الأحد، 3 فبراير 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2811 du 03.02.2008
 archives : www.tunisnews.net
 

 


 حزب « تونس الخضراء  » :تونس: تحركات شبابية
الاتحاد العام لطلبة تونس: بلاغ إعلامي ميدل ايست اونلاين: قياديان في رابطة حقوق الإنسان في تونس: لا صحة لخبر مقتل تلميذ في تظاهرة وكالة أنباء « الأخبار »:إقصاء فتيات من الوظيفة (في الشركة الموريتانية التونسية للطيران) بسبب الحجاب إسلام أونلاين: « النسور » تعكس في غانا الصحوة الدينية بتونس رويترز: مهرجان الضحك بتونس يختتم انشطته بعرض فرنسي شاب يحرق نفسه في مركز أمن، وشرطي من ناوله القدّاحة… بدر الدين: أخبار نقابية من سوسة عبدالسلام الككلي: القانون التوجيهي للتعليم العالي: فلنصنع معا مستقبل الجامعة التونسية !  عبدالحميد العدّاسي: وقفة مع موعظة الحوار.نت نصر الدين: النساء الديمقراطيات ..وعناد الموت فريد خدومة: الشعب التنظيم- الشخصية التونسية نموذجا (الجزء الثالث من الدراسة) علي شرطاني: كفانا لعن الظلام وسبّ الحكام (الجزء الثاني من 4) المنجي الفطناسي: التعذيب أعظم إنجازات العهد الجديد (الحلقة الثالثة) محمد العروسي الهاني: حرية الإعلام والتعبير والحوار في وسائل الإعلام المرئية و المسموعة لها شروط و آداب  وفضائل سامية وأخلاق عالية وحقائق بعيدة عن الإثارة و التجريح . السبيل أونلاين- يُحيي ذكرى الشيخ محمد الخضر حسين رحمه الله خالد العقبي: لوحات سريالية من غزّة صحيفة « مواطنون » : الصحفيون بين ذاكرة غزّة وأخلاق الضفّة!!!! صحيفة « مواطنون »: علامات…. الإضراب على الوتر الحسّاس… جريدة « الصباح »:القيم لدى الشباب:شباب يقول: «الأخلاق في خطر.. والكل يتفرج»! موقع الجزيرة.نت:قاعدة المغرب تتبنى الهجوم على سفارة إسرائيل بموريتانيا     قدس برس: المغرب: العدل والإحسان توجه رسالة عاصفة للنظام المغربي وتتهمه بالفساد صلاح الدين الجورشي: شباب الإنترنت يبني ديمقراطيته التحتية توفيق المديني: إسرائيل الهجرة المعاكسة .. الرعب القادم! د. أحمد الخميسي: » أساتذة وزملاء في حياتي  » مقالات د. محمد مندور ستيفن هايدمان: تحديث الاستبداد في العالم العربي


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم وماساة عائلاتهم متواصلة بدون انقطاع منذ ما يقارب العقدين. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين اعتقلوا في العامين الماضيين ف رجا قريبا عاجلا- آمين  

21- رضا عيسى

22- الصادق العكاري

23- هشام بنور

24- منير غيث

25- بشير رمضان

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1 الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


 
حزب « تونس الخضراء «   تونس في2008/2/3

تونس: تحركات شبابية

 
ليعلم الجميع فشبابنا لم يعد يقبل بالضيم و الحيف… و سياسة الرأي الواحد، إ نّ شبابنا اليوم يرفض دفع ثمن سياسة تنموية  » لا مـستدامة  » كرّست النمو الجهوي اللا متوازن و قبلت بقرارات و تعليمات الجهات الليبرالية  » المعولمة  » والمجحفة. إنّ سياسة النمو هذه أثبتت أنّ نجاحها يكمن في تكديس الثروة لدى أصحاب رأس المال أوّلا، و ثانيا في  » إنتاج » الأرقام الدعائية. لقد فشلت هذه السياسة التنموية في أهم شيْ أي التشغيل.    * منذ عدة سنوات بدأت تحركات الشباب العاطل عن العمل و خاصة من أصحاب الشهادات في العديد من جهات الجمهورية في تونس ، في قفصة ، الرّديف ، المضيلة.  و لقد اتخذ هذا التحرك طابعا منظما سلميا  في الأيام الأخيرة وشكلا جديدا تمثل في  » خيام الإعتصام » و شارك الأهالي في هذا الإعتصام.   *في الجامعة التونسية منبر العلم و التقدم تحاصر تحركات الشبيبة الطلابية و تمنع اجتماعاتها و يعطّل مطلبها الأساسي في عقد مؤتمر نقابتهم الإتحاد العام لطلبة تونس .   * في جبنيانة بعد اعتداءات الدولة الإسرائيلية و محاصرة آهالي غزة خرج الشباب التلمذي للتعبير عن مساندته لضحايا الحصار و العدوان و إذا بعصى البوليس تردهم و تعتدي عليهم و يسقط تلميذا شهيدا.   * يقبع في السجون الآن شباب اختار نهج آخر سلفيا عنيفا أمام انسداد الأفق و تعطل لغة الحوار وذلك للتعبير عن رفضه و غضبه … و منهم من ينتظر عقوبة الإعدام المحرمة دوليا و بالإجماع.   لماذا هذا  » الخرس  » السياسي و رفض الحوار و قبول الرأي المخالف؟   إنّ التغير الحقيقي يبدأ بالشباب … و إنّ ربيع تونس الخضراء آت لا ريب فيه .     المنسق العام المنسق العام حزب « تونس الخضراء  » عبد القادر الزيتوني الهاتف الجــــوال : 00216 98 510 596 البريد الالكتروني :  Tunisie.verte@gmail.com  هاتــــف/فاكــــس :  00216 71 750


بلاغ إعلامي

 

صفاقس في 03/02/2008

 

تم يوم أمس السبت  02/02/ 2008 مساءا الاعتداء على الرفيق نبراس الهذيلي عضو اللجنة الجزئية للاتحاد العام لطلبة تونس بكلية العلوم بصفاقس من قبل أعوان البوليس السياسي أمام منزله الكائن بطريق المطار بصفاقس بتعلة ممنوع التجوال ليلا مما تسبب له في أضرار بدنية مختلفة.

 

و تأتي هذه الممارسات و التجاوزات في إطار السلوك الهمجي القمعي الذي تأتيه أجهزة وزارة الداخلية لمزيد التضييق و الحصار المفروض على المنظمة الطلابية و مناضليها و تندرج ضمن حملة منظمة تستهدف النقابيون الراديكاليون في محاولة يائسة من السلطة للحد من انتشارهم ولتقليص حجمهم المتنامي في إطار التدخل السافر و المفضوح في موازنات المؤتمر الموحد للاتحاد العام لطلبة تونس  المزمع عقده في الفترة القادمة.

 

وأمام ما تقدم ذكره وبعد المحاكمات و الإيقافات الأخيرة التي شملت جهات بنزرت, تونس, سوسة ,قفصة ,صفاقس وقابس يهم المكاتب الفدرالية للاتحاد العام لطلبة تونس بالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية و بكلية الحقوق بصفاقس أن نعلن الآتي:

 

   1- تنديدنا و استنكارنا للاعتداء الهمجي على الرفيق نبراس الهذيلي.

   2- استعدادنا للدفاع عن مناضلينا بكل الوسائل النضالية .

   3-  تمسكنا بحق المنظمة في النشاط و تشبثنا بضرورة انجاز المؤتمر الموحد للاتحاد العام لطلبة تونس.

   4- تأكيدنا على الحق في حرية العمل النقابي و السياسي داخل الجامعة.

 

 عاش الاتحاد العام لطلبة تونس مناضلا ,حرا,مستقلا وموحدا

 

 المكتب الفدرالي للاتحاد العام لطلبة تونس بالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية بصفاقس.

الكاتب العام حسام الدين الجلاصي

المكتب الفدرالي للاتحاد العام لطلبة تونس بكلية الحقوق بصفاقس.

الكاتب العام مطاع خذر


صحيفة « الموقف » (لسان حال الحزب الديمقراطي التقدمي)، العدد 437 بتاريخ 1 فيفري2008

‏http://pdpinfo.org/PDF/437.pdf
 


برهان بسيس ينقل النفي الرسمي لخبر « وفاة تلميذ في جبنيانة » عبر قناة الجزيرة مساء 1 فيفري 2008  http://smawebdesign.com/mcgallerypro/show.php?start=0&id=308&video=1  (المصدر: موقع pdpinfo بتاريخ 2 فيفري 2008)

 
 

قياديان في رابطة حقوق الإنسان في تونس: لا صحة لخبر مقتل تلميذ في تظاهرة

عبدالناظر والجموسي يشجبان لجوء معارضين لأخبار مفتعلة ‘لا تخدم مصلحة البلاد ولا حقوق الإنسان’.

 
ميدل ايست اونلاين – تونس- شجب قياديان في « الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان » ما روجه معارضان تونسيان بخصوص مقتل تلميذ في محافظة صفاقس (جنوب تونس) خلال مظاهرة تضامن مع الشعب الفلسطيني.   وقال عبد العزيز عبدالناظر رئيس فرع لرابطة حقوق الانسان في محافظة صفاقس، في بيان أصدره السبت، أنه تبين « بعد التحري والبحث التقصي » من قبل فرع منظمته عدم وفاة أي تلميذ بالمحافظة. وأضاف أن فرع رابطة حقوق الإنسان الذي يرأسه « يستنكف اللجوء إلى الأساليب الدعائية التي تنمّ عن استبلاه وعدم احترام للذات البشرية ».   ومن جانبه أكد الأسعد الجموسي، وهو رئيس فرع آخر للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بمحافظة صفاقس، في بيان أصدره أيضا السبت، أن الخبر الزاعم بوفاة تلميذ في مدينة جبنيانة « مكذوب ومفتعل »، ولذلك فإن هيئة فرع الرابطة الذي يرأسه « تندد بمروجي مثل هاته الأخبار الزائفة وتدعو كافة المواطنين لعدم تصديق هذه الأخبار التي يريد من وراءها تهييج الشارع وترويج أخبار لا سند لها. وتهيب بكل القوى الديمقراطية تجنب مثل هذه الممارسات التي لا تخدم مصلحة البلاد ولا حقوق الإنسان. »   وكان الناشطان الحقوقيان يشيران إلى بيان عن مقتل تلميذ في مدينة جبنيانة (محافظة صفاقس) كان أطلقه معارضان ينتميان إلى جمعيتين غير مرخصتين تتخذان مواقف معارضة من السلطة في تونس.   وذكر مصدر حقوقي تونسي « ان أحد هذين المعارضين هو المحامي محمد النوري الذي يعتبر قريبا من الاسلاميين، وكان طرفا عام 2003 في قضية سابقة تتعلّق بالإيهام بمقتل شخص يدعى ماهر العصماني اتضح فيما بعد أنه شخص وهمي ومفتعل. »   وكانت السلطات التونسية نفت يوم الجمعة نفيا قاطعا المزاعم القائلة بوفاة تلميذ في مدينة جبنيانة، مشيرة إلى أنه « لا وجود لاسم التلميذ المزعومة وفاته في سجلات المؤسسات التعليمية سواء العمومية منها أو الخاصة في الجهة. »   كما أكدت السلطات « أن الأطراف التي تروج لهذه المزاعم الزائفة لتتحمل مسؤوليتها القانونية في ذلك كاملة. »   (المصدر: موقع « ميدل ايست اونلاين » (بريطانيا) بتاريخ 2 فيفري 2008)

إقصاء فتيات من الوظيفة (في الشركة الموريتانية التونسية للطيران) بسبب الحجاب

 
نقلت صحيفة « تحاليل » الموريتانية عن مصادر بالعاصمة نواكشوط قولها إن فتيات موريتانيات تم إقصاؤهن من مسابقة لاكتتاب مضيفات نظمتها الشركة الموريتانية التونسية للطيران وذلك على الرغم من استجابتهن لكافة متطلبات المسابقة باستثناء امتناعهن عن نزع غطاء الرأس الذي تم اشتراطه من قبل الشركة للتجاوز في المسابقة بحسب ذات المصدر.   ووفق الصحيفة الصادرة يوم 30-1-2008 فقد امتنعن الفتيات عن العمل سافرات وهو ما أدى إلى خسارتهن للمسابقة التي أعلنت نتائجها في نهاية الأسبوع المنصرم.   ونقلت الصحيفة عن أحد رجال الدين انتقاده لما وصفه « بالإجراء التمييزي ضد السيدات الموريتانيات » متوقعا أن يكون له رد فعل سلبي على صورة الشركة.   ولم يتم التأكد مما إن كانت الشركة تعتزم الاستمرار في القرار المذكور خاصة وان عادة تغطية الرأس مترسخة جدا لدى الموريتانيات حتى من غير الملتزمات دينيا.   (المصدر: وكالة أنباء « الأخبار » (مستقلة – موريتانيا) بتاريخ 2 فيفري 2008) الرابط: http://www.alakhbar.info/818-0-0C-C–C–F0CB5BB-F-B.html

 

شاب يحرق نفسه في مركز أمن، وشرطي من ناوله القدّاحة…

 
حسب أفراد الأسرة، فإنّ القضيّة انطلقت يوم الثلاثاء 29 جانفي الفارط في مدينة ماطر، اثر حدوث عمليّة سرقة، راجت إثرها إشاعة تورّط الشاب هيثم البرهومي، وقد بلغ الأمر إلى والدته التي أصرّت على اصطحابه إلى مركز الشرطة رغبة في إيضاح الأمر ورفع الشبهة عن ولدها… رفض الابن المقترح وأصرّ على رفضه وهدّد بإحراق نفسه بعد أن سكب على جسده سائل « الغاز ».   استطاعت الأم إقناعه والتحوّل صحبته إلى مركز الأمن، حيث تمّ سؤاله عن مكان وجوده أثناء فترة حدوث السرقة، فأخبرهم أنّه كان في البيت، وقد أيدّته والدته في القول وأكدّته، فما كان من أحد أعوان الأمن سوى أن قال من باب التهكّم: « أشكون شكّارة العروسة؟؟؟ »، فأجابت الأم أنّها صرّحت بالحقيقة كما هي فعلا وليس من باب التستّر على جريمة لم يرتكبها ابنها.   أخبر أحد أعوان الأمن الشاب هيثم أنّه في حالة إيقاف، فرفض الشاب الأمر وقال أنّه يفضّل حرق نفسه، فناوله عون الأمن قدّاحة من باب التحدّي، فقام الشابّ بإضرام النار في ملابسه المبلّلة بسائل « الغاز »…   سرت النار في ملابسه، دون أن يلقى مساعدة من الحاضرين، وقد أصابت كامل جسده حروق من الدرجة الثالثة وهو يرقد راهنًا في القسم العناية المركزة في مستشفى عزيزة عثمانة في حالة شبه ميئوس منها تقريبًا…   جميع أفراد يصرّون على متابعة الفاعلين ومن تسبّبوا في هذه الجريمة، من باب علويّة القانون وسيادته…   (المصدر: خبر بعث به إلى تونس نيوز السيد نصر الدين بن حديد يوم  2 فيفري 2008)

« النسور » تعكس في غانا الصحوة الدينية بتونس

بقلم: محمد أحمد

 

تونس ـ « قراءة الفاتحة قبل بدء المباريات ».. « السجود بشكل جماعي عقب تسجيل الأهداف ».. « التمتمة بالدعاء وقراءة القرآن في اللحظات الحرجة من كل مباراة ».. « حرص لاعبي ومدربي الفريق على الصلاة في جماعة« …

 

تلك بعض مظاهر تدين « نسور قرطاج » التي لفتت أنظار متابعي المنتخب التونسي لكرة القدم المشارك في بطولة كأس الأمم الإفريقية في غانا ما بين 20-1-2008 وحتى 10-2-2008.

 

فقبيل انطلاق مباراة منتخب تونس مع نظيره الجنوب إفريقي يوم 27-1-2008 قرأ « نسور قرطاج » (لقب منتخب تونس) الفاتحة ورفعوا أيديهم بالدعاء طلبا للفوز، وهي المباراة التي فاز فيها « النسور » بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، وهو ما أرجعته نسبة كبيرة من الجماهير إلى الالتزام الديني للاعبين قبل أدائهم القوي.

 

لكن المشهد الأبرز في هذه المباراة، والذي تناقلته أغلب وكالات الأنباء، هي صورة السجود الجماعي للاعبين عقب تسجيل اللاعب شوقي بنسعادة الهدف الثاني.

 

الكاميرا التليفزيونية رصدت أكثر من مرة كلا من المدافع راضي الجعايدي، المحترف بالدوري الإنجليزي، وعصام جمعة، المحترف بالدوري الفرنسي، في حالة دعاء أو قراءة للقرآن.

 

« منتخب خيرى« 

 

« نسور قرطاج » لفتوا الأنظار أيضا خارج الملعب، حيث جمعوا من بعضهم البعض أموالا اشتروا بها كميات ضخمة من المواد الغذائية وزعوها على فقراء مدينة تمالي، حيث يلعبون مبارياتهم.

 

وأدت هذه اللفتة إلى التفاف الكثير من جماهير المدينة ذات الأغلبية المسلمة حول المنتخب التونسي وتشجيعه في المباريات.

 

بداية الفكرة كانت عندما ذهب اللاعبون لأداء صلاة الجمعة الماضية في أحد مساجد المدينة ففوجئوا بحجم الفقر الذي يعانيه السكان، وبعد علمه بهذه التبرعات دعا أحد أئمة المساجد لـ »النسور » بالفوز بالبطولة.

 

ذاكرة التونسيين

 

هذه السلوكيات ذات الطابع الديني لا تنفصل عن التقدير التي يضفيه عشاق الساحرة المستديرة في تونس على الرياضيين الملتزمين دينيا، فكثيرا ما حفظت ذاكرتهم أسماء لاعبين نظرا لأخلاقهم الرفيعة النابعة أكثر من مهاراتهم الكروية.

 

فالكثيرون ممن عايشوا ثمانينيات القرن الماضي ما زال يحتفظ في ذاكرته بصورة لاعب نادي « حمام الأنف » والمنتخب الوطني فيصل الجلاصي، الذي كان يحرص على أن يتجاوز طول سرواله الركبتين (حدود العورة بالنسبة للرجل حسب المذهب المالكي السائد بتونس).

 

ويتذكر الكثيرون إجابة الجلاصي -الذي كان يلقب بالحاج- في أحد البرامج التلفزيونية الرياضية التونسية عن سؤال حول أكبر أمانيه، حيث رد قائلا: « أن أؤدي فريضة الحج« .

 

ولا تنسى الجماهير أيضا كابتن فريق « النجم الساحلي » في أواخر الثمانينيات لطفي الحسومي، الذي كان يحرص على أداء الصلاة في جماعة بين الشوطين مع عدد غير قليل من زملائه إذا صادف ذلك وقت صلاة مفروضة، وكذلك لاعب المنتخب السابق والمدرّب الوطني المساعد الحالي نبيل معلول، الذي كثيرا ما أشادت وسائل الإعلام في الثمانينيات وأوائل التسعينيات بالتزامه الديني.

 

كما يحظى المدير الفني لنادي الإفريقي التونسي الجزائري بن شيخة بتقدير واسع في أوساط الرأي العام لما يتمتع به من حس إسلامي يتجلّى دائما في حواراته مع وسائل الإعلام، وفي انضباطه الكبير على حدود الملعب حتى خلال المباريات المصيرية.

 

ويتجلى الالتزام الديني للعديد من اللاعبين في شهر رمضان، إذ يرفض الكثيرون ضغوط مسئولي أنديتهم لإجبارهم على الإفطار بدعوى الالتزام بالعقود الاحتراف المبرمة؛ ما تسبب في طرد بعض اللاعبين من أنديتهم أو معاقبة آخرين كما حدث العام الماضي للاعب نادي « الإتحاد الرياضي المنستيري » طارق سالم، وكذلك لاعب « النادي الإفريقي » محمد علي الغرزول، الذي أثارت مشكلته مع ناديه جراء تمسكه بالصيام صدى كبيرا في تونس.

 

« تؤثر على الناشئة« 

 

الغريب أن السلوكيات ذات الطابع الديني للاعبي منتخب تونس على بساطتها أثارت حفيظة عدد ممن يقدمون أنفسهم على أنهم أنصار وحماة للعلمانية.

 

فقد طالب عدد من الصحفيين التونسيين المحسوبين على العلمانية بالكف عن نقل الصور التي ترصد هذه السلوكيات خلال البطولة الإفريقية بزعم أنها « تؤثر على الناشئة »، كما قال أحدهم في صحيفة « لوتون » الناطقة بالفرنسية في معرض تعليقه على نشر صورة تظهر المدرب المساعد للمنتخب وهو يؤدّي صلاة الجماعة مع مجموعة من مسئولي ولاعبي المنتخب.

 

وتعد مظاهر تدين « نسور قرطاج » جزءًا من صحوة دينية ملحوظة يشهدها المجتمع التونسي منذ تسعينيات القرن العشرين، ويتجلى أبرز مظاهرها في تزايد الإقبال على ارتداء الحجاب بالرغم من التضييقات الأمنية نظرا لحظر ارتدائه في هذا البلد المسلم.

 

(المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 3 فيفري 2008)

 


مهرجان الضحك بتونس يختتم انشطته بعرض فرنسي

 

تونس (رويترز) – اختتمت مساء يوم السبت 2 فيفري 2008 الدورة الثانية من مهرجان الضحك في تونس بعرض شيق قدمه الكوميدي الفرنسي بودير.

 

افتتح المهرجان الاسبوع الماضي وقدمت خلاله تسعة عروض من فرنسا وكندا والجزائر وتونس نالت اعجاب الجمهور.

 

قدم الكوميدي بودير المعروف في فرنسا بقبعته الصوفية البيضاء التي لا تفارق رأسه عرضا هزليا أثار اعجاب الحاضرين بالمسرح البلدي في العاصمة.

 

وقال المنظمون إن المهرجان يعتبر فرصة نادرة لاكتشاف المواهب في مجال الكوميديا ومشاهدة نجوم هذا الفن.

 

وقبل ذلك قدم الكوميدي التونسي نصر الدين بن مختار أيضا عرضا لمسرحيته « حي الاكابر » انتقد فيها الأثرياء في مواقف هزلية.

 

وانتزع عرض المقلد الفرنسي الشهير ايف لوكوك اعجاب الجمهور حين قلد عدة شخصيات من بينها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وصوره وهو يرقص على أنغام موسيقى شعبية تونسية.

 

لاقت باقي العروض التي قدمت بالمهرجان اقبالا واسعا عليها رغم ارتفاع سعر التذاكر الذي يصل إلى 50 دولارا للعرض الواحد.

 

وسيخصص ربع دخل المهرجان لجمعية خيرية تعنى بالتلاميذ الذين يعانون من صعوبات في التعلم.

 

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 3 فيفري 2008)

 

أخبار نقابية من سوسة

بقلم: بدر الدين، نقابي من سوسة

 

نواصل كما عهدتمونا دائما موافاتكم بأخبار الإتحاد الجهوي بسوسة وخاصة تجاوزاته التي أصبحت في هذه المدة موضة حتى يضمن بعض الوجوه النقابية بقائهم في كرسي الإتحاد للتمعش وفيما يلي حصيلة الأسبوع :

 

*سجلنا بكل ارتياح عودة الأخ المكلف بالنظام الداخلي لمكتبه في المدة الخيرة ونحن إذ نشكر له تلبينه لندائنا فإننا نتساءل عن فحوى الجلسة التي عقدت بينه وبين الأخ الكاتب أمين المال في إحدى المقاهي ليلة قبيل رجوعه إلى المكتب ؟ فهل هو تحالف جديد أم أن المرحلة الحالية تقتضي ذلك هذا ما سنعرفه خلال الأيام القادمة.

