الأحد، 13 نوفمبر 2011

11 ème année, N°4154 du 13.11.2011
archives : www.tunisnews.net


بناء نيوز:لماذا اجل الهاشمي الحامدي العودة الى تونس؟

الصحافة:وزارة العدل:المخلوع وأحد مستشاريه وعماد الطرابلسي متهمون بفساد مالي متعلق بمدينة الثقافة وحفل ماريا كاري

كلمة:ناظرا امن يعتصمان في قفصة

الصباح:بعد طلبه اللجوء السياسي:رفض الإفراج عن البغدادي المحمودي وتأجيل النظر في مطلب تسليم ثان

كاتب عام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لـ«الصحافة»:اعتمادات تمويل الحملة الانتخابية بلغت 10.5 ملايين دينار

المصدر:البنك المركزي التونسي يردّ على إدعاءات أحد أعضاء اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة

كلمة:مركز كارتر يطالب بنشر النتائج التفصيلية للانتخابات و يوجه نقدا لهيئة الانتخابات

بناء نيوز:مركز الزيتونة للدراسات الاستراتيجية يقدم قراءته لنتائج انتخابات المجلس التأسيسي

التونسية:الجلسة الافتتاحية للمجلس التاسيسي يوم 22 نوفمبر الجاري

يو بي أي:الإتحاد الأوروبي يعتزم إقراض تونس 3 مليار يورو

بدرة قعلول:تونس:الجيش سيعود إلى ثكناته

يو بي أي:أحزاب تونسية ترفض دعوة أمير قطر لحضور الجلسة الإفتتاحية للمجلس التأسيسي في تونس

مباشر من تونس:غريب امر نخبتنا السياسية تحتج على دعوة امير قطر وتصمت أمام دعوة ساركوزي

الصباح:خاص ـ حمادي الجبالي:المفاوضات حول «الرئاسيات» لم تحسم.. لكنها لن تتجاوز نهاية الأسبوع

البيان:رئاسة تونس لـ «التكتل» والحكومة لـ «النهضة»

رياض حجلاوي:المواطن والإدارة وحقوق المواطنة

شافاز: بنزرت:لماذا يعتصم » المهمشون » في « ستـير » جرزونة؟

نصرالدين السويلمي:بسبب حلقتي الغنوشي والشابي : الصراحة لم تعد راحة

يســـــــــري الســـــــاحلي:الهجرة السرية « الفخمة »

يسرى بن ساسي :….ماذا تعلم أبنائنا

الصحافة:المسح الوطني حول التشغيل:فقدان 137 ألف موطن شغل.. و213 ألف عاطل جديد عن العمل

آي بي إس :مجلس الشيوخ الأمريكي ينظر في تأثيرات الربيع العربي:هل يتقدم وضع المرأة العربية أم يتقهقر؟

د. مصطفى يوسف اللداوي:عرفات الشهيد يهزأ من شارون القعيد

جمال العرضاوي:الأساطير المؤسسة للفيتو الروسي على الربيع العربي

ياسر الزعاترة:عن الممانعة والاعتدال ومشهد المنطقة المركب

صالح النعامي:حساسية اليمين الإسرائيلي تجاه الثورات العربية


Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


تابعواجديد أخبارتونس نيوزعلى الفايسبوك

الرابط

http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141

 



تونس – بناء نيوز- رضا التمتام
أشار المنصف الرابحي ممثل الكتلة المنشقة عن قائمة العريضة للحرية والعدالة والتنمية إلى أن الرسالة التي أرسلها الهاشمي الحامدي إلى بن علي في العهد السابق قد تكون وراء عدوله عن القدوم إلى تونس وتأجيل الموعد الذي كان محددا زوال اليوم بمطار قرطاج الدولي.
وكانت اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد كشفت في تقريرها أمس عن هذه الرسالة، أي بيوم واحد قبل الموعد المقرر لعودة الهاشمي الحامدي إلى تونس. وتتضمن الرسالة التي بعث بها الهاشمي الحامدي إلى بن علي في ديسمبر 2009 طلب موافقته ودعمه لتنظيم ندوة بخصوص القسم لولايته الجديدة كما تضمنت الرسالة عبارات كثيرة من الثناء على زين العابدين بن علي والشكر الخاص له.
وتجدر الإشارة إلى أن عدد من المحامين التونسيين من الجالية التونسية في الخارج بلندن وجينيف وباريس قررت رفع دعوة جنائية لدى السلطات البريطانية ضد الهاشمي الحامدي بتهمة استغلاله لقناته الخاصة المستقلة من أجل بث الفرقة ونشر الكراهية بين التونسيين وذلك على خلفية أحداث الشغب التي اجتاحت سيدي بوزيد في الفترة الماضية.
(المصدر: موقع بناء نيوز الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 12 نوفمبر 2011)


وزارة العدل: المخلوع وأحد مستشاريه وعماد الطرابلسي متهمون بفساد مالي متعلق بمدينة الثقافة وحفل ماريا كاري


أكد مصدر مأذون من وزارة العدل لـ »وات » أن التحقيق جار لدى النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس بشأن ملفي فساد مالي متعلقان بمدينة الثقافة وحفلي الفنانة العالمية ماريا كاري المنتظمين بتونس في جويلية 2006.وقد وجهت النيابة العمومية الاتهام في الملف المتعلق بمدينة الثقافة إلى كل من الرئيس المخلوع وأحد مستشاريه على اثر الملف الذي تقدمت به لجنة تقصي الحقائق حول الرشوة والفساد والذي يتضمن إمضاء ومصادقة من المخلوع على منح الصفقة الدولية الخاصة بمدينة الثقافة إلى الشركة التشيكية رغم توصية اللجنة العليا للصفقات بأفضلية العرض المقدم من الشركة الصينية ووضعه في المرتبة الأولى.  
وتتواصل الأبحاث واستنطاق أطراف عديدة ذات صلة بهذا الملف وذلك على اثر تكليف قاضي التحقيق أحد الخبراء المحلفين بالقيام بعملية اختبار من شأنها إبراز أوجه الفساد المتعددة في هذا الملف. وقد تم الاستنتاج من وقائع الملف أن قرار إسناد الصفقة إلى مقاولة « جيوزان » التشيكية تشوبه عديد الاخلالات ومن أهمها تدخل الرئيس السابق الغير القانوني في إسناد الصفقة والذي يعد تعديا على اخت
صاص اللجنة العليا للصفقات العمومية وخرقا للأمر المنظم للصفقات العمومية إلى جانب اعتبار قرار إسناد الصفقة لهذه الشركة مخالفا لكراس الشروط الخاص بالصفقة والذي ينص على إسناد الصفقة إلى العارض الأقل باقتراح تمويل بعد تحيين العروض من قبل البنك المركزي التونسي والعارض الصيني كان الأقل ثمنا.كما انه وبعد إعلام المخلوع بنتائج فتح الظروف ، وقبل إصلاح مبالغ العروض ودراسة الملف من قبل لجنة فرز العروض واللجنة العليا للصفقات ، وضع الرئيس السابق سهما أمام اسم « مقاولة جيوزان » وخط سطرا تحتها بما يوحي حسب ما ورد في تقرير لجنة تقصي الحقائق حول الرشوة والفساد بوجود نية مسبقة لإسنادها الصفقة قبل دراسة الملف وقبل تحيين العروض من قبل البنك المركزي .وأشار التقرير إلى انه رغم الزيادات الغير شرعية في مبلغ الصفقة والتمديد في آجالها مرتين دون مبرر لا تزال المقاولة عاجزة عن إتمام المشروع إلى حد الآن والذي كان من المفروض إتمامه في جويلية 2008 مما اضر بمصالح الدولة.
ومن جهة أخرى استنطق مؤخرا قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس المدعو عصام العلاني صاحب شركة « انترفال ايفينتس » التي نظمت حفلين للفنانة العالمية ماريا كاري في تونس بالاشتراك مع صهر الرئيس المخلوع عماد الطرابلسي وإشراف كاتب الدولة السابق للشباب وإبقائه بحالة سراح على أن تتم مكافحة بين الأطراف المعنية قريبا.وقد كشفت الأبحاث أن الشركة المذكورة حصلت على امتياز تنظيم هذين العرضين يومي 22 و24 جويلية 2006 بملعب المنزه بالعاصمة بالصبغة الثقافية بما يمكن الشركة من عدم دفع الأداء الضريبي على مثل هذه الحفلات إلى جانب تجاوزات مالية أخرى وتكوين شركات وهمية وتحويل أموال إلى الخارج.
وجاء في تقرير اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد أن الرئيس المخلوع كلف كاتب دولة سابق للشباب بالإشراف على تنظيم الحفلين باعتبار أن مداخيلها ستذهب لجمعيات خيرية ومن بينها جمعية بسمةكما تبين من خلال المعطيات المتوفرة لدى اللجنة أن عددا غير محدد من الهياكل العمومية المركزية والجهوية إضافة إلى العديد من المنشآت العمومية قد شارك في تمويل التظاهرة عبر خلاص مزودين وشراء تذاكر وذلك بتعليمات مباشرة من رئاسة الجمهورية .ولاحظ أعضاء اللجنة وجود عمليات تحويل هامة من الحساب البنكي الخاص بالحفلتين لفائدة أطراف أخرى انطلاقا من يوم 18 أوت 2006 . يذكر أن التقرير الصادر يوم الجمعة حول عمل لجنة تقصي الحقائق حول الفساد والرشوة لم يتضمن إلا هاتين القضيتين في المجال الثقافي.
(المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 نوفمبر2011)

<



يشن ناظرا الأمن المساعدان محمد بوعلاق و صابر محمد اعتصاما مفتوحا بمقر فوج النظام العام بقفصة منذ يوم 26 أكتوبر الماضي للمطالبة بتسوية وضعيتهما المهنية. و أفاد المعتصمان راديو كلمة أنهما يباشران مهنتهما منذ سنة 1998 كحافظي امن مساعدين الى ان تمكنا من الحصول على الإجازة في الفرنسية بالنسبة لمحمد بوعلاق و الاعلامية بالنسبة لصابر محمد. و رغم ذلك في أن الإدارة العامة لم تقم بترقيتهما حسب شهادتهما العلمية.
و أفاد السيد علي سلطان الكاتب العام لنقابة الأمن الداخلي بقفصة انه رغم المساعي الودية مع الإدارة و رغم الحاجة لمثل اختصاص المعتصمين إلا أنها أصرت على موقفها ورفضت جميع المطالب وهو ما يؤكد سعي بعض المؤثرين في الإدارة الإبقاء الوضع على حاله حتى لا يتم تطهير الإدارة الأمنية و الارتقاء بها حسب تعبيره.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 12 نوفمبر 2011)

<


بعد طلبه اللجوء السياسي رفض الإفراج عن البغدادي المحمودي وتأجيل النظر في مطلب تسليم ثان


قررت أمس دائرة الإتهام بالمكتب التاسع بمحكمة الإستئناف بتونس رفض مطلب الإفراج عن البغدادي المحمودي وأجلت النظر في مطلب تسليمه إلى السلطات الليبية إلى يوم 26 نوفمبر الجاري.
وأحضر أمس المحمودي من سجن ايقافه تحت حراسة أمنية مشددة، وحضرت هيئة دفاع المحمودي وتقدمت بمطالب في الإفراج المؤقت عن المتهم كما طلب المحمودي اللجوء السياسي من منظمة الأمم المتحدة المتعلقة باللجوء السياسي ولاحظت الدائرة المذكورة أنها بانتظار أوراق أخرى لإضافتها لمطلب تسليم المحمودي.
«الصباح» إلتقت عدد من محاميي البغدادي المحمودي وهم عزالدين العرفاوي وليليا المستيري ومحمد بكار وبينوا لنا أن هيئة الدفاع تقدمت بمجموعة من الطلبات أولها مطلب متعلق برفض مطلب التسليم كما لاحظوا أن عدم ورود وثائق التسليم من الطرف الليبي لا يمنع المحكمة من النظر في مطلب الإفراج المؤقت عن المحمودي وأضافوا أن مطلب تسليم البغدادي مخالف لأحكام الفصل 329 من مجلة الإجراءات الجزائية باعتبار أن مطلب التسليم لا يمكن أن يقع مرتين من قبل جهة واحدة.
كما أضافوا أن مطلب التسليم ورد من الوكيل العام الليبي عن طريق نزل بكازابلنكا بالمغرب ملاحظين أنه ليس من اللائق أن يقبل القضاء التونسي هذا المطلب حيث أنه يجب أن يرد من الجهات الرسمية ومن مقر سيادة. كما طلبوا من دائرة الإتهام أن تسجل مطلب منوبهم في اللجوء السياسي وهو مطلب قدم للهيئة العليا للاجئين التابعة لمنظمة الأمم المتحدة بمكتبها الموجود بتونس، ولاحظوا أن مجرد طلب اللجوء السياسي كاف لعدم إمكانية التسليم.
وأما البغدادي المحمودي فقال عند إخراجه من مكتب دائرة الإتهام « أنا مستجير عند الشعب التونسي ».  
مفيدة القيزاني (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 نوفمبر2011)

<


كاتب عام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لـ«الصحافة»: اعتمادات تمويل الحملة الانتخابية بلغت 10.5 ملايين دينار


الصحافة: خصص المرسوم 35 لسنة 2011 مساعدة عمومية للأحزاب والقائمات المستقلة والائتلافية لخوض غمار الحملة الانتخابية وذلك على اساس مقدار مالي لكل الف ناخب على مستوى الدائرة الانتخابية توزع ٪50 من هذه المساعدة العمومية قبل انطلاق الحملة الانتخابية بالتساوي بين جميع القائمات وتوزع ٪50 الباقية اثناء الحملة كقسط ثان كما يجبر المرسوم كل قائمة لا تتحصل على ٪3 على الاقل من الاصوات المصرح بها على مستوى الدائرة الانتخابية بارجاع نصف مبلغ المنحة.ويتم استرجاع هذه الاموال ومحاسبة الاحزاب على كيفية صرف هذه المنحة العمومية من قبل وزارة المالية.. وحول كيفية استرجاع القسط الثاني من المنحة العمومية وكيفية تعامل الهيئة مع قرار المحكمة الادارية تحدثت «الصحافة» الى السيد بوبكر بن ثابت كاتب عام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. من هي الاحزاب التي عليها ارجاع المنحة برغم ان اجتهاد الهيئة ذهب الى اعفاء القائمات المتحصلة على مقعد من ارجاع هذه المنحة حتى وان لم تتحصل على ٪3 من الاصوات؟
ان التمويل العمومي للحملة منظم بمرسوم وهو يقضي بالتزام القائمات بارجاع ٪50 من قيمة المنحة في صورة عدم حصولها على ٪3 من الاصوات في مستوى الدائرة التي تم الترشح فيها واجراء الحملة الانتخابية بها وان حسن فهم هذا النص يحيلنا الى اعفاء القائمات المتحصلة على مقعد واحد من ارجاع هذه الاموال الا ان اسناد هذه المنحة وارجاعها يبقى من مشمولات وزارة المالية التي ستنظر في هذه المنح ويمكن ان لا تتماشى مع الهيئة في اجتهادها لاعفاء كل من تحصل على مقعد من ارجاع هذه المنحة.
كما نؤكد ان عدد القائمات التي تحصلت على اكثر من ٪3 من الاصوات لا يتعدى ست او سبع قائمات بكل دائرة في حين لم تتجاوز اغلبية القائمات ٪3 من الاصوات بكل الدوائر. وهي بالتالي القائمات المعنية بارجاع القسط الثاني من المنحة العمومية، علما ان مجموع التمويلات والاعتمادات التي خصصت للمترشحين لتمويل حملاتهم بلغ 10.5 ملايين دينار. ما هي التمويلات التي خصصتها الهيئة للاعداد للعملية الانتخابية اجمالا؟
الى جانب مبلغ 10.5 ملايين دينار التي خصصت للمترشحين من احزاب ومستقلين وائتلاف فقد تم تخصيص اكثر من 30 مليون دينار للهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانجاح العملية الانتخابية وذلك في تقييم اولي للميزانية التي خصصت للهيئة في انتظار اعداد التقرير المالي النهائي لأعمال الهيئة.ونحن نؤكد ان تخصيص المال العمومي للاعداد للانتخابات من شأنه التقليص من الفساد الى الحدود الدنيا علما وان الديمقراطية مكلفة لكن انعكاساتها مهمة على مستوى تحقيق التداول السلمي والالي على السلطة.
القانون الانتخابي شهد اجتهادات من طرف الهيئة كما اجتهدت في تطبيقه استنادا لفقه القضاء المحكمة الادارية وهو ما ادى الى ابطال قرار الهيئة في سحب قائمات العريضة الشعبية، ما هو تعليقكم على احكام المحكمة الادارية المتعلقة بالطعون في نتائج انتخابات المجلس الوطني التأسيسي؟
ليس لنا اي تعليق خاص حول قرار المحكمة الادارية ووجود القضاء هو وجود مقنن في جميع مراحل العملية الانتخابية انطلاقا من تسجيل الناخبين مرورا بالنظر في ترشحات القائمات الانتخابية وصولا الى النتائج الإنتخابية. وهو ضمانة للقانون الانتخابي. كما أن قرارات الهيئة من صنف وقرارات القضاء من صنف آخر. فضلا عن ان وجود نص جديد ووحيد لتنظيم العملية الانتخابية سيفضي بالضرورة الى وجود عديد القراءات والاجتهادات.
كما ان تمشي الهيئة باتجاه القضاء لم يكن بإبراز الهيئة كطرف في خصومة وانما يؤكد على موقف الهيئة وتقارير بها توضيح كيفية وصولها الى نتائج الانتخابات المعلنة فضلا على انها ستقدّم للقضاء كل المؤيدات التي تتوفر لديها لمزيد فهم الوضعية وكيفية اتخاذ القرار.
وفي كلّ الأحوال فان الهيئة تحترم قرارات المحكمة الادارية ولا تعلّق عليها كما لا تعتبرها تقييما لعمل الهيئة وانما التقييم سيتم من قبل كامل فعاليات الشعب التونسي لكامل المسار الانتخابي والمشاركين فيه بما في ذلك المؤسسات القضائية علما وأن الهيئة ستساهم في ذلك بوثيقة هامة ومحورية هي التقرير النهائي عن سير العملية الانتخابية.
كيف تقيّم التجاوزات التي شابت المسار الانتخابي؟
أولا لابد من التأكيد على أن النزاعات الانتخابية تحتاج لسرعة الحركة لأنها نزاعات سريعة جدا تحتاج استعداد ليس فقط من قبل الهيئة ولكن من طرف الجميع وخاصة المترشحين والداعمين لهم قصد توثيق التجاوزات ورفعها.
وكما أكدنا سابقا فان تونس اليوم بصدد التدرّب على الديمقراطية والتعامل مع القانون الانتخابي والذي هو بدوره بحاجة الى مراجعة اما عن التجاوزات فان كل الانتخابات في العالم تشوبها بعض التجاوزات إلاّ أن التجاوزات التي من شأنها ان تبطل نتائج الانتخابات فهي تتمثل في متابعة قواعد التمويل والتي تحتاج الى قوانين من خارج القانون الانتخابي والتي من الضروري ان تكون معدّة بصفة مسبقة الى جانب اثبات قواعد الحيادية في الاشراف والتسيير ولعلّ أهم تجاوز من شأنه ان يبطل العمليّة الانتخابية هو التدليس وهي تجاوزات لم نلخظها في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وبعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي.
ـ هل سيستمر عمل الهيئة في تنظيم محطات انتخابية مقبلة؟
وجود الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مرتبط بانتخابات المجلس الوطني التأسيسي وذلك حسب المرسوم المؤسس لهذه الهيئة ومهمتها تنتهي بانتهاء هذا الدور واصدار تقريرها النهائي. الا أنه هناك اجماع على تثمين دور الهيئة الفاعل في الاشراف الناجح على العملية الانتخابية الى جانب وجود طلبات ملحة لعدم اهدار الطاقة والمال لإعادة خلق هيكل جديد يشرف على انتخابات جديدة والأكيد انه في جملة التوصيات التي سترفعها اصدار نص يعطي طابع المؤسسة الدائمة لادارة الانتخابات حتى لا تفاجئنا محطات انتخابية مقبلة وخاصة في الوقت.
علما وانه بانتهاء اعداد نص الدستور لن تتبقى سوى أسابيع قليلة لإجراء ثاني انتخابات هامة في البلاد رئاسية او تشريعية وذلك حسب الخيار المضمّن بالدستور. حاورته: فاتن الكسراوي
(المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 نوفمبر2011)

