها الجديدة. وأكّـد دبلوماسي فضل عدم الكشف عن هُـويته، أن مدريد شجّـعت البلدان الأعضاء في الإتحاد من أجل المتوسط على مراجعة قرارات المجلس الوزاري للإتحاد الذي انعقد في مرسيليا في خريف 2008 قُـبيل اندِلاع الحرب على غزّة، والذي قرّر جعل مقر الأمانة العامة للإتحاد في برشلونة. ويتمثل اقتراح الإسبان لتخطِّـي الخلافات بين العرب وإسرائيل المُـصرّة على منحها مقعدا في الأمانة العامة (مؤلفة من ستة أمناء مساعدين)، في الاقتصار على أمين عام مساعد واحد، سيكون بالضرورة من بلدان الشمال، باعتبار الأمين العام أردنيا. أما بالنسبة لباقي العامِـلين في الأمانة التنفيذية، فاقترح الإسبان أن يكونوا من الخُـبراء التكنوقراط وأن تُعتَـمد آليات الانتداب السارية حاليا في الإتحاد الأوروبي لاختيارهم، « أي بواسطة مناظرات لا تأخذ في الاعتبار جنسية المرشحين، وإنما كفاءتهم »، مثلما شرح المصدر. ويعرف الإسبان أن هذا الاتجاه يستجيب للهواجس المالية لنُـظرائهم في الإتحاد الأوروبي، الذين أبدَوا حِـرصا كبيرا على الحدّ من نفقات الأمانة العامة وضمان نجاعة العمل وسُـرعته في الآن نفسه. خلافة فرنسا
 
بهذا المعنى، تسعى مدريد إلى العمل على واجهتيْـن مختلفتيْـن، لكنهما مترابطتان. فهي تتطلّـع لتسلم رئاسة الإتحاد المتوسطي من فرنسا، بعد تنقية الأجواء من الصِّـراعات التي خيّـمت على اجتماع مرسيليا وإعادة المبادرة إلى السكة، وتنشط أيضا على الساحة الشرق أوسطية لتقريب الشقة بين العرب والدولة العبرية، أملا في إعادة الأطراف إلى مائدة التفاوض. وفي هذا السياق علمت swissinfo.ch أن مدريد اقترحت 5 يونيو المُـقبل تاريخا للقمة الثانية للإتحاد من أجل المتوسط، على أن تسبقها مناقشات تُجرى في برلمانات البلدان الأعضاء والبرلمان الأوروبي في اليوم نفسه لوضع اقتراحات تركِّـز على المستقبل. ويجول وزير الخارجية الإسباني ميغال موراتينوس حاليا على عواصم المنطقة، مستثمرا صداقاته القديمة فيها، بَحثا عن مربّـع مشترك يُعِـيد الفلسطينيين والإسرائيليين إلى مائدة المفاوضات، من دون نسيان الأطراف الأخرى، وفي مقدمتها سوريا التي حرِص موراتينوس على الاجتماع مع رئيسها. وتتكامل مع المحوريْـن، المتوسطي والشرق أوسطي، الأولوية الثالثة للرئاسة الإسبانية، وهي مجال الحوض الغربي للمتوسط. فمدريد تعمل أيضا على عقْـد مؤتمر قمة ثانٍ لمجموعة 5 + 5، التي تضُـم البلدان المُـطلّـة على ذلك الحوض. وتتطابق هنا هواجسها مع مصالح سائر البلدان الأعضاء في الإتحاد الأوروبي، المشغولة بقضيتيْ الهجرة ومكافحة الإرهاب، إذ حاول الإسبان والإيطاليون والفرنسيون وضْـع خُـطط تعاون منفصِـلة مع البلدان المغاربية في هذين المجاليْـن. والظاهر، أنهم يعتبرون الحصيلة مُخيِّـبة للآمال أو على الأقل، غير كافية. وعليه، يُركِّـز الإسبان حاليا على إيجاد الآليات الكفيلة بتنفيذ « الإستراتيجية الأوروبية لمكافحة الإرهاب »، التي اعتمدتها القمة الأوروبية في سنة 2005. ونصّـت الوثيقة بوضوح، على تعزيز التعاون مع البلدان المغاربية في هذا المجال بوصفه « ضرورة حيَـوية » وباعتبار تلك البلدان هي المؤهّـلة قبل سِـواها للاستفادة من المساعدات الأمنية الأوروبية. وأفاد الخبير فرناندو رايناريسFernando Reinares ، رئيس كُـرسي العلوم السياسية في جامعة الملك خوان كارلوس ومدير برنامج « الإرهاب الدولي » في « المعهد الملكي » في مدريد، أن المفوضية الأوروبية اعتمدت خطّـة مُكمِّـلة في أبريل الماضي، يستمر تنفيذها ثلاث سنوات، وهي تركِّـز على مساعدة بلدان الساحل والصحراء في مكافحة الإرهاب. ورأى رايناريس في تصريح لـ swissinfo.ch أن هذه الجُـهود الأوروبية تتكامَـل مع الخيارات الأمريكية في المنطقة في مجال مكافحة الإرهاب، إلا أنها لا تقيم اعتبارا كبيرا للمعايير الإنسانية ولا تتطابق عادة مع قِـيم حقوق الإنسان، التي تأسست عليها المجتمعات الديمقراطية في الغرب. وشدّد على أن التجربة أثبتت أن مثل هذا المنهج، غير ناجع للتوقّـي من الأعمال الإرهابية ومكافحتها، بل قد يُعطي نتائج عكسية. وعليه، يتعيّـن على الإتحاد الأوروبي، حسب رايناريس، إضفاء مزيد من الشرعية على الإجراءات التي يقرِّرها، كي يضمن تنفيذ إستراتيجية الأمم المتحدة الخاصة بمكافحة تلك الظواهر في شمال إفريقيا. وتتفق الباحثة كريستينا كاوش Kristina Kausch، الخبيرة لدى « مؤسسة العلاقات الدولية والحوار » الإسبانية FRIDE مع هذا الرأي، مُضيفة أن وزْن إسبانيا وحضورها لدى بلدان جنوب المتوسط ،تراجع في السنوات الأخيرة. وعزَت ذلك التّـراجع في دراسة حصلت swissinfo.ch على نسخة منها، إلى إعطاء مدريد الأولوية للمصالِـح القومية قصيرة المدى والجوانب السّـطحية لصورتها في المتوسط، على حساب الرّؤية الإستراتيجية. كابوس المهاجرين
 
