الأحد، 25 مارس 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2498 du 25.03.2007

 archives : www.tunisnews.net


إسلام أون لاين.نت : في تونس.. « التبليغ والدعوة » في دائرة القمع

وات: فك العزلة عن المناطق السكنية بولاية جندوبة نتيجة تراكم الثلوج

صلاح الدين الجورشي: « الحالة السياسية الراهنة في تونس .. غريبة حقا »

مصطفى عياط: الحجاب في تونس .. وثيقة للتوافق ومنابع لا تجفّ

مستشار التغيير: رسالة الى السيد رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي

سفيان الشورابي: تونــس: في خطوة غير مسبوقة؛ نقابات التعليم تقرر الإضراب المشترك

أركان  جديدة بالحوار نت

الجزيرة نت عرض كتاب « حتى يكون للأمة مكان في هذا الزمان » لد. منصف المرزوقي

عبدالحميد العدّاسي : القول الثابت مرسل الكسيبي: قمة أمريكية تحت الخيمة العربية ؟ برهان بسيّس: المرحلـة الدقيقـــة… وأسئلـــة الشبـــاب

الصباح: إنها لا تعرف عيد الاستقـــلال!

سويس انفو:

فاضل الجعايبي: »علينا أن نفرض خطابا وجماليات تُـوقظ الجمهور المخدّر » إسلام أون لاين: بعد صدور أحدث تقرير للأمم المتحدة: إباحة الممارسات الجنسية.. مخالفة دولية للشريعة


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


في تونس.. « التبليغ والدعوة » في دائرة القمع

إسلام أون لاين.نت – محمد الحمروني    تونس– تتواصل حملات الاعتقال والمحاكمات التي تشنها السلطات التونسية ضد الحركات الإسلامية المختلفة وآخرها جماعة التبليغ والدعوة، وذلك منذ المواجهات المسلحة التي شهدتها تونس نهاية عام 2006 وبداية 2007 واتهم فيها مجموعة تابعة لتيار « السلفية الجهادية ». ويقول مراسل « إسلام أون لاين.نت » إن الاعتقالات الأخيرة بحق عناصر التبليغ والدعوة، وما أعقبها من محاكمة بعضهم، هي الأولى من نوعها منذ ظهور الجماعة في ثمانينيات القرن الماضي، حيث إن السلطات كانت تغض الطرف عن أنشطتها، وتسمح لها ضمنا بالعمل في المجال الدعوى بشكل علني بسبب عدم خوضها في الشأن السياسي.
وقالت مصادر قانونية إنه صدرت مؤخرا أحكام بالسجن تراوحت بين 3 أشهر وسنة سجنا ضد أكثر من 11 عضوا بالجماعة بعد أن وجه إليهم الادعاء العام تهما تتعلق بعقد اجتماعات دون رخصة.
وفي تصريحات خاصة لـ »إسلام أون لاين.نت »، أكد عبد الرءوف العيادي المحامي المختص بالدفاع عن الموقوفين من أبناء التيارات الإسلامية، وجود حملة كبيرة من الاعتقالات والمحاكمات يتعرض لها أبناء حركة التبليغ والدعوة منذ أكثر من شهر. وقال العيادي إن « الملاحقات القضائية بحق المنتمين لحركة التبليغ كثيرة، ولا نعلم حتى اليوم عدد الموقوفين بالتحديد على ذمة تلك القضايا ». وأضاف: « هناك عناصر من مختلف المناطق القريبة من العاصمة مثل أريانة وباردو وغيرهما هم الآن محالون للقضاء بتهمة عقد اجتماعات غير مرخص بها ». واعتبر المحامي التونسي أن هذه المحاكمات تؤكد « توسيع دائرة القمع بحيث إن المجتمع كله أصبح مستهدفا وليس طرفا بعينه فقط »، بحسب قوله.
عقد جلسة للذكر
وأبدى العيادي دهشته إزاء محاكمة أفراد جماعة لا تهتم إلا بالذكر والصلاة وشئون العبادة عامة، في إشارة إلى جماعة التبليغ والدعوة. وتساءل هل سيحال هؤلاء للقضاء بتهمة عقد « جلسة للذكر »؟! وعن الهدف الرئيسي من هذه الاعتقالات، قال العيادي: « السلطة تسعى للقضاء على ما تبقى من علاقة للتونسي بهويته ودينه من خلال شن حملة على كل مظاهر التدين في البلاد ».
وإذا كانت حملة الاعتقالات المتواصلة بحق عناصر التبليغ والدعوة هي الأولى من نوعها بهذا الحجم، فقد سبق أن فوجئ الرأي العام التونسي قبل عامين بنبأ اختفاء عباس الملوحي عضو مجلس شورى حركة الدعوة والتبليغ، وهو من الوجوه البارزة للحركة ومعروف لدى الدوائر الحكومية. وأعلمت عائلة ملوحي بعض المنظمات الحقوقية عن اختفاء عباس منذ إبريل 2005، وبحسب شهادة بعض جيرانه فإن سيارة مدنية تشبه التي يستعملها الأمن عادة كانت متوقفة قرب منزله قامت بنقله إلى جهة مجهولة، وكانت تلك آخر مرة شاهدوه فيها.
ولم تشهد البلاد من قبل اعتقالات أو محاكمات بحق المنتمين للتبليغ والدعوة نظرا لبقاء الجماعة خارج مناطق استهداف السلطة بسبب عدم خوضها في الشأن السياسي. وأرجع مراقبون استهداف الحركة الآن إلى تخوف السلطات من تحول بعض أفراد التبليغ والدعوة إلى جماعات أكثر تشددا، حيث تصفها السلطات بـ »المفرخة » التي تخرج أفرادا أكثر تشددا يلتحقون بجماعات أخرى.
ويعود وجود حركة الدعوة والتبليغ في تونس إلى أكثر من ثلاثين سنة، وعاش عدد كبير من القيادات الإسلامية البارزة، ومن بينهم الشيخ راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة الإسلامية، تجربة الدعوة والتبليغ، ولكنهم خرجوا منها بسبب قعودها عن النشاط السياسي. وكانت الداخلية التونسية قد أعلنت في يناير 2007 أن قوات الأمن قتلت 12 مسلحًا واعتقلت 15 آخرين قالت إنهم عناصر تنتمي للتيار السلفي الجهادي بالضاحية الجنوبية للعاصمة بعد مطاردات أمنية واستخدام للأسلحة الثقيلة.
وقد شنت السلطات التونسية بعد ذلك حملات اعتقال لعناصر من التيار « السلفي » وجماعات إسلامية أخرى. وحوكم عشرات من الشباب يشتبه في انتمائهم إلى « الفكر السلفي » في الآونة الأخيرة، وتراوحت الأحكام ضدهم بين 5 و11 سنة سجنا.
(المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 25 مارس 2007) 


فك العزلة عن المناطق السكنية بولاية جندوبة نتيجة تراكم الثلوج

تونس (وات) ـ بذلت المصالح الفنية للتجهيز والاسكان والتهيئة الترابية بولايات الشمال الغربي وخصوصا ولاية جندوبة طيلة الايام الاخيرة جهودا كبيرة لفك العزلة عن المواطنين وذلك بمسح الطرقات والمسالك التي انقطعت نتيجة تراكم الثلوج.
ففي ولاية جندوبة وتحديدا في عين دراهم تدخلت الادارة الجهوية للتجهيز والاسكان منذ يوم الثلاثاء الماضي الى غاية اول امس الجمعة بحوالي 8 آلات ماسحة وآلة كاسحة على سلاسل وآلة جارفة لمسح الطريق الوطنية رقم 17 من فرنانة الى ببوش مرورا بعين دراهم والطريق الوطنية رقم 11 من عمدون الى ببوش مرورا بعين دراهم اضافة الى كل المسالك المؤدية الى القرى التي توجد في محيط معتمدية عين دراهم .
كما وقع مسح الطريق الجهوية رقم 161 وطريق 7 مشايخ لفك العزلة عن المناطق السكنية ومختلف الدواوير في محيط بلطة بوعوان.  وفي غار الدماء تمت ازالة الثلوج على مستوى الطريق المحلية405 واعادة حركة المرور. وبسبب التضاريس الصعبة وارتفاع المكان اضطرت المصالح الفنية للتجهيز بجندوبة الى استعمال آلة جارفة على سلاسل لازالة الثلوج على مستوى محطة الربط الاذاعي بعين دراهم.
كما تدخل تجهيز سليانة فجر الخميس الماضي لمسح الطريق الوطنية رقم 4 بين مكثر وسليانة على مستوى منطقة عين الديسة وازالة الثلوج. ويجدر التذكير بان وزارة التجهيز والاسكان والتهيئة الترابية قد اتخذت مبكرا الاحتياطات اللازمة لمعالجة آثار الثلوج على السكان وعلى شبكة الطرقات حيث بادرت ادارة المعدات منذ حوالي اسبوعين بايفاد عدد من الآليات الثقيلة الى ولاية جندوبة.
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 25 مارس 2007)


« الحالة السياسية الراهنة في تونس .. غريبة حقا »

25آذار/مارس2007 مرت الذكرى الحادية والخمسون لاستقلال تونس (20 مارس 1956) بدون قرارات تدعم مؤشرات الانفتاح السياسي، التي كثر الحديث عنها في الأسابيع الأخيرة. فقد خلا خطاب الرئيس بن علي، الذي ألقاه بالمناسبة من توصيات أو حتى إيحاءات يُـمكن أن تستجيب للحدّ الأدنى من انتظارات المعارضة والطبقة السياسية. خلافا لما جرت عليه العادة، لم يصدر عفو رئاسي، ولو جزئي على المساجين، سواء كانوا من السياسيين أو المحكوم عليهم في قضايا حق عام، وهو ما صبغ المناسبة بطابع من البرود والتساؤل.
« غريبة حقا الحالة السياسية الراهنة في تونس »، هكذا علّـق أستاذ جامعي يشعر بالإحباط، ولعله يقصد التّـضارب الملحوظ في المؤشرات، وهو تضارب يشعر المراقب بوجود خلل ما في تنظيم حركة المرور، كأن يكون هناك شُـرطيان يُـصدران أوامر متعاكسة لسائقي السيارات (!). وفي هذا السياق، يعتبر الإعلام والحريات الفردية، من أشد المجالات التي تعكس تعارض الإشارات الضوئية.
فمن جهة، أصبح ما تنشره بعض الصحف، مثل « الصباح » و »لوتون » (Le Temps) و »أخبار الجمهورية » أو ما تذيعه إذاعة (موزاييك) الخاصة أو ما يُـسمح بعرضه في قناتي 7 الرسمية وحنبعل الفضائيتين، يثير الانتباه ويشكل دليلا قويا للقول بأن الماسك برقبة الإعلام والصحافة قد فتح كفه قليلا. فالحوار الذي أجرته « الصباح » مع السيدة مية الجريبي، الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي ونشرته بتاريخ 16 مارس، يُـعطي انطباعا بأن البلاد قد تشهد قريبا الدخول في مرحلة جديدة من تحرير الصحافة والتعبير. مع ذلك، يصدر حُـكم غريب بسجن الصحفي محمد الفوراتي، الذي برّأته المحاكم مرّتين، نظرا لخلو ملفه من أية أدلّـة مُـقنعة، كما ترتفع أصوات تُـندد باستمرار ظاهرة منع الكتب.
الإدارة في تونس لا ترد ولا تجيب على مراسلات ولا تناقش ولا تفاوض الطيب البكوش، رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان
رسائل مزعجة
في هذا الإطار، وبالرغم من أن العلاقة قد طبعت بين السلطة والمعهد العربي لحقوق الإنسان، على إثر أزمة كادت تتسبب في نقل المعهد إلى عاصمة عربية أخرى، لا تزال عديد المطبوعات التابعة لهذه المؤسسة الإقليمية الهامة تنتظر منذ فترة طويلة الإفراج عنها، رغم أنها لا تتعرّض للأوضاع المحلية.
هذاالأمر جعل الدكتور الطيب البكوش، رئيس المعهد يؤكّـد في مداخلة له بندوة نظمتها حركة الديمقراطيين الاشتراكيين عن « آفاق حقوق الإنسان في تونس » وأصدرتها في كراس، أن « الإدارة في تونس، لا ترد ولا تجيب على مراسلات ولا تناقش ولا تفاوض »، وأضاف « قد نفهم وجود رقابة إلى حدّ ما، لكن على الأقل عليها أن تُـعلل ما تتّـخذه من إجراءات.. حتى تكنولوجيا الاتصال تتعثر كثيرا، وهو ما جعل البعض يفكرون في الرجوع إلى الأساليب البريدية التقليدية ».
من جهة أخرى، خلف اختفاء العمود الأسبوعي للكاتب « برهان بسيس » في يومية « الصباح » تساؤلات وأقاويل عديدة، بعد آخر مقال دعا فيه إلى إعادة الحيوية إلى الجامعات ونصح بلطف جديد بالعفو على طالبين سابقين مضى على اعتقالهما أكثر من 16 عاما، هما العجمي الوريمي وعبد الكريم الهاروني.
فهذا المعلق السياسي قد شغل الكثيرين بطريقة كتابته المدافعة عن النظام، لكن بأسلوب غير معهود، فهو يختلف كثيرا عن غيره في هذا المجال، وذلك من خلال توغّـله الذكي في المناطق، التي يعتبرها كثيرون من داخل النظام « محرمة ». لقد بدا وكأنه إفراز لمرحلة تستوجب إعطاء نفَـس جديد للحكم، وهو ما يقتضي تغيير لغة الخطاب الإعلامي وإخراجه من الطابع المتكلِّـس والعمل على إعادة بناء السياسة الرسمية في ضوء المتغيرات.
هناك من ظن بأن السلطة بدأت تضع لمسات للتغيير يُـحافظ على ثوابت الحكم، وفي الآن نفسه، يخلِّـصه من صيغة استنفدت أغراضها، لهذا، فإن البعض اعتبر أن الدوافع المجهولة التي جعلت السيد « برهان » يختفي من المشهد الإعلامي، تمثل خسارة للنظام من جهة، ورسالة مزعجة للمستبشرين باحتمال الانتقال إلى مرحلة سياسية جديدة.
خط ثالث؟
على صعيد آخر، شهد النشاط الجمعوي والحزبي حيوية ملحوظة. فقد تم السماح لجميع مكوّنات « حركة 18 أكتوبر » (تضم شخصيات من تيارات علمانية وأخرى إسلامية) من الالتقاء وإصدار نص غير مسبوق بمناسبة اليوم العالمي للمرأة. إذ لأول مرة، تحدّد حركة النهضة موقفها بوضوح من جُـملة المكاسب التي تضمنتها مجلة الأحوال الشخصية، ذات الأهمية التاريخية بالنسبة لتونس الحديثة.
وبالرغم من ارتفاع أصوات عديدة من الجهتين، علمانيين وإسلاميين، للتقليل من أهمية هذا الإنجاز، إلا أن تاريخ الديمقراطيات في الغرب يؤكِّـد بأنها لم تقم ولم تترسّـخ إلا بقدرة رموزها وقِـواها الاجتماعية والسياسية على بناء وفاقات مرحلية قابلة للتطوير وقائمة على ضمانات فعلية. من جهة أخرى، حصل تقدم في النقاش الدائر بين حركة التجديد (الحزب الشيوعي سابقا) ومجموعة المستقلين حول آليات انخراط هؤلاء في عملية إعادة بناء الحزب من أجل بعث « قطب ديمقراطي تقدمي »، وهو « حلم » طالما راوَد مؤسسي « التجديد » منذ القطع مع تجربة « الحزب الشيوعي »، ويرَون فيه « خطا ثالثا » يقف بين خيار « التحالف مع السلطة » أو « التحالف مع حركة النهضة » (الإسلامية المحظورة). ومن المنتظر أن تكشف الأشهر القليلة القادمة عن مدى قدرة هذا المسعى على التحقق وحجم تأثيره على مُـجمل الحِـراك السياسي في البلاد.
هذه الحيوية أجهضها قرار غيرُ مفهوم تمّ بمقتضاه منع اجتماع كان يُـفترض أن يتم بين حزبين، طالما غضت السلطة النظر عن خطوط التواصل بينها، وهما الحزب الديمقراطي التقدمي (معارض) وحزب العمال الشيوعي التونسي (محظور)، وهو ما أعاد مسألة التصعيد من أجل الدفاع عن احترام حق الأحزاب في التنظيم وحرية الحركة والإجتماع. قلق وتحفظ
من جهة أخرى، تم السماح بعقد ندوة صحفية في مقر الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، تم خلالها تقديم تقرير دولي يتعلق بما يواجهه النشطاء والمدافعون عن حقوق الإنسان في العالم من تحديات ومخاطر.
وقد أعادت هذه الندوة التي حضرها برلمانيون أوروبيون الدفء لمقر الرابطة، بعد منع دام طويلا لكل محاولات الهيئة المديرة السابقة، خاصة بعد صدور الحكم القضائي الأخير الذي منعت الرابطة بمقتضاه من حق عقد مؤتمرها السادس.
جاء هذا السماح بعقد الندوة الصحفية بعد الضجّـة التي أحدثتها تصريحات أسِـيء فهمها لرئيس الرابطة مختار الطريفي، سبق أن نشرتها صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية. وبالرغم من التوضيح الذي قام به، (والذي دعمته الصحفية التي أجرت الحديث)، ورغم الجلسة التي جمعت الطريفي برئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان السيد منصر الرويسي، والتي دارت في أجواء مريحة، إلا أن عقدة الرابطة لا تزال تراوح مكانها، وتنظر قرار رئاسيا حاسما.
ملف آخر شهد « انفراجا » نسبيا، لكنه بقي يطرح في المقابل انتقادات حول أسلوب المعالجة والأهداف المقصودة، إنه يتعلّـق بهذا العدد الضخم من الموقوفين في قضايا لها صلة بالتيار السلفي، حيث تمّـت مراجعة قائمة التُّـهم التي وجِّـهت للكثير منهم، وبعد أن كانت مرتبطة بقانون الإرهاب، استُـبدلت بتُـهم لها صلة بعقد اجتماعات والانتماء إلى جمعية غير مرخص فيها، وهو ما يفسِّـر صدور أحكام اعتبرت « مخففة »، تراوحت بين ستة أشهر وسنة ونصف، لكن المحامين أكّـدوا في مرافعاتهم أن التُّـهم الجديدة ليست مبرّرة وأن خروقات قانونية كبيرة قد ارتُـكبت في حقّ العديد من الذين أحيلوا والذين حشروا حُـشرا في قضايا لا صِـلة لهم بها. هذه أجواء القلق التي تعيشها الأوساط السياسية التونسية، فحتى الذين كانوا يُـراهنون على بعض المؤشرات الصغيرة للحديث عن احتمالات تحقيق تغيير تدريجي في سياسة السلطة، أصبحوا اليوم أميل إلى التحفظ.
فمرور مناسبة الذكرى الحادية والخمسون للاستقلال بدون اتِّـخاذ السلطة أي إجراء، يُـترجم ولو قليلا ما ورد في خطاب رئيس الدولة أمام اللجنة المركزية للحزب الحاكم في منتصف شهر فبراير الماضي، اعتبره البعض ممّـن تحدثت معهم سويس انفو بمثابة تلقي رسالة فاضية ردّا على توقعٍ اعتبره آخرون مجرد « سراب »، ظنه العطاشى ماء. ومع ذلك، فالأرض تستمر في الدوران.
 صلاح الدين الجورشي – تونس

(المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 25 مارس 2007) وصلة إلى الموضوع http://www.swissinfo.org/ara/front/detail.html?siteSect=105&sid=7646549&cKey=1174658098000

 

 

الحجاب في تونس .. وثيقة للتوافق ومنابع لا تجفّ

مصطفى عياط     5/3/1428         24/03/2007 شكّل توصُّلُ مجموعةٍ من التيارات الفكرية والسياسية التونسية، الممثلة لقوى إسلامية وعلمانية، لوثيقة مشتركة تتضمن تصورًا توافقيًا لحقوق المرأة، سابقة في مجال الحوار ما بين الإسلاميين والعلمانيين، خاصة فيما يتعلق بقضايا المرأة، والتي شكلت دومًا « مفترق طرق » توقفت عنده كل محاولات التواصل والاتفاق ما بين الطرفين، ومع أن الوثيقة التي جرى الإعلان عنها قبل أيام قد اعتمدت على قاعدة « الحرية الشخصية »، وبخاصة فيما يتعلق بقضية الحجاب، كما أنها شددت على مبدأ المساواة بشكل فضفاض ودون الدخول في تفصيل ذلك، إلاّ أنها من ناحية أخرى تثير تساؤلاً يطرح نفسه بقوة، عما إذا كان الإسلاميون سيقبلون بهذه القاعدة إذا ما تعارضت مع ما يؤمنون به من ثوابت إسلامية. أما فيما يتعلق بالعلمانيين فإن التساؤل الأبرز يتمحور حول ما إذا كانوا على استعداد للقبول بقاعدة الحرية الشخصية إذا ما تجاوزت الحجاب، وذهبت إلى حد ترسيخ القيم والمبادئ التي تقف خلفه، فالحجاب على ما له من أهمية إلاّ أنه يبقى رمزًا عاكسًا لمجموعة من القيم الإسلامية التي تتشبع لتشمل مختلف جوانب المجتمع. هذه التساؤلات الشائكة تعكس النهج التوافقي الذي انتهجه الموقّعون على الوثيقة؛ فالإسلاميون من جانبهم قدموا تنازلاً تمثل فيما تضمنته الوثيقة من إشادة بما اكتسبته المرأة التونسية من حقوق في السنوات الأخيرة خصوصاً في مجال التعليم والعمل ومساواتها بالرجل في هذا الشأن. أما العلمانيون فقد أقروا بأن حجاب المرأة هو حرية شخصية يجب ألاّ تُعاقب التونسيات بسببه، وأن الحديث عن حقوق المرأة يجب أن يتم في إطار الهوية العربية والإسلامية.
بنود فضفاضة
وباستثناء هذين النصين وما يتضمنه ثانيهما من الدعوة إلى إلغاء المرسوم رقم (108) لسنة 1981، والذي ينص على منع ارتداء الحجاب بزعم كونه « زياً طائفياً »، فإن باقي بنود الوثيقة تتحدث عن نقاط عامة فضفاضة، تبدو بديهية من جهة ومن جهة أخرى فإنها حمّالة أوجه، يمكن لكل طرف تفسيرها على النحو الذي يروق له. وبشكل عام فإن الوثيقة تشيد بما تحقق للمرأة التونسية من مكاسب في مجالات التعليم والعمل والصحة من مساواة في الفرص والحقوق والمزايا، كما أنها تطالب بتلافي النقائص المتمثلة في ارتفاع معدلات البطالة والأمية في أوساط النساء مقارنة بالرجال، إضافة إلى التشديد على ترسيخ مبدأ المساواة في الأجور والنص في الدستور بطريقة صريحة على المساواة الكاملة بين الجنسين ومواجهة كافة أشكال التمييز ضد المرأة، واعتبار مسألة الحجاب قضية تتعلق بالحرية الذاتية لا يحق لأي كان التدخل فيها بالمنع أو الإلزام عن طريق الإكراه.
ويبدو واضحًا من سياق بنود الوثيقة أنها تتخذ من مواثيق حقوق الإنسان الدولية، وما تضمنته من مبادئ عامة مرجعاً لها؛ فهذه المواثيق تتخذ من فكرة الحرية الفردية منطلقاً تبني عليه معظم الحقوق والمبادئ المتفرعة عنها، كما أنه تعتمد في تناولها لقضية المرأة – بالإضافة إلى مفهوم الحرية الشخصية – على مفهوم المساواة التامة بين الرجل والمرأة، ومن هنا جاء تبنيها لمفهوم (الجندر)، الذي يتجاهل أي اختلافات أو فروق جسدية بين الرجل والمرأة، ويحدّد أدوار كل منهما في المجتمع بالاعتماد فقط على التعليم والثقافة السائدة.
وتبدو خطورة الاعتماد على مبدأي المساواة التامة والحرية الشخصية بشكل مطلق، في أنه غالباً ما يقود إلى أفكار ومبادئ تتعارض مع الشريعة الإسلامية، فالإسلام يضبط الحرية بحدود الشرع وأوامره ونواهيه، كما أنه يضبط المساواة بمراعاة الفروق الجسدية والأدوار المنوطة بكل نوع، ذكراً كان أو أنثى، تبعاً لما يسره الله له من قدرات، وما خصه به من مزايا وإمكانيات، وهذا الضبط هو الذي يفسر لنا تحريم الشرع للشذوذ الجنسي وتأثيمه للإجهاض، كما أن دور ومكانة الأسرة في الإسلام يفسر لنا تحريم ديننا الحنيف لأي علاقة جنسية خارج إطار مؤسسة الأسرة.
وضع شائك
وعلى الرغم من هذه الإشكاليات التي تطرحها الوثيقة التونسية، إلاّ أنه لا يمكن التقليل من شأنها في ضوء الخصوصية التي تميز الحالة التونسية، والتي تمثل استثناء وشذوذًا عن كافة الدول العربية والإسلامية، التي سعت إلى إعادة ترسيخ الهوية الوطنية والثقافية، وفي القلب منها الإسلام، لدى شعوبها عقب تحررها من ربقة الاستعمار، حيث عمدت الحكومات التونسية المتعاقبة إلى مواصلة ما بدأته قوى الاستعمار من محو وتذويب للهوية الإسلامية والوطنية لدى الشعب التونسي، حتى بات انتزاع فقرة تؤكد على حق المرأة المسلمة في ارتداء الحجاب – كما جاء في الوثيقة – انتصاراً يُشار له بالبنان.
ولعل أصدق تعليق على هذه الوثيقة هو ما جاء على لسان زياد الدولاتلي – القيادي في حركة « النهضة » الإسلامية وأحد الموقعين على الوثيقة- إذ رأى أنها « تترجم خصوصية تونسية، وتنبثق من الواقع الحالي للشعب التونسي بإيجابياته وسلبياته ».
ولفهم وإدراك مغزى كلام الدولاتلي، ربما يكون من المهم الإشارة إلى أن المرأة التونسية محظور عليها ارتداء الحجاب بحكم القانون رقم (108) الذي صدر في عام 1981 في عهد الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، والذي اعتبر الحجاب « زيًا طائفيًا » وليس فريضة دينية، وحظر ارتدائه في الجامعات ومعاهد التعليم الثانوي. كما ينص قانون الأحوال الشخصية التونسي الصادر في عام 1956 على المساواة التامة بين المرأة والرجل، ويمنع تعدد الزوجات، مقررًا عقابًا شديدًا للمخالفين، ويحظر القانون زواج النساء دون (17) سنة، كما أنه يمنع الطلاق من جانب واحد (الرجل)، وفوّض البت به للمحاكم المدنية.
ووفقاً لعريضة وقعها أكثر من مائة ناشط حقوقي في نوفمبر 2003، فإن « النساء التونسيات المرتديات للحجاب يتم حرمانهن من العمل ودخول المعاهد والجامعات، كما يعمد رجال الأمن دون موجب قانوني إلى تعنيفهن، ونزع الحجاب بالقوة مع الشتم والوصف بشتى النعوت، ولو أمام أزواجهن أو إخوانهن، وإجبارهن على إمضاء التزام بعدم ارتداء الحجاب مستقبلاً ».
ومع كل عام دراسي جديد أو مع قدوم شهر رمضان المبارك، تصل المضايقات الحكومية للمحجبات إلى ذروتها، فهناك مرسوم شبه سنوي يصدره وزير التعليم إلى عمداء ومديري المؤسسات التعليمية ينص على « منع الدخول لهذه المؤسسات على كل من يرتدي أزياء ذات إيحاءات طائفية، أو يحمل أية إشارات أخرى من هذا القبيل »، مع أن تونس ليس فيها طوائف، وهي أكثر البلدان الإسلامية اندماجًا على الصعيد العقائدي لأن جميع سكانها من السنة المالكية. ووصل الأمر بوزير الصحة التونسي في نوفمبر 2003 إلى إصدار منشور في بداية شهر رمضان يدعو فيه المستشفيات وإدارات الصحة إلى منع الأطباء والممرضين والمرضى من الدخول في حالة وجود الحجاب أو اللحية.
منابع لا تجف
واستهداف الحجاب والمحجبات في تونس لا يتوقف فقط عند فرض حظر على ارتدائه بل امتد الأمر ليشمل مهاجمة الفلسفة الدينية والفكرية التي يقوم عليها، حتى إن وزير الشؤون الدينية التونسي اعتبر الحجاب، في تصريحات صحفية أواخر ديسمبر 2005 ، « ظاهرة دخيلة »، و »نشازاً » و »زياً طائفياً » و »ظاهرة غير مقبولة في تونس ». وإذا كان هذا رأي وزير الشئون الدينية، فإن الأستاذة في جامعة الزيتونة منجية السوائحي، لم تتورع في تصريحات لقناة (إيه إن بي) نهاية ديسمبر 2005، عن اعتبار « الحجاب من الموروثات الإغريقية والرومانية، وليس أمرًا إسلاميًا أصيلاً ». كما نفت أن يكون الشرع قد حث على الحجاب، ووصفت الخليفة الراشد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بأنها « أكبر عدو للمرأة في التاريخ ».
وإذا كان هذا هو الزرع المر فماذا كان الحصاد .. ربما يتعجب البعض من أنه وعلى الرغم من كل هذا التضييق والحصار، فإن شوارع المدن التونسية شهدت في الأشهر القليلة الماضية عودة قوية ولافتة للنظر لارتداء الحجاب بشكل أوسع بين التونسيات بعد أن كان قد اختفى تقريباً خلال تسعينيات القرن الماضي، وتشير التقديرات إلى أن ما بين 25% إلى 30% من خمسة ملايين امرأة تونسية هن محجبات.
ومن المفارقة أن حملة التشويه والاستهداف ضد الحجاب والمحجبات قد جاءت بنتيجة عكسية، فهي من ناحية دفعت المنظمات والقوى العلمانية واليسارية إلى مراجعة موقفها الداعم للحكومة بشكل مطلق في هذا الشأن، وبدأ العديد من هذه القوى في التعبير عن رفضها لتدخل الدولة في الحياة الخاصة للمواطنين، بل وذهب البعض إلى اعتبار الحملة الحكومية على الحجاب « انتهاكاً للحرية الشخصية ودليلاً إضافياً على عجز نظام الحكم عن مواجهة القضايا التي تُطرح في المجتمع التونسي بغير الأساليب الأمنية »، حسبما جاء في بيان للحزب الشيوعي التونسي.
ومن ناحية أخرى، فإن هذا الاستهداف أثار تعاطف تيارات غير مسيّسة أصلا مع المحجبات، بخاصة في أوساط طلبة الجامعات، ففي كلية العلوم ببنزرت قامت عشرات الفتيات غير المحجبات بارتداء الحجاب عندما حاولت الإدارة إحالة عشر فتيات محجبات إلى مجلس التأديب في مايو 2003 لإظهار تضامنهن مع زميلاتهن. وفي معهد الصحافة وعلوم الإخبار رفض الطلبة إناثًا وذكورًا الدخول إلى قاعات الامتحان إلاّ بعد السماح للمحجبات بذلك، كما أضرب نحو ألفي طالب وطالبة في معهد التكنولوجيا مايو 2003 بمدينة أريانة، عن الدراسة بسبب طرد محجبات من السكن الجامعي.
وقد أثار هذا النمو المطرد للمحجبات في تونس اهتمام العديد من الباحثين الذين حاولوا تفسير ذلك، لكن التفسيرات التي توصلوا إليها اختلفت باختلاف الخلفيات الفكرية والإيديولوجية لكل باحث، فالبعض أرجع الأمر إلى رغبة الفتيات في الفوز بـ « عريس » بعدما ارتفعت نسبة العنوسة بشدة؛ فالحجاب هنا يعطي إشارة لزوج المستقبل بأن صاحبته ملتزمة دينيًا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الحجاب – وفقا لرأي أصحاب هذا التفسير – يعطي انطباعاً بأن الفتاة من أسرة فقيرة، وبالتالي فمطالبها ستكون متواضعة.
وفي المقابل، ذهب آخرون لتفسير الأمر في سياق تزايد الوعي الديني في العالمين العربي والإسلامي بشكل عام، ولم تكن تونس – على الرغم من كل تضييق الداخل – بمعزل عن هذا الوعي المتنامي بفضل الفضائيات ذات المضمون الإسلامي التي برزت بقوة في السنوات الماضية. وبغض النظر عن مدى صحة أي من التفسيرين، يرى كثير من المحللين في التجربة التونسية دليلاً على أن أي محاولة للعبث بالهوية الدينية والثقافية للشعوب المسلمة غالباً ما تُواجه بمقاومة شديدة، بل إنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية، فشعور المسلمين بأن عقيدتهم مستهدفة يدفعهم أكثر إلى التمسك بها والعودة إلى منابعها الأصيلة الصافية. (المصدر: موقع الإسلام اليوم بتاريخ 24 مارس 2007) http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?id=14&catid=155&artid=8885