 

*يواصل الأخ أمين المال الجهوي والكاتب العام الفعلي والمنتظر حملته الانتخابية للظفر بكرسي الكتابة العامة وتراه دائما في  أفخم المقاهي يجلس مع هذا وذاك وفي أفخم المطاعم يتناول الغذاء  فيا ترى هل أن هذه المصاريف من جيبه الخاص أم من…….؟؟؟؟

 

* نسينا أن نقول أيضا بأن الأخ محمد بن رمضان وردا على مقالنا الخاص بشرعية وجوده بنقابة مستشفى فرحات حشاد قد قام باجتماع يوم السبت ولكن الاجتماع حسب ما علمنا حضره قرابة 15 شخص فقط وهذا ما يؤكد أن سي محمد نصب كاتبا عاما لنقابة المستشفى وهو يسعى لأن ينصب كاتبا عاما للمكتب التنفيذي الجهوي وذلك بالتزوير والمصروف…..؟؟؟

 

*سؤال نسأله للمكتب التنفيذي الجهوي هل أن السيارة ميقان Mégane للإستعمال الشخصي أم ماذا ومن أين لكم كل هذا الوقود ؟؟؟ وسؤال لسي محمد بن رمضان  لماذا أجلت مرة أخرى المحاسبة هل أنتم في حاجة لمساعدة ..؟؟ ولماذا انتم تشنون هجمة سرية على الأمين العام…..؟؟

 

وفي الختام نشكر كل من يمدنا بهذه المعطيات ونؤكد بأننا سنواصل حتى يكون الإتحاد مدرسة للديمقراطية الفعلية .


القانون التوجيهي للتعليم العالي

فلنصنع معا مستقبل الجامعة التونسية !

 
في تطور مفاجئ اجل مجلس النواب عرض القانون التوجيهي للتعليم العالي على الجلسة العامة قصد المصادقة عليه وقد كان من المزمع عرضه للمصادقة يوم الثلاثاء 29-فيفري 2008 وبهذا التأجيل فان المشروع سيعود مرة أخرى إلى طور اللجنة. ولا نعلم على وجه الدقة إذا كانت الحكومة ستعمد إلى تعديل جزئي يمس صياغة بعض الفصول او أنها ستعيد صياغة المشروع برمته  . وقد يكون للانتقادات التي وجهت لمشروع القانون من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومن قبل الاتحاد العام التونسي للشغل و من قبل النواب علاقة بهذا التأجيل . ومن المحتمل أن هذه الخطوة غير المرتقبة جاءت لتلافي تصويت غير ملائم وضحت بعض ملامحه من خلال الاحترازات الجوهرية التي عبرت عنها اللجنة الخامسة للتربية والتي لم تستطع إعادة شرح الأسباب التقليل منها .  إن هذا القانون الذي نتابع ميلاده العسير يكتسي أهمية كبرى باعتبار ما يترتب عنه من إعادة نحت لملامح منظومة التعليم العالي وهيكلتها وتقسيم الأدوار ومهام المتدخلين، ومن تأثير على ظروف العمل وأداء المنظومة الجامعية. وان خطورته تكمن في إدراج مسائل جديدة وجوهرية صلبه مثل التقييم والجودة والاعتماد. لكنه رغم خطورته لم يحظ بتشريك الطرف الممثل للجامعيين في صياغة بنوده وعناوينه، بل انفردت الوزارة بالرأي والصياغة، ولم تدع الجامعة العامة للمشاركة فيه رغم المراسلات المتعددة التي وجهتها للوزارة قصد المساهمة في تصور مكوناته و بنوده.  إن صياغة هذا القانون تمت بتجاهل كامل للجامعة، اذ أن الوزارة لم تول أي اهتمام للنص الذي صاغه خبراء الهيكل النقابي وعرض على الاستشارة القاعدية النقابية الواسعة ثم على مصادقة الهيئة الإدارية للقطاع  وهو تجاهل قلما جرت به العادة ويأتي وسط مناخ من التوتر العام داخل الجامعة ومن أزمة تمثيل نقابي مفتعل استغلته الوزارة  حتى يمكنها التصرف بشكل منفرد أوقعها حسب ما تدل عليه كل الشواهد في ارتجالية كان من مخلفاتها التسرع في عرض القانون على لجنة التربية دون التوقف ولو قليلا عند الاحترازات التي تقدم بها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والتي وجدت لها صدى عميقا لدى النواب باختلاف ارتباطاتهم الحزبية  ونظرا إلى أن القانون التوجيهي يعتبر العمود الفقري للمنظومة القانونية للتعليم العالي والبحث العلمي وإلى أن مراجعته ستؤثر بلا ريب على مجمل النصوص المتعلقة بالقطاع وخاصة منها القوانين الأساسية،  فإننا نسوق الافكارالتالية متوقفين فقط عند بعض الفصول المثيرة للجدل آملين من خلالها إيصال تطلعات الجامعيين ومشاغلهم إلى آذان صانعي القرار حتى لا نُفوّت فرصة إصدار قانون منسجم مع روح العصر ومع ما هو معتمد في جامعات البلدان المتقدمة بل و في بعض البلدان العربيّة والإفريقيّة، وحتى لا نأخذ من الإصلاحات قشورها ونترك  لُبَّها.  يتطرق المشروع فيفصله الثالث، إلى اعتماد نظام الدراسات والشهائد الجديد المعروف باسم إمد » (إجازة، ماجستير، دكتوراه)، ولابد أن نذكر هنا  أن هذه المنظومة  التي لم تخضع إلى استشارة جدية وصنعت في غياب التمثيل النقابي ستصل  قريبا إلى استكمال هيكلتها الجديدة، ، على ضوء مجموعة من الإصلاحات التي همت المناهج ومسميات الشهادات والمسالك والشعب، ورغم ذلك فإننا  لا نشعر كأساتذة  بتغيير يذكر، باستثناء  التقليص  من عدد سنوات التكوين الأساسي الجامعي من أربع سنوات إلى ثلاث بتغيير النظام العام للشهادات، ليتوافق مع نظام أمد. في حين لم تتم مواكبة التغيير في أساليب التدريس بما يناسب الهيكلة الجديدة من إمكانيات مالية وتقنية وتأطيرية ، و ظلت كليات التكوين النظري العام خاصة تشكو من قلة الإمكانات المادية وتدهور بنيتها التحتية  وضعف إطار التدريس فيها ولقد  انتظر الجامعيون أن يصلح القانون الجديد المقترح كل نقائص المنشور الوزاري الذي اقر بموجبه نظام « إمد » وذلك بإحداث تغييرات على مستوى أنظمة التأجير والرتب، و إرساء هياكل مصاحبة وتسيير على مستوى جهوي في إطار الجامعات، وضبط المهام الجديدة وبالخصوص منها المهام البيداغوجية المرتبطة بإصطحاب الطلبة في مسارهم التكويني وفي متابعة أنشطتهم وتقييمها وكذلك المهام الإدارية المتعلقة بالتوجيه، إلى غير ذلك من المهام التي يسكت عنها المشروع الحكومي المقترح في حين أنها من جوهره وتستدعي ضبط حجمها ومكافأتها. ولا بدّ أيضا من توخي المنظومة الجديدة المرونة في ضبط تنظيم ساعات التدريس السنويّة لإضفاء الناجعة اللازمة على بقية المهام. أما في ما يخص الجامعات فانه من الضروري التوقف عند ما جاء به الفصل 9 الذي يضفي صبغة جديدة على المؤسسات الجامعيّة إضافة إلى الصبغة القديمة (مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية… تلحق ميزانيتها ترتيبيا بميزانية الدولة) وتتمثل هذه الصبغة الجديدة في (مؤسسة عمومية ذات صبغة علمية وتكنولوجية… تخضع إلى التشريع التجاري)، والسؤال هنا يتعلق بكيفية تمويل المؤسسات ذات الصبغة التكنولوجية، وبالأسباب الكامنة وراء عدم التنصيص على أن ميزانيتها ملحقة ترتيبيا بميزانية الدولة؟ وينصّ الفصل 10 على أن الجامعات مستقلة في أداء وظائفها البيداغوجية والعلمية وتضمن موضوعية المعرفة، بدون الإشارة إلى الآليات التي تضمن هذه الاستقلالية، ولابد أن نشير في هذا الباب إلى أن النظام الجامعي في القانون الساري المفعول مقفل شديد الإقفال  ويبرز  ذلك في الغلبة المطلقة لمبدأ التنصيب على مبدأ الانتخاب  فرئيس الجامعة منصب وعمداء الكليات من صنف  ب منصبون وأكثر من نصف مجالسها العلمية منصبة وجميع مديري المعاهد العليا منصبون . وإذا ما نظرنا إلى المسالة بشكل اعم واشمل لاحظنا ان سلطة الإشراف ما تنفك تعزز بشتى الأشكال صور تدخلها في حياة الجامعات وتفاصيل تسييرها وليس من الغريب أن يتزامن ذلك مع إلغاء دور النقابة . ويبرز احتكار سلطة القرار هذا في الفصل 14 من مشروع القانون  الذي يكرس كل عيوب  النص الحالي ففي حين كان يُنتظر من وزارة التعليم العالي، أن تنسج على منوال الجامعات في عديد البلدان المتقدمة وتلك الشبيهة بنا، باعتماد مبدأ انتخاب رؤساء الجامعات ونوابهم عوض التسميّة، فإنها لم تكتف بتجاهل هذا المطلب الأساسي بل عمدت إلى التمديد في مدة تعيين رئيس الجامعة من ثلاث سنوات حاليا مثل العمداء والمديرين إلى أربع سنوات. فهل يمكن الحديث مع هذا التوجه عن استقلالية الجامعات؟ ولماذا نستنسخ برامج « إمد » والجودة والتقييم من الجامعات الأجنبيّة ونغلق الأبواب أمام أساليب التسيير الذاتي المعتمدة في هذه الجامعات في إدارة المؤسسات وتعيين المسؤولين رغم الطابع العمومي لتمويلها ؟ مع العلم أن أسلوب اللامركزية الإدارية يعد وسيلة فنية عملية ناجعة لتوعية المواطنين سياسيا واجتماعيا وتكوين وتربية الروح والأخلاقيات الديمقراطية لديهم عن طريق المشاركة في تنظيم شؤونهم العامة على مستوى الهيئات والمؤسسات الإدارية اللا مركزية . إذن  ما الضرر من ذلك؟ ولماذا لا يضبط الفصل 19 من مشروع القانون  تركيبة مجلس الجامعة صلب نصّ القانون ويحيل ذلك إلى أمر يصدر لاحقا؟  ويلاحظ أن مجلس الجامعة في البلدان المتقدمة ذو تركيبة تمثيلية ويحرز فيه إطار التدريس والبحث على أغلب المقاعد. ويتطرق الفصل 22 إلى إحداث مجلس يدعى مجلس الجامعات يرأسه الوزير المكلف بالتعليم العالي ويتركب من رؤساء الجامعات والمديرين العامين للإدارة المركزية بالوزارة، ويلاحظ إستثناء عديد الأطراف الفاعلة من هذا المجلس مثل عمداء ومديري المؤسسات الجامعيّة رغم أهميّة الصلاحيات الموكولة لهذا المجلس (وضع برامج البحث ونظام الدراسات، تأهيل المؤسسات، التنسيق بين الجامعات) والسؤال هنا، لماذا لا يقع النسج على منوال الجامعات العالمية المتطورة وذلك بإحداث مجلس أعلى للتعليم العالي والبحث العلمي ممثل يكون الإطار الأمثل لتنسيق المقاييس والمعايير المتعلقة بمسائل استنباط الإصلاحات ومتابعة انجازها؛ الخارطة الجامعية؛ التنسيق بين الجامعات؛ توزيع عناوين الميزانية؛ تحديد برامج الاستثمار والتجهيز؛ الإشراف على الجودة والتقييم…..  وبالإضافة إلى ذلك فقد جاء الفصل 24 ليكرس ما جاء به القانون الحالي وهو حرمان الجامعيين من  الحد الأدنى الديمقراطي والتشاوري المتعلق بانتخاب مسيّريهم كما يقع في جل بلدان العالم وكما تأسست عليه الجامعة التونسية تاريخيا (أنظر قانون 1958)، حيث ينصّ على أن المديرين هم بالضرورة مُعيّنون أمّا العمداء فيقع تعيينهم عند تعذر انتخابهم. ويُذكر أن نسبة المؤسسات الجامعية التي يسيرها مسؤولون منتخبون لا تتجاوز حاليا 10% من جملة المؤسسات وذلك بحكم شرط توفر8 أساتذة من صنف « أ » في الكليات لانتخاب العميد واستثناء المعاهد والمدارس العليا من مبدأ الانتخاب أصلا كما يكرّس الفصل 26 الصبغة الاستشارية للمجلس العلمي ويحيل ضبط صلاحياته وتركيبته إلى أمر، في حين يطالب الجامعيون بإسناد سلطة البت النهائي للمجالس العلميّة إذ بدون ذلك لا قيمة لوجودها ولا مجال للتحدث عن التشاور والمشاركة صلب الجامعة التونسيّة، كما يطالبون بالتنصيص صلب القانون التوجيهي على صلاحيات وتركيبة وطرق تسيير المجالس العلميّة وعدم إحالة ذلك على أمر وبضرورة انتخاب رؤساء الأقسام وإحداث مجالس أقسام عن طريق الانتخاب أما فيما يخص عقود التكوين والبحث، فلِمَ لا يقع التنصيص على ضرورة اعتماد مبدأ الرقابة اللاحقة على مصاريف المخابر والوحدات عوض الرقابة السابقة علما أن رئيس الجمهوريّة قد أعلن عن ذلك منذ مدّة؟ 4اما في يخص الأحكام المالية، فإننا نستغرب الترتيب الذي جاء الفصل 35 الذي، فاجأنا حين جعل مساهمات الطلبة في أول الترتيب من جملة ثمانية مصادر لتمويل الجامعات ، وقدا أثارهذا الترتيب غير المسبوق استغراب المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي أوصى بإعادته وبالتنصيص على مجانية التعليم وعلى مبدأ التمويل العمومي كمورد رئيسي له، ويخشى  الجامعيون والأولياء أيضا أن يكون ذلك مدخلا إلى خصخصة التعليم العالي وإلى انسحاب الدولة تدريجيا من تمويله. وهنا لابد أن نؤكد أن من مكاسب هذه البلاد التي راهنت منذ استقلالها على التعليم الصبغة العمومية للتعليم العالي والبحث العلمي، مشددين على ضرورة « التصدي لسلعنة التعليم العالي، ولانسحاب الدولة منه تحت غطاء استقلالية الجامعة ».. ملحين على ضرورة « الحفاظ على مبدأ المجانية في تسيير مرفق التعليم العالي والبحث العلمي، وتعهد الدولة بتمويل منظومته، بغاية تمكين كافة حاملي شهادة الباكالوريا أو ما يعادلها من الشهادات، من التسجيل بالمؤسسات الجامعية وضمان تكافؤ الفرص أمام التعليم العالي والبحث العلمي »، بدون التغافل عن ضرورة ترشيد التصرف في الموارد المتاحة طبقا لمعايير واضحة وعادلة »..  وحول العنوان الخامس المتعلق بالتقييم وضمان الجودة والاعتماد، وهي مفاهيم جديدة تُقحَمُ في التعليم العالي وتُستنبط من مجال تأهيل المؤسسات الصناعيةّ، يتطرق الفصل 42 إلى إحداث « الهيئة الوطنية للتقييم وضمان الجودة والاعتماد وتضبط تركيبتها وطرق تسيير أعمالها والمنح المخولة لأعضائها بأمر »، متنكرا مرّة أخرى إلى مبدأ الانتخاب كإحدى آليات الاستقلالية التي يتحدث عنها القانون في المبادئ العامة. ويرى الجامعيون ضرورة اعتماد مبدأ الانتخاب لتشكيل مختلف اللّجان المتدخلة في برامج الجودة بحيث يكون إطار التدريس والطلبة ممثّلين وتكون هذه الهياكل ممثّلة لمختلف الاختصاصات ويتمّ اعتماد مقاييس موضوعية وشفافة عند النظر في مشاريع البرامج. وتكون قرارات اللجنة الوطنية للجودة والتقييم معلّلة وقابلة للطعن. كما ينبّهون إلى مخاطر استعارة مفاهيم تنطبق على تأهيل المؤسسات الاقتصادية مثل « الاعتماد » دون توضيح مقاصدها وأهميتها بالنسبة لمؤسسات التعليم العالي. وبخصوص مسألة التقييم (الفصل 45) لا بدّ من الإقرار بأنها مدخل ضروري للتحسين المتواصل لأداء المؤسسات الجامعية ولكن يتعيّن أن تتمّ من قِبَلِ المجالس العلميّة ومجالس الجامعات وفق ضوابط يقع تحديدها بصفة تشاركية اعتمادا على مرجعيات اليونسكو وأن يشمل التقييم كل المتدخلين وألا يقتصر على إطار التدريس فقط. هذه جملة من التساؤلات التي نسوقها بعد إطلاعنا على مشروع الوزارة للقانون التوجيهي للتعليم العالي وإننا لا نسعى من خلال هذه الملاحظات السريعة إلاّ إلى العمل من أجل أن يكون القانون التوجيهي الجديد في مستوى طموحات كافة المتدخلين في القطاع الشيء الذي يمكنهم من أداء دورهم في أحسن الظروف السانحة للارتقاء بأداء مؤسساتنا الجامعية إلى مستوى شبيهاتها في الدول المتقدمة. نريد في الأخير أن ننبه  إلى  أن التسرع في استصدار القوانين  سيؤدي بلا شك  إلى نتائج وخيمة على جميع المستويات ( التكوين ،  نجاعة تسيير المؤسسات الجامعية ، تحكم الطلبة في مساراتهم الجامعية ، ربط منظومة التعليم العالي بسوق الشغل ) مع العلم أن الأوساط الجامعية استقبلت خبر التأجيل بشيء من الارتياح المشوب بالحذر آملة أن لا يسفر هذا الإجراء على تعديلات جزئية توهم بالمراجعة غلقا لباب الكلام و سدا للذرائع وإيهاما بتريث لامعنى له إذا لم يؤخذ هذه المرة برأي من يعنيهم مصير الجامعة ومستقبل التكوين وجودته في بلادنا ، اساتذة وأولياء ونوابا ومواطنين . عبدالسلام الككلي  جامعة منوبة نشر هذا المقال في جريدة الصباح يوم 30-1-  2008وقد علمنا بعد نشره ومن مصادر مطلعة أن القانون موضوع هذا المقال سيعرض على الجلسة العامة يوم الأربعاء 6-2-2008مما يجعل توقعاتنا في محلها إذ أن مراجعته لم تمس إلا بعض النقاط الجزئية جدا ( انظر جريدة الصباح يوم 3-2-2008)  ع .ك


وقفة مع موعظة الحوار.نت

 

كتبه عبدالحميد العدّاسي:

يطيب لي أن أتوجّه بالشكر الجزيل لأسرة الحوار.نت لجعلها رابط إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم التونسية في ركن « موعظة الحوار »… وإنّها لموعظة بليغة بالغة الأهميّة، يجدر بالجميع التوقّف عندها لسماعها وفهمها والعمل بمقتضياتها…

كنت ممّن كتب عن مشروع بعث إذاعة الزيتونة، وذلك بتاريخ 15 – 09 – 2007، وقد قلت فيما قلت: « أنا – كغيري – أثمّن هذه الحركة (أعني بعث الإذاعة) وأسأل الله أن يبارك فيها ويجعل نتائجها خيرا ممّا أراده أصحابها. فلعلّها تصلح بعض ما أفسدت موزاييك وتونس 7 الفضائية وغيرها من الوسائل والبرامج الهدّامة المتعمّدة من طرف صاحب البُشرى نفسه وأعوانه »… ثمّ زدّت: « … ولقد تمنّيت على صاحب التغيير أن يبشّر مواطنيه بما يُفرحهم ويخفّف عنهم في بداية شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران (لمن أراد): إخلاء السجون من الرّهائن، إشاعة الحريّات العامّة والخاصّة، الإعلان عن عدم مجاراته للمنافقين الذين يتستّرون بالدعوة إلى إعادة انتخابه لمواصلة تمعّشهم من خيرات البلاد، تحرير المرأة باتّجاه ربّها فلا مناشير تحدّد لباسها ولا فكر متخلّف يجعل منها بضاعة من سقط المتاع، الضرب على المفسدين بجعل القانون التونسي الجيّد من حيث النصّ (باستثناء القوانين اللاّشرعية كالمسمّى بقانون الإرهاب المشيع فعلا للإرهاب) يجد طريقه إلى التنفيذ، إعادة الاعتبار إلى مؤسّسة العائلة التي تعرّضت إلى التخريب الكامل من طرف الحداثيين الفاسدين، محاربة البطالة ومسبّباتها، تشجيع العلم والعلماء والعمل والعاملين والحبّ والمحبّين (حبّ الخير للنّاس كافّة، حبّ البلاد، حبّ الدين، حبّ الله سبحانه وتعالى). »…

ولقد وجدتّ من خلال بعض الفقرات التي استمعت إليها من إذاعة الزيتونة القدر المقبول والكافي – ربّما – للبدء في إصلاح بعض ما أفسده مجفّفو الينابيع. فقد كان الذي سنّ فكرة التجفيف يعلم جيّدا دور تلك الينابيع في إصلاح الفرد التونسي الوطني الغيور، وقد سمّى الينابيع بأسمائها، قرآن وسنّة وحديث وأثر وأدعيّة مأثورة وعرف صالح، فبادر إلى القرآن يتخيّر منه ما يُحذَفُ احتراما لأحاسيس « المتحضّرين والحقوقيين » في تونس وفي العالم (ويكون بهذا قد نفى عن الله سبحانه وتعالى الحكمة) وإلى السنّة والحديث والأثر يغيّبها من حياة الفرد الخاصّة والعامّة وإلى العرف يشكّك في صلاحيته للعصر وإلى الأدعية يطمسها ويعتبرها – ربّما – ضربا من القعود أو الشعوذة…

الفقرات التي سمعتها من إذاعة الزيتونة لامَسَتْ تقريبا كلّ ما يحتاجه المسلم وما يجعله بإذن ربّه على صراط ربّه، فقد كان ممّا تابعت برنامج « في مدرسة الحبيب محمد صلّى الله عليه وسلّم » وهو عبارة عن إملاء قرآنيّة (ملّة) حرص فيها الشيخ المقرئ عثمان الأنداري – بارك الله فيه وفي نسله – على إتقان المخارج وقواعد التجويد، كما استمعت إلى نشيد رائق يتغنّى بالزيتونة التي فيّأت ظلالها وخيراتها النّاس، وكانت الأدعيّة رقراقة كثيرة تامّة كاملة بعد الأذان والصلاة المنقولة مباشرة إلى المستمعين ثمّ كان هدي الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ممثّلا في الحديث الشريف بلغة مبسّطة مفهومة، ولم يغب القصص القرآني عن المسامع بل جاء بعبره الثمينة. كلّ ذلك وغيره من المنافع كان من تقديم كفاءات تونسية مباركة جازاهم الله جميعا خير الجزاء، ومزيّنا بترتيل جميل مجوّد من طرف أصوات زيتونيّة توّاقة إلى طرق مسامع المؤمنين في كلّ المعمورة لتنبئهم أنّ الزيتونة لا تزال بإذن الله معطاءة كريمة إذا أخلص أبناؤها في ريّ عروقها وتخليص محيطها من الأعشاب الطفيلية الذميمة التي حدّت من كميّة السماد الموجّه لتطعيمها وإنعاشها…

ما أحلى أن أسمع – أنا التونسي – ويسمع آخرون هذا الذي تنتجه أو تذيعه الزيتونة للقرآن الكريم المنبثقة من الجمهوريّة التونسية، فإنّ ذلك يخفّف لا محالة من وقع أخبار تحكي عن وجود مجرمين في تونس دنّسوا القرآن الكريم وركلوه بأرجلهم (شلّت أرجلهم وأياديهم)، كما تحسّن من صورة البلاد والعباد وقد شُهر عن بعض مثقّفيهم وحكّامهم أنّهم يكرهون الدين والتديّن فلا يقبلون متحجّبة اختارت لنفسها الستر أو شابّا آثر أن ينشأ في طاعة الله أو رجلا اختار صحبة سيّد الشهداء حمزة رضي الله عنه فنطق بكلمة الحقّ عند ذاك الجائر…