وربّـما ينبغي النظر إلى الهَـوس الإسباني بمُـعضلة الهجرة والمهاجرين من هذه الزاوية أيضا. فحكومة ثاباتيرو تعتقد أنها حقّـقت إنجازا كبيرا باحتواء أمواج المهاجرين غير الشرعيين، الذين يجتاحون أرخبيل الكناري سنويا. وطِـبقا لإحصاءات رسمية، تراجع تدفّـق هؤلاء المهاجرين في السنة الماضية إلى أدنى المستويات منذ عشر سنوات، إذ لم يتجاوز 2242 مهاجرا مقابِـل 9000 في 2008 بعد رقم قياسي تجاوز 31 ألفا في 2006 (الأرقام خاصة بالكناري فقط). واعتبر ثاباتيرو أنه « كسب المعركة ضدّ الهجرة السرية »، وعزا ذلك إلى التعاون الذي لقِـيه لدى البلدان الإفريقية المصدِّرة للمهاجرين، وكذلك للإجراءات الوقائية المتَّـخذة، وفي مقدمتها قوة « فرونتاكس » المُـنتشرة حول السواحل الإفريقية لاعتراض القوارب الناقلة للمهاجرين السريين. غير أن بعض الخبراء يُـضيفون عنصرا آخر، هو الإحباط الذي بثّـته الأزمة الاقتصادية التي تُـعاني منها إسبانيا في نفوس المقبلين على الهجرة، مستدلِّـين بأن ذِروة تدفّـق هؤلاء المهاجرين تزامنت مع الطّـفرة التي عرفها البلد بين 2005 و2007. وأيّـا كان السبب، فالمُـهم أن الخروج من الأزمة يشكِّـل هاجسا للحكومة الإسبانية، ما قد يكون عائقا أمام التفرّغ للمهمّـات الخارجية، إن على الصعيد الأوروبي أم في اتجاه العالم العربي. وتُـواجه الحكومة الإسبانية مُـعضلة إيجاد فُـرص عمل لأربعة ملايين عاطِـل عن الشغل، إذ تجاوزت نسبة البطالة 19%، ويتعيّـن عليها إدارة تداعِـيات الأزمة التي تُعتبر الأكبر منذ أزمة 1929. كما عليها أن تُحقِّـق تقدّما ملموسا في هذا المجال، خوْفا من استثمار مُـنافسيها من « الحزب الشعبي » اليميني هذه الصعوبات، لتحقيق اختراق في عمليات استطلاع الرأي، عِـلما أنهم تقدّموا بخمس نقاط في آخر سِـبر للآراء. ويتعيّـن عليها أيضا السّـيطرة على عائق آخر، يتمثل في الاستحقاقات الأوروبية الجديدة المتّـصلة بتنفيذ أحكام معاهدة لشبونة. فالرئاسة الإسبانية تتزامَـن مع مرحلة انتقالية تتّـسم بازدواجية الرؤوس والهياكل، وهو أمر ليس يسيرا. فرئاسة القِـمم سيتولاّها مستقبلا الرئيس الدائم البلجيكي هرمان فان رامبويHerman Van Rompuy مع ترْك مكان مُميّـز لرئيس الوزراء الإسباني. وعلى رغم الاستعداد الذي أبدته الرِّئاستان الدوريتان المقبلتان للإتحاد، بلجيكا وهنغاريا، للمساعدة على إنهاء المرحلة الانتقالية من دون مشاكل، لا يُظهر الإسبان تفاؤُلا كبيرا بتلك المساعدة، خصوصا أن الهنغاريين قليلو الخِـبرة بشؤون الإتحاد وتوازُناته وآليات عمله، كما أن الاستحقاقات الأوروبية مع التجمعات الأخرى، ستأخذ حيِّـزا من الاهتمام أيضا، وخاصة قمة أوروبا وأمريكا اللاّتينية، التي تحتاج لعمل دؤوب والتي تُـولِـيها إسبانيا أهمية خاصة لاعتبارات اقتصادية وثقافية معلومة. تُضاف إلى ذلك، قمم ثنائية موضوعة على أجندا ثاباتيرو مع كل من الولايات المتحدة واليابان والمغرب ومصر والمكسيك وكندا والشيلي وباكستان، وهي كلها بُـلدان مهمّـة بالنسبة لإسبانيا. فهل سيستطيع ثاباتيرو السيطرة على هذه الملفّـات وإخراج أوروبا وإسبانيا معاً رابحتيْـن من رئاسة محفوفة بالمصاعب والعقبات؟ تونس – رشيد خشانة – swissinfo.ch (المصدر: موقع « سويس إنفو »(سويسرا)  بتاريخ 5 فيفري 2010)  


عزّة تركيّة وخزّي عربيّ


منذ زمن بعيد  قرّرت أن أريح أعصابي بالابتعاد عن متابعة  قناة الجزيرة الإخبارية ومصاحبة بعض الكتب عوضاً عنها، لكي تعيد لي قليلا من الحيوية الفكرية، أو مشاهدة الدراما السورية أحيانا أخرى، علّها ترسل طيفا من نخوة وفحولة أجدادنا على روحي المنكسرة أمام دراما إخبارية مادتها الحصار والتجويع بإسم الإلتزامات والاتفاقات الدولية، جدار فولاذي لحماية الامن القومي، اغتيالات، تعذيب، قرف، تسوّل، هذيان فكري…   وأمام هذا الكم الهائل من الدوْس على الكرامات العربية، يستمر المسخ العربي والسقوط في أحضان الغربي الصهيوني وإن تحت مسميات وهمية – محاربة الإرهاب- لا تنضح إلاّ بالعجز والمهانة  والذل القبيح ، وكأن التمسّح على أبواب الغرب الصهيوني قدرنا المحتوم، إذ لا حولى ولا قوة لنا، فبه نعيش ونحيا وبإسمه نصلي وبموافقته نتزوج و ننجب الأبناء وإليه المحج الأكبر…   رحمك الله يا عبد الوهّاب المسيري حيث أصّلت أنّ الآخر(الصهيوني) ليس بشيطان ناري لا يمكن هزيمته، وليس هو بالعبقري الذي يصعب خداعه وتضليله ، وليس هو بالعنصر الفوقي الذي يأبى أن يلتزم بالقوانين الطبيعية أو البشرية أو الشرائع السماوية، بل هو عنصر بشري يخضع لمبدإ التداول في مواقع القوة ويمكن خداعه وهزيمته والتنكيل به – رحم الله البلوي منفذ عملية خوست – إذا إمتلكنا الإرادة الحرة وعدم التبعية.    