 

رسالة الى السيد رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي

 
بقلم الوزير الحر: مستشار التغيير. سأواصل سيدي الرئيس من خلال هذه الرسالة وصف مايختلج في صدرك و كيف ترى نفسك و سأركز هذه المرة على نظرتك لفترة حكمك المقبلة و كيف تتوقع أن يذكرك التونسيون و التاريخ بعد عمر طويل. بن علي و سنوات الحكم المتبقية: أنت تعرف بينك و بين نفسك كما بينت ذلك سابقا بأنك ارتكبت عدة أخطاءفي حق تونس في فترة حكمك منها ماعاد عليك بالفائدة و منها بالوبال. وتعتقد طبعا بأنك أنجزت الكثير من أجل تونس و أن كل نجاح لأي تونسي في الداخل و الخارج هو بشكل أو بأخر نتيجة لقرار حكيم منك أو بتوصية من توصياتك أو نتيجة مباشرة أو غير مباشرة لسياستك. أنت كنت  دائما تقيم الوضع في تونس على أنه ايجابي و أن أمور البلاد في تحسن مطرد. و كنت تحب من يقول لك هذا الكلام وتعشق من يؤمن به و تجزي العطايا له خاصة  اذا كان أجنبيا. كنت ترى عذاب الطبقة الفقيرة و المتوسطة و الظلم الذي يلحق بهم تضحية ضرورة من أجل تقدم تونس، و ذلك بظهور عمالقة من رؤوس الأموال و بالنسبة اليك تلك هي العلامة الفارقة لتطور لاقتصاد و قوته. كنت دائما راضيا عن ذاتك، و لكنما أثار استغرابي في الفترة الأخيرةهو سماعي اياك تنادي بتغيير الخطاب السياسي الموغل في الرضا عن الذات.و في الحقيقة لم أكد أصدق ما أسمع، لأن ذلك كان نشازا لما عهدته منك و عرفته عنك. لكني كنت في قرارتي نفسي موقنا بأن خطأ ما قد حدثز هل فقد بن ضياء صوابه لينصح الرئيس بقول ما يكره و كل المكائد تحاك ضده لابعاده عن الرئيس؟ الى أن جاء خطابك العظيم يوم عيد الاستقلال لتقول و بأعلى صوتك ما كنت عهدته عنكز فقد استرلت في جمل منمقة من عبارات الرضا عن الذاتو أن ما حققته هو المثل الأعلى و لا أحد مثلك و سأعطيك عينة من خطابك :  « مما بوا بلادنا منزلة مشرفة في المحافل الدولية واكسبها ثقة واحترام المنظمات والمؤسسات الاممية المختصة »  » وان ما توفقت اليه تونس من نتائج ايجابية في مختلف مجالات التنمية لا يزيدنا الا عزما علي المضي في هذا النهج في ضوء اولوياتنا وفي اطار مارسمنا من توجهات واهداف في برنامجنا لتونس الغد من اجل الارتقاء بالبلاد الي درجة ارفع من التقدم والرقي ان تكريس التضامن بين مكونات المجتمع ومختلف فئاته واجياله ركن اساسي في مشروعنا الاصلاحي.وقد حققنا في هذا المجال افضل النتائج. »  » ويمكن اليوم ان نؤكد ان منظومتنا الاجتماعية مثال مكتمل لمجتمع التضامن والتازر ثقافة وانجازا تتوفر فيه مختلف شروط التماسك والتوازن والاستقرار ويشكل وجها من وجوه وفائنا لارثنا النضالي والحضارى وخير امتداد لما عرفه شعبنا عبر تاريخه من توافق ووحدة. فالاستقلال في نظرنا عنوان الكرامة. »  » واذ قطعنا اشواطا كبيرة علي هذا الصعيد وحققنا من النتائج الباهرة ما جلب لبلادنا التقدير والاحترام » قل لي هل هو تمام الرضا عن الذات؟ أوهل مازال بعد هذا عبارات أبلغ لتصف الرضا عن الذات. انه من الخطير حسب اعتقادي بأن يقع رئيس دولة له 20 سنة خبرة في خطأ التناقض فأنت من جهة تدعو الى اجتناب الخطاب الموغل في الرضا عن الذات و في نفس الوقت توغل أنت نفسك في ذلك. ثم تناقض نفسك مرة أخرى و في نفس الخطاب بالدعوة الى تغيير الخطاب الموجه للشباب و انت نفسك خطابك لم يتغير و بقية بتلك العبارات الانشائية الفضفاضة بلا طعمو لا لون و لا رائحة، و هذه عينة من نفس الخطاب:  « واريد بهذه المناسبة ان اشير مجددا الي ضرورة ان يكون الخطاب الموجه الي الشباب خطابا متجددا متفاعلا مع مقتضيات التطور والتحولات الاجتماعية مستجيبا لتطلعاته مواكبا لطموحاته ولتساؤلاته. » ان القائد الناجح هو الذي يعطي المثل، و أنت لم تعطي المثل في شيء بسيط كتغيير صيغة الخطاب ليكون « متجددا و متفاعلا » و هذا دليل أخر أنك على ضعف مصداقيتك، و أن ما تقوله في خطبك هو مجرد نثر سياسي للاستهلاك الداخلي و الخارجي و لا بعبر لا من قريب و لا من بعيد عن حقيقة نواياك. بل تعتقد جازما بأن تلك هي السياسة. ان مجموعة المستشارين الذين حولك و منهم من عمل مع بورقيبة في القصر و نجح أيضا في العمل معك في القصر هم السبب المباشر و الحقيقي وراء فقدانك للمصداقية حتى أن المسؤولين الفرنسيين قال لي -لما كنا نناقش الانتخابات الرئاسية في فرنسا و أثارها المتوقعة على النظام التونسي- و أسف أن أذكر ذلك: »مستشارو رئيسك جعلوه يتصرف كالضبع » و قد لمته على قوله و أظهرت انزعاجي الشديد لذلك و لكني لما هدأت و حللت كلامه وجدت فيه الكثير من الحقيقة لما تعانبه من خبث و خفة عقل مستشاريك، وهو ما ينعكس بكل وضوح في خطاباتك.  في الفترة المتبقية من عمرك لا تخامرك فكرة التخلي عن الحكم مادمت تحس بأنك في صحة جيدة و ترى أن 22 سنة حكم لا تمثل شيئا مقارنة بالقذافي و مبارك و حتى بورقيبة. لكنك في نفس الوقت تريد أن بقول عنك الاعلام و الغرب خاصة  بأنك أب الديمقراطية في تونس و أنك تخليت عن الحكم طواعية. تخامرك أفكار متناقضة فمرة تخشى أن ينقلب عليك أحد الأقوياء من الذين حولك و يعيد التاريخ نفسه و تقضي بقية عمرك في اقامة اجبارية حتى الموت، و مرة تخشى إن تخلبت  طواعية عن الحكم أن يغيروا الدستور و ينزعوا عنك الحصانة و تقضي بقية عمرك بين المحاكم و السجون و صور محاكمتك على كل الشاشات و الجرائد. طبعا أن تفكر حتى ان تركت الحكم فلن تتركه لأعدائك، بل لأحد ثقاتك كما فعل بوريس يلتسين عند تخليه عن الحكم في روسيا، و لكن من الذي تثق فيه مائة بالمائة؟ أنت تعلم جيدا بأن كل الذين حولك انتهازيون و رايتهم دائما مع الرابح. صحيح أن معظمهم متورطون و لديك عليهم ملفات خطبرة غير أن لا شيء مضمون. الحل حسب رأيي هو الموت الفجئي، أقصد أن تواصل سياسة الهروب الى الأمام و تضيع الوقت الثمين على وطننا الغالي و هدر طاقاته و تبقى في الحكم الى أن بحيين الأجل، و بعدهل لكل حادث حديث. بن علي و صورته بعد وفاته أنت تتمنى أن يذكرك الاعلام بعد وفاتك بأنك كنت قائدا قويا حاربت التطرف بدون شفقة، كرست الحريات الجنسية لكل النونسيين، كنت رمز التفتح على القيم الغربية خاصة دائما في المجال الجنسي و فقط, أهلت الاقتصاد التونسي للدخول في العولمة و ليصبح تابعا تماما لتيارات العولمة الغربية، شجعت السياحة و ساهمت في ظهور طبقة جديدة من الأغنياء في تونس بتركيز مضاعف في الشريط السوسي. على الصعيد الاجتماعي لم يكن بأمكانك فعل الكثير بسبب ضعف شخصية المواطن التونسي فهو حسب رأيك يميح مع الرياح جزء يجرفه تيار التغريب الجنسي و الأخر يجرفه التيار القاعدي، و أنت تعتقد جازما في نظربات ابن خلدون في وصفه للشعب التونسي بأنه » شعب يجمعه الطبل و تفرقه العصا » و أنت الى حد الأن تطبق هذه النظرية بحذافرها. حتى أنك قلت و على الملأ في التلفزة سنة 1999 بأن ابن خلدون قال » بان الشعب التونسي يتناقل الاشاعات بسرعة و يؤمن بها »و هذا الكلام موثق. وهو دليل على نظرتك الشمولية التقليدية لعموم الشعب، و هو ما ينعكس فعلا في تصرفات الأمن مع المواطنين. فالمواطن التونسي لا بعامل على أنه مواطن و شريك في الوطن أو على الأقل كدافع ضرائب له حق المسائلة بل بعامل ليس كالعبيد بل كالرعاع مهما بلغ تحصيلهم العلمي. و لا تسند درجة المواطنة الا اذا كنت من أصحاب الأموال الكثيرة. وتبقى عقدة الوصاية على الشعب أو بالأحرى الرعاع واضحة من خلال حجب الحقائق عنهم في ما يخص وطنهم و حتى معيشتهم، قد قلت بالحرف خلال خطابك الأخير: « ان شبابنا امانة بين ايدينا نرعاه اليوم ليكون غدا في مستوى المسؤولية المنوطة به ساهرا علي حماية المكاسب والامجاد حريصا علي دعم مناعة البلاد وتقدمها شعاره دائما الولاء لتونس دون سواها » أو بالأحرى ان شبابنا لعبة بين أيدينا. نرعاه اليوم كالغنم أو حتى كالكلاب ليكون غدا (في عهد غير عهدي) في مستوى المسؤولية (أي أنه اليوم ليس في مستوى المسؤولية) ساهرا على حماية  المكاسب  (هل تقصد الجسور و الطرقات السيارة؟)و الأمجاد( أمجاد التغيير طبعا). هذه الجمل تعكس مدى عدم تعويلك على الشباب و ضعف ثقتك بهم و تصادمك كعهم و حرصك على الوصاية عليهم. وقد قلت: » ومثلما نحرص علي تحصين شخصية ناشئتنا ضد مخاطر الاستيلاب والتغريب فاننا نحرص في ذات الوقت علي تامينها ضد تيارات التطرف والتعصب والارهاب. » غير أني لم أرى غير عكس ذلك فقد شجعت كل مظاهر الاستلاب و التغريب حتى صار أطفالنا يعرفون أدق المعلومات عن « بابا نوال » في حين لا يعرفون شيئا عن تاريخ الاستقلال و أركان الاسلام، هذا ناهيك عن حفظ سورة الفاتحة. أما التطرف فرأينا بأم أعيننا كيف يلصق الأطفال المفرقعات بألعابهم التي هي في شكل سيارة ثم يفرقعونها على شكل السيارات المفخخة. و رأينا كيف أن سياسة تجفيف الينابيع أدت الى تطرف جزء من شبابنا. سيدي الرئيس ان خطابك الأخير كان مخيبا جدا للأمال ويعكس مدى التقوقع الذي صرت عليه حتى صارت كلماتك هذه لا معنى لها عندنا: ان مراهنتنا علي الديمقراطية واعتبارها من الخيارات الاساسية الراسخة في مشروعنا الاصلاحي انما ينبعان من حرصنا علي ان تكون ارادة الشعب دائما هي العليا وعلي تمكين كل افراده رجالا ونساء من مقومات الكرامة والمواطنة الكاملة في كنف العدل والمساواة مما اتاح للجميع فرص المساهمة في دفع مسيرة بلادنا نحو المستقبل. لأننا و ببساطة لم نعد نثق في مل يكتبه مستشاروك، كلمات كهذه لو طبقتها فعلا لكانت تونس مختلفة عن ماهي عليه الأن، و لكنت أنت أسعد و الشعب أسعد. كنت أود اعطائك مجموعة من الاقتراحات لتفعلها في الذكرى العشرين للتغيير، اقتراحات هامة و تعكس خبرة عمر طويل، و لكني لاحظت أن رجل التغيير لا يتغير و لن يتغير فأدركت ان مستشار التغيير هو الذي يجب أن يتغير و يترك السياسة و أهلها و يتفرغ في ما بقي من عمر قصير لعبارة رب العباد و السلاطين. انتهى