ما أحلى أن يهتدي بعض من قومي إلى ما يصلح الحال، فيتّجهون إلى إشاعة ما به صلح أوّل هذه الأمّة بدل أن يتواصل الإصرار على الإثم كما يفعل أولئك الذين زيّن لهم الشيطان أعمالهم ممّن خرجوا عن دائرة العقلاء فأحرجونا والبلاد بتصرّفاتهم أمام الخلق أجمعين. وقد ساءني كثيرا أن ينصرف ثلّة من التونسيين إلى برمجة أسبوع ضحك في وقت عصيب كانت غزّة فيه تذبح، وكأنّهم قد اختاروا لأنفسهم مكانا تحت قول الله تعالى: « إنّ الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مرّوا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فاكهين وإذا رأوهم قالوا إنّ هؤلاء لضالّون« ، كما ساءني أن يفدَ بعض التونسيين على هذا المهرجان المميت للقلوب والذي لا يعكس في الحقيقة – بأيّ حال من الأحوال – ما عليه التونسيون في غالبيتهم المطلقة من تفاعل إيجابي مع القضيّة الفليسطينية خصوصا والشأن الإسلامي والعربي عموما…

أسأل الله أن يهدي الذي أشار بإحداث إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم لغاية علِمَها الله قبل أن يشرع هو بالتفكير فيها، أن يعمل ببعض ما تذيعه الإذاعة على النّاس، وأقول له ناصحا: والله، ما ينتظر منك التونسيون أكثر من أن تتركهم وشأنهم يرجعون إلى أصولهم التونسية الطيّبة التي قد خوّلت – حسب ما قرأت – لأبطالها هناك في غانا أكفّا ترفع بالدّعاء من أجلهم هذه الأيّام. فقد دعاهم أصلهم ودينهم وزيتونتهم اللاّشرقية واللاّغربية بعد الله سبحانه وتعالى إلى إظهار الوجه الطيّب لتونس المعطاءة الكريمة الحنونة العطوفة، فقاموا بالانفاق على بعض الفقراء هناك، وقد كان ذلك من مالهم الخاصّ الذي بيّضوا به الوجه ولمّعوا به الصورة مخالفين بذلك أناسا تافهين يعيشون في دفئك قد سوّدوا الوجه وبشّعوا الصورة… أنصحك بأن تبادر بإطلاق الحريّات العامّة والخاصّة وتعمّر المساجد وتشيع المعرفة فيها معتمدا إن شئت على نفس المشايخ الذين هم الآن في إذاعة الزيتونة غير متعمّد دفعهم إلى تملّق (لا قدّر الله) يفسدهم عند سامعيهم، وسوف ترى كيف تمُوتَ على كرسيك أو على فراشك معزّزا مكرّما تونسيا (إلاّ ما كان من شأنك مع ربّك فأمره إلى ربّك)، وإلاّ فابشر بنتائج السواد الذي ينفثونه من حولك تطوّقك عند نهايتك… وبارك الله فيما تبثّه الزيتونة وأصلح الله نوايا القائمين عليها وجزى الله خيرا كلّ المنتجين المخلصين…                       


النساء الديمقراطيات ..وعناد الموت

وأنا أتصفح نشرية تونس نيوز دأبي دأب كثير من التونسيين من العامة والنخب والوزراء والساسة والصحفيين ليقرؤوا ما أقعدتهم الرقابة عن كتابته .. إطلعت على النص الذي أصدرته الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات على  إثر وفاة السيدة إلهام المرزوقي فإنتابتني حيرة عجيبة. كيف لا ونحن بين يدي نص يصلح لكل شئ إلا لتأبين… سيدة غيبها الموت تتبع بكلام جاف خال مقفر من مسلمات الترحم والإستغفار.

ألسنا بحضرة منظمة تطلق على نفسها المفردات التالية « الجمعية ». من منا لا يحب الجمعيات وهي محضن دافئ للخير والتكامل والتآزر وتجميع القوى من أجل البعث والترشيد والتحسين والتحسيس…

أما كلمة « التونسية » فكلنا توانسة والفخر كل الفخر أننا أبناء الخضراء. كيف لا وهي على صغر مساحتها إحتملت معلمين تنوء بهما القارّات ألا وهما زيتونة العاصمة وعقبة القيروان…

وأما كلمة « نساء » فمن رحمهن أتينا ، ومن صدروهن إرتوينا ، قلب كبير،  وحضن دافئ ، وبعد هذا وذاك هي الأم ، والأخت ، والزوجة ، والبنت… رحمة ، ورحم ، وسكن ، وزينة…

أمّا كلمة « ديمقراطيات » فمن ذا الذي لا يحب الأبعاد السليمة لهذا  المصطلح الذي أسهم في ترتيب العلاقات بين المجموعة البشرية وجنبها كثيرا من الدماء والويلات…

بناء على ما تقدم فهذه الجمعية من نبت بلادنا وليست نشازا عليها …إذا مالها لا تعزي  بتعازينا ولا تؤبن بتآبيننا وما بال دعاء مثل: اللهم أرحمها برحمتك وأجرها من النار استبدلت « بعينين مشتعلتين … كعيني هرّة برية »..إمرأة قادمة على ربـّها نسوق خلفها هذا الكلام !! ونضن عليها بكلمة إستغفار ونشح عليها بترحـّم …ما هذا الخلط العجيب والسلوك الدخيل الذي لم تعرفه بلادنا على مدى  تاريخها الطويل…أعناد هو … ؟ قد يجد هذا العناد وجه قبول ولو على خجل عند الجدال ، والنقاش ، والسب ، وقذف هذا وذاك ،  ووصف الناس بالتخلف والرجعية والظلامية ، والدعوة الى التحلل من الهوية و »التطهـّر  » من الموروث ، والعمل على تغريب الذات ثم التطوع لتغريب المجتمع …

كل هذا يهون ويؤخذ منه ويرد إلاّ الموت فلا عناد فيه ..فهو الذي يوحد خطاب جميع شرائح الشعب ونخبه التي أجمعت أنه المنتهى وأقرّت »علنا » أن ما بعده قدوم على الله لهذا توحدت أحاسيس الموت والتقى اليسار واليمين في الجنائز وصلى الكل على الفقيد  وتضرّعوا إلى الله أن يرزقه الجنة وأن يتجاوز عن ذنوبه  وأن يرحمه برحمته الواسعة وأن يرزق أهله الصبر والسلوان…

لعل إنشغال الجمعية بعقلنة الفكر النسوي أنساها الأصول نحو ميتة مسلمة عاشت مع المسلمين وماتت بينهم ودفنت في مقابرهم…ولما كنا أبناء بلد واحد لا بأس من أن أستدرك ما سقط « سهوا » من النساء الديمقراطيات وأدعو للراحلة ، وإن كان قد فاتكنّ الدعاء فأرجو منكن أن لا يفوتكنّ التأمين…اللهم إجعل أمتك إلهام المرزوقي ممن ختم لها بالتوحيد وأدخلها فسيح جنانك وتجاوز عن سيئاتها ولا تحرم أهلها أجرها ولا تفتنهم بعدها وإجعل موتها سببا في هداية رفيقاتها وأهد أعضاء الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات إلى ما تحبه وترضاه ولا تقبضهن إليك إلاّ وهن قانتات طاهرات مؤمنات مقبلات على طاعتك معرضات عن معصيتك.

أتبعن موتاكن بالكلام الطيب والدعاء والصدقة وأكثرن من ذكر محاسنهم التي تقرّبهم من الله  وأمسكن عن الكلام في سيـئاتهم ولا تعاندن سلطان الموت واحفظن هيبة الجنائز، فإنه من لم يعظه الموت فلا واعظ له… أفرغن عنادكن في السياسة ، والثقافة ، والفكر، حتي إذا أتيتن إلى المقابر فدعنه على أبوابها وأستسلمن لقضاء الله وقدره ثم أدخلنها بسلام آمنين…

 بقلم: نصر الدين

« نص الجمعية كما ورد من مصدره »

الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات:

إلى إلــهام المرزوقي

تونس في 24 جانفي 2008

يحق لنا أن نحزن ونبكي…يحق لنا أن نتألم…ويحق للكل أن يعزينا فيك.

في فقداننا للتي ساهمت في تأثيث الفكر النسوي وعقلنة مسار الحركة النسوية في بلادنا والتي بحثت في أعماق حراك التونسيات على مدى قرن في أول بحوثها الجامعية لتبين تواصل الأجيال في خلق نهضة فكرية نسوية تكذيبا لتاريخ يروي البعث من عدم..

يحق لنا أن نتصور مدى الفراغ ستتركه فينا وهي التي جادلتنا ونقدتنا وكانت منا وإلينا فقد كانت تصوغ افكارها بقوة وتعبر عنها دون أي تنازل بكلمة معقلنة وهادئة ضد كل نمطية أو أفكار مسبقة من خلال عينين مشتعلتين فطنة وذكاء كعيني هرة برية ووديعة في آن واحد لم تكن ثرثارة لأن الكلمة عندها تزن طنا ولأن كلمتها كانت الحرية والالتزام .. لأنها كانت الصدق والثبات على المبدأ و النزاهة الفكرية والعلمية

لأنها كل هذا فقد رحلت بصمت وتحملت آلامها في صمت إلى آخر رمق واختارت أن لا تثقل كاهل أحد عدا ثلاثة ممن فرضوا أنفسهم عليها فرضا في الفصل الأخير..

يؤلمنا أن ترحلي بهذه السرعة لتتركي فراغا في حراك التونسيات.. في حراكهن الخفي.. في الوعي وفي اللاوعي.. في الفوضى والانتظام ..أنت التي تناولته بقوة المنطق وشفافية البرهان وكلك ثقة في تواصل هذا الحراك فيك وفينا ..في زمن رديء همش العقل وشوه الالتزام.

رحلت أيتها الصديقة الرقيقة الحادة ونحن في أمس الحاجة لتجميع صفوفنا ونضال الفكر وثباته في أكثر من أي وقت مضى..ويحق لنا اليوم ولكل مناضلات الحركة النسوية اللواتي صعقن بالخبر وتجمعن لوادعك بأعداد غفيرة أن نقدم لك هذه التحية وأن نحمل إليك من خلالها كل الوفاء.

الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات

(المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ  1 فيفري2008)


 

الشعب التنظيم- الشخصية التونسية نموذجا (الجزء الثالث من الدراسة) كتبها: فريد خدومة .. أبو الشهيد التونسي

 

النتائـــــــج  

يعتقد سدنة تلك الخطة و المشرفون على تنفيذها و المستفيدون من نتائجها أنهم حققوا الكثير عندما أقفرت المساجد و ملئت السجون بأصحاب الرأي و على رأسهم الإسلاميين , و أفرغت المناهج التعليمية من روحها الأخلاقية و منع الحجاب بنص القانون و ضرب الاتحاد العام التونسي للطلبة . هم كذلك يعتقدون أنهم حققوا الكثير عندما فشت  » القوادة  » (أي الوشاية) في المجتمع التونسي حتى أصبح الولد يخشى من والده والوالد يخشى من ولده ،خذوا لكم مثلا من  » نكتة  » مرة كالعلقم تضحكك لكن قد تبكيك أيضا . قال الولد لأبيه : أبي أبي هل حقا أن الفيل يطير , أجابه الوالد بكل استخفاف: من هذا الأحمق الذي أخبرك أن الفيل يطير !؟ . الإبن : لقد سمعته من خطاب السيد الرئيس البارحة, صرخ الوالد في وجه ولده مستدركا خطأه : نعم نعم يا ولدي انه يطير يطير يطير ولكن لا يرتفع كثيرا .

 

أما نحن فنعتقد أنهم ما حققوا شيئا عندما تهاوى هذا المشروع بظهور الفضائيات التي كسرت جدار العزلة المفروض على التونسي الباحث عن فضاءات أخرى والرافض لواقعه المرير . انهم لم يحققوا شيئا عندما غصت المساجد من جديد بالمصلين ولم يستطع محللو وزارة الداخلية و الاستخبارات فهم هذه الظاهرة فهم على يقين أن الحركة الاسلامية لا تزاول نشاطها في تونس بعد أن شردوا كوادرها ما بين السجون و المنافي و لكن من كان وراء امتلاء المساجد بالشباب بكل بساطة وبدون تعقيد وبمنهجية سليمة في التفكير تدرك أن وراء تلك الظاهرة هو الله جل جلاله .

 

عندما قرر هؤلاء نصب المشنقة للإسلام في تونس اختاروا ابنه البكر « حركة النهضة » وفعلا استطاعوا ترويض هذا الثور بالسياط ثم كبلوه ثم أسقطوه أرضا ليعلنوا بانتشاء  » أن البقرة سقطت وأن السكاكين كثرت  » . لقد نصر الله دينه وأظهره رغم الكيد العظيم الذى دبروه وبيتوا له .  

والكثير من الشباب التونسي اليوم متعطش للإغتراف من الإسلام رغم أن الكثير منه كان غارقا في الإنحراف فتنكبه وولى وجهه قبل الإلتزام بدينه … شباب غيبته الحانات والمراقص والملاهي والمخدرات عن قضاياه الوطنية والقومية, فهجر هذا العفن الذي أغرق فيه وأصبح من رواد المساجد .

 

نتيجـة خطــة تجفيف الينابيع الإسلامية  

في حقيقة الأمر فإن خطة تجفيف الينابيع هذه قد أعلن عن موتها بلسان الحال ولكن لم يملك أصحابها الجرأة إلى اليوم للإعلان عن موتها , ومرد ذلك أن إعلان موتها هو موت لسدنتها وموت لكل التيارات التي ساهمت في صياغتها و المؤسسات التي رعتها .  

إن مشروع الصحوة الإسلامية الذي تشهده تونس ما بعد التسعينات يعد إعلانا رسميا على موت المشروع اللائكي برمته و بتهاوي أصحابه واحدا بعد آخر ويحق لنا اليوم أن نسأل: أين الدكتور محمد الشرفي أبرز منظري ذلك المشروع ؟؟؟ وأين العصا الغليظة القنزوعي وسيده القلال ؟؟؟..

 

لقد أفلحوا مثلا في القضاء على الكتاب الإسلامي إلى حد بعيد من خلال منع طباعته داخل الوطن وبغلق دور النشر ذات التوجه الإسلامي (15) وأيضا من خلال منع توريده ومصادرة المكتبات الخاصة أثناء المداهمات الليلية ومنع تداول الأشرطة السمعية والبصرية , ولكن ما ان ملأوا مخازنهم بما صادروه حتى ملئت أسطح العمارات و المنازل بل وحتى بعض الأكواخ في الريف التونسي « بالهوائيات » حتى تندر الناس بأن امرأة ريفية باعت جهاز التلفاز الوحيد الذي تمتلكه لتشتري بثمنه « بارابول « . وقد ذهب في ظن أصحاب تلك الخطة في بادئ الأمر أن تلك الظاهرة صحية وهي تخدم خطتهم لحد بعيد لعلمهم بما تحتوي عليه كثير من القنوات من سموم , ولكن القنوات الإسلامية المختلفة هي التى شغلت المشاهد التونسي وحازت على إهتمامه .

ضحية قناة تونس سبعة

 

إن التونسي الذي استعبدته القناة التلفزية الرسمية تونس سبعة وجعلته مستهلكا لاختيار له , وتسعى أن تقتل فيه الذوق الرفيع بعد أن ولت توجيهات الرئيس بورقيبة وما شاكلها بوعود تحرير الإعلام التي تهاوت مثلها مثل الوعد بالتعددية السياسية وغيرها .  

لم يتجه المشاهد التونسي كما أمل القوم إلى تلك القنوات التي كان من المرجو أن يتجه إليها رأسا بل فاجأ الجميع بإهتمامه بالقنوات الجادة كقناة الجزيرة التى مثلت تجربة غير مسبوقة في ساحة الإعلام العربي , وقد حاولوا شن حملات التشويه ضدها إلا أنها ثبتت أمام تهاوي جميع الحملات .

إن التونسي الذي ألف على مدى العشريات الماضية الرداءة الرسمية وخرج منتصرا بالمحافظة على شخصيته رغم الهنات أصبح محصنا من السقوط في مثل تلك المطبات التي توضع في طريقه .إن توجه التونسي لكل الفضائيات لا يخيفنا لأن المداهمات الليلية والإعتقالات العشوائية صنعت منه حارسا شرسا على شخصيته .

 

دور برنامج الاتجاه المعاكس على قناة الجزيرة  

مثل برنامج الاتجاه المعاكس الذى تبثه قناة الجزيرة القطرية ويديره المذيع القدير فيصل القاسم نموذجا كان له الفضل الكبير في إنعاش الشخصية التونسية من جديد التي صنع منها استقلال بورقيبة وما بعده شخصية مهزومة مصلحيه انتهازية ولا تخلو من مزاجية مزاجية , تعتقد أنه بحزب الدستور تفتح لها أبواب الدنيا و الآخرة وربما اعتقدت لوقت طويل أن بورقيبة لا يموت . هذه الشخصية لاتستطيع أن تضعها في خانة واحدة ومحددة و ذلك لتداخل المتناقضات فيها .

 

الاتجاه المعاكس كان من ضمن سلسلة من صدمات الوعي التى تعرضت لها الشخصية التونسية , ولعل أول الصدمات التى تلقتها هي تبخر الوعود الرسمية المعلنة ثم خطة تجفيف الينابيع وضرب الحركة الإسلامية ثم تدجين باقي تشكيلات المجتمع المدني. وقد تعلم التونسي – ليس بإطلاقه طبعا – من هذا البرنامج معاكسة رأي بن علي وسلطته وحزبه ونبهه أنه هناك أكثر من وجهة نظر وأن الرأي الواحد دكتاتوية وإستبداد مرفوض حتما .

 

إن « لا » استثناء في حياة التونسي المعاصرة ولكن يجب ألا ننسى أن ذلك الاستثناء كان فعلا المساهم الأبرز في صياغة شخصيته، فعبد العزيز العكرمي و الشرايطي و من معهم قالوا : »لا » في 1962 , وقال « لا » أيضا الإتحاد العام التونسي للشغل في أكثر من مناسبة و كان من أبرزها سنة 1987 و في الثمانينات يكاد لا يمر شهر جانفي دون « لا » جادة و غضوبة لكنها عوملت بشراسة و عنف بربري كاد أن يلقي بكل التونسيين في البحر.

 

دور المقاهي  

إن من لا يعرف تونس يتفاجأ من ظاهرة امتلاء المقاهي فيها , فهل يعد هذا الفعل اختياريا أم اضطراريا ؟ . إننا نعتقد أن هذا الفعل هو بين الإختيار و الإضطرار لأن المقهى هو الملجأ الوحيد لهذا الجيش من العاطلين عن العمل كي يستريحوا من عناء التسكع في الشوارع و ملجأ المثقفين الذين لم يجدوا في دور الثقافة إلا  » الدومينو  » و  » السكرابل  » و ملجأ المسيسين الذين حرموا من النشاط والفضاء الحزبي و من الجريدة الحزبية و ملجأ  » القوادة  » كي تلتقط آذانهم ما لذ و طاب من الهزل و الجد على السواء لتنقل إلى الدوائر الأمنية.  

من خلال المقهى تدرك بكل مرارة أن تونس بلد صغير وكان يمكن ألاّ تكون لها مشاكل أصلا فمشكلتنا ليست قبلية ضاربة في القدم من زمن «  الزير و البسوس  » و لا يمكن أن يوجد لها حل , يمكن أن ندرك أن مشكلتنا تحلّ بإباحة الوطن للجميع و تقديس الجميع لحرية الجميع و اعتبار أن رأس مال التونسي هو التونسي نفسه و لكن عندما تخروج من المقهى تدرك أن المشكلة أكبر منك و من الحزب الذي تنتمي إليه.

 

اليسار أكل الكتف  

عندما أصبحت التسعينات جزءا من التاريخ أي جزءا من الذاكرة أصبحت من الممكن دراستها ونحن ندعي أنها كانت مشروع مقبرة لشخصية التونسي والدليل الذي ذكرناه ! . أقول إن شخصية التونسي قد ساهم في هزها و تشظّيها و دفعها إلى عدم الوثوق بالانجاز , وبوعود ما قبل التسعينات , وقد مهد لسنوات عشرية التسعينات الدامية بسنوات ساهمت في خنق التونسي بعد ذلك و عمّقت أزمته ففي تلك السنوات صدقّ هذا الشعب المخدوع تاريخيا أنه أصبح حرا بنتاج ثورة « هادئة » أهدت له الحياة الحرة الكريمة على طبق من فضة فانبرى كغيره يجرب دورة في الحرية و التحزب و الحق في التعبير بل ولذة الرفض و المعارضة حتى لمجرد أن يشعر أنه حر فكانت انتكاسة انتخابات 1989 التي شارك فيها الشعب لأول مرة بكل قوته , وقد أثبتت هذه المحطة الإنتخابية أن  » دار لقمان على حالها  » .  

في بداية العهد الجديد عادت الروح إلى الشارع التونسي بدون حذر اعتقادا من الشعب الطيب أن رحيل بورقيبة أخذ معه البورقيبية بما تحوي من تسلط و تألّه و لكن الشعب إنقاد وراء الوعود الوردية بل و حتى النخبة المسيّسة صدقت أنها انتقلت إلى ملعب ديمقراطي دون أن تقدم ثمن قدوم الديمقراطية وكان يكفي الوقوف عند التناقض الذى حدث بين خطابي بن علي في 06 نوفمبر 1987 و 07 نوفمبر1987 لتبين بواكير زيف الخطاب الرسمي .  

وحده اليسار عرف كيف تؤكل الكتف فأيد التغيير الجديد بدون تحفظات و لم يبق على لونه ولم يتحجر بل دخل كل الأبواب الجديدة بدون تحفظ و كان أن أجاد اللعبة فأصبح بدون منازع في الصف الأول في تجمّع بن علي.  

أما الإسلاميون فقد سقطوا في الفخ معتقدين في الوعود المعسولة المعلنة من جهة و تسامح الغرب الذي لم يبدي اعتراضا على تواجدهم على إحدى ضفاف المتوسط ونسوا أن الغرب لن يسمح لهم بالتواجد القوي في إحدى ضفاف المتوسط .

 

رقبة الحـــر  

عندما نسترجع تلك السنوات العجاف تأخذنا الشفقة على تلك النخبة النيّرة التي ما ألانتها سجون بورقيبة , والتى انخدعت بمشاريع قوانين  » حبر على ورق  » أو قرارات جوفاء لا تقدم و لا تؤخر بل لعلها ساهمت في صياغة بعضها بوعي أو بدونه. لنرى بعجالة كيف مهد للتسعينات بكل حذق و حرفيّة حتى يسلم الحر رقبته لجلاده دون أن يمنحه فرصة للصراخ و طلب النجدة أو وقتا كافيا للتدارك أو للرفض أو للتراجع :

 

1)            26 نوفمبر 1987: تنقيح فصول مجلة الإجراءات الجزائية المنظمة للإيقاف التحفظي .

2)            6 ديسمبر 1987: إنشاء مجلس دستوري يسهر على مطابقة القوانين مع أحكام الدستور.

3)            29 ديسمبر 1987 : إلغاء محكمة أمن الدولة و خطة الوكيل العام للجمهورية .

4)            31 ديسمبر 1987: عفو رئاسي عن 405 محكومين بتهمة الانتماء إلى حركة الاتجاه الإسلامي.

5)            8 مارس 1988: إلغاء الأحكام الصادرة ضد صحافة المعارضة.