<



أثارت تصريحات السيد ناجي البكوش عضو اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة و إدعائه عدم تعاون البنك المركزي التونسي مع اللجنة نوعا من الامتعاض من مضمون هذا التصريح لدى البنك المركزي وباتصالنا بالمعنيين بالأمر حول موقفهم من هذه التصريحات. أوضح مصدر مأذون من البنك المركزي التونسي أن هذه التصريحات مجانية و مُجانبة للواقع مؤكدا أن التعاون بين البنك و اللجنة كان متواصلا و في كل الملفات دون تأخير خاصة وأن البنك المركزي كان قد أبدى استعداده اللامشروط لموافاة اللجنة بكل المعطيات المتعلقة بالملفات المتوفرة لديه. أما بخصوص الملف المذكور والخاص باتحاد البنوك التونسية (UTB ) أكدت ذات المصادر أنه تمّ بتاريخ 27 أكتوبر 2011, مراسلة اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة ردّا على مراسلتها الواردة بتاريخ 08 أكتوبر 2011, للتنصيص على أن الملف المشار إليه من السيد ناجي البكوش بخصوص تقرير تفقد حول التصرف في هذا البنك، قد تمت إحالته إلى القضاء من طرف البنك المعني بالأمر وهو صاحب الحق الشرعي و صاحب الصفة والمصلحة الوحيدين في التقاضي و بالتالي فالملف بين أيدي القضاء الذي وصفه مصدرنا بالنزيه والمستقل. مهدي (المصدر: موقع المصدر الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 11 نوفمبر2011)

<



 
طالب مركز كارتر الهيئة المستقلة العليا للانتخابات بنشر نتائج الاقتراع الخاصة بكل مكتب و أعرب عن قلقة من التأخر في نشر النتائج الأولية المفصلة للانتخابات. معتبرا أن هذه العملية معترف بها على نطاق واسع باعتبارها أفضل الممارسات لزيادة الشفافية.
وأضاف في هذا الشأن « كان على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نشر النتائج الأولية حسب مراكز الاقتراع بموقعها على شبكة الإنترنت وبوسائل الإعلام الوطنية كما هو منصوص عليه في القانون »، لتمكين العموم وغيرهم من الجهات المعنية من التحقق من دقة النتائج ولزيادة ثقة المواطنين فيها.
و قال مركز كارتر في بيان نشر أمس أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لم تنشر أيضا الإحصائيات المتعلقة بعدد البطاقات الملغاة و البيضاء و التي تعتبر احد المؤشرات الرئيسية لمدى فاعلية الحملة التوعية العامة مبينا أن مثل هذه الخطوات تتناسب مع المعايير الدولية فيما يتعلق بتعزيز شفافية العملية الانتخابية.
و في حين أشاد المركز بجهود المحكمة الإدارية التي عملت حسب قوله في الفصل في الطعون بكل كفاءة و شفافية ،انتقد هيئة الانتخابات التي كان يتعين عليها تقديم التبريرات القانونية و تقديم أدلة موضوعية عند اتخاذ قرار ذات تأثير كبير مثل قرار إسقاط قائمة احد المترشحين حسب قوله.
ويذكر أن مركز كارتر أصدر بيانا عقب تقييمه الأولي لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 25 أكتوبر المنقضي، حيث قامت بعثة المركز بملاحظة الانتخابات في 272 مركز اقتراع موزعة على جميع الدوائر الانتخابية البالغ عددها 27 دائرة بكامل تراب الجمهورية. وجاء في البيان أن المركز يواصل متابعة « التحديات التي ستواجهها البلاد عند الإعلان عن النتائج النهائية لمقاعد المجلس الوطني التأسيسي، وتشكيل الحكومة الجديدة ».
جدير بالذكر أن بعثة الاتحاد الأوروبي كانت أبدت تقريبا نفس الملاحظات و طالبت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بنشر النتائج المفصلة لكل مكاتب الاقتراع على موقعها الالكتروني كما انتقدت قرار الهيئة إسقاط قائمات بعض المترشحين دون تقديم تبريرات موضوعية.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 12 نوفمبر 2011)

<



تونس- بناء نيوز- نورالدين فردي

نظم اليوم مركز الزيتونة للدراسات الاستراتيجية ندوة فكرية تناولت موضوع « قراءة في انتخابات المجلس التأسيسي » أكد فيها المحامي المنجي السحباني عضو منظمة حرية وانصاف أن انتخابات 23 أكتوبر لا تخلو من مميزات وكذلك اخلالات لخّصها في ثلاث نقاط .
أولا: القانون الانتخابي حاول أن يوجد توازن بين تمثيلية الجهات والتونسيين بالخارج في المجلس التأسيسي إلا أن نتائج الانتخابات أفرزت عكس ذلك فهناك تمثيلية عرجاء داخل الدائرة الانتخابية في حد ذاتها فتوجد معتمديات داخل الجمهورية غير ممثلة وهو ما افرز فائزين في الانتخابات هم في الاصل من مركز الولاية.
ثانيا: رغم ان مبدأ التناصف جيد فإن رؤساء القوائم من النساء في حدود 6 بالمائة واقتصر تمثيل المرأة في المجلس التأسيسي على 57 امرأة أي بمعدل 26 بالمائة.
ثالثا: طريقة الاقتراع كانت محاولة للحد من بروز حزب مهيمن لقطع الطريق على الفكر الشخصي وبروز زعامات في المجلس التأسيسي وأن التمثيل النسبي بأكبر البقايا أوجد فسيفساء في المجلس التأسيسي.  
افرازات العملية الانتخابية
وقال المنجي السحباني إن أي عملية انتخابية لا تخلو من نقائص فشكل ورقة التصويت احدث ارتباكا خاصة لدى كبار السن فكثرة الورقات الملغاة وخاصة الأوراق البيضاء التي كانت انعكاسا لصعوبة وتعقيد ورقة التصويت. كذلك اعتماد قاعدة أكبر البقايا أفرز أن 68 مقعد فقط بالحاصل الانتخابي والبقية بأكبر البقايا فمثلا هناك قائمة فازت بمقعد في المجلس التأسيسي ب2700صوت فقط . ونظام الترشح بالقوائم أفرز صعود 113 مقعد لرؤساء القوائم وبالتالي فإن بقية أعضاء القائمة في حد ذاتها ظلموا وهذا للأسف ما حاول القانون الانتخابي أن يتجنبه.
دور المجتمع المدني
وأكدت رفيعة عطية عضو بمركز الزيتونة أن المجتمع المدني قام بدور مهم وحيوي في انجاح الانتخابات من خلال متابعة العملية الانتخابية من أولها. وقالت إن ائتلاف « أوفياء » كجزء من المجتمع المدني ساهم بشكل كبير في حث التونسيين على المشاركة في الانتخابات سواء عبر الدورات التكوينية التي استهدفت فئة الشباب من أجل اقناع الناس بالتسجيل في مرحلة أولى ثم المشاركة بكثافة يوم الاقتراع. وكذلك فإن المجتمع المدني ساهم في انجاح الانتخابات من خلال انتشار الملاحظين في كل الدوائر.
المشهد السياسي الجديد
اعتبر عبد المنعم السحباني مدير مركز الزيتونة في مداخلته أن انتخابات 23 أكتوبر أفرزت مشهدا سياسيا جديدا متنوع خرج بنا من نظام الحزب الواحد قائلا في هذا الخصوص « إن المشهد السياسي في تونس بعد 14 جانفي تشكل في بادئ الأمر بصفة مستعجلة فقد انشئت أحزاب بصفة فوقية لتبحث في ما بعد عن الجمهور وهذا خطأ أدى إلى أن الكثير من الأحزاب لم تفز ولو بمقعد وهناك من الأحزاب من لم يحصل إلا على الف صوت وهو رقم مخجل بالنسبة لأي حزب.
وقال السحباني إن الأحزاب التي لم تتوصل إلى نتائج بدأت تتجه نحو التشكل في جمعية بدل حزب. وإن المحددات الرئيسية التي كانت حاسمة في تشكيل هذا المشهد هي العقيدة وكذلك القبيلة فمثال ذلك ما وقع في دائرة قبلي حيث حصل حزب المؤتمر من أجل الجمهورية على 19 الف صوت وفي دائرة سيدي بوزيد حيث تفوقت العريضة الشعبية على حركة النهضة في عدد المقاعد باعتبار أن الهاشمي الحامدي من منطقة سيدي بوزيد. وأضاف عبد المنعم السحباني أن اللافت في المشهد السياسي الجديد هزيمة الأحزاب التي كانت تسمى كارتونية زمن بن علي وهو مؤشر على وعي المواطن التونسي. وكذلك خسارة التيار القومي والذي ساهمت الأحداث في ليبيا وسوريا في هزيمته.
(المصدر: موقع بناء نيوز الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 12 نوفمبر 2011)

<



علمت التونسية ان الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني التاسيسي ستقام يوم 22 نوفمبر القادم و سيتم خلالها تعيين رئيس للمجلس و تكوين لجنتين تعنى الاولى بصياغة النظام الداخلي للمجلس فيما تهتم الثانية باعداد القانون المنظم للسلطات الوقتية قبل الشروع مباشرة في اعداد الدستور الجديد. (المصدر: صحيفة « التونسية » الإلكترونية(تونس) الصادرة يوم 12 نوفمبر 2011)

<



تونس, تونس, 12 تشرين الثاني-نوفمبر (يو بي أي) — قال مسؤول في الإتحاد الأوروبي، اليوم السبت، إن الإتحاد يعتزم منح تونس هبة بقيمة 400 مليون يورو، وقروضاً بقيمة 3 مليار يورو خلال الفترة الممتدة من عام 2011 الى عام 2013. وقال ميشال برنيي، المفوض الأوروبي المكلّف بالسوق الداخلية والخدمات والتعديل المالي، في تصريح إثر اجتماعه اليوم مع رئيس الحكومة التونسية المؤقتة الباجي قائد السبسي في تونس، إن « الإتحاد الأوروبي يعتزم منح تونس هبة بقيمة 400 مليون يورو، وقروضاً بقيمة 3 مليار يورو خلال الفترة الممتدة من عام 2011 الى عام 2013 ». وأوضح برنيي أن هذا التمويل يندرج في سياق دعم الإتحاد الأوروبي للشراكة مع تونس لدفع التنمية في البلاد وإحداث المزيد من فرص العمل. ودعا تونس إلى « إنتهاج تهيئة ترابية أكثر توازناً على المستوى الوطني، وتركيز سوق مغاربية مشتركة ووضع سياسات زراعية موحدة في المنطقة المغاربية ». وكان المفوض الأوروبي المكلف بالسوق الداخلية والخدمات والتعديل المالي، بدأ اليوم زيارة رسمية إلى تونس، سيجتمع خلالها مع عدد من كبار المسؤوليين التونسيين وقادة أبرز الأحزاب السياسية الفائزة في إنتخابات المجلس الوطني التأسيسي. (المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 2011)

<



بدرة قعلول*
ما الدور الذي ستلعبه المؤسسة العسكرية التونسية في فترة ما بعد الثورة وفي المرحلة الانتقالية المفترضة إلى الديموقرطية: ريادي وسيادي بمرجعية عسكرية سياسية، أم مراقب لشؤون البلاد من دون التدخّل في القرارات السياسية؟ شهد المجتمع التونسي خلال أيام الثورة وبعدها صعوداً لدور المؤسسة العسكرية التي كانت شبه غائبة عن الساحة السياسية والاجتماعية قبل ذلك. هذه المؤسسة كانت قد أزعجت الرئيس بورقيبة على أثر محاولة الانقلاب العسكري في عام 1969، التي حُك.م خلالها على العديد من الضباط بالإعدام أو السجن. وقد عمد بورقيبة بعدها إلى تقييد قدرات الجيش ليعطي للحرس الوطني صلاحية مراقبة هذا الأخير في العام 1968، ما أوجد عداوة بين الجهازين. الوقاية خير من علاج : حين انتقل الحكم إلى زين العابدين بن علي، لم يدّخ.ر الرئيس الجديد جهداً لمواصلة سياسات بورقيبة. وفي عهده وقعت أيضاً أحداث 1991 التي اتُّه.مَت فيها مجموعة من الضباط بالإعداد لانقلاب عسكري. لكن وفق عدد من الضباط المتّهمين، كانت هذه تهمة باطلة ولا تعدو كونها جزءاً من سيناريو حاكه بن علي كي يحذّر الضباط من مغبّة التفكير في السلطة السياسية. ولا ننسى هنا أنّ بن علي له خلفية أمنية، وكان مهتمّاً إلى حدّ بعيد بالإقصاء التام للجيش عبر تطبيق وصفة «الوقاية خير من علاج». لكن اليوم، وبعد الثورة، يتبيّن أن الشعب التونسي استفاد من سيناريو واستراتيجية بن علي، وكذلك فعلت المؤسسة العسكرية. فالجيش لم يعد يطمع بالسلطة السياسية، لأنه يفتقر إلى التجربة والتاريخ السياسيين والإيديولوجيا. صحيح أن الشعب نادى، قبل 14 يناير وبعده، بتدخّل المؤسسة العسكرية في السلطة، خاصة أن الفريق أول رشيد عمار قال لزين العابدين بن علي إنه لم ولن يطلق النار على المتظاهرين. لكن الجيش في الواقع لم يطمح إلى تسلم السلطة السياسية. ساعد الجيش في الحفاظ على مؤسسات الدولة حين سقط النظام. وقد تم ذلك على أثر التصريح الذي أدلى به رشيد عمّار (والذي بات يُعرَف بـ«تصريح القصبة اثنين») حين وعد بحماية الثورة والبلاد. ثم إن وزارة الدفاع لا تَني تؤكّد مراراً وتكراراً أن هدفها هو تأمين المسار الديموقراطي والمدني وليس فرض سلطة العسكر. اكتفى الجيش بتوفير الأمن وحماية الشعب، وبقيت المؤسسة العسكرية متماسكة. كما نجحت المؤسسة العسكرية في الاحتفاظ بالصدقية والشرعية القانونية، في حين كانت باقي مؤسسات الدولة تفقد الشرعية الشعبية، خاصة منها مؤسسة الأمن الداخلي التي كانت تُعرَف بفسادها وبأنها العصا الغليظة لبن علي التي تسبّبت بقتل المتظاهرين وقمعهم إبّان الثورة وبالطبع قبلها. علاوة على ذلك، كانت المؤسسة القضائية مشكّكا بها هي الأخرى، ويسري الأمر نفسه على الحكومة المؤقتة المشكّك بشرعيتها هي الأخرى لأنها وُل.دَت من رحم النظام السابق. وهكذا تم إسقاط الحكومتين الأولى والثانية، أما الحكومة الحالية برئاسة الباجي قائد السبسي، فلم تف. بوعودها أو مارست العديد من التجاوزات، ففقدت الشرعية الشعبية. الدور المرتقب: نعود الآن إلى التساؤل: ما الدور الذي يمكن أن تلعبه المؤسسة العسكرية في المطبخ السياسي التونسي بعد الانتخابات؟ وهل تمتلك المؤسسة العسكرية ما يكفي من النضج السياسي كي تساير الانتقال الديموقراطي؟ ثم، هل سيعود الجيش التونسي إلى ثكنه لاستئناف مهامه التقليدية بعد الإشراف على الانتخابات وتهيئة الأرضية السياسية والاجتماعية والأمنية للبلاد؟
الواقع أنه سيكون للمؤسسة العسكرية دور عسكري لتلعبه الآن وبعد انتخابات المجلس التأسيسي. فسبَقَ لها قبل أيام أن وفّرت الحماية للانتخابات، كما اضطلعت بدور لوجستي فيها عبر توفير كل المعدات والمستلزمات من نقل بري وبحري وجوي. ووفق ما أعلنه ممثل وزارة الدفاع العميد مختار بن النصر، فإن «الجيش التونسي سيعود بعد الانتخابات إلى مراكزه العسكرية ليقوم بأعماله العادية وليعيد النظر في مؤسسته، علماً بأن هذه المؤسسة تعمل على انتداب الكثير من الشباب».
وترى المؤسسة العسكرية أنه يجب القبول بنتائج الانتخابات كيفما جاءت، حتى ولو صبّت في مصلحة الإسلاميين. ويشدّد الضباط على أنه لا توجد سيناريوهات محتملة تستند إلى نتائج الانتخابات، وعلى ضرورة إعطاء الشعب التونسي الحرية والمسؤولية لتحديد خياراته من دون أي تدخّل داخلي أو خارجي.
التطمينات قوية، لكن هل المجتمع التونسي مطمئن لها؟ ألا يخشى من حدوث سيناريو جزائري في تونس؟ لا يخفي بعض التونسيين مخاوفهم حيال دور المؤسسة العسكرية بعد الانتخابات على صعيد القرارات السياسية. هذا على الرغم من أن هذا الموضوع ليس له صدى عام ولم يُطرَح كمادة نقاش أو جدل لدى شرائح المجتمع عدا أقلية فيه.
إضافة إلى ذلك، تعتقد بعض النخب أن ما يُطَمئ.ن هو أن الجيش التونسي ليست له تركيبة تقليدية. فهو غير مبن على أساس ديني أو عرقي أو جهوي أو طائفي، بل يستند إلى معايير أكاديمية، وإلى ذهنية منفتحة على المدارس العالمية هدفها تحويل الجيش إلى أكبر الجيوش العربية ليس في الكم بل في الكيف. كثير من الاختلافات: وعلى أي حال، التجربة الجزائرية لا يمكن أن تتكرر في المجتمع التونسي، فالجيش التونسي يختلف تماماً عن الجيش الجزائري في تركيبته وتكوينه وطريقة عمله. كما أنه ثمة تباينات كثيرة بين المجتمعين وبين التجارب الثورية في كلا البلدين. كذلك تختلف المؤسسة العسكرية التونسية تماماً عن المؤسسات العسكرية العربية. فالجيش في مصر له طابع سياسي منذ الانقلاب العسكري للضباط الأحرار بقيادة عبدالناصر في الخمسينات. فهو يتدخل في الشؤون السياسية للبلاد. كما أن له طابعاً ايديولوجياً بحكم الاقتراب الجغرافي من العدو الإسرائيلي والصراع العربي – الإسرائيلي. وبالتالي، تكوين الجيش المصري يختلف تماماً عن تكوين الجيش التونسي. وهنا يجب أن نلتفت إلى حقيقة أن الشعب المصري هو مَن بدأ الثورة، لكن مَن استلم السلطة السياسية كان الجيش.
انطلاقاً من ذلك كله، يمكن أن نتوقّع العودة شبه الكلية للجيش التونسي بعد الانتخابات إلى ثكنه ومراكزه، حيث سيقوم بمراجعة الذات وتدارك ما عاناه من تهميش وإضعاف. أما الحديث عن مستقبل سياسي تونسي بثوب عسكري، فهو ليس ممكناً لا بل هو آخر سيناريو يمكن أن يتخيّله الشعب التونسي، لأنّ السلطة كانت بالفعل في متناول الجيش لكنه لم يستغلّها.  
ينشر بالترتيب مع نشرة الاصلاح العربي – كارنيغي للسلام الدولي (المصدر: صحيفة « السياسة » (يومية – الكويت) الصادرة يوم 12 نوفمبر2011)