تونــس: في خطوة غير مسبوقة؛ نقابات التعليم تقرر الإضراب المشترك

تونس-سفيان الشورابي
قررت نقابة المعلمين و نقابة التعليم الثانوي و نقابة التعليم العالي و نقابة القيمين و نقابة عملة التربية شن إضرابات عن العمل كامل يوم 11 أفريل القادم. و ذلك احتجاجا منهم على طريقة تعامل كل من وزارة التربية و وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تجاه مدرّسي و أعوان المدرسة و الجامعة التونسية. و وقوفا منهم ضد تدهور الوضعية الاجتماعية و المهنية التي أصبحوا يعيشونها خلال السنوات الفارطة. إضافة إلى تردي الأوضاع داخل المؤسسات التربوية والمتسمة خاصة بحالة التسيب والفوضى وانعدام النظافة ونقص التجهيزات فضلا على تكاثر حالات الاعتداء على حرمة المؤسسة التربوية.
و يأتي هذا التحرك الجماعي في سابقة هي الأولى من نوعها الذي يُنفّذه كامل قطاعات التدريس بجميع أصنافهم و رُتبهم. في وقت كثر الحديث مؤخرا عن التوجه الإصلاحي و الانفراجي الذي بدأت تعتمده السلطة التونسية لحل الإشكاليات المتراكمة ،و للتعامل مع الملفات السياسية و الاجتماعية الشائكة.
مطالب مهنية و بيداغوجية ملحّة
عبّرت النقابة العامة للتعليم الثانوي سابقا في الندوة الصحفية التي كانت قد عقدتها يوم الأربعاء 14 فيفري 2007 أنّه منذ 30 مارس 2005 أي منذ تحمّل المكتب الحالي للنقابة العامة مسؤوليته لم تتمّ أيّ جلسة بين النّقابة العامّة وسلطة الإشراف حول » الأمر المنظم للحياة المدرسية » وخاصة حول المجلس البيداغوجي ومجلس المؤسّسة. و بأن النقابة العامة فوجئت بمنشور صادر عن الوزير يتعلق بتركيز مجلس المؤسسة من دون التفاوض في هذا الأمر. و أضافت مصادر من النقابة بأنها راسلت الوزير تطالبه بالتوقف عن تركيز المجالس. لكن الوزارة عملت على بعثها رغم ذلك. وهكذا قررت النقابة العامة التحرك وأصدرت بيانات منها ذلك الذي يحمل عنوان « مجالس صورية مجالس منصبة »، مطالبة بمقاطعتها والتصدي لها.
 
وتؤكّد مصادرنا بأنها ليست ضد تركيز المجالس لكنها تطالب بالتفاوض في شأنها قصد تركيزها وفق أسس تضمن ديمقراطية التعليم ومجانيته وما يضمن حقوق الأساتذة وممثليهم.
كما تعارض النقابة المدارس الإعدادية النموذجية، الموازية للمدارس العادية. و ترى بأن « هذا المسار خطير والفقراء سيدفعون الثمن فهي خيار لا شعبي وغير ديمقراطي بل خيار يكرس الطبقية و الجهوية وعدم تكافؤ الفرص ونحن نرفضها » على حد قولها. و تطالب نقابة التعليم العالي في نفس الوقت بمراجعة القوانين الأساسية لمختلف الأسلاك في التعليم العالي. و كانت قد سجلت مثلا يوم 28 فيفري الفارط تجمعات أمام رئاسة الجامعات تندد باللامبالاة الذي تتعامل به وزارة التعليم العالي إزاء التجاوزات التي تستهدف الجامعيين.
الحق النقابي
و في مواجهة الهجمة الشرسة من قبل الهياكل الإدارية تجاه النواب النقابيون و ممثلي الإطارات التربوية، يتنزل التحرك القادم للمطالبة بوقف طريقة التعامل المهينة في وجههم. سواء تعلق الأمر بالتحرك النقابي صلب المدارس والمعاهد والكليات، أو من خلال توزيع بعض المنشورات ذات الصبغة النقابية بين المعلمين و الأساتذة. و يدعوا أساتذة التعليم العالي الهياكل الجامعية إلى احترام الحق النقابي و الحريات الأكاديمية، بما فيه حق الاجتماع داخل المؤسسة التعليمية.
بيد أن مؤشرات التهدئة و العودة من جديد إلى طاولة التفاوض بدأت تظهر إلى السطح، على خلفية انعقاد يوم السبت 24 مارس جلسة عمل بين وزارة التربية و أعضاء من نقابة التعليم الثانوي التزم خلالها الطرفان باحترام الاتفاقات الموقعة سابقا. فهل تتعامل السلطة بذكاء هذه المرة، و تحْسن إدارة الخلاف و تُلبي مطالب شريحة كبيرة من المجتمع أم تلتجئ كعادتها إلى إخفاء رأسها في الرمال و توصد جميع الأبواب؟
المصدر:http://news.maktoob.com/?q=node/577655

أركان  جديدة بالحوار نت
بسم الله  الرحمن الرحيم
 
يطيب لموقع الحوارنت أن يعلم السّادة القرّاء الكرام  بأنه  يبعث بداية من هذا الأسبوع…. ركنا جديدا تحت إسم :  » حصاد الأسبوع « . مولود جديد نسأل له المولى الكريم سبحانه حسن الرّعاية في حضن كل إخواننا وأخواتنا من زوّار الموقع  ومحبّيه. حصاد الأسبوع كما يدلّ عليه إسمه يحاول جني بعض ما كـُتب على مدى أسبوع منصرم وعثرت عليه عيون السّادة الكرام الذين يساهمون في هذا الركن. حصاد الأسبوع كلمة حوار هادئ يلقي بها الحوارنت إلى القرّاء والرّواد كلّما كان الحوار بين الناس على إختلافهم يفتح آفاق المستقبل وكلّما كانت الكلمة  الطيبة الملتزمة بين الناس تملأ جوانحهم بالرحمة وتدفعهم إلى فعل الخير والتعاون على البرّ. هو تجربة تجديد ومحاولة تطوير تخلع على الموقع والكون المتجدد من حولنا مع مطلع كل شمس يوم إثنين من كل اسبوع – قدر الإمكان- طعما جديدا ونكهة جديدة. هو ضيف جديد يضاف الى الرّكن القارّ بالحوار نت  » بالسواك الحارّ  » والذي أنشئ منذ عدة أشهر وفاء لذكرى الشهيد سحنون الجوهري وتخليدا للرّسالة التي كان  يحملها( ويأتيكم صباح  كل يوم أربعاء). وفي الأفق القريب ان شاء الله  أركان  جديدة منها: الإسلام في أوروبا: والذي يهتم بشؤون المسلمين في أوروبا و يحاول تغطية نشاطات وأخبار المساجد  والمراكز والجمعيات الإسلامية . والتعريف بها  وتشجيعها ودعم التواصل بينها(ركن نصف شهري مبدئيا). ركن موعظة الحوار : يحوي موعظة قصيرة بشكل متميز يساهم فيه  دعاة من بلدان عربية وإسلامية متعددة.( يطل عليكم صباح كل يوم جمعة). مع مفاجأت أخرى تنتظركم قريبا بحول الله… وفي انتظار تفاعلكم الإيجابي بالمساهمة والنقد البنّاء تقبلوا تحيات إخوانكم في الحوار نت معا من أجل كلمة حرّة… واعية… ومسؤولة للجميع

 والله  من  راء القصد إدارة الحوار نت ألمانيا في:24/03/ 2007

 