نعم، أسعِدْْ في قبرك أيّها المسيري، هاهو حلمك حقّقه العثماني/ التركي بترسيخ ثقافة العزة والكرامة فقال : لا، هدّد، توعّد ، إنتصر وأوفى بعهده وأثب أنه ذو وجود حقيقي يملأ مكانه على الساحة الدولية ويهابه الرعاة . إنّه الرجل الذي أدرك أن العزّة والكرامة هي في عزة النفوس وليس في عزة الأبّهة والكراسي المرصعة بالذهب والياقوت. فالمسألة هي في أن تدرك أنك تملك عزتك وكرامتك وليس بمنّة من أحد، وسحقا لتاج أو كرسي يعود فضله لمن يسكن وراء البحار.   فبالأمس القريب أثبتت الشخصية التركية أنها تفعل ماتريد وليس ما يريد الآخر(الصهيوني) لمنعها جيوش الصليبيين بغزو العراق عبر أراضيها رغم أنها عضو في حلف الاطلنتي وشريك إستراتيجي لأمريكا. نعم فالشراكة والعضوية لا تهدر الكرامات والدوْس بالجزم على رقاب الأوطان والمواطنين، وإنما هي شراكة في تبادل المصالح والمواقع، إذ لا يمكن أن تكون شريكا أو صديقا وأنت بلا قيمة ولا دور لك  في صناعة السياسة.   اذن، فالمعركة معركة مبادىء، والمبادىء تُحمى بالإرادات والشعوب وليس بالأساطيل وجيوش الشواذ، وها هو رجب طيب أردوغان يسطّر ملحمة تاريخية في منتدى دافوس بسويسرا، حيث لم يشرّفه الجلوس بجانب مجرم مجزرة قانا بجنوب لبنان ومدمّر غزة على رؤوس أهلها عندما يُمنع من التحدث والتعبير عن الشخصية التركية التي تُسلب من كلامها وأقوالها، فالسيد الأبيض لا يحقّّق سيادته وسطوته إلا عند الضعفاء  من العرب ذوي الهامات المنبطحة.    لقد إنتفض التركي  بعنترية الرّجال وليس بتبسّم عربي( عمرو موسى) مرفوق بترتيب ربطة العنق – سبحان الله لم نعِ من الشهامة العربية إلا إبتسامات الذلّ ومدّ الايادي للاعداء- فالرجل العثماني ثار وهاج كالأسد ولم يعط الحضورأيّ قيمة، بينما العربي تمايل في حركة مشلولة ومصدومة بما يحدث في مقام الأسياد البيض، بل ربما فكّر في قرارة نفسه بأن ما فعله أردوغان مناف للأعراف الدبلوماسية، نعم فقد قيل من قبل : ليس من شيم العرب رمي الضيف بالحذاء (بوش أصبح ضيفا!!!! سبحان الله)   إن التركي يصنع قوانين اللعبة السياسية  فسرّع الأحداث وزاد من وتيرتها لأن الخصم في حالة صدمة مدوية وهوغير مهيء لردّ الرجال، ومن ثمة لا بد من ردّ الصاع صاعين، بل قل التغوّل الى حدّ وضع الجداول الزمنية وتحديدها بسويعات (تصغير لساعة) وليس بأيام وأشهر كما هو حال العرب – مبادرة عربية للإذلال عمرها 8 سنوات تقريبا تنتظر الرد- عشت ايّها التركي وبارك الله في بطن حملتك.    فالصنديد التركي عندما أهين سفيره – كم من سفير عربي أهين بل أهان نفسه وأهانته دولته فهو يبحث في قمامة لندن والعواصم الاوروبية عن أوراق ومخلفات للاجئين سياسيين-  لدى الدولة الصهيونية إستشاط غيظا وألزم نفسه أمام شعبه وأمام العالم: إما أن يعتذرالمعتدي الحقير وفق ما هو مطلوب تركيا وإما رجالنا أشرف وأرقى من أن يكونوا جواسيس للصهيونية. ما أروع تلك الشهامة والندية في الخطاب.   بعدها بأيام قليلة ايهود باراك لم يُستقبل في تركيا بالسجّاد الأحمر بل جاء ذليلا خسيسا ولم يُستقبل من قبل رجال تركيا العثمانية ( غل واردوغان) وقفل خائبا ذليلا يجرّ ذيول الخيبة، بينما يُستقبل في مصر – ست الدنيا – بالسجاد والورود. يا لهول الفاجعة فالصهاينة لم يقتلوا أيّ مواطن من بني عثمان، ويستقبلوا بإحتقار، بينما قتلوا الألوف من المصريين ونجّسوا أرض الكنانة بدعارتهم، لكنهم يستقبلوا إستقبال الأبطال…   وبالأمس ما حدث بمدينة ميونيخ الألمانية لهو الذل والهوان والعار بعينه، فالسراويل (البناطيل) سقطت وكُشفت العورات أمام فخ صهيوني نُصب للعرب من جديد…هنيئا للمسؤول الصهيوني بمداعبته لمسؤول مخابراتي سعودي كتعويض عن صدمته من صفعة كبرياء تركية. فالترك رجال ذاكرتهم ليست قصيرة، فدماء غزة لم تجف بعد وعرق سفيرهم أمام عدسات الكاميرا لازال رطبا. أما أزلام أمريكا الذين هم بالسلطة سريعو الهزّ والتمايل أمام أسيادهم البيض،إذ كيف يفوّت هذا السعودي ان يمسّ ليونة يد الصهيوني علّ المستقبل يجود بشىء  بشفاعة هذه المصافحة.    فبينما التركي يأمر ويشترط ويُلبى مطلبه ويلزم منظمي المؤتمر بجلستين حتى لا يجالس أشباه الرجال، نجد المسكين السعودي في حالة يرثى لها متلعثم اللسان شاحب الوجه يتصبب عرقا لأنه لم يحترم أسياده الاتراك بردّه الاعتبار لصهيوني تمنت عيناه أن ترى الصنديد التركي الذي صفق له العالم أجمع.   هكذا تحترم الرجال في نوادي الكبار، ويذل العرب بالمصافحات والابتسامات، والخزي والعار لمن باع دينه بالدينار….     نور حفصي / بلجيكا  