<



تونس, تونس, 12 تشرين الثاني-نوفمبر (يو بي أي) — أعلن عدد من الأحزاب السياسية التونسية، اليوم السبت، عن رفضها القاطع لدعوة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لحضور أعمال الجلسة الإفتتاحية للمجلس الوطني التأسيسي التونسي المقررة في 22 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري. ونقلت الصحيفة الإلكترونية التونسية (الجريدة) عن المولدي الفاهم عضو الهيئة التنفيذية للحزب الديمقراطي التقدمي الفائز بـ16 مقعداً في المجلس الوطني التأسيسي المنبثق عن إنتخابات 23 أكتوبر/تشرين أول الماضي، قوله إن حزبه « يرفض شدة حضور الأمير القطري في أول جلسة للمجلس الوطني التأسيسي يوم 22 نوفمبر الجاري ». وأضاف أن إحتجاج حزبه على هذه الزيارة « يمكن أن يصل إلى مقاطعة الجلسة الإفتتاحية للمجلس الوطني التأسيسي التونسي ». واعتبر الفاهم أنه ليس هناك أي مبرر لحضور أمير قطر الجلسة المرتقبة للمجلس الوطني التأسيسي التونسي « لأن هذا يعتبر تدخلاً في الشأن الداخلي للبلاد، الأمر الذي يجعل السيادة الوطنية محل شك ». من جهته، قال حمة الهمامي الأمين عام حزب العمال الشيوعي التونسي، إن « حزب العمال ومناضليه لا يرحبون بهذه الزيارة التي تعتبر عاراً على من دعا حمد بن خليفة آل ثاني ». وأضاف « لا أهلاً ولاً سهلاً يا عرّاب المشاريع الأميركية والصهيونية في الوطن العربي »، وأكد أن الشعب التونسي الحر « ليس في حاجة لعملاء أميركا والكيان الصهيوني ». أما عبيد البريكي الناطق الرسمي بإسم الإتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في تونس) فقد أعرب عن إستغرابه من دعوة أمير قطر لحضور أولى جلسات المجلس الوطني التأسيسي. وقال إنه « لا مكان لأحد مهما كانت جنسيته في الجلسة الأولى للمجلس الوطني التأسيسي، وإن التونسيين وحدهم من لديهم حق حضور الجلسة الإفتتاحية لهذا المجلس الذي جاء بعد تضحيات جسام من أبناء الوطن ». الى ذلك، أعرب خالد الكريشي الناطق الرسمي بإسم حركة الشعب الناصرية، عن إستغراب حركته من دعوة أمير قطر لزيارة تونس لحضور الجلسة الإفتتاحية للمجلس الوطني التأسيسي، واعتبر ذلك تدخلاً في الشأن الداخلي. وترددت أنباء تفيد بأن حركة النهضة دعت أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل الثاني لحضور أولى جلسات المجلس الوطني التأسيسي التونسي، وذلك على هامش زيارة رئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي الى قطر مباشرة بعد إعلان النتائج الأولية لإنتخابات المجلس الوطني التأسيسي، واجتماعه مع أمير قطر. وكان حمادي الجبالي الأمين العام لحركة النهضة الإسلامية التونسية، أكد اليوم في تصريحات بثتها إذاعة (موزاييك أف ام) حضور أمير قطر الجلسة الإفتتاحية للمجلس التأسيسي.
(المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 12 نوفمبر 2011)

<



تتالت التصريحات الصحفية لكثير من زعما ء الاحزاب السياسية على مختلف مشاربها والتي يجمعها فشلها في انتخابات المجلس التاسيسي المحتجة عن دعوة أمير قطر لحضور الجلسة الأولى للمجلس التأسيسي وتمادت هذه الزعامات في التحريض على رفض الدعوة وهددت بالانسحاب من الجلسة إن حضرها الأمير وقد نتفق مع هذه الزعامات في ما ذهبت إليه من رفض للتدخل في رسم معالم جمهوريتنا الثانية الفتية والتونسي أصبح حساسا ما بعد الثورة لمثل هذه المسائل غير ان ما نعيبه على نخبنا الغيورة صمتها أمام دعوة الرئيس الفرنسي ساركوزي فهل هو حملا وديعا وناصرا لثورتنا أم أنه الأكثر جرما في حق شعبنا والأكثر دعما للدكتاتور الذي فعل فينا القتل والتشريد لماذا كل هذه الصيحات والتنديدات في وجه دعوة أمير قطر والصمت المطبق أمام دعوة رئيس فرنسا المبجل.إن هذا التناقض المفضوح يشكك في النوايا السليمة في رفض زيارة أمير قطر ذلك أن هذه الزيارة قد توحي بدعم لحركة النهضة الفائزة في الإنتخابات ومقدمات لإمكانية المساندة المالية والسياسية لخطواتها الأولى في بناء الدولة الحديثة وهو مالا تتمناه نخبنا الغيورة على استقلال قرارنا الوطني.فلماذا لا نسمي الأشياء بمسمياتها ونقول بصراحة ووضوح لا أهلا ولا سهلا لمن هو داعما ومتنفسا للنهضة في تجربتها الأولي والجديدة في بناء معالم الجمهورية الثانية ولكن نعم لكل ضيف محترز منها وناصبا لها العداء والريبة بل وداعما لمن يخالفها ويزاحمها على الساحة الوطنية ذلك ان أحد النساء الديمقراطيات لم تستحي وهي تدعو على أحد القنوات الفضائية الفرنسية الحكومة الفرنسية للتحرك سريعا ووقف مهزلة انتصار حركة النهضة في الانتخابات التونسية.إن هذا التمشي حقيقة سيزيد من عزلة هذه النخب والزعامات السياسية التى لا تراعي التوازن في مواقفها ولا عيب عندها في ان تظهر حساباتها الضيقة ضاربة عرض الحائط بالمصلحة الوطنية فلو سمعنا رفضا مطلقا لكل الدعوات التي ستحضر ضيوفا دوليين قد تحوم حولهم شكوكا حول دورهم المناهض لاستقلال القرارات الوطنية للشعوب الثائرة هذا ممكن ومعقول وتسطف خلفه كل شرائح المجتمع حتى وان لحق الحيف ببعض الضيوه النزهاء ولكن أن نسقط في التمييز الفاضح ونحتج على هذا ونقبل بهذا رغم شططه في العمالة للصهيونية ودعمه للدكتاتورية التي اغتالت احلامنا وتفوقه على من نحتج عن قدومه باضعاف الأضعاف فهذ يحيلنا إلى طرح السؤال المنطقي هل انتم غيورين عن الوطن وقرارنا المستقل أم هو فقط انتصارا لحساباتنا الحزبية الضيقة ومصلحنا الشخصية التي قد تضيع البوصلة وتكون أخطر على الوطن من تخدلات الضيوف الغير ورغوب فيهم…وأخيرا لا يفوت زعاماتنا السياسية أن دعوة أمير قطر صدرت من طرف حكومتنا التي أشاد بها زعماؤنا في حسن أدائها حكومة السبسي والسيد المبزع…دمتم على محبة للوطن وللقرار الوطني المستقل  
مباشر من تونس

<


خاص ـ حمادي الجبالي مرشح حركة النهضة لرئاسة الحكومة لـ«الصباح» المفاوضات حول «الرئاسيات» لم تحسم.. لكنها لن تتجاوز نهاية الأسبوع


لن نقبل تدخلا في شؤوننا من أي كان لأن ثورة الكرامة مطلب عزة وسيادة.. ـ أولويتنا للملفين الاقتصادي والاجتماعي.. وعيننا على الدستور والقوانين السياسية ـ هكذا تغير الموقف الفرنسي.. ونتجه لعلاقات أرحب مع باريس ـ التعاون مع «العريضة الشعبية» يحدده الائتلاف الثلاثي.. ـ أمام ضغط مواعيده، وامتلاء روزنامة اجتماعاته الماراطونية التي تبدأ من الثامنة صباحا الى غاية منتصف الليل.
لم يكن ممكنا إجراء حوار مع السيد حمادي الجبالي، الأمين العام لحركة النهضة، ومرشحها لرئاسة الحكومة، الا خارج هذا الحيز الزمني.. فكان أن اتفقنا على توقيت السادسة صباحا (أمس).. التقيت الرجل في بيته بالقرب من العاصمة، وجدته في جهوزية تامة بـ«لباس إداري»، على أهبة الاستعداد لأي اجتماع أو موعد..
وعلى الرغم من التوقيت الصباحي، فقد كانت اسئلة «الصباح» محرجة تطرقت الى نتائج مفاوضات تشكيل الحكومة والتعقيدات التي ترتبط بها، وعن حظوظ السيد الباجي قائد السبسي في الانتقال الى قصر قرطاج، وعن أولويات الحكومة القادمة، وقضية التداين الخارجي، والعلاقة مع قطر، والاشكال مع فرنسا، ومستقبل الشراكة مع أوروبا، وأفق العلاقة مع «العريضة الشعبية» والنظام السياسي الممكن لتونس، وغيرها من الموضوعات التي تقرأونها في هذا الحوار الذي خص به «الصباح»..
أجرى الحوار صالح عطية
إلى أين وصلت مفاوضات تشكيل الحكومة إلى حد الآن؟
أعتقد أننا تأخرنا قليلا، المفاوضات لم تصل بعد إلى مرحلة الحسم في مستوى الرئاسيات.. هناك موضوعات أخرى هامة، لكن أعتقد أن هذا الأمر بالغ الأهمية.. لقد تعاملنا مع المفاوضات وفق ثلاثة مسارات، ثمة ثلاثة وفود تشكلت من الأحزاب الثلاثة (النهضة والمؤتمر والتكتل)، وفد سياسي وآخر قانوني ووفد ثالث اقتصادي واجتماعي، والوفود الثلاثة بدأت المناقشات وهناك تقدم واضح في هذا المجال، وبطبيعة الحال قيادة الأحزاب الثلاثة هي التي تنظر في مسألة المواقع المتقدمة، وأعني بذلك رئاسة الدولة ورئاسة المجلس التأسيسي ورئاسة الحكومة، بالإضافة إلى وزارات السيادة.. وكما تعلمون، كان لدينا اتفاق مع شركائنا منذ ما قبل الانتخابات، بأن يتولى حزب الأغلبية مهمة رئاسة الحكومة، فيما تكون رئاسة المجلس ورئاسة الدولة موزعة بين شريكينا..
هي عملية محاصصة حينئذ؟
قطعا لا.. لأن الاتفاق بشأنها تم قبل الانتخابات، كان هناك اتفاق مع قيادتي المؤتمر والتكتل على هذا الامر، وهذا معمول به في أعرق الديمقراطيات.. المهم اليوم أن نتوصل في أفق نهاية الأسبوع الجاري إلى اتفاق بشأن الرئاستين، ليس فقط على مستوى المواقع، ولكن على صعيد الصلاحيات والمهام بين المؤسسات الثلاث: الحكومة والمجلس التأسيسي ورئاسة الجمهورية.. سنحاول تذليل الصعوبات الموجودة، ولابد أن نصل إلى اتفاق في نهاية الأسبوع بحول الله..
أين يكمن الخلاف تحديدا في هذا المجال؟
صراحة، لا يمكنني الإفصاح حاليا عن أية معطيات بهذا الخصوص، فلابد من احترام شريكينا من ناحية، ولابد من إعطاء المفاوضات والمناقشات بينهما الوقت الكافي، وأن تبقى مسألة داخلية من ناحية أخرى في انتظار الحسم النهائي الذي نقدّر أنه لن يستمر أكثر من نهاية الأسبوع الجاري، حيث سيتضح كل شيء تقريبا.. * هناك من يتحدث الآن عن أن مصلحة الدولة تقتضي الرهان على قدر من الاستمرارية في الحكم، ويعتبر البعض أن الإبقاء على السيد الباجي قائد السبسي، ضرورة لطمأنة الغرب الذي قد يتوجس خيفة من حصول قطيعة بين مرحلتي الحكم الانتقالي الراهنتين..
أنتم في حركة النهضة، كيف تنظرون في هذا الموضوع؟
المنطق يقول أن المواقع الثلاثة العليا في الدولة، لابد أن تكون محل اتفاق بين الأطراف الممثلة للحكم حاليا.. ولاشك أننا سنراعي مصلحة البلاد في كل ذلك.. الأمر لا يتعلق بمحاصصة كما أسلفت الذكر، ومدار نقاشاتنا حول مصلحة الدولة ومصلحة شعبنا، خاصة وأن الموضوع يتعلق بمدة زمنية لا تتعدى العام.. فنحن نقدم أفكارنا ومواقفنا، ونقترح الأسماء، لكننا نحترم الطرفين الشريكين لنا، لكن ما أؤكده أننا جميعا ندير الحوار من منطلق المصلحة الوطنية.
سي حمادي، الآن الحكومة القادمة تواجه استحقاقات اجتماعية واقتصادية صعبة: توقعات بعجز مالي قد يصل إلى %6 في 2012، حجم البطالة بلغ 700 ألف نسمة، قطاع سياحي متدهور، قدرة شرائية ضعيفة لقسم واسع من التونسيين، ما هي أولويتكم في المرحلة المقبلة، هل لإعادة هيكلة الدولة ـ كما يطالب البعض ـ أم للانكباب على هذه الملفات أولا؟
موقفنا في حركة النهضة ذو منحيين إثنين: لدينا أولوية صياغة الدستور في إطار المجلس التأسيسي، ونحن نعتقد أن للمجلس مهمة رئيسية انتخب من أجلها، وهي وضع دستور للبلاد، قد نستفتي عليه شعبنا، وهو ما سوف يقرره المجلس التأسيسي، ثم نبني ـ انطلاقا من هذا الدستور ـ القوانين المنظمة للحياة السياسية، أي القانون الانتخابي وقانون الأحزاب وقانون الصحافة.. لاشك أن هناك مشاريع قوانين قدمت وصادقت عليها الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، ونحن نعتبرها مشروعات رأي يستأنس بها، ولن نرى مانعا إذا ما اعتمدها المجلس التأسيسي مجددا، لكنها غير ملزمة له، إنما سنأخذها بعين الاعتبار، خصوصا وقد شارك في إعدادها مهنيون وقانونيون وخبراء وحقوقيون.. وبطبيعة الحال سنذهب بعد ذلك إلى الانتخابات، وفقا لشكل النظام السياسي الذي سيقره المجلس التأسيسي وينص عليه الدستور، فإما نظاما برلمانيا، أو رئاسيا أو نظاما مزدوجا، وإثر ذلك نسلّم المهمة لمن سيختاره شعبنا..
لا شك أن ثمة إصلاحات سنشرع فيها تخص العدالة الانتقالية، إذ لابد من رسالة تبعث إلى الثوار وإلى شعبنا، وهناك قطاعات ستطالها الإصلاحات مثل الإعلام والتعليم والصحة وغيرها، هذا شأن المجلس التأسيسي.. وبخصوص الحكومة…
شأن الحكومة يتمحور أساسا حول الملف الاقتصادي والاجتماعي، من خلال إجراءات عاجلة، تخص الحد من البطالة والملف الصحي والصناديق الاجتماعية والقطاع السياحي، الذي سنوفر له الظروف الملائمة لكي ينطلق لإنقاذ الموسم القادم.. هذه مهمة الحكومة بالأساس، إلى جانب مهمتها السياسية، لكن لن نفتح الملفات الكبرى في هذه المدة الوجيزة على حساب الأولويات الاقتصادية والاجتماعية، خصوصا في الجهات والولايات التي لم تعد أوضاعها تحتمل المزيد من الانتظار..
حكومة الباجي قائد السبسي «تهربت» من مسألة التداين الخارجي.. وأمام العجز المرتقب في الموازنة التونسية الذي يتوقع أن يستمر حتى نهاية 2012، ستجدون أنفسكم أمام تعقيدات مالية كبيرة.. هل تلجأون إلى التداين الخارجي، أم لديكم سياسة أخرى في هذا المجال؟
سنحاول ألا نثقل كاهل بلادنا بالديون.. سوف نعتمد على الاستثمار المباشر ما أمكننا ذلك، وأنا متأكد، أنه بتحسن الوضع السياسي والأمني، وإذا ما لم نواجه بوضع اجتماعي معقد، فإن إرادة الاستثمار في بلادنا كبيرة وواسعة، من الغرب والشرق ومن مختلف القارات.. قبل الاقتراض نريد أن نذهب إلى مصادر الدعم المباشر لتمويل مشاريعنا ومواجهة العجز المالي الراهن، وسنعتمد على مصادر أخرى مثل التمويل الذاتي، وعبر التمويل الخارجي، من خلال صكوك ائتمان وصكوك استثمار في مشاريع مباشرة.. ثمة صكوك أبدى أصحابها استعدادا للدخول في مشاريع البنية التحتية (الطرقات السيارة ـ المستشفيات الضخمة.. إلخ..)، ولدينا نوايا استثمار في هذا المجال من الغرب قبل الشرق.. فإذا كان لابد من قروض، فسنختار أيسرها وأخفها، حتى لا نثقل كاهل البلاد، وحتى لا نحرج الحكومات التي ستعمل خلال السنوات القادمة..
وأتصور أننا سنصل مع المؤسسات المالية، الإقليمية والدولية التي تتعامل معها تونس منذ عقود، على غرار البنك الإفريقي للتنمية، والبنك العالمي ومؤسسات أخرى، إلى صيغ من شأنها إعطاء متنفس للاقتصاد التونسي، ومن دون إغراق ميزانية الدولة بديون إضافية..
ولاشك أنه بتركيز الحكم الديمقراطي والرشيد في بلادنا، واعتماد الشفافية في جميع تعاملاتنا، وتقديم صورة على نهوض ديمقراطي في تونس، سنكون أمام فرص استثمار وتعاون واسعة، لأن الغرب عموما يرغب في تشجيع المسار التونسي من الناحية السياسية (الآنية) والاستراتيجية، ولا يريد إفشاله..
في هذا السياق، يطرح البعض موضوع العلاقة بين حركة النهضة ودولة قطر، وهناك بعض الجدل بخصوص ما يتردد عن تدخل قطري في صياغة مستقبل تونس، هل أن الدوحة تمثل وجهة سياسية ومالية بالنسبة للحكومة القادمة؟
طالعت مؤخرا بعض ما كتب في هذا المجال، ولمست حساسية غير مبررة في هذا السياق، لأننا كنا واضحين منذ البداية.. العلاقة مع قطر على المستوى الاقتصادي والمالي، ليست بين حركة النهضة ودولة قطر، ونحن امتنعنا أن تكون لدينا علاقات مالية مع أي دولة أو جهة.. العلاقة سوف تكون بين الدولة والدولة، بين الحكومتين، ومن موقعنا في الحكم، سوف نبحث عن دعم التجربة التونسية الجديدة، ودعم اقتصاد بلادنا، من كل الأصدقاء، دولا ومؤسسات، ومن بين هذه الأطراف دول الخليج، ونحن لا نفرق بين أحد من هؤلاء، على العكس من ذلك تماما، فنحن سنتجه نحو دول شقيقة، ابتداء من المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات والكويت وتركيا، سنتعامل معها على أساس أن هذه تجربة ديمقراطية وليدة تحتاج إلى دعم الاستقرار والأمن فيها، وهذا يدخل ضمن المفهوم الواسع والعميق للأمن القومي العربي.. ولا نتصور أن إخواننا في المنطقة غافلون عن هذا.. ولذلك ليس لدينا تفاضل بين هذه الدول.. بل إننا سنوسع من دائرة اتصالاتنا وعلاقاتنا بدول آسيوية وإفريقية وعربية، بعيدا عن التحالفات المريبة والمشبوهة..
وأقول لك حقيقة، أننا لن نلمس أي محاولة أو حتى مجرد النيّة للتدخل في شأننا الوطني من دولة قطر أو من غيرها، بل إننا لن نسمح بذلك إطلاقا، فشعبنا أنجز ثورة لكـــي يستقل بقراره وسيادته، لا يكون تابعا لهذا الطرف أو لذاك.. شعبنا ثار من أجل كرامته، وعزة تونس واستقلال قرارها في قلب هذه الكرامة.. لكن وضعنا يقتضي تضافر جميع الجهود، الداخلية والخارجيـة، لأننا بصدد مصالح دولتنا وشعبنا، وبالتأكيد سيكون لشفافية معاملاتنا مع الآخرين، دور فعال في حصول الدعم لتونس، التي لن تكون مختلف أشكال الدعم محل شكوك، أو مدخلا للفساد الذي عرفناه مع العهد البائد.. فقطر، دولة شقيقة، لديها رغبة في دعم الثورات، وفي مقدمتها الثورة التونسية، لكن ليس عن طريق الأحزاب، إنما عبر الدولة التونسية..
دعني أضيف إلى الملف القطري، المشكل مع فرنسا، التي بدت حذرة من التعامل مع نتائج الانتخابات ومن صعود حركة النهضة للحكم.. كيف ستتعاملون مع هذا الملف الهام؟
الشعب التونسي بثورته، بعث برسالة واضحة لجميع الأطراف، ووجه لومه للتجمعات والدول التي ساندت الديكتاتورية، وهذه الرسالة وصلت الغرب والاتحاد الأوروبي تحديدا، بل إن البرلمان الأوروبي كان قد قدم ورقة انتقد فيها مواقفه، كما صرح الأوروبيون بكونهم لن يسمحوا ـ بعد اليوم ـ بدعم الديكتاتوريات، وسيكون الشرط السياسي لدعم الديمقراطيات الناشئة هو المدخل لأي دعم اقتصادي ومالي.. وأتصور أن الأوروبيين استخلصوا الدرس..
قامت الثورة حينئذ، وأنجزت الخطوة الهامة، وهي الانتخابات، والشعب التونسي قال كلمته بوضوح عبر صندوق الاقتراع، فلا يحق لأحد أن يقول للشعب التونسي أخطأت وسوف أضعك تحت الامتحان على خيارك، فلا يمكن لأحد أن يعلـّم الشعب التونسي كيف ومن يختار.. لكننا نفهم ونتفهم الحساسيات والخلفيات، بل إنه صلب الموقف الفرنسي، رأينا تطورا مهما للغاية، كان عبّر عنه رئيس الدبلوماسية الفرنسية، آلان جوبيه، من خلال اتصاله برئيس الحركة، الأخ راشد الغنوشي، حيث هنأ الشعب التونسي بنجاح انتخاباته، وعبر عن استعداد فرنسا لدعم التجربة التونسية، ونحن نعتبر ذلك رسالة فرنسية إيجابية..
إننا نتفهم الوضع الداخلي الفرنسي قبيل الانتخابات القادمة، والتجاذبات وضغوط الأحزاب والمنظمات والرأي العام في فرنسا، لكن على غيرنا أن يتفهم وضع تونس أيضا، ونتمنى أن لا تكون التوازنات الفرنسية الداخلية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، هي النافذة الوحيدة التي يطلون من خلالها على تونس.. الأصل أن يدعم الجميع تجربتنا التونسية ولا يضعون شعبنا أو دولتنا تحت التجربة… وأعتقد أننا تجاوزنا هذا الأمر مع فرنسا التي تعدّ صديقنا التقليدي، فلدينا روابط متينة معها، اقتصادية واجتماعية وثقافية، لدينا جالية تونسية مهمة هناك، ويربطنا جوار بالغ الأهمية مع باريس، وثمة أيضا تقاليد وتاريخ معها، ونحن نريد أن نبني صفحة جديدة قوامها الاحترام وتبادل المصالح، وفرنسا مرحّب بها أكثر من المرحلة السابقة..
حتى نغلق القوس الأوروبي، البعض يطرح عليكم ضرورة مراجعة اتفاقية الشراكة التي تربطنا مع أوروبا، هل لديكم نيّة في ذلك؟
بالتأكيد سنراجع كل ما من شأنه أن يدفع إيجابيا العلاقات بين تونس والاتحاد الأوروبي.. أوروبا اليوم ترغب في التعاون مع نظام ديمقراطي فعلا، ومصالحها الأمنية ذاتها تقتضي منها التعاون معنا، ونحن نتفهم ذلك، ولديهم كامل الحق في الخشية على مصالحهم، بل نحن نضع ذلك ضمن سياق الأمن الإقليمي والجهوي والدولي، لكننا نريد أن ننزع عن شراكتنا مع أوروبا كل ما يتعلق بتفاضل لعائلة أو شخص أو أشخاص.. والأوروبيون يرغبون في التخلص من تركة بن علي، ونحن على استعداد تام لذلك، بل نحن سنسعى إلى وضع «الشريك المميّز»، وأعتقد أن الشروط توفرت الآن للذهاب في هذا الاتجاه، من أجل شراكة واضحة ووفق قواعد متينة تحترم شعبنا وتراعي مصالحه.
لا يمكن أن نجلس الى السيد الجبالي في هذا التوقيت، ولا نسأل عن علاقتكم مع «العريضة الشعبية» بعد أن باتت القوة الثالثة في المجلس التأسيسي.. هل ستتعاملون معها على مستوى التفاوض بخصوص تشكيل الحكومة مثلا؟
نحن الآن واضحون.. فنحن نخوض المفاوضات في إطار ثلاثي (النهضة ـ المؤتمر ـ التكتل)، وهي أطراف كان لنا معها تاريخ، سواء في اطار «تحالف 18 أكتوبر» أو خارجه… نحن نفهمها جيدا، ونعرف ماذا تطرح وهم يعرفون طروحاتنا، وهذه أحزاب سياسية… خيارنا كان هذا.. نريد أن نوسع إطار المشاورات والشراكة، لكن على أساس الوفاق مع شركائنا، وهذا كان اتفاقنا مع المؤتمر والتكتل قبل الانتخابات..
«العريضة الشعبية» اختارها قسم من شعبنا، ونحن نحترم خياره ونرحب بهم في المجلس التأسيسي، وهم حاليا ممثلون للشعب، أما التعاون مع هذه الكتلة، فلا بد أن تبحث داخل حركة النهضة ومع شركائنا أيضا… على ذكر 18 أكتوبر، هل ثمة نية للتفاوض مع الحزب الديمقراطي التقدمي، شريككم في التحالف السابق؟  
كان الباب مفتوحا أمام الديمقراطي التقدمي، وهو الذي أغلقه، واختار المعارضة وهو الذي حدد موقفه بالابتعاد عنا وليست حركة النهضة.. هناك تساؤلات بخصوص العلاقة بين الرئاسيات الثلاثة، سيما بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، خاصة على مستوى الصلاحيات… هذا مهم، وعندما حدثتك آنفا عن المواقع، لم أكن أقصد الحقائب، إنما الصلاحيات.. ولا نخفي في الحركة أن تكون رئاسة الحكومة والحكومة ذاتها، تتوفر على المسؤولية الأولى على ادارة الدولة.. لكن هناك بعض المفاصل لا بد من توضيحها.. فنحن لا نميل الى نظام رئاسي، وهذا قلناه لشريكينا بوضوح، ونحن نناقش الموضوع بصراحة.. تطرحون النظام البرلماني، فيما البعض يتخوف منه، على خلفية كونه مجلبة لعدم الاستقرار السياسي والحكومي… نحن نريد أن نقطع مع الأسلوب الرئاسي، ومع كل ما من شأنه أن ينزلق بنا إلى الحكم بطبيعة رئاسية قد تحيلنا على الديكتاتورية.. وحتى الأسلوب المزدوج (رئاسي ـ برلماني) يتضمن مطبات قد تنزلق بنا الى حكم طاغوتي جديد.. أعطيك مثالا على ذلك: إذا كانت الأغلبية في البرلمان، ومنها رئيس من ذات الحزب، فإن النظام المزدوج بهذا الشكل لن يكون له معنى.. وإذا كانا من حزبين، فان امكانية التعايش صعبة، وقد رأينا ذلك في فرنسا في وقت سابق (رئاسة شيراك للدولة ورئاسة جوسبان للحكومة)، وهكذا تتعطل الدولة أكثر، حيث سيكون هناك تجاذب بين الطرفين من منطلقات حزبية، في وقت يكون النظام البرلماني أخف ضررا حتى وان كان الرئيس من حزب الأغلبية لانه في هذه الحالة ستكون له صلاحيات شرفية، فيما تكون الحكومة مسؤولة امام البرلمان الذي هو ممثل للشعب، وهو الذي يشكل الحكومة ويراقبها ويحاسبها وله سلطة حلّها.. صحيح ان هذا يحتاج الى تقاليد، فلم لا نكتسب تقاليدنا عبر الممارسة ونصنع تجربتنا؟!
لو سمحت لي بأسئلة برقية:
أول خطاب سيتوجه به رئيس الحكومة الجديد الى الشعب التونسي، ماذا ستقولون فيه؟
أننا سنحقق مطالبه في وضع دستور جديد لأنه القاعدة لبناء النظام الديمقراطي، وبالتالي مدخل سياسي لحل مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية.. فالتجربة أثبتت ان الديكتاتورية لم تأت بالتنمية او العدالة الاجتماعية، ولا أحد بامكانه اليوم ان يطالب بالخبز ويستنكف عن السياسة، فالسياسة هي التي حرمت جزءا هاما من شعبنا من الخبز، بل أفسدت عليه عيشه وحياته، لذلك لندخل باب الديمقراطية التي تعني: الشفافية والمحاسبة، والمال العام مراقبا، وتوزيع الثروة عادلا، وعدم احتكار الحكم والمال والنفوذ، والتداول على السلطة، وقضاء مستقلا وصحافة حرة ومحكمة دستورية ومحكمة إدارية.. هذا هو الباب / المفتاح للتنمية الاقتصادية، ونحن نريد إنجاز ذلك بحول الله..
وسأؤكد لشعبنا أننا سنحقق له ما أمكن من مطالبه في التنمية العادلة، وإنهاء قوس الجهات المحرومة، وتوفير فرص العمل، وإعادة تنشيط الاستثمارات وفق قواعد ثابتة..
أول زيارة خارج تونس؟
أنا أميل الى زيارة أشقائنا في ليبيا والجزائر، ثم إخواننا في السعودية، والدول الحرة التي ساندت ثورة شعبنا العظيمة.. مازلت لم أدخل قصر القصبة لكن هذه تطلعاتي، وأنا أتحدث اليوم كأمين عام لحركة النهضة..
أول قرار سياسي ستتخذونه؟
قرارات عديدة، لكن في مقدمتها أن تكون الميزانية القادمة خارج التقاليد المتعارف عليها.. ميزانية تلبي مطالب شعبنا وجهاتنا المحرومة وشبابنا المعطل عن العمل.. أكاد أقول أننا نرغب في «ميزانية ثورية».. لم تحدثنا إطلاقا عن التجربة التركية، وأنتم ممن ارتبطت حركتكم بنموذج الحزب الحاكم في تركيا..
بالتأكيد سنستفيد من التجربة التركية التي نعتبرها مقاربة جيدة في أولويات المجتمعات، أردوغان دخل من بوابة الاقتصاد والتنمية والاستجابة لمطالب شعبه، ففتح الأسواق لبلاده واخترق آسيا وافريقيا والعالم العربي.. في تركيا، المجتمع التركي حصن نفسه بفضل التضامن الواسع بين فئاته، والنسيج الجمعياتي الهائل، ونحن سنستفيد من هذه التجربة ومن غيرها أيضا.. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 نوفمبر2011)