حتى يكون للأمة مكان في هذا الزمان

الكتاب: حتى يكون للأمة مكان في هذا الزمان -المؤلف: منصف المرزوقي -تقديم: نادر فرجاني -عدد الصفحات: 200 -الناشر: المؤسسة العربية الأوروبية للنشر (أوراب)، باريس، ودار الأهالي بدمشق، واللجنة العربية لحقوق الإنسان- سلسلة براعم (20) الطبعة: الأولى/2007 عرض/ زياد منى صدر أخيرا للطبيب التونسي والناشط في اللجنة العربية لحقوق الإنسان منصف المرزوقي كتاب جديد يحوي مجموعة من المقالات سبق أن نشر بعضها في صحف ودوريات، أو على موقعه على الإنترنت وبعضها جديد، لكن من دون تحديد تاريخ نشر أي منها. والمؤلف ناشط بارز كذلك في مجال الدعوة للمجتمع المدني في بلادنا العربية، وسبق أن تعرض له النظام التونسي بسبب نشاطه في صحيفة الرأي التونسية ومجالات أخرى. وقد قدم للكتاب د. نادر فرجاني. يتضمن الكتاب 24 مقالة تغطي مجالات كثيرة. ولأن المؤلف لم يقسم المقالات وفق المضمون يمكن التعامل معها ضمن إطارين عامين، هما الإستراتيجية والمسائل التطبيقية الآنية، حيث يتعرض بالنقد والتحليل لمجموعة من المستجدات التي تهم القارئ العربي. المسائل الإستراتيجية يبحث الكاتب -ضمن مقالات صغيرة وهذا ما أدى بالضرورة إلى اختزال أمور كثيرة- مسائل التراث والدين والمستقبل والبيئة وغيرها، في إطار يعكس همه العربي وطريق خلاص العرب ومستقبلهم في العالم بعدما أثبتت التطورات « مدى الانحطاط الذي وصلت إليه المجتمعات العربية.. لأن هذه المجتمعات بصدد الانفجار داخليا حيث يزداد التفكك والتحلل، زيادة مقادير الطلاق وحالات الانتحار والإدمان والبطالة والجريمة والهجرة والتدين والعنف الداخلي والإرهاب ». في ظن المؤلف أن في طريق التقدم ثمة أربع قوى أساسية هي: 1- الدفع الذاتي التاريخي. 2- قوى الجذب الآتية من المستقبل. 3- الصدف الناجمة عن تصادم عوامل مختلفة. 4- الإرادة والقدرة الواعية. وفي ظنه أيضا أن الأخيرة تتطلب جمع المعلومات والتشخيص الصحيح والخيار الأنجع. ولذا وجب إبقاء باب الحوار بين مختلف فئات المجتمع دون محظورات ومقدسات والتعلم من تجارب العالم وقبول الطبيعة التجريبية والتخبيرية للبشرية، حيث إن مسؤولية المثقف « المتابعة الدقيقة لتطور المعلومات والأفكار واكتشاف خطوط القوة فيها والنوعية بها، ما يسهل اتخاذ المواقف السياسية الأقل ضررا ». بهذا يحدد الكاتب هدفه بتبني الذهنية آنفة الذكر « أكثر منها دعوة لتبني مقولاته وآرائه »، وهو يلقي على المثقف الملتزم جزءا هاما من مسؤولية تعريف آليات رفع المجتمع. لذا لا سبيل إلى الخروج من ذلك ودوما، حسب منصف المرزوقي، إلا بخلق مجتمع المواطنين « الذين هم كل الرجال والنساء البالغين، بغض النظر عن مكانتهم الاجتماعية وعقيدتهم، الذين لهم حس قوي بكرامتهم الإنسانية ومعرفة دقيقة بحقوقهم وواجباتهم تجاه الآخرين، ومنها حق المشاركة في أخذ القرار وتنفيذه وتقويمه على كل المستويات التي تهم حياتهم ». في الوقت الذي يذكر فيه الكاتب ناشط المجتمع المدني هذه الأمور لا ينسى أن يذكر القارئ بأسباب موضوعية للتخلف وعلى رأسها مسائل الثراء الطبيعي (البيئة) والتصحر، مستعينا بنظريات جارد ديمند المعروفة. من ذلك ينطلق إلى استنتاج أن « التخلف الذي نعيشه ناتج من تشابك جملة من الأسباب بالغة التعقيد والتشابك (مثلا: العائلة العربية.. تلك الآلة الرهيبة لإنتاج نوعين من البشر الخانعين والمتمردين). ما يجعله يرى أن منطلق حل ناجع هو تأهيل البنية والنظام الديمقراطي وقيم العروبة والإسلام وإطلاق المبادرات على الصعد كافة وتغيير وضع المرأة والتعلم من المشرق والمغرب والتخصص.  وهو بالتالي منسجم مع رؤيته بتعقد الأسباب لأن « العلة تكمن في استخدام أدوية بسيطة لمرض معقد ». منصف المرزوقي لا يتحدث باسمه فقط، وإنما باسم زملائه الذين أطلق عليهم اسم (مجموعة ابن عقل) تيمنا بصعصعة بن ناجي بن عقل المذكور في كتاب الأغاني، التي تستلهم بدورها من تيار ثقافي فكري عربي قوي (ابن المقفع وابن خلدون والرازي وابن عربي وعبد الرحمن منيف.. إلخ). المشروع الذي يدعو إليه المرزوقي هو قيام المجتمع المدني، حيث يخصص مقالا مفصلا لذلك يسجل فيه أنه ينظر إليه على أنه جملة من القيم وليس الآليات، ويطالب بـ(رئيس مدى الحياة). ومصدر الإعاقة الرئيس للمشروع الحقوقي الديمقراطي العربي، حسب الكاتب، ارتباطه بمصدره الليبرالي والغربي. لكنه في الوقت الذي يعلن أنه ضد الديمقراطيين الليبراليين المتأمركين والديمقراطيين اليساريين المتشددين والاستئصاليين يرفض العداء المبدئي للغرب وأميركا « لكن من دون وهم كبير.. وإقامة أوثق العلاقات مع المجتمعات المدنية الشقيقة.. حتى في الغرب ». أما الظاهرة الإسلامية فيجب التعامل معها بالفصل بين الحقوقي والسياسي، لأنه عروبي غير قومي ومسلم غير إسلامي. المسائل الآنية والمستجدة تشي عناوين بعض المقالات بالأمور التي يتعرض لها بالنقد والتحليل، المختصر أحيانا، حيث نقرأ (المستقبل، الذنب الذي لم نقترف، القِيَم، الأفكار المسمومة، الإستراتيجيات الانتحارية، الغاشم الذي لا يستجار به من مستبد، هوية الإنقاذ الجماعي، الوضع) وغيرها. تحت العناوين آنفة الذكر تعرض الكاتب لمجموعة من القضايا المهمة ومنها على سبيل المثال: الإحصاءات العالمية عن جودة الحياة (مستوى الرضا والسعادة) القائم على الدخل والصحة والاستقرار السياسي والحياة العائلية والحياة الاجتماعية والمناخ والعمل والحريات السياسية والمساواة). ليوضح أن الدول العربية تتذيل القائمة مع ملاحظة أن قطر تحتل المرتبة 41 حسب معدل دخل الفرد وتتبوأ المرتبة 6 حسب مؤشر جودة الحياة، مقارنة بالسعودية 72 و53 على التوالي وتونس 83 و64 على التوالي. كما لا ينسى قضية مراسل قناة الجزيرة تيسير علوني حيث يستنكر الحكم الصادر بحقه ويعد ذلك تهديدا واضحا لقناة الجزيرة وعقابا لها على سياستها الإعلامية المتميزة. والجزيرة تعود أيضا في مناقشته مقالة فيصل القاسم في صحيفة الشرق (28/6/2006)، ما يعكس في ظني تأثيرها الجلي في الوعي السياسي العربي اليومي. المسائل الأخرى التي تعامل معها ورأى أنها محطات رئيسة في النضال من أجل المجتمع المدني وتكشف بعض أمراضه، التي لا يمكننا مناقشتها في عرضنا هذا محدود المساحة والهدف (حركة كفاية ومظاهرات أمهات المعتقلين بعد تفجيرات طابا وانضمام القضاة للحركة الاحتجاجية في مصر، وتسونامي وتخلف العرب عن مساعدة أشقائهم في إندونيسيا، والكاريكاتير الدانماركي وردود الفعل عليه، وتصريحات أسقف روما البابا عن طبيعة الإسلام، معمر القذافي والسادات وصدام حسين، عمليات التفجيرات في مدريد ولندن) وغيرها. لا بد من القول إن المرء يحس في كتابات منصف المرزوقي انحيازا كبيرا للقضايا العربية، دون أن يعني ذلك أن بعض تحليلاته وجب مناقشتها بكل صراحة. علما بأنه يعترف بغلطه سابقا وتراجعه في مقاله (الذنب الذي لم نقترف) عن إجابات قدمها قبل ربع قرن في مقالة (لماذا نحن متخلفون؟). ولا ننسى بعض التناقضات في آرائه في هذا الكتاب، حيث يفند آراء أسقف روما البابا عن كيفية انتشار الإسلام في العالم، ليعود في مقالة أخرى « العامل الخارجي » ليقول « إننا بنينا إمبراطوريتنا في القرن السابع والثامن على إحدى أكبر عمليات الغزو والتوسع التي عرفها التاريخ ». إضافة إلى ذلك يستخدم الكاتب بعض المقولات المقولبة التي تبدو غريبة ومحبطة، ومنها على سبيل المثال « قد نكون دخلنا متعرجات طريق ليس له إلا وجهة واحدة، وقد لا نكون، ولكننا مطالبون بالأمل والعمل »، و »إن ثمة فائدة من وراء المضي في مشروع التحديث أم أن القطار فاتنا »، و »من السذاجة محاولة تغيير العالم ومن الإجرام عدم المحاولة »، وغيرها. خلاصة نظرا لطبيعة الكتاب والكتابة تبدو مقترحاته مقتطعة ومجتزأة أحيانا. وهذا لا ينتقص من مصداقية الكاتب، ولا من مصداقية دعواته هو وزملاؤه في (جماعة ابن عقل). لكن الوصول إلى حل لبعض المعضلات التي يطرحونها تتطلب، وكما لاحظ هو من قبل، مشاركة واسعة من علماء العرب في مختلف فروع المعارف الإنسانية الاجتماعية والطبيعية، بسبب تعقدها وارتباطها بعضها ببعض.

(المصدر: موقع الجزيرة نت بتاريخ 22 مارس 2007)
 


القول الثابت
كتبه عبدالحميد العدّاسي لعلّها المرّة الأولى التي أتوقّف فيها عند محطّة فضائية الحرّة الأمريكية النّاطقة باللغة العربيّة، حيث تابعتُ شطرَ حوار في برنامج « الجهات الأربعة »، ضمّ مجموعة من المتحاورين حول قضايا تتعلّق أساسا بالعولمة وتفاعل الإسلام والمسلمين معها، والحرب على العراق، وعلاقة أمريكا بالعالم الآخر، هم مدير الحوار (أعني مدير النّقاش) والسيّدة هيام نواس كبيرة محلّلين والسيّد مايكل أوهاين وهو أمريكي والسيّد علي آل أحمد وهو سعودي والسيّد محمود شمّام وهو ليبي وكلّهم يشتركون في أنّهم من حملة الجنسية الأمريكية. ولقد شدّني من المتحاورين حرٌّ ندر تواجدُ أمثاله على مائدةِ مثلِ تلك الحوارات، حيث لم يمنعه المكان ولا الحضور من الإصداع بما يراه صوابا. فانبرى للمغالطات يعرّيها ويقوّم اعوجاجها وللتزلّفات المقيتة يحدّ من مبالغتها في بيع صاحبها. وقد راقني منه بعض المداخلات التي سأحاول نقلها بتصرّف غير مخلّ مع بعض الإضافات التي لا يمكن تمييزها أو فصلها، إشاعة للفائدة واقتداء بموقفه في مواقع الرّياح المُذهِبَةِ للشخصية. يقول محمود شمّام، الريفي (كما وصف نفسه) الليبي العربي المسلم، في إجابته عن الحداثة والتحديث الذي أصرّ بعضُ المتحدّثين على جعله رسالةَ العصر السامية المتميّزة التي لا يأخذ بها إلاّ عقلانيٌّ علمانيٌّ متفتّحٌ ولا يُخطِئها إلاّ متديّنٌ متوجّسٌ متخلّفٌ: أرى فرقا بين التحديث والتغريب، فالتحديث هو أمر إيجابي يطرأ على شيء، هو في أصله يشهد حركية متواصلة باتّجاهَيْ الدّاخل والخارج، فهو (هذا الشيء) يأخذ ويعطي، ممّا يُحدث فيه الإضافة النوعية. والتحديث أو لنقل الإضافة النوعية (الحضارية ) يأتي عادة من الأقوى، فقد كنّا ذات يوم المسؤولين عنه، حيث أخذ عنّا الجميع الإضافات الضرورية لرقيّهم الحضاري، سواء كان ذلك في المشرق أو على وجه الخصوص في المغرب، وقد كان المسيحيّ في بلاد الأندلس يتودّد إلى المسلم ليغنم منه الفائدة. وأمّا التغريب فهو أن نلتزم هناك في مشرقنا – مثلا – بالقوالب الجامدة غير المتحرّكة ثمّ يبادر الأغنياءُ منّا إلى امتلاك وسائل الاتّصال بالعالم الآخر « المتحضّر الحداثي » لينتقي لنا منه السفاسف المنحدرة، كما نرى ذلك واضحا من وسائل الإعلام (240 قناة فضائية تقريبا) التي غزت دورنا، بما يُنقِصُ من القيمة الأصلية. فالتحديث إذن إضافة وأمّا التغريب فهو إنقاص، ونحن بالتأكيد مع الأوّل ولسنا بتأكيد التأكيد مع الثاني… كما فرّق في فصل آخر بين ما هو ديني وما هو ثقافي فكري، ليخلص إلى القول بأنّ أغلب الشبهات المتعلّقة بالإسلام والمسلمين في ديارنا إنّما هي نتيجة اختلاط الديني بالثقافي (انتهى قوله) سيّما في الأذهان التي لا تفقه الدّين ولا ترغب في فقهه، كما نرى ذلك واضحا في مناقشة أغلب القضايا ذات الصلة، بالدّيار التونسية.
ولمّا أشار المحاور الأمريكي، صاحب ديار الضيافة، إلى أنّ مناصرة أمريكا للكيان الصهيوني تنبع من الشعور بالواجب الإنساني تجاه الصهاينة نظرا لما لحقهم من أذى في سابق الأيّام، وبعد أن أشار مدير النّقاش إلى أنّ الأمر اليوم لم يعد كذلك، فقد صارت المناصرة نابعة من رؤية استراتيجية وليست إنسانية كما يزعم هو. تدخّل شمّام مستطردا: طيّب! لنفرض أنّ هذا العطف هو عمل إنساني بحت، أفلا يُمكن أن تعطف أمريكا بإنسانيتها الفيّاضة على الشعب الفلسطيني الأعزل الذي اغتُصِبت أرضُه وشُتّت أفراده منذ عشرات السنين؟! ممّا جعل المحاور الأمريكي (ويُحفظ له ذلك) يقرّ بحقيقة ميلان تلكم العاطفة الإنسانية.
محمود شمّام حدّ كذلك من الهجوم على الإسلام والمسلمين، عند الحديث عن طريقة انتشار الإسلام، وذلك بالـتأكيد على أنّ الإسلام كان أوضح الأيديولوجيات عندما وصف المسلمون انتشاره بالفتح. فإنّ الإيديولجيات الأخرى كانت تستعمر الشعوب وتحتلّ الأرض باسم استكشاف تلك الأرض. كما أوضح الفرقَ بين ما يُقال وبين ما يُفعل على الأرض من طرف الرّجل الأبيض، حيث قال: يستطيع الرّجل الأبيضُ أن يُدخل الكثير من الأفارقة السود مثلا إلى المسيحية، غير أنّ الكثير من هؤلاء يتراجعون ويرتدّون عن مسيحيتهم بمجرّد علمهم بأنّهم سيكونون حملة حقيبة الرّجل الابيض في الجنّة…
محمود شمّام كان محمود السّلوك بالنسبة لي، فلم تمنعه جنسيته ولا الأرض التي هو عليها ولا الحضور المتواطئ على إفراده، من قول كلمة الحقّ كما يراها، مدافعا بذلك عن هويته وعشيرته ودينه وعروبته… غير أنّ شخصا أراه وضيعا قد اساء كثيرا إلى العروبة والإسلام بانتسابه أوّلا ثمّ بتزلّفه ثانيا، رغم قدومه من أرض فيها قبلة المسلمين جميعا.
نجد أمثال شمّام في عالم الاغتراب اليوم نادرين في حين نجد من أمثال الصنف الثاني المشار إليه الكثير، ممّن باع نفسه ودينه وقومه بمتاع من الدنيا زائل. وجدير بنا أن نتحرّى الطيّب فننتفع بمعاقرته، كما علينا أن نتعرّف على الخبيث فننتفع بالابتعاد عنه والهروب منه. ولعلّ ما يساعدنا على ذلك، معرفة الحقّ ثمّ معرفة أهله والإكثار من التردّد عليهم والالتزام بصفّهم كما يساعدنا على ذلك أيضا ترديد دعاء: اللهم أرنا الحقّ حقّا وارزقنا اتّباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، اللهمّ ثبّتنا بالقول الثابت والعمل الصالح في الحياة الدنيا وفي الآخرة… وإلى لقاء بإذن الله…  