6)            8 افريل 1988: إعادة المطرودين من الوظائف العمومية لأسباب نقابية.

7)            12 أفريل 1988: الموافقة على تركيز الفرع الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في تونس.

8)            30 أفريل 1988: افتتاح ملتقى حول التربية من أجل التفاهم و التعاون الدولي و السلام وتعليم حقوق الإنسان.

9)            11 نوفمبر 1988:  : تونس توقع على اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1984 الخاصة بمناهضة التعذيب أو المعاملة اللاانسانية أو المهنية .

10)       2 أوت 1988: تنقيح القانون الخاص بالجمعيات .

11)       6 نوفمبر 1988: إصدار القانون المتعلق بالنظام الخاص بالسجون.

12)       6 نوفمبر 1988: الرابطة التونسية لحقوق الإنسان تعلن بأنه لم يعد هناك سجناء رأي في تونس.

13)       3 ديسمبر 1988: جمعية الدراسات الدولية تنظم ملتقى حول حقوق الإنسان و التنمية توج بإصدار بيان تونس حول حقوق الانسان والشعوب.

14)       25 جانفي 1989: الرئيس بن علي يتسلم جائزة لويز ميشال (للديمقراطية وحقوق الانسان ) لعام 1988 الممنوحة من المعهد الفرنسي للدراسات السياسية والاجتماعية.

15)       23 مارس 1989: تونس تحتضن المعهد العربي لحقوق الانسان.

16)       23 نوفمبر 1989: تونس ترعى ندوة حول حقوق الانسان في افريقيا.

أمكن بفضل تلك الوعود الهالكة سالفة الذكر وضع التونسي تحت  » الحذاء  » كما يقول المثل التونسي وإرباكه إلى درجة أنه لم يتبين سبيل الخلاص مما هو فيه من أزمة خلفتها أكثر من ثلاث عقود من حكم بورقيبة .  

والمتابع بكل دقة مصير القرارات الثورية التي أطلقها  » العهد الجديد  » والتي أحيت الأمل لدى المواطن التونسي بعد عقود حكم الحزب والزعيم الواحد يستسيغ حالة الإحباط التي وصل إليها التونسي في التسعينات , وهذا بعض حصاد العشرية المرة :

1- وقع انتهاك الإيقاف التحفظي في التسعينات على نطاق واسع حتى بلغ ما يناهز السنة لبعض الموقوفين .

2- إعادة العمل بالرئاسة مدى الحياة بالحيلة الدستورية .

3- المحاكمات العسكرية التي انطلقت منذ سنة 1992 وكانت أشد أحكاما وأكثر خرقا للقانون من محكمة أمن الدولة الملغاة بشهادة جميع المنظمات الدولية .

4- وقع إعادة الإسلاميين إلى السجون بل أعيدوا إليها أضعافا مضاعفة و مازالوا إلى اليوم يساقون إليها سوقا .

5- توقيف جريدة الفجر عن الصدور و الزج بالعاملين فيها وبمديرها الصحفي حمادي الجبالي في السجون و منع الدعم عن جريدة الموقف .

6- وقع طرد الآلاف من الإسلاميين من وظائفهم .

7- المنظمات الدولية أدانت محاكمات 1992 و في كل تقرير تصدره سنويا تعتبره تونس من أشد المنتهكين لحقوق الإنسان ولعل تقرير هيومان رايتس ووتش لسنة 2008 آخر شاهد على ذلك .

8- مواصلة عقد المؤتمرات و الندوات في شتى المواضيع و لكن لا يسمح لها بتجاوز صالونات النزل , أي أنه لا أثر لها فعليا على أرض الواقع .

9- ممارسة التعذيب بشتى أنواعه بل و حتى الاغتصاب و هناك من استشهد تحت التعذيب ( الشهيد المحواشي وقائمة الشهداء طويلة ) وفي السجن يعتبر التعذيب سياسة معتمدة رسميا .

10- منع حركة النهضة من الحصول على التأشيرة و حزب العمال الديمقراطي و التكتل من أجل الجمهورية و رابطة الكتاب الأحرار… إلخ .

11- فيما يخص السجون يكفي أن نذكر ببعض أسماء الشهداء للتدليل على كون هذه المؤسسة « حضارية  » و تسهر على المحافظة على حقوق الانسان من هؤلاء الشهيد الطالب عبد الوهاب بوصاع من شهداء برج الرومي و الشهيد الصحفي سحنون الجوهري من شهداء 9 أفريل و لا يفوتنا أن نذكر بالتعذيب الجماعي الجسدي و النفسي الذي تعرضت له نخبة من أبناء حركة النهضة يوم 1 ديسمبر 1991 في سجن برج الرومي على يدي مدير السجن الملازم أول محمد الزغلامي وزبانيته وعلى رأسهم الوكيل أول محمد الوشتاتي و الوكيل حبيب عليوة .

12- تسلم الرئيس بن علي في خلال مجازر التسعينات العديد من الجوائز و خاصة في مجال حقوق الانسان .

13- تجاوز سجناء الرأي في تونس التسعينات الخمسة عشرة ألفا.

 

…..يتبع

(المصدر: موقع السبيل أونلاين بتاريخ 3 فيفري 2008)


 

كفانا لعن الظلام وسبّ الحكام

 (الجزء الثاني من 4)

بقلم: علي شرطاني

 

– مسؤولية النخبة من مختلف الطيف السياسي والفكري :

 

إن حالة الإنقسام الحاد الذي آلت إليه شعوب أمة العرب والمسلمين في مختلف أوطانها بعد سقوط نظام الخلافة وإنهاء العمل بالنظام الإسلامي، والإجتياح الصليبي الصهيوني الغربي الإستعماري للعالم الإسلامي، بعد إتفاقية سايكس بيكو المشؤومة، هي التي ترتب عنها وجود طوائف جديدة متعددة بتعدد مشاربها الثقافية، بعد أن فقد العرب والمسلمون الإنسجام الثقافي والإنقسام المتنوع في إطار نفس الثقافة. وكانت أهم هذه الطوائف الحاضرة في نفس الوطن الواحد، والتي أصبحت تتخلل نفس الشعب الواحد من شعوب أمة العرب والمسلمين، في الوطن الواحد من أوطان هذه الشعوب، هي الحركة القومية والليبرالية الرأسمالية والحركة اليسارية الشيوعية، ليصبح الإسلام متمثلا كغيره من الثقافات في حركات إسلامية مختلفة كغيرها من الحركات الأخرى. وبتنوع هذه الحركات والطوائف، تنوعت النخبة طبعا، وتنوعت الأنظمة، إذا ما استثنينا النخبة العربية الإسلامية في الحركة الإسلامية، باستثناء بعض الأنظمة التقليدية المحسوبة على الإسلام، وبعض التجارب الحديثة التي مازالت لم ترتق بعد بفعل عوامل كثيرة إلى المستوى المطلوب الذي تكون فيه معبرة عن المثل الحقيقي للنظام الإسلامي. وكانت كل هذه النخب إما متمثلة في أنظمة سياسية أو موالية وداعمة لها أو معارضة. وقد كانت متمثلة في أنظمة هنا وداعمة وموالية لها ومعارضة لها هناك.

 

ومن هنا تأتي مسؤولية هذه النخب، ومن هذه المواقع المختلفة التي تترتب عليها فيها مسؤوليات لا يقل بعضها عن البعض الآخر. فهي التي من خلال موقعها في السلطة كانت مستبدة فاسدة لم تزد الشعوب إلا تخلفا وانحطاطا، وإلا قهرا وانقساما. وهي التي من خلال موقعها في الموالاة والمساندة والدعم لم تكن إلا شريكا مع الأنظمة ومدافعة عنها في ما جرته عن الشعوب والأوطان من كوارث وويلات وخسائر. وهي التي من خلال موقعها في المعارضة لم تكن إلا معول هدم، وذلك ما كانت تلتق فيه مع تلك الأنظمة، لهوية الأمة ولأصالتها ولثوابتها ولخصائصها ولكل مقومات شخصيتها. فهي المسؤولة عن عدم القدرة على الإلتحام بالجماهير وعن عدم القدرة عن تأطيرها عقائديا وثقافيا وفكريا وتاريخيا باتجاه تحقيق أهدافها في الحرية والوحدة والإستقلال والتحرر والعدل والمساواة…وهي التي مازال خطابها يقوم على سب الظلام دون أن تكون قادرة على إضاءة شمعة واحدة، وعلى سب النظام دون أن تكون قادرة على سلوك بالجماهير والشعوب بر الأمان والدفع بها إلى الأمام.

 

– مسؤولية الشعوب :

 

إن التاريخ يعلمنا أن مسؤولية الجماهير والشعوب من مسؤولية النخبة والصفوة في مجتمعاتها. وأن الذي لا شك فيه أن صلاح هذه الجماهير والشعوب من صلاح النخبة والصفوة منها وفيها، وأن فسادها من فسادها. وهي التي تستمد مسؤوليتها منها. فعلى نفس مستوى النخبة وقيمتها تكون مستويات الجماهير والشعوب وقيمتها.

 

وإذا كانت النخبة منقسمة إلى طرفين رئيسيين:

 

– طرف موال وداعم ومعاضد ومدافع عن هذه الأنظمة، لغايات وأهداف وأغراض مختلفة عادة ما تكون خاصة غير وطنية وغير عامة.

 

– وطرف، من قوى الغش والتضليل والجذب إلى الخلف من أجل الصالح الخاص على حساب الصالح العام، وهو كذلك من قوى الهدم العبثية أو العدمية بحسب ما تكون طبيعة النظام المدين له بالولاء « تقدميا ثوريا ديمقراطيا » رافعا راية القومية العربية ومبشرا بالحرية والإشتراكية والوحدة، أو راية الليبرالية والتطور والحداثة والتقدم، ومبشرا كذلك بالحرية وبالديمقراطية وحقوق الإنسان، أو شيوعيا رافعا الراية الحمراء، داعيا إلى العالمية ومبشرا بوحدة العمال وبدكتاتورية الشغيلة وبالعدالة الإجتماعية والرخاء المادي الذين لا مكان لهما في الأرض إلا بإنهاء الملكية الخاصة ونسف جهاز الدولة. وهي أنظمة وقوى وتيارات ونخب عبثية أو عدمية تقليدية محسوبة على الإسلام،  رافعة شعار العروبة والأصالة، ومبشرة بعدل الإسلام وتسامحه، وسماحة الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان، وهي التي على النحو الذي يجب أن تكون عليه، لا يكاد يكون لها مكان فيه.

 

في ظل هذا الإنقسام القائم، والذي يزداد استفحالا بتشجيع ودعم من قوى الهيمنة الدولية الرابح الوحيد منه، استحال الوضع في أوطان شعوب الأمة إلى أنه كل ما جاءت أمة من هذه الأمم، أي نخبة من هذه النخب، لعنت أختها. وعوض أن تضيئ هذه النخب شموعا، ظلت تلعن الظلام. وعوض أن تبدع وتصلح، ظلت تسب الحكام. وإذا كان هذا هو المضمون الفكري والثقافي الذي تقدمه هذه النخب وهذه المجاميع وهذه التيارات والحركات والأحزاب لجماهير الشعوب، فماذا يمكن أن تكون ثقافتها، غير ثقافة الإطراء والمديح والدفاع عن الأنظمة، التي ليست في حاجة لمن يدافع عنها لأن القوة هي سبيلها للوجود ولٌلإستمرار في الوجود، ولا أحد يستطيع في الحقيقة أن يدافع عنها لما هي عليه من سوء وفساد. وماذا يمكن أن تكون ثقافتها، وهي التي تتزود من الجهة الثانية من النخبة في المعارضة العلمانية خاصة، غير ثقافة لعن الظلام وسب الحكام، ليكون المجتمع منقسما إلى فئتين :

 

– فئة تقبل بالظلام ومدح ومعاضدة الحكام.

 

– وفئة لا تقبل بالظلام، ولا تنته من الإستمرار في تأكيد ثقافة سب الحكام، مما يحيلنا إلى القول :أن المسؤولية في النهاية هي مسؤولية الشعوب وإن كانت منقسمة على نفسها بحسب انقسام النخبة فيها. فهي التي من المفروض أن تحسم الخلافات والإنقسام لصالحها. وهي التي من المفروض أن تتحمل مسؤوليتها في ماضيها وحاضرها ومستقبلها. فبرغم كل ما حصل وما يمكن أن يحصل، فإن مسؤولية الحسم الثقافي والسياسي والإجتماعي هي مسؤولية الجماهير والشعوب، سواء في حال ائتلاف النخبة أو اختلافها، أو في حال تعاطيها بإيجابية مع الواقع الداخلي والخارجي والمحلي والإقليمي والدولي أو بسلبية.

 

(المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 3 فيفري 2008)


 

التعذيب أعظم إنجازات العهد الجديد

(الحلقة الثالثة)

بقلم: المنجي الفطناسي

 

سألني أحد الإخوة الأفاضل ما الذي دفعك للكتابة عن التعذيب في هذا الظرف بالذات ؟

 

فأجبته شاكرا له سؤاله :

 

       أن ماكينة التعذيب في تونس لم تتوقف ولو ليوم واحد منذ عشرين سنة إلى الآن.

       أن جريمة  التعذيب لا تسقط بالتقادم ويجب التشهير بها وبمرتكبيها على الدوام خاصة وأن جراحات ضحاياها  لا تكف عن النزيف  أبدا.

       أني أردت من خلال طرح هذا الموضوع تذكير أولئك الذين اختاروا رغبا ورهبا هذه المرحلة المؤلمة والمحزنة (التي تصعد فيها أرواح شهدائنا الأبرار إلى السماء الواحدة تلك الأخرى شاكية لربها ظلم بن علي لتمجيد ومدح منجزات هذا السفاح) أنهم تناسوا بقصد وبسابق إصرار ذكر أعظم إنجاز يحسب لهذا الرجل وهو إهانته لآدمية البشر في تونس وقتلهم قتلا بطيئا من خلال سياسة التشفي والإنتقام والإهمال الصحي والجريمة المنظمة .

 

 ولسائل أن يسأل ماذا تساوي هذه المنجزات المزعومة مقارنة بما حققه فراعنة العصر صدام وشاه إيران وغيرهما من معجزات اقتصادية وعسكرية وتكنولوجية وتقدم على جميع المستويات.

 

وهل شفعت لهم هذه المنجزات وهل نفعتهم في شيء عندما انتفضت عليهم الشعوب وانتقمت لشرفها وكرامتها ودينها وحريتها ؟

 

– كما وددت أن أرد على الذين يلبسون على الناس ويغالطونهم حين يزعمون أن بن على ليس وحده مسؤولا عن كل ما يحدث في تونس من انتهاكات خطيرة بل أن هناك أطرافا داخل السلطة لها مصلحة في استمرار تردي الأوضاع الحقوقية وهي التي تدفع دائما باتجاه ذلك.

أقول لهؤلاء اتقوا الله ، كفى استبلاها للعقول كفى ضحكا على الذقون ، كل الذين عرفوا هذا الرجل من قريب أو بعيد يجزمون أنه شر مطلق لا خير فيه ، يكفي أن هذا الذي حدث ويحدث يتم في عهده وبعلمه وبقرارات منه فهو المسؤول رقم واحد في الدنيا والآخرة ، ولو كانت له رغبة صادقة وإرادة أكيدة في تغيير الأوضاع لحصل ذلك من زمن بعيد ولما عانى أشراف تونس كل هذه المعاناة.

 

 لقد تهيأت كثير من الظروف المحلية والدولية لإصلاح ذات البين بين أبناء الخضراء ولكنه رفض وأبى واستكبر وأصر على سياسة القمع والإستبداد والإنغلاق.

 

كما جاء في تصحيح الأخ خالد تعليقا على ما ورد في الحلقة الأولى أن الذين سجنوا من المتورطين في التعذيب أعربوا عن ندمهم واعترفوا أن الأوامر كانت تأتيهم مباشرة من القصر.

 

إني أشبه المطبلين والمزمرين لمنجزات الظالم والمهرولين نحو ه طمعا في المصالحة وفي وحل الدنيا بمحمود عباس وزمرة أوسلو الباحثين عن التسوية مع أولمرت وباراك وشمعون بيريز.

 

إن حجم الدمار السلوكي والأخلاقي والمعاملاتي الهائل الذي تسبب فيه هذا الفاسد المفسد الضال المضل تحتاج من التونسيين الغيورين إلى عشرين سنة من العمل الجاد والمخلص حتى تعود الأمور إلى مستوى الصفر.

 

وأساليب التعذيب التي تستعمل في تونس تذهب بالألباب ويشيب لها الولدان ( عودوا إن شئتم إلى كتاب مأساة مساجين الرأي في تونس وكتاب الحديقة السرية لبن علي لمؤلفه الدكتور أحمد المناعي وتقارير منظمة العفو الدولية وكل المنظمات الحقوقية في الداخل والخارج من بداية التسعينات إلى يوم الناس هذا) .

 

وضحايا التعذيب في تونس يعدون بعشرات الآلاف منهم من قضى نحبه ومنهم من هو في طريقه إلى ذلك بسبب حرمانه من العلاج ومنهم من سيعيش بقية حياته معاقا أو مشوها أو مصابا بأمراض مزمنة ومنهم من فقد مداركه العقلية ومنهم من انتحر بسبب الحصار الذي مورس عليه في رزقه وفي حريته بعد خروجه من السجن .

 

إن الواجب يحتم علينا هذه الأيام أن نتحرك في نفس الوقت لرفع الحصار الظالم المسلط على إخواننا في غزة وعلى إخواننا المناضلين والمسرحين من سجون بن علي..

 

ومن المشاهد المؤثرة التي طبعت في الذاكرة:

 

       اعتقالهم لأم أحد الإخوة الفارين وهي في الثمانين من عمرها ووضعها في الزنزانة الإنفرداية (السيلون) في ظروف لا تليق وتفتقد لأبسط المرافق الإنسانية لأيام طويلة محاولة منهم للضغط على ابنها حتى يسلم نفسه.

       من أسوأ المشاهد تجريدهم لأحد الإخوة الربانيين الحافظين لكتاب الله من كل ثيابه أمامي. هذا الأخ له مكانة كبيرة في قلبي،  فكان من أصعب الأشياء علي أن أراه في تلك الحالة.

       إحدى الطالبات عذبت أمامي عذابا أليما وكانت تسأل سؤالا واحدا أين يختفي خطيبك فلان ؟ فتأكدت حينها من حقيقة تحرير المرأة في تونس.

       أحد الإخوة الأعزاء أدخلوني عليه في غرفة من غرف التعذيب فلم أعرفه ولم أتبينه ، شكله مختلف تماما ، ملابسه كلها ممزقة لا يوجد مكان في وجهه وجسده إلا وبه انتفاخ أو تغير في اللون. روى لي عندما التقيته بعد أشهر في السجن أنهم كانوا يضربونه بعصي فيها مسامير حادة.

       الشهيد عامر الدقاشي عذبوه حتى الموت ثم ألقوا بجثته من الطابق الثالث إيهاما وادعاءا أنه رمى بنفسه محاولا الفرار.

       أحد الإخوة حاولوا تعرية أمه .وزوجته وأخته أمامه وهددوه باغتصابهن إن لم يعترف ،الأم توفيت بعد أيام حسرة وكمدا من هول ما رأت في وزارة الداخلية.

       أحد الأعوان الشبان في سجن برج الرومي أجلس شيخا في الخامسة والسبعين من عمره ( في مقام جده ) على ركبتيه وأشبعه صفعا ورفسا ودوسا والمسكين يستغيث ولا مغيث دون مراعاة لكبر سنه وضعف بصره وشيب شعره.

       أضرب بعض الإخوة عن الطعام بسبب تردي الأوضاع داخل السجون فما كان من مدير السجن إلا أن أخرجهم إلى الساحة وطرحهم على بطونهم أرضا بعد أن قيد أيديهم إلى الوراء ثم أتى بوجبة الغداء وصبها في مستنقع للمياه الراكدة الوسخة وأرغمهم على أكلها تحت لهيب السياط وترويع الكلاب.

       أحد الإخوة طار جزء من جلدة رأسه نتيجة شدة التعذيب، هذا الجزء استظهر به المحامي أمام القاضي في قاعة المحكمة.

       أحد الإخوة كان فارا منهم على متن دراجة نارية فدهسوه بسيارتين واحدة من الأمام والأخرى من الخلف مما تسبب له في كسور على مستوى الظهر والرجلين ، حملوه إلى المستشفي حيث تم تجبيره ثم عادوا به إلى بوشوشة أين أذاقوه ألوانا عديدة من العذاب رغم تحذيرات الأطباء.

       أحد الإخوة كان بدينا لم يستطيعوا تعليقه من رجليه الإثنين فعلقوه من رجل واحدة مما جعل العذاب والآلام أضعافا مضاعفة .(تصوروا هذه الوضعية إنسان بدين يعلق من رجل واحدة كيف يكون حاله ).

       أحد الإخوة التف حوله سبعة من الوحوش المفترسة وهو معلق ، أحدهم يضربه  بعصا ضربا مبرحا على أصابع رجليه والثاني يكويه بسيجارة في أماكن حساسة من جسده والثالث يدخل عصا في دبره والرابع يضع خرقة وسخة كريهة الرائحة على أنفه وفمه ويضغط عليه إلى حد الإختناق والخامس يضربه على صدره بحذاءه العسكري والسادس يلقي عليه أسئلة والسابع يضربه بالسوط على رأسه ويطالبه بسرعة الإجابة دون تردد أو تفكير.

       أحد الإخوة ضربوه بقضيب حديدي على جهازه التناسلي مما تسبب له في عقم دائم.

 

 إضافة إلى ممارسات كثيرة يندى لها الجبين لا أستطيع الحديث عنها لخدشها الحياء.

 

ألأكثر إيذاءا من التعذيب في سجون ومعتقلات بن علي الإفراط في سب الجلالة والتطاول على الدين وعلى القرآن الكريم وعلى رسولنا العظيم .، فما رأيت في حياتي قط أفحش قولا وأشد بذاءة في اللسان من هؤلاء، إضافة إلى رائحتهم الكريهة بسبب قلة نظافتهم وممارسة العديد منهم للتعذيب وهم سكارى مخمورون .

 

والمتأمل في أحوال أغلب المهرولين وهم قلة والحمد لله أمام الشريحة الواسعة من الصابرين الثابتين يجد أنهم لم يقعوا بين أيدي الجلادين ولم يتعرضوا لما تعرض له رفقاء الدرب، وأن الله عافاهم مما ابتلى به بقية إخوانهم ولو حصل لهم ما حصل لغيرهم لعرفوا حقيقة عدوهم ( ليس هناك مكان يعرفك بحقيقة وشراسة وبشاعة عدوك مثل زنازين الداخلية والسجون) ولما هرولوا ولما انبطحوا ولما مدحوا ولكان لهم رأي آخر.

 

والجلادون أناس لا يمكن مقارنتهم بالحيوانات ، فالحيوانات أفضل منهم على جميع المستويات ، الحيوان إذا ربيته واعتنيت به يصبح وديعا أليفا خدوما وفيا رحيما أما هؤلاء فلا يملكون صفة واحدة من هذه الصفات.

 

 وينقسم الجلادون من خلال تجارب المعارضين معهم إلى ثلاثة أقسام:

 

       قسم من مجرمي الحق العام وأغلبهم أميون وقع توظيفهم منذ العهد البورقيبي (بعد أن غسلت أدمغتهم ) لتعذيب وقتل الأبرياء. تشعر من خلال أحاديثهم وممارساتهم بمحدودية مستواهم ، وهؤلاء لا يعرفون للرحمة سبيلا ، تجد الواحد منهم مستعدا وبمنتهى الغباوة لتنفيذ كل الأوامر ولو على أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه.

       ومن نكد الدنيا على المرء أن يرى أحد هؤلاء الجهلة القذرين يعذب دكتورا في الجامعة أو طبيبا مرموقا.