<



تواصلت المشاورات بشأن تشكيل الحكومة التونسية المقبلة، والتي من المتوقع ألا يتم الإعلان عنها قبل 15 يوماً، بحسب مصادر مطلعة لـ«البيان» رجحّت تولي زعيم حزب التكتل من أجل العمل والحريات مصطفى بن جعفر منصب رئيس الجمهورية المؤقت، على أن يتم تكليف الأمين العام لحركة النهضة حمادي الجبالي برئاسة الحكومة المؤقتة.. تزامناً مع دعوة المجلس التأسيسي للانعقاد في 22 نوفمبر الجاري. وفي وقت أبلغت مصادر مطلعة «البيان» أن الإعلان عن تشكيلة الحكومة لن يتم قبل أسبوعين، قالت إن الجلسة الأولى للمجلس الوطني التأسيسي ستعقد في 22 نوفمبر الجاري بدعوة من رئيس الجمهورية المؤقت فؤاد المبزع، لتشهد في بدايتها انتخاب رئيس الجلسة (الأكبر سناً بين النواب).. ثم يتم على إثر ذلك، انتخاب رئيس المجلس الذي من المنتظر أن يكون من حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، ونائبيه، وهما من حزب النهضة وحزب التكتل.. وبعد ذلك.. يتم انتخاب رؤساء اللجان المتخصصة داخل المجلس. رئيس الجمهورية: وأوضحت المصادر، أن الجلسات عقب ذلك ستتوالى للتشاور بين النواب حول القانون الداخلي للمجلس، مرشحة أن تستمر لبضعة أيام قبل الإعلان عن انتخاب رئيس الجمهورية المؤقت والذي ترجح كافة الاحتمالات زعيم حزب التكتل من أجل العمل والحريات مصطفى بن جعفر لتولي المنصب. وعقب أن يؤدي الرئيس الجديد اليمين الدستورية يعلن عن تكليف كتلة الأغلبية النيابية بتشكيل الحكومة.. على أن يعلن حزب النهضة رسمياً «حينها» عن تكليف حمادي الجبالي برئاسة الحكومة المؤقتة.. حينئذ تنطلق مشاورات جديدة ربما تستمر نحو أسبوعين آخرين قبل الإعلان النهائي عن التشكيل الحكومي المرتقب. حقائب وزارية: إلى ذلك، توقعت المصادر أن تؤول حقيبة الخارجية إلى سمير ديلو من النهضة، و«العدل» و«حقوق الإنسان» إلى عبدالرؤوف العيادي من المؤتمر من أجل الجمهورية، و«الصحة» إلى خليل الزاوية من التكتل، و«التعليم العالي» إلى د. منصف بن سالم من النهضة، في حين يبقى وزراء الدفاع عبدالكريم الزبيدي والشؤون الاجتماعية محمد الناصر، والمالية جلول عياد، في مناصبهم. في غضون ذلك، استبعد رئيس قائمة العريضة الشعبية التونسية الهاشمي الحامدي التحالف ضد حركة النهضة الفائزة بالمركز الأول في انتخابات المجلس التأسيسي، ودعا قادة النهضة إلى التعاون لتشكيل الحكومة الجديدة بعدما باتت قائمتا النهضة والعريضة تشكلان الأغلبية في المجلس. وقال في حديث نشرته صحيفة «الشروق» الجزائرية أمس إن رأينا يتوقف في اختيار صفوف المعارضة أو الحكم على قرار الإخوة في النهضة، واصفاً استرجاع العريضة لسبعة مقاعد بقرار قضائي «بمثابة الانتصار القوي للديمقراطية الناشئة». وأكد الحامدي أنه إذا تقدمت النهضة بعرض لتكوين الحكومة؛ فإن أيدينا ستكون ممدودة لدراسة هذا العرض بجدية، مضيفاً أن النهضة إذا قررت عكس ذلك «فسيكون موقفنا الثابت في قيادة المعارضة؛ باعتبارنا الكتلة الأكبر في المجلس التأسيسي». واستبعد الحامدي الدخول في تحالف مع الأحزاب الأخرى لتشكيل الأغلبية في المجلس التأسيسي قائلًا: «أستبعد المشاركة في أي تحالف ضد النهضة بالرغم مما قيل ضدنا خلال الحملة الانتخابية وبعد فوز العريضة». (المصدر: صحيفة « البيان » (يومية – الإمارات) الصادرة يوم 12 نوفمبر 2011)

<


باسم الله الرحمان الرحيم

المواطن والإدارة وحقوق المواطنة

رياض حجلاوي
عندما انطلقت الثورة في تونس وتفاعل معها الإعلام الحر والإعلام الافتراضي وبدأت وتيرة الثورة تتصاعد بدأت معها الأسئلة تطرح وقد طرح السؤال إلى أين ستصل هذه الثورة هل إلى سقوط الدولة أم سقوط السلطة الحاكمة أم تكتفي بهروب المخلوع اليوم وبعد تسعة أشهر من قيام الثورة تبين أن إرث الإدارة التونسية التي بقيت بعد هروب الطاغية ثقيل أبدأ بهذا الخبر الذي لم تتحدث عنه الصحافة ومر دون إعلام هذه الرسالة من الأخ فتحي داسي رئيس جمعية الكرامة ليون الى الأخ رياض تقبل مني تهاني العيد، وبعد فلقد علمت بمظلمة نبيل منذ 3أيام عن طريق صديقي محسن العين الحجلاوي الذي نشر الخبر على صفحات حركة الشعب الوحدوية التقدمية، واذ أعبر لك عن مساندتي فإنني سوف أعلمك أن حكومة السبسي قد أخرجت تهمة جديدة سجن بموجبها 3 اخوة من حركتنا في سليانة وهم خالد السعدي وخالد المباركي وياسين الزريبي لمدة 6 أشهر وهذه التهمة سياسية لا وجود لها في القانون وهي ثلب المؤسسة العسكرية، لا ينفع مع هؤلاء الأنذال الا الضغط وإنني لأساندك في نشر الخبر وفي أي عمل تقرره فلا تبخل عني بالاعلام. هذا الخبر تحدث عن قانون جديد وقع سنه لتحصين الإدارة ومن ورائها الدولة التي لم تسقط بهروب الطاغية الخبر الثاني هو ما وقع في مناسبة الحج لهذه السنة وهو الإهمال الذي تعرض له العديد من الحجاج من طرف الإدارة التي أشرفت على تنظيم موسم الحج فرغم زيادة سعر تكلفة الحج إلا أن الإحاطة والعناية بالحجاج لم تتغير بل ما حكمها هو المصالح المادية وهذا يضر بمصلحة وحقوق المواطنة والخبر استقيته من مجلة تونس نيوز ليوم 12/11/11 بعنوان في البقاع المقدسة ، حج التونسيين يتحول إلى معاناة.. حجاج يتبادلون العنف .. واتهامات بالجملة لمنتزه قمرت الخبر الثالث وهو سجن أخي نبيل لمجرد كتابته مقالا يستنكر فيه تعامل الجيش السلبي مع الأحداث التي حدثت في سيدي بوزيد سأحاول أن أبين علاقة هذا الخبر بحقوق المواطنة ذكر أخي نبيل في بحثه أنه عندما نشبت أعمال الحرق والتخريب حاول الإتصال بأعوان الجيش لدعوتهم إلى التدخل لإنقاذ المدينة وقد راعه أن بعض أعوان الجيش كانوا متواجدين بالقرب من أعمال التخريب والحرق غير أنهم لم يتدخلوا وذكر أنه رآى شابا بصدد تكسير الأضواء العمومية ورآى جنديا يحمل بندقية وراء ظهره أي بصدد ممارسة الحراسة وقد قدم لهذا الشاب قارورة ماء للشرب وغسل وجهه دون أن يأمره هذا الجندي بالتوقف عن أعماله التخريبية وقد أثر هذا المشهد في نفسه مما دفعه إلى كتابة مقاله ليظهر شهادته أمام الله أنه قد بلغ فكان من الإدارة التي كانت تقدر على معرفة الجندي لأن توزيع الجنود حسب الأماكن والأوقات مسجلة لدى الإدارة إلا أنها اعتقلت أخي نبيل لطمس الحقيقة وإنني أطالب بفتح تحقيق جدي وقد طالبت به منذ مدة في ندائي الذي وجهته إلى أهلي في سيدي بوزيد بعد الأحداث الأليمة التي جدت هناك هذه الأخبار تبين عمق فساد الإدارة وتعديها على حقوق المواطن وإن الثورة قامت لإعادة الكرامة للمواطن وأريد أن أذكر من سيتسلمون الإدارة أنني خاطبت العديد منهم منبها إلى خطورة السكوت عن هذه الأعمال التي تستهين بكرامة المواطن في سيدي بوزيد وسليانة ومواطن الحج وستعود بنا إلى الاستبداد من جديد إن لم نستنكرها وأشكر كل من وقف مساندا ومدافعا عن المناضل نبيل حجلاوي وهو في الحقيقة دفاع عن حقوق المواطنة ضد تغول الإدارة وآمل من القادمين الخير ولكن العيون مفتوحة للمحاسبة والمراقبة لأن الثورة علمتنا الجرأة والتمسك بالمبادئ قبل الجري وراء المناصب ولو دامت لغيرك ما وصلت إليك