الخبير أمين حطيط لـ «الشروق»: قوة المقاومة اللبنانية تضاعفت 500٪


تونس (الشروق) : انتقل الحديث عن الحرب هذه الأيام من التلميح الى التصريح الى «التهديد الصريح» وتضاعفت المؤشرات الكلامية والميدانية على اقتراب موعد هذه الحرب الاسرائيلية الجديدة وسط تباين للرؤى بين من يراها ضد لبنان… وآخر يرجّح اندلاعها ضد ايران فيما تذهب تقديرات أخرى الى أنها قد تكون شاملة… الدكتور محمد أمين حطيط، العميد السابق بالجيش اللبناني والباحث والخبير العسكري الاستراتيجي البارز خصّ «الشروق» في لقاء ببيروت بحديث حلل فيه فرضيات هذه الحرب… وأبعادها… وخلفياتها… الدكتور أمين حطيط شدد في هذا اللقاء على ان اسرائيل «تريد» هذه الحرب لكنها تبدو عاجزة عن تحمّل نتائجها على الأقل في هذا الظرف الذي لم تتخلص فيه بعد من هزيمة عام 2006… الخبير اللبناني لاحظ ان حربا قريبة في لبنان مستبعدة على الرغم من الجنون الاسرائيلي الراهن. وفي ما يلي هذا الحديث: تشهد الفترة الاخيرة تكهنات متواترة بشن عدوان اسرائيلي جديد على لبنان… كخبير عسكري واستراتيجي… كيف تنظرون الى هذه التكهنات… وماذا عن احتمالات هذه الحرب اليوم؟ ـ اسرائيل مازالت تعاني من مرارة هزيمتها عام 2006 وهي منذ أن توقّفت الاعمال القتالية اتخذت قرارا مزدوجا الاول العودة الى ميدان القتال لتعويض ما خسرته في الحرب… والثاني بناء قدراتها ووضع البيئة الملائمة لتدخل في حرب قصيرة.. وبالتالي يكون قرار الحرب متخذا أو يكون تنفيذه مشروطا بتوفير عناصر النجاح… وهذه العناصر حتى اللحظة لم تكتمل اذ ان اسرائيل رغم اعادة النظر في تنظيمها وفي بنيتها العسكرية واعادة النظر في تجهيزاتها واجراء أكثر من مناورة وبشكل تصاعدي وتكاملي فإن كل المراقبين الاسرائيليين والدوليين يجمعون على ان اسرائيل لم تكمل التحضيرات للحرب وتقرير فينوغراد نفسه يقول ان اسرائيل لم تعالج أكثر من 17٪ من الثغرات التي كشفتها حرب 2006 والمعضلة الرئيسية في اسرائيل هي ان الجبهة الداخلية تكمن في فشلها في توقّي نار صواريخ المقاومة والثانية الفشل في معالجة الاحباط والانهيار النفسي لدى العسكري الاسرائيلي والذي يتفاقم باستمرار الى درجة ان التقارير الاسرائيلية كشفت مؤخرا ان نسبة 40٪ من الشباب الاسرائيلي يتهرّبون من الخدمة العسكرية بعد ان كانت هذه النسبة 14٪… ولهذه الأسباب أقول إن حربا قريبة في لبنان لا تبدو متوقعة… انها أمر مستبعد حتى مع الجنون الاسرائيلي. إذا كانت فرضية اندلاع حرب مستبعدة ـ كما تقولون ـ فكيف نفهم التهديدات الاسرائيلية بشن عدوان شامل في المنطقة… ولماذا تقرع تل أبيب طبول الحرب في هذه الفترة من خلال تكثيف مناوراتها وتصعيد خطابها الحربي؟ ـ نحن درسنا مليا هذا الامر وتوصّلنا الى نتيجة بأن اسرائيل في حاجة الى تهديدات وذلك للأسباب التالية: 1) حاجة اسرائيل الى إنتاج ستار دخاني يخفي عجزها الحقيقي عن الحرب فهي تهدد حتى تقنع العدو بقدرتها الوهمية غير المتوفرة. 2) أن اسرائيل بحاجة الى التهديد لإحداث بيئة غير مستقرة تمنع الخصم من الانصراف الى تطوير ذاته والبناء على انتصاره. 3) حاجة اسرائيل الى التهديدات ثم التراجع عنها ثم العودة الى التهديد من جديد وذلك من أجل ترويض الوعي لدى الخصم وجعله يدخل في دائرة عدم الاكتراث والاسترخاء حتى الاهمال… وهنا تعجّله بضربة صاعقة تحقق بها المفاجأة… 4) إن اسرائيل بحاجة الى التهديدات من أجل رفع المعنويات لدى جنودها لإقناعهم بقدراتها ومن أجل إرعاب الخصم وترهيبه وتضخيم الخوف لدى المدنيين في دولة العدو مما يؤدي الى ضغطهم على المقاومة بشكل أساسي… كما تظن اسرائيل لكن الذي ـ يبدو في الافق أن اسرائيل فشلت في تحقيق أي من أهدافها التي ذكرت… إذا كانت التهديدات الاسرائيلية تعود الى هذه الاسباب التي عدّدتموها… فما هو تفسيركم إذن لخطاب قيادة المقاومة في لبنان والذي لا يستبعد بدوره نشوب حرب اسرائيلية جديدة؟ ـ الذي يستمع الى قيادة المقاومة وعلى رأسها السيد حسن نصر الله يستنتج ما يلي: 1) أن المقاومة استفادت من الفرص والوقت المتاح لتبني على الانتصار وتفعّل قدراتها بشكل تصاعدي… وفعلا ليس سرّا اليوم أن عدد المقاومين تضاعف نحو خمس مرات مما كان عليه خلال حرب جويلية 2006… أما بالنسبة الى القدرات العسكرية فقد بات مألوفا القول بأن هذه القدرات توسّعت في الكم والنوعية والمدى والفعالية فيبدو أن المقاومة الاسلامية مرتاحة لامتلاكها أسلحة جديدة تسدّ بها ثغراتها في عام 2006… وأيضا مطمئنة الى امتلاكها صواريخ جديدة تتعدّى في مداها ثلاث مرات في عام 2006 حيث أنه لم تبق أي منطقة مغتصبة في فلسطين المحتلة إلا وتطالها بما في ذلك المرافق الاقتصادية والاستراتيجية أي أنه مع القدرات الجديدة لم يبق مكان في فلسطين المحتلة بمنأى عن التهديد… لكن في هذه الحالة، ألا ترون أن احتضان حكومة الحريري للمقاومة يمكن أن يشكل عنصر ضغط جديدا على هذه الحكومة… ويوفر ذريعة صهيونية للاقدام على مغامرة أخرى ضد لبنان؟ ـ إن الوضع الحالي الذي آلت اليه المقاومة جعلها واثقة من السند والظهير بشكل أساسي فبعد أن كان هناك انقسام في عام 2006 حول جدوى المقاومة وضرورتها حصل الآن شبه إجماع على فكرة المقاومة وجدواها واعتبارها ركنا رئيسيا من أركان الدفاع الوطني التي حصرت في الجيش والمقاومة أما الاصوات التي تطلق ضد المقاومة فقد باتت معزولة ولا دور ولا وزن لها في السياسة الداخلية وحتى الخارجية .. ولهذا السبب اعتقد ان الوضع اللبناني الداخلي القائم يضيف عنصرا آخر من عناصر قوة المقاومة .. استبعادكم لعدوان اسرائيلي جديد على لبنان هل ينطبق ايضا على غزة وسوريا وايران؟ ـ في المبدإ اسرائيل عاجزة اليوم عن خوض حروب في أي اتجاه .. ولكل جبهة خصوصيتها المانعة واستطيع ان أقول ان هناك استعجالا لضرب ايران أما بالنسبة الى غزة.. وبالرغم من أن كل المفاهيم تنطبق ايضا على الواقع الغزاوي فان هناك ثغرة في هذا الواقع الغزاوي قد تغري اسرائيل لضربها ومرد ذلك ثلاثة عناصر. 1) الواقع الفلسطيني المشتت والمشرذم والذي تتضرر منه القضية الفلسطينية بشكل جذري مع وجود أصوات على الساحة الفلسطينية تروج لثقافة المفاوضات وترفض المقاومة. 2) الواقع السياسي والجيواستراتيجي لغزة حيث انها تقف من دون ظهير جغرافي تستند اليه .. 3) الوضع العربي الذي يختزل في عمقه رغبة في التخلص من حماس وامتداداتها الإقليمية والدولية التي تعطل المشروع الغربي في احداث تبديل لوجهة الصراع من عربي ـ صهيوني الى عربي ـ ايراني ..لهذا السبب بالذات أخشى من أن تستفيد اسرائيل من هذا الواقع وتوجه ضربة محدودة لغزة تراقب نتائجها لتبني عليها في المستقبل لكن اعتقد انه مع ضعف هذا الاحتمال لو أقدمت اسرائيل على مثل هذه الخطوة فلن تحقق اهدافها لأن المطلوب في غزة غير المطلوب في ايران وسوريا.. فالمطلوب في غزة هو فقط الصمود والثبات.. والصمود والثبات متوفران اليوم في غزة.. ولهذا أرى ان نتائج اي عملية عسكرية على غزة محسومة بالفشل حتى قبل بدئها.. أما لجهة سوريا فاعتقد ان احتمال حرب اسرائيلية على دمشق لا زال بعيدا.. لأن المنطقة غير جاهزة لحرب جديدة.. ولأن اي حرب لن تكون الا بداية لحرب شاملة .. واسرائيل لن تتخذ مثل هذا القرار الا اذا تبين لها انها ستحقق النصر وأن «مواطنيها» بمنأى عن نار الحرب .. وهذا ما لم يتوفر بعد.. ولذلك لا أرى ان هناك حربا واردة في القريب.. ونفس الأمر ينطبق في اعتقادي على ايران فرغم الدرع الصاروخي الأمريكي في الخليج ورغم الوهج الاعلامي الذي يتوقع اندلاع حرب وشيكة على ايران فانني اعتقد ان ما يجري هو حملة سياسية نفسية…   التقاه: النوري الصّل
 
(المصدر: جريدة « الشروق  » (يومية – تونس) الصادرة يوم 7 فيفري 2010)
 

لماذا يفضل الإنسان العربي الحصول على مبتغاه بالطريق الملتوية؟!


