(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
21- رضا عيسى 22- الصادق العكاري 23- هشام بنور 24- منير غيث 25- بشير رمضان |
16- وحيد السرايري 17- بوراوي مخلوف 18- وصفي الزغلامي 19- عبدالباسط الصليعي 20- لطفي الداسي |
11- كمال الغضبان 12- منير الحناشي 13- بشير اللواتي 14- محمد نجيب اللواتي 15- الشاذلي النقاش |
6- منذر البجاوي 7- الياس بن رمضان 8- عبد النبي بن رابح 9- الهادي الغالي 10- حسين الغضبان |
1– الصادق شورو 2- ابراهيم الدريدي 3- رضا البوكادي 4-نورالدين العرباوي 5- الكريم بعلوش |
تونس: تحركات شبابية
بلاغ إعلامي
صفاقس في 03/02/2008
تم يوم أمس السبت 02/02/ 2008 مساءا الاعتداء على الرفيق نبراس الهذيلي عضو اللجنة الجزئية للاتحاد العام لطلبة تونس بكلية العلوم بصفاقس من قبل أعوان البوليس السياسي أمام منزله الكائن بطريق المطار بصفاقس بتعلة ممنوع التجوال ليلا مما تسبب له في أضرار بدنية مختلفة.
و تأتي هذه الممارسات و التجاوزات في إطار السلوك الهمجي القمعي الذي تأتيه أجهزة وزارة الداخلية لمزيد التضييق و الحصار المفروض على المنظمة الطلابية و مناضليها و تندرج ضمن حملة منظمة تستهدف النقابيون الراديكاليون في محاولة يائسة من السلطة للحد من انتشارهم ولتقليص حجمهم المتنامي في إطار التدخل السافر و المفضوح في موازنات المؤتمر الموحد للاتحاد العام لطلبة تونس المزمع عقده في الفترة القادمة.
وأمام ما تقدم ذكره وبعد المحاكمات و الإيقافات الأخيرة التي شملت جهات بنزرت, تونس, سوسة ,قفصة ,صفاقس وقابس يهم المكاتب الفدرالية للاتحاد العام لطلبة تونس بالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية و بكلية الحقوق بصفاقس أن نعلن الآتي:
1- تنديدنا و استنكارنا للاعتداء الهمجي على الرفيق نبراس الهذيلي.
2- استعدادنا للدفاع عن مناضلينا بكل الوسائل النضالية .
3- تمسكنا بحق المنظمة في النشاط و تشبثنا بضرورة انجاز المؤتمر الموحد للاتحاد العام لطلبة تونس.
4- تأكيدنا على الحق في حرية العمل النقابي و السياسي داخل الجامعة.
عاش الاتحاد العام لطلبة تونس مناضلا ,حرا,مستقلا وموحدا
المكتب الفدرالي للاتحاد العام لطلبة تونس بالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية بصفاقس.
الكاتب العام حسام الدين الجلاصي
المكتب الفدرالي للاتحاد العام لطلبة تونس بكلية الحقوق بصفاقس.
الكاتب العام مطاع خذر
صحيفة « الموقف » (لسان حال الحزب الديمقراطي التقدمي)، العدد 437 بتاريخ 1 فيفري2008
قياديان في رابطة حقوق الإنسان في تونس: لا صحة لخبر مقتل تلميذ في تظاهرة
عبدالناظر والجموسي يشجبان لجوء معارضين لأخبار مفتعلة ‘لا تخدم مصلحة البلاد ولا حقوق الإنسان’.
إقصاء فتيات من الوظيفة (في الشركة الموريتانية التونسية للطيران) بسبب الحجاب
شاب يحرق نفسه في مركز أمن، وشرطي من ناوله القدّاحة…
« النسور » تعكس في غانا الصحوة الدينية بتونس
بقلم: محمد أحمد
تونس ـ « قراءة الفاتحة قبل بدء المباريات ».. « السجود بشكل جماعي عقب تسجيل الأهداف ».. « التمتمة بالدعاء وقراءة القرآن في اللحظات الحرجة من كل مباراة ».. « حرص لاعبي ومدربي الفريق على الصلاة في جماعة« …
تلك بعض مظاهر تدين « نسور قرطاج » التي لفتت أنظار متابعي المنتخب التونسي لكرة القدم المشارك في بطولة كأس الأمم الإفريقية في غانا ما بين 20-1-2008 وحتى 10-2-2008.
فقبيل انطلاق مباراة منتخب تونس مع نظيره الجنوب إفريقي يوم 27-1-2008 قرأ « نسور قرطاج » (لقب منتخب تونس) الفاتحة ورفعوا أيديهم بالدعاء طلبا للفوز، وهي المباراة التي فاز فيها « النسور » بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، وهو ما أرجعته نسبة كبيرة من الجماهير إلى الالتزام الديني للاعبين قبل أدائهم القوي.
لكن المشهد الأبرز في هذه المباراة، والذي تناقلته أغلب وكالات الأنباء، هي صورة السجود الجماعي للاعبين عقب تسجيل اللاعب شوقي بنسعادة الهدف الثاني.
الكاميرا التليفزيونية رصدت أكثر من مرة كلا من المدافع راضي الجعايدي، المحترف بالدوري الإنجليزي، وعصام جمعة، المحترف بالدوري الفرنسي، في حالة دعاء أو قراءة للقرآن.
« منتخب خيرى«
« نسور قرطاج » لفتوا الأنظار أيضا خارج الملعب، حيث جمعوا من بعضهم البعض أموالا اشتروا بها كميات ضخمة من المواد الغذائية وزعوها على فقراء مدينة تمالي، حيث يلعبون مبارياتهم.
وأدت هذه اللفتة إلى التفاف الكثير من جماهير المدينة ذات الأغلبية المسلمة حول المنتخب التونسي وتشجيعه في المباريات.
بداية الفكرة كانت عندما ذهب اللاعبون لأداء صلاة الجمعة الماضية في أحد مساجد المدينة ففوجئوا بحجم الفقر الذي يعانيه السكان، وبعد علمه بهذه التبرعات دعا أحد أئمة المساجد لـ »النسور » بالفوز بالبطولة.
ذاكرة التونسيين
هذه السلوكيات ذات الطابع الديني لا تنفصل عن التقدير التي يضفيه عشاق الساحرة المستديرة في تونس على الرياضيين الملتزمين دينيا، فكثيرا ما حفظت ذاكرتهم أسماء لاعبين نظرا لأخلاقهم الرفيعة النابعة أكثر من مهاراتهم الكروية.
فالكثيرون ممن عايشوا ثمانينيات القرن الماضي ما زال يحتفظ في ذاكرته بصورة لاعب نادي « حمام الأنف » والمنتخب الوطني فيصل الجلاصي، الذي كان يحرص على أن يتجاوز طول سرواله الركبتين (حدود العورة بالنسبة للرجل حسب المذهب المالكي السائد بتونس).
ويتذكر الكثيرون إجابة الجلاصي -الذي كان يلقب بالحاج- في أحد البرامج التلفزيونية الرياضية التونسية عن سؤال حول أكبر أمانيه، حيث رد قائلا: « أن أؤدي فريضة الحج« .
ولا تنسى الجماهير أيضا كابتن فريق « النجم الساحلي » في أواخر الثمانينيات لطفي الحسومي، الذي كان يحرص على أداء الصلاة في جماعة بين الشوطين مع عدد غير قليل من زملائه إذا صادف ذلك وقت صلاة مفروضة، وكذلك لاعب المنتخب السابق والمدرّب الوطني المساعد الحالي نبيل معلول، الذي كثيرا ما أشادت وسائل الإعلام في الثمانينيات وأوائل التسعينيات بالتزامه الديني.
كما يحظى المدير الفني لنادي الإفريقي التونسي الجزائري بن شيخة بتقدير واسع في أوساط الرأي العام لما يتمتع به من حس إسلامي يتجلّى دائما في حواراته مع وسائل الإعلام، وفي انضباطه الكبير على حدود الملعب حتى خلال المباريات المصيرية.
ويتجلى الالتزام الديني للعديد من اللاعبين في شهر رمضان، إذ يرفض الكثيرون ضغوط مسئولي أنديتهم لإجبارهم على الإفطار بدعوى الالتزام بالعقود الاحتراف المبرمة؛ ما تسبب في طرد بعض اللاعبين من أنديتهم أو معاقبة آخرين كما حدث العام الماضي للاعب نادي « الإتحاد الرياضي المنستيري » طارق سالم، وكذلك لاعب « النادي الإفريقي » محمد علي الغرزول، الذي أثارت مشكلته مع ناديه جراء تمسكه بالصيام صدى كبيرا في تونس.
« تؤثر على الناشئة«
الغريب أن السلوكيات ذات الطابع الديني للاعبي منتخب تونس على بساطتها أثارت حفيظة عدد ممن يقدمون أنفسهم على أنهم أنصار وحماة للعلمانية.
فقد طالب عدد من الصحفيين التونسيين المحسوبين على العلمانية بالكف عن نقل الصور التي ترصد هذه السلوكيات خلال البطولة الإفريقية بزعم أنها « تؤثر على الناشئة »، كما قال أحدهم في صحيفة « لوتون » الناطقة بالفرنسية في معرض تعليقه على نشر صورة تظهر المدرب المساعد للمنتخب وهو يؤدّي صلاة الجماعة مع مجموعة من مسئولي ولاعبي المنتخب.
وتعد مظاهر تدين « نسور قرطاج » جزءًا من صحوة دينية ملحوظة يشهدها المجتمع التونسي منذ تسعينيات القرن العشرين، ويتجلى أبرز مظاهرها في تزايد الإقبال على ارتداء الحجاب بالرغم من التضييقات الأمنية نظرا لحظر ارتدائه في هذا البلد المسلم.
(المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 3 فيفري 2008)
مهرجان الضحك بتونس يختتم انشطته بعرض فرنسي
تونس (رويترز) – اختتمت مساء يوم السبت 2 فيفري 2008 الدورة الثانية من مهرجان الضحك في تونس بعرض شيق قدمه الكوميدي الفرنسي بودير.
افتتح المهرجان الاسبوع الماضي وقدمت خلاله تسعة عروض من فرنسا وكندا والجزائر وتونس نالت اعجاب الجمهور.
قدم الكوميدي بودير المعروف في فرنسا بقبعته الصوفية البيضاء التي لا تفارق رأسه عرضا هزليا أثار اعجاب الحاضرين بالمسرح البلدي في العاصمة.
وقال المنظمون إن المهرجان يعتبر فرصة نادرة لاكتشاف المواهب في مجال الكوميديا ومشاهدة نجوم هذا الفن.
وقبل ذلك قدم الكوميدي التونسي نصر الدين بن مختار أيضا عرضا لمسرحيته « حي الاكابر » انتقد فيها الأثرياء في مواقف هزلية.
وانتزع عرض المقلد الفرنسي الشهير ايف لوكوك اعجاب الجمهور حين قلد عدة شخصيات من بينها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وصوره وهو يرقص على أنغام موسيقى شعبية تونسية.
لاقت باقي العروض التي قدمت بالمهرجان اقبالا واسعا عليها رغم ارتفاع سعر التذاكر الذي يصل إلى 50 دولارا للعرض الواحد.
وسيخصص ربع دخل المهرجان لجمعية خيرية تعنى بالتلاميذ الذين يعانون من صعوبات في التعلم.
(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 3 فيفري 2008)
أخبار نقابية من سوسة
بقلم: بدر الدين، نقابي من سوسة
نواصل كما عهدتمونا دائما موافاتكم بأخبار الإتحاد الجهوي بسوسة وخاصة تجاوزاته التي أصبحت في هذه المدة موضة حتى يضمن بعض الوجوه النقابية بقائهم في كرسي الإتحاد للتمعش وفيما يلي حصيلة الأسبوع :
*سجلنا بكل ارتياح عودة الأخ المكلف بالنظام الداخلي لمكتبه في المدة الخيرة ونحن إذ نشكر له تلبينه لندائنا فإننا نتساءل عن فحوى الجلسة التي عقدت بينه وبين الأخ الكاتب أمين المال في إحدى المقاهي ليلة قبيل رجوعه إلى المكتب ؟ فهل هو تحالف جديد أم أن المرحلة الحالية تقتضي ذلك هذا ما سنعرفه خلال الأيام القادمة.