<



علق المعتصمون منذ 17 اكتوبر « 2011 » امام مصنع تكرير النفط بجرزونة اعتصامهم اليوم 11 نوفمبرلتدارس مقترح السلطات الجهوية لتمكينهم من فرص عمل . هم قرابة 60 معطلا عن العمل اغلبهم من شباب جرزونة ساهموا بقدر كبير في حماية معمل تكرير النفط خلال الثورة وعملوا به لفترات متقطعة سابقا.
يقول المتحدث باسمهم (م) كنا نطالب بحقنا الطبيعي و الشرعي في الشغل لإعالة أهلنا الذين عانوا الحرمان و الفقر والخصاصة قبل الثورة و لا يزالون و ذاقوا الأمرين من الإقصاء و التهميش و المحسوبية و قد خلنا ان ثورة 14 جانفي ستنصفنا و تنتشلنا من الضياع و الحرمان و الخصاصة .
يضيف (م) ان المعتصمين كانوا ولا زالوا ضحية بقايا النظام البائد والفاسد (إدارة الشركة) و مسؤول رفيع المستوى بالجهة وعدهم بتشغيل عدد منهم بشركة المناولة و تسليم عدد أخر مساعدات لانجاز مشاريع خاصة ثم انتداب البقية بشركة « ستير »  
لكن المعتصمين اكتشفوا ان الهدف كان مماطلتهم و تسويفهم بعد تقسيمهم الى ثلاث مجموعات بعد رفض المسؤول رفيع المستوى الوفاء بوعوده و التدخل لانتدابهم بشركة ستير بتعلة استحالة قبول القطاع العام أصحاب سوابق عدلية رغم خلو الملفات العدلية لأغلبهم من هذه السوابق.
شافاز

<



نصرالدين السويلمي –
 
تونس – بعض ردود الأفعال التي أعقبت حلقات برنامج الصراحة راحة وخاصّة تلك التي تلت حلقة السّيد محمد نجيب الشابي لم تكن في المستوى الذي كان يجب أن تكون عليه عقليّة خارجة لتوّها من حصار ديكتاتوريّة خانقة داخلة في مساحة من الحريّة الهائلة وفّرتها ثورة 14 جانفي، أصحاب هذه الردود عابوا على مُقدّم البرنامج الصحفي سمير الوافي أسئلته المحرجة التي وجّهها إلى السّيد نجيب الشابي، هذه الأسئلة التي كان جلّها إن لم نقل كلّها يجيب على مجمل التساؤلات التي تدور في الشارع وعبر الفضاءات الإجتماعيّة خاصّة الفايسبوك. الغريب أنّ الأسئلة المطروحة لم تخرج عن دائرة الإحراج الليّن أو المشاغبة السّياسيّة الدافئة ولم تتعرض للضيف ولا هي خدشت الذوق والحياء ولم نلحظ كمشاهدين أيّ سؤال منبت ولّده الصحفي من فراغ ولم تكن له علاقة بالإشاعات أو الحقائق التي تدور حول التقدمي وأمينه العامّ السابق، والأغرب من ذلك أنّ سمير الوافي وفي نسخة البرنامج الأولى كان قد قدّم حلقات استضاف فيها فنّانين وأشباه فنّانين »على حدّ قوله » تخلّلتها أنّات أخلاقيّة كثيرة وكبيرة، رغم ذلك لم نسمع بمثل هذه الاحتجاجات ولم ينتقد هؤلاء نوعيّة بعض الضيوف المتردّية التي كان يقحمها علينا البرنامج في بيوتنا ولا حتى الإشارة إلى أجوبتهم التي تخفّفت من جميع الضوابط وهتكت ستر الذوق. ومن أكبر المغالطات التي ولدتها ذهنيّة سكنتها ثنائيّة الكره المجاني والرفض الأعمى هي ادعاءاتهم بأنّ سمير الوافي لم يطرح أسئلة جديّة ومحرجة على الشيخ راشد الغنوشي وغلبت المجاملة على برنامجه في حين أنّ المتابع النزيه المتجرّد والمطلّع على تاريخ الغنوشي والنهضة سيجد أنّ المقدّم أتى على جميع النقاط التي كانت تدور حولها التساؤلات وتلك التي كانت مطيّة لخصوم الحركة على مدى أكثر من ثلاثة عقود، لا بل وأكثر من ذلك فقد أجاب الشيخ على أسئلة دارت حول خصوصيّات كانت إلى حدّ قريب يصعب طرحها على شخصيّة إسلاميّة وقياديّة أو حتى على تلك الشخصيّات العامّة المحافظة. من الواضح اليوم أنّ العديد من المفاهيم مازالت مبعثرة نتمنى أن لا يطول وقت ترتيبها، يأتي على رأس هذه المفاهيم طبيعة تعامل الإعلام مع حركة النهضة، حيث أنّ العديد من النخب وأنصارها المناوئين للحركة يستكثرون عليها الظهور في وسائل الإعلام وإن كان بشكل حيادي وأقل بكثير من غيرها، ومرد ذلك يعود لسببين الأول عدم فهمهم للنقلة النوعيّة التي أحدثتها الثورة حيث فكّكت المألوف الذي صنعه الديكتاتور وعرضت على الشعب ترتيبه من جديد، فبات من الصعب على هذه النخب مشاهدة حركة تشرح برنامجها وتتحدث في الشأن العامّ بعد أن كان ولوقت قريب يجرّم تناولها في الإعلام أو حتى مجرد الإشارة إليها إشارة عابرة، أمّا السبب الثاني فهو ذلك الشعور المَرضِي لدى بعض النخب التي تعتبر الثقافة والإعلام ملكا خالصا لها وإن اضطرت لبعض التنازلات فبقدر معلوم، أمّا أن ترى الغنوشي والجبالي والهاروني والعريض هكذا دون ستار عازل وجها لوجه مع الشعب على شاشات التلفاز وأحيانا في أوقات الذروة ، زد على ذلك يتكلمون في شؤون الدولة.. فلعمرك ما تلك إلاّ مَقاتل لأقوام أعجزهم طلب ودّ الشعب فاحتضنوا الوهمّ يعاقرونه ليلهم ونهارهم.

<



الجميع في دول العالم الثالث (أو التي تسمى كذلك) و حتى في تونس يتحدثون عن الهجرة السرية و عن قوارب الموت التي تقلّ شبابا يافعين يحدوهم الأمل في الإنتقال من البؤس و الفقر و الشقاء إلى السعادة و الرفاه و الغنى, يتحدث الجميع بإستنكار شديد عن الهجرة السرّية و هي التسلل خلسة إلى حدود دولة مجاورة بغية الإستقرار فيها بطريقة غير قانونية و هذه القضية التي تؤرق بال قادة أوروبا كانت ورقة ضغط بيد نظام السابع من نوفمبر الذي ساوم بها جيراننا الشماليين بين دعم نظامه البائس مهما بلغ حجم ما يقوم به من إنتهاكات صارخة لحقوق الإنسان و بين « تسونامي بشري » سيفيض على أوروبا.
طبعا لا أحد قادر على تقديم حلّ سحري لهذه المشكلة إن صحّ أن نسمّيها كذلك..هناك مقولة شهيرة أن الأموال إذا لم تأتي للناس فإن الناس هم من يذهبون إليها ألم يقل الإمام علي من قبل : » المال في الغربة وطن و الفقر في الوطن غربة ».. هذه المعادلة هي ما نعيشه اليوم بكل وضوح فالإنسان الذي تسدّ أمامه كل الأبواب ليس أمامه سوى الهجرة في أرض الله الواسعة و الغريب هنا أن العولمة التي يبشّروننا بها تفتح الحدود و السماء أمام كل شيء من البضاعة و السلع وحتى الحيوانات و تغلقها أمام البشر…يريد جيراننا في الشمال أموالنا و مواردنا و جيوبنا و بطوننا و عيوننا فقط أما ذواتنا فلا…الإنسان الجيّد عندهم من إستهلك بضاعتهم و بقي في حدود دولته وشركاتهم مسموح لها أن تكون عابرة للقارات أما أجسادنا فلا..يغدو الوطن كالسجن لمن ضيّق عليه في حرّيته أو رزقه أو علمه فيشعر بالإغتراب في وطنه وعشيرته و أهله و ما أقساها من غربة.
أمام هذه المتناقضات و أمام الظلم والقهر الذي يعاني منه إنسان العالم البائس لا يجد أمامه من حلّ سوى الفرار من الجحيم الذي يعيش فيه و لأن الدول الأوروبية ترفع أمامنا « فيتو » إسمه « الفيزا » في خرق واضح لحرية التنقل التي طالما تغنى به أنصار حقوق الإنسان لا يوجد من حل سوى أن تمطي قاربا هو في الحقيقة إما قاربك للموت أو للنجاة (من البؤس و الضياع)..لقد تحوّل البحر الأبيض المتوسّط إلى أشبه بالمقبرة العائمة التي تسبح فيها جثث شباب غامر بحياته من أجل غد أفضل فلم يسعفه الحظ و إلتهمه البحر الذي فاض بدموع الأمهات الثكالى…
إن تواصل حركة الهجرة السرية حتى بعد أن فتحت أبواب الثورة التونسية أنوار الحرية على هذا الوطن يدعونا إلى طرح أكثر من سؤال عن أسباب هذا « الفرار الجماعي » من « الجنة الخضراء ». هناك ألف مقاربة في ما يخصّ هذا الموضوع و لكن يمكننا الجواب ببساطة هنا أن المسألة الإجتماعية و الفقر و الحاجة و العوز هي ما يدفع التونسي للتسلّل إلى أوروبا و العيش في العالم السعيد و أنا أرى أن مثل هذه الملفات هي التي يجب أن تطرح على طاولة الأحزاب و ليس مسائل العلمانية و اللائكية و الإسلام و تعدد الزوجات و غيرها..
أنا هنا لن أبحث في الهجرة السرية و لكني سأتحدث عن نوع آخر ربما لا يعتبرها البعض هجرة سرية و لكني أصرّ على أنها كذلك..إن تونس كعديد الدول تعاني من « الهجرة السرية الفخمة » وهو نوع من الهجرة أخطر بكثير من الهجرة السرية العادية.
الهجرة السرية الفخمة هي هجرة الأدمغة و العقول نحو الدول الأوروبية و الأمريكية أما لماذا أسمّيها هجرة سرية فلعديد نقاط التشابه بينها و بين الهجرة السرية العادية:
نحن هنا أمام شخص يدخل التراب الأمريكي أو الأوروبي بدعوى مواصلة الدراسة وهو يضمر في نفسه الإستقرار نهائيا ببلد الإستقبال من خلال البحث عن العمل و الزواج و تكشف الإحصائيات هنا أن أغلب من يسافر للدراسة بالخارج لا يعود إلى أرض الوطن.
في هذا النوع من الهجرة السرية الفخمة لا يمتطي الشخص قاربا و لا يخرج في جنح الظلام ولكنه يمتطي الطائرات و يسافر بكل أريحية و يمرّ أمام شرطة الحدود بلا خوف فأوراقه قانونية من هذه الناحية أي أن هذه « الهجرة-النزيف » تقع على مرأى و مسمع من الجميع و لا أحد يحرّك ساكنا.
إن هذا الصنف من المهاجرين هم غالبا من المهندسين و العلماء الذين بذل الشعب و الدولة أموالا طائلة ليصلوا إلى هذا المستوى العلمي الرفيع ثم نراهم يرحلون بعد ذلك عن وطننا ليفيدوا بلاد المهجر بصنوف علومهم و نبقى نحن ننتظرهم ليأتونا في فصل الصيف كسيّاح و هذا أمر عجيب حقا أن تشنّ الدولة حربا لا هوادة فيها على الهجرة السرية فقط لإرضاء الغرب في حين تصمت عن « هروب » العقول و الأدمغة إلى الخارج في رحلات ظاهرها دراسي و باطنها بحث عن إستقرار نهائي في دول أخرى.
إن تقدّم وطننا مرهون بعقول أبنائه و أياديهم أيضا و لا يجب أن نملأ الدنيا ضجيجا على فتية تسللوا على متن قارب و نسكت على الهجرة التي تستنزف طاقاتنا و عقولنا. لا يعني هذا أنني أدعو إلى الإنغلاق و عدم فسح المجال أمام طلبتنا ليسافروا للبحث و تحصيل المزيد من المعارف و لا يعني أيضا أنني أستهين بأرواح المهاجرين السريين الآخرين بأن نتركهم وجها لوجه مع القدر.
الرسالة التي أريد إيصالها للسلط الجديدة ببلادنا هو أن الهجرة السرية هذا الداء الفتاك قد يتخذ ألف لبوس و مقاومته لا تكون فقط بالحلول الأمنية و بعصا الشرطة و بالزنزانة التي نبشّر بها من يقدم على هذا الفعل.نحن مطالبون بتغيير وضعية بلادنا من بلاد طاردة لأبنائها إلى بلاد تفتح أحضانها لكل الطاقات و بلا إستثناء أو تهميش..لا نريد حلولا تنشأ لنا صناديق أو غيرها من الحلول التي كانت تتفتّق بها قريحة النظام البائد…نريد حلولا جذرية و حقيقية تجعل تونس قبلة العلماء و موطن الأدباء..لا نريد أن نرى مزيدا من أبناءنا مشرّدين في الجزر الإيطالية ..
لقد حذفنا من قاموسنا إلى الأبد كلمة « العمل السري السياسي » و « السرية » و حان الوقت لنحذف للأبد كلمة « الهجرة السرية » فخمة كانت أو عادية… يســـــــــري الســـــــاحلي yosri1909@yahoo.fr

<



لما كانت و لازالت التربية السليمة عماد المجتمعات الصحية و أساس الأمم المتحضرة كان من اللزام دوما و بلا أن يصيبنا في ذلك ملل أو فتور أن نحرص على ترسيخها في النشء حرصا بليغا و أن لا نقصر في ذلك قيد أنملة أو ندخر أقصى جهد لكن ما يحدث على أرض الواقع و في حياتنا اليومية يجعلنا نعتبر هذا الحديث فعلا أشبه بالعزف على أوتار الخيال..
و إذا كانت النظافة جزءا من التربية السليمة و كانت النظافة من الإيمان حتى فلماذا لا تحرك فينا أكوام القمامة المكدسة أمام ليس فقط البيوت و لكن المعاهد و المدارس أدنى امتعاض و أقل احتجاج ..أنحتج فحسب إذا كانت المصلحة شخصية بحتة , زيادة في الأجور أو تمثيلا نقابيا أو غيره أما المصلحة العامة فلا تعنينا في شيئ و تتبدى قمة اللامسؤولية حينما يحاول كل منا أن يبعد هذه الأوساخ عن بيته و لينعم الآخرون بالمنظر المنفر الباعث على الاشمئزاز و الروائح العفنة الكريهة ماذا يضير..
و مبلغ الحزن أن تستقبل هذه المزابل و مراتع الذباب و الحشرات في الصباح ورودا صغيرة في طريقها إلى المدرسة فتزيدها و الحقيقة حبا و شغفا و عزما..أو تستقبل معلما أو أستاذا بأهاليلها الطيبة و روائحها الفواحة و نسائمها العطرة فينشرح لها صدره و تزيد من همته في شرح الدرس..
ألا يكفي أن التلميذ أصبح يقاد إلى مقعد الدراسة مقودة و أصبح صدره منها في ضيق و عقله عنها في شغل حتى نزيد في قصة التعلق هذه و ما الذي نحن بصدد تعليمه حتى نمعن أيضا في إفساد تربيته و إعدام ذوقه بفقدان المدرسة و المعهد حتى مظهرها النظيف ..
و إذا كانت البرامج التعليمية و مناهج التدريس و أساليب تمرير المعلومة تشكو عللا كثيرة و تحتاج مراجعات و إصلاحات من كل جانب فلنحفظ للمدرسة بعدها التربوي على الأقل أم سلمنا و استسلمنا و قرئنا الفاتحة على مدرسة تربي الفرد على القيم الجميلة و الأخلاق الحميدة و تنهض بوعيه و مسؤوليته…
إن هذا يبدو صحيحا و لا يحتاج إمعانا طويلا في الحقيقة ..و هو ما يدعو إلى دق ناقوس الخطر على انخرام ليس فقط مناهجنا العلمية و لكن التربوية و هذا لأدعى للخوف الشديد على المجتمع .. هذا المظهر المزري أمام معهد أو مدرسة يتعدى ذلك حقا إلى كونه اعترافا صارخا بعجز هذه المؤسسات في التصدي لانعدام الحس المدني و الجمال الذوقي و الوعي الصحي فهي تغرد فعلا خارج سرب نشء سليم…
نرجو أن نستدرك ذلك عاجلا و في أقرب الآجال و أن نعيد للمدرسة بعدها التربوي و ذلك أضعف الإيمان و صورتها كمؤسسة نموذجية من مؤسسات المجتمع تنهض بوعيه و ترتقي بحسه و ذوقه… يسرى بن ساسي dc.yosra@live.com