       قسم من اليساريين القدامى والجدد الحاقدين الذين انخرطوا في سلك الأمن انتقاما لهزيمتهم النكراء أمام الإسلاميين في كل قطاعات المجتمع. تراهم يعذبون من منطلق عقائدي.

       قسم من المثقفين أصحاب الشهادات صدت السلطة أمامهم كل أبواب العمل الشريف وفتحت لهم أبواب الداخلية على مصراعيها فتورطوا في تطبيق جرائم السلطة ضد الأبرياء.

 

الأشخاص المورطون في أعمال التعذيب في تونس

 

 يأتي رئيس الدولة طبعا في المقدمة نظرا لأن كل هذه الإنتهاكات الخطيرة حدثت في عهده وبأوامر منه وهو المطلوب رقم واحد لدى محاكم الدنيا والآخرة ثم كل الوزراء الذين تعاقبوا على حقيبتي الداخلية والعدل ومدراء الأمن ثم :

 

الجلادون بإدارة الأمن الوطني :

 

عزالدين جنيّح  

حسن عبيد  

علي منصور  

حمادي حلاس  (شهر محمد الناصر) 

فرج قدورة   

محمد علي القنزوعي    

المنصف بن قبيلة   

رضا الشابي    

عبد الحفيظ التونسي   

عبدالرؤوف بالشيخ     

محمود بن عمر     

عمر السليني    

محمود الجوادي   

البشير السعيدي    

زياد القرقوري    

عادل العياري     

عبد الرحمان القاسمي ( شهر بوكاسا )   

محمد الطاهر الوسلاتي     

جمال العياري    

عبد الفتاح الأديب    

عبد الكريم الزمالي      

محمد قابوس       

محمد المومني     

عادل التليلي       

حمودة فارح      

عماد الدغار       

مراد العبيدي        

رشيد رضا الطرابلسي       

عبدالرحمان الفرشيشي    

عبد المولى .

 

وغيرهم كثير.

 

أعوان و ضباط الإدارة العامة للسجون

 

أحمد الحاجي    

التومي الصغير المزغني      

الجديدي العلوي     

نبيل العيداني       

أحمد الرياحي       

كريم بالحاج يحيى     

الحبيب عليوة    

علي بن عيسى      

صلاح الدين مبارك       

البشير النجار        

الهادي الزيتوني    

مراد الحناشي      

الهادي العياري      

رضا بالحاج     

عمر اليحياوي       

الصادق بالحاج     

فيصل الرماني    

عبد الرحمان العيدودي     

صالح الرابحي       

علي شوشان     

هشام العوني      

جمال الجرب    

سامي القلال      

هندة عيادي

بلقاسم ملوخية    

حسن عرصة     

حسن البناي    

حسن الأبرص    

الوشتاتي     

 

محمد الزغلامي (سرق ميزانية السجن لما كان مديرا لسجن برج الرومي في أواسط التسعينات فاعتقل وسجن في نفس السجن الذي كان يعذب فيه الأبرياء وتوفي فيه، التقاه أحد الإخوة فبل وفاته بأيام في إحدى غرف السجن فوجده يبكي نادما على ما اقترفت يداه وطلب منه أن يبلغ كل الإخوة الذين عذبهم اعتذاراته وأنه كان ضحية سياسة الدولة وأنه كان يطبق الأوامر التي كانت تأتيه مباشرة من بن علي ووزيريه للداخلية والعدل، راجيا من كل المساجين العفو عنه) .

 

وغيرهم كثير

 

(المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 3 فيفري 2008)


 

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام علي أفضل المرسلين   

 تونس في 3 /2 /  2008

يوم لا يمحي من الذاكرة

الرسالة رقم 389 علي موقع تونس نيوز
 شكرا لمن أتاح لي هذه الفرصة                                     

بقلم محمد العروسي الهاني

مناضل- كاتب في الشأن الوطني والعربي الإسلامي

 

حرية الإعلام والتعبير والحوار في وسائل الإعلام المرئية و المسموعة لها شروط و آداب  وفضائل سامية وأخلاق عالية وحقائق بعيدة عن الإثارة و التجريح .

  أن دور الإعلام هام في عصرنا الحاضر يقوم بكشف التجاوزات وتحليل الأوضاع وتشخيص الأمراض الاجتماعية والانحرافات الخطيرة بأسلوب حواري يتصف بالجرأة والشجاعة مع توخي أسلوب المرونة وآداب الحوار و مسك الأعصاب… و توخي الصراحة بلطف وأخلاق عالية وعدم تجريح الطرف المقابل أو التطاول عليه أو استفزازه
أو اعتماد طرق التضليل وقول الزور والبهتان وما أكثر قول البهتان في عصرنا الحاضر وان الافتراء أصبح بضاعة اليوم وان الحوار المسئول هو فن من فنون الثقافة وعلم من علوم الإعلام العصري و أيضا هو أسلوب حضاري نظيف المعاني والمعلومات الصحيحة . وهو أيضا سلاح حاد إذا فرطنا في استعماله وعدم التحكم في اللسان وإخراج الحروف بنطق سليم ونظيف ورحم الله عمي الهاني الذي قال عليك بتدوير لسانك 7 مرات قبل أن تنطق بالكلمة:
 
قلت ان للحوار فنون ومواهب  وحكم ومعاني سامية تؤثر في المستمع والمشاهد عندما تكون هادفة وذات مدلول واضح يجلب لصاحبه التقدير وللاحترام وكم من إنسان شارك في حوار تلفزي في فضائية عربية إلا وجد في المشرق و الغرب الإكبار والإجلال لأنه تحدث بعقلانية وواقعية وآداب وابرز حقائق وشرح أسباب كانت غامضة فنال إعجاب المشاهدين ولو كان في الصين أو في موريتانيا . وكم من شخص في بلاده ولو كان علي بعد 18 كلم من تونس فان كلامه غير محبذ وغير مفيد وكتاباته تجلب له السخرية و النقد و الجدل.
و الصنف الأول مقالاته و حواراته مثل العسل في شهده يتلذذ الناس به … لأن الأول كلامه و أقواله و نبراته صادقة خارجة من الأعماق و فعلا الشيء الخارج من القلب الطاهر يدخل القلوب بدون إستأذان: إما الصنف الثاني فكلامهم خارج من الشفاه و الحنك ما يسمى البوليتيك لا يؤثر و لا ينفع الناس و لا يهضمه أي مواطن مهما كان مستواه لا حول و لا قوة إلا بالله العظيم ،
القناة المرئية لها خيارها و أهدافها و حرفائها و مصدقيتها

في إطار دور الفضائيات العربية التي تحترم مشاهديها فتقدم لهم ملفات حوارية هامة و تختار مواضيع هادفة تشد المشاهد و المستمع و يستفيد منها الجميع، و هناك بعض المحطات الفضايئة تصيب أحيانا و تخطأ أحيانا أخرى، و هناك محطات فضائية أخرى تتمسك باختيار أشخاص لا يتجاوب معهم عامة الناس و لا يصدقونه و أذكر أن بعض الفضائيات كانت رائدة في بدايتها و فرضت احترامها و لكن بإصرارها على شخص أو أشخاص هاجرها الناس ثم تطورت فعاد إليها الناس بعناية و نجحت في أداء الرسالة الإعلامية
                  و لكن هذه الأيام عادة إلى سالف عهدها و أعتقد أن بعض الناس هاجرها و نافلة القول إن اختيار الأشخاص له دوره في نجاح و تألق الفضائية او هجرتها و للناس في ما يعشقون مذاهب.
و هم أحرار في الذوق السليم و الخبر اليقين و القول الجميل و العسل اللذيذ الشافي من الأمراض و الذي ذكره الله في كتابه العزيز: أما غير ذلك فهو كلام لا يليق و لا يطاق و لا يقبله عاقل مسلم و شريف مثل الدكتور محمد الهاشمي الحامدي الذي ينتمي إلى عائلة شريفة و هو متدين و يخاف الله و إن الأشخاص الذين لهم طموحات مادية و مطامع في المناصب بكل الطرق و لا عهد و لا ميثاق لهم و لا رصيد و لا ماضي و لا ثوابت و لا قيم و لا شيأ يذكر في حياتهم و لا نشاط في بلادهم  طيلة عقود وهم مذبذبون و ليس من التوازن في الحوار أن نفتح ملفات هامة حيوية مثل ملف حزب العدالة و التنمية بالمغرب البلد الشقيق الذي يقوده الملك الشاب محمد السادس حفظه الله و نصره و أعانه على مواصلة نشاطه لتطوير المغــرب العــزيز و الشقيق و الذي يقود هذا البلد بحنكة و ذكاء و أعطى مجالات واسعة لحرية الإعلام و ممارسة العمل السياسي للأحزاب بما في ذلك حزب العدالة و التنمية الذي فاز في الانتخابات التشريعية الأخيرة يوم 07 سبتمبر 2007 و احتل المرتبة الثانية في الانتخابات بدعم من الشعب المغربي الذي حكم صندوق الاقتراع و أصدر أحكامه العادلة لماذا نتجانى و نتهم غيرنا و نتدخل في شؤون الجيران و قد قلت في مقال سابق كل واحد يلعب قدام دارو و لا يمكن أن يفيد اللعب في حومة لا نعرف شبابها و عاداتهم و ثقافاتهم و مواقفهم من المولود الجديد و المثل يقوم أهل مكة أدرى بشعابها و إن الحوار المفيد هو الذي يجمع و لا يفرق يبني و لا يهدم يوحد و لا يشتت و يحترم الآخر و يصلح و لا يفسد و يعطي صورة جيدة على الإسلام و المسلمين حتى يحترمنا الآخر في الغرب و أمريكا و حتى لا نتهم بما يردده أعداء الإسلام و لا يكون ذلك إلا باختيار المواضيع و اختيار الأشخاص و الرأي الآخر أي الاتجاه المعاكس ينبغي أن يكون يخاف الله و يخشى يوم الفزع الأكبر يوم القارعة يوم الطامة يوم القيامة يوم الحساب يوم لا ينفع مالا و لا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم صدق الله العظيم.
                  هذه بعض الملاحظات و الخواطر أسوقها بمناسبة الحوار الذي دار مساء يوم السبت 2 فيفري الجاري في قناة المستقلة في برنامج ملفات مغاربية بإشراف الإعلامي القدير الصديق الوفي الأستاذ محمد مصدق يوسفي و حتى يكون الحوار في المستقبل أكثر ثراء و أكثر مصداقية يجب أن يكون الاتجاه المعاكس من نفس البلد الذي ينتمي الضيف المغربي حتى يكون للحوار مصداقية و معنى و حتى لا نتدخل في شؤون إخواننا في السودان و اليمن و مصر و الأردن و الجزائر و المغرب و مريطانيا و الكويت و تركـيا و سوريا التي إختارت طريق تكوين أحزاب إسلامية فهم أدرى بشؤونهم و لا نقول إلا الكلمة التي ترضي الرحمان و التي تحسب في الميزان يوم القيامة  لأن هذا التدخل يخدم أعداء الإسلام و أغراضهم و يصبح الحوار من هذا النوع من الأبواق الجديدة التي تساعد أعداء الإسلام و لا غرابة فإن الأبواق دائما تكون من اليسار أنصار لينين و ماركس الشيوعيين الذين كانوا رواد قبل الفشل و الهزيمة في بلدانهم و هذه  البضاعة أصبح غير مرغوب فيها في بلداننا.

قال الله تعالى و جادلهم بالتي هي أحسن صدق لله العظيم

 

بقلم محمد العروسي الهاني


 

السبيل أونلاين- يُحيي ذكرى الشيخ محمد الخضر حسين رحمه الله

 

 

الحلقة الأولى من 3 (جمع وتنسيق الأستاذ علي سعيّد)

بمبادرة من ثلة من محبي المرحوم – جازاهم الله خيرا وأحيى قلوبهم – كان إحيـاء ذكـراه إحيـاء ذكـرى الشيخ العلامـة محمد الخضـر حسيـن رحمـه اللـه تعالـى

« بحٌر(من العلم) لا ساحل له »

كان إماماً من أئمة العربية في العصور المتأخرة، وفذاً من أفذاذ علماء الإسلام كما قال عنه العلامة محمد الطاهر بن عاشور – رحمهما الله .

 

المولد والنشأة العلميّة

 

وُلد « محمد الخضر الحسين » في مدينة نفطة بجنوبي تونس في(26 رجب 1293هـ= 16 أغسطس 1876م)، ونشأ في أسرة كريمة تعتز بعراقة النسب وكرم الأصل.  

حفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادىء القراءة والكتابة، وألمّ بشيء من الأدب والعلوم العربية والشرعية. وقد ذكر أن والدته قد لقنته مع إخوانه (الكفراوي) في النحو و(السفطي) في الفقه المالكي.  

انتقل وهو في الثانية عشرة من عمره سنة (1888) إلى تونس العاصمة، والتحق بعد عامين بجامع الزيتونة، أرقى المعاهد الدينية وأعظمها شأناً في المغرب، حيث تُقرأ علوم الدين من تفسير، وحديث، وفقه، ونحو، وصرف.  

كان من أبرز شيوخه الذين اتصل بهم وتتلمذ لهم: عمر بن الشيخ، ومحمد النجار وكانا يدرّسان تفسير القرآن الكريم، والشيخ سالم بوحاجب وكان يدرس صحيح البخاري، وقد تأثر به الخضر الحسين وبطريقته في التدريس.  

وفي الزيتونة تقدم الطالب النابغة في تحصيل العلم، وظهرت أمارات نبوغه في العلوم العربية والشرعية.  

تخرَّج سنة (1903) حاصلاً على الشهادة العالمية في العلوم الدينية والعربية، وأصبح بذلك من علماء الزيتونة.

 

جهاده وجهوده العلمية

 

ليس من السهل الفصل بين جهود الشيخ العلاّمة رحمه الله في الدعوة والإصلاح، وجهاده لتحرير وطنه ورفعة أمته مواجها مؤامرات قوى الاحتلال من وجه، وعاملا على إحياء قيم الحرية والتحرر في النفوس من وجه آخر فـ »إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ« .

 

في تونس  

في العام الذي تخرَّج فيه أنشأ الشيخ مجلة « السعادة العظمى » و هي أوّل مجلّة تصدر بتونس باللغة العربية؛ لتَنْشر محاسن الإسلام، وتفضح أساليب الاحتلال الذي حاول أن يطمس نور الشريعة عن عيون المسلمين، ولم يدخر جهدا لتشويه اللغة العربية، ورميِها بالجمود والتخلُّف؛ لينصرف الناس عن قرآنهم المجيد وأحاديث نبيِّهم الكريم صلى الله عليه وسلم.  

وقد لقيت « السعادة العظمى » صدى واسعا في مختلف الأوساط ، وكان من أبرز من شجعه و نوه بمشروعه الشيخ سالم بوحاجب ، وكان أستاذه محمد النجار من بين المحررين بالمجلة، وكان من بين محرريها أيضا الشيخ العلامة محمد الطاهر بن عاشور والشيخ محمد النخلي وهؤلاء يعتبرون من رواد حركة الإصلاح والاجتهاد في تونس.  

إلى جانب التدريس والخطابة بالجامع الكبير بمدينة « بنزرت » تولَّى قضاءها في سنة (1905)، غير أنه ما لبث أن ترك وظيفة القضاء المرموقه سنة (1908) لأن ميدان القضاء حال بينه وبين الدّعوة إلى الإصلاح والجهاد.  

عاد إلى تونس العاصمة، وعمل مدرسًا بالمدرسة الصادقية، وهي المدرسه الثانوية الوحيدة بتونس يومئذ، وفي العام التالي تطوع للتدريس بجامع الزيتونة، ثم أُحيلت إليه مهمة تنظيم خزائن الكتب الخاصة بهذه الجامعة العريقة، وتمَّ تعيينه رسميًا مدرسًا بها.  

وكان في أثناء ذلك يقوم بالخطابة في المنتديات الثقافية، داعيًا إلى إحياء قيَم الحرية والتحرُّر، وبثِّ الروح الإسلامية في النفوس، والعناية بالنشء وتعليمه.  

لما قامت الحرب الإيطالية الطرابلسية سنة (1911)، وزحفت الجيوش الغازية، واحتلت طرابلس وبني غازي وقف الخضر بقلمه ولسانه في مجلته « السعادة العظمى » يستنفر الأمة، ويستنهض الدولة العثمانية؛ لاستخلاص الحق من مغتصبيه، وأشعلت مقالات الشيخ الحماس في النفوس، ونبَّهت الغافلين من الأمة، وشعر المستعمر الفرنسي بخطورة ما يقوم به الشيخ المجاهد، فاتَّهمه ببثِّ روح العداء للغرب، وبدأ يضيّق عليه، ممّا دفع به إلى طلب حياته الفكرية والعملية في خارج تونس ، خصوصاً وأنه من أنصار (الجامعة الإسلامية) الذين يؤمنون بخدمة الإسلام خدمة لا تضيق بها حدود الأوطان .

 

كالغيث أينما حلّ نفع

 

قـام الشيخ بـعـدة سـفـرات متوالية بادئاً بالجزائر عام (1909) لإلقاء المحاضرات والدروس فلقي ترحيباً من علمائها ، وكانت هذه الرحلة بداية جديدة شرع بعدها في إعداد نفسه وأفكاره الإصلاحية.

 

بين الشام والآستانة  

وفي عام (1911) لمّا وجهت إليه تهمة بث العداء للغرب ، ولاسيما فرنسا يمم الشيخ وجهه صوب الشرق ، وزار كثيراً من بلدانه ، وزار خاله في الآستانة ولعل هذه الرحلة لاكتشاف أي محل منها يلقي فيه عصا الترحال .  

في الآستانة لـقـي وزيـر الحربية (أنور باشا) فاختاره محررًا عربيًا بالوزارة فعرف دخيلة الدولة، فأصيب بخيبة أمل للواقع المؤلم الذي لمسه ورآه رؤيا العين، فنجد روحه الكبيرة تتمزق وهي ترى دولة الخلافة تحتضر وقال في قصيدة (بكاء على مجد ضائع) :

أدمـى فـؤادي أن أرى الـ * أقـلام تـرسـف في قـيـود وأرى سيــاسـة أمتي * في قبضة الخصم العـنـيد

 

ثم بعثه إلى برلين في مهمة رسمية، فقضى بها تسعة أشهر، أتقن فيها اللغة الألمانية والتقى هناك بزعماء الحركات الإسلامية من أمثال: عبد العزيز جاويش، وعبد الحميد سعيد، وأحمد فؤاد. وقد نقل لنا من رحلته هذه نماذج طيبة مما يحسن اقتباسه ، لما فيه من الحث على العلم والجد والسمو نجدها مفرقة في كتبه: (الهداية الإسلامية) و(دراسات في الشريعة الإسلامية) .  

عاد إلى العاصمة العثمانية، واستقر بها فترة قصيرة لم ترقه الحياة فيها، فعاد إلى دمشق، وفي أثناء إقامته تعرَّض لنقمة الطاغية « أحمد جمال باشا » حاكم الشام، فاعتقل سنة (1915) وحوكم أمام مجلس عسكري بالإعدام ولكن وقعت تبرئته وإطلاقه بعد أن لبث في السجن سنة وأربعة أشهر، وبعد الإفراج عنه عاد إلى إستانبول، وما كاد يستقر بها حتى أوفده أنور باشا مرة أخرى إلى ألمانيا سنة (1916). ثم عاد إلى إستانبول، ومنها إلى دمشق ، وتولى التدريس بثلاثة معاهد هي : (المدرسة السلطانية – المدرسة العسكرية – المدرسة العثمانية)  

وعن هذه المرحلة حدّث تلميذه علاّمة الشّام الشّيخ محمّد بهجة البيطار رحمه الله تعالى فقال: ((أستاذنا الجليل الشّيخ محمّد الخضر حسين، عَلَمٌ من أعلام الإسلام هاجر إلى دمشق في عهد علامتي الشّام المرحومين: جدّي عبد الرّزّاق البيطار، وأستاذي الشّيخ جمال الدّين القاسمي فاغتبطا بلقائه، واغتبط بلقائهما، وكنّا نلقاه، ونزوره معهما ونحضر مجالسه عندهما، فَأُحْكِمَتْ بيننا روابط الصّحبة والألفة والودّ من ذلك العهد. ولمّا توفّي شيخنا القاسمي تغمّده المولى برضوانه أوائل سنة 1332 هـ لم نجد نحن معشر تلاميذه مَنْ نقرأ عليه أحبّ إلينا ولا آثر عندنا من الأستاذ الخضر لما هو متّصف به من الرّسوخ في العلم، والتّواضع في الخلق، واللّطف في الحديث، والرّقّة في الطّبع، والإخلاص في المحبّة، والبرّ بالإخوان والإحسان إلى النّاس، فكان مصداق قول الشّاعر: كأنّك من كل الطّباع مركبٌ * فأنت إلى كلِّ النفوس محبَّبُ وأخذنا من ذلك الحين نقتطف ثمار العلوم والآداب من تلكم الرّوضة الأُنُف، ونرتشف كؤوس الأخلاق من سلسبيل الهدى والتّقوى، ولم يكن طلاّب المدارس العالية في دمشق بأقلّ رغبة في دروسه، وإجلالا لمقامه، وإعجاباً بأخلاقه من إخوانهم طلاّب العلوم الشّرعيّة، بل كانوا كلّهم مغتبطين في هذه المحبّة والصّحبة، مجتمعين حول هذا البدر المنير. وقد قرأنا عليه في المعقول والمنقول، والفروع والأصول، طائفة من أفضل ما صنف في موضوعه، وهي لعمر الحقّ دالة على حسن اختياره، وسلامة ذوقه، وقوّة علمه، وشدّة حرصه على النّهوض بطلاّبه، وإعدادهم للنّهوض بأمّتهم… وقد كنت نظمت أبياتاً جمعت فيها بين ذكر هذه الكتب، ووصف دروس الأستاذ، وجعلتها ذكرى لنفسي ولمن شاركوني في الطّلب والتّحصيل، عند أستاذنا الجليل، فقلت:

يـا سائلي عَنْ درسِ * بِّالفضْل مولانا الإمام ابـن الـحسين التونسيِّ * مـحمدالـخضر الهمام سَلْ عنهُ مُسْتصفى الأصـ* ول لليث معترك الزحام أعـني الـغزالي الحكيـ * م رئـيس أعـلام الكلام وكـذاك فـي فن الخلا * فبـداية الـعالي المقام أعـني ابن رشد من غدا * بـطل الـفلاسفة العظام وكـذا صحيح أبي حسيـ * ن مـسلم حَـبْر الأنـام وكـذلك الـمغني إلـى * شـيخ النحاة ابن الهشام وكـذا كـتاب أبي يزيـ * د ابـن المبرّد في الختام تـلك الدروسكما الشمو * س تـنير أفلاك الظلام يـدني إلـيك بـها حقا * ئـق كـل علم بانسجام فـتكون مـنك دقائق الـ* معنى على طرف الثمام فـالحقعـوضنا بـه * مـن شـيخنا شيخ الشآم فـعـليه مـا ذرّ الـغزا * لـة رحمة الملك السلام

أبقى الله – تعالى – أستاذنا الخضر الجليل للدين والعلم والأدب ركناً ركيناً، وحصناً حصيناً.)).. انتهى

إلى القاهرة  

كانت السلطات الفرنسية بتونس قد صادرت أملاكه في 20 جوان 1917م، وحكمت عليه بالإعدام بتهمة التحريض على مقاومة فرنسا أثناء رحلتيه إلى ألمانيا .. ووجد الشيخ نفسه عرضة من جديد لملاحقة السلطات الفرنسية في سوريا عقب معركة ميسلون سنة (1920)، فلجأ إلى مصر.  