*يواصل الأخ أمين المال الجهوي والكاتب العام الفعلي والمنتظر حملته الانتخابية للظفر بكرسي الكتابة العامة وتراه دائما في أفخم المقاهي يجلس مع هذا وذاك وفي أفخم المطاعم يتناول الغذاء فيا ترى هل أن هذه المصاريف من جيبه الخاص أم من…….؟؟؟؟
* نسينا أن نقول أيضا بأن الأخ محمد بن رمضان وردا على مقالنا الخاص بشرعية وجوده بنقابة مستشفى فرحات حشاد قد قام باجتماع يوم السبت ولكن الاجتماع حسب ما علمنا حضره قرابة 15 شخص فقط وهذا ما يؤكد أن سي محمد نصب كاتبا عاما لنقابة المستشفى وهو يسعى لأن ينصب كاتبا عاما للمكتب التنفيذي الجهوي وذلك بالتزوير والمصروف…..؟؟؟
*سؤال نسأله للمكتب التنفيذي الجهوي هل أن السيارة ميقان Mégane للإستعمال الشخصي أم ماذا ومن أين لكم كل هذا الوقود ؟؟؟ وسؤال لسي محمد بن رمضان لماذا أجلت مرة أخرى المحاسبة هل أنتم في حاجة لمساعدة ..؟؟ ولماذا انتم تشنون هجمة سرية على الأمين العام…..؟؟
وفي الختام نشكر كل من يمدنا بهذه المعطيات ونؤكد بأننا سنواصل حتى يكون الإتحاد مدرسة للديمقراطية الفعلية .
القانون التوجيهي للتعليم العالي
فلنصنع معا مستقبل الجامعة التونسية !
وقفة مع موعظة الحوار.نت
كتبه عبدالحميد العدّاسي:
يطيب لي أن أتوجّه بالشكر الجزيل لأسرة الحوار.نت لجعلها رابط إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم التونسية في ركن « موعظة الحوار »… وإنّها لموعظة بليغة بالغة الأهميّة، يجدر بالجميع التوقّف عندها لسماعها وفهمها والعمل بمقتضياتها…
كنت ممّن كتب عن مشروع بعث إذاعة الزيتونة، وذلك بتاريخ 15 – 09 – 2007، وقد قلت فيما قلت: « أنا – كغيري – أثمّن هذه الحركة (أعني بعث الإذاعة) وأسأل الله أن يبارك فيها ويجعل نتائجها خيرا ممّا أراده أصحابها. فلعلّها تصلح بعض ما أفسدت موزاييك وتونس 7 الفضائية وغيرها من الوسائل والبرامج الهدّامة المتعمّدة من طرف صاحب البُشرى نفسه وأعوانه »… ثمّ زدّت: « … ولقد تمنّيت على صاحب التغيير أن يبشّر مواطنيه بما يُفرحهم ويخفّف عنهم في بداية شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران (لمن أراد): إخلاء السجون من الرّهائن، إشاعة الحريّات العامّة والخاصّة، الإعلان عن عدم مجاراته للمنافقين الذين يتستّرون بالدعوة إلى إعادة انتخابه لمواصلة تمعّشهم من خيرات البلاد، تحرير المرأة باتّجاه ربّها فلا مناشير تحدّد لباسها ولا فكر متخلّف يجعل منها بضاعة من سقط المتاع، الضرب على المفسدين بجعل القانون التونسي الجيّد من حيث النصّ (باستثناء القوانين اللاّشرعية كالمسمّى بقانون الإرهاب المشيع فعلا للإرهاب) يجد طريقه إلى التنفيذ، إعادة الاعتبار إلى مؤسّسة العائلة التي تعرّضت إلى التخريب الكامل من طرف الحداثيين الفاسدين، محاربة البطالة ومسبّباتها، تشجيع العلم والعلماء والعمل والعاملين والحبّ والمحبّين (حبّ الخير للنّاس كافّة، حبّ البلاد، حبّ الدين، حبّ الله سبحانه وتعالى). »…
ولقد وجدتّ من خلال بعض الفقرات التي استمعت إليها من إذاعة الزيتونة القدر المقبول والكافي – ربّما – للبدء في إصلاح بعض ما أفسده مجفّفو الينابيع. فقد كان الذي سنّ فكرة التجفيف يعلم جيّدا دور تلك الينابيع في إصلاح الفرد التونسي الوطني الغيور، وقد سمّى الينابيع بأسمائها، قرآن وسنّة وحديث وأثر وأدعيّة مأثورة وعرف صالح، فبادر إلى القرآن يتخيّر منه ما يُحذَفُ احتراما لأحاسيس « المتحضّرين والحقوقيين » في تونس وفي العالم (ويكون بهذا قد نفى عن الله سبحانه وتعالى الحكمة) وإلى السنّة والحديث والأثر يغيّبها من حياة الفرد الخاصّة والعامّة وإلى العرف يشكّك في صلاحيته للعصر وإلى الأدعية يطمسها ويعتبرها – ربّما – ضربا من القعود أو الشعوذة…
الفقرات التي سمعتها من إذاعة الزيتونة لامَسَتْ تقريبا كلّ ما يحتاجه المسلم وما يجعله بإذن ربّه على صراط ربّه، فقد كان ممّا تابعت برنامج « في مدرسة الحبيب محمد صلّى الله عليه وسلّم » وهو عبارة عن إملاء قرآنيّة (ملّة) حرص فيها الشيخ المقرئ عثمان الأنداري – بارك الله فيه وفي نسله – على إتقان المخارج وقواعد التجويد، كما استمعت إلى نشيد رائق يتغنّى بالزيتونة التي فيّأت ظلالها وخيراتها النّاس، وكانت الأدعيّة رقراقة كثيرة تامّة كاملة بعد الأذان والصلاة المنقولة مباشرة إلى المستمعين ثمّ كان هدي الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ممثّلا في الحديث الشريف بلغة مبسّطة مفهومة، ولم يغب القصص القرآني عن المسامع بل جاء بعبره الثمينة. كلّ ذلك وغيره من المنافع كان من تقديم كفاءات تونسية مباركة جازاهم الله جميعا خير الجزاء، ومزيّنا بترتيل جميل مجوّد من طرف أصوات زيتونيّة توّاقة إلى طرق مسامع المؤمنين في كلّ المعمورة لتنبئهم أنّ الزيتونة لا تزال بإذن الله معطاءة كريمة إذا أخلص أبناؤها في ريّ عروقها وتخليص محيطها من الأعشاب الطفيلية الذميمة التي حدّت من كميّة السماد الموجّه لتطعيمها وإنعاشها…
ما أحلى أن أسمع – أنا التونسي – ويسمع آخرون هذا الذي تنتجه أو تذيعه الزيتونة للقرآن الكريم المنبثقة من الجمهوريّة التونسية، فإنّ ذلك يخفّف لا محالة من وقع أخبار تحكي عن وجود مجرمين في تونس دنّسوا القرآن الكريم وركلوه بأرجلهم (شلّت أرجلهم وأياديهم)، كما تحسّن من صورة البلاد والعباد وقد شُهر عن بعض مثقّفيهم وحكّامهم أنّهم يكرهون الدين والتديّن فلا يقبلون متحجّبة اختارت لنفسها الستر أو شابّا آثر أن ينشأ في طاعة الله أو رجلا اختار صحبة سيّد الشهداء حمزة رضي الله عنه فنطق بكلمة الحقّ عند ذاك الجائر…
ما أحلى أن يهتدي بعض من قومي إلى ما يصلح الحال، فيتّجهون إلى إشاعة ما به صلح أوّل هذه الأمّة بدل أن يتواصل الإصرار على الإثم كما يفعل أولئك الذين زيّن لهم الشيطان أعمالهم ممّن خرجوا عن دائرة العقلاء فأحرجونا والبلاد بتصرّفاتهم أمام الخلق أجمعين. وقد ساءني كثيرا أن ينصرف ثلّة من التونسيين إلى برمجة أسبوع ضحك في وقت عصيب كانت غزّة فيه تذبح، وكأنّهم قد اختاروا لأنفسهم مكانا تحت قول الله تعالى: « إنّ الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مرّوا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فاكهين وإذا رأوهم قالوا إنّ هؤلاء لضالّون« ، كما ساءني أن يفدَ بعض التونسيين على هذا المهرجان المميت للقلوب والذي لا يعكس في الحقيقة – بأيّ حال من الأحوال – ما عليه التونسيون في غالبيتهم المطلقة من تفاعل إيجابي مع القضيّة الفليسطينية خصوصا والشأن الإسلامي والعربي عموما…
أسأل الله أن يهدي الذي أشار بإحداث إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم لغاية علِمَها الله قبل أن يشرع هو بالتفكير فيها، أن يعمل ببعض ما تذيعه الإذاعة على النّاس، وأقول له ناصحا: والله، ما ينتظر منك التونسيون أكثر من أن تتركهم وشأنهم يرجعون إلى أصولهم التونسية الطيّبة التي قد خوّلت – حسب ما قرأت – لأبطالها هناك في غانا أكفّا ترفع بالدّعاء من أجلهم هذه الأيّام. فقد دعاهم أصلهم ودينهم وزيتونتهم اللاّشرقية واللاّغربية بعد الله سبحانه وتعالى إلى إظهار الوجه الطيّب لتونس المعطاءة الكريمة الحنونة العطوفة، فقاموا بالانفاق على بعض الفقراء هناك، وقد كان ذلك من مالهم الخاصّ الذي بيّضوا به الوجه ولمّعوا به الصورة مخالفين بذلك أناسا تافهين يعيشون في دفئك قد سوّدوا الوجه وبشّعوا الصورة… أنصحك بأن تبادر بإطلاق الحريّات العامّة والخاصّة وتعمّر المساجد وتشيع المعرفة فيها معتمدا إن شئت على نفس المشايخ الذين هم الآن في إذاعة الزيتونة غير متعمّد دفعهم إلى تملّق (لا قدّر الله) يفسدهم عند سامعيهم، وسوف ترى كيف تمُوتَ على كرسيك أو على فراشك معزّزا مكرّما تونسيا (إلاّ ما كان من شأنك مع ربّك فأمره إلى ربّك)، وإلاّ فابشر بنتائج السواد الذي ينفثونه من حولك تطوّقك عند نهايتك… وبارك الله فيما تبثّه الزيتونة وأصلح الله نوايا القائمين عليها وجزى الله خيرا كلّ المنتجين المخلصين…
النساء الديمقراطيات ..وعناد الموت
وأنا أتصفح نشرية تونس نيوز دأبي دأب كثير من التونسيين من العامة والنخب والوزراء والساسة والصحفيين ليقرؤوا ما أقعدتهم الرقابة عن كتابته .. إطلعت على النص الذي أصدرته الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات على إثر وفاة السيدة إلهام المرزوقي فإنتابتني حيرة عجيبة. كيف لا ونحن بين يدي نص يصلح لكل شئ إلا لتأبين… سيدة غيبها الموت تتبع بكلام جاف خال مقفر من مسلمات الترحم والإستغفار.
ألسنا بحضرة منظمة تطلق على نفسها المفردات التالية « الجمعية ». من منا لا يحب الجمعيات وهي محضن دافئ للخير والتكامل والتآزر وتجميع القوى من أجل البعث والترشيد والتحسين والتحسيس…
أما كلمة « التونسية » فكلنا توانسة والفخر كل الفخر أننا أبناء الخضراء. كيف لا وهي على صغر مساحتها إحتملت معلمين تنوء بهما القارّات ألا وهما زيتونة العاصمة وعقبة القيروان…
وأما كلمة « نساء » فمن رحمهن أتينا ، ومن صدروهن إرتوينا ، قلب كبير، وحضن دافئ ، وبعد هذا وذاك هي الأم ، والأخت ، والزوجة ، والبنت… رحمة ، ورحم ، وسكن ، وزينة…
أمّا كلمة « ديمقراطيات » فمن ذا الذي لا يحب الأبعاد السليمة لهذا المصطلح الذي أسهم في ترتيب العلاقات بين المجموعة البشرية وجنبها كثيرا من الدماء والويلات…
بناء على ما تقدم فهذه الجمعية من نبت بلادنا وليست نشازا عليها …إذا مالها لا تعزي بتعازينا ولا تؤبن بتآبيننا وما بال دعاء مثل: اللهم أرحمها برحمتك وأجرها من النار استبدلت « بعينين مشتعلتين … كعيني هرّة برية »..إمرأة قادمة على ربـّها نسوق خلفها هذا الكلام !! ونضن عليها بكلمة إستغفار ونشح عليها بترحـّم …ما هذا الخلط العجيب والسلوك الدخيل الذي لم تعرفه بلادنا على مدى تاريخها الطويل…أعناد هو … ؟ قد يجد هذا العناد وجه قبول ولو على خجل عند الجدال ، والنقاش ، والسب ، وقذف هذا وذاك ، ووصف الناس بالتخلف والرجعية والظلامية ، والدعوة الى التحلل من الهوية و »التطهـّر » من الموروث ، والعمل على تغريب الذات ثم التطوع لتغريب المجتمع …
كل هذا يهون ويؤخذ منه ويرد إلاّ الموت فلا عناد فيه ..فهو الذي يوحد خطاب جميع شرائح الشعب ونخبه التي أجمعت أنه المنتهى وأقرّت »علنا » أن ما بعده قدوم على الله لهذا توحدت أحاسيس الموت والتقى اليسار واليمين في الجنائز وصلى الكل على الفقيد وتضرّعوا إلى الله أن يرزقه الجنة وأن يتجاوز عن ذنوبه وأن يرحمه برحمته الواسعة وأن يرزق أهله الصبر والسلوان…
لعل إنشغال الجمعية بعقلنة الفكر النسوي أنساها الأصول نحو ميتة مسلمة عاشت مع المسلمين وماتت بينهم ودفنت في مقابرهم…ولما كنا أبناء بلد واحد لا بأس من أن أستدرك ما سقط « سهوا » من النساء الديمقراطيات وأدعو للراحلة ، وإن كان قد فاتكنّ الدعاء فأرجو منكن أن لا يفوتكنّ التأمين…اللهم إجعل أمتك إلهام المرزوقي ممن ختم لها بالتوحيد وأدخلها فسيح جنانك وتجاوز عن سيئاتها ولا تحرم أهلها أجرها ولا تفتنهم بعدها وإجعل موتها سببا في هداية رفيقاتها وأهد أعضاء الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات إلى ما تحبه وترضاه ولا تقبضهن إليك إلاّ وهن قانتات طاهرات مؤمنات مقبلات على طاعتك معرضات عن معصيتك.