قمة أمريكية تحت الخيمة العربية ؟

مرسل الكسيبي*
كنا نتحدث قبل سنوات وربما عقود عن تدخل خارجي ومباشر في شؤون المنطقة العربية,غير أنه لم يكن يدور بخلد النخب الحاكمة والمعارضة أحيانا أن يتطور الأمر بالدول العربية الى التصرف وفق مطلبية سياسية خارجية لن تكون هذه المرة الا تصفية لحسابات خارجية عبر بوابة أوضاعنا الداخلية . ماكنت عبرت عنه قبل أكثر من أسبوع على شاشة المستقلة في برنامج حواري قدمه الزميل الدكتور نبيل الجنابي في اطار حوار حول الأشغال المرتقبة للقمة العربية المزمع عقدها في الأيام القليلة القادمة بدى اليوم أكثر وضوحا وواقعية ولاسيما بعد الاجتماع الذي عقدته الوزيرة المكوكية كوندليزا رايس هذا اليوم 24 مارس 2007 مع وزراء خارجية كل من مصر والمملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية ,هذا الاجتماع الذي أرفق باجتماع مواز مع مدراء استخبارات الدول المذكورة بناء على أجندة معلنة قيل أنها تهدف الى تنشيط عملية السلام مع اسرائيل بعد ماشهدته من تراجع منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية .  واذ كان ليس من الغريب على مسارات القمم العربية المنقضية أن تراعي كل الضغوطات الدولية المؤثرة في شؤون المنطقة ,الا أن هذه المراعاة كانت تتقاطعها على الدوام رغبة من بعض الدول ذات الوزن الاقليمي أو الأنظمة ذات التوجهات القومية في أن تؤخذ بعين الاعتبار مشاعر الشعوب وبعض المصالح الأساسية ضمن العمل بمقولة الحفاظ على الأمن القومي العربي المشترك .  وبالنظر الى سقوط زعامة مصر عربيا بعد امضائها على اتفاقية كامديفيد وقبل ذلك رحيل الزعيم العربي الخالد جمال عبد الناصر ,واستنادا لتراجع الدور السعودي في منطقة الشرق الأوسط على اثر ماأحدثته سياسة الاحتواء المزدوج من حالة صراع ايراني عراقي مدمر أدى الى زعزعة أمن الخليج واسقاط نظام صدام بعد استنزافه بحروب داخلية وخارجية متتالية , وفي ظل حرص اسرائيل على ملئ هذا الفراغ عبر تسويق نفسها على اعتبارها الضمان الأكبر لأمن واستقرار المنطقة في وجه الخطر الايراني وأمام تورط الولايات المتحدة الأمريكية في مستنقع الفوضى العراقية « الهدامة »…في مثل هذه الظروف الدولية والاقليمية البارزة سوف لن تكون القمة العربية المرتقبة الا تنفيذا واضحا لأجندة أمريكية في مناطق النفوذ السياسي والمذهبي الايراني . واذا كان واضحا بأن المملكة العربية السعودية والمملكة الهاشمية الأردنية وجمهورية مصر العربية ودول الخليج السني تخضع لضغوطات داخلية شعبية ونخبوية من أجل الحد من عملية الاختراق الشيعي على مستوى الانتشار المذهبي والاكتساح الطائفي ,فانه ليس بالخافي على المراقب بأن أمريكا بعد توغلها في مياه المستنقع العراقي باتت أكثر فهما لاليات توظيف تناقضات المنطقة من أجل كسر ارادة التحدي الايرانية المعتمدة أساسا على المحور السوري واللبناني وبعض تمفصلات المشهد السياسي والأمني الفلسطيني . وعندنئذ فان الهدف من أي قمة عربية مرتقبة سيكون باتجاه  تحشيد أعضاء الجامعة « البدوية » سياسيا ومذهبيا وأمنيا وربما عسكريا من أجل تيسير الضربة الأمريكية القادمة ضد ايران ,ومن ثمة تحريك مزيد من التنازلات العربية لفائدة دور اسرائيلي أكبر في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية والاسلامية تمهيدا لتصفية ملفات فلسطينية باتت أكثر ارهاقا في ظل استناد « حركات المقاومة » على عناصر القوة المالية والعسكرية في جبهة الممانعة. يبدو المشهد واضحا من حيث الدلالات, وهو في تقدير المحلل السياسي والمراقب الحصيف لن يخرج هذه المرة عن دائرة العمل بمقولة « فرق تسد » التي أصبحت سهلة التمرير في ظل افتقاد الكثير من أنظمتنا لمحور الشرعية الشعبية والجماهيرية التي تساعدها على مواجهة الاكراهات الدولية العابرة للقارات والمحيطات . التمزق العربي العربي في ظل هيمنة الهواجس القطرية والمصالح الذاتية الداخلية والانشغال بالمعارك الوهمية مع المعارضات الوطنية ,وتراجع دور العمل المؤسساتي العربي في ظل هيمنة النزاعات والأدوار الاقليمية الناشطة والمتضخمة في بعض العواصم العربية على حساب الأبعاد القومية والوحدوية المصيرية ,ثم ماأحدثته طفرة البترول من أدوار غرورية لبعض الكانتونات السياسية في منطقة الشرق الأوسط أوشمال افريقيا , مع هروب للأمام واصغاء لنداء الوهم الحداثي المقلوب عبر التنكر للهوية المشرقية وارتباطاتها الدينية والحضارية ومتطلباتها النهضوية العلمية والتقنية الحقيقية…كل ذلك يعد من العوامل المركزية التي ستسهل على المتربصين خارجيا توجيه طعنة جديدة للمصالح الاستراتيجية العربية والاسلامية في ظل تناقض صارخ مع ماتطمح اليه شعوب المنطقة والعالم من أمن وسلام دوليين مبنيين على حسن الجوار وتبادل المنافع والمصالح على أساس من العدل النسبي والحوار الحضاري المعزز لقواعد السلم الدولي . خلاصة التطورات السياسية والعسكرية والتاريخية المعاصرة تجتمع تأكيدا على أننا قادمون في الأيام القليلة القادمة على مشروع قمة أمريكية تحت خيمة عربية « بدوية » نأمل ألا تكون خيمة تامرية تهدف الى ادخال جزء استراتيجي من جغرافيا العرب والمسلمين وجغرافيا القرية الكونية في حرب لايستطيع كبار رجال التخطيط العسكري التنبئ بمخاطرها الحقيقية على البئة والانسان والبسيطة وشعوب دفعت ثمن حروب لم تساهم اطلاقا في اتخاذ قرار الحرب فيها … قد يكون الحل في هذه اللحظة التاريخية باتخاذ قرار بحل الجامعة العربية حتى لاتكون مؤسسة لتمرير مشاريع الحرب والتمزيق الداخلي وزعزعة السلم الدولي , غير أن قرار حلها لن يكون على مايبدو بأيدي الأنظمة القائمة وانما قرارا مركزيا أجنبيا يأذن بزوال حقبة العمل العربي المشترك ويدشن حقبة الفوضى الخلاقة التي قد تكون مممهدة لتأسيس نظام عالمي جديد مبني على تخفيف قبضة القطب الأوحد لفائدة أقطاب دولية ,عالمية ,ثقافية وسياسية متعددة . حرر بتاريخ 25 مارس 2007-8 ربيع الأول 1428 ه *كاتب واعلامي تونسي- رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية  reporteur2005@yahoo.de


المرحلـــــــة الدقيقـــــــة… وأسئلـــــــة الشبــــــــاب

بقلم: برهان بسيّس
يبدو أن العنوان الرئيسي الذي يغمر المرحلة وطنيا هو الشباب بكل ما تعنيه الكلمة من احالة إلى باقة متنوعة من التحديات والرهانات التي تتجاوز بأهميتها عالم هذه الفئة العمرية لتتصل مباشرة بمستقبل مجتمع وطن وشعب ودولة. لم يكن من الصدفة أن يركّز الخطاب الرئاسي في مناسبتين متتاليتين على الإنشغال بموضوع الشباب تأطيرا وتشغيلا واهتماما ودعوة لتجديد الخطاب درءا لخطر الإغتراب المزدوج الذي يتحرك حول بؤرة واحدة تحتفظ في قاعها بالسؤال الملغوم: سؤال الهوية. الأكيد أن المرحلة دقيقة رغم مجهود التحصين الذي راكمته تجربة البناءالوطني وهي تشكل بإرادة النخبة القائدة وتفاعل القوى الحية للمجتمع صورة تونس التي أردناها منذ وضعنا في جيوبنا ذات مارس خمسيني وثيقة استقلال الوطن ماضين إلى خوض مغامرة الدولة الوطنية باستلهام وصايا فكر الإصلاح وتعاليم المصلحين مؤكدة على التعليم وتحرير طاقات المجتمع كمدخل للنماء والتطوير. كانت المدرسة التي شملتها ثلاث محطات للإصلاح منذ الاستقلال درع الحماية والتحصين ضد مخاطر الاغتراب المزدوج الضاغط في اتجاه تهميش الهوية العربية الإسلامية تعميقا لاتجاه الالحاق الاستعماري أو الضاغط في اتجاه الانغلاق على الذات وتضخيم عقدة النجاة بهوية مطاردة تفرّغ عالم بأكمله للتآمر عليها. ضد الذوبان وضد الانغلاق، ضد الانبتات وضد التقوقع، ضد التحديث السالب المزور وضد التطرف الديني الأعمى، كانت تلك المعادلة الوسطية التي اختار البلد أن يسير على صراطها بكل ما يحف جهد السير وتحسس الطريق من مخاطر الإشراف على تماس أحد المنزلقين. الآن وهنا، يكبر التحدي في ظل اقتحام متغيرات جارفة واجهة المشهد لتقلب بشكل جذري قواعد اللعبة وتدفع دوائرها الأساسية لتدشين حقبة تفكير جديدة. العائلة، المدرسة، الإعلام، الأحزاب، الجمعيات، حلقات كثيرة لا شك أن ايقاع حركة الشيطان العولمي قد أربكها وهو ينفث كل لحظة من سحره الكشوفات الجديدة المتتالية. لم يعد المنشور سرّيا رهين أياد مرتعشة تضعه تحت الأبواب أو الشعار متخفّيا وهو يطلى ليلا على جدران المدينة متوجسا من عيون الرقيب، لقد أصبح للمنشور فضائياته المبهرة التي تقدمه لك منضّدا، مطوّيا ومكويا وشهيا ومقنعا وأنت منكفئ في راحة من نفسك وجسدك في مخدعك الحميمي تماما كالشعار وهو يدق أبواب البيوت ويتراقص مع أهله في حلهم وترحالهم مع زرّ التلفزيون. أي خطاب مقنع نستطيع أن نقدمه لشبابنا في مثل  هذا المناخ المنفلت بكل ألوان الاستفهام؟!! مظلمة حكم كرة القدم المتآمر أبدا ونصر الهوية المتمرغة في طين الهزيمة منذ كفّ فريقي عن هزم غريمه منذ سنوات أم رقصة استحضار الاستقلال التاريخي بأحزمة تتلوّى رقصا على أنغام المزود أن عناوين سيارة مسالمة لا طعم لها ولا رائحة تقف أسئلتها الجريئة في حدود الاستفسار عن الفوائد الذهبية الجمّة لأمطار شهر مارس؟!! لقد كان الخطاب الرئاسي واضحا في حث كل الفاعلين على صياغة خطاب جديد موجه للشباب قادر على اقناعه وتحصينه ضد المخاطر، خطاب كما قال رئيس الدولة يبتعد عن لغة الرضا عن الذات التي غالبا ماتسقط في انشائيات خشبية تنفّر ولا تقرّب تسئ لهدف التعبئة أكثر مما تخدمه، هو خطاب شجاع وذكي يستبق طرح الأسئلة قبل أن تلقيها علينا العواصف يفتح أبواب المجادلة والمساءلة حول قضايا اهتمام الشبيبة، عن علاقتها بالدين بالجنس بالسياسة، بعالم العمل، بانحرافات السلوك الاجتماعي بالواسطة، بالرشوة، بالعنف بالهجرة بالتعليم والمدرسة التي تحلم بها، بالفن والاعلام وقبلة الحب على جبين الأم أو خدّ الحبيب. المشهد لم يعد يحتمل صورة مخاطبي الشباب ملتفين حول أوراقهم الجاهزة في كامل أزيائهم الداكنة وقد تدلت من أعناقهم ربطة العنق ذات العقد النحيلة متوقفة على مسافة ما فوق البطن المنتفخ يؤدون واجبهم في اقناع الشبيبة بأرقام طويلة وجداول معقدة أن القناعة كنز لا يفنى وأن من كان في جنة غير حامد يخرج منها ضرورة نادما مكلوما!!! على مخاطبي الشبيبة أن يعلموا في غمرة جهدهم الذي لا يشك أحد في صدقه أنه حتى الجنة وجواريها وأنهار عسلها ولبنها لا معنى لها إذا لم تقدم إجابات لأسئلة سكّانها. انصاتنا لشبابنا، مهمة وطنية ملحة نمارسها بمطاردة أسئلته لا بطردها!!! (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 25 مارس 2007)  

إنها لا تعرف عيد الاستقـــلال!