نزل محمد الخضر الحسين القاهرة سنة (1920)، واشتغل بالبحث وكتابة المقالات، ثم عمل محررًا بالقسم الأدبي بدار الكتب المصرية، واتصل بأعلام النهضة الإسلامية في مصر، وتوثَّقت صلته بزعماء الفكر الإسلامي من أمثال « أحمد تيمور » و »محب الدين الخطيب » و »عبد الوهاب النجَّار » و »محمد رشيد رضا »، الذين عرفوا قدر الرجل ومنزلته العلمية، وفي أثناء ذلك حصل على الجنسية المصرية ، وتقدَّم لامتحان شهادة العالمية بالأزهر، وعقدت له لجنة الامتحان برئاسة العلامة عبد المجيد اللبان مع نخبة من علماء الأزهر الأفذاذ، وأبدى الطالب الشيخ من رسوخ القدم ما أدهش الممتحنين، وكانت اللجنة كلما تعمَّقت في الأسئلة وجدت من الطالب عمقًا في الإجابة وغزارة في العلم، وقوة في الحجة ، وبلغ من إعجاب رئيس اللجنة بالطالب العالم أن قال: « هذا بحٌر لا ساحل له، فكيف نقف معه في حِجاج ».  

منحته اللجنة شهادة العالمية الأزهرية، وبها أصبح من كبار الأساتذة في كلية (أصول الدين والتخصص) لاثنتي عشرة سنة.

 

معاركه الفكرية

 

وفي هذه المرحلة من حياة الشيخ امتحنت الحياة الفكرية بفتنة ضارية أثارها كتابا: « الإسلام وأصول الحكم » لعلي عبد الرازق و »في الشعر الجاهلي » لطه حسين، وكان الشيخ محمد الخضر حسين واحدًا ممن خاضوا هذه المعركة بالحجة القوية والاستدلال الواضح والعلم الغزير.  

أما الكتاب الأول فقد ظهر في سنة (1926) وأثار ضجة كبيرة وانبرت الأقلام بين هجوم عليه ودفاع عنه، وقد صدم الكتاب الرأي العام المسلم حين زعم أن الإسلام ليس دين حكم، وأنكر وجوب قيام الخلافة الإسلامية، ونفى وجود دليل عليها من الكتاب والسنة، وكانت الصدمة الثانية أن يكون مؤلف هذا الكتاب عالمًا من علماء الأزهر.  

وقد نهض الشيخ محمد الخضر حسين لتفنيد دعاوى الكتاب فأصدر كتابه: « نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم » سنة (1926) تتبع فيه أبواب كتاب علي عبد الرازق، فكان يبدأ بتلخيص الباب، ثم يورد الفقرة التي تعبّر عن الفكرة موضوع النقد فيفندها، ونقد استخدام المؤلف للمصادر، وكشف أنه يقتطع الجمل من سياقها، فتؤدي المعنى الذي يقصده هو لا المعنى الذي يريده المؤلف.  

وقد كشف الخضر الحسين في هذا الكتاب عن علم غزير وإحاطة متمكنة بأصول الفقه وقواعد الحجاج وبصيرة نافذة بالتشريع الإسلامي، ومعرفة واسعة بالتاريخ الإسلامي ورجاله وحوادثه.  

وأمَّا الكتاب الآخر فقد ظهر سنة (1927)، وأحدث ضجة هائلة، حيث جاهر مؤلفه الدكتور طه حسين بالاحتقار والتشكيك في كل قديم دُوِّن في صحف الأدب، وزعم أن كل ما يُعد شعرًا جاهليًا إنما هو مختلق ومنحول، ولم يكتف بهذه الفرية فجاهر بالهجوم على المقدسات الدينية حيث قال: « للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل وللقرآن أن يحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل، ولكن هذا لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي… »، وقد انبرت أقلام غيورة لتفنيد ما جاء في كتاب الشعر الجاهلي من أمثال الرافعي، والغمراوي، ومحمد فريد وجدي، وألَّف الشيخ محمد الخضر حسين كتابا شافيا في الرد على طه حسين وكتابه بعنوان: « نقض كتاب في الشعر الجاهلي » فنَّد ما جاء فيه، وأقام الأدلة على أصالة الشعر الجاهلي وكشف عن مجافاة طه حسين للحق، لم يكن الشيخ في ردّه متطفلا أو متهافتا ولكنه ردّ من موقع العالم العارف المتضلّع في اللغة و الآداب العربيّة فضلا عن تمتعه بملكة الشعر حفظا و إنتاجا.

 

جهوده الإصلاحية في القاهرة

 

– سنة (1928) اشترك الشيخ مع جماعة من الغيورين على الإسلام منهم: أحمد تيمور , وعبد العزيز جاويش , ومحمد أحمد الغمراوي , وعبد الوهاب النجار , وحسن البنا، وصالح حرب .. وغيرهم في إنشاء جمعية الشبان المسلمين، ووضع لائحتها الأولى مع صديقه محب الدين الخطيب، وأسندت رئاستها للدكتور عبد الحميد سعيد، وقامت الجمعية بنشر مبادئ الإسلام والدفاع عن قيمه الخالصة، ومحاربة الإلحاد العلمي، فكانت منارة إصلاح ورسالة توجيه وإرشاد.  

– وفي السنة نفسها أنشأ « جمعية الهداية الإسلامية » وكان نشاطها علميا أكثر منه اجتماعيا، وضمَّت عددا من شيوخ الأزهر وشبابه وطائفة من المثقفين، وكوَّن بها مكتبة كبيرة كانت مكتبته الخاصة نواة لها، وكان هدف الجمعية القيام بما يرشد إليه الدين الحنيف من علم نافع وأدب رفيع مع السعي للتعارف بين المسلمين ونشر حقائق الإسـلام ومـقـاومـة مـفـتـريات خصومه، وصدر عنها مجلة باسمها هي لسان حالها، كانت بستانا للروائع من التفسير والتشريع واللغة والتاريخ.

– تولى رئاسة تحرير مجلة نور الإسلام – الأزهر الآن – التي أصدرها الأزهر في (1931)، ودامت رئاسته لها ثلاثة أعوام.  

– تولى رئاسة تحرير مجلة لواء الإسلام سنة (1946)، وتحمل إلى هذه الأعباء التدريس بكلية أصول الدين، فالتف حوله الطلاب، وأفادوا من علمه الغزير وثقافته الواسعة.  

– عندما أنشئ مجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة (1932) كان من الرعيل الأول الذين اختيروا لعضويته ضمن عشرين عالمًا وأديبًا من كبار رجال العلم في مصر والعالم العربي وأوروبا ، كما اختير عضوا بالمجمع العلمي العربي بدمشق، وأثرى مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة ببحوثه القيمة عن صحة الاستشهاد بالحديث النبوي، والمجاز والنقل وأثرهما في حياة اللغة العربية، وطرق وضع المصطلحات الطبية وتوحيدها في البلاد العربية.

 

(المصدر : موقع السبيل أونلاين بتاريخ 3 فيفري 2008)

 


 

لوحات سريالية من غزّة

  عبث المشهد أقوى من خيالي و على الوصف استحال رجل يحمل سيفا و على الرأس عقال راقص الوحش انتشاء برسول الاحتلال فحسبت الأمر من تصميم « دالي » * مشهد فاق خيالي فاسندوني يا رجال   عبث المشهد في غزّة قتل و قتال فقهاء الملك لا زالوا على الشاشات في أوج الجدال أبكاء الطفل  في غزّة جوعانا و عريانا و مسلوب النعال يطلب  الغوث و يستجدي الضمير إن أعنّاه حرام أم حلال؟؟ قد حسبت الأمر من تصميم « دالي » مشهد فاق خيالي فاسندوني يا رجال   عبث المشهد  في غزة أسلاك انعزال لم يعد صهيون في البطش غريبا فلحوم العرب اليوم على مائدة الفتك غلال عجبي أن يلف الأخ حول ساق الأخ آلاف الحبال و يرى غزة  كابوسا تمنى البحر يطويها بأمواج الزوال قد حسبت الأمر من تصميم « دالي » مشهد فاق خيالي فاسندوني يا رجال   واقع المشهد في غزة  زحف و نضال و عبور لحدود الزيف أحيا ذكريات في القنال سقد الوهم و « رفح » لم تعد نصفين زورا و افتعال وحّد الضيم قلوبا عذّبتها عسس الليل و أدمتها عقود الانفصال بل وحّد الضيم قلوب الحيوان فرأيناها طيورا و معيزا و جمال و حميرا تفهم العالم أنّ الدّم لا يرتدّ ماء بينما الحمر الراقصة اليوم على كل الحبال تجعل المشهد من تصميم « دالي » مشهد فاق خيالي فاسندوني يا رجال   خالد العقبي/ شاعر/نفطة * دالي: هو رائد السرياليّة الرسام الإسباني سلفادور دالي.


 

ورقة التوت:

الصحفيون بين ذاكرة غزّة وأخلاق الضفّة!!!!

 
نصر الدين بن حديد   إذا انطلقنا من مبدأ أنّ الأخلاق ـ في بعدها الشامل والمتّفق بشأنه ـ تجبرنا وتلزمنا بأن نوافق بين كلّ من المرجعيّة والخطاب والممارسة، وبالتالي وجب أيضًا ألاّ نكتفي من بعضنا بالنوايا والإعلان وأن نرى وأن نحاسب ما هو ماثل وثابت، حين عجزت البشريّة عن صناعة آلة تسبر أغوار الذات البشريّة لمعرفة ما يضمر الفرد وما يخفيه…   من الأكيد، بل من اليقين أنّ الصحافة لا يمكن حصرها أو اعتمادها ضمن وظيفة نقل الخبر أو في بعدها الاتّصالي البحت، حين كانت ولا تزال ـ في الآن ذاته ـ ذلك الصانع للرأي العام والحافظ أو هي بالأحرى ذلك المؤتمن ـ في الآن ذاته أيضًا ـ على الذاكرة والأخلاق…   أيضًا، لا يمكن أن نقبل من الصحفيين ما يكتبون فقط ـ حين يأتي الحبر دائمًا مدرارًا ـ بل وجب أن نرى من الصحفيين ما يبدون من ممارسات وما يقدّمون من فعل، لتشكّل هذه الدلالات ـ ضمن دلالات أخرى عديدة ـ الصورة الصحيّة لهذه الشريحة الفاعلة والفئة النافذة في المجتمع…   ما أنجزه الصحفيون من خلال مؤتمر النقّابة الوطنيّة للصحفيين التونسيين يمثّل خطوة هامّة وانجازًا أكيدًا، ليس فقط ضمن ما يخدم الواقع الصحفي ويرتقي بهذه الممارسة من واقعها الموبوء إلى ما هو أفضل، بل ـ وهنا ما يعطي لهذا الانجاز أهميته ـ لحاجة البلاد والعباد ـ بحكم التحديات القائمة ـ إلى مجتمع مدني فاعل وتنظيمات مهنيّة ونقّابيّة قويّة وقادرة على أن تكون الشريك الفاعل والقادر على صياغة التصوّر وتأمين ـ كما هو حال الصحافة ـ وعي وطني حقيقي بهذه المسائل، دون تبسيط أو تعقيد…   أيضًا، نلاحظ شروع البعض في التأسيس لكيانات داخل النقّابة تحاول من خلال ما يبدو من فعل ظاهر أن تكون ـ بصريح العبارة كما أعلن أحد المؤسّسين ـ «موازية»، وإن أضاف أنّها في خدمة النقّابة؟؟؟؟   المسألة لا تعني النوايا ولا تهمّ الخطاب المعلن حصرًا، بل فقط وجب أن نتشبّث بالقوانين ونستند إلى التشريعات لنبحث ـ من خلال النظر في مصلحة الواقع الصحفي ـ في أفضل المسالك لتحقيق الوفاق ولما لا الإجماع، بغية الذهاب ضمن التأسيس والمراكمة…   من أبجديات الممارسة الانتخابيّة ومنطق الديمقراطيّة، أن يقبل الكلّ بالقرار الذي اتّخذه الناخبون، وعلى من لم يحقّق غايته أن يدخل فترة ما بعد الانتخاب بعقليّة البناء، خارج منطق النفخ في «القائمة»، أو في سعي ـ من خلال الخطاب والممارسة ـ إلى استدامة أجواء ما قبل الفرز، لنسأل حينها عن جدوى اللجوء إلى الاقتراع، ما دام البعض يصرّ على «ركوب رأسه»، ومناداة الماعز بالغربان؟؟؟   الخطر، كلّ الخطر أن تسير بقيّة القائمات وجميع الحساسيات وغيرها من الجماعات، على الدرب، فيفتتح كلّ «دكّانه»، لتصير النقّابة كمثل ما جدّ في لبنان زمن الحرب الأهليّة من تقسيم للبلاد وقتل على الهويّة وتمثّل الكانتونات بحسابات الطوائف وطمع أمراء الحرب وتجار الاستخبارات بجميع تراوحاتهم المعلنة منها والخفيّة أساسًا…   «أمراء الصحافة»، يسعون ـ في تونس ـ في إدّعاء الاستمراريّة والمواصلة والتأسيس وحتّى مساندة «القيادة الشرعيّة»، ومن خلال الفكر الإقطاعي إلى ديمومة ملكهم الموهوم، إلى تعويض أو بالأحرى تجاوز رفض الناخبين لهم وعدم وضعهم في المكانة التي هم يرونها أو هم يتوهمونها لأنفسهم…   التاريخ سيذكر حتمًا أن السوس بدأ ينخر النقّابة الوطنيّة للصحفيين التونسيين، حين سعت أقليّة قليلة إلى زرع الفرقة وبثّ الفتنة، حين وضع هؤلاء العمق الصحفي بين خيارين، إمّا الاعتراف بأنّهم يمثّلون «مرجعيّة» تستثني وتتجاوز قواعد الديمقراطيّة وجدليّة التوافق التي تحكم مبدأ فرز النخب القيادة وتصنيع القرار، وإمّا ـ وهذا هو الأخطر ـ أن نواجه فكرهم الانعزالي وممارستهم الإقصائيّة، من خلال الأدوات ذاتها والأساليب نفسها.   نقول صراحة ودون مواربة، صرنا نخال أنفسها ـ بحكم ما نرى من شذوذ في الممارسة وجنوح في الخطاب ـ أنّنا في كابوس، لنأمل أن نفيق منه ونرتاح… لكنّه الواقع المرير والموبوء وكذلك المتخم بالتجاوزات والمفعم بروائح كريهة لا نعلم أصلها وإن كنّا ندري مصدرها…   نطرح هذه الأسئلة على العمق الصحفي وقيادته… فقط لكيّ لا يسجّل أحد أمام التاريخ يومًا أنّ أحد لم يطرح هذه الأسئلة…   (المصدر: صحيفة « مواطنون » (لسان حال التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات) (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 47 بتاريخ 30 جانفي 2008)


علامات….

الإضراب على الوتر الحسّاس…

نصر الدّين بن حديد

 

لا شكّ أنّ الإضراب عن العمل شكّل إحدى الوسائل النضاليّة الهامّة في المسيرة النقّابة نحو تجسيد الحقوق وتحقيقها. أيضًا عملت الأطراف المقابلة على الدوام من أجل إفشال هذا الأسلوب وإسقاطه، سواء نظرت إليه في شكل الخسارة الماديّة الصرفة على مستوى الإنتاج، أو ما تؤسّس من موازين قوى جديدة بين الأطراف الفاعلة ضمن المعادلة الإنتاجية…

لا شكّ كذلك أنّ علاقات الإنتاج راهنًا لم تعد تخضع إلى ما كانت عليه في منتصف القرن التاسع عشر، وقت شرّعت النقابات العمّاليّة أبواب النضال وعملت على تحصيل الحقوق وإثبات الذات وقد دفع وبذل من أجل هذه الغاية، العشرات، بل الآلاف دماءهم وأرواحهم.

لم يعد راهنَا الفعل هامّا في ذاته، بقدر ما منظومة وجب التأسيس لها، بغية تأمين النجاح المادّي وأيضًا تأمين مشروعيّة لهذا التحرّك وجعله عملا مقبولا، إن لم يكن مطلوبًا…

صارت وسائل الإعلام المجال الأوسع الذي يسعى من خلاله سواء المضربون أو من يقفون ضدّهم إلى تبرير الفعل أو تفنيده… لذلك صار النجاح أو الفشل مرتبط بمدى تقبّل العمق الشعبي لهذا الأسلوب ومدى التعاطف مع المضربين…

هذه المعادلة الجديدة أو بالأحرى المتطلبات الطارئة، حوّلت الممارسة النقّابة من مجال العمل المطلبي الصرف إلى دوّامة العلاقات العامّة سواء مع الأطراف المجتمعيّة الأخرى وأساسًا مع وسائل الإعلام وكلّ وسائط الاتّصال القائمة، التي استطاعت بحكم الآلة الإعلاميّة ودورها وتأثيرها أو بفعل المراكمة، أن تمسك في شدّة بالوعي العام ومن ثمّة توجهه المنحى الذي تريد.

لم تعد المسألة تعني مدى التزام العمق النقابي بأدواته النضاليّة أو مدى التوحّد حول المسائل الخلافيّة مع الأعراف أو الطرف المقابل، بقدر ما السؤال من خلال وسائل الإعلام ـ أساسًا ـ عن مدى النظرة التي يحملها العمق الشعبي لأيّ تحرّك نضالي… حين غابت في تونس تقاليد البحث ورؤية مسألة الإضراب من زوايا علمية ومن خلال مقاربات أكاديميّة، يمكن أن ننظر إلى الواقع الماثل أمامنا على اعتباره دلالات نتبيّن من خلالها مشهدًا وليس بالقطع تلك الحقائق الثابتة… أضرب الأساتذة عن العمل وبقي التلميذ والوليّ دون علم ـ كامل وشاف ومقنع ـ بدوافع هذا التحرّك وما ترتكز عليه هذه الممارسة النضاليّة… من حقّ الأساتذة الإضراب عن الطعام، مع ما تحمل هذه المسألة أو هي تتطلبّ من نقاشات داخل العمق النقابي أو على مستوى الوعي الوطني العام…

من حقّ أطفالنا أن يعلموا عن شؤون البلد وشجونه. قد يعلمون الكثير عن النظام الجمهوري ومبدأ التفريق بين السلط وآليات الممارسة السياسيّة، وأساليب فرز النخبة الحاكمة عبر الاقتراع، لكن الواجب يدعونا إلى أن نجعل علمهم بمناحي الأخرى كاملا، بل قادرًا على التأقلم مع المستجدّات…

من واجب الأساتذة ـ سواء من أضرب أو رفض ذلك ـ أن يقدّم للتلاميذ صورة عن هذه الممارسة النضاليّة، دون تقديس الفعل أو تدنيسه، ليكون الطفل بذلك جزءا من الوعي العام والإدراك الجمعي…

 

(المصدر: صحيفة « مواطنون » (لسان حال التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات) (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 46 بتاريخ 23 جانفي 2008)

الرابط: http://www.fdtl.org/IMG/pdf/mouwatinoun_46.pdf

 


 

علمني … علمني…

الاتحاد منظّمة الشرف والعمل …

انعقد المؤتمر التأسيسي للاتحاد العام التونسي للشغل يوم ألأحد 20 جانفي 1946 واحتفلنا الأحد الماضي 20 جانفي 2008 بالذكرى 62 لتأسيس منظّمتنا الشغّيلة …

منظمّة ظلّت مقرّاتها في جميع أنحاء الجمهورية تذكّرنا بمحمّد علي الحامّي ( وجامعة عموم العملة التونسيين ) بين الحربين … تذّكّرنا بالشيخ محمّد الفاضل بن عاشور وأوّل رئيس لهذه المنظّمة الشهيد فرحات حشّاد وأوّل كاتب عام الكيلاني الشريف والبشير بلاّغة وعبد الوهاب دخيل ومحمود بن الطاهر والصادق الشايبي والهاشمي بالقاضي والتهامي بن عمر وعبد العزيز بوراوي والحبيب عاشور وسالم الشفّي والنوري البودالي ومحمّد الحلواني ومحمّد صالح النيفر وعبد المجيد بن عمر والطاهر الشعبوني وخميس بن عمار والتيجاني بن فريحو وعمار البلف وعزوز بينسة وفريد سيكابو وحمدة البار وحامد البعط والناصر الغبار وكمال عفطة والحبيب ولد آمو ومعز النقنوق  وكريمة شقلالة ومنير الجالغ وجمال خشارم و ولد البحر ونايا ثانا و بلقاسم العمدة والبرني وعبد العزيز الوالي وشاكر المستعمد وفريد جلغ الدين وعلالة نوايرية  ومختار ولد حمد وعلى بن عمار والهادي خميس وعبد الرزاق الصوابني وكريم زبط  و الصحبي المعفط وعلى رأس من جا وهنا : فخر الدين الشرطاني 10 آلاف للكرسي وزغرتولي عليه ،حمد بزيزا 25دينار للكرسي وبلقاسم بلحاج 30دينار للكرسي ..ويا شومي ..يالومي العرس فسد والعروسة هرب بيها فوزي المشلط ،ونورمال ،وعاد إلى البيت فرحا مسرورا في سرة ،وسلامي إلى الحجة أم محمود ونعلمكم أن محمود دخل الجيش أما زينب وعلينها فتشردو في كفر الخرابة وعاش اتحاد الشغل

أما بعد :

أسماء لابدّ أن نذكرها في هذه الذّكرى ونسأل :  » لما أسس هؤلاء الاتحاد العام التونسي للشغل؟  »

انتظمت بهذه المناسبة الاحتفالات حضرها المسؤولون المركزيّون والجهويّون والمحلّيون … جلس هؤلاء على المنصّات يخطبون ويمجّدون … وقد تعدّدت مآربهم ومشاربهم … فهذا نقابي وضع مصلحة الوطن أوّلا ومصلحة الشغّيل بعدها … وراح يعبّر عن رأيه بأمانة … الله معه … وذاك وضع مصلحته فوق كلّ اعتبار وراح يُخاتل العمّال ويسير في كلّ ركب … السلطة معه … وآخر أجّروه وبالمناصب والامتيازات حرّكوه فراح يتصيّد الأخبار ويدسّها في جراب من حركه … مشغّله معه …

وغيره كالعملة ذات الوجهين أو كالسكين ذي النّصلين يخاتل ويطعن … فمن معه ؟ … نقابيون … وأشباه نقابيين … وطفيليون … يناضلون … أو يحايدون … أو يتطفّلون حول نفس الخليّة يحومون … ولكن  الاتحاد باق … قد يصيبه الوهن ولكنّه لن يسقط … وقد تتولاّه الأسقام ولكنه لن يموت … الاتحاد باق ما دامت صور محمّد علي الحامّي وفرحات حشّاد وأحمد التليلي وغيرهم تحلّي مقرّاته … رجال قضوا من أجل مصلحة تونس أولا وحقوق الشغّيل بعدها …

إلى كلّ الذين يتحمّلون مسؤوليّات داخل المنظّمة الشغّيلة أقول :  » ارفعوا رؤوسكم وأنتم داخل مقرّات الاتحاد وتأمّلوا تلك الصّور وعدّلوا أوتاركم على : مصلحة تونس أوّلا ومصلحة الشغّيل بعدها وإن لم تعدّلوا فدعوا المنظّمة لأهلها واضربوا في الأرض … ففي الأرض مأرب ومسالك أخرى تؤدّي إلى غاياتكم …

أما الاتحاد فسيبقى وإلى الأبد منظّمة الشرف لا الشرفاء، منظّمة العمل لا العملاء…

سي يوسف

  

(المصدر: صحيفة « مواطنون » (لسان حال التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات) (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 46 بتاريخ 23 جانفي 2008)

الرابط: http://www.fdtl.org/IMG/pdf/mouwatinoun_46.pdf

  

 

 


 

القيم لدى الشباب:

شباب يقول: «الأخلاق في خطر.. والكل يتفرج»! لماذا يرغب الكثير من الشباب  في الكسب السريع والنجاح السهل ولا يتفانون في العمل؟

 
 