أتبعن موتاكن بالكلام الطيب والدعاء والصدقة وأكثرن من ذكر محاسنهم التي تقرّبهم من الله وأمسكن عن الكلام في سيـئاتهم ولا تعاندن سلطان الموت واحفظن هيبة الجنائز، فإنه من لم يعظه الموت فلا واعظ له… أفرغن عنادكن في السياسة ، والثقافة ، والفكر، حتي إذا أتيتن إلى المقابر فدعنه على أبوابها وأستسلمن لقضاء الله وقدره ثم أدخلنها بسلام آمنين…
بقلم: نصر الدين
« نص الجمعية كما ورد من مصدره »
الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات:
إلى إلــهام المرزوقي
تونس في 24 جانفي 2008
يحق لنا أن نحزن ونبكي…يحق لنا أن نتألم…ويحق للكل أن يعزينا فيك.
في فقداننا للتي ساهمت في تأثيث الفكر النسوي وعقلنة مسار الحركة النسوية في بلادنا والتي بحثت في أعماق حراك التونسيات على مدى قرن في أول بحوثها الجامعية لتبين تواصل الأجيال في خلق نهضة فكرية نسوية تكذيبا لتاريخ يروي البعث من عدم..
يحق لنا أن نتصور مدى الفراغ ستتركه فينا وهي التي جادلتنا ونقدتنا وكانت منا وإلينا فقد كانت تصوغ افكارها بقوة وتعبر عنها دون أي تنازل بكلمة معقلنة وهادئة ضد كل نمطية أو أفكار مسبقة من خلال عينين مشتعلتين فطنة وذكاء كعيني هرة برية ووديعة في آن واحد لم تكن ثرثارة لأن الكلمة عندها تزن طنا ولأن كلمتها كانت الحرية والالتزام .. لأنها كانت الصدق والثبات على المبدأ و النزاهة الفكرية والعلمية
لأنها كل هذا فقد رحلت بصمت وتحملت آلامها في صمت إلى آخر رمق واختارت أن لا تثقل كاهل أحد عدا ثلاثة ممن فرضوا أنفسهم عليها فرضا في الفصل الأخير..
يؤلمنا أن ترحلي بهذه السرعة لتتركي فراغا في حراك التونسيات.. في حراكهن الخفي.. في الوعي وفي اللاوعي.. في الفوضى والانتظام ..أنت التي تناولته بقوة المنطق وشفافية البرهان وكلك ثقة في تواصل هذا الحراك فيك وفينا ..في زمن رديء همش العقل وشوه الالتزام.
رحلت أيتها الصديقة الرقيقة الحادة ونحن في أمس الحاجة لتجميع صفوفنا ونضال الفكر وثباته في أكثر من أي وقت مضى..ويحق لنا اليوم ولكل مناضلات الحركة النسوية اللواتي صعقن بالخبر وتجمعن لوادعك بأعداد غفيرة أن نقدم لك هذه التحية وأن نحمل إليك من خلالها كل الوفاء.
الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات
(المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 1 فيفري2008)
الشعب التنظيم- الشخصية التونسية نموذجا (الجزء الثالث من الدراسة) كتبها: فريد خدومة .. أبو الشهيد التونسي
النتائـــــــج
يعتقد سدنة تلك الخطة و المشرفون على تنفيذها و المستفيدون من نتائجها أنهم حققوا الكثير عندما أقفرت المساجد و ملئت السجون بأصحاب الرأي و على رأسهم الإسلاميين , و أفرغت المناهج التعليمية من روحها الأخلاقية و منع الحجاب بنص القانون و ضرب الاتحاد العام التونسي للطلبة . هم كذلك يعتقدون أنهم حققوا الكثير عندما فشت » القوادة » (أي الوشاية) في المجتمع التونسي حتى أصبح الولد يخشى من والده والوالد يخشى من ولده ،خذوا لكم مثلا من » نكتة » مرة كالعلقم تضحكك لكن قد تبكيك أيضا . – قال الولد لأبيه : أبي أبي هل حقا أن الفيل يطير , أجابه الوالد بكل استخفاف: من هذا الأحمق الذي أخبرك أن الفيل يطير !؟ . – الإبن : لقد سمعته من خطاب السيد الرئيس البارحة, صرخ الوالد في وجه ولده مستدركا خطأه : نعم نعم يا ولدي انه يطير يطير يطير ولكن لا يرتفع كثيرا .
أما نحن فنعتقد أنهم ما حققوا شيئا عندما تهاوى هذا المشروع بظهور الفضائيات التي كسرت جدار العزلة المفروض على التونسي الباحث عن فضاءات أخرى والرافض لواقعه المرير . انهم لم يحققوا شيئا عندما غصت المساجد من جديد بالمصلين ولم يستطع محللو وزارة الداخلية و الاستخبارات فهم هذه الظاهرة فهم على يقين أن الحركة الاسلامية لا تزاول نشاطها في تونس بعد أن شردوا كوادرها ما بين السجون و المنافي و لكن من كان وراء امتلاء المساجد بالشباب بكل بساطة وبدون تعقيد وبمنهجية سليمة في التفكير تدرك أن وراء تلك الظاهرة هو الله جل جلاله .
عندما قرر هؤلاء نصب المشنقة للإسلام في تونس اختاروا ابنه البكر « حركة النهضة » وفعلا استطاعوا ترويض هذا الثور بالسياط ثم كبلوه ثم أسقطوه أرضا ليعلنوا بانتشاء » أن البقرة سقطت وأن السكاكين كثرت » . لقد نصر الله دينه وأظهره رغم الكيد العظيم الذى دبروه وبيتوا له .
والكثير من الشباب التونسي اليوم متعطش للإغتراف من الإسلام رغم أن الكثير منه كان غارقا في الإنحراف فتنكبه وولى وجهه قبل الإلتزام بدينه … شباب غيبته الحانات والمراقص والملاهي والمخدرات عن قضاياه الوطنية والقومية, فهجر هذا العفن الذي أغرق فيه وأصبح من رواد المساجد .
نتيجـة خطــة تجفيف الينابيع الإسلامية
في حقيقة الأمر فإن خطة تجفيف الينابيع هذه قد أعلن عن موتها بلسان الحال ولكن لم يملك أصحابها الجرأة إلى اليوم للإعلان عن موتها , ومرد ذلك أن إعلان موتها هو موت لسدنتها وموت لكل التيارات التي ساهمت في صياغتها و المؤسسات التي رعتها .
إن مشروع الصحوة الإسلامية الذي تشهده تونس ما بعد التسعينات يعد إعلانا رسميا على موت المشروع اللائكي برمته و بتهاوي أصحابه واحدا بعد آخر ويحق لنا اليوم أن نسأل: أين الدكتور محمد الشرفي أبرز منظري ذلك المشروع ؟؟؟ وأين العصا الغليظة القنزوعي وسيده القلال ؟؟؟..
لقد أفلحوا مثلا في القضاء على الكتاب الإسلامي إلى حد بعيد من خلال منع طباعته داخل الوطن وبغلق دور النشر ذات التوجه الإسلامي (15) وأيضا من خلال منع توريده ومصادرة المكتبات الخاصة أثناء المداهمات الليلية ومنع تداول الأشرطة السمعية والبصرية , ولكن ما ان ملأوا مخازنهم بما صادروه حتى ملئت أسطح العمارات و المنازل بل وحتى بعض الأكواخ في الريف التونسي « بالهوائيات » حتى تندر الناس بأن امرأة ريفية باعت جهاز التلفاز الوحيد الذي تمتلكه لتشتري بثمنه « بارابول « . وقد ذهب في ظن أصحاب تلك الخطة في بادئ الأمر أن تلك الظاهرة صحية وهي تخدم خطتهم لحد بعيد لعلمهم بما تحتوي عليه كثير من القنوات من سموم , ولكن القنوات الإسلامية المختلفة هي التى شغلت المشاهد التونسي وحازت على إهتمامه .
ضحية قناة تونس سبعة
إن التونسي الذي استعبدته القناة التلفزية الرسمية تونس سبعة وجعلته مستهلكا لاختيار له , وتسعى أن تقتل فيه الذوق الرفيع بعد أن ولت توجيهات الرئيس بورقيبة وما شاكلها بوعود تحرير الإعلام التي تهاوت مثلها مثل الوعد بالتعددية السياسية وغيرها .
لم يتجه المشاهد التونسي كما أمل القوم إلى تلك القنوات التي كان من المرجو أن يتجه إليها رأسا بل فاجأ الجميع بإهتمامه بالقنوات الجادة كقناة الجزيرة التى مثلت تجربة غير مسبوقة في ساحة الإعلام العربي , وقد حاولوا شن حملات التشويه ضدها إلا أنها ثبتت أمام تهاوي جميع الحملات .
إن التونسي الذي ألف على مدى العشريات الماضية الرداءة الرسمية وخرج منتصرا بالمحافظة على شخصيته رغم الهنات أصبح محصنا من السقوط في مثل تلك المطبات التي توضع في طريقه .إن توجه التونسي لكل الفضائيات لا يخيفنا لأن المداهمات الليلية والإعتقالات العشوائية صنعت منه حارسا شرسا على شخصيته .
دور برنامج الاتجاه المعاكس على قناة الجزيرة
مثل برنامج الاتجاه المعاكس الذى تبثه قناة الجزيرة القطرية ويديره المذيع القدير فيصل القاسم نموذجا كان له الفضل الكبير في إنعاش الشخصية التونسية من جديد التي صنع منها استقلال بورقيبة وما بعده شخصية مهزومة مصلحيه انتهازية ولا تخلو من مزاجية مزاجية , تعتقد أنه بحزب الدستور تفتح لها أبواب الدنيا و الآخرة وربما اعتقدت لوقت طويل أن بورقيبة لا يموت . هذه الشخصية لاتستطيع أن تضعها في خانة واحدة ومحددة و ذلك لتداخل المتناقضات فيها .
الاتجاه المعاكس كان من ضمن سلسلة من صدمات الوعي التى تعرضت لها الشخصية التونسية , ولعل أول الصدمات التى تلقتها هي تبخر الوعود الرسمية المعلنة ثم خطة تجفيف الينابيع وضرب الحركة الإسلامية ثم تدجين باقي تشكيلات المجتمع المدني. وقد تعلم التونسي – ليس بإطلاقه طبعا – من هذا البرنامج معاكسة رأي بن علي وسلطته وحزبه ونبهه أنه هناك أكثر من وجهة نظر وأن الرأي الواحد دكتاتوية وإستبداد مرفوض حتما .
إن « لا » استثناء في حياة التونسي المعاصرة ولكن يجب ألا ننسى أن ذلك الاستثناء كان فعلا المساهم الأبرز في صياغة شخصيته، فعبد العزيز العكرمي و الشرايطي و من معهم قالوا : »لا » في 1962 , وقال « لا » أيضا الإتحاد العام التونسي للشغل في أكثر من مناسبة و كان من أبرزها سنة 1987 و في الثمانينات يكاد لا يمر شهر جانفي دون « لا » جادة و غضوبة لكنها عوملت بشراسة و عنف بربري كاد أن يلقي بكل التونسيين في البحر.