 د. فيصل القاسم كما هو معروف للجميع، لا كرامة للقانون إلا نادراً في الحياة العربية بمختلف جوانبها. فالإنسان العربي والقانون خصمان لدودان. صحيح أن دساتيرنا تبدو على الورق، وصفات لجمهوريات أفلاطونية يسود فيها العدل والمساواة، إلا أنها على أرض الواقع لا محل لها من الإعراب أبداً إلا ربما في محل مفعول به، فالقوانين في الأقانيم العربية عبارة عن ديكور بالنسبة للكثير من الحكومات والشعوب على حد سواء. على الصعيد السياسي مثلاً وهو رأس البلاء، فلا قيمة للقانون في الحياة السياسية العربية، بدليل أن الديمقراطية غير موجودة في معظم الأنحاء العربية، والتفاصيل معروفة للجميع. وحدث ولا حرج عن طريقة التعيينات الوظيفية في العالم العربي، فالكثير منها يتم بناء إما على الولاء الأعمى أو الرشوة أو المحسوبية، تماماً كما هو الحال في المجال السياسي. وطالما وجدنا أشخاصاً يتبوؤون مناصب يفهمون في إدارتها كما أفهم أنا بالانشطار النووي. وفي الجانب الأمني، قلما تجد الكثير من أجهزة الشرطة العربية تتصرف مع الشعوب بطريقة قانونية، فهي أشبه بـ»البلطجي» في الكثير من الأحيان، الذي يضرب بالقانون عرض الحائط. لا عجب إذن أن يكون التعذيب في معظم السجون العربية القاعدة وليس الاستثناء، ناهيك أن البوليس العربي يتعامل في أحيان كثيرة مع الناس بطريقة رعاة البقر، دون أي مراعاة للقوانين التي تحكم العلاقة بين الحكومة والشعب. ونظراً للاستخفاف بالقانون لدى العديد من أجهزة الشرطة العربية، فإن الإنسان العربي يمكن أن يخترق القوانين برشوة زهيدة لشرطي المرور أو غيره، فبإمكانك مثلاً أن تنجو من المثول أمام المحكمة والسجن بمجرد إعطاء الشرطي الذي يسلمك بلاغ المحكمة بمبلغ من المال. وبعدها يعود الشرطي إلى رئيسه ليقول له إن الشخص المطلوب مختف عن الأنظار، ولم نتمكن من إبلاغه بالحضور إلى التحقيق، ومن ثم يطوى الملف إلى ما شاء الله. وربما أعطى الشرطي قسماً من الرشوة التي حصل عليها لرئيسه في العمل، فهذه الأمور أصبحت معروفة للجميع في الكثير من الدول العربية. كيف تريد من الشعوب العربية أن تتصرف بعد أن رأت الكثير من المسؤولين موغلين في اللف والدوران والقفز فوق الشرائع والقوانين؟ لا تثريب إذن على العرب العاديين إن حاولوا الحصول على حقوقهم ومبتغاهم بالطرق الملتوية حتى في أبسط أمور حياتهم. فالمواطن العربي مثلاً يحاول أقصى جهده للتلاعب بعداد الكهرباء والماء في بيته، بحيث يتوقف عن عد كمية الكهرباء والمياه المستهلكة، وبالتالي يدفع مقابل جزء يسير مما استهلكه من كهرباء وماء. هل نلوم المواطن إذا قام بتخريب العداد وتحايل على القانون، أم إنه سيقول لك فيما لو واجهته بالتهمة إن كبار المسؤولين في بعض البلدان يمارسون اللصوصية بطريقة أفظع بكثير وبمبالغ خيالية؟ بعبارة أخرى لماذا نلوم المواطن العربي البسيط إذا سرق مبلغاً بسيطاً من المال العام إذا كان بعض النافذين يسرقون الملايين إن لم نقل بالمليارات؟ لماذا سرقة الدولة العربية حلال على المسؤولين وحرام على المواطنين؟ لماذا نلوم إنساناً سليماً يحصل على شهادة إعاقة بالزور مقابل رشوة للجنة الفحص الطبي من أجل الحصول على وظيفة، إذا كان الكثير من الموظفين في الدول العربية حصلوا على وظائفهم بطرق ملتوية للغاية؟ لماذا نلوم شخصاً يصل إلى رئاسة البلدية في مدينة أو قرية ما عن طريق الدفع للمسؤولين الكبار؟ لماذا نلومه إذا كان بعض كبار قادة الجيوش العربية يحصلون على الترفيعات عن طريق الرشوة؟ تصوروا أنه حتى بعض الضباط الكبار في العالم العربي المفترض أنهم مسؤولون عن حماية الأوطان يصلون إلى مواقعهم عن طريق الرشوة. لماذا نلوم الإنسان العربي العادي إذا اشترى وظيفة، إذا كان بعض رجالات الشرطة يشترون منصباً للخدمة في منطقة معينة؛ لأنها تدر عليهم أموالاً أكثر من غيرها؟ لماذا نلوم مواطناً ينتهك قوانين المرور، ثم يقوم برشوة الشرطي، إذا كان بعض علية القوم في معظم الأنحاء العربية لا يلتزمون بأي قانون سير، لا بل يحدثون الكثير من الفوضى في الطرقات والشوارع لمجرد أن أحدهم سيمر من هذا الطريق أو ذاك؟ لماذا نلوم الإنسان العربي العادي إذا حاول أخذ حقه بالقوة بعيداً عن القانون، إذا كانت أجهزة الأمن والشرطة في عموم العالم العربي تتصرف مع الناس ليست كحامية للأمن والنظام، بل كعصابات؟ لماذا نلومه إذا كانت أجهزة القضاء في أغلب الأحيان مجرد عتلات في أيدي السلطات تحكم بما تؤمر، وليس لإحقاق العدل. لماذا نلوم الناس العاديين إذا حاولوا الحصول على حاجاتهم عن طريق الواسطة وليس بالطرق القانونية، إذا كانت الواسطة هي الوسيلة الأفضل والأسهل والأسرع للحصول على أي شيء في هذا العالم العربي؟ باختصار، إذا كان رب البيت للدف ضارباً فشيمة أهل البيت كلهم الرقص.لا عجب أبداً أننا نقبع في مؤخرة الأمم على جميع الصعد. لقد صدق تشارلز إيفانز هيوز عندما قال إن :»الولايات المتحدة أعظم مصنع قوانين عرفه العالم». وهذا ربما أحد أهم أسرار قوتها.   (المصدر: صحيفة « السبيل » (يومية –  الأردن) الصادرة يوم 7 فيفري 2010)  