تونس/الصباح: أجمع عدد من الشباب على أن أهم القيم التي يجب أن يتحلى بها الفرد هي الأخلاق.. وقالوا « دون أخلاق لا يستوي الحال ».. و »في غياب الأخلاق تعم الفوضى ويكون الخسران ».. « والأخلاق هي أرقى أشكال الوعي الإنساني »..   وفي حديث مع بعضهم خلال ندوة وطنية حول القيم لدى الشباب انتظمت أمس بدار التجمع بالعاصمة تذكروا بيت الشعر:  « إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا » وذكر البعض منهم « أن الأخلاق أصبحت في هذا العصر في خطر.. ولكن الكل يتفرج » وبينوا أن تربية الناشئة على مكارم الأخلاق هي أهم كنز يمكن أن يجود به الكبار على الصغار لأنها أفضل ثروة يمكن توريثها بين الأجيال.   ويرى آخرون أن قيمة العمل.. هي التي أصبحت في خطر وبينوا أن هذه القيمة يجب أن تجري في دماء الشباب.. ولاحظوا أن هناك تراجعا كبيرا لمكانة هذه القيمة أمام الرغبة الجامحة التي تراود جل الشباب في الكسب السريع والشهرة والنجاح السهل..   ويذهب الشاب صالح مدّوري إلى أن الكثير من الشباب لا يشعر بالمسؤولية ودعا الأسر والإطار التربوي إلى التفطن لهذا الخلل وإيجاد حلّ قبل فوات الأوان من خلال حسن التأطير.. ولاحظ أن هناك سلوكيات انحرافية لدى فئة لا يستهان بها من الشباب وخاصة الذين يعانون من مشاكل الفقر والتفكك الأسري ودعا إلى مساعدة هؤلاء الشباب حتى لا يستفحل الأمر. وهو يرى أن الحل يكمن في توفير مواطن الشغل للمهددين بالانحراف لانتشالهم مما يتربص بهم من مخاطر. فبعد الانقطاع عن الدراسة وفي غياب مواطن الشغل يجد الشباب أنفسهم في الشارع وهناك يختلطون برفاق السوء وتصبح المقاهي المكان الذي يجمع شملهم وفيها تكون أولى خطوات الانحراف حيث يستهويهم القمار وغيره من السلوكيات السيئة.   ويذهب تلميذ البكالوريا علوم الشاب أشرف إلى تراجع بعض القيم الفاضلة لدى فئة الشباب وإلى وجود سلوكيات جديدة أبرزها انتفاء الأخلاق والعنف اللفظي وعدم التورع منه.. ولاحظ أن قيمة احترام الغير تراجعت أيضا مثلها مثل قيمة العمل.   وبين أشرف أن جل الشباب أصبح يهتم بالمظهر أكثر من الجوهر وهو أمر خطير على المجتمع وألقى محدثنا باللائمة على أترابه الذين يقلدون بعضهم البعض ويقلدون الشباب الغربي دون وعي.   قيمة العمل   ونظرا لأهمية قيمة العمل في الارتقاء بمستوى الشعوب فقد دافع عنها عدد من الشبان الذين التقيناهم بحماسة وفي هذا الصدد يقول الشاب فادي العلوي وهو تلميذ يتابع دراسته في اختصاص الآداب إن قيمة العمل تعد أحسن القيم التي يجب أن يتحلى بها الشباب لكن الكثير منهم لم يعد يستهويهم العمل ويرغبون في الكسب السريع ويحلمون بالهجرة.. فحلم الهجرة يراود الكثير من الشباب.. حلم عبور البحار نحو إيطاليا أو فرنسا أو أمريكا أو كندا أو ألمانيا وغيرها من البلدان المتقدمة.. وهم يعتقدون أنه في الضّفة الأخرى من المتوسط يكون باب الرزق مفتوحا على مصراعيه.. لذلك تجدهم مسكونون بالرغبة في الرحيل عن البلاد.. ويقولون إنه لا بأس من التضحية سنوات معدودة.. ثم العودة إلى البلاد ومعهم ثروات طائلة تمكّنهم من العيش في نعيم طيلة حياتهم..   ويتمثل السبب الرئيسي الذي يدفع الشباب إلى التفكير بجدية في الهجرة على حد قول فادي في تفشي مشكلة البطالة وعدم توفر ظروف ملائمة للعيش المريح وبين أن التلميذ مثلا يحلم كثيرا.. يحلم بأن ينجح في الدراسة وأن يهاجر إلى الخارج لمواصلة تعليمه العالي في أفضل الكليات ويحلم بالثروة والمال والعيش المرفه وهي أحلام مشروعة..   وتقول الشابة مها التواتي وهي تلميذة البكالوريا التي تزاول دراستها في شعبة الرياضيات إن أهم القيم لدى الشباب تراجعت فهو لم يعد يرغب في العمل ولا يتحلى بالأخلاق الحسنة وترى أن العائلة استقالت عن مهامها التربوية والتأطيرية وكذلك المؤسسات التربوية ودعت إلى تكثيف خلايا الإنصات والإرشاد داخل المدارس والمعاهد للاستماع إلى مشاغل الشباب ولمعرفة النقائص وتجاوزها في الإبان كما دعت إلى إيجاد سبل لتربية الناشئة على حب العمل ونبذ الكسب السهل.   قيمة التسامح   من القيم الأخرى التي تحدث عنها الشباب قيمة التسامح وتقول أميرة البقلوطي أن أهم القيم التي يجدر بالشباب التحلي بها هي حب الناس والتسامح معهم وهو ما يقيم الدليل على طيبة الجوهر أي نقاء النفس ودعت إلى المحافظة على ثروات البلاد وحب العمل والإتقان فيه. وذكرت أن قيمة الأخلاق تراجعت في المجتمع التونسي والدليل على ذلك تفشي ظواهر العنف اللفظي والجسدي. ودعا عزيز شعبان جميع الشبان إلى عدم اتباع المظاهر الخداعة وعدم اقتباس تصرفات شبابية طائشة والتحلي بالأخلاق الحميدة والاستقامة ولاحظ بروز سلوكيات إنحرافية في صوف فئة من الشباب وقال إنه بالإمكان استئصالها من خلال تأطيرهم وحسن إدماجهم في المجتمع. وقالت أميمة غزواني إن المجتمع بأسره مدعو إلى إنقاذ قيمة العمل وتربية الناشئة على حب العمل والتفاني فيه.   ولا شك أن أميمة وغيرها من الشباب في حاجة إلى من ينصت إليهم ويستمع إلى مشاغلهم ومشاكلهم ويساعدهم على حلها حتى وإن كانت بسيطة.. ولا شك أنهم استفادوا أيضا من المحاضرات التي تم تقديمها خلال ندوة الشباب والقيام التي أشرف على افتتاحها السيد محمد الغنوشي الوزير الأول الذي أكد على أن تنشئة الشباب على القيم الوطنية يتطلب الحوار معه والإنصات إلى مشاغله ومخاطبته بلغة الواقع.. فالشباب على حد تعبيره يريد خطابا صريحا يعكس انشغاله وآماله..   وكانت الندوة قد شهدت تنظيم أربع ورشات تتعلق بمحاور الشباب الهوية والشباب ومنظومة القيم في العالم اليوم والشباب بين الثابت والمتغير ودور المؤسسات والمجتمع المدني في بناء الشخصية الشبابية والشباب والوعي المدني..   سعيدة بوهلال   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس)، الصادرة يوم 3 فيفري 2008)

 


 

قاعدة المغرب تتبنى الهجوم على سفارة إسرائيل بموريتانيا

     

أعلن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مسؤوليته عن الهجوم على السفارة الإسرائيلية في العاصمة الموريتانية نواكشوط. وقال التنظيم في بيان له تصدرته عبارة « لبيك يا غزة » إن هذا الهجوم جاء في الوقت الذي يسوم فيه اليهود إخواننا في فلسطين الويلات » ، وذلك في إشارة إلى الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة واستهداف الناشطين الفلسطينيين في غزة والضفة. ودعا البيان من سماهم الغيورين من أبناء الإسلام إلى إجبار الحكومات على قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل. يذكر أن موريتانيا واحدة من دول عربية قليلة تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. يأتي ذلك فيما علمت الجزيرة نت أن السلطات الموريتانية اعتقلت ثلاثة أشخاص بشبهة تورطهم في الهجوم على السفارة. ونقل مراسل الجزيرة نت في نواكشوط أمين محمد عن شهود عيان قولهم إن قوات الدرك اعتقلت الثلاثة في قرية آجوير شرقي العاصمة الموريتانية بينما كانوا يستقلون سيارة من نوع هيلكس، وقيدتهم أمام المارة واقتادتهم إلى جهة مجهولة. وقد أدانت الحكومة الموريتانية الهجوم واعتبرته « عملا إجراميا مشينا » وأكدت أن « عناصر الحراسة الموجودين أمام السفارة قد أرغموا الجناة المجهولين على الفرار ». من جهته قال وزير الاتصال الموريتاني محمد فال ولد الشيخ إن الحكومة ستتعقب الجناة من أجل تقديمهم للعدالة. وكان ستة مسلحين قد هاجموا السفارة الإسرائيلية فجر الجمعة بالأسلحة الرشاشة فأصيب ثلاثة أشخاص جميعهم فرنسيون, فيما تمكن المهاجمون من الهرب. وذكرت مصادر بجهات التحقيق لوكالة الصحافة الفرنسية أن الفرنسيين الثلاثة كانوا في جوار ملهى ليلي يبعد عشرات الأمتار عن السفارة.   (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 3 فيفري 2008)

 


 

المغرب: العدل والإحسان توجه رسالة عاصفة للنظام المغربي وتتهمه بالفساد

 
الرباط ـ خدمة قدس برس   « بعد الهدوء تأتي العاصفة » يبدو أن هذا هو المنهج الذي تتعامل به جماعة العدل والإحسان الإسلامية المحظورة مع النظام المغربي. فبعد هدوء دام أسابيع توقفت خلالها حملة الاعتقالات التي كانت تطول أعضاء الجماعة في كل أنحاء البلاد، وخفتت التصريحات النارية لأعضائها تجاه النظام الملكي الحاكم، وجّهت الجماعة رسالة عاصفة للملك وللأسرة الملكية تحت عنوان « جميعا من أجل الخلاص ».   ففي دورته الثانية عشرة، صادق المجلس القطري للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان الإسلامية المحظورة، التي تعتبر أكبر تنظيم سياسي بالمغرب من حيث عدد الأتباع، على وثيقة وصفتها الجماعة بـ »الهامة » ودعت من خلالها إلى « الخلاص الجماعي ».   وحسب وثيقة الجماعة فهذا الخلاص لا يمكن أن يكون بوجود « النظام المخزني » في إشارة إلى النظام الملكي القائم، لأنه « بصيغته الحالية وبمنهجيته السياسية أصبح يمثل عائقا أمام الديمقراطية والتنمية في هذا الوطن، كما أصبح مهددا لهوية الأمة في الصميم ومهددا لمصالحها المختلفة، بل وأصبح مهددا للاستقرار الإقليمي والمتوسطي بعشرات الآلاف من هكتارات المخدرات وبهجرة يغذيها بسياسته التفقيرية القاتلة »، حسب ما جاء في الرسالة التي أصدرها الذراع السياسي للجماعة.   والمثير في الرسالة الجديدة، وعكس الرسائل السابقة أنها لم تكتف بإعلان السخط على النظام القائم، لكنها سعت إلى تأليب المجتمع الدولي على النظام الحاكم في البلاد، من خلال تحميله مسؤولية انتشار زراعة القنب الهندي في الشمال، ومسؤولية الهجرة السرية التي باتت كابوسا يؤرق الأوربيين.   وقد كانت وثيقة جماعة العدل والإحسان، التي من المنتظر أن تثير أزمة جديدة بينها وبين السلطات الحاكمة، صريحة أكثر عندما تحدثت عن الأسرة الملكية مؤكدة أن « دخل الأسرة الملكية من الاقتصاد الوطني وثروتها داخل المغرب وخارجه والمتوقعة في حدها الأدنى، تجعل ما تتصرف فيه هذه الأسرة من مال الشعب العام يشكل أكثر من 20 في المائة من الناتج الداخلي الخام، أي أكثر من خمس الثروة الوطنية ».   وفي الوقت الذي يجمع فيه الرأي العام، وأغلب المراقبين، على أن نظام الملك محمد السادس هو أفضل من حكم الراحل الحسن الثاني، ترى جماعة العدل والإحسان عكس ذلك وتعتبر أنه « لا فرق بين عهد أدانه الجميع وبين عهد صفق له المتملقون والمستفيدون ».   وكانت أول رسالة وجهها زعيم الجماعة الشيخ عبد السلام ياسين إلى النظام الحاكم، قبل أزيد من ثلاثة عقود تحمل اسم « الإسلام أو الطوفان »، وكانت جملة من « النصائح والإرشادات »، بل الانتقادات القاسية للملك الراحل الحسن الثاني الذي ظل يخاطبه الشيخ ياسين عبر العشرات من صفحات رسالته بـ »يا حفيد رسول الله » لينتهي بعد وصولها إلى عتبات القصر الملكي داخل مستشفى للأمراض العقلية.   وبعد وفاة الحسن الثاني، ومحاولة محمد السادس عقد مصالحة سياسية مع خصوم والده الملك الراحل، أرسل عبد السلام ياسين رسالة جديدة لمحمد السادس الذي تجاهلها ولم يتم اتخاذ أي إجراء أمني ضد الجماعة.   و يبدو اليوم أن الجماعة تفضل أن تصدر مواقفها عن مؤسساتها بدل أن تكون مجرد رسائل بتوقيع زعيمها، فأصدرت رسالتها الحادة اللهجة بتوقيع دائرتها السياسية.   ومن المنتظر أن يعقب هذه الرسالة تصعيد أمني وحملة اعتقالات ومحاكمات لأعضاء الجماعة ولبعض قيادييها كما يتوقع المتتبعون. ولحد الآن اكتفت السلطات الأمنية بتعطيل الموقع الإلكتروني للجماعة، ومنع تصفح رسائلها من طرف المبحرين في الانترنيت.   (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 1 فيفري 2008)

 


شباب الإنترنت يبني ديمقراطيته التحتية

 
صلاح الدين الجورشي (*)   في العالم العربي هناك ما لا يقل عن %43 من السكان تقل أعمارهم عن 14 عاماً، لكن بقدر ما تشكل هذه الظاهرة ثروة بمقاييس التنمية البشرية، فهي تعتبر في الآن نفسه من التحديات والمعضلات التي تواجه العرب في مطلع القرن الواحد والعشرين، فالأجيال العربية الجديدة تجد نفسها تتخبط في مشكلات حادة على مختلف الصعد، الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وفي الآن نفسه تشكو من ضعف المؤسسات والهيئات الرسمية أو غير الحكومية المستعدة للاستماع لمشاغل الشباب والتفاعل مع همومهم وقضاياهم، والإجابة عن تساؤلاتهم وتطلعاتهم.   إنه مظهر من مظاهر أزمة العلاقة بين الشباب والدولة من جهة، وبينهم وبين المجتمع من جهة ثانية. وهنا يبدأ البحث عن خفايا وخلفيات علاقة هؤلاء بوسائل الاتصال الحديثة.   لم يبق سوى ثماني سنوات لتحقيق الهدف الذي وضعته قمة تونس حول مجتمع المعلومات. ويتمثل هذا الهدف في تحسين قدرة النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات في أفق عام 2015، إذ يُفترض أن يتمكن نصف سكان المعمورة من التمتع بإمكانية الارتباط بالشبكة العنكبوتية.. أما حالياً، فإن نسبة الذين تتوافر لهم هذه الفرصة لا تتجاوز %12، وأن %90 من هؤلاء يوجدون في الدول الصناعية، وهو ما يبرز بوضوح عمق الهوة الرقمية القائمة بين الشمال والجنوب.   مع ذلك، يمكن القول إن الحكومات العربية تبذل جهوداً ملموسة ومتزايدة لإدماج مجتمعاتها في عالم المعرفة، رغم أن هذه الجهود لا تزال محدودة ومتعثرة. إذ لا يزال عدد العرب الذين يستخدمون الإنترنت أقل من مليوني شخص، فالعلاقة بين العربي وتكنولوجيا الاتصال تعتبر ضعيفة جداً، لكنها لم تعد بدعة. والسؤال الخطير الذي يجب أن يطرح بعمق ووضوح: كيف يوظف المواطنون العرب، وبالأخص المراهقين والشباب منهم، هذه الوسائل الحديثة في عالم الاتصالات؟   عندما تسأل الآباء والأمهات عن علاقتهم بتكنولوجيا الاتصال، ومدى معرفتهم بخفاياها، تجيبك أغلبيتهم أن صلتهم بهذا المجال المعرفي الجديد تمر حتماً عبر أولادهم وبناتهم، فهؤلاء هم مصدر المعارف الأولية بالنسبة إليهم. حتى المثقفين ورجال السياسة، عندما تعترضهم صعوبة في الوصول إلى معلومة ما، أو يصطدمون بالرقابة وقد أغلقت موقعاً من المواقع، ترى الكثير منهم يستنجدون بأحد الشبان، يفك لهم الطلاسم ويقوم بمراوغة الرقباء، فكأن هذا الجيل الجديد قد ولد مهيأ لتعلم لغة الرموز والشفرات أكثر من استعداده لتعلم لغة الأحرف والمعاني والشعر والفكر. وهذه ظاهرة عالمية وليست فقط عربية، ويكفي التذكير بأن «بيل غيتس» بدأ يضع القواعد الأولى لمؤسسته الضخمة (مايكروسوفت) منذ أن كانت سنه في حدود 14 عاماً. كما يمكن الإشارة في هذا السياق إلى أن اختراق مؤسسات حساسة وإستراتيجية عديدة في أميركا، مثل البنتاغون، أو في ألمانيا والصين واليابان وغيرها من الدول، قام بها في الغالب شبان لا تتجاوز أعمارهم 17 عاماً. وقد شعر أحد الرؤساء العرب في ليلة من الليالي بأن هناك من يتجول داخل أروقة جهاز حاسوبه الخاص، وتبين بعد حالة استنفار ورصد دقيق شارك فيه مختلف الأجهزة المختصة، أن الفاعل ليس سوى مراهق لم يلتحق بعد بالجامعة، قادته عبقريته وبراءته إلى دخول الفضاء الخاص لرئيس الدولة، رغم قوة أنظمة الرقابة والحصانة.   قضت الإنترنت على كل إمكانية تربية الأبناء داخل أقفاص ذهبية. الطفل اليوم يعرف عن عالم الجنس ما قد كان يجهله جده وربما والده، وبذلك أصبح التحدي التربوي مختلفاً عما كان من قبل. والوقاية اليوم هي العلاج من آثار الصدمات التي يمكن أن تحصل للأطفال أو الشباب في كل لحظة وفي كل يوم. وهناك من يعتقد أن وسائل الاتصال الحديثة، وفي مقدمتها الإنترنت قد عمقت أزمة الهوية لدى الشباب العربي، لكن مثل هذا القول فيه الكثير من المجازفة، لأن اتهام الأجيال الشابة بكونها مصابة بالاغتراب الثقافي، ومقطوعة عن جذورها لا يخلو من تعميم وتجنٍ. إذ أثبتت الأحداث والدراسات الميدانية أن قطاعات واسعة من الشبان العرب، قد توحي مظاهرهم وخطاباتهم بأن حسهم الوطني والقومي قد توقف أو انحرف، لكن عندما تمر أوطانهم أو أمتهم بهزة سياسية أو عسكرية أو اقتصادية أو حتى مناخية، ترى الكثير منهم ينفض غبار الغربة، ويرفع الأقنعة الزائفة، ويكشف عن حالة وجدانية فياضة، ويبدي استعداداً مفاجئاً للتفاعل الثقافي والاجتماعي، بل إن بعضهم يتجاوز لغة الاحتجاج ليبدي رغبة صادقة وعميقة في الانخراط في الحراك الاجتماعي والتطوع من أجل إصلاح ما يمكن إصلاحه.   وقد لوحظ في هذا السياق أن الإنترنت، بعد أن كانت مجرد وسيلة للترفيه والمتعة والدردشة المضيِّعة للوقت والجهد، تتحول في الأزمات إلى مصدر مهم للمعلومات، والحوار الجاد، وأحياناً يذهب الحماس والرغبة في التغيير والتضحية إلى وقوع بعضهم فريسة التيارات الباحثة عن أكباش فداء، فتنقلب الإنترنت من أداة اكتساب المعرفة والوعي إلى بوابة للانخراط في الشبكات الإرهابية.   غيرت الإنترنت حياة عشرات الآلاف من الشبان العرب، وقلبت نظرتهم للحياة ولأنفسهم وللعالم رأساً على عقب. ولأنها بلغت هذا القدر من التأثير، أصبح السياسيون وأصحاب القرار وأجهزة الأمن يأخذونها بعين الاعتبار. لكن بدل أن يتخذوا منها وسيلة للحوار مع هؤلاء الشباب، والتعرف على ميولهم ومواقفهم من السياسات والقضايا المطروحة في مجتمعاتهم أو على الصعد العربية والدولية، والعمل على ترشيدهم والدخول في علاقة جدلية معهم، يلاحظ أن الخطاب الإعلامي الرسمي العربي لا يختلف داخل الإنترنت عما هو عليه في بقية وسائل الاتصال: خطاب يعتمد على تمجيد الذات، وتبييض صورة السلطة، وشيطنة المخالفين. وبذلك ضيَّعت الحكومات فرصة التواصل مع جيل الإنترنت، وسلمته إلى جهات مجهولة لها أهداف أخرى واستراتيجيات مغايرة.   يحصل هذا في ظرف انتشرت فيه ظاهرة المدونات داخل الفضاء الاتصالي العربي. فهناك ما لا يقل عن 100 ألف مدونة عربية، أغلبها لشباب قرروا أن يؤسسوا إعلامهم الخاص، بعد أن تعبوا من الإعلام المهيمَن عليه. يصنعون المعلومة، يعلقون على الأحداث الصغيرة والكبيرة، يفكرون بصوت مرتفع هروباً من حواجز المنع وعيون الرقباء. هذه المدونات أصبحت جزءاً من البحث عن بناء ديمقراطية تحتية أو افتراضية.. إنها صناعة لإعلام مواز، إعلام شعبي يعكس واقعاً ووجهات نظر غالبا ما تغيب في المشهد الإعلامي، سواء المرئي منه أو المسموع والمكتوب. فهذا الإعلام يتطلب ترخيصا وأذونات، وأموالاً وضمانات، ومكاتب ومطابع، في حين أن عالم المدونات لا يحتاج إلا إلى حاسوب ورابط موصول بالشبكة المعلوماتية. ثم قل ما تشاء.   (*) صحافي وكاتب تونسي   (المصدر: صحيفة « العرب القطرية (يومية – الدوحة)، جانفي 2008)

 


 