دور المقاهي
إن من لا يعرف تونس يتفاجأ من ظاهرة امتلاء المقاهي فيها , فهل يعد هذا الفعل اختياريا أم اضطراريا ؟ . إننا نعتقد أن هذا الفعل هو بين الإختيار و الإضطرار لأن المقهى هو الملجأ الوحيد لهذا الجيش من العاطلين عن العمل كي يستريحوا من عناء التسكع في الشوارع و ملجأ المثقفين الذين لم يجدوا في دور الثقافة إلا » الدومينو » و » السكرابل » و ملجأ المسيسين الذين حرموا من النشاط والفضاء الحزبي و من الجريدة الحزبية و ملجأ » القوادة » كي تلتقط آذانهم ما لذ و طاب من الهزل و الجد على السواء لتنقل إلى الدوائر الأمنية.
من خلال المقهى تدرك بكل مرارة أن تونس بلد صغير وكان يمكن ألاّ تكون لها مشاكل أصلا فمشكلتنا ليست قبلية ضاربة في القدم من زمن « الزير و البسوس » و لا يمكن أن يوجد لها حل , يمكن أن ندرك أن مشكلتنا تحلّ بإباحة الوطن للجميع و تقديس الجميع لحرية الجميع و اعتبار أن رأس مال التونسي هو التونسي نفسه و لكن عندما تخروج من المقهى تدرك أن المشكلة أكبر منك و من الحزب الذي تنتمي إليه.
اليسار أكل الكتف
عندما أصبحت التسعينات جزءا من التاريخ أي جزءا من الذاكرة أصبحت من الممكن دراستها ونحن ندعي أنها كانت مشروع مقبرة لشخصية التونسي والدليل الذي ذكرناه ! . أقول إن شخصية التونسي قد ساهم في هزها و تشظّيها و دفعها إلى عدم الوثوق بالانجاز , وبوعود ما قبل التسعينات , وقد مهد لسنوات عشرية التسعينات الدامية بسنوات ساهمت في خنق التونسي بعد ذلك و عمّقت أزمته ففي تلك السنوات صدقّ هذا الشعب المخدوع تاريخيا أنه أصبح حرا بنتاج ثورة « هادئة » أهدت له الحياة الحرة الكريمة على طبق من فضة فانبرى كغيره يجرب دورة في الحرية و التحزب و الحق في التعبير بل ولذة الرفض و المعارضة حتى لمجرد أن يشعر أنه حر فكانت انتكاسة انتخابات 1989 التي شارك فيها الشعب لأول مرة بكل قوته , وقد أثبتت هذه المحطة الإنتخابية أن » دار لقمان على حالها » .
في بداية العهد الجديد عادت الروح إلى الشارع التونسي بدون حذر اعتقادا من الشعب الطيب أن رحيل بورقيبة أخذ معه البورقيبية بما تحوي من تسلط و تألّه و لكن الشعب إنقاد وراء الوعود الوردية بل و حتى النخبة المسيّسة صدقت أنها انتقلت إلى ملعب ديمقراطي دون أن تقدم ثمن قدوم الديمقراطية وكان يكفي الوقوف عند التناقض الذى حدث بين خطابي بن علي في 06 نوفمبر 1987 و 07 نوفمبر1987 لتبين بواكير زيف الخطاب الرسمي .
وحده اليسار عرف كيف تؤكل الكتف فأيد التغيير الجديد بدون تحفظات و لم يبق على لونه ولم يتحجر بل دخل كل الأبواب الجديدة بدون تحفظ و كان أن أجاد اللعبة فأصبح بدون منازع في الصف الأول في تجمّع بن علي.
أما الإسلاميون فقد سقطوا في الفخ معتقدين في الوعود المعسولة المعلنة من جهة و تسامح الغرب الذي لم يبدي اعتراضا على تواجدهم على إحدى ضفاف المتوسط ونسوا أن الغرب لن يسمح لهم بالتواجد القوي في إحدى ضفاف المتوسط .
رقبة الحـــر
عندما نسترجع تلك السنوات العجاف تأخذنا الشفقة على تلك النخبة النيّرة التي ما ألانتها سجون بورقيبة , والتى انخدعت بمشاريع قوانين » حبر على ورق » أو قرارات جوفاء لا تقدم و لا تؤخر بل لعلها ساهمت في صياغة بعضها بوعي أو بدونه. لنرى بعجالة كيف مهد للتسعينات بكل حذق و حرفيّة حتى يسلم الحر رقبته لجلاده دون أن يمنحه فرصة للصراخ و طلب النجدة أو وقتا كافيا للتدارك أو للرفض أو للتراجع :
1) 26 نوفمبر 1987: تنقيح فصول مجلة الإجراءات الجزائية المنظمة للإيقاف التحفظي .
2) 6 ديسمبر 1987: إنشاء مجلس دستوري يسهر على مطابقة القوانين مع أحكام الدستور.
3) 29 ديسمبر 1987 : إلغاء محكمة أمن الدولة و خطة الوكيل العام للجمهورية .
4) 31 ديسمبر 1987: عفو رئاسي عن 405 محكومين بتهمة الانتماء إلى حركة الاتجاه الإسلامي.
5) 8 مارس 1988: إلغاء الأحكام الصادرة ضد صحافة المعارضة.
6) 8 افريل 1988: إعادة المطرودين من الوظائف العمومية لأسباب نقابية.
7) 12 أفريل 1988: الموافقة على تركيز الفرع الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في تونس.
8) 30 أفريل 1988: افتتاح ملتقى حول التربية من أجل التفاهم و التعاون الدولي و السلام وتعليم حقوق الإنسان.
9) 11 نوفمبر 1988: : تونس توقع على اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1984 الخاصة بمناهضة التعذيب أو المعاملة اللاانسانية أو المهنية .
10) 2 أوت 1988: تنقيح القانون الخاص بالجمعيات .
11) 6 نوفمبر 1988: إصدار القانون المتعلق بالنظام الخاص بالسجون.
12) 6 نوفمبر 1988: الرابطة التونسية لحقوق الإنسان تعلن بأنه لم يعد هناك سجناء رأي في تونس.
13) 3 ديسمبر 1988: جمعية الدراسات الدولية تنظم ملتقى حول حقوق الإنسان و التنمية توج بإصدار بيان تونس حول حقوق الانسان والشعوب.
14) 25 جانفي 1989: الرئيس بن علي يتسلم جائزة لويز ميشال (للديمقراطية وحقوق الانسان ) لعام 1988 الممنوحة من المعهد الفرنسي للدراسات السياسية والاجتماعية.
15) 23 مارس 1989: تونس تحتضن المعهد العربي لحقوق الانسان.
16) 23 نوفمبر 1989: تونس ترعى ندوة حول حقوق الانسان في افريقيا.
أمكن بفضل تلك الوعود الهالكة سالفة الذكر وضع التونسي تحت » الحذاء » كما يقول المثل التونسي وإرباكه إلى درجة أنه لم يتبين سبيل الخلاص مما هو فيه من أزمة خلفتها أكثر من ثلاث عقود من حكم بورقيبة .
والمتابع بكل دقة مصير القرارات الثورية التي أطلقها » العهد الجديد » والتي أحيت الأمل لدى المواطن التونسي بعد عقود حكم الحزب والزعيم الواحد يستسيغ حالة الإحباط التي وصل إليها التونسي في التسعينات , وهذا بعض حصاد العشرية المرة :
1- وقع انتهاك الإيقاف التحفظي في التسعينات على نطاق واسع حتى بلغ ما يناهز السنة لبعض الموقوفين .
2- إعادة العمل بالرئاسة مدى الحياة بالحيلة الدستورية .
3- المحاكمات العسكرية التي انطلقت منذ سنة 1992 وكانت أشد أحكاما وأكثر خرقا للقانون من محكمة أمن الدولة الملغاة بشهادة جميع المنظمات الدولية .
4- وقع إعادة الإسلاميين إلى السجون بل أعيدوا إليها أضعافا مضاعفة و مازالوا إلى اليوم يساقون إليها سوقا .
5- توقيف جريدة الفجر عن الصدور و الزج بالعاملين فيها وبمديرها الصحفي حمادي الجبالي في السجون و منع الدعم عن جريدة الموقف .
6- وقع طرد الآلاف من الإسلاميين من وظائفهم .
7- المنظمات الدولية أدانت محاكمات 1992 و في كل تقرير تصدره سنويا تعتبره تونس من أشد المنتهكين لحقوق الإنسان ولعل تقرير هيومان رايتس ووتش لسنة 2008 آخر شاهد على ذلك .
8- مواصلة عقد المؤتمرات و الندوات في شتى المواضيع و لكن لا يسمح لها بتجاوز صالونات النزل , أي أنه لا أثر لها فعليا على أرض الواقع .
9- ممارسة التعذيب بشتى أنواعه بل و حتى الاغتصاب و هناك من استشهد تحت التعذيب ( الشهيد المحواشي وقائمة الشهداء طويلة ) وفي السجن يعتبر التعذيب سياسة معتمدة رسميا .
10- منع حركة النهضة من الحصول على التأشيرة و حزب العمال الديمقراطي و التكتل من أجل الجمهورية و رابطة الكتاب الأحرار… إلخ .
11- فيما يخص السجون يكفي أن نذكر ببعض أسماء الشهداء للتدليل على كون هذه المؤسسة « حضارية » و تسهر على المحافظة على حقوق الانسان من هؤلاء الشهيد الطالب عبد الوهاب بوصاع من شهداء برج الرومي و الشهيد الصحفي سحنون الجوهري من شهداء 9 أفريل و لا يفوتنا أن نذكر بالتعذيب الجماعي الجسدي و النفسي الذي تعرضت له نخبة من أبناء حركة النهضة يوم 1 ديسمبر 1991 في سجن برج الرومي على يدي مدير السجن الملازم أول محمد الزغلامي وزبانيته وعلى رأسهم الوكيل أول محمد الوشتاتي و الوكيل حبيب عليوة .
12- تسلم الرئيس بن علي في خلال مجازر التسعينات العديد من الجوائز و خاصة في مجال حقوق الانسان .
13- تجاوز سجناء الرأي في تونس التسعينات الخمسة عشرة ألفا.
…..يتبع
(المصدر: موقع السبيل أونلاين بتاريخ 3 فيفري 2008)
كفانا لعن الظلام وسبّ الحكام
(الجزء الثاني من 4)
بقلم: علي شرطاني
– مسؤولية النخبة من مختلف الطيف السياسي والفكري :
إن حالة الإنقسام الحاد الذي آلت إليه شعوب أمة العرب والمسلمين في مختلف أوطانها بعد سقوط نظام الخلافة وإنهاء العمل بالنظام الإسلامي، والإجتياح الصليبي الصهيوني الغربي الإستعماري للعالم الإسلامي، بعد إتفاقية سايكس بيكو المشؤومة، هي التي ترتب عنها وجود طوائف جديدة متعددة بتعدد مشاربها الثقافية، بعد أن فقد العرب والمسلمون الإنسجام الثقافي والإنقسام المتنوع في إطار نفس الثقافة. وكانت أهم هذه الطوائف الحاضرة في نفس الوطن الواحد، والتي أصبحت تتخلل نفس الشعب الواحد من شعوب أمة العرب والمسلمين، في الوطن الواحد من أوطان هذه الشعوب، هي الحركة القومية والليبرالية الرأسمالية والحركة اليسارية الشيوعية، ليصبح الإسلام متمثلا كغيره من الثقافات في حركات إسلامية مختلفة كغيرها من الحركات الأخرى. وبتنوع هذه الحركات والطوائف، تنوعت النخبة طبعا، وتنوعت الأنظمة، إذا ما استثنينا النخبة العربية الإسلامية في الحركة الإسلامية، باستثناء بعض الأنظمة التقليدية المحسوبة على الإسلام، وبعض التجارب الحديثة التي مازالت لم ترتق بعد بفعل عوامل كثيرة إلى المستوى المطلوب الذي تكون فيه معبرة عن المثل الحقيقي للنظام الإسلامي. وكانت كل هذه النخب إما متمثلة في أنظمة سياسية أو موالية وداعمة لها أو معارضة. وقد كانت متمثلة في أنظمة هنا وداعمة وموالية لها ومعارضة لها هناك.