سألت المنشطة احدى «الطالبات» في البرنامج المتميز «ستار أكاديمي المغرب العربي» وهي تونسية عن طبيعة الاحتفالات الوطنية يوم 20 مارس في تونس، فارتبكت الطالبة وتلعثمت واحتارت في الجواب، وحاولت المنشطة مساعدتها بلهجتها المغربية الواضحة على فهم السؤال، ولكن الطالبة لم تتمكن من أن تنطق بجواب صحيح، أو هو قريب من الصحة لا باللهجة التونسية.. ولا باللغة الفرنسية. هذه الطالبة لا تعرف أن تونس تحتفل يوم 20 مارس بعيد الاستقلال، ولا تعرف أن تونس نالت الاستقلال التام يوم 20 مارس 1956!!! وإني أتصور أنها لا تعرف أيضا معنى الاستقلال وربما هي لا تعرف أن فرنسا كانت هنا.. وأنها خرجت بعد نضال مرير.. وتضحيات جسام.. وما دفعني الى هذا التصور أنها زادت الى «رقعة الشطرنج بغلا» لما ذهبت الى صديقتها لتحدثها عن الحيرة التي انتابتها امام المنشطة لم تتمكن من أن توضح لها بأن تونس تحتفل في ذلك اليوم بعيد الاستقلال.. وقالت لها: «أنا والله ما نعرف، عيد الاستقلال وإلا عيد الجمهورية.. ياخي فمه فرق هو وإلا لا؟»… ليصدقني القارئ الكريم بأنني عشت لحظات من الذهول الكبير، وأحسست بشيء من الدوار.. ومع ذلك ابتسمت رغم الألم الذي اعتصرني بشدة.. إنها فاجعة حقيقية أن لا تعرف هذه البنت عيد الاستقلال.. ولا تفرق بينه وبين عيد الجمهورية، ويقينا أنها لا تعرف شيئا عن تاريخ تونس ولا تفهم معاني الجمهورية، وربما هي لا تعرف أن تونس كانت مملكة قبل 25 جويلية 1957. وللتوضيح فإن هذه البنت لم تعد «طفلة»، فهي قد تجاوزت العشرين، أي أنها قضت كامل أعوام التعليم الأساسي.. ولم تتمكن ذاكرتها من تسجيل الأعياد الوطنية.. وأنها التحقت بالمعهد الثانوي وقضت به 4 سنوات كاملة دون أن تميز بين عيد الجمهورية وعيد الاستقلال! وهو أمر غير مقبول اطلاقا ولا يسمح به حتى لأبناء المهاجرين.. فهؤلاء أيضا مطالبون بأن يعرفوا الكثير عن وطنهم حتى لا يذوبوا في «الآخرين».
يا للفاجعة!!
إن هناك خللا ما في طرق تطبيق برامج التعليم التونسي.. ولا بد من وقفة تأمل حقيقية نتساءل فيها بكل صراحة من خلال هذا «الحادث» المفزع.. والمزعج عن طبيعة المحتوى التربوي التونسي وأهدافه الحضارية والثقافية وأبعاده الوطنية. لا أعتقد بأن هذه الفتاة حالة معزولة بما أن صديقتها عبرت عن دهشتها من نوعية السؤال الذي وجهته المنشطة أكدت بدون أن تدري أنها هي الأخرى لا تعرف بالتحديد العيد الذي تحتفل به تونس يوم 20 مارس. كما سبق في برنامج تلفزي نشطه سامي الفهري أن فشلت فتاة في العشرين من عمرها في الإجابة عن سؤال يتعلق بعيد الجمهورية.
ما هو أكيد أن التعليم في تونس وجميع مراحله يتضمن تاريخ الحركة الوطنية وزعمائها وتاريخ تونس بالتفاصيل الكاملة منذ عقد قرطاج الى عهد التحول.. ومن المؤكد أن المعلمين والأساتذة يبذلون جهدهم في إيصال المعلومات وفق البرامج الرسمية. إذن ما الذي يحدث في الأثناء حتى يكون البعض من الشبان غير قادرين على التعرف على عيد الاستقلال في تاريخه أو في معناه؟ يبدو أن وضع البرامج لا يكفي وأن تمرير الدروس لا تكفي..
والمطلوب هو التأكيد في هذه البرامج بحماس فياض وبروح وطنية عالية على عدم تدريسها ببرود.. وعدم تمريرها بلا مبالاة، وعلى كل المعلمين والأساتذة أن يبذلوا الجهد لا للقيام بواجباتهم تجاه تلامذتهم تماما كما يقوم الميكانيكي بواجباته تجاه السيارة.. وتجاه الآلة بصفة عامة بل يعمل بحب أكثر من المعهود لتحقيق الاهداف السامية وبناء الانسان التونسي من جديد مهما كانت درجاته العلمية على أسس مفعمة بالروح الوطنية وزاخرة بأبعاد حضارية تونسية عربية اسلامية متفتحة وحديثة. هذه الفتاة التي جعلتني أحس بالفاجعة وأتحسس معالمها ليست جاهلة ولاهي تلميذة كسولة على ما يبدو إنما هي نتاج أخطاء تربوية واجتماعية لا بد من دراستها والتنبه اليها من الآن قبل أن يستفحل الأمر في المدرسة وفي العائلة وفي المؤسسات الثقافية.
فالمعلم والأستاذ مطالبان بمراجعة طرق التواصل مع التلاميذ، والأولياء مطالبون بالحديث باستمرار عن الاستقلال.. وعن الجمهورية وعن النضال الوطني ضد المستعمر، وهم مطالبون باقتناء الكتب في هذا المعنى والاطلاع عليها بانتظام امام أبنائهم.. وتشجيعهم على قراءتها لدعم الدروس التي يتلقونها في المدرسة والمعهد.. كما أن الإذاعات في تونس مطالبة بأن تتحدث بذكاء عن الاستقلال واستنباط الوسائل الطريفة والجذابة لشد اهتمام الأبناء من 5 سنوات الى 20 سنة عند الحديث معهم عن مفاهيم الاستقلال ومفاهيم الجمهورية.. والبحث في بناء الدولة المستقلة حتى الوصول عن الاسباب التي أدت الى التغيير السياسي الذي حدث في تونس عام 1987. ذلك يجب أن يكون من المواد الأساسية في الاذاعات مع بث الأغاني الوطنية المؤثرة والخفيفة ودعوة دور الثقافة ودور الأطفال بكل أنواعها الى تنظيم مسابقات تنشط الذاكرة وتنمي الروح الوطنية.
لا معنى للتربية والتعليم.. والثقافة ولا أهمية لوسائل الاعلام المسموعة والمرئية ولا قيمة للمؤسسات الثقافية اذا ما كان الجيل الجديد فارغ الفؤاد وفارغ الروح.. همه أن يستمع الى أغنية جميلة أو مبتذلة.
الجيل الجديد ذكي وهو يعيش في عصر يوفر كل أسباب الذكاء ويجعله بالوسائط الحديثة مطلعا على العلوم والمعلومات الجديدة التي تخرج كل حين.. ولكن هذا الذكاء قد يصنع من أبناء هذا الجيل «روبوات» تماما كالكمبيوتر، هذا العظيم الذي يحيا معنا وبدأ يدخل في كامل خلايانا لكن لا حياة فيه ولا روح.. الشباب الجديد ذكي لا شك في ذلك، لكن هل يقوم بجهد للتعرف على تاريخ بلاده وينصهر في الروح الحضارية؟ إنه أيضا يتحمل المسؤولية وعلينا أن ننبّهه وبحب الى أنه مطالب بأن يكون متجذرا في الروح الحضارية والتاريخية وعارفا بتضحيات أجداده وآبائه، وعالما بخطورة الاستعمار وواعيا بأهمية الاستقلال الذي حصلت عليه تونس، وواعيا بالحركة التصحيحية التي قام بها التغيير منذ عام 1987. عليه أن يعرف أن الانسان الحقيقي هو الذي يجهد النفس ويبذل النفيس من أجل أن يكون بقلب نابض وبروح مزدحمة بالحب والنبض الأول يكون للوطن.
محمد بن رجب (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 25 مارس 2007)

  فاضل الجعايبي:

« علينا أن نفرض خطابا وجماليات تُـوقظ الجمهور المخدّر »

منذ منتصف الثمانينات، حرص مهرجان فريبورغ للسينما على استقطاب الأعمال الجادة والطريفة والجديدة من البلدان العربية والجنوب عموما اختارت الهيئة المشرفة على تنظيم الدورة 21 للمهرجان الدولي للأفلام في مدينة فريبورغ شريط « جنون » للمخرج التونسي الفاضل الجعايبي ضمن المسابقة الرئيسية للدورة التي تستمر من 18 إلى 25 مارس الجاري. سويس إنفو التقت الجعايبي الذي زار سويسرا هذا الأسبوع لحضور عرض شريطه السينمائي الجديد وأجرت معه حوارا صريحا وشاملا. رغم الضجيج الإعلامي الذي ما فتئ يصاحب عددا من العروض المسرحية أو الأفلام السينمائية التونسية، إلا أن ذلك لا يخفي الأزمة العميقة التي يعيشها هذا القطاع لأسباب قد يكون أبرزها التغيّر الذي طرأ على الجمهور المسرحي والسينمائي منذ بداية التسعينات وغياب المموّل القار وضعف مساهمة الدولة في الإنتاج الفني، ما أدّى إلى تحكّـم المنطق التجاري في هذا القطاع، فعمل على استمالة المراهقين واللجوء إلى الحلول السهلة بدل السعي إلى الارتقاء بالذوق الفني والجمالي للجمهور. ويشير مراقبون للساحة الثقافية أن قطاعا لا يستهان به من الطبقة الوسطى والطلبة الجامعيين، الذين كانوا يهتمّـون في السابق بالإنتاج ذي الطابع السياسي أو الإجتماعي تغيّـرت اختياراته الفكرية وتبدلت توجهاته العقائدية في غفلة من أصحاب هذه الصناعة. ومن أجل التعويض عن انصراف هذه الفئة، طغت على الساحة نوعية من الأفلام الفاقِـدة لأي مضمون أو قيمة فنية، فكثُـرت المشاهد الخليعة والإنتاج الفلكلُـوري البعيد عن الواقع، وإن تدثّـر بلهجة عامية ومقولات شعبية، وخضع هذا الإنتاج أيضا إلى شروط المموّل الأجنبي، الذي عادة ما يشترط إدراج بعض المشاهد الخليعة لضمان التسويق خارج الحدود. يضاف إلى ذلك التضييق على القليل من المحاولات الفنية الجادّة وإيثار المنتجين والمخرجين للسلامة وتجنيب أنفسهم متاعب الرقابة والمساءلة، فضلا عن الإنتشار الواسع لمحلات كراء أشرطة الفيديو والأقراص المدمجة والفضائيات وشبكة الإنترنت، كل ذلك أدّى إلى تراجُـع صناعة الفن السابع في تونس، وأبرز تجليات ذلك، قلّـة الإنتاج وهجران الجمهور لقاعات العرض التي تراجع عددها من 82 قاعة عام 1987 إلى 40 فقط عام 2000، كما أغلقت قاعات العروض السينمائية نهائيا أبوابها في 10 ولايات (محافظات) من جُـملة 27 ولاية. لكن مافتئت من حين لآخر تطفو على السّـطح أعمال جادة تثير نقاشا حادا، فتجلب إليها الأنظار وتصنع الحدث الثقافي في تونس، وربما أثارت جدلا حادا في الأوساط الفكرية والدوائر السياسية، ومن هذه الأعمال، ما يبادر به من حين لآخر المخرج المسرحي والسينمائي فاضل الجعايبي، الذي زار سويسرا هذا الأسبوع لحضور عرض شريطه « جنون » في إطار الدورة 21 للمهرجان الدولي للأفلام في مدينة فريبورغ. سويس انفو: هل هذه أول مشاركة لكم في مهرجان فريبورغ السينمائي الدولي؟ فاضل الجعايبي: نعم، هذه أول مشاركة لي، وأنا سعيد بذلك. سويس انفو: ما الذي يمثله لكم ترشيح فيلم « جنون » للمسابقة الرسمية؟ فاضل الجعايبي: في هذا اعتراف واهتمام بالفيلم، شكلا ومضمونا. سويس انفو: إلى أي حد يمكن أن يساهم انفتاح الفن العربي على الجمهور الغربي في بناء جسور التواصل والتفاهم بين العالمين؟ فاضل الجعايبي: هذا التواصل يمتد لثلاثة عقود مضت، وهذه الجسور موجودة، لكن هناك ما هو إيجابي وهناك ما هو سلبي في هذه العلاقة. من ناحية الغرب، بمركباته وعقده تجاهنا، يشعر بضرورة التعرف علينا من زوايا أخرى بعيدا عن الفلكلور والرقابة والتغريب، أما السلبي، فهو سوء الفهم لبعض الأعمال التي لا تتماشى مع انتظارات بعض المنظمين والموزعين والنقاد، وهؤلاء لديهم في بعض الأحيان أفكار مسبقة ومواقف إيديولوجية وسياسية صادرة عن شعور بالذنب وعدم معرفة بالغير. المشكلة، أننا لا نبادلهم نفس الرغبة في حب التعرف على ما عندهم ولا نتساءل ماذا أعطانا الغرب وماذا أخذ منا؟ سويس انفو: اشتهرتم بعملكم المسرحي، واليوم تقدمون أفلاما سينمائية بهذا الاقتدار العالمي، فهل هي مجرد تجربة أم بداية مشوار فني جديد؟ فاضل الجعايبي: ليست تجربة ولا بداية مشوار، فهذا هو الفيلم الرابع الذي أقوم بإخراجه بعد أفلام « العرس » و »عرب » و »شيشخان »، صحيح أن إنتاجي المسرحي غزير مقارنة بالإنتاج السينمائي، والسينما بالنسبة لي رغبة مُـلحة وشهوة، لكن ليست بنفس الدرجة مثل المسرح. سويس انفو: المشاهد لفيلم « جنون »، يجد حضورا كبيرا لقضية المرأة والعنف المسلط عليها، أليس هذا غريبا في بلد يقدّم نفسه نموذجا في مجال حقوق المرأة وحريتها؟ فاضل الجعايبي: صحيح أن تونس بلد مجلة الأحوال الشخصية وأن حقوق المرأة منصوص عليها في القانون، أما في الممارسة اليومية، فالفجوة كبيرة بين القول والفعل، والمرأة مضطهدة في تونس ومظلومة وحقوقها مهضومة. ومقارنة بالمرأة السودانية والإريترية، ربما حصلت المرأة التونسية على حقوق لا نستطيع أن ننكرها، لكن تبقى مُـقتصرة على فئة معيّـنة وليس لعامة النساء. وفي المناطق الداخلية، تعيش المرأة أوضاع القرون الوسطى، لا يغرنّـك القول أنك في بلد طاهر الحداد وبورقيبة، بل انظر إلى واقع الأشياء. أما في الفيلم، فقد صورنا فئتين في المجتمع التونسي، فئة نون وعائلته وانتماءه الاجتماعي، وفئة الطبيبة، رمز المرأة المتحررة القدوة في مجالها، وهي تواجه، سياسيا ومهنيا، المؤسسة والعائلة والمجتمع، هذا التناقض بين الفئتين حقيقة في المجتمع التونسي لا يُـمكن إغفالها. سويس انفو: لكننا لا نستطيع أن ننكر أن هناك نساء أعمال ومحاميات ووزيرات وأساتذة جامعات ونائبات في البرلمان؟ فاضل الجعايبي: المرأة تقدمت في مجالات عديدة، ولكن، كم من النساء أتعس من الرجال! لقد افتككن حريات مزيّـفة، امرأة أعمال أو سائقة طائرة…. قد يكون ذلك إيجابيا وقد يكون سلبيا، ولا يجب أن نُـجامل المرأة. سويس انفو: من فرقة قفصة إلى المسرح الجديد، ومن الأحداث الطلابية في فرنسا سنة 1968 إلى تقييم « خمسون » للتجربة الوطنية، ما هو الخيط الناظم لكل هذه الأعمال؟ فاضل الجعايبي: هو تكريس المواطنة مع الفن، نحن مواطنون قبل أن نكون فنانين، والفن في خدمة التوعية العامة، ربما مجازفة أو غرورا منا. ولكن، منذ ثلاثين سنة دعوْنا المواطنين، بغضِّ النظر عن مستواهم الثقافي والاجتماعي، إلى امتلاك نظرة نقدية ثاقبة للمجتمع الذي يعيشون فيه وأن تكون لهم مساهمة، ولو متواضعة في نهضته. إننا نتوخّـى وضع مرآة أمامنا وأمامهم، وكنا نتحدث في أعمالنا عن الحرية والمسؤولية الفردية والجماعية، وكان شعارنا « المواطن التونسي والمجتمع التونسي الآن وهنا ». سويس انفو: الغالب على العمل المسرحي والسينمائي في تونس، انفصاله عن قضايا المجتمع، هل هذا بدافع الربح أم خوفا من الرقيب؟ فاضل الجعايبي: لا أشاطرك هذا التعميم، لأن الاستثناءات كثيرة، وهناك الكثير من المخرجين والكتاب الذين ينظرون بعين ثاقبة وبوعي متدفّـق إلى المجتمع التونسي ويواجهونه بكل شجاعة. وككل الشرائح الاجتماعية، هناك من يستهويه الربح وهناك من يختار النِّـضال وهناك المتملقون والانتهازيون والجبناء. سويس انفو: في أعمالكم الفنية الأخيرة، خاصة في « خمسون » و »جنون »، غازلتم الجميع ولم ترضوا أحدا، فهل تحوّل العمل الفني إلى تصفية حسابات؟ فاضل الجعايبي: عايشنا في السنوات الأخيرة موت العديد من أقطاب اليسار، الذين عانوا في السجون والمنافي دفاعا عن الحريات والعدالة والمساواة، ورأيناهم يموتون في غياب اعتراف رسمي وفي تهميش كبير، ويكاد الوعي العام لا يعرف من هو نور الدين بن خذر أو أحمد بن عثمان… فإذا كان لمسرحية « خمسون » هدف، فهو أن يتصالح المواطن التونسي مع الذاكرة العامة ومع التاريخ الذي أهمله التاريخ الرسمي. وقررنا التعريف بنضال هؤلاء وأن نضعهم أمام الحقيقة لمعرفة أين أخطأنا وأين ربحنا وأين خسرنا، ولماذا تواطأ البعض مع النظام الأول ثم النظام الثاني؟ ولماذا انقلب بعضهم زاحفا أمام هذا الحاكم أو ذاك؟ ولماذا استقال البعض وامتنع عن المواجهة بعد خروجه من السجن؟ لقد أخطأ من همّشهم ليُـعطي الكلمة لغيرهم في بداية الثمانينات. إن الهدف الأساسي من هذه المسرحية، هو إعادة الاعتبار لليسار، ولكن برؤية نقدية. سويس انفو: ربط البعض بين السماح بعرض مسرحية والأحداث المؤلمة التي عاشتها تونس أواخر عام 2006، فهل جاء هذا صدفة؟ فاضل الجعايبي: حصلنا على الترخيص بالعرض قبل أحداث زغوان بشهر ونصف، وكأن المسرحية كانت تنبّـؤية، وما دافعنا عنه في هذه المسرحية، هو أن يكون المواطن التونسي والمسؤول التونسي حذرين تُـجاه ما يهدِّد البلاد من خطر. كانت الحكومة تنكر ذلك وتتهمنا بالنفخ في الرماد، لكن الأحداث جاءت لتصدّق قراءتنا للأحداث. لقد كنا نرصد التغيّرات التي يعيشها المجتمع، حيث كانت دُور العبادة تعج بالشباب والشوارع بالمتحجبات، وكان علينا أن نطلق صرخة الحذر، وقد أدرك النظام أخيرا أن تعامله مع القوى الديمقراطية أفضل له من إقصائها. سويس انفو: تتحدثون عن حوار فكري ديمقراطي في واقع يسوده المونولوغ الثقافي والسياسي؟ فاضل الجعايبي: أشاطرك الرأي، ولابد من أن نبادر بالحوار وأن تتم مراجعة النظام التربوي والثقافي، وعلينا أن نفرض خطابا وجماليات تُـوقظ الجمهور المخدّر والمبنّج ونطالب بشدة بإرساء حوار حقيقي في تونس. سويس انفو: ورد في حوار لكم: « نحن مستقلون وأهم شيء يمتلكه الفنان هو استقلاليته »، فلو أن ابنتكم اختارت لبس الحجاب مثلما حصل في مسرحية « خمسون »، فماذا سيكون رد فعلكم؟ فاضل الجعايبي: لا أعرف كيف سأتصرف، من الممكن أن أقطع أي علاقة بها. قد أكون أنا متطرفا ديمقراطيا، وربما يطغى جانب الأبوّة وأحاورُها وأحاول إقناعها بالرجوع عن قرارها، ولكن لا أستطيع أن أجيبك قطعيا، لأنني لم أعش هذا الوضع. سويس انفو: لكن الفنان لِـسان المجتمع، وهناك فتيات ونساء في تونس يتعرّضن إلى الإكراه من أجل نزع الحجاب؟ فاضل الجعايبي: أنا ليس لدي موقفا من الحجاب، ومادام لا أحد يجبرني على الذهاب إلى المسجد أو يمنعني من الذهاب إلى الحانات، فهو وشأنه يلبس ما يريد، أنا لائكي ديمقراطي، ولكل إنسان الحق في ممارسة حريته، ما لم يتعدّ على حرية غيره، والدّين مواجهة شخصية بين الله والفرد، ومن يفرض عليّ نظاما غير لائكي وغير علماني، أحاربه بكل ما أوتِـيت من قوة. سويس انفو: هل لديكم أعمال يمكن أن ترى النور قريبا؟ فاضل الجعايبي: نحن لا زلنا خارجين من أزمة ولا زلنا نحتفل بتقديم مسرحيتنا الأخيرة ومعنيون بفتح حوار ثقافي بيننا وبين جمهورنا، وعلينا أن ننتظر فترة من الزمن ثم نبدأ مشروعا جديدا. أجرى الحوار عبد الحفيظ العبدلي – فريبورغ الـسـيـاق يعتبر الفاضل الجعايبي، الذي بدأت مسيرته الفنية منذ أكثر من 30 سنة، أحد كبار المسرحيين العرب في الوقت الحاضر. إثر عودته لتونس في مطلع السبعينات، بدأ مشواره الفني بتأسيس فرقة قفصة (جنوب غرب تونس)، وتميّزت أعماله في البداية بالانطلاق من صور الحياة اليومية، موظفا مخزون التراث الشعبي من الشعر والأدب ومستفيدا مما يختزنه الجنوب التونسي من المعالم التاريخية. وفي سنة 1976، أسس الجعايبي فرقة المسرح الجديد، فطبعت الساحة التونسية بطابعها المختلف وقدمت العديد من المسرحيات المتميزة مثل « العرس » و »غسالة النوادر » و »عرب ». وفي مطلع التسعينات، كانت انطلاقته الثالثة برفقة جليلة بكار، زوجته، ومن خلال الأعمال المتتالية، أصبح هذا الفنان أحد المخرجين المتميّزين في العالم العربي، ولقيت مسرحياته عن « الذاكرة والنسيان » و »عشاق المقهى المهجور » و »خمسون » و »جنون »، متابعة كبيرة من الجمهور وعناية أكبر من نقّـاد الفن المسرحي. تتميز أعمال الجعايبي الفنية بالجُـرأة والنقد اللاّذع في الطرح والثورة في اللغة ومعالجة الموضوعات التي يخشى الكثيرون التطرق إليها، فتناول ظاهرة الانفصام في المجتمع التونسي وفقدان الذاكرة التاريخية، نتيجة القطيعة العنيفة مع الماضي والتحديث المفروض بعُـنف السلطة والإكراه، وقضية التطرف وأسبابه العميقة، وظواهر العنف الذي يستهدف المرأة، وتناول بالنقد الشديد تجربة العائلة الفكرية التي ينتمي إليها، وذلك من أجل تجديد المشروع، حسب قوله. تتعرض أعماله من حين لآخر إلى التضييق والمنع، وهو ما يساهم في التعبئة لها، وكانت آخر مصادمة له مع الرقيب في الأشهر الماضية حيث منعته السلطات من عرض مسرحية « خمسون »، التي تتعرض بالتقييم للتجربة التونسية منذ الاستقلال (1956 – 2006) وتقدم تفسيرا للأسباب الكامنة وراء ظاهرة التطرف والعنف، الذي بات يهدد استقرار المجتمع. ومع أنها سمحت في نهاية المطاف بعرض المسرحية إلا أن السلطات التونسية تنفي أطروحات الجعايبي وتتهم أعماله بالإثارة، واختلاق المشكلات. (المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 24 مارس 2007) وصلة إلى الموضوع:http://www.swissinfo.org/ara/swissinfo.html?siteSect=105&sid=76491105