<


المسح الوطني حول التشغيل فقدان 137 ألف موطن شغل.. و213 ألف عاطل جديد عن العمل

مثلت الخصائص الديمغرافية والتربوية للسكان ومؤشرات التشغيل ومؤشرات ظروف عيش الأسر محور لقاء انعقد يوم الاربعاء الماضي بالمعهد الوطني للاحصاء خصص لتقديم اهم نتائج المسح الوطني حول التشغيل للثلاثية الثانية من السنة الجارية.
وبحسب هذا المسح فقد شهد عدد المشتغلين تراجعا بفقدان 137 الف موطن شغل خلال الفترة الممتدة من ماي 2010 وماي 2011 منها حوالي 64 الف موطن في قطاع الفلاحة و16 الف في قطاع السياحة و 57 الف في قطاعات الصناعة والخدمات الاخرى .
وافاد السيد الحبيب الفوراتي المدير المركزي للاحصائيات الديمغرافية والاجتماعية ان التراجع الذي تم تسجيله في قطاع الفلاحة على مستوى مواطن الشغل لا سيما بعد الثورة يعود بالاساس الى تغير عقلية بعض المعينين العائليين ومطالبتهم بحقهم في العمل المؤجر في حين شهد قطاع البناء زيادة بـ 3000 موطن شغل بسبب تزايد البناء الفوضوي والعشوائي.
وقد بلغ عدد المشتغلين حوالي 3 ملايين و139 الف في ماي 2011 مقابل 3 ملايين و769 الف في ماي 2010 علما وان هذا العدد يشمل الاشهر الثلاث اي افريل وماي وجوان اي قبل الاجراءات التي اتخذتها الحكومة المؤقتة مؤخرا بخصوص الانتدابات في الوظيفة العمومية والقطاع الخاص .
وعلى مستوى البطالة بلغ عدد العاطلين عن العمل حوالي 704 الف في ماي 2011 مقابل 491 الف في ماي 2010 اي بزيادة 213 الف عاطل عن العمل. وتقدر نسبة البطالة بـ18 فاصل 3 بالمائة في ماي 2011 مقابل 13 بالمائة في ماي 2010 مسجلة ارتفاعا بـ 5 فاصل 3 نقطة .
وسجل عدد العاطلين عن العمل من مستوى التعليم العالي ارتفاعا بلغ حوالي 217 الف في ماي 2011 مقابل 157 الف في ماي 2010 ويقدر عدد العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا بـ 202 الف في ماي 2011.
وعلى المستوى الجهوي بلغت نسبة البطالة 28 فاصل 6 بالمائة في الوسط الغربي و26 فاصل 9 بالمائة في الجنوب الغربي و24 فاصل 8 بالمائة في الجنوب الشرقي في حين لا تتعدى النسبة 11 فاصل 1 بالمائة بالوسط الشرقي. وتتراوح هذه النسبة بين 17 فاصل 3 بالمائة و17 فاصل 8 بالمائة في الجهات الشمالية من البلاد.
وتعد هذه المؤشرات اول عملية احصائية انجزها المعهد الوطني للاحصاء بعد الثورة وشملت 43 الف اسرة ممثلة لكل الاصناف المهنية والاجتماعية تم اختيارها بطريقة عشوائية وتوزعت على 1700 منطقة جغرافية بكل معتمديات وولايات الجمهورية.
ويشتمل المسح الذي انطلقت أشغاله الميدانية من 8 افريل 2011 الى غاية 30 جوان 2011 على اربعة محاور وهي الخصائص الديمغرافية للسكان والخصائص التربوية والخصائص الاقتصادية المتعلقة بالسكان المشتغلين والعاطلين عن العمل الى جانب الاسر وظروف عيشها.
وتشير نتائج المسح الى ان عدد السكان بلغ 10 ملايين و651 الف نسمة في منتصف شهر ماي 2011 اي بزيادة جملية تقدر بـ 120 الف خلال الفترة الممتدة بين ماي 2010 وماي 2011 وبذلك تكون نسبة النمو السكاني السنوي في حدود1 فاصل14 بالمائة .
وقد تم تسجيل زيادة طفيفة في نسبة السكان من الفئة العمرية 60 سنة فما فوق مقارنة بالسنوات الفارطة.
وبالنسبة للحالة المدنية للسكان فقد شهدت نسبة العزوبة تراجعا طفيفا خلال السنوات الأخيرة حيث تمثل شريحة غير المتزوجين 40 فاصل 3 بالمائة من مجموع السكان الذين تجاوز سنهم 15 سنة في ماي 2011 . وتفيد النتائج حصول تحسن مستمر في المستوى التعليمي للسكان حيث افرزت احصائيات ماي 2011 مقارنة بافريل 2004 تراجعا في مستوى التعليم الابتدائي من 37 بالمائة الى 33 بالمائة وارتفاعا في مستوى التعليم الثانوي من 32 بالمائة الى 36 فاصل4 بالمائة وزيادة في مستوى التعليم العالي من 7 فاصل 9 بالمائة الى 12 بالمائة.
كما تواصل نسق تراجع نسبة الامية حيث بلغت 18 فاصل 6 بالمائة في ماي 2011 مقابل 20 فاصل 6 بالمائة في ماي 2007 و23 فاصل1 بالمائة في افريل 2004 .ويشار في هذا الصدد الى ان نسبة الامية في الوسط الريفي لا تزال مرتفعة ولاسيما في صفوف الفتيات فوق 10 سنوات.
وعلى مستوى الخصائص الاقتصادية بلغ عدد السكان النشيطين 3 ملايين و844 الف و600 ناشط في ماي 2011 اي بزيادة بلغت 75400 ناشط بين سنتي 2010 و2011 . وفي ما يتعلق بمؤشرات ظروف عيش الاسر، افرزت نتائج المسح ان عدد الاسر بلغ 2 ملايين و605 الف اسرة في ماي 2011 مقابل 2 ملايين و539 الف في ماي 2010 مما يمثل زيادة بـ66500 اسرة بين سنتي 2010 و2011 .
وبخصوص مدى دقة الاحصائيات المقدمة من قبل المعهد الوطني للاحصاء، اكد الحبيب الفوراتي ان المنهجيات المعتمدة في مجال المؤشرات الاجتماعية متطابقة مع المنهجيات العالمية التي توصي بها عديد المنظمات الدولية.
وفي سؤال يتعلق بمدى تأخر تقديم هذه النتائج اشار الى ان عملية خزن المعطيات تدوم شهرا كاملا وان العمل صلب هذه المؤسسة تعطل لمدة شهرين بسبب اعتصام أعوانها وموظفيها مما حال دون انجاز هذا المسح في الآجال المحددة بسبب الظروف الصعبة التي مر بها المعهد .
وتخلل هذه الندوة اعتصام نفذه اليوم ممثلون لعدد من الاعوان المتعاقدين مع المعهد الوطني للاحصاء منذ 2004 .
ويطالب المعتصمون السلط المعنية بحقوقهم المهنية المتمثلة في الترسيم ودفع رواتبهم المتوقفة منذ ماي 2011 علما وان هؤلاء الأعوان من حاملي الشهادات العليا. وعلمت مندوبة «وات» من مصدر مسؤول ان قرار انتداب هؤلاء المتعاقدين تم امضاؤه من قبل الوزارة الأولى . (المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 نوفمبر2011)

<


مجلس الشيوخ الأمريكي ينظر في تأثيرات الربيع العربي هل يتقدم وضع المرأة العربية أم يتقهقر؟

بقلم روزماري دامور/وكالة انتر بريس سيرفس واشنطن, نوفمبر (آي بي إس) – ركزت اللجنة الفرعية المشتركة للعلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي في جلسة إستماع أخيرة لها علي مناقشة ما إذا الربيع العربي يساهم في إدخال تغييرات حقيقية علي وضع المرأة العربية وما هي آفاق المستقبل في هذا المجال. وعقدت هذه اللجنة الفرعية المعنية بالعمليات والمنظمات الدولية وحقوق الإنسان والديمقراطية وقضايا المرأة في العالم، جلسة الإستماع الخاصة هذه بنية إستيضاح وتحديد تطورات هذه المرحلة الإنتقالية. فقالت منال عمر من معهد الولايات المتحدة للسلام، في تعليق لها (كشاهدة وليس بصفتها عضوة في معهد السلام الأميركي) أمام لجنة مجلس الشيوخ الفرعية: »هذه مسألة هامة .. فنحن لا نتفاوض كل يوم على عقد اجتماعي جديد، أو نضع دستوراً جديداً » كل يوم. ونبهت منال عمر إلي أن الإستعجال في حل العدد الهائل من المشاكل التي تواجه البلدان العربية في أعقاب ما يسمى بالربيع العربي يمكن أن يتسبب في أضرار جسيمة إذا لم يتم تضمين جميع الفئات الإجتماعية في هذه العملية. وشرحت أنه إذا جري تسريع هذه العملية فسوف تتأثر النساء والأقليات وغيرهما من الجماعات الأخرى المهمشة سياسياً، بشكل يؤدي لعزلهم جميعاً عن المشاركة في صنع القرار. هذا ولقد نظر لمشاركة المرأة في الربيع العربي بإعتبارها عاملا حاسما لنجاح الحركات الإجتماعية، مما قاد للإعتراف بهذا الدور من جانب المجتمع الدولي. فمنحت جائزة نوبل للسلام لعام 2011 للمواطنة والصحفية اليمنية توكل كرمان، التي سميت « المرأة الحديدة » للربيع العربي، والتي تقاسمت الجائزة مع امرأتين أخريين، عملت كلاهن على إرساء حقوق المرأة ومشاركتها الكاملة في بلادهن. ومن جانبها، قالت مهناز أفخامي، رئيسة مؤسسة شراكة تعليم النساء، خلال شهادتها في جلسة الاستماع أن هذه المرحلة « تمثل فرصة حاسمة للنساء والفتيات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكنها أيضا مرحلة تواجه فيها حقوق المرأة مخاطر حقيقية ». وأضافت أن « هناك إحتمال فعلي لا لأن تتعرض المرأة للتهميش فقط، بل أن تفقد مكتسباتها أيضاً”. فيشمل نطاق القضايا التي تواجه المرأة في البلدان المشاركة في الربيع العربي، مجموعة عريضة من الحقوق ومن بينها حقوق الملكية والحقوق الأسرية والفرص التعليمية والاقتصادية. وأضافت أفخامي، التي أنشأت مؤسسة تقوم على الشراكة بين الناشطين في مجال حقوق المرأة والمنظمات غير الحكومية في 20 دولة، إن المرأة تواجه تحديات ذات جذور تاريخية راسخة. وقالت: « لقد حطت الأعراف التقليدية ذات الجذور الإجتماعية والثقافية من شأن نساء الشرق الأوسط.. فهن غالباً ما يفتقرن إلى النفوذ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي يحتجنه للتغلب على الجماعات المعادية والسياسات العدائية ». فعلى الرغم من أن الضغط من أجل الاصلاح الديمقراطي وعملية إدراج النساء يعد خطوة هامة، إلا أن هناك مخاوف آنية من دفع الكفاح من أجل حقوق المرأة الى الوراء، مما سيكون له تأثيرات ضارة على المدى الطويل. فقالت أفخامي « على الرغم من بلاغة خطاب الديمقراطية الذي دفع حركة الإصلاح في مصر، والأعداد الكبيرة من النساء ممن لعبن أدواراً رئيسية خلال احتجاجات ميدان التحرير، وشبكات منظمات المجتمع المدني النسائية القائمة منذ زمن طويل في البلاد، لم يتم إدراج أي إمرأة من النساء في لجنة التعديلات الدستورية ». ويشار إلي أن الإنجاز الأكثر شمولية في سياق مساعي وضع سياسات شاملة للمرأة على النطاق العالمي، قد تبلور في إتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) التي اعتمدتها الجمعية العامة للمنظمة الدولية في 1979. وحتى الآن، قامت 187 دولة بالتصديق على إتفاقية « سيداو » من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة. أما الدول التي لم تصادق عليها فهي: إيران، والصومال، والسودان، ودولتين من جزر جنوب المحيط الهادئ،  
(المصدر: وكالة الأنباء العالمية انتر بريس سيرفيس ( آي بي إس ) بتاريخ 12 نوفمبر 2011)

<



د. مصطفى يوسف اللداوي  
أخطأ أرئيل شارون ومعه كبار مساعديه من جنرالات الجيش الإسرائيلي وكبار الضباط في جهاز المخابرات لديه، عندما اعتقد أنه باغتياله وتصفيته لرجالات فلسطين الكبار، وقادة المقاومة الأوائل، ورموز العمل الوطني الفلسطيني، فإنه سينهي القضية الفلسطينية، وسيضع حداً لمقاومة الشعب الفلسطيني، وسيجبره على الركوع والاستسلام، والقبول بالذل والهوان، وأنه بذهابهم سيضعف إرادة هذا الشعب الأبي، وسينسيهم حقهم في فلسطين، وسيقضي على أحلامهم باستعادة الأرض كلها، والصلاة في المسجد الأقصى، وتحرير المقدسات وعودة اللاجئين وإقامة الدولة الفلسطينية الواحدة على كل التراب الوطني لفلسطين التاريخية، فأمعن شارون وموفاز وباراك وغيرهم في قتل القادة، واستهداف الرجال، فقتل الشيخ أحمد ياسين، وأتبعه بالدكتور عبد العزيز الرنتيسي، واستهدف بالقتل صلاح شحادة وإبراهيم المقادمة وإسماعيل أبو شنب وأبو علي مصطفى، ولم تستثن صواريخه وقذائفه كادراً سياسياً أو مقاتلاً ميدانياً أو قائداً عسكرياً، بل استهدف الجميع، واغتال كل من استطاع الوصول إليه، وتآمر على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ولكنه جبن عن قتله بصاروخ، وعجز عن استهدافه بقنبلة، ولم يتمكن من النيل منه برصاصة، فعملت مخابراته على تسميمه بصمت، وقتله في الخفاء، فدست له سماً غريباً، يقتل ببطء، ويسري في الجسد بهدوء، ولكنه يقود حتماً إلى الموت، فنالوا منه واقفاً، وقتلوه مقاتلاً، وأسقطوه أرضاً لكن ليغرس فيها، ويستوي سوقه في سمائها، ويثمر نضاله ومقاومته في وطنه حرية ونصراً، وكان شارون وكل الذين كانوا يحلمون بقتل ياسر عرفات، قد نسوا أنه كان يسعى للشهادة ويعمل من أجلها، وأنه سأل الله كثيراً أن يكرمه بها، وأن يجعل ختام حياته شهادة، تبقي ذكره، وتخلد اسمه، وترفع قدره، وتجمعه يوم القيامة مع الأنبياء والصديقين والشهداء، وقد كان له ما أراد وتمنى، شهيداً شهيداً شهيداً.
سبع سنواتٍ مضت على غياب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات شهيداً مكرماً، وقد رحل عن هذه الدنيا وهو يحلم في الدولة والوطن، ويتمنى أن يصلي في الحرم، وأن يدفن في مدينة القدس، فما فرط في أحلامه، ولا تخلى عن أهدافه، وبقي مخلصاً لوطنه وشعبه، رغم الدبابات التي أحاطت بمقره، والجرافات التي وصلت إلى غرفته الصغيرة ومكتب اجتماعاته في المقاطعة، وقد قطعوا عنه التيار الكهربائي، وحرموه من مياه الشرب والخدمة، وضيقوا عليه فقتلوا من بقي معه، واعتقلوا من استطاع أن يخرج من مقره، ولكن عرفات أصم أذنيه عن كل النداءات الإسرائيلية التي كانت تأمل استسلامه وقبوله بشروطهم، وبقي في حصاره واقفاً بشمم، مصمماً بإباء، رافضاً بعناد، لا يقبل أن يهون ويهين شعبه وأهله، فكاد العدو في رحيله، وأعياه في شهادته، وآلمه في صبره، وأوجعه في ألمه، وحط من قدره بكبريائه، وفل من عزمه بإرادته، وأوهى سلاحه بإيمانه، وعقر آلياته بأصالة انتمائه، ومضى شهيداً وهو أعظم ما يكون عزةً وشموخاً، وأصدق ما يكون موقفاً وثباتاً، مضى ليبقى، ورحل ليكون، وارتقى إلى العلى ليرفع شأو وطنه وشعبه.
غاب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات قبل سبع سنواتٍ ومازال قاتله راقداً في فراشه، مستلقٍ على ظهره، لا يقوى على الحراك، ولا يستطيع الإدراك، ولا يعرف ما يدور حوله، يتمنى الموت ولا يناله، ويتطلع إلى الخلاص فلا يستطيع، انفض من حوله مريدوه، وتخلى عنه أهله، وملت منه قيادته، وتمنت رحيله والتخلص منه، فقد أصبح عبئاً عليها وعلى شعبها، وهماً يلاحقها وواقعاً يزعجها، فقد بقي جثةً هامدة، وركاماً من عظام، وبقايا جسد، رائحته منتنة، وهيئته كريهة، ومنظره قبيح، تشمئز منه العيون، وتعافه النفوس، ولا يقوى على النظر إليه أحد، أبقاه الله آية للعالمين، وشاهداً على ظلم الإسرائيليين، وعبرةً لكل الظالمين، فلم ينفعه ظلمه، ولم يسعفه بطشه، ولم تنهض به آلياته، ولم تنجح في شفائه دولته، ولم يصبر على أذاه أركان حكمه، قد شفى الله به غليل الفلسطينيين والعرب، فرأوه طريح الفراش لا يشبهه شيطانٌ مريد، لا الموت يدركه، ولا رحمة الله تذكره، ولا الناس تغفر له، ولا التاريخ يتجاوز جرائمه، ولا فلسطيني سيغفر له ولكيانه ما ارتكب بحقهم من مجازر ومذابح، فاليوم يهزأ الشهيد الجبل الذي لم تهزه الرياح أبو عمار من القعيد الرقيد شارون، ويضحك من حاله ملء شدقيه، فقد أرى الله فيه الشعب الفلسطيني ما يثلج صدره ويشفي غليله.
معاً اليوم يستذكر الفلسطينيون جميعاً الرئيس ياسر عرفات، الذي حمل البندقية الفلسطينية المقاتلة، واعتمر الكوفية الفلسطينية الخالدة، وأطلق شرارة الثورة الفلسطينية المعاصرة، وكان رائد حركة فتح، التي أوجعت الإسرائيليين طويلاً وأدمتهم كثيراً، ونالت من حياتهم واستهدفت كيانهم، وكان لعملياتها الأولى صدىً مدوياً وأثراً بليغاً، خشيها الإسرائيليون وخافوا من بأسها، وبذلوا جهودهم للتخلص من عملياتها، والنجاة من الموت الزؤام الذي حمله إليهم رجالها، رحل عرفات ولكن بأس شعبه مازال ماثلاً، ورجال فلسطين التي ينتمي إليها لا يزالون أقوياء، يحملون البندقية، وأصابعهم على الزناد، لا يخافون الموت، ولا يهابون العدو، يتمسكون بالثوابت، ويرفضون التفريط والتوقيع والتركيع، فما ضاع جهده، ولا ذهبت أدراج الرياح مبادئه، ولم تذوِ شعاراته، ولم تسقط أهدافه، بل سيمضى الفلسطينيون في ذكراه على العهد، وسيحافظون على الوعد، وستبقى فلسطين في أعناقهم أمانة حتى تعود حرةً مستقلة، لا مكان فيها لمستوطنٍ وافد، ولا لإسرائيليٍ محتلٍ غاصب.
عشق الرئيس عرفات القدس وأحبها، وسأل الله أن يدفن فيها، وتعلق بالمسجد الأقصى وتمنى الصلاة فيه، فتمسك فيها ورفض التنازل عنها، وقال لمفاوضيه إنها ليست ملكاً لي ولا لشعبي فقط، إنها ملك المسلمين وكل الأجيال، فلا أملك حق القرار فيها، فقرروا قتله، وعزموا على التخلص منه، فهو في نظرهم عقبة، وأمام مشروعهم عثرة، وظنوا أنه لم يورث شعبه فكره وعقيدته، ولكنه بحق واحدٌ من الرجال الكبار الذين لا ينساهم شعبهم، ولا تفرط فيهم أمتهم، ويعز على الزمان أن ينجب أمثالهم، أو يكرر شخصوهم، فهم كالطيف في هذه الأمة، وكالنور يبزغ في جوف الظلام، وكالبرق الخاطف سرعان ما يمضون ويختفون، ولكنهم يتركون وراءهم نوراً وضياءاً ونبراساً ينير عتمة الآخرين، ويبدد ظلام المعادين، في انتظار الفجر الآتي ولو بعد حين.