ومن هنا تأتي مسؤولية هذه النخب، ومن هذه المواقع المختلفة التي تترتب عليها فيها مسؤوليات لا يقل بعضها عن البعض الآخر. فهي التي من خلال موقعها في السلطة كانت مستبدة فاسدة لم تزد الشعوب إلا تخلفا وانحطاطا، وإلا قهرا وانقساما. وهي التي من خلال موقعها في الموالاة والمساندة والدعم لم تكن إلا شريكا مع الأنظمة ومدافعة عنها في ما جرته عن الشعوب والأوطان من كوارث وويلات وخسائر. وهي التي من خلال موقعها في المعارضة لم تكن إلا معول هدم، وذلك ما كانت تلتق فيه مع تلك الأنظمة، لهوية الأمة ولأصالتها ولثوابتها ولخصائصها ولكل مقومات شخصيتها. فهي المسؤولة عن عدم القدرة على الإلتحام بالجماهير وعن عدم القدرة عن تأطيرها عقائديا وثقافيا وفكريا وتاريخيا باتجاه تحقيق أهدافها في الحرية والوحدة والإستقلال والتحرر والعدل والمساواة…وهي التي مازال خطابها يقوم على سب الظلام دون أن تكون قادرة على إضاءة شمعة واحدة، وعلى سب النظام دون أن تكون قادرة على سلوك بالجماهير والشعوب بر الأمان والدفع بها إلى الأمام.
– مسؤولية الشعوب :
إن التاريخ يعلمنا أن مسؤولية الجماهير والشعوب من مسؤولية النخبة والصفوة في مجتمعاتها. وأن الذي لا شك فيه أن صلاح هذه الجماهير والشعوب من صلاح النخبة والصفوة منها وفيها، وأن فسادها من فسادها. وهي التي تستمد مسؤوليتها منها. فعلى نفس مستوى النخبة وقيمتها تكون مستويات الجماهير والشعوب وقيمتها.
وإذا كانت النخبة منقسمة إلى طرفين رئيسيين:
– طرف موال وداعم ومعاضد ومدافع عن هذه الأنظمة، لغايات وأهداف وأغراض مختلفة عادة ما تكون خاصة غير وطنية وغير عامة.
– وطرف، من قوى الغش والتضليل والجذب إلى الخلف من أجل الصالح الخاص على حساب الصالح العام، وهو كذلك من قوى الهدم العبثية أو العدمية بحسب ما تكون طبيعة النظام المدين له بالولاء « تقدميا ثوريا ديمقراطيا » رافعا راية القومية العربية ومبشرا بالحرية والإشتراكية والوحدة، أو راية الليبرالية والتطور والحداثة والتقدم، ومبشرا كذلك بالحرية وبالديمقراطية وحقوق الإنسان، أو شيوعيا رافعا الراية الحمراء، داعيا إلى العالمية ومبشرا بوحدة العمال وبدكتاتورية الشغيلة وبالعدالة الإجتماعية والرخاء المادي الذين لا مكان لهما في الأرض إلا بإنهاء الملكية الخاصة ونسف جهاز الدولة. وهي أنظمة وقوى وتيارات ونخب عبثية أو عدمية تقليدية محسوبة على الإسلام، رافعة شعار العروبة والأصالة، ومبشرة بعدل الإسلام وتسامحه، وسماحة الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان، وهي التي على النحو الذي يجب أن تكون عليه، لا يكاد يكون لها مكان فيه.
في ظل هذا الإنقسام القائم، والذي يزداد استفحالا بتشجيع ودعم من قوى الهيمنة الدولية الرابح الوحيد منه، استحال الوضع في أوطان شعوب الأمة إلى أنه كل ما جاءت أمة من هذه الأمم، أي نخبة من هذه النخب، لعنت أختها. وعوض أن تضيئ هذه النخب شموعا، ظلت تلعن الظلام. وعوض أن تبدع وتصلح، ظلت تسب الحكام. وإذا كان هذا هو المضمون الفكري والثقافي الذي تقدمه هذه النخب وهذه المجاميع وهذه التيارات والحركات والأحزاب لجماهير الشعوب، فماذا يمكن أن تكون ثقافتها، غير ثقافة الإطراء والمديح والدفاع عن الأنظمة، التي ليست في حاجة لمن يدافع عنها لأن القوة هي سبيلها للوجود ولٌلإستمرار في الوجود، ولا أحد يستطيع في الحقيقة أن يدافع عنها لما هي عليه من سوء وفساد. وماذا يمكن أن تكون ثقافتها، وهي التي تتزود من الجهة الثانية من النخبة في المعارضة العلمانية خاصة، غير ثقافة لعن الظلام وسب الحكام، ليكون المجتمع منقسما إلى فئتين :
– فئة تقبل بالظلام ومدح ومعاضدة الحكام.
– وفئة لا تقبل بالظلام، ولا تنته من الإستمرار في تأكيد ثقافة سب الحكام، مما يحيلنا إلى القول :أن المسؤولية في النهاية هي مسؤولية الشعوب وإن كانت منقسمة على نفسها بحسب انقسام النخبة فيها. فهي التي من المفروض أن تحسم الخلافات والإنقسام لصالحها. وهي التي من المفروض أن تتحمل مسؤوليتها في ماضيها وحاضرها ومستقبلها. فبرغم كل ما حصل وما يمكن أن يحصل، فإن مسؤولية الحسم الثقافي والسياسي والإجتماعي هي مسؤولية الجماهير والشعوب، سواء في حال ائتلاف النخبة أو اختلافها، أو في حال تعاطيها بإيجابية مع الواقع الداخلي والخارجي والمحلي والإقليمي والدولي أو بسلبية.
(المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 3 فيفري 2008)
التعذيب أعظم إنجازات العهد الجديد
(الحلقة الثالثة)
بقلم: المنجي الفطناسي
سألني أحد الإخوة الأفاضل ما الذي دفعك للكتابة عن التعذيب في هذا الظرف بالذات ؟
فأجبته شاكرا له سؤاله :
– أن ماكينة التعذيب في تونس لم تتوقف ولو ليوم واحد منذ عشرين سنة إلى الآن.
– أن جريمة التعذيب لا تسقط بالتقادم ويجب التشهير بها وبمرتكبيها على الدوام خاصة وأن جراحات ضحاياها لا تكف عن النزيف أبدا.
– أني أردت من خلال طرح هذا الموضوع تذكير أولئك الذين اختاروا رغبا ورهبا هذه المرحلة المؤلمة والمحزنة (التي تصعد فيها أرواح شهدائنا الأبرار إلى السماء الواحدة تلك الأخرى شاكية لربها ظلم بن علي لتمجيد ومدح منجزات هذا السفاح) أنهم تناسوا بقصد وبسابق إصرار ذكر أعظم إنجاز يحسب لهذا الرجل وهو إهانته لآدمية البشر في تونس وقتلهم قتلا بطيئا من خلال سياسة التشفي والإنتقام والإهمال الصحي والجريمة المنظمة .
ولسائل أن يسأل ماذا تساوي هذه المنجزات المزعومة مقارنة بما حققه فراعنة العصر صدام وشاه إيران وغيرهما من معجزات اقتصادية وعسكرية وتكنولوجية وتقدم على جميع المستويات.
وهل شفعت لهم هذه المنجزات وهل نفعتهم في شيء عندما انتفضت عليهم الشعوب وانتقمت لشرفها وكرامتها ودينها وحريتها ؟
– كما وددت أن أرد على الذين يلبسون على الناس ويغالطونهم حين يزعمون أن بن على ليس وحده مسؤولا عن كل ما يحدث في تونس من انتهاكات خطيرة بل أن هناك أطرافا داخل السلطة لها مصلحة في استمرار تردي الأوضاع الحقوقية وهي التي تدفع دائما باتجاه ذلك.
أقول لهؤلاء اتقوا الله ، كفى استبلاها للعقول كفى ضحكا على الذقون ، كل الذين عرفوا هذا الرجل من قريب أو بعيد يجزمون أنه شر مطلق لا خير فيه ، يكفي أن هذا الذي حدث ويحدث يتم في عهده وبعلمه وبقرارات منه فهو المسؤول رقم واحد في الدنيا والآخرة ، ولو كانت له رغبة صادقة وإرادة أكيدة في تغيير الأوضاع لحصل ذلك من زمن بعيد ولما عانى أشراف تونس كل هذه المعاناة.
لقد تهيأت كثير من الظروف المحلية والدولية لإصلاح ذات البين بين أبناء الخضراء ولكنه رفض وأبى واستكبر وأصر على سياسة القمع والإستبداد والإنغلاق.
كما جاء في تصحيح الأخ خالد تعليقا على ما ورد في الحلقة الأولى أن الذين سجنوا من المتورطين في التعذيب أعربوا عن ندمهم واعترفوا أن الأوامر كانت تأتيهم مباشرة من القصر.
إني أشبه المطبلين والمزمرين لمنجزات الظالم والمهرولين نحو ه طمعا في المصالحة وفي وحل الدنيا بمحمود عباس وزمرة أوسلو الباحثين عن التسوية مع أولمرت وباراك وشمعون بيريز.
إن حجم الدمار السلوكي والأخلاقي والمعاملاتي الهائل الذي تسبب فيه هذا الفاسد المفسد الضال المضل تحتاج من التونسيين الغيورين إلى عشرين سنة من العمل الجاد والمخلص حتى تعود الأمور إلى مستوى الصفر.
وأساليب التعذيب التي تستعمل في تونس تذهب بالألباب ويشيب لها الولدان ( عودوا إن شئتم إلى كتاب مأساة مساجين الرأي في تونس وكتاب الحديقة السرية لبن علي لمؤلفه الدكتور أحمد المناعي وتقارير منظمة العفو الدولية وكل المنظمات الحقوقية في الداخل والخارج من بداية التسعينات إلى يوم الناس هذا) .
وضحايا التعذيب في تونس يعدون بعشرات الآلاف منهم من قضى نحبه ومنهم من هو في طريقه إلى ذلك بسبب حرمانه من العلاج ومنهم من سيعيش بقية حياته معاقا أو مشوها أو مصابا بأمراض مزمنة ومنهم من فقد مداركه العقلية ومنهم من انتحر بسبب الحصار الذي مورس عليه في رزقه وفي حريته بعد خروجه من السجن .
إن الواجب يحتم علينا هذه الأيام أن نتحرك في نفس الوقت لرفع الحصار الظالم المسلط على إخواننا في غزة وعلى إخواننا المناضلين والمسرحين من سجون بن علي..
ومن المشاهد المؤثرة التي طبعت في الذاكرة:
– اعتقالهم لأم أحد الإخوة الفارين وهي في الثمانين من عمرها ووضعها في الزنزانة الإنفرداية (السيلون) في ظروف لا تليق وتفتقد لأبسط المرافق الإنسانية لأيام طويلة محاولة منهم للضغط على ابنها حتى يسلم نفسه.
– من أسوأ المشاهد تجريدهم لأحد الإخوة الربانيين الحافظين لكتاب الله من كل ثيابه أمامي. هذا الأخ له مكانة كبيرة في قلبي، فكان من أصعب الأشياء علي أن أراه في تلك الحالة.
– إحدى الطالبات عذبت أمامي عذابا أليما وكانت تسأل سؤالا واحدا أين يختفي خطيبك فلان ؟ فتأكدت حينها من حقيقة تحرير المرأة في تونس.
– أحد الإخوة الأعزاء أدخلوني عليه في غرفة من غرف التعذيب فلم أعرفه ولم أتبينه ، شكله مختلف تماما ، ملابسه كلها ممزقة لا يوجد مكان في وجهه وجسده إلا وبه انتفاخ أو تغير في اللون. روى لي عندما التقيته بعد أشهر في السجن أنهم كانوا يضربونه بعصي فيها مسامير حادة.
– الشهيد عامر الدقاشي عذبوه حتى الموت ثم ألقوا بجثته من الطابق الثالث إيهاما وادعاءا أنه رمى بنفسه محاولا الفرار.
– أحد الإخوة حاولوا تعرية أمه .وزوجته وأخته أمامه وهددوه باغتصابهن إن لم يعترف ،الأم توفيت بعد أيام حسرة وكمدا من هول ما رأت في وزارة الداخلية.
– أحد الأعوان الشبان في سجن برج الرومي أجلس شيخا في الخامسة والسبعين من عمره ( في مقام جده ) على ركبتيه وأشبعه صفعا ورفسا ودوسا والمسكين يستغيث ولا مغيث دون مراعاة لكبر سنه وضعف بصره وشيب شعره.
– أضرب بعض الإخوة عن الطعام بسبب تردي الأوضاع داخل السجون فما كان من مدير السجن إلا أن أخرجهم إلى الساحة وطرحهم على بطونهم أرضا بعد أن قيد أيديهم إلى الوراء ثم أتى بوجبة الغداء وصبها في مستنقع للمياه الراكدة الوسخة وأرغمهم على أكلها تحت لهيب السياط وترويع الكلاب.
– أحد الإخوة طار جزء من جلدة رأسه نتيجة شدة التعذيب، هذا الجزء استظهر به المحامي أمام القاضي في قاعة المحكمة.