 » أساتذة وزملاء في حياتي « 

مقالات د. محمد مندور

 
د. أحمد الخميسي يضم كتاب  » أساتذة وزملاء في حياتي  » للدكتور محمد مندور نحو ثلاثين مقالا كتبها د . مندور في مختلف الصحف ما بين 1954- حتى 1964 ، ومقالا واحدا من مجلة الرسالة يعود تاريخه إلي عام 1945. وهي المرة الأولى التي تصدر فيها هذه المقالات في كتاب واحد. وينطوي الكتاب على أكثر من رسالة حب ، الأولى التي كان يبثها د. مندور بحكم تكوينه الإنساني والثقافي لينقل إليك في كل ما يكتبه محبة رجل كريم للحياة والتماس الأعذار لأخطائها والبحث على حد قوله عن :  » مواضع القوة والاستبشار والثقة في زماننا  » ، تشعر بذلك سواء أكان د. مندور يعرض لخطبة التاج لديموستين المدافع عن حرية أثينا ، أو حين يطالب الدولة بتكريم دريني خشبة ، أو عندما يشير لأساتذته في مدرسة طنطا الثانوية فيضعهم على قدم المساواة مع طه حسين من حيث تأثيرهم في نفسه ، أو عندما يكتب عن بلدته بمركز منيا القمح أو يقوم بتقديم زوجته الشاعرة ملك عبد العزيز. تتضح بقوة في مقالات ذلك الكتاب ما يسميه د. مندور  » الذاكرة العاطفية  » ، وهي جانب مما أشار إليه د. مندور تحت عنوان  » المعدن النفسي  » في مقاله عن مي زيادة. وكما أن رد الماء إلي عنصريه الأساسيين لا يفسر مذاقه ، فإن تفكيك طبيعة المعدن النفسي لعوامل أولى تاريخية وطبقية وثقافية لا يقدم تفسيرا مرضيا ، ذلك أن هناك شيئا آخر في كيمياء ذلك التفاعل يكسبه توجهه الذي يحكمه في صيغته النهائية. لقد ولد طه حسين وعباس العقاد في العام ذاته ( 1889) وعاش الاثنان طفولة على حافة الفقر وشبابا في ظروف تاريخية وتحديات واحدة ، فإذا بالعقاد يتحول من كاتب الشعب الأول الذي يشتري الناس الصحف بفضله إلي كاتب رجعي يقاطع الناس الصحف بسببه ! أما طه حسين فيظل محافظا على اعتداله واستنارته وتعاطفه مع هموم الشعب . ما العامل الحاسم في ذلك ؟ . كاتبان آخران هما سلامة موسى ( 1887) والمازني الذي ولد بعده بثلاث سنوات ، الاثنان من أسر متوسطة ، تعرفا إلي الثقافة الأوربية ، أحدهما ظل مخلصا لدعوته للعدل حتى وفاته ، والآخر اشتهر بأنه متشائم ساخر ، يائس من كل شيء ، وكل ما في الدنيا عنده  » قبض الريح  » . أعتقد أن د . مندور قد أصبح ما نعرفه ونقدره ليس بفضل جهده في تأسيس علم النقد الأدبي ، لكن وأيضا بفضل طبيعته النفسية التي جعلته لا يفصل على امتداد حياته بين دوره كناقد أدبي ، ودوره كمواطن يعتبر أن دفاعه عن الديمقراطية واجب حتى لو أفضى به إلي السجن، ودفاعه عن بلاده واجب يجعله يعتلي زعامة تيار الطليعة الوفدية المنشق على باشوات الوفد ، والتزامه بقضايا مجتمعه ضرورة حتى لو تعرض لاضطهاد حكومة إسماعيل صدقي ، وهذا تحديدا ما يسوق   د. مندور إلي إنشاء المجلات ، وترسيخ مبدأ أن العلاقات الداخلية للعمل الأدبي تتضح على ضوء الصلة بين العمل ومحيطه الاجتماعي والثقافي في مقاله  » النقد الأيديولوجي « . لهذا كله يقول د. مندور في نهاية مقاله عن أحمد لطفي السيد :  » إن العلم بلا ضمير ما هو إلا خراب للنفوس » . ومن هذا الربط الوثيق بين دور المثقف ودور المواطن تشكلت قيمة د. مندور الكبرى ، وفي هذا الربط ظهر  » معدنه النفسي  » . يضم الكتاب مقالين عن رائد لم ينل حقه الأول بعنوان  » الرائد سلامة موسى  » والثاني  » سلامة موسى المفترى عليه  » ، ويلفت د. مندور النظر إلي دور ذلك المفكر :  » كرائد من أكبر رواد الفكر العربي المعاصر  » ويعتبر د. مندور نفسه على حد قوله  » من تلاميذ سلامة موسى ومحبيه  » . وهناك مقال آخر جميل بعنوان  » المنفلوطي أديب تقدمي  » يعرض فيه د. مندور القضية التي عرفت باسم قضية السفهاء حين رجع الخديو عباس الثاني من رحلة ترفيهية عام  1897 فوزع البعض قصيدة على مستقبليه تهجو الخديو. ولم يعرف أحد إلي الآن مؤلفها ، لكن الشكوك حامت حول ثلاثة أدباء تم اعتقالهم ومحاكمتهم ! وكان مطلع القصيدة يقول : قدوم ولكن لا أقول سعيد .. وملك وإن طال سيبيد ! وحاول الشاعر أحمد شوقي التغطية على القصيدة بأخرى مشابهة جاء في مطلعها : قدوم ولكني أقول سعيد .. وملك وإن طال المدى سيزيد ! الكتاب ينطوي على رسالة حب أخرى مرسلة من د . طارق مندور لوالده العظيم ، حين جمع د . طارق تلك المقالات ونشرها في سلسلة  » كتاب الثقافة الجديدة  » لتكون رسالة لوالده  أن محبته باقية ، وليؤكد لنا نحن أن الوفاء للراحلين قيمة إنسانية عطرة وعزيزة . *** أحمد الخميسي . كاتب مصري Ahmad_alkhamisi@yahoo.com

إسرائيل الهجرة المعاكسة .. الرعب القادم!

توفيق المديني
إذا كانت الحركة الصهيونية العالمية قد استفادت تاريخيًا من المحرقة اليهودية, واستغلتها في تبرير إيجاد (دولة إسرائيل) في فلسطين, فإنه على الرغم من مرورستين عامًا على تأسيسها , عجزت هذه الدولة اليهودية في خلق وطن آمن لليهود بالفعل. فلا تزال (اسرائيل) اليوم, تعيش في حالة حرب دائمة مع العرب عامة , و الفلسطينيين خاصة,وهي تشكل أخطر مكان في العالم بالنسبة إلى اليهود, وذلك ببساطة, لأنها أقيمت لكي تظل قاعدة استراتيجية متقدمة للإمبريالية الغربية تقوم بدور وظيفي في إطار المخطط الإمبريالي العام حسب كل مرحلة تاريخية .‏ لقد أثارت نزعة )إسرائيل) العدوانية و التوسعية في احتلال الأراضي العربية سيلاً عالمياً من الإدانة المنطقية لها, كما أيقظ الخوف من اليهودية في العالم. ويدعي الصهاينة, أولا ً, أنه لا يوجد شيء اسمه الإدانة المنطقية ل(اسرائيل), ويعتبرون كل انتقاد لها معاداة للسامية; وثانيًا إن معاداة السامية, فيروس ينبع من قلوب الأغيار المنحرفة, بصرف النظر عمّا يفعله اليهود أو (اسرائيل).‏ وتلعب الأصولية الدينية اليمينية في (اسرائيل), دوراً أكبر بكثير من دور الاشتراكية المستنيرة التي كان من المفترض أن تكون شعارالمجتمع اليهودي الجديد. بسبب هذه المآزق, تجري الآن هجرة مضادة إلى خارج )اسرائيل(, وقد بلغت نسبة خطيرة, وهي تهدد المعادلة السكانية المقلقلة, التي تشكل همّاً للدولة الصهيونية. ففي أواسط سنة ,2004 كان هنالك نحو 760 ألف (اسرائيلي) يعيشون في الخارج, بزيادة 40% منذ بدء الانتفاضة الثانية سنة ,2000‏ وكشفت وزارة استيعاب المهاجرين الجدد في (إسرائيل) مؤخراً,أنها شرعت عشية الذكرى الستين لتأسيسها في حملة واسعة لإعادة أكبر عدد ممكن من (الإسرائيليين) الذين غادروا فلسطين المحتلة وأقاموا في بلدان الغرب ويبلغ عددهم 700 ألف نسمة. ولفتت الوزارة إلى أن(الإسرائيليين) المقيمين في الولايات المتحدة وأوروبا وأستراليا غادروا بحثاً عن مستوى معيشة أفضل, وأشارت إلى صعوبة إقناعهم بالعودة منوهة إلى عودة خمسة آلاف منهم كل عام مقابل مغادرة نحو 20 ألف (إسرائيلي) كل عام.‏ الحركة الصهيونية لم تتوقف منذ البدايات عن المزاوجة بين خوض الصراع من أجل الإستيلاء على أرض فلسطين ,ومن أجل تكثيف الهجرة توصلا لإيجاد غالبية يهودية. لكن إذا كان عدد اليهود في(إسرائيل الكبرى) العزيزة على قلب الليكود يبلغ 4.5 ملايين والعرب 1.4 مليون, فان هؤلاء سيصبحون الأكثرية مع حلول العام 2010, وسيصلون إلى 10.8ملايين في العام 2020 مقابل 7.6 ملايين يهودي. و (إسرائيل ) لا تملك سوى سلاحين من شأنهما رد هذا الخطر عنها: الهجرة اليهودية المكثفة الى الكيان الصهيوني و/أو الطرد المكثف أيضا للفلسطينيين. ولا يبدو الإحتمال الأول قابلا للتحقق إلا إذا حدثت أعمال عنف لاسامية خطيرة في الغرب. أما الثاني والمعروف عنه باسم (الترانسفير) ويحلم به قسم من اليمين الصهيوني فلا يمكن تنفيذه (على البارد). فهو يفترض قيام حالة قصوى ومواجهة إقليمية, فأي بلد عربي لديه ما يكفي من الجنون لخوضها?‏ »إسرائيل) تعاني من خطر الهجرة المعاكسة,ومن تراجع أيضا شعور اليهود الذين يقيمون في البلدان الغربية, ولا سيما في الولايات المتحدة الأميركية بالإنتماء إليها.و كلما كان عمر الشباب اليهودي في البلدان الغربية أصغر,تراجعت نسبة الشعور بالإنتماء ل»إسرائيل)ورؤيتها و أهميتها.فهناك 52% من يهود أميركا غير مبالين بإبادة »إسرائيل) فيما لا تتجاوز نسبة الشبان الذين يشعرون بارتياح لوجود »إسرائيل)54%.‏ وحسب مدير عام »مركز تخطيط سياسات الشعب اليهودي) نحمان شاي فإن »نحو 50 يهوديا في الولايات المتحدة يتحولون عن اليهودية يوميا).و الأسباب التي تقود إلى زيادة مثل هذا الشعور متعددة , ومنها:‏ أولاً:إن المجتمع الصهيوني منذ نشأته هو مجتمع استيطاني يغلب عليه الطابع الحربي, و يفتقد إلى الأمان و الإستقرار.فهو مجتمع مستنفر و مستعد دائما لخوض الحروب.‏ ثانياً:إن الحياة المريحة التي يعيشها غالبية اليهود في الغرب تدفعهم لاتخاذ هذه المواقف, إذ إن 90% من اليهود في العالم يعيشون في بلدان مستواهم المعيشي فيها أعلى من المستوى المعيشي في »إسرائيل), مثل الولايات المتحدة الأميركية , ومن ثم فرنسا وبريطانيا و ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية.‏ ثالثاً:إن ابتعاد الأميركيين اليهود عن الشعور بالإنتماء إلى »إسرائيل) نابع من القمع الوحشي الذي تمارسه سلطات الإحتلال ضد الشعب الفلسطيني , ومن الدور الوظيفي للكيان الصهيوني , الذي ينفذ سياسة الولايات المتحدة الأميركية ورئيسها جورج بوش فيما يتوجب على »إسرائيل) أن تتصرف »بمعايير أخلاقية و إنسانية ) حسب وجهة النظر الغربية.‏ إن العامل الديموغرافي اليهودي المهدد, ونوع العلاقات المستجدة بين »إسرائيل) ويهود الدياسبورا ,أصبح مقلقاً للدولة العبرية لأنه يتعلق باستمرار وجودها كدولة يهودية.فقد تراجع معدل الهجرة السنوي إلى »إسرائيل) من 100 ألف مهاجر في التسعينيات من القرن الماضي إلى 14 ألف مهاجر في الوقت الحاضر. و بالمقابل ,فإن معدل الهجرة المعاكسة تراوح بين 7و8 ألاف »إسرائيلي). وتفسر الأبحاث المتخصصة تراجع هجرة اليهود إلى »إسرائيل), إلى مجموعة عوامل, منها : تراجع عدد اليهود في العالم الذي انخفض من 21 مليونًا عام 1970, إلى 11 مليونًا و800 ألف نسمة في 2007حسب إحدى الدراسات,و ازدياد الزواج المختلط من غير اليهوديات (تتجاوز النسبة 51 في المئة وفق التقارير اليهودية الأميركية),والذوبان في المجتمعات المحلية, وعدم الاكتراث بأهمية ممارسة التقاليد اليهودية. و تبين أن نسبة الذوبان في روسيا وصلت إلى 70% , و في أميركا الشمالية إلى 50%, و في أوروبا الغربية إلى 45%.أما العامل الأخير, فيتمثل في عزوف نسبة كبيرة من الشباب اليهود في الولايات المتحدة الأميركية و (إسرائيل) عن الزواج.‏ كاتب تونسي‏
صحيفة الثورة السورية-شؤون سياسية الأحد 3/2/2008

تحديث الاستبداد في العالم العربي

ستيفن هايدمان    
 
لقد تكيفت الأنظمة العربية مع الضغوط الهادفة لإجراء تغيير سياسي، إذ تبنت استراتيجيات قادرة على احتواء مطالب التغيير الديموقراطي والتعامل معها بشكل فعال. فوسعت بعض المجالات السياسية – الانتخابية خصوصاً – حيث يمكن للنزاعات السياسية أن تظهر بأشكال مضبوطة ومسيطر عليها. كما خففت الأنظمة العربية أيضاً من معارضتها لمشاركة الإسلاميين في السياسة. كما حدث في بعض الحالات مثل مصر والأردن والمغرب حيث أمّن الإسلاميون تمثيلاً ذا مغزى لهم في البرلمان. وتكيفت الأنظمة انتقائياً مع مطالب الليبرالية الاقتصادية واندماج الاقتصاديات العربية مع الأسواق العالمية، وزيادة الفرص وتوسيعها. أما النخب الاجتماعية والاقتصادية، فاعتمدت تقنيات تمكنها من حسن إدارة الانترنت وتكنولوجيا الاتصال الحديثة، وسهلت وصول الجماهير إليها، وهي التكنولوجيا التي اعتبرت حتى وقت متأخر ناقلا محتملا للأفكار الديموقراطية، وبالتالي قوى يجب مقاومتها، وأدركت أن الحكم الاستبدادي ليس على تعارض مع تقوية مقدرة الدولة وتحسين الخدمات العامة عبر برامج مثل إصلاح الإدارة المدنية والإصلاح التعليمي وإصلاح سوق العمل، بل قد يعتمد بقاؤها في الواقع عليها. واشتمل التحديث على تغيرات في السياسة الخارجية، حيث اتجهت إلى التركيز على التجارة وتوظيف رؤوس الأموال والعلاقات السياسية مع دول تشاطر أو تتعاطف مع الاهتمامات السياسية للأوتوقراطية العربية في المشرق وشمال أفريقيا، غير مبالية إلى حد كبير بقضايا حقوق الإنسان والديموقراطية. هذه ليست «لعبة صفرية النتائج» حيث يكون اللاعب فيها إما رابحاً أو خاسراً. وبينما واصلت الأنظمة العربية بناء علاقات تجارية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، خلق لها التنوع الاقتصادي والسياسي مصادر قوة جديدة في هذا النظام العالمي الوحيد القطب، وقلل من الآثار الاقتصادية والديبلوماسية للغرب عليها. وبعبارة أخرى، فإن جوهر تحديث الاستبداد لا يكمن في إغلاق المجتمعات العربية وسد منافذها بوجه العولمة وقوى التغير السياسي والاقتصادي والاجتماعي الأخرى، ولا يعتمد أيضاً على رغبة الحكومات العربية في قمع خصومها، وإنما بإعادة تشكيل الحكم الاستبدادي ليتلاءم ويتعامل مع الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتغيرة. وقد بدأت، في جزء كبير منها، كرد دفاعي إزاء التحديات التي واجهت الأتوقراطية العربية خلال العقدين الماضيين. وقد تسارعت عملية التحديث في السنوات الأخيرة مستفيدة من الإخفاقات الأميركية في العراق. واقتران تعزيز الديموقراطية بالطرائق العنيفة لتغيير النظام، بالعنف الاجتماعي والفوضى السياسية، ومع ذلك، فملامحها الجوهرية شكلها الانشغال بالكيفية التي يحافظ بها الحكم الاستبدادي على بقائه في عصر انتشار الديموقراطية عالمياً، أكثر مما هي استجابة لتجربة الولايات المتحدة في العراق. يأخذ التحديث أشكالاً متنوعة، يتأثر كل منها بالضغوط الخاصة التي تواجه الأنظمة الفردية، وبالتالي فإن من الخطأ المبالغة في تماسكها، وليس هناك نموذج أو قالب وحيد اتبعته الأنظمة العربية. ولا ينبغي لنا أن نبالغ في مقدرة الأنظمة على تبني سياسة التجديد وتنفيذها. ولكن الذي يبدو واضحاً أن ما يمكن أن نطلق عليه «التعليم الاستبدادي» هو الذي شكل تحديث الاستبداد. فالدروس والاستراتيجيات التي نشأت داخل وخارج الشرق الأوسط انتقلت عبر المنطقة من نظام إلى نظام وحدثت فيها عدة تعديلات خلال هذه العملية. وهكذا تعلمت الأنظمة من بعضها البعض – عبر تبادل واضح للخبرات غالباً – ولكنها تعلمت أيضاً بمراقبتها للتجارب في مكان آخر، حيث تفيد الصين كنموذج ذي أهمية خاصة بالنسبة للحكومات التي تستكشف طرائق لتحسين أدائها الاقتصادي دون أن تتخلى عن سيطرتها السياسية. لذا، فما ينشأ في العالم العربي شكل هجين من الاستبدادية، يجمع استراتيجيات الماضي التي أثبتت التجربة نجاعتها (القمع والمراقبة والرعاية والفساد والمحسوبية) مع الابتكارات التي تعكس تصميم النخب الاستبدادية على الاستجابة بعدوانية للتهديد الثلاثي للعولمة والأسواق وتعميم الديموقراطية. وتهدف هذه الجهود الى خلق ورعاية «تحالف استبدادي» ناشئ، تحالف يعتمد على إبقاء أسس الدعم الاجتماعي والمؤسساتي القائمة، بينما يقوي العلاقات أو على الأقل يرشو جماعات لطالما اعتبرها النظام غير موثوقة، هذا إن لم تكن بالفعل معادية. والسمة المميزة للتحديث التسلطي رفع مستوى قدرة الأنظمة العربية على احتواء المقاومة الواسعة النطاق التي تقوم بها المجتمعات المدنية للاتجاهات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تقوم بها هذه الأنظمة، وبنفس الوقت امتصاص تنامي مستويات المنافسة السياسية التي شهدها العالم العربي، عبر إدارة الساحات الانتخابية من زاوية منطق التحديث السلطوي. فالإصلاحات تسمح بزيادة مستويات المعارضة السياسية – ولكنها تظل وفي نفس الوقت بدون معنى. وهي تضمن أن تظل الانتخابات تحت دائرة الإحكام والسيطرة مما يؤدي في النهاية إلى إبقاء النتائج الانتخابية لمصلحة الأنظمة، يضاف إلى ذلك الاستيلاء على فوائد الإصلاحات الاقتصادية الانتقائية التي وفرت للحكومات الموارد اللازمة لإدامة نظام الحكم الذي ما زال يعتمد اعتماداً كبيراً على شبكات الرعاية. هذه التغييرات الانتقائية أيضاً أمنت موقعاً متميزاً في الصناعة العسكرية التي أصبحت عاملاً واسع التأثير على مستوى الفعاليات الاقتصادية. إن الإصلاحات المحدودة والتي تترافق مع مشاركة نخبة مختارة من القطاع الخاص في الإشراف عليها تدعم بقوة انتقائية عمليات التحرير الاقتصادي. والانفتاح على تكنولوجيا وسائل الاتصال يضعف السيطرة الرسمية على المعلومات، كما يعني تآكل قدرة الأنظمة في السيطرة على وسائل الإعلام والفضائيات وتحديد محتوى وسائـط الإعلام. كما أن شبكة الانترنت بصفة خاصة توفر المساحة التي ستستغلها المعارضة في جهود التعبئة الخاصة بها. إلا أن الأنظمة العربية تتلاقى في استراتيجيات المراقبة والتحكم في قدرة الجمهور في الوصول إلى تكنولوجيا الاتصالات الحديثة. كما أن التحديث التسلطي في الأنظمة العربية ترافق مع الجهود المبذولة لتنويع صلاتها الدولية. فالحكومات العربية سعت إلى تعزيز الديبلوماسية والتجارة والاستثمار والعلاقات المتعددة لعزل أنفسها عن الضغوط التي تمارسها الدول الغربية والمؤسسات الدولية التي تبنت الإصلاح السياسي والاقتصادي وأظهرت استعدادها لاستخدام الشروط لوضع الإصلاح على جدول الأعمال. هذه العوامل مجتمعة، أشّرت على ظهور أنماط جديدة من الحكم السلطوي. فقد خففت حجم الضغوط التي تعرضت لها الحكومات العربية من اجل الإصلاح السياسي والاقتصادي، وأمنت لهم الوسائل لاستغلال المكاسب من الانفتاح الاقتصادي والابتكار التكنولوجي وجعلت الأنظمة العربية قادرة على التخفيف أيضاً من بعض الضغوط الاجتماعية والسياسية المرتبطة بالإحساس بالركود على الأقل، كما أبعدتها عن مرحلة الضعف والعزلة التي طالما تجلت في التصورات العربية. كما تم رفع مستوى الفعالية بما يعود وبشكلٍ ملموس إلى أنها أظهرت فوائد ملموسة للمجتمعات العربية بدت جلية للعيان، على رغم أنها عززت الأنظمة القائمة. وليس أقلها، أنها وفرت إطاراً مكن القيادات العربية من خلالها من مد وتعزيز بناء التحالفات الاجتماعية التي تعتمدها أنظمتها. وكنتيجة لتحديث الاستبداد هذا تحول المشهد السياسي في العالم العربي، فلم يعكس فحسب القدرة على الابتكار والتكيف من قبل الحكومات العربية مع المستجدات الدولية، وإنما يؤكد المدى الذي تشارك به هذه الأنظمة بنشاط في العولمة والإفادة من استراتيجيات التحكم السلطوي. فالحكومات العربية تتعلم من بعضها البعض، وتتبادل المعلومات، والتكتيكات، واستخلاص الدروس من تجارب الدول الاستبدادية خارج المنطقة كنماذج. وكنتيجة لذلك، لم ينشأ تزايد لأوجه التشابه بين الأنظمة العربية في استراتيجياتها من الحكم فحسب، وإنما توسيع لعملية المقاربة التي تفترض الميزة التسلطية حكرا على في العالم العربي، إذ هي منطقة غالبا ما تصور على نحو فريد كنموذج في مقاومة «الموجة الثالثة» من الدمقرطة. فالممارسات المرتبطة بتحديث الاستبداد ضيّقت الخلافات بين الأنظمة العربية والعشرات غيرها من الأشكال الهجينة من الاستبداد في مناطق أخرى من العالم. وبهذا المعنى، يعكس تحديث الاستبداد القدرة على رفع مستوى تطبيع «الاستبداد العربي» وإنهاء ما يسمى بالاستثناء الشرق الأوسطي في ما يخص الديموقراطية والتغيير السياسي. هذه العوامل هامة وعميقة ومقلقة بنفس الوقت خاصة لأولئك الذين يعملون من اجل التغيير الديموقراطي في العالم العربي. إذ الفشل في تحقيق الديموقراطية ليس نتاج المقاومة العربية للتغيير، بل لفعالية الأنظمة في التكيف مع وإدارة الضغوط من أجل التغيير التي أوجدتها موجة نشر الديموقراطية. * نائب رئيس المعهد الأميركي للسلام وجامعي في جامعة جورج تاون، مختص في قضايا الاقتصاد السياسي في العالم العربي. المنشور أعلاه خلاصة كتاب صدر للمؤلف حديثاً عن معهد بروكينغز بعنوان «تحديث الاستبداد في العالم العربي».
 
(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 2 فيفري  2008)

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.