<



جمال العرضاوي يبدو موقف الكريملن من الثورات العربية المتلاحقة منذ ديسمبر/كانون الأول 2010 مركبًا، وفي الوقت نفسه غير قابل للتفكيك بسهولة ودون إمكانية لتحديد العناصر الرئيسية فيه والأولويات. وهناك أساطير تلف هذا الموقف لابد من حصرها لمواصلة البحث في صميم السؤال.
لو اتجهنا من الخارج إلى الداخل سنصطدم بأسطورة خارجية (عربية) مفادها أن موسكو متحالفة مع الأنطمة العربية المتهاوية بسبب ارتباطها بمصالح مشتركة وبعقود بمليارات الدولارات، وأن موسكو بدفاعها عن هؤلاء تدافع عن « مجالها الحيوي ».
أما لو دخلنا إلى روسيا الشاسعة فسنصطدم بأسطورة داخلية تروج في موسكو ومفادها أن الغرب بقيادة الولايات المتحدة يقوم ببلبلة ليست مختلفة في جوهرها عن الفوضى البنَّاءة سيئة الذكر، والهدف منها هو توتير السياسة الدولية في انتظار قيام حرب إقليمية كبرى أو حتى عالمية من شأنها أن تحل تناقضات الأزمة المالية المتفاقمة والتدهور المحدق بأكبر اقتصاديات العالم. وما ربيع الثورات العربية، وفق هذه النظرية، سوى حلقات من المؤامرة بعد أن جرَّبت أميركا التدخل العسكري لإسقاط الأنظمة في أفغانستان والعراق وتوصلت إلى إمكانية جني الثمار بأيدي أصحاب البلاد.  
الأساطير الخارجية الأساطير الداخلية سر الموقف الروسي الأساطير الخارجية  » إن مجمل أحجام التبادل الاقتصادي الروسي مع جميع الدول العربية لا يتجاوز العشرة مليارات من الدولارات في حين تستأثر دولة وحيدة مثل تركيا بأكثر من ثلاثين مليار دولار من التبادل التجاري مع روسيا سنويًّا. أين هي المصالح إذًا؟  » لو بدأنا بالأسطورة الخارجية سنجد أن من يروِّج لها أكثر من وسائل الإعلام الروسية هي وسائل الإعلام العربية، وهذا راجع قبل كل شيء إلى أن العقل السياسي العربي لا يزال يتعامل مع موسكو وكأنها عاصمة دولة عظمى لا تقل عن عاصمة الاتحاد السوفيتي شراهة للحفاظ على مراكز ثقلها في العالم. وفق هذا الفهم القديم تبقى الذاكرة العربية وفيّة لمقولات قديمة لم تعد قائمة في الخارطة السياسية العالمية. عندما طارت المقاتلات الإستراتيجية الروسية من طراز توبوليف 160 ووصلت إلى فنزويلا لم تُعِرْها أميركا أية أهمية لأنها تعرف أن هذه الحركة هي للاستخدام الداخلي لا غير، وأن هذه الطائرات ربما كانت تكمل بهذه الرحلات عمرها الافتراضي لا أكثر. أما الفكر الجمعي العربي فقد هلَّل لها باعتبارها إشارة إلى عودة التوتر بين روسيا والغرب، وأن المستفيدين قبل غيرهم سيكونون عربًا أيضًا. لا يريد العرب أن يفهموا أن التناقضات بين روسيا والغرب قد تراجعت إلى مستواها الوطني منذ أن سقط محتواها الأيديولوجي.
لو تحدثنا مثلاً عن أحجام التبادل العسكري بين روسيا وبعض الأنظمة المتساقطة وتحديدًا النظامين الليبي السابق والسوري سنجد أن هذه الأحجام خجولة للغاية، وأنها لا يمكن أن تحدد سياسة بلد مثل روسيا له ثالث احتياطي عالمي من العملة الصعبة بما يفوق 500 مليار دولار؛ فالصفقات التي كانت مرتقبة (وليست فعلية) مع القذافي في مجال الأسلحة لم تكن لتتجاوز أربعة مليارات دولار، في حين أنها مع سوريا كانت أقل من ذلك بكثير. أما قاعدة طرطوس، وهي على أية حال محطة لتصليح السفن أكثر منها قاعدة عسكرية دائمة؛ فهي، كما يردد الروس أنفسهم، ليست بتلك الأهمية التي يمكن أن تحدد موسكو مواقفها على أساسها، ويكفي هنا أن نذكر أن الكريملن نفسه منذ أن وعى أنه لم يعد ثاني اثنين تخلَّى عن فكرة القواعد الخارجية، وقد رآه العالم وهو ينسحب طواعية من كوبا وفيتنام ويُخلي قواعده العسكرية هناك، فما الذي سيجعله يستميت إذًا في الدفاع عن قاعدة طرطوس؟ وما المانع -كما قال السياسي الروسي المخضرم يفغيني بريماكوف- من الحفاظ على هذه القاعدة، لو كانت مهمة إلى هذه الدرجة، بأي شكل ممكن بما في ذلك عن طريق مساعدة المعارضة السورية الآن ضد النظام السوري لو كان الساسة الروس مقتنعين بالتعاون مع هذه المعارضة؟ لابد أن موسكو لا تفكر في مثل هذه الأمور وهي تدير ظهرها للثوار العرب.
أما أسطورة المؤامرة الغربية لزرع الفوضى وخلط أوراق مصير العالم فهذه تعمل بشكل علني في روسيا، وقد أفلحت النخبة السياسية الحاكمة في جعلها نظرية مناوبة في عقول الكثير من المثقفين والخبراء الروس. قامت ثورات الربيع العربي، وفق هذه النظرية، بتخطيط مسبق من قبل مراكز البحوث والدراسات الغربية التي يُعتقد أنها نظرت عميقًا في الأزمة المالية التي ضربت العالم قبل ثلاثة أعوام وتهدد الآن من جديد بضربة قاصمة لأكبر الاقتصادات، فرأت أنه لابد من ترتيب جديد للعالم سبق أن جرَّبه الغرب بعد كساد طويل شهدته الأسواق قبل الحرب العالمية الثانية. قرر الغرب إذًا مرة أخرى تغيير صورة العالم التي أصبح يشوب أفقَها كثير من السواد بسبب رهاب خطير خلفته الأزمة المالية. لأجل ذلك فكّر الغرب وتفتق إبداعه عن فكرة رهيبة يتخلى بموجبها عن حلفائه التقليديين من زعماء العرب الذين كرهتهم شعوبهم ويتحالف مع عدو سابق هو الإسلاميون. دور الإسلاميين محدد وفق هذه الأسطورة بخلط الأوراق قبل كل شيء في منطقة الشرق الأوسط وصولاً إلى إشعال حرب بين إسرائيل وجيرانها؛ ومن ثَمَّ دخول إيران وتركيا على الخط، وليس القوقاز ببعيد، وهكذا دواليك…
الكاتب الروسي نيكولاي ستاريكوف مطروح منذ فترة على الساحة كمفكر روسي متميز، وهو عندما يقارب الربيعَ العربي يصبح من مناصري نظرية المؤامرة بصراحة، ولا يكتفي بالحديث عن مسلسل من الثورات بإخراج هوليودي، بل يمضي أبعد من ذلك ويرى حلقة أخرى فيه وهي حلقة المطالبة بالاعتراف الآن بالدولة الفلسطينية، ويرى أن أميركا أصبحت الآن جاهزة لبيع إسرائيل ودفعها إلى الدخول في حرب طاحنة مع جيرانها الذين سيُحكمون قريبًا من قبل السلفيين. والخوف هنا ليس على إسرائيل أو على العرب بقدر ما هو خوف من أن تنتشر الفوضى وتصل في آخر المطاف إلى روسيا المرتبطة بالعالم العربي الإسلامي بأواصر عميقة وخفية.
ليس غريبًا أن تنتشر هذه النظرية في روسيا فهنا أرضية صالحة لاستنباتها، وهناك شعور قديم توارثه الروس عن السوفيت وهو العداء للغرب؛ ولهذا العداء وجهان: وجه واقعي يتلخص في أن مواطني الاتحاد الروسي فعلاً يشعرون بعداء تاريخي لسياسات الغرب لم يندثر حتى إثر انهيار الاتحاد السوفيتي بل تدعَّم لسببين: أولهما: هو الشعور الغالب بأن الجناح الليبرالي غربي النزعة الذي سيطر على مقدرات الدولة في حقبة الرئيس الراحل بوريس يلتسين تلاعب بهذه المقدرات ووزعها بين فئة قليلة ممَّن سُمُّوا آنئذٍ بالأغنياء الروس الجدد الذين اقتنوا المصانع والمؤسسات بأسعار رمزية جدًّا، وأمعنوا في تحويل أموال الشعب الروسي إلى حساباتهم الخاصة في البنوك الأجنبية فيما ظل المواطنون يتفرجون ويتقاسمون الفقر في زمن الرأسمالية المتوحشة.  » سر الموقف الروسي كامن في أمرين متلازمين، وهما: الحفاظ على السلطة، والحفاظ على بلد تحكمه هذه السلطة. المطلوب أولاً هو الترويج للعداء مع الغرب كعملة سهلة للتدليل على الروح الوطنية التي يتحلى بها الحاكم بأمره. والمطلوب ثانيًا هو إيقاف الربيع العربي هناك بعيدًا قبل أن يقترب ويزداد اقترابًا.  » السبب الثاني لاستشراء العداء للغرب في روسيا الاتحادية هو استغلال هذا الشعور من قبل النخبة الحاكمة المسيطرة على جميع وسائل الإعلام وخاصة المرئية منها استغلالاً يشتد، خاصة في الحملات الانتخابية لملئها بمضمون خارجي طالما لا يمكن ملؤها بمضمون داخلي، وذلك بسبب انعدام المنافسة السياسية الحقيقية باعتبار أن الغلبة واضحة ومعقودة لطرف واحد. وهذا هو الوجه الوهمي للعداء للغرب لأن الحقيقة هي أن السلطة في روسيا منذ سقوط الاتحاد السوفيتي لم تعد فعلاً معادية لهذا الغرب. بل إننا إذا اعتمدنا المحددات الاقتصادية فسنجدها حليفة له، وإذا اعتمدنا العلاقات الخارجية مع الدول الأجنبية فسنجدها تلتزم بالرؤية الأميركية غالبًا، وما ملف التعاون العسكري مع إيران إلا خير دليل على ذلك، ولعل الجميع يذكر صفقة صواريخ إس 300 التي أُبرِمت بشكل قانوني ودُفع من مقابلها الجزء الأول ولكنها أُوقفت بسبب التدخل الأميركي. ولو عدنا قليلاً إلى الأسطورة الأولى التي ذكرناها أعلاه والمتعلقة بالتعاون العسكري الروسي مع دمشق لرأينا أنه هزيل لأنه يخضع لمعادلة التوازن العسكري القائم بين العرب وإسرائيل والذي لا تسمح موسكو لنفسها بأن تخرقه، وعليه فإن معظم طلبات دمشق في السنوات الأخيرة من الأسلحة الروسية المتطورة قوبل بالرفض بسبب تدخلات إسرائيلية وأميركية. ليس هناك ضرورة لكي يكون الإنسان اختصاصيًّا في الأمور العسكرية ليعرف أن ميزان القوى مختل جدًّا في صالح إسرائيل؛ وهذا دليل آخر على أن أسطورة المصالح الروسية العسكرية في سوريا تعرج، وأن العلاقة الإستراتيجية الحقيقة لموسكو هي مع تل أبيب. الأساطير الداخلية
لو عدنا إلى الربيع العربي لوجدنا أنه فاجأ موسكو التي كانت تربطها علاقات عادية بالأنظمة العربية ربما باستثناء نظام حسني مبارك الذي رفعت معه موسكو درجة التعاون إلى مرحلة إستراتيجية. ثورة تونس جوبهت بخطاب روسيّ دبلوماسي سياحي من قبيل: يوجد لحد الآن عشرون سائحًا روسيًّا على الأراضي التونسية، وحسب معلومات وزارة الخارجية هم جميعًا بخير. وفي مصر تكرر الأمر نفسه ولكن بأعداد أكبر: هناك 20 ألف سائح في شرم الشيخ، كما أرسلت موسكو نائب وزير الخارجية الروسي السابق ألكسندر سلطانوف إلى حسني مبارك قبل أن تقيله من جميع مناصبه بما في ذلك الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط. عندما وصلت الأمور إلى ليبيا تحفظت موسكو على قرار مجلس الأمن ولم تستخدم حق الفيتو، ولكنها أمعنت في نقد تأويل حلف الناتو له؛ وهنا حرَّكت النخبة الحاكمة بعض سفرائها السابقين والمستشرقين ورجال السياسة الآفلين لتشكيل جبهة تضامن مع النظام الليبي ثم توسع محيطها ليشمل النظام السوري. تأخرت موسكو في ليبيا وبدا لها أنها لم تتصرف بحكمة إذ لا يُعقل أن تتحفظ على قرار مجلس الأمن ثم تستغرب تأويلاته الخطأ! كيف يعقل أن وزارة الخارجية الروسية بخبراتها المتراكمة في التعامل مع الغرب وسياساته لم تتمكن من استقراء الوضع بعد الحظر الجوي على ليبيا؟! استاءت موسكو للأمر كثيرًا وعندما حانت الفرصة في سوريا تذكرت أنها تستطيع استخدام الفيتو.  » لا ينبغي للأسد أن يطمئن كثيرًا كما لا ينبغي للمعارضة السورية أن تجعل من استرضاء موسكو سببًا رئيسيًّا لنجاحها؛ فالأمور في سوريا لن يحسمها سوى الشارع السوري.  » قبيل استخدام حق الفيتو بأيام أعلن الثنائي بوتين-ميدفيديف عن تبادل الأدوار بينهما للمرة الثانية. على مدى أربع سنوات كان الهمّ الأكبر للدوائر المرتبطة بالسلطات الروسية هو إيهام الجميع بوجود خلافات بين الرجلين، وأن ثانيهما يمثل التحديث والتوجه نحو الغرب فيما يمثل الأول الاستقرار والثبات في التوجه الوطني. وحتى المواقف إزاء الثورات العربية كان يراد لها أن تشي بوجود خلاف معيّن بينهما فيتكلم بوتين مثلاً عن حملات صليبية ضد ليبيا فيراجعه الرئيس ميدفيديف ثم يعلن لاحقًا في قمة الثماني بدوفيل الفرنسية أن القذافي قد فقد شرعيته. ويتكلم بعد ذلك عن مستقبل حزين للرئيس السوري وهكذا إلى أن جاء مؤتمر حزب روسيا الموحدة الذي شهد اعترافًا مدويًا للرجل الأول بأنه متفق مع صديقه منذ البداية على كل الأدوار وأنه لا خلاف بينهما فهما يعملان في فريق واحد موحد. الآن انتهى مسرح العبث وعادت الخشبة إلى سابق عهدها ولكن الانتخابات على الأبواب ولابد أن يكون لها حامل سياسي. لا تستطيعه الخارطة الحالية بحزب روسيا الموحدة المحتكر للمشهد وبالمعارضة الصورية التي لا تستطيع خداع أحد بوجود تناقضات حقيقية مع السلطة. الحامل السياسي الوحيد هو العداء للغرب وإحدى تجلياته المواتية حاليًا الموقف المضاد للغرب من الثورات العربية، وبالذات في سوريا، بالإضافة إلى تسخين ملف الدرع الصاروخية، وربما الملف الإيراني، وغير ذلك من الملفات التي تبقى عالقة للمناوبة هنا أو هناك. أخيرًا لماذا لا نسأل السؤال المهمّ: لقد انتقل الربيع العربيّ إلى أماكن أخرى في العالم وها هو يطرق أخيرًا أبواب أميركا نفسها. لماذا لا نتصور أن روسيا، بعيدًا عن كل الأساطير التي تلف مواقفها، خائفة على نفسها؟ ذات مرة قال الرئيس ميدفيديف: إن روسيا ترتبط بعلاقات عميقة مع العالم العربي وهو –أي الرئيس ميدفيديف- يبدي احترازه ممّا يحصل هناك. أتراه كان يقصد أن هذه الثورات قادرة على الوصول إلى أراضيه؟ وهل ينبغي أن نفهم هنا بالضرورة أن الخوف كل الخوف ممّا قد يحصل في القوقاز الشمالي مثلاً؟ ولماذا لا يخاف ميدفيديف مثلاً على مدنه الكبرى مثل موسكو وبطرسبورغ؟ كل الأسباب ماثلة أمامه؛ فهو يتكلم عن فساد مستشرٍ قلَّ نظيره حتى في الدول العربية. أما حرية الكلمة في روسيا فوضعها لا يمتاز كثيرًا عن بعض الدول العربية، ناهيك طبعًا عن احتكار السلطة وتغييب المعارضة الفعلية واستفادة زمرة من رجال الأعمال من موالاتهم. أليست هذه هي الأسباب الرئيسية التي قامت الثورات العربية بسببها؟ لابد إذًا من الذهاب بعيدًا في فهم عمق الموقف الروسي. ليس حبًّا في القذافي أو الأسد تتحفظ موسكو وتستخدم الفيتو. المرتبة الأولى في سلَّم أولويات السلطات الروسية هو الحفاظ على هذه السلطات، والمطلوب هو إيقاف زحف الربيع العربي لكي لا تنتقل عدوى الثورة إلى آسيا الوسطى، وربما ستجد روسيا نفسها تواجه الربيع وهو يقترب من حدودها وهو إن قدم فلن يكون كتلك الثورات الملوَّنة التي خبرتها روسيا على حدودها في أوكرانيا وجورجيا وقرغيزيا لأن الشعوب العربية لم تقم بما قامت به بدعم من الملياردير سوروس بل بشكل عفوي وهذا ما لا يمكن مقاومته. روسيا لا تخاف أي عدوٍّ غربي فجميع حملات الغرب على روسيا باءت بالخيبة، ولكنها تخاف من القاعدة التي تقول: إن القلاع تؤخذ من داخلها. ما حصل ويحصل في الدول العربية من عصيان وثورة على الحكام لا يجب أن يصل إلى داخل روسيا. إذا أردنا إذًا أن نميز الأسطوري من الواقعي في الموقف الروسي من الربيع العربي لابد ألا يلهينا البحث عن مصالح روسية عظمى مع الدول العربية في حين تقول لنا الإحصائيات: إن مجمل أحجام التبادل الاقتصادي الروسي مع جميع الدول العربية لا يتجاوز العشرة مليارات من الدولارات في حين تستأثر دولة وحيدة مثل تركيا بأكثر من ثلاثين مليار دولار من التبادل التجاري مع روسيا سنويًّا. أين هي المصالح إذًا؟ لا ينبغي أن نستمع كثيرًا للنخب الروسية المرتبطة بدرجات متفاوتة بالسلطة وهي تتحدث عن مؤامرة غربية على العالم العربي ولا ترى أن الغرب في عقر الدار بموسكو وغيرها من حواضر روسيا.  
سر الموقف الروسي  
سر الموقف الروسي كامن في أمرين متلازمين، وهما: الحفاظ على السلطة، والحفاظ على بلد تحكمه هذه السلطة. المطلوب أولاً هو الترويج للعداء مع الغرب كعملة سهلة للتدليل على الروح الوطنية التي يتحلى بها الحاكم بأمره. والمطلوب ثانيًا هو إيقاف الربيع العربي هناك بعيدًا قبل أن يقترب ويزداد اقترابًا.
رب ضارة نافعة. قد يفعل الموقف الروسي الحالي فعله في الخيال العربي، ويخلخل الصورة السوفيتية القديمة التي لا تزال على قيد الحياة فيُفلت التحليل السياسي العربي من ثنائيات الحرب الباردة. بعد عشرين عامًا على انهيار الاتحاد السوفيتي تغيرت موسكو كثيرًا والتوجه الغربي في سياساتها مهيمن على غيره، ومصالحها الاقتصادية الحقيقية ليست مع غير الغرب، أما العرب فهم مثل الروس موسومون بلعنة الخام في صادراتهم ولا يمكن أن يقدّم أحدُهما للآخر الآن سوى كثير من الأوهام وقليل من المنافسة. عندما يسأل العرب أنفسهم عن السر في تعنت الكريملن إزاء الثورات العربية لا يجب أن يجيبوا بسر آخر أكثر طلاسم من قبيل الذهاب إلى أساطير المصالح العظمى المتبادلة.
ستثبت الأيام إلى متى سيدوم هذا التناغم بين عاصمتي « الممانعة » العربية والعالمية: دمشق وموسكو! لنا أن نتصور لو عاد الغرب وقدَّم الضمانات اللازمة لموسكو في ملف الدرع الصاروخية، وأغمض عينيه عن المسرح الانتخابي، وسمح لبعض رجال أعمالها، على وجه الإرضاء بأموال الغير، بالحصول على بعض الصفقات في ليبيا؛ هل ستترك موسكو يومئذٍ نظام الأسد لمصيره الحزين الذي تكلّم عنه ميدفيديف ذات مرة؟ لذا لا ينبغي للأسد أن يطمئن كثيرًا كما لا ينبغي للمعارضة السورية أن تجعل من استرضاء موسكو سببًا رئيسيًّا لنجاحها؛ فالأمور في سوريا لن يحسمها سوى الشارع السوري. _____________ باحث متخصص في الشأن الروسي. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 12 نوفمبر 2011)