– أحد الإخوة كان فارا منهم على متن دراجة نارية فدهسوه بسيارتين واحدة من الأمام والأخرى من الخلف مما تسبب له في كسور على مستوى الظهر والرجلين ، حملوه إلى المستشفي حيث تم تجبيره ثم عادوا به إلى بوشوشة أين أذاقوه ألوانا عديدة من العذاب رغم تحذيرات الأطباء.
– أحد الإخوة كان بدينا لم يستطيعوا تعليقه من رجليه الإثنين فعلقوه من رجل واحدة مما جعل العذاب والآلام أضعافا مضاعفة .(تصوروا هذه الوضعية إنسان بدين يعلق من رجل واحدة كيف يكون حاله ).
– أحد الإخوة التف حوله سبعة من الوحوش المفترسة وهو معلق ، أحدهم يضربه بعصا ضربا مبرحا على أصابع رجليه والثاني يكويه بسيجارة في أماكن حساسة من جسده والثالث يدخل عصا في دبره والرابع يضع خرقة وسخة كريهة الرائحة على أنفه وفمه ويضغط عليه إلى حد الإختناق والخامس يضربه على صدره بحذاءه العسكري والسادس يلقي عليه أسئلة والسابع يضربه بالسوط على رأسه ويطالبه بسرعة الإجابة دون تردد أو تفكير.
– أحد الإخوة ضربوه بقضيب حديدي على جهازه التناسلي مما تسبب له في عقم دائم.
إضافة إلى ممارسات كثيرة يندى لها الجبين لا أستطيع الحديث عنها لخدشها الحياء.
ألأكثر إيذاءا من التعذيب في سجون ومعتقلات بن علي الإفراط في سب الجلالة والتطاول على الدين وعلى القرآن الكريم وعلى رسولنا العظيم .، فما رأيت في حياتي قط أفحش قولا وأشد بذاءة في اللسان من هؤلاء، إضافة إلى رائحتهم الكريهة بسبب قلة نظافتهم وممارسة العديد منهم للتعذيب وهم سكارى مخمورون .
والمتأمل في أحوال أغلب المهرولين وهم قلة والحمد لله أمام الشريحة الواسعة من الصابرين الثابتين يجد أنهم لم يقعوا بين أيدي الجلادين ولم يتعرضوا لما تعرض له رفقاء الدرب، وأن الله عافاهم مما ابتلى به بقية إخوانهم ولو حصل لهم ما حصل لغيرهم لعرفوا حقيقة عدوهم ( ليس هناك مكان يعرفك بحقيقة وشراسة وبشاعة عدوك مثل زنازين الداخلية والسجون) ولما هرولوا ولما انبطحوا ولما مدحوا ولكان لهم رأي آخر.
والجلادون أناس لا يمكن مقارنتهم بالحيوانات ، فالحيوانات أفضل منهم على جميع المستويات ، الحيوان إذا ربيته واعتنيت به يصبح وديعا أليفا خدوما وفيا رحيما أما هؤلاء فلا يملكون صفة واحدة من هذه الصفات.
وينقسم الجلادون من خلال تجارب المعارضين معهم إلى ثلاثة أقسام:
– قسم من مجرمي الحق العام وأغلبهم أميون وقع توظيفهم منذ العهد البورقيبي (بعد أن غسلت أدمغتهم ) لتعذيب وقتل الأبرياء. تشعر من خلال أحاديثهم وممارساتهم بمحدودية مستواهم ، وهؤلاء لا يعرفون للرحمة سبيلا ، تجد الواحد منهم مستعدا وبمنتهى الغباوة لتنفيذ كل الأوامر ولو على أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه.
– ومن نكد الدنيا على المرء أن يرى أحد هؤلاء الجهلة القذرين يعذب دكتورا في الجامعة أو طبيبا مرموقا.
– قسم من اليساريين القدامى والجدد الحاقدين الذين انخرطوا في سلك الأمن انتقاما لهزيمتهم النكراء أمام الإسلاميين في كل قطاعات المجتمع. تراهم يعذبون من منطلق عقائدي.
– قسم من المثقفين أصحاب الشهادات صدت السلطة أمامهم كل أبواب العمل الشريف وفتحت لهم أبواب الداخلية على مصراعيها فتورطوا في تطبيق جرائم السلطة ضد الأبرياء.
الأشخاص المورطون في أعمال التعذيب في تونس
يأتي رئيس الدولة طبعا في المقدمة نظرا لأن كل هذه الإنتهاكات الخطيرة حدثت في عهده وبأوامر منه وهو المطلوب رقم واحد لدى محاكم الدنيا والآخرة ثم كل الوزراء الذين تعاقبوا على حقيبتي الداخلية والعدل ومدراء الأمن ثم :
الجلادون بإدارة الأمن الوطني :
عزالدين جنيّح
حسن عبيد
علي منصور
حمادي حلاس (شهر محمد الناصر)
فرج قدورة
محمد علي القنزوعي
المنصف بن قبيلة
رضا الشابي
عبد الحفيظ التونسي
عبدالرؤوف بالشيخ
محمود بن عمر
عمر السليني
محمود الجوادي
البشير السعيدي
زياد القرقوري
عادل العياري
عبد الرحمان القاسمي ( شهر بوكاسا )
محمد الطاهر الوسلاتي
جمال العياري
عبد الفتاح الأديب
عبد الكريم الزمالي
محمد قابوس
محمد المومني
عادل التليلي
حمودة فارح
عماد الدغار
مراد العبيدي
رشيد رضا الطرابلسي
عبدالرحمان الفرشيشي
عبد المولى .
وغيرهم كثير.
أعوان و ضباط الإدارة العامة للسجون
أحمد الحاجي
التومي الصغير المزغني
الجديدي العلوي
نبيل العيداني
أحمد الرياحي
كريم بالحاج يحيى
الحبيب عليوة
علي بن عيسى
صلاح الدين مبارك
البشير النجار
الهادي الزيتوني
مراد الحناشي
الهادي العياري
رضا بالحاج
عمر اليحياوي
الصادق بالحاج
فيصل الرماني
عبد الرحمان العيدودي
صالح الرابحي
علي شوشان
هشام العوني
جمال الجرب
سامي القلال
هندة عيادي
بلقاسم ملوخية
حسن عرصة
حسن البناي
حسن الأبرص
الوشتاتي
محمد الزغلامي (سرق ميزانية السجن لما كان مديرا لسجن برج الرومي في أواسط التسعينات فاعتقل وسجن في نفس السجن الذي كان يعذب فيه الأبرياء وتوفي فيه، التقاه أحد الإخوة فبل وفاته بأيام في إحدى غرف السجن فوجده يبكي نادما على ما اقترفت يداه وطلب منه أن يبلغ كل الإخوة الذين عذبهم اعتذاراته وأنه كان ضحية سياسة الدولة وأنه كان يطبق الأوامر التي كانت تأتيه مباشرة من بن علي ووزيريه للداخلية والعدل، راجيا من كل المساجين العفو عنه) .
وغيرهم كثير
(المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 3 فيفري 2008)
تونس في 3 /2 / 2008
يوم لا يمحي من الذاكرة
بقلم محمد العروسي الهاني
مناضل- كاتب في الشأن الوطني والعربي الإسلامي
حرية الإعلام والتعبير والحوار في وسائل الإعلام المرئية و المسموعة لها شروط و آداب وفضائل سامية وأخلاق عالية وحقائق بعيدة عن الإثارة و التجريح .
قال الله تعالى و جادلهم بالتي هي أحسن صدق لله العظيم
بقلم محمد العروسي الهاني
السبيل أونلاين- يُحيي ذكرى الشيخ محمد الخضر حسين رحمه الله
الحلقة الأولى من 3 (جمع وتنسيق الأستاذ علي سعيّد)
بمبادرة من ثلة من محبي المرحوم – جازاهم الله خيرا وأحيى قلوبهم – كان إحيـاء ذكـراه إحيـاء ذكـرى الشيخ العلامـة محمد الخضـر حسيـن رحمـه اللـه تعالـى
« بحٌر(من العلم) لا ساحل له »
كان إماماً من أئمة العربية في العصور المتأخرة، وفذاً من أفذاذ علماء الإسلام كما قال عنه العلامة محمد الطاهر بن عاشور – رحمهما الله .
المولد والنشأة العلميّة
وُلد « محمد الخضر الحسين » في مدينة نفطة بجنوبي تونس في(26 رجب 1293هـ= 16 أغسطس 1876م)، ونشأ في أسرة كريمة تعتز بعراقة النسب وكرم الأصل.
حفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادىء القراءة والكتابة، وألمّ بشيء من الأدب والعلوم العربية والشرعية. وقد ذكر أن والدته قد لقنته مع إخوانه (الكفراوي) في النحو و(السفطي) في الفقه المالكي.
انتقل وهو في الثانية عشرة من عمره سنة (1888) إلى تونس العاصمة، والتحق بعد عامين بجامع الزيتونة، أرقى المعاهد الدينية وأعظمها شأناً في المغرب، حيث تُقرأ علوم الدين من تفسير، وحديث، وفقه، ونحو، وصرف.
كان من أبرز شيوخه الذين اتصل بهم وتتلمذ لهم: عمر بن الشيخ، ومحمد النجار وكانا يدرّسان تفسير القرآن الكريم، والشيخ سالم بوحاجب وكان يدرس صحيح البخاري، وقد تأثر به الخضر الحسين وبطريقته في التدريس.
وفي الزيتونة تقدم الطالب النابغة في تحصيل العلم، وظهرت أمارات نبوغه في العلوم العربية والشرعية.
تخرَّج سنة (1903) حاصلاً على الشهادة العالمية في العلوم الدينية والعربية، وأصبح بذلك من علماء الزيتونة.
جهاده وجهوده العلمية
ليس من السهل الفصل بين جهود الشيخ العلاّمة رحمه الله في الدعوة والإصلاح، وجهاده لتحرير وطنه ورفعة أمته مواجها مؤامرات قوى الاحتلال من وجه، وعاملا على إحياء قيم الحرية والتحرر في النفوس من وجه آخر فـ »إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ« .
في تونس
في العام الذي تخرَّج فيه أنشأ الشيخ مجلة « السعادة العظمى » و هي أوّل مجلّة تصدر بتونس باللغة العربية؛ لتَنْشر محاسن الإسلام، وتفضح أساليب الاحتلال الذي حاول أن يطمس نور الشريعة عن عيون المسلمين، ولم يدخر جهدا لتشويه اللغة العربية، ورميِها بالجمود والتخلُّف؛ لينصرف الناس عن قرآنهم المجيد وأحاديث نبيِّهم الكريم صلى الله عليه وسلم.
وقد لقيت « السعادة العظمى » صدى واسعا في مختلف الأوساط ، وكان من أبرز من شجعه و نوه بمشروعه الشيخ سالم بوحاجب ، وكان أستاذه محمد النجار من بين المحررين بالمجلة، وكان من بين محرريها أيضا الشيخ العلامة محمد الطاهر بن عاشور والشيخ محمد النخلي وهؤلاء يعتبرون من رواد حركة الإصلاح والاجتهاد في تونس.
إلى جانب التدريس والخطابة بالجامع الكبير بمدينة « بنزرت » تولَّى قضاءها في سنة (1905)، غير أنه ما لبث أن ترك وظيفة القضاء المرموقه سنة (1908) لأن ميدان القضاء حال بينه وبين الدّعوة إلى الإصلاح والجهاد.
عاد إلى تونس العاصمة، وعمل مدرسًا بالمدرسة الصادقية، وهي المدرسه الثانوية الوحيدة بتونس يومئذ، وفي العام التالي تطوع للتدريس بجامع الزيتونة، ثم أُحيلت إليه مهمة تنظيم خزائن الكتب الخاصة بهذه الجامعة العريقة، وتمَّ تعيينه رسميًا مدرسًا بها.
وكان في أثناء ذلك يقوم بالخطابة في المنتديات الثقافية، داعيًا إلى إحياء قيَم الحرية والتحرُّر، وبثِّ الروح الإسلامية في النفوس، والعناية بالنشء وتعليمه.
لما قامت الحرب الإيطالية الطرابلسية سنة (1911)، وزحفت الجيوش الغازية، واحتلت طرابلس وبني غازي وقف الخضر بقلمه ولسانه في مجلته « السعادة العظمى » يستنفر الأمة، ويستنهض الدولة العثمانية؛ لاستخلاص الحق من مغتصبيه، وأشعلت مقالات الشيخ الحماس في النفوس، ونبَّهت الغافلين من الأمة، وشعر المستعمر الفرنسي بخطورة ما يقوم به الشيخ المجاهد، فاتَّهمه ببثِّ روح العداء للغرب، وبدأ يضيّق عليه، ممّا دفع به إلى طلب حياته الفكرية والعملية في خارج تونس ، خصوصاً وأنه من أنصار (الجامعة الإسلامية) الذين يؤمنون بخدمة الإسلام خدمة لا تضيق بها حدود الأوطان .