ليبرمان وتغيير النظام السوري


   عبد الباري عطوان تعيش المنطقة العربية هذه الايام حالة من القلق والتوتر تتشابه، ان لم يكن تتطابق، مع مثيلتها قبل العدوان على العراق واحتلاله، الامر الذي يدفع الكثير من المحللين الى الاعتقاد بان الانفجار العسكري بات حتميا، ومصدر الخلاف هو حول توقيته. مناورات بحرية وجوية امريكية، تسريع عمليات بيع صفقات اسلحة الى دول منطقة الخليج، نصب صواريخ باتريوت في اربع دول منها، وتوزيع اسرائيل اقنعة الغاز على سكانها للمرة الثانية منذ حرب الخليج. في ظل هذه الاجواء من التوتر والتحشيد العسكري، من المفترض ان ترتفع اسعار النفط، ولكنها في حال انخفاض (تتراوح بين سبعين وثمانين دولارا)، او بالاحرى في حال ثبات، الامر الذي يؤكد وجهة نظر الكثيرين حول قرب اشتعال نيران الحرب، فهناك معادلة باتت معروفة، وهي انخفاض اسعار النفط مع اقتراب الحروب واثناءها، وارتفاعها بعدها، هذا ما حدث اثناء حرب ‘تحرير الكويت’، وهذا ما حدث اثناء غزو العراق. ولعل المؤشر الاهم في رأينا التهديدات الاسرائيلية الخطيرة والوقحة لسورية التي وردت على لسان افيغدور ليبرمان وزير الخارجية، وايّدها رئيسه بنيامين نتنياهو، واحدثت هزة عنيفة في المنطقة العربية بأسرها. نقول خطيرة لانها غير مسبوقة، وتكشف عن تجاوز خطوط حمراء كثيرة، ابرزها التهديد بتغيير النظام في دمشق وللمرة الاولى، فقد قال ليبرمان مخاطبا الرئيس بشار الاسد ‘انتم ستخسرون الحكم وانت شخصيا ستفقد منصبك كرئيس للجمهورية، انت وابناء عائلتك ستخسرون اذا ما تحديت اسرائيل، فمن يتحدى اسرائيل سيكون هو الخاسر، والحرب ستنتهي بهزيمته’. ووقحة، لان ليبرمان يريد من سورية ان تتنازل كليا عن هضبة الجولان، وحلم سورية الكبرى، والتطبيع الكامل، والمجاني، مع اسرائيل، وكأن سورية جمهورية موز، او جزيرة معزولة في المحيط الهادي، او الاطلنطي، مثل غرينادا او هاييتي او غوام. ليبرمان لا ينطق عن هوى، فهو احد ابرز اعضاء المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر، برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يتخذ قرارات الحرب والسلم، ويعكس التوجهات العسكرية قبل السياسية في المؤسسة الاسرائيلية الحاكمة. ‘ ‘ ‘ اسرائيل تعيش ازمة وجودية، وعزلة دولية، تواجه كراهية متصاعدة في اوساط معظم حلفائها منذ عدوانها الاخير على قطاع غزة، وادانتها بارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية من قبل تقرير غولدستون، حيث يواجه جنرالاتها خطر الاعتقال في اكثر من عاصمة اوروبية. ويزيد من درجة التأزيم الاسرائيلية هذه، الهزائم الامريكية المتواصلة في العراق وافغانستان، وتصاعد القلق الامني الامريكي من جراء فشل الحرب على الارهاب، وتمدد تنظيم ‘القاعدة’ واتساع نطاق عملياته. ويأتي فشل الضغوط والحرب النفسية الامريكية والاسرائيلية في دفع ايران لوقف تخصيب اليورانيوم والتخلي عن طموحاتها النووية، ورد طهران الاستفزازي على هذه الضغوط بتجريب صواريخ بعيدة المدى، واخرى قادرة على حمل اقمار صناعية ورؤوس نووية، كل هذه العوامل مجتمعة تخلق حالة من الارتباك والرعب الوجودي الذي لا تستطيع اسرائيل العيش في ظلها لفترة طويلة. لا نستطيع ان نتنبأ بالخطوة الاسرائيلية القادمة، ولكن تجاربنا السابقة على مدى ستين عاما من قيام هذه الدولة على ارض عربية اسلامية، تفيد بأنه في كل مرة تواجه اسرائيل تهديدا لوجودها او تفوقها العسكري الاستراتيجي، تلجأ اما الى الحرب، مثلما حدث عام 1967 (حرب حزيران) او الاجتياح (غزو لبنان عام 1982 وعام 2006) او تحريض الولايات المتحدة على خوض الحرب نيابة عنها (احتلال العراق عام 2003). اسرائيل تواجه خطر ‘حزب الله’ في الشمال، و’حماس’ في الجنوب، والخطر النووي والتقليدي الايراني، وتنامي القوة العسكرية السورية، بينما تواجه حليفتها امريكا خطر الزحف الصيني الى منابع النفط، والتمدد الروسي الجديد الى المنطقة عبر البوابة الايرانية. توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الاسبق كشف عن نقطتين جوهريتين اثناء ادلائه بشهادته امام لجنة التحقيق في حرب العراق، الأولى عندما قال انه كان متعذراً على الحلفاء شن حرب على العراق في ظل الانتفاضة الفلسطينية المسلحة عام 2002، ولهذا عمل على دفع الرئيس بوش للتعهد بدولة فلسطينية مستقلة قبل عام 2005 واطلاق ‘خريطة الطريق’ وعودة المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية على اساسها، اما النقطة الثانية فتمثلت في قوله ان ايران عام 2010 اكثر خطراً من عراق صدام عام 2003، ولو كان في الحكم لتعامل معها بالطريقة نفسها، وربما اكثر تشدداً من الطريقة التي تعامل بها مع العراق. ‘ ‘ ‘ التحقيقات والشهادات امام لجنة التحقيق المذكورة آنفاً، كشفت ان الإعداد للحروب يتم قبل سنوات من خوضها، ولذلك لا نستبعد ان تكون المناورات وصفقات الاسلحة والتهديدات هي عناوين لبدء العد التنازلي لحرب جديدة في المنطقة. فهل من قبيل الصدفة ان يتعهد اوباما باكمال انسحاب قوات بلاده من العراق وافغانستان بنهاية العام المقبل؟ فكيف يمكن اتمام هذا الانسحاب في ظل اوضاع متدهورة في افغانستان وغير مستقرة في العراق، اللهم الا اذا كانت هناك حرب كبرى لاصلاح عيوب الحربين السابقتين في هذين البلدين؟ سورية مستهدفة لانها حليفة للمقاومتين اللبنانية والفلسطينية، وترتبط بحلف استراتيجي مع ايران، ومحاولات فك ارتباطها مع هذا الحلف، بالرشاوى او التهديدات، لم تنجح حتى الآن على الأقل، وربما تكون تصريحات ليبرمان الورقة الأخيرة في هذا الصدد. وزير الخارجية السوري وليد المعلم معروف بقدراته الدبلوماسية، وبإطفاء نيران تطرف يشعلها آخرون من زملائه لتوتير العلاقات مع الجيران، ولكنه ليس معروفاً بـ’صقوريته’، ولذلك كان مفاجئاً ان يشبه اسرائيل بدور ‘الأزعر’ في المنطقة، وتحذيرها من مغبة شن اي هجوم على بلاده، لما يعنيه ذلك من اشعال فتيل حرب شاملة ستكون المدن الاسرائيلية فيها مستهدفة بالصواريخ السورية. وربما يجادل البعض بأن هذه الحرب الكلامية، والتهديدات المتبادلة، تمهد لمفاوضات سلام، على الجبهة السورية الاسرائيلية، لكن الامر المرجح ان احتمالات الحرب اكبر بكثير من احتمالات السلام، لان اسرائيل لن تتنازل عن الجولان بسهولة، ولأن سورية لا تستطيع تلبية الشروط الاسرائيلية في الوقت نفسه، وفوق كل هذا وذاك صعوبة انهاء تحالف مع ايران يمتد الى اكثر من ثلاثين عاماً حتى لو أرادت. العام الجديد هو عام حسم الملفات الثلاثة الصعبة: حماس وحزب الله والطموحات الــنووية الايرانــية. وكــــل المؤشرات تفـــيــــد بأن ادارة اوباما مقــبلة على ‘حماقة’ جديدة، تتمــــثل في حرب جــــديدة، النـــتائج غير مضـــمونة، والانتصار الاسرائيلي ايضاً، فالمسألة لم تعد كسب الحروب، وانما كيفية التعاطي مع تداعياتها، ولعلها تكون آخر الحروب في المنطقة في جميع الاحوال، من حيث وضع حد للغطرستين الامريكية والاسرائيلية والهوان العربي ايضاً.   (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 6 فيفري 2010)  