<



ياسر الزعاترة
دعونا نعترف أننا إزاء مشهد مركب تعيشه منطقتنا العربية والشرق الأوسط عموما، وهو يحتمل الخلاف بهذا القدر أو ذاك، وإن اعتمد الأمر على طبيعة النوايا، إذ يتوزع من يأخذون هذا الموقف أو ذاك بين من يجتهدون لما يرونه مصلحة الأمة، ومن يتخذون المواقف لاعتبارات قطرية أو طائفية أو مذهبية أو إقليمية أو حزبية لا صلة لها بالقيم ولا بالمبادئ التي يرفعونها تبريرا لمواقفهم. قبل الربيع العربي كان ثمة محور اسمه محور المقاومة والممانعة، يتشكل من عدد من الدول (إيران وسوريا وقطر، مع دول أخرى تقترب من ذات الخط بهذا القدر أو ذاك)، إلى جانب حركات مقاومة في مقدمتها حزب الله وحماس والجهاد، ومعها عدد كبير من القوى الإسلامية والقومية واليسارية، فضلا عن نشطاء مستقلين ومنظمات مجتمع مدني ونقابات وجمعيات.
في مقابل المحور المذكور كان ثمة محور آخر تتصدره الشقيقة الكبرى بقيادة حسني مبارك الذي هبط بمصر إلى أسوأ وضع عاشته منذ عقود، ومعها عدد من الدول العربية الأخرى التي انسجمت بدرجات متفاوتة مع المشروع الأميركي، غالبا لاعتبارات تتعلق بمصالح الأنظمة ونخبها الحاكمة أكثر من أي شيء آخر (ينطبق ذلك بوضوح على نظام مبارك الذي باع البلد من أجل التوريث وللمحافظة على مصالح نخبته الفاسدة). خلال الألفية الجديدة سجل محور المقاومة ورغم الهجمة الأميركية الغربية الصهيونية الشرسة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، انتصارات كبيرة لا ينكرها سوى جاهل، فقد تمكن من إفشال مشروع الغزو الأميركي للعراق (الغياب العربي هو ما أوقع البلد أسير الهيمنة الإيرانية)، وحوله من محطة لإعادة تشكيل المنطقة كما صرح بذلك القائمون عليه، إلى محطة لإضعاف القوة الأميركية، فيما كانت مقاومة حركة طالبان تكرر نفس النجاح بإفشال مشروع الغزو لأفغانستان الذي كان ينبغي أن يساهم هو الآخر في تكريس « القرن الإمبراطوري الأميركي الجديد » بالامتداد في آسيا الوسطى، حسب أحلام المحافظين الجدد، وفي مقدمتهم الصهاينة والمتصهينون في الساحة السياسية الأميركية.
صحيح أن الجزء الأول من الألفية الجديدة قد شهد إجهاضا لانتفاضة الأقصى، ومن ثم اغتيال قادة الشعب الفلسطيني الكبار من الشيخ أحمد ياسين والرنتيسي إلى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ومن ثم وضع الملف الفلسطيني (السلطة وفتح ومنظمة التحرير) بيد فريق أكثر انسجاما مع التوجهات الأميركية الصهيونية، لكن ذلك الإنجاز لم يلبث أن تبدد بسبب التطورات التالية في المنطقة، وفي مقدمتها الفشل في العراق، وبعده الهزيمة الإسرائيلية في حرب يوليو/تموز 2006، ومن ثم الهزيمة الأخرى في قطاع غزة نهاية 2008 ومطلع 2009، وكانت النتيجة أن ما عوَّل عليه الصهاينة بعد تلك المرحلة من فرض لحل مشوَّه على الشعب الفلسطيني لم يسجل نجاحا يذكر، وها هو خيار المفاوضات يعلن فشله من الناحية العملية، وإن أصرَّ قادة فلسطين الجدد على المضي فيه إلى ما لا نهاية، الأمر الذي لا زال يمنح الكيان الإسرائيلي هدوء واستقرارا لم يعرفه منذ عقود مكنه من تجاوز الأزمة المالية العالمية على نحو جيد إلى حد كبير.
مع نهاية العام الماضي ومطلع العام الجديد وقع تطور لم يكن في حسبان أي من القوى الكبرى، ولا حتى القوى الإقليمية أو العربية تمثل في اندلاع ما يعرف بالربيع العربي الذي أطاح خلال شهور قليلة بالنظام الذي يمثل رأس محور الاعتدال، وقبله نظام له حضوره في الخدمات الأمنية والسياسية للغرب والصهاينة (نظام بن علي في تونس).
بعد ذلك تلاحقت الأحداث وجاءت المحطة الليبية التي أثارت ولا زالت تثير الكثير من الجدل إثر تدخل الناتو لصالح الثوار. وهنا اندلع الخلاف حول ذلك التدخل، وما إن كان مشروعا أم لا، وهل يصب لصالح حراك الأمة ضد الظلم والطغيان، وتاليا لصالح قضاياها الكبرى أم يصب لصالح القوى الغربية؟
كان الخلاف مستساغا بعض الشيء فيما خصَّ التدخل الغربي، لكن الواضح أيضا أننا إزاء تدخل لم يأت نتاج مؤامرة كبرى ضد الأمة، بقدر ما جاء نتاج حسابات معقدة ذات صلة بصراعات الدول الكبرى على مواقع النفوذ والقوة والثروات في ظل ضعف الولايات المتحدة إثر خسائرها في العراق وأفغانستان، فضلا عن حقيقة أن الشعب الليبي هو من فجَّر الثورة وصنع الانتصار، وقبل ذلك حقيقة أن نظام القذافي صار خادما للمصالح الغربية خلال الألفية الجديدة، خاصة الاقتصادية منها (دعك من السياسية مثل تدخلاته في السودان التي ساهمت بقوة في الانفصال وفي حرب دارفور).
كل ذلك لم يكن ليثير الكثير من الغبار، فقد كانت الانتصارات التي تحققت في مصر وتونس تصب لصالح محور المقاومة، وكان بوسع نظام الأسد أن يدير العجلة لصالحه وصالح المحور برمته لو نفذ إصلاحات حقيقية ترضي الشعب السوري الذي كان يتطلع للحرية مثل سائر الشعوب العربية؛ هو الذي عاش طوال عقود في ظل نظام أمني تفوح منه رائحة الطائفية، وإن لم يجد الكثير من الخلاف معه بخصوص المواقف القومية، بل فيما إذا كان مقاوما وممانعا بالفعل أم لا (يتحدثون عن جبهة الجولان الهادئة والتحاقه بمحور حفر الباطن ومطاردة المقاومة الفلسطينية في لبنان، فضلا عن تشكيك قطاع منهم في نواياه)، الأمر الذي يمكن تفهمه في ظل حقيقة أن من يتعرض للظلم سيكون من الصعب عليه الاعتراف بأي حسنة لمن يمارس الظلم بحقه.
باندلاع الثورة السورية أخذ الجدل يحتدم أكثر فأكثر، فالشارع العربي الذي وقف إلى جانب معسكر المقاومة والممانعة رغم محاولات ثنيه عن ذلك عبر إثارة الحساسيات الطائفية، لم يجد بدا من مساندة إخوانه السوريين في تطلعهم للحرية، تماما كما فعل مع إخوانه المصريين والتونسيين واليمنيين والليبيين، لكن انحراف الوضع نحو الخطاب الطائفي كان طبيعيا إلى حد كبير، ليس فقط لأن أصابع السياسة كانت واضحة في سياق الحشد، وبالطبع لأن هناك دولا عربية تبدو معنية بذلك من أجل التخويف من إيران ومن الشيعة حتى يكف مواطنها عن المطالبة بالإصلاح السياسي، وإنما أيضا لأن ردة فعل النظام كانت عنيفة ودموية إلى حد كبير.
طبعا كانت رعونة إيران، وكثير من القوى الشيعية في علاج ملف البحرين واضحة (عبر جعله أولوية كبرى رغم ضعف الحراك الذي لا يخفي عدالة الكثير من مطالبه)، وساهمت بقوة في الحشد المذهبي، والسبب أن عاقلا لا يمكنه التبشير بإمكانية إسقاط النظام في البحرين (بشكل مباشر أو غير مباشر) في ظل المعادلة الخليجية والإقليمية القائمة (دعك من الدولية ووجود الأسطول السادس)، وكان بالإمكان تأجيل هذا الملف لبعض الوقت، أو التعامل معه بمنطق مختلف ريثما تتغير الأوضاع عربيا نحو معادلة مستقرة تعلي من شأن المواطنة والتعددية بعيدا عن الحساسيات المذهبية. واللافت هنا أن جمعية الوفاق التي تقود حركة الاحتجاج الشيعي في البحرين كانت أكثر عقلانية في خطابها من إيران والقوى الشيعية في الخارج.
ومع استمرار الحشد الطائفي جاء الموقف الإيراني المناهض لثورة الشعب السوري، ومعه موقف حزب الله، وتاليا موقف الحكومة العراقية الواقعة تحت هيمنة القوى التابعة لإيران من الناحية العملية ليزيد في أجواء الحشد الطائفي، وليلقي بمقولات المقاومة والممانعة في مؤخرة العقل الجمعي للجماهير، بينما كانت تركيا تسجل اختراقا كبيرا في المنطقة بخطاب أردوغان القوي حيال الكيان الصهيوني بعد قصة سفينة مرمرة، وقد حدث ذلك رغم أننا إزاء دولة عضو في الحلف الأطلسي وتقيم علاقات سياسية وأمنية وعسكرية مع دولة العدو (قطعت الأمنية والعسكرية). وجاء موقف الحكومة التركية من الملف السوري ليزيد في الحضور التركي في الأوساط الشعبية مقابل خسائر كبيرة لإيران وحزب الله وحشد طائفي يتصاعد بالتدريج.
اليوم، وفي مقابل موقف تركي محسوم من النظام السوري، مع تردد عربي وآخر غربي لم يذهب بعيدا في مطاردة النظام، يحضر الموقف الإيراني الداعم له (بلا حدود) بالمال والسلاح، إلى جانب آخر عراقي يقدم المدد اللافت، لاسيما بعد سيطرة الحكومة العراقية على الأجواء، فضلا عن سيطرة حزب الله العملية على الحكومة اللبنانية.
في ضوء ذلك كله لا يشعر نظام الأسد بقرب النهاية، لا سيما أن إستراتيجيته في القتل والاعتقال بالتقسيط، مع الانتشار الكثيف للجيش والأجهزة الأمنية، لا زالت تؤتي أكلها في تخويف الناس والحيلولة دون المسيرات الضخمة (هنا يكمن سر فشل المبادرة العربية لأن توقف آلة القتل سيخرج الناس بالملايين إلى الشوارع ما يدحرج الموقف نحو إسقاط النظام)، فضلا عن حقيقة أن الحشد الطائفي قد منحه تأييد كتلة كبيرة من السكان الخائفين من البديل، بخاصة العلويين والدروز والمسيحيين.
ضمن هذه الأجواء انقسم الناس، ومالت الغالبية الساحقة من الجماهير العربية إلى تأييد الثورة في سوريا رغم وقوفها السابق مع تيار المقاومة والممانعة، ليس فقط بسبب ميلها الفطري لمطالب الحرية والتعددية بعد زمن طويل من القمع، بل أيضا بسبب السمة الطائفية للجزء الأكبر من حالة التأييد للنظام السوري، معطوفا على تأييد أقليات أخرى (مواقف الجنرال عون والبطريرك الماروني مثالا).
هنا أخذ مؤيدو النظام يصرخون بأن محور المقاومة والممانعة في خطر وأنه يتعرض لمؤامرة، فيما رأى الآخرون أن سقوطه سيوفر الأجواء لاستمرار الثورات العربية، وصولا إلى وضع يسيطر فيه المزاج الشعبي المنحاز ضد الإمبريالية الأميركية والغطرسة الصهيونية على المنطقة، الأمر الذي سيغير ميزان الصراع برمته، مستدلين على ذلك بالذعر الذي يجتاح الأوساط الصهيونية، فضلا عن حقيقة أن محور المقاومة لم يكن يتقدم كثيرا في صراعه مع العدو بسبب وجود المحور الآخر، وبسبب حسابات أنظمته الكثيرة والمعقدة.
صحيح أن الوضع الجديد سيحتاج بعض الوقت حتى يتبلور. وصحيح أن بعض قوى المعارضة المنخرطة في الربيع العربي تمارس بعض الغزل مع أميركا والغرب (لم يعد الموقف الغربي موحدا، كما لم تعد أميركا بقوتها القديمة)، لكن الثورات العربية لن تفرز في نهاية المطاف غير قوىً تطلب ود الشارع الذي يثق المخلصون ببوصلته الصائبة في رفض الإملاءات الخارجية، والأهم بتصديه للعدوان الأجنبي، خاصة الصهيوني على الأمة.
المعادلة هي إذن بين من يثقون بأن الجماهير التي فجرت هذه الثورات بروحية المقاومة التي استلهمتها من فلسطين والعراق ولبنان، لن تكون في معسكر غير معسكر الوحدة والمقاومة للغطرسة الخارجية، ولن تسمح بسرقة ربيعها مهما كان الثمن، وبين الفريق الآخر الذي يثق في نظام بشار الأسد الدكتاتوري الفاسد ومؤيديه على أسس طائفية، ومعهم الحالمون بالتمدد والنفوذ كما هو حال إيران، ويعد هم الأكثرين حرصا على فلسطين وقضايا الأمة، ومن هؤلاء فريق تعشش فيه روح المؤامرة ويرى أن أميركا هي رب الكون الذي يحركه كيف يشاء.
نحن مع الفريق الأول من دون تردد، وبالطبع لأن نثق بالروح الجمعية للأمة أكثر من أي نظام مهما كان، كما نثق بقدرة الشعوب على الفعل وإفشال مخططات الأعداء، ولكل بعد ذلك أن يختار معسكره ويحدد موقفه في ظل اختلاط المواقف وارتباك الرؤى وتعقيدات المشهد.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 12 نوفمبر 2011)

<



صالح النعامي
على الرغم من أن النخب الإسرائيلية، سواء المنتمية لليسار أو اليمين، قد شككت في طابع الثورات العربية ومآلاتها، واشتركت في التحذير من تداعيات وصول الإسلاميين للحكم، إلا أن اليمين الإسرائيلي حرص بشكل خاص على توظيف الثورات العربية لإضفاء مصداقية على مواقفه الأيدلوجية من الصراع، والتي تقوم على رفض أي تسوية سياسية تستند إلى مبدأ الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، وذلك بطرح الحجة التالية: إن كانت الحركات الإسلامية هي التي ستتولى مقاليد الأمور في العالم العربي، فلماذا على إسرائيل أن تنسحب من أراضٍ تشكل ذخرًا استراتيجيًا لها، فالحركات الإسلامية – حسب خطاب اليمين الإسرائيلي – في حال صعودها إلى الحكم ستجد نفسها في حِلٍّ من أي اتفاقيات وقعت عليها الحكومات السابقة، مما يوقع إسرائيل تحت وطأة تهديد وجودي، في حال نشوب حرب بينها وبين أطراف عربية. ونجد أن الكثير من نخب اليمين تحديدًا تكرِّر الارتكاز على هذه الحجة.
فيورام إيتنجر، مدير مركز « بمحشفاه » اليميني، يرى أن الثورات العربية ستقود الإسلاميين إلى الحكم، وبالتالي فإن هذا الواقع سيؤسس لاندلاع المزيد من الحروب بين إسرائيل والعرب، وهو ما يوجب على إسرائيل عدم التفريط في الضفة الغربية، في أي تسوية سياسية مع الفلسطينيين، على اعتبار أن إسرائيل لا يمكنها مواصلة البقاء بدون الضفة الغربية، لقربها من التجمعات السكانية الكبيرة داخل إسرائيل، حيث إن السيطرة على الضفة الغربية يمنح إسرائيل فرصة للاستعداد، وأخذ الاحتياطات الأمنية في حال تعرضها لحرب مفاجأة.
ومن أجل دب الذعر في صفوف الإسرائيليين، فإن إيتنغر يحذر من أن نتائج الحروب العربية الإسرائيلية التي ستندلع بعد الثورات العربية ستكون أكثر خطورة من نتائج حرب عام 1973، في حال انسحاب الجيش الإسرائيلي من الضفة الغربية، مشيرًا إلى أن إسرائيل ستكون في هذه الحالة مجردة من أي عمق استراتيجي.
ولا يفوت إيتنجر التحذير من أن وصول الإسلاميين سيجعل إسرائيل في مواجهة تداعيات اجتماعية وديمغرافية خطيرة جدًا، حيث يزعم أن وصول الإسلاميين للحكم يعني أنهم سيحرصون على تدفق المهاجرين الأفارقة عبر الحدود بين إسرائيل ومصر.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا كان اليمين تحديدًا أكثر التيارات السياسية في إسرائيل التي حرصت على التحريض على الثورات العربية من خلال التحذير من مآلات سيطرة الإسلاميين على الحكم في أعقابها؟. لقد انبرى للإجابة على هذا التساؤل البرفسور أودي زومر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب. ويرى زومر أن أحد أهم الأسباب وراء حالة الصدمة التي اجتاحت التيارات السياسية المختلفة في إسرائيل، وعلى وجه الخصوص اليمين، في أعقاب الثورات العربية وتوسعها في التعبير عن الخشية من فوز الإسلاميين يعود إلى الفرضية التي حكمت التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي على مدى عقود من الزمان والقائلة بأن الأوضاع الداخلية في العالم العربي غير مرشحة للتغيير، وبالتالي بإمكان إسرائيل التشبث بمواقفها التقليدية من الصراع دون أن تخشى ردة فعل عربية جادة.
ويصل زومر إلى استنتاج بالغ الأهمية عندما يقول: إن هذه الفرضية هي التي ضمنت في النهاية انزياح المجتمع الإسرائيلي نحو التطرف واليمين، على اعتبار أن الرأي العام الإسرائيلي لم يلمس أن تبني المواقف المتطرفة قد اقترن بخسارة إسرائيل الكثير في مواجهتها مع العالم العربي؛ فهو يرى أنه لم يكن بالإمكان أن تكون شخصية ذات قدرات محدودة، مثل وزير الخارجية الحالي أفيغدور ليبرمان مرشحًا محتملًا لرئاسة الوزراء لولا تشرب الرأي العام هذه الفرضية، ولولا سيادة هذا الانطباع. من هنا فإن اليمين الإسرائيلي يخشى أن يفضي إدراك الجمهور الإسرائيلي للمخاطر التي تنطوي عليها التحولات في العالم العربي إلى انفضاض مزيد من القطاعات السكانية عنه. وهذا ما يفسر الحساسية التي نظرت بها النخب اليمينية للثورات العربية، وجعلها تحاول بث الذعر عبر التحذير من مخاطر وصول الإسلاميين للحكم، هذا من جانب، ومن جانب محاولة إقناع الجمهور الإسرائيلي أن الواقع الجديد الذي طرأ في العالم العربي يتطلب اتخاذ سياسات متشددة وحاسمة، لا يمكن أن يبلورها إلا اليمين.
لقد حاول اليمين الإسرائيلي دومًا تكريس انطباع مفاده أن سياساته هي التي تصلح فقط للتعامل مع العرب، وقد وجد هذا الانطباع أوضح تجسيد له في الحملات الانتخابية لحزب الليكود اليمين الحاكم، إذ أن هذا الحزب دأب على رفع شعار:  » فقط الليكود يستطيع ».
ويستدل مما تقدم على أن الحساسية التي يبديها اليمين الإسرائيلي تجاه الثورات العربية مرتبطة بشكل أساس بقلقه على تماسك تصوره الأيدلوجي من الصراع مع العرب في أعقاب تفجر الثورات العربية، وخشيته من تقلص حجم التأييد الشعبي له، وبالتالي فهو بات يحاول جاهدًا التدليل على أن مجرد اندلاع الثورات العربية يشكل دليلًا على صوابية مواقفه من الصراع، وذلك عبر محاولة بث الفزع من تمكن الإسلاميين من السيطرة على مقاليد الأمور في أعقاب اندلاع هذه الثورات.
من هنا يمكن القول: إن إسرائيل تحت قيادة اليمين الإسرائيلي ستزيد من تشددها إزاء مشاريع التسوية التي تطرح لحل الصراع في أعقاب تفجر الثورات العربية.
(المصدر: البشير للاخبار بتاريخ 12 نوفمبر 2011)

<

أعداد أخرى مُتاحة

2 mars 2011

Home أهلاومرحبا بكمإلى عدد جديدمن نشرية »تونس نيوز »  اليومية القسمالعربي English, Français, Italiano,Deutsch, …     Home – Accueil

+ لمعرفة المزيد

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.