كالغيث أينما حلّ نفع
قـام الشيخ بـعـدة سـفـرات متوالية بادئاً بالجزائر عام (1909) لإلقاء المحاضرات والدروس فلقي ترحيباً من علمائها ، وكانت هذه الرحلة بداية جديدة شرع بعدها في إعداد نفسه وأفكاره الإصلاحية.
بين الشام والآستانة
وفي عام (1911) لمّا وجهت إليه تهمة بث العداء للغرب ، ولاسيما فرنسا يمم الشيخ وجهه صوب الشرق ، وزار كثيراً من بلدانه ، وزار خاله في الآستانة ولعل هذه الرحلة لاكتشاف أي محل منها يلقي فيه عصا الترحال .
في الآستانة لـقـي وزيـر الحربية (أنور باشا) فاختاره محررًا عربيًا بالوزارة فعرف دخيلة الدولة، فأصيب بخيبة أمل للواقع المؤلم الذي لمسه ورآه رؤيا العين، فنجد روحه الكبيرة تتمزق وهي ترى دولة الخلافة تحتضر وقال في قصيدة (بكاء على مجد ضائع) :
أدمـى فـؤادي أن أرى الـ * أقـلام تـرسـف في قـيـود وأرى سيــاسـة أمتي * في قبضة الخصم العـنـيد
ثم بعثه إلى برلين في مهمة رسمية، فقضى بها تسعة أشهر، أتقن فيها اللغة الألمانية والتقى هناك بزعماء الحركات الإسلامية من أمثال: عبد العزيز جاويش، وعبد الحميد سعيد، وأحمد فؤاد. وقد نقل لنا من رحلته هذه نماذج طيبة مما يحسن اقتباسه ، لما فيه من الحث على العلم والجد والسمو نجدها مفرقة في كتبه: (الهداية الإسلامية) و(دراسات في الشريعة الإسلامية) .
عاد إلى العاصمة العثمانية، واستقر بها فترة قصيرة لم ترقه الحياة فيها، فعاد إلى دمشق، وفي أثناء إقامته تعرَّض لنقمة الطاغية « أحمد جمال باشا » حاكم الشام، فاعتقل سنة (1915) وحوكم أمام مجلس عسكري بالإعدام ولكن وقعت تبرئته وإطلاقه بعد أن لبث في السجن سنة وأربعة أشهر، وبعد الإفراج عنه عاد إلى إستانبول، وما كاد يستقر بها حتى أوفده أنور باشا مرة أخرى إلى ألمانيا سنة (1916). ثم عاد إلى إستانبول، ومنها إلى دمشق ، وتولى التدريس بثلاثة معاهد هي : (المدرسة السلطانية – المدرسة العسكرية – المدرسة العثمانية)
وعن هذه المرحلة حدّث تلميذه علاّمة الشّام الشّيخ محمّد بهجة البيطار رحمه الله تعالى فقال: ((أستاذنا الجليل الشّيخ محمّد الخضر حسين، عَلَمٌ من أعلام الإسلام هاجر إلى دمشق في عهد علامتي الشّام المرحومين: جدّي عبد الرّزّاق البيطار، وأستاذي الشّيخ جمال الدّين القاسمي فاغتبطا بلقائه، واغتبط بلقائهما، وكنّا نلقاه، ونزوره معهما ونحضر مجالسه عندهما، فَأُحْكِمَتْ بيننا روابط الصّحبة والألفة والودّ من ذلك العهد. ولمّا توفّي شيخنا القاسمي تغمّده المولى برضوانه أوائل سنة 1332 هـ لم نجد نحن معشر تلاميذه مَنْ نقرأ عليه أحبّ إلينا ولا آثر عندنا من الأستاذ الخضر لما هو متّصف به من الرّسوخ في العلم، والتّواضع في الخلق، واللّطف في الحديث، والرّقّة في الطّبع، والإخلاص في المحبّة، والبرّ بالإخوان والإحسان إلى النّاس، فكان مصداق قول الشّاعر: كأنّك من كل الطّباع مركبٌ * فأنت إلى كلِّ النفوس محبَّبُ وأخذنا من ذلك الحين نقتطف ثمار العلوم والآداب من تلكم الرّوضة الأُنُف، ونرتشف كؤوس الأخلاق من سلسبيل الهدى والتّقوى، ولم يكن طلاّب المدارس العالية في دمشق بأقلّ رغبة في دروسه، وإجلالا لمقامه، وإعجاباً بأخلاقه من إخوانهم طلاّب العلوم الشّرعيّة، بل كانوا كلّهم مغتبطين في هذه المحبّة والصّحبة، مجتمعين حول هذا البدر المنير. وقد قرأنا عليه في المعقول والمنقول، والفروع والأصول، طائفة من أفضل ما صنف في موضوعه، وهي لعمر الحقّ دالة على حسن اختياره، وسلامة ذوقه، وقوّة علمه، وشدّة حرصه على النّهوض بطلاّبه، وإعدادهم للنّهوض بأمّتهم… وقد كنت نظمت أبياتاً جمعت فيها بين ذكر هذه الكتب، ووصف دروس الأستاذ، وجعلتها ذكرى لنفسي ولمن شاركوني في الطّلب والتّحصيل، عند أستاذنا الجليل، فقلت:
يـا سائلي عَنْ درسِ * بِّالفضْل مولانا الإمام ابـن الـحسين التونسيِّ * مـحمدالـخضر الهمام سَلْ عنهُ مُسْتصفى الأصـ* ول لليث معترك الزحام أعـني الـغزالي الحكيـ * م رئـيس أعـلام الكلام وكـذاك فـي فن الخلا * فبـداية الـعالي المقام أعـني ابن رشد من غدا * بـطل الـفلاسفة العظام وكـذا صحيح أبي حسيـ * ن مـسلم حَـبْر الأنـام وكـذلك الـمغني إلـى * شـيخ النحاة ابن الهشام وكـذا كـتاب أبي يزيـ * د ابـن المبرّد في الختام تـلك الدروسكما الشمو * س تـنير أفلاك الظلام يـدني إلـيك بـها حقا * ئـق كـل علم بانسجام فـتكون مـنك دقائق الـ* معنى على طرف الثمام فـالحقعـوضنا بـه * مـن شـيخنا شيخ الشآم فـعـليه مـا ذرّ الـغزا * لـة رحمة الملك السلام
أبقى الله – تعالى – أستاذنا الخضر الجليل للدين والعلم والأدب ركناً ركيناً، وحصناً حصيناً.)).. انتهى
إلى القاهرة
كانت السلطات الفرنسية بتونس قد صادرت أملاكه في 20 جوان 1917م، وحكمت عليه بالإعدام بتهمة التحريض على مقاومة فرنسا أثناء رحلتيه إلى ألمانيا .. ووجد الشيخ نفسه عرضة من جديد لملاحقة السلطات الفرنسية في سوريا عقب معركة ميسلون سنة (1920)، فلجأ إلى مصر.
نزل محمد الخضر الحسين القاهرة سنة (1920)، واشتغل بالبحث وكتابة المقالات، ثم عمل محررًا بالقسم الأدبي بدار الكتب المصرية، واتصل بأعلام النهضة الإسلامية في مصر، وتوثَّقت صلته بزعماء الفكر الإسلامي من أمثال « أحمد تيمور » و »محب الدين الخطيب » و »عبد الوهاب النجَّار » و »محمد رشيد رضا »، الذين عرفوا قدر الرجل ومنزلته العلمية، وفي أثناء ذلك حصل على الجنسية المصرية ، وتقدَّم لامتحان شهادة العالمية بالأزهر، وعقدت له لجنة الامتحان برئاسة العلامة عبد المجيد اللبان مع نخبة من علماء الأزهر الأفذاذ، وأبدى الطالب الشيخ من رسوخ القدم ما أدهش الممتحنين، وكانت اللجنة كلما تعمَّقت في الأسئلة وجدت من الطالب عمقًا في الإجابة وغزارة في العلم، وقوة في الحجة ، وبلغ من إعجاب رئيس اللجنة بالطالب العالم أن قال: « هذا بحٌر لا ساحل له، فكيف نقف معه في حِجاج ».
منحته اللجنة شهادة العالمية الأزهرية، وبها أصبح من كبار الأساتذة في كلية (أصول الدين والتخصص) لاثنتي عشرة سنة.
معاركه الفكرية
وفي هذه المرحلة من حياة الشيخ امتحنت الحياة الفكرية بفتنة ضارية أثارها كتابا: « الإسلام وأصول الحكم » لعلي عبد الرازق و »في الشعر الجاهلي » لطه حسين، وكان الشيخ محمد الخضر حسين واحدًا ممن خاضوا هذه المعركة بالحجة القوية والاستدلال الواضح والعلم الغزير.
أما الكتاب الأول فقد ظهر في سنة (1926) وأثار ضجة كبيرة وانبرت الأقلام بين هجوم عليه ودفاع عنه، وقد صدم الكتاب الرأي العام المسلم حين زعم أن الإسلام ليس دين حكم، وأنكر وجوب قيام الخلافة الإسلامية، ونفى وجود دليل عليها من الكتاب والسنة، وكانت الصدمة الثانية أن يكون مؤلف هذا الكتاب عالمًا من علماء الأزهر.
وقد نهض الشيخ محمد الخضر حسين لتفنيد دعاوى الكتاب فأصدر كتابه: « نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم » سنة (1926) تتبع فيه أبواب كتاب علي عبد الرازق، فكان يبدأ بتلخيص الباب، ثم يورد الفقرة التي تعبّر عن الفكرة موضوع النقد فيفندها، ونقد استخدام المؤلف للمصادر، وكشف أنه يقتطع الجمل من سياقها، فتؤدي المعنى الذي يقصده هو لا المعنى الذي يريده المؤلف.
وقد كشف الخضر الحسين في هذا الكتاب عن علم غزير وإحاطة متمكنة بأصول الفقه وقواعد الحجاج وبصيرة نافذة بالتشريع الإسلامي، ومعرفة واسعة بالتاريخ الإسلامي ورجاله وحوادثه.
وأمَّا الكتاب الآخر فقد ظهر سنة (1927)، وأحدث ضجة هائلة، حيث جاهر مؤلفه الدكتور طه حسين بالاحتقار والتشكيك في كل قديم دُوِّن في صحف الأدب، وزعم أن كل ما يُعد شعرًا جاهليًا إنما هو مختلق ومنحول، ولم يكتف بهذه الفرية فجاهر بالهجوم على المقدسات الدينية حيث قال: « للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل وللقرآن أن يحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل، ولكن هذا لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي… »، وقد انبرت أقلام غيورة لتفنيد ما جاء في كتاب الشعر الجاهلي من أمثال الرافعي، والغمراوي، ومحمد فريد وجدي، وألَّف الشيخ محمد الخضر حسين كتابا شافيا في الرد على طه حسين وكتابه بعنوان: « نقض كتاب في الشعر الجاهلي » فنَّد ما جاء فيه، وأقام الأدلة على أصالة الشعر الجاهلي وكشف عن مجافاة طه حسين للحق، لم يكن الشيخ في ردّه متطفلا أو متهافتا ولكنه ردّ من موقع العالم العارف المتضلّع في اللغة و الآداب العربيّة فضلا عن تمتعه بملكة الشعر حفظا و إنتاجا.
جهوده الإصلاحية في القاهرة
– سنة (1928) اشترك الشيخ مع جماعة من الغيورين على الإسلام منهم: أحمد تيمور , وعبد العزيز جاويش , ومحمد أحمد الغمراوي , وعبد الوهاب النجار , وحسن البنا، وصالح حرب .. وغيرهم في إنشاء جمعية الشبان المسلمين، ووضع لائحتها الأولى مع صديقه محب الدين الخطيب، وأسندت رئاستها للدكتور عبد الحميد سعيد، وقامت الجمعية بنشر مبادئ الإسلام والدفاع عن قيمه الخالصة، ومحاربة الإلحاد العلمي، فكانت منارة إصلاح ورسالة توجيه وإرشاد.
– وفي السنة نفسها أنشأ « جمعية الهداية الإسلامية » وكان نشاطها علميا أكثر منه اجتماعيا، وضمَّت عددا من شيوخ الأزهر وشبابه وطائفة من المثقفين، وكوَّن بها مكتبة كبيرة كانت مكتبته الخاصة نواة لها، وكان هدف الجمعية القيام بما يرشد إليه الدين الحنيف من علم نافع وأدب رفيع مع السعي للتعارف بين المسلمين ونشر حقائق الإسـلام ومـقـاومـة مـفـتـريات خصومه، وصدر عنها مجلة باسمها هي لسان حالها، كانت بستانا للروائع من التفسير والتشريع واللغة والتاريخ.