بعد صدور أحدث تقرير للأمم المتحدة

إباحة الممارسات الجنسية.. مخالفة دولية للشريعة

رباب سعفان    في تحد صارخ لقواعد الشريعة الإسلامية وأعراف المجتمعات العربية أقدمت الأمم المتحدة على إصدار وثيقة « 16 مارس 2007″، والتي حملت عنوان (القضاء على جميع أشكال التمييز والعنف ضد الطفلة الأنثى) محتوية على مخالفات صريحة بعد أن كانت قد أعطت هدنة للمشاركين في التحكيم لوضع الملاحظات على مسودة الوثيقة، وبرغم ما تم إعلانه من رفض كل البنود المخالفة للشريعة والمطالبة باحترام التعددية الدينية والثقافية لشعوب العالم. احتوت الوثيقة في ثوبها الأخير- بحسب تصريح خاص للمهندسة كاميليا حلمي منسق ائتلاف المنظمات الإسلامية ورئيس اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل- على بنود إضافية لم تكن موجودة بالمسودة، مثل تقديم خدمات الصحة الإنجابية للمراهقين، مع تعليمهم كيفية توقي الحمل غير المرغوب فيه، وكذلك الايدز، والعمل على تقنين الإجهاض، وجعله عاما ومباحا قانونا، بالإضافة إلى بند تحقيق استقلالية الفتيات المادية عن الأسرة، وإدماج الفتيات المصابات بالإيدز في المجتمع، بغض النظر عن سبب الإصابة –الذي غالبا ما يكون بسبب ممارسة الزنا في هذه المرحلة العمرية– متسائلة عن النتائج السلبية التي سيسفر عنها هذا الدمج في المجتمع؟ بالإضافة إلى فقرة تنص على تعليم الأولاد كيفية التمرد على الأدوار النمطية، سواء للمرأة كأم أو للرجل كأب، وكذلك في تكوين علاقات جنسية بين رجل وامرأة! وكانت مسودة مشروع وثيقة (القضاء على جميع أشكال التمييز والعنف ضد الطفلة الأنثى) قد طرحت في الجلسة الواحدة والخمسين للجنة مركز المرأة بالأمم المتحدة، والتي تعقد بشكل دوري كل عام لمتابعة الحكومات في تطبيقها لبنود الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة في الفترة من 26 فبراير وحتى 9 مارس 2007.  النص الأصلي لوثيقة الأمم المتحدة  ترجمة للنصوص محل الانتقادات نسف للجهود من جهةأخرى كشفت كاميليا عن أنه برغم كل الجهود التي بذلت للتصدي لخروج وثيقة (القضاء على جميع أشكال التمييز والعنف ضد الطفلة الأنثى) فقد جاءت تلك البنود لتنسف كل الجهود. وأرجعت سبب خروج هذه الوثيقة بهذا الشكل إلى تخاذل الدول العربية التي كان من الممكن أن تتكتل وتصر على فرض تحفظاتها، إلا أن عدم اهتمامهم بالحضور والمشاركة أدى إلى هذه النتيجة، بالإضافة إلى محاولات الأمم المتحدة إبعاد الأصوات المعارضة التي قد تؤثر على المشاركين بالتمسك بالتحفظات، فعقدت جلسات تمرير تلك البنود مغلقة دون حضور أي من المنظمات الأهلية. وكان ائتلاف المنظمات الإسلامية قد أوضح من خلال البيان الذي ألقاه في الأمم المتحدة -أثناء مناقشة هذه الوثيقة- نظرة الإسلام حول العلاقة بين الذكر والأنثى، وكيف أنها علاقة تكاملية وليست تصارعية، وأن الإسلام يعتبر الرجال والنساء متساويين لكنهم غير متطابقين، كما أشار البيان إلى الربط المغلوط -في المواثيق الدولية- بين تعاليم الدين وبين ظلم النساء والفتيات وهدر حقوقهن. وعليه فإنه على الأمم المتحدة أن تضع في الاعتبار الرؤى المختلفة لقضايا النساء والفتيات المبنية على القيم الدينية والروحية؛ لكي تضمن ارتقاء حقيقيا وشاملا للنساء والفتيات على مستوى العالم.  النص الكامل لبيان ائتلاف المنظمات الإسلامية
تجاوز مرفوض من جهة أخرى أصدرت هيئة كبار العلماء بالجمعية الشرعية الرئيسية بالقاهرة بيانا نص على أن هذا التقرير يستهدف الحرب على ثوابت الإسلام وإلغاء خصوصيات هذه الأمة، وأنه يعد منافيا ومناقضا لمبادئ الإسلام، ويجب على كل الشعوب الإسلامية أن تقاومه، وأن تستمسك بدينها، وأن توقن أن العاقبة لهذا الدين، وأن الزمن سيثبت لهؤلاء وللدنيا بأجمعها أن هذا الدين هو الحق، كما قال الله تعالى « سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ». وقد ظهرت بوادر آثار تلك التوصيات في أمراض الإيدز الناتج عن الممارسات الشاذة التي يريدون إجبار العالم على ممارستها.  النص الكامل لبيان الجمعية الشرعية وتعليقا على تلك البنود أشار الدكتور محمد رأفت عثمان، أستاذ الفقه المقارن وعضو مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، إلى أن هذا الأمر عهدناه من هذه الجهات التي تحاول جعل العلاقات منفلتة عن الأديان والأخلاق؛ ولذا فنحن نرفض ما جاءت به رفضا باتا؛ فليس من حق هذه الجهة ولا أي جهة أخرى أن تفرض على الشعوب العربية والإسلامية نمطا خاصا لعلاقة الذكور والإناث بما يتنافى مع ما توجبه الأديان التي لا تعترف بأي علاقة إلا في نطاق الزواج الذي استوفى أركانه وشروطه الشرعية. وأشار إلى أن تلك الوثائق وأمثالها علينا أن نرفضها ولا نأبه بها؛ لأنها تريد الانفلات الأخلاقي والبعد عن القيم والأديان فلكل شعب ثقافته وتوجهاته وأعرافه وتقاليده، مطالبا كل الهيئات البشرية والعربية والإسلامية أن تعلن رفضها لهذا النوع من العلاقات الانحلالية؛ فمجتمعاتنا ليست مجردة من الضوابط الأخلاقية بل تنظم العلاقات فيها مبادئ الدين وكريم الأخلاق.
كما استنكر الدكتور عبد الفتاح إدريس- أستاذ أصول فقه بجامعتي الأزهر والإمارات– ما ذهبت إليه البنود، موضحا أن كل هذه الأمور منهي عنها شرعا وأن إقرارها سواء بميثاق دولي أو محلي يعد مناقضا ومناهضا لنصوص الشريعة التي نهت عنها بأدلة قطعية الثبوت والدلالة على الحكم. وأضاف أن من يقرها آثم سواء كان إقراره هذا صراحة أو ضمنا..حيث إنه أقر شيئا معلوم الحرمة، وألمح إلى أن للحكومات أن تفعل ما تريد إلا أن أفراد الشعب غير ملزمين بهذه الأحكام. (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 21 مارس 2007)

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.