اغتيال

محمد إبراهيم المدهون  
لقد منحت دولة الكيان الشرعية الكاملة لعمليات الاغتيال سياسيا وقضائيا وعسكريا، بل إن ممارسي القتل ومحترفي الاغتيال هم أبطال الكيان. واعتمد الكيان منهجية عدم الإعلان عن المسؤولية وإن كان ذلك خاضعا دوما للقراءة الظرفية السياسية. ويهدف الاحتلال من شرعنة الاغتيال إلى تكريس العقوبة على كل من يعتبره خصما وتكريس قاعدة الردع وضرب الروح المعنوية, ولإحباط عمليات المقاومة, وأحيانا لتهيئة مناخات سياسية يبحث عنها الاحتلال. مارست دولة الكيان الاغتيال قبل تأسيسها وفي العام 1948 اغتالت الكونت برنادوت. ومارس الكيان الاغتيال ضد قيادات الشعب الفلسطيني في محطات كثيرة فقد اغتيل ثلاثة عشر كادرا لمنظمة (أيلول الأسود)، واغتيل ثلاثة من كبار قادة المقاومة في منظمة التحرير وهم (كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار)، وذلك في أبريل/نيسان 1973، وفي يونيو/حزيران 1978 اغتيل (علي ياسين) مدير مكتب المنظمة في الكويت، وفي أغسطس/آب 1978 اغتيل (عز الدين القاق) ممثل المنظمة في باريس، وفي يوليو/تموز 1979 اغتيل (زهير محسن) زعيم منظمة الصاعقة الفلسطينية، وفي يونيو/حزيران 1981 اغتيل (نعيم خضر) ممثل المنظمة في بلجيكا، وفي أكتوبر/تشرين الأول 1981 اغتيل (ماجد أبو شرار) عضو اللجنة التنفيذية، وفي أغسطس/أيلول 1982 اغتيل (سعد صايل) قائد القوات العسكرية في منظمة التحرير, وفي أكتوبر/تشرين الأول 1986 اغتيل (منذر أبو غزالة) قائد القوات البحرية في المنظمة، وفي فبراير/شباط 1988 اغتيل ثلاثة من قادة القطاع الغربي في مدينة ليماسول في قبرص. وفي أبريل/نيسان 1988 اغتيل (خليل الوزير) في تونس، وفي فبراير/شباط 1992 اغتيل (عباس موسوي) زعيم حزب الله. وفي ظل السلطة الفلسطينية اغتيل (هاني عابد) في نوفمبر/تشرين الثاني 1994، و(إبراهيم ياغي) في ديسمبر/كانون الأول 1994، وفي أبريل/نيسان 1995 اغتيل (كمال كحيل وحاتم حسان وسعيد الدعس)، وفي يونيو/حزيران 1995 اغتيل (محمود الخواجة)، وفي سبتمبر/أيلول 1995 اغتيل (إبراهيم النفار) ، وفي أكتوبر/تشرين الأول 1995 اغتيل (فتحي الشقاقي) قائد حركة الجهاد الإسلامي, وفي يناير/كانون الثاني 1996 اغتيل (يحيى عياش), وفي أغسطس/آب 2001 اغتيل (أبو علي مصطفى) الأمين العام للجبهة الشعبية, و(جمال منصور وجمال سليم) في نوفمبر/تشرين الثاني 2001، وفي فبراير/شباط 2002 اغتيل (صلاح شحادة) قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام, وفي مارس/آذار 2003 اغتيل (إبراهيم المقادمة), و(إسماعيل أبو شنب) في اغسطس/آب 2003، وفي مارس/آذار 2004 اغتيل (الشيخ أحمد يس), و(عبد العزيز الرنتيسي) في أبريل/نيسان 2004، و(عز الدين الشيخ خليل) في سبتمبر/أيلول 2004، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2004 اغتيل (عدنان الغول) وفي فبراير/شباط 2008 اغتيل (عماد مغنية) وفي يناير/كانون الثاني 2009 اغتيل (نزار ريان وسعيد صيام), علاوة على العشرات من المجاهدين الميدانيين الذين استهدفتهم دولة الكيان بالاغتيال والتصفية الميدانية. محمود المبحوح الاسم الجديد على قائمة الاغتيال الطويلة التي استهدفها الموساد والشاباك. هاجر والده الحاج عبد الرؤوف من قرية (بيت طيما) الفلسطينية، فيما ولد الشهيد محمود في جباليا بتاريخ 14/2/1960، الخامس بين إخوانه الـ16. واشتهر المبحوح بممارسته لرياضة كمال الأجسام. واسترعت (جماعة الإخوان المسلمين) نظر الشهيد المبحوح، فأقسم البيعة في العام 1978. للشهيد المبحوح قصب السبق في العمل العسكري المقاوم برعاية شيخه الشهيد صلاح شحادة، وتواجد رحمه الله بشكل دائم في ميادين القتال. قاد عملية الخطف الأولى الجريئة للجنديين ساسبورتس وسعدون عام 1989 وقتلهما وإخفائهما في مدينة أسدود في فلسطين المحتلة، دون أن يعرف « الاحتلال » مصيرهما حتى العام 1997. وأشار المحللان في صحيفة هآرتس هارئيل وسخاروف إلى أن « هذه عملية اغتيال إسرائيلية صحيحة كانت على ما يبدو ذات علاقة بالحاضر وليس لتسديد حسابات من الماضي، كون المبحوح مسؤولا عن الإمداد والتسليح لغزة وليس انتقاما لنشاطه قبل عقدين أو أكثر ». حاول الاحتلال غير مرة اغتياله، وفي العام 1990 كان بيته أول بيت يهدم. كما اعتقل الشهيد لمدة عام في سجن غزة المركزي بتهمة حيازة سلاح، وبعد خروجه من السجن لم يتوقف عن عمله الجهادي بل ازداد صلابة وعنفوانا. وفي العام 2003 اعتقل في مصر لحوالى عام, وبقي رحمه الله مواكبا لمسيرة الحركة الإسلامية وحركة التغيير العالمي حتى استشهاده، وقد أمضى ما يقرب من خمسين عاما مليئة بالتضحية والفداء والجهاد والعمل والإخلاص. في طريق سفر الشهيد المبحوح إلى إحدى الدول، وأثناء مروره بدبي ونزوله ليلا في أحد الفنادق بتاريخ (19/1/2010) اغتالته يد الغدر الصهيونية. حسب تحقيقات حماس، كما يقول آفي إيسخاروف في هآرتس إن المبحوح وصل الساعة التاسعة صباحا إلى الإمارات، وحوالي الساعة 14:30 هبط في دبي، ووصل إلى فندق (البستان روتانا)، الذي يبعد عدة دقائق فقط بسيارة أجرة استقلها من المطار، وكانت الغرفة رقم 130 في انتظاره. سجل المبحوح في ردهة الاستقبال، طلب مسبقا كعادته غرفة دون شرفة ودون نوافذ. وأودع في خزينة الفندق حقيبة مستندات، وبعد ذلك صعد لغرفته في الطابق الأول، وبقي فيها حوالي ساعة, خرج بعدها, 16:30-17:00، وكشف التحقيق أنه تناول الطعام خارج الفندق، لأنه لم يدخل أحد مطاعم الفندق ولم يطلب الطعام لغرفته. وعاد لغرفته حوالي الساعة 21:00، والفترة التي قضاها خارج الفندق هي مصيرية، لأنه خضع حينها على ما يبدو لتعقب سري. ولم يعثر على آثار مداهمة للغرفة، والتقديرات في حماس تفيد بأن خلية الاغتيال انتظرته في غرفته، وأن طاقم المراقبة أبلغ خلية الاغتيال بوصوله، وحينما فتح الباب انهالوا عليه، وفي الساعة 21:30 اتصلت زوجة المبحوح بهاتفه النقال، ولم يرد، وفي حماس يقدرون أنه كان قد استشهد حينها. وحسب المحلل الإسرائيلي فإنه عثر على جثمان المبحوح في اليوم التالي يوم الأربعاء 20 يناير/كانون الثاني، ونقل للفحص، وتبين وجود خمسة آثار كي مستترة، سببها كما يبدو جهاز كهربائي. وعثر على آثار الصاعق الكهربائي تحت أذنيه وعلى خاصرته وصدره، كما أن الدم نزف من أنفه، كما ظهرت على أسنانه آثار احتكاك، إضافة إلى ذلك كشف الأطباء الشرعيون أن الوفاة نتجت عن عملية خنق، وعثر على وسادة ملطخة بالدماء. أما حسب رواية الصنداي تايمز البريطانية فإن محمود صعد طائرة « إكي كي 912 » الإماراتية الساعة 10:05 صباحا من دمشق ووصل إلى دبي مباشرة حيث حقن بسم يؤدي لأزمة قلبية في طريقة مشابهة لمحاولة اغتيال مشعل ومن ثم تصوير الوثائق والأوراق التي بحوزته, وترك يافطة « أرجو عدم الإزعاج » على باب غرفته. من الجدير ذكره أن العديد من اغتيالات الموساد تمت سابقا في الفنادق أمثال ماجد أبو شرار وزهير محسن وفتحي الشقاقي. لقد كشفت الأحداث وبعض التفاصيل عن عملية اغتيال محمود المبحوح في الإمارات العربية التي شهدت اغتيال المقاتل الشيشاني سليم عمادييف، وعملية اغتيال الفنانة سوزان تميم يضع علامات استفهام أمنية؟ فالمبحوح كان مراقبا حيث إنه قدم إلى دبي بجواز سفر مزيف حسب إحدى الروايات, ولكن طلال نصار المتحدث باسم الحركة يقول « بأن المبحوح على عكس رحلات أخرى، استخدم جواز سفر يحمل اسمه الحقيقي وسافر بلا حراس » علاوة على اكتشاف الجريمة تم بعد الاغتيال بيوم. ليثار سؤال هام هل استدرج محمود المبحوح إلى دبي في الوقت الذي كانت وجهته غير ذلك؟ والسؤال أيضا: لماذا كان الإبطاء في الإعلان عن توجيه الاتهام في عملية الاغتيال إلى ما يقارب 10 أيام؟ قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان تميم أوضح أن المشتبه بارتكابهم الجريمة «سبعة أشخاص على الأقل يحملون جنسيات عدة دول أوروبية» غادروا الإمارات قبل اكتشاف الاغتيال؟ بينما أورد موقع «قضايا مركزية» الناطق بالعبرية أن قتلة المبحوح « عددهم أربعة أعضاء في فريق اغتيال تابع للموساد ». وزعم الموقع أن قتلة الموساد أخضعوا المبحوح لتحقيق قاس وعنيف داخل غرفته في الفندق, وهذا ما استبعده بعض المحللين، ذلك أن الجناة ما كان لهم أن يسيطروا عليه إلا بعد أن فقد وعيه، وشلت حركته، وهذه الحالة لا تتيح الفرصة للتحقيق. وفي نفس وقت الاغتيال كان يزور الإمارات وزير البنية التحتية الصهيوني عوزي لانداو, الذي نفى اتهامات «حماس» لحاشيته بأن لها علاقة بعملية الاغتيال. وعلى صعيد آخر لم يستبعد المحلل الإسرائيلي ميلمان أن يكون الموساد استخدم زيارة لانداو لأبو ظبي قبل أسبوعين، مشيرا إلى أن إسرائيل استخدمت عام 1961 طائرة وزير الخارجية الإسرائيلي في حينه آبا إيبان أثناء زيارته للعاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس من أجل تهريب القيادي النازي أدولف آيخمان إلى إسرائيل. بالتأكيد هذا الاغتيال لا يمكن أن يكون وليد اللحظة، بل تسبقه خطوات من التحضير ومعاينة المكان ومعاينة الغرفة والمحتويات، إذن لا بد أن تكون هناك أياد قد أعدت التجهيزات اللازمة لإجراء العملية. كالعادة وبلا شك الموساد هو المتهم وهو صاحب المصلحة في ملاحقة واغتيال كوادر المقاومة المؤثرين، فالطريقة موسادية وبدون اعتراف كالعادة, وقد أكدت الصحف الإسرائيلية الصادرة بتاريخ 31/1/2010 أن جهاز الموساد هو الذي اغتال المبحوح. وعقب ألكس فيشمان في صحيفة يديعوت أحرونوت  بالقول إنه لا أحد تبنى مسؤولية مقتل الضابط السوري محمد سليمان في أغسطس/آب 2008 أو مسؤولية اغتيال العالم النووي الإيراني مسعودي علي محمدي في طهران قبل أسبوعين. الموساد ليس أسطوريا بل يعتمد على قاعدة بيانات ومعلومات تقدمها جهات رسمية ومجموعات منظمة وشبكات متكاملة ومترابطة لا تخلو تلك الشبكات من بصمات عربية وفلسطينية أيضا. وعلى الإمارات وحماس أن تبحث عن الوسطاء وجامعي البيانات والمعلومات التي يتم تزويدها للموساد، وعملية التوقيت والاستدراج إلى مثل هذا الفندق والغرفة وموعد الوصول وغير ذلك من معلومات. علاوة على ذلك فمسؤولية حماس والشعب الفلسطيني في الرد على هذه الإهانة بالكشف عن مرتكبيها أولا، وهناك أسئلة كثيرة بحاجة إلى إجابة، لماذا سافر المبحوح وحده؟ ولماذا ذهب إلى دبي؟ ولماذا لم يسافر معه مرافقه الخاص؟ ولماذا سافر باسمه الحقيقي؟ ومن الذي كان يعلم بخط سير رحلته؟ ومع أي المكاتب السياحية تعامل؟ ومن هم الأشخاص أصحاب العلاقة في هذه الرحلة؟ ومع من وأين التقى في ساعاته الأخيرة؟ وما الملفات التي كان يحملها المبحوح ويهتم بها؟ وأسئلة أخرى كثيرة بحاجة إلى إجابات دقيقة. التحقيق المعمق والجدي والمحاسبة الداخلية والاستفادة من العبر وعدم الاعتراف بالعجز، أو اللجوء لتقييد الجريمة ضد مجهول يجب أن يكون عنوان هذا الملف الحساس والهام. في سياق ذي صلة، يقول آلون بن دافيد المراسل العسكري للقناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي، إنه خلافا لما يشاع عن مساع للقبض على الفاعلين تسعى حكومة دبي إلى تغييب القضية وليس إثارتها، فهذه الإمارة، في نظره، تحاول أن تركز على ترميم اقتصادها وصورتها، وليس التورط في صراعات مع الآخرين. النائب من كاديما آفي ديختر يقول « إن حماس ستحاول الانتقام من إسرائيل ». ويمكن القول إن الرد على جريمة الاحتلال ضرورة لتكريس قاعدة توازن الردع, وربما نستحضر هنا الرد على اغتيال يحيى عياش وكذلك الرد باغتيال زئيفي, وليس بالضرورة مصاحبة ذلك نبرة إعلامية تهديدية صاخبة كالتي تصاحب حاليا عملية الاغتيال. فقد جددت «حماس» توعدها بالرد، إن «كتائب القسام ستحدد الوقت والمكان والآلية المناسبة لضرب العدو الإسرائيلي». أما الزهار وآخرون فقد حمل إسرائيل مسؤولية نقل ساحة المواجهة إلى الخارج عبر اغتيال المبحوح, لكنه استدرك بالقول إنه «حتى هذه اللحظة نحافظ على أن ساحة المعركة وقواعد اللعبة تنحصر فقط داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة». ولكن ترى يديعوت أحرنوت أن الصعوبة الحقيقية أمام حماس لتنفيذ اعتداءات في الخارج تنبع من حقيقة أن حماس لا تمتلك بنية دولية للعمل مثلما هو الحال مع حزب الله أو القاعدة، ولكن لدى حماس عدد غير قليل من المؤيدين خارج الأراضي المحتلة. الاغتيال والقتل من أدوات الاحتلال الرئيسة الذي يأتي متزامنا مع جهود دولية وعربية بوقف ما يسمى تهريب السلاح لغزة والحصار البحري والبري على قطاع غزة، وذلك وفق الاتفاق الأمني الأميركي الإسرائيلي ووفق قمة شرم الشيخ العالمية. وقد اعتبرت صحيفة « جيروزاليم بوست » أن الاغتيال سيؤثر على قدرة حماس على إدخال أسلحة. واعتبرت صحيفة « هيون » أن التخلص من المبحوح سيعقد عملية تهريب الأسلحة القادمة من إيران إلى حماس، وهذا أمر أهم من تصفية الحسابات. الاغتيال يأتي بعدما يشبه إعلان فشل صفقة الأحرار لتبادل الأسرى, ومع تزايد النبرة التهديدية بعدوان جديد تحديدا ضد قطاع غزة ما قد يفهم منه البحث عن مسوغات للتصعيد. وتحذر مجلة « Foreign Policy » أن عملية الاغتيال تهدد بإنهاء حالة وقف إطلاق النار غير المعلن والهش بين حماس وإسرائيل الذي امتد على مدى العام الماضي، ويضيف الاغتيال مزيدا من التوتر والتعقيد، سواء أمام احتمالات المصالحة بين فتح وحماس التي تواجه صعوبات أصلا، أو قد تعطل المحاولات الرامية لرفع المعاناة عن سكان غزة، أو الجهود الرامية لاستئناف محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية. ويعتبر بعض المحللين أن الاغتيال مرتبط أيضا بحملة ضغوط سياسية تمارس على دبي لإخضاعها أمنيا للطلبات الإسرائيلية. في 19 يناير/كانون الثاني 2010 استخدمت إسرائيل أرقى مستويات التكنولوجيا والعمل الأمني بهدوء للوصول إلى صيدها الثمين الشهيد محمود المبحوح فارتقى شهيدا ليكون منارة جديدة في طريق الجهاد والمقاومة والتحرير, وليفتح اغتياله كل الاحتمالات وعلى جميع الاتجاهات.  

(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 7 فيفري  2010)

 

Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.