– تولى رئاسة تحرير مجلة نور الإسلام – الأزهر الآن – التي أصدرها الأزهر في (1931)، ودامت رئاسته لها ثلاثة أعوام.
– تولى رئاسة تحرير مجلة لواء الإسلام سنة (1946)، وتحمل إلى هذه الأعباء التدريس بكلية أصول الدين، فالتف حوله الطلاب، وأفادوا من علمه الغزير وثقافته الواسعة.
– عندما أنشئ مجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة (1932) كان من الرعيل الأول الذين اختيروا لعضويته ضمن عشرين عالمًا وأديبًا من كبار رجال العلم في مصر والعالم العربي وأوروبا ، كما اختير عضوا بالمجمع العلمي العربي بدمشق، وأثرى مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة ببحوثه القيمة عن صحة الاستشهاد بالحديث النبوي، والمجاز والنقل وأثرهما في حياة اللغة العربية، وطرق وضع المصطلحات الطبية وتوحيدها في البلاد العربية.
(المصدر : موقع السبيل أونلاين بتاريخ 3 فيفري 2008)
لوحات سريالية من غزّة
عبث المشهد أقوى من خيالي و على الوصف استحال رجل يحمل سيفا و على الرأس عقال راقص الوحش انتشاء برسول الاحتلال فحسبت الأمر من تصميم « دالي » * مشهد فاق خيالي فاسندوني يا رجال عبث المشهد في غزّة قتل و قتال فقهاء الملك لا زالوا على الشاشات في أوج الجدال أبكاء الطفل في غزّة جوعانا و عريانا و مسلوب النعال يطلب الغوث و يستجدي الضمير إن أعنّاه حرام أم حلال؟؟ قد حسبت الأمر من تصميم « دالي » مشهد فاق خيالي فاسندوني يا رجال عبث المشهد في غزة أسلاك انعزال لم يعد صهيون في البطش غريبا فلحوم العرب اليوم على مائدة الفتك غلال عجبي أن يلف الأخ حول ساق الأخ آلاف الحبال و يرى غزة كابوسا تمنى البحر يطويها بأمواج الزوال قد حسبت الأمر من تصميم « دالي » مشهد فاق خيالي فاسندوني يا رجال واقع المشهد في غزة زحف و نضال و عبور لحدود الزيف أحيا ذكريات في القنال سقد الوهم و « رفح » لم تعد نصفين زورا و افتعال وحّد الضيم قلوبا عذّبتها عسس الليل و أدمتها عقود الانفصال بل وحّد الضيم قلوب الحيوان فرأيناها طيورا و معيزا و جمال و حميرا تفهم العالم أنّ الدّم لا يرتدّ ماء بينما الحمر الراقصة اليوم على كل الحبال تجعل المشهد من تصميم « دالي » مشهد فاق خيالي فاسندوني يا رجال خالد العقبي/ شاعر/نفطة * دالي: هو رائد السرياليّة الرسام الإسباني سلفادور دالي.
ورقة التوت:
الصحفيون بين ذاكرة غزّة وأخلاق الضفّة!!!!
علامات….
الإضراب على الوتر الحسّاس…
نصر الدّين بن حديد
لا شكّ أنّ الإضراب عن العمل شكّل إحدى الوسائل النضاليّة الهامّة في المسيرة النقّابة نحو تجسيد الحقوق وتحقيقها. أيضًا عملت الأطراف المقابلة على الدوام من أجل إفشال هذا الأسلوب وإسقاطه، سواء نظرت إليه في شكل الخسارة الماديّة الصرفة على مستوى الإنتاج، أو ما تؤسّس من موازين قوى جديدة بين الأطراف الفاعلة ضمن المعادلة الإنتاجية…
لا شكّ كذلك أنّ علاقات الإنتاج راهنًا لم تعد تخضع إلى ما كانت عليه في منتصف القرن التاسع عشر، وقت شرّعت النقابات العمّاليّة أبواب النضال وعملت على تحصيل الحقوق وإثبات الذات وقد دفع وبذل من أجل هذه الغاية، العشرات، بل الآلاف دماءهم وأرواحهم.
لم يعد راهنَا الفعل هامّا في ذاته، بقدر ما منظومة وجب التأسيس لها، بغية تأمين النجاح المادّي وأيضًا تأمين مشروعيّة لهذا التحرّك وجعله عملا مقبولا، إن لم يكن مطلوبًا…
صارت وسائل الإعلام المجال الأوسع الذي يسعى من خلاله سواء المضربون أو من يقفون ضدّهم إلى تبرير الفعل أو تفنيده… لذلك صار النجاح أو الفشل مرتبط بمدى تقبّل العمق الشعبي لهذا الأسلوب ومدى التعاطف مع المضربين…
هذه المعادلة الجديدة أو بالأحرى المتطلبات الطارئة، حوّلت الممارسة النقّابة من مجال العمل المطلبي الصرف إلى دوّامة العلاقات العامّة سواء مع الأطراف المجتمعيّة الأخرى وأساسًا مع وسائل الإعلام وكلّ وسائط الاتّصال القائمة، التي استطاعت بحكم الآلة الإعلاميّة ودورها وتأثيرها أو بفعل المراكمة، أن تمسك في شدّة بالوعي العام ومن ثمّة توجهه المنحى الذي تريد.
لم تعد المسألة تعني مدى التزام العمق النقابي بأدواته النضاليّة أو مدى التوحّد حول المسائل الخلافيّة مع الأعراف أو الطرف المقابل، بقدر ما السؤال من خلال وسائل الإعلام ـ أساسًا ـ عن مدى النظرة التي يحملها العمق الشعبي لأيّ تحرّك نضالي… حين غابت في تونس تقاليد البحث ورؤية مسألة الإضراب من زوايا علمية ومن خلال مقاربات أكاديميّة، يمكن أن ننظر إلى الواقع الماثل أمامنا على اعتباره دلالات نتبيّن من خلالها مشهدًا وليس بالقطع تلك الحقائق الثابتة… أضرب الأساتذة عن العمل وبقي التلميذ والوليّ دون علم ـ كامل وشاف ومقنع ـ بدوافع هذا التحرّك وما ترتكز عليه هذه الممارسة النضاليّة… من حقّ الأساتذة الإضراب عن الطعام، مع ما تحمل هذه المسألة أو هي تتطلبّ من نقاشات داخل العمق النقابي أو على مستوى الوعي الوطني العام…
من حقّ أطفالنا أن يعلموا عن شؤون البلد وشجونه. قد يعلمون الكثير عن النظام الجمهوري ومبدأ التفريق بين السلط وآليات الممارسة السياسيّة، وأساليب فرز النخبة الحاكمة عبر الاقتراع، لكن الواجب يدعونا إلى أن نجعل علمهم بمناحي الأخرى كاملا، بل قادرًا على التأقلم مع المستجدّات…
من واجب الأساتذة ـ سواء من أضرب أو رفض ذلك ـ أن يقدّم للتلاميذ صورة عن هذه الممارسة النضاليّة، دون تقديس الفعل أو تدنيسه، ليكون الطفل بذلك جزءا من الوعي العام والإدراك الجمعي…
(المصدر: صحيفة « مواطنون » (لسان حال التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات) (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 46 بتاريخ 23 جانفي 2008)
الرابط: http://www.fdtl.org/IMG/pdf/mouwatinoun_46.pdf
علمني … علمني…
الاتحاد منظّمة الشرف والعمل …
انعقد المؤتمر التأسيسي للاتحاد العام التونسي للشغل يوم ألأحد 20 جانفي 1946 واحتفلنا الأحد الماضي 20 جانفي 2008 بالذكرى 62 لتأسيس منظّمتنا الشغّيلة …
منظمّة ظلّت مقرّاتها في جميع أنحاء الجمهورية تذكّرنا بمحمّد علي الحامّي ( وجامعة عموم العملة التونسيين ) بين الحربين … تذّكّرنا بالشيخ محمّد الفاضل بن عاشور وأوّل رئيس لهذه المنظّمة الشهيد فرحات حشّاد وأوّل كاتب عام الكيلاني الشريف والبشير بلاّغة وعبد الوهاب دخيل ومحمود بن الطاهر والصادق الشايبي والهاشمي بالقاضي والتهامي بن عمر وعبد العزيز بوراوي والحبيب عاشور وسالم الشفّي والنوري البودالي ومحمّد الحلواني ومحمّد صالح النيفر وعبد المجيد بن عمر والطاهر الشعبوني وخميس بن عمار والتيجاني بن فريحو وعمار البلف وعزوز بينسة وفريد سيكابو وحمدة البار وحامد البعط والناصر الغبار وكمال عفطة والحبيب ولد آمو ومعز النقنوق وكريمة شقلالة ومنير الجالغ وجمال خشارم و ولد البحر ونايا ثانا و بلقاسم العمدة والبرني وعبد العزيز الوالي وشاكر المستعمد وفريد جلغ الدين وعلالة نوايرية ومختار ولد حمد وعلى بن عمار والهادي خميس وعبد الرزاق الصوابني وكريم زبط و الصحبي المعفط وعلى رأس من جا وهنا : فخر الدين الشرطاني 10 آلاف للكرسي وزغرتولي عليه ،حمد بزيزا 25دينار للكرسي وبلقاسم بلحاج 30دينار للكرسي ..ويا شومي ..يالومي العرس فسد والعروسة هرب بيها فوزي المشلط ،ونورمال ،وعاد إلى البيت فرحا مسرورا في سرة ،وسلامي إلى الحجة أم محمود ونعلمكم أن محمود دخل الجيش أما زينب وعلينها فتشردو في كفر الخرابة وعاش اتحاد الشغل
أما بعد :
أسماء لابدّ أن نذكرها في هذه الذّكرى ونسأل : » لما أسس هؤلاء الاتحاد العام التونسي للشغل؟ »
انتظمت بهذه المناسبة الاحتفالات حضرها المسؤولون المركزيّون والجهويّون والمحلّيون … جلس هؤلاء على المنصّات يخطبون ويمجّدون … وقد تعدّدت مآربهم ومشاربهم … فهذا نقابي وضع مصلحة الوطن أوّلا ومصلحة الشغّيل بعدها … وراح يعبّر عن رأيه بأمانة … الله معه … وذاك وضع مصلحته فوق كلّ اعتبار وراح يُخاتل العمّال ويسير في كلّ ركب … السلطة معه … وآخر أجّروه وبالمناصب والامتيازات حرّكوه فراح يتصيّد الأخبار ويدسّها في جراب من حركه … مشغّله معه …
وغيره كالعملة ذات الوجهين أو كالسكين ذي النّصلين يخاتل ويطعن … فمن معه ؟ … نقابيون … وأشباه نقابيين … وطفيليون … يناضلون … أو يحايدون … أو يتطفّلون حول نفس الخليّة يحومون … ولكن الاتحاد باق … قد يصيبه الوهن ولكنّه لن يسقط … وقد تتولاّه الأسقام ولكنه لن يموت … الاتحاد باق ما دامت صور محمّد علي الحامّي وفرحات حشّاد وأحمد التليلي وغيرهم تحلّي مقرّاته … رجال قضوا من أجل مصلحة تونس أولا وحقوق الشغّيل بعدها …
إلى كلّ الذين يتحمّلون مسؤوليّات داخل المنظّمة الشغّيلة أقول : » ارفعوا رؤوسكم وأنتم داخل مقرّات الاتحاد وتأمّلوا تلك الصّور وعدّلوا أوتاركم على : مصلحة تونس أوّلا ومصلحة الشغّيل بعدها وإن لم تعدّلوا فدعوا المنظّمة لأهلها واضربوا في الأرض … ففي الأرض مأرب ومسالك أخرى تؤدّي إلى غاياتكم …
أما الاتحاد فسيبقى وإلى الأبد منظّمة الشرف لا الشرفاء، منظّمة العمل لا العملاء…
سي يوسف
(المصدر: صحيفة « مواطنون » (لسان حال التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات) (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 46 بتاريخ 23 جانفي 2008)
الرابط: http://www.fdtl.org/IMG/pdf/mouwatinoun_46.pdf
القيم لدى الشباب:
شباب يقول: «الأخلاق في خطر.. والكل يتفرج»! لماذا يرغب الكثير من الشباب في الكسب السريع والنجاح السهل ولا يتفانون في العمل؟
قاعدة المغرب تتبنى الهجوم على سفارة إسرائيل بموريتانيا
المغرب: العدل والإحسان توجه رسالة عاصفة للنظام المغربي وتتهمه بالفساد
شباب الإنترنت يبني ديمقراطيته التحتية
» أساتذة وزملاء في حياتي «
مقالات د. محمد مندور